الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 23 ديسمبر 2018

الطعن 9853 لسنة 79 ق جلسة 9 / 11 / 2013 مكتب فني 64 ق 138 ص 895

جلسة 9 من نوفمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / عبد الفتاح حبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مصطفى محمد ، محمود عبد الحفيظ ، خالد الجندي وعلي جبريل نواب رئيس المحكمة .
---------
(138)
الطعن 9853 لسنة 79 ق
(1) إثبات " شهود " . محكمة الجنايات " نظرها الدعوى والحكم فيها " . حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
صيغة الاتهام المبينة بالحكم . جزء منه . كفاية الإحالة إليها في بيان الواقعة .
لمحكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها القائمة المقدمة من النيابة العامة . ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة .
(2) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامته .
مثال .
(3) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
نعي الطاعن بعدم اتفاق أدلة قائمة الثبوت مع ما هو قائم بالأوراق وتناقض أقوال الشهود دون الكشف عن أوجهه . غير مقبول.
(4) إثبات " شهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن بخلاف ما قطع به الضباط في تحقيقات النيابة العامة بوجود الطاعن على مسرح الحادث . غير مقبول .
(5) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " المصلحة في الطعن " " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن على الحكم بشأن الكتاب الموجه من المتهم السابق محاكمته إلى المجني عليه . غير مجد . ما دام الحكم لم يستند إلى دليل مستمد منه .
(7) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
   إيراد الحكم دفاع الطاعن والرد عليه في بيان جلي مفصل. لا قصور.
(8) فاعل أصلي . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
    إثبات الحكم إسهام الطاعن بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ووجوده على مسرحها مع باقي المتهمين وقيامهم بالتعدي بالضرب على المجني عليه واقتياده قسراً لغرفة الكلاب الوحشية وإطلاقها عليه وسقوطه أرضاً لهلعه ورعبه منها مما أحدث إصابته التي أودت بحياته . كفايته لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين .
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(9) ضرب " ضرب أحدث عاهة " " ضرب أفضى إلى موت " . باعث . جريمة " أركانها ". قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
القصد الجنائي في جريمتي إحداث الجروح عمداً والتي ينشأ عنها عاهة والضرب المفضي إلى الموت . قصد عام . تحققه : بعلم الجاني بمساس الفعل بسلامة جسم المجني عليه أو صحته . تحدث المحكمة عنه استقلالاً . غير لازم . كفاية استفادته من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم .
تعلل الطاعن بأن إطلاق الكلاب الضارية على المجني عليه لمجرد تهديده وإرهابه . غير مجد . علة ذلك ؟
(10) ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . رابطة السببية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " . قصد جنائي . مسئولية جنائية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
علاقة السببية في المواد الجنائية . مادية . تقدير توافرها . موضوعي . ما دام سائغاً .
الجاني في جريمة الضرب أو إحداث الجرح عمداً . مسئول عن جميع النتائج المحتملة نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر .
مثال .
(11) اتفاق . سبق إصرار . ترصد . ظروف مشددة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن التفات الحكم عن دفاعه بعدم توافر الاتفاق بينه وبين باقي المتهمين وانتفاء ظرفي سبق الإصرار والترصد . غير مقبول . ما دام ثبت قيامه بفتح غرفة الكلاب وإطلاقها على المجني عليه .
(12) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . قتل خطأ.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
نعي الطاعن بأن الواقعة جنحة قتل خطأ أو مخالفة وليست ضرب أفضى إلى موت . منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة . غير جائزة أمام محكمة النقض .
(13) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
التفات الحكم عن الصلح الذي تم بين ورثة المجني عليه والمتهم . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(14) إثبات " بوجه عام " " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفي . استفادة الرد عليها من قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
 (15) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها "" المصلحة في الطعن " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
نعي الطاعن بشأن إيراد المحكمة دفاع متهمين إبان محاكمتهما السابقة بصورة مبتسرة وعدم سؤالها لمتهم رغم عدم استجوابه بمعرفة النيابة . غير مقبول . لعدم اتصاله بقضاء الحكم .
(16) محضر الجلسة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً . لا يعيب الحكم . ما دام لم يطلب إثباته صراحة في المحضر .
نعي الطاعن بمصادرة المحكمة حقه في الدفاع . غير جائز . ما لم يقدم الدليل على ذلك ولم يسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم .
(17) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تحصيل الحكم من أقوال شاهد الإثبات ما له صداه وأصله بالأوراق . النعي بخلاف ذلك . غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ، وتقرير الصفة التشريحية ، ومعاينة النيابة العامة لمكان الحادث ، وما ثبت من أقوال .... بالتحقيقات ، ومن الخطاب الكتابي المرفق بها والموجه من الطاعن إلى المجني عليه ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون ، وإذ كانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه فيكفي في بيان الواقعة والإحالة عليها ، كما أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها قائمة شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة ، وإيراده لمؤدى الأدلة التي استند إليها في قضائه كما تضمنتها قائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة - بفرض صحته - يكون لا محل له .
2- لما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية وأبرز ما جاء به من أن إجراء الصفة التشريحية على جثة المجني عليه قد أسفر عن وجود معالم وأثار إصابية على الجانب الأيسر للجثة خاصة على الجانب الأيسر للحوض وبالطرف السفلي الأيسر ونجم عن مجملها اختراق رأس وعنق عظمة الفخذ الأيسر لعظام الحوض المتفتتة واندفاعهما داخل تجويف الحوض على الناحية اليسرى مما أدى لحدوث تهتك بأنسجة وعضلات الجانب الأيسر للحوض وانزياح الجانب الأيسر لعظام الحوض إلى أعلى وأن تلك المعالم والأثار الإصابية في مجملها جائزة الحدوث من جراء سقوط المجني عليه من أعلى وتشير إلى أنه قد تلقى صدمة السقوط على قدمه اليسرى ومقعدته على جانبها الأيسر وتعزى وفاته لإصابته السالف بيانها وما نجم عنها من صدمة إصابية جسيمة ، فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه بصورة وافية لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه .
3- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن قد أطلق القول بعدم اتفاق الأدلة الواردة بقائمة أدلة الثبوت مع مـا هو قائم بالأوراق ، وبأن الحكم لم يعن برفع التناقض بين أقوال شهود الإثبات دون أن يكشف في طعنه عن وجه الخلاف بين تلك الأدلة وبين ما ورد بأوراق الدعوى ، أو يكشف كذلك عن وجه التناقض بين أقوال الشهود الذي يقول به ، ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول .
4- لما كان يبين من مطالعة الصورة الرسمية المرفقة من تحقيقات النيابة العامة أن العقيد .... قد قطع بوجود الطاعن على مسرح الجريمة - خلافاً لما يزعمه الأخير - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
5- من المقرر أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن أقوال الضابط المذكور لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض .
6- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه - خلافاً لما يقول به الطاعن - لم يتخذ من أي كتاب موجه من المتهم السابق محاكمته .... دليلاً قبل الطاعن على مقارفة الجريمة التي دانه بها ، بل عول في هذا الخصوص على الكتاب الموجه إلى المجني عليه من الطاعن ذاته ، فإن نعيه في هذا الشأن يكون غــير صحيح .
7- لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن ما أورده في بيانه لدفاع الطاعن والرد عليه إنما جاء - خلافاً لما يزعمه الطاعن - في بيان جلي مفصل ينبئ عن أن المحكمة قد ألمت به ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل .
8- لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن إسهامه بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ووجوده على مسرح الجريمة مع باقي المتهمين وقيامهم جميعاً بالتعدي بالضرب على المجني عليه واقتياده قسراً إلى الطابق الخامس بالمبنى محل الجريمة حيث توجد الغرفة المخصصة لعدد من الكلاب الوحشية الواثبة الضارية هائلة الحجم وإطلاق تلك الكلاب عليه فلاذ بالفرار هلعاً ورعباً من افتراسها إياه فسقط أرضاً من ذلك الطابق الشاهق مما أحدث إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين في الجريمة فإن ما ينعاه الطاعن في شأن التدليل على مشاركته في ارتكاب الجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
9- لما كانت جرائم إحداث الجروح عمداً والتي ينشأ عنها عاهة مستديمة وجرائم الضرب المفضي إلى الوفاة لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، ولما كانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في واقعة الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل منه ولا يجديه التعلل بأن إطلاق الكلاب الضارية على المجني عليه كان لمجرد تهديده وإرهابه لأنه يتصل بالباعث وهو غير مؤثر في توافر القصد الجنائي .
10- من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة إذا ما أتاه عمداً ، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه والمتهمين سالفي الذكر قيامهم بالتعدي على المجني عليه واقتياده عنوة إلى الطابق الخامس بالمبنى محل الجريمة وإطلاق الكلاب عليه على النحو المذكور آنفاً مما أدى إلى هلعه وسقوطه أرضاً من هذا الارتفاع وإحداث إصابته سالفة البيان ، ودلل على توافر رابطة السببية بين هذه الإصابات والوفاة بما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أن تلك الإصابات أفضت إلى الوفاة ، فإن في ذلك ما يحقق مسئوليته - في صحيح القانون - عن هذه النتيجة التي كان من واجبه أن يتوقع حصولها لما هو مقرر من أن الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قويم.
11- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ، والصورة الرسمية المرفقة من تحقيقات النيابة العامة - أن الطاعن هو من قام بفتح الغرفة المخصصة للكلاب سالفة الذكر وإطلاقها على المجني عليه ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن من التفات الحكم عن دفاعه القائم على عدم توافر الاتفاق بينه وبين باقي المتهمين ، أو خلو الأوراق من ظرفي سبـق الإصـرار والترصد .
12- من المقرر أنه من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق ، وكان النعي بأن الواقعة مجرد جنحة قتل خطأ أو مخالفة تنطبق على المادة 377/9،4 من قانون العقوبات وليست جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب .
13- من المقرر أنه لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين ورثة المجني عليه وبين المتهم في معرض نفي التهمة عنه وهو ما يدخل في تكوين معتقدها في الدعوى ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى اطراح هذا الصلح .
14- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصته من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن المستندات المقدمة تدليلاً على انتفاء مسئوليته هو وباقي المتهمين ، وعدم صحة أقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
15- لما كان ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بشأن إيراد محكمة الموضوع لدفاع المتهمين الثاني والثالث إبان محاكمتهما السابقة بصورة مبتسرة ، وعدم سؤال المحكمة للمتهم الثاني رغم عدم استجوابه بمعرفة النيابة العامة هو أمر لم يتصل بقضاء الحكم ، فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن فيه ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
16- من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز محاجتها من بعد ذلك أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليها تسجيله ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير مقبول .
17- لما كان يبين من مطالعة تحقيقات النيابة العامة - المرفق صورتها - أن ما حصله الحكم من أقوال شاهد الإثبات الرابع له صداه وأصله الثابت في الأوراق ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم بأنهم : ضربوا / .... عمداً بأن اقتادوه عنوة للدور الخامس بقرية .... إلى حيث غرفة مخصصة لحجز كلاب وحشية متعدين عليه بالضرب ومهددينه بإطلاقها فبثوا الرعب في نفسه وشلوا مقاومته وما أن وصلوا إليها أطلقوها عليه فلم يجد ملجأ إلا السقوط أرضاً فأحدثوا إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ولم يقصدوا من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موت .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات ، وبعد إعمال نص المواد ( 17 ، 55 /1 ، 56 /1 ) من ذات القانون ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ جلسة الحكم .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، كما انطوى على الإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في الإسناد ؛ ذلك بأنه اكتفى في بيان واقعة الدعوى ومضمون الأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة - لاسيما أقوال الشهود والتقرير الطبي الشرعي - بما ورد في وصف الاتهام وبقائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة رغم مخالفتها لما هو قائم بالأوراق ، ودون أن يرفع التناقض بين أقوال شهود الإثبات ، كما عول في الإدانة على أقوال شاهد الإثبات الرابع العقيد / .... بالتحقيقات رغم أنه قطع بعدم وجود الطاعن على مسرح الجريمة وبعدم إتيان أحد من المتهمين لأية أفعال مادية من شأنها المساس بجسد المجني عليه أو اتجاه إرادتهم إلى ذلك ، كما تساند في قضائه إلى الكتاب الموجه من المتهم الثاني .... - الذي سبق الحكم عليه - إلى المجني عليه بالحضور إلى مكان الواقعة رغم أنه لا يصلح دليلاً في هذا الخصوص ، هذا وقد أورد دفاعه بصورة مبتسرة لا تعبر عن مرماه واطرحه برد قاصر غير سائغ ، ولم تحفل محكمة الموضوع بدفاعه القائم على عدم اتهامه - بالذات أو بالواسطة - بأي فعل يمثل مساساً بالمجني عليه ، وأن الأخير هو من قام بإلقاء نفسه من إحدى نوافذ الطابق الخامس ، فضلاً عن انتفاء القصد الجنائي ونية الإيذاء لديه بدلالة ما شهد به الضابط المذكور من أن إطلاق الكلاب على المجني عليه كان لمجرد تهديده وإرهابه ، وكذا عدم توافر رابطة السببية بين ما قام به من أفعال وبين وفاة المجني عليه ، وبعدم وجود اتفاق بينه وبين باقي المتهمين على الاعتداء بما تنعدم معه المسئولية التضامنية بينهم لاسيما وقد خلت الأوراق من توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد ، هذا إلى أن للواقعة صورة أخرى مغايرة لتلك الواردة بالأوراق إذ لا تعدو أن تكون جنحة قتل خطأ أو مخالفة بالمادة 377/9،4 من قانون العقوبات ، فضلاً عن ذلك فقد التفتت المحكمة عن محضر الصلح المقدم في الدعوى والمتضمن عدول ورثة المجني عليه عن اتهامه ، وكذا عن المستندات المقدمة من المتهمين الثاني والثالث - الذين سبق الحكم عليهما - تدليلاً على انتفاء مسئوليتهم جميعاً عن الواقعة وعدم صحة أقوال شهود الإثبات ، كما أوردت دفاع هذين المتهمين إبان محاكمتهما السابقة بصورة مبتسرة لا تعبر عن مضمونه ، ولم تقم بسؤال المتهم