الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 15 يناير 2019

الطعن 802 لسنة 39 ق جلسة 13 / 10 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 200 ص1027


برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني, وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني, ومحمد السيد الرفاعي, وطه الصديق دنانة, ومحمد ماهر حسن.
----------
- 1  شيك بدون رصيد. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. " قوة الأمر المقضي". دعوى مدنية. قوة الأمر المقضي.
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. تحققها بإعطاء الشيك إلى المستفيد مع العلم بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ استحقاقه. عدم استلزام قصد خاص لتوافرها. كفاية القصد العام.
إن جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق، إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات، أما عبارة بسوء نية الواردة في المادة 337 من قانون العقوبات فلا تفيد شيئاً آخر غير استلزام القصد الجنائي العام، أي انصراف إرادة الساحب إلى تحقيق وقائع الجريمة مع العلم بأركانها المختلفة كما يتطلبها القانون دون أن تشير إلى قصد خاص من أي نوع كان.
- 2  شيك بدون رصيد. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. " قوة الأمر المقضي". دعوى مدنية. قوة الأمر المقضي.
قوة الأمر المقضي في جريمة إصدار شيك بدون رصيد. لا تمتد إلى السبب الذي من أجله أصدر الشيك. علة ذلك؟
الحكم الجنائي الصادر في جريمة إعطاء شيك بغير رصيد لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة إلى الدعوى المدنية التي ترفع من بعد أمام المحاكم المدنية، إلا فيما فصل فيه فصلاً لازماً من وقوع هذا الفعل منسوباً إلى فاعله، ولا شأن له بالسبب الذي استطرد إليه من أنه أعطي مقابل دين معين.
- 3  موانع العقاب. "حالة الضرورة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر الإكراه أو الضرورة".
مسئولية جنائية. تقدير توافر الإكراه أو الضرورة. موضوعي.
الفصل في الواقع الذي يتوافر به الإكراه أو الضرورة هو من الموضوع، يستقل به قاضيه بغير معقب.
- 4  موانع العقاب. "حالة الضرورة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر الإكراه أو الضرورة". مسئولية جنائية.
علاقة الزوجية. لا تصلح سندا للقول بتوافر حالة الضرورة الملجئة إلى خرق محارم القانون.
العلاقة الزوجية في ذاتها لا تصلح سنداً للقول بقيام حالة الضرورة الملجئة إلى ارتكاب الجرائم أو خرق محارم القانون.
- 5  دفوع. "الدفع بعدم الاختصاص المحلي". نقض. "أسباب الطعن ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم جواز إثارة الدفع بعدم الاختصاص المحلي لأول مرة أمام النقض. ما دام يحتاج إلى تحقيق موضوعي.
متى كانت الطاعنة لم تدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها المكاني بنظر الدعوى، وكانت مدونات الحكم خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما تدعيه الطاعنة، بل كانت شهادة المطعون ضده في محضر الجلسة أمام محكمة أول درجة مثبت له، فإنه لا يجوز للطاعنة أن تثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها، ولا يغير من ذلك ما ورد في الحكم مما يشير إلى تحرير الشيك في القاهرة دون الإسكندرية، لأنه إنما كان في سياق إثبات دفاع الطاعنة وتفنيده لا في مقام تحديد المكان الذي وقعت فيه الجريمة.
- 6  حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
إسناد دفاع للمتهم لم يكن له أثر في الإدانة ولا يتعلق بجوهر الأسباب. لا يؤثر في سلامة الحكم.
إن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من أنه نسب إليها دفاعاً لم تقل به مؤداه أنها لا تسلم بالصورة الشمسية للشيك، إنما هو دفاع لم يكن له اعتبار في إدانتها ولا تعلق له بجوهر الأسباب، وبالتالي فإنه لا يؤثر في سلامة الحكم.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها في يوم 12 مايو سنة 1966 بدائرة قسم باب شرقي: أعطت..... شيكا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابها بالمادتين 336 و337 من قانون العقوبات. وادعى .... المجني عليه مدنيا قبل المتهمة بمبلغ 51ج على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة باب شرقي الجزئية قضت في الدعوى حضوريا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهمة ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة 300 قرش لإيقاف التنفيذ وألزمتها بأن تدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ 51ج على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية. فاستأنفت المحكوم عليها هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية- قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهمة المصروفات المدنية الاستئنافية وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض.
