الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 14 يناير 2019

الطعن 2030 لسنة 38 ق جلسة 6 / 1 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 9 ص 38

جلسة 6 من يناير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، وأنور خلف.

-------------------

(9)
الطعن رقم 2030 لسنة 38 القضائية

(أ) طعن. "أثر الطعن". استئناف. عقوبة. تعويض. محاماة. "أتعاب محاماة".
اقتصار قاعدة عدم جواز إضارة الطاعن بطعنه على العقوبة والتعويض. خروج أتعاب المحاماة عنها.
(ب، ج) إثبات. "إثبات بوجه عام". تزوير. "تزوير الأوراق العرفية". خيانة الأمانة في الأوراق الممضاه على بياض.
(ب) تزوير المتهم في الأوراق الممضاة على بياض المسلمة إليه. إثباته بطرق الإثبات كافة.
(ج) عدم تقيد المحكمة الجنائية بقواعد الإثبات المدنية إلا عند الفصل في مسألة مدنية تعد عنصراً من عناصر الجريمة المطروحة.
مطالبة صاحب الإمضاء على بياض أن يثبت كتابة ما يخالف المدون بالبياض. غير صحيحة في القانون.
(د) إثبات. "إثبات بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير المانع الأدبي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير المانع الأدبي الذي يجيز الإثبات بالبينة. موضوعي.
(هـ) إثبات. "إثبات بوجه عام". جريمة. دعوى جنائية. دعوى مدنية. قوة الأمر المقضي. حكم. "حجيته".
ليس للأحكام الصادرة من المحاكم المدنية قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها. أساس ذلك؟
)و، ز، ح، ط، ي) إجراءات المحاكمة. محكمة أول درجة. محكمة ثاني درجة. إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
)و) حق المحكمة في الاستغناء عن سماع الشهود. مشروط بقبول المتهم أو المدافع عنه.

)ز) وجوب تلاوة أقوال الشهود الغائبين إذا طلب المتهم أو المدافع عنه ذلك.
(ح) عدم إجراء محكمة ثاني درجة تحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه أو لاستكمال نقص في إجراءات محكمة أول درجة.
(ط) حجز المحكمة القضية للحكم. عدم التزامها بإعادة الدعوى للمرافعة لإجراء تحقيق فيها.
(ي) شرط التعويل على أقوال الشهود التي وردت في التحقيقات؟
(ك) إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
(ل) حكم. "نطاقه". "حجيته".
العبرة في الكشف عن حقيقة ما قضي به الحكم. هي بحقيقة الواقع.

