جلسة 29 من ديسمبر سنة 1959
برياسة السيد محمود محمد
مجاهد المستشار, وبحضور السادة: فهيم يسى جندي, والسيد أحمد عفيفي, ومحمود حلمي
خاطر, وعباس حلمي سلطان المستشارين.
------------
(220)
الطعن رقم 963 لسنة 29
القضائية
(أ) خيانة أمانة.
عناصر الواقعة الإجرامية.
محل الجريمة.
كل مال منقول له قيمة
مادية أو معنوية.
صور الفعل المادي.
الجريمة التامة. متى تتوافر؟
بكل فعل يدل على أن
الأمين اعتبر المال الذي اؤتمن عليه مملوكا له. مثال.
(ب, ج) حكم. استئناف. نقض.
تحرير الحكم الاستئنافي
وبيانات ديباجته.
توقيع القضاة الذين
أصدروا الحكم على مسودته أمر لا يستلزمه القانون.
خلو الحكم الابتدائي من
بياناته الجوهرية. متى لا يبطل الحكم الاستئنافي؟
-------------
1 - جريمة خيانة الأمانة
إنما تقع على مال منقول له قيمة مادية أو اعتبارية بالنسبة لصاحبه, وتتحقق الجريمة
بكل فعل يدل على أن الأمين اعتبر المال الذي اؤتمن عليه مملوكا له يتصرف فيه تصرف
المالك - فإذا سلم الوكيل بأجر الورقة التي في عهدته للغير لبيعها والحصول على
ثمنها, فهذا الفعل يعتبر بمثابة تصرف المالك في ملكه تتحقق به جريمة الاختلاس, ولا
يعتبر ذلك شروعا غير معاقب عليه.
2 - الأحكام النهائية هي
وحدها التي يجوز الطعن فيها أمام محكمة النقض, فخلو الحكم الابتدائي من البيانات
الجوهرية اللازمة لصحة الأحكام - بفرض صحته - لا يعيب الحكم الاستئنافي ما دام قد
تدارك إغفال هذه البيانات واستوفاها وأنشأ لقضائه أسبابا جديدة.
3 - لا يلزم في الأحكام
الجنائية أن يوقع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته, بل يكفي أن يحرر الحكم
ويوقعه رئيس المحكمة وكاتبها, وإذا حصل مانع للرئيس وقعه أحد القضاة الذين اشتركوا
معه في إصداره.
الوقائع
النيابة العامة المتهمين
بأنهم الأول - بدد كوبون سباق الدراجات. والثاني والثالث - أخفيا الكوبون المذكور
مع علمهما بالسرقة. وطلبت عقابهم بالمادة 341 عقوبات للأول والمادة 44/ 1 مكررا
عقوبات ومحكمة أول درجة قضت حضوريا عملا بالمادة 341 من قانون العقوبات مع تطبيق
المواد 55 و56 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهمين الثاني والثالث بحبسهما مع
إيقاف تنفيذ العقوبة على اعتبار أن التهمة المسندة إليهما هي تبديد. وببراءة
المتهم الأول من التهمة المسندة إليه. فاستأنف المتهمان هذا الحكم كما استأنفته
النيابة بالنسبة للأول ومحكمة ثاني درجة قضت حضوريا عملا بالمادة 341 من قانون
العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول وبالمادة 44/ 1 مكررة من نفس القانون بالنسبة
إلى المتهمين الثاني والثالث مع تطبيق المادتين 55 و56 من قانون العقوبات بالنسبة
للمتهمين جميعا. أولا - وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة إلى المتهم
الأول وبحبسه مع إيقاف التنفيذ. وثانيا - برفض الاستئنافين بالنسبة للمتهمين
الثاني والثالث وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف وذلك على اعتبار أن التهمة
المسندة إليهما هي إخفاء أشياء متحصلة من جريمة. قرر المتهمون الطعن بطريق
النقض... الخ.