الثاني رغم عدم استجوابه بمعرفة النيابة العامة ، كما وأن ما أثبت بمحضر جلسة المحاكمة لا يمثل حقيقة الدفاع الذي تمسك به المدافع عن الطاعن ، وأخيراً فإن ما أورده الحكم من أقوال شاهد الإثبات الرابع قد جاء على خلاف الثابت في الأوراق من حيث تسلسل الوقائع والقصد الجنائي والأفعال المادية المنسوبة إلى الطاعن ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ، وتقرير الصفة التشريحية ، ومعاينة النيابة العامة لمكان الحادث ، وما ثبت من أقوال .... بالتحقيقات ، ومن الخطاب الكتابي المرفق بها والموجه من الطاعن إلى المجني عليه ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون ، وإذ كانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه فيكفي في بيان الواقعة والإحالة عليها ، كما أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها قائمة شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة ، وإيراده لمؤدى الأدلة التي استند إليها في قضائه كما تضمنتها قائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة - بفرض صحته - يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية وأبرز ما جاء به من أن إجراء الصفة التشريحية على جثة المجني عليه قد أسفر عن وجود معالم وأثار إصابية على الجانب الأيسر للجثة خاصة على الجانب الأيسر للحوض وبالطرف السفلي الأيسر ونجم عن مجملها اختراق رأس وعنق عظمة الفخذ الأيسر لعظام الحوض المفتتة واندفاعهما داخل تجويف الحوض على الناحية اليسرى مما أدى لحدوث تهتك بأنسجة وعضلات الجانب الأيسر للحوض وانزياح الجانب الأيسر لعظام الحوض إلى أعلى وأن تلك المعالم والأثار الإصابية في مجملها جائزة الحدوث من جراء سقوط المجني عليه من أعلى وتشير إلى أنه قد تلقى صدمة السقوط على قدمه اليسرى ومقعدته على جانبها الأيسر وتعزى وفاته لإصابته السالف بيانها وما نجم عنها من صدمة إصابية جسيمة ، فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه بصورة وافية لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن قد أطلق القول بعدم اتفاق الأدلة الواردة بقائمة أدلة الثبوت مع مـا هو قائم بالأوراق ، وبأن الحكم لم يعن برفع التناقض بين أقوال شهود الإثبات دون أن يكشف في طعنه عن وجه الخلاف بين تلك الأدلة وبين ما ورد بأوراق الدعوى ، أو يكشف كذلك عن وجه التناقض بين أقوال الشهود الذي يقول به ، ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان يبين من مطالعة الصورة الرسمية المرفقة من تحقيقات النيابة العامة أن العقيد .... قد قطع بوجود الطاعن على مسرح الجريمة - خلافاً لما يزعمه الأخير - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن أقوال الضابط المذكور لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه - خلافاً لما يقول به الطاعن - لم يتخذ من أي كتاب موجه من المتهم السابق محاكمته .... دليلاً قبل الطاعن على مقارفة الجريمة التي دانه بها ، بل عول في هذا الخصوص على الكتاب الموجه إلى المجني عليه من الطاعن ذاته ، فإن نعيه في هذا الشأن يكون غــير صحيح . لما كان ذلك ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن ما أورده في بيانه لدفاع الطاعن والرد عليه إنما جاء - خلافاً لما يزعمه الطاعن - في بيان جلي مفصل ينبئ عن أن المحكمة قد ألمت به ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن إسهامه بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ووجوده على مسرح الجريمة مع باقي المتهمين وقيامهم جميعاً بالتعدي بالضرب على المجني عليه واقتياده قسراً إلى الطابق الخامس بالمبنى محل الجريمة حيث توجد الغرفة المخصصة لعدد من الكلاب الوحشية الواثبة الضارية هائلة الحجم وإطلاق تلك الكلاب عليه فلاذ بالفرار هلعاً ورعباً من افتراسها إياه فسقط أرضاً من ذلك الطابق الشاهق مما أحدث إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين في الجريمة فإن ما ينعاه الطاعن في شأن التدليل على مشاركته في ارتكاب الجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت جرائم إحداث الجروح عمداً والتي ينشأ عنها عاهة مستديمة وجرائم الضرب المفضي إلى الوفاة لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، ولما كانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في واقعة الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل منه ولا يجديه التعلل بأن إطلاق الكلاب الضارية على المجني عليه كان لمجرد تهديده وإرهابه لأنه يتصل بالباعث وهو غير مؤثر في توافر القصد الجنائي . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة إذا ما أتاه عمداً ، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه والمتهمين سالفي الذكر قيامهم بالتعدي على المجني عليه واقتياده عنوة إلى الطابق الخامس بالمبنى محل الجريمة وإطلاق الكلاب عليه على النحو المذكور آنفاً مما أدى إلى هلعه وسقوطه أرضاً من هذا الارتفاع وإحداث إصابته سالفة البيان ، ودلل على توافر رابطة السببية بين هذه الإصابات والوفاة بما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أن تلك الإصابات أفضت إلى الوفاة ، فإن في ذلك ما يحقق مسئوليته - في صحيح القانون - عن هذه النتيجة التي كان من واجبه أن يتوقع حصولها لما هو مقرر من أن الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قويم . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ، والصورة الرسمية المرفقة من تحقيقات النيابة العامة - أن الطاعن هو من قام بفتح الغرفة المخصصة للكلاب سالفة الذكر وإطلاقها على المجني عليه ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن من التفات الحكم عن دفاعه القائم على عدم توافر الاتفاق بينه وبين باقي المتهمين ، أو خلو الأوراق من ظرفي سبـق الإصـرار والترصد . لما كان ذلك ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق ، وكان النعي بأن الواقعة مجرد جنحة قتل خطأ أو مخالفة تنطبق على المادة 377/9،4 من قانون العقوبات وليست جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين ورثة المجني عليه وبين المتهم في معرض نفي التهمة عنه وهو ما يدخل في تكوين معتقدها في الدعوى ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى اطراح هذا الصلح . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصته من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن المستندات المقدمة تدليلاً على انتفاء مسئوليته هو وباقي المتهمين ، وعدم صحة أقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بشأن إيراد محكمة الموضوع لدفاع المتهمين الثاني والثالث إبان محاكمتهما السابقة بصورة مبتسرة ، وعدم سؤال المحكمة للمتهم الثاني رغم عدم استجوابه بمعرفة النيابة العامة هو أمر لم يتصل بقضاء الحكم ، فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن فيه ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز محاجتها من بعد ذلك أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليها تسجيله ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان يبين من مطالعة تحقيقات النيابة العامة - المرفق صورتها - أن ما حصله الحكم من أقوال شاهد الإثبات الرابع له صداه وأصله الثابت في الأوراق ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 18940 لسنة 86 ق جلسة 2 / 1 / 2017


باسم الشعب
محكمـة النقـض
الدائرة الجنائية
دائرة الاثنين ( أ )
ــــــــــــــــــــــــــ
المؤلفة برئاسة القاضـى/ إبراهيــــم الهنيـــدى      نائب رئيس المحكمــــــــــــــــــــــة
وعضويــة القضــاة/ أحمــــد سيــــــــد سليمــــان ،    عبــــــــــاس عبـــــــــد الســـــــلام
                         إبراهيــــــــم فــــــؤاد    و      السيــــد أحمــــــــــــــــــــــــــــد
                                              نواب رئيس المحكمــــــــــــــة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض/ هانى فكرى .
