جلسة 10 من ديسمبر سنة 1986
برئاسة السيد المستشار:
سيد عبد الباقي سيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد المنصف هاشم،
أحمد إبراهيم شلبي نائبي رئيس المحكمة، محمد جمال الدين شلقاني وصلاح محمود عويس.
--------------
(196)
الطعن رقم 2143 لسنة 52
القضائية
(1)أحوال
شخصية "الولاية على المال". أهلية. بطلان. بيع. التزام.
مباشرة الوصي تصرفات
معينة بغير إذن المحكمة بالمخالفة للمادة 39 من المرسوم بقانون 119 لسنة 1952.
اعتباره متجاوزاً حدود نيابته القانونية عن القاصر. أثره. بطلان التصرف بطلاناً
نسبياً لمصلحة القاصر. صدور إذن المحكمة بعد ذلك. مؤداه. استكمال العقد شروط صحته
من تاريخ إبرامه. اشتمال الإذن على شروط الغرض منها حفظ حق القاصر قبل البائع
والوصي دون تعليق البيع على شرط واقف. مؤداه. عدم تعليق نفاذ العقد على تنفيذ هذه
الشروط.
(2) محكمة الموضوع. حكم "تسبيب الحكم".
تحصيل فهم الواقع في
الدعوى. من سلطة قاضي الموضوع. شرطه. عدم التزامه بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم
وحججهم وطلباتهم والرد عليها استقلالاً ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع وأورد
دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.
------------------
1 - لما كان مفاد نص
المادة 39 من المرسوم بقانون 119 لسنة 1952 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة -
أن المشرع حظر على الوصي مباشرة تصرفات معينة إلا بإذن المحكمة ومن بينها جميع
التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو التبعية
أو نقله أو تغييره أو زواله، وكذاك جميع التصرفات المقررة لحق من هذه الحقوق فإنه
ينبني على ذلك أن الوصي إذا باشر تصرفاً من هذه التصرفات دون إذن المحكمة يكون
متجاوزاً حدود نيابته القانونية عن القاصر، ويكون هذا التصرف باطلاً بطلاناً
نسبياً لمصلحة القاصر لتعلقه في هذه الحالة بأهلية ناقصة أوجب القانون إذن المحكمة
لتكملتها فإذا صدر الإذن اكتملت للعقد شروط صحته وارتد أثر الإذن إلى تاريخ إبرام
العقد، فإذا تضمن الإذن شروطاً معينة ونفذ بعضها دون البعض فليس مؤدى ذلك تعليق
نفاذ العقد طالما أن ما لم ينفذ من الشروط كان الغرض منها حفظ حق القاصر قبل
المشتري والوصي ولم يكن الغرض منها تعليق البيع على شرط واقف.
2 - لقاضي الموضوع - وعلى
ما جرى به قضاء هذه المحكمة. السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحسبه أن يبين
الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله ولا عليه من
بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل
قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام أن قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه
الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم الثاني
والثالث والرابعة أقاموا الدعوى رقم 6987 سنة 79 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد
المطعون عليهم الأول والسادس والسابع والطاعنة عن نفسها وبصفتها بطلب الحكم أصلياً
بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 12/ 9/ 1977 فيما تضمنه من بيعها لهم 3 ط من 24 ط
شيوعاً في الأرض محل النزاع لقاء ثمن مقداره 75 جـ للمتر الواحد، واحتياطيا فيما
تضمنه من بيعها بصفتها مساحة 112 و7/ 64 م2 شيوعاً فيها لقاء ثمن مقداره 100 جـ
للمتر الواحد على سند من القول إنه بموجب ذلك العقد اشتروا من الطاعنة بصفتيها
والمطعون عليه الأول وآخرين قطعة الأرض المبينة بها والبالغ مساحتها 1025.01 م2
لقاء ثمن مقداره 75 جـ للمتر الواحد، يخص الطاعنة بصفتيها حصة مقدارها 3 ط من 24 ط
وأنها لم تستصدر إذناً من محكمة الأحوال الشخصية ببيع نصيب القصر مما ترتب عليه
عدم تسجيل العقد بالنسبة لهذا النصيب غير أن المحكمة المختصة أذنت بعد ذلك بالبيع
وقدرت سعر المتر بالنسبة لهذا النصيب بمبلغ 100 جـ. كما أقامت الطاعنة بصفتيها
الدعوى رقم 6796 سنة 79 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهم الخمسة
الأول بطلب الحكم بإبطال عقد البيع سالف الإشارة فيما تضمنه من بيع نصيب القصر
وعدم نفاذه لعدم صدور إذن من تلك المحكمة بالنسبة لهذا النصيب قبل إبرامه ولعدم
سداد ثمن حصتهم طبقاً للسعر الذي حددته المحكمة في الإذن الذي صدر لاحقاً له.