-----------------
1 - قاعدة عدم جواز إضرار الطاعن بطعنه لا تتعدى العقوبة المحكوم بها عليه أو التعويض المقضي بإلزامه به، بحيث لا يجوز الحكم بعقوبة أشد من العقوبة التي قضى بها الحكم السابق، كما لا يجوز للمحكمة أن تتجاوز في تقدير التعويض الناشئ عن الجريمة بالمبلغ الذي كان قد قدر في الحكم المنقوض، أما أتعاب المحاماة فإن تقديرها يرجع إلى ما تبينته المحكمة من الجهد الذي بذله المحامي في الدعوى وما تكبده المحكوم عليه من أتعاب لمحاميه، والأمر في هذا التقدير لمحكمة الموضوع دون غيرها، ومن ثم فلا تثريب عليها في تقديرها أتعاباً للمحاماة تزيد عن تلك السابق تقديرها بالحكم السابق نقضه.
2 - تسليم الورقة الممضاة على بياض هو واقعة مادية لا تقتضي من صاحب الإمضاء إلا إعطاء إمضائه المكتوب على تلك الورقة إلى شخص يختاره، وهذه الواقعة المادية منقطعة الصلة بالاتفاق الصحيح المعقود بين المسلم وأمينه على ما يكتب بعد في تلك الورقة بحيث ينصرف إليه الإمضاء وهذا الاتفاق هو الذي يجوز أن يخضع لقواعد الإثبات المدنية كشفاً عن حقيقته، أما ما يكتب زوراً فوق الإمضاء فهو عمل محرم يسأل مرتكبه جنائياً متى ثبت للمحكمة أنه قارفه.
3 - لا تتقيد المحكمة وهي تفصل في الدعوى الجنائية بقواعد الإثبات المقررة في القانون المدني إلا إذا كان قضاؤها في الدعوى يتوقف على وجوب الفصل في مسألة مدنية هي عنصر من عناصر الجريمة المطروحة للفصل فيها، فإذا كانت المحكمة ليست في مقام إثبات عقد مدني بين المتهم وصاحب الإمضاء - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وإنما هي تواجه واقعة مادية هي مجرد تسليم الورقة واتصال المتهم بها عن طريق تغيير الحقيقة فيها افتئاتاً على ما اجتمع اتفاقهما عليه، فلا يقبل من المتهم أن يطالب صاحب الإمضاء بأن يثبت بالكتابة ما يخالف ما دونه هو زوراً قولا منه بأن المستند المدعى بتزويره تزيد قيمته على عشرة جنيهات، إذ أن مثل هذا الطلب وما يتصل به من دفاع لا يكون مقبولاً إذ لازمه أن يترك الأمر في الإثبات لمشيئة مرتكب التزوير وهو لا يقصد إلا نفي التهمة عن نفسه الأمر الممتنع قانوناً لما فيه من خروج بقواعد الإثبات عن وضعها.
4 - المادة 403 من القانون المدني تجيز الإثبات بالبينة في حالة وجود مانع أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي، وقيام هذا المانع أو عدم قيامه يدخل في نطاق الوقائع، فتقديره متروك لقاضي الموضوع تبعاً لوقائع كل دعوى وملابساتها، ومتى أقام قضاءه بذلك - كما هو الحال في الدعوى - على أسباب مؤدية إليه، فلا تجوز المناقشة في ذلك أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر وفقا للمادة 457 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا تكون للأحكام الصادرة من المحاكم المدنية قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها، ذلك أن الأصل أن المحكمة الجنائية مختصة بموجب المادة 221 من قانون الإجراءات الجنائية بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية أمامها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وهي في محاكمة المتهمين عن الجرائم التي يعرض عليها الفصل فيها لا يمكن أن تتقيد بأي حكم صادر من جهة أخرى مهما كانت، وذلك ليس فقط على أساس أن مثل هذا الحكم لا تكون له قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة للدعوى الجنائية لانعدام الوحدة في الخصوم أو السبب أو الموضوع، بل لأن وظيفة المحاكم الجنائية والسلطة الواسعة التي خولها القانون إياها للقيام بهذه الوظيفة بما يكفل اكتشاف الواقعة على حقيقتها كي لا يعاقب برئ أو يفلت مجرم، ذلك يقتضي ألا تكون مقيدة في أداء وظيفتها بأي قيد لم يرد به نص في القانون.
6 - للمحكمة وفقاً لنص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه، وإذ كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب أي منهما أمام محكمة أول درجة سماع الشهود، فإنه يعد نازلاً عن سماعهم.
7 - تلاوة أقوال الشهود الغائبين هي من الإجازات، فلا تكون واجبة إلا إذا طلب المتهم أو المدافع عنه ذلك.
8 - إن محكمة ثاني درجة إنما تحكم بحسب الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوما لإجرائه أو لاستكمال نقص في إجراءات المحاكمة أمام محكمة أول درجة.
9 - المحكمة غير ملزمة بعد حجز القضية للحكم بإعادتها إلى المرافعة لإجراء تحقيق فيها بناء على طلب مقدم إليها في فترة حجزها للحكم.
10 - لا جناح على المحكمة إذا هي عولت على أقوال الشهود في التحقيقات دون سماعهم ما دامت أقوالهم كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة.
11 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليهم من مطاعن وحام حولهم من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
12 - إذا كان ما ورد بالنسخة الأصلية للحكم المطعون فيه من منطوق مغاير لذلك الثابت بمحضر الجلسة بإغفال النص على بطلان الحكم المستأنف وكان لم يوقع عليه في الميعاد القانوني وقضت محكمة النقض بنقض الحكم الاستئنافي لأنه تبنى منطوق ذلك الحكم الباطل مؤيداً له في شقه المتعلق بالدعوى المدنية ومعدلاً له في شقه الآخر المتعلق بالدعوى الجنائية مما اعتبر تسليماً من الطاعن بوجود الحكم الباطل صحيحاً في منطوقه مردوداً إلى أسبابه، فإنه لا يعدو أن يكون من قبيل الخطأ المادي الذي وقع فيه أمين سر الجلسة سهواً وهو بمعرض نقل ذلك المنطوق من رول المحكمة بعد أن التبس عليه الأمر بين منطوق الحكم المنقوض ومنطوق الحكم المطعون فيه، ولما كانت العبرة في الكشف عن ماهية الحكم هي بحقيقة الواقع، وكان لازم ذلك هو الاعتداد بما تبين يقيناً من محضر الجلسة ورول القاضي من أن منطوق الحكم قد جرى في الدعوى الجنائية بالنص على 1 - بطلان الحكم المستأنف. 2 - بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم إصدار الحكم. وفي الدعوى المدنية بتأييد الحكم المستأنف، وكان ذلك قد تأكد بما ورد بأسباب الحكم التي تكمل منطوقه في هذا الشأن، وكان الطاعن لا يدعي في طعنه أن هذا الاختلاف يغاير حقيقة ما حكمت به المحكمة، فإن هذا الخطأ في النقل لا يؤثر في سلامة الحكم ولا يعيبه ولا يقدح في صحته.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في خلال الفترة من سبتمبر سنة 1960 حتى 11 أبريل سنة 1962 بدائرة مركز الشهداء محافظة المنوفية. أؤتمن على نموذج لعقد إيجار أطيان زراعية موقع عليه على بياض من كل من علي محمود مرعي وشقيقه محمد محمود مرعي فخان الأمانة وملأ بياناته مما ترتب عليه حصول ضرر على المذكورين بأن أثبت على خلاف الحقيقة استئجارهما لقطعة أرض زراعية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من سنة 1956 حتى سنة 1959 بالأجرة التي حددها ثم طالبهما قضائياً بهذا المبلغ. وطلبت معاقبته بالمادة 340 من قانون العقوبات. وادعى علي محمود مرعي مدنياً بقرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة جنح الشهداء الجزئية نظرت الدعوى وأمامها دفع الحاضر مع المتهم بعدم جواز الإثبات بالبينة كما دفع بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها بأمر أداء ثم قضت حضورياً بمادة الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وتغريمه خمسين جنيهاً وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع إلى المدعي المدني قرشاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - سمعت الاستئناف وأمامها دفع الحاضر مع المتهم بما سبق أن دفع به أمام محكمة أول درجة كما دفع ببطلان الحكم المستأنف لعدم ختمه في الميعاد القانوني ثم قضت حضورياً بقبوله شكلاً وفي الموضوع بالنسبة إلى الدعوى الجنائية بتعديل الحكم المستأنف بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ هذا الحكم وبالنسبة إلى الدعوى المدنية برفضها وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم المصاريف المدنية الاستئنافية و100 قرش أتعاباً للمحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقضى بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة شبين الكوم الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. والمحكمة المذكورة بهيئة استئنافية أخرى قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بالنسبة للدعوى الجنائية بتعديل الحكم المستأنف بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم وبالنسبة للدعوى المدنية برفضها وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم بالمصاريف المدنية الاستئنافية ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه للمرة الثانية في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة خيانة ائتمان الإمضاء المسلمة على بياض، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه بطلان في الإجراءات وإخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب، ذلك بأنه قضى بمقابل عن أتعاب المحاماة يزيد عما قضى به الحكم السابق نقضه على خلاف ما يوجبه القانون من أن الطاعن لا يضار بطعنه كما أن الطاعن دفع بعدم جواز إثبات عكس ما هو مدون بعقد الإيجار إلا بالكتابة وبأنه استصدر حكماً مدنياً حائزاً لقوة الأمر المقضي في شأن ثبوت استئجار المطعون ضده للأرض عن سنوات 1959 و1960 و1961 ويعتبر حجة في شأن قيام المديونية في ذمته وفي صحة عقد الإيجار مما لا يجوز له التنصل منه أو الطعن عليه، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع بعلة قيام المانع الأدبي من الحصول على الكتابة حين أن قرائن الحال بينة الدلالة على انتفاء ذلك المانع الذي لم يدع به المطعون ضده من قبل أن يدفع به الدعوى المدنية المرفوعة ضده وأخيه استنادا إلى ذلك العقد مما ينم عن اختلاق هذا الدفاع. هذا وقد التفتت المحكمة عما ضمنه الدفاع عن الطاعن بمذكرته المقدمة إليها من وجوب سماع الشهود بمعرفتها لاسيما وأنهم لم يسمعوا من قبل قولاً منها باقتناعها بأقوال الشهود الذين سمعتهم النيابة مع أن قالة هؤلاء بالنيابة قد انصبت على تحقيق وضع اليد على العين وليس على تحرير العقد على بياض وهو الأمر المطلوب إثباته، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أنه قضى بذات العقوبة ونفس التعويض السابق القضاء بهما من قبل في الحكم المنقوض، وأنه قدر أتعاب المحاماة عن الدعوى المدنية بثلاثمائة قرش خلافاً للحكم السابق الذي قدرها بمائة قرش. لما كان ذلك، وكانت قاعدة عدم جواز إضرار الطاعن بطعنه لا تتعدى العقوبة المحكوم بها عليه أو التعويض المقضي بإلزامه به بحيث لا يجوز الحكم بعقوبة أشد من العقوبة التي قضى بها الحكم السابق، كما لا يجوز للمحكمة أن تتجاوز في تقدير التعويض الناشئ عن الجريمة بالمبلغ الذي كان قد قدر في الحكم المنقوض؛ أما أتعاب المحاماة فإن تقديرها يرجع إلى ما تبينته المحكمة من الجهد الذي بذله المحامي في الدعوى وما تكبده المحكوم له من أتعاب لمحاميه، والأمر في هذا التقدير لمحكمة الموضوع دون غيرها، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة في تقديرها أتعاباً للمحاماة تزيد عن تلك السابق تعيينها بالحكم السابق نقضه.
أما ما يثيره الطاعن بشأن ما تردى فيه الحكم من إجازة إثبات عكس الثابت بالكتابة بشهادة الشهود لوجود المانع الأدبي من الحصول على الدليل الكتابي فالواضح من مدونات الحكم أنه عرض لهذا الدفع وسلم بصحته قانوناً إلا أنه ذهب إلى جواز الإثبات بشهادة الشهود لأن المجني عليه كان مضطراً لتسليم المتهم العقد موقعاً عليه على بياض حتى يمكنه الحصول على المساحة المؤجرة التي هو في أشد الحاجة إلى زراعتها للحصول على قوته وقوت أولاده مما يقوم معه توافر المانع الذي كان يستحيل معه الحصول من قبل هذا المتهم على ورقة مكتوبة بما فوضه كتابته فيها، لما كان ذلك وكان تسليم الورقة الممضاة على بياض هو واقعة مادية لا تقتضي من صاحب الإمضاء إلا إعطاء إمضائه المكتوب على تلك الورقة إلى شخص يختاره وهذه الواقعة المادية منقطعة الصلة بالاتفاق الصحيح المعقود بين المسلم وأمينه على ما يكتب فيما بعد في تلك الورقة بحيث ينصرف إليه الإمضاء وهذا الاتفاق هو الذي يجوز أن يخضع لقواعد الإثبات المدنية كشفاً عن حقيقته أما ما يكتب زوراً فوق الإمضاء فهو عمل محرم يسأل مرتكبه جنائياً متى ثبت للمحكمة أنه قارفه. ولا تتقيد المحكمة وهي تفصل في الدعوى الجنائية بقواعد الإثبات المقررة في القانون المدني إلا إذا كان قضاؤها في الدعوى يتوقف على وجوب الفصل في مسألة مدنية هي عنصر من عناصر الجريمة المطروحة للفصل فيها. فإذا كانت المحكمة ليست في مقام إثبات عقد مدني بين المتهم وصاحب الإمضاء كما هو الشأن في الدعوى المطروحة وإنما هي تواجه واقعة مادية هي مجرد تسليم الورقة واتصال المتهم بها عن طريق تغيير الحقيقة فيها افتئاتاً على ما اجتمع اتفاقهما عليه، فلا يقبل من المتهم أن يطالب صاحب الإمضاء بأن يثبت بالكتابة ما يخالف ما دونه هو زوراً قولا منه بأن السند المدعى بتزويره تزيد قيمته على عشرة جنيهات. فمثل هذا الطلب وما يتصل به من دفاع لا يكون مقبولاً إذ لازمه أن يترك الأمر في الإثبات لمشيئة مرتكب التزوير وهو لا يقصد إلا نفي التهمة عن نفسه الأمر الممتنع قانوناً لما فيه من خروج بقواعد الإثبات عن وضعها. لما كان ذلك، فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه خلافاً لذلك الرأي من عدم جواز إثبات جريمة خيانة ائتمان الإمضاء المسلمة على بياض للطاعن بغير الكتابة متى كان المحرر الممهور به هذا التوقيع تزيد قيمته على عشرة جنيهات يكون بمنآى عن الصواب، بيد أن هذا التفسير الخاطئ الذي تردى فيه الحكم ليس بذي أثر في سلامته ما دام قد انتهى إلى جواز إثبات هذه الجريمة بالبنية بالنظر إلى قيام المانع الأدبي الذي حال دون الحصول على دليل كتابي ذلك أن المادة 403 من القانون المدني تجيز الإثبات بالبنية في حالة وجود مانع أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي وقيام هذا المانع أو عدم قيامه يدخل في نطاق الوقائع فتقديره متروك لقاضي الموضوع تبعاً لوقائع كل دعوى وملابساتها ومتى أقام قضاءه بذلك كما هو الحال في الدعوى على أسباب مؤدية إليه فلا تجوز المناقشة في ذلك أمام محكمة النقض ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن ذلك يكون في غير محله، ولا محل لما يحتج به الطاعن من صدور أحكام مدنية حائزة لقوة الشيء المقضي في شأن صحة عقد الإيجار المنسوب إليه خيانة ائتمان الإمضاء المسلم إليه على بياض لما هو مقرر وفقا للمادة 457 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه لا تكون للأحكام الصادرة من المحاكم المدنية قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها، ذلك أن الأصل أن المحكمة الجنائية مختصة بموجب المادة 221 من قانون الإجراءات الجنائية بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية أمامها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك وهي في محاكمة المتهمين عن الجرائم التي يعرض عليها الفصل فيها لا يمكن أن تتقيد بأي حكم صادر من أية جهة أخرى مهما كانت، وذلك ليس فقط على أساس أن مثل هذا الحكم لا تكون له قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة للدعوى الجنائية لانعدام الوحدة في الخصوم أو السبب أو الموضوع بل لأن وظيفة المحاكم الجنائية والسلطة الواسعة التي خولها القانون إياها للقيام بهذه الوظيفة بما يكفل لها اكتشاف الواقعة على حقيقتها كي لا يعاقب برئ أو يفلت مجرم ذلك يقتضي ألا تكون مقيدة في أداء وظيفتها بأي قيد لم يرد به نص في القانون. لما كان ما تقدم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكم الاستئنافية أن الطاعن طلب بنفسه أو بلسان الحاضر معه سماع أي شهود وكان للمحكمة وفقا للمادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه وكان الثابت أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب أي منهما أمام محكمة أول درجة سماع الشهود مما يعد معه نازلاً عن سماعهم، وكانت تلاوة أقوال الشهود الغائبين هي من الإجازات، فلا تكون واجبة إلا إذا طلبها المتهم أو المدافع عنه وهو ما لا يطلبه أيهما من المحكمة وكانت محكمة ثاني درجة إنما تحكم بحسب الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوما لإجرائه أو لاستكمال نقص في إجراءات المحاكمة أمام محكمة أول درجة وكانت المحكمة غير ملزمة - بعد حجز القضية للحكم - بإعادتها إلى المرافعة لإجراء تحقيق فيها بناء على طلب مقدم إليها في فترة حجزها للحكم، وكان لا جناح على المحكمة من بعد إذا هي عولت على أقوال الشهود في التحقيقات دون سماعهم ما دامت أقوالهم كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليهم من مطاعن وحام حولهم من الشبهات، كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض. لما كان كل ما تقدم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد كله يكون في غير محله. هذا وغنى عن البيان أن ما ورد بالنسخة الأصلية للحكم المطعون فيه من منطوق مغاير لذلك الثابت بمحضر الجلسة بإغفال النص على بطلان الحكم المستأنف وكان لم يوقع عليه في الميعاد القانوني وقضت محكمة النقض بنقض الحكم الاستئنافي لأنه تبنى منطوق ذلك الحكم الباطل مؤيدا له في شقه المتعلق بالدعوى المدنية ومعدلاً له في شقه الآخر المتعلق مما اعتبر تسليماً منه بوجود الحكم الباطل صحيحاً في منطوقه مردود إلى أسبابه فإنه لا يعدو أن يكون من قبيل الخطأ المادي الذي وقع فيه أمين سر الجلسة سهواً وهو بمعرض نقل ذلك المنطوق من رول المحكمة بعد أن التبس عليه الأمر بين منطوق الحكم المنقوض ومنطوق الحكم المطعون فيه، ولما كانت العبرة في الكشف عن ماهية الحكم هي بحقيقة الواقع وكان لازم ذلك هو الاعتداد بما يتبين يقيناً من محضر الجلسة ورول القاضي من أن منطوق الحكم قد جرى في الدعوى الجنائية بالنص على 1 - بطلان الحكم المستأنف 2 - بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم إصدار الحكم وفي الدعوى المدنية بتأييد الحكم المستأنف، وكان ذلك قد تأكد بما ورد بأسباب الحكم التي تكمل منطوقه في هذا الشأن وكان الطاعن لا يدعي في طعنه أن هذا الاختلاف يغاير حقيقة ما حكمت به المحكمة فإن هذا الخطأ في النقل لا يؤثر في سلامة الحكم ولا يعيبه ولا يقدح في صحته.
وحيث إنه لما سلف يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

