الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الاثنين، 3 ديسمبر 2018

الطعنان 14452 ،14297 لسنة 76 ق جلسة 18 / 1 / 2016

برئاسة السيد القاضي / يحيى جلال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضـاة / عبد الصبور خلف الله , مجدى مصطفى ، على جبريل نواب رئيس المحكمة وياسر فتح الله العكازى .
------------
(1 ،2) حكم " حجية الأحكام : حجية الحكم الجنائى " .
   (1) حجية الحكم الجنائى أمام المحاكم المدنية . مناطه . الوقائع التى كان فصل المحكمة الجنائية فيها ضرورياً لقيام الحكم الجنائى . أساسها . حجيته المطلقة على الكافة . علة ذلك . مؤداه . امتناع المحكمة المدنية مخالفة الحكم الجنائي . المادتان 456 أ ج ، 102 إثبات .
 (2) قضاء الحكم المطعون فيه برفض تسليم الطاعنين المشغولات الذهبية موضوع التداعي استناداً لخلو الأوراق من دليل على استلام المطعون ضده الأول لها رغم ثبوت واقعة التسليم لحساب الطاعنين بقضاء الحكم الجنائي . مخالفة للقانون . علة ذلك .
(3) حيازة " أنواع الحيازة : الحيازة فى المنقول " .
 رد الأشياء المضبوطة لحائزها وقت ضبطها . شرطه . عدم قيام منازعة أو شك فيمن له حق تسلمها . قيام المنازعة أو وجود الشك . مؤداه . وجوب العرض على محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة . جواز إحالتها للمحكمة المدنية . علة ذلك . المحكمة المدنية . التزامها بحث أصل الحق للفصل فيمن له حق تسلمها . المواد 107،105،102 ق أ ج . مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك النظر . خطأ .
ـــــــــــــــــــــــــ
  1- المقرر - فى قضاء محكمة النقض – أن مؤدى نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات يدل على أن الحكم الصادر فى موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو الإدانة تكون له حجية ملزمة أمام المحاكم المدنية فى الوقائع التى كان فصل المحكمة الجنائية فيها ضرورياً لقيام الحكم الجنائى ، وهـذه الـحـجية ليس أساسها قوة الأمر المقضى لاتحاد الخصوم والسبب والموضوع فى الدعويين المدنية والجنائية بل مردها ما للحكم الجنائى من حجية مطلقة على الكافة ومنهم أطراف الخصومة فى الدعوى المدنية ، وذلك لما قرره الشارع فى الإجراءات الجنائية من سلطة واسعة للمحاكم الجنائية فى تحرى الحقيقة وضمانات أكفل بإظهارها فى الدعوى الجنائية لتعلقها بأرواح الناس وحرياتهم وأعراضهم مما يتصل بمصلحة الجماعة لا مجرد فرد من أفرادها ، وكانت العلة التشريعية من تقرير حجية الحكم الجنائى هو درء احتمال وقوع تناقض بين الحكمين المدنى والجنائى فى المسألة الواحدة عينها بما يخل بالثقة الواجبة فى أحكام القضاء ويضر بالعدالة باعتبار أن الحكم القضائى جنائياً كان أم مدنياً هو عنوان الحقيقة ودليلها وأدلة الحق لا تتعارض ولا تتناقض بل يصدق بعضها بعضا ، ومن ثم يمتنع على المحكمة المدنية مخالفة الحكم الجنائى بإثبات واقعة نفتها المحكمة الجنائية  أو أن تنفى أمراً قضت بثبوته مادام أن بحثها لهذه الواقعة أو هذا الأمر كان لازماً للفصل فى الدعوى الجنائية بالإدانة أو البراءة .
   2- إذ كان الثابت من الصورة الرسمية – المقدمة من الطاعنين أمام محكمة الموضوع – للحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم .... لسنة 72 ق أنه قد دان الطاعنين لأنهم قاموا بتسليم المطعون ضده الأول المشغولات الذهبية المضبوطة وقدموا له ولآخرين وعدا بدفع مبلغ جنيهين ونصف عن كل جرام منها على سبيل الرشوة مقابل دمغ هذه المشغولات المملوكة لهم بأختام مصلحة دمغ المصوغات والموازين خارج نطاق هذه المصلحة ، وكان البين من مدونات هذا الحكم أن المحكمة الجنائية قد عرضت لبحث واقعة التسليم السالفة البيان باعتبارها مسألة لازمة للفصل فى ثبوت أو نفى الجريمة المنسوبة إلى الطاعنين والمطعون ضده الأول وخلصت إلى ثبوتها ثبوتاً لا يخالطه الريب بناءً على ما عددته من أدلة وساقته من شواهد واتخذت منها عماداً لقضائها بالإدانة فإن واقعة تسلم المطعون ضده الأول المشغولات الذهبية من الطاعنين على النحو سالف البيان قد أصبحت أمراً مقضياً بصدور ذلك الحكم الجنائى ، وهو ما يعتبر دالاً بالاقتضاء على أن حيازة المطعون ضده الأول للمشغولات الذهبية وقت ضبطها هى حيازة عرضية وقتية لحساب الطاعنين فلا يجوز له أن يحتج بهذه الحيازة قبلهم ، ولا يملك أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته ولا الأصل الذى تقوم عليه هذه الحيازة ، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه برفض طلب الطاعنين تسليمهم المشغولات الذهبية موضوع الـتـداعى عـلى خلـو الأوراق من دلـيـل عـلى تـسـلـيـمـهم هذه المشغولات للمطعون ضده الأول فإنه يكون قد ناقض جـوهـر الـحـكـم الـجـنـائـى الـذى تـقـدم بـيـانـه آنـفـاً وأهدر حجيته بنفى واقعة التسليم التى أثبتتها المحكمة الجنائية ، وكانت مسألة أساسية لازمة لقضائها بالإدانة فإنه يكون قد خالف القانون .
   3- مؤدى نصوص المواد 107،105،102 من قانون الإجراءات الجنائية تدل على أن رد الأشياء المضبوطة إلى من كانت فى حيازته وقت ضبطها مشروط بعدم قيام منازعة أو وجود شك فيمن له حق تسلمها فعلى الحالين يمتنع على النيابة العامة وقاضى التحقيق الأمر بالرد ، ويجب عرض الأمر على محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة مشورة ، ولها متى ارتأت أن النزاع حول من له أحقية تسلم المضبوطات يحسن طرحه على القضاء المدنى – أن تحيل الخصوم للتقاضى أمام المحكمة المدنية – كما هو الحال فى الدعوى الراهنة ، وفى هذه الحالة يتعين على المحكمة المدنية بحث أصل الحق توصلاً إلى الفصل فيمن له حق تسلم الأشياء المضبوطة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه القواعد المتقدمة وقصر نظره على ظاهر نص المادة 102 من قانون الإجراءات دون أن يعرض لسائر النصوص – وخاصة المادتين 105 ، 107 من هذا القانون – التى تتناول نفس الموضوع والاستهداء بها جميعاً للتوصل إلى الحكم القانونى الصحيح ، واتخذ من نص المادة 102 سند لقضائه برغم أن قيام النزاع بين الخصوم فيمن له حق تسلم المشغولات الذهبية المضبوطة ورفع الأمر إلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة مشورة التى قررت إحالة الخصوم إلى المحكمة المدنية يحول دون تطبيق ذلك النص الذى يتوقف إعمال حكمه – وعلى ما سلف بيانه – على انتفاء النزاع حول ملكية الأشياء المضبوطة فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً أيضاً بالخطأ فى تطبيق القانون .
ـــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
   بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقـرر  والمرافعة ، وبعد المداولة .
      حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية .
   وحيث إن وقائع الطعنين – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الطاعن والمطعون ضدهم الثلاثة الأول فى الطعن رقم .... لسنة 76 ق تقدموا بطلبات إلى النيابة العامة لتسلم المشغولات الذهبية وفقاً لحكم محكمة النقض الصادر فى الطعن رقم .... لسنة 72 ق ولإثارة النزاع حول ملكيتها أحيلت إلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة والتى أحالته لمحكمة شمال القاهرة الابتدائية حيث تم قيدها برقمى .... ، .... لسنة 2004 مدنى وحكمت للطاعن والمطعون ضدهما الثانى والثالث فى الطعن رقم .... لسنة 76 ق بالطلبات . استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم .... لسنة 9 ق ، وبتاريخ ../../2006 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبتسليم المطعون ضده الأول المشغولات الذهبية . طعن الطاعن فى الطعن رقم .... لسنة 76 ق والطاعنان فى الطعن رقم .... لسنة 76 ق فى هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة فى كل منهما مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة فى غرفة مشورة ، قررت ضمهما للارتباط ، وحددت جلسة لنظرهما ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
        حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون بأسباب الطعنين رقمى .... ، .... لسنة 76 ق على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وفى بيان ذلك يقولون إنه رفض تسليمهم المشغولات الذهبية المضبوطة فى قضية الجناية رقم .... لسنة 1992 عين شمس على سند من أنها كانت فى حيازة المطعون ضده الأول وقت ضبطها بما يوجب ردها إليه إعمالاً لنص المادة 102 من قانون الإجراءات الجنائية وخلو الأوراق من دليل على أنهم سلموها له قبل الضبط ، فى حين أن ملكيتهم لتلك المشغولات الذهبية وقيامهم بتسليمها للمطعون ضده الأول لدمغها خارج نطاق مصلحة دمغ المصوغات والموازين مسألة حسمها الحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم .... لسنة 72 ق الذى أسس قضاءه بإدانة الطاعنين والمطعون ضده الأول على ثبوت تلك الواقعة فيكون الحكم المطعون فيه قد خالف حجية هذا الحكم الجنائى الذى قطع فى أسبابه المرتبطة بالمنطوق بملكيتهم للمضبوطات المار بيانها وبأن حيازة المطعون ضده الأول لها عرضية مما يعيبه ويستوجب نقضه .
        وحيث إن هذا النعى سديد ، ذلك بأنه لما كان مؤدى نص المادتين 456     من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الحكم الصادر فى موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو الإدانة تكون له حجية ملزمة أمام المحاكم المدنية فى الوقائع التى كان فصل المحكمة الجنائية فيها ضرورياً لقيام الحكم الجنائى ، وهـذه الـحـجية ليس أساسها قوة الأمر المقضى لاتحاد الخصوم والسبب والموضوع فى الدعويين المدنية والجنائية بل مردها ما للحكم الجنائى من حجية مطلقة على الكافة ومنهم أطراف الخصومة فى الدعوى المدنية ، وذلك لما قرره الشارع فى الإجراءات الجنائية من سلطة واسعة للمحاكم الجنائية فى تحرى الحقيقة وضمانات أكفل بإظهارها فى الدعوى الجنائية لتعلقها بأرواح الناس وحرياتهم وأعراضهم مما يتصل بمصلحة الجماعة لا مجرد فرد من أفرادها . وكانت العلة التشريعية من تقرير حجية الحكم الجنائى هو درء احتمال وقوع تناقض بين الحكمين المدنى والجنائى فى المسألة الواحدة عينها بما يخل بالثقة الواجبة فى أحكام القضاء ويضر بالعدالة باعتبار أن الحكم القضائى جنائياً كان أم مدنياً هو عنوان الحقيقة ودليلها وأدلة الحق لا تتعارض ولا تتناقض بل يصدق بعضها بعضا ، ومن ثم يمتنع على المحكمة المدنية مخالفة الحكم الجنائى بإثبات واقعة نفتها المحكمة الجنائية أو أن تنفى أمراً قضت بثبوته مادام أن بحثها لهذه الواقعة أو هذا الأمر كان لازماً للفصل فى الدعوى الجنائية بالإدانة أو البراءة . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الصورة الرسمية – المقدمة من الطاعنين أمام محكمة الموضوع – للحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم .... لسنة 72 ق أنه قد دان الطاعنين لأنهم قاموا بتسليم المطعون ضده الأول المشغولات الذهبية المضبوطة وقدموا له ولآخرين وعدا بدفع مبلغ جنيهين ونصف عن كل جرام منها على سبيل الرشوة مقابل دمغ هذه المشغولات المملوكة لهم بأختام مصلحة دمغ المصوغات والموازين خارج نطاق هذه المصلحة ، وكان البين من مدونات هذا الحكم أن المحكمة الجنائية قد عرضت لبحث واقعة التسليم السالفة البيان باعتبارها مسألة لازمة للفصل فى ثبوت أو نفى الجريمة المنسوبة إلى الطاعنين والمطعون ضده الأول وخلصت إلى ثبوتها ثبوتاً لا يخالطه الريب بناءً على ما عددته من أدلة وساقته من شواهد واتخذت منها عماداً لقضائها بالإدانة فإن واقعة تسلم المطعون ضده الأول المشغولات الذهبية من الطاعنين على النحو سالف البيان قد أصبحت أمراً مقضياً بصدور ذلك الحكم الجنائى ، وهو ما يعتبر دالاً بالاقتضاء على أن حيازة المطعون ضده الأول للمشغولات الذهبية وقت ضبطها هى حيازة عرضية وقتية لحساب الطاعنين فلا يجوز له أن يحتج بهذه الحيازة قبلهم ، ولا يملك أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته ولا الأصل الذى تقوم عليه هذه الحيازة ، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه برفض طلب الطاعنين تسليمهم المشغولات الذهبية موضوع الـتـداعى عـلى خلـو الأوراق من دلـيـل عـلى تـسـلـيـمـهم هذه المشغولات للمطعون ضده الأول فإنه يكون قد ناقض جـوهـر الـحـكـم الـجـنـائـى الـذى تـقـدم بـيـانـه آنـفـاً وأهدر حجيته بنفى واقعة التسليم التى أثبتتها المحكمة الجنائية ، وكانت مسألة أساسية لازمة لقضائها بالإدانة فإنه يكون قد خالف القانون ، ولا يغير من ذلك ما قرره الحكم المطعون فيه من أن حيازة المطعون ضده الأول للمشغولات الذهبية وقت ضبطها يوجب ردها إليه وفقاً لما تقضى به المادة 102 من قانون الإجراءات الجنائية ، ذلك أن النص فى هذه المادة على أنه " يكون رد الأشياء المضبوطة إلى من كانت فى حيازته وقت ضبطها " وفى المادة 105 منه على أنه " يؤمر بالرد ولو من غير طلب . ولا يجوز للنيابة العامة ولا لقاضى التحقيق الأمر بالرد عند المنازعة ويرفع الأمر فى هذه الحالة أو فى حالة وجود شك فيمن له الحق فى تسلم الشئ إلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة بالمحكمة الابتدائية بناء على طلب ذوى الشأن لتأمر بما تراه " وفى المادة 107 من ذات القانون على أنه " للمحكمة أو لمحكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة أن تأمر بإحالة الخصوم للتقاضى أمام المحاكم المدنية إذا رأت موجباً لذلك .... " وهذه النصوص مجتمعة تدل على أن رد الأشياء المضبوطة إلى من كانت فى حيازته وقت ضبطها مشروط بعدم قيام منازعة أو وجود شك فيمن له حق تسلمها فعلى الحالين يمتنع على النيابة العامة وقاضى التحقيق الأمر بالرد ، ويجب عرض الأمر على محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة مشورة ، ولها متى ارتأت أن النزاع حول من له أحقية تسلم المضبوطات يحسن طرحه على القضاء المدنى – أن تحيل الخصوم للتقاضى أمام المحكمة المدنية – كما هو الحال فى الدعوى الراهنة ، وفى هذه الحالة يتعين على المحكمة المدنية بحث أصل الحق توصلاً إلى الفصل فيمن له حق تسلم الأشياء المضبوطة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه القواعد المتقدمة وقصر نظره على ظاهر نص المادة 102 من قانون الإجراءات دون أن يعرض لسائر النصوص – وخاصة المادتين 105 ، 107 من هذا القانون – التى تتناول نفس الموضوع والاستهداء بها جميعاً للتوصل إلى الحكم القانونى الصحيح ، واتخذ من نص المادة 102 سند لقضائه برغم أن قيام النزاع بين الخصوم فيمن له حق تسلم المشغولات الذهبية المضبوطة ورفع الأمر إلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة مشورة التى قررت إحالة الخصوم إلى المحكمة المدنية يحول دون تطبيق ذلك النص الذى يتوقف إعمال حكمه – وعلى ما سلف بيانه – على انتفاء النزاع حول ملكية الأشياء المضبوطة فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً أيضاً بالخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه .
                وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ، ولما تقدم ، 
ـــــــــــــــــــــــــ

