الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 1 أبريل 2020

الطعن 1315 لسنة 46 ق جلسة 5 / 6 / 1977 مكتب فني 28 ق 143 ص 674


جلسة 5 من يونيه سنة 1977
برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، ومحمد محمد وهبه، وأحمد طاهر خليل.
------------
(143)
الطعن رقم 1315 لسنة 46 القضائية

 (1)قانون. "القانون الأصلح. تطبيقه. سريانه من حيث الزمان". دعوى جنائية. "قيود تحريكها".
قاعدة سريان القانون الأصلح. مجال سريانها القواعد الموضوعية. دون الإجرائية. الإجراء يظل خاضعاً للقانون الساري وقت صدوره. رفع الدعوى الجنائية في ظل قانون لا يعلق رفعها على طلب أو إذن. صدور قانون يوجب ذلك. لا أثر له في صحة إجراءاتها
(2) استيراد. جريمة "أركانها".
استيراد الأفراد للسلع بقصد الإتجار. دون مراعاة الشرط المقرر. مؤثم. سواء في ظل القانون رقم 95 لسنة 1963 أو في ظل القانون 118 لسنة 1975 الذي حل محله.
تقدير أن الاستيراد للإتجار. موضوعي. ما دام سائغاً.
للأفراد الحق في استيراد احتياجاتهم من السلع لاستعمالهم الشخصي أو الخاص من مواردهم الخاصة. مباشرة أو عن طريق التغير. طبقاً للقرارات التي تصدر من وزير التجارة.
 (3)قانون. "قانون أصلح". استيراد. عقوبة. "تطبيقها".
القانون رقم 118 لسنة 1975. بما تضمنه من عقوبات. يعتبر أصلح للمتهم من القانون رقم 95 لسنة 1963 في شأن الاستيراد والتصدير.

