باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية
دائرة الثلاثاء (ج) المدنية
===
برئاسة السيد القاض/ محسن فضلي نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة/ سالم سرور، سامح إبراهيم
حسن إسماعيل "نواب رئيس المحكمة"
وفتحي مهران.
بحضور السيد رئيس النيابة/ محمد حمدي عبد الرحمن.
وحضور السيد أمين السر/ أحمد الجنايني.
---------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن المطعون ضده الأول في الطعون الثلاثة أقام على الطاعنين والمطعون ضدهم
في ذات الطعون الدعوى رقم ... لسنة 2009 محكمة ... الابتدائية بطلب الحكم - وفقا
لطلباته الختامية - بصورية عقدي البيع المسجلين برقمي ...، .... لسنة 2009 شهر
عقاري .... صورية مطلقة واعتبارهما كأن لم يكونا ومحو تسجليهما بالشهر العقاري
وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 9/2/2009 والمتضمن بيع المطعون ضدهما الثالثة
والرابعة في الطعون الثلاثة إلى الطاعن في الطعن الأول (المطعون ضده الثاني في
الطعنين الثاني والثالث) - بصفته وكيلا مسخرا عنه - الأرض المبينة بالعقد، وقال
بيانا لذلك إن الطاعن في الطعن الأول بصفته وكيلا عنه اشترى له - ولكن باسم الوكيل
- من المطعون ضدها الثالثة والرابعة بموجب العقد المؤرخ 9/2/2009 أرضا زراعية
مساحتها فدانا وثمانية قراريط وسبعة عشر سهما وأدى ثمنها من مال الأصيل وحررت
البائعتان لوكيله توكيلين عامين يبيحان أحدهما البيع للغير وثانيهما البيع للغير
والنفس، وعقب عودته من الخارج حرر له الطاعن (وكيله) عقد بيع بتاريخ 10/3/2009
لتلك الأرض بمساحة فدان وستة قراريط وأربعة عشر سهما، مستقطعا منها مساحة 381.5
مترا مربعا باعها الطاعن لآخرين لحساب المطعون ضده الأول متفقا معهما أنه في حالة
عدم سداد ثمنها في ميعاد معين فإن المساحة تعود إليه، وهو ما حدث بالفعل وحرر له
الطاعن إقرارا بتاريخ 16/3/2009 يفيد أن المساحة الواردة بالعقد المؤرخ 9/2/2009
مشتراه لصالحه وعليه اسم لوكيله عقدي البيع المؤرخين 9/2/10، 2009/3/2009 لاتخاذ
إجراءات شهرهما إلا أنه فوجئ بتواطئ وكيله مع البائعتين (المطعون ضدهما الثالثة
والرابعة) بأن باعتا إلى زوجته (الطاعنة في الطعن الثالث) مساحة ثلاثة قراريط من
المساحة المباعة له - تمثل واجهة الأرض - وصدق وكيله على ذلك العقد عند تسجيله
بالمشهر رقم 651 لسنة 2009 بموجب أحد التوكيلين الصادرين له من البائعتين، وعقب
ذلك باعت زوجته تلك المساحة إلى الطاعن في الطعن الثاني (المطعون ضده الخامس في
الطعنين الأول والثالث)
والذي بادر بتسجيل عقده بالمشهر رقم ..... لسنة 2009 شهر عقاري .....،
ولما كانت تلك المساحة التي تحرر عنها العقدين المسجلين سالفي البيان تدخل ضمن
المساحة الإجمالية المشتراة له بمعرفة وكيله بموجه العقد المؤرخ 9/2/2009، ومن ثم
فقد أقام الدعوى. طعن الطاعن في الطعن الأول على الإقرار المؤرخ 16/3/2009
بالتزوير وقضت المحكمة برفضه، ثم قضت في جلسة تالية بالطلبات. استأنفت الطاعنة في
الطعن الثالث هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 54 ق أمام محكمة .....
"مأمورية ....." كما استأنفه لديها الطاعن في الطعن الأول بالاستئناف
رقم .... لسنة 54 ق والطاعن في الطعن الثاني بالاستئناف رقم .... لسنة 54 ق وبعد
أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة قضت بتاريخ 23/1/2013 بتأييد الحكم المستأنف.
طعن المستأنف بالاستئناف الثاني على هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ..... لسنة
83 ق كما طعن عليه المستأنف بالاستئناف الثالث بالطعن رقم ..... لسنة 83 ق، وكذا
طعنت عليه المستأنفة بالاستئناف الأول بالطعن رقم .... لسنة 83 ق وأودعت النيابة
مذكرة في كل طعن أبدت فيها الرأي في الطعنين الأول والثاني برفضهما وفي الطعن
الثاني بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا. وإذ عُرضت الطعن الثلاثة على المحكمة
في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرها وفيها قررت ضمها للارتباط والتزمت النيابة رأيها.
في يوم ../../2013 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف ......
"مأمورية ....." الصادر بتاريخ .../../2013 في الاستئنافات أرقام ...،
...، ... لسنة 54 ق. وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي
الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفي اليوم نفسه أودع الطاعن مذكرة شارحة وحافظة مستندات.
