جلسة 25 من مارس سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ فتحي حجاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ جاب الله محمد ، هاني حنا ، عاصم الغايش وأحمد عبد الودود نواب رئيس المحكمة .
----------
(57)
الطعن 5973 لسنة 82 ق
(1) إثبات " بوجه عام
" . إضرار عمدي . تربح . جريمة " أركانها " . دفاع " الإخلال
بحق الدفاع . ما
يوفره " . قصد جنائي . حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه .
تسبيب معيب " .
مناط تحقق جريمتي التربح والإضرار
العمدي بالمال العام ؟ المادتين 115 ، 116 مكرراً (أ) من قانون العقوبات .
وجوب اشتمال الحكم على الأسباب التي
بُني عليها وإلَّا كان باطلاً . أساس ذلك ؟
المراد بالتسبيب المعتبر ؟
إفراغ الحكم في عبارة عامة معماة أو
وضعه في صورة مجهلة . لا يحقق غرض الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام .
وجوب بناء الأحكام على الجزم واليقين
لا على الظن والاحتمال .
قضاء الحكم بإدانة الطاعنين عن جريمة
التربح دون استظهار الأعمال المنوطة بهم وطبيعتها للوقوف على الصلة بين فعل الحصول
على الربح وبين أعمال الوظيفة المسندة إلى الطاعنين ودون استظهار الركن المعنوي للجريمة
بشقيه العام والخاص والرد على دفاع الطاعنين الجوهري في هذا الخصوص . يعيبه
بالقصور والإخلال بحق الدفاع .
إغفال الحكم المطعون فيه الرد على
دفاع الطاعنين الجوهري بانتفاء ركن الضرر المحقق والاعتماد على افتراضات ومقارنات
لا تشكل أساساً سليماً لتحديده . وعدم التدليل الحكم على قيام هذا الركن . قصور في
التسبيب وإخلال بحق الدفاع . أساس وعلة ذلك ؟
مثال لتسبيب معيب في جريمتي تربح
وإضرار عمدي بالمال العام.
(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب" " طاعة الرئيس". حكم " تسبيبه . تسبيب معيب" . قانون " تفسيره " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره".
طاعة الرئيس بمقتضى نص المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية . لا تمتد
إلى ارتكاب الجرائم . ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر إليه من رئيسه بارتكاب
فعل يعلم بأنه معاقب عليه قانوناً . مناط ذلك ؟
اطراح الحكم دفاع
الطاعنين بوجوب إعمال سبب الإباحة المنصوص عليه بالمادة 63 عقوبات لأن ما تم بشأن
التعاقد على بيع الغاز كان طاعة لرؤسائهم وإعمالاً لاتفاقات دولية ومرتبط بمصلحة
عليا للدولة وبعيداً عن مظنة عدم المشروعية . بأن ما صدر عن رئيس المخابرات لا
يخرج عن كونه نصحاً لا يلتزمون بالانصياع له دون استظهار أثر ذلك النصح على نفوسهم
وأن مجلس الوزراء غير مختص بأمر التعاقد على بيع الغاز وتصديره دون بيان سنده في
انتفاء سلطته الرئاسية على الطاعنين ودون أن يدلل على اتجاه إرادتهم إلى تحقيق ربح
أو منفعة لأحدهم أو يدلل على ركن الضرر في جريمة الإضرار العمدي ووضوح نية الإجرام
لديهم . يعيبه . أثر ذلك ؟
(3) إثبات " خبرة " .
دفوع " الدفع ببطلان الإجراءات " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما
يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن .
ما يقبل منها " " أثر الطعن " .
الدفع ببطلان تقرير لجنة الخبراء لعدم
اطلاع اللجنة على المستندات المقدمة من الدفاع وقول رئيسة اللجنة بأن الاطلاع على
تلك المستندات من شأنه أن يتغير به وجه الرأي الفني . جوهري . وجوب تحقيقه بلوغاً
إلى غاية الأمر فيه عن طريق المختصين فنياً . مجرد إشارة الحكم إلى تلك المستندات دون إبداء الرأي في مدلولها وفي صحة دفاع الطاعنين
المستند إليها . قصور وإخلال بحق الدفاع .
مثال لرد غير
سائغ على الدفع ببطلان تقرير الخبير .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين
بالجريمتين المنصوص عليهما بالمادتين 115 ، 116 مكرراً "أ" من قانون
العقوبات ، وقد جرى نص المادة الأولى منهما على أن " كل موظف عام حصل أو حاول
أن يحصل لنفسه أو حصل أو حاول أن يحصل لغيره بدون حق على ربح أو منفعة من أعمال
وظيفته يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة " ، مما مفاده أن يكون الجاني موظفاً عاماً بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من
قانون العقوبات ، وأن يؤدي عملاً من أعمال وظيفته المختص بها مجرداً من
الحيدة ومشوباً بعيب الانحراف وإساءة استعمال سلطة وظيفته أو أن يفرِّط في مقتضيات
الحرص على المال العام أو المنفعة العامة أو المال المملوك للأفراد والموضوع تحت
يد جهة عمله مما يمس نزاهة الوظيفة ، وأن يأتي هذه الأفعال مبتغياً غرضاً آخر غير
ما أعطيت له السلطة من أجله ، هو حصوله أو محاولة حصوله لنفسه على ربح أو منفعة من
أعمال وظيفته بحق أو بغير حق أو أن يحصل أو يحاول الحصول لغيره على ربح أو منفعة
بغير حق وأن يتوافر لديه بجانب القصد الجنائي العام نية خاصة هي اتجاه إرادته إلى
تحقيق ربح أو منفعة لنفسه أو لغيره بغير حق ، كما أنه من المقرر أن إعمال حكم
المادة 116 مكرراً "أ" يتطلب توافر أركان ثلاثة : الأول هو صفة الجاني وهو أن يكون موظفاً عمومياً
بالمعنى الوارد في المادة 111 من قانون العقوبات ، والثاني هو الإضرار
بالأموال والمصالح المعهودة إلى الموظف ، والثالث هو القصد الجنائي وهو اتجاه إرادة
الجاني إلى الإضرار بالمال أو المصلحة ، كما يشترط في الضرر كركن لازم لقيام جريمة
الإضرار العمدى المنصوص عليها في المادة سالفة الذكر أن يكون محققاً أي حالاً
ومؤكداً . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أن مفاد ما
أورده - سواء في معرض بيانه لواقعة الدعوى أو عند إيراده لأدلة الثبوت فيها - أنه
استند في قضائه بالإدانة إلى أن الشركة التي يمثلها المحكوم عليه السابع كانت قد
خاطبت الطاعن الأول بصفته وزيراً للبترول بتاريخ .... وأشارت في خطابها إلى إقرار
الترخيص بإنشائها وإلى صدور توجيهات بتكليفها بتصدير الغاز إلى كل من .... و .... ،
واقترحت الشركة في خطابها سعراً للغاز قدره دولار أمريكي ونصف الدولار لكل مليون
وحدة حرارية بريطانية ، كما طلبت أن تساهم
الهيئة العامة للبترول في رأس مالها بنسبة عشرة بالمائة ، وقد عرض الخطاب
على رئيس مجلس إدارة الهيئة المذكورة الذى وافق عليه وكلف كلاً من الطاعنين الثاني
والثالث والرابع بإعداد مذكرة للعرض على مجلس الإدارة ، فأعد المذكورون مذكرة أشاروا فيها إلى حجم الاحتياطي المُنمى
والمُرجح من الغاز في مصر وحجم الغاز الذي تحتاجه البلاد محلياً حتى سنة
2025 ، وخلصوا إلى الموافقة على الطلب المعروض من الشركة سالفة الذكر على سند من أن تصدير الغاز المصري يشكل ضرورة تحقق مصلحة قومية
عددوا أوجهها ، وإذ عرضت المذكرة - بما خلصت إليه - على مجلس إدارة الهيئة
باجتماعه بتاريخ 12/4/2000 فقد وافق على ما جاء بخطاب الشركة سالفة الذكر مع ربط سعر
تصدير الغاز بسعر خام برنت ، واعتمد الطاعن الأول قرار المجلس مع الطلب العرض على
المجلس لاتخاذ القرار المناسب وتحديد فترة توريد الغاز ، واستخلص الحكم من ذلك أن
الطاعن الأول قد أصدر أمراً مباشراً بالبيع للشركة بالمخالفة للمادة الرابعة من
لائحة نشاط الأعمال التجارية للهيئة العامة للبترول واجبة الإعمال دون قانون
المناقصات والمزايدات وفقاً لفتوى صدرت عن مجلس الدولة في هذا الشأن ، وتقضي هذه
اللائحة بعدم تصدير الغاز الطبيعي بالأمر المباشر إلَّا في حالات الضرورة
وبالأسعار التي توصى بها لجنة البت ويوافق عليها وزير البترول ، واستطرد الحكم أن
الطاعن الخامس أرسل خطاباً إلى رئيس شركة كهرباء.... بتاريخ 24/5/2000 تضمن تعهداً
بإمداد الشركة بكميات الغاز التي يتم التعاقد عليها بين الشركة التي يمثلها
المحكوم عليه السابع وبين المستوردين .... ، وأتبع ذلك قيام المحكوم عليه سالف
الذكر بإرسال خطاب ثان بتاريخ 17/9/2000 إلى الطاعن الخامس يعدل فيه عما جاء
بخطابه الأول المؤرخ 2/4/2000 في شأن مقدار السعر المعروض لشراء الغاز طالباً ربط
سعر تصديره بمعادلة سعرية مرتبطة بأسعار الخام العالمي برنت والجازولين والسولار
بحد أدنى 75 سنت لكل مليون وحدة حرارية بريطانية وبحد أقصى 1.25 دولار أمريكي
بحسبان أن ذلك السعر هو الذى يتناسب مع الأسعار العالمية بالسوق ، فقام الطاعن
الخامس بتكليف نائبه الطاعن الثالث بإعداد مذكرة انتهى فيها إلى اعتماد السعر
الأخير المقترح من الشركة التي يمثلها المحكوم عليه السابع مع تعديل سعر الحد
