برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة، أحمد علي خيرى، خيري فخري وحسين نعمان نواب
رئيس المحكمة.
------------
- 1 محكمة الموضوع "إعادة
الدعوى للمرافعة".
اعادة الدعوى للمرافعة ليست حقا للخصوم يتحتم اجابته . لمحكمة الموضوع
تقديره.
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إعادة الدعوى للمرافعة ليست حقا
للخصوم يتحتم إجابتهم إليه بل هو أمر متروك لمحكمة الموضوع تقدر مدى الجد فيه.
- 2 محكمة الموضوع "تكييف الدعوى".
دعوى "تكييفها" .
محكمة الموضوع . سلطتها في تكييف الدعوى وان تنزل عليها وصفها الصحيح
في القانون . وجوب تقيدها في ذلك بالوقائع والطلبات المطروحة .
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع تكييف الدعوى بما
تتبينه من وقائعها وأن تنزل عليها وصفها الصحيح في القانون غير مقيدة في ذلك إلا
بالوقائع وبالطلبات المطروحة عليها.
- 3 محكمة الموضوع "تكييف الدعوى ". عقد.
تكييف العقد . العبرة فيه بحقيقة الواقع . عقد الحكر . المقصود به .
لمحكمة الموضوع الاستدلال على قيام رابطة التحكير من اوراق الدعوى ولو لم يستوف
العقد شروطه الشكلية او الموضوعية .
العبرة في تكيف العقد هي بحقيقة الواقع، والاحتكار من وضع فقهاء
الشريعة الإسلامية وهو عندهم إيجار يعطي للمحتكر حق البقاء والقرار على الأرض
المحكورة ويبيح له الانتفاع بها إلى أجل غير محدد أو إلى أجل طويل معين مقابل أجر،
ولا تثريب على محكمة الموضوع إن هي استدلت على قيام رابطة التحكير من أوراق الدعوى
حتى ولو يستوف عقد الحكر شروطه الشكلية أو الموضوعية.
- 4 محكمة الموضوع "تكييف الدعوى".
دعوى "تكييفها" "تقدير قيمة الدعوى". عقد. اختصاص
"اختصاص قيمي".
اختصاص المحكمة الابتدائية بدعوى طرد المحتكر من ارض زالت صفة الوقف الأهلي
عنها بصدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 وانتهاء عقد الحكر القائم عليها بالتالي .
إذ كانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى خلصت
إلى أن العقد موضوع التداعي هو عقد حكر على أرض من أعيان وقف البخاري الأهلي أبرم
في ظل التقنين المدني الملغي الذى لم يتضمن تنظيماً خاصاً لحق الحكر، وأن مقتضى
صدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات بتاريخ
14/9/1952 هو انتهاء الأحكار القائمة على الأرض التي كانت موقوفة وقفاً أهلياً
بزوال صفة الوقف ويتعين على المحتكر تبعاً لذلك أن يرد الأرض التي تحت يده، وأنها
تأسيساً على ذلك كيفت الدعوى بأنها دعوى طرد للغصب غير مقدرة القيمة بما يخرجها عن
نصاب اختصاص محكمة المواد الجزئية ورتبت على ذلك اختصاصها بنظرها فإنها لا تكون قد
خالفت القانون.
- 5 وقف "إلغاء الوقف على غير
الخيرات". حكر. قانون "تفسيره" "نطاق سريانه". اختصاص
"اختصاص ولائي"
صدور القوانين 649 لسنة 1953 ، 295 لسنة 1954 ، 62 لسنة 1960 ، 43
لسنة 1982 بغية تنظيم انهاء حق الحكر بعد زوال الأوقاف الأهلية بالقانون 1980 لسنة
1952 . مفاده . انصراف الاحكام التي تضمنتها هذه القوانين الى تنظيم انهاء الاحكار
على الاعيان الموقوفة خيريا دون غيرها . اثره اختصاص المحاكم العادية ولائيا بنظر
النزاع بشأن أرض زالت صفة الوقف عنها وليست اللجنة القضائية لإنهاء الاحكار على
الاعيان الموقوفة .
