الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 23 أغسطس 2019

الطعن 1831 لسنة 48 ق جلسة 2 / 1 / 2010 مكتب فني 55 - 56 توحيد المبادئ ق 2 ص 29


برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسيني رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد شمس الدين خفاجي، والسيد محمد السيد الطحان، ورمزي عبد الله محمد أبو الخير، وغبريال جاد عبد الملاك، وأحمد أمين حسان، والصغير محمد محمود بدران، وعصام عبد العزيز جاد الحق، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، ويحيى أحمد راغب دكروري، وحسين علي شحاتة السماك. نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى حسين السيد نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة.
---------------

(2)
جلسة 2 من يناير سنة 2010
الطعن رقم 1831 لسنة 48 القضائية عليا
(دائرة توحيد المبادئ)


دعوى - الحكم فى الدعوى - الحكم بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة - جواز الإحالة من أي من المحاكم إلى المحكمة الإدارية العليا إذا كانت مختصة بها كمحكمة موضوع لا محكمة طعن، وتلتزم المحكمة الإدارية العليا بهذه الإحالة.
المواد المطبقة:
المادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.


الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق 16/ 5/ 2000 أودع الأستاذ/ ... المحامي، عن نفسه، قلم كتاب محكمة القضاء الإداري صحيفة دعوى، قيدت برقم 8166 لسنة 54 ق، مختصمًا فيها المطعون ضدهما بصفتيهما، وانتهى إلى طلب الحكم بإلغاء قرار مجلس الدولة الخاص بتعيين دفعتي 1997 و1998 باعتباره قرارًا سلبيًا بالنسبة له؛ لعدم إدراج اسمه ضمن كشوف المقبولين، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات
وذكر المدعي شرحا لدعواه: أنه تقدم بطلب للتعيين في وظيفة (مندوب مساعد) بمجلس الدولة، وتحدد يوم 5/ 9/ 1999 موعدا لإجراء المقابلة الشخصية، حيث إن تقديره في السنة النهائية (جيد جدا) بمجموع درجات: (167) من (200)، وتقديره العام على مدار أربع سنوات: (جيد) بمجموع درجات: (577) من (740)، ويشغل الترتيب السادس على الدفعة، وعلى مستوى المتقدمين شغل الترتيب الخامس، وتقديراته في مواد العلوم الإدارية طوال أربع سنوات لم تقل عن (امتياز)، وأخيرا فإن وضعه أمنيا واجتماعيا لا يحول دون تعيينه بمجلس الدولة أو أية وظيفة قضائية أخرى. وفي 1/ 2/ 2000 أعلنت نتيجة المقبولين للتعيين، ولم يكن اسمه من بينهم، مما حداه على التظلم إلى رئيس مجلس الدولة، حيث قيد تحت رقم 486 في 15/ 2/ 2000، ولما لم يتلقَّ ردًا على تظلمه أقام دعواه بطلبه المتقدم
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني، انتهت فيه إلى عدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا للاختصاص، مع إبقاء الفصل في المصروفات. وتدوولت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 2/ 9/ 2001 أصدرت حكمها في الدعوى بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) للاختصاص، وأبقت الفصل في المصروفات
ونفاذا لذلك وردت الدعوى إلى هذه المحكمة، وقيدت بجدولها تحت رقم 1831 لسنة 48 ق.ع، وجرى تحضيرها بهيئة مفوضي الدولة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وقدمت الهيئة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه: أصليا: الحكم بإحالة الطعن إلى الدائرة المشكلة طبقا للمادة (54 مكررًا) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 سنة 1972؛ لإرساء مبدأ قانوني يُعمل به في شأن جواز الإحالة إلى المحكمة الإدارية العليا، مع إبقاء الفصل في المصروفات. واحتياطيا: الحكم ببطلان صحيفة الطعن
وحددت لنظر الدعوى أمام الدائرة السابعة (موضوع) جلسة 27/ 6/ 2004، وتم تداولها بالجلسات على الوجه المبين بمحاضرها، وبجلسة 13/ 1/ 2008 تقرر حجز الدعوى للحكم بجلسة 27/ 4/ 2008، مع التصريح بمذكرات ومستندات في أسبوعين. وبهذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 4/ 5/ 2008، وفيها قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى الدائرة المشكلة طبقا للمادة (54 مكررًا) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 لإرساء مبدأ قانوني بشأن مدى جواز الإحالة من محكمة القضاء الإداري إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة المختصة بشئون أعضاء الهيئات القضائية)، حيث جرت أحكام هذه المحكمة على أنه لا يسوغ لأية محكمة إن قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى أن تحيلها إلى المحكمة المختصة طبقا لحكم المادة (110) من قانون المرافعات، إلا إذا كانت المحكمة المحال إليها الدعوى من ذات مستوى المحكمة المحيلة أو تدنوها في درجات التقاضي، ومن ثم فلا يسوغ لمحكمة القضاء الإداري أن تحيل الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا التي تملك سلطة التعقيب على أحكامها، وإلا عطلت سلطة الرقابة القضائية التي يفرضها النظام القضائي بين درجات المحاكم (الحكم الصادر بجلسة 20/ 3/ 2005 في الطعن رقم 6779 لسنة 45 ق.ع)؛ أم أنه إذا كانت المحكمة الإدارية العليا تختص بنظر طلبات أعضاء الهيئات القضائية بحسبانها محكمة موضوع وليست محكمة طعن، فمن ثم تجوز الإحالة إليها، سيما وأن اعتبارات العدالة وتيسير إجراءات التقاضي أمام أعضاء الهيئات القضائية تستوجب اعتناق هذا النظر
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه جواز الإحالة من محكمة القضاء الإداري إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة شئون أعضاء الهيئات القضائية) في حالة حكمها بعدم الاختصاص النوعي
وقد حددت لنظر الدعوى أمام هذه الدائرة بعد إيداع التقرير جلسة 10/ 1/ 2009، وتم تداولها بالجلسات حسبما يتضح من محاضرها، وبجلسة 5/ 2/ 2009 قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مُسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى الماثلة بتاريخ 16/ 5/ 2000، طالبا في ختامها: الحكم بإلغاء قرار رئيس مجلس الدولة السلبي بعدم تعيينه بوظيفة (مندوب مساعد) ضمن المعينين من خريجي عامي 1997 و1998، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات، وذلك بعريضة أودعها آنذاك قلم كتاب محكمة القضاء الإداري التي قضت في 2/ 9/ 2001 بعدم اختصاصها، وبإحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا للاختصاص، مع إبقاء الفصل في المصروفات. وتنفيذا لهذا الحكم وردت الدعوى إلى هذه المحكمة، وقيدت بجدولها بالرقم المبين بصدر هذا الحكم، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرها المسبب بالرأي القانوني، الذي ارتأت فيه إحالة الدعوى إلى هذه الدائرة لإرساء مبدأ قانوني في شأن مدى جواز تلك الإحالة إلى المحكمة الإدارية العليا
ومن حيث إن جوهر الإحالة إلى هذه الدائرة ينحصر في الترجيح بين اتجاهين في أحكام الإدارية العليا: أولهما يذهب إلى عدم جواز الإحالة إلى المحكمة الإدارية العليا، ولو كانت محكمة موضوع؛ لأنه لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تحيل الدعوى إلى محكمة الطعن؛ لأن القول بغير ذلك من شأنه أن يغل يد محكمة الطعن عن إعمال سلطتها التي خولها القانون في التعقيب على أحكام محكمة الموضوع، ومن بينها الأحكام الصادرة بعدم الاختصاص وبإحالة الدعوى إليها. ولأن التزام محكمة الطعن بحكم الإحالة الصادر عن محكمة الموضوع يتعارض مع سلطتها في التعقيب على هذا الحكم، الأمر الذي يتجافى ونظام التدرج القضائي. كما أنه لا يجوز لأية محكمة إن قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى أن تحيلها إلى المحكمة المختصة، إلا إذ كانت هذه المحكمة من ذات مستوى المحكمة المحيلة أو دونها في درجات التقاضي، ومن ثم فلا يسوغ لمحكمة القضاء الإداري أن تحيل الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا. (الأحكام الصادرة بجلسات 20/ 12/ 1980 في الطعن 568 لسنة 32 ق.ع و25/ 5/ 2003 في الطعن رقم 5930 لسنة 46 ق.ع و20/ 2/ 2005 في الطعن رقم 9429 لسنة 48 ق.ع و20/ 3/ 2005 في الطعن 6779 لسنة 45 ق.ع). 
بينما يذهب الاتجاه الثاني إلى جواز الإحالة إلى المحكمة الإدارية العليا طالما هي محكمة موضوع؛ لأن المحكمة الإدارية العليا هي المختصة نوعيا بنظر هذه الطلبات التي يقدمها أعضاء النيابة الإدارية دون غيرها من محاكم مجلس الدولة، باعتبارها محكمة أول وآخر درجة، وليس باعتبارها محكمة طعن، وبالتالي يجوز في هذه الحالة للمحاكم الأقل درجة من المحكمة الإدارية العليا أن تحكم بالإحالة إليها إذا كانت هي المختصة أصلا بنظر هذا النزاع. (الأحكام الصادرة بجلسات 12/ 7/ 1997 في الطعن رقم 275 لسنة 37 ق.ع و8/ 11/ 1997 في الطعن رقم 3996 لسنة 38 ق.ع و1/ 6/ 2002 في الطعن رقم 3881 لسنة 41 ق.ع). 
ومن حيث إنه يتعين الأخذ بعين الاعتبار عند الترجيح بين أي من الاتجاهين السابقين أن الإحالة تتم إلى المحكمة الإدارية العليا من محكمة أدنى في الترتيب القضائي، وذلك بحسبانها محكمة موضوع مختصة أصلا بنظر ما يحال إليها، وليس بوصفها محكمة الطعن؛ إذ لا تجوز الإحالة في هذه الحالة، ولعل هذا هو مناط الفصل بين الاتجاهين
ومن حيث إن المادة (104) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن: "تختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال مجلس الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم، متى كان مبنى الطلب عيبًا في الشكل، أو مخالفة القوانين واللوائح، أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها، أو إساءة استعماله السلطة. كما تختص الدائرة المذكورة دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض عن تلك القرارات. وتختص أيضا دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لرجال مجلس الدولة أو لورثتهم". 
ومن حيث إن المادة (25 مكررا) من قانون هيئة قضايا الدولة، الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963 تنص على أن: "تختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها أعضاء هيئة قضايا الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم، متى كان مبنى الطلب عيبا في الشكل، أو مخالفة القوانين واللوائح، أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها، أو إساءة استعمال السلطة. كما تختص الدائرة المذكورة دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض عن تلك القرارات. وتختص أيضا دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لأعضاء هيئة قضايا الدولة أو للمستحقين عنهم...". 
وقد جاءت المادة (40 مكررا) من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية مرددة ذات الأحكام بذات العبارات والألفاظ
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن المشرع ناط بإحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بأعضاء مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية المتعلقة بجميع شئونهم الوظيفية، ومن ثم فقد باتت تلك الدائرة هي المختصة وحدها دون غيرها بالفصل في هذه المنازعات، وهي في هذه الحالة محكمة الموضوع، وهي محكمة أول درجة وآخر درجة، فالأحكام الصادرة فيها باتة وواجبة النفاذ وغير قابلة للطعن عليها
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما تستند إليه الأحكام التي أخذت بالاتجاه الأول بعدم جواز الإحالة من أن المحكمة الإدارية العليا هي محكمة الطعن بالنسبة لمحكمة القضاء الإداري، فالإحالة إليها سوف تحول بين مباشرة محكمة الطعن لاختصاصها في الرقابة القضائية؛ فإنه إذا كان هذا صحيحًا في مجال الإحالة بين محكمة الموضوع ومحكمة الطعن على الأحكام الصادرة فيها، بيد أنه ليس كذلك متى كانت الإحالة بين محكمتي موضوع، تختص إحداهما بنظره دون الأخرى، فالإحالة جائزة في هذه الحالة. والأخذ بما استندت إليه الأحكام المؤيدة لهذا الاتجاه لا يتفق وواقع الحال وطبيعة المنازعة الموضوعية الدائرة بين الهيئة القضائية وأحد أعضائها واختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظرها، وهو أمر لا يمكن إنكاره أو إغفاله
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالسند الثاني الذي قامت عليه الأحكام الآخذة بالاتجاه الأول من أن التزام المحكمة بالإحالة إلى المحكمة عند القضاء بعدم اختصاصها لا يتأتى إلا إذا كانت المحكمتان من ذات المستوى أو من مستوى أدنى في درجات التقاضي؛ فإنه يرد على هذا بأن هذا تخصيص بلا مخصص، وقيد على المحكمة المحيلة لا سند له من القانون، بل إنه يتعارض مع صريح نص المادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الذي جرى على النحو الآتي: "على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة، ولو كان عدم الاختصاص متعلقا بالولاية... وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها". فمؤدى هذا النص أنه ألزم المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة، ولو كان الاختصاص متعلقا بالولاية، وكذلك ألزم النص المحكمة المحال إليها الدعوى أن تفصل فيها، دون أية تفرقة بين درجات المحاكم المختلفة، فالإحالة واجبة متى قضي بعدم الاختصاص. يؤكد ذلك ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون تعليقا على تلك المادة: "... وتبسيطًا للإجراءات في صدد الأحكام المتعلقة بالاختصاص رُئي النص على وجوب أن تأمر المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة في كل حالة من الحالات التي تقضي فيها بعدم اختصاصها بنظرها، بعد أن كان ذلك الأمر جوازيا في القانون القائم. كما رُئي أيضا أن تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بالإحالة، سواء كانت من طبقة المحكمة التي قضت بها أو من طبقة أعلى أو أدنى...". ولعل وضوح العبارات التي وردت في المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات المدنية والتجارية قاطعة الدلالة على أن الإحالة بين المحكمتين المحيلة والمحال إليها واجبة، دون النظر إلى درجتيهما
ومن حيث إن الإحالة التي تتم من محكمة القضاء الإداري إلى المحكمة الإدارية العليا، بحسبانها محكمة موضوع وليس كمحكمة طعن، شأنها في ذلك شأن الإحالة التي تتم من المحاكم الإدارية إلى محكمة القضاء الإداري بوصفها محكمة موضوع، وهي تتم تنفيذا للنص الصريح للمادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وتضحى المحكمة المحال إليها الدعوى ملتزمة بنظرها؛ أخذا بصريح هذا النص أيضا. وتكمن علة هذا الحكم، حسبما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية بعبارات جلية، في تبسيط إجراءات التقاضي وتيسيرها على المتقاضين، بما يحقق ما تصبو إليه المادة (68) من الدستور بتقريرها كفالة حق التقاضي للمواطنين، وحقهم في اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي، وتقريب جهات القضاء منهم، وسرعة الفصل في القضايا. ولا ريب أن القول بعدم جواز الإحالة سوف يترتب عليه تأخير وتعطيل الفصل في الدعاوى بما يؤثر في النهاية سلبا على حق التقاضي
ومن حيث إنه فيما يتعلق بأنه في حالة الأخذ بجواز الإحالة سوف يترتب على ذلك إهدار الإجراءات المحددة التي يتعين إتباعها للجوء إلى المحكمة الإدارية العليا؛ فلا وجه للقول بذلك؛ لأنه بمطالعة كل من نصي المادتين (25) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 المنظمة للإجراءات واجبة الإتباع عند اللجوء إلى محكمة القضاء الإداري، والمادة (44) من ذات القانون المحددة للإجراءات التي يتعين الالتزام بها عند اللجوء إلى المحكمة الإدارية العليا، يبين أن ثمة اتفاقا بين هذه الإجراءات وتلك، عدا استلزام توقيع تقرير الطعن من محام مقبول أمام المحكمة الإدارية العليا، وهو إجراء يمكن بحثه أمام المحكمة المختصة بالمنازعة موضوعا
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يغدو الاتجاه الثاني في أحكام المحكمة الإدارية العليا بجواز الإحالة من محكمة القضاء الإداري إلى المحكمة الإدارية العليا هو الأولى بالترجيح.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بترجيح الاتجاه الوارد في أحكام المحكمة الإدارية العليا، الذي من مقتضاه جواز الإحالة من أي من المحاكم إلى المحكمة الإدارية العليا بوصفها محكمة موضوع. وأمرت بإعادة الدعوى إلى الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيها في ضوء ما تقدم.

