الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 أغسطس 2020

اختلاف إدارة الصيدلية بوصفها مؤسسة مرخصة عن كونها محل مؤجر لغير أغراض السكنى

الدعوى رقم 125 لسنة 37 ق "دستورية" جلسة 4 / 7 / 2020

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من يوليه سنة 2020، الموافق الثالث عشر من ذي القعدة سنة 1441 ه.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو    رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل

وطارق عبد العليم أبو العطا      نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى    رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع          أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 125 لسنة 37 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة استئناف القاهرة بحكمها الصادر بجلسة 19/3/2015، ملف الاستئناف رقم 2210 لسنة 130 قضائية.


المقام من

صبرى عبدالفتاح حبيشى – وكيل ورثة المرحوم سعيد صالح بن حلبى، وهم:

نزار بن سعيد بن صالح حلبى

خالد بن سعيد بن صالح حلبى

هناء بن سعيد بن صالح حلبى

مها بن سعيد بن صالح حلبى

ضد

أولاً: ورثة المرحوم محى الدين محمد عسل، وهم:

      1- محمود محى الدين محمد عسل

      2- إبراهيم محى الدين محمد عسل

ثانيًا: أشرف عبدالحميد محمد


الإجراءات

بتاريخ العاشر من أغسطس سنة 2015، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الاستئناف رقم 2210 لسنة 130 قضائية، نفاذًا لحكم محكمة استئناف القاهرة، الصادر بجلسة 19/3/2015، بوقف الدعوى تعليقًا، وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية الفقرة الأولى من المادة (31) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1955 المعدل بالقانونين رقمي 253 لسنة 1955 و44 لسنة 1982، وما يرتبط بها من فقرات ارتباطًا لا يقبل التجزئة.


وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.

كما قدم كل من المدعى بصفته والمدعى عليهم أولاً في الدعوى الموضوعية مذكرة، طلبا في ختامها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

      حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – في أن المدعى بصفته، كان قد أقام الدعوى رقم 868 لسنة 2011 إيجارات كلى، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، ضد المدعى عليهم، طالبًا الحكم بطردهم من المحل والمخزن الكائن بالعقار رقم 3 شارع الدكتور محمد خيري بالمنيل، والمسمى "صيدلية عسل"، وتسليم العين خالية من الأشخاص والشواغل، وذلك على سند من أنه بموجب عقد مؤرخ 1/4/1972، استأجر مورث المدعى عليهم، من مورث المدعين، المحل المشار إليه لاستعماله "صيدلية". وبعد وفاة المستأجر الأصلي بتاريخ 22/9/2000، قام ورثته بإدارة الصيدلية، عملاً بنص المادة (31) من القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة، وقد مضى على هذا الوضع أكثر من عشر سنوات، وعدم وجود من يمارس مهنة الصيدلة من بين الورثة ، ومن ثم لا ينطبق على العين محل النزاع شروط امتداد عقد الإيجار لغير أغراض السكنى المنصوص عليها في المادة (29/2) من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والمستبدلة بالقانون رقم 6 لسنة 1997. ولحاجة المدعين للصيدلية فقد أقاموا دعواهم بالطلبات السالفة البيان. وبجلسة 31/1/2013، قضت المحكمة برفض الدعوى، فطعنوا على هذا الحكم بالاستئناف رقم 2210 لسنة 130 قضائية، أمام محكمة استئناف القاهرة، طالبين الحكم بإلغاء قضاء محكمة أول درجة، والحكم مجددًا لهم بطلباتهم. وإذ تراءى للمحكمة شبهة عدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (31) من القانون رقم 127 لسنة 1955 المشار إليه، فيما تضمنته من بقاء ورثة الصيدلي في العين بعد وفاته لمدة لا تجاوز عشر سنوات، استثناءً من الأصل العام المقرر بمقتضى الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، التي تقرر امتداد عقد إيجار العين التي تستعمل في نشاط تجارى أو صناعي أو مهني أو حرفي لورثة المستأجر، دون تحديد مدة تنتهى فيه إدارتهم لهذا النشاط، وذلك بالمخالفة للمادتين (9، 53) من الدستور، فقضت بجلسة 19/3/2015، بوقف السير في الاستئناف، وإحالته إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية نص تلك المادة.

      وحيث إن المادة (31) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة، المستبدلة بالقانون رقم 44 لسنة 1982 تنص على أن " إذا توفى صاحب الصيدلية جاز أن تدار الصيدلية لصالح الورثة، لمدة لا تجاوز عشر سنوات ميلادية.

وفى حالة وجود أبناء للمتوفى لم يتموا الدراسة في نهاية المدة المشار إليها في الفقرة السابقة تمتد هذه المدة حتى يبلغ أصغر أبناء المتوفى سن السادسة والعشرين أو حتى تخرجه من الجامعة أو أي معهد علمي من درجتها أيهما أقرب.

ويعين الورثة وكيلاً عنهم تخطر به وزارة الصحة، على أن تدار الصيدلية بمعرفة صيدلي.

وتغلق الصيدلية إداريًا بعد انتهاء المهلة الممنوحة للورثة ما لم يتم بيعها لصيدلي.

وتجدد جميع التراخيص التي تكون قد ألغيت وفقا لحكم هذه المادة قبل تعديلها، ما لم يكن قد تم التصرف في الصيدلية".

      وحيث إن الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، المستبدلة بالمادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 1997 تنص على أن " فإذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجارى أو صناعي أو مهني أو حرفي، لا ينتهى العقد بموت المستأجر، ويستمر لصالح الذين يستعملون العين من ورثته في ذات النشاط الذى كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقًا للعقد، أزواجًا وأقارب حتى الدرجة الثانية، ذكورًا أو إناثًا من قُصر وبُلّغ، يستوى في ذلك أن يكون الاستعمال بالذات أو بواسطة نائب عنهم.

واعتبارًا من اليوم التالي لتاريخ نشر هذا القانون المعدّل، لا يستمر العقد بموت أحد أصحاب حق البقاء في العين إلا لصالح المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلي دون غيره ولمدة واحدة".



      وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية، وهي شرط لقبولها، مناطها – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو في شق منها في الدعوى الموضوعية. ويستوي في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها. ومؤدى ذلك: أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل لازمه أن هذه الدعوى لا تكون مقبولة إلا بقدر انعكاس النص التشريعي المحال على النزاع الموضوعي، فيكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في ذلك النزاع، ومن ثم، فإنه لا تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع وتوافر هذه المصلحة، فإذا لم يكن الفصل في دستورية النص الذي ثارت بشأنه شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.

      حيث كان ما تقدم، وكان نص المادة (31) من القانون رقم 127 لسنة 1955 المستبدلة بالقانون رقم 44 لسنة 1982، السالف الإشارة، يدل على أن المشرع أجاز لورثة الصيدلي إنابة وكيل عنهم لإدارة صيدلية مورثهم تحت إشرافهم – استثناء مما استلزمه القانون ذاته من وجوب أن يكون مالك الصيدلية صيدليًّا – وذلك رعاية من المشرع لهم؛ لضمان استمرار مورد رزقهم حتى يتدبروا أمرهم – حسبما ورد بالمذكرة الإيضاحية وتقرير لجنة الشئون الصحية والبيئية عن مشروع ذلك القانون– ولم يرتب المشرع على انتهاء مدة السنوات العشر إلا غلق الصيدلية إداريًّا، فإن مجال إعمال النص المحال هو تنظيم إدارة الصيدلية بوصفها مؤسسة صيدلية – حال وفاة الصيدلي " المستأجر الأصلي" – ولا يتعلق بالصيدلية بوصفها عين مستأجرة لمزاولة نشاط مهني، الذى تحكمه قوانين إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فضلاً عن أن النص لم يستحدث أسبابًا لإنهاء العلاقة الإيجارية، ولم يرتب على انتهاء المدة الواردة به فسخ العلاقة الإيجارية التي تربط مالك العقار وورثة الصيدلي، واقتصر حكمه على غلق الصيدلية إداريًّا بعد انتهاء تلك المدة.

      وحيث كان ما تقدم، وكانت رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور حول مدى توافر شروط طلب الحكم بطرد المدعى عليهم من العين المؤجرة لمورثهم (المستأجر الأصلي)، وتسليمها خالية، وهو ما يجد سنده في نص الفقرة الثانية من المادة (29) من قانون إيجار الأماكن الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1977 المستبدلة بالمادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 1997، التي نظمت ضوابط امتداد عقد إيجار الأماكن غير السكنية للورثة بعد وفاة المستأجر الأصلي، ولا شأن له بكامل أحكام نص المادة (31) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة، الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1955 المستبدلة بالقانون رقم 44 لسنة 1982، التي ينصرف حكمها لضوابط سريان الترخيص بإدارة الصيدلية بعد وفاة صاحبها، فأجازت إدارتها لصالح ورثته خلال المهلة الزمنية الواردة بالفقرتين الأولى والثانية من تلك المادة، وبعد انتهائها – وفقًا لنص الفقرة الرابعة منها – تغلق الصيدلية إداريًّا. ومن ثم فإن الفصل في دستورية ذلك النص لا يرتب انعكاسًا على الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، الأمر الذي ينتفي معه شرط المصلحة في الدعوى المعروضة، مما لازمه القضاء بعدم قبولها.


فلهذه الأسباب

      حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

دستورية قصر الإعفاء من الرسوم القضائية على الدعاوى التي يرفعها العاملون ومن في حكمهم أو المستحقون عنهم ، دون أصحاب الأعمال

الدعوى رقم 59 لسنة 37 ق "دستورية" جلسة 4 / 7 / 2020

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من يوليه سنة 2020، الموافق الثالث عشر من ذى القعدة سنة 1441 ه.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو     رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيري طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمي ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار

والدكتور طارق عبد الجواد شبل            نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى    رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع           أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 59 لسنة 37 قضائية "دستورية".

المقامة من

رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للكيماويات والمستحضرات الدوائية (شركة أدويا)

ضد

1- رئيس الجمهورية

2- رئيس مجلس الوزراء

3- وزير العدل

4- وزير القوى العاملة

5- عصام إمام محمد طيار

الإجراءات

بتاريخ الرابع والعشرين من مارس سنة 2015، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية المادتين (6، 122) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه الأخير، كان قد التحق بالعمل لدى الشركة المدعية، بموجب عقد عمل محدد المدة مؤرخ 1/7/2006، بوظيفة فرد أمن، وإثر خلافات نشبت بين الطرفين، منعته الشركة من دخول مقر العمل، فتقدم بشكوى لمكتب العمل، إلا أن الشركة قامت بفصله، وحرمانه من مستحقاته المالية، فأقام الدعوى رقم 1171 لسنة 2012 عمال كلى، أمام محكمة الجيزة الابتدائية، طالبًا الحكم بإلزام الشركة بأن تؤدى له مبلغ مائة ألف جنيه تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية عن الفصل التعسفي، وإلزامها بأن تؤدى له كافة مستحقاته المالية خلال مدة عمله لديها على النحو الذى أورد تفصيله بصحيفة دعواه. وبجلسة 20/10/2012، قضت المحكمة بعدم اختصاصها محليًّا بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية، وقيدت الدعوى أمامها برقم 281 لسنة 2013 عمال كلى شمال القاهرة، وبجلسة 24/12/2014، قضت المحكمة بإجابة المدعى لبعض طلباته، ومن ذلك إلزام الشركة بأن تؤدي له مبلغ خمسة عشر ألف جنيه تعويضًا ماديًّا، ومبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضًا أدبيًّا، استنادًا لنص المادة (122) من قانون العمل المشار إليه، وألزمتها بالمصروفات ومبلغ 75 جنيهًا مقابل أتعاب المحاماة، ورفض ما عدا ذلك من طلبات. لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الشركة المدعية، فطعنت عليه بالاستئناف رقم 123 لسنة 19 قضائية، أمام محكمة استئناف القاهرة، طالبة الحكم بإلغاء حكم أول درجة لمخالفته للواقع والقانون، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وإلزام المستأنف ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي. وحال نظر الاستئناف بجلسة 17/3/2015، دفع الحاضر عن الشركة بعدم دستورية المادتين (6، 122) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، صرحت لها بإقامة الدعوى الدستورية، فأقامت الدعوى المعروضة.