لما كان صدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 قد ألغى الوقف على غير
الخيرات وأصبح معظم الأحكار منحصرا في الأوقاف الخيرية وأغلبها في نظارة وزارة
الأوقاف، وقد صدر القانون رقم 649 لسنة 1953 لمعالجة
إنهاء هذه الأحكار فنص في مادته الأولى على أن ينتهي حق الحكر المترتب على أعيان
موقوفة بقرار من وزير الأوقاف بعد موافقة المجلس الأعلى للأوقاف، وتعاقب صدور
القوانين بعد ذلك لتنظيم طريقة التصرف في الأعيان الموقوفة التي انتهت فيها
الأحكام فصدر القانون رقم 295 لسنة 1954 ثم صدر القانون رقم 92 لسنة 1960 وبعده
القانون رقم 43 لسنة 1982 ونص في المادة الخامسة فيه على تشكيل لجنة قضائية بكل
منطقة للنظر في منازعات انتهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة وقد خولها المشرع
اختصاصا قضائيا في المسائل المنوطة بها، والفصل في كافة المنازعات التي تنشأ عن
تطبيق هذه القانون، وإذ كانت هذه القوانين تنظم طريقة التصرف في الأعيان التي
انتهت فيها الأحكار على الأوقاف وكيفية تحديد قيمتها فإن أحكامها لا تنطبق على
النزاع الراهن باعتبار أن الحكر كان على أرض من أعيان وقف على غير الخيرات، آية
ذلك أن القانون رقم 43 لسنة 1982 نشر بتاريخ 1982/6/17 على أن يعمل به في اليوم
التالي لتاريخ نشره وبعد أن كانت قد زالت صفة الوقف عن الأعيان التي كانت موقوفة
وقفا أهليا على ما سلف بيانه مما لازمه أن تنصرف أحكامه إلى الأعيان التي بقيت لها
صفة الوقف بعد صدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 52 بإنهاء الوقف على غير الخيرات،
وهي الأعيان الموقوفة وقفا خيريا دون غيرها، وإذ وافق الحكم المطعون فيه هذا النظر
وقضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا فإنه لا يكون قد أخطأ في القانون.
- 6 وقف. نيابة عامة. دعوى.
وجوب تدخل النيابة العامة في مسائل الوقف . المادة 1 قانون 628 لسنة 1955 . مناطه عدم لزوم تدخلها في مسألة لا تتعلق بأصل الوقف او بسائر مسائلة . مثال .
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تدخل النيابة العامة وجوبياً في المسائل المتعلقة بالوقف أهلياً كان أو خيرياً طبقاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955، والمادة 88/3 من قانون المرافعات مرهون بأن يكون النزاع متعلقاً بإنشاء الوقف أو بتفسير شروطه أو بالاستحقاق فيه أو بسائر مسائله مما كان الاختصاص بنظرها معقوداً للمحاكم الشرعية قبل إلغائها بالقانون رقم 462 لسنة 1955، وكانت محكمة الموضوع قد خلصت - صحيحاً وعلى ما سلف بيانه _ إلى أن الدعوى أقيمت بطلب طرد الطاعن من عين النزاع التي انتهى الحكر عليها بانتهاء الأوقاف على غير الخيرات بالقانون رقم 180 لسنة 1952 وهي مسألة لا تتعلق بأصل الوقف أو بسائر مسائله المشار إليها فإن تدخل النيابة العامة في الدعوى لا يكون وجوبياً.
وجوب تدخل النيابة العامة في مسائل الوقف . المادة 1 قانون 628 لسنة 1955 . مناطه عدم لزوم تدخلها في مسألة لا تتعلق بأصل الوقف او بسائر مسائلة . مثال .
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تدخل النيابة العامة وجوبياً في المسائل المتعلقة بالوقف أهلياً كان أو خيرياً طبقاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955، والمادة 88/3 من قانون المرافعات مرهون بأن يكون النزاع متعلقاً بإنشاء الوقف أو بتفسير شروطه أو بالاستحقاق فيه أو بسائر مسائله مما كان الاختصاص بنظرها معقوداً للمحاكم الشرعية قبل إلغائها بالقانون رقم 462 لسنة 1955، وكانت محكمة الموضوع قد خلصت - صحيحاً وعلى ما سلف بيانه _ إلى أن الدعوى أقيمت بطلب طرد الطاعن من عين النزاع التي انتهى الحكر عليها بانتهاء الأوقاف على غير الخيرات بالقانون رقم 180 لسنة 1952 وهي مسألة لا تتعلق بأصل الوقف أو بسائر مسائله المشار إليها فإن تدخل النيابة العامة في الدعوى لا يكون وجوبياً.