وفي يوم ../../2013 أعلن المطعون ضدهم الأول والخامس والحادي عشر
بصحيفة الطعن.
وفي يوم ../../2014 أعلن المطعون ضدهم الثالث والرابع بصحيفة الطعن.
وفي يوم ../../2014 أعلن المطعون ضدهم الثاني بصحيفة الطعن.
وفي يوم ../../2013 أودع المطعون ضده الأول مذكرة بدفاع مشفوعة
بمستندات طلب فيها رفض الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها نقض الحكم.
وبجلسة ../../2014 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه
جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة.
وبجلسة ../.. /2013 سمع الطعن أمام هذه الدائرة على نحو ما هو مبين
بمحضر الجلسة وقد صممت النيابة على ما جاء بمذكرتهما - والمحكمة أرجأت إصدار الحكم
لجلسة اليوم.
في يوم ../../2013 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف ......
"مأمورية ....." الصادر بتاريخ .../../2013 في الاستئنافات أرقام ...،
...، ... لسنة 54 ق. وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي
الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفي اليوم نفسه أودع الطاعن مذكرة شارحة وحافظة مستندات.
وفي يوم ../../2013 أعلن المطعون ضدهم الأول والخامس والحادي عشر
بصحيفة الطعن.
وفي يوم ../../2014 أعلن المطعون ضدهم الثاني والثالث بصحيفة الطعن.
وفي يوم ../../2014 أعلن المطعون ضدهم الرابع والخامس بصحيفة الطعن.
وفي يوم ../../2013 أودع المطعون ضده الأول مذكرة بدفاع مشفوعة
بمستندات طلب فيها رفض الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها نقض الحكم.
وبجلسة ../../2014 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه
جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة.
وبجلسة ../ ../2014 سمع الطعن أمام هذه الدائرة على نحو ما هو مبين
بمحضر الجلسة وقد صممت النيابة على ما جاء بمذكرتهما - والمحكمة أرجأت إصدار الحكم
لجلسة اليوم.
في يوم ../../2013 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف ......
"مأمورية ....." الصادر بتاريخ .../../2013 في الاستئنافات أرقام ...،
...، ... لسنة 54 ق. وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي
الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفي اليوم نفسه أودع الطاعن مذكرة شارحة وحافظة مستندات.
وفي يوم ../../2013 أعلن المطعون ضده الأول بصحيفة الطعن.
وفي يوم ../../2013 أعلن المطعون ضده الخامس بصحيفة الطعن.
وفي يوم ../../2013 أعلن المطعون ضده الثاني بصحيفة الطعن.
وفي يوم ../../2013 أعلن المطعون ضدهم من السادس حتى الأخير بصحيفة
الطعن.
وفي يوم ../../2014 أعلن المطعون ضدهم من السادس حتى الأخير بصحيفة
الطعن.
وفي يوم ../../2013 أودع المطعون ضدهم الأول والثالثة والرابعة مذكرة
بدفاع مشفوعة بمستندات طلب فيها رفض الطعن.
وفي يوم ../../2013 أودع المطعون ضده الثاني مذكرة بدفاع مشفوعة
بمستندات طلب فيها رفض الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها نقض الحكم.
وبجلسة ../../2014 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير
بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة.
وبجلسة ../ ../2013 سمع الطعن أمام هذه الدائرة على نحو ما هو مبين
بمحضر الجلسة وقد صممت النيابة على ما جاء بمذكرتهما - والمحكمة أرجأت إصدار الحكم
لجلسة اليوم.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
"نائب رئيس المحكمة" والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة في الطعنين الأول والثالث أن
المطعون ضدهما السادس والسابع في الطعنين لا يمثلان مصلحة الشهر العقاري وإنما
يمثلها وزير العدل بصفته المطعون ضده الثامن.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه لما كان الأصل تطبيقا للأحكام
العامة أن الوزير هو الذي يمثل وزارته بكل مصالحها وإداراتها في كافة الشئون
المتعلقة بها. باعتباره المتولي الإشراف على شئون وزارته والمسئول عنها والذي يقوم
بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، ولا يستثنى من ذلك إلا الحالة التي يسند
القانون فيها إلى غيره صفة النيابة بالمدى والحدود التي رسمها القانون، ولما كان
المطعون ضده الثامن هو الممثل لمصلحة الشهر العقاري دون المطعون ضدهما السادس
والسابع التابعين لوزير العدل ولا يمثلان تلك المصلحة، فإن اختصامهما في الطعن
بالنقض في الطعون الثلاثة يكون غير مقبول.
وحيث إن مبنى دفع النيابة في الطعنين الأول والثالث أن المطعون ضدهم
من التاسع حتى الأخير بصفاتهم ليسوا خصوما حقيقين في الدعوى إذ لم توجه إليهم ثمة
طلبات كما لم ينازعوا أحدا في طلباته ولم يقض لهم أو عليهم بشيء فلا مصلحة في
اختصامهم.