-----------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة في جريمة إصدار شيك بغير رصيد قد شابه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد, ذلك بأن المحكمة التي أصدرته غير مختصة بنظر الدعوى من حيث المكان, إن الوقائع الثابتة بمدونات الحكم المطعون فيه تفيد أن توقيع الشيك قد حصل بالشقة التي كانت تقيم فيها الطاعنة بالزمالك بما يفيد أن جريمة إعطاء الشيك قد وقعت بدائرة قسم قصر النيل بمحافظة القاهرة واكتفى الحكم في إثبات الركن المعنوي في الجريمة بالقصد الجنائي العام مع أن القانون يتطلب فيها قصداً جنائياً خاصاً قوامه سوء النية وقصد الإضرار بالمجني عليه باعتبارها ضرباً من جريمة النصب, هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه نسب إلى الطاعنة دفاعاً لم يقل به مؤداه أنها لا تسلم بالصورة الشمسية المقدمة في الدعوى للشيك واستدل على عدم جدية دفاع الطاعنة المؤسس على الإكراه والضرورة بما لا يبرر النتيجة التي انتهى إليها وتصدى لقيمة الشيك باعتباره يمثل جزءاً من ثمن أرض للمطعون ضده ثم عاد وقرر أن المسئولية الجنائية في تطبيق المادة 337 عقوبات لا تتأثر بالسبب أو الباعث الذي من أجله أعطت الطاعنة الشيك فوقع بذلك في تناقض يعيبه بما يبطله
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعنة أعطت المدعي بالحق المدني شيكاً وهي تعلم بأنه لا يقابله رصيد وتناول الحكم الرد على دفاع الطاعنة من أنها كانت تحت تأثير الإكراه أو الضرورة الملجئة عند توقيعها على الشيك, وخلص الحكم في تدليل سليم إلى أنه دفاع غير جدي وأنه جاء زعماً متأخراً بعد مزاعم متهاترة. لما كان ذلك, وكانت الطاعنة لم تدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها المكاني بنظر الدعوى وكانت مدوناته خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما تدعيه الطاعنة, بل كانت شهادة المطعون ضده في محضر الجلسة أمام محكمة أول درجة مثبتة له, فلا يجوز لها أن تثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها, وكان ما ورد في الحكم ما يشير إلى تحرير الشيك في القاهرة دون الإسكندرية إنما كان في سياق إثبات دفاع الطاعنة وتفنيده لا في مقام تحديد المكان الذي وقعت فيه الجريمة, وكان الفعل في الواقع الذي يتوافر به الإكراه أو الضرورة هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب, وكانت العلاقة الزوجية في ذاتها لا تصلح سنداً للقول بقيام الضرورة الملجئة إلى ارتكاب الجرائم أو خرق محارم القانون. وكان من المقرر قانوناً حسبما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض- أن جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات أما عبارة سوء النية الواردة في المادة 337 من قانون العقوبات فلا تفيد شيئاً آخر غير استلزام القصد الجنائي العام أي انصراف إرادة الساحب إلى تحقيق وقائع الجريمة مع العلم بأركانها المختلفة كما يتطلبها القانون دون أن تشير إلى قصد خاص من أي نوع كان, ومن ثم فإن قالة الخطأ في تطبيق القانون تكون ولا سند لها. وأما ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من أنه نسب إليها دفاعاً لم تقل به مؤداه أنها لا تسلم بالصورة الشمسية للشيك. فإنه دفاع لم يكن له اعتبار في إدانة الطاعنة ولا تعلق له بجوهر الأسباب وبالتالي فإنه لا يؤثر في سلامة الحكم. لما كان ذلك, وكان الحكم الجنائي الصادر في جريمة إعطاء شيك بغير رصيد لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة إلى الدعوى المدنية التي ترفع من بعد أمام المحاكم المدنية إلا فيما فصل فيه فصلاً لازماً من وقوع هذا الفعل منسوباً إلى فاعله, ولا شأن له بالسبب الذي استطرد إليه من أنه أعطى مقابل دين عينه, ومن ثم فلا محل لما أثارته الطاعنة بهذا الصدد ولا مصلحة لها في إثارته. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 789 لسنة 39 ق جلسة 6 / 10 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 199 ص 1022


برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام, وسعد الدين عطية, وأنور أحمد خلف, ومحمود كامل عطيفة.
------------
- 1  دفوع. "الدفع ببطلان إذن التفتيش". تفتيش. "إذن التفتيش. الدفع ببطلانه". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
الدفع ببطلان إذن التفتيش. طبيعته: عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته. علة ذلك؟
الدفع ببطلان إذن التفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض، ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض.
- 2  دفوع. "الدفع ببطلان إذن التفتيش". تفتيش. "إذن التفتيش. الدفع ببطلانه". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
الدفع ببطلان إذن التفتيش. وجوب إبدائه في عبارة صريحة.
يجب إبداء الدفع ببطلان إذن التفتيش في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه. ومن ثم فإن مجرد قول المدافع عن الطاعن في مرافعته أن الدعوى خالية من التحريات لا يفيد الدفع ببطلان الإذن.
- 3  تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
إن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
- 4  تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
للمحكمة أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز المخدر إلى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن الإحراز كان بقصد الاتجار أو بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي.
ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر إلى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي.
- 5  تحقيق. "إجراءات التحريز". إجراءات. حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
إجراءات التحريز. تنظيمية. لا بطلان على مخالفتها.
من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه. ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً ما بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الأحراز المضبوطة لم تصل إليها يد العبث.
- 6  مواد مخدرة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
لا يلزم بالضرورة تخلف آثار من المخدر بمحتويات العلبة التي ضبط بها عاريا. مثال لتسبيب غير معيب.
