جلسة 12 من أكتوبر سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / فرغلي زناتي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صلاح محمد ، توفيق سليم ، جلال شاهين وأيمن شعيب نواب رئيس المحكمة .
----------
(86)
الطعن 23452 لسنة 83 ق
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
مثال .
(2) شركات توظيف الأموال . جريمة " أركانها " . نقض " المصلحة في الطعن " .
عدم وجود ثمة علاقة أسرية أو صداقة تربط المجني عليهم بالطاعن أو ببعضهم سوى إعلانه فيما بينهم عن نشاطه واقتناعهم باستثمار أموالهم في شركته فأودعوه أموالهم . يُحقق فيهم صفة الجمهور في جريمة تلقي الأموال . علة ذلك ؟
نعي الطاعن على الحكم بشأن كيفية توجيه الدعوة للجمهور ووسيلته . لا محل له . ما دام قد دانه بجريمتي تلقي أموال من الجمهور لتوظيفها على خلاف أحكام القانون والامتناع عن ردها وليس بجريمة الدعوة للاكتتاب أو لجمع هذه الأموال .
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . استدلالات .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
تناقض أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم . لا يعيب الحكم . ما دام قد استخلص الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً .
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . ما دامت قد عُرضت على بساط البحث . ترديدها لما أبلغ به المجني عليه . لا ينال من صحتها . علة ذلك ؟
(4) شركات توظيف الأموال . إثبات " بوجه عام " " قرائن " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
جريمتا تلقي الأموال من الجمهور لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها والامتناع عن ردها . لا يشترط لإثباتهما طريقة خاصة . كفاية اقتناع المحكمة بوقوع الفعل المكون لهما من أي دليل أو قرينة تقدم إليها . مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(5) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي . استفادة الرد عليه دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
مثال .
(6) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه صراحة أو ضمناً . لها الاعتماد في حكمها على أقوالهم بالتحقيقات . ما دامت مطروحة على بساط البحث .
مثال .
(7) دعوى جنائية " تحريكها " . استجواب . إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . بطلان . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
رفع الدعوى العمومية دون استجواب المتهم أو سؤاله . لا يرتب البطلان . إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . علة ذلك ؟
(8) شركات توظيف الأموال . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . مسئولية جنائية . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
المجادلة فيما أثبته الحكم بحق الطاعن من امتناعه عن رد أموال المجني عليهم . غير مقبولة . ما دام قد دلل على ارتكابه تلك الجريمة بأدلة وشواهد سائغة .
دفاع الطاعن بانتفاء مسئوليته عن الجريمة لتعرض موقفه المالي للاضطراب لسوء الأحوال الاقتصادية إثر ثورة 25 يناير. دفاع موضوعي . غير جائز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . وكان الحكم قد أورد واقعة الدعوى ومؤدى كل دليل من أدلة الثبوت التي عوَّل عليها في قضائه بالإدانة في بيان واف ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، مما يكون معه منعى الطاعن بأن الحكم شابه الغموض والإجمال وعدم الإلمام بوقائع الدعوى لا محل له .
2- لما كان الثابت من أقوال المجنى عليهم التي أفردها الحكم بمدوناته - ومن المفردات المنضمة - أنه ليس ثمة علاقة أسرية أو صداقة تربطهم بالطاعن أو ببعضهم سوى القول إنه أعلن فيما بينهم عن نشاطه واقتناعهم باستثمار أموالهم في شركته فأودعوه أموالهم بما مفاده أنه تحققت فيهم صفة الجمهور إذ إنهم غير محددين بذواتهم وغير متمتعين بصفات معينة في علاقتهم بالطاعن بل كان الباب مفتوحاً لانضمام غيرهم دون قيد أو شرط ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بانتفاء الركن المادي لجريمة تلقي الأموال ، وما أثاره حول ذلك من عدم استظهار الحكم لوصف الجمهور وعلاقة المجني عليهم به يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن بجريمتي تلقي أموال من الجمهور لتوظيفها على خلاف أحكام القانون وعدم ردها المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 146 لسنة 1988 وليس بجريمة الدعوة للاكتتاب أو لجمع هذه الأموال المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من ذات القانون ، فإن النعي على الحكم في شأن كيفية توجيه الدعوة ووسيلته لا يكون متعلقاً بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به ولا محل له .
3- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون معقب ، وكان التناقض في أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم – بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وأن لها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ولا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليهم ؛ لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ .
4- من المقرر أنه لا يشترط لإثبات جريمتي تلقي الأموال من الجمهور لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها على خلاف الأوضاع المقررة قانوناً والامتناع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم - بحسب الأصل- أن تقتنع المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة ، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال المجني عليهم وأقوال المقدم / ..... والتي تضمنت ما أسفرت عنه تحرياته عن الواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
5- لما كان ما تمسك به الطاعن من بطلان التحريات وما ساقه من أوجه دفاع تشهد بمدنية النزاع والعلاقة بينه وبين المودعين تمثلت في شركة محاصة وهو ما ينفي توافر أركان الجريمتين المسندتين إليه لا يعدو دفاعاً موضوعياً ، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتتبع المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً إذ إن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع أو ردها عليه ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها إلى أدلة الثبوت التي أقامت عليها قضاءها ، ومن ثم فإنه ينحسر عن الحكم قالة الإخلال بحق الدفاع .
6- لما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب سماع شهود الإثبات ولم يتمسك المدافع عنه بذلك في مرافعته بل تنازل عن سماعهم صراحة واكتفي هو والنيابة العامة بتلاوة أقوالهم وتليت ، فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد ، ذلك أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو الحاضر عنه ذلك صراحة أو ضمنا ولها الاعتماد في حكمها على أقوال هؤلاء الشهود في التحقيقات ما دامت كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة .
7- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بخصوص عدم استجوابه في التحقيقات أو الاستدلالات ، فإنه لا يحق له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم ، هذا فضلاً عن أن عدم سؤال المتهم في التحقيق لا يترتب عليه بطلان الإجراءات ، إذ لا مانع في القانون يمنع من رفع الدعوى العمومية بدون استجواب المتهم أو سؤاله ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
8- لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على امتناع الطاعن عن رد أموال المجني عليهم بناءً على ما أورده من أدلة وشواهد سائغة ، وأثبت في حقه تلك الجريمة ، فإن ذلك حسبه ولا تصلح المجادلة فيه ، كما أن ما يقوله الطاعن خاصاً بعدم مسئوليته عن الجريمة لتعرض موقفه المالي للاضطراب لما واكب من سوء للأحوال الاقتصادية إثر ثورة 25 يناير فالذي يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر هذا الدفاع الموضوعي أمام محكمة الموضوع ، فإنه لا تقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :ــ
أولا : تلقى أموالاً من الجمهور بلغ مقدارها مليون وثلاثمائة ألف جنيه لتوظيفها واستثمارها في مجال تجارة الأدوية نظير ربح شهري يقدر بــ 3 % من أصل كل مبلغ وذلك بعد العمل بأحكام القانون رقم 146 لسنة 1988 ولائحته التنفيذية بشأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها حال كونه من غير الشركات المساهمة التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام والمقيدة بالسجل المعد لذلك بالهيئة العامة لسوق المال .
ثانيا : امتنع عن رد المبالغ المالية موضوع الاتهام الأول للمجني عليهم على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... الاقتصادية لمعـاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى كل من المجني عليهم .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
وقضت تلك المحكمة حضورياً عملاً بالمادتين 1/1 ، 21 من القانون رقم 146 لسنة 1988 ولائحته التنفيذية بشأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها ، مع إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات ، وتغريمه مائة ألف جنيه ، وبرد مبلغ مليون وثلاثمائة وثمانين ألف جنيه للمجني عليهم ، والنشر في جريدتين رسميتين على نفقته .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي تلقي أموالاً من الجمهور لتوظيفها على خلاف أحكام القانون ، والامتناع عن ردها ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أن أسبابه جاءت غامضة مجهلة ولم يلم بعناصر الدعوى ، ولم يستظهر وصف الجمهور ومدى تحققه في الدعوى وطبيعة علاقة أصحاب الأموال بالطاعن ، ولم يعن ببيان كيفية توجيه الدعوة للجمهور لتوظيف أموالهم ووسيلة ذلك ، وعوَّل في قضائه على أقوال المجني عليهم رغم ما شابها من تناقض ولا يتأدى منها ما رتبه عليها من نتيجة ، وأخذ بتحريات الشرطة رغم أنها لا تعدو أن تكون ترديداً لأقوال المجني عليهم ، وأغفل الرد على دفعه ببطلانها ودفاعه القائم على مدنية العلاقة وأن الواقعة في حقيقتها شركة محاصة بينه وبين المجني عليهم ، ولم