--------------------
1 - لما كان الثابت أن الدعوى الماثلة قد رفعت من قبل صدور القانون الجديد رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير، ومن ثم فلا يسرى عليهما ما ورد بنص المادة 15 منه من عدم جواز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء في الجرائم المذكورة فيه إلا بناء على طلب كتابي من وزير التجارة أو من يفوضه لما هو مقرر من أحكام المادة الخامسة من قانون العقوبات لا تسرى إلا بالنسبة للمسائل الموضوعية دون القواعد الإجرائية، إذ الأصل أن الإجراء الذي يتم صحيحاً في ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً وخاضعاً لأحكام هذا القانون. ولما كان القانون المطبق رقم 95 لسنة 1963 في شأن تنظيم الاستيراد – الذي يحكم واقعة الدعوى وتم رفعها في ظله – قد خلا من نص مماثل للنص الوارد في المادة 15 من القانون الجديد رقم 118 لسنة 1975 بشأن الطلب المشار إليه، فإن تمسك الطاعن بأحكام هذا النص يكون غير سديد.
2 - أن ما يتحدى به الطاعن من أن السلع التي استوردها مسموحاً للأفراد باستيرادها بعد صدور القانون الجديد، بل ومنذ صدور القانون رقم 137 لسنة 1974 ببعض الأحكام الخاصة بالاستيراد والتصدير والنقد، في غير محله ما دام الحكم قد أثبت – أن فعل الاستيراد قد وقع من الطاعن بقصد الإتجار، ذلك بأنه وإن كان القانون رقم 137 لسنة 1974 الذي لا يزال معمولاً به وقنن الإجراءات التي اتخذت من قبل في سبيل تحقيق سياسة الانفتاح الاقتصادي بصدور قرار وزير المالية رقم 64 لسنة 1974 بشأن تطوير السوق الموازية للنقد الذي بقى بدوره قائماً، وبصدور قراري وزير التجارة الخارجية رقمي 73 لسنة 1974 بالإجراءات التنفيذية لهذا القرار و286 لسنة 1974 بشأن السلع المسموح بتوريدها إلى البلاد تطبيقاً للقرار ذاته – قد أجاز في المادة الأولى منه السماح للأفراد ووحدات القطاع الخاص بالاستيراد من الخارج في نطاق السوق الموازية وفقاً للشروط والأوضاع التي تحددها القواعد المنظمة لها على أن يصدر وزير التجارة قراراً بالقواعد والإجراءات التي تنظم عمليات الاستيراد المشار إليها كما أجاز في الفقرة الأولى من المادة الثانية منه للمصرين الحائزين على موارد بالنقد الأجنبي تدخل في نطاق السوق الموازية أن يقوموا باستخدامها في الاستيراد العيني للسلع التي يصدر بها قرار من وزير المالية والتجارة، إلا أنه لم يبح – لا هو، ولا القانون رقم 118 لسنة 1975 اللاحق عليه – للأفراد استيراد السلع تلقائياً دون طلب، بصفة مطلقة – ولو كان ذلك بقصد الإتجار – ذلك بأن القانون رقم 137 لسنة 1974 لم ينص على إلغاء القانون المطبق رقم 95 لسنة 1963 الذي يؤثم هذا الفعل متى توافر ذلك القصد، وإنما اقتصر على النص في المادة الرابعة منه على إلغاء كل حكم يخالف أحكامه فحسب، ولا يوجد ثمة تعارض بين أحكامه وبين استمرار بقاء الفعل المذكور مؤثماً بالقانون المطبق. يؤيد ذلك أن القانون رقم 118 لسنة 1975 – الذي حل محل القوانين أرقام 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد و202 لسنة 1959 في شأن التصدير و15 لسنة 1963 المطبق – إنما صدر لتأكيد المدى الذي حققته سياسة الانفتاح. بل وللانطلاق إلى الأمام بشكل أكثر مرونة ومع ذلك فقد صرح في الفقرة الأولى من المادة الأولى بأن يكون استيراد احتياجات البلاد السلعية عن طريق القطاعين العام والخاص، وبأن للأفراد حق استيراد احتياجاتهم للاستعمال الشخصي أو الخاص، وذلك مباشرة أو عن طريق الغير على أن يصدر وزير التجارة قراراً بتحديد الإجراءات والقواعد التي تنظم عمليات الاستيراد، وفرض في المادة 15 منه العقاب على مخالفة أحكام المادة الأولى أو القرارات المنفذة لها. وقد تردد هذا المعنى في الباب الأول من اللائحة التنفيذية لهذا القانون – الصادر بها قرار وزير التجارة رقم 1336 لسنة 1975 – التي خصصت في ذلك الباب للاستيراد فصلين رصدت أولهما لعموم استيراد احتياجات البلاد السلعية ونصت فيه على أن تشكل لجنة مشتريات بالوكالة التجارية بشركة مصر للاستيراد والتصدير تختص بالنظر في احتياجات القطاع الخاص والقطاع الحرفي ولجنة مشتريات أخرى بوزارة السياحة تختص بالنظر في احتياجات القطاع الخاص السياحي، وعلى أن تلتزم كافة لجان المشتريات بقيد جميع شركات القطاع العام التجارية بسجلات الموردين، وعلى أن تقدم العطاءات إلى لجان المشتريات المختصة من شركات القطاع العام التجارية أو من وكيل تجاري مصري مقيد بسجل الوكلاء التجاريين أو من شركة قطاع عام مقيدة بالسجل التجاري ومن ضمن نشاطها الاستيراد، وعلى أن تقدم العطاءات الخاصة بالاستيراد بطرق معينة ذكرت تحديداً. بينما عقدت الفصل الثاني من الباب المذكور لخصوص استيراد السلع للاستعمال الشخصي أو الخاص دون الإتجار، وأبانت فيه أن للأفراد استيراد احتياجاتهم للاستعمال الشخصي أو الخاص من مواردهم الخاصة وتفرج عنها الجمارك مباشرة بالشروط المبينة تفصيلاً في المادة 15. ثم أصدر وزير التجارة القرار رقم 227 لسنة 1976 – بناء على كل من القانون رقم 137 لسنة 1974 والقانون رقم 118 لسنة 1975 ولائحته التنفيذية وعلى قرار وزير المالية رقم 64 لسنة 1974، وذلك حسبما يبين من مطالعة ديباجته – ونص في المادة الأولى منه على تشكيل لجنة للبت في توريد البضائع وطلبات الاستيراد، كما نص في الفقرة ( أ ) من المادة الثانية منه على أنه "يجوز للمصرين الحائزين على موارد بالنقد الأجنبي تدخل بطبيعتها ضمن موارد السوق الموازية للنقد أن يقوموا بتحويلها إلى البلاد في شكل عيني فيما عدا السلع المرفقة بالكشف رقم (1)" ثم نص في المادة الثامنة منه على أن "يفرج عن طريق الجمارك مباشرة عن السلع التي ترد طبقاً للمادة (2) فقرة (أ) من هذا القرار التي لا تجاوز قيمتها وقت التعاقد ما يعادل خمسة آلاف جنيه مصري بالعملة الحرة وبالسعر الرسمي بعد اتخاذ الإجراءات الجمركية. وفي حالة تجاوز القيمة المشار إليها يعرض الأمر على اللجنة المشار إليها في المادة (1) من هذا القرار.." وقد وردت هذه النصوص على غرار المواد 1 فقرة (أ) و2 و8 من قرار وزير التجارة السابق رقم 73 لسنة 1974، بل ومع توسع أكثر في أنواع السلع المسموح باستيرادها من الموارد الخاصة، ومؤدى ذلك كله أن الإفراج المباشر عن السلع كان – رغم صدور القرارات الخاصة بتحقيق سياسة الانفتاح الاقتصادي – ولم يزل مقصوراً على حالة استيرادها للاستعمال الشخصي أو الخاص، وأن ذلك لا يتعارض البتة مع حظر استيراد الأفراد للسلع تلقائياً بقصد الإتجار – وهو الفعل المؤثم في القانون المطبق رقم 95 لسنة 1963 كما سلف القول، والذي ظل مؤثماً من بعده كذلك بصريح نصوص القانون رقم 118 لسنة 1975 الذي حل محله ولائحته التنفيذية.
3 - إن العقوبة المقررة في القانون رقم 118 لسنة 1975 للجريمة التي دين بها الطاعن أخف من تلك الواردة بالقانون المطبق رقم 95 لسنة 1963، ذلك بأنها – في المادة الثالثة من القانون المطبق – إنما هي الحبس والغرامة التي لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين علاوة على تعويض لا يقل عن 20% من قيمة المضبوطات ولا يجاوز 50% من قيمتها وعلى الحكم بمصادرة السلع موضوع الجريمة أو بتعويض يعادل ثمنها إذا لم يتيسر مصادرتها بينما هي في المادة 15 من القانون الجديد غرامة – فحسب – لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه علاوة على الحكم بمصادرة السلع موضوع الجريمة، ومن ثم فإن القانون الجديد يعد – من هذه الوجهة فقط – قانوناً أصلح للطاعن، وكان على الحكم المطعون فيه إتباعه دون غيره في هذا الخصوص عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات – لأنه صدر بعد وقوع الفعل وقبل 12 من يونيه سنة 1976 – تاريخ صدور الحكم المطعون فيه – أما والحكم لم يفعل فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه استورد البضائع المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والتي لها الصفة التجارية من خارج جمهورية مصر العربية بقصد الاتجار فيها حالة كون استيراد السلع بقصد الاتجار مقصوراً على شركات القطاع العام أو تلك التي يساهم فيها القطاع العام. وطلبت عقابه بالمواد 5 و13 و121 و122 و124 من القانون رقم 66 لسنة 1962 والمادتين 1 و3 من القانون رقم 95 لسنة 1963 والمادتين 45 و47 من قانون العقوبات. وادعت مصلحة الجمارك مدنياً قبل المتهم بتعويض جمركي. ومحكمة النزهة الجزئية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات بتغريم المتهم خمسمائة جنيه وتعويض جمركي قدره 1193 ج و940 م وتعويض للخزانة قدره 400 ج. عارض، وقضى في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف، ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ....... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. وبتاريخ 27 أبريل سنة 1975 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع (أولاً) بنقض الحكم المطعون فيه وبانقضاء الدعوى الجنائية للتصالح بالنسبة لجريمة الشروع في التهريب موضوع التهمة الأولى (ثانياً) بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لجريمة الاستيراد موضوع التهمة الثانية وإحالة القضية إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت في الدعوى من جديد حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ...... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة استيراد سلع من خارج الجمهورية بقصد الاتجار، قد انطوى على قصور في التسبب وخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن السلع المستوردة تدخل في الحدود المصرح باستيراد السلع فيها للاستعمال الشخصي وفقاً للقرارات الوزارية الصادرة في هذا الشأن – إذ هي زهيدة القيمة وأغلبها من مستلزمات الحياكة التي يمتهنها الطاعن – ومن ثم ينحسر عنه قصد الاتجار. ورغم أن الطاعن قد أوضح مهنته في محضر الضبط وقال أن معظم السلع المستوردة لازمة لعمله كما قدم إلى المحكمة المستندات الخاصة بتلك المهنة، فإن الحكم لم يعن بتمحيص هذا الدفاع ولم يرد عليه بما يفنده. هذا إلى أن القانون الجديد رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير – الذي صدر بعد وقوع الفعل وقبل صدور الحكم المطعون فيه، وحل محل القانون المطبق رقم 95 لسنة 1963 في شأن تنظيم الاستيراد الذي رفعت الدعوى وفقاً لأحكامه – يعد قانوناً أصلح للطاعن من القانون المطبق، في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات، من وجوه (أولها) أنه ورد بنص المادة 15 من القانون الجديد أنه لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء في الجرائم المذكورة فيه إلا بناء على طلب كتابي من وزير التجارة أو من يفوضه، وهو ما لم يتحقق في الدعوى الماثلة (وثانيها) أن السلع التي استوردها الطاعن أصبح مسموحاً للأفراد باستيرادها بعد صدور القانون الجديد بل ومنذ صدور القانون رقم 137 لسنة 1974 ببعض الأحكام الخاصة بالاستيراد والتصدير والنقد (ثالثها) أن العقوبة المقررة في القانون الجديدة للجريمة التي دين بها الطاعن أخف من تلك الواردة بالقانون المطبق.