وحيث إن هذا الدفع سديد ذلك أنه يشترط لقبول الخصومة أمام القضاء قيام
نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي، ومن ثم لا يكفي لقبول الطعن بالنقض مجرد
أن يكون المطعون عليه طرفا في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه
بل يجب أيضا أن يكون قد نازع خصمه أمامها أو نازعه خصمه في طلباته هو، لما كان ذلك
وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه لأن الخصومة وجهت للمطعون ضدهم من التاسع
للأخير بصفاتهم لتقديم ما لديهم من مستندات ولم توجه طلبات قبلهم ولم يكن لهم
طلبات في الدعوى، بل وقفوا من الخصومة موقفا سلبيا ولم يحكم لهم أو عليهم بشيء،
ومن ثم فلا يكون هناك مصلحة في اختصامهم ... ويكون اختصامهم في الطعون الثلاثة غير
مقبول.
وحيث إن الطعون الثلاثة فيما عدا ما تقدم قد استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الطاعنين في الطعنين رقمي ....، .... لسنة 83 ق ينعيان بالسبب
الأول من الطعن الأول والسبب السادس من الطعن الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم قضى في الإدعاء بتزوير
الإقرار المؤرخ 16/3/2009 وفي موضوع الدعوى بحكم واحد مخالفا بذلك نص المادة 44 من
قانون الإثبات التي تقضي بأن يكون الحكم بصحة المحرر أو تزويره سابقا على الحكم في
موضوع الدعوى مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كان من المقرر وفقا لنص
المادة 44 من قانون الإثبات أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بصحة المحرر أو ورده أو
بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معا بل يجب أن يكون قضاؤها سابقا على الحكم
في موضوع الدعوى بغرض ألا يحرم الخصم المحكوم عليه في الادعاء بالتزوير من أن يقدم
ما يكون لديه من أدلة قانونية أخرى أو يسوق دفاعا جديدا في الدعوى إلا أن ذلك
مشروط بأن يكون قد سبق وأن أتيحت له الفرصة لتقديم ما لديه من أدلة وبأن احتمال
وجود هذه لأدلة والدفاع الجديد لدى المحكوم عليه قائما لا تنبئ أوراق الدعوى عن
انتفائه فالإجراءات ليست سوى وسائل لتحقيق غايات وهي لا تكون نافعة في الخصومة إذا
تحولت إلى مجرد قوالب شكلية يتحتم إتباعها حتى ولو لم يستهدف المتمسك بها إلا
تحقيق مصلحة نظرية بحتة، لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الطاعن في الطعن
الأول طعن أمام محكمة أول درجة بالتزوير على الإقرار المؤرخ 16/3/2009 المنسوب
صدوره إليه وحكمت المحكمة برفض الادعاء بالتزوير وبصحة الإقرار ثم حكمت في جلسة
تالية في موضوع الدعوى، وإذ استأنف الطاعن هذين الحكمين ولم يورد بصحيفة استئنافه
أو أثناء تداول الاستئناف أمام محكمة ثاني درجة دفاعا جديدا أو أدلة أخرى في شأن
طعنه بالتزوير على الإقرار إنما ردد الدفاع ذاته، فإنه لا يكون هناك من وجه لتحد
به بمخالفة الحكم لنص المادة 44 من قانون الإثبات.
وحيث إن الطاعن في الطعن الأول رقم .... لسنة 83 ق ينعي بالسبب الثالث
على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول
إنه تمسك بصحيفة استأنفه بمخالفة الحكم الابتدائي للثابت بالأوراق حينما قضى برف
الطعن بالتزوير على الإقرار المنسوب إليه وبصحته تأسيسا على تطابق ما ورد بذلك
الإقرار من أن الأرض التي أشتراها بالعقد المؤرخ 9/2/2009 كانت لصالح المطعون ضده
الأول، مع ما ورد بأقواله بتحقيقات النيابة العامة في المحضر الإداري 8660 لسنة
2009 ثان الزقازيق رغم خلو تلك التحقيقات - سواء بأقواله أو أقوال من سئل من
الشهود - مما يفيد ذلك - إلا أن الحكم التفت عن دفاعه سالف البيان ولم يرد عليه
مكتفيا بتأييد الحكم المستأنف على ما أورده بأسبابه من خلو الإقرار من الحشر أو
الإضافة أو التعديل في أي كلمة من كلماته وتمت كتابة عباراته بخط شخصي واحد وهو ما
لا يصلح ردا على دفاعه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأنه لما كان من المقرر أن لمحكمة
الموضوع السلطان المطلق في تقدير أدلة التزوير المطروحة أمامها وفي تكوين اعتقادها
في تزوير الورقة المدعى بتزويرها أو صحتها بناء على هذا التقدير ولا رقابة لمحكمة
النقض عليها في ذلك متى كان تقديرها سائغا. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه
قد انتهى إلى رفض الطعن بالتزوير على الإقرار موضوع الدعوى وبصحته على ما أورده
بأسبابه "... أن الإقرار المذكور قد خلا من الحشر أو الإضافة أو التعديل في
أي كلمة من كلماته وتمت كتابة عباراته بخط شخصي واحد كما أن ما ورد بتقرير الطعن
بالتزوير من أن عبارة الإقرار هي (أقر أن عقد البيع الصادر لصالحي من الملاك
الأصليين لا يتعارض مع عقد البيع الصادر مني بصفتي وكيلا عنهم إلى السيد ........)