- 7 نقض "أسباب الطعن: السبب
الجديد".
خلو الاوراق مما يدل على تمسك الطاعن بدفاع امام محكمة الموضوع . عدم
جواز اثارته لأول مرة امام محكمة النقض .
إذ كانت الأوراق جاءت خلوا مما يفيد سبق تمسك الطاعن بهذا الدفاع
المؤسس على واقع أمام محكمة الموضوع فلا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة
النقض ويعد سببا جديدا ومن ثم غير مقبول.
- 8 حكر "حق المحتكر". حيازة.
"الحيازة الوقتية" "حيازة المحتكر للأرض المحتكرة"
"تغيير الحيازة". تقادم "التقادم المكسب". محكمة الموضوع.
عقد الحكر . مقتضاه . بقاء حيازة المحتكر للأرض المحتكرة وقتية لا تكسبه
الملك . عدم جواز تمسكه في صدد تغيير صفة وضع يده بانتهاء عقد الحكر مهما طال
انتفاعه بالعين المحتكرة . علة ذلك . تغيير الحيازة سبيله . المادة 972 / 2 مدنى .
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للمحتكر إقامة ما يشاء من المباني
على الأرض المحكرة وله حق القرار ببنائه حتى ينتهي الحكر، كما أن له أن يحدث في
المباني زيادة وتعديلاً وله ملكية ما أحدثه من بناء ملكاً تاماً يتصرف فيه وحده أو
مقترناً بحق الحكر ولكنه في كل ذلك تكون حيازته للأرض المحكرة حيازة وقتية لا تكسب
الملك، وتظل هذه الحيازة على حالها غير متغيرة ولا يجوز للمحتكر في صدر تمسكه
بتغير صفة وضع يده الحاصل ابتداء بسبب التحكير أن يتحدى بانتهاء عقد الحكر ووضع
يده على العين مهما طالت مدته ذلك أن تغيير الحيازة - وعلى ما تقضي به المادة
972/2 من القانون المدني - يستلزم أن يتلقى ذو اليد الوقتية ملكيته العين من شخص
من الأغيار يعتقد أنه المالك لها أو أن يجابه مالك العين مجابهة صريحة بصفة فعلية
تدل على أنه مزمع إنكار الملكية على المالك والاستئثار بها دونه.
- 9 حكر "حق المحتكر". حيازة.
"الحيازة الوقتية" "حيازة المحتكر للأرض المحتكرة"
"تغيير الحيازة". تقادم "التقادم المكسب". محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع . سلطتها في استخلاص توافر شروط الحيازة وتغيير سببها
والتعرف على نية الحائز . لا معقب عليها في ذلك طالما اقامت قضاءها على أسباب
سائغة .
استخلاص توافر شروط الحيازة وتغيير سببها والتعرف على نية الحائز هو
مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون
- 10 حكر "انتهاؤه".
البناء الذى يقيمه المحتكر . تخيير المحكر - عند انتهاء الحكر - في ان
يطلب ازالته او استبقائه مقابل دفع اقل قيمة مستحق الازالة او البقاء . المادة
1010 مدنى .