وحيث إن المادة (6) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 تنص على أنه " تعفى من الرسوم القضائية في جميع مراحل التقاضي الدعاوى الناشئة عن المنازعات المتعلقة بأحكام هذا القانون التي يرفعها العاملون والصبية المتدرجون وعمال التلمذة الصناعية أو المستحقون عن هؤلاء، وللمحكمة في جميع الأحوال أن تشمل حكمها بالنفاذ المعجل وبلا كفالة، ولها في حالة رفض الدعوى أن تحكم على رافعها بالمصروفات كلها أو بعضها.

وتعفى الفئات المشار إليها في الفقرة السابقة من رسم الدمغة على كل الشهادات والصور التي تعطى لهم والشكاوى والطلبات التي تقدم منهم تطبيقا لأحكام هذا القانون."

وتنص المادة (122) من القانون ذاته على أنه " إذا أنهى أحد الطرفين العقد دون مبرر مشروع وكافٍ، التزم بأن يعوض الطرف الأخر عن الضرر الذي يصيبه من جراء هذا الإنهاء.

فإذا كان الإنهاء بدون مبرر صادرًا من جانب صاحب العمل، للعامل أن يلجأ إلى المحكمة العمالية المشار إليها في المادة (71) من هذا القانون بطلب التعويض، ولا يجوز أن يقل التعويض الذي تقرره المحكمة العمالية عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة.

ولا يخل ذلك بحق العامل في باقي استحقاقاته المقررة قانونا".

وحيث إنه بشأن طعن الشركة المدعية على دستورية ما تضمنه نص المادة (122) من قانون العمل المشار إليه، من وضع حد أدنى للتعويض الذي يُحكم به للعامل عند انتهاء عقد عمله دون مبرر، وهو ما ينصرف إلى نص الفقرة الثانية من تلك المادة، فقد سبق للمحكمة الدستورية العليا أن حسمت أمر دستورية هذه الفقرة، وذلك بحكمها الصادر بجلسة 4/5/2019، في الدعوى رقم 5 لسنة 37 قضائية "دستورية"، الذي قضى برفض الدعوى. وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 19 (مكرر) بتاريخ 12/5/2019. وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور، ونصي المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تكون أحكام هذه المحكمة وقراراتها ملزمة للكافة، وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو السعي لنقضها من خلال إعادة طرحها على هذه المحكمة من جديد لمراجعتها، الأمر الذي تكون معه الدعوى المعروضة غير مقبولة في هذا الشق منها.

وحيث إن مناط المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ويتغيا هذا الشرط أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة. وهو كذلك يقيد تدخلها في تلك الخصومة، ويرسم تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيه.

لما كان ذلك، وكانت رحى النزاع المثار في الدعوى الموضوعية، التي أُقيمت الدعوى الدستورية بمناسبتها، تدور حول مطالبة المدعى عليه الأخير بمستحقاته المالية لدى الشركة المدعية، عن فترة عمله لديها، وتعويضه عن الأضرار التي لحقته جراء إنهاء عقد العمل الخاص به دون مبرر، وقد انتهت محكمة أول درجة إجابته لبعض طلباته، وألزمت الشركة بالمصروفات، فطعنت على الحكم بالاستئناف، طالبة القضاء بإلغاء حكم أول درجة والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وإلزام العامل بالمصروفات عن درجتي التقاضي. متى كان ذلك، وكان نص الفقرة الأولى من المادة (6) من قانون العمل المشار إليه قد قصر الإعفاء من الرسوم القضائية، في جميع مراحل التقاضي، على الدعاوى التي يرفعها العاملون – ومن في حكمهم أو المستحقون عنهم – الناشئة عن المنازعات المتعلقة بأحكام ذلك القانون، دون أصحاب الأعمال، ومن ثم فإن الفصل في دستورية نص تلك الفقرة يرتب انعكاسًا مباشرًا على الطلبات في الدعوى الموضوعية، عند الفصل في المصروفات، والرسوم القضائية، الأمر الذي يتوافر معه للشركة المدعية مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن على دستورية نص صدر هذه الفقرة، دون نص الفقرة الثانية من تلك المادة، المتعلقة بالإعفاء من رسم الدمغة، لعدم تقديم الشركة المدعية ما يفيد سدادها لرسم الدمغة المستحق على المستندات الواردة في تلك الفقرة. ومن ثم، يتحدد نطاق الدعوى المعروضة فيما انطوى عليه نص الفقرة الأولى من المادة (6) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، من قصر الإعفاء من الرسوم القضائية، في جميع مراحل التقاضي، على الدعاوى التي يرفعها العاملون، ومن في حكمهم، أو المستحقون عنهم، دون أصحاب الأعمال.

وحيث إن الشركة المدعية تنعى على المادة (6) من قانون العمل المشار إليه، في حدود النطاق المحدد سلفًا - إخلالها بمبدأي تكافؤ الفرص، والمساواة، بين العمال وأصحاب الأعمال الخاضعين لأحكامه، بما أوجدته من تمييز بينهما، بتقريرها إعفاء الدعاوى التي يرفعها العاملون – الناشئة عن المنازعات المتعلقة بأحكام هذا القانون – من الرسوم القضائية في جميع مراحل التقاضي، حارمة أصحاب الأعمال من هذا الإعفاء، وهو ما يترتب عليه الانتقاص من أموالهم، بقدر الرسوم القضائية التي يتحملون بها، بما يخل بالحماية المقررة للملكية الخاصة، ويؤدى في الوقت ذاته إلى عزوفهم عن استثمار أموالهم في المشروعات المختلفة، بما يعيق فرض الاستثمار.

   وحيث إن الدستور قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصون وحدته الوطنية. وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات العامة، ومن ذلك حق التقاضي، دون تمييز بينهم لأي سبب، إلا أن ذلك لا يعنى – وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنصى المادتين (4، 53) المشار إليهما. بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبهما هو ذلك الذي يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها، تعكس مشروعيتها، إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم.