الطعن 2190 لسنة 47 ق جلسة 2 / 1 / 2010 مكتب فني 55 - 56 توحيد المبادئ ق 1 ص 18


برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسيني رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد شمس الدين خفاجى، والسيد محمد السيد الطحان، ورمزي عبد الله محمد أبو الخير، وغبريال جاد عبد الملاك، وأحمد أمين حسان، والصغير محمد محمود بدران، وعصام عبد العزيز جاد الحق، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، ويحيي أحمد راغب دكروري، وحسين على شحاتة السماك. نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى حسين السيد نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
 -----------------

(1)
جلسة 2 من يناير سنة 2010
الطعن رقم 2190 لسنة 47 القضائية عليا
(دائرة توحيد المبادئ)

 ( أ ) هيئات قضائية - شئون الأعضاء - عدم قبول الطعون المقامة من أعضاء الهيئات القضائية أمام المحكمة الإدارية العليا في أمور خاصة بهم دون توقيع محامٍ مقبول أمام المحكمة.
المواد المطبقة:
- المواد (25) و(44) و(104) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم (47) لسنة 1972.
- المادة (58) من قانون المحاماة، الصادر بالقانون رقم (17) لسنة 1983.
(ب) دعوى - بطلان الصحيفة لعدم توقيعها من محامٍ مقبول - يجوز تصحيح هذا البطلان بتوقيع المحامي على العريضة خلال المواعيد المحددة للطعن - إذا تم هذا التوقيع بعد انقضاء هذه المواعيد، فإنه لا يصحح ما لحق العريضة من بطلان وتظل مشورة به.


الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق 14/ 11/ 2000 أودع الأستاذ/ ... الطاعن (شخصيًا) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن، قيد برقم 2190 لسنة 47 ق.ع، مختصمًا فيه المطعون ضدهم بصفاتهم، وانتهى إلى طلب الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية الرقيم 300 لسنة 2000 فيما تضمنه من استبعاده من التعيين في وظيفة (مندوب مساعد) بمجلس الدولة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات
وذكر الطاعن شرحًا لطعنه أنه حاصل على ليسانس الشريعة والقانون من فرع جامعة الأزهر بأسيوط في دور مايو سنة 1997، بتقدير عام (ممتاز مع مرتبة الشرف)، وبمجموع تراكمي: (5156.5) من (6000) درجة، بنسبة مئوية 85.94%. وتقدم للتعيين في وظيفة (مندوب مساعد) بمجلس الدولة ضمن الدفعة التكميلية لسنة 1997، واجتاز الاختبارات والمقابلات الشخصية بنجاح، إلا أنه فوجئ بصدور القرار الجمهوري رقم 300 لسنة 2000 في 4/ 7/ 2000 بتعيين المندوبين المساعدين بمجلس الدولة خلوا من اسمه، متضمنًا أسماء من هم أقل منه في التقدير، على الرغم من تعيينه مندوبًا مساعدًا بهيئة قضايا الدولة آنذاك بالقرار الجمهوري رقم 59 لسنة 1999، الأمر الذي حداه على التظلم من ذلك القرار إلى رئيس مجلس الدولة في 18/ 7/ 2000، حيث قيد برقم (2554) ولم يتلق ردًا، فأقام طعنه الماثل بطلبه المتقدم
وقد جرى تحضير الطعن بهيئة مفوضي الدولة على النحو المبين بمحاضر جلسات التحضير، وقدمت الهيئة تقريرًا بالرأي القانوني، انتهت فيه إلى بطلان عريضة الطعن؛ لعدم توقيعها من محامٍ. وحُددت لنظر الطعن أمام الدائرة الثانية (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 11/ 5/ 2002، وفيها حضر الأستاذ... المحامي عن الأستاذ... بالتوكيل الخاص القضائي رقم 3094 لسنة 2002 في 8/ 5/ 2002 توثيق الإسماعيلية، وطلب التوقيع على عريضة الطعن أمام هيئة المحكمة، فأجابته إلى طلبه، حيث وقع على العريضة. وبجلسة 29/ 6/ 2002 أحالت المحكمة الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير تكميلي في ضوء توقيع المحامي على عريضة الطعن، فقدمت تقريرًا مسببًا انتهت فيه إلى الحكم ببطلان عريضة الطعن؛ تأسيسًا على أنه لا يجوز تصحيح هذا العيب حال وجوده، وفق ما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا، ومنها حكمها بجلسة 16/ 1/ 1994 في الطعن رقم 976 لسنة 35 ق.ع
وقد أحيل الطعن إلى الدائرة السابعة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا للاختصاص، وتدوول بجلساتها على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 30/ 12/ 2007 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 27/ 4/ 2008 مع التصريح بمذكرات في أسبوعين، وبهذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 4/ 5/ 2008، وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة بموجب المادة (54 مكررًا) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 للعدول عن المبدأ الذي أقرته الدائرة السابعة بالمحكمة الإدارية العليا بعدم استلزام توقيع العرائض المقدمة من أعضاء الهيئات القضائية في أي شأن من شئونهم من محامٍ مقبول لدى هذه المحكمة اكتفاء بتوقيعها منهم (الحكم الصادر بجلسة 14/ 1/ 2007 في الطعن رقم 21844 لسنة 51 ق. ع)، والذي قام على أسباب حاصلها تحقق الغاية التي قصدها المشرع من توقيع محامٍ على الصحف والعرائض، وقياسًا على ما تقضي به كل من المادتين (16) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، و(85) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972
وقدمت هيئة مفوضي الدولة بدائرة توحيد المبادئ تقريرًا بالرأي القانوني، ارتأت فيه بطلان صحيفة الطعن المقام أمام المحكمة الإدارية العليا من أحد أعضاء الهيئات القضائية في شأن يتعلق به، وذلك في حالة عدم توقيعها من محامٍ مقبول أمام تلك المحكمة
وحددت لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 8/ 11/ 2008، وتم تداوله بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 5/ 12/ 2009 قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يتضح من الأوراق - في أن الطاعن أقام الطعن الماثل بتاريخ 14/ 11/ 2000، طالبًا الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 300 لسنة 2000 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين بوظيفة (مندوب مساعد) بمجلس الدولة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، استنادًا إلى حصوله على ليسانس الشريعة والقانون من فرع جامعة الأزهر بأسيوط دور مايو عام 1997 بتقدير عام تراكمي (ممتاز مع مرتبة الشرف) بمجموع (5156.5) درجة من (6000) درجة، بنسبة مئوية (85.94%)، وتقدم للتعيين في الدفعة التكميلية لعام 1997، واجتاز الاختبارات والمقابلات الشخصية بنجاح، بيد أنه فوجئ بصدور القرار الطعين في 4/ 7/ 2000 غير متضمن لاسمه، متضمنًا أسماء ممن هم أقل منه في التقدير، فبادر بالتظلم منه إلى المطعون ضده الثالث في 18/ 7/ 2000، ولما لم يتلق ردًا على تظلمه، أقام طعنه الماثل بعريضة موقعة منه شخصيًا. وبعد تقديم هيئة مفوضي الدولة لتقريرها في الطعن منتهية إلى بطلان عريضة الطعن لعدم توقيعها من محامٍ، حرر الطاعن توكيلاً خاصًا لمحامٍ في 8/ 5/ 2002. وبجلسة المحكمة في 11/ 5/ 2002 حضر محامٍ عن المحامي الموكل وطلب التوقيع على العريضة، فأجابته إلى طلبه وقام بالتوقيع على العريضة، فأحيل الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة مرة أخرى لإعداد تقريرها في ضوء ما تقدم، فانتهت بتقريرها التكميلي إلى ذات رأيها السابق ببطلان عريضة الطعن؛ لعدم جواز تصحيح هذا العيب
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل هو مدى جواز قبول الطعون المقامة من أعضاء الهيئات القضائية أمام المحكمة الإدارية العليا في أمور خاصة بهم، دون توقيع محامٍ مقبول أمام المحكمة عليها، اكتفاءً بتوقيعها منهم شخصيًا
ومن حيث إن المادة (25) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، تنص على أن: "يقدم الطلب إلى قلم كتاب المحكمة المختصة بعريضة موقعة من محامٍ مقيد بجدول المحامين المقبولين أمام تلك المحكمة...". 
وتنص المادة (44) من ذات القانون في فقرتها الثانية على أن: "... ويقدم الطعن من ذوي الشأن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة، موقع من محامٍ من المقبولين أمامها، ويجب أن يشتمل التقرير، علاوة على البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم، على بيان الحكم المطعون فيه، وتاريخه، وبيان الأسباب التي بني عليها الطعن، وطلبات الطاعن. فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه جاز الحكم ببطلانه...". 
وتنص المادة (104) من ذات القانون على أن: "تختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال مجلس الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم، متى كان مبنى الطلب عيبًا في الشكل، أو مخالفة القوانين واللوائح، أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها، أو إساءة استعمال السلطة ...". 
ومن حيث إن البين من مطالعة النصوص المتقدمة أن المشرع كشف فيها عن المقومات الأساسية التي تنظم إجراءات إقامة الدعاوى والطعون أمام محاكم مجلس الدولة بمختلف أنواعها ودرجاتها؛ بحسبانها إعمالاً لحق التقاضي الذي كفله الدستور، وبما يتمشى والطبيعة المتميزة للمنازعة الإدارية التي يكون أحد أطرافها دومًا إحدى جهات الدولة، وبما يحقق التوازن القانوني بين طرفي المنازعة، ويمكن المحكمة من ممارسة اختصاصها بالفصل في المنازعة المقامة أمامها على النحو المحقق للعدالة. ومن هنا اشترط المشرع أن توقع عريضة الدعوى أو الطعن من محامٍ مقيد بجدول المحامين المقبولين أمام المحكمة التي تقام أمامها الدعوى أو الطعن؛ وذلك ضمانًا لتوفر الخبرة المناسبة في هذا الشأن، والإلمام الكامل بالإجراءات أمام المحكمة المعنية. وهي الحكمة التي تغياها المشرع في قانون المحاماة المنظم لهذه المهنة المعاونة للقضاء في أداء رسالته السامية، عندما أنشأ جداول للقيد بها بحسب درجة كل محكمة، وبعد انقضاء مدة خبرة حددها، بما يضمن تحقق الهدف المبتغى من درجات القيد
وقد اختص المشرع المحكمة الإدارية العليا؛ لكونها على قمة مدارج التنظيم القضائي لمجلس الدولة، وبما تحمله من اختصاص، وما تصدره من أحكام لا معقب عليها - بحكم خاص، وهو جواز الحكم بالبطلان إذا لم تأت عريضة الطعن أو الدعوى المقامة أمامها على الوجه الذي حدده نص القانون، وجاءت خلوا من أي بيان اشترطه القانون، مثل توقيع محامٍ من المقبولين أمامها، ومن ثم فإن اشتراط توقيع العريضة من محامٍ هو أمر جوهري، يترتب على مخالفته البطلان، ويغدو متعينًا القضاء بذلك
ومن حيث إنه تأكيدًا للمبدأ المتقدم نصت المادة (58) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 على أن: " لا يجوز في غير المواد الجنائية التقرير بالطعن أمام محكمة النقض أو المحكمة الإدارية العليا إلا من المحامين المقررين لديها، سواء كان ذلك عن أنفسهم أو بالوكالة عن الغير. كما لا يجوز تقديم صحف الاستئناف أو تقديم صحف الدعاوى أمام محكمة القضاء الإداري إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المقررين أمامها
وكذلك لا يجوز تقديم صحف الدعاوى وطلبات أوامر الأداء للمحاكم الابتدائية والإدارية إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المقررين أمامها على الأقل. ويقع باطلاً كل إجراء يتم بالمخالفة لأحكام هذه المادة ". 
وعلى ذلك يكون المشرع قد قرر جزاء البطلان على عدم توقيع الصحف والعرائض من أحد المحامين المقبولين أمام المحكمة المعنية، فالبطلان منصوص عليه في القانون (قانون مجلس الدولة وقانون المحاماة)، وهذا إدراكًا من المشرع لأهمية أن تحرر العرائض والصحف بمعرفة محامٍ. وإزاء صراحة هذه النصوص فإنه يضحى من غير الجائز والمقبول الانحراف عن صريح عبارات النصوص واعتناق تفسير يناقض هذه العبارات الواضحة الجلية والقاطعة الدلالة على المقصود منها؛ إذ لا اجتهاد مع صراحة النصوص في هذا الخصوص