مفاد الفقرة الأولى من المادة 1010 من القانون المدني أنه عند انتهاء
الحكر يكون للمحكر الخيار بين أن يطلب إزالة البناء أو استبقائه مقابل دفع أقل
قيمتيه مستحقة الإزالة أو البقاء.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 433 لسنة 1982 مدني السويس الابتدائية
بطلب الحكم بطرد الطاعن من عين النزاع المبينة بالصحيفة وتسليمها إليها خالية مما
عليها من منشآت وإلا أزالتها على نفقته وقالت بيانا لذلك إنه يستأجر قطعة أرض من
وقف البخاري بالسويس بموجب عقد حكر مؤرخ 13/3/1932، وإذ أصبح هذا الحكر منتهيا -
بصدور القانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات - وآلت إليها ملكية
العين، فقد أنذرت الطاعن بتاريخ 5/3/1981 لإزالة ما أقامه من منشآت على تلك الأرض
ولما لم يستجب أقامت الطاعن. بتاريخ 24/5/1983 حكمت المحكمة بطرد الطاعن من أرض
التداعي وتسليمها للمطعون عليها خالية مما عليها من منشآت وإلا أزيلت على نفقة
الطاعن. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية - مأمورية السويس
- بالاستئناف رقم 155 لسنة 6 ق وتمسك بتملكه أرض النزاع بالتقادم الطويل، وبتاريخ
11/4/1990 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق
النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه
المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت
النيابة رأيها.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على عشرة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم
المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إنه طلب من المحكمة - بعد حجز
الاستئناف للحكم - فتح باب المرافعة فيه ليوكل محاميا آخر لمباشرة الدعوى بدلا من
محاميه الذي توفي صباح يوم الجلسة 10/1/1990 ولديه مستنداته إلا أن المحكمة التفتت
عن هذا الطلب وهو ما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه
المحكمة - أن إعادة الدعوى للمرافعة ليست حقا للخصوم يتحتم إجابتهم إليه بل هو أمر
متروك لمحكمة الموضوع تقدر مدى الجد فيه، وكان الثابت من الأوراق أن الاستئناف
تداول بجلسات المرافعة منذ جلسة 22/1/1985 حتى 10/1/1990، وأن الفرصة كانت متاحة
أمام الخصوم في هذه الجلسة الأخيرة والتي مثل فيها الطاعن شخصيا لتقديم ما يعن له
من مستندات غير أنه لم يبد ثمة دفاع فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن طلبه إعادة
الدعوى للمرافعة بعد حجزها للحكم لتوكيل محام آخر إذ أن ذلك من إطلاقاتها التي لا
يعاب عليها عدم الاستجابة إليها ويكون النعي في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس
على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال وفي
بيان ذلك يقول أن التكييف القانوني لدعوى المطعون عليها أنها بطلب فسخ عقد الإيجار
المؤرخ 13/3/1932 تدخل بحسب قيمتها في اختصاص محكمة المواد الجزئية غير أن الحكم
الابتدائي مؤيدا بالحكم المطعون فيه ذهب إلى أن العقد عقد حكر على أرض موقوفة رغم
عدم إفراغه في حجة شرعية أو شهره طبقا لأحكام قوانين الشهر العقاري، ورغم أن وزارة
الأوقاف أفادت بكتابها المؤرخ 12/3/1960 بأنه لم يستدل من سجلاتها على مستندات هذا
الوقف بما يرتب بطلان الحكر، هذا إلى أن قوانين إنهاء الأحكار على الأعيان
الموقوفة أوجبت اللجوء في ذلك إلى اللجنة القضائية المنصوص عليها في المادة
الخامسة من القانون رقم 43 لسنة 1982 دون تفرقة بين الوقف الخيري والوقف الأهلي،
وإذ لم يلتزم الحكم هذا النظر وقضى برفض دفعه بعدم اختصاص المحكمة قيميا وولائيا بنظر
الدعوى وفصل في موضوعها فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول - ذلك أن المقرر - في قضاء هذه
المحكمة - أن لمحكمة الموضوع تكييف الدعوى بما تتبينه من وقائعها وأن تنزل عليها
وصفها الصحيح في القانون غير مقيدة في ذلك إلا بالوقائع وبالطلبات المطروحة عليها،
وأن العبرة في تكييف العقد هي بحقيقة الواقع، وإذ كان الاحتكار من وضع فقهاء