الأقصى ليصل إلى 1.5 دولار في حالة وصول سعر خام برنت إلى أكثر من أربعة وثلاثين
دولاراً زيدت بعد ذلك إلى خمسة وثلاثين دولاراً ، وعلى أن يتم التوريد لمدة خمسة
عشر عاماً دون تحديد للكمية ، وقد أعقب ذلك انعقاد لمجلس إدارة الهيئة بتاريخ 17/9/2000
برئاسة الطاعن الخامس وعضوية الطاعنين الثاني والثالث والرابع وآخرين قام باستعراض
المذكرة الأخيرة ووافق عليها ، وبعرض قرار المجلس على الطاعن الأول لاعتماده فقد
رفض في البداية وطلب عرض بدائل أخرى ، بيد أنه عاد واعتمده بذات التاريخ بعد أن
قدم له الطاعنون الثاني والثالث والرابع مذكرة أخرى انتهت إلى ذات ما خلصت إليه
المذكرة التي كان قد تقدم بها الطاعن الثالث بمفرده وحددوا حجم الغاز المزمع
تصديره بسبعة بلايين متر مكعب ، وأثبت المذكورون بمذكرتهم - على خلاف الحقيقة - أن السعر المقترح منهم لتصدير الغاز من شأنه أن يحقق
ميزة سعرية لمصر، وقد اعتمد الطاعن الأول قرار المجلس رغم تدنى السعر
المطروح ورغم تعارض هذا القرار مع المذكرة التي سبق وأن أعدها ذات الطاعنين وصدر
بناء عليها القرار الذى أصدرته الهيئة في 12/4/2000 في شأن سعر تصدير الغاز وكذا
تعارضه مع الدراسة التي قدمت في شأن تقدير احتياطي الغاز في مصر وتكلفة إنتاجه
والتي تستوجب الارتفاع بسعر تصدير الغاز عن الحد الذى خلصت إليه مذكرة الطاعنين من
الثاني حتى الرابع ، وهى الدراسة التي استبعدها الطاعن الأول اعتراضاً منه على
الأسلوب الذى تم به احتساب قيمة تكلفة الإنتاج ، رغم ما انتهت إليه تلك الدراسة من
أن متوسط تلك التكلفة يبلغ حوالى دولاراً ونصف الدولار للمليون وحدة حرارية
بريطانية عند سعر 18 دولاراً لبرميل خام برنت ويزيد بقدر زيادة سعر الأخير ، وأضاف
الحكم أنه ورغبة من الطاعن الأول في إضفاء الشرعية على خطته فقد قام بعرض الأمر
على مجلس الوزراء رغم أن القانون لا يوجب ذلك ، فأصدر المجلس قراره في 18/9/2000
بالموافقة على قيام الهيئة المصرية العامة للبترول ببيع الغاز إلى الشركة التي
يمثلها المحكوم عليه السابع بهدف أن تقوم تلك الشركة بتصديره للأسواق المستهلكة
بمنطقة البحر المتوسط وأوروبا ، واستطرد الحكم أنه وفى ذات السياق ولكي يضفي
الطاعنون مزيداً من الشرعية على ما قاموا به من إجراءات ، فقد قام الطاعن بتحرير
مذكرة عرضت على مجلس إدارة الهيئة العامة للبترول باجتماعه بتاريخ 12/10/2000
استعرض فيها ما تضمنته المذكرتان اللتان عرضتا على المجلس بجلستيه في 12/4 ،
17/9/2000 ، وبعد المناقشة أصدر مجلس الإدارة قراره في ذات الجلسة بالموافقة على
ما ورد بالمذكرة المؤرخة 17/9/2000 واعتمد الطاعن الأول بصفته وزيراً للبترول آنذاك
قرار المجلس وفى ذات التاريخ ، وقام بعد ذلك الطاعن السادس وفى تاريخ 10/9/2003
بإرسال خطاب إلى شركة كهرباء .... يؤكد فيه ما ورد بخطاب الهيئة السابق لتلك
الشركة والمؤرخ 24/5/2000 ثم أصدر الطاعن الأول لكل من الطاعنين الخامس والسادس
تفويضاً في 26/1/2004 بإنهاء إجراءات التعاقد الذى تم في 13/6/2005 مع شركة ....
لتصدير الغاز إلى الشركات الواقعة في منطقة البحر الأبيض المتوسط وأوروبا بما فيها
شركة كهرباء .... ، وذلك في إطار قرار مجلس الوزراء المتضمن الأسعار والاشتراطات
ومع مراعاة القوانين والقرارات واللوائح المنظمة وضمان ما يحفظ حقوق الجانب المصري ، ثم وبعد ذلك بحوالي خمسة أشهر أصدر الطاعن
الأول قراراً آخر بتفويض الطاعنين المذكورين في التوقيع على عقدي البيع والضمان
دون أن يولى اهتماماً بتحرك أسعار الغاز وزيادتها وأن موقفه التفاوضي مع .... كان يسمح له بالتفاوض على سعر أعلى ، وهو علم توافر أيضاً
لدى كل من الطاعنين الخامس والسادس ، وكذلك دون تضمين التعاقد حكماً يسمح
بالمراجعة الدورية لسعر الغاز ، كما تضمن العقد أحكاماً مجحفة بالجانب المصري
تمثلت في التزامه بتوريد سبعة بلايين متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً حال أن
الشركة التي يمثلها المحكوم عليه السابع لا تلتزم سوى بشراء أكثر من ثلاثين بالمائة
مما التزم به الجانب المصري ، كما ضمَّن الطاعنان الخامس والسادس العقد شروطاً
جزائية على الجانب المصري أشد وطأة من تلك التي تتحملها الشركة في حالة إخفاق أي
منهما في التزاماته العقدية ، ولم يعْن المذكوران بعدم وجود خطاب ضمان يضمن للجانب
المصري حقوقه المالية المتولدة عن الاتفاق إذا توقفت الشركة عن سداد ما هو مستحق
عليها ، واستخلص الحكم من جماع ما تقدم أن نية الطاعنين جميعاً قد انصرفت إلى تربيح المحكوم عليه السابع بمنافع غير
مستحقة والإضرار العمدى بالمال العام . وحيث إنه لما كان الشارع يوجب في
المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بُنى
عليها وإلَّا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبنى
هو عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ، ولكى يحقق الغرض
منه يجب أن يكون في بيان مفصل جلى بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به ، أما
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة فلا يحقق الغرض الذى قصده
الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يُمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق
القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم ، كما أنه من المقرر أن الأحكام يجب
أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذى يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن
والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه
- على نحو ما سلف إيراده - قد شابه الغموض والإبهام في بيانه لواقعة الدعوى المستوجبة
للعقوبة ، إذ دان الطاعنين دون أن يستظهر مهام الأعمال المنوطة بكل منهم ، ببيان
ماهيتها وطبيعتها وكنهها وقوفاً على تحديد الصلة ما بين ذات فعل حصول المحكوم عليه
السابع على الربح وبين أعمال الوظيفة المسندة إلى الطاعنين من واقع اللوائح
والقرارات والمنشورات التنظيمية ، كما لم يعْن باستظهار توافر الركن المعنوي في
حقهم عن تلك الجريمة بإثبات - بجانب القصد
الجنائي العام - توافر نية خاصة بحقهم هي اتجاه إرادتهم إلى تحقيق ربح أو
منفعة للمحكوم عليه السابع بغير حق وأن يكون ذلك مردوداً إلى أصل صحيح ثابت بأوراق
الدعوى ، ودون أن يعرض برد صحيح لدفاعهم الجوهري بانتفاء ذلك الركن وتلك النية
بحقهم وما تمسكوا به تدليلاً على ذلك من حرصهم
على عرض أمر التعاقد قبل إبرامه على مجلس الوزراء مجتمعاً ، ولم يدلل الحكم
على أن ما اتخذه الطاعنون من إجراءات كان بعيداً عن الحيدة ومشوباً بعيب الانحراف
وإساءة استعمال السلطة ابتغاء غرض آخر غير ما أعطيت لهم السلطة من أجله ، هذا إلى
أن ما أثبته الحكم في سياق التدليل على جريمة الإضرار العمدى التي دين بها
الطاعنون لا يبين منه تحقق ركن الضرر المحقق المؤكد والثابت على وجه اليقين بأموال
جهة عملهم ، وذلك على الرغم من منازعة الطاعنين في توافره وما تمسكوا به من أن
تقدير الخبراء لمقدار الضرر المقال أنه لحق بأموال جهة عمل الطاعنين كان مبنياً
على افتراضات ومقارنات لا تشكل أساساً واقعياً سليماً لتحديد الضرر ومقداره ، بما
يرفع عنه وصف الضرر المحقق وينفى من ثم عن
الطاعنين توافر أركان جريمة الإضرار العمدى بالمال العام بحقهم ، ولم يعرض
الحكم لهذا الدفاع الجوهري إيراداً له ورداً عليه ، كما لم تكشف أدلة الثبوت - كما
ساقها الحكم - عن توافر هذا الركن على النحو الذى يتطلبه القانون والذى يشترط في
الضرر كركن لازم لقيام جريمة الإضرار العمدى المعاقب عليها في المادة 116 مكرراً
من قانون العقوبات أن يكون محققاً ، أي حالاً ومؤكداً لأن الجريمة لا تقوم على احتمال تحقق أحد أركانها ، والضرر الحال هو الضرر
الحقيقي سواء كان حاضراً أو مستقبلاً ، والضرر المؤكد هو الثابت على وجه
اليقين ، وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً كذلك في بيان أركان جريمة
الإضرار العمدى والتي دين بها المذكورون مدلولاً عليها بما يثبتها في حقهم طبقاً
لما توجبه المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية في كل حكم بالإدانة من وجوب بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والأدلة على
وقوعها ممن نسبت إليه مما يعيبه فوق القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال
بالإخلال بحق الدفاع ، الأمر الذى يوجب نقضه .