عدم اختصاص المحكمة الدستورية باستبعاد الفريق سعد الشاذلي من تكريم كبار قادة القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر


القضية رقم 19لسنة 14 ق "دستورية " جلسة 8 /4/ 1995
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة في يوم السبت 8 ابريل سنة 1995 الموافق 8 ذو القعدة سنة 1415 هـ .
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : الدكتور/ محمد إبراهيم أبو العينين وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور/ عبد المجيد فياض وعدلى محمود منصور أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفى على جبالى    رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ حمدى أنور صابر       أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
 في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 19لسنة 14 قضائية " "دستورية "
المقامة من
السيد / فريق متقاعد سعد محمد الحسينى الشاذلى
ضد
1- السيد / رئيس الجمهورية
2- السيد / رئيس مجلس الوزراء
3- السيد/ وزير الدفاع
4 - السيد / رئيس مجلس الشعب
5 - السيد / رئيس مجلس الشورى
-------------
- 1  حرب أكتوبر "دور قادتها وجنودها فيها: سماتهم".

أحاط هؤلاء بنبضهم أمتهم مصر، الرائدة أبداً، الباقية خلداً، ما زاغ بصرهم عنها وما تولى، فكانوا معها، وبها، إرادة لا تلين.
ان المحكمة الدستورية العليا ـ وقبل تعرضها للمطاعن المثارة فى الدعوى الدستورية الماثلة ـ يعنيها أن تؤكد أن قادة وجنود هذا النصر العظيم فى أكتوبر ـ وبوجه خاص من أداروا حربها أعدادا وتطويراً، إقداما والتحاماً، بذلا وفداء عزما وتصميماً، جرأة واقتدارا اندفاعاً واقتحاماً، عزة وأملاً، نضالاً بالدماء وإرواء بالعرق والدموع لا يهنون ولا يتخاذلون ولا يمارون، شرعتهم الحق موئلا، وعقيدتهم النضال إصراراً جميعهم من هذه الأمة العظيمة فى أعماق قلبها، أعادوا أليها أشرافها وضياء وجهها رفعوا بإيمانهم هامتها وما تفرقوا وأقاموا لبأسها دعائم من قوة النيران ، أحاطوا بنبضهم أمتهم مصر، الرائدة، الباقية خلدا، ما زاغ بصرهم عنها وما تولى، فكانوا معها، وبها، وإرادة لا تلين ولا تقهر، تقتلع من الحياة أعداءها، وترد إليها ينابيعها، لتظل للحرية آفاقها، ولتعلو راياتهم فوق كل الجباه .
- 2  دعوى دستورية: المصلحة فيها - تشريع "القرار بقانون رقم 35 لسنة 1979 بشأن تكريم كبار قادة القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر".
إدراج اسم المدعي بين المشمولين بهذا القرار بقانون، واقتضائه وفقاً لأحكامه، للحقوق المالية - محل دعواه الموضوعية - يفترض قيام ذلك القرار بقانون فيما نص عليه بشأنها، طلب المدعي الحكم بعدم دستورية هذا القرار بقانون في جملة أحكامه، يعني طلبه إزالة آثاره القانونية كلها، ويهدم الدعوى الموضوعية بالتالي من أساسها، عدم تحقق مصلحة المدعي من طلبه ذلك.
إدراج اسم المدعى بين المشمولين بالتكريم، أو تصدره لهم، وحصوله بالتالي على الحقوق المالية التى فصلها القرار بقانون المطعون فيه _ وهى محل دعواه الموضوعية يفترض أن يظل هذا القرار بقانون قائما فيما نص عليه بشأنها، وكان ما قرره وكيل المدعى من أن مصلحة المدعى كما تتحقق على النحو المتقدم، فإنها تتوافر كذلك، وإذا ما أبطلت المحكمة الدستورية العليا هذا القرار بقانون، حتى لا يفيد من النصوص القانونية التى تشمل عليها، من أساسها ولا يقيم بنيانها، ذلك أن الحكم بعدم دستورية هذا القرار بقانون فى مجمل أحكامه، يعنى تجريدها من قوة نفوذها، وزوال الآثار القانونية التى رتبتها، لتؤول عدما فلا تولد حقا لأحد، ولا يقوم بها مركز قانوني لا للمدعى ولا لغيره، ولتفقد الحقوق المالية _ محل دعواه الموضوعية _ دعامتها بل عن اتصال دعواه الموضوعية بالنصوص المطعون عليها شرط لقبول دعواه الدستورية على ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من ان المصلحة الشخصية المباشرة فى تلك الدعوى مناطها ارتباطها بالمصلحة القائمة فى النزاع الموضوعى، وذلك بأن يكون الحكم فى المطاعن الدستورية، مؤثرا فى موضوع النزاع المتصل بها والمطروح على محكمة الموضوع .
- 3  تشريع القرار بقانون رقم 35 لسنة 1979 المشار إليه "الأغراض التي توخاها".
توخي هذا القرار بقانون أن يكون تكريم من خططوا لحرب أكتوبر وأداروها، مقصوراً على عدد محدود من بينهم "رمزاً لجموعهم" ليعهد إليهم بمهام من طبيعة استشارية.
البين من إحكام القرار المطعون فيه، وكذلك ما جاء بصدده بتقرير لجنه الأمن القومي والتي تعرض لهما المحكمة الدستورية اللازمة للفصل فى اختصاصها _ أن ما توخاه هذا القرار بقانون هو أن يكون التكريم مقصورا على عدد محدود من قادة حرب أكتوبر، يتولون بنص مادته الثانية تقديم المشورة فى الشئون العسكرية ذات الأهمية الخاصة التي يطلب منهم إبداء الرأي فيها، وذلك طوال حياتهم، ودون أن يكون تكليفهم بذلك مؤديا إلى شغلهم لوظائف محددة داخل الهيكل التنظيمي للقوات المسلحة، ليظل الباب مفتوحا أمام غيرهم ممن يستحقون الترقى إلى وظائف القيادة بذات القدرة والكفاءة التي توفرت لمن سبقهم من قادة حرب أكتوبر الباقية فى ذاكرة التاريخ أبدأ .وما تقدم يعنى، أن عددا غير قليل ممن خططوا لحرب أكتوبر وأداروها، وكانوا من كبار قادتها _ كقواد الجيوش وقواد الفرق _ لم يشملهم بقانون المطعون فيه، وغنما اقتصر التكريم على عدد محدود من بينهم، " رمزا لجموعهم " ليعهد إليهم دون غيرهم بالمهام التى حددتها المادة التى حددتها المادة الثانية من القرار المشار إليه، وهى مهام مدارها مشورة يقدمونها عند طلبها _ فى مجال الشئون العسكرية الهامة التي تمرسوا فيها وكانوا من خبرائها ولا يعتبر قصرها عليهم ملقيا بظلال من الريبة على من عداهم، أو نافيا لأهليتهم، أو إنكارا لجدارتهم أو تميزهم .

- 4  تشريع "القرار بقانون رقم 35 لسنة 1979 المشار إليه: معياره".
إدراج اسم المدعي بين الذين شملتهم المادة الأولى من القرار بقانون المشار إليه لا يستقيم إلا وفقاً لأحد معيارين:- الأقدمية أو الجدارة.
إدراج اسم المدعى بين هؤلاء الذين شملتهم المادة الأولى من القرار بقانون المطعون فيه أو على رأسهم، لا يستقيم إلا من أحد مدخلين أو وفقا لأحد معيارين أولهما : أن يكون هذا القرار بقانون _ محددا نطاقا على ضوء الأغراض التى سعى إلى تحقيقها _ منصرفا إلى عدد محدود من القاعدة، وتنظيم جميعا دائرة واحدة، تكون أقدمية الرتبة العسكرية إطارا لها وعندئذ يكون الأقدام هو ألاحق بالتقرير، ولو لم يكن هو الجدر بما أداه من جلائل العمال إبان تلك الحرب، ثانيهما : إن يكون هذا القرار بقانون، مبجلا لكل القادة الذين كان دورهم فى العمليات الحربية ظاهرا، بأن كان بلاؤهم فى التخطيط لها، أو إعدادها، أو تنفيذها مشهودا وعندئذ يكون الأجدر هو الحق بالتقدير، ولو لم يكن هو الأقدم .
- 5  تشريع "القرار بقانون رقم 35 لسنة 1979 المشار إليه: معيار الأقدمية".
ما توخاه هذا القرار بقانون، هو أن يكون تعظيم بعض القادة رمزاً لتقدير كل من قام بدور رائد في هذه الحرب، من غير المتصور أن يكون مناط التقدير عائداً إلى أقدمية الدرجة الوظيفية منظوراً إليها استقلالاً عن أية عوامل تقترن بها.
المعيار الأول لا تظاهره إحكام القرار بقانون المطعون فيه، وذلك من جهتين، اولاهما ان ما توخاه القرار بقانون حقا وقصد إليه عملا، هو أن يكون تعظيم عدد من قادة تلك الحرب رمزا لتقدير كل من قام بدور رائد فيها بما مؤداه أن انحصار التكريم فى عدد محدود من بينهم، لا يعنى أن من عداهم كانوا أقل شأنا أو جهدا، ثانيهما : أن كل تكريم يفترض تقييما موضوعيا يدور حول أعمال بذاتها يكون هو محورها و يتعين بالتالي أن يكون الأساس فيه مقاييس قوامها ما أداه نفر من القادة من أعمال تشهد بتميزهم وتؤكد نفوقهم من دون الآخرين وهو ما يقتضي وزن أعمالهم، وترتيبهم فيما بينهم على ضوئها، ولا يتصور _ من ثم _ أن يكون مناط التقدير عائدا إلى أقدمية الدرجة منظورا إليها استقلالا عن أية عوامل تتداخل معها أو تقرن بها، إذ لا شان لا قدميتهم تلك بإقدامهم أو تضحياتهم، وهو ما أكده تقرير لجنة الأمن القرمى والتعبئة القومية، حين أبان عن أن من شملهم التقدير كانوا عونا لمصر فى تحقيق نصرها العظيم من خلال مبادأتهم، وقدراتهم على إدارة العمليات الحربية الحديثة واتخاذ قراراتها السليمة بكفاءة نادرة مع تحملهم لكامل مسئولياتها، وفقا لتطوراتها ولم يكن معيار التقييم بالتالى شكليا أو جامدا .
  6- تشريع "القرار بقانون رقم 35 لسنة 1979 المشار إليه: موضوعية التقييم".
موضوعية التقييم، هي وحدها التي يمكن أن يتحقق بها التكافؤ بين المراكز القانونية المتماثلة.
 7- تشريع "القرار بقانون رقم 35 لسنة 1979 المشار إليه" - المحكمة الدستورية العليا "إعمال المقاييس الموضوعية".
إعمال هذه المحكمة للمقاييس الموضوعية التي يتحدد وفقاً لضوابطها من هو أهل للتقدير وفقاً للقرار بقانون المشار إليه يفترض أمرين: (أ‌) تناول التقييم كل الأعمال ذات الشأن في الحرب في كافة مراحلها وهو ما يخرج عن المجال الطبيعي لهذا القرار بقانون. (ب‌) أن يكون ذلك القرار بقانون مفصلاً للعناصر التي تقوم عليها هذه المقاييس، وأن يكون بيد هذه المحكمة الوسائل القضائية التي توازن بها بين هذه الأعمال، لتحديد الأجدر بالتكريم.
 8- تشريع "القرار بقانون رقم 35 لسنة 1979 المشار إليه" - المحكمة الدستورية العليا "اختصاصها".
متى كانت عناصر تقييم أعمال قادة حرب أكتوبر، دائرة ابتداءً وانتهاءً حول مسار العمليات الحربية، ونتائجها وقدر إسهام كل من القادة فيها، فإن زمام تقديرها يخرج عن اختصاص هذه المحكمة.
6، 7، 8- موضوعية التقييم هي وحدها التى تمكن أن يتحقق بها التكافؤ بين المراكز القانونية المتماثلة وهى وحدها التى يتصور أن يكفل المشرع من خلالها نوعا من المساواة القانونية بين المتماثلين جهدا وعرقا غير أن إعمال المحكمة الدستورية العليا للمقاييس الموضوعية التى يتحدد وفقا لضوابطها من يكون أهلا للتقدير _ زمن ومن ثم الحصول على الحقوق المالية التى نص عليها القرار بقانون المطعون علية _ يفترض أمرين، أولهما : إن يتناول التقييم كل أعمال التي كان لها شأن هام فى العمليات الحربية سواء فى مجال الإعداد لها أو إدارتها أو تنفيذها، وهو ما يخرج عن المجال الطبيعى لذلك القرار بقانون إذ توخى ألا يكون التقييم منصرفا إلى هؤلاء فى مجموعهم، ولا محيطا بغايتهم، بل رمزيا منحصرا فى عدد محدود من بينهم ثانيهما : أن يكون القرار المطعون فيه مفصلا للعناصر التى تقوم عليها هذه المقاييس الموضوعية، وان يكون بيد المحكمة الدستورية العليا الوسائل القضائية التى توازن بها بين هذه الأعمال على ضوء تلك المقاييس لتحدد وفقا لضوابط الأحق والجدر بالتقدير ويؤيد ذلك أن التكافؤ فى المراكز القانونية _ وهو مناط الحماية التى كفلها مبدا المساواة أمام القانون _ يفترض أحادها فى العناصر التى تكونها، فإذا كانت تلك العناصر جميعها، دائرة _ ابتداء وانتهاء _ حول مسار العمليات الحربية، ونتائجها، وقدر إسهام كل من القادة فيها، فإن زمام تقديرها يخرج عن اختصاص المحكمة الدستورية العليا .

-------------
" الإجراءات "
بتاريخ الثامن عشر من يونيو سنة 1992 أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة طالباً الحكم بعدم دستورية القرار بقانون رقم 35 لسنة 1979 فيما تضمنه من "إسقاط اسمه من تاج قمة جميع مرؤوسيه أبطال حرب أكتوبر المكرمين فيه وما تضمنه من حرمانه من جميع حقوقهم وكل مميزاتهم المقررة لهم فيه".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها، أصلياً: عدم قبول الدعوى ، واحتياطياً: رفضها.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع -حسبما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن المدعى كان قد أقام أمام محكمة جنوب القاهرة دعواه الموضوعية رقم 12830 لسنة 1983 مختصماً فيها المدعى عليهما الأول والثالث في الدعوى الراهنة ، طالباً الحكم عليهما متضامنين بتقرير "حقوقه الناشئة عن انتهاء خدمته وإلزامهما بأداء هذه الحقوق إليه" وقال شرحاً لتلك الدعوى أنه عين في 16 مايو سنة 1971 رئيساً لهيئة أركان حرب القوات المسلحة ، وقامت الهيئة برئاسته بالتخطيط والإعداد لحرب أكتوبر سنة 1973، ورقى إلى رتبة الفريق في 5 يناير سنة 1972، ونال في 19 فبراير سنة 1974- وإبان عمله سفيراً لمصر في المملكة المتحدة -وسام نجمة الشرف اعتباراً من يوم السادس من أكتوبر سنة 1973 تقديراً لما قام به من إعداد وتخطيط للعمليات الحربية . واستمر يعمل سفيراً بوزارة الخارجية إلى أن أعفى من منصبه. وبتاريخ 25 يونيو سنة 1978، قامت وزارة الدفاع بتسوية معاشه اعتباراً من هذا التاريخ دون أن تخطره ببيانات حقوقه التأمينية ، وقامت بتحويل دفعات مالية إلى حسابه بالبنك الأهلي المصري بمصر الجديدة ، ثم أوقفت تحويلاتها اعتباراً من الثامن من يونيو سنة 1981 لصدور قرار من المدعى العام الاشتراكي بالتحفظ على أمواله، رغم أن أمواله التي حكم قضاء القيم بفرض الحراسة عليها لم تتضمن المعاش المستحق له، وأضاف قائلاً إنه، إذ يستحق -فضلاً عن المعاش- كامل ماهيات ومرتبات ومخصصات رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة لمدى حياته واعتباراً من تاريخ انتهاء خدمته في 25 يونيو سنة 1978 تنفيذاً للقرار بقانون رقم 35 لسنة 1979 الذى صدر تكريماً لقادة حرب أكتوبر، فإنه يقيم دعواه الموضوعية بالطلبات المشار إليها آنفا. وأثناء نظر النزاع الموضوعي ، دفع بعدم دستورية القرار بقانون المشار إليه. وإذا قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، وصرحت له بالطعن بعدم الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن المدعى ينعى على القرار بقانون رقم 35 لسنة 1979 بشأن تكريم كبار قادة القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر، والاستفادة من الخبرات النادرة للأحياء منهم، مخالفته لنصوص المواد (2، 8، 9، 12، 13، 40) من الدستور، وذلك فيما تضمنه هذا القرار بقانون من إسقاط اسمه من قائمة مرؤوسيه قادة حرب أكتوبر الذين تم تكريمهم، رغم حصوله على وسام نجمة الشرف بعد انتهاء العمليات الحربية تقديراً لامتيازه في مجالها تخطيطاً وإعداداً وتنفيذاً. وبذلك يكون ذلك القرار بقانون قد ألبس الحق -وهو اسم الله تعالى - بالباطل، إذ حرم من قاتل ومهد ودبر وأعد عدة القتال متقدماً على غيره، من الحقوق التى كفلها لسواه ممن هم أقل منه عملاً. وأخل بذلك بمبدأ المساواة أمام القانون، وبتكافؤ الفرص بينه وبين جميع مرؤوسيه الذين شمهلم التكريم، وإن كان هو الأحق منهم. وليس من الإسلام في شئ، ولا من العدل، ولا من الشريعة الإسلامية في مبادئها العظيمة ، ولا من الأخلاق أو الوطنية ، ولا من حق العمل، ولا من الطابع الأصيل للأسرة المصرية ، ولا من قيمها وتقاليدها وآدابها وتراثها، أن تسقط السلطتان التشريعية والتنفيذية تقديره ما للمدعى ، وأن تتغافلا عن امتيازه في التخطيط للعمليات الحربية وإدارتها وتنفيذ ها.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا -وقبل تعرضها للمطاعن المثارة في الدعوى الدستورية الماثلة -يعنيها أن تؤكد أن قادة وجنود هذا النصر العظيم في أكتوبر وبوجه خاص من أداروا حربها إعدادا وتطويراً، إقداماً وإلتحاماً، بذلاً وفداءً، عزماً وتصميماً، جرأة ً وإقتداراً، إندفاعاً واقتحاماً، عزة وأملاً، نضالاً بالدماء وإرواءً بالعرق والدموع. لا يهنون ولا يتخاذلون ولا يمارون، شريعتهم الحق موئلاً، وعقيدتهم النضال إصراراً. جميعهم من هذه الأمة العظيمة في أعماق قلبها، أعادوا إليها إشراقها وضياء وجهها. رفعوا بإيمانهم هامتها وماتفرقوا. وأقاموا لبأسها دعائم من قوة النيران. أحاطوا بنبضهم أمتهم مصر، الرائدة أبداً، الباقية خلداً، ما زاغ بصرهم عنها وماتولى ، فكانوا معها، وبها، إرادة لاتلين ولاتقهر، تقتلع من الحياة أعداءها وترد إليها ينابيعها، لتظل للحرية آفاقها ولتعلو راياتها فوق كل الجباه.
وحيث إن ادراج اسم المدعى بين المشمولين بالتكريم أو تصدره لهم، وحصوله بالتالى على الحقوق المالية التى فصلها القرار بقانون المطعون فيه -هى محل دعواه الموضوعية - يفترض أن يظل هذا القرار بقانون قائماً فيما نص عليه بشأنها، وكان ما قرره وكيل المدعى من أن مصلحة المدعى كما تتحق على النحو المتقدم، فإنها تتوافر كذلك إذا ما أبطلت المحكمة الدستورية العليا هذا القرار بقانون حتى لا يفيد من النصوص القانونية التى اشتمل عليها، من كانوا دونه رتبة وجهداً، مردود بأن ذلك منه يهدم دعواه الموضوعية من أساسها ولا يقيم بنيانها، ذلك أن الحكم بعدم دستورية هذا القرار بقانون في مجمل أحكامه، يعنى تجريدها من قوة نفاذها، وزوال الآثار القانونية التى رتبتها، لتؤول عدماً. فلا تولد حقاً لأحد، ولا يقوم بها مركز قانوني لا للمدعى ولا لغيره، ولتفقد الحقوق المالية - محل دعواه الموضوعية – دعامتها. بل إن اتصال دعواه الموضوعية بالنصوص المطعون عليها، شرط لقبول دعواه الدستورية على ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن المصلحة الشخصية المباشرة في تلك الدعوى مناطها ارتباطها، بالمصلحة القائمة في النزاع الموضوعي ، وذلك بأن يكون الحكم في المطاعن الدستورية مؤثراً في موضوع النزاع المتصل بها والمطروح على محكمة الموضوع.
وحيث إن البين من أحكام القرار بقانون المطعون فيه، وكذلك ما جاء بصدده بتقرير لجنة الأمن القومى -والتي تعرض لهما المحكمة الدستورية العليا بالقدر اللازم للفصل في اختصاصها- أن ما توخاه هذا القرار بقانون، هو أن يكون التكريم مقصوراً على عدد محدود من قادة حرب أكتوبر، يتولون بنص مادته الثانية تقديم المشورة في الشئون العسكرية ذات الأهمية الخاصة التى يطلب منهم إبداء الرأي فيها، وذلك طوال حياتهم، ودون أن يكون تكليفهم بذلك مؤدياً إلى شغلهم لوظائف محددة داخل الهيكل التنظيمي للقوات المسلحة ، ليظل الباب مفتوحاً أمام غيرهم ممن يستحقون الترقى إلى وظائف القيادة بذات القدرة والكفاءة التى توفرت لمن سبقهم من قادة حرب أكتوبر الباقية في ذاكرة التاريخ أبداً.
وحيث إن ما تقدم يعنى ، أن عدداً غير قليل ممن خططوا لحرب أكتوبر وأداروها، وكانوا من كبار قادتها- كقواد الجيوش وقواد الفرق- لم يشملهم القرار بقانون المطعون منه، وإنما اقتصر التكريم على عدد محدود من بينهم، "رمزاً لجموعهم"، ليعهد إليهم دون غيرهم بالمهام التى حددتها المادة الثانية من القرار بقانون المشار إليه، وهى مهام مدارها مشورة يقدمونها -عند طلبها- في مجال الشئون العسكرية الهامة التى تمرسوا فيها، وكانوا من خبرائها. ولا يعتبر قصرها عليهم ملقياً بظلال من الريبة على من عداهم، أو نافياً لأهليتهم، أو إنكاراً لجدارتهم أو تميزهم.
وحيث إن إدراج اسم المدعى بين هؤلاء الذين شملتهم المادة الأولى من القرار بقانون المطعون فيه أو على رأسهم، لا يستقيم إلا من أحد مدخلين أو وفقاً لأحد معيارين، أولهما: أن يكون هذا القرار بقانون - محدداً نطاقاً على ضوء الأغراض التى سعى إلى تحقيقها - منصرفاً إلى عدد محدود من القادة تنتظمهم جميعاً دائرة واحدة تكون أقدمية الرتبة العسكرية إطاراً لها. وعندئذ يكون الأقدم هو الأحق بالتقدير، ولو لم يكن هو الأجدر بما أداه من جلائل الأعمال إبان تلك الحرب، ثانيهما: أن يكون هذا القرار بقانون مُبجلاً لكل القادة الذين كان دورهم في العمليات الحربية ظاهراً، بأن كان بلاؤهم في التخطيط لها أو إعدادها أو تنفيذها مشهوداً. وعندئذ يكون الأجدر هو الأحق بالتقدير، ولو لم يكن هو الأقدم.
وحيث إن المعيار الأول لا تظاهره أحكام القرار بقانون المطعون منه، وذلك من جهتين، أولاهما: أن ما توخاه هذا القرار بقانون حقاً وقصد إليه عملاً، هو أن يكون تعظيم عدد من قادة تلك الحرب، رمزاً لتقدير كل من قام بدور رائد فيها. بما مؤداه: أن انحصار التكريم في عدد محدود من بينهم، لا يعنى أن من عداهم كانوا أقل شأنا أو جهداً، ثانيهما: أن كل تكريم يفترض تقييماً موضوعياً يدور حول أعمال بذاتها يكون هو محورها. ويتعين بالتالي أن يكون الأساس فيه مقاييس واقعية قوامها ما أداه نفر من القادة من أعمال تشهد بتميزهم وتؤكد تفوقهم من دون الأخرين. وهو ما يقتضى وزن أعما لهم وترتيبهم فيما بينهم على ضوئها، ولا يتصور- من ثم - أن يكون مناط التقدير عائداً إلى أقدمية الدرجة الوظيفية منظوراً إليها استقلالاً عن أية عوامل تتداخل معها أو تقترن بها، إذ لا شأن لأقدميتهم تلك بإقدامهم أو تضحياتهم، وهو ما أكده تقرير لجنة الأمن القومي والتعبئة القومية حين أبان عن أن من شملهم التقدير كانوا عوناً لمصر في تحقيق نصرها العظيم من خلال مبادأتهم وقدرتهم على إدارة العمليات الحربية الحديثة واتخاذ قراراتها السليمة بكفاءة نادرة مع تحملهم لكامل مسئولياتها وفقاً لتطوراتها. ولم يكن معيار التقييم بالتالي شكلياً أو جامداً.
وحيث إن موضوعية التقييم هي وحدها التي يمكن أن يتحقق بها التكافؤ بين المراكز القانونية المتماثلة . وهى وحدها التي يتصور أن يكفل المشرع من خلالها نوعاً من المساواة القانونية بين المتماثلين جهداً وعرقاً. غير أن إعمال المحكمة الدستورية العليا للمقاييس الموضوعية التى يتحدد وفقاً لضوابطها من يكون أهلاً للتقدير ومن ثم الحصول على الحقوق المالية التى نص عليها القرار بقانون المطعون عليه يفترض أمرين، أولهما: أن يتناول التقييم كل الأعمال التي كان لها شأن هام في العمليات الحربية سواء في مجال الإعداد لها أو إدارتها أو تنفيذها، وهو ما يخرج عن المجال الطبيعي لذلك القرار بقانون. إذ توخى ألا يكون التقييم منصرفاً إلى هؤلاء في مجموعهم، ولا محيطاً بغالبيتهم، بل رمزياً من حصراً في عدد محدود من بينهم. ثانيهما: أن يكون القرار بقانون المطعون فيه، مفصلاً للعناصر التى تقوم عليها هذه المقاييس الموضوعية ، وأن يكون بيد المحكمة الدستورية العليا الوسائل القضائية التي توازن بها بين هذه الأعمال على ضوء تلك المقاييس لتحدد وفقاً لضوابطها الأحق والأجدر بالتقدير. يؤيد ذلك أن التكافؤ في المراكز القانونية وهو مناط الحماية التي كفلها مبدأ المساواة أمام القانون يفترض اتحادها في العناصر التي تكونها، فإذا كانت تلك العناصر جميعها دائرة -ابتداء وانتهاء- حول مسار العمليات الحربية ، ونتائجها، وقدر إسهام كل من القادة فيها، فإن زمام تقديرها يخرج عن اختصاص المحكمة الدستورية العليا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى .

قانون 35 لسنة 1979 بشأن تكريم كبار قادة القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر 1973 والاستفادة من الخبرات النادرة للأحياء منهم


الجريدة الرسمية العدد 21مكرر بتاريخ 26 / 5 / 1979
بعد الاطلاع على الدستور؛ 
وعلى القانون رقم 232 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة؛ 
وعلى القانون رقم 90 لسنة 1975 في شأن التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة؛ 
وعلى موافقة مجلس الوزراء؛

المادة 1
يستمر الضباط الذين كانوا يشغلون وظائف قادة الأفرع الرئيسية ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة في حرب السادس من أكتوبر 1973 في الخدمة بهذه القوات مدى حياتهم وذلك استثناء من أحكام المادة 12 من القانون رقم 90 لسنة 1975 المشار إليه والمواد 38، 38 (مكرر) و138 (فقرة أخيرة) من القانون رقم 232 لسنة 1959 المشار إليه.

المادة 2
يقوم الضباط المنصوص عنهم في المادة الأولى بتقديم المشورة في الموضوعات العسكرية ذات الأهمية الخاصة التي يطلب منهم إبداء الرأي فيها.

المادة 3
إذا اقتضت الضرورات الوطنية تعيين أحد هؤلاء الضباط في إحدى الوظائف المدنية الكبرى فإنه يعود إلى الخدمة بالقوات المسلحة بعد انتهاء خدمته المدنية في أي وقت ويستحق خلال خدمته المدنية راتب وتعويضات وبدلات الوظيفة المعين بها أو الراتب والتعويضات والبدلات التي كان يستحقها باعتبار استمراره في الخدمة العسكرية أيهما أكبر، عدا بدل التمثيل فيصرف بالفئة المدنية أو العسكرية أيهما أكبر وعند العودة إلى الخدمة بالقوات المسلحة يستمر صرفه بالفئة الأعلى
ويخصم بقيمة الرواتب والتعويضات والبدلات المستحقة وفقا لهذه المادة على موازنة وزارة الدفاع، وتسري عليها سائر الإعفاءات المقررة بالنسبة لرواتب وتعويضات ضباط القوات المسلحة
وينطبق حكم هذه المادة على من يكون قد أحيل منهم إلى التقاعد أو عين في وظيفة مدنية قبل تاريخ العمل بهذا القانون
ويسري على مدة الخدمة المدنية المذكورة في هذه المادة الضمائم والمدد الإضافية المنصوص عنها بالقانون رقم 90 لسنة 1975 المشار إليه.


المادة 4
يصرف لهؤلاء الضباط ما يكون قد استحق لهم من مكافأة عن مدة الخدمة الزائدة عن مدة الخدمة المحسوبة في المعاش عند بلوغ كل منهم سن الستون عاماً.

المادة 5
يمنح المستحقون عن الضباط المنصوص عنهم في المادة الأولى معاشا شهريا يعادل صافي جملة ما كان يتقاضاه كل منهم من رواتب وتعويضات في حياته
ويوزع هذا المعاش على المستحقين فيه وفقا لأحكام الجدول رقم (1) المرافق للقانون رقم 90 لسنة 1975 المشار إليه. فإذا لم تستنفذ أنصبة المستحقين كامل المعاش يعاد توزيع الباقي عليهم بنسبة أنصبتهم. وإذا ما قطع أو أوقف معاش أحد هؤلاء المستحقين آل نصيبه إلى باقي المستحقين
ويسري حكم هذه المادة على المستحقين عن القائد العام للقوات المسلحة في التاريخ ذاته المنصوص عنه في المادة الأولى.


المادة 6
ينشر هذا القرار بقانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به من تاريخ صدوره،

الطعن 8599 لسنة 84 ق جلسة 24 / 1 / 2016

باسم الشعب
محكمــــة النقــض
الدائرة المدنية والتجارية
-----
برئاسة السيد المستشـار / عبد الجــواد موسى نائـب رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين / محمـد أبو الليـل ، عامـر عبد الرحيم وخالـد سليمان و حسيـن توفيق نواب رئيس المحكمــة 
بحضور السيد رئيس النيابة / محمود عبد الرحيم .
وحضور أمين السر السيد / أسامة أحمد أمين .
فى الجلسة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
فى يوم الأحد 14 من ربيع الآخر سنة 1437 هـ الموافق 24 من يناير سنة 2016 م .
أصدرت الحكم الآتــى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 8599 لسنة 84 ق .
المرفــوع مـــن :
- السيد / رئيس مجلس إدارة شركة ........ لتداول الأوراق المالية بصفته . ويعلن بمقرها الكائن في ... ، قسم عابدين ، محافظة القاهرة . حضر عنه الأستاذ...... المحامي .
ضــــــــــــــــــــــــد
1- السيد / ........المقيم فى ...... ، محافظة القاهرة .
2- السيد / ....ويعلن في مواجهة مأمور سجن استئناف القاهرة الكائن في ميدان باب الخلف بجوار مديرية أمن 
القاهرة ، قسم الدرب الأحمر ، محافظة القاهرة .حضر عنهما الأستاذ / ....... المحامي.