      وحيث إن المساواة التي يوجبها إعمال مبدأ تكافؤ الفرص – وفقًا لنصوص المواد (4، 9، 53) من الدستور القائم، التي تردد حكمها في الدساتير المصرية السابقة – تتحقق بتوافر شرطي العموم والتجريد في التشريعات المنظمة للحقوق، ولكنها ليست مساواة حسابية، ذلك أن المشرع يملك بسلطته التقديرية ولمقتضيات الصالح العام، وضع شروط تتحدد بها المراكز القانونية، التي يتساوى بها الأفراد أمام القانون، بحيث إذا توافرت هذه الشروط في طائفة من الأفراد وجب إعمال المساواة بينهم لتماثل ظروفهم ومراكزهم القانونية، وإذا اختلفت هذه الظروف بأن توافرت الشروط في البعض دون البعض الآخر، انتفى مناط التسوية بينهم، وكان لمن توافرت فيهم الشروط – دون سواهم – أن يمارسوا الحقوق التي كفلها المشرع لهم. ولا يُعد التجاء المشرع إلى أسلوب تحديد شروط موضوعية يقتضيها الصالح العام للتمتع بالحقوق، إخلالاً بشرطي العموم والتجريد في القاعدة القانونية، ذلك أنه يخاطب الكافة من خلال هذه الشروط.

      وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا، قد جرى على أن النصوص القانونية التي ينظم بها المشرع موضوعًا محددًا لا يجوز أن تنفصل عن أهدافها، ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يصدر عن فراغ، ولا يعتبر مقصودًا لذاته، بل مرماه إنفاذ أغراض بعينها يتوخاها، وتعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي أقام المشرع عليها هذا التنظيم باعتباره أداة تحقيقها، وطريق الوصول إليها.

      متى كان ما تقدم، وكان المشرع بموجب النص المطعون فيه، قد أعفى الدعاوى الناشئة عن المنازعات المتعلقة بأحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، التي يرفعها العمال ومن في حكمهم، أو المستحقون عنهم، من الرسوم القضائية في جميع مراحل التقاضي، دون أصحاب الأعمال، وكانت الغاية من قصر هذا الإعفاء عليهم، تمكين العمال من الدفاع عن حقوقهم بالولوج إلى ساحة القضاء، غير محملين بعبء هذه الرسوم، واضعًا نصب عينيه تباين أوضاعهم المالية التي لا تُمكن قطاعًا كبيرًا منهم من تحمل هذا العبء المالي، وحتى لا يحول هذا العبء بين العامل وطرح دعواه على القضاء. وهي اعتبارات لا تتوافر في أصحاب الأعمال. وقد جاء هذا الإعفاء متضمنًا قاعدة عامة مجردة تنطبق على كافة العاملين الخاضعين لأحكام قانون العمل المشار إليه – أُسوة بما ورد بقوانين العمل السابقة - ولا يقيم تمييزًا بين مراكز قانونية تتحد العناصر التي تكونها، أو يناقض ما بينها من اتساق، بل يظل المخاطبون به ملتزمين بقواعد موحدة في مضمونها وأثرها. ومن ثم، فإن قالة مناقضته لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، أمام القضاء، تكون لغوًا.

      وحيث إنه عن النعي بإخلال النص المطعون فيه بالحماية المقررة للملكية الخاصة، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور وإنْ كان قد كفل حق الملكية الخاصة، وأحاطه بسياج من الضمانات التي تصون هذه الملكية، وتدرأ كل عدوان عليها، فإنه في ذلك كله لم يخرج عن تأكيده على الدور الاجتماعي لحق الملكية، حيث يجوز تحميلها ببعض القيود التي تقتضيها أو تفرضها ضرورة اجتماعية، طالما لم تبلغ هذه القيود مبلغًا يصيب حق الملكية في جوهره أو يُعدم جل خصائصه. وكان من المقرر أيضًا في قضاء هذه المحكمة أن مدلول الرسوم القضائية لا يختلف عن مدلول المصروفات القضائية، في اشتمال كل منهما على رسم الدعوى، ورسوم الصور والشهادات والملصقات والأوراق القضائية والإدارية، وأجر نشر الإعلانات، والمصاريف الأخرى، كأمانة الخبير وبدل سفر الشهود، وغيرها مما كان لازمًا لتحقيق الدعوى أو اتخاذ إجراءات تحفظية أثناء سيرها، وأتعاب المحاماة. إلا أنه حال وجود نص قانونيا يقضي بالإعفاء من الرسوم القضائية، لاعتبارات قدرها المشرع، إما لتيسير السبيل للمطالبة القضائية بما يُعتقد أنه حق، أو تقديرًا من الدولة لرفع العبء عن بعض الجهات أو الهيئات، فإن أثر هذا الإعفاء يقتصر على ما هو مستحق فقط من رسوم للدولة عند رفع الدعوى أو الطعن في الحكم الصادر فيها، باعتبار أن الرسم مبلغ من النقود تحصله الدولة جبرًا من شخص معين مقابل خدمة يؤديها له أحد مرافقها، ومن ذلك مرفق القضاء. أما ما ينفقه الخصم الآخر الذي كسب الدعوى من رسوم أو مصاريف، فإنه إعمالاً لنص المادة (184) من قانون المرافعات، يتعين إلزام خاسر الدعوى بها، وهو من رفعها أو دفعها بغير حق، إذ عليه أن يتحمل ما ألجأ إليه خصمه من دفع رسوم ومصروفات. وأساس الإلزام بالمصاريف أن الخصومة القضائية، كوسيلة قانونية لحماية الحق، يجب ألا يؤدى استخدامها من قبل صاحب الحق إلى إنقاص حقه بمقدار ما تحمله من نفقات في سبيل حمايته، فلا ينبغي أن يكون طلب الحق سببًا للغرم والخسران. وذلك كله، ما لم ينص القانون صراحة على أن الإعفاء من الرسوم القضائية، يشمل ما توجبه المادة (184) من قانون المرافعات، من إلزام خاسر الدعوى بالمصاريف، ويدخل في حسابها مقابل أتعاب المحاماة.