الطعن 2004 لسنة 38 ق جلسة 6 / 1 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 8 ص 33


برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي, ومحمد نور الدين عويس, ومحمد أبو الفضل حفني, وأنور خلف.
-----------
- 1  رشوة. جريمة. "أركان الجريمة". موظفون عموميون.
كفاية أن يكون للموظف نصيب من الأعمال المطلوب أداؤها يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة.
لا يشترط في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة - بل يكفي أن يكون له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها, وأن يكون من عرض الرشوة قد اتجر معه على هذا الأساس.
2 ، 3 - رشوة. جريمة. "أركان الجريمة". موظفون عموميون.
متى تتحقق جريمة الرشوة في حق الموظف العام ومن في حكمه؟
2 - تتحقق جريمة الرشوة في جانب الموظف ومن في حكمه - طبقاً لنص المادتين 103 و103 مكرراً من قانون العقوبات - متى قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال الوظيفة كما تتحقق الجريمة أيضاً ولو خرج العمل عن دائرة الوظيفة بشرط أن يعتقد الموظف خطأ أنه من أعمال الوظيفة أو يزعم ذلك كذباً بصرف النظر عن اعتقاد الراشي فيما زعم الموظف أو اعتقد.
- 3  تقع جريمة الرشوة تامة بمجرد طلب الموظف الجعل، أو أخذه أو قبوله، ولو كان العمل الذي يدفع الجعل لتنفيذه غير حق، ولا يستطيعه الموظف أو لا ينتوي القيام به لمخالفته لأحكام القانون، ما دام العمل المطلوب في ذاته وبصورة مجردة داخلاً في اختصاص الموظف.
- 4  رشوة. جريمة. "أركان الجريمة". موظفون عموميون.
الزعم بالاختصاص. توافره بمجرد إبداء الموظف استعداده للقيام بالعمل الذي لا يدخل في اختصاصه.
يتوافر الزعم بالاختصاص ولو لم يفصح عنه الموظف أو يصرح به، إذ يكفي إبداء الموظف استعداده للقيام بالعمل الذي لا يدخل في نطاق اختصاصه لأن ذلك السلوك منه يفيد ضمناً زعمه ذلك الاختصاص.
- 5  رشوة. جريمة. "أركان الجريمة". موظفون عموميون.
تنفيذ الغرض من الرشوة. ليس ركنا في الجريمة.
إن تنفيذ الغرض من الرشوة بالفعل ليس ركناً في الجريمة.
- 6  رشوة. جريمة. "أركان الجريمة". موظفون عموميون.
تسوية الشارع، بما استحدثه من نصوص، بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة فيه.
سوى الشارع، في نطاق جريمة الرشوة، بما استنه في نصوصه التي استحدثها بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة فيه وذلك عن طريق الاتجار فيها.
--------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 24/5/1965 بدائرة قسم شبرا محافظة القاهرة: بصفته موظفا عموميا "وكيل قلم شئون الأفراد بالإدارة المالية بهيئة السكة الحديد" طلب لنفسه وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ من ..... "الكاتب بالإدارة المالية بقلم الفرز" مبلغ جنيهين لضم مدة خدمته السابقة بشركة ترام القاهرة سابقا لمدة خدمته الحالية بهيئة السكة الحديد في المعاش. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام, فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت في الدعوى حضوريا عملا بالمواد 103 و111/1 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الارتشاء قد أخطأ في تطبيق القانون، وشابه الفساد في التسبيب، ذلك بأن تحرير الخطاب - الذي دفع الجعل من أجله - إلى هيئة النقل العام للاستعلام عن مدة الخدمة السابقة للمبلغ لا يندرج تحت اختصاص الطاعن ولا هو زعم باندراجه فيه، بل ليس من أعمال سواه من الموظفين كذلك، ومن ثم فإن ما طلب أو أخذ يكون من عمل غير وظيفي وغير مزعوم اتصاله بالوظيفة، وقد ربط الحكم بين تحرير الخطاب وبين ضم مدة الخدمة لقاء جعل يتفق عليه فيما بعد مع أن الشاهد المبلغ لم يذكر أن الجعل دفع من أجل ضم مدة الخدمة السابقة إلى معاشه ومع أن ذلك ممتنع قانوناً لما سبق للطاعن أن رفضه لهذه العلة، كما خلا الحكم من بيان العمل الذي رأى أن له علاقة بالوظيفة مما يعيبه بما يوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت بياناً لواقعة الدعوى أن من يدعى ... كان يعمل بشركة ترام القاهرة قبل أن تتبع هيئة النقل العام في الفترة من عام 1937 إلى عام 1949 ثم التحق بهيئة السكة الحديد بوظيفة أمين مخزن في عام 1951 إلى أن صدر القانون رقم 50 لسنة 1953 الخاص بالتأمين والمعاشات لموظفي الدولة ومستخدميها، فتقدم إلى المدير العام المالي للهيئة التي يعمل بها بعدة طلبات لضم مدة خدمته السابقة بشركة الترام إلى المعاش كان آخرها الطلب المؤرخ 30/5/1964 والذي طلب فيه الاستعلام من هيئة النقل العام عن مدة خدمته السابقة بعد أن رفضت تسليمه شهادة عنها وكلفته طلبها رسمياً من الجهة التي يعمل فيها، وذلك توطئة لضمها إلى معاشه، وقد أشر مساعد المدير المالي بتحويل الطلب المذكور إلى رئيس شئون الأفراد بالإدارة المالية الذي أحاله بدوره في 31/5/1964 إلى المتهم الطاعن (وكيل قلم المستخدمين بالإدارة المالية) لاختصاصه بفحص هذه الطلبات وإبداء الرأي النهائي بشأنها، فأثبت بالطلب أن الطالب يشغل درجة يومية ولا يجوز ضم مدة شركة الترام إلى مدة اليومية، وأنه لا مبرر لذلك للاستعلام عن مدة خدمته السابقة وأشر بحفظ الطلب. وبتاريخ 19/5/1965 تقابل الطالب مع المتهم بمكتبه ليستفسر عن سبب عدم تنفيذ طلباته السابقة فكلفه أن يتقدم إليه بطلب جديد لا يثبت تاريخه يطلب فيه الاستعلام من هيئة النقل العام عن مدة خدمته بشركة الترام توطئة لضمها إلى معاشه، وطلب المتهم منه لنفسه مبلغ جنيهين يدفعه على سبيل الرشوة ليخاطب هيئة النقل العام بشأن مدة عمله السابقة ثم يتخذ بعد ذلك إجراءات ضم مدة خدمته وذلك لقاء مبلغ آخر يتفق عليه مستقبلاً بعد ضم المدة. وإذ قابله قدم له طلبه ونقده جعل الرشوة مبلغاً معلماً ثم ضبطه معه بناء على أمر من النيابة العامة بذلك. ودلل الحكم على هذه الواقعة بما ينتجها من وجوه الأدلة، وأثبت على الطاعن بإقراره وشهادة رؤسائه والعاملين معه تحديداً لاختصاصه الوظيفي أنه يعمل وكيلاً لقلم المستخدمين بالإدارة المالية، ويدخل في اختصاصه فحص الشروط التي يتطلبها ضم مدة الخدمة السابقة للخدمة الحالية في المعاش، أما القرار الذي يصدر بالضم فهو من اختصاص قسم المعاشات، وانتهى من تقريره واستدلاله إلى إدانة المتهم بجريمة الرشوة المقامة، وهو تقرير صحيح في الواقع سديد في القانون، ذلك بأنه يبين من المساق المتقدم أن المتهم طلب الرشوة وأخذها ليقوم بعمل معين هو توجيه الخطاب إلى هيئة النقل العام للاستفسار منها عن مدة الخدمة السابقة للطالب بعد أن تعذر عليه الحصول منها على إفادة رسمية بذلك بناء على طلبه توطئة لطلب ضم تلك المدة إلى معاشه، وأن هيئة النقل هي التي كلفته بالالتجاء إلى الجهة الرسمية التي يعمل بها لمخاطبتها في هذا الشأن. ولما كان المتهم مختصاً بالتحقيق من استيفاء الشروط التي يتطلبها ضم مدة الخدمة السابقة إلى الخدمة الحالية في المعاش، وكان بالضرورة مختصاً بمخاطبة الجهة التي كان يعمل بها طالب الضم لإفادته عن تلك المدة، وهو كل العمل الوظيفي الذي دفع الجعل مقابلاً له، ولا يمكن اعتبار الموظف المتهم مقحماً نفسه على ما لا شأن له به إذا قام بالاستفسار عن أمر لازم لمباشرة اختصاصه بحسب النطاق المرسوم لأعمال الوظيفة كما حددها القانون أو كلفه به رؤساؤه تكليفاً صحيحاً. وتحرير الخطاب بهذا المضمون أمر مستقل عن ضم مدة الخدمة السابقة للموظف الطالب سواء كان هذا الضم جائزاً أو ممتنعاً قانوناً لأن بحث أحقية طالب الضم لا يعرض بالبداهة إلا بعد معرفة المدة المطلوب ضمها، وهو ما تفطن إليه الحكم وبينه. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة - بل يكفي أن يكون له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها، وأن يكون من عرض الرشوة قد اتجر معه على هذا الأساس، وكان المستفاد من نص المادتين 103 و103 مكرراً من قانون العقوبات أن جريمة الرشوة تتحقق في جانب الموظف ومن في حكمه متى قبل أو طلب أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال الوظيفة كما تتحقق الجريمة أيضاً ولو خرج العمل عن دائرة الوظيفة بشرط أن يعتقد الموظف خطأ أنه من أعمال الوظيفة أو يزعم ذلك كذباً بصرف النظر عن اعتقاد الراشي فيما زعم الموظف أو اعتقد، وكان الزعم بالاختصاص يتوافر ولو لم يفصح عنه الموظف أو يصرح به إذ يكفي مجرد إبداء الموظف استعداده للقيام بالعمل الذي لا يدخل في نطاق اختصاصه لأن ذلك السلوك منه يفيد ضمناً زعمه ذلك الاختصاص، وكانت جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله، ولو كان العمل الذي يدفع الجعل لتنفيذه غير حق، ولا يستطيعه الموظف أو لا ينتوي القيام به لمخالفته لأحكام القانون، ما دام العمل المطلوب في ذاته وبصورة مجردة داخلاً في اختصاص الموظف، وما دام أن زعم الاختصاص يكفي لتمام الجريمة لأن تنفيذ الغرض من الرشوة بالفعل ليس ركناً في الجريمة، ولأن الشارع سوى في نطاق جريمة الرشوة بما استنه في نصوصه التي استحدثها بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة فيه وذلك عن طريق الاتجار فيها، وأن الشارع قدر أن الموظف لا يقل استحقاقاً للعقاب حين يتجر في أعمال الوظيفة على أساس موهوم عنه حين يتجر فيها على أساس من الواقع إذ هو يجمع بين إثمين هما الاحتيال والارتشاء، فلا جدوى للطاعن من جراء ما يثيره من دعوى انتفاء الاختصاص الوظيفي، وتعذر تنفيذ العمل المطلوب بحسب القانون. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد تفطن إلى المعاني القانونية المتقدمة، وكان لم يقصر في بيان حدود اختصاص الموظف ونوع العمل المقصود في جريمة الرشوة، فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعاً.