وأن ما دون أعلاها مضاف بعد ذلك، لا يتفق مع المنطق فلا يمكن تصور أن تكتب عبارة الإقرار
في الربع الأخير من الورقة وتترك باقي الورقة خالية كما أن العبارة المذكورة قد
كتبت بعد مسافة خمسة سنتمير من بداية الحافة اليمنى من الورقة ولم يبين المنسوب
إليه الإقرار سبب ذلك) وكان هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه بما أنشأه من أسباب
سائغة تكفي لحمله وبما له من سلطة تقدير أدلة التزوير المطروحة أمامه لا صلة لها
بأسباب الحكم الابتدائي مثار النعي، بما يعني أن محكمة الاستئناف قد نحت منحي آخر
يغاير ما ذهبت إليه محكمة أول درجة من أن الطاعن أقر بصحة الإقرار بتحقيقات
النيابة ولم تأخذ من أسباب الحكم الابتدائي إلا بما لا يتعارض منها مع أسباب
حكمها، فإن الأسباب الواردة بالحكم الابتدائي في هذا الخصوص لا تعتبر من أسباب
الحكم الاستئنافي المطعون فيه، ويكون ما
أثاره الطاعن في سبب الطعن إنما ينصب على الحكم الابتدائي ولا يصادف
محلا من قضاء الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الطاعنين في الطعنين رقمي .....، ..... لسنة 83 ق، ينعيان
بالسبب الثاني والأوجه الأول والثاني والخامس والسادس من السبب الرابع من الطعن
الأول والسببين الأول والثاني والوجه الرابع من السبب الثالث من الطعن الآخر على
الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور
في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وذلك أنه أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به صحة
ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 9/2/2009 رغم جحدهما صورته الضوئية والتي وإن
أمهرت بخاتم الجمعية الزراعية فلا قيمة لها في الإثبات، وأنهما طلبا تقديم أصله
لتطعن الطاعنة في الطعن الثاني بالتزوير، كما أن الطاعن في الطعن الأول تمسك أمام
محكمة الاستئناف ناعيا على حكم أول درجة أنه قضى بصحة ونفاذ العقد المذكور معتبرا
إياه وكيلا مسخرا عن المطعون ضده الأول رغم أنه تعاقد باسمه ولم يكن للأخير ذكر
بالعقد وأن البائعتين والمطعون ضدهما الثالثة والرابعة، قررتا بالتحقيقات أنهما لو
علما بأنه المشتري ما كانتا لتبرما العقد، هذا إلى أن التوكيل العام الذي استند
إليه حكم أول درجة في إثبات وكالة التسخير لا يبيح له البيع والشراء وأن تعاملاته
مع موكله بشأن صفقات سابقة كانت بموجب وكالة خاصة بالإضافة إلى أن العقد صادر
بمساحة أكبر من مساحة العقد الصادر من الطاعن للمطعون ضده الأول في 10/3/2009
بمقدار 3 س 2 ط وبرغم جوهرية هذا الدفاع إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عنه، كما
التفت عن تحقيق دفاع الطاعنة في الطعن الآخر في أن مشتراها لمساحة ثلاثة قراريط
وهو موضوع العقد المسجل رقم 651 لسنة 2009 شهر عقاري ......... يختلف عن مشتري
المطعون ضده الثاني لحساب المطعون ضده الأول والبالغ 17 س 8 ط 1 ف تم استنزال
مساحة 381,5 مترا مربعا مشتري آخرين لتصبح المساحة 14 س 6 ط 1 ف وهو موضوع العقد
المؤرخ 10/3/2009 المبرم بين المطعون ضدها سالفي الذكر والذي أثبت به أن الحد
القبلي للمساحة المبيعة ملك آخرين، وهو مشتري الطاعنة، وهو ما طلبت تحقيقه بندب
خبير بما تنعدم معه مصلحة المطعون ضده الأول وصفته في طلب صحة ونفاذ العقد المؤرخ
9/2/2009 كما تنعدم مصلحته وصفته في الطعن على عقد الطاعنة المسجل بالصورية لا
سيما وأنه ليس بمالك فلا يكون له طلب محو عقود مشهرة وبرغم جوهرية هذا الدفاع إلا
أن الحكم المطعون فيه التفت عن الرد عليه بما يواجهه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر أن مصدر الحق يستقل
في الأصل عن دليل إثباته، فالإثبات إنما يرد على الواقعة التي يدعى بها بوصفها هي
مصدر الحق أو الالتزام، وباعتبار أن الدليل هو قوام الحق ومعقد النفع فيه، وأن عقد
البيع في ظل العمل بقوانين التسجيل بقى كما هو عقد رضائي متى استوفى أركانه من
توافق الإرادتين واشتماله على المبيع والثمن، فقد تم انعقاده دون حاجة إلى ورقة