حيث إن البين من واقع السلع المفصلة بكشف المضبوطات الذي أحال إليه الحكمان، الابتدائي المؤيد لأسبابه والمطعون فيه المكمل له، والمرفق بمحضر ضبط الواقعة في المفردات المضمومة أن ما أورده الحكمان من أن في نوعية هذه السلع التي استوردها الطاعن وكمياتها ما يسبغ عليها صفة الاتجار، إنما هو استخلاص موضوعي سائغ يكفي لإطراح دفاع الطاعن بأن الاستيراد كان بقصد الاستعمال الشخصي أو الخاص دون الاتجار، ويحمل الرد الضمني – في الوقت ذاته على مستنداته الخاصة بمهنته، ما دام الثابت من ذلك الكشف أن تلك السلع قد وردت بأعداد هائلة وأوزان ضخمة والغالب الأهم منها منبت الصلة تماماً بمستلزمات الحياكة التي يمتهنها الطاعن، ومن ثم فإن ما يثيره – سواء بصدد قصد الاتجار أو في خصوص مستنداته سالفة البيان – يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكان الثابت أن الدعوى الماثلة قد رفعت من قبل صدور القانون الجديد رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير، ومن ثم فلا يسرى عليها ما ورد بنص المادة 15 منه من عدم جواز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء في الجرائم المذكورة فيه إلا بناء على طلب كتابي من وزير التجارة أو من يفوضه لما هو مقرر من أن أحكام المادة الخامسة من قانون العقوبات لا تسرى إلا بالنسبة للمسائل الموضوعية دون القواعد الإجرائية، إذ الأصل أن الإجراء الذي يتم صحيحاً في ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً وخاضعاً لأحكام هذا القانون. ولما كان القانون المطبق رقم 95 لسنة 1963 في شأن تنظيم الاستيراد – الذي يحكم واقعة الدعوى وتم رفعها في ظله – قد خلا من نص مماثل للنص الوارد في المادة 15 من القانون الجديد رقم 118 لسنة 1975 بشأن الطلب المشار إليه، فإن تمسك الطاعن بأحكام هذا النص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان ما يتحدى به الطاعن من أن السلع التي استوردها أصبح مسموحاً للأفراد باستيرادها بعد صدور القانون الجديد، بل ومنذ صدور القانون رقم 137 لسنة 1974 ببعض الأحكام الخاصة بالاستيراد والتصدير والنقد، في غير محله ما دام الحكم قد أثبت – على ما سلف القول – إن فعل الاستيراد قد وقع من الطاعن بقصد الاتجار، ذلك بأنه وإن كان القانون رقم 137 لسنة 1974 الذي لا زال معمولاً به وقت الإجراءات التي اتخذت من قبل في سبيل تحقيق سياسة الانفتاح الاقتصادي بصدور قرار وزير المالية رقم 64 لسنة 1974 بشأن تطوير السوق الموازنة للنقد الذي بقى بدوره قائماً، وبصدور قراري وزير التجارة الخارجية رقمي 73 لسنة 1974 بالإجراءات التنفيذية لهذا القرار 286 لسنة 1974 بشأن السلع المسموح بتوريدها إلى البلاد تطبيقاً للقرار ذاته – قد أجاز في المادة الأولى منه السماح للأفراد ووحدات القطاع الخاص بالاستيراد من الخارج في نطاق السوق الموازية وفقاً للشروط والأوضاع التي تحددها القواعد المنظمة لها على أن يصدر وزير التجارة قراراً بالقواعد والإجراءات التي تنظم عمليات الاستيراد المشار إليها كما أجاز في الفقرة الأولى من المادة الثانية منه للمصريين الحائزين على موارد بالنقد الأجنبي تدخل في نطاق السوق الموازية أن يقوموا باستخدامها في الاستيراد العيني للسلع التي يصدر بها قرار من وزيري المالية والتجارة، إلا أنه لم يبح – لا هو، ولا القانون رقم 118 لسنة 1975 اللاحق عليه – للأفراد استيراد السلع تلقائياً دون طلب، بصفة مطلقة – ولو كان ذلك بقصد الاتجار – ذلك بأن القانون رقم 137 لسنة 1974 لم ينص على إلغاء القانون المطبق رقم 25 لسنة 1963 الذي يؤم هذا الفصل متى توافر ذلك القصد، وإنما اقتصر على النص في المادة الرابعة منه على إلغاء كل حكم يخالف أحكامه فحسب ولا يوجد ثمة تعارض بين أحكامه وبين استمرار بقاء الفصل المذكور مؤثماً بالقانون المطبق. يؤيد ذلك أن القانون رقم 118 لسنة 1975 - الذي حل محل القوانين أرقام 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد و203 لسنة 1959 في شأن التصدير و95 لسنة 1963 المطبق – إنما صدر لتأكيد المدى الذي حققته سياسة الانفتاح، بل وللانطلاق إلى الأمام بشكل أكثر مرونة ومع ذلك فقد صرح في الفقرة الأولى من المادة الأولى منه بأن يكون استيراد احتياجات البلاد السلعية عن طريق القطاعين العام والخاص، وبأن للأفراد حق استيراد احتياجاتهم للاستعمال الشخصي أو الخاص من مواردهم الخاصة وذلك مباشرة أو عن طريق الغير على أن يصدر وزير التجارة قراراً بتحديد الإجراءات والقواعد التي تنظم عمليات الاستيراد، وفرض في المادة 15 منه العقاب على مخالفة أحكام المادة الأولى أو القرارات المنفذة لها. وقد تردد هذا المعنى في الباب الأول من اللائحة التنفيذية لهذا القانون – الصادر بها قرار وزير التجارة رقم 1236 لسنة 1975 – التي خصصت في ذلك الباب للاستيراد فصلين وصدرت أولهما لعموم استيراد احتياجات البلاد السلعية ونصت فيه على أن تشكل لجنة مشتريات بالوكالة التجارية بشركة مصر للاستيراد والتصدير تختص بالنظر في احتياجات القطاع الخاص والقطاع الحرفي ولجنة مشتريات أخرى بوزارة السياحة تختص بالنظر في احتياجات القطاع الخاص السياحي، وعلى أن تلتزم كافة لجان المشتريات بقيد جميع شركات القطاع العام التجارية بسجلات الموردين، وعلى أن تقدم العطاءات إلى لجان المشتريات المختصة من شركات القطاع العام التجارية أو من وكيل تجاري مصري مقيد بسجل الوكلاء التجاريين أو من شركة قطاع عام مقيدة بالسجل التجاري ومن ضمن نشاطها الاستيراد، وعلى أن تقدم العطاءات الخاصة بالاستيراد بطرق معينة ذكرت تحديداً، بينما عقدت الفصل الثاني من الباب المذكور بخصوص استيراد السلع للاستعمال الشخصي أو الخاص دون الاتجار، وأبانت فيه أن للأفراد استيراد احتياجاتهم للاستعمال الشخصي أو الخاص من مواردهم الخاصة وتفرج عنها الجمارك مباشرة بالشروط المبينة تفصيلاً في المادة 15، ثم أصدر وزير التجارة القرار رقم 227 لسنة 1976 – بناء على كل من القانون رقم 137 لسنة 1974 والقانون رقم 118 لسنة 1975 ولائحته التنفيذية وعلى قرار وزير المالية رقم 64 لسنة 1974، وذلك حسبما يبين من مطالعة ديباجته – ونص في المادة الأولى منه على تشكيل لجنة للبت في توريد البضائع وطلبات الاستيراد، كما نص في الفقرة (1) من المادة الثانية منه على أنه "يجوز للمصريين الحائزين على موارد بالنقد الأجنبي تدخل بطبيعتها ضمن موارد السوق الموازية للنقد أن يقوموا بتحويلها إلى البلاد في شكل عيني فيما عدا السلع المرفقة بالكشف رقم (1)" ثم نص في المادة الثامنة منه على "أن يفرج عن طريق الجمارك مباشرة عن السلع التي ترد طبقاً للمادة (2) فقرة (أ) من هذا القرار والتي لا تجاوز قيمتها وقت التعاقد ما يعادل خمسة آلاف جنيه مصري بالعملة الحرة وبالسعر الرسمي بعد اتخاذ الإجراءات الجمركية. وفى حالة تجاوز القيمة المشار إليها يعرض الأمر على اللجنة المشار إليها في المادة (1) من هذا القرار......." وقد وردت هذه النصوص على غرار المواد 1 فقرة (أ) و2 و8 من قرار وزير التجارة السابق رقم 73 لسنة 1974، بل ومع توسع أكثر في أنواع السلع المسموح باستيرادها من الموارد الخاصة، ومؤدى ذلك كله أن الإفراج المباشر عن السلع كان – رغم صدور القرارات الخاصة بتحقيق سياسة الانفتاح الاقتصادي – ولم يزل مقصوراً على حالة استيرادها للاستعمال الشخصي أو الخاص، وأن ذلك لا يتعارض البتة مع حظر استيراد الأفراد للسلع تلقائياً بقصد الاتجار – وهو الفعل المؤثم في القانون المطبق رقم 95 لسنة 1963 كما سلف القول، والذي ظل مؤثماً من بعده كذلك بصريح نصوص القانون رقم 118 لسنة 1975 الذي حل محله ولائحته التنفيذية – لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة في القانون الجديد رقم 118 لسنة 1975 للجريمة التي دين بها الطاعن أخف من تلك الواردة بالقانون المطبق رقم 95 لسنة 1963، ذلك بأنها – في المادة الثالثة من القانون المطبق – إنما هي الحبس والغرامة التي لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين علاوة على تعويض لا يقل عن 20% من قيمة المضبوطات ولا يجاوز 50% من قيمتها وعلى الحكم بمصادرة السلع موضوع الجريمة أو بتعويض يعادل ثمنها إذا لم تتيسر مصادرتها، بينما هي في المادة 15 من القانون الجديد غرامة – فحسب – لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه علاوة على الحكم بمصادرة السلع موضوع الجريمة، ومن ثم فإن القانون الجديد يعد – من هذه الوجهة فقط – قانوناً أصلح للطاعن، وكان على الحكم المطعون فيه إتباعه دون غيره في هذا الخصوص – عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات – لأنه صدر بعد وقوع الفعل وقبل 22 من يونيه سنة 1976 - تاريخ صدور الحكم المطعون فيه – أما والحكم لم يفعل فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ومن ثم يتعين نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه – بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من غرامة ومصادرة وبإلغائه فيما عدا ذلك – دون تحديد جلسة لنظر الموضوع وإن كان الطعن لثاني مرة، ما دام العوار الذي شاب الحكم المطعون فيه مقصوراً على ذلك الخطأ.