الطعن 1915 لسنة 38 ق جلسة 6 / 1 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 7 ص 29


برياسة السيد المستشار/ محمد صبري, وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل, ومحمود العمراوي, ومحمود عطيفة, والدكتور أحمد محمد إبراهيم.
-----------
- 1  فاعل أصلي. سرقة. جريمة.
الفاعل الأصلي في جريمة السرقة؟
متى كان الحكم قد أثبت أن المحكوم عليهم قد اتفقوا على سرقة مسكن المجني عليه وتوجهوا جميعاً إليه وساهم كل منهم بفعل من الأفعال المكونة للجريمة، فإن هذا يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين في الجريمة سواء من قام منهم بالاستيلاء فعلاً على المسروقات أو من بقى على مسرح الجريمة للمراقبة والحراسة وقت ارتكابها.
- 2  حكم. "تسبيبه. ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". سرقة.
خطأ الحكم في تحصيل أقوال المحكوم عليه المعترف. لا تأثير له على سلامته. شرط ذلك؟
لا ينال من سلامة الحكم أن يكون قد أخطأ في تحصيل أقوال المحكوم عليه المعترف فنسب إليه الإقرار باستيلاء الطاعن على الجهاز المسروق في حين أنه إنما أسند هذا الفعل إلى المحكوم عليه آخر ما دام أن هذا الخطأ بفرض وقوعه لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها.
- 3  حكم. "تسبيبه. ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". سرقة.
الخطأ في الإسناد الذي لا يعيب الحكم. شرطه؟
الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
- 4  إجراءات المحاكمة. إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود. شرط ذلك؟
خولت المادة 289 من قانون الإجراءات المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 - المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. ولما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن أو المدافع عنه لم يتمسك أي منهما بسماع الشهود مما يستفاد منه التنازل الضمني عن سماعهم، فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا هي عولت على أقوال الشهود في التحقيقات دون سماعهم ما دامت أقوالهم كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في غضون الفترة من 18 يوليو سنة 1962 إلى 23 يوليو سنة 1962 بدائرة قسم ثان طنطا: (أولا) المتهمون الأول والثاني والثالث والرابع سرقوا الأشياء المبينة بالمحضر وصفا وقيمة والمملوكة لـ......... (ثانيا) المتهم الخامس: أخفى الأشياء المتحصلة من الجريمة السالفة الذكر مع علمه بذلك. وطلبت عقابهم بالمادتين 317/1 و4 و5 و44 مكرر من قانون العقوبات. ومحكمة بندر طنطا الجزئية قضت في الدعوى غيابيا للرابع وحضوريا للباقين بتاريخ 25 نوفمبر سنة 1963 عملا بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين الثاني والثالث والرابع سنة واحدة مع الشغل وبراءة المتهم الأول من التهمة المسندة إليه. فعارض, وقضي في معارضته بتاريخ 18 مارس سنة 1968 بقبول المعارضة شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المتهم ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية ـ قضت حضوريا بتاريخ 3 من أبريل سنة 1968 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة السرقة قد شابه الخطأ في الإسناد والبطلان في الإجراءات، ذلك بأنه استدل على ثبوت الجريمة في حق الطاعن بأقوال المتهم الأول في الدعوى ... ونسب إليه أن قرر أن الطاعن هو الذي سرق "التليفزيون" بمفرده من مسكن المجني عليه في حين أن الثابت بالأوراق أنه إنما نسب هذا الفعل إلى المتهم الثالث - ومن ناحية أخرى فإن الأصل في الأحكام الجنائية أنها تبنى على التحقيقات التي تجرى بالجلسة في حضور المتهم إلا أن الحكم قضى بإدانة الطاعن دون إجراء أي تحقيق مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة السرقة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت مقارفة الطاعن وزميليه لجريمة السرقة في قوله "حيث إن التهمة ثابتة في حق المتهمين الثاني والثالث والرابع (الطاعن) من أقوال المتهم الثاني في محضر النيابة ومن محضر جمع الاستدلالات وتحريات رجال الشرطة ومن توقيع المتهمين الثالث والرابع على عقد بيع التلفزيون للسيد النقيب ... فقد اختلسوا منقولات مملوكة للغير بغير رضا مالكه وبنية امتلاكه فقد ذهب الثلاثة إلى طنطا ..... والطاعن حيث سرقوا المنقولات المملوكة لـ.... وقاموا ببيع جزء منها إلى النقيب .... وأخفوا الجزء الآخر طرف المتهم الخامس". كما حصل الحكم أقوال المتهم الثاني بما مؤداه أنه توجه صحبة الطاعن إلى طنطا بسيارة استأجرها الأخير لمدة ثلاثة أيام حيث قابلا المتهم الثالث وسرقوا مسكن المجني عليه وقام الطاعن بسرقة التليفزيون ثم عادوا إلى القاهرة حيث تم بيع التليفزيون المسروق إلى أحد الضباط وتصرف الطاعن في باقي المسروقات. ومفاد ما أثبته الحكم فيما تقدم أن المحكوم عليهم - بما فيهم الطاعن - قد اتفقوا على سرقة مسكن المجني عليه وتوجهوا جميعاً إليه وساهم كل منهم بفعل من الأفعال المكونة للجريمة وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين في الجريمة سواء منهم من قام بالاستيلاء فعلاً على المسروقات أو من بقى منهم على مسرح الجريمة للمراقبة والحراسة وقت ارتكابها ومن ثم فإنه لا ينال من سلامة الحكم أن يكون قد أخطأ في تحصيل أقوال المحكوم عليه المعترف فنسب إليه الإقرار باستيلاء الطاعن على التليفزيون في حين أنه إنما أسند هذا الفعل إلى المحكوم عليه الثالث ما دام أن هذا الخطأ - بفرض وقوعه - لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها والأصل أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 قد خولت المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. ولما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن أو المدافع عنه لم يتمسك أي منهما بسماع الشهود مما يستفاد منه التنازل الضمني عن سماعهم، فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا هي عولت على أقوال الشهود في التحقيقات دون سماعهم ما دامت أقوالهم كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس واجباً رفضه موضوعاً.