      لما كان ذلك، وكانت الرسوم القضائية تؤدى أصلاً للدولة، بحسبان مرفق العدالة قد أدى الخدمة التي طُلبت منه كمقابل لتكلفتها، وعوضًا عما تكبدته من نفقات في تسييره، فإن ما أورده المشرع بالنص المطعون فيه من إعفاء الدعاوى التي يرفعها العاملون ومن في حكمهم، من الرسوم القضائية في جميع مراحل التقاضي، في منازعاتهم العمالية، كان للاعتبارات التي قدرها، ولا تتوافر في أصحاب الأعمال. وقد ألقى بعبء تلك الرسوم على عاتق الدولة، دون أن يستطيل ذلك لأموال أصحاب الأعمال، ما لم يكن صاحب العمل هو المتسبب في الخصومة القضائية، بإنكاره حقوقًا للعامل، على نحو اضطره إلى ولوج ساحة القضاء، ففي هذه الحالة كان لزامًا تحمل صاحب العمل بالرسوم القضائية، باعتباره خاسر الدعوى. ومن ثم، فإن قالة إخلال النص المطعون فيه بالحماية التي أحاط بها الدستور، في المادتين (33، 35) منه، الملكية الخاصة، تكون مفتقرة لسندها.

      وحيث إن الدستور قد أكد في المادتين (27، 28) منه أهمية الاستثمار وتشجيعه، وتوفير المناخ الجاذب له، وجعل ذلك التزامًا دستوريًّا على الدولة، وهدفًا للنظام الاقتصادي تسعى الدولة إلى تحقيقه من خلال خطة التنمية التي تضعها تنفيذًا له. كما اعتبر الحفاظ على حقوق العاملين أحد أهداف هذا النظام، وعنصرًا جوهريًّا في تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة في علاقة العمل، وقيدًا على كل تشريع يتم إقراره، يتناول بالتنظيم أيًّا من تلك الحقوق. وفى هذا الإطار ضمَّن الدستور نص المادة (92) منه قيدًا عامًا على سلطة المشرع التقديرية في مجال تنظيم ممارسة الحقوق والحريات بألا يترتب على ذلك تقييد ممارستها بما يمس أصلها وجوهرها، وإلا وقع في حومة مخالفة الدستور.

      متى كان ذلك، وكان ما أورده النص المطعون فيه من إعفاء الدعاوى الناشئة عن المنازعات المتعلقة بقانون العمل، التي يرفعها العمال ومن في حكمهم أو المستحقون عنهم، من الرسوم القضائية في جميع مراحل التقاضي، قصد به حماية حقوقهم، باعتباره أحد أهداف النظام الاقتصادي التي تسعى الدولة إلى تحقيقه من خلال خطة التنمية التي تضعها تنفيذًا له، وعنصرًا جوهريًا في تحقيق التوازن بين مصالح طرفي علاقة العمل، بدعم العمال في سبل المطالبة القضائية بحقوقهم إذا ما ألجأتهم الظروف إلى ذلك، بما يشعرهم بالطمأنينة، وينعكس أثره على إقبالهم على العمل وتحسين جودته، وزيادة الإنتاج، وهو ما يعود بالنفع على أصحاب الأعمال، ويشجعهم على زيادة استثماراتهم، والتوسع فيها. ومن ثم، فإن قالة إعاقة النص المطعون فيه للاستثمار تكون فاقده لسندها.

      وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف أيًّا من أحكام الدستور الأخرى، فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

      حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

 

عدم دستورية اختصاص محكمتي النقض واستئناف القاهرة بقضايا نقابة المحامين

الدعوى رقم 161 لسنة 36 ق "دستورية" جلسة 4 / 7 / 2020

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من يوليه سنة 2020، الموافق الثالث عشر من ذى القعدة سنة 1441 ه.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو    رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار

والدكتور طارق عبد الجواد شبل       نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى    رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع      أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

  في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 161 لسنة 36 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الحادية عشر- فحص طعون) بحكمها الصادر بجلسة 7/7/2014، ملف الطعنين رقمى 19926 و20393 لسنة 55 قضائية "عليا".

المقام أولهما من

1- رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، بصفته رئيس اللجنة المشرفة على انتخابات نقابة المحامين

2- وزير العدل

ضد

1- خالد محمد أحمد بدوى، وشهرته "خالد بدوى"

2- رئيس اللجنة المشرفة على إدارة نقابة المحامين

 

والمقام ثانيهما من

خالد محمد أحمد بدوى، وشهرته "خالد بدوى"

ضد

1- رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، بصفته رئيس اللجنة المشرفة على انتخابات نقابة المحامين

2- رئيس اللجنة المشرفة على إدارة نقابة المحامين

3- وزير العدل

الإجراءات

بتاريخ الثالث عشر من سبتمبر سنة 2014، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الطعنين رقمي 19926، 20393 لسنة 55 قضائية "عليا"، بعد أن حكمت (الدائرة الحادية عشرة- فحص طعون) بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 7/7/2014، بوقف الطعنين تعليقًا، وإحالة أوراقهما إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادتين (44، 134) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

   بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – في أنه بتاريخ 19/4/2009، أقام المطعون ضده في الطعن الأول (الطاعن في الطعن الثاني) الدعوى رقم 35262 لسنة 63 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، ضد كل من رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، بصفته رئيس اللجنة المشرفة على انتخابات نقابة المحامين، ورئيس اللجنة المشرفة على إدارة تلك النقابة، ووزير العدل، طالبًا الحكم بقبولها شكلاً، وبوقف تنفيذ القرارين، الصادر أولهما: باستبعاده من كشوف الناخبين بالجمعية العمومية لنقابة المحامين، وثانيهما: بفتح باب الترشيح لانتخابات النقابة العامة للمحامين، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها إدراج اسمه في كشوف المرشحين للانتخابات المزمع إجراؤها في 23/5/2009، وذلك على سند من صدور حكم ضده في الجناية رقم 18 لسنة 1999 جنايات عسكرية عليا، بالسجن لمدة ثلاث سنوات، وقد نفذ العقوبة وأُفرج عنه شرطيًّا في 8/10/2002، إلا أنه فوجئ بصدور قرار باستبعاد اسمه من كشوف الناخبين بالجمعية العمومية لنقابة المحامين، فتظلم من هذا القرار دون جدوى، مما حدا به إلى إقامة دعواه، ناعيًّا على القرار المطعون فيه صدوره مشوبًا بعيب إساءة استخدام السلطة والانحراف بها، وعيب اغتصاب السلطة، وكذلك عدم قيامه على سبب يتفق وصحيح حكم القانون. وبتاريخ 30/4/2009، أقام أيضًا الدعوى رقم 36755 لسنة 63 قضائية، أمام المحكمة ذاتها، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر بتاريخ 29/4/2009، باستبعاد اسمه من كشوف المرشحين لمنصب نقيب المحامين للانتخابات المزمع إجراؤها بتاريخ 23/5/2009، وتنفيذ الحكم بموجب مسودته الأصلية وبدون إعلان، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها وقف إجراء انتخابات نقابة المحامين. وفى الموضوع بإلغاء ذلك القرار، وما يترتب على ذلك من آثار. وذلك استنادًا إلى أنه بتاريخ 4/4/2009، تم فتح باب الترشيح لانتخابات النقابة العامة للمحامين، وبتاريخ 13/4/2009، تقدم إلى اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات بطلب ترشحه لمنصب نقيب المحامين، وبتاريخ 29/4/2009، صدر القرار المطعون فيه باستبعاده من كشوف المرشحين لهذا المنصب، على سند من استبعاده من كشوف الناخبين، فتظلم من هذا القرار دون جدوى، مما حدا به إلى إقامة الدعوى المشار إليها، ناعيًّا على القرار المطعون فيه مخالفته للدستور والقانون، وصدوره منسوبًا بعيب إساءة استخدام السلطة والانحراف بها. تدوولت الدعويان أمام المحكمة، وتم ضمهما ليصدر فيهما حكم واحد، وقضت المحكمة فيهما بجلسة 10/5/2009، بوقف تنفيذ القرارين الصادرين من رئيس محكمة جنوب القاهرة، بصفته رئيس اللجنة القضائية المشرفة على انتخابات نقابة المحامين، فيما تضمناه من استبعاد المدعى من كشوف الجمعية العمومية لنقابة المحامين ومن كشوف المرشحين لمنصب نقيب المحامين للانتخابات المزمع إجراؤها يوم 23/5/2009، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنين في الطعن رقم 19926 لسنة 55 قضائية عليا، فقد أقاما ذلك الطعن، ناعيين على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، لأسباب حاصلها أن الفصل في ذلك النزاع يخرج عن نطاق الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة، إعمالاً لنصوص قانون المحاماة، التي ناطت بجهة القضاء العادي الفصل في الطعن على قرارات الاستبعاد من كشوف الناخبين أو المرشحين، فضلاً عن أن القرارين المطعون فيهما قد صدرا من السلطة المختصة بإصدارهما، على سند من السبب المبرر لهما قانونًا، بحسبان المدعى، وقد صدر ضده حكم في جناية، قد فقد شرطًا من شروط القيد، وسقط قيده في عضوية النقابة بقوة القانون، منذ ذلك التاريخ، إعمالاً للمادة (13) من قانون المحاماة المعدلة بالقانون رقم 197 لسنة 2008، ومن ثم وجب على اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات استبعاده من كشوف الناخبين والمرشحين عند قيامها بمباشرة اختصاصها بمطابقة الكشوف للواقع الفعلي. ومن جانب آخر، وإذ لم يلق حكم محكمة القضاء الإداري قبولاً لدى الطاعن في الطعن رقم 20393 لسنة 55 قضائية عليا، فقد أقام الطعن المشار إليه، ناعيًّا على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون. وتدوول نظر الطعنين أمام المحكمة الإدارية العليا، وبعد أن قررت ضمهما ليصدر فيهما حكم واحد، قضت فيهما بجلسة 7/7/2014، بوقف الطعنين تعليقًا، وإحالة أوراقهما إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية المادتين (44) و(134) من قانون المحاماه المشار إليه.

وحيث إن المادة (44) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 تنص على أن "لمجلس النقابة بعد سماع أقوال المحامي أو بعد إعلانه في حالة تخلفه عن الحضور، أن يصدر قرارًا مسببًا بنقل اسمه إلى جدول المحامين غير المشتغلين إذا فقد شرطًا من شروط القيد في الجدول العام المنصوص عليها في هذا القانون.

ويكون للمحامي حق الطعن أمام الدائرة الجنائية بمحكمة النقض في القرار الذي يصدر في هذا الشأن خلال الأربعين يومًا التالية لإعلانه بهذا القرار".

وتنص المادة (134) من القانون ذاته على أن "يكون الترشيح لعضوية المجلس بطلب يقدم من المرشح إلى مجلس النقابة في الميعاد الذي يحدده لقبول طلبات الترشيح على أن يكون قبل الموعد المحدد لإجراء الانتخاب بأربعين يومًا على الأقل.

ويُعد مجلس النقابة قائمة المرشحين خلال عشرة أيام على الأكثر من قفل باب الترشيح، وتعلن على المحامين في النقابات الفرعية. ولمن أغفل إدراج اسمه بها أن يتظلم إلى مجلس النقابة أو أن يطعن في قراره أمام محكمة استئناف القاهرة خلال عشرة أيام من تاريخ نشر كشوف المرشحين، ويفصل في الطعن على وجه الاستعجال".

وحيث إن محكمة الموضوع تراءى لها أنه إذ أسندت المادتان (44، 134) من قانون المحاماة الاختصاص بالفصل في المنازعات الواردة بهما إلى محكمتي النقض واستئناف القاهرة، التابعتين لجهة القضاء العادي، فإن مسلك المشرع يكون قد جاء مصادمًا لأحكام الدستور، الذى أضحى بمقتضاه مجلس الدولة، دون غيره من جهات القضاء، هو صاحب ولاية الفصل في كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي. الأمر الذي حدا بها لإصدار حكم الإحالة إلى هذه المحكمة، للفصل في مدى دستورية نصى هاتين المادتين.

