الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 20 أغسطس 2019

عدم دستورية منع المحاكم من سماع الدعاوى المتعلقة بمصادرة أموال أسرة محمد على


القضية رقم 13 لسنة 10 ق " دستورية " جلسة 11 / 10 / 1997
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 11 أكتوبر سنة 1997 الموافق 9 جمادى الآخرة سنة 1418 هـ . 
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : الدكتور/ محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف      
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ حمدى أنور صابر     أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 13 لسنة 10 قضائية " دستورية "
المقامة من
1.  السيد / إسماعيل حسين شيرين عن نفسه وبصفته وكيلا عن شقيقته ماهوش حسين شيرين
2.  السيدة / شهرزاد إسماعيل راتب
ضد
3.  السيد / رئيس مجلس الوزراء
4.  السيد / وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لإدارة تصفية الأموال المصادرة
5.  السيد / وزير العدل
" الإجراءات "
بتاريخ1/3/1988، أودع المدعون قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة ، طالبين الحكم بعدم دستورية المادتين (14، 15) من القانون 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة .
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعين أقاموا الدعوى رقم 3134 لسنة 1986 مدنى جنوب القاهرة الإبتدائية، بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم - كل فيما يخصه - للعقارات المبينة الحدود والمعالم بالصحيفة . وقالوا بياناً لذلك إنهم يمتلكون أعياناً بعضها بطريق الميراث الشرعى عن والدتهم التى تمتلكها بدورها ميراثاً عن والدتها ومنها ما آل إليهم وقفاً، أو بطريق الشراء بعقود مسجلة .
وبتاريخ 8/11/1953 أصدر مجلس قيادة الثورة قراراً بمصادرة أموال أسرة محمد على وما آل منها إلى غيرهم إرثاً أو مصاهرة أو قرابة . وإذ فوجئ المدعى عليه الأول - الذى لا ينتمى إلى هذه الأسرة - بإدراج اسمه ضمن أفرادها الذين صودرت أموالهم، وكان ليس ثمة مال تلقاه عن طريق أحدهم، فقد تقدم بتظلم إلى اللجنة المشكلة وفقاً لأحكام القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة، طلب فيه الإفراج عن ممتلكاته التى صودرت، فأجابته اللجنة إلى طلبه بالنسبة إلى ما آل إليه منها بطريق الوقف أو الشراء أو الاكتساب الشخصي . أما ما آل إليه ميراثا عن والدته، فقد اعتبرته اللجنة من أموال أسرة محمد على بمقولة إن جدته كانت قد تزوجت من أحد أفرادها. وقد تأيد هذا القرار من اللجنة العليا التي لم تتحقق من مصدر أموال المدعين، ومن ثم فقد أقاموا دعواهم الموضوعية التي دفعوا أثناء نظرها بعدم دستورية المادتين (14، 15) من القانون رقم 598 لسنة 1953بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة . وبجلسة 9/2/1988 قررت المحكمة التأجيل لجلسة 19/4/1988، ليتمكن المدعون من رفع الدعوى الدستورية ، فأقاموا الدعوى الماثلة .
وحيث إنه أثناء نظر هذه الدعوى توفى إلى رحمة الله كل من السيد/ إسماعيل حسين شيرين وشقيقته السيدة / ماهوش حسين شيرين والسيدة / شهرزاد إسماعيل راتب - المدعون الأصليون - وبعد أن قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة في الدعوى لوفاتهم تم تعجيلها على النحو المبين بالأوراق.
وحيث إن المدعين ينعون على المادتين (14، 15) من القانون رقم 598 لسنة 1953 المشار إليه، مخالفتهما لحكم المادة (68) من الدستور التى تحظر النص على تحصين أى عمل أو قرار من رقابة القضاء، وتكفل للناس كافة حق التقاضى إلغاءً وتعويضاً باعتباره الوسيلة التى رسمها الدستور لحماية حقوق الأفراد وضمان تمتعهم بها، ورد العدوان عليها. وهى بعد ضمانة لها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يجب مراعاتها وإهدار ما يخالفها من تشريعات، ولو كانت سابقة على العمل بالدستور القائم. ولأن ما عناه دستور 1956 بنص المادة (191)منه، لا يعدو مجرد استمرار نفاذ التشريعات السابقة على هذا الدستور - تجنباً لفراغ تشريعى - وذلك دون تحصينها من الطعن عليها بعدم الدستورية .
وحيث إن المادة (191) من دستور 1956، تقضى بأن جميع القرارات التي صدرت عن مجلس قيادة الثورة ، وجميع القوانين والقرارات التي تتصل بها وصدرت مكملة أو منفذة لها، وكذلك كل ما صدر من الهيئات التي أمر المجلس بتشكيلها من قرارات أو أحكام، وجميع الإجراءات والأعمال والتصرفات التي صدرت من هذه الهيئات أو من أية هيئة أخرى من الهيئات التي أنشئت بقصد حماية الثورة ونظام الحكم، لا يجوز الطعن فيها أو المطالبة بإلغائها أو التعويض عنها بأي وجه من الوجوه، وأمام أية هيئة كانت.
وحيث إن قضاء المحكمة العليا - التي تتقيد المحكمة الدستورية العليا بأحكامها على ما جرى به قضاؤها -مؤداه: أن دستور 1956 لم يتخذ موقفاً واحداً من التشريعات السابقة على العمل به، بل غاير بينها على ضوء أهميتها لثورة يوليو 1952، فما كان منها ملبياً متطلباتها الرئيسية، وكاشفاً عن تدابير ثورية استثنائية ، فإن حصانتها من الطعن عليها أو التعويض عنها أمام أية جهة ، تكون نهائية لا رجوع فيها على ما تقضى به المادة (191) من هذا الدستور؛ وما كان من تشريعاتها في درجة أدنى ، فإن حمايتها تكون أقل، إذ تبقى نافذة مع جواز إلغائها أو تعديلها وفقاً للقواعد والإجراءات المقررة في الدستور، فلا يكون نفاذها عملاً بنص المادة (190) من ذلك الدستور، مؤدياً إلى تحصينها، بما يحول دون الطعن عليها.
ولئن كان المشرع الدستوري لم ينقل حكم المادة (191) من دستور 1956 إلى الدساتير اللاحقة عليه، فذلك بالنظر إلى استنفادها لأغراضها، فلا يكون تكرار النص عليها مفيدا أو لازما.
وحيث إن مجلس قيادة الثورة - وبناء على الإعلان الدستوري المنشور في 18/6/1953 - كان قد أصدر بتاريخ 8/11/1953 قراراً باسترداد أموال الشعب وممتلكاته من أسرة محمد على ، وذلك بمصادرة أموالها وممتلكاتها، وكذلك مصادرة ما يكون قد انتقل منها من أفرادها إلى غيرهم عن طريق الوراثة أو المصاهرة أو القرابة .
وحيث إن المادتين (14، 15) من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة - المطعون عليهما - تجريان على النحو الآتي : مادة (14): [فقرة أولى ] استثناء من حكم المادة (12) من قانون نظام القضاء والمادتين (3، 10) من قانون مجلس الدولة، لا يجوز للمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها سماع الدعاوى المتعلقة بالأموال التي صدر قرار مجلس قيادة الثورة في 8/11/1953 بمصادرتها. ويسرى ذلك على الدعاوى المنظورة أمام المحاكم وقت العمل بهذا القانون، ولو لم يكن الأشخاص المصادرة أموالهم خصوماً فيها". [فقرة ثانية ] " ولا تعتبر الأحكام التي صدرت قبل 8/11/1953 ضد الأشخاص متقدمي الذكر إلا مجرد سندات إلا إذا كانت تلك الأحكام انتهائية غير مشوبة بالصورية، فإنها تكون حجة بما تضمنتها بعد صدور قرار اللجنة المنصوص عليها في المادة الحادية عشرة بتنفيذها".
مادة (15) "لا يجوز الرجوع على الدولة بأي تعويض ناشئ عن إجراءات اتخذت أو تتخذ بصدد قرار مجلس قيادة الثورة الصادر في 8/11/1953".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها ارتباطها عقلاً بالمصلحة التى يقوم بها النزاع الموضوعى ، وذلك بأن يكون الحكم في المسائل الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المتصلة بها.
وحيث إن المدعين، وإن نعوا على المادتين (14، 15) من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة، مخالفتهما للدستور، ابتغاء تجريدهما من قوة نفاذهما في مجال سريانهما في شأن أموال اكتسبها أشخاص من غير أسرة محمد على، أو كانوا من أعضائها لكنهم تلقوا أموالهم عن غير طريقها؛ وكانت مناعيهم هذه تجمعها بنص المادة (11) من هذا القانون وحدة لا تتجزأ، تقديراً بأن اللجنة العليا المنصوص عليها فيها، هي التي تسلط رقابتها على أعمال اللجنة الإبتدائية - المنصوص بمقتضى المادة العاشرة على تشكيلها - سواء بتأييد قراراتها الصادرة في نزاع يتعلق بالأموال المصادرة أو بتعديلها أو بإلغائها؛ وكان قرار اللجنة العليا في ذلك مما لايقبل الطعن فيه؛ وكان قضاء هذه المحكمة في شأن دستورية المادتين (14، 15) المطعون عليهما - فيما لو خلص إلى بطلانهما - لن يزحزح الحصانة المانعة من الطعن التى أسبغتها المادة (11) من هذا القانون على قرارات اللجنة العليا، فقد صار متعيناً النظر إلى هذه المواد جميعها لتقرير صحتها أو بطلانها على ضوء تكامل أحكامها.