إخلاء الاماكن المؤجرة يحكمه القانون 136 لسنة 1981 ( دون 49 لسنة 1977 & 6 لسنة 1997 )

الدعوى رقم 161 لسنة 37 ق " دستورية " جلسة 1 / 12 / 2018
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من ديسمبر سنة 2018م، الموافق الثالث والعشرون من ربيع أول سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى    رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان   نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع         أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 161 لسنة 37 قضائية " دستورية "، بعد أن أحالت محكمة استئناف المنصورة، مأمورية الزقازيق، بموجب حكمها الصادر بجلسة 23/8/2015، ملف الاستئناف رقم 1059 لسنة 85 قضائية.


المقام من
أمجد إبراهيـــم خير الدين
ضــــد
1 - وزير الصحة والسكان
2 - مدير مكتب رعاية الطفل ببلبيس

الإجـراءات
بتاريخ الثالث من نوفمبر سنة 2015، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الاستئناف رقم 1059 لسنة 85 قضائية، تنفيذًا لحكم محكمة استئناف المنصورة، مأمورية الزقازيق، الصادر بجلسة 23/8/2015، بوقف السير في الاستئناف، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل فيما أغفله ولم يتضمنه النص في المادتين (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، المستبدلة بالقانون رقم 6 لسنة 1997، والأولى من القانون الأخير، من تنظيم لقواعد الامتداد القانوني وإنهاء عقود الإيجار للأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية العامة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائـر الأوراق – في أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/7/1974، استأجر مدير مكتب رعاية الطفل ببلبيس، بصفته نائبًا عن وزير الصحة، عينًا مملوكة للسيد / أمجد إبراهيم خليل، بقصد استعمالها مكتبًا لرعاية الطفل ببلبيس نظير أجرة شهرية، وبعد صدور القانون رقم 4 لسنة 1996 أقام المؤجر الدعوى رقم 60 لسنة 2014 إيجارات بلبيس بطلب الحكم بإنهاء العلاقة الإيجارية المشار إليها وتسليم العين خالية إليه. وبجلسة 30/3/2015، حكمت تلك المحكمة برفض الدعــــوى، فطعن المؤجر في هذا الحكم بالاستئناف رقم 1059 لسنة 85 قضائية أمام محكمة استئناف المنصورة، التي أصدرت بجلسة 23/8/2015، حكمها بوقف الاستئناف وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية المادتين (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977، في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر،    معدلاً بالقانون رقم 6 لسنة 1997، والأولى من القانون الأخير، فيما لم يتضمناه من تنظيم لقواعد الامتداد القانوني وإنهاء عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية العامة. وذلك لما ارتأته تلك المحكمة من مخالفة النصين المشار إليهما لنصوص المواد (8، 33، 35، 53، 54، 92) من الدستور.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى، على أن المصلحة الشخصية المباشرة تُعد شرطًا لقبول الدعوى الدستورية، وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة أمام محكمة الموضوع.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بحكمها الصادر بجلسة 5/5/2018، في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية" بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنته من إطلاق عبارة "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد ..." لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير أغراض السكنى، ونشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 19 مكرر (ب) بتاريخ 13 مايو سنة 2018، وكان مبنى هذا القضاء أن المشرع لم يجز بمقتضى صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر بعد انتهاء مدة الإجارة المتفق عليها في العقد، لتصير ممتدة بقوة القانون، ما لم يتحقق أحد أسباب الإخلاء المنصوص عليها حصرًا بتلك المادة، وقد جاءت عبارة ذلك النص، في شأن الامتداد القانوني لمدة عقد إيجار الأماكن، بصيغة عامة ومطلقة، لتشمل الأماكن المؤجرة لغرض السكنى أو لغير هذا الغرض، المؤجرة لأشخاص طبيعيين أو لأشخاص اعتبارية، عامة كانت أم خاصة. ولم يرد بنص المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه تقييد لهذا الإطلاق، فيما خلا عقود إيجار الأماكن المفروشة، فلا يسرى عليها الامتداد القانوني لمدة عقد الإيجار. لما كان ذلك، وكان النزاع المثار في الاستئناف المشار إليه سلفًا يدور حول طلب المستأنف الحكم بإخلاء المكان المؤجر لمكتب رعاية الطفل ببلبيس التابع لوزارة الصحة والسكان، وتسليمه له خاليًا، بعد انتهاء المدة التي حددها طرفا عقد الإيجار المشار إليه، وكان ما ورد بصدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، في حدود نطاقه المتقدم هو الحاكم لهذه المسألة، فإن القضاء بعدم دستوريته في الإطار المشار إليه، يكون محققًا المصلحة في الدعوى المعروضة، دون نص المادتين (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، والأولى من القانون رقم 6 لسنة 1997 السالف الذكر، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
      حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

الأحد، 13 يناير 2019

الطعن 1965 لسنة 50 ق جلسة 12 / 2 / 1985 مكتب فني 36 ج 1 ق 57 ص 253

جلسة 12 من فبراير سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: مدحت المراغي، جرجس إسحق، عبد الحميد سليمان والسيد السنباطي.

---------------

(57)
الطعن رقم 1965 لسنة 50 القضائية

(1) نقل. مسئولية "مسئولية الناقل الجوي".
مسئولية الناقل الجوي عن الضرر الذي يقع في حالة وفاة أو إصابة الراكب. مناطها. أن يقع الحادث على متن الطائرة أو أثناء عملية الصعود أو الهبوط. أساسها خطأ مفترض من جانب الناقل لا يرتفع عنه إلا إذا أثبت أنه وتابعيه قد اتخذوا كل التدابير اللازمة لتفادي الضرر أو كان من المستحيل عليه اتخاذها. م 17، 20، 22 اتفاقية فارسوفيا.
(2) تحكيم. نظام عام. اختصاص.
المتعاقدين الاتفاق على التحكيم لنظر ما ينشأ بينهم من نزاع. م 501 مرافعات. جواز الاتفاق على أن يتم بالخارج على يد غير مصريين دون أن يمس ذلك النظام العام.
(3) دعوى "دعوى الضمان".
دعوى الضمان. استقلالها عن الدعوى الأصلية. عدم اعتبارها طلباً عارضاً.