ومن حيث إنه سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت بجلستها المعقودة في 7/ 2/ 1998 في القضية رقم (24) لسنة 19 ق دستورية برفض الدعوى المقامة بعدم دستورية الفقرة الخامسة من المادة (58) من قانون المحاماة المشار إليها، التي تقرر بطلان العريضة أو الصحيفة غير الموقعة من محامٍ مقبول لدى المحكمة التي تقام أمامها الدعوى أو الطعن، أي أنه قُضي بدستورية النص على البطلان في هذه الحالة؛ تأسيسًا على أن لكل مرحلة تبلغها الخصومة القضائية قضاتها ومحاميها، فلا يتولون تبعاتها تباهيًا، وإنما باعتبارهم أمناء عليها بما مارسوه قبلها من أعمال قانونية تزيد من نضجهم، وتعمق خبراتهم، وتهديهم إلى الحقائق العلمية التي يقيمون بها الحق، فلا يظلمون. وما المحامون - وعلى ما تقضي به المادة الأولى من قانون المحاماة - إلا شركاء للسلطة القضائية، يعينونها على إيصال الحقوق لذويهم، بما يقيم لها ميزانها انتصافًا، فلا يكون اجتهادها ونظرها فيها مظنونًا، بل واعيًا بصيرًا... كذلك فإن الحكم ببطلان هذه الصحيفة لخلوها من توقيع تستكمل به أوضاعها الشكلية، ضمان مباشر لمصلحة موكليهم من جهة، ولضرورة أن تتخذ الخصومة القضائية مسارًا طبيعيًا يؤمنها من عثراتها، فلا يتفرق جهد قضاتها فيما هو زائد على متطلباتها من جهة، أو قاصر عن استيفاء جوانبها وحوائجها من جهة ثانية. وحيث إن ما تقدم مؤداه أن نص المادة (58) المطعون عليها يقع في نطاق السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في موضوع تنظيم الحقوق، بما لا ينال من أصلها أو يقيد محتواها... ذلك أن الأصل في الأشكال التي يفرضها المشرع للعمل الإجرائي أن يكون احترامها واجبًا، وإن كان النزول عليها يفترض أن لا يخل التقيد بها بالأغراض التي توخاها المشرع منها، فلا يحكم بغير نص ببطلان الأعمال الإجرائية التي تناقض هذه الأشكال، ولا ببطلانها - ولو نص عليه المشرع - إذا كان إغفالها لا يناهض المصلحة التي قصد المشرع إلى بلوغها من وراء تقريرها. ومتى كان ذلك، وكان النص المطعون فيه يتوخى أن تتوافر للخصومة القضائية عناصر جديتها من خلال محامٍ يكون مهيأ لإعداد صحيفتها، وكانت مواعيد الطعن في الأحكام مقررة - في بدايتها ونهايتها - بقواعد آمرة لا تجوز مخالفتها، فإن تقرير بطلان الصحيفة التي لا يوقعها محامٍ مقبول أمام المحكمة المعنية، أو لا يصححها بالتوقيع عليها بعد تقديمها إليها، وقبل انقضاء مواعيد الطعن في هذا الحكم، لا يكون منافيًا للدستور ". 
ومن حيث إنه في ضوء ما سلف فإن عدم توقيع صحف وعرائض الدعاوى أو الطعون أمام المحكمة الإدارية العليا من محامٍ مقبول أمامها يترتب عليه البطلان؛ التزامًا بصراحة النصوص المتقدمة وتفسيرها بما يحقق الاتساق والتناغم بين القوانين المعمول بها، التي تشكل في النهاية منظومة قانونية تتكامل نصوصها وأحكامها ولا تتصادم، وذلك طبقًا للأصل العام
ومن حيث إن المادة (104) من قانون مجلس الدولة المشار إليها، التي اختصت إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا بالفصل في الطلبات المقدمة من أعضاء مجلس الدولة لإلغاء أي من القرارات المتعلقة بأي شأن من شئونهم الوظيفية، كذلك المادة (40 مكررًا) من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري؛ والمادة (25 مكررًا) من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963، وكلتاهما اختصت إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا بالفصل في الطلبات التي يقدمها أعضاء كل من الهيئتين في أي شأن وظيفي؛ يتعين تطبيق أحكامها وتفسيرها في ضوء ما انتهت إليه هذه الدائرة قبلاً من ضرورة توقيع العريضة المقدمة من أي عضو من هذه الهيئات القضائية من محامٍ مقبول أمام المحكمة الإدارية العليا، وإلا غدت العريضة باطلة؛ لأنه وإذا كان المشرع تقديرًا للوظيفة القضائية التي يشغلونها، وما لها من توقير واحترام، جعل الفصل فيما يتعلق بشئونهم الوظيفية للمحكمة الإدارية العليا التي تستوي على قمة التنظيم القضائي لمجلس الدولة، وذلك على درجة واحدة، استثناء من الأصل العام في التقاضي، فإن هذا الاستثناء لا يتعين أن يتوسع فيه، شأنه شأن أي استثناء، وذلك بمده ليشمل صحف الدعاوى التي يقيمونها أمام هذه المحكمة، بأن تكون غير موقعة من محامٍ مقبول أمام المحكمة، اكتفاءً بتوقيعهم عليها، بمقولة إنه تتوفر فيهم الخبرة الواسعة في العمل القانوني مما يمكنهم من إعداد وكتابة صحف دعاواهم والتوقيع عليها، وتحقق الهدف المنشود من توقيع المحامي؛ ذلك أن هذا القول يتعارض وصراحة النصوص على النحو السالف؛ فضلاً عن أنه يمايز بينهم ويبين نظائرهم من القانونيين من غير أعضاء الهيئات القضائية دون سند من القانون، إذ لو أراد المشرع ذلك الاستثناء لما أعوزه النص على ذلك صراحة، أسوة بما اتبعه في شأنهم بصدد الرسوم القضائية عندما نص على إعفائهم منها. كما أنه يقيم عدم المساواة بين أعضاء الهيئات بعضهم البعض؛ لأن العضو الحديث في بداية السلم الوظيفي أو الذي يطالب بالالتحاق بإحدى الهيئات القضائية، لا تتوافر له الخبرة الواسعة والطويلة في العمل القانوني والقضائي بما يمكنه من الكتابة إلى المحكمة الإدارية العليا بما لها من مكانة عالية ينبغي الحفاظ عليها، ومن ثم تكون تفرقة غير مستساغة، حيث تقبل بعض صحف الدعاوى وتبطل الصحف الأخرى بحسب الحالة الوظيفية لرافع الدعوى
ومن حيث إنه لا ينال مما انتهت إليه هذه الدائرة، من استلزام توقيع صحف الدعاوى المقامة من أعضاء مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية أمام المحكمة الإدارية العليا في شأن من شئونهم الوظيفية من محامٍ مقبول أمام تلك المحكمة، ولا يكتفي في هذا الشأن بتوقيع أي من هؤلاء الأعضاء - ما ذهبت إليه الدائرة السابعة من هذه المحكمة في حكمها الصادر بجلستها المعقودة في 14/ 1/ 2007 في الطعن رقم 21844 لسنة 51 ق. ع من استهداء بما نصت عليه المادة (16) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 من أن: " تختص المحكمة دون غيرها بالفصل في الطلبات الخاصة بالمرتبات والمكافآت والمعاشات بالنسبة لأعضاء المحكمة أو المستحقين عنهم. كما تختص بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم، وكذلك طلبات التعويض المترتبة على هذه القرارات. واستثناء من أحكام المادة (34) يوقع على الطلبات المشار إليها في الفقرتين السابقتين من صاحب الشأن "؛ إذ إن هذا النص ورد على سبيل الاستثناء - طبقًا لصراحة نصه على ذلك - مما استلزمته المادة (34) من قانون المحكمة التي أوجبت أن تكون الطلبات وصحف الدعاوى التي تقدم إلى المحكمة الدستورية العليا موقعًا عليها من محامٍ مقبول أمامها، فإذا كان هذا استثناء ورد بنص خاص بأعضاء المحكمة الدستورية العليا، فلا يسوغ تطبيقه أو الاستدلال به بالنسبة إلى أعضاء مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية، وقد خلت القوانين المنظمة لشئونهم من تقرير استثناء مثيل يقرر لهم مثل ذلك الحكم. كما يصدق ذات القول أيضًا على الاستشهاد بالمادة (85) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 عندما جرى نصها: " يباشر المدعي جميع الإجراءات أمام الدائرة بنفسه ..."، وبالأحرى فإن هذين النصين، وقد جاءا استثناء من القواعد العامة، لا يجوز القياس عليهما أو الاستدلال بهما أمام صراحة نصوص أخرى لم تتضمن مثل هذا الاستثناء
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فإنه يكون من المتعين العدول عن المبدأ الذي قضى به في الطعن رقم 21844 لسنة 51 ق. ع، والقضاء ببطلان عرائض الدعاوى المقامة من أعضاء الهيئات القضائية أمام المحكمة الإدارية العليا دون توقيع محامٍ مقبول أمامها
ومن حيث إنه ولئن كان عدم توقيع عريضة الطعن أو الدعوى المقامة أمام المحكمة الإدارية العليا من محامٍ مقبول أمامها يصمها بالبطلان، بيد أنه يجوز تصحيح هذا البطلان إذا ما تم توقيع المحامي على العريضة خلال المواعيد المحددة للطعن؛ على ما قضت به المحكمة الدستورية في حكمها السالف. أما إذا تم هذا التوقيع بعد انقضاء هذه المواعيد، فإنه لا يصحح ما لحق العريضة من بطلان وتظل مشوبة به، وفق ما جاء بحكم المحكمة الدستورية المشار إليه والقضاء السابق لهذه المحكمة
ومن حيث إنه لما كان الطعن الماثل صالحًا للحكم فيه، فلا تثريب على هذه الدائرة أن تنزل عليه حكم القانون وتعمل في شأنه ما انتهت إليه من تطبيق صحيح لأحكام القانون، وذلك على ما اطّرد عليه قضاء هذه الدائرة
ومن حيث إن الثابت من أوراق الطعن أن الطاعن قد أودع في 14/ 11/ 2000 تقريرًا بالطعن على قرار رئيس الجمهورية الرقيم 300 لسنة 2000 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين في وظيفة (مندوب مساعد) بمجلس الدولة، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وكان هذا التقرير بالطعن موقعًا منه وغير موقعٍ من محامٍ مقبول أمام هذه المحكمة، على خلاف ما تقضي به المادة (44) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، وطبقًا لما انتهت إليه هذه المحكمة قبلاً من ترتيب جزاء البطلان في هذه الحالة، نزولاً على صراحة النصوص القانونية على النحو السالف بيانه؛ فإنه يتعين القضاء ببطلان عريضة الطعن
ولا ينال من ذلك أن عريضة الطعن قد تم التوقيع عليها من محامٍ إبان نظر الطعن أمام المحكمة بجلستها المعقودة في 11/ 5/ 2002؛ لأن هذا التوقيع لا يصحح ما لحق العريضة من بطلان؛ لتمامه بعد انقضاء مواعيد الطعن، ومن ثم فلا ينتج أي أثر في هذا الخصوص.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
(أولاً) ببطلان عرائض الدعاوى والطعون المقامة من أعضاء الهيئات القضائية دون توقيع محامٍ من المقبولين أمام المحكمة الإدارية العليا عليها
(ثانيًا) بجواز تصحيح هذا البطلان بتوقيع العريضة من محامٍ خلال المواعيد المقررة للطعن
(ثالثًا) في شأن الطعن رقم 2190 لسنة 47 ق. ع، ببطلان عريضة الطعن للتوقيع عليها بعد المواعيد المقررة.