الثلاثاء، 31 مارس 2020

الطعن 978 لسنة 46 ق جلسة 22 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ق 208 ص 919


جلسة 22 من نوفمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار حسن على المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صلاح الدين الرشيدي، وقصدي إسكندر عزت، وإسماعيل محمود حفيظ، ومحمد صفوت القاضي.
--------------
(208)
الطعن رقم 978 لسنة 46 القضائية

شيك بدون رصيد. دفوع. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".  حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
دفع الطاعنة بجهلها القراءة والكتابة وأن المستفيد استوقعها على ورقة لا تدري ماهيتها. دفاع جوهري. على المحكمة أن تتعرض له إيرادا وردا.

--------------
إن دفاع الطاعنة بجهلها القراءة والكتابة وأن المستفيد استوقعها على ورقة لا تدري ماهيتها يعد في خصوص دعوى إصدارها شيك بدون رصيد هاما وجوهريا لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئوليتها الجنائية، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعرض له استقلالا وأن تستظهر هذا الدفاع وأن تمحص عناصره كشفا لمدى صدقه وأن ترد عليه بما يدفعه أن ارتأت إطراحه - أما وقد أمسكت عن ذلك، فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور في التسبيب فضلا عن الإخلال بحق الدفاع وهو ما يعيب الحكم.


الوقائع
أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة قسم المنصورة ضد الطاعنة متهما إياها بأنها بدائرة قسم أول المنصورة أعطت له بسوء نية شيكا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابها طبقا للمادة 237 من قانون العقوبات مع إلزامهما بأن تدفع له مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت في الدعوى حضوريا عملا بمادتي الاتهام بحبس المتهمة أسبوعا واحدا مع الشغل وكفالة 2 ج لوقف التنفيذ واعتبار المدعى بالحقوق المدنية تاركا لدعواه المدنية مع إلزامه مصروفاتها. فاستأنف كل من المتهمة والمدعى المدني الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الدعوى حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الجنائية وإلغائه فيما قضى به بشأن الدعوى المدنية وإعادة هذه الدعوى الأخيرة لمحكمة أول درجة للفصل في موضوعها. فطعن الأستاذ .... نائبا عن الأستاذ ..... المحامي عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.

المحكمة
حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب قد شابه قصور في التسبيب ذلك بأن دفاع الطاعنة قام على أن المجنى عليه - المستفيد - استغل جهلها بالقراءة والكتابة واستوقعها على ورقة دون أن تدرى ماهيتها وصدر الحكم المطعون فيه دون أن يرد على هذا الدفاع مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه حصل دفاع الطاعنة الذى تشير إليه في طعنها بقوله: "وحيث إنه بجلسة 7/ 4/ 1974 مثلت المتهمة والمدعى بالحق المدني ودفع الحاضر مع المتهمة....... بأنها لا تعرف القراءة والكتابة...... وبعرض الشيك عليها، قررت أن التوقيع المنسوب لها عليه هو توقيعها وأن المدعى بالحق المدني كان خطيبها ولم يعقد قرانه عليها وقدمت صورة فوتوغرافية بتنازل عن أثاث مؤرخة 24/ 7/ 1973" ثم انتهى إلى تأييد الحكم الصادر من محكمة أول درجة في شقه الجنائي الذى دان الطاعنة أخذا بأسبابه، دون أن يعرض لدفاع الطاعنة، لما كان ذلك وكان هذا الدفاع يعد في خصوص الدعوى المطروحة هاما وجوهريا، لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئوليتها الجنائية، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعرض له استقلالا وأن تستظهر هذا الدفاع وأن تمحص عناصره كشفا لمدى صدقه وأن ترد عليه بما يدفعه أن ارتأت إطراحه - أما وقد أمسكت عن ذلك، فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور في التسبيب فضلا عن الإخلال بحق الدفاع وهو ما يعيب الحكم. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة إلى بحث سائر ما تثيره الطاعنة في أوجه طعنها.

الطعن 882 لسنة 46 ق جلسة 26 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 223 ص 991


جلسة 26 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، ومحمد محمد وهبة، وأحمد طاهر خليل، ومحمد فاروق راتب.
---------------
(223)
الطعن رقم 882 لسنة 46 القضائية

إثبات. "خبرة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". قتل عمد.
منازعة المتهم في قدرة المجنى عليه على الجري والنطق. عقب إصابته بطلق ناري مزق القلب. مسألة فنية بحت ودفاع جوهري. وجوب تحقيقها عن طريق المختص فنيا. مخالفة ذلك. إخلال بحق الدفاع.