الوقــائــع
في يوم 28/4/2014 طعن بطريق النقض فـي حكـم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 27/2/2014 فى الاستئناف رقم 627 لسنة 3 ق ، وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن بقبول الطعن شكلاً ، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه
وفى اليوم نفسه أودع الطاعن مذكرة شارحة .
وفى 19/5/2014 أعلن المطعون ضده الثاني بصحيفة الطعن .
ثم أودعت النيابة العامة مذكرتها ، وطلبت فيها عدم قبول الطعن شكلاً لرفعه من غير ذى صفة . وفيما عدا ما تقدم قبول الطعن شكلاً ، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه لما ورد بالوجه الأول من السبب الأول .
وبجلسة 13/12/2015 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة ، فــرأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره ، وبها سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامى الطاعن والمطعون ضدهما والنيابة العامة ، كل على ما جاء بمذكرته ، والمحكمة قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم .
المحكمــــــــة
بعـــد الاطلاع على الأوراق ، ورأى دائرة فحص الطعون الاقتصادية ، وسماع التقريــر الذى تلاه السيـد المستشار المقـرر / ..... " نائب رئيس المحكمة " ، والمرافعة ، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعـون فيه وسائـر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضده الأول أقام على الشركة الطاعنة والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم 627 لسنة 3 ق أمام محكمة القاهرة الاقتصادية الدائرة الاستئنافية بطلب الحكم أولاً : بإلغاء جميع عمليات البيع والشراء الواردة بكشف حساب المطعون ضده الأول والتى تمت بالتجاوز لحدود الوكالة ورد جميع العمولات المتحصلة بدون وجه حق ، ثانياً : رد جميع العمولات التي حصلتها الشركة الطاعنة بالمخالفة لعقد فتح الحساب وبدون وجه حق والبالغ قيمتها 174711.89 جنيه . ثالثاً : رد جميع العمولات التى حصلتها الطاعنة بالمخالفة لأحكام سوق المال وخارج حدد الوكالة والبالغ قيمتها 151471.38 جنيه والفوائد القانونية ، على سند من أن المطعون ضده الأول قام بعمل توكيل رسمى عام للمطعون ضده الثاني يقوم بمقتضاه ببيع وشراء جميع الأوراق المالية من أسهم وسندات الاكتتاب في الأسهم الخاصة لدى الشركات وله حق تمثيلة أمام شركات السمسرة والتوقيع على كافة المستندات وله حق قبض الثمن والبيع والتصرف وحق صرف كوبونات الأسهم والشيكات ، وإذ استخدم المطعون ضده الثانى التوكيل في شراء وبيع الأوراق المالية على حساب المطعون ضده الأول لدى الشركة الطاعنة حتى إلغاء التوكيل في 21/10/2008 ورغم ذلك استمر الموكل في استخدام التوكيل حتى أصبح رصيد المطعون ضده الأول مدين بمبلغ 7110308 جنيه متجاوزاً بذلك حدود الوكالة ، كما أن الشركة الطاعنة تحصت على عمولات أكثر من المتفق عليه بعقد فتح الحساب ، وإذ قصر المطعون ضده الأول الخصومة على الشركة الطاعنة ، ندبت المحكمة خبير وبعد أن أودع تقريره ، عدل المطعون ضده الأول طلباته بموجب مذكرة طلب في ختامها الحكم بإلزام الطاعنة بأن تؤدى له مبلغ 235825.50 جنيه قيمة العمولات الواجب ردها ، وبجلسة 27/2/2014 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن ترد للمطعون ضده الأول مبلغ 235825.50 جنيه . طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيهـا الرأي بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عُرِضَ الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية حددت جلسة لنظره أمام المحكمة وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ، إذ إن قيمة الدعوى وفقاً لطلبات المطعون ضده الأول الختامية مبلغ 235825.50 جنيه وهو ما  لا يجاوز مبلغ خمسة ملايين جنيه بما ينعقد معه الاختصاص بنظر الدعوى للمحكمة الابتدائية الاقتصادية دون الدائرة الاستئنافية عملاً بنص المادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الدفع بعدم الاختصاص الولائي أو القيمي أو النوعي يعتبر دائماً مطروحاً على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها فلا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به حتى ولو تنازل عنه الخصوم ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض إذا لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع كما يجوز لمحكمة النقض أن تثيره من تلقاء نفسها ، وكان النص في المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية على أن " تنشأ بدائرة اختصاص كل محكمة استئناف محكمة تسمى المحكمة الاقتصادية ...... وتتشكل ...... من دوائر ابتدائية ودوائر استئنافية ، والنص في المادة السادسة منه على أنه " فيما عدا المنازعات والدعاوى التى يختص بها مجلس الدولة تختص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها بنظر المنازعات والدعاوى التى لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه والتي تنشأ عن تطبيق القوانين الآتية 1- .... 2- .... 3- .... 13- .... وتختص الدوائر الاستئنافية في المحاكم الاقتصادية – دون غيرها – بالنظر ابتداء في كافة المنازعات والدعاوى المنصوص عليها في الفقرة السابقة إذا جاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه إذ كانت غير مقدرة القيمة " مما مؤداه أن المشرع بموجب القانون 120 لسنة 2008 نظم المحاكم الاقتصادية ككيان قضائي خاص داخل جهة المحاكم على شكل يختلف عن تشكيل جهة المحاكم العادية بتشكيلها من دوائر ابتدائية ودوائر استئنافية حدد اختصاصها بمنازعات تنشأ عن تطبيق قوانين معينه نصت عليها المادة السادسة آنفة البيان وميز في اختصاص تلك الدوائر بحسب قيمة الدعوى فإذا لم تجاوز الخمسة ملايين جنيه انعقد الاختصاص بنظرها للدوائر الابتدائية أما اذا جاوزت قيمتها هذا المبلغ أو كانت غير مقدرة القيمة انعقد الاختصاص بنظرها للدوائر الاستئنافية ، وأن العبرة في تقدير قيمة الدعوى لتعيين المحكمة المختصة ولتقدير نصاب الاستئناف تكون – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بالطلبات الختامية للخصوم لا بالطلبات التى تتضمنها صحيفة الدعوى . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده الأول عدل طلباته أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية إلى طلب إلزام الطاعنة بأن تؤدى له مبلغ 235825.50 جنيه ، ومن ثم فإن هذا الطلب يعد هو الطلب الختامي في الدعوى ويكون هو المعتبر في تقدير قيمتها وتعيين المحكمة المختصة بنظرها وكان المشرع بموجب الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإصدار قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية – سالفة البيان – قد خص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية – دون غيرها – بنظر المنازعات والدعاوى الناشئة عن تطبيق القوانين التى عددتها تلك المادة – أياً كان نوعها – متى كانت قيمتها لا تجاوز خمسة ملايين جنيه وهو الأمر المنطبق على الدعوى الماثلة مما يجعل الاختصاص بنظرها منعقداً للدائرة الابتدائية بلمحكمة الاقتصادية – دون غيرها – ولا مساغ للقول بأن تعديل الطلبات أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة سالفة الذكر على النحو آنف البيان لا يسلب تلك الدائرة اختصاصها بنظر الدعوى باعتبارها المحكمة الأعلى في نظام القضاء الاقتصادي أسوة بالمحكمة الابتدائية في الدعاوى العادية التى تختص بنظر الطلب المعدل مهما تكن قيمته ذلك أن المحكمة الابتدائية – وعلى نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات - تعتبر هى المحكمة ذات الاختصاص العام في النظام القضائي ، ومن ثم فإنها تكون مختصة بنظر كافة الدعاوى ما لم تكن من اختصاص المحكمة الجزئية بنص خاص ولا يصح استصحاب ذلك الحكم على الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية واعتبارها المحكمة ذات الاختصاص العام في نظام القضاء الاقتصادي ذلك أن المشرع أفرد بنص المادة السادسة من قانون إنشاء المحكمة الاقتصادية السالف بيانها لكل من الدوائر الابتدائية والاستئنافية اختصاصاً نوعياً وقيمياً محدداً على سبيل الحصر فلا يجوز لأى منهما أن تتعداه وتسلب الأخرى اختصاصها ويؤكد ذلك ويدعمه أن المشرع خص الأحكام الصادرة عن كل من الدائرتين بسبيل طعن معين مغاير للآخر كما أنه لا وجه للقول بأن تحديد الاختصاص القيمي لكل من الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية يعد من قبيل تنظيم توزيع العمل بين دوائر المحكمة الواحدة الذى لا يترتب على عدم احترامه مخالفة قواعد الاختصاص إذ إن المشرع وإن نص على أن المحكمة الاقتصادية تتشكل من دوائر ابتدائية وأخرى استئنافية بيد أنه لم ينط بالجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف التابعة لها تلك المحكمة أمر تحديد نصاب اختصاص كل من هاتين الدائرتين وإنما حدد لكل منهما – كما سلف بيانه – نصاباً قيمياً محدداً وسبيلاً معيناً للطعن في الأحكام مما لا يسوغ معه القول بأن ذلك من قبيل توزيع العمل بين دوائر المحكمة الواحدة . ولما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه الصادر عن الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية قد خالف النظر السالف بيانه وفصل في موضوع الدعوى بما ينطوى قضاؤه على اختصاصها ضمنياً بنظرها بالرغم من أنها أضحت بعد تعديل المطعون ضده الأول طلباته فيها من اختصاص الدائرة الابتدائية بذات المحكمة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن
وحيث إنه لما كانت المادة 269/1 من قانون المرافعات تنص على أنه " إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التى يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة – ولما تقدم – فإن المحكمة تقضى في الدعوى رقم 627 لسنة 3 ق اقتصادي القاهرة بعدم اختصاص الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية بنظر الدعوى وباختصاص إحدى الدوائر الابتدائية بها بنظرها .
لـذلــــــــــك
نقضت المحكمـة الحكم المطعون فيه ، وألزمت المطعون ضده الأول المصروفات ومائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة ، وحكمت بعدم اختصاص الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية بنظر الدعوى رقم 627 لسنة 3 ق اقتصادى القاهرة ، وباختصاص الدائرة الابتدائية بذات المحكمة بنظرها ، وألزمت المدعى المصروفات ، ومبلغ مائة وخمسة وسبعين جنيهًا مقابل أتعاب المحاماة