الطعن 4517 لسنة 55 ق جلسة 6 / 6 / 2009 مكتب فني 54 ق 77 ص 620


السيد الأستاذ المستشار/ نبيل ميرهم مرقص رئيس مجلس الدولة رئيسًا
السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق محمد راشد نائب رئيس مجلس الدولة 
السيد الأستاذ المستشار/ إبراهيم الصغير إبراهيم يعقوب نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى سعيد مصطفى حنفي نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ أحمد عبد الحميد حسن عبود نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ عادل سيد عبد الرحيم نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ صلاح عبد اللطيف الجرواني نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ هشام محمود طلعت الغزالي نائب رئيس مجلس الدولة

 ---------------
(77)
جلسة 6 من يونيه سنة 2009
(الدائرة الأولى)

الطعن رقم 4517 لسنة 55 القضائية العليا.

اتحادات - الاتحاد المصري لكرة القدم - شروط الترشح لمجلس إدارة الاتحاد - شرط أداء الخدمة العسكرية
- المادة (4) من القانون رقم 77 لسنة 1975 بشأن الهيئات الخاصة بالشباب والرياضة
- المادة (36) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية رقم 127 لسنة 1980.
- المادة (19) من لائحة النظام الأساسي للاتحاد المصري لكرة القدم الصادرة بقرار رئيس المجلس القومي للرياضة رقم 175 لسنة 2008
يقصد بشرط أداء الخدمة العسكرية وفقًا لما ورد بلائحة النظام الأساسي للاتحاد المصري لكرة القدم المتطلب للترشح لمجلس إدارته: أن يكون المرشح قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفي منها، أو كان غير مطلوب لأدائها نهائيًا طبقًا للقانون - يقصد بذلك الحالات التي لا يجوز فيها التجنيد لأداء الخدمة العسكرية نهائيًا، ومنها تجاوز السن المقرر للتجنيد، إعمالاً لحكم المادة 36 من قانون الخدمة العسكرية والوطنية - لا وجه للقياس في تفسير الشرط المذكور على ما ورد بكل من المادة 5/ 5 من قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972، والمادة 6/ 5 من قانون مجلس الشورى والمادة 75/ 5 من قانون نظام الإدارة المحلية من أن يكون المرشح قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفي من أدائها طبقا للقانون؛ إذ إن ما ورد بهذه القوانين بشأن الشرط المذكور لا يماثل تماما النص الوارد بلائحة النظام الأساسي للاتحاد المصري لكرة القدم، حيث أضاف النص الوارد بهذه اللائحة إلى شرط أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها الوارد بالقوانين المشار إليها عبارة "أو أن يكون غير مطلوب لأدائها نهائيا طبقا للقانون" - علة ذلك: اختلاف طبيعة الحق في الترشح لعضوية المجالس النيابية ومجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم، بالنظر إلى المهام المنوطة بكل منهما - ترتيبًا على ذلك: التخلف عن أداء الخدمة العسكرية الإلزامية، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتخلف عن أدائها، ومعاقبته بالغرامة؛ تجعله غير مطلوب نهائيا لأداء الخدمة العسكرية؛ لتجاوزه السن المقررة للتجنيد - تطبيق.


الإجراءات
بتاريخ 27/ 11/ 2008 أودع الأستاذ/ .... المحامي بالنقض والإدارية العليا - بصفته نائبا عن الطاعن - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن، قيد بجدولها بالرقم المشار غليه، على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثانية) بجلسة 26/ 11/ 2008 في الدعوى رقم 6021 لسنة 63ق، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من قبول ترشح المدعى عليه الثالث/ ...، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، وألزمت جهة الإدارة المصروفات، وأمرت بإحالة لدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلبي الإلغاء والتعويض.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن: الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحم المطعون فيه لحين الفصل في موضوع الطعن، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى الصادر فيها الحكم وإلزام المدعى فيها المصروفات.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة لدى المحكمة، تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعن المصروفات
وقد نظر الطعن بالجلسات أمام الدائرة لأولى فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا، على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حيث قدم الحاضر عن الطاعن ست حوافظ مستندات ومذكرة، وبجلسة 2/ 3/ 2009 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة تحددها ويخطر بها الخصوم، حيث تحدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 28/ 3/ 2009 وتدوول بالجلسات التالية لها، وبجلسة 18/ 4/ 2009 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة اليوم، مع التصريح بإيداع مذكرات لمن شاء خلال أسبوع، وأثناء هذه المهلة أودع وكيل المطعون ضده الثاني مذكرة دفاع التمس فيها الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا، فمن ثم فهو مقبول شكلاً
ومن حيث إن عناصر المنازعة مستقاة من أوراقها تجمل - وبالقدر اللازم لحمل منطوق الحكم على أسبابه - في أن المطعون ضده الأول في هذا الطعن كان قد أقام الدعوى رقم 6021 لسنة 63 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثانية) بتاريخ 19/ 11/ 2008 وطلب الحكم فيها بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار إدراج اسم المدعى عليه الثالث/ ....، ضمن كشوف المرشحين لانتخابات مجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم لدورة 2008/ 2012 واستبعاده من قائمة المرشحين، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على سند من القول إن النادي الذي يمثله هو عضو في الجمعية العمومية للاتحاد المصري لكرة القدم وله حق التصويت في انتخابات مجلس إدارة الاتحاد، وأنه بعد أن تحدد يوم 14/ 10/ 2008 موعدا لفتح باب الترشح لانتخابات رئيس وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد، تقدم المدعي عليه الثالث/ ... بطلب للترشح لعضوية مجلس إدارة الاتحاد، وتم قبول ترشحه على الرغم من عدم انطباق شروط الترشح عليه؛ حيث لم يؤد الخدمة العسكرية أو أعفي على الرغم من عدم انطباق شروط الترشح عليه؛ حيث لم يؤد الخدمة العسكرية أو أعفي منها أو كان غير مطلوب لأدائها، كما أنه لم يتم انتخابه رئيس لمجلس إدارة النادي الأوليمبي وإنما كانت رئاسته لهذا النادي بالتعيين ولم تكتمل دورته الانتخابية، وأن الفريق الأول للنادي الأوليمبي الذي كان المرشح عضوا بمجلس إدارته لم يكن مشاركا بمسابقة الدوري العام بالقسم الأول طوال الدورة الانتخابية.
وبعد أن نظرت محكمة القضاء الإداري الشق العاجل من تلك الدعوى بجلساتها أصدرت بجلسة 26/ 11/ 2008 حكمها المطعون فيه، وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن المدعى عليه الثالث في تلك الدعوى قد تخلف عن أداء الخدمة العسكرية واتخذت ضده الإجراءات القانونية بالفضية رقم 78/ 84 جنح عسكرية لندن، ومن ثم ما كان يجوز قبول أوراق ترشحه لعضوية مجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم لفقده شرطا أساسيا نصت عليه المادة 19 من لائحة النظام الأساسي للاتحاد المصري لكرة القدم، مما يكون معه قرار قبول ترشحه قد صدر بالمخالفة لصحيح حكم القانون، الأمر الذي يتوافر به ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ، كما يتوافر ركن الاستعجال في هذا الطلب لتعلق الأمر بحق الترشح وهو حق دستوري ومن شأن المساس به أن يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها، وبناء على ذلك قضت المحكمة بحكمها المشار إليه
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولا لدى المدعى عليه الثالث فقد قام بالطعن عليه بموجب الطعن الماثل، ناعيا على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون بقبول الدعوى لعدم توافر المصلحة لرافع الدعوى بطلب استبعاده من كشوف المرشحين، وعدم اعتراضه على الترشح في الميعاد المقرر، كما أن ركني الجدية والاستعجال لا يتوافران في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل يدور حول ما إذا كان الطاعن قد توافر في شأنه شرط أداء الخدمة العسكرية، أو الإعفاء منها، أو كان غير مطلوب نهائيًا لأدائها طبقا للقانون من عدمه.
ومن حيث إن المادة الرابعة من القانون رقم 77 لسنة 1975 بشأن الهيئات الخاصة بالشباب والرياضة قد أناطت الجهة الإدارية المركزية أن تضع الأنظمة الأساسية للهيئات الخاضعة لأحكام هذا القانون وتعتمد بقرار من الوزير المختص، تحدد طريقة تشكيل مجلس الغدارة في بعض الهيئات ذات الطبيعة الخاصة، والشروط الواجب توافرها في الأعضاء.
وفي نطاق ذلك صدرت لائحة النظام الأساسي للاتحاد المصري لكرة القدم بقرار رئيس المجلس القومي للرياضة رقم 175 لسنة 2008 وتنص المادة 19 من هذه اللائحة على أن: "يشترط في المرشح لمنصب الرئيس أو عضوية مجلس الإدارة ما يأتي: ..... 4 - أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية، أو أعفي منها، أو غير مطلوب لأدائها نهائيا طبقا للقانون". 
ومن حيث إنه لا مراء في أن التجني لأداء الخدمة العسكرية واجب وطني مقدس، وشرف لا يدانيه شرف، إلا أنه يجب تفسير الشرط المذكور وفقا لصريح وطني مقدس، وشرف لا يدانيه شرف، إلا انه يجب تفسير الشرط المذكور وفقا لصريح ما ورد بلائحة النظام الأساسي للاتحاد المصري لكرة القدم، وهو أن يكون المترشح لعضوية مجلس إدارة الاتحاد قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفي منها، أو غير مطلوب لأدائها نهائيًا طبقا للقانون, ويقصد بذلك الحالات التي لا يجوز فيها التجنيد لأداء الخدمة العسكرية نهائيًا، ومنها تجاوز السن المقرر للتجنيد، إعمالا لحكم المادة 36 من قانون الخدمة العسكرية والوطنية رقم 127 لسنة 1980 أنه لا يجوز أن يطلب للخدمة العسكرية من أتم الثلاثين من عمره.
ولا وجه للقياس في تفسير الشرط المذكور، وفقا لما نصت عليه اللائحة المشار إليها، على ما ورد بكل من المادة 5/ 5 من قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972، والمادة 6/ 5 من قانون مجلس الشورى رقم 120 لسنة 1980، والمادة 75/ 5 من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 من أن يكون المرشح قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفي من أدائها طبقا للقانون؛ إذ إن ما ورد بهذه القوانين بشأن الشرط المذكور لا يماثل تماما النص الوارد بلائحة النظام الأساسي للاتحاد المصري لكرة القدم، لأن النص الوارد بهذه اللائحة قد أضاف إلى شرط أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها الوارد بالقوانين المشار إليها عبارة: "أو أن يكون غير مطلوب لأدائها نهائيا طبقا للقانون"، ومرجع عدم التطابق بين الشرطين على نحو ما تقدم هو اختلاف طبيعة الحق في الترشح لعضوية المجالس النيابة ومجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم، بالنظر إلى المهام المنوطة بكل منهما.
ومن حيث إنه على ضوء ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن كان قد تقدم للترشح لعضوية مجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم دورة 2008/ 2012 وتم قبول ترشحه وإدراجه بكشف المرشحين أن إلا أنه تم الطعن على هذا القرار بالدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه، حيث قضى ببطلان قبول ترشحه، فتم استبعاده من قائمة المرشحين، على سند من أنه تخلف عن أداء الخدمة العسكرية الإلزامية واتخذت ضده الإجراءات القانون بالقضية رقم 78/ 1984 جنح عسكرية لندن، حيث قضى بمعاقبته بالغرامة، غلا أنه لما كان الثابت من الشهادة التي حررت للطاعن من إدارة التجنيد بتاريخ 28/ 5/ 1984 أنه بعد محاكمته أصبح غير مطالب نهائيا بقديم إحدى الشهادات أو النماذج المنصوص عليها بالمادة 45 من قانون الخدمة العسكرية والوطنية رقم 127 لسنة 1980 والتي تفيد موقفه من التجنيد، وبهذه المثابة فإن الطاعن يكون غير مطلوب تجنيده نهائيًا لأداء الخدمة العسكرية بعد أن تجاوز السن المقررة للتجنيد، الأمر الذي يضحى معه قرار قبول ترشحه لعضوية مجلس إدارة الاتحاد المصري لكره القدم قد صادف صحيحي حكم القانون، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بوقف تنفيذ ذلك القرار مع ما يترتب على ذلك من أثار، فإنه يكون والحالة هذه قد تنكب وجه الصواب فيما قضى به، مما يتعين معه القضاء بإلغاء هذا الحكم، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يتحمل مصروفاته، عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبإلغاء الحكم المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده الأول بصفته المصروفات عن درجتي التقاضي.

