الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 11 مارس 2019

الطعن 7703 لسنة 85 ق جلسة 20 / 12 / 2015


باسم الشعب
محكمـة النقــض
الدائرة العمالية
-----
برئاسة السيد المستشـــــــــــــــــار/منصـــــــور العشـــــــــــرى          نـائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / مصطفى عبد العليم     ،      خالـــــــــــــد مدكـــــــــــــور
                                بهـــــــــــــاء صالــــــــح            نواب رئيس المحكمـة
و وليــــــــــــــــــد رستــــــــــــــم
ورئيس النيابة السيد / حسن عبده شتات .
وأمين السر السيد / محمد عونى النقراشى .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الأحد 9 من ربيع أول سنة 1437هـ الموافق 20 من ديسمبر سنة 2015 م .
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 7703 لسنة 85 قضائية .
المرفـوع من :
-       شركة .......  . ومقرها المنطقة الصناعية الأولى ....أكتوبر – الجيزة  .
حضر عنها الأستاذ / ... .
ضـــد
-       السيد/ .... . المقيم بالجيزة .لم يحضر عنه أحد .
الوقائــــــــــــــــع
فى يـوم 18/4/2015 طعــــــن بطريــق النقض فى حكـــم محكمــة استئـنـاف القاهرة الصادر بتاريخ 18/2/2015 فى الاستئناف رقم 191 لسنــــــة 131 ق وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكــــــــم المطعون فيه  .  
وفى نفس اليوم أودعت الطاعنة مذكرة شارحة .
ثم أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقضه . 
وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فـــــــرأت أنه جديـــــر بالنظـــــــر فحددت لنظـــــــــــره جلسة 20/12/2015 للمرافعة وبها سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هـــــــــــو مبيـــــــــــــن بمحضر الجلسة - حيث صمم محامى الطاعنة والنيابة كل على ما جاء بمذكرته - والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم .
المحكمــة
        بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تـلاه الســيد القاضى المقرر / ..... " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة .
        حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
        وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق  تتحصل فى أن المطعون ضده تقدم بشكوى إلى مكتب العمل المختص يتضرر فيها من إنهاء الطاعنة لخدمته دون مبرر ولتعذر التسوية الودية أحيل النزاع إلى المحكمة العمالية  بمحكمة الجيزة الابتدائية حيث قيدت بجداولها برقم 571 لسنة 2012 وطلب المطعون ضده أمامها الحكم بإلزام الطاعنة بأن تؤدى إليه تعويضاً مادياً وأدبياً عما لحقه من أضرار ومقابل مهلة الإخطار وتسليمه شهادة خبرة ومسوغات تعيينه . وجهت الطاعنة دعوى فرعية بمذكرة بطلب الحكم بفصل المطعون ضده . أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعنة بتسليم المطعون ضده شهادة خبرة وكافة أوراقه التى أودعها في الشركة لدى التحاقه بالعمل ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وفي الدعوى الفرعيـة بفصــل المطعون ضده . استأنف المطعون ضده الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة – مأمورية الجيزة – بالاستئناف رقم 191 لسنة 131 ق الجيزة . وبتاريخ 18/2/2015 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من فصل المطعون ضده وإلزام الطاعنة بأن تؤدى إليه مبلغ 60000 جنيها " ستين ألف جنيه " كتعويض مادى وأدبى عن الفصل التعسفى ومبلغ 5762 جنيها عن مهلة الإخطار والتأييد فيما عدا ذلك ، طعنت الطاعنة فى هذا الحكــم بطريــق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عــُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت في الأوراق وفى بيان ذلك تقول إن الحكم إذ قضى برفض دعواه الفرعية وهى فصل المطعون ضده من العمل وألزمها بالتعويض على سند من خلو الأوراق من إشعار علم الوصول اللإنذارات الموجهة منها إليه وأنها بذلك لم تنتج آثارها في حين أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده انقطع عن العمل بعد أن علم بإحالته إلى التحقيق في واقعة عدم توريده لمبلغ عشرة الآف جنيه تسلمها من أحد عملاء الشركة بحكم وظيفته وأنها أخطرته بالبريد المسجل مرتين للحضور للتحقيق وإزاء عدم امتثاله أنذرته بالفصل بموجب إنذار موصى عليه بعلم الوصول بعد انقطاعه عن العمل لمدة خمسة أيام متصلة وثبت علمه بهذا الإنذار من إقراره بذلك بصحيفة افتتاح الدعوى ومذكرة المقدمة أمام محكمة أول درجة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى في محله 0000 ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن مخالفة الثابت في الأوراق التى تبطل الحكم هى  كما تكون بتحريف محكمة الموضوع للثابت مادياً ببعض المستندات والأوراق بما يوصف بأنه مسلك إيجابى منها تقضى  فيه على خلاف هذه البيانات فإنه مخالفة الثابت في الأوراق قد تأتى كذلك من موقف سلبى من المحكمة بتجاهلها هذه المستندات والأوراق وما هو ثابت فيها . وأن مفاد نص الفقرة الرابعة من المادة 69 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لمدة 2003 – المقابلة للفقرة الرابعة من المادة 61 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 – أن المشرع قد اعتبر غياب العامل بغير سبب مشروع من الأخطاء الجسيمة التى تجيز لصاحب العمل فصله إذا تغيب أكثر من عشرين يوما منقطعة خلال السنة الواحدة أو أكثر من عشرة أيام متوالية ويشترط أن يسبق الفصل إنذرا كتابى بخطاب موصى عليه بعلم الوصول من صاحب العمل له بعد غيابه عشرة أيام في الحالة الأولى وخمسة أيام في الحالة الثانية . وكان القصد من هذا الإنذار أن تستبين جهة العمل إصرار العامل على ترك الخدمة وعزوفه عن العمل وفى ذات الوقت إعلامه بما يراد اتخاذه حياله بسبب انقطاعه عن العمل وتمكينه من إبداء عذره قبل اتخاذ ذلك الإجراء ولم يستلزم المشرع استلام العامل للإنذار فهو ينتج أثره طالما وجه إليه في محل إقامته الذى أفصح عنه لجهة العمل ، كما وأن المشرع إذ نص على أن يسبق الفصل إنذار كتابى وجعل وسيلة الإثبات بخطاب موصى عليه بعلم الوصول وذلك تيسيراً للإثبات إلا أنه لم يتغيا من هذه الوسيلة أن يكون إجراءً شكلياً بحتاً فمتى علم العامل بالإنذار بالفصل بإقراره فقد تحققت الغاية منه وينتج أثره في حقه . لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعنة أقامت دعواها الفرعية بطلب فصل المطعون ضده لعدم توريده خزينة الشركة مبلغ عشرة الآف جنيه مسلم إليه بحكم عمله من أحد عملائها . ورفض المثول للتحقيق في هذا الأمر ثم انقطاعه عن العمل حتى قامت بإنذاره بالفصل عن العمل للانقطاع الذى ثبت علمه به وفق إقراره بذلك في صحيفة افتتاح الدعوى – المقدم صورة رسمية منها – ومذكرة دفاعه المقدمة أمام محكمة أول درجة بجلسة 12/10/2013 . وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدعوى الفرعية المقامة من الطاعنة والقضاء للمطعون ضده بالتعويض على سند من أن الإنذارات الموجهة إليه لم تنتج آثارها باتصال علمه بها لخلو الأوراق من إشعار علم الوصول رغم ما سبق بيانه وإقراره الغير مجحود منه بعلمه بالإنذارات الموجهة إليه والتى تفيد انقطاعه عن العمل والإنذار بفصله فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق مما يوجب نقضه . ولما كان قضــاء الحكم بالتعويض ومقابل مهلة الإخطار مترتباً على قضائه ببطلان الإجراءات السابقة على فصل المطعون ضده فإن نقض الحكم في الدعوى الفرعية يستتبع نقض قضائه في الدعوى الأصلية بالتعويض ومقابل مهلة الإخطار . إعمالا لنص المادة رقم 271 من قانون المرافعات.
لذلـــــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى الفرعية برفضها فيما قضى به في الدعوى الأصلية بالتعويض ومقابل مهلة الإخطار . وألزمت المطعون ضده المصروفات ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة وأعفته من الرسوم القضائية . وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 191 لسنة 131 ق القاهرة – مأمورية الجيزة – برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المناسب من المصاريف والمقاصة في أتعاب المحاماة وأعفته من الرسوم القضائية .

الطعن 7039 لسنة 79 ق جلسة 4 / 4 / 2010

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب 
محكمـة النقـض 
الدائـرة العماليــة 
ـــــــــــــــ 
برئاسة السيد القاضـى/ عــــزت البندارى نـائب رئيس المحكمة 
وعضوية السادة القضاة / يحـيــى الجندى نـائب رئيس المحكمة 
طـارق عبـد العظيـــم ، أحمـــد شكـــرى 
وبهــاء صــالح 
ورئيس النيابة السيد / محمد عبد الجواد . 
وأمين السر السيد / سعد رياض سعد . 
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة . 
فى يوم الأحد 19 من ربيع آخر سنة 1431هـ الموافق 4 من أبريل سنة 2010 م . 

أصدرت الحكم الآتــى : 
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 7039 لسنة 79 القضائية . 
المرفـوع مــن : 
السيد / رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب والممثل القانونى لشركة .... الصناعية بصفته ـ وموطنه القانونى قطاع الشئون القانونية بالمركز الرئيسى .... ـ النزهة ـ قسم سيدى جابر ـ الإسكندرية . حضرت عنه الأستاذة / ......... المحامية . 
ضــــد 
1ـ السيد / ..... ـ المقيم ..... ـ قسم المنتزه ـ الإسكندرية . 
2ـ ........ . 
3ـ السيد / ...... . 
4ـ السيد / .......... 
5ـ السيد / ........ . 
6ـ السيد / ........... . 
7ـ السيد / .......... . 
لم يحضر أحد عنهم بالجلسة المحددة . 
الـوقـائــع 
فـى يوم 22/4/2009 طُعن بطريـق النقض فى حكم محكمة استئناف الإسكندرية 
الصادر بتاريخ 24/2/2009 فى الاستئناف رقم 1219 لسنة 64 ق وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه . 
وفى نفس اليوم أودعت الطاعنة مذكرة شارحة . 
وفى 12/5/2009 أُعلن المطعون ضده السادس بصحيفة الطعن . 
وفى 13/5/2009 أُعلن المطعون ضدهما الرابع والثامن بصحيفة الطعن . 
وفى 18/5/2009 أُعلن المطعون ضدهم الأول والثانى والسابع بصحيفة الطعن . 
وفى 3/9/2009 أُعلن المطعون ضده التاسع بصحيفة الطعن . 
وفى 12/11/2009 أُعلن المطعون ضدهما الثالث والخامس بصحيفة الطعن . 
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه . 
وعُرِض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة 4/4/2010 للمرافعة . وبها سُمِعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مُبيـن بمحضر الجلسة ـ حيث صمم كل من محامى الطاعنة والنيابة على ما جاء بمذكرته ـ والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم . 
المحكمــة 
بعد الاطـلاع على الأوراق وسمـاع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر/ 
......... والمرافعة ، وبعد المداولة . 
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية . 
وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 1959 لسنة 2006 عمال كلى الإسكندرية الابتدائية على الطاعنة بطلب الحكم أولاً : أحقيتهم فى تقاضى رصيد إجازاتهم كاملاً وإلزامها بدفعها لهم ثانياً : بطلان قواعد الخروج على التقاعد المبكر التى وضعتها الطاعنة فيما تضمنته من خصم 4% عن كل سنة إجازة بدون مرتب يكون قد حصل عليها العامل من إجمالى مبلغ التعويض المستحق مع إلزامها بدفع عشرة آلاف جنيه لكل منهم . وقالوا بياناً لدعواهم أنهم كانوا من العاملين لدى الشركة الطاعنة ( شركة مطابع محرم الصناعية ) وانتهت خدمتهم بالإحالة للمعاش المبكر ولم تصرف لهم الطاعنة كامل رصيد إجازاتهم وقامت بخصم 4% من قيمة مبلغ التعويض المقرر لهم عن كل سنة إجازة بدون مرتب من إجمالى مبلغ التعويض المستحق ومن ثم فقد أقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة البيان . ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت المحكمة بتاريخ 23/9/2008 برفض الدعوى . استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 1219 لسنة 64 ق عمال وبتاريخ 24/2/2009 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعنة بإن تؤدى لكل من المطعون ضدهم الفروق المالية المستحقة له حسبما خُلص إليها تقرير الخبير . طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه ، وإذ عُرِض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها . 

وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وفى بيان ذلك تقول إن الشركة الطاعنة أعلنت عن نظام للتقاعد المبكر الاختيارى للعاملين لديها ووضعت لائحة للعمل بذلك النظام وشروطاً من بينها خصم نسبة 4% عن كل سنة إجازة بدون مرتب يكون حصل عليها العامل أثناء الخدمة من إجمالى مبلغ التعويض المستحق له من هذا النظام وكان نظاماً اختيارياً لمن يرغب من العاملين لديها وقد تقدم المطعون ضدهم جميعاً بطلبات للإستفاده من هذا النظام والإحالة للمعاش المبكر الاختيارى وقبول شروطه وتم معاملتهم وفقاً لهذا النظام فإن الحكم إذ استند لتقرير الخبير المخالف لشروط هذا النظام عند احتساب قيمة التعويض وبطلان ما أرتضاه الطرفين فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه . 