وحيث إن المصلحة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية، لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان ما يحول بين المحكمة الإدارية العليا والفصل في موضوع الطعنين المعروضين عليها، ما نصت عليه الفقرة الثانية في كل من المادتين (44، 134) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، من إسناد أولاهما للدائرة الجنائية بمحكمة النقض، وإسناد ثانيتهما لمحكمة استئناف القاهرة، الاختصاص بالفصل في الطعون على القرارات الواردة بكل من هاتين المادتين. وكان بحث أمر الاختصاص سابقًا على التعرض للموضوع. ومن ثم، يكون الفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادتين السالفتي الذكر، أمرًا لازمًا للفصل في الدعوى الموضوعية، وتتحقق به المصلحة في الدعوى المعروضة. ويتحدد نطاقها فيما ورد بكل منهما من تحديد المحكمة المختصة بنظر الطعن، دون سائر ما تضمنته من أحكام أخرى.

      وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع الدستوري، بدءًا من دستور سنة 1971، قد حرص على دعم مجلس الدولة، الذى أصبح بنص المادة (172) منه، جهة قضائية قائمة بذاتها، محصنة ضد أي عدوان عليها أو على اختصاصها المقرر دستوريًّا، وهو ما أكده الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/3/2011، الذى أورد الحكم ذاته في المادة (48) منه، وكذلك المادة (174) من الدستور الصادر عام 2012، وأخيرًا المادة (190) من الدستور الحالي، التي تنص على أن "مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية ..... ". ولم يقف دعم المشرع الدستوري لمجلس الدولة عند هذا الحد، بل جاوزه إلى إلغاء القيود التي كانت تقف حائلاً بينه وبين ممارسته لاختصاصاته، فاستحدث بالمادة (68) من دستور سنة 1971، نصًّا يقضى بأن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا، ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، وهو ما انتهجه نص المادة (21) من الإعلان الدستوري الصادر في 30/3/2011، ونص المادة (75) من الدستور الصادر عام 2012، وقد سار الدستور الحالي على النهج ذاته في المادة (97) منه، وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التي كانت تحظر الطعن في القرارات الإدارية، وأزيلت جميع العوائق التي كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس الدولة، بوصفه القاضي الطبيعي للمنازعات الإدارية . وإذ كان المشرع الدستوري بنصه في عجز المادة (97) من الدستور الحالي على أن " ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي "، قد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس كافة، تتكافأ فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم والدفاع عن مصالحهم الذاتية، وأن الناس جميعًا لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي، ولا في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية، ولا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها، إذ ينبغي دائمًا أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة، سواء في مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها. وفى ضوء تلك الأحكام، فقد غدا مجلس الدولة قاضى القانون العام، وصاحب الولاية العامة، دون غيره من جهات القضاء، في الفصل في كافة المنازعات الإدارية، عدا ما استثناه الدستور ذاته بنصوص صريحة ضمنها وثيقته.

      وحيث إن الدستور الحالي قد نص في الفقرة الأولى من مادته (76) على أن "إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتمارس نشاطها بحرية، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم". كما نص في المادة (77) منه على أن " ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطي، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني، وفقًا لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية ....."

وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد استقر على أن الحق في تكوين التنظيم النقابي، فرع من حرية الاجتماع، وأن هذا الحق يتعين أن يتمحض تصرفًا إراديًّا حرًا لا تتدخل فيه الجهة الإدارية، بل يستقل عنها، ليظل بعيدًا عن سيطرتها، ومن ثم تنحل الحرية النقابية، إلى قاعدة أولية في التنظيم النقابي، تمنحها بعض الدول – ومن بينها جمهورية مصر العربية – قيمة دستورية في ذاتها، لتكفل لكل عامل أو مهني حق الانضمام إلى المنظمة النقابية التي يطمئن إليها، أو أن يَعدل عن البقاء فيها مُنهيًّا عضويته بها. وهذه الحقوق التي تتفرع عن الحرية النقابية، تُعد من ركائزها، ويتعين ضمانها لمواجهة كل إخلال بها.

  وحيث إن قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، قد نص في مادته المائة والعشرين على إنشاء نقابة للمحامين، تكون لها الشخصية الاعتبارية، تضم المحامين في جمهورية مصر العربية المقيدين بجداولها. وقد أضفى هذا القانون على النقابة شخصية اعتبارية مستقلة، وخولها حقوقًا من نوع ما تختص به الهيئات الإدارية العامة، مما يدل على أنها جمعت بين مقومات الهيئة العامة وعناصرها من شخصية مستقلة وقيامها على إدارة مرفق عام، مستعينة في ذلك ببعض مزايا السلطة العامة التي منحها لها القانون، تمكينًا لها من أداء المهام الموكلة لها في خدمة المهنة القائمة عليها، ورعاية أعضائها، والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم، ومن أجل ذلك جعل عضويتها إجبارية على المشتغلين بمهنة المحاماة، كما ألزم المنتمين للنقابة بأداء رسم قيد واشتراكات سنوية، وأنشأ هيئة تأديبية يحاكم أمامها الأعضاء الذين يخالفون قانون النقابة أو لائحتها الداخلية أو يرتكبون أمورًا مخلة بواجبات المهنة أو ماسة بكرامتها، ومن ثم تغدو نقابة المحامين من أشخاص القانون العام، وتُعد الطعون المتعلقة بالقرار الصادر بنقل اسم المحامي إلى جدول المحامين غير المشتغلين إذا فقد شرطًا من شروط القيد في الجدول العام، والطعون المتعلقة بإغفال إدراج اسم المحامي طالب الترشيح في قائمة المرشحين لعضوية مجلس النقابة، من قبيل المنازعات الإدارية، التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمحاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيرها،    طبقًا لنص المادة (190) من الدستور. وإذ أسندت الفقرة الثانية من كل من المادتين (44، 134) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، الفصل في تلك المنازعات إلى الدائرة الجنائية بمحكمة النقض ومحكمة استئناف القاهرة، التابعتين لجهة القضاء العادي، فإن مسلك المشرع، على هذا النحو يكون مصادمًا لنص المادة (190) من الدستور، الذي أضحى، بمقتضاه، مجلس الدولة، دون غيره، هو صاحب الولاية العامة في الفصل في المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم دستورية هذين النصين.

فلهذه الأسباب

      حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من كل من المادتين (44 و134) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، فيما تضمنه أولهما من إسناد الفصل في الطعن على القرار الصادر بنقل اسم المحامي إلى جدول المحامين غير المشتغلين، إلى الدائرة الجنائية بمحكمة النقض، وما تضمنه ثانيهما من إسناد الفصل في الطعن على إغفال إدراج اسم المحامي بقائمة المرشحين لعضوية مجلس النقابة، إلى محكمة استئناف القاهرة.

حق الزوجة في طلب تحريك الدعوى الجنائية ضد زوجها لا يجعلها طرفًا فيها ولو ادعت مدنيا

الدعوى رقم 318 لسنة 23 ق "دستورية" جلسة 4 / 7 / 2020

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من يوليه سنة 2020، الموافق الثالث عشر من ذى القعدة سنة 1441 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو      رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل

وطارق عبد العليم أبو العطا      نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى    رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع          أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 318 لسنة 23 قضائية "دستورية".


المقامة من

.....

ضــــــد

1- رئيس الجمهورية

2– رئيس مجلس الوزراء      

3- رئيس مجلس الشعب       ( النواب حاليًا)

4- النائب العام

5- .......

6- ....

7- ......      

الإجراءات

بتاريخ الثامن والعشرين من أكتوبر سنة 2001، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية نصي المادتين (274 و277) من قانون العقوبات.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمــة

      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

      حيث إن الوقائع تتحصل– على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أنه بناءً على بلاغ من المدعية في الدعوى المعروضة، وشكوى زوج المدعى عليها السادسة، أسندت النيابة العامة إلى المدعى عليهما السادسة والخامس، أنهما في يوم 15/11/2000، المتهمة الأولـى -المدعى عليها السادسة - ارتكبت جريمة الزنا مع المدعى عليه الخامس – زوج المدعية – حال كونها زوجة المدعى عليه السابع. المتهم الثاني: اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمة الأولى في ارتكاب جريمة الزنا. وقدمتهما إلى المحاكمة الجنائية، في الدعوى رقم 36685 لسنة 2000 جنح البساتين، وطلبت معاقبتهما بالمواد (40/2، 3 و41 و273 و274 و275 و276) من قانون العقوبات. وأثناء نظر الدعوى، وجهت المدعية، إلى المتهمين، دعوى فرعية، بطلب إلزامهما بأن يؤديا لها مبلغ (2001) جنيه، على سبيل التعويض المدني المؤقت، عن الأضرار التى أصابتها جراء فعلتهما. وبجلسة 9/7/2001، حضر وكيل زوج المتهمة الأولى، وأقر بتنازله عن شكواه ضد زوجته. وبالجلسة ذاتها، دفع الحاضر عن المدعية بعدم دستورية نصى المادتين (274 و277) من قانون العقوبات، فيما تضمناه من تفرقة في المعاملة الجنائية بين الزوج والزوجة، بالمخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية ومبدأ المساواة أمام القانون. وإذ قدرت المحكمة بجلسة 24/9/2001، جدية الدفع، وصرحت للمدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقامت الدعوى المعروضة.

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع، وكان من المقرر أن المصلحة الشخصية المباشرة لا تعتبر متحققة بالضرورة بناءً على مخالفة النص التشريعي المطعون فيه للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص – بتطبيقه على المدعى – قد أخل بأحد الحقوق التي كفلها الدستور على نحو ألحق به ضررًا مباشرًا ، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية مرتبطًا بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة في ذاتها منظورًا إليها بصفة مجردة، وبالتالي لا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين يحددان معًا مفهومها؛ أولهما: أن يقيم المدعى - في الحدود التي اختصم فيها النص المطعون عليه - الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلاً. ثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما تُحتم أن يكون الضرر المُدعى به ناشئًا عن هذا النص ومترتبًا عليه، فإذا لم يكن هذا النص قد طُبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دلّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة؛ ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.

وحيث إن المادة (274) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 تنص على أن "المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، لكن لزوجها أن يوقف تنفيذ هذا الحكم برضائه معاشرتها له كما كانت ".

وتنص المادة (277) من القانون ذاته على أن " كل زوج زنى في منزل الزوجية، وثبت عليه هذا الأمر بدعوى الزوجة، يجازى بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور".

وحيث إن المادة (274) من قانون العقوبات تجرم زنى الزوجة، وتحدد العقوبة المقررة لهذا الجرم، وتجرم المادة (277) من القانون ذاته زنى الزوج في منزل الزوجية، وترصد العقوبة المقررة لهذه الجريمة؛ وكان المقرر قانونًا – بموجب نص المادة (3) من قانون الإجراءات الجنائية، والمادة (277) من قانون العقوبات – أن حق الزوجة في طلب تحريــك الدعوى الجنائية ضد زوجهـا لارتكابه جريمة الزنا، لا يجعلها طرفًا في الدعوى الجنائية، التي تنعقد بين النيابة العامة والمتهمين باقتراف الجريمة، ولا يغير من ذلك، كونها قد أقامت نفسها مدعية بحقوق مدنية قبل المتهمين أمام المحكمة المنظور أمامها الدعوى الجنائية، إذ إن دعواها بهذه المثابة هي دعوى مدنية بحتة، لا علاقة لها بالدعوى الجنائية إلا بتبعيتها لها. متى كان ذلك، وكان القضاء في دستورية نصي المادتين المطعون فيهما لا يؤثر على طلبات المدعية في دعواها المدنية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، ولا يتحقق من ورائه فائدة عملية لها، لعدم ارتباط الفصل في دستوريتهما بدعواها المدنية، التي تستهدف بها إثارة المسئولية المدنية جراء ما أصابها من أضرار؛ وهي مسئولية تستقل في عناصرها، وطرق إثباتها، عن المسئولية الجنائية؛ الأمر الذي تنتفى معه مصلحة المدعية في الطعن على دستورية هاتين المادتين، وتضحى دعواها بشأنهما غير مقبولة.


فلهذه الأسباب

      حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعية المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.