متى كان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير التحليل أن ما ضبط مع الطاعن هو مادة الأفيون، فإن ما أورده من ذلك يكفي لتبرير قضائه بإدانة الطاعن، وبفرض أن التقرير أورد خلو العلبة ومحتوياتها من آثار الأفيون وإن المخدر المضبوط وجد مجرداً من التغليف بالعلبة فإنه لا يلزم بالضرورة تخلف آثار منه بمحتوياتها.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 5 من أكتوبر سنة 1967 بدائرة قسم رأس غارب محافظة البحر الأحمر: أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا ( أفيونا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلي مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا لنص المواد 1 و2 و34/أ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات السويس قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و2 و37 و42 من القانون 182 لسنة 1960 والبند 1 من الجدول المرافق و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر المضبوط وذلك على اعتبار أن الإحراز كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال, ذلك بأنه قد أغفل الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات واكتفى بالقول بأن المحكمة تطمئن إلى أقوال الضابط الذي أجرى التفتيش في حين أن تلك الأقوال باطلة كأثر من آثار بطلان إذن التفتيش وعلى الرغم من أن التحريات التي اطمأن الحكم إلى جديتها أسفرت عن توافر قصد الاتجار بالمخدر لدى الطاعن فإنه لم يسند هذا القصد إليه ثم إن الحكم لم يدلل على أن المخدر موضوع التحليل هو الذي أحرزه الطاعن إذ لم يبين الضابط الذي قام بالتفتيش صفة صاحب الختم الذي استعمله في التحريز أو مصير الختم بعد التحريز, وأخيراً فإن الحكم استظهر من أقوال الضابط التي عول عليها في إدانة الطاعن أنه كان يحتفظ بمادة الأفيون داخل علبة دون تغليف مع أن الثابت من الأوراق عدم وجود آثار الأفيون بمحتويات تلك العلبة
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستقاة من أقوال الضابط وتقرير التحليل. لما كان ذلك, وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن التفتيش وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة ولا يقدح في ذلك أن تكون المدافعة عن الطاعن قد أبدت في مرافعتها أن "الدعوى خالية من التحريات" إذ أن هذه العبارة المرسلة لا تفيد الدفع ببطلان الإذن الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه, هذا فضلاً عن أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا القانون. لما كان ذلك, وكان ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر إلى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً ما بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الأحراز المضبوطة لم تصل إليها يد العبث. ولما كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على عناصر صحيحة وسائغة واطمأنت إلى عدم حدوث عبث بالمضبوطات, فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره في هذا الصدد إذ لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير التحليل أن ما ضبط مع الطاعن هو مادة الأفيون, فإن ما أورده من ذلك يكفي لتبرير قضائه بإدانة الطاعن وبفرض أن التقرير أورد خلو العلبة ومحتوياتها من آثار الأفيون وأن المخدر المضبوط وجد مجرداً من التغليف بالعلبة فإنه لا يلزم بالضرورة تخلف آثار منه بمحتوياتها
لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 785 لسنة 39 ق جلسة 6 / 10 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 198 ص 1018


برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني, وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني, ومحمد السيد الرفاعي, وطه الصديق دنانة, ومصطفى محمود الأسيوطي.
------------
- 1  نيابة عامة. "المحامي العام الأول". مستشار الإحالة. أمر بألا وجه. "حق المحامي العام الأول في الطعن فيه بالنقض". نقض. "الصفة في الطعن". "تقرير الطعن. توقيعه. أسباب الطعن. توقيعها". طعن. "الصفة في الطعن". "قبول الطعن".
حق المحامي العام الأول عند غياب النائب العام أو خلو منصبه أو قيام مانع لديه، في التقرير بالطعن بالنقض في الأمر بأن لا وجه الصادر من مستشار الإحالة وتوقيع أسبابه. فيما عدا الحالات الثلاث المتقدمة، لا يباشر حق الطعن أو التوقيع على أسبابه إلا بتوكيل خاص من النائب العام. مباشرته توقيع الأسباب في غير تلك الحالات. عدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة.
إن مؤدى نص المادتين 193 من قانون الإجراءات الجنائية و28 من القانون رقم 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية أن المحامي العام الأول لا يملك التقرير بالطعن بالنقض في الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر من مستشار الإحالة أو التوقيع على أسباب الطعن إلا في حالة غياب النائب العام أو خلو منصبه أو قيام مانع لديه، وفيما عدا هذه الحالات الثلاث فإنه لا يباشر حق الطعن أو التوقيع على الأسباب إلا بتوكيل خاص من النائب العام، وإذ كان ما تقدم وكانت النيابة العامة لم تقدم ما يدل على أن النائب العام قد قام لديه سبب من الأسباب الثلاثة المار ذكرها حتى يمكن أن يقوم ذلك سنداً كاشفاً عن أن توقيع المحامي العام الأول على أسباب الطعن إنما جرى بوصفه قائماً بأعمال النائب العام، وكان الثابت من مذكرة أسباب الطعن أن الموقع عليه هو المحامي الأول، فإن تقرير أسباب الطعن يكون قد صدر من غير ذي صفة.
- 2  نيابة عامة. "المحامي العام الأول". مستشار الإحالة. أمر بألا وجه. "حق المحامي العام الأول في الطعن فيه بالنقض". نقض. "الصفة في الطعن". "تقرير الطعن. توقيعه. أسباب الطعن. توقيعها". طعن. "الصفة في الطعن". "قبول الطعن".
تقرير الطعن. هو مناط اتصال المحكمة بالطعن. تقرير الأسباب. شرط لقبول الطعن. عدم قيام أي من الإجراءين مقام الأخر.
التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به، وتقرير الأسباب التي بني عليها الطعن هو شرط لقبول الطعن، فهما يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه، وإذ كان ذلك وكان الثابت أن تقرير الأسباب قد صدر من غير ذي صفة، فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم في يوم 13 يونيه سنة 1964 بدائرة قسم باب شرقي محافظة الإسكندرية اشتركوا مع آخرين مجهولين في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء علي الأشخاص والأموال حالة كونهم يحملون أسلحة وأدوات من شأنها إحداث الموت بأن تجمعوا حاملين الأسلحة النارية والسكاكين والعصي وقصدوا إلى مقهى ........ لإتلافه والاعتداء على من به فوقعت منهم بقصد تنفيذ الغرض من التجمهر مع العلم به الجرائم الآتية: 1- شرعوا في قتل ......... عمدا بأن انهالوا عليه طعنا بسكين في البطن وأجزاء أخرى من الجسم قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو تدارك المجني عليه بالعلاج 2- ضربوا عمدا ..... فأحدثوا إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوما 3- وهم عصبة أتلفوا بالقوة الإجبارية محتويات المقهى المملوك لـ..... بأن اقتحموه عنوة وهشموا بابه بواسطة العصي وغيرها فأحدثوا به آثار التلف الموصوفة بالمحضر. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بعقوبة الجناية والجنحة المنصوص عليها بالمواد 45 و46 و234/1 و242 و336 من قانون العقوبات والمادتين 2 و3 من القانون رقم 10 لسنة 1964 بشأن التجمهر, فقرر بألا وجه لإقامة الدعوى بالنسبة لجميع المتهمين. فطعنت النيابة العامة في هذا الأمر بطريق النقض. وقدم المحامي العام الأول تقريرا بالأسباب موقعا عليه منه.