وحيث إن كل حصانة يُضفيها الدستور على أعمال بذواتها بما يحول دون طلب إلغائها أو التعويض عنها، يتعين أن يتقيد مجالها بما يرتبط عقلاً بالأغراض التى توختها، وأن ينظر إليها على ضوء طبيعتها الاستثنائية، وبمراعاة أن الأصل في نصوص الدستور أنها تتكامل فيما بينها، فلا يكون لبعضها مضمون أو نطاق يعارض سواها. وهو مايعنى أن المصادرة التى قررها الدستور في شأن أموال أسرة محمد على المصادرة، تجب موازنتها بحقوق الملكية التي كفلها، والتي ينظر إليها عادة بوصفها أحد العناصر المبدئية لضمان الحرية الشخصية التى لا يستقيم بنيانها إلا إذا تحرر اقتصادياً من يطلبونها، وكان بوسعهم بالتالى الاستقلال بشئونهم والسيطرة عليها A Self - Governing Life
وحيث إن الحصانة التي تضمنتها المادة (191) من دستور 1956، هى التى اتخذها القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة، مدخلاً لتقرير الأحكام التي تضمنتها المادتان (14، 15) من هذا القانون، التى تقضى أولاهما بعدم جواز سماع الدعاوى المتعلقة بالأموال التي صدر قرار مجلس قيادة الثورة في 8/11/1953 بمصادرتها، وتنص ثانيتهما على عدم جواز الرجوع بتعويض على الدولة لجبر الأضرار الناشئة عن تنفيذ هذا القرار بعد أن صار نائياً عن الإلغاء والتعويض بمقتضى المادة (191) المشار إليها، والتي لا زال حكمها - وعلى حد تعبير المحكمة العليا - قائماً حتى بعد سكوت ما تلاه من الدساتير عن النص عليها، بالنظر إلى استنفادها لأغراضها.
وحيث إن القول بامتداد المصادرة التي قضى بها قرار مجلس قيادة الثورة الصادر في 8/11/1953 إلى كل أموال المشمولين بها من أفراد أسرة محمد على، لا يلتئم والأغراض التى توختها؛ ولا يوفر كذلك نوع الحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية كلما كان مصدرها مشروعاً؛ ولأن الأموال موضوعها لا تتساقط في الأعم من الأحوال على أصحابها دون جهد يبذل من جانبهم، ولكنها الأعمال التي يباشرونها- سواء في مجال تكوينها أو إنمائها - هي التي أنتجتها، فلا يكون تجريدهم منها بغير حق إلا عدواناً بئيساً عليها.
وحيث إن المصادرة التي يعنيها قرار مجلس قيادة الثورة، لا شأن لها بأموال تملكها أشخاص لا ينتمون إلى أسرة محمد على ، أو يرتبطون بها ولكن اكتسابها تم عن غير طريقها، ويندرج تحتها تلك التي تلقوها عن آخرين قبل انضمامهم إلى أسرة محمد على أياً كان سند كسبهم لملكيتها، وكذلك إذا كان مصدرها أعمالاً قانونية ارتبطوا بها بعد انضمامهم إليها، ولم يكن لهذه الأسرة دخل بها.
وحيث إن هذا المعنى يتأكد على ضوء أمرين أولهما: أن قرار مجلس قيادة الثورة الصادر في 8/11/1953، لا يتوخى غير استرداد أموال وصفها بأنها من أموال الشعب من هذه الأسرة، فلا تكون يدها عليها إلا غصباً وانتهازاً من منظور هذا القرار.
وانتهابها على هذا النحو، يحتم مصادرتها ضماناً لنقل ملكيتها نهائياً إلى الدولة التي تمثل مصالح مواطنيها. ثانيهما: أن رئيس مجلس الوزراء كان قد شكل - بمقتضى قراره رقم 906 سنة 1977 - لجنة اختصها بإجراء ما تراه لازماً من أعمال التحقيق لتحديد مصدر الأموال المصادرة فصلاً في تأتيها من أسرة محمد على أو من غيرها، على أن تقدم لرئيس مجلس الوزراء - وبعد دراستها للحالات التي تقدم إليها - مقترحاتها في شأن ما تراه لازماً في مجال تسويتها والتعويض عن الأضرار التي لابستها.
وحيث إن المشرع قد توخى بالفقرة الأولى من المادة (14)، وكذلك بنص المادة (15) المطعون عليهما، تعطيل ضمانة التقاضي في مجال تطبيقها في شأن الأموال التي قرر مجلس قيادة الثورة في 8/11/1953 مصادرتها من أسرة محمد على، سواء تعلق الأمر بسماع الدعاوى التى ينازع بها أصحابها في مشروعية هذه المصادرة في ذاتها، أو تلك التي يرفعونها للتعويض عن الأضرار الناشئة عن تنفيذ هذا القرار.
ومن البدهي، فإن صون الدستور لهذه الضمانة، مؤداه: امتناع هدمها أو انتقاصها بعمل تشريعي . ومن ثم حرص دستور 1956 على إسقاطها من خلال الحصانة التي بسطها بنص المادة (191) على التدابير التي اتخذها مجلس قيادة الثورة في مجال تأمينها، فلا تكون النصوص المطعون عليها - وبقدر تعلقها بتلك الحصانة التي تستمد أصلها من الدستور - إلا ترديداً لحكم المادة (191) التي أدرجها في صلبه. ويبقى بعدئذ أن نحدد لهذه الحصانة نطاقها، فمن ناحية لا يجوز تفسيرها بما يخرجها عن الأغراض المقصودة منها، ولا تطبيقها تطبيقاً مرناً بما يوسع من دائرتها، ولا تغليبها في شأن أموال تملكها أصحابها بطريق مشروع وفقاً للدستور أو القانون.
كذلك لايجوز من ناحية أخرى أن تكون آثارها نكالاً بأفراد هذه الأسرة من خلال مصادرة تحيط بأموالهم جميعها، فلا يبقى منها بعدئذ ما يعولون عليه في معاشهم. وإنما يتعين أن يكون لهذه الحصانة نطاقها في إطار علاقة منطقية تصلها على الأخص بأهدافها، فلا يكون تسليطها على هذه الأسرة نافياً لوجودها، ولا مهدراً حقها في الحياة، ولا معطلاً جريان حقوق لا صلة لها بأموال انتهبتها، ويندرج تحتها أموال لا شأن لهذه الأسرة بها، بل تلقاها عن غير طريقها أشخاص ينتمون إليها، أو اكتسبها أغيار لا يعتبرون من أعضائها، فلا تجوز مصادرتها إلا بحكم قضائي عملاً بنص المادة (36) من الدستور.
وحيث إن الإخلال بضمانة التقاضي المنصوص عليها في المادة (68) من الدستور، قد آل إلى إسقاطها بمقتضى المادتين (14/1، 15) المطعون عليهما، وإلى حرمان السلطة القضائية .- بفروعها على اختلافها - من تقديم الترضية القضائية التي يطلبها مواطنون لرد عدوان على الحقوق التي يدعونها، وعطل بذلك هذه السلطة عن مباشرة مهامها التي ناطها الدستور بها.
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة (14) المطعون عليها، تنال كذلك من قيمة الأحكام الصادرة عن السلطة القضائية التي اختصها الدستور بالفصل في المنازعات جميعها، ذلك أن أحكامها الصادرة قبل 8/11/1953 ضد الأشخاص المصادرة أموالهم، لا تعتبر وفقاً لهذه الفقرة، أكثر من مجرد سندات، فلا تكون حجة بما تضمنتها إلا إذا كانت نهائية ، ولا صورية فيها، وبشرط أن تعتمد تنفيذها، اللجنة العليا المنصوص عليها في المادة (11) من القانون رقم 598 لسنة 1953 المشار إليه. ولا يعدو ذلك أن يكون امتهاناً للسلطة القضائية من خلال ازدراء أحكامها، وافتراض صوريتها بما يصمها بالتواطؤ، وكذلك عن طريق تعليق تنفيذها على قرار يصدر عن لجنة إدارية بطبيعتها، هي اللجنة العليا التي شكلها مجلس قيادة الثورة وفقاً للمادة (11) من هذا القانون فلا تكون لها حجيتها التي تستمدها من نصوص الدستور ذاتها، تقديراً بأن تجريدها منها - ولو لم تكن نهائية - إنما يحيل الخصومة القضائية عبثاً، ويقوض مدخلها ممثلاً في حق التقاضي .
وحيث إنه على ضوء ما تقدم، يكون النصان المطعون عليهما، مخالفين لأحكام المواد (32، 34، 36، 68، 72، 165، 166) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً: بعدم دستورية ما تنص عليه المادة (11) من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة ، من عدم جواز الطعن بأى طريق في قرارات اللجنة العليا الصادرة بتأييد أو تعديل أو إلغاء قرارات اللجنة الابتدائية المنصوص عليها في المادة العاشرة من هذا القانون، والصادرة في شأن المنازعات المتعلقة بمصادرة أموال أسرة محمد على .
ثانياً: بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (14) من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة ، وذلك فيما تضمنته من عدم جواز سماع الدعاوى المتعلقة بمصادرة أموال أسرة محمد على، ولو كان موضوعها أموال تلقاها - عن غير طريقها - أشخاص ينتمون إليها، أو اكتسبها أشخاص من غير أفرادها.
ثالثاً: بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (14) من هذا القانون بكامل أجزائها.
رابعاً: بعدم دستورية نص المادة (15) من هذا القانون في مجال تطبيقها بالنسبة إلى أموال تمت مصادرتها، إذا كان أصحابها لا ينتمون لأسرة محمد على ، أو يرتبطون بها وتلقوها عن غير طريقها.
خامساً: بإلزام الحكومة المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

الطعن 712 لسنة 50 ق جلسة 2 / 7 / 2011 مكتب فني 55 - 56 توحيد المبادئ ق 12 ص 127


برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد الله سعيد أبو العز عمران رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد منير السيد جويفل، ورمزي عبد الله محمد أبو الخير، وغبريال جاد عبد الملاك، وفريد نزيه حكيم تناغو، وعصام الدين عبد العزيز جاد الحق، وسامي أحمد محمد الصباغ، ومجدي حسين محمد العجاتي، ويحيى أحمد راغب دكروري، وأحمد عبد العزيز أبو العزم، وعبد الفتاح صبري أبو الليل نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى حسين السيد نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة.