-----------
لما كان الدفاع الذى أبداه الطاعن حول قدرة المجنى عليه على الجري والنطق عقب إصابته بالمقذوف الناري الذي مزق القلب يعد دفاعا جوهريا في صورة الدعوى ومؤثرا في مصيرها إذ قد يترتب على تحقيقه تغيير وجه الرأي فيها، وهو يعد من المسائل الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة أن تشق طريقها إليها بنفسها لإبداء الرأي فيها، فقد كان يتعين عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل لتحقيقها بلوغا إلى غاية الأمر فيها، وذلك عن طريق المختص وهو الطبيب الشرعي، أما وهي لم تفعل فإنها تكون قد أحلت نفسها محل الخبير الفني في مسألة فنية. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ رفض إجابة الطاعن إلى طلبه تحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق الخبير الفني، واستند في الوقت نفسه إلى أقوال شاهدي الإثبات التي يعارضها الطاعن ويطلب تحقيق دفاعه في شأنها للقطع بحقيقة الأمر فيها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انطوى على إخلال بحق الدفاع، فضلا عما شابه من قصور مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز فوة محافظة كفر الشيخ. (أولا) قتل...... عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحا ناريا (مسدس) وترصده في الطريق الموصل إلى منزله والذى أيقن مروره في مثل هذا الوقت من النهار حتى إذا ما ظفر به أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، (ثانيا) أحرز سلاحا ناريا (مسدس) مششخنا بدون ترخيص وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا، (ثالثا) أحرز ذخيرة (طلقة) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصا له في حيازته أو إحرازه، وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و6 و26/ 2 و4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند 1 من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق به. فقرر ذلك، وادعى والد المجنى عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ 250 ج على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضوريا عملا بالمواد 230 و231 و232 و32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبه المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ 250 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمه القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعن نفى صلته بالواقعة وأثار الدفاع عنه أمام محكمة الموضوع أن الحادث لم يقع على الصورة التي رواها شاهدا الإثبات إذ يكذبهما أن المجنى عليه وقد أصابه المقذوف الناري في القلب كما أورى تقرير الصفة التشريحية لم يكن في استطاعته أن يجرى ويستغيث حسبما شهد الشاهدان، وطلب تحقيقا لهذا الدفاع مناقشة الطبيب الشرعي في قدرة المجنى عليه على الجري والنطق عقب إصابته ورغم جوهرية هذا الدفاع فإن المحكمة لم تستجب إلى هذا الطلب بقالة عدم لزومه لأنها اقتنعت بصحة رواية الشاهدين من أن المجنى عليه عقب إصابته تسنى له الجري والنطق، وهو ما لا يصلح ردا، فضلا عن أن المحكمة بذلك تكون قد أبدت الرأي في دليل لم يعرض عليها وأحلت نفسها محل الخبير في مسألة فنية بحت، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أنكر التهمة المسندة إليه وأن المدافع عنه قد تمسك بكذب شاهدي الإثبات فيما قرراه من أن الطاعن أطلق عيارا ناريا من مسدسه على المجنى عليه وأن الأخير عقب إصابته تسنى له الجري والاستغاثة، إذ أورى تقرير الصفة التشريحية أن المقذوف الناري أصاب القلب وأحدث تهتكا به مما يستحيل معه على المجنى عليه الجري أو الاستغاثة عقب إصابته، وطلب تحقيقا لدفاعه مناقشة الطبيب الشرعي في قدرة المجنى عليه على الحركة والنطق عقب إصابته، كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن بادر المجنى عليه بطلق ناري أحدث به إصابة نارية أحدثت تهتكا برئته اليمنى وبجزء من القلب وتهتك بالفص الأيسر للكبد نشأت عنها المضاعفات التي أودت بحياته، وقد قضت المحكمة بإدانة الطاعن معتمدة في ذلك على أقوال شاهدي الإثبات التي ينازع الطاعن في صحتها ورفضت تحقيق دفاع الطاعن في هذا الصدد بقولها "أما عن طلب استيضاحه أي الطبيب الشرعي - في إمكان الجري أو الحديث بعد إصابته - تقصد المجنى عليه - فهو أمر ترى المحكمة بشأنه أن أقوال الشاهدين المذكورين كافية في عقيدتها أخذا منها بما شهدا به أن المجنى عليه فور إصابته بالطلق الناري يتسنى له الجري على مسافة أو النطق بأي استغاثة". ولما كان مفاد ما تقدم أن محامى الطاعن قد تمسك بكذب شاهدي الإثبات فيما قرراه من رؤيتهما الطاعن يطلق العيار الناري على المجنى عليه وأن الأخير عقب إصابته بالمقذوف الناري جرى واستغاث، وطلب تحقيق هذا الدفاع عن طريق الخبير الفني. لما كان ذلك، وكان الدفاع الذى أبداه الطاعن حول قدره المجنى عليه على الجري والنطق عقب إصابته بالمقذوف الناري الذى مزق القلب يعد دفاعا جوهريا في صورة الدعوى ومؤثرا في مصيرها إذ قد يترتب على تحقيقه تغيير وجه الرأي فيها، وهو يعد من المسائل الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة أن تشق طريقها إليها بنفسها لإبداء الرأي، فقد كان يتعين عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل لتحقيقها بلوغا إلى غاية الأمر فيها، وذلك عن طريق المختص فنيا وهو الطبيب الشرعي، أما وهى لم تفعل فإنها تكون قد أحلت نفسها محل الخبير الفني في مسألة فنية. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ رفض إجابة الطاعن إلى طلبه تحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق الخبير الفني، واستند في الوقت نفسه إلى أقوال شاهدي الإثبات التي يعارضها الطاعن ويطلب تحقيق دفاعه في شأنها للقطع بحقيقة الأمر فيها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انطوى على إخلال بحق الدفاع فضلا عما شابه من قصور مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 876 لسنة 46 ق جلسة 26 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 222 ص 987


جلسة 26 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، وأحمد على موسى، ومحمد وجدى عبد الصمد، ومحمد فاروق راتب.
-------------
(222)
الطعن رقم 876 لسنة 46 القضائية

حكم "حجية. إثبات". قرائن قانونية. قوة الأمر المقضي". قوة الأمر المقضي. تبديد. اختلاس أشياء محجوزة. جريمة. "أركانها".
حجية الأحكام. رهن باتحاد الخصوم والموضوع والسبب.
متى يتوافر اتحاد السبب ؟
كون الواقعة الثانية من نوع الأولى أو تتخذ معها في الوصف. أو أن كلتاهما حلقة من سلسة وقائع متماثلة. لا تتحقق به وحدة السبب.
متى تتم جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة ؟