-----------
المحكمة
من حيث إن السيد رئيس نيابة شرق الإسكندرية طعن بطريق النقض في 6 من يوليه سنة 1968 في الأمر بأن لا وجه الصادر من السيد مستشار الإحالة بتاريخ 29/5/1968 في الجناية رقم 5088 سنة 1964 شرق إسكندرية بتقرير في قلم الكتاب بتفويض من السيد النائب العام وأودعت أسباب الطعن في الرابع من يوليه سنة 1968 موقعاً عليها من السيد المحامي العام الأول
وحيث إن المادة 193 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "للنائب العام وللمدعي بالحقوق المدنية الطعن أمام محكمة النقض في الأمر الصادر من مستشار الإحالة بأن لا وجه لإقامة الدعوى" وتنص المادة 28 من القانون رقم 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية على أن "يكون لدى المحاكم نائب عام يعاونه محامي عام أول وعدد كاف من المحامين العامين ورؤساء النيابة ووكلائها ومساعديها ومعاونيها - وفي حالة غياب النائب العام أو خلو منصبه أو قيام مانع لديه يحل محله المحامي العام الأول وتكون له جميع اختصاصاته أياً كانت" - ومؤدى نص هاتين المادتين أن المحامي العام الأول لا يملك التقرير بالطعن بالنقض في الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر من مستشار الإحالة أو التوقيع على أسباب الطعن إلا في حالة غياب النائب العام أو خلو منصبه أو قيام مانع لديه - وفيما عدا هذه الحالات الثلاث فإنه لا يباشر حق الطعن أو التوقيع على الأسباب إلا بتوكيل خاص من النائب العام. وإذ كان ما تقدم, وكانت النيابة العامة لم تقدم ما يدل على أن النائب العام قد قام لديه سبب من الأسباب الثلاثة المار ذكرها حتى يمكن أن يقوم ذلك سنداً كاشفاً عن أن توقيع المحامي العام الأول على أسباب الطعن إنما جرى بوصفه قائماً بأعمال النائب العام, وكان الثابت من مذكرة أسباب الطعن أن الموقع عليها هو المحامي العام الأول فإن تقرير أسباب الطعن الذي وقعه هذا الأخير يكون قد صدر من غير ذي صفة. لما كان ذلك, وكان التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وتقرير الأسباب التي بني عليها الطعن هو شرط لقبول الطعن, فهما يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه, ومتى كان الثابت أن تقرير الأسباب قد صدر من غير ذي صفة مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً.

الطعن 782 لسنة 39 ق جلسة 6 / 10 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 197 ص 1014


برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني, وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني, ومحمد السيد الرفاعي, وطه الصديق دنانة, ومصطفى محمود الأسيوطي.
-----------
- 1 سب وقذف. نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر أركان الجريمة". أسباب الإباحة. "استعمال حق مقرر بمقتضى القانون".
المراد بالسب في أصل اللغة وفي اصطلاح القانون؟
المراد بالسب في أصل اللغة الشتم سواء بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه أو باستعمال المعاريض التي تومئ إليه، وهو المعنى الملحوظ في اصطلاح القانون الذي اعتبر السب كل إلصاق لعيب أو تعبير يحط من قدر الشخص نفسه أو يخدش سمعته لدى غيره.
- 2  سب وقذف. نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر أركان الجريمة". أسباب الإباحة. "استعمال حق مقرر بمقتضى القانون".
المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى. حد ذلك: أن لا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها. مثال.
من المقرر أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى، إلا أن حد ذلك أن لا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها، إذ أن تحري مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصه الحكم وتسميتها باسمها المعين في القانون سباً أو قذفاً أو عيباً أو إهانة أو غير ذلك هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض، كما أنها هي الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقدماته المسلمة. ولما كان يبين أن لفظ "أخرس" الذي وجهه الطاعن إلى المطعون ضده في تحقيق الشرطة لا يعدو أن يكون كفاً له عن غلوائه في اتهامه هو بما يجرح كرامته ويصمه في اعتباره، يدل على ذلك معنى اللفظ ومنحاه. والمساق الطبيعي الذي ورد فيه. ومن ثم فإن الحكم إذ أعتبر ما تلفظ به الطاعن سباً يكون قد مسخ دلالة اللفظ كما أورده فضلاً عن خطئه في التكييف القانوني.
- 3  سب وقذف. نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر أركان الجريمة". أسباب الإباحة. "استعمال حق مقرر بمقتضى القانون".
حكم المادة 309 عقوبات. تطبيق لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه. سريانه على العبارات التي تصدر سواء أمام المحاكم أو سلطات التحقيق أو في محاضر الشرطة.
جرى قضاء محكمة النقض على أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه، فيستوي أن تصدر العبارات أمام المحاكم أو أمام سلطات التحقيق أو في محاضر الشرطة، ذلك بأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطا بالضرورة الداعية إليه. وما فاه به الطاعن من طلب السكوت من جانب المطعون ضده أدنى وسائل الدفاع عن نفسه في مقام اتهامه أمام الشرطة باغتصاب أثاث زوجته ورميه بأنه يريد أن يعيش من مالها.