الشريعة الإسلامية وهو عندهم عقد إيجار يعطي للمحتكر حق البقاء والقرار على الأرض
المحكورة ويبيح له الانتفاع بها إلى أجل غير محدد أو إلى أجل طويل معين مقابل أجر،
وأنه لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي استدلت على قيام رابطة التحكير من أوراق
الدعوى حتى ولو لم يستوف عقد الحكر شروطه الشكلية أو الموضوعية، وكانت محكمة
الموضوع في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى خلصت إلى أن العقد موضوع التداعي
هو عقد حكر على أرض من أعيان وقف البخاري الأهلي أبرم في ظل التقنين المدني الملغي
الذي لم يتضمن تنظيما خاصا لحق الحكر، وأن مقتضى صدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة
1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات بتاريخ 14/9/1952 هو انتهاء الأحكار القائمة
على الأراضي التي كانت موقوفة وقفا أهليا بزوال صفة هذا الوقف ويتعين على المحتكر
تبعا لذلك أن يرد الأرض التي تحت يده، وأنها تأسيسا على ذلك كيفت الدعوى بأنها
دعوى طرد للغصب غير مقدرة القيمة بما يخرجها عن نصاب اختصاص محكمة المواد الجزئية
ورتبت على ذلك اختصاصها بنظرها فإنها لا تكون قد خالفت القانون، والنعي في شقه
الثاني غير سديد ذلك أنه بصدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 - سالف الذكر -
فقد ألغى الوقف على غير الخيرات وأصبح معظم الأحكار منحصرا في الأوقاف الخيرية
وأغلبها في نظارة وزارة الأوقاف، وقد صدر القانون رقم 649 لسنة 1953 لمعالجة إنهاء
هذه الأحكار فنص في مادته الأولى على أن ينتهي حق الحكر المترتب على أعيان موقوفة
بقرار من وزير الأوقاف بعد موافقة المجلس الأعلى للأوقاف، وتعاقب صدور القوانين
بعد ذلك لتنظيم طريقة التصرف في الأعيان الموقوفة التي انتهت فيها الأحكار فصدر
القانون رقم 295 لسنة 1954 ثم صدر القانون رقم 92 لسنة 1960 وبعده القانون رقم 43
لسنة 1982 ونص في المادة الخامسة منه على تشكيل لجنة قضائية بكل ... للنظر في
منازعات إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة وقد خولها المشرع اختصاصا قضائيا في
المسائل المنوطة بها والفصل في كافة المنازعات التي تنشأ عن تطبيق هذا القانون،
وإذ كانت هذه القوانين تنظم طريقة التصرف في الأعيان التي انتهت فيها الأحكار على
الأوقاف الخيرية وكيفية تحديد قيمتها فإن أحكامها لا تنطبق على النزاع الراهن
باعتبار أن الحكر كان على أرض من أعيان وقف على غير الخيرات آية ذلك أن القانون رقم
43 لسنة 1982 نشر بتاريخ 17/6/1982 على أن يعمل به في اليوم التالي لتاريخ نشره
وبعد أن كانت قد زالت صفة الوقف عن الأعيان التي كانت موقوفة وقفا أهليا على ما
سلف بيانه مما لازمه أن تنصرف أحكامه إلى الأعيان التي بقيت لها صفة الوقف بعد
صدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات، وهي الأعيان
الموقوفة وقفا خيريا دون غيرها، وإذ وافق الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض
الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا فإنه، لا يكون قد أخطأ في القانون ويضحى النعي
في جملته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون
فيه البطلان لعدم تدخل النيابة العامة في الدعوى رغم أن النزاع متعلق بإنهاء الوقف
الذي يوجب القانون تدخلها فيه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن تدخل النيابة العامة وجوبيا في المسائل المتعلقة بالوقف أهليا كان أو
خيريا طبقا لنص المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955، والمادة 88/3 من
قانون المرافعات مرهون بأن يكون النزاع متعلقا بإنشاء الوقف أو بتفسير شروطه أو
بالاستحقاق فيه أو بسائر مسائله مما كان الاختصاص بنظرها معقودا للمحاكم الشرعية
قبل إلغائها بالقانون رقم 462* لسنة 1955، وكانت محكمة الموضوع قد خلصت - صحيحا -
وعلى ما سلف بيانه - إلى أن الدعوى أقيمت بطلب طرد الطاعن من عين النزاع التي
انتهى الحكر عليها بانتهاء الأوقاف على غير الخيرات بالقانون رقم 180 لسنة 1952 وهي