رسمية بل ولا إلى ورقة عرفية وكانت دعوى صحة ونفاذ العقد دعوى موضوعية تستلزم أن
يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله
مقام العقد في نقلها ومقتضى ذلك أن يفصل القاضي في أمر صحة العقد، ومن ثم فإن تلك
الدعوى تتسع لكل ما يثار من أسباب تتعلق بوجود العقد أو انعدامه أو بصحته أو
بطلانه ومنها صورية العقد صورية مطلقة أو نسبية، وكان الواقع في الدعوى أن المطعون
ضده الأول أقام دعواه وضمن طلباته فيها الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 9/2/2009
المبرم بين الطاعن (........ وبين المطعون ضدهما الثالثة والرابعة عن مساحة 17 س 8
ط 1 ف بثمن إجمالي مقداره ستة ملايين وثلاثمائة ألف جنيه سددت من ماله الخاص
باعتبار أن الصفقة وإن أبرمت باسم الطاعن إلا أنه كان وكيلا مسخرا عنه وقد نازعه
الطاعن في قيام العقد وصفته في التعاقد والمساحة المتعاقد عليها، وكان الحكم
المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي لأسبابه وأضاف إليها قد قضى بصحة ونفاذ
العقد أن استبان له من جماع الأوراق ومنها التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة
بشأن الواقعة، ومن الإقرار الموقع عليه من الطاعن والمؤرخ 16/3/2009 والذي قضى
بصحته أن البيع قد تم بين الطاعن - المشار إليه آنفا - كوكيل مسخر عن المطعون ضده
الأول وبين المالكتين الأصليتين وهما المطعون ضدها الثالثة والرابعة من مساحة 17 س
8 ط 1 ف بثمن مقداره ستة ملايين ومائتين وسبعة وتسعين ألفا وخمسمائة جنيه دفعت من
مال المطعون ضده الأول وأن الفارق في المساحة بين العقدين الصادرين في 9/2/2009،
10/3/2009 والمبرمين بين الطاعن (............) والمطعون ضده الأول (............)
عن ذات الصفقة مردة أن المساحة الواردة بالعقد الأول قد اشتملت على مساحة 381,5 مترا
مربعا بيعت لآخرين وعادت لاحقا للبائع لعدم اكتمال البيعة، كما استخلص الحكم أن
مساحة 3 ط التي بيعت للطاعنة (........)إنما تدخل ضمن مساحة العقد المؤرخ 9/2/2009
وأن ما دفع للبائعتين عن إجمالي هذين العقدين هو ستة ملايين وثلاثمائة ألف جنيه
أقر الطاعن (.........) أنها من مال المطعون ضده الأول، وكان هذا الذي أورده الحكم
المطعون فيه وأقام عليه قضاءه ومع خلو الأوراق مما يفيد أن شخص المشتري كان محل
اعتبار لدى البائعتين المذكورتين سائغا له مأخذه الصحيح بالأوراق ويكفي لحمله، كما
يشمل الرد الضمني المسقط لما يخالفه ولا على الحكم بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في كل
مناحي دفاعهم وطلباتهم طالما أقام قضاءه على ما يحمله من أدلة صالحة تؤدي لما خلُص
إليه، بما يضحى النعي عليه في هذا الخصوص جدلا موضوعيا فيما تستقل به محكمة
الموضوع من فهم واقع الدعوى وتقدير أدلتها وهو ما لا يجوز إثارته لدى هذه المحكمة.
لما كان ذلك وكانت الوكالة بالتسخير عقدا يقتضي أن يعمل الوكيل المسخر باسمه
الشخصي بحيث يظل أسم الموكل مستترا ويترتب عليها - إعمالا لقواعد الصورية التي
تستلزم إعمال العقد الحقيقي في العلاقة بين الوكيل والوكيل المسخر - أنها تنتج قبل
الموكل جميع الآثار القانونية التي ترتبها الوكالة السافرة فينصرف أثر العقد الذي
يبرمه الوكيل المسخر إلى كل من الموكل ومن تعاقد معه هذا الوكيل طالما كان يعلم
بوجود الوكالة أو كان يستوي عنده أن يتعامل الأصيل أو الوكيل عملا بالمادتين 106،
713 من قانون المدني فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بصحة التعاقد المؤرخ 9/2/2009
وانصراف آثاره إلى الأصل دون الوكيل المسخر الذي أبرمه فإنه لا يكون قد خالف
القانون أو أخطأ في تطبيقه؛ وإذ كان ذلك، وكان العقد الصوري يعتبر غير موجود
قانونا ولو سجل، ومن ثم يحق للمشتري بعقد غير مسجل أن يطلب مع الحكم بصحة ونفاذ
عقده صورية عقد مشتر آخر من ذات البائع سبق تسجيل عقده ليزيح عقبة تحول دونه
وتسجيل عقده هو، إذا ما قضى بصحته ونفاذه وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر
فإن النعي عليه يضحى قائما على غير أساس.