----------------

 (12)
جلسة 2 من يوليو سنة 2011
الطعن رقم 712 لسنة 50 القضائية عليا
(دائرة توحيد المبادئ)


موظف - لا يستحق شاغلو وظيفة (كبير) صرف المزايا المالية المقررة لشاغلي وظيفة (مدير عام) - اعتنق قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة معيارا موضوعيا في ترتيب وتقييم الوظائف، وقسم الوظائف إلى مجموعات نوعية، من بينها مجموعة وظائف الإدارة العليا التي تبدأ بدرجة مدير عام، وتنتهي بالدرجة الممتازة، وهي وظائف قيادية توجد على قمة وظائف المجموعات النوعية المختلفة، ومن ثم يتزاحم على شغل درجاتها سائر العاملين من شاغلي الدرجة الأولى - الوظائف القيادية يتولى شاغلوها الإدارة القيادية من درجة مدير عام وما يعلوها، وقد تضمن القانون رقم 5 لسنة 1991 طرق شغل الوظائف المدنية القيادية، وذلك بخلاف من يتم رفع درجاتهم المالية طبقا لقرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 616 لسنة 2000 من شاغلي الدرجة الأولى إلى درجة مدير عام بمسمى كبير باحثين أو أخصائيين أو فنيين أو كتاب بحسب الأحوال، مع استمراره في ممارسة ذات الأعمال والمسئوليات والواجبات التي يمارسها قبل الرفع.
المواد المطبقة:
- المواد (8) و(12) و(36) و(37) و(38) و(40) و(41) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1978، المعدل بالقانونين رقمي (115) لسنة 1983 و(34) لسنة 1992.
- المواد (1) و(2) و(5) من القانون رقم 5 لسنة 1991 بشأن الوظائف المدنية القيادية في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام.
- المواد (1) و(3) و(4) و(6) و(7) و(13) و(17) و(18) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون، الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (1596) لسنة 1991، المعدلة بقراره رقم (781) لسنة 2010.
- قرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978 بشأن المعايير اللازمة لترتيب الوظائف للعاملين المدنيين بالدولة.
- المادة (1) من قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم (616) لسنة 2000.


الإجراءات
في يوم الخميس الموافق 23/ 10/ 2003 أودع الأستاذ/ ... المحامي بالنقض والإدارية العليا، بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا (الدائرة السابعة) تقريرا بالطعن، قيد بجدولها تحت رقم 712 لسنة 50 القضائية عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة الثانية) في الدعوى رقم 8585 لسنة 55 ق بجلسة 26/ 8/ 2003، القاضي بأحقية المدعي في صرف حافز شهري بمقدار (14 نقطة)، وأية مزايا مالية أخرى لدرجة (مدير عام)، دون تلك المرتبطة بشغل وظيفة قيادية بدرجة (مدير عام)، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق المالية اعتبارا من 1/ 9/ 2000، وإلزام جهة الإدارة المصروفات
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة بالطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه، والحكم مجددا بأحقيته في صرف حافز شهري مقداره (14.5 نقطة)، وأحقيته في صرف 200 جنيه حافزا شهريا مميزا، وأية مزايا أخرى مقررة لدرجة (مدير عام)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق المالية المستحقة له اعتبارا من 1/ 9/ 2000، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بعدم أحقية شاغلي وظيفة (كبير) طبقا لأحكام قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 616 لسنة 2000 في صرف المزايا المالية المقررة لشاغلي وظيفة (مدير عام) طبقا لأحكام القانون رقم 5 لسنة 1991 في شأن الوظائف المدنية القيادية في الجهاز الإداري للدولة
وقد حددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثامنة بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 11/ 3/ 2007، وبجلسة 24/ 2/ 2008 قررت إحالته إلى الدائرة السابعة بالمحكمة الإدارية العليا (فحص) التي نظرته بجلسة 19/ 3/ 2008، وبجلسة 4/ 6/ 2008 قررت إحالته إلى دائرة الموضوع، التي نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات. وبجلسة 28/ 3/ 2010 قررت إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة طبقا للمادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 معدلا بالقانون رقم 136 لسنة 1984 لقيام موجب الإحالة إليها؛ حيث أصدرت الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية حكمها بجلسة 22/ 5/ 2008 في الطعن رقم 713 لسنة 50 ق.ع بأحقية شاغلي وظيفة كبير أخصائيين في صرف حافز الإنتاج المقرر لشاغلي وظيفة (مدير عام إدارات هندسية)، باعتبارها الوظيفة التي كان سيرقى إليها الطاعن فيما لو توافرت درجة شاغرة بالهيكل. في حين ترى الدائرة السابعة بالمحكمة الإدارية العليا مخالفة هذا الرأي؛ ذلك أن رفع الدرجة المالية لشاغلي الدرجة الأولى إلى درجة (مدير عام) إعمالا لأحكام قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 616 لسنة 2000 لا يؤدي إلى اعتبارهم من شاغلي وظيفة (مدير عام) كإحدى الوظائف القيادية التي تتم الترقية إليها بالشروط والإجراءات المقررة لوظيفة (مدير عام). 
وقد حددت لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 2/ 10/ 2010، وتدوول أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 5/ 3/ 2011 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 7/ 5/ 2011، ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة 4/ 6/ 2011، ثم لجلسة اليوم (2/ 7/ 2011)، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 29/ 7/ 2001 أقام الطاعن الدعوى رقم 5885 لسنة 55 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة الثانية)، طالبا الحكم بأحقيته في صرف كافة المزايا المقررة لشاغلي وظيفة (مدير عام) اعتبارا من 1/ 9/ 2000، وهي حافز شهري بعدد (14.5 نقطة) قيمة النقطة في تاريخ الاستحقاق (24 جنيها)، والحافز المميز الذي يصرف للمدير العام للإدارة العامة للتخطيط والمتابعة التي يعمل بها حاليا، وإلزام الهيئة العامة لنقل الركاب بالإسكندرية (المدعى عليها الثانية) المصروفات
وقال شرحا لدعواه: إنه التحق بالهيئة المدعى عليها بوظيفة فنية، ورقي إلى وظيفة (كبير فنيين) بدرجة (مدير عام) بالإدارة العامة للمحطات والتركيبات الكهربائية، إلا أن الهيئة المدعى عليها لم تصرف له كافة المزايا المالية المقررة لشاغلي وظيفة (مدير عام)، وذلك اعتبارا من 1/ 9/ 2000، وهي الطلبات السالف بيانها. بالإضافة إلى صرف جميع الحوافز التي تصرف لوظيفة (مدير عام الإدارة العامة للمحطات والتركيبات الكهربائية) التي يعمل بها
وبجلسة 26/ 8/ 2003 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية حكمها في الدعوى المشار إليها بأحقية المدعي في صرف حافز شهري بمقدار (14 نقطة)، وأية مزايا مالية أخرى مقررة لدرجة (مدير عام)، دون تلك المرتبطة بشغل وظيفة قيادية بدرجة (مدير عام)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق المالية اعتبارا من 1/ 9/ 2000، وألزمت الإدارة المصروفات
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 616 لسنة 2000 في شأن تعيين العاملين بالدرجة الأولى بالوظائف التخصصية والفنية والمكتبية بوظيفة (كبير) بدرجة (مدير عام) أن المعينين بوظيفة (كبير) بدرجة (مدير عام) يستحقون جميع المزايا المالية المقررة لشاغلي وظائف درجة (مدير عام) إذا توافرت شروط الاستحقاق وفق القواعد التي تضعها السلطة المختصة، وذلك فيما عدا نظم الإثابة الخاصة التي تقررها السلطة المختصة للوظائف القيادية، إعمالا للقانون رقم 5 لسنة 1991 وحكم المادة 17 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون. ولما كان المرقون لوظيفة (كبير) تطبيقا لقرار وزير الدولة للتنمية الإدارية سالف الذكر يستمرون في ممارسة ذات الأعمال والمسئوليات والواجبات التي كانوا يمارسونها قبل رفع درجاتهم بوظيفة (كبير)، دون إخلال بحق السلطة المختصة في إسناد أعمال محددة لأي منهم وفقا لصالح العمل، فإنهم يستحقون المزايا المالية المقررة لشاغلي وظائف درجة (مدير عام) إذا ما توافرت شروط الاستحقاق وفقا للقواعد المنظمة لصرف هذه الحوافز التي تضعها السلطة المختصة، وذلك فيما عدا نظم الإثابة الخاصة التي تقررها السلطة المختصة للوظائف القيادية إعمالا للقانون رقم 5 لسنة 1991 والمادة 17 من لائحته التنفيذية
وبتطبيق ما تقدم على وقائع الدعوى، ذهب الحكم إلى أن المدعي رقي إلى وظيفة (كبير فنيين) اعتبارا من 1/ 9/ 2000 بالتطبيق لأحكام قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 616 لسنة 2000، ومن ثم فإنه يستحق الحافز المقرر بلائحة نظام الحوافز بالهيئة، المعتمد في 2/ 7/ 1991 بالنسبة لشاغلي وظيفة بدرجة (مدير عام)، وهو 13 نقطة زيدت إلى 14 نقطة، يصرف له اعتبارا من 1/ 9/ 2000 (تاريخ ترقيته إلى وظيفة كبير)، وأية مزايا أخرى مقررة لدرجة (مدير عام)، دون تلك المرتبطة بشغل وظيفة قيادية بدرجة (مدير عام). 
ومن حيث إن مبنى طعن الطاعن أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، حيث قصر قضاءه على الحكم للطاعن بصرف (14 نقطة) كحافز شهري رغم استحقاقه لصرف حافز شهري (14.5 نقطة)، وذلك حسب الثابت من لائحة نظام الحوافز للعاملين بالهيئة تحت بند (مدير إدارات هندسية) التي رقي الطاعن إلى درجتها المالية تحت مسمى (كبير فنيين)، وهو ما حصله الحكم المطعون فيه ذاته فيما تناوله من وقائع، وكان عليه منح الطاعن حافزا شهريا (14.5 نقطة)، وهو ما لم يأخذ به الحكم المطعون فيه، كذلك شاب الحكم الطعين الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، حيث قض بالرفض الضمني لطلب الطاعن بأحقيته في صرف الحافز الشهري المميز، وقدره 200 جنيه، استنادا إلى أنه حافز الإثابة المقرر بالقانون رقم 5 لسنة 1991 بشأن الوظائف القيادية والمادة (17) من لائحته التنفيذية، في حين أن الحافز المطالب به يختلف عن الحافز المشار إليه، وإنما تقوم الهيئة المطعون ضدها بصرفه للعاملين بها. كما أن الحكم الطعين شابه القصور، فضلا عن الإخلال بحق الدفاع، حيث لم يلتفت الحكم الطعين إلى ما قدمه به الطاعن من دفاع مؤيد بالمستندات يؤكد أحقية الطاعن في الحافز الشهري المقرر للعاملين ممن في مثل حالته ومقداره 200 جنيه شهريا، وإذ التفت الحكم الطعين عن هذا الدفاع الجوهري للطاعن فإنه يكون مخلا بحق الدفاع
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل يدور حول مدى أحقية شاغلي وظيفة (كبير) طبقا لأحكام قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 616 لسنة 2000 في صرف كافة المزايا المقررة لشاغلي وظيفة بدرجة (مدير عام) طبقا لأحكام القانون رقم 5 لسنة 1991 في شأن الوظائف المدنية القيادية في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام من عدمه
ومن حيث إن المادة (8) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 معدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تنص على أن: "تضع كل وحدة هيكلا تنظيميا لها يعتمد من السلطة المختصة بعد أخذ رأي الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة... وتضع كل وحدة جدولا للوظائف مرفقا به بطاقات وصف كل وظيفة وتحديد واجباتها ومسئولياتها...". 
وتنص المادة (12) من ذات القانون على أن: "يكون شغل الوظائف عن طريق التعيين أو الترقية...". 
وتنص المادة (36) على أنه: "مع مراعاة استيفاء العامل لاشتراطات شغل الوظيفة المرقى إليها تكون الترقية من الوظيفة التي تسبقها مباشرة في الدرجة والمجموعة النوعية التي تنتمي إليها...". 
وتنص المادة (37) من ذات القانون بعد تعديلها بالقانونين رقمي 115 لسنة 1983 و34 لسنة 1992 على أن: "تكون الترقية لوظائف الدرجتين الممتازة والعالية بالاختيار، وذلك على أساس بيانات تقييم الأداء، وما ورد في ملفات خدمتهم من عناصر الامتياز. وتكون الترقية إلى الوظائف الأخرى بالاختيار في حدود النسب الواردة في الجدول رقم (1) المرافق، وذلك بالنسبة لكل سنة مالية على حدة، على أن يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية. ويشترط في الترقية بالاختيار أن يكون العامل حاصلا على مرتبة (ممتاز) في تقرير الكفاية عن السنتين الأخيرتين...". 
وتنص المادة (38) على أن: "يصدر قرار الترقية من السلطة المختصة بالتعيين... ويستحق العامل بداية الأجر المقرر للوظيفة المرقى إليها، أو علاوة من علاواتها أيهما أكبر...". 
وتنص المادة (40) على أن: "تحدد بداية ونهاية أجور الوظائف بكل درجة وفقا لما ورد في الجدول رقم (1) المرافق". 
وتنص المادة (41) على أن: "يستحق العامل العلاوة الدورية المقررة لدرجة وظيفته التي يشغلها طبقا لما هو مبين بالجدول رقم (1) المرافق، بحيث لا يجاوز نهاية الأجر المقرر لدرجة الوظيفة...". 
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 5 لسنة 1991 بشأن الوظائف المدنية القيادية في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام تنص على أن: "يكون شغل الوظائف المدنية القيادية في الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والأجهزة الحكومية التي لها موازنة خاصة، وهيئات القطاع العام وشركاته والمؤسسات العامة وبنوك القطاع العام والأجهزة والبنوك ذات الشخصية الاعتبارية العامة، لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى طبقا لأحكام هذا القانون، وذلك كله مع عدم الإخلال بأحكام القوانين واللوائح فيما يتعلق بباقي الشروط اللازمة لشغل الوظائف المذكورة. ويقصد بهذه الوظائف تلك التي يتولى شاغلوها الإدارة القيادية بأنشطة الإنتاج أو الخدمات أو تصريف شئون الجهات التي يعملون فيها من درجة (مدير عام)، أو الدرجة العالية، أو الدرجة الممتازة، أو الدرجة الأعلى وما يعادلها". 
وتنص المادة (2) من ذات القانون على أن: "تنتهي مدة تولي الوظيفة المدنية القيادية بانقضاء المدة المحددة في قرار شغل العامل لها، ما لم يصدر قرار من السلطة المختصة بالتعيين بتجديدها، فإذا انتهت مدة تولي الوظيفة المذكورة شغل وظيفة أخرى غير قيادية لا تقل درجتها عن درجة وظيفته وبمرتبه الذي كان يتقاضاه، مضافا إليه البدلات المقررة للوظيفة المنقول إليها...". 
وتنص المادة (5) من القانون على أن: "تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من مجلس الوزراء... متضمنة قواعد الاختيار والإعداد والتأهيل والتقويم". 
وتنص المادة الأولى من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 5 لسنة 1991 السالف البيان، الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1596 لسنة 1991 المعدل بقراره رقم 781 لسنة 2010 على أنه: "في تطبيق أحكام هذه اللائحة يقصد: ( أ ) بالوظائف المدنية القيادية: الوظائف من درجة (مدير عام) أو الدرجة العالية، أو الدرجة الممتازة، أو الدرجة الأعلى، وما يعادلها التي يرأس شاغلوها وحدات أو تقسيمات تنظيمية من مستوى إدارات عامة أو إدارات مركزية أو قطاعات وما في مستواها
(ب) بالوحدات: وحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة والأجهزة الحكومية التي لها موازنة خاصة...". 
وتنص المادة (3) على أن: "تعلن كل جهة عن شغل الوظائف القيادية الخالية بها...". 
وتنص المادة (4) من اللائحة على أن: "يشترط فيمن يتقدم للإعلان: ( أ ) أن يكون مستوفيا لشروط شغل الوظيفة المعلن عنها... (ب) أن يرفق بطلبه موقفه بالنسبة للمهارات والقدرات المطلوبة لشغل الوظيفة...". 
وتنص المادة (6) على أن: "تشكل بقرار من السلطة المختصة في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة لجنة دائمة من عدد فردي من الخبراء في مجال التخصص وإدارة الموارد البشرية والحاسب الآلي واللغات، برئاسة الوزير أو المحافظ أو رئيس الهيئة. وللجنة أن تضم إلى عضويتها خبراء في مجال الوظيفة التي يعلن عنها. وتختص هذه اللجنة بالنظر في الترشيح لشغل هذه الوظائف على أساس الحاصل على أعلى درجات وفقا للتقييم النسبي للمعايير والمهارات والقدرات المطلوبة لإيفادهم للتدريب اللازم لشغل هذه الوظائف...". 
كما تنص المادة (7) على أن: "تختص اللجان المنصوص عليها في المادة السابقة بالنظر في الترشيح والاختيار والإعداد لشغل الوظائف القيادية الشاغرة وتقويم نتائج أعمال شاغلي هذه الوظائف". 
وتنص المادة (13) على أن: "يقوم الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بوضع برنامج متكامل لإعداد وتأهيل وتنمية خبرات ومهارات المرشحين لشغل الوظائف القيادية حسب مستوى كل منهم...". 
وتنص المادة (17) على أن: "تضع السلطة المختصة بوضع الحوافز طبقا للقوانين واللوائح المعمول بها نظام إثابة وتحفيز شاغلي الوظائف القيادية. ويراعى أن يرتبط الحافز بما يتحقق من إنجازات ونتائج، وأن يكون كافيا لجذب الكفاءات وتشجيعها". 
وتنص المادة (18) على أن: "يقدم شاغل الوظيفة القيادية تقريرا سنويا عن إنجازاته...". 
ومن حيث إن المادة الأولى من قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 616 لسنة 2000 بتعيين العاملين بالدرجة الأولى بالوظائف التخصصية والفنية والمكتبية بوظيفة (كبير) بدرجة (مدير عام) تنص على أن: "ترفع الدرجات المالية لمن يتقدم بطلب كتابي خلال ثلاثين يوما من تاريخ نشر هذا القرار في الوقائع المصرية من العاملين المدنيين بالجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية، الذين أتموا في الدرجة الأولى حتى 31/ 8/ 2000 مددا لا تقل عن ست سنوات في إحدى المجموعات النوعية للوظائف التخصصية، أو سبع سنوات في إحدى المجموعات النوعية للوظائف الفنية أو المكتبية، إلى درجة (مدير عام) بمسمى كبير باحثين أو أخصائيين أو فنيين أو كبير كتاب بحسب الأحوال. ويستمرون في ممارسة ذات الأعمال والمسئوليات والواجبات التي كانوا يمارسونها وفق القرارات واللوائح والقواعد المنظمة لها قبل رفع درجاتهم، وذلك دون إخلال بحق السلطة المختصة في إسناد أعمال محددة لأي منهم وفقا لصالح العمل
ويجري تعيين العاملين المستوفين للمدة المشار إليها بصفة شخصية بإتباع القواعد المقررة قانونا في تلك الوظائف متى توافرت فيهم شروط شغلها، على أن تلغى درجة الوظيفة بمجرد خلوها من شاغلها. وفي جميع الأحوال يكون تعيين العاملين بناء على هذا القرار في تاريخ موحد هو 1/ 9/ 2000". 
ومن حيث إنه يتعين الإشارة في البداية إلى أنه باستعراض قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، وقرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978 بشأن المعايير اللازمة لترتيب الوظائف للعاملين المدنيين بالدولة يبين أن هذا القرار عرَّف الوظيفة بأنها مجموعة من الواجبات والمسئوليات التي تحددها السلطة المختصة، وتتطلب فيمن يقوم بها مؤهلات واشتراطات معينة. وعرَّف جداول الوظائف بأنها الجداول التي تتضمن أسماء الوظائف الموجودة في الوحدة، مصنفة طبقا للمجموعات النوعية، وموزعة على الدرجات وفقا لما ينتهي إليه تقييمها. وأوجب أن ترفق بهذه الجداول أوصاف الوظائف الواردة فيها، وأن يرفق بها أيضا بيان بهذه الوظائف، موزعة على التقسيمات التنظيمية والدرجات المختلفة
وبعد أن عرف كلا منهما وغيرهما من المصطلحات التي يقتضيها تنفيذه، وحدد في الملحق رقم (1) له المستويات النمطية لمسميات الوظائف في كل درجة بالنسبة إلى كل مجموعة على حدة، ومن بينها: مدير عام مصلحة أو صندوق أو جهاز، أو مدير عام إدارة عامة، وكبير باحثين أو أخصائيين أو فنيين أو كتاب، وذلك كله بالنسبة إلى درجة (مدير عام)، ووضع في الملحق رقم (3) له تعريفا للدرجات، ومن بينها درجة (مدير عام)، موضحا أنها تتضمن جميع الوظائف التي يقوم شاغلها تحت التوجيه العام برئاسة إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة، أو الإشراف على أعمال نشاط ذي طبيعة متنوعة بممارسة تقسيم تنظيمي يطلق عليه اسم: (إدارة عامة)، تتكون عادة من عدد من التقسيمات الداخلية التي يطلق عليها اسم (إدارة)، كما تتضمن بعض وظائف هذه الدرجة وظائف كبير الأخصائيين أو الباحثين ممن تتوافر فيهم المعرفة النظرية المتخصصة، والخبرة العملية العالية في مجالات مختلفة بين العمل التخصصي أو البحثي، ممن ترى الوحدة تفرغهم لواجبات تخصصهم، دون أن توكل إليهم مهام الإدارة العليا. ومن بينها أيضا الدرجة الأولى التي تتضمن جميع الوظائف التخصصية التي يقوم شاغلوها تحت التوجيه العام بالإشراف على تنفيذ أعمال رئيسية في مجالات الأعمال التخصصية، أو رئاسة تقسيم تنظيمي يطلق عليه اسم (إدارة)، وقد يتكون من عدد من الأقسام. وقد تتضمن بعض وظائف هذه الدرجة القيام بأعمال البحوث والدراسات التخطيطية العميقة، كما تتضمن الوظائف الفنية أو المكتبية التي تتولى عادة الإشراف على عدد كبير من العاملين أو عدد من الأقسام التي تزاول أعمالا فنية أو مكتبية.
ومؤدى ذلك أن لكل من درجة مدير عام والدرجة الأولى، شأنهما في ذلك شأن باقي الدرجات المالية المنصوص عليها في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه، مجموعة من الوظائف التي تنتظمها، وتتفق في درجة صعوبة واجباتها، وإن اختلفت في نوع أعمالها. وأن مجموعة وظائف كل درجة تستقل عن الدرجات الأخرى، سواء من حيث الواجبات أو المسئوليات على نحو يحول دون الخلط بينها. وأن درجة (مدير عام) كما تشتمل في مجموعة الوظائف الخاصة بها على وظيفة مدير عام إدارة عامة، وهي ما يطلق عليها طبقا للقانون رقم 5 لسنة 1991 المشار إليه (وظيفة قيادية)، تشتمل كذلك على وظيفة كبير باحثين أو كبير أخصائيين في ذات الدرجة، كوظيفة نمطية تكرارية لوظيفة مدير عام إدارة عامة، لها واجباتها ومسئولياتها التي لا تتداخل بواجبات ومسئوليات الوظائف التي تنتظمها الدرجة الأولى، والتي تحتل مرتبة أدنى في درجة صعوبة واجباتها ومسئولياتها، مما اقتضى ربطها بهذه الدرجة المالية، وليس بدرجة مدير عام
والمستفاد مما سبق أن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 اعتنق معيارا موضوعيا في ترتيب وتقييم الوظائف، ترتيبا يقوم على الاعتداد بواجبات الوظيفة ومسئولياتها، بحيث تكون الوظيفة وليست الدرجة المالية هي الأساس القانوني في التعيين والترقية وكافة الأحكام المتعلقة بشئون الخدمة المدنية. وقسم الوظائف إلى مجموعات نوعية، معتبرا كل مجموعة نوعية وحدة متميزة في مجال التعيين والترقية والنقل والندب. ومن بين هذه المجموعات: مجموعة وظائف الإدارة العليا التي تبدأ بدرجة (مدير عام)، وتنتهي بالدرجة الممتازة، وهي وظائف قيادية توجد على قمة وظائف المجموعات النوعية المختلفة، ومن ثم يتزاحم على شغل درجاتها سائر العاملين من شاغلي الدرجة الأولى بالمجموعات النوعية المختلفة، ممن تتوافر في شأنهم شروط الترقية، إلا أنه قد يتطلب لشغل وظيفة منها حسب طبيعة أعمالها خبرة فنية لا تتوافر إلا في شاغلي مجموعة نوعية بعينها، فتقتصر الترقية إليها في هذه الحالة على شاغلي الدرجة الأولى بهذه المجموعة النوعية دون سواهم، وذلك بمراعاة استيفاء سائر الاشتراطات الأخرى
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى نصوص القانون رقم 5 لسنة 1991 المشار إليه ولائحته التنفيذية أنه قد تضمن أحكاما جديدة لشغل الوظائف المدنية القيادية في الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والأجهزة الحكومية التي لها موازنة خاصة، وهيئات القطاع العام وشركاته والمؤسسات العامة وبنوك القطاع العام والأجهزة والبنوك ذات الشخصية الاعتبارية العامة، فحدد طرق شغل هذه الوظائف من حيث إجراءات وقواعد الاختيار، وكيفية الإعداد والتدريب وقواعد تقويم نتائج أعمال شاغلي الوظائف القيادية، وكذا إجراءات تجديد مدة شغلها وانتهائها، الأمر الذي يبين أن طرق شغل الوظائف المدنية القيادية قد تكفل بتحديدها القانون المذكور ولائحته التنفيذية، ومن ثم تكون هذه الأحكام دون غيرها هي السبيل لشغل الوظائف المشار إليها، ومن بينها وظائف مديري العموم، وذلك على النحو الذي يكون معه ما كان مقررا من قواعد لشغل الوظائف ذاتها بالجهات المخاطبة بأحكام ذلك القانون غير معمول به اعتبارا من تاريخ العمل بالقانون رقم 5 لسنة 1991
ونظرا لركود العديد من العاملين في الدرجة الأولى بغير ترقية عمد المشرع بإصدار قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 616 لسنة 2000 إلى رفع الدرجة المالية لمن شغل الدرجة الأولى المدد التي حددها إلى درجة (مدير عام) بمسمى كبير باحثين أو أخصائيين أو فنيين أو كتاب بحسب الأحوال، مع استمراره في ذات الأعمال والمسئوليات والواجبات التي كان يمارسها قبل الرفع، على أن يكون شغله لوظيفته في الدرجة المرفوع إليها بصفة شخصية، وتلغى بمجرد خلوها من شاغلها، الأمر الذي يقطع بأن الغاية من هذا القرار هي معالجة الرسوب الوظيفي في الدرجات المالية بإفادة العامل الذي قضى مددا معينة في درجة من المزايا المالية المقررة للدرجة المالية التي تعلوها، دون شغل الوظيفة التي تقررت لها هذه الدرجة
ولما كان قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة سالف البيان قد اتخذ معيارا موضوعيا في ترتيب وتقييم الوظائف - حسبما أفصحت بجلاء المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - فإن الترقيات التي ترتب عليها رفع درجات بعض شاغلي الدرجة الأولى إلى درجة (مدير عام) بصفة شخصية لا تؤدي إلى اعتبارهم من شاغلي وظيفة (مدير عام) كإحدى وظائف المجموعة النوعية لوظائف الإدارة العليا. وليس أدل على ذلك من أن الموظف الذي يرقى لدرجة (كبير) طبقا للقرار المذكور - الصادر عن وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 616 لسنة 2000 - يظل في ذات المجموعة التخصصية التي ينتمي إليها، ولكنه يكون على رأس هذه المجموعة. وعليه فمن يتم رفع درجاتهم المالية إلى درجة (مدير عام) بمسمى كبير باحثين أو أخصائيين أو فنيين أو كتاب - بحسب الأحوال - طبقا للقرار السالف الذكر من شاغلي وظائف الإدارة العليا إنما يظلون خاضعين لذات النظام القانوني الخاص بوظائفهم قبل الرفع
وعلى ما تقدم جميعه فإن التعيين في الوظائف المدنية القيادية يكون لمدة أقصاها ثلاث سنوات قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى مماثلة بالشروط والإجراءات المحددة بالقانون رقم 5 لسنة 1991 المشار إليه ولائحته التنفيذية، وإن هذه الوظائف القيادية هي تلك التي يتولى شاغلوها الإدارة القيادية من درجة (مدير عام) وما يعلوها، ومن ثم فلا سبيل لشغل أي من هذه الوظائف إلا وفق أحكام ذلك القانون، وذلك بخلاف من يتم رفع درجاتهم المالية من شاغلي الدرجة الأولى طبقا لقرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 616 لسنة 2000 للمدد التي حددها لدرجة (مدير عام) بمسمى كبير باحثين أو أخصائيين أو فنيين أو كتاب بحسب الأحوال، مع استمراره في ممارسة ذات الأعمال والمسئوليات والواجبات التي يمارسها قبل الرفع، ويكون شغله لوظيفته في الدرجة المرفوع إليها بصفة شخصية، وتلغى بمجرد خلوها من شاغلها
وهذا الفارق بين شاغلي وظائف الإدارة العليا طبقا للقانون رقم 5 لسنة 1991 وشاغلي ذات الوظائف طبقا لقرار وزير التنمية الإدارية يستتبع بالضرورة أن ما يخصص من مزايا مالية لشاغلي الوظائف الأولى إنما يساوي ويكافئ ما أوكل إلى شاغليها من اختصاصات وأعباء تتطلبها هذه الوظائف، وهو ما جعل اختيار شاغليها إنما يتم طبقا لأهداف وغايات واختيار أصحاب الكفاءة والجدارة الكاملة لتحمل أعباء هذه الوظيفة القيادية وأداء واجباتها، ومن ثم يتقاضى المزايا المالية المقررة في مقابل أعبائها، وينبني على ذلك عدم استحقاق المزايا المالية المقررة لشاغلي إحدى الوظائف القيادية طبقا للقانون رقم 5 لسنة 1991 إلا لمن يشغلها فعلا وفقا لأحكام هذا القانون، ومن ثم عدم أحقية شاغلي درجة (مدير عام) بمسمى كبير باحثين في الحصول على المزايا المالية المقررة للوظائف القيادية سالفة البيان
ومن حيث إنه لا يغير مما تقدم ما أثير من أن الترقية بالرسوب قد استهدفت إيجاد نوع من التوازن بين اعتبار ألا تؤدي الترقية بهذا الأسلوب إلى تعطيل الأعمال في المرافق العامة، وبين اعتبار عدم الإضرار بالعامل ماليا، فهذا الطرح لا يغير مما سبق بيانه؛ ذلك أنه وفقا للنصوص القانونية السالفة البيان تفصيلا التي تقيم تمييزا في المعاملة المالية مرده اختلاف الواجبات الوظيفية بين شاغلي كل من الوظيفتين، والطرح السابق وإن صلح مناشدة المشرع للتدخل لمعالجة الوضع الناجم عن قلة عدد الوظائف القيادية بدرجتها المالية وكثرة عدد الشاغلين للدرجة المالية، والناجم عن ميراث طويل سببه الأعداد الكبيرة للعاملين المستحقين والطامحين في الترقية لوظائف الإدارة العليا؛ إلا أنه لا مناص في ظل النصوص الحالية السابق إبرازها تفصيلا من الحكم بعدم أحقية شاغلي وظيفة (كبير) طبقا للأحكام الواردة في قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية في صرف المزايا المالية المقررة لشاغلي وظيفة (مدير عام) طبقا للقانون رقم 5 لسنة 1991 في شأن الوظائف المدنية القيادية في الجهاز الإداري للدولة وسائر الجهات الخاضعة لهذا القانون.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم أحقية شاغلي وظيفة (كبير) طبقا لقرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 616 لسنة 2000 في صرف المزايا المالية المقررة لشاغلي وظيفة (مدير عام) طبقا لأحكام القانون رقم 5 لسنة 1991 في شأن الوظائف المدنية القيادية، وإعادة الطعن إلى الدائرة السابعة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه على ضوء ما سبق بيانه.

الطعن 25630 لسنة 54 ق جلسة 23 / 5 / 2010 مكتب فني 55 - 56 ق 56 ص 492


السادة الأستاذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة
1 - رمزي عبد الله محمد أبو الخير
2 – أحمد عبد العزيز أبو العزم
3 - محمد الشيخ على أبو زيد
4 - فارس سعد فام
5 - محمد حجازي حسن مرسي
6 - متولي محمد متولي الشراني
7 - عطية حمد عيسى عطية
---------------

(56)
جلسة 23 من مايو سنة 2010
الطعن رقم 25630 لسنة 54 القضائية عليا
(الدائرة السابعة)


 ( أ ) دعوى - لجان التوفيق في بعض المنازعات - لم يرتب المشرع أي جزءا على عدم انتظار الميعاد المقرر لإصدار التوصية - رفع الدعوى قبل انتهاء الميعاد المقرر لإصدار التوصية، أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول، لا يترتب عليه عدم قبولها (1). 
المواد المطبقة ( أ ): 
المادتان (1) و(11) من القانون رقم (7) لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها
(ب) - دعوى - لجان التوفيق في بعض المنازعات - الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية تخضع لأحكام القانون رقم (7) لسنة 2000
(المبدأ ذاته قررته دائرة المبادئ بجلسة 10/ 5/ 2008 في الطعن رقم 13762 لسنة 49 ق عليا). 
المواد المطبقة (ب): 
المادة (6) من القانون رقم (7) لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها
(جـ) هيئة الشرطة - شئون الضباط - تأديب - إذا كان مناط الفصل في المخالفة للجهات الطبية المختصة فلا تعقيب عليها من جانب محكمة الموضوع؛ باعتبار ذلك من الأمور الفنية التي تخرج عن اختصاص المحكمة، وتنفرد بها جهات الاختصاص.


الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق 20/ 5/ 2008 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن، قيد تحت رقم 25630 لسنة 54 ق عليا في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها بجلسة 22/ 3/ 2008 في الطعن رقم 370 لسنة 41ق، الذي قضى بعدم قبول الطعن
وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه - للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء قراري مدير مصلحة أمن المواني بوزارة الداخلية المؤرخين في 29/ 3/ 2007 و16/ 7/ 2007 فيما تضمنه الأول من مجازاة الطاعن بخصم يومين من راتبه، وفيما تضمنه الثاني من مجازاة الطاعن بخصم عشرة أيام من رابته، وعدم احتساب الإجازة المرضية ومدتها ثمانية وعشرون يومًا، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
- وحيث إنه وإن لم يثبت من الأوراق إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده على النحو المقرر قانونًا، إلا أن عضو هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن المطعون ضدهما بصفتيهما قد حضر جلسات الفحص والموضوع بالمحكمة الإدارية العليا مما يغني عن هذا الإعلان
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم - بعد إعلان المطعون ضدهما بصفتيهما بتقرير الطعن الماثل - بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بقبول الطعن رقم 370 لسنة 41 ق شكلاً، ورفضه موضوعًا.
وتدوول الطعن أمام الدائرة الخامسة فحص بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بالمحاضر، حيث قررت بجلسة 5/ 7/ 2009 إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة موضوع بالمحكمة المذكورة، التي قررت بجلسة 17/ 10/ 2009 إحالة الطعن إلى الدائرة السابعة موضوع للاختصاص، التي نظرته بجلساتها على النحو الثابت بالمحاضر حيث قررت بجلسة 28/ 2/ 2010 إصدار الحكم بجلسة 18/ 4/ 2010 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات, وبعد المداولة قانونًا
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية
ومن حيث إن عناصر المنازعة الماثلة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 20/ 8/ 2007 أقام الطاعن طعنه رقم 370 لسنة 41 ق أمام المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها، وطلب ي ختام عريضة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع:
1 - إلغاء قرار مدير مصلحة أمن المواني بوزارة الداخلية الصادر بتاريخ 29/ 3/ 2007 فيما تضمنه من مجازاته بخصم يومين من راتبه، وما يترتب على ذلك من آثار
2 - إلغاء القرار الصادر عن مدير مصلحة أمن المواني بوزارة الداخلية بتاريخ 16/ 7/ 2007 قيما تضمنه من مجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه، ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر الطاعن شرحا لطعنه أنه يشغل وظيفة (مقدم شرطة) بمصلحة أمن المواني، وبتاريخ 29/ 3/ 2007 أصدر مدير المصلحة المذكورة قرارًا بمجازاته بخصم يومين من راتبه لما نسب إلهي من عدم المثول أمم لجنة توصيف الأعمال ورفض العرض على لجنة العجز الطبي رغم تمام إعلانه بمعرفة إدارة شئون الخدمة، وقرر الطاعن أنه فيما يتعلق بالاتهام الأول فقد توجه بالفعل للعرض على لجنة توصيف الأعمال بالتواريخ المثبتة بدفتر أحوال جهة عمله، ووردت النتيجة لجهة عمله بتاريخ 17/ 2/ 2007 قبل صدور قرار الجزاء، وبالنسبة للاتهام الثاني فهو لم يرفض العرض على لجنة العجز الطبي، وهو الذي طلب عرضه على هذه اللجنة, ورغم ذلك تم تحويله للتحقيق بزعم رفضه العرض على ذلك اللجنة
وأضاف الطاعن أنه بتاريخ 16/ 7/ 2007 أصدر مدير المصلحة المشار إليها قرارًا بمجازته بخصم عشرة أيام من رابته من خصم الأيام التي لم يحتسها المجلس الطبي وعددها ثمانية وعشرون يومًا؛ وذلك لما نسب إليه من الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي ومخالفة التعليمات لانقطاعه عن العمل بدعوي المرض ولم تحتسبها الجهات الطبية إجازة مرضية، ورفض لجنة التظلمات تظلمه من قرار المجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة لاقتناع اللجنة بسلامة قرار المجلس الطبي
ونعى الطاعن على هذا القرار قدم قيامه على سند صحيح من الواقع أو القانون؛ ذلك أنه مصاب بمرض مزمن وهو انزلاق غضروفي وقطني(إصابة عمل)، وله ملق بذلك بمركز إصابات العمل بقطاع الخدمات الطبية بوزارة الداخلية،وبتاريخ 15/ 12/ 2006 أبلغ جهة عمله بمرضه وطلب تحويله لإدارة إصابات العمل لاستكمال علاجه، وظل يتردد على مستشفى الشرطة للعلاج وتم منحه إجازة مرضية بمعرفة الطبيب الاستشاري بالمستشفى على النحو التالي: من 21/ 12/ 2006 حتى 3/ 1/ 2007، ومن 4/ 1/ 2007 حتى 18/ 1/ 2007، ومن 19/ 1/ 2007 حتى 2/ 2/ 2007، وبالعرض على إدارة الإصابات رفضت اعتماد تلك الإجازات الممنوحة له من مستشفى الشرطة، فقام بالتظلم إلى لجنة التظلمات، التي قررت احتساب إجازة لمدة أسبوع وعدم احتساب بقية المدة، رغم أن العرض لم بعد خمسة أشهر من مرضه الفعليٍ، ولم يكن باللجنة استشاري متخصص في حالة الطاعن، وهو استشاري جراحة المخ والأعصاب، مما يؤكد تعسف اللجنة في قرارها
واستطرد الطاعن أنه أخطر بالقرار الأول بتاريخ 17/ 4/ 2007 وتظلم منه بتاريخ 5/ 5/ 2007 وتقدم إلى لجنة التوفيق بوزارة الداخلية بطلب قيد تحت رقم 12066 بتاريخ 18/ 8/ 2007، وأعلن بالقرار الثاني بتاريخ 16/ 7/ 2007 وتظلم منه بتاريخ 14/ 8/ 2007 وتقدم إلى لجنة التوفيق بطلب قيد تحت رقم 12064 بتاريخ 18/ 8/ 2007 وأقام دعواه بتاريخ 20/ 8/ 2007، وخلص إلى طلباته سالفة الذكر
وبجلسة 22/ 3/ 2008 قضت المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها بعدم قبول الطعن، وشيدت المحكمة قضاءها - بعد أن استعرضت نصوص المواد 1 و2 و4 و11 من القانون رقم (7) لسنة 2000 الخاص بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العام طرفًا فيها - على أن المشرع قد أوجب علة ذوي الشأن اللجوء إلى لجان التوفيق في المنازعات المختصة بها وانتظار إصدار توصيتها وفوات الميعاد المقرر لقبولها، أو فوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أيهما أسبق، وذلك قبل لجوئهم إلى المحكمة المختصة للفصل في الطلبات التي يجب عرضها على اللجان، ورتب المشرع على عدم مراعاة هذه الإجراء عدم قبول الدعوى أو الطعن، واستثنى المشرع من ه ذا الشرط المنازعات المستعجلة الوقتية ومنازعات التنفيذ والأوامر على العرائض والأداء وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات لوقف تنفيذها.
والثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه الأول صدر بتاريخ 29/ 3/ 2007ن وأن القرار المطعون فيه الثاني صدر بتاريخ 16/ 7/ 2007، وتظلم الطاعن من القرار الأول بتاريخ 5/ 5/ 2007 ومن القرار الثاني بتاريخ 15/ 8/ 2007, وتقدم الطاعن بطلبين بتاريخ 19/ 8/ 2007 إلى لجنة التوفيق في المنازعات، قيدًا تحت رقمي 12064 و12066 لسنة 2007، وعملاً بحكم الفقرة الأخيرة من المادة الحادية عشرة من القانون المشار إليه كان يتعين على الطاعن عدم اللجوء إلى المحكمة مباشرة وإقامة طعنه الماثل فوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لقبولها أيهما أسبق، إلا أن الطاعن قد خالف ذلك وسارع بإقامة طعنه في 20/ 8/ 2007، أي في اليوم التالي مباشرة للجوئه على لجنة التوفيق بالرغم من صدور التوصية في الطلبين في الميعاد المقرر قانونًا لإصدارهما في 1/ 9/ 2007، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وشابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب؛ ذلك أن الطاعن قد اتبع كافة الإجراءات الشكلية المطلوبة، فالقرار المطعون فيه الأول صدر بتاريخ 29/ 3/ 2007، وأعلن به بتاريخ 17/ 4/ 2007 وتظلم منه بتاريخ 5/ 5/ 2007 وتقدم إلى لجنة التوفيق بوزارة الداخلية بتاريخ 19/ 8/ 2007، والقرار المطعون فيه الثاني صدر بتاريخ 16/ 7/ 2007، وأعلن به في ذات التاريخ وتظلم منه بتاريخ 14/ 8/ 2007 وتقدم إلى لجنة التوفيق بوزارة الداخلية بتاريخ 19/ 8/ 2007، وأقام طعنه بتاريخ 20/ 8/ 2007 بالنسبة للقرارين المطعون فيهما، وصدر قرار لجنة التوفيق بتاريخ 1/ 9/ 2007 قبل بدء الجلسات بالمحكمة التأديبية
ولما كان اللجوء إلى لجان التوفيق بالنسبة للطعون في قرارات الجزاء أمرًا جوازيًا، فضلاً عن أن اللجوء إلى هذه اللجان قبل إقامة الدعوى لا يستلزم انتظار الميعاد المقرر للبت في الطلب، مادام قد انقضى هذا الميعاد أثناء سير الدعوى دون الاستجابة لطلبه، فلا مجال للدفع بعدم قبول الدعوى
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم (7) لسنة 2000 إنشاء لجان التوفيق بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها تنص على أن: "ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة". 
وتنص المادة السادسة من ذات القانون على أن: "يقدم ذو الشأن طلب التوفيق إلى الأمانة الفنية للجنة المختصة... وتقرر اللجنة عدم قبول الطلب إذا كان متعلقًا بأي من القرارات الإدارية النهائية المشار إليها في الفقرة (ب) من المادة(12) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بالقانون رقم 47 لسنة 1972 إلا إذا قدم خلال المواعيد المقررة للطعن فيه بالإلغاء، وبعد تقديم التظلم منه وانتظار المواعيد المقررة للبت فيه ورفق أحكام الفقرة المذكورة
والقرارات المشار إليها في الفقرة (ب) من المادة (12) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 هي القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها في البنود (ثالثًا) و(رابعًا) و(تاسعًا) من المادة (10)، وقد نص بالند (تاسعًا) من المادة (10) من قانون مجلس الدولة المشار إليه على: "الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية". 
ومفاد ذلك أن الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء ا لقرارات النهائية للسلطات التأديبية تخضع لأحكام القانون رقم (7) لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق، فيتعين على صاحب الشأن قبل اللجوء إلى المحاكم التأديبية أن يتقدم بطلب التوفيق إلى اللجنة المختصة خلال المواعيد المقررة للطعن فيه بالإلغاء، بعد تقديم التظلم من القرار، وانتظار المواعيد المقررة للبت فيه. (المحكمة الإدارية العليا - دائرة توحيد المبادئ - جلسة 10/ 5/ 2008 في الطعن رقم 13762 لسنة 49 ق عليا). 
ومن حيث إن المادة الحادية عشرة من القانون رقم (7) لسنة 2000 المشار إليه تنص على أنه: "عدا المسائل التي يختص بها القضاء المستعجل، ومنازعات التنفيذ، والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض، والطلبات الخاصة بأوامر الأداء، وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ، لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية، أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول، وفقًا لحكم المادة السابقة". 
ومفاد هذا النص أن المشرع وإن كان قد أوجب عدم قبول الدعوى التي ترفع ابتداء على المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام القانون المذكور إلا إذا أقيمت بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول، إلا أن المشرع لم يرتب أي جزاء على عدم انتظار الميعاد المقرر لإصدار التوصية باعتبار ذلك إجراءًا غير جوهري، كما أنه لم يقصد لذاته وإنما أريد به إفساح المجال لإنهاء الخصومة دون الاضطرار إلى ولوج سبيل التقاضي وما يستلزمه في مراحله المختلفة من الأعباء المادية والمعنوية، وما يصاحبه في أحيان كثيرة من إساءة استغلال ما وفره القانون من أوجه الدفاع والدفوع، واتخاذها سبيلاً للكيد ووسيلة لإطالة أمد الخصومات، على نحو يرهق كاهل القضاء ويلحق الظلم بالمتقاضين مادامت حقوقهم - نتيجة لتلك الإساءة - لا تصل إليهم ألا بعد الأوان، ومن ثم فإن رفع الدعوى قبل انتهاء الميعاد المقرر لإصدار التوصية، أو الميعاد المقرر لعضها دون قبول، لا يترتب عليه عدم قبول الدعوى
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن قرار الجزاء المطعون فيه الأول صدر بتاريخ 29/ 3/ 2007، وأعلن الطاعن به بتاريخ 17/ 4/ 2007، وتظلم منه بتاريخ 5/ 5/ 2007، وتم رفض تظلمه بتاريخ 16/ 7/ 2007، فتقدم إلى لجنة التوفيق المختصة بتاريخ 19/ 8/ 2007، وقيد طلبه تحت رقم 12066 لسنة 2007، كما صدر قرار الجزاء المطعون فيه الثاني بتاريخ 16/ 7/ 2007، وتظلم منه الطاعن بتاريخ 15/ 8/ 2007، ولم يبين من الأوراق تاريخ رفض تظلمه أو الرد عليه، وقد لجأ الطاعن إلى لجنة التوفيق المختصة بتاريخ 19/ 8/ 2007 بالنسبة للقرار الأخير، وقيد طلبه لديها تحت رقم 12064 لسنة 2007، فأوصت بجلستها المنعقدة بتاريخ 1/ 9/ 2007 برفض الطلبين المشار إليهما، وكان الطاعن قد أقام دعواه بالطعن على قراري الجزاء المشار إليهما بتاريخ 20/ 8/ 2007 (محل الطعن الماثل)، وإذ تم الفصل في طلبي التوفيق المشار إليهما بالرفض أثناء سير الدعوى وقبل الحكم فيها، الذي لم يصدر إلا بتاريخ 22/ 3/ 2008، ومن ثم يكون حكم التأديبية رئاسة الجمهورية وملحقاتها المطعون فيه قد صدر مخالفًا للقانون حقيقا بالإلغاء فيما قضى به من عدم قبول الطعن، ويتعين الحكم بإلغائه والقضاء بقبول الطعن شكلاً
- ومن حيث إن موضوع الطعن صالح للفصل فيه فإن المحكمة تتصدى لبحثه وإصدار حكمها في الموضوع.
- ومن حيث إنه بالنسبة للطلب الأول والخاص بإلغاء القرار الصادر عن مدير عام مصلحة أمن المواني بوزارة الداخلية بتاريخ 29/ 3/ 2007 المتضمن مجازاة الطاعن بخصم يومين من راتبه لما نسب إليه من الإخلال بمقتضى الواجب الوظيفي ومخالفة التعليمات وذلك
1 - لعدم قيامه بالتوجه للمجلس المتخصص للعرض على لجنة توصيف الأعمال
2 - لرفض العرض على لجنة العجز الطبي رغم تمام إعلانه بمعرفة إدارة شئون الخدمة بالمصلحة
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 16/ 9/ 2006 قامت مصلحة أمن المواني بوزارة الداخلية بإرسال الكتاب رقم 2363 سري إلى الإدارة العامة للخدمات الطبية لتحديد جلسة لتوقيع الكشف الطبي على الطاعن(الضابط بالمصلحة) وذلك لتقييم مدى إمكانية تحريكه لأحد فروع المصلحة الجغرافية في ضوء عرض الضابط المذكور على اللجنة الفنية العليا للمخ والأعصاب بتاريخ 24/ 5/ 200 إبان عمله بمديرة أمن السويس، وبتاريخ 19/ 9/ 2006 ورد لمصلحة أمن المواني كتاب المجلس الطبي لهيئة الشرطة رقم 6223 بطلب إعلان الطاعن بالتوجه إلى مقر المجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة للمناظرة والعرض على لجنة توصيف الأعمال، وذلك في الموعد الذي تحدده جهة العمل، وما عدا الإجازات والراحات الرسمية، وبتاريخ 11/ 10/ 2006 تم إخطار جهة عمل الطاعن للتنبيه عليه بالتوجه للمجلس الطبي المذكور للمناظرة والعرض على اللجنة المشار إليها مع إفادة مصلحة أمن المواني بما يفيد ذلك، وتم إخطار جهة عمل الطاعن بالإخطار المؤرخ في 12/ 12/ 2006 للإفادة عن أسباب عدم قيام الطاعن بالتوجه إلى المجلس المذكور لتوقيع الكشف الطبي عليه، وبتاريخ 16/ 12/ 2006 ورد المصلحة أمن المواني كتاب جهة عمل الطاعن (إدارة شرطة المنطقة المركزية) يفيد إعلان الطاعن وتوقيعه بتسلم الكتاب المؤرخ في 14/ 10/ 2006 بالتوجه للمجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة لعرضه على لجنة توصيف الأعمال، كما تم إخطاره تليفونيًا بمضمون الكتاب المشار إليه بتاريخ 12/ 12/ 2006وذلك لوجوده في إجازة دورية حتى 16/ 12/ 2006، وفي التاريخ الأخير وردت إشارة إدارة شرطة المنطقة المركزية التابع لها الطاعن إلى مصلحة أمن المواني تفيد إبلاغ المذكور بأنه مريض وملازم الفراش بتاريخ 15/ 12/ 2006, وبتاريخ 17/ 1/ 2007 تم تسليم الطاعن خطابًا موجهًا إلى المجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة لتوقيع الكشف الطبي عليه والإفادة بالنتيجة، ووقع المذكور في ذات التاريخ 17/ 1/ 2007 بتسلمه أصل الكتاب المشار إليه، وأفاد بأنه لم يبلغ بمرضه ولكنه طلب تحويله إلى مركز إصابات العمل وعرضه على لجنة العجز، وطلب مدير إدارة شئون الخدمة في مذكرته المؤرخة في 17/ 1/ 2007 إرسال الأوراق الإدارة التفتيش بمصلحة أمن المواني لاتخاذ اللازم نحو الإفادة عن عدم قيام الضابط المذكور بالتوجه إلى المجلس الطبي المتخصص للعرض على لجنة توصيف الأعمال، وسابقة رفضه العرض على لجنة العجز الطبي، وقد أشر وكيل المصلحة للأفراد والتدريب على المذكرة المشار إليها بإحالة الموضوع إلى مدير إدارة التفتيش لاستدعاء الطاعن لتحديد موقفه من عدم توجهه إلى المجلس الطبي لهيئة الشرطة وأسباب عدم توجهه إلى لجنة العجز, وتم إجراء تحقيق إداري مع الطاعن انتهى إلى ثبوت مسئوليته الإدارية عما نسب إليه ومجازاته بخصم يومين من راتبه
ومن حيث إنه عن المخالفة الأولى المنسوبة للطاعن بقرار الجزاء الأول المؤرخ في 29/ 3/ 2007 وهي عدم قيامه بالوجه إلى المجلس الطبي المتخصص للعرض على لجنة توصيف الأعمال، فإن الثابت من الأوراق - وفقًا لما سلف بيانه - أنه بتاريخ 17/ 1/ 2007 تم تسليم الطاعن كتاب مصلحة أمن المواني الموجه لرئيس المجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة لتوقيع الكشف الطبي عليه (الطاعن) والإفادة بالنتيجة، وقد توجه الطاعن بالفعل إلى المجلس الطبي المذكور، وتم توقيع الكشف الطبي عليه بجلسات 20/ 1 و31/ 1/ 2007 و17/ 2/ 2007 تحت رقم (9) توصيف أعمال، وتم تشخيص حالته (آلام بالعنق والذراع الأيسر وانزلاق غضروفي عنقي بين الفقرة السادسة والسابعة العنقية)، وأوصى المجلس الطبي في قراره للطاعن بعمل إدارية مكتبي دون تخفيض عدد ساعات العمل، وعدم الوقوف لفترات طويلة لمدة ستة أشهر اعتبارًا من 17/ 2/ 2007، وذلك بعد وورد قرار اللجنة الفنية العليا، وذلك وفقًا لما تضمنه كتاب المجلس الطبي التخصصي لهيئة الشرطة رقم 886 بتاريخ 17/ 2/ 2007 بنتيجة الكشف الطبي على الطاعن، وكان ذلك قبل صدور قرار الجزاء المطعون فيه المؤرخ في 29/ 3/ 2007، كما أن مثول الطاعن أمام لجنة توصيف الأعمال بالمجلس الطبي المشار إليه بالجلسات المشار إليها كان أثناء التحقيق الإداري بتاريخي 30/ 1/ 2007 و5/ 2/ 2007 ومع ذلك وردت هذه المخالفة بمذكرة إدارة التفتيش بمصلحة أمن المواني المؤرخة في 26/ 3/ 2007 التي صدر بناء عليها القرار المطعون فيه، ومن ثم تضحى هذه المخالفة غير ثابتة في حق الطاعن، ويكون استناد القرار الطعين عليها في غير محله، إذ تم نسبتها للطاعن رغم ثبوت قيامه بالتوجه إلى المجلس الطبي المذكورة قبل التحقيق معه وقبل صدور قرار الجزاء وبعد تسلمه للكتاب الخاص بتوقيع الكشف الطبي عليه بمدة وجيزة تحديدًا في اليوم الثالث لتسلمه هذا الكتاب
ومن حيث إنه عن المخالفة الثانية المنسوبة للطاعن بذات القرار وهي رفضه العرض على لجنة العجز الطبي رغم تمام إعلانه بمعرفة إدارة شئون الخدمة بالمصلحة فقد جاءت أوراق التحقيق خلوًا مما يفيد إعلان الطاعن بالعرض على لجنة العجز، وبمواجهة الطاعن بهذا الاتهام في التحقيق الإداري قرر أنه لم يرفض العرض على لجنة العجز ولم يتم إعلانه بذلك، وتم إعلانه فقط بالعرض على لجنة توصيف الأعمال بالكتاب المؤرخ في 17/ 1/ 2007، فضلاً عن وجود كتابين صادرين عن إدارة إصابات العمل بالإدارة العامة للخدمات الطبية أولهما مؤرخ في 14/ 12/ 1999، والثاني مؤرخ في 14/ 7/ 2005 بشأن وصف حالة الطاعن وتضمنًا ما يلي: " عرض لجنة العجز توصيف الأعمال بالمجلس الطبي"، ولم تصدر أية مكاتبات للطاعن لعرضه على لجنة العجز، ومن ثم يكون هذا الاتهام غير قائم على سند صحيح من الأوراق وتكون هذه المخالفة غير ثابتة في حقه
ومن حيث إن الثابت مما تقدم أن المخالفين المنسوبتين للطاعن غير ثابتين في حقه وإذ استند إليهما قرار الجزاء المؤرخ في 29/ 3/ 2007 فإنه يكون فاقدًا لسنده الصحيح حريًا بإلغائه
- ومن حيث إنه عن قرار الجزاء الثاني المؤرخ في 16/ 7/ 2007 (المطعون فيه) المتضمن مجازاة الطاعن بخصم عشرة أيام من رابته وخصم أيام الغياب ومدتها ثمانية وعشرون يومًا، لما نسب إليه من الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي ومخالفة التعليمات، وذلك لانقطاعه عن العمل بدعوى المرض لمدة 28 يومًا (الفترة من 22/ 12/ 2006 حتى 18/ 1/ 2007), لم تحتسبها الجهات الطبية المختصة إجازة مرضية، ورفضت لجنة فحص التظلمات تظلمه من قرار المجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة لاقتناع اللجنة بسلامة قرار المجلس الطبي وما ورد به من أسباب، فإن هذه المخالفة مناط الفصل فيها للجهات الطبية المختصة دون التعقيب عيها من جانب محكمة الموضوع؛ باعتبار ذلك من الأمور الفنية التي تخرج عن اختصاص المحكمة، وتنفرد بها جهات الاختصاص، وحال إفصاحها عن رأيها الفني في هذا الشأن فلا تعقيب عليه، وإذ انتهت الجهات الطبية المختصة إلى عدم احتساب الفترة من 22/ 12/ 2006 حتى 18/ 1/ 2007 إجازة مرضية، كما رفضت لجنة فحص التظلمات تظلم الطاعن من قرار المجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة لاقتناع اللجنة بسلامة قرارات المجلس الطبي وما ورد بها من أسباب، فلا تعقيب للمحكمة على هذا القرار الفني، وتضحى المخالفة ثابتة في حق الطاعن، ويكون القرار المطعون فيه قائمًا على سببه الصحيح؛ إذ يعد ذلك خروجًا منه على مقتضى الواجب الوظيفي ومخالفة التعليمات بانقطاعه عن العمل بدعوى المرض حال كونه غير مريض، ويتعين مساءلته تأديبيًا عن ذلك، ويكون الطعن على هذا القرار في غير محله حريًا برفضه.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بقبول الطعن رقم 370 لسنة 41ق شكلاً، وإلغاء قرار الجزء المؤرخ في 29/ 3/ 2007 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم يومين من راتبه، ورفض ما عدا ذلك من طلبات.

(1) راجع كذلك المبدأ رقم (44) في هذه المجموعة.