تحفل المحكمة بسماع أقوال شهود الإثبات ، ولم تفطن إلى أن الطاعن لم يتم استجوابه بالتحقيقات ، وأن نيته لم تنصرف إلى الاستيلاء على الأموال محل الاتهام وأن امتناعه عن سداد أرباحها مرده ما واكب ثورة 25 يناير من سوء الأحوال الاقتصادية واضطراب موقفه المالي ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . وكان الحكم قد أورد واقعة الدعوى ومؤدى كل دليل من أدلة الثبوت التي عوَّل عليها في قضائه بالإدانة في بيان واف ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، مما يكون معه منعى الطاعن بأن الحكم شابه الغموض والإجمال وعدم الإلمام بوقائع الدعوى لا محل له . لما كان ذلك ، ولما كان الثابت من أقوال المجنى عليهم التي أفردها الحكم بمدوناته - ومن المفردات المنضمة - أنه ليس ثمة علاقة أسرية أو صداقة تربطهم بالطاعن أو ببعضهم سوى القول إنه أعلن فيما بينهم عن نشاطه واقتناعهم باستثمار أموالهم في شركته فأودعوه أموالهم بما مفاده أنه تحققت فيهم صفة الجمهور إذ إنهم غير محددين بذواتهم وغير متمتعين بصفات معينة في علاقتهم بالطاعن بل كان الباب مفتوحاً لانضمام غيرهم دون قيد أو شرط ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بانتفاء الركن المادي لجريمة تلقي الأموال ، وما أثاره حول ذلك من عدم استظهار الحكم لوصف الجمهور وعلاقة المجني عليهم به يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن بجريمتي تلقي أموال من الجمهور لتوظيفها على خلاف أحكام القانون وعدم ردها المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 146 لسنة 1988 وليس بجريمة الدعوة للاكتتاب أو لجمع هذه الأموال المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من ذات القانون ، فإن النعي على الحكم في شأن كيفية توجيه الدعوة ووسيلته لا يكون متعلقاً بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون معقب ، وكان التناقض في أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وأن لها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ولا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليهم ؛ لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، وكان لا يشترط لإثبات جريمتي تلقي الأموال من الجمهور لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها على خلاف الأوضاع المقررة قانوناً والامتناع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم - بحسب الأصل - أن تقتنع المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة ، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال المجني عليهم وأقوال المقدم / .... والتي تضمنت ما أسفرت عنه تحرياته عن الواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان ما تمسك به الطاعن من بطلان التحريات وما ساقه من أوجه دفاع تشهد بمدنية النزاع والعلاقة بينه وبين المودعين تمثلت في شركة محاصة وهو ما ينفي توافر أركان الجريمتين المسندتين إليه لا يعدو دفاعاً موضوعياً ، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتتبع المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً إذ إن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع أو ردها عليه ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها إلى أدلة الثبوت التي أقامت عليها قضاءها ، ومن ثم فإنه ينحسر عن الحكم قالة الإخلال بحق الدفاع . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب سماع شهود الإثبات ولم يتمسك المدافع عنه بذلك في مرافعته بل تنازل عن سماعهم صراحة واكتفى هو والنيابة العامة بتلاوة أقوالهم وتليت ، فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد ، ذلك أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو الحاضر عنه ذلك صراحة أو ضمنا ولها الاعتماد في حكمها على أقوال هؤلاء الشهود في التحقيقات ما دامت كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بخصوص عدم استجوابه في التحقيقات أو الاستدلالات ، فإنه لا يحق له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم ، هذا فضلاً عن أن عدم سؤال المتهم في التحقيق لا يترتب عليه بطلان الإجراءات ، إذ لا مانع في القانون يمنع من رفع الدعوى العمومية بدون استجواب المتهم أو سؤاله ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل - على النحو السالف ذكره - على امتناع الطاعن عن رد أموال المجني عليهم بناءً على ما أورده من أدلة وشواهد سائغة ، وأثبت في حقه تلك الجريمة ، فإن ذلك حسبه ولا تصلح المجادلة فيه ، كما أن ما يقوله الطاعن خاصاً بعدم مسئوليته عن الجريمة لتعرض موقفه المالي للاضطراب لما واكب من سوء للأحوال الاقتصادية إثر ثورة 25 يناير فالذي يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر هذا الدفاع الموضوعي أمام محكمة الموضوع ، فإنه لا تقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