----------
الوقائع
أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة مصر القديمة الجزئية ضد الطاعن متهما إياه بتاريخ 11 يناير سنة 1967 أثناء تحقيق الشكوى رقم 536 سنة 1967 إداري مصر القديمة بنقطة شرطة ...... تعدى عليه الطاعن بالسب بأن قال له (إخرس) وطلب عقابه بالمادة 306 من قانون العقوبات وإلزامه أن يدفع له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت - والمحكمة المذكورة قضت غيابيا عملا بالمادتين 171 و306 من قانون العقوبات بتغريم المتهم عشرة جنيهات مع إلزامه أن يدفع إلى المدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فعارض, وقضي في معارضته عملا بالمادتين 55 و56 من قانون العقوبات بقبولها شكلا وفي الموضوع بتأييد الحكم المعارض فيه وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم المصروفات المدنية الاستئنافية. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
---------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بتهمة السب، قد شابه الخطأ في القانون، ذلك بأنه اعتبر إلزامه المطعون ضده الصمت بقوله "اخرس" سباً مع أن هذا اللفظ لا يقصد به المساس بشرف المجني عليه أو اعتباره بل طلب الكف عن الاسترسال في الكلام ولم يسقه الطاعن إلا ذوداً للمجني عليه عن الاستمرار في إهانته أثناء مثولهما أمام مأمور الضبط في مقر الشرطة، ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه
وحيث إنه يبين من مدونات الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه أن الطاعن زوج لحفيدة المطعون ضده -المدعي بالحقوق المدنية- الذي شكاه في الشرطة بدعوى اغتصابه لأثاث زوجته وملابسها، وأن الطاعن قال له "اخرس" ردا على ما رماه به من أنه يريد أن يعيش من مال زوجته. لما كان ذلك، وكانت المادة 306 من قانون العقوبات التي دين الطاعن بمقتضاها قد نصت على أن "كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن بأي وجه من الوجوه خدشا للشرف أو الاعتبار يعاقب في الأحوال المبينة بالمادة 171 بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين". والمراد بالسب في أصل اللغة الشتم سواء بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه أو باستعمال المعاريض التي تومئ إليه، وهو المعنى الملحوظ في اصطلاح القانون الذي اعتبر السب كل إلصاق لعيب أو تعبير يحط من قدر الشخص عند نفسه أو يخدش سمعته لدى غيره. وإذ كان من المقرر أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى، إلا أن حد ذلك أن لا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها، إذ أن تحري مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصه الحكم وتسميتها باسمها المعين في القانون سبا أو قذفا أو عيبا أو إهانة أو غير ذلك هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض كما أنها هي الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقدماته المسلمة. ولما كان يبين أن لفظ "اخرس" الذي وجهه الطاعن إلى المطعون ضده في تحقيق الشرطة لا يعدو أن يكون كفا له عن غلوائه في اتهامه هو بما يجرح كرامته، ويصمه في اعتباره، يدل على ذلك معنى اللفظ ومنحاه والمساق الطبيعي الذي ورد فيه. ومن ثم فإن الحكم إذ اعتبر ما تلفظ به الطاعن سبا يكون قد مسخ دلالة اللفظ كما أورده، فضلا عن خطئه في التكييف القانوني. ومن جهة أخرى فإن قضاء هذه المحكمة -محكمة النقض- قد جرى على أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه، فيستوي أن تصدر العبارات أمام المحاكم أو أمام سلطات التحقيق أو في محاضر الشرطة، ذلك بأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطا بالضرورة الداعية إليه. وما فاه به الطاعن من طلب السكوت أدنى وسائل الدفاع عن نفسه في مقام اتهامه أمام الشرطة باغتصاب أثاث زوجته ورميه بأنه يريد أن يعيش من مالها. ومن ثم فإن ما وقع منه لا جريمة فيه ولا عقاب عليه، مما يتعين معه نقض الحكم وبراءته مما نسب إليه ورفض الدعوى المدنية المرفوعة عليه.

الطعن 781 لسنة 39 ق جلسة 6 / 10 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 196 ص 1008


برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام, وسعد الدين عطيه, وأنور أحمد خلف, ومحمود كامل عطيفة.
---------------
- 1 حكم. "تحريره". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استئناف. "نظره والحكم فيه". اختصاص. "الاختصاص المحلي".
تحرير الحكم الاستئنافي المؤيد للحكم الابتدائي لأسبابه على نموذج. لا بطلان.
من المقرر أن تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضى بطلانه، ما دام قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي المستأنف أخذاً بأسبابه، مما يجب معه اعتبار هذه الأسباب صادرة من محكمة ثاني درجة.
- 2  حكم. "تحريره". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استئناف. "نظره والحكم فيه". اختصاص. "الاختصاص المحلي".
تحديد الاختصاص المحلي بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو يقيم فيه المتهم أو يقبض عليه فيه. المادة 217 إجراءات.
يتعين الاختصاص المحلي بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه، وفقاً لما جرى به نص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن الحكم إذ رتب على ثبوت إقامة الطاعن بدائرة مصر القديمة، اختصاص محكمة جنح مصر القديمة بنظر الدعوى، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد.
- 3  دفوع. "الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه". "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قوة الأمر المقضي. حكم. "حجيته". إثبات. "قوة الأمر المقضى".
شروط صحة الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه. اتحاد السبب والموضوع والأشخاص في محاكمة نهائية سابقة. التفات الحكم عن الرد على دفع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب. لا يعيبه.
يشترط لصحة الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه في المسائل الجنائية، أن يكون هناك حكم جنائي نهائي سبق صدوره في محاكمة جنائية معينة. وإذ كان ما تقدم، وكان الطاعن لا يدعي أن محاكمة جنائية جرت له يتحد موضوعها وسببها وأشخاصها مع الدعوى الحالية وصدر فيها حكم معين، فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عن الرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها - الذي أبداه الطاعن - طالما أنه دفع ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب.
- 4  عقوبة. "تطبيقها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير العقوبة".
عدم التزام المحكمة ببيان الأسباب التي دعتها إلى توقيع العقوبة بالقدر الذي ارتأته. علة ذلك؟
إن تقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون، مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع وبغير أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها إلى توقيع العقوبة بالقدر الذي ارتأته.
- 5  حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام". محكمة الموضوع.
تبين حقيقة الواقعة وردها إلى صورتها الصحيحة استخلاصا من الأدلة المطروحة. موضوعي. ما دام سائغا.