بتاريخ 19/ 5/ 1980 - وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين حكمت في الدعوى رقم 6796 سنة
79 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ببطلان تصرف الطاعنة بصفتها بيع نصيب القصر في
العقد المؤرخ 12/ 9/ 1977 واعتباره غير نافذ وفي الدعوى رقم 6987 سنة 79 مدني جنوب
القاهرة الابتدائية بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 12/ 9/ 1977 فيما تضمنه من بيع
الطاعنة عن نفسها حصة قدرها 16 و1/ 64 م2 لقاء ثمن مقبوض مقداره 75 جـ للمتر
المربع، استأنف المطعون عليهم الثاني والثالث والرابعة هذا الحكم لدى محكمة
استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4306 سنة 97 ق، كما استأنفته الطاعنة بصفتيها
بالاستئناف رقم 4319 سنة 97 ق. وبتاريخ 25/ 5/ 1982 حكمت المحكمة - بعد أن ضمت
الاستئنافين - في موضوع الاستئناف رقم 4306 سنة 97 ق بإلغاء الحكم المستأنف فيما
قضى به من رفض دعوى صحة عقد البيع بالنسبة لحصة القصر وبصحة هذا العقد وفي موضوع
الاستئناف رقم 4319 سنة 97 ق بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم
بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه
الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت
النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه
الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن مفاد نص المادة 39 من المرسوم بقانون
رقم 119 لسنة 1952 أن بيع الوصي مال القاصر قبل إذن المحكمة المختصة يقع باطلاً
بطلاناً مطلقاً وإذ كان الإذن الصادر بالبيع قد جاء متضمناً شروطاً معينة فلا ينفذ
إلا إذا نفذت هذه الشروط كاملة، وإذ كان الثابت من الأوراق أن عقد البيع موضوع
الدعويين قد أبرم شاملاً نصيب القصر قبل صدور إذن المحكمة ببيعه ثم جاء الإذن الذي
صدر بعد تاريخ هذا البيع متضمناً شروطاً معينة لم يقم المشترون بتنفيذها فلا يرتب
إجازة ذلك العقد الذي يظل باطلاً بطلاناً مطلقاً بالنسبة لهذا النصيب فإن الحكم
المطعون فيه إذ خالف هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 39 من المرسوم بقانون 119 لسنة 1952 - وعلى ما جرى
به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع حظر على الوصي مباشرة تصرفات معينة إلا بإذن
المحكمة ومن بينها جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية
العقارية الأصلية أو التبعية أو نقله أو تغييره أو زواله وكذاك جميع التصرفات
المقررة لحق من هذه الحقوق فإنه ينبني على ذلك أن الوصي إذا باشر تصرفاً من هذه
التصرفات دون إذن المحكمة يكون متجاوزاً حدود نيابته القانونية عن القاصر، ويكون
هذا التصرف باطلاً بطلاناً نسبياً لمصلحة القاصر لتعلقه في هذه الحالة بأهلية
ناقصة أوجب القانون إذن المحكمة لتكملتها فإذا صدر الإذن اكتملت للعقد شروط صحته،
وارتد أثر الإذن إلى تاريخ إبرام العقد، فإذا تضمن الإذن شروطاً معينة ونفذ بعضها
دون البعض فليس مؤدى ذلك - تعليق نفاذ العقد طالما أن ما لم ينفذ من الشروط كان
الغرض منها حفظ حق القاصر قبل المشتري والوصي ولم يكن الغرض منها تعليق البيع على
شرط واقف. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن محكمة الأحوال الشخصية قد أجازت
عقد البيع الذي أبرمته الطاعنة بصفتها بالنسبة لنصيب القصر بثمن يزيد عن الثمن
المسمى في العقد وقد أوفى المطعون عليهم الثاني والثالث والرابعة - المشترون - فرق
الثمن خزينة بنك مصر لحسابهم إلا أن ذلك لحماية القصر في مواجهة المشترين والوصية
ولا يدل على تعليق البيع على شرط واقف وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن
النعي عليه بهذين السببين يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعنة تنعى
بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في
التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأنها لم تستأدى ثمن
حصتها ولا ثمن حصة القصر لأن إقرارها بالتخالص عن الثمن والمؤرخ 18/ 9/ 1978 قد
فسخ بموجب الاتفاق المؤرخ 20/ 9/ 1978 كما أن بيعها لحصتها مرتبط ببيعها لحصة
القصر ومؤدى ذلك أن ثمن حصتها يحدد وفقاً للسعر الذي تضمنه الإذن الصادر من محكمة
الأحوال الشخصية بالنسبة لحصة القصر وإذ قضى الحكم المطعون فيه بصحة ونفاذ عقد
البيع بالنسبة للحصتين قبل أن يستوثق من سداد كامل الثمن ويرد على دفاعها سالف
البيان فإنه يكون قد شابه خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد. ذلك أن لقاضي الموضوع وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة في تحصيل
فهم الواقع في الدعوى وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على
أسباب سائغة تكفي لحمله ولا عليه من بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم
وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام أن قيام
الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج
والطلبات. لما كان ذلك وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه إنه استخلص في حدود
سلطته التقديرية من المستندات المقدمة إليه أن الطاعنة بصفتيها قد استأدت ثمن
حصتها والقصر كاملاً بموجب الإقرار المؤرخ 18/ 9/ 1978 والذي لم تطعن عليه بثمة
مطعن ورتب على ذلك توافر ركن الثمن في عقد البيع المؤرخ 12/ 9/ 1977 وانتهى إلى
صحته ونفاذه وكان استخلاصه في هذا المقام سائغاً وله مأخذه من الأوراق ويكفي لحمل
قضائه في هذا الصدد فإن ما تثيره الطاعنة بوجهي النعي لا يعدو أن يكون جدلاً
موضوعياً تنحسر عنه رقابة محكمة النقض ويكون النعي على الحكم المطعون بهذين
السببين غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن.