الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 29 أكتوبر 2018

الطعن 3419 لسنة 62 ق جلسة 21 / 11 / 1993 مكتب فني 44 ق 161 ص 1049


برئاسة السيد المستشار /حسن عميرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عمارة نواب رئيس المحكمة.
-------------
- 1  نقض " اجراءات الطعن".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون تقديم أسبابه. عدم قبول الطعن شكلا. أساس ذلك؟
إن المحكوم عليه .... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو منا اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
- 2  عقوبة . قتل "قتل عمد".
عقوبة المادة 234 /2 عقوبات. يكفي لتطبيقها ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما. المصاحبة الزمنية. مقتضاها. تقدير تحققها. موضوعي.
يكفى لتغليظ العقاب عملا بالمادة 2/234عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفى فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضى الموضوع.
- 3  إثبات " اعتراف".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات وصدوره بطريق الإكراه من عدمه. موضوعي.
من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ـ فلها بهذه المثابةـ أن تقرر عدم صحة ما يدعيه الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله.
- 4  أسباب الاباحة وموانع العقاب " الجنون والعاهة العقلية". ظروف مخففة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر الظروف المخففة".
الجنون او عاهة العقل دون غيرهما هما مناط الاعفاء من العقاب عملا بالمادة 62 عقوبات . الحالة النفسية والعصبية تعد من الاعذار القضائية المخففة التي يرجع الامر فيها لتقدير محكمة الموضوع دون معقب .
إن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني شعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا على ما تقضى به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرها وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه ارتكب جريمته بغير وعى فإن دفاعه على هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقرونا بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في أعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض.
- 5  باعث . جريمة "اركان الجريمة".
الباعث على الجريمة ليس من أركانها . التفات الحكم عنه . لا يعيبه .
لما كان تساؤل الدفاع عن سبب ارتكابه الجريمة لا يعدو أن يكون متعلقا بالباعث على الجريمة والدافع لها وهما ليسا من عناصرها القانونية فلا يعيب الحكم التفاته عنه.
- 6  إجراءات " اجراءات المحاكمة". دفاع " الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة
ندب المحكمة محاميا للمتهم لعدم توكيله محام عنه. عدم اعتراض المتهم على هذا الإجراء أو إبدائه طلبا ما في هذا الشأن. مؤداه. صحة إجراءات المحاكمة.
لما كان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن المتهم لم يوكل محاميا عنه فانتدبت المحكمة له محاميا استأجل الدعوى للاطلاع والاستعداد وسماع الشهود فأجابته المحكمة لطلبه وأجلت الدعوى لجلسات تالية ثم ترافع في الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ولم يثبت أن المحكوم عليه اعترض على ذلك أو أبدى طلبا ما في هذا الشأن ومن ثم فأن إجراءات المحاكمة تكون قد تمت صحيحة.
- 7  عقوبة " عقوبة . توقيعها".
نص الحكم على نوع العقوبة المراد تطبيقها. كفايته طريقة تنفيذ تلك العقوبة. من أعمال سلطة التنفيذ ولا شأن فيه لسلطة الحكم. عدم ذكر الحكم طريقة تنفيذ الإعدام. لا يعيبه.
يكفى أن ينص في الحكم على نوع العقوبة التي أرادت المحكمة تطبيقها أما طريقة تنفيذ تلك العقوبة فعمل من أعمال سلطة التنفيذ ولا شأن فيه لسلطة الحكم ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم نصه على ذكر طريقة الإعدام.
- 8  اعدام
الحكم الصادر بالإعدام ما يلزم من تسبيب لإقراره.
لما كان يبين أعمالا لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعن بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقا المادة 2/381 من قانون الإجراءات الجنائية وجاء خلوا من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بانه : قتل ...... عمدا بان طعنه بسكين في عدة مواضع مختلفة من جسده قاصدا من ذلك قتله فاحدث به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي اودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايات اربع اخريات هم انه في الزمان والمكان سالفي الذكر : 1- قتل ....... عمدا بان طعنها بالسكين سالف الذكر في مواضع عدة من جسدها قاصدا من ذلك قتلها فاحدث بها الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي اودت بحياتها . 2- قتل ....... عمدا بان طعنها بالسكين في مواضع عدة من جسدها قاصدا من ذلك قتلها فاحدث بها الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي اودت بحياتها . 3- قتل ..... عمدا بان طعنه بسكين في مواضع مختلفة من جسده قاصدا من ذلك قتله فاحدث به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي اودت بحياته . 4- سرق الحلى الذهبية والمنقولات الاخرى المبينة الوصف بالتحقيقات المملوكة للمجنى عليها ....... وكان ذلك بطريق الاكراه الواقع عليها وعلى باقي المجنى عليهم بان طعنهم بالسكين على النحو المبين سابقا فاعدم بذلك مقاومتهم وتمكن بهذه الوسيلة القسرية من الاستيلاء على المسروقات . واحالته الى محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة . وادعى ........" والد المجنى عليهم واخرون " مدنيا قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت . والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الاراء باحالة اوراق القضية الى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء رايه فيها وحددت جلسة للنطق بالحكم . وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورية وبإجماع الآراء عملا بالمادتين 234/1 - 2 - 3 ، 317/1 - 4 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقا والزامه بان يدفع للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برايها ( وقيد بجدول محكمة النقض برقم ....لسنة ........ القضائية ) وهذه المحكمة قضت بقبول عرض النيابة العامة للقضية وطعن المحكوم عليه شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه واعادة القضية الى محكمة جنايات الزقازيق لتفصل فيها من جديد مشكلة من هيئة اخرى
ومحكمة الاعادة قررت بإجماع الآراء بإحالة اوراق القضية الى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الراي وحددت جلسة للنطق بالحكم . وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضوريا وبإجماع الآراء عملا بالمادة 234 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالإعدام
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ، كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برايها طلبت فيها اقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه ....... الخ .

-------------
المحكمة
من حيث إن المحكوم عليه ......... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه. وحيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة إعمالا لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه. وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد واقعة الدعوى في قوله: ((إن المتهم .......... سعياً وراء المال بأية وسيلة ولعلمه بأن المجني عليها ......... تحتفظ بحلي ذهبية ومبالغ نقدية عن طريق زوجها المسافر لإحدى الدول العربية. فقد هداه تفكيره إلى سرقتها وتسلل في حوالي العاشرة من مساء يوم 3/11/1988 إلى باب مسكنها الذي يفتح من الناحية الغربية على حديقة ووجده موارباً وعندما فتحه أحدث صوتاً خرج على أثره المجني عليه ....... لاستطلاع الأمر فشاهد المتهم وتعرف عليه فخشي المتهم افتضاح أمره فأمسك به ودفعه أمامه وفي هذه الأثناء شاهد سكينا معلقة بصالة المسكن بين أدوات المطبخ فأنتزعها ولاحق بها المجني عليه ....... والذي تمكن منه أمام باب الحديقة وانهال عليه طعنا بالسكين في أماكن قاتلة من جسمه قاصدا قتله فأحدث به إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ولحظة ذلك خرجت المجني عليها ........ تنادي على شقيقها السابق وشاهدت المتهم فأسرع إليها وأنهال عليها طعنا بالسكين في أماكن قاتلة من جسمها قاصداً قتلها فأحدث بها إصاباتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وبعد ذلك ترامى إلى سمعه نداء المجني عليها ....... على شقيقيها السابقين فتوجه إليها بداخل المسكن ووجدها مستلقية بحجرة نومها على سريرها وبجوارها طفلها الرضيع ........ - سبعة أشهر - فانهال عليها طعنا بالسكين قاصدا قتلها فأحدث بها جرحاً ذبحياً بأعلى العنق وجروح طعنية نافذة بجوار الصدر أدت لوفاتها وأثناء ذلك ظل الرضيع يصرخ بجوار أمه فصمم المتهم على قتله وإسكاته للأبد حتى لا يحضر أحد على صراخه فطعنه بالسكين في عنقه وصدره قاصدا قتله وسرعان ما فارق الحياة متأثرا بإصاباته بعد نحو أربعة أيام من وقت وقوع الحادث. ولو ترهبه الدماء التي تسبح فيها جثث المجني عليهم بل ظل بالمسكن يعبث بمحتوياته بحثا عن النقود والحلي الذهبية وقام بخلع فردة قرط المجني عليها من أذنها كما استولى على قطعتين من قماش الستائر وعدد من أشرطة التسجيل. كما وجد منشار وسط عدة للنجارة فأخذه وقام بنشر رقبة المجني عليها ........ حتى يتأكد من وفاتها. وفي نحو الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل وبعد أن تأكد المتهم من خلو الشوارع من المارة تسحب في جنح الليل حاملا معه المسروقات بعد أن تخلص من السكين بإلقائها فوق سطح المنزل ومن المنشار بوضعه داخل صومعة أسفل السلم وأسرع لمسكنه وأخفى المسروقات بداخل دولاب خاص به بحجرة نومه وأحكم إغلاقه بالقفل)). وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق المتهم أدلة مستمدة من اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة وأمام قاضي المعارضات وأقوال والده ........... وشقيقه ...... و........ شقيق المجني عليها .... والمقدم .... الضابط بإدارة البحث الجنائي بالشرقية والرائد ...... والنقيب ...... رئيس مباحث مركز ديرب نجم بتحقيقات النيابة ومن تقارير الصفة التشريحية ومعاينة الشرطة والنيابة لمكان الحادث، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها وقد حصل الحكم مؤداها تحصيلا وافياً له أصله الثابت في الأوراق، لما كان ذلك, وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليه في قوله: (( وحيث إنه عن نية القتل فأنه لما كان قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. ولما كان المتهم قد اعترف بأنه قصد قتل المجني عليهم حتى لا ينكشف أمره ومن استعمال آلات حادة قاتلة بطبيعتها ((سكين ومنشار)) أخذ يكيل بها الطعنات لكل من المجني عليهم في أماكن قاتلة من أجسامهم سواء كانت الرقبة أو الصدر أو الظهر أو الوجه وكانت من الشدة بحيث نفذ بعضها إلى الأجزاء الداخلية لتجويف الصدر فضلا عن قيامه بذبح المجني عليهم ..... و...... و..... من أعناقهم وما ترتب على ذلك من نزيف غزير حاد وقطع القصبة الهوائية لأحدهم - .... - حتى تنقطع عنهم سبل الحياة بل إن المتهم فعل ما يفصح بجلاء عن نيته في القتل وذلك بنشره رقبة المجني عليها ....... بمنشار كان بالمنزل. كما طعن الطفل الرضيع بالسكين في مقتل من جسمه - رقبته وصدره - ولم يرحمه صغر سنه وحجمه وبكائه وتركه ينزف دمه بجوار والدته الذبيحة كل ذلك يفصح بجلاء عن توافر نية القتل وإزهاق روح المجني عليهم لدى المتهم فضلا عن أن ما قرره المتهم من بقائه بالمسكن نحو الثلاث ساعات بعد ارتكابه الحادث يعبث بمحتوياته وحتى تخلو الطرق من المارة لا يكون إلا إذا كان متأكدا من قتله المجني عليهم وأنهم جثث هامدة لا حياة فيها حتى لا يترك مجالا لأي منهم بأن يكون شاهدا عليه)). كما دلل الحكم على توافر ظرف الاقتران بقوله: (( وحيث انه عن الاقتران فانه يكفي لتطبيق الشطر الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات وقوع أي فعل مستقل عن الفعل المكون لجريمة القتل العمد متميزاً عنه ومكونا بذاته لجناية أخرى من أي نوع، وكان الثابت من الأوراق على النحو السابق بيانه أن المتهم قتل المجني عليهم .......... ثم ........ ثم .... ثم الرضيع ...... وكان كل من أفعال القتل سالفة الذكر متميزة كل منها عن الأخرى ومستقلة عنها مع قيام المصاحبة الزمنية بين كل فعل وجمعتها جميعاً رابطة زمنية بما يتحقق معه معنى الاقتران المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات)). لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل لدى المحكوم عليه، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. وكان يكفي لتغليظ العقاب عملا بالمادة 234/2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فتره قصيرة من الزمن وتقدير ذلك به قاضي الموضوع. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به توافر ظرف الاقتران كما هو معرف به في القانون وبالتالي تغليظ العقاب في جناية القتل العمد عملا بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات، وأورد الأدلة السائغة على توافره فذلك حسبه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لاعتراف الطاعن بقوله:- (( وكان اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة جاء تفصيلا محددا الأفعال التي صدرت منه بأسلوب اليقين الصادق الذي لا يشوبه احتمال الاختلاف أو الكذب ومعطيا صورا متتابعة للأفعال الحادثة متطابقة مع تقرير الصفة التشريحية في أدق التفاصيل من استعماله للآلة الحادة المستعملة في ارتكاب الحادث ومكان إخفائها إلى مكان الاعتداء على كل من المجني عليهم ومكان سقوطه ومتفقاً مع المعاينة التي أجريت بمعرفة الشرطة والنيابة ومفصحاً عن الأشياء التي قام بسرقتها والإرشاد عن مكان إخفائها وقد تأيد اعتراف المتهم بأقوال والده وشقيقه ............ فضلا عن اعترافه أمام قاضي المعارضات بارتكابه الحادث. كما أن المتهم أو والده أو شقيقه لم يقرر بتحقيقات النيابة أن إكراها وقع عليه بل قام المتهم بتمثيل كيفية ارتكابه الحادث على وجه التفصيل في معاينة النيابة التصويرية ومن ثم فان المحكمة تطمئن إلى هذا الاعتراف وأنه صدر عن إرادة حرة طواعية واختيارا ويعد اعترافا صريحا باقتراف المتهم للجريمة ولا ينال منه عدوله عنه بجلسة المحاكمة والذي لا تعول عليه المحكمة إذ لا يعدو أن يكون دفعاً مرسلا لما اسند إليه بقصد درء الاتهام عنه وإزاء أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها)). وإذ كان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغا في نفي أي صلة لاعتراف الطاعن بأي نوع من الإكراه، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات - فلها بهذه المثابة - أن تقرر عدم صحة ما يدعيه الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة فان تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان ما أثاره المدافع عن الطاعن بجلسة المحاكمة من تعييب اعتراف الطاعن لصدوره في ظروف نفسية معينة وكان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرها وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه ارتكب جريمته بغير وعي فإن دفاعه على هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقروناً بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم رده على هذا الدفاع. لما كان ذلك، وكان تساؤل الدفاع عن سبب ارتكابه الجريمة لا يعدو أن يكون أمراً متعلقاً بالباعث على الجريمة والدافع لها وهما ليسا من عناصرها القانونية فلا يعيب الحكم التفاته عنه. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً عنه فانتدبت المحكمة له محامياً استأجل الدعوى للاطلاع والاستعداد وسماع الشهود فأجابته المحكمة لطلبه وأجلت الدعوى لجلسات تالية ثم ترافع في الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ولم يثبت أن المحكوم عليه اعترض على ذلك أو أبدى طلباً ما في هذا الشأن ومن ثم فأن إجراءات المحاكمة تكون قد تمت صحيحة. لما كان ذلك، وكان يكفي أن ينص في الحكم على نوع العقوبة التي أرادت المحكمة تطبيقها أما طريقة تنفيذ تلك العقوبة فعمل من أعمال سلطة التنفيذ ولا شأن فيه لسلطة الحكم ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم نصه على ذكر طريقة الإعدام. لما كان ما تقدم، وكان يبين أعمالا لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعن بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقا للمادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية وجاء خلوا من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

الطعن 23361 لسنة 61 ق جلسة 21 / 11 / 1993 مكتب فني 44 ق 160 ص 1042


برئاسة السيد المستشار /عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /محمد شتا وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس وفتحي الصباغ نواب رئيس المحكمة.
------------
- 1  نقض " اجراءات الطعن".
التقرير بالطعن دون تقديم أسبابه. أثره. عدم قبول الطعن شكلا.
لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة بالطعن وأن إيداع أسبابه ـ في الميعاد الذى حدده القانون ـ هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بنى عليها يكونان معا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه، فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم من الطاعنين الثلاثة الأول شكلا عملا بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم57 لسنة1959.
- 2  إخفاء اشياء مسروقة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع سلطة تقدير ادلة الدعوى دون بيان العلة . افصاحها عن اسباب اخذها او اطراحها لها . خضوعها في ذلك لرقابة النقض . حكم الادانة في جريمة اخفاء اشياء متحصلة من جريمة سرقة . ما يلزم لتسبيبه .
من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أدلة الدعوى فلها أن تأخذ بها أو تطرحها دون بيان العلة، إلا أنها متى أفصحت عن الأسباب التي من أجلها أخذت بها أو أطرحتها فإنه يلزم أن يكون ما أوردته واستدلت به مؤديا لما رتب عليه من نتائج من تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل ويكون لمحكمة النقض مراقبتها في ذلك، لما كان ذلك، وكان الواجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة المنصوص عليها في المادة 44 مكررا من قانون العقوبات أن يبين فوق اتصال المتهم بالمال المسروق، أنه كان يعلم علم اليقين أن المال لابد متحصل من جريمة سرقة أو أن تكون الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافر هذا العلم وأن يستخلصها استخلاصا سائغا كافيا لحمل قضائه.