----------------
من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلا للحكم السابق ولا يكفى القول بوحدة السبب في الدعويين أن تكون الواقعة الثانية من نوع الواقعة الأولى أو أن تتحد معها في الوصف القانوني أو أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من سلسلة وقائع متماثلة ارتكبها المتهم لغرض واحد إذا كان لكل واقعة من هاتين الواقعتين ذاتية خاصة وظروف خاصة تتحقق بها المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل منها. ولما كانت جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة تتم بمجرد عدم تقديم هذه الأشياء ممن هي في عهدته إلى المكلف ببيعها في اليوم المحدد للبيع بقصد عرقلة التنفيذ وذلك لما ينطوي عليه هذا الفعل من الإضرار بمصلحة الدائن الحاجز ومن مخالفة لواجب الاحترام لأوامر السلطة التي أوقعته، وكان لا يشترط لقيام جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة أن يبددها الحارس أو يتصرف فيها بل يكفي أن يمتنع عن تقديمها يوم البيع أو الإرشاد عنها بقصد عرقلة التنفيذ إضرارا بالدائن الحاجز، وإذ كان البين من مطالعة الأورق والحكم المطعون فيه موضوع الجنحة رقم 99 لسنة 1973 كفر الدوار السابق الحكم فيها بمعاقبة المطعون ضده بالحبس مع الشغل لمدة هو تبديده لبقرة توقع الحجز عليها في 1/ 8/ 1972 وتمت الجريمة بمجرد امتناعه عن تقديمها في يوم 27/ 11/ 1972 المحدد لبيعها بقصد عرقلة التنفيذ، في حين أن موضوع الدعوى المطروحة هو تبديد لبقرة توقع عليها حجزا آخر في 21/ 6/ 1973 - بعد تمام الجريمة الأولى - وحدد لبيعها يوم 10/ 9/ 1973 وهي من ثم واقعة مغايرة تماما لتلك التي كانت محلا للحكم السابق صدوره في الجنحة رقم 99 لسنة 1973 آنفة البيان، ولا يقدح في ذلك أن تكون الواقعة الثانية موضوع الدعوى الحالية من نوع الواقعة الأولى واتحدت معها في الوصف القانوني ما دام الثابت أن لكل من الواقعتين ذاتية خاصة وظروف خاصة، ووقعت كل منها بناء على نشاط إجرامي خاص بما يتحقق معه المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل من الدعوى السابق الحكم فيها والدعوى المطروحة مما لا يجوز معه الحكم السابق حجيته في الواقعة الجديدة محل الدعوى المنظورة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدائرة مركز كفر الدوار: بدد الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمحجوز عليها قضائيا لصالح ورثة.... والتي سلمت إليه على سبيل الوديعة لتقديمها في اليوم المحدد للبيع فاختلسها لنفسه إضرارا بالدائنين الحاجزين. وطلبت معاقبته بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات ومحكمة جنح كفر الدوار الجزئية قضت غيابيا عملا بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف. ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.

المحكمة
حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى - في موضوع جريمة اختلاس المحجوزات المسندة إلى المطعون ضده - بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها قد شابه فساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أسس قضاءه على أنه سبق الحكم بإدانة المطعون ضده في الجنحة رقم 99 لسنة 1973 مركز كفر الدوار واستئنافها رقم 552 لسنة 1974 مستأنف دمنهور بجريمه تبديد ذات البقرة المحجوز عليها في حين أن واقعة التبديد محل الدعوى المماثلة الحاصلة في 10 سبتمبر سنة 1973 مغايرة لتلك الحاصلة في 27 نوفمبر سنة 1972 موضوع الدعوى الأولى، وليس ثمة ما يحول دون حيازة المطعون ضده لأكثر من بقرة.
وحيث أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بمعاقبة المطعون ضده بالحبس مع الشغل لمدة شهر في الجنحة رقم 99 لسنة 1973 مركز كفر الدوار تأسيسا على أن البقرة المحجوزة عليها في الدعوى المماثلة هي ذات البقرة محل التبديد في الدعوى الأولى لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلا للحكم السابق ولا يكفى للقول بوحدة السبب في الدعويين أن تكون الواقعة الثانية من نوع الواقعة الأولى أو أن تتحد معها في الوصف القانوني أو أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من سلسلة وقائع متماثلة ارتكبها المتهم لغرض واحد إذا كان لكل واقعة من هاتين الواقعتين ذاتية خاصة وظروف خاصة تتحقق بها المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل منها. ولما كانت جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة تتم بمجرد عدم تقديم هذه الأشياء ممن هي في عهدته إلى المكلف ببيعها في اليوم المحدد للبيع بقصد عرقلة التنفيذ وذلك لما ينطوي عليه هذا الفعل من الإضرار بمصلحة الدائن الحاجز ومن مخالفة لواجب الاحترام لأوامر السلطة التي أوقعته، وكان لا يشترط لقيام جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة أن يبددها الحارس أو يتصرف فيها بل يكفى أن يمتنع عن تقديمها يوم البيع أو الإرشاد عنها بقصد عرقلة التنفيذ إضرارا بالدائن الحاجز، وإذ كان البين من مطالعة الأوراق والحكم المطعون فيه موضوع الجنحة رقم 99 لسنة 1973 كفر الدوار السابق الحكم فيها بمعاقبة المطعون ضده بالحبس مع الشغل لمدة هو تبديده لبقرة توقع عليها الحجز عليها في 1/ 8/ 1972 وتمت الجريمة بمجرد امتناعه عن تقديمها في يوم 27/ 11/ 1972 المحدد لبيعها بقصد عرقلة التنفيذ، في حين أن موضوع الدعوى المطروحة هو تبديده لبقرة توقع عليها حجزا آخر في 21/ 6/ 1973 - بعد تمام الجريمة الأولى - وحدد لبيعها يوم 10/ 9/ 1973 وهى من ثم واقعة مغايرة تماما لتلك التي كانت محلا للحكم السابق صدوره في الجنحة رقم 99 لسنة 1973 آنفة البيان، ولا يقدح في ذلك أن تكون الواقعة الثانية موضوع الدعوى الحالية من نوع الواقعة الأولى واتحدت معها في الوصف القانوني ما دام الثابت أن لكل من الواقعتين ذاتية خاصة وظروف خاصة ووقعت كل منها بناء على نشاط إجرامي خاص بما يتحقق معه المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل من الدعوى السابق الحكم فيها والدعوى المطروحة مما لا يجوز معه الحكم السابق حجيته في الواقعة الجديدة محل الدعوى المنظورة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن بحث موضوع الدعوى فيتعين نقضه والإحالة.

الطعن 873 لسنة 46 ق جلسة 26 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 221 ص 982