2- لما كان الحكم إذ عرض لما تمسك به الطاعنون في شأن
وجوب إعمال مقتضى سبب الإباحة المنصوص عليه بالمادة 63 من قانون العقوبات ، فقد
اطرحه - بعد أن أورد بعض المبادئ والتقريرات القانونية - لأسباب حاصلها أن رئيس
جهاز المخابرات العامة ليس مسئولاً عن الطاعنين أو عن متابعة سير العمل بالجهات
التي يعملون بها وأنه ليس على خط إداري واحد
معهم حتى تجب عليهم طاعته وأن ما صدر عنه للطاعن الأول لا يعدو أن يكون
رأياً أو نصيحة ، فضلاً عن أن الطاعن المذكور نفى بأقواله وجود تدخل مباشر من رئيس
الجمهورية في شأن التعاقد على بيع الغاز وتصديره ، كما أنه ما كان للطاعن الأول أن
يعرض أمر هذا التعاقد على مجلس الوزراء لعدم اختصاصه بالنظر فيه وأنه إنما استهدف
من ذلك أن يضفى شرعية كاذبة على تصرفه وباقي الطاعنين ، كما أنه أدخل الغش على
مجلس الوزراء وحجب بعض المستندات والمعلومات عنه وأن المجلس اقتصر دوره على
الموافقة على ما أعدته الهيئة .... دون أن يملك تعديله ، وخلص الحكم إلى أن ذلك
الدفاع من الطاعنين لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً ظاهر البطلان . لما كان ذلك ،
وكان من المقرر أنه وإن كانت طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات لا
تمتد بأي حالة إلى ارتكاب الجرائم وأنه ليس على
المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم أن القانون يعاقب عليه
، إلَّا أن مناط ذلك - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون الفعل
الذى قارفه المرؤوس غير مشروع في ذاته وأن تكون نية الإجرام فيه واضحة ، وإذ كان
ذلك ، وكان البيِّن من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة وكذا مما أثبته الحكم في
مدوناته أن دفاع الطاعنين قد استمسك بأن ما باشروه من إجراءات في شأن التعاقد على
بيع الغاز كان بعيداً عن مظنة الانحراف وعدم
المشروعية وأنهم قد تحروا التثبت من سلامة ما قاموا به في شأن تلك الإجراءات ،
وكان الحكم المطعون فيه - وعلى النحو المار بيانه - قد قعد عن إثبات اتجاه إرادة
الطاعنين إلى تحقيق ربح أو منفعة للمحكوم عليه السابع بغير حق ، كما لم يدلل كذلك
على قيام ركن الضرر المحقق في جريمة الإضرار العمدى وهو ما تأدى منه قصور الحكم في
التدليل على عدم مشروعية كافة الأفعال المسند للطاعنين ارتكابها وكذا قصوره في
التدليل على وضوح نية الإجرام بحقهم ، وكان ما أورده الحكم في مقام اطراحه لدفاعهم
بتوافر سبب الإباحة المستند إلى نص المادة 63 من قانون العقوبات من أن رئيس
المخابرات العامة ليس رئيساً لهم أو مسئولاً عن سير العمل بالنسبة لأى منهم وأنهم
ليسوا على خط إداري واحد معه ، لا يصلح لاطراح هذا الدفاع ، لأن هذا الذى ساقه
الحكم لا ينفى أن يكون رئيس المخابرات قد باشر دوره في شأن واقعة التعاقد على بيع
وتصدير الغاز بوصفه ممثلاً لإرادة الدولة العليا في إتمام ذلك التعاقد ، وهو ما
يصح معه تصور أن يؤدى ذلك إلى انصياع الطاعنين للسير في إجراءاته اعتقاداً منهم
بوجوب ذلك ، بما يمكن أن يوفر بحقهم شروط إعمال مقتضى المادة 63 من قانون العقوبات
، هذا فضلاً عن أن ما استرسل إليه الحكم بعد
ذلك دفعاً لدفاع الطاعنين في هذا الشأن من أن ما صدر عن رئيس المخابرات
العامة للطاعنين لا يخرج عن كونه رأياً أو نصحاً لهم لا يلتزمون بالانصياع له دون
أن يقيم الحكم الدليل على ذلك أو يستظهر كنه ذلك النصح وأثره على نفوس الطاعنين ،
وكان ما أورده كذلك من أن مجلس الوزراء غير مختص بأمر التعاقد على بيع الغاز
وتصديره وأن دوره اقتصر على الموافقة على ما انتهى إليه رأى الهيئة المصرية العامة
للبترول دون أن يملك تعديله لا يؤدى للقول بانتفاء سلطته الرئاسية على الطاعنين ،
حسبما اعتنق قضاء الحكم المطعون فيه ، بل إنه يشير إلى ما يغاير ذلك ، فضلاً عن أن
الحكم لم يبين سنده فيما اعتنقه من أن مجلس الوزراء لا يملك تعديل ما انتهى إليه
رأى الهيئة العامة للبترول رغم ما أثبته بمدوناته من أن رئيس مجلس الوزراء أحال
الأمر لمستشاريه لإبداء الرأي قبل إصدار المجلس قراره في شأنه بما يرشح للقول
بإمكان قيامه بتعديل ذلك الرأي أو رفضه إذا قام مقتضى لذلك وفقاً لما يراه
مستشاروه ، فإن كل ذلك إنما يصم الحكم بالفساد في الاستدلال الموجب لنقضه .