- 3  إخفاء اشياء مسروقة . ظروف مشددة . عقوبة " تطبيق العقوبة".
علم الجاني بالظروف المشددة للجريمة التي كانت مصدرا للمال الذى يخفيه . شرط لتوقيع عقوبة المادة 44 مكررا م 2 عقوبات
إن القانون قد استلزم لتوقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر أن يعلم الجاني بالظروف المشددة للجريمة التي كانت مصدرا للمال الذى يخفيه أما إذا انتفى علمه بتلك الظروف المشددة للجريمة فيجب توقيع العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة المذكورة لما كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم تدليلا على توافر علم الطاعن بأن السيارة متحصلة من جناية سرقة لا يؤدى في جملته أو تفصيله إلى ثبوت هذا العلم الذى يجب أن يكون يقينيا في حق الطاعن إذ أنه ـ أي الطاعن ـ ينازع في علاقته بباقي المحكوم عليهم الذين عول الحكم على اعترافهم كما أن نزع لوحات السيارة وبعض أجزاء منها بمعرفة الطاعن كما يمكن حمله على أن السيارة متحصلة من جناية سرقة يمكن حمله على أي معنى آخر، وفوق ذلك، فإن الحكم أغفل بيان فحوى اعتراف المحكوم عليهما الأول والثاني ومؤداه أن ذلك الاعتراف يسلس إلى توافر العلم اليقيني في حق الطاعن.
- 4  حكم "تسبيب الحكم . التسبيب المعيب". إثبات " بوجه عام".
وجوب ايراد الادلة الطى تستند اليها المحكمة وبيان مؤداها في الحكم . اغفال ذلك . قصور .
من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة الطى تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في الحكم بيانا كافيا فلا تكفى مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة الى أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها.
- 5  نقض " نطاق الطعن".
اتصال العيب الذى شاب الحكم بغير الطاعن ووحدة الواقعة وحسن سير العدالة يوجب نقض الحكم بالنسبة لهم ولو لم يقدموا أسباباً لطعنهم .
لما كان ما استدل به الحكم لا يؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها فأنه يكون قد قصر استدلاله بما يعيبه ويوجب نقضه إلى الطاعن الرابع ...ـ وبقية المحكوم عليهم ـ ولو أنهم لم يقدموا أسبابا لطعنهم ـ لاتصال العيب الذي شاب الحكم بهم ولوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة، وذلك دون ما حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بانهم اولا : المتهمان الاول والثاني شرعا في قتل ...... عمدا بجوهر سام ( تمك ) يتسبب عنه الموت عاجلا او اجلا وذلك بان قاما بدسه في طعام ( سندوتش ) قدماه اليه وما ان تناوله حتى حدثت به 
الاعراض الإصابية الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق وخاب اثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو مداركه المجنى عليه بالعلاج وقد اقترنت هذه الجناية بجناية اخرى هي انهما في ذات المكان والزمان سالفي الذكر سرقا السيارة رقم ...... نقل شرقية المملوكة لـ...... المبينة وصفا وقيمة بالتحقيقات وذلك بطريق الاكراه الواقع على المجنى عليه سالف الذكر بان طعنه المتهم الثاني بالة حادة ( سكين ) فطرحه ارضا وتمكنا بهذه الوسيلة من الاستيلاء على السيارة وقد ترك الاكراه بالمجنى عليه اثر جروح على النحو المبين بالتحقيقات - ثانيا : المتهم الثاني احرز سلاحا ابيض " سكين " بدون مسوغ من الضرورة الشخصية او الحرفية - ثالثا : المتهم الثالث اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهمين الاول والثاني في الشروع في قتل ....... بأن حرضهما واتفق معهما على قتله وساعدهما على ذلك بان قدم لهما جوهرا ساما ( تمك ) يتسبب عنه الموت عاجلا او اجلا بغرض تقديمة للمجنى عليه سالف الذكر قاصدا من ذلك قتله وخاب اثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركه المجنى عليه بالعلاج - رابعا : المتهمان الثالث والرابع اخفيا السيارة ....... نقل الشرقية المملوكة لـ....... المبينة وصفا وقيمة بالتحقيقات والمتحصلة من جناية سرقة مع علمهما بذلك على النحو المبين بالتحقيقات واحالتهم الى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 40 ، 41 ، 44 مكرر ، 45 ، 46 ، 233 ، 234/2 ، 314 ، 315/1 ، 2 والمادتان 32 ، 17 من قانون العقوبات والمادتين 1/1 ، 25 مكررا من القانون 394 لسنه 1954 المعدل بالقانون 165 لسنه 1981 والبند رقم 11 من الجدول رقم 1 الملحق بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عما نسب اليهم
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ....... الخ .