من سلطة محكمة الموضوع أن تبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جملة الأدلة المطروحة عليها، متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، ولا شأن لمحكمة النقض فيما تستخلصه ما دام استخلاصها سائغاً.
- 6  إجراءات المحاكمة. تزوير. "الطعن بالتزوير". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة استئنافية. "الإجراءات أمامها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة بأنها لم تطلع على الشيك المطعون عليه بالتزوير. عدم جوازه. متى ثبت أن الشيك كان بداخل مظروف مفتوح ضمن أوراق الدعوى.
متى كان يبين من المفردات المضمومة تحقيقاً للطعن، أن الشيك موضوع الدعوى مودع بها وفي مظروف مفتوح بعد أن أثبتت محكمة أول درجة اطلاعها عليه، وقد كان باعتباره من أوراق الدعوى معروضاً على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم بالجلسة أمام محكمة ثاني درجة، فإن النعي على محكمة ثاني درجة بأنها لم تطلع على الشيك المطعون عليه بالتزوير للتأكد من قيامه بين أوراق الدعوى، يكون غير سديد.
- 7  إجراءات المحاكمة. تزوير. "الطعن بالتزوير". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة استئنافية. "الإجراءات أمامها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
القضاء بصحة الشيك المدعى تزويره وبتغريم مدعى تزويره خمسة وعشرين جنيها. صحة هذا القضاء. المادة 289 إجراءات.
إذا كان الثابت من مطالعة أوراق الدعوى أن الطاعن قرر في قلم كتاب محكمة أول درجة بالطعن بالتزوير في الشيك موضوع الدعوى، وقدم شواهد التزوير، وقد أحالت المحكمة الأوراق إلى النيابة العامة وأوقفت السير في الدعوى الأصلية إلى حين الفصل في التزوير، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بصحة الشيك وبتغريم الطاعن مدعي التزوير خمسة وعشرين جنيهاً لصالح الخزانة إعمالاً لحكم المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم أول مارس سنة 1963 بدائرة قسم مصر القديمة محافظة القاهرة: أعطى المدعي بالحق المدني بسوء نية شيكا بمبلغ 95ج على حسابه على البنك .... لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب, وطلبت عقابه بالمادة 337 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنيا بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة مصر القديمة الجزئية طعن المتهم على الشيك بالتزوير, ثم قضت فيها حضوريا عملا بمادة الاتهام (أولا) في موضوع دعوى التزوير الفرعية المقامة من المتهم برفضها مع تغريمه خمسة وعشرين جنيها لصالح الخزانة وألزمته مصروفات هذه الدعوى وبصحة الشيك المطعون عليه بالتزوير (ثانيا) في الدعوى الأصلية بحبس المتهم ثمانية عشر شهرا مع الشغل وكفالة 50ج لوقف تنفيذ عقوبة الحبس وتغريمه خمسين جنيها بغير مصروفات جنائية (ثالثا) في الدعوى المدنية بإلزام المتهم بان يدفع للمدعي مبلغا قدره قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصروفات وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك. فاستئناف المتهم هذا الحكم, ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة الجنائية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم وألزمت المتهم المصروفات المدنية الاستئنافية بلا مصروفات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو بطلان الحكم المطعون فيه لتحريره على نموذج مطبوع مما يعد معه خلوا من الأسباب
وحيث إن هذا الوجه مردود بما هو مقرر من أن تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضي بطلانه مادام قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي المستأنف أخذا بأسبابه مما يجب معه اعتبار هذه الأسباب صادرة من محكمة ثاني درجة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها والتي أخذت بها المحكمة الاستئنافية، فإن ما يثيره الطاعن من قالة خلو الحكم المطعون فيه من الأسباب يكون على غير أساس
وحيث إن مبنى باقي أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الطاعن أثار في دفاعه المكتوب دفعا بعدم اختصاص محكمة أول درجة محليا بنظر الدعوى وآخر بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها، فرد الحكم على الدفع الأول بما لا يتفق وصحيح القانون وأغفل الرد على الدفع الثاني كما لم يرد على دفاع الطاعن في شأن عدم استيفاء الشيك موضوع الدعوى مقوماته القانونية ولم تطلع محكمة ثاني درجة على هذا الشيك وهو المطعون فيه بالتزوير للتأكد من قيامه بين أوراق الدعوى وقضت بمعاقبة الطاعن بالحبس والغرامة معا مع أن النص قد أجاز الخيار بين هاتين العقوبتين، فضلا عن قضائها في دعوى التزوير بصحة الشيك مطرحة خبرة أهل الفن، وبتغريم الطاعن خمسة وعشرين جنيها لصالح الخزانة بالرغم من أن النيابة العامة هي التي أقامت تلك الدعوى وأخيرا فقد أخطأ الحكم فهم الواقعة وحصلها على وجه خاطئ وذلك كله مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى وساق مؤدى الأدلة التي أقام عليها قضاءه، عرض للدفع بعدم اختصاص المحكمة محليا بنظر الدعوى وخلص إلى اختصاصها بنظرها تأسيسا على أنها المحكمة التي يقيم المتهم بدائرتها. ولما كان الاختصاص يتعين بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه وفقاً لما جرى به نص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن الحكم إذ رتب على ثبوت إقامة الطاعن بدائرة مصر القديمة اختصاص محكمة جنح مصر القديمة بنظر الدعوى يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان يشترط لصحة الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه في المسائل الجنائية أن يكون هناك حكم جنائي نهائي سبق صدوره في محاكمة جنائية معينة، وكان الطاعن لا يدعي أن محاكمة جنائية جرت له يتحد موضوعها وسببها وأشخاصها مع الدعوى الحالية وصدر فيها حكم معين، فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عن الرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها -الذي أبداه الطاعن- طالما أنه دفع ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب. لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات المضمومة تحقيقا للطعن أن الشيك موضوع الدعوى مودع بها وفي مظروف مفتوح بعد أن أثبتت محكمة أول درجة اطلاعها عليه وقد كان -باعتباره من أوراق الدعوى- معروضا على بساط البحث والمناقشة وفي حضور الخصوم بالجلسة أمام محكمة ثاني درجة، وكان الحكم الابتدائي المؤيد -لأسبابه بالحكم المطعون فيه- قد انتهى في منطق سليم إلى أن هذا الشيك يحمل تاريخا واحدا وقد استوفى المقومات التي تجعل منه أداة وفاء طبقا للقانون وقد سلمه الطاعن إلى المطعون ضده (المدعي بالحق المدني) بحالته بعد أن قام بطمس التاريخ الذي وضعه تحت توقيعه عليه تمهيدا للطعن عليه إذا ما تمسك به المطعون ضده الذي لم يكن في مقدوره أو في مقدور أي أحد سواه ملاحظة ذلك مما ينبئ عن أن الطاعن لم يكن ينوي الوفاء بقيمة الشيك ولا إيداع ما يعادل الوفاء بقيمته لدى البنك، فإن هذا الذي انتهى إليه الحكم يكون من قبيل فهم الواقع في الدعوى مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع التي لها أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جملة الأدلة المطروحة عليها متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ولا شأن لمحكمة النقض فيما تستخلصها مادام استخلاصها سائغا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع وبغير أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها إلى توقيع العقوبة بالقدر الذي ارتأته، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة أوراق الدعوى أن الطاعن قرر -في قلم كتاب محكمة أول درجة- بالطعن بالتزوير في الشيك موضوع الدعوى وقدم شواهد التزوير، وقد أحالت المحكمة الأوراق إلى النيابة العامة وأوقفت السير في الدعوى الأصلية إلى حين الفصل في التزوير، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بصحة الشيك وبتغريم الطاعن "مدعي التزوير" خمسة وعشرين جنيهاً لصالح الخزانة إعمالا لحكم المادة 298 من قانون الإجراءات الجنائية يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إعطاء الشيك بدون رصيد التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشهود وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 779 لسنة 39 ق جلسة 6 / 10 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 195 ص 1003


برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام, وسعد الدين عطيه, وأنور أحمد خلف, والدكتور أحمد محمد إبراهيم.
-------------
- 1  غش. جريمة. "أركانها". إثبات. "إثبات بوجه عام". "قرائن". قصد جنائي. "القصد المفترض".
كفاية ارتكاب فعل الغش أو العلم به. لتحقق جريمة الغش. القرينة التي افترض بها الشارع العلم بالغش بالنسبة للمشتغلين بالتجارة. قابليتها للنفي بطرق الإثبات كافة. عدم مساس هذه القرينة بالركن المعنوي في جنحة الغش.
إنه يتعين لإدانة المتهم في جريمة الغش المؤثمة بالقانون رقم 48 لسنة 1941، أن يثبت أنه هو الذي ارتكب فعل الغش أو أنه يعلم بالغش الذي وقع، أما القرينة المنشأة بالتعديل المدخل بالقانونين الرقيمين 522 لسنة 1955 و80 لسنة 1961 على المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 والتي افترض بها الشارع العلم بالغش إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة فقد رفع بها عبء إثبات العلم عن كاهل النيابة العامة دون أن ينال من قابليتها لإثبات العكس وبغير اشتراط نوع من الأدلة لدحضها ودون أن يمس الركن المعنوي في جنحة الغش والذي يلزم توافره حتماً للعقاب.
- 2  حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". غش.
إدانة المتهم بقالة إنه المنتج لللبن المغشوش وأن أعمال مركز حلب الأبقار تتم تحت إشرافه المباشر وعلمه اليقيني. دون بيان مصدر ذلك. خطأ. دفاع المتهم بنفي إشرافه على حلب الألبان المغشوشة وإن إشرافه على مركز تربية الأبقار إشراف إداري فحسب. دفاع جوهري. وجوب تحقيقه أو الرد عليه بما يفنده.
إذا كان الطاعن قد نفى علمه بالغش وقرر أنه لم يكن المشرف على حلب الأبقار المغشوشة وأن إشرافه على مركز تربية الأبقار هو إشراف إداري فقط، وحدد المشرف على حلب هذه الألبان وطلب في مذكرته التي قدمها إلى محكمة الموضوع ضم سجل المركز تحقيقاً لدفاعه، وذلك على ما يبين من المفردات المضمومة، وكان الحكم قد قضى بإدانته تأسيساً على أن علمه بالغش ثابت من كونه المنتج للبن المغشوش، وأن أعمال المركز تتم تحت إشرافه المباشر وعلمه اليقيني، دون أن يبين المصدر الذي استقى منه تحديد اختصاص الطاعن ومدى إشرافه على أعمال المركز، وهو ما ليس له أصل ثابت بالأوراق، ودون أن يجيبه إلى طلب ضم سجل المركز تحقيقاً لدفاعه، وهو دفاع جوهري مؤثر في مصير الدعوى ما كان يقتضي من المحكمة أن تمحصه لتقف على مبلغ صحته أو ترد عليه بما يبرر رفضه، أما وهي لم تفعل، فإن حكمها يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة ( الطاعن ) وآخر. بأنهما في يوم 24 أكتوبر سنة 1964 بدائرة مصر القديمة: (1) عرضا للبيع لبنا غير محتفظ بخواصه الطبيعية بأن أضيف إليه ما لا يقل عن 12 % ماء (2) عرضا للبيع شيئا من أغذية الإنسان "لبنا مغشوشا" مع علمهما بذلك. وطلبت عقابهما بالمواد 2 و12/1 من القانون رقم 132 لسنة 1950, 2 و7 و8 و9 من القانون 48 لسنة 1941 المعدل بالقوانين 89 لسنة 1948 و153 لسنة 1949 و552 لسنة 1955, ومحكمة مصر القديمة الجزئية قضت حضوريا بالنسبة إلي المتهم الثاني وغيابيا بالنسبة إلي المتهم الأول عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلي المتهم الثاني ببراءته وتغريم المتهم الأول مائة جنيه وألزمته بالمصاريف. عارض المحكوم عليه وقضي في معارضته بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وبتأييد الحكم المعارض فيه بلا مصروفات جنائية. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم بالنسبة إلى المتهم الثاني كما استأنفه المتهم الأول, ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للمتهم الأول إلى تغريم المتهم عشرين جنيها مع المصادرة وبالنسبة للمتهم الثاني برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات جنائية, فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.