وحيث إن الطاعن في الطعن الأول ينعي بالسبب الخامس على الحكم المطعون
فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة
الاستئناف بأن الحكم الابتدائي قضى بإلزامه بمصاريف الدعوى رغم انتهائه في قضائه
إلى أنه وكيل مسخر عن المطعون ضده الأول بما يعني أن التصرفات التي يجريها بصفته
وكيلا تنتقل إلى الموكل إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن ذلك الدفاع وأيد الحكم
المستأنف فيما قضى به كما قضى بإلزامه بمصاريف الاستئناف مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة 184 من قانون
المرافعات على أنه يجب على المحكمة عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها
أن تحكم من تلقاء نفسها في مصاريف الدعوى ويحكم بمصاريف الدعوى على الخصم المحكوم
عليه ... يدل على أن المحكمة تحكم في مصاريف الدعوى من تلقاء نفسها ولو لم يطلب
ذلك منها أحد الخصوم وتلزم بها خاسر التداعي وهو من رفعها أو دفعها بغير حق. ولما
كان ذلك، وكان المطعون ضده الأول قد أقام الدعوى على الطاعن وآخرين باعتبار الطاعن
وكيلا مسخرا عنه إلا أن
الأخير نازعة في تلك الصفة وفي طلباته وقضى ضده فإنه يكون خصما محكوما
عليه باعتباره قد دفع الدعوى بغير حق فإن الحكم الابتدائي، ومن بعده الحكم
الاستئنافي المؤيد له إذ ألزماه بمصاريف الدعويين اللذيين خسرهما فإنهما يكونان قد
طبقا القانون على وجهه الصحيح ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعن سالف الذكر ينعي بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه
بالبطلان وفي بيان ذلك يقول إن مسودة الحكم الابتدائي كتبت باستخدام الحاسب الآلي
وليس بخط يد لقاضي فإن كتابتها بتلك الكيفية لا يعني أن القاضي هو كاتبها بما يعرض
الحكم للتلاعب وإفشاء سر المداولة ويبطله وإذ أيده الحكم المطعون فيه فإن البطلان
يمتد إليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المواد 166، 167، 175، 176، 177،
179 من قانون المرافعات أوجبت أن تكون المداولة في الأحكام القضائية سرا بين قضاة
الدائرة وأن تشتمل مسودة الحكم على منطوقه وأسبابه وتوقع من جميع القضاة الذين
سمعوا الحكم واشتركوا في المداولة فهي - بهذه المثابة - لا تعدو أن تكون ورقة
يكتبها القاضي عقب انتهاء المداولة على الحكم ويوقع عليها أعضاء الدائرة تمهيدا
لكتابة النسخة الأصلية للحكم والتي يوقع عليها رئيس الدائرة وكاتبها والتي تكون
المرجع في أخذ الصور الرسمية والتنفيذية إذ هي التي يحاج بها، أما المسودة فلم ينظم
قانون المرافعات وسيلة كتابتها كما لم يرتب المشرع أي بطلان على الوسيلة التي تكتب
بها، إذ لم ينعي صراحة أو ضمنا على كتابة المسودة بخط يد القاضي وأنه وإن كان
العمل قد جرى على كتابة القاضي للمسودة بخط يدو فإن ذلك لا يمنعه من الاستعانة
بالوسائط الآلية الحديثة كالحاسب الآلي، إذ إنه عندئذ يكون الحكم مكتوبا بمعرفة
القاضي، ولا ينال ذلك من سرية المداولة فلا تلازم حتمي بين كتابة مسودة الحكم بأية
وسيلة وبين إفشاء سر المداولة أو التلاعب فيها، ومن ثم يضحى نعي الطاعن بهذا السبب
على الحكم المطعون فيه ظاهر البطلان.
وحيث إن الطاعن في الطعن رقم ...... لسنة 83 ق، والطاعن في الطعن رقم
..... لسنة 83 ق ينعيان على الحكم المطعون فيه بالوجهين الثالث والرابع من السبب
الرابع من الطعن الأول والأوجه الثلاثة الأولى من السبب الثالث من الطعن الثاني
الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة القانون وذلك
أنه لم يرد على ما تمسكا به من النعي على الحكم المستأنف استخلاصه لصورية عقد
الطاعنة المذكورة والمسجل برقم ...... لسنة 2009 شهر عقاري .... من أنه صدر من
زوجها الطاعن بالطعن الأول بغرض استئثاره بجزء من الصفقة التي أبرمها كوكيل مسخر
عن المطعون ضده الأول عن مساحة 17 س 8 ط 1 ف وذلك بالتواطئ مع البائعتين الأصليتين
المطعون ضدهما الثالثة والرابعة وبسبق علم الطاعنة بالبيع الأخير وأن الطاعنة
تقدمت بطلب لتسجيل عقدها ثم بعد ذلك بأسبوع تقدم الطاعن في الطعن رقم .... لسنة 83
ق بطلب لتسجيل عقد شرائه ذات المبيع من الطاعنة وهو استدلال فاسد إذ أن سبق علم
الطاعنة بالبيع السابق لا يعني بالضرورة صورية عقدها كما أن التواطئ بين طرفيه -
على فرض حدوثه - لا يفيد كذلك الصورية وهي ذات ذمة مالية مستقلة عن ذمة زوجها ولها