3- لما كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة
أن دفاع الطاعنين جميعاً قد تمسك ببطلان تقرير لجنة الخبراء للأسباب التي عددوها
بأسباب الطعن ، وطلبوا ندب لجنة أخرى متخصصة لفحص أوراق الدعوى ومستنداتها ، وكان
الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين في هذا الخصوص واطرحه لأسباب حاصلها
اطمئنان المحكمة إلى التقرير المودع أوراق الدعوى وإلى أعمال الخبراء الذين أعدوه
بعد أن اطلعوا على القوانين واللوائح والتعليمات والقرارات والعقود وكل ما أتيح
لهم في سبيل أداء مهمتهم ، بما ينفى مبرر ندب لجنة أخرى ، كما التفت الحكم - في
سياق رده على دفاع الطاعنين - عما تمسك به العضو الخامس باللجنة من تحفظات على
أعمال اللجنة ، ثم استعرض النتائج التي خلصت إليها أعمال اللجنة مسترسلاً بثقته
واطمئنانه إليها منتهياً إلى أنه " لا ينال من ذلك ما أورده الدفاع عن
المتهمين الستة الحاضرين من مطاعن سلطوها على التقرير وما قدموه من مستندات رسمية
كانت أو غير رسمية أو ما استشهدوا به من شهود نفى لم ترَ المحكمة فيها - مطاعن
كانت أو مستندات أو شهود نفى - ما يستحق التفاتها إليها ، وحسبها في ذلك أنها غير
ملتزمة بأن تتتبع المتهمين في مناحي دفاعهم
المختلفة والرد على كل شبهة يثيرونها على استقلال وأن الأدلة في المواد الجنائية
إقناعية ، ومن حق المحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما
دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي تثبت لديها من باقي الأدلة
القائمة في الدعوى ، وهى غير ملزمة - من بعد - بالرد صراحة على دفاع المتهمين
الموضوعي ؛ لأن الرد عليه مستفاد ضمناً من قضائها بإدانة المتهمين استناداً لأدلة
الثبوت التي أوردتها في حكمها ، وتلتفت المحكمة عن طلب الدفاع الحاضر عن المتهمين
الثالث والخامس ندب لجنة فنية وقانونية ومالية تتولى إعادة فحص الموضوع "0
لما كان ذلك ، وكان الثابت من أقوال الشاهدة الخامسة رئيسة لجنة الخبراء لدى
سؤالها أمام المحكمة بجلسة 10/9/2011 والجلسات التالية لها وعلى الأخص جلسة
12/2/2012 أن المستندات التي تسلمتها وباقي أعضاء اللجنة لمباشرة المأمورية لم تكن
كاملة أو كافية وأن الرأي الذى انتهت إليه اللجنة في شأن تحديد السعر العادل لبيع
الغاز وتقدير حجم الضرر كان سيتغير فيما لو كان قد عرض على اللجنة كامل تلك
المستندات والمعلومات ، فإن الدفاع المسوق من الطاعنين في هذا الشأن يعد - في صورة
الدعوى المطروحة - دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم فيها والمستمد من أقوال
شهود الإثبات وتقرير لجنة الفحص ويقوم على نفى الركنين المادي والمعنوي للجريمتين
اللتين دين بهما الطاعنون مستنداً إلى شواهد منها مستندات ومعلومات يتطلب الرجوع
إلى أهل الخبرة لتحقيق أسانيده ، ومن ثم فهو دفاع قد ينبني عليه - لو صح - تغير
وجه الرأي في الدعوى ، يؤازره ما شهدت به رئيسة اللجنة على النحو السالف الإشارة
إليه ، مما كان يقتضي من المحكمة وهى تواجهه أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقه
بلوغاً إلى غاية الأمر فيه عن طريق المختصين فنياً ، أما وهى لم تفعل واكتفت
بالإحالة إلى أقوال شهود الإثبات وتقرير لجنة الفحص دون أن تقسط هذا الدفاع حقه
رغم جوهريته ودون أن تعنى بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ، واقتصرت في هذا
الشأن على ما أوردته في حكمها لاطراح ذلك الدفاع من أسباب لا تؤدى إلى النتيجة
التي رتبت عليها ، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال ، هذا
فضلاً عن أن الطاعنين قد أشاروا بأسباب طعنهم إلى أن المحكمة التفتت عن المستندات المقدمة منهم والتي تمسكوا بدلالتها على نفى
الاتهام المسند إليهم ، وكان الحكم وإن أشار إلى تلك المستندات إلَّا أنه
لم يعْن ببحثها ولم يبد رأياً في مدلولها وفى صحة دفاع الطاعنين المستند إليها بل
اجتزأت المحكمة الرد على ذلك كله بعبارة عامة
مجملة بما أوردته في حكمها على نحو ما سلف بيانه ، فضلاً عن أنه وإن كان من المقرر
أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة ، إلَّا أنه يتعين
عليها أن تورد في حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه
يفصح عن أنها قد فطنت إليها ووازنت بينها ، بما يضحى معه الحكم المطعون فيه - فوق
قصوره في التسبيب وفساده في الاستدلال – معيباً بالإخلال بحق الدفاع ، فضلاً عما
ينبئ عنه ذلك من أن الواقعة لم تكن واضحة لدى المحكمة بالقدر الذى يؤمن معه
خطؤها في تقدير مسئولية الطاعنين بما يوجب نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعنين
جميعاً عدا المحكوم عليه السابع الذى صدر الحكم غيابياً بحقه ، وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر باقي أوجه
الطعن الأخرى المقدمة من الطاعنين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر سبق الحكم عليهم
بأنهم :-
أولاً:- المتهم
الأول : بصفته مكلفاً من الحكومة المصرية
بالمفاوضة مع حكومة أجنبية في شأن من شئون الدولة تعمد إجراءها ضد مصلحتها ،
بأن كلف من مجلس الوزراء المصري بالتفاوض مع حكومة دولة .... بشأن تصدير الغاز
الطبيعي المصري إليها فأجرى التفاوض مع وزير البنية التحتية .... على نحو يضر
بمصلحة البلاد ، بأن وقع معه مذكرة تفاهم بقبول الحكومة المصرية تصدير الغاز
الطبيعي لـ .... وفقاً لبنود التعاقد التي تم إبرامه بين الهيئة المصرية العامة
للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعة وشركة .... للغاز وشركة كهرباء
.... التي تقضى بتصدير الغاز لمدة خمسة عشر عاماً قابلة لمدها خمس سنوات أخرى
بموافقة منفردة من الأطراف الأخرى للعقد وبأسعار متدنية لم يجاوز حدها الأدنى
تكلفة الإنتاج ولا يتناسب حدها الأقصى مع الأسعار السائدة عالمياً ، وثبات أسعار
البيع رغم طول أمد التعاقد وفرض شروط جزائية على الجانب المصري وحده لضمان تنفيذ
التزاماته دون ضمان حقوقه . ثانياً:ـ المتهمون من الأول حتى السادس : بصفتهم
موظفين عموميين " الأول وزير البترول والثاني نائب رئيس الهيئة المصرية
العامة للبترول للإنتاج والثالث نائب رئيس الهيئة المصرية العامة للبترول لمعالجة
وتصنيع الغازات والرابع نائب رئيس الهيئة المصرية العامة للبترول للتخطيط والخامس
رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية والسادس رئيس مجلس إدارة
الهيئة المصرية العامة للبترول " حصلوا لغيرهم دون حق على منفعة من عمل من
أعمال وظائفهم بأن وافق المتهم الأول على التفاوض والتعاقد المشار إليه في التهمة
السابقة وآخر مماثل مع شركة .... للغاز التي يمثلها المتهم السابع على بيع وتصدير
الغاز الطبيعي المصري إلى دولة .... بالأمر
المباشر ودون اتباع الإجراءات القانونية الصحيحة وبسعر متدن لا يتناسب مع تكلفة
إنتاجه ولا يتفق والأسعار العالمية السائدة وقام المتهمون من الثاني حتى الرابع
بتحديد الأسعار المتدنية الواردة بالعقدين وقام المتهمون من الثاني حتى الرابع
بتحديد الأسعار المتدنية الواردة بالعقدين وقام المتهمان الخامس والسادس بإبرام
العقدين بالشروط المجحفة بحقوق الجانب المصري التي تضمنت ثباتاً لذلك السعر
المتدني طوال فترة التعاقد البالغة خمسة عشر عاماً القابلة إلى مدها خمس سنوات
أخرى بموافقة منفردة من الأطراف الأخرى وبشروط جزائية على الجانب المصري وحده ودون
مراعاة لأى ضمانات لحقوقه ، وكان ذلك بقصد تظفير المتهم السابع بمنفعة دون حق
تمثلت في إتمام التعاقد بالشروط التي تحقق مصالحه والفارق بين السعر المتفق عليه
والسعر السائد وقت التفاوض والبالغ قيمته 2,003,319,675 دولار أمريكي ( مليارين
وثلاثة ملايين وثلاثمائة وتسعة عشر ألفاً وستمائة وخمسة وسبعين دولاراً ) وفقاً
لمقدار مساهمته في رأس مال الشركة سالفة البيان . ثالثاً: بصفتهم السابقة أضروا
عمداً بأموال ومصالحة جهة عملهم إضراراً جسيماً بأن ارتكبوا الجناية موضوع التهمة
السابقة مما أضر بالمال العام بمبلغ 714,089,997,86 دولار أمريكي " سبعمائة
وأربعة عشر مليوناً وتسعة وثمانين ألفاً وتسعمائة وسبعة وتسعين دولاراً أمريكياً
وستة وثمانين سنتاً " قيمة الفارق بين سعر كميات الغاز الطبيعي التي تم بيعها
فعلاً بموجب هذا التعاقد وبين الأسعار العالمية السائدة في ذلك الوقت وذلك على
النحو الوارد بالتحقيقات . رابعاً:- المتهم السابع : اشترك بطريقي الاتفاق
والمساعدة مع باقي المتهمين في ارتكاب الجريمتين محل البند ثانياً وكان ذلك بأن
اتفق معهم على ارتكابها واتحدت إرادته معهم على ذلك وساعدهم بأن قدم إلى المتهم
الأول طلباً برغبته في التعاقد مع الهيئة المصرية العامة للبترول على شراء الغاز
الطبيعي المصري بغرض تصديره إلى دولة .... فوافق المتهم الأول على التعاقد معه
بالأمر المباشر وبسعر متدنٍ حدده المتهمون من الثاني إلى الرابع وبشروط تعاقدية
مجحفة أبرمها المتهمان الخامس والسادس دون مراعاة أية ضمانات للجانب المصري فوقعت
الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة وعلى النحو الوارد بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهم
طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة
المذكورة قضت حضورياً للأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس وغيابياً
للسابع عملاً بالمواد40/ثانياً وثالثاً ، 41/1 ، 115 ، 116 مكرراً /1 ، 118 ، 119/ بند أ ، ب ، 119 مكرراً / بند أ من قانون
العقوبات ، مع إعمال حكم المادة 32 من ذات القانون . أولاً:- بمعاقبة
المتهم/ .... بالسجن المشدد خمسة عشر عاماً وبعزله من وظيفته وذلك عما أسند إليه
من التهمتين الثانية والثالثة وببراءته من التهمة الأولى . ثانياً:- بمعاقبة كل من
المتهمين/ .... و.... و.... بالسجن المشدد سبع سنين وبعزله من وظيفته وذلك عما
أسند إليه . ثالثاً:- بمعاقبة المتهم/ .... بالسجن المشدد عشر سنين وبعزله من
وظيفته وذلك عما أسند إليه . رابعاً:- بمعاقبة المتهم / .... بالسجن المشدد ثلاث
سنين وبعزله من وظيفته وذلك عما أسند إليه . خامساً:- بمعاقبة المتهم / ....