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة ومحمد محمد وهبة، وأحمد على موسى، ومحمد وجدي عبد الصمد.
-------------
(221)
الطعن رقم 873 لسنة 46 القضائية
 (1)محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص صورة الدعوى". 
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة، واطراح ما يخالفها من صور. ما دام استخلاصها سائغا.
(2) إثبات. "شهادة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
 (3)إثبات. "معاينة". دعوى جنائية. "نظرها والحكم فيها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته. هو الطلب الجازم.
متى يعد الطلب جازما ؟
طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفى الفعل أو إثبات استحالة حصوله. عدم التزام المحكمة بإجابته.
(4) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام". معاينة. "نقض". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعويل الحكم على الرسم التخطيطي لمكان الضبط. لا يعيبه. متى كان المتهم لم يجحد صدوره من سلطة التحقيق.
منازعة المتهم في صدور الرسم التخطيطي من سلطة التحقيق. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
--------------
1 - الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
2 - وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب.
3 - لما كان ما يثيره الطاعن في شأن إطراح الحكم لطلب المعاينة مردودا بأن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن وإن أبدى هذا الطلب في مستهل مرافعته إلى أنه لم يصر عليه في ختام المرافعة ولم يضمنه طلباته الختامية، فلا على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الطلب دون أن تطمئن حكمها ردها عليه، لما هو مقرر أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقر سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، ومع هذا فإن طلب المعاينة في صورة الدعوى لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشاهد، وإنما المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذى اطمأنت إليه المحكمة، ومن ثم فإن هذا الطلب يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته.
4 - لما كان الطاعن لم يجحد أمام محكمة الموضوع صدور الرسم التخطيطي لمكان الضبط من سلطة التحقيق ولا تثريب على المحكمة إن هي عولت عليه في قضائها، وكان منعى الطاعن في هذا الصدد وبخلو التحقيقات من محضر المعاينة إنما ينطوي على تعييب الإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم وكان الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة بطلب إجراء تحقيق معين في هذا السبيل فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك أمام محكمة النقض.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة بأنه بدائرة مركز دمنهور محافظة البحيرة أحرز بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهرا مخدرا (حشيشا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1/ 1 و2 و37 أو 38 أو42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم (1) الملحق. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه هو أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عن الطاعن أثار في مرافعته استحالة حدوث الواقعة على الصورة التي رواها الضابط شاهد الإثبات لوجود منخفض بعمق مترين على حافة الجسر الترابي للطريق مباشرة مما يستحيل معه استقرار كيس المخدر على أرض الطريق عند إلقاء الطاعن له من نافذة السيارة وهو ما يكذب رؤية الشاهد للكيس مستقرا على الأرض، وطلب تحقيقا لذلك إجراء معاينة لمكان الضبط، إلا أن المحكمة لم تستجب إلى هذا الطلب وأطرحت دفاع الطاعن بما لا يسوغ إطراحه إذا استندت إلى الرسم التخطيطي لمكان الضبط المرفق بالأوراق مع عدم صلاحيته لخلوه مما يشير إلى إجرائه بمعرفة سلطة التحقيق وخلو الأوراق من محضر معاينة يوضح مكان ضبط المخدر ومكان وقوف الضابط والسيارة وبعدها من حافة الطريق مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدر التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، عرض لدفاع الطاعن الوارد بوجه الطعن وأطرحه استنادا إلى أن الثابت من الرسم التخطيطي لمكان الضبط الذى أجرته سلطة التحقيق أن عرض الطريق ستة أمتار وأن هناك جسرا ترابيا على حافتي الطريق حوالى 70 سم لكل ناحية وأن هذا الاتساع يسمح بوقوف السيارة وباستقرار كيس المخدر عند إلقائه منها بالصورة التي رواها الضابط، لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب طالما أنها تناولت دفاعه وردت عليه ردا سليما يسوغ به إطراحه. لما كان ذلك،
وكان ما يثيره الطاعن في شأن إطراح الحكم لطلب المعاينة مردودا بأن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن وإن أبدى هذا الطلب في مستهل مرافعته إلى أنه لم يصر عليه في ختام المرافعة ولم يضمنه طلباته الختامية، فلا على المحكمة إن هى التفتت عن هذا الطلب دون أن تضمن حكمها ردها عليه، لما هو مقرر من أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، ومع هذا فإن طلب المعاينة في صورة الدعوى لا يتجه إلى نفى الفصل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشاهد، وإنما المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذى اطمأنت إليه المحكمة، ومن ثم فإن هذا الطلب يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يجحد أمام محكمة الموضوع صدور الرسم التخطيطي لمكان الضبط من سلطة التحقيق ولا تثريب على المحكمة إن هي عولت عليه في قضائها، وكان منعى الطاعن في هذا الصدد وبخلو التحقيقات من محضر المعاينة إنما ينطوي على تعييب للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم، وكان الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة بطلب إجراء تحقيق معين في هذا السبيل فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 869 لسنة 46 ق جلسة 26 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 220 ص 978


جلسة 26 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، ومحمد محمد وهبة، وأحمد طاهر خليل، ومحمد وجدى عبد الصمد.
---------------
(220)
الطعن رقم 869 لسنة 46 القضائية

 (1)استدلالات. تفتيش "التفتيش بإذن". إذن التفتيش. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات المسوغة لإصدار إذن التفتيش لسلطة التحقيق. تحت إشراف محكمة الموضوع.
ورود خطأ في محضر التحريات. بخصوص اسم الشارع الذى به مسكن المتهم لا ينال بذاته جدية التحريات.
(2) تحقيق "التحقيق بمعرفة المحكمة" دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". ما لا يوفره. دعوى. "نظرها والحكم فيها". إثبات "معاينة".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلبات التحقيق. متى كانت غير منتجة أو كانت الواقعة قد وضحت لديها.
طلب إجراء المعاينة الذى لا يتجه إلى نفى الفعل أو استحالة حصوله. دفاع موضوعي. لا تلتزم المحكمة بإجابته.

-----------
1 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن مؤدى دفاع الطاعن هو النعي بعدم جدية التحريات التي صدر بمقتضاها إذن النيابة بتفتيش مسكنه، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان مجرد الخطأ في ذكر اسم الشارع الذى يقع به مسكن الطاعن في محضر التحريات لا يقطع بذاته في عدم جدية ما تضمنه من تحر.
2 - من المقرر أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة. وإذ عرض الحكم لدفاع الطاعن بشأن طلب إجراء معاينة لمكان الحادث وأطرحه للأسباب التي يستقيم بها إطراحه له، وكان هذا الدفاع لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة فإنه يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم شبرا محافظة القاهرة: حاز بقصد الإتجار جوهرين مخدرين (أفيونا وحشيشا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمواد 1/ 1 و2 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول (1) المرفق بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة عشر سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن حيازته للمخدر كان بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة حيازة جوهرين مخدرين قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الطاعن أقام دفاعه على أن التفتيش وقع على مسكن خلاف ذلك الموضح بمحضر التحريات والذى انصب عليه أمر التفتيش وطلب من المحكمة إجراء معاينة للتحقق من ذلك إلا أنها استدلت على إقامة الطاعن بالمسكن الذى تم تفتيشه من إيصال ضبط فيه يفيد ذلك حالة أن العنوان الموضح بذلك الإيصال ينصرف إلى محل لزوجة الطاعن وأن المعاينة التي أجرتها النيابة كشفت عن اختلاف العنوانين، ولم تستجب المحكمة إلى هذا الطلب مع جوهرية هذا الدفاع لما قد يترتب على تحقيقه من بطلان التفتيش وانعدام الدليل المستمد منه وأطرحته باستدلال غير سائغ يجعل حكمها معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها "تتلخص في أنه وصل إلى علم النقيب ..... معاون قسم مكافحة المخدرات أن المتهم يتجر في المواد المخدرة ولما استوثق من ذلك رفع محضرا بما تقدم للنيابة العامة التي أذنت بتفتيش شخص ومسكن المتهم لضبط جواهر مخدرة.. وإعمالا لمقتضى هذا الإذن انتقل في الساعة التاسعة من مساء نفس اليوم إلى مسكن المتهم حيث وجد بابه مفتوحا وبدخوله الشقة وجد المأذون بتفتيشه بحجرة النوم فأجرى ضبطه وبتفتيشه عثر معه على مبلغ من النقود وبتفتيش النوم عثر بداخل الدولاب الخشبي بالضلفة الوسطى على حقيبة من النايلون بداخلها تسع طرب من الحشيش بلغ وزنها 2340 جراما ولفافة كبيرة من الورق الأبيض بداخلها قطعة من الأفيون بلغ وزنها 830 جراما كما عثر بالشقة على إيصال ثابت به أن المتهم المقيم بالعنوان الصادر به إذن التفتيش قد سلم آخر مبلغ ثلاثة جنيهات"، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها مستمدة من أقوال معاون قسم مكافحة المخدرات ومن تقرير التحليل. ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن في شأن طلب إجراء معاينة لمكان الضبط لإثبات أنه يخالف المسكن الذى صدر به إذن التفتيش وأطرحه بقوله "أن المحكمة ترى أن إجراء معاينة بعد مرور عدة سنوات على وقوع الحادث لمعرفة حقيقة سكن المتهم كما يقرر الدفاع أمر غير مجد كما أم الثابت من التحقيق أن النيابة العامة قد أجرت المعاينة المطلوبة وأن الثابت للمحكمة من الإيصال الذى عثر عليه بمسكن المتهم أن الأخير يقيم بالعنوان الذى وقع به التفتيش وضبط به المخدر وأن المتهم هو المقصود بالتحريات والضبط". لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن مؤدى دفاع الطاعن هو النعي بعدم جدية التحريات التي صدر بمقتضاها إذن النيابة بتفتيش مسكنه. وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان مجرد الخطأ في ذكر اسم الشارع الذى يقع به مسكن الطاعن في محضر التحريات لا يقطع بذاته في عدم جدية ما تضمنه من تحر - لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة. وإذ عرض الحكم لدفاع الطاعن بشأن طلب إجراء معاينة لمكان الحادث وأطرحه للأسباب المتقدم بيانها والتي يستقيم بها إطراحه له، وكان هذا الدفاع لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة فإنه يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته - لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 863 لسنة 46 ق جلسة 20 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 219 ص 975