مطلق الحرية في التصرف فيما تملك بل أن الأوراق ذخرت بشواهد شتى على جدية التصرف
الصادر لصالحها من البائعتين - وليس من زوجها - والذي أقتصر دوره على التصديق على
البيع بموجب الوكالة الصادرة له من البائعتين - كما أشتمل - العقد المؤرخ
10/3/2009 الصادر من الطاعن - وكيلا عن البائعتين - للمطعون ضده الأول بمساحة 14 س
6 ط 1 ف على أن الحد القبلي لهذه المساحة ملك آخرين وهو مشتري الطاعنة بمساحة 3
قراريط مما يقطع بعلم المطعون ضده المذكور ببيعتها، ورغم جوهرية هذا الدفاع إلا أن
الحكم المطعون فيه لم يورد أسبابا مقبولة للقضاء بالصورية وجعل لمحكمة أول درجة أن
تنفرد بتقدير ما ساقه من قرائن وتخلت عن دورها الرقابي بالمخالفة للأثر الناقل
للاستئناف وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة -
أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة
المقدمة فيها والمفاضلة بينها وهي غير ملزمة بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم
وترد استقلالا على كل حجة أو قول أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها
وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات، ولها أن تعتمد
على القرينة المستقاة من تحقيقات أجريت بمعرفة النيابة أو من محضر جنح الاستدلالات
ولا رقابة عليها في ذلك متى كان استخلاصها سائغا، وكانت الصورية إنما تعني عدم
قيام العقد أصلا في نية عاقديه وأن إثبات الصورية أو نفيها وتقدير أدلتها من مسائل
الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها دون معقب عليها في ذلك متى أقامت قضاءها
على أسباب سائغة. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي قد أقام قضاءه بصورية عقد شراء
الطاعنة لمساحة ثلاث قراريط من المطعون ضدهما الثالثة والرابعة بموجب العقد المؤرخ
9/2/2009 والمسجل برقم ...... لسنة 2009 شهر عقاري .... على ما استخلصه من أوراق
الدعوى ومستنداتها وما أثبت بمحضر الشرطة وتحقيقات النيابة في
المحضر رقم .... لسنة 2009 إداري قسم ثان ... وما أقر به الطاعن
(........) بالإقرار المؤرخ 16/3/2009 والذي قضت المحكمة بصحته بعد أن رفض طعنه
بالتزوير عليه من أن الأخير كان وكيلا مسخرا عن المطعون ضده الأول وأنه اشترى
الأرض موضوع الدعوى من المطعون ضدهما الثالثة والرابعة ومساحتها 17 س 8 ط 1 ف
لصالح موكله المطعون ضده الأول ومن ماله الخاص الذي دفعه إليه ومقداره ستة ملايين
جنيه وثلاثمائة ألف جنيه وإنهما في أتفاق لاحق اتفقا على وجود وعد بالبيع لمساحة
381,5 مترا مربعا من تلك الأرض لآخرين إلا أنه لم يتم بما يعني أن كامل المساحة قد
آلت إليه وما أضافه الحكم الاستئنافي بأسبابه أن المطعون ضدها الرابعة أقرت بأن
الثمن المدفوع لها مبلغ 6,300,000 جنيها وأن زوج الطاعنة حضر معها وقت الشراء عن كامل
المساحة والتي تقدر بنحو 9 ط 1 ف ومنها القراريط الثلاثة مشتري الطاعنة وكان هذا
الذي أورده الحكم سائغا ومقبولا وله أصله الثابت في الأوراق وفيه الرد الضمني
المسقط لما يثيره الطاعنان بأسباب طعنهما، الأمر الذي يضحى النعي في هذا الخصوص
جدلا موضوعيا فيما لمحكمة الموضوع من تقدير أدلة الصورية مما تستقل به وتنحسر عنه
رقابة هذه المحكمة.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في الطعن رقم ...... لسنة 83 ق على الحكم
المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت
بالأوراق وفي بيان ذلك بقول إن الحكم المطعون فيه قضى في أسبابه بعدم نفاذ العقد
المسجل رقم .... لسنة 2009 شهر عقاري .... في مواجهة المطعون ضده الأول استنادا
إلى أحكام بيع ملك الغير عملا بنص المادتين 466، 467 من القانون المدني في حين أن
المطعون ضده قد أسس دعواه على صورية العقد المسجل سالف البيان وبذلك يكون قد غير
سبب الدعوى من تلقاء نفسه ثم انتهى في قضائه إلى تأييد الحكم المستأنف القاضي
بصورية ذلك المسجل بما يعني أنه تناقض في أسبابه مع منطوقه والتفت عن أنه مشتري
حسن النية يحق له التمسك بعقد شرائه الصادر له من البائعة المطعون ضدها الثالثة
ولو كان صوريا فضلا عن أنه كان يجب القضاء بعدم قبول دعوى المطعون ضده الأول
لرفعها من غير ذي صفة لأن المالك هو الذي يتمسك بعدم سريان بيع ملك الغير في