بالسجن المشدد خمسة عشر عاماً وذلك عما أسند إليه . سادساً :- بتغريم المتهمين
جميعهم متضامنين مبلغ مليارين وثلاثة ملايين وثلاثمائة وتسعة عشر ألفاً وستمائة
وخمسة وسبعين دولاراً أمريكياً مقدرة بالعملة المصرية بتاريخ 31/1/2011 وألزمتهم
متضامنين برد مبلغ أربعمائة وتسعة وتسعين مليوناً وثمانمائة واثنين وستين ألفاً
وتسعمائة وثمانية وتسعين دولاراً أمريكياً وخمسين سنتاً مقدرة بالعملة المصرية في
31/1/2011 . ثامناً :- بعدم قبول الدعاوى المدنية جميعها وألزمت رافع كل منها
مصروفاتها شاملة مقابل أتعاب المحاماة .
فطعن
المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه
إذ دانهم بجريمتي الحصول للغير (المحكوم عليه الأخير) بغير حق على ربح من أعمال
وظائفهم والإضرار العمدى بأموال جهة عملهم قد شابه القصور في التسبيب والفساد في
الاستدلال والإخلال بحق الدفاع كما أخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه لم يدلل
تدليلاً سائغاً وكافياً على توافر أركانهما بحقهم ، كما لم يستظهر على نحو كاف
علاقة السببية بين ما نسب إليهم من أفعال وبين حصول الغير على ربح وما لحق جهة
عملهم من ضرر ، وتساند الحكم في إدانة الطاعنين عن هاتين الجريمتين إلى أقوال
مجملة مرسلة لشهود الإثبات لم تقطع بثبوت أركانهما بحقهم ورغم أن تلك الأقوال لم
تحدد بدليل علمي صحيح كيفية تحديد سعر الغاز الذى كان محلاً للتعاقد ، وضرب الحكم
صفحاً عما تمسك به دفاع الطاعنين في هذا الخصوص كما أشاح عما اعتصموا به من انتفاء
القصد الجنائي بحقهم وأنهم قد تحروا التزام حكم
القانون والمصلحة العامة فيما قاموا به من إجراءات بدلالة عرض أمر التعاقد وأسعار بيع الغاز على مجلس الوزراء مجتمعاً
وموافقته بالإجماع عليه ، وهو إجراء استهدف التيقن من سلامة ذلك التعاقد
بيد أن الحكم صرف دلالته عن ذلك إلى قول مرسل بأن الطاعن الأول ابتغى من وراء ذلك
إسباغ المشروعية على نشاطه الإجرامي هو وباقي الطاعنين ، كذلك فقد دان الحكم
الطاعنين عن جريمة الإضرار العمدى رغم أن الضرر الذى قيل أنه لحق بجهة عملهم غير
محقق ، واطرح الحكم - في ذات السياق - برد غير سائغ ما قام عليه دفاع الطاعنين
وعلى الأخص الطاعن الأول من توافر سبب الإباحة المنصوص عليه في المادة 63 من قانون
العقوبات بحسبان أن ما قاموا به في شأن التعاقد على بيع الغاز إلى الشركة التي
يمثلها المحكوم عليه السابع إنما كان إطاعة لرؤسائهم ، إذ تم ذلك استجابة لأوامر
رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء وجهاز المخابرات العامة مجتمعين بحسبان أن التعاقد
على تصدير الغاز لـ .... كان إعمالاً لاتفاقيات دولية ومرتبطاً بمصالح عليا للدولة
ومتصلاً بالأمن القومي ، مدللين على ذلك بما شهد به كل من رئيس مجلس الوزراء ورئيس
المخابرات العامة السابقين في هذا الخصوص فضلاً عن صدور القرار بالموافقة على
تصدير الغاز من مجلس الوزراء بالإجماع ، ودفع الطاعنون ببطلان تقرير اللجنة
المنتدبة من النيابة العامة والنتيجة التي انتهت إليها لاعتمادها على بيانات
ومعلومات غير مؤكدة فضلاً عن افتقار أعضائها للخبرة الفنية المتخصصة اللازمة
لإبداء الرأي في المهام موضوع الفحص ، إذ حدد تقرير اللجنة القدر الذى تربحه المحكوم
عليه الأخير بطريق الافتراض اعتماداً على ما كان يفترض أن يتربحه خلال مدة التعاقد
البالغة خمسة عشر عاماً دون أن يعنى بحساب ما تربحه فعلياً عن مدة تنفيذ العقد
والتي لم تتجاوز الفترة من 1/8/2008 حتى 1/11/2011 ، كما لم يراع أثر ما تم من
تعديل لسعر الغاز بالزيادة بأثر رجعى بما كان يتعين أن يؤخذ بعين الاعتبار عند
تحديد قدر ما تربحه ذلك المحكوم عليه ، وأغفل كذلك أثر تخارجه من الشركة المصدرة
في 4/2/2008 ولم يحدد نسبة مشاركته في رأس مال تلك الشركة وأثرها على ما انتهت
إليه اللجنة من تحديد لمقدار الربح الذى خلص التقرير إلى حصوله عليه ، كما لم
يتفطن الحكم إلى أن تقدير الخبراء لمقدار الضرر الذى لحق بجهة عمل الطاعنين كان
بدوره مبنياً على محض افتراضات ومقارنات لا تشكل أساساً واقعياً سليماً لتحديد
الضرر ومقداره ، ولم يلق الحكم بالاً لكافة تلك الاعتراضات التي تمسك بها الطاعنون
طعناً على أعمال تلك اللجنة مطرحاً إياها برد غير سائغ ، كما لم يفطن لدلالة ما تمسك به أحد أعضاء اللجنة من اعتراضات
فنية وتحفظات على طريقة مباشرة المأموريـــة ، وأعرض عما قدمه الطاعنون من
مستندات للمحكمة تمسكوا بدلالتها على نفى حصول الجريمتين المسندتين إليهم أقرت
رئيسة لجنة الفحص أمام المحكمة بجلسة 12/2/2012 بأنها لم يسبق لها الاطلاع عليها
وأن الرأي الفني الذى خلصت إليه لجنة الخبراء وتقديرها لأسعار الغاز كان سيتغير
فيما لو كان قد تم الاطلاع على تلك المستندات قبل إعداد التقرير ، وطلب الطاعنون -
على نحو جازم - إعادة مباشرة المأمورية وندب لجنة فنية لفحص المستندات المشار
إليها بيد أنها التفتت عن طلبهم وأطرحته بما
لا يصلح اطراحه به رغم جوهريته ، وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون
فيه قد دان الطاعنين بالجريمتين المنصوص عليهما بالمادتين 115 ، 116 مكرراً "أ" من قانون العقوبات ، وقد جرى
نص المادة الأولى منهما على أن " كل موظف عام حصل أو حاول أن يحصل لنفسه أو
حصل أو حاول أن يحصل لغيره بدون حق على ربح أو منفعة من أعمال وظيفته يعاقب
بالأشغال الشاقة المؤقتة " ، مما مفاده
أن يكون الجاني موظفاً عاماً بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من قانون
العقوبات ، وأن يؤدى عملاً من أعمال وظيفته المختص بها مجرداً من الحيدة
ومشوباً بعيب الانحراف وإساءة استعمال سلطة وظيفته أو أن يفرِّط في مقتضيات الحرص
على المال العام أو المنفعة العامة أو المال المملوك للأفراد والموضوع تحت يد جهة
عمله مما يمس نزاهة الوظيفة ، وأن يأتي هذه الأفعال مبتغياً غرضاً آخر غير ما
أعطيت له السلطة من أجله ، هو حصوله أو محاولة حصوله لنفسه على ربح أو منفعة من
أعمال وظيفته بحق أو بغير حق أو أن يحصل أو يحاول الحصول لغيره على ربح أو منفعة
بغير حق وأن يتوافر لديه بجانب القصد الجنائي العام نية خاصة هي اتجاه إرادته إلى
تحقيق ربح أو منفعة لنفسه أو لغيره بغير حق ، كما أنه من المقرر أن إعمال حكم
المادة 116 مكرراً "أ" يتطلب توافر أركان ثلاثة : الأول هو صفة الجاني وهو أن يكون موظفاً عمومياً بالمعنى
الوارد في المادة 111 من قانون العقوبات ، والثاني هو الإضرار بالأموال
والمصالح المعهودة إلى الموظف ، والثالث هو القصد الجنائي وهو اتجاه إرادة الجاني
إلى الإضرار بالمال أو المصلحة ، كما يشترط في الضرر كركن لازم لقيام جريمة
الإضرار العمدى المنصوص عليها في المادة سالفة الذكر أن يكون محققاً أي حالاً
ومؤكداً . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أن مفاد ما