وأمين السر/ طاهر عبد الراضى .  
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الاثنين 4 من ربيع الآخر سنة 1438 هـ الموافق 2 من يناير سنة 2017 م.
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 18940 لسنة 86 القضائية .
المرفوع مـن
........
                                           ضـــــــــــــــد
النيــــابـــــــــــــــــة العــــــــامـــــــــــــــــة
..........                                           " المدعيان بالحق المدنى "
" الوقائـع "
اتهمـت النيابة العامة الطاعـن فى قضية الجناية رقم 27687 لسنة 2014 مركز طنطا ( المقيدة برقم كلى 2416 لسنة 2014 )  .
بأنه فى فجر الأول من يوليو سنة 2014 بدائرة مركز طنطا ـــــ محافظة الغربية .
ـــــــ قتل المجنى عليه الطفل/ ...... عمدًا مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على الخلاص ممن يعترض طريقه أو يحاول فضح أمره وذلك تسهيلًا وإتمامًا لسرقته المنقولات المملوكة للغير والمبينة بعد وأعد لذلك الغرض سلاحًا أبيض( خنجر ) وتسلل خلسة لمسكن والد المجنى عليه لسرقة محتوياته وما إن فطن المجنى عليه لوجوده وحاول الاستغاثة بوالديه حتى عاجله المتهم بعدة طعنات بالسلاح الأبيض حوزته والمعد سلفًا لهذا الغرض الإجرامى بالبطن والصدر والكتف الأيمن فتشبث به المجنى عليه ومازال على قيد الحياة محاولًا ضبطه فأبى شيطانه إلا أن يجهز عليه ويتيقن من مفارقته للحياة فنحر المجنى عليه باستخدام السلاح الأبيض سالف البيان نحر الشاة قاصدًا من ذلك إزهاق روحه محدثًا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية الخاصة به والتى أودت بحياته حال كون المجنى عليه طفلًا لم يبلغ من العمر ثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة وذلك على النحو الوارد بالتحقيقات وقد ارتبطت بتلك الجناية جنحة سرقة بطريق التسور ليلًا بقصد التأهب وارتكاب تلك الجنحة بالفعل وتسهيلها وهى أنه فى ذات الزمان والمكان سالفى الذكر سرق المنقولات المبينة بالأوراق وصفًا وقيمة وقدرًا ـــ هاتف محمول ، مبلغ مالى ـــــ والمملوكة للمجنى عليها/ ...... ــــ والدة المجنى عليه الأول ــــ حال حمله سلاحًا أبيض ليلًا بطريق التسور والكسر من الخارج وذلك على النحو الوارد بالتحقيقات .
ــــ أحرز بغير ترخيص سلاحًا أبيض ( خنجر ) والمستخدم فى الجريمة موضوع الاتهام الأول وذلك على النحو الوارد بالتحقيقات .
ــــ دخل بيتًا مسكونًا فى حيازة آخر وهو المجنى عليه/ ...... بقصد ارتكاب جريمة وهى الجرائم موضوع الاتهام الأول حال حمله سلاحًا أبيض بطريق التسور والكسر من الخارج ليلًا وذلك على النحو الوارد بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبته طبقًا للقيــــد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى والدى المجنى عليه مدنيًا قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمــــة المذكــــورة قــررت بجلســــة 4 مــــــن نوفمبـــــر سنـــــة 2015 وبــــإجماع الآراء بإرســال أوراق القضية إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي فيها وحددت جلسة 4 /2/ 2016 للنطق بالحكم .
وبالجلسة المحددة سلفًا قضت المحكمــــــة المذكورة حضوريًــا عملًا بالمواد 230 ، 231 ، 234/3 ، 316 مكررًا /ثانيًا وثالثًا ، 317/أولًا وثانيًا ورابعًا ، 370 ، 372 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 25 مكررًا/1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم (3) من الجدول رقم (1) المرفق بالقانون الأول والمضاف بقرار وزير الداخلية رقم 8541 لسنة 2006 والمادة 116 مكررًا من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات أولًا: بمعاقبته وبإجماع الآراء بإعدامه شنقًا ومصادرة السلاح الأبيض المضبوط لما أسند إليه. ثانيًا: بإلزامه بأن يؤدى للمدعيين بالحق المدنى مبلغًا وقدره عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى 6 من فبراير سنة 2016 .
 وأودعــت مذكــرة بأسباب الطعن فى 7 من مارس سنة 2016 موقعًا عليها من المحامى صلاح إبراهيم القفص .
 كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض بمذكرة مشفوعة برأيها طلبت فى ختامها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه .
  وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة0  
المحكمــــــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تـلاه السيد القاضى المقـرر والمرافعـة والمداولة قانونًا 0
حيث إن النيابة العامة وإن عرضت القضية على محكمة النقض بمذكرة دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى فى عرضها الميعاد المقرر بالمادة 34 من القانون رقـــم 57 لسنــــة 1959 فـــــى شأن حالات وإجراءات الطعن أمـــــام محكمـــــة النقض ، إلا أن تجاوز هذا الميعــاد وعلـــى مــــــا جرى بـــــه قضاء هذه المحكمـة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمــــة النقض تتصل بالدعوى بمجـــرد عرضها عليها لتستبيــن مــن نفسها ـــــ دون أن تتقيد بالرأى الذى انتهت إليه النيابة فى عرضها ـــــ ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبوله .
  وحيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه استوفى الشكل المقرر فى القانون .
  وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار المرتبط بجنحة سرقة بطريق التسور ليلًا مع حمل سلاح وإحراز سلاح أبيض دون مسوغ قانونى ودخول بيت مسكون فى حيازة آخر بقصد ارتكاب جريمة قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ذلك بأن ما أورده الحكم تدليلًا على توافر ظرف سبق الإصرار لا يكفى لتوافره فى حق الطاعن , مما يعيب الحكم ويوجب نقضه .
  وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بقوله: " إنه وبتاريخ سابق على حدوث الواقعة كان المتهم ......  ويعمل حدادًا مسلحًا مع عمال آخرين فى تشييد بناء منزل حديث لدى والد المجنى عليه ...... والذى كان يقيم هو والمجنى عليه وباقى أفراد أسرته فى منزل قديم ويتردد عليه المتهم لاستلام أجره من عمله وأنه يعرف مخارجه ومداخله جيدًا وفى فجر يوم 1/7/2014 عقد العزم والنية لسرقة محتويات ذلك المنزل لمروره بأزمة مالية ولعلمه سلفًا من والد المجنى عليه .... فتسلل المتهم خلسة إلى المنزل وأعد لذلك الغرض سلاحًا أبيض ( خنجر ) تسهيلًا وإتمامًا لسرقته وارتكاب بما يجب أن يتوقعه من نتائج مألوفة أو غير مألوفة لفعله إذا ما مانعه أحد من هذا الفعل عمدًا بطريق مباشر أو غير مباشر والتخلص ممن يعترض طريقه أو يحاول منعه أو فضح أمره مرتديًا جوانتى لإخفاء البصمات ثم صعد من سور بجانب المنزل بارتفاع متر واحد والنزول خلفه من الداخل حتى وصل إلى المسقط وانتظر برهة بعد النداء على والد المجنى عليه عدة مرات حتى تأكد من عدم وجود أى فرد من أفراد أسرته بداخل المنزل وقام بفتح باب المسقط الحديدى المعلق بعدة مسامير والذى يؤدى إلى صالة المنزل ومنها دلف المتهم إلى الحجرة التى تقع على يمين الداخل الكائن بها السرير الذى كـــــان ينام عليـــــه الطفل المجنـــــى عليـــه ورفع طرفى مرتبة السرير فلم يعثر علــــى ثمــــة شيء فاتجه ناحيــــة السراحة وفتح أدراجها بحثًا عن المـــال فعثر علــى محفظة حريمى ( بوك حريمـــى ) وبداخله مبالغ ماليــــة وبجواره هاتف محمول فأخذهمـــا ووضعهما داخل الجيــــب الأيمـــــن للجاكت الذى كان يرتديه ثم فوجئ باستيقاظ المجنى عليه الطفل من نومه ونزوله من فوق سريره مرددًا له أنه شاهده يقوم بسرقة تلك المبالغ المالية والهاتف المحمول وسوف يبلغ والده بذلك ثم استغاث بوالديه بالنداء عليهما وتوجه نحوه وأمسك به وحال ذلك أخرج الخنجر من بين طيات ملابسه وطعنه به فى بطنه مرتين متتاليتين فى مكانيين متقاربين وفى عدة أماكن أخرى بالصدر والكتف الأيمن وعندئذ تشبث به المجنى عليه وهو مازال على قيد الحياة محاولًا ضبطه فأبى شيطان المتهم إلا أن يجهز عليه ويتيقن من مفارقته للحياة فنحره بذلك الخنجر نحر الشاة قاصدًا من ذلك إزهاق روحه ومحدثًا الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته ثم تركه ملطخًا فى دمائه على الأرض وفر هاربًا من تلك الحجرة إلى حجرة أخرى وجد بها أنبوبة غاز عليها قطعة قماش فأخذ الأخيرة وأزال بها آثار الدماء التى على يديه وعلى الجوانتى  ووضعها مرة أخرى فى مكانها على الأنبوبة ثم اتجه إلى ناحية باب المنزل فوجده مغلقًا بترباس من الداخل فقام بفتحه والخروج منه حتى وصل إلى حجرة مهجورة بجوار شريط السكة الحديد وأخرج البوك الحريمى واستولى على المبالغ المالية التى كانت بداخله وقدرها ستون جنيها ثم أحرقه هو والجوانتى الذى كان يرتديه لإزالة آثارهما وأخرج كارت الهاتف المحمول المسروق ومزق شريحته واستولى على الهاتف وذهب به إلى منزله وشاهد آثار دماء على ملابسه التى كان يرتديها وقت الحادث فقام بتشغيل الغسالة الكائنة بمنزله ووضع فيها تلك الملابس لإزالة آثار الدماء حتى تم تنظيفها تمامًا ثم أخذ الخنجر الذى ارتكب به الواقعة وقام بغسله برابسوا هو والجراب محله وتنظيفه تمامًا بجزء من زيت الطعام ووضعه على النار حتى يتأكد من إزالة آثار الدماء عليه وإخفاء الهاتف المحمول خلف دولاب ملابسه وبعد ثلاثة أيام أخرجه من مكانه وأبلغ زوجته بشرائه لها والتى كانت تحمل هاتفًا محمولًا آخر فأخذه منها واعطاها الهاتف المسروق بعد تغيير شريحته وبعد مرور ثلاث أيام غير شريحة هاتفه المحمول وأعطى زوجته شريحة هاتفه المحمول وباع الهاتف المحمول المسروق للشاهد الخامس عبد الله وجيه عبد الله الجوهرى كما أنه قام ببيع الخنجر الذى ارتكب به الواقعة للشاهد الرابع مصطفى محمد سيد أحمد على الموينى وقد ارتبطت بتلك الجنايــــة جنحـة سرقــــة بطريق التسور ليـلًا بقصـــد التأهب وارتكاب تلك الجنحــــة بالفعل وتسهيلها وهــــى أنـــه فــــى ذات الزمــــان والمكان سالفــى الذكر سرق المنقولات المبينـة وصفًا وقيمة بالأوراق والمملوكة لوالدة المجنى عليه ......  حال حمل سلاح أبيض ليلًا بطريق التسور والكسر من الخارج . " ثم عرض الحكم إلى ظرف سبق الإصرار واستظهره فى قوله ــــ بعد أن أورد تقريرًا قانونيًا ـــــ " لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق واعترافات المتهم بتحقيقات النيابة العامة فى أنه وبتاريخ سابق على حدوث الواقعة كان المتهم يعمل حدادًا مع عمال آخرين فى تشييد بناء منزل جديد لدى والد المجنى عليه الذى كان يقيم هو وباقى أفراد أسرته فى منزل قديم ويتردد المتهم كثيرًا لاستلام أجره من عمله ويعرف مخارجه ومداخله وبسبب ضائقة مالية يمر بها ولسابق معرفته من والد المجنى عليه بوجود مبالغ مالية فى هذا المنزل عقد العزم والنية فى تاريخ الواقعة على سرقة محتويات ذلك المنزل وتسلل إليه بالطريقة المبينة بالأسباب حتى وصل إلى الحجرة الكائن بها المجنى عليه معدًا لذلك الغرض سلاحًا أبيض (خنجر) تسهيلًا وإتمامًا لسرقته وارتكاب بما يجب أن يتوقعه من نتائج لفعله إذا ما اعترض طريقه أى أحد محاولًا منعه أو فضح أمره وبعد قيامه بسرقة ما قام بسرقته من تلك الحجرة فوجئ باستيقاظ المجنى عليه من نومه ومشاهدته ما قام بسرقته ومقررًا له بإبلاغ والده عن تلك الواقعة والاستغاثة بوالديه ..... وحال ذلك طعنه عدة طعنات من خنجره