جلسة 20 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار حسن على المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إسماعيل محمود حفيظ، والسيد مصري شرعان، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد على بليغ.
---------------
(219)
الطعن رقم 863 لسنة 46 القضائية

رعى ماشية. صيد أسماك. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم جواز استغلال جزر البحيرات ومراحاتها في رعي الماشية أو صيد الطيور إلا بترخيص من المؤسسة المصرية للثروة المائية المادة 14 من القانون 140 لسنة 1960.
عدم بيان الحكم لأركان الجريمة على هذا الأساس والاكتفاء بأن التهمة ثابتة قصور.

-------------------
البين من القانون رقم 140 سنة 1960 في شأن صيد الأسماك المعدل بالقانون رقم 46 سنة 1966 أنه حظر - في الفقرة الأولى من المادة 14 منه - إنشاء الجسور والسدود بالبحيرات وشواطئها أو تسوية أية مساحة مائية منها بأي ارتفاع إلا بترخيص من المؤسسة المصرية العامة للثروة المائية كما أنه حظر - في الفقرة الأخيرة - استغلال جزر البحيرات ومراحاتها في رعى الماشية أو صيد الطيور إلا بترخيص من المؤسسة سالفة الذكر في حدود الاختصاصات المخولة لها ومؤدى ذلك أنه اقتصر على تأثيم رعى الماشية في جزر البحيرات ومراحاتها دون ترخيص. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها وأن يبين مؤداها بيانا كافيا يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يورد الواقعة وأدلة الثبوت التي يقوم عليها قضاؤها ومؤدى كل منها في بيان كاف يكشف عن مدى تأييده واقعة الدعوى فإنه يكون مشوبا بالقصور.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 - ..... و2 - ..... (الطاعن) و3 - ..... بأنهم بدائرة قسم المطرية محافظة الدقهلية أنشأوا حوشا وسدود لصيد السمك وتربية المواشي على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابهم بالمواد 1 و14 و16 و17 من القانون رقم 144 سنة 1960 المعدل بالقانون رقم 46 سنة 1966 فقرر ذلك. ومحكمة المطرية الجزئية قضت في الدعوى غيابيا عملا بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين خمسة جنيهات عن كل متر من السد أو الجسر وخمسين جنيها عن كل رأس للماشية ومصادرة المراكب وأدوات الصيد والماشية والأسماك المضبوطة وإزالة المخلفات على نفقة المتهمين فعارضوا وقضى في معارضتهم باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف المتهمون الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية بهيئة استئنافية قضت في الدعوى حضوريا بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم الأول 250 ج والمتهم الثاني 600 ج والمتهم الثالث 100 ج ومصادرة جميع المضبوطات. فطعن الأستاذ .... المحامي عن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة رعى الماشية في حوشه بغير ترخيص قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن المادة 14 من قانون صيد السمك حظرت رعى الماشية في جزر البحيرات وليس في الحوش التي ورد الحظر فقط على الصيد فيها مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من القانون رقم 140 سنة 1960 في شأن صيد الأسماك المعدل بالقانون رقم 46 سنة 1966 أنه حظر - في الفقرة الأولى من المادة 14 منه - إنشاء الجسور والسدود بالبحيرات وشواطئها أو تسوية أية مساحة مائية منها بأي ارتفاع إلا بترخيص من المؤسسة المصرية العامة للثروة المائية كما أنه حظر - في الفقرة الأخيرة - استغلال جزر البحيرات ومراحاتها في رعى الماشية أو صيد الطيور إلا بترخيص من المؤسسة سالفة الذكر في حدود الاختصاصات المخولة لها ومؤدى ذلك أنه اقتصر على تأثيم رعى الماشية في جزر البحيرات ومراحاتها دون ترخيص، لما كان ذلك. وكان الحكم الابتدائي الذى أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه - اكتفى بنقل وصف التهمة المسندة إلى الطاعن وآخرين من رعيهم - ماشية على النحو المبين بالمحضر وإستطرد بعد ذلك مباشرة إلى القول بأن التهمة ثابتة قبل المتهمين ويتعين عقابهم طبقا لمواد الاتهام وأضاف الحكم المطعون فيه أنه قد ثبت في حقهم رعيهم الماشية بمنطقة الضبط بعد أن نفى مسئوليتهم عن إنشاء الدش دون أن يبين ماهية مكان الضبط وماذا كان يعد من جزر البحيرات ومراحاتها، لما كان ذلك. وكان الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها وأن يبين مؤداها بيانا كافيا يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يورد الواقعة وأدلة الثبوت التي يقوم عليها قضاؤها ومؤدى كل منها في بيان كاف يكشف عن مدى تأييده واقعة الدعوى فإنه يكون مشوبا بالقصور الذى له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون وهو ما يتسع له وجه الطعن مما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقا صحيحا على واقعة الدعوى وتقول كلمتها في شأن ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه، لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث الوجه الآخر من الطعن، لما كان ذلك. وكان هذا الوجه الذى بنى عليه النقض والإحالة بالنسبة إلى الطاعن يتصل بالمتهمين الآخرين الذين لم يقررا بالطعن، فإنه يتعين كذلك نقض الحكم بالنسبة إليهما وذلك عملا بالمادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 195