أورده - سواء في معرض بيانه لواقعة الدعوى أو عند إيراده لأدلة الثبوت فيها - أنه استند في قضائه بالإدانة إلى أن
الشركة التي يمثلها المحكوم عليه السابع كانت قد خاطبت الطاعن الأول بصفته
وزيراً للـبترول بتاريخ 2/4/2000 وأشارت في خطابها إلى إقرار الترخيص بإنشائها
وإلى صدور توجيهات بتكليفها بتصدير الغاز إلى كل من .... و.... ، واقترحت الشركة
في خطابها سعراً للغاز قدره دولار أمريكي ونصف الدولار لكل مليون وحدة حرارية
بريطانية ، كما طلبت أن تساهم الهيئة العامة للبترول في رأس مالها بنسبة عشرة
بالمائة ، وقد عرض الخطاب على رئيس مجلس إدارة الهيئة المذكورة الذى وافق عليه
وكلف كلاً من الطاعنين الثاني والثالث والرابع بإعداد مذكرة للعرض على مجلس
الإدارة ، فأعد المذكورون مذكرة أشاروا فيها إلى حجم الاحتياطي المُنمى والمُرجح
من الغاز في مصر وحجم الغاز الذى تحتاجه البلاد محلياً حتى سنة 2025 ، وخلصوا إلى
الموافقة على الطلب المعروض من الشركة سالفة
الذكر على سند من أن تصدير الغاز المصري يشكل ضرورة تحقق مصلحة قومية عددوا أوجهها
، وإذ عرضت المذكرة - بما خلصت إليه - على مجلس إدارة الهيئة باجتماعه
بتاريخ 12/4/2000 فقد وافق على ما جاء بخطاب الشركة سالفة الذكر مع ربط سعر تصدير
الغاز بسعر خام برنت ، واعتمد الطاعن الأول قرار المجلس مع الطلب العرض على المجلس
لاتخاذ القرار المناسب وتحديد فترة توريد الغاز ، واستخلص الحكم من ذلك أن الطاعن
الأول قد أصدر أمراً مباشراً بالبيع للشركة بالمخالفة للمادة الرابعة من لائحة
نشاط الأعمال التجارية للهيئة العامة للبترول واجبة الإعمال دون قانون المناقصات
والمزايدات وفقاً لفتوى صدرت عن مجلس الدولة في هذا الشأن ، وتقضى هذه اللائحة
بعدم تصدير الغاز الطبيعي بالأمر المباشر إلَّا في حالات الضرورة وبالأسعار التي
توصى بها لجنة البت ويوافق عليها وزير البترول ، واستطرد الحكم أن الطاعن الخامس
أرسل خطاباً إلى رئيس شركة كهرباء .... بتاريخ 24/5/2000 تضمن تعهداً بإمداد
الشركة بكميات الغاز التي يتم التعاقد عليها بين الشركة التي يمثلها المحكوم عليه
السابع وبين المستوردين .... ، وأتبع ذلك قيام المحكوم عليه سالف الذكر بإرسال
خطاب ثان بتاريخ 17/9/2000 إلى الطاعن الخامس يعدل فيه عما جاء بخطابه الأول
المؤرخ 2/4/2000 في شأن مقدار السعر المعروض لشراء الغاز طالباً ربط سعر تصديره
بمعادلة سعرية مرتبطة بأسعار الخام العالمي برنت والجازولين والسولار بحد أدنى 75
سنت لكل مليون وحدة حرارية بريطانية وبحد أقصى 1.25 دولار أمريكي بحسبان أن ذلك
السعر هو الذى يتناسب مع الأسعار العالمية بالسوق ، فقام الطاعن الخامس بتكليف
نائبه الطاعن الثالث بإعداد مذكرة انتهى فيها إلى اعتماد السعر الأخير المقترح من
الشركة التي يمثلها المحكوم عليه السابع مع تعديل سعر الحد الأقصى ليصل إلى 1.5
دولار في حالة وصول سعر خام برنت إلى أكثر من أربعة وثلاثين دولاراً زيدت بعد ذلك
إلى خمسة وثلاثين دولاراً ، وعلى أن يتم التوريد لمدة خمسة عشر عاماً دون تحديد
للكمية ، وقد أعقب ذلك انعقاد لمجلس إدارة الهيئة بتاريخ 17/9/2000 برئاسة الطاعن
الخامس وعضوية الطاعنين الثاني والثالث والرابع وآخرين قام باستعراض المذكرة
الأخيرة ووافق عليها ، وبعرض قرار المجلس على الطاعن الأول لاعتماده فقد رفض في
البداية وطلب عرض بدائل أخرى ، بيد أنه عاد واعتمده بذات التاريخ بعد أن قدم له
الطاعنون الثاني والثالث والرابع مذكرة أخرى انتهت إلى ذات ما خلصت إليه المذكرة
التي كان قد تقدم بها الطاعن الثالث بمفرده وحددوا حجم الغاز المزمع تصديره بسبعة
بلايين متر مكعب ، وأثبت المذكورون بمذكرتهم - على خلاف الحقيقة - أن السعر
المقترح منهم لتصدير الغاز من شأنه أن يحقق ميزة سعرية لمصر ، وقد اعتمد الطاعن
الأول قرار المجلس رغم تدنى السعر المطروح ورغم تعارض هذا القرار مع المذكرة التي
سبق وأن أعدها ذات الطاعنين وصدر بناء عليها القرار الذى أصدرته الهيئة في
12/4/2000 في شأن سعر تصدير الغاز وكذا تعارضه مع الدراسة التي قدمت في شأن تقدير
احتياطي الغاز في مصر وتكلفة إنتاجه والتي تستوجب الارتفاع بسعر تصدير الغاز عن
الحد الذى خلصت إليه مذكرة الطاعنين من الثاني حتى الرابع ، وهى الدراسة التي
استبعدها الطاعن الأول اعتراضاً منه على الأسلوب الذى تم به احتساب قيمة تكلفة
الإنتاج ، رغم ما انتهت إليه تلك الدراسة من أن متوسط تلك التكلفة يبلغ حوالى
دولاراً ونصف الدولار للمليون وحدة حرارية بريطانية عند سعر 18 دولاراً لبرميل خام
برنت ويزيد بقدر زيادة سعر الأخير ، وأضاف الحكم أنه ورغبة من الطاعن الأول في
إضفاء الشرعية على خطته فقد قام بعرض الأمر على مجلس الوزراء رغم أن القانون لا
يوجب ذلك ، فأصدر المجلس قراره في 18/9/2000 بالموافقة على قيام الهيئة المصرية
العامة للبترول ببيع الغاز إلى الشركة التي يمثلها المحكوم عليه السابع بهدف أن
تقوم تلك الشركة بتصديره للأسواق المستهلكة بمنطقة البحر المتوسط وأوروبا ،
واستطرد الحكم أنه وفى ذات السياق ولكى يضفى الطاعنون مزيداً من الشرعية على ما
قاموا به من إجراءات ، فقد قام الطاعن بتحرير مذكرة عرضت على مجلس إدارة الهيئة العامة
للبترول باجتماعه بتاريخ 12/10/2000 استعرض فيها ما تضمنته المذكرتان اللتان عرضتا
على المجلس بجلستيه في 12/4 ، 17/9/2000 ، وبعد المناقشة أصدر مجلس الإدارة قراره
في ذات الجلسة بالموافقة على ما ورد بالمذكرة المؤرخة 17/9/2000 واعتمد الطاعن
الأول بصفته وزيراً للبترول آنذاك قرار المجلس وفى ذات التاريخ ، وقام بعد ذلك
الطاعن السادس وفى تاريخ 10/9/2003 بإرسال خطاب إلى شركة كهرباء .... يؤكد فيه ما
ورد بخطاب الهيئة السابق لتلك الشركة والمؤرخ 24/5/2000 ثم أصدر الطاعن الأول لكل
من الطاعنين الخامس والسادس تفويضاً في 26/1/2004 بإنهاء إجراءات التعاقد الذى تم
في 13/6/2005 مع شركة .... لتصدير الغاز إلى الشركات الواقعة في منطقة البحر
الأبيض المتوسط وأوروبا بما فيها شركة كهرباء .... ، وذلك في إطار قرار مجلس الوزراء
المتضمن الأسعار والاشتراطات ومع مراعاة القوانين والقرارات واللوائح المنظمة
وضمان ما يحفظ حقوق الجانب المصري ، ثم وبعد ذلك بحوالي خمسة أشهر أصدر الطاعن
الأول قراراً آخر بتفويض الطاعنين المذكورين في التوقيع على عقدي البيع والضمان
دون أن يولى اهتماماً بتحرك أسعار الغاز وزيادتها وأن موقفه التفاوضي مع .... كان يسمح له بالتفاوض على سعر أعلى ، وهو علم توافر
أيضاً لدى كل من الطاعنين الخامس والسادس ، وكذلك دون تضمين التعاقد حكماً
يسمح بالمراجعة الدورية لسعر الغاز ، كما تضمن العقد أحكاماً مجحفة بالجانب المصري
تمثلت في التزامه بتوريد سبعة بلايين متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً حال أن
