برياسة السيد المستشار/ أحمد صبري أسعد. نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ محمد إبراهيم خليل، عبد المنصف هاشم، محمد عبد الحميد سند
ومحمد جمال شلقاني.
-----------
- 1 تعويض. مسئولية "مسئولية عقدية".
"مسئولية تقصيرية".
التعويض في المسئولية العقدية ـ في غير حالتي الغش والخطأ الجسيم ـ
اقتصاره علي الضرر المباشر المتوقع عند التعاقد التعويض في المسئولية التقصيرية
يكون عن أي ضرر مباشر متوقعا أو غير متوقع . الضرر المباشر . ماهيته قياسه بمعيار
موضوعي لا شخصي . وجوب توقع مقداره ومداه .
تقدير التعويض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أساس
المسئولية العقدية أخف منه على أساس المسئولية التقصيرية، إذ أنه طبقاً لنص المادة
221 من القانون المدني يقتصر التعويض في المسئولية العقدية - في غير حالتي الغش
والخطـأ الجسيم - على الضرر المباشر الذي يمكن توقعه عادة وقت التعاقد، أما في
المسئولية التقصيرية فيكون التعويض عن أي ضرر مباشر سواء كان متوقعاً أو غير
متوقع، والضرر المباشر هو ما يكون نتيجة طبيعية لخطأ المسئول إذا لم يكن من الاستطاعة
توقيه ببذل جهد معقول، وقياس الضرر المتوقع بمعيار موضوعي لا معيار شخصي، بمعنى
أنه ذلك الضرر الذي يتوقعه الشخص العادي في مثل الظروف الخارجية التي وجد فيها
المدين وقت التعاقد، ولا يكون توقع سبب الضرر فحسب بل يجب توقع مقداره ومداه.
- 2 تعويض. مسئولية "مسئولية
عقدية". "مسئولية تقصيرية".
تعيين العناصر المكونة قانونا للضرر والتي تدخل في حساب التعويض من
مسائل القانون . خضوعها لرقابة محكمة النقض .
تعيين العناصر المكونة قانوناً للضرر والتي يجب أن تدخل في حساب
التعويض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل القانون التي تخضع لرقابة
محكمة النقض.... لما كان ذلك، وكان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب
إلى الطاعنة ارتكاب غش أو خطـأ جسيم في تنفيذ العقد المبرم بينها وبين المطعون
عليه، وأنه خلط في قضائه بين قواعد المسئولية العقدية وقواعد المسئولية التقصيرية
عندما عدل في تعيين عناصر الضرر التي يجب أن تدخل في حساب التعويض - وهو في مقام
تطبيق قواعد المسئولية العقدية - على الضرر غير المتوقع بحيث لا يعرف ماذا يكون
قضاؤه لو فطن إلى عدم جواز التعويض عن مثل الضرر المذكور، فيكون الحكم بذلك قد أخطـأ
في تطبيق القانون.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن المطعون عليه أقام دعوى رقم 5640 سنة 1980 مدني الإسكندرية الابتدائية
ضد الهيئة الطاعنة وآخرين بطلب الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا له مبلغ 50000 جنيه،
وقال بيانا للدعوى إنه بموجب عقد مؤرخ 16/11/1974 تعاقد والطاعنة على تزويده
(بتليفون) بمنزله المبين بالأوراق، وإذ تم ذلك و(التليفون) يكاد يكون معطلا بصفة
شبه دائمة رغم قيامه بالوفاء بالتزاماته وتقدمه بالعديد من الشكاوى والإنذارات،
وقد أصيب من جراء إخلال الطاعنة بالتزاماتها التعاقدية التي تتمثل أساسا في جعل
(التليفون) صالحا لكي يكون وسيلة اتصال – بأضرار مادية ومعنوية يقدر التعويض عنها
بالمبلغ المطالب به. فأقام الدعوى بطلبه سالف البيان. وبتاريخ 25/5/81 حكمت
المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالإسكندرية لبيان ما إذا كان (تليفون)
المطعون عليه قد تعطل خلال المدة من 16/1/1975 حتى 4/10/1980 ونوع وطبيعة الأعطال
وسببها وما إذا كانت ترجع إلى خطأ من جانب الطاعنة من عدمه. وبيان الإجراءات التي
اتخذتها هذه الأخيرة لتلافي ذلك، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ
22/2/1982 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن (التليفون) تعطل خلال