وحيث إن هذا النعى فى محله . ذلك أن مفاد نص المادة الخامسة من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 أن أى اتفاق بين العامل وصاحب العمل لا يقع باطلاً فى مجموعه أو لأى شرط يتضمنه إلا أن يمس حقاً من حقوق العامل يقررها قانون العمل المذكور وكان الثابت فى الأوراق أن الطاعنة أعلنت عن نظام الإحالة إلى المعاش المبكر الاختيارى للعاملين الراغبين فى ذلك وتضمنت نظاماً لتعويضهم يقضى بخصم 4% عن كل سنة يقضيها العامل فى إجازة بدون مرتب من إجمالى مبلغ التعويض المقرر وقد تقدم المطعون ضدهم بطلباتهم وفق هذا الإعلان بما يُعد إيجاباً قابلة قبول من الطاعنة فالتقت الإرادتان على أمر صحيح لا يمس أى حق تقرره قوانين العمل ولم تتضمنه هذه القوانين فى أية صورة من الصور ولا مخالفة فيه للنظام العام ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بأحقية المطعون ضدهم فى الفروق المالية التى أوردها خبير الدعوى ارتكاناً إلى أن شرط خصم 4% عن كل سنة من سنوات الإجازة بدون مرتب يُعد شرطاً باطلاً لمخالفته نص المادة الخامسة من القانون رقم 12 لسنة 2003 سالف الإشارة إليها فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن . 
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء فى موضوع الاستئناف رقم 1219 لسنة 64 ق الإسكندرية برفضه وتأييد الحكم المستأنف . 
لذلــــك 

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضدهم بالمصروفات ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة وأعفتهم من الرسوم القضائية ، وحكمت فى موضوع الاستئناف 1219 لسنة 64 ق الإسكندرية برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين مصروفات الاستئناف ومائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة وأعفتهم من الرسوم القضائية .

الطعن 12754 لسنة 82 ق جلسة 2 / 4 / 2014 مكتب فني 65 ق 20 ص 185

جلسة 2 / 4 / 2014
برئاسة السيد القاضي / وجيه أديب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / سمير سامي ، رضا بسيوني ومجدي عبد الرازق نواب رئيس المحكمة وحسام مطر .
----------
(20)
الطعن 12754 لسنة 82 ق
(1) حكم " بيانات التسبيب " " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . سلاح.
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة وإيراده الأدلة على ثبوتها في حق الطاعنين . لا قصور.
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . حد ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ في حكم صادر بالإدانة في جريمتي الضرب المفضي إلى الموت وإحراز سلاح أبيض .
(2) فاعل أصلي . مسئولية جنائية . مساهمة جنائية . إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إثبات الحكم وجود الطاعنين على مسرح الجريمة وقت مقارفتها واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وصدورها عن باعث واحد وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها ووحدة الحق المعتدى عليه . أثره : اعتبارهم فاعلين أصليين . تحديد الأفعال التي أتاها كل منهم على حدة . غير لازم .
(3) قصد جنائي . جريمة " أركانها " . رابطة السببية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " .
القصد الجنائي في جريمة إحداث الجروح عمداً . عام . توافره : بارتكاب الجاني الفعل عن إرادة وعلم بأن فعله يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته . كفاية استفادته من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم .
علاقة السببية في المواد الجنائية . ماهيتها ؟
تقدير توافر علاقة السببية . موضوعي . حد ذلك ؟
مثال .
(4) قصد جنائي . قتل عمد . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم عدم استظهاره نية القتل . غير مقبول . ما دام قد دان الطاعنين بجريمة الضرب المفضي إلى الموت دون القتل العمد.
(5) سبق إصرار . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار " . إثبات " بوجه عام " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
سبق الإصرار . استنتاجه . موضوعي . حد ذلك ؟
الدليل في المواد الجنائية . لا يشترط أن يكون صريحاً ودالاً مباشرة على الواقعة . كفاية استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج .
تدليل الحكم سائغاً على توافر ظرف سبق الإصرار . النعي بشأنه . غير مقبول .
(6) سبق إصرار . فاعل أصلي . اتفاق . مسئولية جنائية . مساهمة جنائية . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . إثبات " بوجه عام " .
إثبات الحكم سبق إصرار الطاعنين على ارتكاب جريمة الضرب المفضي إلى الموت . أثره ؟
الاتفاق على ارتكاب الجريمة . مناط تحققه ؟
كفاية مساهمة الشخص في الجريمة بفعل من الأفعال المكونة لها لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها .
مثال لتدليل كافٍ على توافر اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة.
(7) باعث . جريمة " أركانها " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الباعث على ارتكاب الجريمة . عدم بيانه تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن . لا يقدح في سلامة الحكم . علة ذلك ؟
(8) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .‏
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشهود . مفاده ؟
مثال .
(9) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تناقض روايات الشهود في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . ما دام استخلاصه للحقيقة من أقوالهم سائغاً لا تناقض فيه . النعي بشأنه . غير مقبول .
(10) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة الأخذ بأقوال الشاهد ولو كانت سماعية . أساس ذلك ؟
تجريح أدلة الدعوى لمناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح . غير مقبول أمام محكمة النقض .
مثال .
(11) استدلالات . إثبات " قرائن " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
للمحكمة متى اقتنعت بسلامة التحريات أن تعول عليها في تكوين عقيدتها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
ترديد التحريات لما أبلغ به المجني عليه أو قرره الشهود . لا ينال من صحتها . علة ذلك ؟
(12) جريمة " أركانها " . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
آلة القتل أو الضرب . ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة .
خلو السكين من آثار دماء أو ضبطها في غير مكان وزمان الجريمة . لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء بها .
(13) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تزيد الحكم . لا يعيبه . ما دام أقام ثبوت الجريمة على ما يحمله وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقه ونتيجته . النعي بشأنه . غير مقبول . علة ذلك ؟
مثال .
(14) عقوبة " العقوبة المبررة " " عقوبة الجريمة الأشد " . ارتباط . سلاح . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " .
النعي على الحكم خطئه في وصف تهمة حيازة السـلاح بالواسطة . غير مجد . ما دام قد طبق المادة 32 عقوبات وأوقع عقوبة الجريمة الأشد المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار .
(15) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الدفاع الشرعي " . دفوع " الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي " . شريعة إسلامية . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي . موضوعي . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . ما لم تكن الوقائع بالحكم دالة بذاتها على تحققها أو ترشح لقيامها .
سكوت الحكم إيراداً ورداً عن طلب الطاعن تطبيق المادتين 7 ، 60 عقوبات . لا يعيبه . ما دام لم يُوضح سببه ومرماه .
مثال .
(16) وصف التهمة . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . قتل عمد . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم . لها أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم . استبعادها أحد عناصر الجريمة التي رُفعت بها الدعوى . لا يستلزم تنبيه المتهمين . علة ذلك ؟
مثال .