المحكمة
وحيث إن مبنى الوجه الأول
من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخل بحق الطاعنين في الدفاع ذلك أن التهمة
الموجهة أصلا من النيابة العامة إلى الطاعنين هي أن الطاعن الأول سرق البون وكمية
الزيت المبينة بالمحضر للجمعية التعاونية للبترول حالة كونه خادما بأجر لدى
الجمعية والثاني والثالث سرقا هذه الأشياء حالة كونهما خادمين بأجر لدى الجمعية
ومن محترفي النقل وقضت محكمة أول درجة ببراءة الأول وباعتبار ما وقع من الطاعنين
الثاني والثالث تبديدا معاقبا عليه بالمادة 341 من قانون العقوبات. فاستأنفت
النيابة الحكم كما استأنفه الطاعنان الثاني والثالث. ومحكمة ثاني درجة عدلت وصف
التهمة دون تنبيه الطاعنين إلى ذلك فدانت الأول بتهمة تبديد البون ودانت الثاني
والثالث بتهمة إخفاء البون المذكور مع علمهما بسرقته وبهذا أخلت بدفاع الطاعنين
وخالفت حكم المادة 308 من قانون الاجراءات الجنائية.
وحيث إنه يبين من أوراق
الدعوى أن النيابة العامة اتهمت الطاعنين بوصف أن الأول بدد الكوبون المبين
بالمحضر لاتحاد سباق الدراجات الدولي والذي سلم إليه على سبيل الوكالة والثاني
والثالث أخفيا الكوبون المتحصل من جريمة التبديد مع علمهما بذلك. وطلبت عقاب الأول
بالمادة 341 من قانون العقوبات وعقاب الآخرين بالمادة 44/ 1 مكرر من ذلك القانون.
ومحكمة أول درجة قضت حضوريا ببراءة الأول وبحبس كل من الثاني والثالث شهرين مع
الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة عملا بالمواد 341 و55 و56 من قانون العقوبات.
فاستأنفت النيابة الحكم
كما استأنفه الطاعنان الثاني والثالث ومحكمة ثاني درجة قضت حضوريا وبإجماع الآراء
أولا - بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للطاعن الأول ومعاقبته بالحبس شهرين مع
الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة عملا بالمواد 341 و55 و56 من قانون العقوبات -
وثانيا - بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للطاعنين الثاني والثالث عملا بالمادة 44/
1 مكررة من ذلك القانون - لما كان ذلك, وكانت المحكمة الاستئنافية إنما عدلت الوصف
القانوني للواقعة التي أثبتها الحكم الابتدائي دون أن تضيف إليها شيئا من الأفعال
أو العناصر التي لم تكن موجهة إلى الطاعنين أمام محكمة أول درجة وكان على المحكمة
الاستئنافية أن تفصل في الدعوى على أساس الوصف القانوني الصحيح الذي ينطبق عليها
ما دامت الواقعة المطروحة أمامها هى بذاتها التي رفعت بها الدعوى أمام محكمة أول
درجة ولا جناح عليها إن هي غيرت وصف التهمة المطروحة عليها دون لفت الدفاع ما دامت
الواقعة التي اتخذتها أساسا للوصف الجديد هي نفس الواقعة التي كانت مطروحة على
محكمة أول درجة - لما كان ما تقدم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه لا يكون له
محل.