الشركة التي يمثلها المحكوم عليه السابع لا تلتزم سوى بشراء أكثر من ثلاثين
بالمائة مما التزم به الجانب المصري ، كما ضمَّن الطاعنان الخامس والسادس العقد
شروطاً جزائية على الجانب المصري أشد وطأة من تلك التي تتحملها الشركة في حالة
إخفاق أي منهما في التزاماته العقدية ، ولم يعْن المذكوران بعدم وجود خطاب ضمان
يضمن للجانب المصري حقوقه المالية المتولدة عن الاتفاق إذا توقفت الشركة عن سداد
ما هو مستحق عليها ، واستخلص الحكم من جماع ما تقدم أن نية الطاعنين جميعاً قد انصرفت إلى تربيح المحكوم عليه السابع بمنافع غير
مستحقة والإضرار العمدى بالمال العام . وحيث إنه لما كان الشارع يوجب في
المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بُنى
عليها وإلَّا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبنى
هو عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ، ولكي يحقق الغرض
منه يجب أن يكون في بيان مفصل جلى بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به ، أما
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده
الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يُمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق
القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم ، كما أنه من المقرر أن الأحكام يجب
أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذى يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن
والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه
- على نحو ما سلف إيراده - قد شابه الغموض والإبهام في بيانه لواقعة الدعوى
المستوجبة للعقوبة ، إذ دان الطاعنين دون أن يستظهر مهام الأعمال المنوطة بكل منهم
، ببيان ماهيتها وطبيعتها وكنهها وقوفاً على تحديد الصلة ما بين ذات فعل حصول
المحكوم عليه السابع على الربح وبين أعمال الوظيفة المسندة إلى الطاعنين من واقع
اللوائح والقرارات والمنشورات التنظيمية ، كما لم يعْن باستظهار توافر الركن
المعنوي في حقهم عن تلك الجريمة بإثبات - بجانب القصد الجنائي العام - توافر نية
خاصة بحقهم هي اتجاه إرادتهم إلى تحقيق ربح أو منفعة للمحكوم عليه السابع بغير حق
وأن يكون ذلك مردوداً إلى أصل صحيح ثابت بأوراق الدعوى ، ودون أن يعرض برد صحيح
لدفاعهم الجوهري بانتفاء ذلك الركن وتلك النية بحقهم وما تمسكوا به تدليلاً على ذلك
من حرصهم على عرض أمر التعاقد قبل إبرامه على مجلس الوزراء مجتمعاً ، ولم يدلل
الحكم على أن ما اتخذه الطاعنون من إجراءات كان بعيداً عن الحيدة ومشوباً بعيب
الانحراف وإساءة استعمال السلطة ابتغاء غرض آخر غير ما أعطيت لهم السلطة من أجله ،
هذا إلى أن ما أثبته الحكم في سياق التدليل على جريمة الإضرار العمدى التي دين بها
الطاعنون لا يبين منه تحقق ركن الضرر المحقق المؤكد والثابت على وجه اليقين بأموال
جهة عملهم ، وذلك على الرغم من منازعة الطاعنين في توافره وما تمسكوا به من أن
تقدير الخبراء لمقدار الضرر المقال أنه لحق بأموال جهة عمل الطاعنين كان مبنياً
على افتراضات ومقارنات لا تشكل أساساً واقعياً سليماً لتحديد الضرر ومقداره ، بما
يرفع عنه وصف الضرر المحقق وينفى من ثم عن
الطاعنين توافر أركان جريمة الإضرار العمدى بالمال العام بحقهم ، ولم يعرض
الحكم لهذا الدفاع الجوهري إيراداً له ورداً عليه ، كما لم تكشف أدلة الثبوت - كما
ساقها الحكم - عن توافر هذا الركن على النحو الذى يتطلبه القانون والذى يشترط في
الضرر كركن لازم لقيام جريمة الإضرار العمدى المعاقب عليها في المادة 116 مكرراً
من قانون العقوبات أن يكون محققاً ، أى حالاً ومؤكداً لأن الجريمة لا تقوم على
احتمال تحقق أحد أركانها ، والضرر الحال هو الضرر الحقيقي سواء كان حاضراً أو مستقبلاً
، والضرر المؤكد هو الثابت على وجه اليقين ، وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه يكون
قاصراً كذلك في بيان أركان جريمة الإضرار العمدى والتي دين بها المذكورون مدلولاً
عليها بما يثبتها في حقهم طبقاً لما توجبه
المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية في كل حكم بالإدانة من وجوب بيان الواقعة
المستوجبة للعقوبة والأدلة على وقوعها ممن نسبت إليه مما يعيبه فوق القصور في
التسبيب والفساد في الاستدلال بالإخلال بحق الدفاع ، الأمر الذى يوجب نقضه . لما
كان ذلك ، وكان الحكم إذ عرض لما تمسك به الطاعنون في شأن وجوب إعمال مقتضى سبب
الإباحة المنصوص عليه بالمادة 63 من قانون العقوبات ، فقد اطرحه - بعد أن أورد بعض
المبادئ والتقريرات القانونية - لأسباب حاصلها أن رئيس جهاز المخابرات العامة ليس
مسئولاً عن الطاعنين أو عن متابعة سير العمل بالجهات التي يعملون بها وأنه ليس على
خط إداري واحد معهم حتى تجب عليهم طاعته وأن ما صدر عنه للطاعن الأول لا يعدو أن
يكون رأياً أو نصيحة ، فضلاً عن أن الطاعن المذكور نفى بأقواله وجود تدخل مباشر من
رئيس الجمهورية في شأن التعاقد على بيع الغاز وتصديره ، كما أنه ما كان للطاعن
الأول أن يعرض أمر هذا التعاقد على مجلس الوزراء لعدم اختصاصه بالنظر فيه وأنه
إنما استهدف من ذلك أن يضفى شرعية كاذبة على تصرفه وباقي الطاعنين ، كما أنه أدخل
الغش على مجلس الوزراء وحجب بعض المستندات والمعلومات عنه وأن المجلس اقتصر دوره
على الموافقة على ما أعدته الهيئة المصرية العامة للبترول دون أن يملك تعديله ،
وخلص الحكم إلى أن ذلك الدفاع من الطاعنين لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً ظاهر
البطلان . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه وإن كانت طاعة الرئيس بمقتضى المادة
63 من قانون العقوبات لا تمتد بأي حالة إلى ارتكاب الجرائم وأنه ليس على المرؤوس
أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم أن القانون يعاقب عليه ، إلَّا
أن مناط ذلك - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون الفعل الذى قارفه المرؤوس
غير مشروع في ذاته وأن تكون نية الإجرام فيه واضحة ، وإذ كان ذلك ، وكان البيِّن
من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة وكذا مما أثبته الحكم في مدوناته أن دفاع الطاعنين
قد استمسك بأن ما باشروه من إجراءات في شأن التعاقد على بيع الغاز كان بعيداً عن
مظنة الانحراف وعدم المشروعية وأنهم قد تحروا التثبت من سلامة ما قاموا به في شأن
تلك الإجراءات ، وكان الحكم المطعون فيه - وعلى النحو المار بيانه - قد قعد عن
إثبات اتجاه إرادة الطاعنين إلى تحقيق ربح أو منفعة للمحكوم عليه السابع بغير حق ،
كما لم يدلل كذلك على قيام ركن الضرر المحقق في جريمة الإضرار العمدى وهو ما تأدى
منه قصور الحكم في التدليل على عدم مشروعية كافة الأفعال المسند للطاعنين ارتكابها