القاتل بطبيعته فى أماكن متعددة من جسده حتى أمسك به المجنى عليه وهو مازال على قيد الحياة محاولًا ضبطه وعدم فراره إلا أن المتهم أجهز عليـــه بعدة طعنات فــــــى رقبتـــــه ونحره نحر الشاة حتى لا يستطيع ضبطـــه أو منعـه مــــن الهرب أو افتضاح أمره من توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد وجنحة السرقة بطريق التسور ليلًا بقصد التأهب وارتكاب تلك الجنحة بالفعل وتسهيلها وهو ما يقطع بتوافر سبق الإصرار فى حق المتهم الأمر الذى تنتهى معـــه المحكمــــة ويطمئن وجدانها إلــــى توافـــــر هذا الشرط فـــــى حقه . " وساق الحكم على صحة إسناد الواقعة إلى المتهم وثبوتها فى حقه على الصورة آنفة البيان أدلة استمدها من الاعتراف التفصيلى للمتهم بتحقيقات النيابة العامة وشهادة شهود الإثبات وتحريات الشرطة ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية للمجنى عليه وما أفادت به استعلامات شركات المحمول الثلاث , وحصّل الحكم مؤدى تلك الأدلة بما يتفق مـــع أصلها الثابت بالأوراق ـــــ علـــى مـــا يبين مـــن مطالعة المفردات المضمومـــة ـــــ وحيث إن القانون قد أوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل علـــى بيان الواقعة المستوجبــة للعقوبة بيانًا تتحقق بـه أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان قاصرًا . ولما كان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصًا ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلًا مع هذا الاستنتاج ، ويشترط لتوافره فى حق الجانى أن يكون فى حالة يتسنى له فيها التفكير فى عمله والتصميم عليه فى روية وهدوء . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم عن سبق الإصرار فيما تقدم من عبارات مرسلة ليس فى حقيقتها إلا ترديدًا لوقائع الدعوى كما أوردها فى صدره ، ولا يعد تعبيرًا عن تلك الحالة التى تقوم بنفس الجانى والتى يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التى تكشف عنها مما كان ينبغى على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى توافر هذا الظرف وذلك بعد أن خلا اعتراف المتهم ـــــ وهو الدليل الأساسى فى الدعوى ـــــ مما يدل على ذلك يقينًا , ولا يقدح فيما تقدم ما اعتنقه الحكم ودل عليه من أن الطاعن عقد العزم والنية على السرقة لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها فى حق الطاعن لا ينعطف أثره حتمًا إلى الإصرار على القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه . ولا يعترض على ذلك بأن عقوبة الإعدام الموقعة على الطاعن مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة طبقًا للفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات ذلك بأنه وإن كان يكفى لتغليظ العقاب عملًا بهذه المادة أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المرتبطة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام الارتباط السببى بينهما ـــــ وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره ــــ إلا أنه لا جدال فى أن لكل من الجريمتين أركانها وظروفها والعقوبة المقررة لها , فقد أوجبت المادة 230 من قانون العقوبات عند انتفاء موجبات الرأفة إنزال العقوبة الوحيدة وهى عقوبة الإعدام بكل من قتل نفسًا عمدًا مع سبق الإصرار على ذلك أو الترصد فى حين قضت المادة 234 من قانون العقوبات فى فقرتها الثالثة على أنه " أما إذا كان القصد منها ــــ أى من جنايـــــة القتل العمــــد المجــــرد مــــــــن سبق الإصــرار والتـــرصد ـــــ التــــأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها أو مساعــدة مرتكبها أو شركائهم علـــى الهرب أو التخلص مـــن العقوبة فيحكم بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة " . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه ــــ وعلى ما يبين من مدوناته ـــــــ قد جمع فى قضائه بين الظرفين المشددين سبق الإصرار والارتباط ـــــ وجعلهما معًا عماده فى إنزال عقوبة الإعدام بالطاعن ، فإنه وقد شاب استدلال الحكم على ظرف سبق الإصرار قصور يعيبه فلا يمكن ـــــ والحالة هذه ــــــ الوقوف على ما كانت تنتهى إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك ولا يعرف مبلغ الأثر الذى كان يتركه تخلف الظرف المشار إليه فى وجدان المحكمة لو أنها اقتصرت على إعمال الظرف المشدد الآخر ـــــ وهـــو الارتباط ـــــ الذى يبــــرر ـــــ عند توافره ــــ توقيع عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين أن يقترن نقض الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه بالإعادة .
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة:ــــ بقبول طعن المحكوم عليه شكلًا وعرض النيابة العامة للقضية وفى الموضوع بنقض الحكم المعروض المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات طنطا لتحكم فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين .

الطعن 8789 لسنة 6 ق جلسة 30 / 9 / 2013 مكتب فني 64 ق 115 ص 761

جلسة 30 من سبتمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / زغلول البلشي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / رفعت حنا ، مهاد خليفة ، علي نور الدين الناطوري وحمودة نصار نواب رئيس المحكمة .
------------
(115)
الطعن 8789 لسنة 6 ق
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . إثبات " بوجه عام " . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . ازدراء الأديان . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
بيان الواقعة بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراد أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها واستعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً . لا قصور .
عدم التزام المحكمة الأخذ بالأدلة المباشرة . حد ذلك ؟
استدلال الحكم على توافر ركن العلانية بما ينتجه . كافٍ .
ورود طرق العلانية بالمادة 171 عقوبات على سبيل البيان لا الحصر .