(17) إثبات " بوجه عام " " قرائن " . إرهاب " إدارة جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
كفاية تشكك القاضي في صحة إسناد التهمة للمتهم كي يقضي ببراءته . ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة . الرد فيه على كل دليل من أدلة الاتهام والتصدي لما ساقته النيابة العامة من قرائن تشيـر لثبوت الاتهام . غير لازم . علة ذلك ؟
 لا يقدح في سلامة الحكم بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة . ما دام قد أقيم على دعامات أخرى متعددة تكفي لحمله .
مثال لتدليل سائغ في حكم صادر بالبراءة من تهمة إدارة جماعة على خلاف أحكام القانون .
(18) إرهاب " إدارة جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون " . سبق إصرار . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
نفي المحكمة تهمة إدارة جماعة على خلاف أحكام القانون عن المطعون ضدهم . لا يتناقض مع توافر ظرف سبق الإصرار على ارتكاب جريمة الضرب المفضي إلى موت التي دانتهم بها . علة ذلك ؟
(19) إثبات " شهود " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والتحريات . لها الأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه . إغفالها إيراد بعض الوقائع من أقوال الشاهد . مفاده ؟
(20) قتل عمد . قصد جنائي . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص توافر نية القتل . موضوعي . ما دام سائغاً .
حق المحكمة الاستناد إلى ما تستخلصه من مجموع العناصر المعروضة عليها في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق المتصلة بها .
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال لتدليل سائغ على استبعاد نية القتل .
(21) دعوى جنائية " نظرها والحكم فيها " . نيابة عامة . بلطجة . نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إغفال الحكم الفصل في تهمة البلطجة . لا يعد سبباً لطعن النيابة العامة عليه . لها الرجوع إلى ذات المحكمة بطلب الفصـل فيها . أساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1– لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مضمونه أن الطاعنين اتفقوا فيما بينهم على أن يكون لهم شأن في المجتمع وبعد تدبر وتفكيـر استقروا إلى أن ذلك يتحقق باستعراض قوتهم أمام الناس تحت شعار الشرطة الدينية التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، ونفاذاً لذلك تسلح الأول بسلاح أبيض " سكين " واستعملوا دراجة نارية قاصدين التعدي على أي شخص تسوقه لهم الظروف يرونه مرتكباً إثماً ، وإذ شاهدوا المجني عليه رفقة الشاهدة الأولى جالسين على إحدى الأرائك بحديقة .... فاعتبروا جلستهما إثماً ينبغي مقاومته ، فتوجهوا إليهما وأمسكوا بالشاهدة الأولى لإبعادها فنشبت بينهم والمجني عليه مشادة كلامية مهددين إياه بالأذى ، وإذ حاول الأخير الذود عن الشاهدة الأولى قام الثاني والثالث بالإمساك به وشـل مقاومته بينما عاجله الأول بطعنة قوية بالسكين في فخذه الأيسـر نفذت حتى العظام وأدت إلى قطع الوريد والشريان الفخذي وأودت بحياته لما أحدثته من نزيف دموي إصابـي غزير وصدمة نزيفية حادة غير مرتجعة أدت إلى تثبيط المراكز الحيوية بالمخ حسبما أورى التقرير الطبي الشرعي ولم يقصدوا من ذلك قتله ولكن الضربة أفضت إلى موته ، لما كان ذلك ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ، وما أوراه تقرير الصفة التشريحية للطب الشرعي ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بأن الحكم شابه الغموض والإبهام والاضطراب يكون لا محل له .
2- لما كان الحكم قد حدد في بيان كاف الأفعال التي قارفها الطاعنون بما تتوافـر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دينوا بها إذ أثبت وجود كل من الطاعنين على مسرح الجريمة وقت مقارفتها واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وصدور الجريمة عن باعث واحد وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين ، وكان ليس بلازم والحال كذلك أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل منهم على حدة ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
3- لما كانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائـي العام وهو متوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، ويكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائـع الدعوى كما أوردها الحكم - وهو ما تحقق في واقعة الدعوى - وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما آتاه عمداً ، وهذه العلاقـة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصـل فيها إثباتاً أو نفيـاً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين أن أولهم طعن المجني عليه بفخذه حال تقييد الثاني والثالث لحركته  وأنه توفي بالمستشفى إثر فشل محاولات علاجه ، ودلل على توافر رابطة السببية بين الفعل المسند للطاعنين ووفاة المجني عليه بما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أن وفاة المجني عليه تعزى إلى الإصابة بفخذه الأيسر وما أحدثته من قطع الوريد والشريان الفخذي أدت لحدوث نزيف دموي إصابي غزير وصدمة نزفية حادة غير مرتجعة أدت لحدوث تأثيـر مباشر على المراكز الحيوية بالمخ وعدم قدرتها على أداء وظائفها رغم كل المحاولات الطبية ، وثبت عدم وجود أي إهمال طبي أو تقصير من قبـل الأطباء المعالجين ، فإن ذلك ما يحقق مسئوليتهم في صحيح القانون عن وفاة المجني عليه التي كان من واجبهم توقع حصولها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قويم .
4- لما كانت محكمة الموضوع قد دانت الطاعنين بجريمة الضرب المفضي إلى الموت دون جريمة القتل العمد التي نسبتها النيابة العامة لهم ، فإن النعي بعدم استظهار الحكم نية القتل العمد يكون غير مقبول .
5- من المقرر أن سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافـر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، وكان لا يشترط في الدليـل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً مباشـرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، ولما كان ما أورده الحكم في تدليله على توافـر ظروف سبق الإصرار في حق الطاعنين كافيـاً وسائغاً في تحقق هذا الظرف كما هو معرف به في القانون ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل .
6- لما كان الحكم المطعون فيه وقد أثبت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين ، فإن ذلك يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهم في المسئولية الجنائية ويكون كل منهم مسئولاً عن جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يستوي في هذا أن يكون محدث الإصابة التي أدت إلى الوفاة معلوماً أو معيناً من بينهم أو غير معلوم ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير مقبول ، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثـر من تقابل إرادة كل من المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشـرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة ، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخـر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم رداً على الدفع بعدم توافـر سبق الإصرار وانتفاء الاتفاق بين المتهمين وفي بيان واقعة الدعوى وما ساقه من أدلة الثبوت فيها كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة ، وكان ما انتهى إليه الحكم في كل ذلك سديداً في القانون ، ومن ثم فإن منعاهم في هذا الصدد يكون غير سديد .
7- لما كان الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن ، ومن ثم يكون هذا النعي غير سديد .
8- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها مـن صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولـة فـي العقل والمنطق ولها أصلهـا في الأوراق ، كما أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي وردت بأقوالهم وأيدها تقرير الصفة التشريحية ، وكان ما أورده في هذا الخصوص سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في كيفية وقوع الحادث ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد .
9- لما كان الطاعنون لا ينازعون في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات ، فإن تناقض روايات الشهود في بعض تفاصيلها – بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ومن ثم فإنه لا يكون هناك محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة بدعوى تعدد رواياتهم وتضارب أقوالهم ، ويكون منعى الطاعنين في هذا الصدد غير مقبول .
10- من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد ولو كانت سماعية ذلك أن الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه فلا على الحكم إن هو أخذ بشهادته وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذي أورده وكانت الأدلة التي استند إليها سائغة ومقبولة فـي العقل والمنطق ولا يجادل الطاعنون في أن لها معينها الصحيح في الأوراق ، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن أن أياً من شهود الإثبات لم يرَ واقعات الحادث لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديـاً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدانها بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبـل إثارته أمام محكمة النقض .
11- من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وأن للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، كما أنه من المقرر أنه لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه أو قرره الشهود لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق تلك الأقوال ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن - بفرض صحته - يكون غير قويم .
12- من المقرر أن آلة القتل أو الضرب ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة وأن خلو السكين من أي أثر للدماء أو ضبطها في غير مكان وزمان الجريمة – بفرض صحته – لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء على المجني عليه بها ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المقام لا يكون قويماً .
13- لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة الطاعنين على الأدلة المستقاة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة وكافية في حمل قضائه ، وأنه بعد أن أورد مؤداها استطرد إلى القول بأنه " باستجواب المتهمين بتحقيقات النيابة العامة أنكروا الاتهام المسند إليهم وقرر الأول ... فيما قرر الثاني أنه شاهد المتهم الأول حال نزولهم من الدراجة والسلاح بيده اليمنى " ، فإنه يكون من غير المنتج النعي على الحكم في شأن هذه الأقوال واستناده إليها ، طالما أنه لم يستطرد إلى تلك الأقوال إلا تزيداً بعد استيفائه أدلة الإدانة إذ لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال الاستدلال ما دام أنه أقام ثبوت الجريمة على ما يحمله وكان لا أثـر لما تزيد إليه في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها ، ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا تكون مقبولة .
14- لما كان النعي على الحكم الخطأ في وصف التهمة بشأن حيازة السـلاح بالواسطة للثاني والثالث ، لا جدوى منه ، ما دام الحكم قد طبق المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبهما بعقوبة الجريمة الأشد المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار وفقاً للمادة 236/2،1 من قانون العقوبات .
15- لما كان الأصـل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما عرفه القانون أو ترشح لقيامها ، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعوا أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي ، وكانت وقائـع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها إذ لم يرد في مدونات الحكم ما يفيد أن المجني عليه هو الذي بدأ بالعدوان حتى يكون للطاعنين الحق في استعمال القوة اللازمة لرد العدوان ، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الوجه لا يكون مقبولاً ، ولا ينال من ذلك أن المدافع عن الطاعن الثالث طلب تطبيق المادتين 7 ، 60 من قانون العقوبات إذ لم يوضح في مرافعته سبب هذا الطلب ومرماه ، فلا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عنه إيراداً له ورداً عليه .
16- لما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيـاً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على واقعة الدعوى ، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة - القتل العمد والتي كانت مطروحة بالجلسة - هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعنين به وكان مرد التعديـل هو عدم توافـر الدليل على ثبوت نية القتل لدى المحكوم عليهم واستبعاد ظرفي القتل لغرض إرهابي والجريمة المرتبطة برمتها واستبقاء ظرف سبق الإصرار دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت الطاعنين مرتكبين لجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار لا يجافي التطبيق القانوني السليم في شيء ، ولا محل لما يثيره الطاعنون من دعوى بالإخلال بحق الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهمين أو دفاعهم إلى ما أجرته من تعديل في الوصف نتيجة استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يكون سديداً .
17– لما كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضدهم من تهمة إدارة جماعة على خلاف أحكام القانون على سند من أن هذا الاتهام تحيط به ظلالٌ كثيفة من الشكوك والريب وخلو الأوراق من دليل يقيني على أن المطعون ضدهم نظموا أو كونوا جماعة دينية بأغراض غير مشروعة ، فضلاً عن عدم ضبط أي مستندات أو محررات تشير إلى وجود جماعة باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تخص المتهمين وأن الاتهام جاء مرسلاً يعوزه الدليل الذي تطمئن إليه المحكمة وانتهت إلى تبرئتهم من تلك التهمة ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة ، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقديـر الدليل ما دام أن الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض بالبراءة إلا بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وألمت بها وبالأدلة المقدمة فيها وانتهت بعد أن وازنت بين أدلة الإثبات والنفي إلى عدم ثبوت التهمة في حق المطعون ضدهم للأسباب السائغة التي أوردها الحكم والتي تكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها ، وهو ما يدخل في سلطتها بغير معقب ، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة قضائها بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام ، ولا يعيب الحكم وهو يقضي بالبراءة عدم تصديه لما ساقته النيابة العامة من قرائن تشيـر إلى ثبوت الاتهام ما دامت قد قطعت في أصل الواقعة وتشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهمين ، لأن في إغفال التحدث عنها أنها لم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانتهم فأطرحتها ، وأنه لا يقدح في سلامة الحكم بالبراءة أيضاً أن تكون إحدى دعاماته معيبة ما دام الثابت أنه أقيم على دعامات أخرى متعددة تكفي لحمله ، ومن ثم فإن نعي النيابة العامة في هذا الصدد يكون غير قويم .
18- لما كان نفي المحكمة لتهمة إدارة جماعة على خلاف أحكام القانون عن المطعون ضدهم لا يتعارض أو يتناقض مع توافر ظرف سبق الإصرار على ارتكاب جريمة الضرب المفضي إلى موت التي دانهم بها ، لأن التناقض الذي يبطل الحكم هو الذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا يصلح أن يكون قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها وهو ما برئ منه الحكم .
19- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد والتحريات فتأخذ منها بما تطمئن إليها وتطرح ما عداه ، لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، وفي إغفالها إيراد بعض الوقائـع من أقوال الشاهد ما يفيد ضمناً عدم اطمئنانها إليها ، ومن ثم فإن منعى النيابة العامة في هذا الصدد يكون غير سديد .