----------------
1 - المستفاد من نصوص المواد 17 و20 و22 من اتفاقية فارسوفيا الدولية للطيران المدني المعدلة ببروتوكول لاهاي الذي وافقت عليه مصر بالقانون رقم 644 لسنة 1955 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الناقل الجوي يكون مسئولاً عن الضرر الذي يقع في حالة وفاة أو إصابة أي راكب إذا كانت الحادثة التي تولد عنها الضرر قد وقعت على متن الطائرة أو أثناء عمليات الصعود أو الهبوط وهذه المسئولية مبنية على خطأ مفترض في جانب الناقل ولا ترتفع عنه إلا إذا أثبت أنه هو وتابعيه قد اتخذوا كافة التدابير اللازمة لتفادي وقوع الضرر أو كان من المستحيل عليهم اتخاذها.
2 - تنص الفقرة الأولى من المادة 501 من قانون المرافعات على أنه "يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة، كما يجوز الاتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ في تنفيذ عقد معين". فإن مفاد هذا النص. وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلاً، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع، وإن كان يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء، إلا أنه ينبني مباشرة وفي كل حالة على حدة على اتفاق الطرفين، كما أن المشرع لم يأت في نصوص قانون المرافعات بما يمنع أن يكون التحكيم في الخارج على يد أشخاص غير مصريين، إلا أن حكمة تشريع التحكيم تنحصر في أن طرفي الخصومة يريدان أن يمحص إرادتهما واتفاقهما تفويض أشخاص ليست لهم ولاية القضاء في أن يقضوا بينهما أو يحسموا النزاع بحكم أو يصلح يقبلان شروطه؛ فرضاء طرفي الخصومة هو أساس التحكيم، وكما يجوز لهما الصلح دون وساطة أحد فإنه يجوز لهما تفويض غيرهما في إجراء هذا الصلح أو في الحكم في النزاع يستوي في ذلك أن يكون المحكمون في مصر وأن يجري التحكيم فيها أو أن يكونوا موجودين في الخارج ويصدر حكمهم هناك فإرادة الخصوم هي التي تخلق التحكيم بطريق استثنائي لفض المنازعات وقد أقر المشرع جواز الاتفاق عليه ولو تم في الخارج دون أن يمس ذلك النظام العام.
3 - دعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية فلا تعتبر طلباً عارضاً فيها، وكانت اتفاقية فارسوفيا لا تنتظم سوى مسئولية الناقل عن إخلاله بالتزاماته الناشئة عن عقد النقل الجوي. فلا تسري ما تضمنته نصوصها من قواعد الاختصاص على العلاقة بين مؤسسة الخطوط الجوية الليبية والشركة المطعون ضدها الأخيرة الناشئة عن عقد التشغيل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى رقم 5459 سنة 1974 مدني كلي جنوب القاهرة ضد مؤسسة الخطوط الجوية الليبية التي يمتلكها الطاعنين بطلب إلزامها بأن تدفع لهم مبلغ عشرين ألف جنيه وقالوا بياناً لذلك إن مورثتهم كانت ضمن ركاب إحدى طائرات المؤسسة في طريقها للقاهرة يوم 21/ 2/ 1973 وقد انحرف قائد الطائرة عن مسارها المرسوم فدخل بمنطقة سيناء التي كانت محتلة وقتذاك بالقوات الإسرائيلية فاعترضته الطائرات الحربية الإسرائيلية وأجبرته على الهبوط بيد أنه ما لبث أن حاول الهرب بالطائرة قبل أن تتم هبوطها فلاحقته وأطلقت النيران على الطائرة فاحترقت بركابها وأنهم يقدرون التعويض عن الضرر الذي لحق بهم بسبب موت مورثتهم بالمبلغ المطالب به. أقامت المؤسسة دعوى فرعية ضد الشركة المطعون ضدها الرابعة بطلب الحكم عليها بما عسى أن يقضى به ضدها. حكمت المحكمة بإلزام مؤسسة الخطوط الجوية الليبية بأن تؤدي للمطعون ضدهم الثلاثة الأول مبلغ 200000 فرنك يوانكارية محسوباً بالجنيه المصري ومقوماً بسعره في يوم صدور الحكم في حدود مبلغ عشرين ألف جنيه مصري وبقبول الدفع المبدى من المطعون ضدها الرابعة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى الفرعية - استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 4814 سنة 96 ق القاهرة كما استأنفه المطعون ضدهم الثلاثة الأول بالاستئناف رقم 3010 سنة 97 ق القاهرة. وبجلسة 16/ 6/ 1980 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف الأول وبعدم قبول الاستئناف الثاني، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيقه القانوني والقصور في التسبيب وقالا بياناً لذلك إنهما تمسكا بانعدام مسئولية المؤسسة عن الحادث نظراً لقيام سبب أجنبي أدى لوقوعه يتمثل فيما ارتكبته الطائرات الإسرائيلية من اعتداء على الطائرة بإطلاق المدافع عليها مما أدى إلى سقوطها؛ وأنه إذا كان قائد الطائرة قد أخطأ بالانحراف عن مسارها المرسوم فإن خطأ الطائرات الإسرائيلية - وهو خطأ عمدي - قد استغرق خطأ قائد الطائرة بما تنتفي معه مسئولية المؤسسة هذا إلى أن الضرر قد وقع بسبب القتل الذي حدث نتيجة احتراق الطائرة وهو ما لا صلة بينه وبين عقد النقل - وبالرغم من تمسكها بذلك إلا أن الحكم لم يعرض لدفاعهما رغم أنه جوهري بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المستفاد من نصوص المواد 17، 20، 22 من اتفاقية فارسوفيا الدولية للطيران المدني المعدلة ببروتوكول لاهاي الذي وافقت عليه مصر بالقانون 644 سنة 1955 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الناقل الجوي يكون مسئولاً عن الضرر الذي يقع في حالة وفاة أو إصابة أي راكب إذا كانت الحادثة التي تولد عنها الضرر قد وقعت على متن الطائرة أو أثناء عمليات الصعود أو الهبوط وهذه المسئولية مبنية على خطأ مفترض في جانب الناقل ولا ترتفع عنه إلا إذا أثبت هو أنه وتابعيه قد اتخذوا كافة التدابير اللازمة لتفادي وقوع الضرر أو كان من المستحيل عليهم اتخاذها؛ لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع وتقدير عمل الخبير في الدعوى ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض متى كان استخلاصها قائماً على أسباب سائغة وحسبها أن تقيم قضاؤها على ما يكفي لحمله؛ وكان الحكم المطعون فيه قد أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي والتي تضمنت استناداً إلى التقرير الفني المقدم في الدعوى بياناً بأخطاء عديدة ارتكبها قائد الطائرة وأدت لوقوع الحادث أضاف لها قوله "بأن الحادث وقع نتيجة خطأ قائد الطائرة الذي بلغ أقصى درجات الرعونة وعدم الاكتراث عندما هبطت الطائرة استجابة لتهديد الطائرات الإسرائيلية ثم يعود قائدها بها خلسة محاولاً الفرار بشكل بطولي لا مبرر له غير عابئ بأنه في منطقة عسكرية معلن عنها دولياً مما أدى بالطائرات الإسرائيلية إلى إطلاق النار على الطائرة الليبية...." ثم استطرد قائلاً "فإن خطأ الطيران الإسرائيلي كان نتيجة حتمية لخطأ قائد الطائرة الليبية الذي قالت عنه محكمة أول درجة بحق أنه خطأ يعادل الغش مما يعتبر معه خطأ الغير قائد الطائرة - مستغرقاً لخطأ الطيران الإسرائيلي مما تنهار معه كل حجة للمستأنفين في دفع مسئوليتهما بالسبب الأجنبي" وإذ كان ذلك وكانت هذه الأسباب سائغة وتكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه فإن النعي عليه بهذا السبب لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه فيما قضى به بالنسبة للدعوى الفرعية مخالفة القانون وقالا بياناً لذلك إن الحكم أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بالفصل في دعوى الضمان الفرعية على سند من عقد التشغيل المبرم بين الطاعنة والمطعون ضدها الرابعة في حين أن هذه الدعوى لا تعدو أن تكون طلباً عارضاً مما يختص به القضاء المصري تبعاً لاختصاصه بالدعوى الأصلية التي أبدى فيها رأيه عملاً بالمادتين 33، 110 من قانون المرافعات ولا تسوغ قواعد النظام العام الاتفاق على استبعاد اختصاصه بها وتخليه عنه لقضاء أجنبي، هذا إلى أن اتفاقية فارسوفيا تحظر الاتفاق على تعيين قواعد الاختصاص المعقود لمحكمة جهة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 501 من قانون المرافعات تنص على أنه "يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة كما يجوز الاتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ عقد معين" فإن مفاد هذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلاً، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع وإن كان يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء إلا أنه ينبني مباشرة وفي كل حالة على حده على اتفاق الطرفين، كما أن المشرع لم يأت في نصوص قانون المرافعات بما يمنع أن يكون التحكيم في الخارج على يد أشخاص غير مصريين، لأن حكمة تشريع التحكيم تنحصر في أن طرفي الخصومة يريد أن يمحض إرادتهما واتفاقهما تفويض أشخاص ليست لهم ولاية القضاء في أن يقضوا بينهما أو يحسموا النزاع بحكم أو يصلح يقبلان شروطه، فرضاء طرفي الخصومة هو أساس التحكيم؛ وكما يجوز لهما الصلح دون وساطة أحد فإنه يجوز لهما تفويض غيرهما في إجراء هذا الصلح أو في الحكم في النزاع، يستوي في ذلك أن يكون المحكمون في مصر وأن يجري التحكيم فيها أو أن يكونوا موجودين في الخارج ويصدر حكمهم هناك، فإرادة الخصوم هي التي تخلق التحكيم كطريق استثنائي لفض المنازعات، وقد أقر المشرع جواز الاتفاق عليه ولو تم في الخارج دون أن يمس ذلك النظام العام، لما كان ما تقدم وكانت دعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية فلا تعتبر طلباً عارضاً فيها وكان اتفاقية فارسوفيا لا تنظم سوى مسئولية الناقل عن إخلاله بالتزاماته الناشئة عن عقد النقل الجوي فلا تسري ما تضمنته نصوصها من قواعد الاختصاص على العلاقة بين مؤسسة الخطوط الجوية الليبية والشركة المطعون ضدها الأخيرة الناشئة عن عقد التشغيل - وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه بعدم الاختصاص الولائي بنظر الدعوى الفرعية على أنها تستند إلى العقد المبرم بين مؤسسة الخطوط الجوية الليبية والشركة المطعون ضدها الأخيرة بتاريخ 2/ 2/ 1972 والمتضمن لشرط التحكيم وأن هذا الشرط صحيح ولا مخالفة فيه للنظام العام أو القانون فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن.

الطعن 749 لسنة 50 ق جلسة 20 /3 / 1985 مكتب فني 36 ج 1 ق 92 ص 427

جلسة 20 من مارس سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد إبراهيم خليل، عبد المنصف هاشم، أحمد شلبي ومحمد عبد الحميد سند.