-----------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه عن جريمتي عرضه للبيع لبنا غير محتفظ بخواصه الطبيعية بإضافة الماء إليه وعرضه للبيع لبنا مغشوشا مع علمه بذلك جاء مشوبا بالخطأ في القانون والقصور في التسبيب ذلك بأنه دفع التهمتين المسندتين إليه بأنه مدير لمركز تربية أبقار ........ وله عليه الإشراف الإداري فقط وليست له صلة بعملية حلب الألبان إذ يقوم بها عمال مختصون تحت إشراف مهندسين زراعيين وأن الذي أشرف على حلب الألبان موضوع هاتين التهمتين هو المهندس ................. والملاحظ ...................... على ما هو ثابت من سجل المركز بتاريخ 23/10/1964 وطلب من المحكمة ضم هذا السجل تحقيقا لدفاعه ولكن الحكم المطعون فيه انتهى إلى أنه بصفته مديرا للمركز يعتبر عالما بالغش ومسئولا عنه باعتباره بائعا للبن، كما لم تستجب المحكمة لطلب ضم السجل ولم ترد عليه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن النيابة العامة اتهمت الطاعن وآخر بأنهما: (1) عرضا للبيع لبنا غير محتفظ بخواصه الطبيعية بأن أضيف إليه ما لا يقل عن 12% ماء. (2) عرضا للبيع شيئاً من أغذية الإنسان (لبنا مغشوشا) مع علمهما بذلك. وقد دفع الطاعن التهمتين بأنه مدير لمركز تربية أبقار ..... وله الإشراف الإداري عليه فقط، وصلته منقطعة عن عملية حلب الألبان التي يباشرها عمال مختصون بها تحت إشراف مهندسين زراعيين، كما أن الألبان موضوع هاتين التهمتين أشرف على حلبها المهندس الزراعي ... والملاحظ ...... وطلب ضم السجلات المؤيدة لذلك، وقد عرض حكم محكمة الدرجة الأولى الصادر في المعارضة -والذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه- لدفاع الطاعن ورد عليه في قوله "يقول المعارض إنه لم يكن المشرف على حلب اللبن المورد للمستشفى يوم 24/10/1964 وإنما وقع على الأوراق بوصفه مديرا لمركز ...... ليس إلا، ومن ثم فهو لا يعلم شيئاً عن الألبان المغشوشة، والرد على ذلك أن عمل المتهم مديرا لمركز ....، بأن ذلك المركز الذي لا يختص إلا بحلب الألبان وتوريدها للجهات المختلفة تجعل منه ذا صلة مباشرة بعمل المركز وبيده وبعلمه يتم نشاط المركز فهو منصب يختلف عن منصب مدير المصلحة أو الوزير حتى يمكن أن يقال أن إشرافه إداريا فقط أو إنه يوقع على أوراق بحكم منصبه فالصحيح هنا أنه إنما يوقع على أعمال محددة تحت إشرافه المباشر وعلمه اليقيني بما تضمنته .... ولما كان علم المتهم بالغش ثابتا في حقه من كونه هو المنتج للبن المغشوش فإن ما ينعيه المتهم في هذا الخصوص يكون غير سديد". لما كان ذلك، وكان يتعين لإدانة المتهم في جريمة الغش المؤثمة بالقانون رقم 48 لسنة 1941 أن يثبت أنه هو الذي ارتكب فعل الغش أو أنه يعلم بالغش الذي وقع، أما القرينة المنشأة بالتعديل المدخل بالقانونين الرقيمين 522 لسنة 1955 و80 لسنة 1961 على المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 والتي افترض بها الشارع العلم بالغش إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة فقد رفع بها عبء إثبات العلم عن كاهل النيابة العامة دون أن ينال من قابليتها لإثبات العكس وبغير اشتراط نوع من الأدلة لدحضها ودون أن يمس الركن المعنوي في جنحة الغش والذي يلزم توافره حتما للعقاب، وكان الطاعن قد نفى علمه بالغش وقرر أنه لم يكن المشرف على حلب الألبان وأن إشرافه على مركز تربية الأبقار هو إشراف إداري فقط وحدد المشرف على حلب هذه الألبان وطلب في مذكرته التي قدمها إلى محكمة الموضوع ضم سجل المركز تحقيقا لدفاعه وذلك على ما يبين من المفردات المضمومة، وكان الحكم قد قضى بإدانته تأسيساً على أن علمه بالغش ثابت من كونه هو المنتج للبن المغشوش وأن أعمال المركز تتم تحت إشرافه المباشر وعلمه اليقيني دون أن يبين المصدر الذي استقى منه تحديد اختصاص الطاعن ومدى إشرافه على أعمال المركز وهو ما ليس له أصل ثابت بالأوراق ودون أن يجيبه إلى طلب ضم سجل المركز تحقيقاً لدفاعه وهو دفاع جوهري ومؤثر في مصير الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة أن تمحصه لتقف على مبلغ صحته أو ترد عليه بما يبرر رفضه، أما وهي لم تفعل، فإن حكمها يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب. لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.