مسألة لا تتعلق بأصل الوقف أو بسائر مسائله المشار إليها فإن تدخل النيابة العامة
في الدعوى لا يكون وجوبيا ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثامن من أسباب الطعن على الحكم المطعون
فيه التناقض والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الثابت من المستندات
المقدمة أن - ..... - قد وقع على عقد الإيجار سند الدعوى بصفته متنازلا إلى
المطعون عليها، ثم وقع على عقد البيع الصادر لها من البائعة - ...... - عن جزء
مفرز من أرض الوقف بصفته شاهدا ولم يبين الحكم أسباب هذا التناقض بين صفته
باعتباره متنازلا عن إيجار أرض النزاع وبين توقيعه بصفته شاهدا على بيعها إلى
المطعون عليها بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان البين من الأوراق أنها
جاءت خلوا مما يفيد سبق تمسك الطاعن بهذا الدفاع المؤسس على واقع أمام محكمة
الموضوع فلا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ويعد سببا جديدا ومن ثم
غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين التاسع والعاشر على الحكم المطعون فيه
مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الثابت في عقد الإيجار سند
الدعوى أنه مصرح له من المؤجر في إنشاء مبان سكنية على الأرض المؤجرة دون اتفاق
على مصير هذه المنشآت، هذا إلى أنه تمسك بتملكه عين التداعي بوضع اليد المدة
الطويلة بدءا من تاريخ زوال صفة الوقف في 14/9/1952 بالقانون رقم 180 لسنة 1952
غير أن الحكم المطعون فيه - مؤيدا للحكم الابتدائي - أطرح هذا الدفاع وقضى بطرده
من أرض النزاع وتسليمها خالية مما عليها من منشآت وإلا أزيلت على نفقته وهو ما
يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من مقتضى عقد الحكر - وعلى ما جرى به
قضاء هذه المحكمة - أن للمحتكر إقامة ما يشاء من المباني على الأرض المحكرة وله حق
القرار ببنائه حتى ينتهي الحكر، كما أن له أن يحدث في المباني زيادة وتعديلا وله
ملكية ما أحدثه من بناء ملكا تاما يتصرف فيه وحده أو مقترنا بحق الحكر ولكنه في كل
ذلك تكون حيازة وقتية لا تكسب الملك، وتظل هذه الحيازة على حالها غير متغيرة ولا
يجوز للمحتكر في صدد تمسكه بتغيير صفة وضع يده الحاصل ابتداء بسبب التحكير أن
يتحدى بانتهاء عقد الحكر ووضع يده على العين مهما طالت مدته ذلك أن تغيير الحيازة
- وعلى ما تقضي به المادة 972/2 من القانون المدني يستلزم أن يتلقى ذو اليد
الوقتية ملكية العين من شخص من الأغيار يعتقده أنه المالك لها أو أن يجابه مالك
العين مجابهة صريحة بصفة فعلية تدل على أنه مزمع إنكار الملكية على المالك
والاستئثار بها دونه، كما وأن استخلاص توافر شروط الحيازة وتغيير سببها والتعرف
على نية الحائز هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها متى أقامت
قضاءها على أسباب سائغة، هذا إلى أن مفاد الفقرة الأولى من المادة 1010 من القانون
المدني أنه عند انتهاء الحكر يكون للمحكر الخيار بين أن يطلب إزالة البناء أو
استبقائه مقابل دفع أقل قيمتيه مستحقة الإزالة أو البقاء، لما كان ما تقدم وكان
الواقع الثابت في الدعوى أن المطعون عليها أقامت دعواها بطلب طرد الطاعن من عين
النزاع تأسيسا على أنه يشغلها بموجب عقد الحكر المؤرخ 13/3/1932 ومن وقف البخاري
الأهلي لانتهاء الحكر بزوال صفة الوقف بصدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952
بإنهاء الوقف على غير الخيرات، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع
في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة لها خلصت إلى أن
حيازة الطاعن لأرض النزاع مازالت حيازة عارضة رغم انتهاء عقد الحكر بزوال صفة
الوقف عنها بمقتضى القانون رقم 180 لسنة 1952 ورتبت على ذلك قضاءها بطرده منها
وتسليمها خالية مما عليها من منشآت وأقامت هذا القضاء على مقدمات تؤدي إلى النتيجة
التي انتهت إليها فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.