----------------

(92)
الطعن رقم 749 لسنة 50 القضائية

(1 - 3) نقل "نقل جوي". مسئولية "مسئولية الناقل الجوي" "المسئولية العقدية". قانون "القانون الواجب التطبيق" (اتفاقية "اتفاقية فارسوفيا").
(1) عقد النقل الجوي الدولي. عدم وجود تذكرة السفر أو عدم انتظامها أو ضياعها. لا أثر له على قيام العقد أو صحته. مؤدى ذلك. خضوعه لأحكام اتفاقية فارسوفيا.
(2) الناقل الجوي. مسئوليته عن الحادث الناجم عنه الضرر في حالة وفاة أو إصابة الراكب على متن الطائرة أو أثناء عمليات الصعود أو الهبوط. أساس المسئولية. الخطأ المفترض في جانب الناقل. الإعفاء منها. شرطه. إثبات الناقل اتخاذه وتابعيه التدابير اللازمة لتفادي وقوع الضرر أو كان من المستحيل عليهم تفاديه.
(3) دعوى المسئولية. الحق في رفعها. قاصر على الراكب وخلفه العام عند وفاته. علة ذلك. أحكام اتفاقية فارسوفيا. جزء من التشريع المصري واجبة التطبيق مقيدة للتشريعات السابقة. الأشخاص الذين لهم حق التقاضي وحقوق كل منهم. تحديدهم طبقاً للتشريع الوطني.

-----------------
1 - المستفاد من نصوص المواد 3، 17، 20، 22، 24، 25 من اتفاقية فارسوفيا الدولية للطيران المعدلة ببروتوكول لاهاي أنه يتعين على الناقل الجوي في نقل الركاب تسليم تذكرة سفر على أنه لا يؤثر على قيام عقد النقل أو على صحته عدم وجود التذكرة أو عدم انتظامها أو ضياعها بل يظل العقد خاضعاً لأحكام الاتفاقية.
2 - الناقل الجوي يكون مسئولاً عن الضرر الذي يقع في حالة وفاة أو إصابة أي راكب إذا كان الحادث الذي نجم عنه الضرر قد وقع على متن الطائرة أو أثناء عمليات الصعود أو الهبوط، وهذه المسئولية مبنية على خطأ مفترض في جانب الناقل ولا ترتفع عنه إلا إذا أثبت هو أنه وتابعيه قد اتخذوا كل التدابير اللازمة لتفادي وقوع الضرر أو كان من المستحيل عليهم اتخاذها، وقد تحددت مسئوليته قبل كل مسافر بمبلغ محدد على النحو الوارد بالاتفاقية.
3 - مقتضى نص المادة 24 (من اتفاقية فارسوفيا) أنه لا يجوز رفع دعوى المسئولية في أية صورة كانت عن الضرر الذي يقع في حالة وفاة الراكب أو إصابته إلا بالشروط وفي الحدود المقررة في الاتفاقية، وهي على النحو سالف البيان، بلا مراء المسئولية العقدية التي تحددت قبل كل مسافر وتنتقل إلى خلفه العام عند وفاته دون إخلال بتحديد الأشخاص الذين لهم حق التقاضي ولا بحقوق كل منهم في هذا الشأن، وكانت مصر قد وافقت على الاتفاقية بالقانون رقم 593 لسنة 1955 كما وافقت على بروتوكول لاهاي المعدل لها بالقانون رقم 644 لسنة 1955، فإن أحكام تلك الاتفاقية تكون هي الواجبة التطبيق في هذا الخصوص باعتبارها مقيدة لما سبقها من تشريعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنين وأخرى أقاموا الدعوى رقم 1172 سنة 1975 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه الأول بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لهم مبلغ 50000 جنيه، وقالوا بياناً للدعوى أن المرحوم...... مورث الطاعنين الأول والثاني والرابعة والقصر المشمولين برعاية الطاعن الثالث وشقيق باقي الطاعنين كان ضمن ركاب الطائرة التابعة للمطعون عليه الأول والتي سقطت بتاريخ 21/ 2/ 1973 بصحراء سيناء واحترقت بمن فيها، وإذ كان المطعون عليه الأول قد أخل بالتزامه بنقل المسافر المذكور سليماً إلى جهة الوصول مما نجم عنه ضرر يستحق عنه تعويضاً برثون حق المطالبة به، كما أصابتهم أضرار مادية وأدبية يقدرون التعويض المستحق عنها بالمبلغ آنف الذكر، فأقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة البيان. وبتاريخ 30/ 6/ 1979 حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليه الأول بأن يدفع إلى الطاعنين وأخرى مبلغ 200000 فرنك محسوباً بالجنيه المصري على أساس فرنك ذهب مقوماً بسعره في يوم صدور ذلك الحكم يقسم بينهم حسب الفريضة الشرعية. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4815 سنة 96 ق مدني طالبين إلغاءه، كما استأنفه الطاعنون وأخرى بالاستئناف رقم 5280 سنة 96 ق مدني طالبين تعديله والقضاء بطلباتهم سالفة الذكر. وبتاريخ 28/ 1/ 1980 حكمت المحكمة برفض الاستئناف الأول وفي الاستئناف الثاني بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون عليه الأول بأن يدفع إلى الطاعنين وأخرى مبلغ 15000 جنيه يقسم بينهم حسب الفريضة الشرعية. طعن الطاعنون في الشق الثاني من هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من وجهين حاصلهما أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ لم يقض لهم بالتعويض عن الأضرار الشخصية التي أصابتهم من جراء الحادث واكتفى بالحكم بالتعويض الموروث تأسيساً على أن مسئولية الناقل الجوي تخضع لأحكام اتفاقية فارسوفيا دون غيرها. والتي تحدد مسئولية الناقل الجوي العقدية بمبلغ معين جابر لجميع أنواع وعناصر الضرر للراكب أو لخلفه العام في حالة وفاته في حين أن الأصل في القانون المصري أن كل من أصابه ضرر سواء كان الراكب نفسه أو من الغير يمكنه رفع دعوى التعويض عن الضرر الشخصي الذي يصيبه وللغير أن يستند إلى قواعد المسئولية التقصيرية أو المسئولية عن الأشياء، كما أن لورثة الراكب في حالة وفاته دعويين، الأولى من الضرر الذي أصاب الراكب نفسه قبل وفاته، والثانية عن الضرر الشخصي الذي أصابهم من جراء وفاة عائلهم أو عزيز لديهم، وتجيز المادة 222 من القانون المدني التعويض عن الضرر الأدنى وتخضع عناصر التعويض في النقل الجوي لحكم القواعد العامة حيث يشمل التعويض الضرر الأدبي سواء في المسئولية العقدية أو التقصيرية ولا تعارض في ذلك بين أحكام كل من التشريع المصري واتفاقية فارسوفيا رغم قصرها الحق في التعويض على المضرور وخلفه العام طالما أنها لم تنص على حرمان الغير من التعويض عما أصابه من ضرر شخصي من موت الراكب وأحالت إلى القانون الوطني لتحديد الأشخاص الذين لهم الحق في رفع الدعوى في حالة وفاة الراكب ولا يوجد ما يمنع من ازدواج التشريع في البلد الواحد ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المستفاد من نصوص المواد 3، 17، 10، 22، 24، 25 من اتفاقية فارسوفيا الدولية للطيران المعدلة ببروتوكول لاهاي أنه يتعين على الناقل الجوي في نقل الركاب تسليم تذكرة سفر على أنه لا يؤثر على قيام عقد النقل أو على صحته عدم وجود التذكرة أو عدم انتظامها أو ضياعها بل يظل العقد خاضعاً لأحكام الاتفاقية، والناقل الجوي يكون مسئولاً عن الضرر الذي يقع في حالة وفاة أو إصابة أي راكب إذا كان الحادث الذي نجم عنه الضرر قد وقع على متن الطائرة أو أثناء عمليات الصعود أو الهبوط، وهذه المسئولية مبنية على خطأ مفترض في جانب الناقل ولا ترتفع عنه إلا إذا أثبت هو أنه وتابعه قد اتخذوا كل التدابير اللازمة لتفادي وقوع الضرر أو كان من المستحيل عليهم اتخاذها، وقد تحددت مسئوليته قبل كل مسافر بمبلغ محدد على النحو الوارد بالاتفاقية، لما كان ذلك وكان مقتضى نص المادة 24 آنفة الذكر أنه لا يجوز رفع دعوى المسئولية في أية صورة كانت عن الضرر الذي يقع في حالة وفاة الراكب أو إصابته إلا بالشروط وفي الحدود المقررة في الاتفاقية، وهي على النحو سالف البيان، بلا مراء المسئولية العقدية التي تحددت قبل كل مسافر وتنتقل إلى خلفه العام عند وفاته دون إخلال بتحديد الأشخاص الذين لهم حق التقاضي ولا بحقوق كل منهم في هذا الشأن، وكانت مصر قد وافقت على الاتفاقية بالقانون رقم 593 لسنة 1955 كما وافقت على بروتوكول لاهاي المعدل لها بالقانون رقم 644 لسنة 1955، فإن أحكام تلك الاتفاقية تكون هي الواجبة التطبيق في هذا الخصوص باعتبارها مقيدة لما سبقها من تشريعات، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون هذا النعي لا أساس له.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 886 لسنة 46 ق جلسة 27 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 225 ص 1004


برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وإسماعيل محمود حفيظ، والسيد محمد مصري شرعان، ومحمد علي راغب بليغ.
-------------
- 1  ارتباط . حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". دفاع –" الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره". عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة".
تحقق الارتباط بين جريمة القتل الخطأ وباقي التهم المسندة إلى المتهم . عدم لزوم التحدث عن كل من هذه التهم استقلالا طالما قد أوقع الحكم عقوبة الجريمة الأشد .
لما كانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم تنبئ بذاتها عن الارتباط القائم بين جريمة القتل الخطأ وباقي التهم الثلاث المسندة إلى الطاعن - مخالفته لإشارة المرور، وقيادته سيارة دون أن يهدئ السير عند الاقتراب من ملتقى الطرق، وقيادة سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر - فإن إغفال الحكم التحدث عن إحدى هذه التهم الثلاث على استقلال لا يوجب نقضه ما دام أنه قد انتهى إلى معاقبة المتهم بعقوبة واحدة هي عقوبة الجريمة الأشد. القتل الخطأ.
- 2  بطلان . حكم " بيانات الحكم . بيانات الديباجة". نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
تحرير الحكم نموذج مطبوع لا يقتضي بطلانه . ما دام قد استوفي أوضاعه الشكلية وبياناته الجوهرية .
إن تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضي بطلانه ما دام الحكم قد استوفى أوضاعه الشكلية، والبيانات الجوهرية التي نص عليها القانون على ما هو عليه الحال في هذه الدعوى - فإن نعي الطاعن على الحكم لهذا السبب لا يكون مقبولاً.
- 3  إثبات " شهادة". استئناف " نظره والحكم فيه". دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".
استغناء المحكمة عن سماع الشهود . بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا . محكمة ثاني درجة تحكم على مقتضى الأوراق . لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه . سبق سكوت الطاعن عن التمسك بسماع الشهود أمام محكمة أول درجة . يعتبر تنازلا عن ذلك .
من المقرر أن نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 سنة 1957 يخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك - يستوي في ذلك أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً، بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه - وأن محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق، وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه، ولا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة، فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم، وكان المدافع عن الطاعن وإن أبدى طلب سماع أقوال الشهود أمام المحكمة الاستئنافية، فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسبق سكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة.
- 4  دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره". نظام عام . دعوى " دعوي جنائية . تحريكها".
الدفع بإقامة الدعوى الجنائية ممن لا يملكها . متعلق بالنظام العام . يسوغ إبداءه لأول مرة أمام محكمة النقض. ولو بعد مضي الأجل المضروب . شرطه . عدم تطلب تحقيق موضوعي . المحكمة غير ملزمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه والرد على ما كان منها ظاهر البطلان.
إن ما أثاره الطاعن من إقامة الدعوى الجنائية عليه ممن لا يملك رفعها قانوناً وفق المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية، إنما هو سبب متعلق بالنظام العام مما يسوغ إبداءه لأول مرة أمام محكمة النقض ولو بعد مضي الأجل المضروب لإيداع أسباب الطعنين، بشرط ألا يتطلب تحقيقاً موضوعياً، لما كان ذلك، وكان الدفع سالف الذكر يخالطه واقع، وكان هذا الواقع يستمد من مجرد الاطلاع على الأوراق المطروحة على بساط البحث - كالحال في الدعوى الماثلة دون حاجة إلى تحقيق وكان الواقع الثابت من المفردات المضمومة أن رئيس النيابة العامة قد أذن بإقامة الدعوى على الطاعن وكان في ذلك ما يدحض واقع هذا الدفع فإن الحكم المطعون فيه - والحال كذلك - لم يكن ملزماً بالإشارة إلى ذلك الدفع ولا تثريب عليه في الالتفات عنه، إعمالاً لما هو مقرر من عدم إلزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه، والرد على ما كان منها ظاهر البطلان.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم مصر الجديدة محافظة القاهرة: (أولا) تسبب خطأ في وفاة ..... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه ومراعاته القوانين بأن قاد سيارته بحالة ينجم عنها الخطر فصدم المجني عليه فحدثت إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. (ثانيا) خالف إشارة المرور المنظمة لحركة المرور وقواعده. (ثالثا) وهو قائد سيارة لم يهدئ السير عند الاقتراب من ملتقى الطرق. (رابعا) قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابه بالمادة 238/1 من قانون العقوبات ومواد القانون رقم 449 لسنة 1955. ومحكمة جنح مصر الجديدة الجزئية قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة شهور ومع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لإيقاف التنفيذ عن التهم الثلاث بلا مصاريف جنائية. عارض، وفي أثناء نظر المعارضة ادعى كل من ... زوجة المجني عليه .... - والديه - مدنيا بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية ثم قضى فيها بقبولها شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم الغيابي المعارض فيه والاكتفاء بتغريم المتهم مائة جنيه عن التهم الثلاث وفي الدعوى المدنية بإلزامه والمسئول عن الحقوق المدنية بأن يؤديا متضامنين للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة بلا مصروفات جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم بالمصاريف المدنية الاستئنافية. فطعن الأستاذ ..... المحامي بصفته وكيلا عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقدم تقريرا موقعا عليه منه.
-----------
المحكمة
حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر بإدانته بجريمة القتل الخطأ, قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع. ذلك بأنه أيد الحكم الابتدائي آخذاً بأسبابه رغم أنه أغفل الفصل في إحدى التهم المسندة إليه, ولم يفصح عن أي منها هي التي دان الطاعن بها. هذا فضلاً عن أنه حرر على نموذج مطبوع لم تراع فيه الأوضاع الشكلية والبيانات الجوهرية التي أوجبها القانون وقد أثار المدافع عن الطاعن لدى هذه المحكمة بجلسة اليوم أن الدعوى قد رفعت ضد الطاعن وهو موظف عام بغير الطريق القانوني لعدم الحصول على إذن من رئيس النيابة العامة برفعها عملاً بالمادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية كما أن المحكمة لم تستجب إلى طلب الدفاع لسماع أقوال شرطي المرور وهو الشاهد الوحيد في الدعوى
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه اقتصر في تحصيله واقعة الدعوى على واقعة القتل الخطأ التي دان الطاعن بها, وأورد على ثبوتها في حقه أدلة تؤدي إلى ما رتبه عليها استمدها من أقوال شاهد الإثبات ....... شرطي المرور - ومن التقرير الطبي. وانتهى إلى أن أوقع على الطاعن العقوبة المقررة لتلك الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 238 من قانون العقوبات باعتبارها العقوبة الأشد للتهم المسندة إليه عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات التي أشار الحكم إليها مع تلك المادة, لما كان ذلك وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم تنبئ بذاتها عن الارتباط القائم بين جريمة القتل الخطأ وباقي التهم الثلاث المسندة إلى الطاعن وهي مخالفته لإشارة المرور, وقيادته سيارة دون أن يهدئ السير عند الاقتراب من ملتقى الطرق, وقيادته سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر, فإن إغفال الحكم التحدث عن إحدى هذه التهم الثلاث على استقلال حسبما يثيره الطاعن في أسباب طعنه. لا يوجب نقضه ما دامت أنه قد انتهى إلى معاقبة المتهم بعقوبة واحدة هي عقوبة الجريمة الأشد - القتل الخطأ - وهو ما كان الأمر سينتهي إليه حتماً في واقعة الدعوى عملاً بحكم المادة 32 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم ومن ثم فإن هذا النعي يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضي بطلانه ما دام الحكم قد استوفى أوضاعه الشكلية. والبيانات الجوهرية التي نص عليها القانون على ما هو عليه الحال في هذه الدعوى - فإن نعي الطاعن على الحكم لهذا السبب لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك, وكان البين من محاضر جلسات محكمة أول درجة ودفاع الطاعن الذي تضمنته مذكرته المقدمة لتلك المحكمة بجلسة 11 من مايو سنة 1974 المودعة للمفردات المضمومة تحقيقاً للطعن أن المدافع عن الطاعن لم يطلب سماع أحد من الشهود لما كان ذلك وكان من المقرر أن نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 سنة 1957 يخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك - يستوي في ذلك أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً, بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه - وأن محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق, وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه, ولا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة, فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم, وكان المدافع عن الطاعن وإن أبدى طلب سماع أقوال الشهود أمام المحكمة الاستئنافية, فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسبق سكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان ما أثاره الطاعن بجلسة اليوم من إقامة الدعوى الجنائية عليه ممن لا يملك رفعها قانوناً وفق المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية, إنما هو سبب متعلق بالنظام العام مما يسوغ إبداءه, لأول مرة أمام محكمة النقض ولو بعد مضي الأجل المضروب لإيداع أسباب الطعنين, بشرط أن لا يتطلب تحقيقاً موضوعياً, لما كان ذلك وكان الدفع سالف الذكر يخالطه واقع, وكان هذا الواقع يستمد من مجرد الاطلاع على الأوراق المطروحة على بساط البحث - كالحال في الدعوى الماثلة دون حاجة إلى تحقيق وكان الواقع الثابت من المفردات المضمومة أن رئيس النيابة العامة قد أذن بإقامة الدعوى على الطاعن وكان في ذلك ما يدحض واقع هذا الدفع فإن الحكم المطعون فيه - والحال كذلك - لم يكن ملزماً بالإشارة إلى ذلك الدفع ولا تثريب عليه في الالتفات عنه, إعمالاً لما هو مقرر من عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه, والرد على ما كان منها ظاهر البطلان, لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة عملاً بحكم المادة 236 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.