 20- من المقرر أن البحث في توافر نية القتل لدى الجاني أو عدم توافرها هو ما يدخل في سلطة قاضي الموضوع حسبما يستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها ما دام موجب هذه الظروف وتلك الوقائـع لا يتنافـر عقلاً مع ما انتهى إليه ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه سائغاً في العقل والمنطق ويكفي لحمل قضائه فيما انتهى إليه من عدم توافـر قصد القتل في حق المطعون ضدهم ومن تعديـل التهمة المسندة إلى المطعون ضدهم ، وإذ كانت المحكمة قد استخلصت في استدلال سائغ أن المطعون ضدهم لم ينتوا إزهاق روح المجني عليه بل قصدوا إلى مجرد الاعتداء عليه لما آتاه من سلوك عدوه من وجهة نظرهم إثماً كبيراً يتعين مقاومته فإنها تكون قد فصلت في مسائل موضوعية لا رقابة لمحكمة النقض عليها فيها ، ولا محل لما ساقته النيابة العامة (الطاعنة) من شواهد على توافر قصد القتل ما دامت المحكمة لم تقتنع من ظروف الدعوى بتوافـره ، إذ إن لها أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع العناصر المعروضة عليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بفساد الاستدلال في شأن عدم توافـر نية القتل إنما يكون من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
21- من المقرر أن إغفال الفصل في تهمة البلطجة لا يعد سبباً للطعن على الحكم ، وأن الطريق السوي أمام النيابة العامة في هذه الحالة إنما هو الرجوع إلى ذات المحكمة بطلب الفصـل فيما أغفلته ، وذلك إعمالاً لنص المادة 193 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الواجبة الإعمال في هذا الخصوص لعدم وجود نص في قانون الإجراءات الجنائية ينظم حالة إغفال المحكمة الجنائية الفصل في بعض الطلبات المطروحة عليها ، ولأن ما جاء بنص هذه المادة المشار إليها يقرر قاعدة عامة لا تتأبى على التطبيق في المواد الجنائية ، ومن ثم فإن نعي النيابة العامة في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين (المطعون ضدهم) بأنهم : المتهمين جميعاً : أولاً : أداروا علـى خلاف أحكام القانون جماعة الغرض منها الاعتداء على الحريات والحقوق الشخصية للمواطنين التي كفلها الدستور والقانون وكان الإرهاب من الوسائـل التي تستخدم لتنفيذ أغراضها بأن شكلوا جماعة تدعو لفرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من وجهة آرائهم الدينية المتطرفة وتولى المتهمون قيادة تلك الجماعة وإدارتها وانطلقوا في الطرق والأماكن العامة وقاموا بالاعتداء على المواطنين وحقوقهم وحرياتهم باستخدام القوة والعنف تنفيذاً لغرضهم وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . ثانياً : قتلوا المجني عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم وبيتوا النية على ذلك بالاعتداء على كل من لا ينصاع لفكرهم الديني المتطرف مُنَصبين أنفسهم دعاة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنفيذاً لأغراض الجماعة المبينة بالوصف أولاً وأعدوا لذلك الغرض سلاحاً أبيـض وانطلقوا يتلصصون على الناس في الطرقات والأماكن العامة وما إن شاهدوا المجني عليه يجلس بصحبة فتاة في إحدى الحدائق العامة فتوجهوا صوبهما مسرعين وأشهر المتهم الأول سلاحه الأبيض في مواجهـة المجني عليه وشل الثاني والثالث حركته وعاجله الأول بطعنة قاتلة بسلاحه الأبيض فأحدثت قطعاً للوريد والشريان الرئيسي في فخذه الأيسر قاصدين من ذلك قتله فأودت بحياته على النحو الموصوف بتقرير الصفة التشريحية وقد ارتكبت الجريمة تنفيذاً لغرض إرهابي وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . وقد ارتبطت بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار جريمة البلطجة حيث كان قصد المتهمين من ارتكابهم لجناية القتل العمد على النحو السالف بيانه استخدام القوة ضد المجني عليه ومرافقته حال كونها طفلة لترويعهما والتأثير في إرادتهما لفرض فكر الجماعة الديني المتطرف عليهما والمساس بحريتهما الشخصية وتعريض حياتهما للخطر على النحو السالف بيانه . المتهم الأول : أحرز سلاحاً أبيـض " سكيناً " بغير ترخيص وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . المتهمين الثاني والثالث : حازا بواسطة المتهم الأول سلاحاً أبيض " سكيناً " بغيـر ترخيص وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى / .... - والد المجني عليه - قِبل المتهمين بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريـاً عملاً بالمادة 236/2،1 من قانون العقوبات والمادتين 1/1 ، 25 مكرر من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم 11 من الجدول رقم 1 المستبدل بالقانون رقم 97 لسنة 1992 ، مع إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات ، بعد أن عدلت وصف الاتهام الثاني المسند للمتهمين إلى جناية الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار ، وعملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ، أولاً : بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة ، ثانياً : ببراءة المتهمين الثلاثة مما نسب إليهم بالنسبة للتهمة الأولى.
فطعن المحكوم عليهم جميعاً والنيابة العامة فـي هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولاً : الطعن المقدم من المحكوم عليهم :
من حيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنتها تقارير الأسباب الأربعة المقدمة من الطاعنين على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي الضرب المفضي إلى الموت وحيازة سلاح أبيض بغيـر مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه أورد واقعة الدعوى في صورة مبهمة مضطربة دون تمحيصها التمحيص الكافي ودون بيان أدلة الإدانة ومؤداها ودور كل متهم في ارتكابها ولاسيما الثاني الذي لم يشارك في ارتكابها ورغم أن التعدي صدر من الأول فقط كما لم يستظهر القصد الجنائي لدى الطاعنين ورابطة السببية بين فعلهم والنتيجة رغم المنازعة في توافرها ، فضلاً عن عدم التدليل على نية القتل العمد وسبق الإصرار رغم نفيه تشكيـل تنظيم من الطاعنين ولم يدلل على اتفاقهم على ارتكابهم الجريمة والباعث عليها وارتسم الحكم صورة غير صحيحة للواقعة إذ إنها مجرد مشاجرة بين الطاعنين والمجني عليه ، كما عول في الإدانة على أقوال الشهود حال تناقضها وتعددها ، فضلاً عن كونها سماعية ولم يشاهد أيٌّ منهم الواقعة ، وعلى التحريات رغم التمسك بعدم جديتها وكونها ترديداً لأقوال الشهود ، فضلاً عن أن السكين المضبوط خالٍ من آثار الدماء وضبطت في مكان وزمان مخالف للحادث هذا إلى أن الحكم أسند للمتهم الثاني أقوالاً لم تصدر منه بشأن حيازة الأول للسلاح المضبوط وأشار إلى وصف حيازة الثاني والثالث للسلاح بالواسطة رغم مجافاة ذلك للواقع والقانون ، والتفت الحكم إيراداً ورداً عن الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي في جانب الطاعنين لكون المجني عليه هو الحائز للسكين والبادئ بالاعتداء وأخيراً فقد انتهت المحكمة إلى تعديل الوصف من القتل العمد إلى الضرب المفضي إلى الموت دون تنبيه الدفاع لهذا التعديـل ، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضـه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مضمونه أن الطاعنين اتفقوا فيما بينهم على أن يكون لهم شأن في المجتمع وبعد تدبر وتفكيـر استقروا إلى أن ذلك يتحقق باستعراض قوتهم أمام الناس تحت شعار الشرطة الدينية التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، ونفاذاً لذلك تسلح الأول بسلاح أبيض " سكين " واستعملوا دراجة نارية قاصديـن التعدي على أي شخص تسوقه لهم الظروف يرونه مرتكباً إثماً ، وإذ شاهدوا المجني عليه رفقة الشاهدة الأولى جالسين على إحدى الأرائك بحديقة .... فاعتبروا جلستهما إثماً ينبغي مقاومته ، فتوجهوا إليهما وأمسكوا بالشاهدة الأولى لإبعادها فنشبت بينهم والمجني عليه مشادة كلامية مهددين إياه بالأذى ، وإذ حاول الأخير الذود عن الشاهدة الأولى قام الثاني والثالث بالإمساك به وشـل مقاومته بينما عاجله الأول بطعنة قوية بالسكين