طلبا الرد 18613 و21763 لسنة 55 ق جلسة 14 / 7 / 2009 مكتب فني 54 ق 89 ص 733

السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعي نائب رئيس مجلس الدولة رئيسًا
السيد الأستاذ المستشار/ يحي عبد الرحمن يوسف نائب رئيس مجلس الدولة 
السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى محمد عبد المنعم نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ منير صدقي يوسف خليل نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ جعفر محمد قاسم نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ عمر ضاحي عمر ضاحي نائب رئيس مجلس الدولة
 -------------------
(89)
جلسة 14 من يوليو سنة 2009
(الدائرة الثالثة)
طلبا الرد رقما 18613 و21763 لسنة 55 القضائية عليا.
دعوى - رد القضاة - مفهومه وأسبابه - العداوة أو المودة بين القاضي وأحد الخصوم - مفهومها - التنازل عن طلب الرد - أثره - لا يعتد بالتنازل إذا رفض القاضي المطلوب رده ترك الخصومة بالنسبة له
- المواد(141) و(142) و(148) و(153) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
- المادة (53) من قانون مجلس الدولة
المقصود من طلب الرد هو إبعاد القاضي الذي يقوم في حقه سبب من أسباب الرد التي حددها القانون إذا عنَّ للخصم ذلك؛ تحقيقًا لجوهر استقلال القضاء وتنزيهًا للسلطة القضائية - تدخل المشرع بتعديل بعض أحكام رد القضاة بما يضمن جدية طلب الرد وعدم إساءة استعمال الخصوم لهذا الحق - أسباب الرد مناطها وقائع محددة على سبيل الحصر، من بينها أن يكون بين القاضي وأحد الخصوم عداوة أو مودة يرجع معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل - لا يشترط في هذا المقام أن تصل العداوة إلى الخصومة التي ترفع إلى القضاء، كما لا يشترط في المودة أن تصل إلى حد المؤاكلة أو المساكنة أو قبول الهدايا، أو تكون ناشئة عن زوجية أو قرابة أو مصاهرة - العداوة أو المودة المقصودة يتعين أن تكون شخصية، فهي علاقة ذاتية مباشرة بين القاضي وأحد الخصوم، تتمثل في أفعال محددة تنبئ عنها وتفصح عن حقيقتها، بل تعبر عن تلك الرابطة وتسبغ عليها وصف العداوة أو المودة - لا يكفي الادعاء بوجودها، بل يجب أن يقوم عليها الدليل الذي يقطع بقيامها في أفعال وسلوك من جانب القاضي، تتجلى فيها العداوة أو المودة - التنازل عن طلب الرد - أثره - لا يعتد بالتنازل إذا رفض القاضي المطلوب رده لترك الخصومة بالنسبة له - مؤدى هذا: تفصل المحكمة في طلب الرد شكلاً وموضوعًا - تطبيق.