المدة من 16/1/1975 حتى 2/4/1977 ونوع وطبيعة هذه الأعطال وسببها وما لحقه من
أضرار من جراء ذلك ومقابل التعويض الجابر لها. وبعد أن استمعت المحكمة إلى أقوال
شاهدي المطعون عليه حكمت بتاريخ 31/5/1982 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون عليه
مبلغ 5000 جنيه، استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية
بالاستئناف رقم 920 سنة 83ق مدني، وأقام المطعون عليه استئنافا فرعيا. وبتاريخ
26/2/1983 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون
عليه مبلغ 3000 جنيه، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة
العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه الدائرة
في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر ...... والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى بالتعويض عن ضرر غير متوقع في حين أن
التعويض في المسئولية العقدية – في غير حالتي الغش والخطأ الجسيم – لا يكون إلا عن
الضرر المباشر المتوقع، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن تقدير التعويض – وعلى ما جرى به قضاء
هذه المحكمة – على أساس المسئولية العقدية أخف منه على أساس المسئولية التقصيرية،
إذ أنه طبقا لنص المادة 221 من القانون المدني يقتصر التعويض في المسئولية العقدية
– في غير حالتي الغش والخطأ الجسيم – على الضرر المباشر الذي يمكن توقعه عادة وقت
التعاقد، أما في المسئولية التقصيرية فيكون التعويض عن أي ضرر مباشر سواء كان
متوقعا أو غير متوقع، والضرر المباشر هو ما يكون نتيجة طبيعية لخطأ المسئول إذا لم
يكن في الاستطاعة توقيه ببذل جهد معقول، ويقاس الضرر المتوقع بمعيار موضوعي لا
بمعيار شخصي، بمعنى أنه ذلك الضرر الذي يتوقعه الشخص العادي في مثل الظروف
الخارجية التي وجد فيها المدين وقت التعاقد، ولا يكفي توقع سبب الضرر فحسب بل يجب
توقع مقداره ومداه، لما كان ذلك وكان تعيين العناصر المكونة قانونا للضرر التي يجب
أن تدخل في حساب التعويض – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – من مسائل القانون
التي تخضع لرقابة محكمة النقض، وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه
وأخذ بأسبابه – قد أقام قضاءه على أن "..... التعويض في المسئولية العقدية
يكون عن أي ضرر مباشر متوقعا كان أو غير متوقع كما يجب أن يكون ذلك الضرر محققا
..... وأن الثابت من أقوال شاهدي المدعي (المطعون عليه) التي تطمئن إليها المحكمة
أن المدعي أصيب من جراء عطل تليفونه ... بأضرار كثيرة تتمثل في انصراف معظم عملائه
من التعامل معه وما أثاره منافسوه من شائعات حول مركزه المالي وفقد ابنته
الدكتورة..... لقوة إبصار عينيها اليسرى بسبب تفاقم إصابتها لعدم استطاعتها
الاتصال بوالدها المدعي في حينه وما تكبده من نفقات باهظة في سبيل علاجها لدى
الأطباء الأخصائيين بمصر والخارج، فإن المحكمة في سبيل ذلك ومع مراعاة ظروف الدعوى
وملابساتها تقدر التعويض الجابر لهذه الأضرار بمبلغ .... شاملا قيمة الاشتراك
المدفوع من المدعي للهيئة المدعى عليها (الطاعنة) عن فترة تعطل التليفون"
وكان يبين من هذا الذي أورده ذلك الحكم أنه لم ينسب إلى الطاعنة ارتكاب غش أو خطأ
جسيم في تنفيذ العقد المبرم بينها وبين المطعون عليه، وأنه خلط في قضائه بين قواعد
المسئولية العقدية وقواعد المسئولية التقصيرية عندما عول في تعيين عناصر الضرر
التي يجب أن تدخل في حساب التعويض – وهو في مقام تطبيق قواعد المسئولية العقدية –
على الضرر غير المتوقع بحيث لا يعرف ماذا يكون قضاؤه لو فطن إلى عدم جواز التعويض
عن مثل الضرر المذكور، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في
تطبيق القانون مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.