وحيث إن مبنى الوجه
الثاني هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ اعتبر الفعل المسند إلى
الطاعنين جنحة تبديد وإخفاء أشياء متحصلة من جريمة مع أن الاختلاس كان مستحيلا لأن
البون المدعي بتبديده ليس مالا مقوما فلا تكون الجريمة بفرض صحتها إلا شروعا في
جنحة تبديد ولا عقاب عليها.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بعد أن بين الواقعة وأورد الأدلة على ثبوتها في حق الطاعنين عرض لما أثاره
الدفاع في هذا الوجه ورد عليه في قوله: "وحيث إنه بالنسبة للمتهم الأول
فالتهمة ثابتة قبله ثبوتا كافيا مما أجمع عليه الشهود وقرره نفس هذا المتهم من أن
البون سلم إليه على سبيل الوكالة من الجمعية التعاونية للبترول وقد تغيرت نيته في
حيازته بتسليمه إلى المتهمين الثاني والثالث اللذين عرضاه للبيع كما شهد بذلك عزت
عطش ومختار محمد عبد الوارث وذلك إضرارا بالمجني عليها (الجمعية التعاونية
للبترول) - هذا ولا عبرة بما قيل من أن البون ليس مالا مقوما إذ ثبت من أقوال
الشهود بل ومن أقوال المتهمين الثاني والثالث أن البون من الجائز صرفه من أي محطة
ثابتة لجمعية التعاون للبترول ولا أدل على ذلك من كون الشاهد عزت عطش قد قبل شراءه
بمبلغ 25 جنيها ولكن الخلف حدث بسبب رغبته في تأجيل جزء من الثمن وإصرار المتهمين
على سداده فورا". وما قاله الحكم من ذلك صحيح في القانون ذلك أن جريمة خيانة
الأمانة إنما تقع على مال منقول له قيمة مادية أو اعتبارية بالنسبة لصاحبه وتتحقق
الجريمة بكل فعل يدل على أن الأمين اعتبر المال الذي أؤتمن عليه مملوكا له يتصرف
فيه تصرف المالك فإذا سلم الوكيل بأجر الورقة التي في عهدته للغير لبيعها والحصول
على ثمنها فهذا التصرف يعتبر بمثابة تصرف المالك في ملكه وبه تتحقق جريمة الاختلاس
ولا يعتبر ذلك شروعا غير معاقب عليه - ويكون هذا الوجه من الطعن على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجهين
الثالث والرابع هو أن الحكم المطعون فيه شابه بطلان في الإجراءات أثر فيه ذلك أن
الحاضر مع الطاعنين الثاني والثالث دفع ببطلان حكم محكمة أول درجة لخلوه من
البيانات اللازمة لصحة الأحكام كاسم القاضي الذي أصدره وعضو النيابة والكاتب
وتاريخ الجلسة وغير ذلك من البيانات الجوهرية وجاء رد الحكم قاصرا عن استظهار هذه
البيانات, يضاف إلى ذلك أن الهيئة التي سمعت المرافعة لم تكن هي التي أصدرت الحكم
لأن القاضي إبراهيم هاشم الذي سمع المرافعة لم يشترك في الهيئة التي أصدرت الحكم
بل استبدل به القاضي محمود عبد المجيد كما أن مسودة الأسباب لم يوقعها إلا أحد
قضاة الدائرة وهو القاضي يحيى محمد أحمد.
وحيث إن خلو الحكم
الابتدائي من البيانات الجوهرية اللازمة لصحة الأحكام بفرض صحته لا يعيب الحكم
الاستئنافي ما دام قد تدارك إغفال هذه البيانات واستوفاها وأنشأ لقضائه أسبابا
جديدة لأن الأحكام النهائية هي وحدها التي يجوز الطعن فيها أمام محكمة النقض. لما
كان ذلك, وكان يبين من الاطلاع على محضر الجلسة ورول القاضي أن الهيئة التي سمعت
المرافعة هي التي أصدرت الحكم حيث وقع عضوا الدائرة القاضيين ابراهيم هاشم ويحيى
محمد أحمد بجانب توقيع الرئيس على منطوق الحكم في رول القاضي وإن كان قد ذكر خطأ
في ديباجة الحكم أن الهيئة التي أصدرته مكونة من الرئيس والقاضيين يحيى محمد أحمد
ومحمود عبد المجيد فهو من قبيل الخطأ المادي الذي لا يغير من حقيقة الواقع ولا يمس
سلامة الحكم, وكان لا يلزم في الأحكام الجنائية أن يوقع القضاة الذين أصدروا الحكم
على مسودته بل يكفي أن يحرر الحكم ويوقعه رئيس المحكمة وكاتبها وإذا حصل مانع
للرئيس وقعه أحد القضاة الذين اشتركوا معه في إصداره.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.