في فخذه الأيسـر نفذت حتى العظام وأدت إلى قطع الوريد والشريان الفخذي وأودت بحياته لما أحدثته من نزيف دموي إصابـي غزير وصدمة نزيفية حادة غير مرتجعة أدت إلى تثبيط المراكز الحيوية بالمخ حسبما أورى التقرير الطبي الشرعي ولم يقصدوا من ذلك قتله ولكن الضربة أفضت إلى موته ، لما كان ذلك ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ، وما أوراه تقرير الصفة التشريحية للطب الشرعي ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بأن الحكم شابه الغموض والإبهام والاضطراب يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد حدد في بيان كاف الأفعال التي قارفها الطاعنون بما تتوافـر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دينوا بها إذ أثبت وجود كل من الطاعنين على مسرح الجريمة وقت مقارفتها واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وصدور الجريمة عن باعث واحد وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين ، وكان ليس بلازم والحال كذلك أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل منهم على حدة ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو متوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، ويكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائـع الدعوى كما أوردهـا الحكم - وهو ما تحقق في واقعة الدعوى - وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما آتاه عمداً ، وهذه العلاقـة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصـل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين أن أولهم طعن المجني عليه بفخذه حال تقييد الثاني والثالث لحركته وأنه توفي بالمستشفـى إثر فشل محاولات علاجه ، ودلل على توافر رابطة السببية بين الفعل المسند للطاعنين ووفاة المجني عليه بما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أن وفاة المجني عليه تعزى إلى الإصابة بفخذه الأيسـر وما أحدثته من قطع الوريد والشريان الفخذي أدت لحدوث نزيف دموي إصابي غزير وصدمة نزفية حادة غير مرتجعة أدت لحدوث تأثيـر مباشر على المراكز الحيوية بالمخ وعدم قدرتها على أداء وظائفها رغم كل المحاولات الطبية ، وثبت عدم وجود أي إهمال طبي أو تقصير من قبـل الأطباء المعالجين ، فإن ذلك ما يحقق مسئوليتهم في صحيح القانون عن وفاة المجني عليه التي كان من واجبهم توقع حصولها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قويم . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الموضوع قد دانت الطاعنين بجريمة الضرب المفضي إلى الموت دون جريمة القتل العمد التي نسبتها النيابة العامة لهم ، فإن النعي بعـدم استظهار الحكم نية القتل العمد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافـر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، وكان لا يشترط في الدليـل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً مباشـرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، ولما كان ما أورده الحكم في تدليله على توافـر ظروف سبق الإصرار في حق الطاعنين كافيـاً وسائغاً في تحقق هذا الظرف كما هو معرف به في القانون ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه وقد أثبت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين ، فإن ذلك يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهم في المسئولية الجنائية ويكون كل منهم مسئولاً عن جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يستوي في هذا أن يكون محدث الإصابة التي أدت إلى الوفاة معلوماً أو معيناً من بينهم أو غير معلوم ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير مقبول ، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثـر من تقابل إرادة كل من المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشـرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة ، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخـر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم رداً على الدفع بعدم توافـر سبق الإصرار وانتفاء الاتفاق بين المتهمين وفي بيان واقعة الدعوى وما ساقه من أدلة الثبوت فيها كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة ، وكان ما انتهى إليه الحكم في كل ذلك سديداً في القانون ، ومن ثم فإن منعاهم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن ، ومن ثم يكون هذا النعي غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بسـاط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، كما أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي وردت بأقوالهم وأيدها تقرير الصفة التشريحية ، وكان ما أورده في هذا الخصوص سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في كيفية وقوع الحادث ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الطاعنون لا ينازعون في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات ، فإن تناقض روايات الشهود في بعض تفاصيلها - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ومن ثم فإنه لا يكون هناك محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة بدعوى تعدد رواياتهم وتضارب أقوالهم ، ويكون منعى الطاعنين في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد ولو كانت سماعية ذلك أن الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه فلا على الحكم إن هو أخذ بشهادته وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذي أورده وكانت الأدلة التي استند إليها سائغة ومقبولة فـي العقل والمنطق ولا يجادل الطاعنون في أن لها معينها الصحيح في الأوراق ، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن أن أيـاً من شهود الإثبات لم يرَ واقعات الحادث لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديـاً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدانها بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبـل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكـل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وأن للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، كما أنه من المقرر أنه لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه أو قرره الشهود لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق تلك الأقوال ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن - بفرض صحته - يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن آلة القتل أو الضرب ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة وأن خلو السكين من أي أثـر للدماء أو ضبطها في غير مكان وزمان الجريمة – بفرض صحته - لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء على المجني عليه بها ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المقام لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة الطاعنين على الأدلة المستقاة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة وكافيـة في حمل قضائـه ، وأنه بعد أن أورد مؤداها استطرد إلى القول بأنه " باستجواب المتهمين بتحقيقات النيابة العامة أنكروا الاتهام المسند إليهم وقرر الأول ... فيما قرر الثاني أنه شاهد المتهم الأول حال نزولهم من الدراجة والسلاح بيده اليمنى " ، فإنه يكون من غير المنتج النعي على الحكم في شأن هذه الأقوال واستناده إليها ، طالما أنه لم يستطرد إلى تلك الأقوال إلا تزيداً بعد استيفائه أدلة الإدانة إذ لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال الاستدلال ما دام أنه أقام ثبوت الجريمة على ما يحمله وكان لا أثـر لما تزيد إليه في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها ، ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا تكون مقبولة . لما كان ذلك ، وكان النعي على الحكم الخطأ في وصف التهمة بشأن حيازة السـلاح