وكذا قصوره في التدليل على وضوح نية الإجرام بحقهم ، وكان ما أورده الحكم في مقام
اطراحه لدفاعهم بتوافر سبب الإباحة المستند إلى نص المادة 63 من قانون العقوبات من
أن رئيس المخابرات العامة ليس رئيساً لهم أو مسئولاً عن سير العمل بالنسبة لأى
منهم وأنهم ليسوا على خط إداري واحد معه ، لا يصلح لاطراح هذا الدفاع ، لأن هذا
الذى ساقه الحكم لا ينفي أن يكون رئيس المخابرات قد باشر دوره في شأن واقعة التعاقد
على بيع وتصدير الغاز بوصفه ممثلاً لإرادة الدولة العليا في إتمام ذلك التعاقد ،
وهو ما يصح معه تصور أن يؤدى ذلك إلى انصياع الطاعنين للسير في إجراءاته اعتقاداً
منهم بوجوب ذلك ، بما يمكن أن يوفر بحقهم شروط
إعمال مقتضى المادة 63 من قانون العقوبات ، هذا فضلاً عن أن ما استرسل إليه
الحكم بعد ذلك دفعاً لدفاع الطاعنين في هذا الشأن من أن ما صدر عن رئيس المخابرات
العامة للطاعنين لا يخرج عن كونه رأياً أو نصحاً لهم لا يلتزمون بالانصياع له دون
أن يقيم الحكم الدليل على ذلك أو يستظهر كنه ذلك النصح وأثره على نفوس الطاعنين ،
وكان ما أورده كذلك من أن مجلس الوزراء غير مختص بأمر التعاقد على بيع الغاز
وتصديره وأن دوره اقتصر على الموافقة على ما انتهى إليه رأى الهيئة المصرية العامة
للبترول دون أن يملك تعديله لا يؤدى للقول بانتفاء سلطته الرئاسية على الطاعنين ،
حسبما اعتنق قضاء الحكم المطعون فيه ، بل إنه يشير إلى ما يغاير ذلك ، فضلاً عن أن
الحكم لم يبين سنده فيما اعتنقه من أن مجلس الوزراء لا يملك تعديل ما انتهى إليه
رأى الهيئة المصرية العامة للبترول رغم ما أثبته بمدوناته من أن رئيس مجلس الوزراء
أحال الأمر لمستشاريه لإبداء الرأي قبل إصدار المجلس قراره في شأنه بما يرشح للقول
بإمكان قيامه بتعديل ذلك الرأي أو رفضه إذا قام مقتضى لذلك وفقاً لما يراه مستشاروه ، فإن كل ذلك إنما يصم الحكم بالفساد في
الاستدلال الموجب لنقضه . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محاضر جلسات
المحاكمة أن دفاع الطاعنين جميعاً قد تمسك ببطلان تقرير لجنة الخبراء للأسباب التي
عددوها بأسباب الطعن ، وطلبوا ندب لجنة أخرى متخصصة لفحص أوراق الدعوى ومستنداتها
، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين في هذا الخصوص واطرحه لأسباب
حاصلها اطمئنان المحكمة إلى التقرير المودع أوراق الدعوى وإلى أعمال الخبراء الذين
أعدوه بعد أن اطلعوا على القوانين واللوائح والتعليمات والقرارات والعقود وكل ما
أتيح لهم في سبيل أداء مهمتهم ، بما ينفى مبرر ندب لجنة أخرى ، كما التفت الحكم -
في سياق رده على دفاع الطاعنين - عما تمسك به العضو الخامس باللجنة من تحفظات على
أعمال اللجنة ، ثم استعرض النتائج التي خلصت إليها أعمال اللجنة مسترسلاً بثقته واطمئنانه إليها منتهياً إلى أنه " لا
ينال من ذلك ما أورده الدفاع عن المتهمين الستة الحاضرين من مطاعن سلطوها
على التقرير وما قدموه من مستندات رسمية كانت أو غير رسمية أو ما استشهدوا به من
شهود نفى لم ترَ المحكمة فيها - مطاعن كانت أو مستندات أو شهود نفى - ما يستحق
التفاتها إليها ، وحسبها في ذلك أنها غير ملتزمة بأن تتتبع المتهمين في مناحي دفاعهم المختلفة والرد على كل شبهة يثيرونها على
استقلال وأن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، ومن حق المحكمة أن تلتفت
عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع
الحقيقة التي تثبت لديها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وهى غير ملزمة - من
بعد - بالرد صراحة على دفاع المتهمين الموضوعي ؛ لأن الرد عليه مستفاد ضمناً من
قضائها بإدانة المتهمين استناداً لأدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ، وتلتفت
المحكمة عن طلب الدفاع الحاضر عن المتهمين الثالث والخامس ندب لجنة فنية وقانونية
ومالية تتولى إعادة فحص الموضوع " . لما كان ذلك ، وكان الثابت من أقوال
الشاهدة الخامسة رئيسة لجنة الخبراء لدى سؤالها أمام المحكمة بجلسة 10/9/2011
والجلسات التالية لها وعلى الأخص جلسة 12/2/2012 أن المستندات التي تسلمتها وباقي
أعضاء اللجنة لمباشرة المأمورية لم تكن كاملة أو كافية وأن الرأي الذى انتهت إليه
اللجنة في شأن تحديد السعر العادل لبيع الغاز وتقدير حجم الضرر كان سيتغير فيما لو
كان قد عرض على اللجنة كامل تلك المستندات والمعلومات ، فإن الدفاع المسوق من
الطاعنين في هذا الشأن يعد - في صورة الدعوى المطروحة - دفاعاً جوهرياً لتعلقه
بالدليل المقدم فيها والمستمد من أقوال شهود الإثبات وتقرير لجنة الفحص ويقوم على
نفى الركنين المادي والمعنوي للجريمتين اللتين دين بهما الطاعنون مستنداً إلى
شواهد منها مستندات ومعلومات يتطلب الرجوع إلى أهل الخبرة لتحقيق أسانيده ، ومن ثم
فهو دفاع قد ينبني عليه - لو صح - تغير وجه الرأي في الدعوى ، يؤازره ما شهدت به
رئيسة اللجنة على النحو السالف الإشارة إليه ، مما كان يقتضى من المحكمة وهى
تواجهه أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه عن طريق
المختصين فنياً ، أما وهى لم تفعل واكتفت بالإحالة إلى أقوال شهود الإثبات وتقرير
لجنة الفحص دون أن تقسط هذا الدفاع حقه رغم جوهريته ودون أن تعنى بتحقيقه بلوغاً
إلى غاية الأمر فيه ، واقتصرت في هذا الشأن على ما أوردته في حكمها لاطراح ذلك
الدفاع من أسباب لا تؤدى إلى النتيجة التي رتبت عليها ، فإن الحكم يكون معيباً
بالقصور والفساد في الاستدلال ، هذا فضلاً عن أن الطاعنين قد أشاروا بأسباب طعنهم
إلى أن المحكمة التفتت عن المستندات المقدمة منهم والتي تمسكوا بدلالتها على نفى
الاتهام المسند إليهم ، وكان الحكم وإن أشار إلى تلك المستندات إلَّا أنه لم يعْن
ببحثها ولم يبد رأياً في مدلولها وفى صحة دفاع الطاعنين المستند إليها بل اجتزأت
المحكمة الرد على ذلك كله بعبارة عامة مجملة بما أوردته في حكمها على نحو ما سلف
بيانه ، فضلاً عن أنه وإن كان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في
مناحي دفاعه المختلفة ، إلَّا أنه يتعين عليها أن تورد في حكمها ما يدل على أنها
واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن أنها قد فطنت إليها ووازنت بينها ،
بما يضحى معه الحكم المطعون فيه - فوق قصوره في التسبيب وفساده في الاستدلال -
معيباً بالإخلال بحق الدفاع ، فضلاً عما ينبئ عنه ذلك من أن الواقعة لم تكن واضحة
لدى المحكمة بالقدر الذى يؤمن معه خطؤها في تقدير مسئولية الطاعنين بما يوجب نقض
الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعنين جميعاً عدا المحكوم عليه السابع الذى صدر
الحكم غيابياً بحقه ، وذلك بغير حاجة إلى بحث
سائر باقي أوجه الطعن الأخرى المقدمة من الطاعنين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