الإجراءات
في يوم الخميس الموافق 7/ 5/ 2009 أودع وكيل شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بطلب الرد الأول قيد بجدولها برقم 18613 لسنة 55 ق. عليا طلب في ختامه رد كل من 1 - المستشار/ حسين .... نائب رئيس مجلس الدولة 2 - المستشار/ إبراهيم .... نائب رئيس مجلسة الدولة 2 - المستشار/ عطية .... نائب رئيس مجلس الدولة 4 - المستشار/ صلاح .... نائب رئيس مجلس الدولة عن نظر دعوى البطلان رقم 27757 لسنة 54 ق.عليا المقامة من: .... ضد الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا في الطعون 10005 و10380 و10418 و10605 لسنة 52 عليا بجلسة 22/ 3/ 2008 وتم إبلاغ المطلوب ردهم بطلب الرد، فأودع كل منهم تعقيبًا على ما ورد به.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 26/ 5/ 2009 أودع وكيل ذات الشركة المذكورة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بطلب الرد الثاني قيد بجدولها برقم 21763 لسنة 55 ق. عليا طلب في ختامه رد المستشار/ السيد ... نائب رئيس مجلس الدولة عن نظر دعوى البطلان المشار إليها
وقد حددت المحكمة جلسة 19/ 5/ 2009 لنظر طلب الرد الأول، وفيها طلب الحاضر عن الشركة طالبة الرد ضم ملف دعوى البطلان لاتصال طلب الرد بمحاضر جلسات نظرها وإجراءات الخصومة فيها، وطلب استخراج صورة رسمية لمحاضر جلسات الدوائر الأول والرابعة وتوحيد المبادئ بالمحكمة بتاريخ 9/ 5/ 2009، وقد أودع كل مستشار من المطلوب ردهم مذكرة بالرد على طلب رده، وفي الجلسة المذكورة قررت المحكمة ضم ملف دعوى البطلان الأصلية المشار إليها، وصرحت للشركة طالبة الرد باستخراج صورة رسمية لمحاضر الجلسات سالفة الذكر، وقررت التأجيل لجلسة 26/ 5/ 2009 وفيها قدم الحاضر عن طالبة الرد ثلاث حافظات مستندات ومذكرة بدفاعها، وطلب وقف طلب الرد تعليقًا حتى يتم الفصل في الدعوى رقم 38036 لسنة 64 ق. كما طلبت الشركة إحالة طلب الرد إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيه، وأضاف الحاضر عنها أنه فوجئ بحضور المستشار/ السيد ... نائب رئيس مجلس الدولة بجلسة 9/ 5/ 2009 لاستكمال الدائرة التي تنظر دعوى البطلان المشار إليها، ولذلك قدمت الشركة ضده طلب الرد رقم 21763 لسنة 55 ق. عليا وسيحال إلى هذه المحكمة طبقًا للقانون، وقد قررت المحكمة التأجيل إلى جلسة 9/ 6/ 2009 وطلبت من هيئة مفوضي الدولة إعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الرد، وفيها تبين ورود هذا التقرير في طلبي الرد حيث كانت المحكمة قد أحالت طلب الرد الثاني إلى الهيئة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيه مع طلب الرد الأول، وقد ارتأت الهيئة في ختام تقريرها: أولاً - عدم اختصاصها بإعداد تقرير فيهما، واحتياطيًا - رفض الطلبين وتغريم الشركة ستة آلاف جنيه عن كل مستشار ومصادرة الكفالة، وبالجلسة سالفة الذكر نظرت المحكمة طلب الرد الثاني، وورد رد المستشار/ السيد.... عليه، وفيها قررت ضم هذا الطلب إلى طلب الرد الأول ليصد فيهما حكم واحد، وقررت التأجيل لجلسة 16/ 6/ 2009 للاطلاع على تقرير هيئة مفوضي الدولة، وفيها قرر الحاضر عن الشركة طالبة الرد أن الشركة تتنازل عن طلب الرد بالنسبة للمستشارين/ حسين ... وعطية ... وصلاح ... والسيد ... نواب رئيس مجلس الدولة، وتتمسك باستمرار طلب الرد بالنسبة للمستشار/ إبراهيم... نائب رئيس مجلس الدولة، وطلب سماع شهادة المستشار/ حسين... عن الأسباب التي أدت إلى منعه من ترؤس جلسة 9/ 5/ 2009 رغم تواجده بمقر مجلس الدولة بالجيزة وحضوره جلسة دائرة توحيد المبادئ. وأودع ثلاث حافظات مستندات وطلب التصريح باستخراج صور رسمية لبعض الأوراق من هيئة المساحة والشهر العقاري والهيئة العامة للتنمية الزراعية على النحو المشار إليه تفصيلاً بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة التأجيل إلى جلسة 23/ 6/ 2009 ليعقب المستشار/ حسين ... نائب رئيس مجلس الدولة على ما أبداه الحاضر عن الشركة طالبة الرد من أن سيادته مُنع من ترؤس جلسة نظر دعوى البطلان الأصلية المشار إليها بجلسة 9/ 5/ 2009، وتم إبلاغ سيادته بهذا القرار, فأودع بسكرتارية هذه المحكمة ردًا على ما أبدته الشركة طالبة الرد, أورد فيه أنه لم يمنع قط عن رئاسة الدائرة الأولى – موضوع – بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 9/ 5/ 2009 وأن حضوره جلسة 18/ 4/ 2009 لنظر دعوى البطلان الأصلية المشار إليها التي كانت تنظر أمام الدائرة المذكورة كان بطلب من المستشار/ إسماعيل... رئيس تلك الدائرة لغياب وتنحي بعض أعضائها، ولما حضر فوجئ بتنحي المستشار/ إسماعيل... عن رئاسة الدائرة بعد فتح الجلسة وإثبات ذلك في محضرها، وباعتباره أقدم الأعضاء الحاضرين استمع لطلبات الخصوم وقرر تأجيل نظرها إلى جلسة 9/ 5/ 2009، إلا أنه وقبل انعقادها تبين له ورود طلب من الشركة برده مع ثلاثة من أعضاء الدائرة، وأنه باعتباره رئيسًا للدائرة الرابعة - فحص عليا - التي تنعقد يوم السبت في ذات يوم انعقاد الدائرة الأولى - موضوع انتهى من أعمال دائرة الفحص رئاسته، وتوجه إلى السيد المستشار رئيس مجلس الدولة ليحدد الدائرة التي يحال إليها طلب الرد، ثم توجه إلى حيث تنعقد الدائرة الأولى موضوع، فوجدها عقدت برئاسة المستشار/ إبراهيم...... نائب رئيس مجلس الدولة، وأحال طلب الرد إلى الدائرة الثالثة عليا موضوع, وانتهت الجلسة فاعتقد أن ذلك تم بسبب تأخره في الحضور إلى الدائرة، وباعتبار أن حضوره كان لمجرد سد نقص مؤقت في تشكيلها، خاصة وأن المستشار/ إبراهيم... عضو اليمين الأصيل في الدائرة الأولى، ولا يوجد ما يمنع من رئاسته لها
وبجلسة 23/ 6/ 2009 قررت المحكمة إصدار الحكم في طلبي الرد بجلسة 7/ 7/ 2009 وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات خلال أسبوع، وأثناء فترة حجزها للحكم قدم وكيل الشركة طالبة الرد طلبًا لإعادتهما للمرافعة كي يتنازل ويترك الخصومة بالنسبة للمستشار/ إبراهيم... ، و قد تم إبلاغ سيادته بطلب الشركة، فأودع تعقيبًا عليه لدى سكرتارية المحكمة بتاريخ 4/ 7/ 2009، قرر فيه بأنه سبق أن أبدى رده على طلب الرد وطلب رفضه، ومن ثم فإنه لا يقبل التنازل عنه، ولا يوافق على ترك الخصومة فيه من الشركة عملاً بنص المادة 142 مرافعات، وبجلسة 7/ 7/ 2009 قررت المحكمة إعادة طلبي الرد على المرافعة لذات الجلسة وأثبتت في محضرها مذكرة المستشار/ إبراهيم.... ردًا على طلب الترك، ولم يحضر أحد عن الشركة وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, والمداولة
من حيث إنه عن ترك الخصومة في طلبي الرد بالنسبة للسادة المستشارين المطلوب ردهم فيما عدا المستشار/ إبراهيم.... نائب رئيس مجلس الدولة فإنه لما كانت المادة 53 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أن: "تسري في شأن رد مستشاري المحكمة الإدارية العليا القواعد المقررة لرد مستشاري محكمة النقض...". وكانت المادة 148 من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية قد أجازت رد القاضي لأحد الأسباب التي بينتها (سيرد ذكرها)، وأشارت المادة 153 من ذات القانون معدلة بالقوانين 95 لسنة 1976 و23 لسنة 1992 و18 لسنة 1999 إلى أن الرد يحصل بتقرير يقدم بقلم كتاب المحكمة التي يتبعها القاضي المطلوب رده، وألزمت طالب الرد أن يودع عند التقرير بالرد مبلغًا مقداره ثلاث مئة جنيه على سبيل الكفالة، ثم نصت المادة 159 من ذات القانون معدلة بالقوانين سالفة الذكر ثم بالقانون رقم 76 لسنة 2007 على أن: "تحكم المحكمة عند رفض طلب الرد أو سقوط الحق فيه أو عدم قبوله، أو أثبات التنازل عنه على طالب الرد بغرامة لا تقل عن أربع مئة جنيه ولا تزيد على أربعة آلاف جنيه و مصادرة الكفالة، وفي حالة ما إذا كان الرد مبنيًا على الوجه الرابع من المادة 148 من هذا القانون يجوز إبلاغ الغرامة إلى ستة آلاف جنيه، وفي كل الأحوال تتعدد الغرامة بتعدد القضاة المطلوب ردهم، ويعفي طالب الرد من الغرامة في حالة التنازل عن الطلب في الجلسة الأولى....".
ومن حيث إنه لما كان ذلك و كان من المقرر أن ترك الخصومة بصفة عامة طبقًا لنص المادة 141 من قانون المرافعات يكون بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر، أو ببيان صريح في مذكرة موقعة من التارك أو من وكيله مع إطلاع خصمه عليها، أو بإبدائه شفويًا في الجلسة وإثباته في المحضر، وطبقًا لنص المادة 142 من ذات القانون فإن الترك لا يتم بعد إبداء المدعي عليه طلباته إلا بقبوله، ولما كان الثابت أن الحاضر عن الشركة طالبة الرد قد قرر وأثبت في محضر جلسة نظر طلبي الرد الماثلين في 16/ 6/ 2009 أنه يتنازل عن طلب رد المستشارين/ حسين.... وعطية .... وصلاح.... نواب رئيس مجلس الدولة المطلوب ردهم بالطلب الأول رقم 18613 لسنة 55ق. عليا، ويتنازل عن رد المستشار السيد/ ... نائب رئيس مجلس الدولة، المطلوب رده في الطلب الثاني رقم 21763 لسنة 55ق. عليا فمن ثم وعملاً بالنصوص سالفة البيان يتعين إثبات هذا الترك بالنسبة للمستشارين المذكورين، وإلزام الشركة المصروفات ومصادرة الكفالة، وتغريمها مبلغًا مقداره ستة آلاف جنيه عن كل مستشار من المذكورين؛ على اعتبار أنها أسست طلب الرد على الوجه الرابع من المادة 148 مرافعات ولم تتنازل عن طلب الرد بالنسبة لهم في أول جلسة نظر فيها كل من الطلبين
أما بالنسبة لطلب رد المستشار/ إبراهيم ... فإنه وإن كانت الشركة قد أصرت على طلبها رده حين تنازلت عن رد من طلبت ردهم معه من السادة المستشارين سالفي الذكر، ثم عادت بعد حجز الطلبين للحكم، فأبدت رغبتها في ترك الخصومة بالنسبة لسيادته، وتم إثبات ذلك حين أعيد الطلب للمرافعة لجلسة 7/ 7/ 2009،إلا أنه وعملاً بنص المادة 12 مرافعات فقد رفض المستشار المذكور قبول ترك الخصومة في طلب الرد بالنسبة له، ومن ثم فإن المحكمة تفصل في شكل هذا الطلب (رقم 16813 لسنة 55ق.عليا) وموضوعه بالنسبة لسيادته
ومن حيث إن طلب الرد المشار إليه في هذه الحدود قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية
ومن حيث إنه عن الموضوع فإنه يخلص حسبما يبين من الأوراق في أن السيد/ .... أقام الدعوى رقم 5377 لسنة 50 ق بتاريخ 6/ 4/ 1996 أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة اختصم فيها كلا من رئيس الجمهورية ورئيس شركة ميناء القاهرة الجوي ورئيس مجلس إدارة شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، وطلب فيها إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 193 لسنة 1995 بتخصيص مساحة قدرها خمسة مئة فدان بطريق القاهرة/ الإسماعيلية الصحراوي للشركة الأخيرة، وساق لدعواه أسبابًا من بينها أنه يحوز هذه المساحة وقام باستصلاحها وزراعتها، ووافقت له جهات إدارية مختلفة على تملكها، إلا أنه فوجئ بهذا القرار، وبعد أن تدوولت الدعوى أمام المحكمة المذكورة قضت بجلسة 18/ 12/ 2005 بإلغاء القرار المشار إليه, مع ما يترتب على ذلك من آثار استنادًا إلى الأسباب التي شيدت عليها قضاءها, إلا أن المدعى عليهم في الدعوى المذكورة ومن بينهم الشركة الطالبة الرد لم يرتضوا الحكم آنف الذكر فأقام كل منهم طعنًا ضده أمام المحكمة الإدارية العليا، حيث أقامت الشركة الطعنين رقمي 10005 و10418 لسنة 52 ق. عليا وقيد الطعن المقام من رئيس الجمهورية بصفته برقم 10380 لسنة 52ق. عليا، والطعن الرابع المقام من شركة ميناء القاهرة الجوي برقم 10605 لسنة 52 قضائية عليا، وطلبوا للأسباب المبينة بتقارير هذه الطعون إلغاء الحكم الصادر في الدعوى رقم 5377 لسنة 50 ق سالفة الذكر، والقضاء مجددا برفضها موضوعًا، وبعد أن تدوولت هذه الطعون أمام المحكمة الإدارية العليا وضمتها معًا قضت بجلسة 22/ 8/ 2008 بقبولها شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده الأول (السيد/ محمد....) المصروفات عن درجتي التقاضي
وإذ لم يرتض السيد/ محمد.... هذا الحكم فأقام ضده دعوى البطلان الأصلية المقيدة بجدول المحكمة الإدارية العليا برقم 27757 لسنة 54ق عليا وطلب في ختام صحيفتها المودعة بتاريخ 29/ 5/ 2008 وقف تنفيذ الحكم الصادر في الطعون المشار إليها وفي الموضوع ببطلانها بطلانًا أصليًا، وإحالة الطعون إلى دائرة فحص الطعون المختصة للحكم برفضها
وقد نظرت دعوى البطلان المشار إليها أمام الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا إلى أن أحيلت إلى الدائرة الأولى - موضوع - بالمحكمة لنظرها، فحددت لذلك جلسة 18/ 4/ 2009 وفيها نظرتها، إلا أنه نظرًا لتنحي رئيسها المستشار/ إسماعيل... عن نظر الدعوى فقد عقدت برئاسة المستشار/ حسين... رئيس دائرة الفحص بالدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا، واشترك معه المستشار/ إبراهيم...... كعضو يمين وبقية أعضاء الدائرة، وفيها قررت المحكمة تأجيل لجلسة 9/ 5/ 2009 بناء على طلب الخصوم، وبتاريخ 7/ 5/ 2009 - أي قبل ميعاد الجلسة بيومين - تقدمت الشركة طالبة الرد بطلب الرد رقم 18613 لسنة 55ق. عليا وأودعت التقرير به قلم كتال المحكمة الإدارية العليا، وكان المستشار/ إبراهيم.... من بين من طلبت ردهم على النحو سالف البيان، ولذلك ترأس جلسة 9/ 5/ 2009 وقرر وقف الدعوى لحين الفصل في طلب الرد المشار إليه، وقد عرض الأمر على السيد المستشار رئيس مجلس الدولة فعين الدائرة الثالثة عليا - موضوع - لنظر هذا الطلب والفصل فيه
ومن حيث إن طلب رد المستشار/ إبراهيم.... نائب رئيس مجلس الدولة يقوم على أسباب حاصلها أنه قبل على غير المعهود التخلي عن رئاسة الدائرة الأولى - موضوع التي نظرت دعوى البطلان بجلسة 18/ 4/ 2009 بعد تنحي رئيسها المستشار/ إسماعيل... رغم أنه أقدم أعضاء الدائرة بعد رئيسها، وقبل أن يكون عضوًا في دائرة شكلت بطريقة باطلة لا تدعو إلى الاطمئنان إلى حيدتها، فضلاً عن علاقته الوطيدة بأحد محامي المدعي في الدعوى الأصلية
ومن حيث إنه لما كانت المادة 148 من قانون المرافعات تنص على أن: "يجوز رد القاضي لأحد الأسباب الآتية
1 - إذا كان له أو لزوجته دعوى مماثلة للدعوى التي ينظرها، أو إذا حدت لأحدهما خصومة مع أحد الخصوم أو لزوجته بعد قيام الدعوى المطروحة على القاضي، ما لم تكن هذه الدعوى قد أقيمت بقصد رده عن نظر الدعوى المطروحة عليه
2 - إذا كان لمطلقته التي له منها ولد أو لأحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب خصومة قائمة أمام القضاء مع أحد الخصوم في الدعوى أو مع زوجته ما لم تكن هذه الخصومة قد أقيمت بعد قيام الدعوى المطروحة على القاضي بقصد رده
3 - إذا كان أحد الخصوم خادمًا له أو كان هو قد اعتاد مؤاكلة أخذ الخصوم أو مساكنته أو كان تلقى منه هدية قبل رفع الدعوى أو بعده
4 - إذا كان بينه وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل". 
ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة الإدارية العليا أن سيادة الدستور وعُلوَّ حكمه على هامات الأفراد وكل السلطات العامة وحتمية احترام وتقديسه أساس وركن من أسس نظام الحكم في الدولة, وأن سيادة القانون لا تقوم إلا باحترام وتقديس استقلال القضاء وحصانته، وكلاهما الضمان الجوهري لحماية الحقوق والحريات، وإذا كان المشرع الدستوري قد كفل لكل إنسان حق التقاضي وحق الدفاع، فإنه كفل للقضاء استقلاله وحصانته بقصد تحقيق المشروعية وسيادة القانون، ومن ثم فلا يسوغ للكافة إساءة استخدام حق التقاضي أو حق الدفاع بما لا يتفق واستقلال القضاء أو المساس بحصانتهم وهيبتهم أو يؤدي إلى تعويق قيامهم بواجبهم في أداء رسالتهم، وجوهريًا سيادة القانون وحسم المنازعات والفصل في الدعاوى والأقضية التي تدخل في ولايتهم وفقًا لأحكام الدستور والقانون، ولذلك عني المشرع في قانون المرافعات بوضع الضوابط والشروط اللازم توافرها لتقديم طلب رد القاضي، ذلك أن المقصود من طلب الرد هو إبعاد القاضي الذي يقوم في حقه سبب من أسباب الرد التي حددها القانون إذا عنَّ للخصم ذلك تحقيقًا لجوهر استقلال القضاء وتنزيها للسلطة القضائية، ولذلك تدخل المشرع بالقانون رقم 23 لسنة 1992 بتعديل بعض أحكام رد القضاة بما يضمن جدية طلبات الرد واستعمالها فيما شرعت من أجله بما يكفل القضاء على إسراف بعض الخصوم في استعمال الحق في طلب رد القضاة خصوصًا في بعض المنازعات ذات الطبيعة الخاصة لأسباب غير جدية، وبما يضمن عدم إساءة استعمال الخصوم لهذا الحق لتحقيق أغراض غير تلك التي شرع من أجلها، وأبرزها تعطيل السير في الدعوى المنظورة أمام المحكمة وإعاقة الفصل فيها بغير مسوغ مشروع، كما جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا أيضًا على أن أسباب الرد مناطها وقائع محددة على سبيل الحصر، ومن بينها أن يكون بين القاضي وأحد الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل، ولا يشترط في هذا المقام أن تصل العداوة إلى الخصومة التي ترفع إلى القضاء، كما لا يشترط في المودة أن تصل إلى حد المؤاكلة أو المساكنة أو قبول الهدايا أو تكون ناشئة عن زوجية أو قرابة أو مصاهرة، فالعداوة أو المودة المقصودة في المادة 148 من قانون المرافعات كسبب للرد يتعين أن تكون شخصية، فهي علاقة ذاتية مباشرة بين القاضي وأحد الخصوم تتمثل في أفعال محددة تنبئ عنها وتفصح عن حقيقتها، بل تعبر عن تلك الرابطة وتسبغ عليها وصف العداوة أو المودة، ولا يكفي الادعاء بوجود عداوة بين طالب الرد والقاضي المطلوب رده أو وجود مودة بين الأخير وأحد الخصوم، بل يجب أن يقوم عليها الدليل الذي يقطع بقيامها ويتمثل في أفعال وسلوك من جانب ا لقاضي تتحلى فيها العداوة أو المودة، فإذا مل يقم ذلك الدليل فإن طلب الرد في هذه الحالة يكون غير قائم على سبب ويتعين رفضه
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم فإن ما ارتكنت إليه شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير في طلب رد المستشار/ إبراهيم.... لا يصلح أن يكون سببًا للرد ولا يمكن اعتباره بحال دليلاً على وجود رغبة من سيادته للفصل في دعوى البطلان المشار إليها سواء كرئيس للدائرة الأولى عليا - موضوع - أو كعضو ضمن هيئتها، أو على ميله للمدعي أو عداوته للشركة طالبة الرد، فالثابت أنه ضمن التشكيل الأساسي للدائرة الأولى عليا طبقًا لقرار الجمعية العمومية للمحكمة الإدارية العليا في العام القضائي 2008/ 2009 حيث يتولى رئاسة الدائرة فحص الطعون بها وعضو اليمين في دائرة الموضوع بها, والتي يرأسها المستشار/ إسماعيل....، وبتنحي الأخير في جلسة 18/ 4/ 2009 عن نظر دعوى البطلان المشار إليها وحلول المستشار/ حسين.... رئيسًا لها، وهو أقدم من المستشار/ إبراهيم..... يكون طبيعيًا أن يظل الأخير عضو اليمين بالدائرة, وذلك إجراء يتفق وتقاليد القضاء ومبادئه الراسخة، ولا يكون بذلك قد تخلى عن رئاسة الدائرة لغرض أراده أو لمودة أو عداوة لأحد الخصوم، خاصة أن حلول المستشار/ حسين.... رئيسًا للدائرة لم يكن بأمر أو رأي أو طلب من المستشار/ إبراهيم.... الذي لم يكن يملك إلا أن يكون عضو اليمين في ذلك التشكيل، أيًا ما كان وجه الرأي في كيفية رئاسة المستشار/ حسين..... للدائرة بعد تنحي رئيسها ومدى اتفاق ذلك أو عدم اتفاقه وصحيح القانون وقرار الجمعية العمومية للمحكمة الإدارية العليا فذلك قول لا يندرج سببًا من أسباب الرد التي أوردها القانون على سبيل الحصر، وإن قيل بجواز التمسك به والتحقق من شرعيته في شأن آخر بعيدًا عن كونه مبررًا أو سببًا لرد المذكور، وبالإضافة إلى ما تقدم فالثابت أن رئاسة المستشار/ إبراهيم.... للدائرة الأولى - موضوع بجلسة 9/ 5/ 2009 أثناء نظر دعوى البطلان المشار إليها كان لاحقًا على تقديم الشركة لطلب رده هو والمستشار/ حسين.... في 7/ 5/ 2009 على النحو سالف البيان، وبالتالي لم تكن لكليهما سلطة اتخاذ أي إجراء في الدعوى سوى وقفها حتى يتم الفصل في طلب الرد، حيث تنص المادة 161 من قانون المرافعات على أنه: "يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم فيه..."، ونظرًا لأن المستشار/ حسين.... الذي ترأس الدائرة ونظر الدعوى بالجلسة السابقة في 18/ 4/ 2009 كان مشغولاً بحضور جلسة دائرته الأصلية في 9/ 5/ 2009 - الدائرة الرابعة عليا - فقد ترأس المستشار/ إبراهيم.... الدائرة الأولى باعتباره أقدم أعضائها بعد تنحي رئيسها، وأعمل صحيح القانون بوقف الدعوى حتى يتم الفصل في طلب الرد مع بقية المستشارين الذين ردتهم الشركة، وبالتالي فإن ما قام به من إجراء يوم 9/ 5/ 2009 لا يجوز للشركة الزج به كسبب للرد، إذ هو دليل على عدم جديتها في طلبها لأن ذلك كان تاليًا على تقديمها لطلب رده في 7/ 5/ 2009 كما تقدم
ومن حيث إنه لما تقدم فإن طلب رد المستشار/ إبراهيم... نائب رئيس مجلس الدولة لا يقوم على سبب يبرره ولا تتوافر إحدى الحالات المقررة قانونًا لرد القضاة, ولم تقدم الشركة دليلاً واحدًا يبرر طلبها، حيث أكتفت بأقوال مرسلة عبرت من خلالها عن ظنون تخيلتها ولم تستهدف من ورائها إلا تعطيل الفصل في دعوى البطلان المشار إليها، مستخدمة حقًا أقره القانون ولكن في غير ما استخدمته الشركة، ولأغراض تختلف عما سعت إليه من طلبها، الأمر الذي يتعين معه رفض طلب الرد رقم 16813 لسنة 55ق. عليا بالنسبة للمستشار المذكور وتغريمها مبلغًا مقداره ستة آلاف جنيه عن طلب رده
ومن حيث إنه عن المصروفات فإن الشركة تلتزم بها عملاً بنص المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: أولاً - بإثبات ترك الخصومة في طلب الرد بالنسبة للمستشارين/ حسين.... وعطية.... وصلاح... نواب رئيس مجلس الدولة.

ثانيًا - بقبول طلب الرد بالنسبة للمستشارين/ إبراهيم.... نائب رئيس مجلس الدولة شكلاً ورفضه موضوعًا
ثالثًا - مصادرة الكفالة المقدمة في الطلبين، وأمرت بتغريم الشركة طالبة الرد مبلغًا مقداره ستة آلاف جنيه عن كل مستشار طلبت رده في الطلبين، وألزمتها المصروفات.