إيراد الحكم صراحة سوء نية المتهم . غير لازم للحكم بالعقوبة . حد ذلك ؟
مثال لتدليل سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمتي التعدي بالقول على أحد الأديان الذي تؤدى شعائره علناً والتحريض على التمييز ضد طائفة من الناس بسبب الدين .
(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
إثبات الحكم لمواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها . كفايته بياناً لمواد القانون التي حكم بمقتضاها .
مثال .
(3) محاماة . إجراءات " إجراءات محاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده . موكول لتقديره حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته .
(4) محكمة أول درجة . محكمة استئنافية . إجراءات" إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".
المحكمة الاستئنافية تفصل على مقتضى الأوراق . ما لم تر هي لزوماً لإجراء تحقيق معين أو سماع شهادة شهود . شرط ذلك ؟
عدم طلب مناقشة الشاكي أو سماع شهادة شهود أمام محكمة أول درجة . أثره : عدم التزام المحكمة الاستئنافية بإجابته أو الرد عليه .
(5) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير جائز .
مثال .
(6) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه . تعقبه المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(7) تقرير التلخيص . بطلان . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقرير التلخيص . ماهيته ؟ المادة 411 إجراءات .
ورود نقص أو خطأ بتقرير التلخيص . لا يبطل الحكم .
النعي على تقرير التلخيص بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
(8) ارتباط . عقوبة " عقوبة الجرائم المرتبطة " . ازدراء الأديان . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
تقدير توافر الارتباط وفقاً للمادة 32 عقوبات أو عدم توافره . موضوعي . شرط ذلك ؟
قضاء الحكم بعقوبة مستقلة لكل من جريمتي التعدي بالقول على أحد الأديان والتحريض على التمييز ضد طائفة من الناس . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه . أساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه الذي قضى بتأييد الحكم الابتدائي قد ذكر في مدوناته الألفاظ التي تلفظ بها الطاعن علانية على مرأى ومسمع من شهود الإثبات متعدياً على الدين الإسلامي ، فإنه يكون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث ، وكان لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة من جماع الأدلة المطروحة وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة ، بل أن لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ، وكان الحكم قد استدل على توافر ركن العلانية بما ينتجه مستنداً على ما حصله من أقوال الشهود بما مؤداه أن الطاعن قد عمد إلى إذاعة وإعلان الوقائع موضوع الدعوى بصوت عال داخل مكتب أحد الشهود بالمدرسة في وجود الشهود الآخرين وهو مكان يتواجد به أناس ، وهو ما يكفي للتدليل على توافر ركن العلانية ، ذلك أن طرق العلانية قد وردت في المادة 171 من قانون العقوبات على سبيل البيان لا على سبيل الحصر ، فإذا أثبت الحكم على المتهم أنه ردد العبارات التي استظهرها في مدوناته أمام عدة شهود وتم له ما أراد من استفاضة الخبر وذيوعه ، فإنه يكون قد استظهر توافر ركن العلانية ، كما هو معرف في القانون ، وكان لا يشترط في الحكم بالعقوبة أن يذكر فيه صراحة سوء نية المتهم ، بل يكفي أن يكون مجموع ما أورده في مدوناته يفيد ذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - بما يتحقق به القصد الجنائي ، ومن ثم فإن دعوى القصور والتناقض في التسبيب تنحسر عن الحكم المطعون فيه.
2- لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أورد في ديباجته وصف الجريمتين المسندتين إلى الطاعن ذاكراً مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ، ثم بعد أن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت قال " وهو الأمر الذي تقضي معه المحكمة بإنزال العقوبة على المتهم / .... بمعاقبته بالحبس بأقصى العقوبة المقررة بتأييد الحكم المستأنف " ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون.
3- لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن محامياً قد حضر مع الطاعن وقدم مذكرة بدفاعه ، وكان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمراً موكولاً إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل ، لا سيما وأن محضر الجلسة المشار إليه قد خلا مما يدعيه الطاعن بوجه طعنه .
4- لما كان الأصل أن المحكمة الاستئنافية تفصل على مقتضى الأوراق ما لم تر هي لزوماً لإجراء تحقيق معين أو سماع شهادة شهود إلا ما كان يجب أن تجريه محكمة أول درجة ، وإذ كان محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة قد خلا من تقدم الطاعن أو المدافع عنه بطلب مناقشة الشاكي أو سماع شهادة شهود ، فإن المحكمة الاستئنافية تكون غير ملزمة بإجابته أو حتى الرد عليه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون قويماً .
5- لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة ومن بعدها المحكمة عن التحقق من صحة قوله الذي ادعاه بوجه طعنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن طلب من المحكمة تدارك النقص الذي يدعيه ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود ، فإن ما يقول به الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .
6- لما كان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه طرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بالتراخي في الإبلاغ وبتلاحق الإجراءات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- لما كان تقرير التلخيص وفقاً للمادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية هو مجرد بيان يتيح لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات ، ولم يرتب القانون على ما يشوب التقرير من نقص أو خطأ أي بطلان يلحق الحكم الصادر في الدعوى ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يعترض على ما تضمنه التقرير ، فلا يجوز له من بعد النعي عليه بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض .
8- لما كان تقدير توافر الشروط المقررة في المادة 32 من قانون العقوبات أو عدم توافرها داخلاً في سلطة قاضي الموضوع ، له أن يقرر فيه ما يراه استناداً إلى الأسباب التي من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه ، إلا أنه متى كانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه تستوجب إعمال تلك المادة ، فإن عدم تطبيقها يكون من الأخطاء التي تقتضي تدخل محكمة النقض بتطبيق القانون على وجهه الصحيح استناداً إلى الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه من بيان الواقعة يتحقق به معنى الارتباط الوارد في الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات ، إذ إن عبارة الحكم تفيد أن جريمتي التعدي بالقول على أحد الأديان والتحريض على التمييز ضد طائفة من الناس قد نشأتا عن فعل واحد ، وهو ما يقتضي إعمال أحكام تلك المادة ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى فضلاً عن عقوبة جريمة التعدي بالقول على أحد الأديان بعقوبة مستقلة عن جريمة التحريض على التمييز ضد طائفة من الناس ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه لذلك نقض الحكم نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغائه فيما قضى به من عقوبة عن جريمة التحريض على التمييز ضد طائفة من الناس والاكتفاء بعقوبة جريمة التعدي بالقول على أحد الأديان .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : 1- تعدى على الدين الإسلامي والتي تقام شعائره علناً بأن قام بترديد ألفاظ كاذبة تسيء للرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وذلك علناً بمدرسة .... الإعدادية المشتركة .