مواجهته وأن الأخير ليس هو المالك الحقيقي لمساحة الأرض المبيعة له متى كان عقده
لم يسجل مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في جملته سديد، ذلك أن سبب الدعوى هو الواقعة أو
الوقائع التي يستمد منها المدعى الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية
أو الحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم، ولا تملك المحكمة تغير سبب الدعوى من
تلقاء نفسها، بل يجب على المحكمة أن تقصر بحثها على السبب الذي أقيمت به الدعوى،
فذلك أمر نابع من طبيعة وظيفة القضاء ذاتها بوصفه احتكاما بين متخاصمين على حق
يتنازعان عليه وهو ما يقتضي أن يقف القاضي موقفا محايدا وأن يساوي بين الخصوم فإذا
خرجت المحكمة عن نطاق الخصومة التي
طرحها عليها أطرافها، ورد حكمها على غير محل ووقع باطلا بطلانا أساسيا
مخالفا للنظام العام، مخالفة تعلو سائر ما عداها من صور الخطأ في الحكم، إذ لا
قضاء إلا في خصومة، ولا خصومة بغير دعوى يقيمها مدعيها محددا سببها، ولا يغير من
ذلك ما صرحت به المادة 253 من قانون المرافعات من أنه يجوز لمحكمة النقض أن تثير
من تلقاء نفسها أسباب الطعن المتعلقة بالنظام العام وباعتبار الدفوع المتعلقة
بالنظام العام مطروحة دائما أمام محكمة الموضوع، فالمقصود بكلمة الأسباب في ذلك
النص هو الحجج القانونية التي تصلح مبررا لصدور الحكم على نحو معين أو الطعن عليه،
هذا التصدي للأسباب المتعلقة بالنظام العام أمر نابع من واجب المحاكم بأن تطبق
القانون على وجهه الصحيح دون توقف على طلب الخصوم ولكن يبقى على المحاكم وهي تثير
الأسباب المتعلقة بالنظام العام أن تظل مقيدة بألا تعول على مسألة واقعية لم يسبق
للخصوم أن طرحوها من خلال دعواهم على محكمة الموضوع طرحا صحيحا مقيدين في ذلك
بمبدأ المواجهة بين الخصوم، وحق الطر الآخر في الدفاع ذلك أن يتغير سبب الدعوى هو
في حقيقته بمثابة رفع دعوى جديدة من غير المدعى وإن اتحدت في الخصوم والطلبات وهو
حق خاص لصاحبها يرد عليه القبول والتنازل بينما أثاره أسباب الطعن أو الدفوع
المتعلقة بالنظام العام لا تعدو أن تكون إعمالا لحكم قانوني يجب على المحاكم
تطبيقه ولا يرد عليه قبول أو تنازل من شأنه أن يمنع صدور الحكم على نحو يخالفه وأن
التناقض الذي يفسر الأحكام هو الذي يكون واقعا في أسباب الحكم الواحد بذاته بحيث
لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه إذ في هذه
الحالة يكون الحكم كأنه خال من الأسباب بما يبطله. ولما كان ذلك، وكان المطعون ضده
الأول قد أقام دعواه بعده طلبات منها الحكم بصورية عقد البيع الصادر من الطاعنة
(.........) للطاعن (............) والمسجل برقم .... سنة 2009 شهر عقاري .....
فقضت له محكمة أول درجة بطلباته وإذ استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة الاستئناف
التي انتهت في أسبابها إلى عدم نفاذ العقد في مواجهة المطعون ضده الأول وفقا
لأحكام المادتين 466، 467 من القانون المدني باعتباره بيعا لملك الغير لا ينفذ في
حق المالك - بعد أن خلُصت إلى صورية عقد البيع الصادر من البائعتين المطعون ضدهما
الرابعة والخامسة للبائعة له - المطعون ضدها الثالثة - والمسجل برقم .... لسنة
2009 شهر عقاري ..... فإنها بذلك تكون قد غيرت من تلقاء نفسها سبب الدعوى وتجاوزت
نطاقها بإيرادها لسبب جديد لم يثره الخصوم وهو الأمر المحظور عليها، كما تردى
الحكم في خطأ آخر إذ أقام قضاءه على ما أورده في أسبابه من عدم نفاذ بيع ملك الغير
في حق المالك الحقيقي بينما انتهى في منطوقه إلى تأييد الحكم المستأنف القاضي
بصورية ذات العقد رغم اختلاف الأمرين مدلولا وحكما الأمر الذي يكون قد تناقضت به
أسبابه
مع منطوقه، هذا إلى أن الحكم قد تحجب بخطئه السالف عن تحقيق دفاع
الطاعن المبدى بصحيفة استئنافه والذي تمسك فيه بأنه مشتر حسن النية لا يعلم بصورية
عقد شراء البائعة له عند تلقيه الحق منها، لا سيما أنها كانت مالكة بعقد مسجل ويحق
له والحال ذلك التمسك بالعقد الظاهر طبقا للمادة 244 من القانون المدني وهو ما
يعيب الحكم فضلا عن الخطأ في تطبيق القانون بالقصور في التسبيب بما يبطله ويوجب
نقضه جزئيا في هذا الخصوص.
وحيث إنه لما تقدم فإنه يتعين رفض الطعنين رقمي 5291، 9213 لسنة 83 ق
ونقض الحكم المطعون فيه في الطعن رقم 6152 لسنة 83 ق على أن يكون مع النقض الإحالة.