بالواسطة للثاني والثالث ، لا جدوى منه ، ما دام الحكم قد طبق المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبهما بعقوبة الجريمة الأشد المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار وفقاً للمادة 236/2،1 من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكان الأصـل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقـض إلا إذا كانت الوقائـع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما عرفه القانون أو ترشح لقيامها ، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعوا أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي ، وكانت وقائـع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها إذ لم يرد في مدونات الحكم ما يفيد أن المجني عليه هو الذي بدأ بالعدوان حتى يكون للطاعنين الحق في استعمال القوة اللازمة لرد العدوان ، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الوجه لا يكون مقبولاً ، ولا ينال من ذلك أن المدافع عن الطاعن الثالث طلب تطبيق المادتين 7 ، 60 من قانون العقوبات إذ لم يوضح في مرافعته سبب هذا الطلب ومرماه ، فلا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عنه إيراداً له ورداً عليه . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيـاً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على واقعة الدعوى ، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة - القتل العمد والتي كانت مطروحة بالجلسة - هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعنين به وكان مرد التعديـل هو عدم توافـر الدليل على ثبوت نية القتل لدى المحكوم عليهم واستبعاد ظرفي القتل لغرض إرهابي والجريمة المرتبطة برمتها واستبقاء ظرف سبق الإصرار دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت الطاعنين مرتكبين لجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار لا يجـافي التطبيق القانوني السليم في شيء ، ولا محل لما يثيره الطاعنون من دعوى بالإخلال بحق الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهمين أو دفاعهم إلى ما أجرته من تعديل في الوصف نتيجة استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليهم برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ثانياً : الطعن المقدم من النيابة العامة :
وحيث تنعي النيابـة العامة - الطاعنة - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم من تهمة إدارة جماعة على خلاف القانون وقصر الاتهام على تهمة الضرب المفضي إلى موت قد شابه القصور والتناقـض في التسبيب والفساد في الاستدلال ، ذلك بأنه استبعد التهمة الأولى رغم انتهائـه إلى اتفاقهم على استعراض القوة لرفع شأنهم والقيام بدور الشرطة الدينية وانتهاء تحريات الشرطة إلى توافرها ، كما استبعد نية القتل العمد رغم انتهائه إلى توافر سبق الإصرار في حقهم وقوة الضربة التي أصابت المجني عليه ، وأخيراً فإن المحكمة أغفلت الفصل في جنحة البلطجة المرتبطة بجناية القتل العمد ، كل ذلك مما يعيب حكمها بما يستوجب نقضـه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضدهم من تهمة إدارة جماعة على خلاف أحكام القانون على سند من أن هذا الاتهام تحيط به ظلالٌ كثيفة من الشكوك والريب وخلو الأوراق من دليل يقيني على أن المطعون ضدهم نظموا أو كونوا جماعة دينية بأغراض غير مشروعة ، فضلاً عن عدم ضبط أي مستندات أو محررات تشير إلى وجود جماعة باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تخص المتهمين وأن الاتهام جاء مرسلاً يعوزه الدليل الذي تطمئن إليه المحكمة وانتهت إلى تبرئتهم من تلك التهمة ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة ، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقديـر الدليل ما دام أن الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض بالبراءة إلا بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وألمت بها وبالأدلة المقدمة فيها وانتهت بعد أن وازنت بين أدلة الإثبات والنفي إلى عدم ثبوت التهمة في حق المطعون ضدهم للأسباب السائغة التي أوردها الحكم والتي تكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها ، وهو ما يدخل في سلطتها بغير معقب ، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة قضائها بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام ، ولا يعيب الحكم وهو يقضي بالبراءة عدم تصديه لما ساقته النيابة العامة من قرائن تشيـر إلى ثبوت الاتهام ما دامت قد قطعت في أصل الواقعة وتشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهمين ، لأن في إغفال التحدث عنها أنها لم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانتهم فاطرحتها ، وأنه لا يقدح في سلامة الحكم بالبراءة أيضاً أن تكون إحدى دعاماته معيبة ما دام الثابت أنه أقيم على دعامات أخرى متعددة تكفي لحمله ، ومن ثم فإن نعي النيابة العامة في هذا الصدد يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان نفي المحكمة لتهمة إدارة جماعة على خلاف أحكام القانون عن المطعون ضدهم لا يتعارض أو يتناقض مع توافر ظرف سبق الإصرار على ارتكاب جريمة الضرب المفضي إلى موت التي دانهم بها ، لأن التناقض الذي يبطل الحكم هو الذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا يصلح أن يكون قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها وهو ما برئ منه الحكم ، هذا إلى أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد والتحريات فتأخذ منها بما تطمئن إليها وتطرح ما عداه ، لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، وفي إغفالها إيراد بعض الوقائـع من أقوال الشاهد ما يفيد ضمناً عدم اطمئنانها إليها ، ومن ثم فإن منعى النيابة العامة في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن البحث في توافر نية القتل لدى الجاني أو عدم توافرها هو ما يدخل في سلطة قاضي الموضوع حسبما يستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها ما دام موجب هذه الظروف وتلك الوقائـع لا يتنافـر عقلاً مع ما انتهى إليه ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه سائغاً في العقل والمنطق ويكفي لحمل قضـائـه فيما انتهى إليه من عدم توافـر قصد القتل في حق المطعون ضدهم ومن تعديـل التهمة المسندة إلى المطعون ضدهم ، وإذ كانت المحكمة قد استخلصت في استدلال سائغ أن المطعون ضدهم لم ينتووا إزهـاق روح المجني عليه بل قصدوا إلى مجرد الاعتداء عليه لما آتاه من سلوك عدوه من وجهة نظرهم إثماً كبيراً يتعين مقاومته فإنها تكون قد فصلت في مسائـل موضوعية لا رقابة لمحكمة النقض عليها فيها ، ولا محل لما ساقته النيابة العامة (الطاعنة) من شواهد على توافـر قصد القتل ما دامت المحكمة لم تقتنع من ظروف الدعوى بتوافـره ، إذ إن لها أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع العناصر المعروضة عليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بفساد الاستدلال في شأن عدم توافـر نية القتل إنما يكون من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقـــض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن إغفال الفصل في تهمة البلطجة لا يعد سبباً للطعن على الحكم ، وأن الطريق السوي أمام النيابة العامة في هذه الحالة إنما هو الرجوع إلى ذات المحكمة بطلب الفصـل فيما أغفلته ، وذلك إعمالاً لنص المادة 193 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الواجبة الإعمال في هذا الخصوص لعدم وجود نص في قانون الإجراءات الجنائية ينظم حالة إغفال المحكمة الجنائية الفصل في بعض الطلبات المطروحة عليها ، ولأن ما جاء بنص هذه المادة المشار إليها يقرر قاعدة عامة لا تتأبى على التطبيق في المواد الجنائية ، ومن ثم فإن نعي النيابة العامة في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن طعن النيابة العامة بدوره يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