2- حرض عمداً على التمييز بين طائفة من طوائف الناس المسلمين والمسيحيين وكان ذلك بسبب الدين بأن قام عمداً بترديد ألفاظ كاذبة علناً بمدرسة .... الإعدادية المشتركة بـ .... تسيء للرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكان ذلك تكدير للصلح والأمن العام على النحو المبين بالأوراق . وطلبت عقابه بالمواد 160/ 1 ، 161 /1 ، 171 /1 ، 176 من قانون العقوبات .
ومحكمة جنح .... قضت حضورياً أولاً : بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وغرامة خمسمائة جنيه عن التهمة الأولى . ثانياَ : وبحسبه ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ عن التهمة الثانية .
استأنف ومحكمة .... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي التعدي بالقول على أحد الأديان - الدين الإسلامي - الذي تؤدى شعائره علناً والتحريض على التمييز ضد طائفة من الناس بسبب الدين مما يكدر السلم العام ران عليه البطلان وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى وأدلة الإدانة إذ لم يستظهر وسيلة العلانية التي اتخذها الطاعن وكيفية التحريض الذي أتاه ، فضلاً عن تناقض أسبابه مع بعضها البعض واعتماده على أدلة ظنية تنبئ عن اضطراب فكرة الحكم عن الواقعة ، ثم أنه لم يشر إلى نص القانون الذي حكم بموجبه ، كما حرم الطاعن من إبداء دفاعه ومنع المحامين من الحضور للدفاع عنه إذ لم يسمح إلا لواحد منهم كلف بتقديم مذكرة بالدفاع دون مرافعة وأعرضت المحكمة عن إجابة طلبه بمناقشة الشاكي والشهود ، هذا إلى أن المحكمة عاقبت الطاعن بعقوبتين عن الجريمتين اللتين ودانته بهما مخالفة نص المادة 32 من قانون العقوبات ، كما أن النيابة العامة لم تتحقق فيما قالة الطاعن أي ما نسب إليه منقول عن إحدى القنوات التليفزيونية الفضائية ولم تعن المحكمة أيضاً بتحقيقه ولم تسمع شهود نفي ، ورغم التراخي في الإبلاغ عن الواقعة فقد تلاحقت الإجراءات بما يشير إلى عدم صدق الواقعة والتحريات التي أجريت حولها وعدم إعطاء الطاعن حقه في الدفاع عن نفسه ، هذا فضلاً عن قصور تقرير التلخيص ، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه .
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه الذي قضى بتأييد الحكم الابتدائي قد ذكر في مدوناته الألفاظ التي تلفظ بها الطاعن علانية على مرأى ومسمع من شهود الإثبات متعدياً على الدين الإسلامي ، فإنه يكون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث ، وكان لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة من جماع الأدلة المطروحة وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة ، بل أن لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ، وكان الحكم قد استدل على توافر ركن العلانية بما ينتجه مستنداً على ما حصله من أقوال الشهود بما مؤداه أن الطاعن قد عمد إلى إذاعة وإعلان الوقائع موضوع الدعوى بصوت عال داخل مكتب أحد الشهود بالمدرسة في وجود الشهود الآخرين وهو مكان يتواجد به أناس ، وهو ما يكفي للتدليل على توافر ركن العلانية ، ذلك أن طرق العلانية قد وردت في المادة 171 من قانون العقوبات على سبيل البيان لا على سبيل الحصر ، فإذا أثبت الحكم على المتهم أنه ردد العبارات التي استظهرها في مدوناته أمام عدة شهود وتم له ما أراد من استفاضة الخبر وذيوعه ، فإنه يكون قد استظهر توافر ركن العلانية ، كما هو معرف في القانون ، وكان لا يشترط في الحكم بالعقوبة أن يذكر فيه صراحة سوء نية المتهم ، بل يكفي أن يكون مجموع ما أورده في مدوناته يفيد ذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - بما يتحقق به القصد الجنائي ، ومن ثم فإن دعوى القصور والتناقض في التسبيب تنحسر عن الحكم المطعون فيه . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أورد في ديباجته وصف الجريمتين المسندتين إلى الطاعن ذاكراً مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ، ثم بعد أن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت قال " وهو الأمر الذي تقضي معه المحكمة بإنزال العقوبة على المتهم / .... بمعاقبته بالحبس بأقصى العقوبة المقررة بتأييد الحكم المستأنف " ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن محامياً قد حضر مع الطاعن وقدم مذكرة بدفاعه ، وكان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمراً موكولاً إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل ، لا سيما وأن محضر الجلسة المشار إليه قد خلا مما يدعيه الطاعن بوجه طعنه . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة الاستئنافية تفصل على مقتضى الأوراق ما لم تر هي لزوماً لإجراء تحقيق معين أو سماع شهادة شهود إلا ما كان يجب أن تجريه محكمة أول درجة ، وإذ كان محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة قد خلا من تقدم الطاعن أو المدافع عنه بطلب مناقشة الشاكي أو سماع شهادة شهود ، فإن المحكمة الاستئنافية تكون غير ملزمة بإجابته أو حتى الرد عليه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة ومن بعدها المحكمة عن التحقق من صحة قوله الذي ادعاه بوجه طعنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن طلب من المحكمة تدارك النقص الذي يدعيه ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود ، فإن ما يقول به الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه طرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بالتراخي في الإبلاغ وبتلاحق الإجراءات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان تقرير التلخيص وفقاً للمادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية هو مجرد بيان يتيح لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات ، ولم يرتب القانون على ما يشوب التقرير من نقص أو خطأ أي بطلان يلحق الحكم الصادر في الدعوى ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يعترض على ما تضمنه التقرير ، فلا يجوز له من بعد النعي عليه بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان تقدير توافر الشروط المقررة في المادة 32 من قانون العقوبات أو عدم توافرها داخلاً في سلطة قاضي الموضوع ، له أن يقرر فيه ما يراه استناداً إلى الأسباب التي من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه ، إلا أنه متى كانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه تستوجب إعمال تلك المادة ، فإن عدم تطبيقها يكون من الأخطاء التي تقتضي تدخل محكمة النقض بتطبيق القانون على وجهه الصحيح استناداً إلى الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه من بيان الواقعة يتحقق به معنى الارتباط الوارد في الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات ، إذ إن عبارة الحكم تفيد أن جريمتي التعدي بالقول على أحد الأديان والتحريض على التمييز ضد طائفة من الناس قد نشأتا عن فعل واحد ، وهو ما يقتضي إعمال أحكام تلك المادة ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى فضلاً عن عقوبة جريمة التعدي بالقول على أحد الأديان بعقوبة مستقلة عن جريمة التحريض على التمييز ضد طائفة من الناس ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه لذلك نقض الحكم نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغائه فيما قضى به من عقوبة عن جريمة التحريض على التمييز ضد طائفة من الناس والاكتفاء بعقوبة جريمة التعدي بالقول على أحد الأديان .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