----------
المحكمة
لما كان الطاعنون .........، ......... و....... وإن قرروا بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد إلا أنهم لم يقدموا أسبابا لطعنهم، ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة بالطعن وأن إيداع أسبابه - في الميعاد الذي حدده القانون - هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه، فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم من الطاعنين الثلاثة الأول شكلا عملا بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959
ومن حيث إن الطعن المقدم من الطاعن الرابع ...... قد استوفى الشكل المقرر في القانون
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن الرابع على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إخفاء سيارة متحصلة من جناية سرقة مع علمه بذلك قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه دفع بعدم علمه بأن السيارة متحصله من جناية سرقة ومن ثم تخلف القصد الجنائي لديه ورد الحكم على ذلك بما لا يسوغ إذ عول في إثبات ركن العلم في حقه على قرائن لا تؤدي إلى ما انتهى إليه فضلا عن اعتماد الحكم في ذلك على اعتراف المحكوم عليهما الأول والثاني بارتكابهما الواقعة بالاشتراك مع المتهمين الآخرين دون أن يبين مضمون هذا الاعتراف ومؤداه في بيان توافر ركن العلم في حقه كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى وأدلتها عرض لدفاع الطاعن بانتفاء علمه بأن السيارة متحصلة من جناية سرقة وطرحه مثبتاً هذا العلم في حقه بما مضمونه أن المحكمة تطمئن إلى توافر علم المحكوم عليه الرابع - الطاعن - بأن السيارة مسروقة ومتحصلة من جريمة سرقة فيتضح ذلك من علاقته بسائر المحكوم عليهم باعتراف بعضهم - كما سبق - ذكره - ونزعه لوحات السيارة رفقة المحكوم عليه الثالث وأجزاء أخرى منها وضبطهما حال عرضها للبيع، كما تضمنت مدونات الحكم أيضاً في بيان أدلة الإدانة قوله ((وإذ اعترف المحكوم عليهما الأول والثاني .......، ........ تفصيلا بالتحقيقات بارتكابهما للواقعة بالاشتراك مع الآخرين، وإن أنكروا جميعا بجلسة المحاكمة. لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أدلة الدعوى فلها أن تأخذ بها أو تطرحها دون بيان العلة، إلا أنها متى أفصحت عن الأسباب التي من أجلها أخذت بها أو أطرحتها فإنه يلزم أن يكون ما أوردته واستدلت به مؤديا لما رتب عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل ويكون لمحكمة النقض مراقبتها في ذلك، لما كان ذلك، وكان الواجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة المنصوص عليها في المادة 44 مكرراً من قانون العقوبات أن يبين فوق اتصال المتهم بالمال المسروق، أنه كان يعلم علم اليقين أن المال لابد متحصل من جريمة سرقة أو أن تكون الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافر هذا العلم وأن يستخلصها استخلاصاً سائغا كافياً لحمل قضائه، كما أن القانون قد استلزم لتوقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر أن يعلم الجاني بالظروف المشددة للجريمة التي كانت مصدرا للمال الذي يخفيه أما إذا انتفى علمه بتلك الظروف المشددة للجريمة فيجب توقيع العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة المذكورة لما كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم تدليلا على توافر علم الطاعن بأن السيارة متحصلة من جناية سرقة لا يؤدي في جملته أو تفصيله إلي ثبوت هذا العلم الذي يجب أن يكون يقينياً في حق الطاعن اذ أنه - أي الطاعن - ينازع في علاقته بباقي المحكوم عليهم الذين عول الحكم على اعترافهم كما أن نزع لوحات السيارة وبعض أجزاء منها بمعرفة الطاعن كما يمكن حمله على أن السيارة متحصلة من جناية سرقة يمكن حمله على أي معنى آخر، وفوق ذلك، فان الحكم أغفل بيان فحوى اعتراف المحكوم عليهما الأول والثاني ومؤداه أن ذلك الاعتراف يسلس إلى توافر العلم اليقيني في حق الطاعن، لما هو مقرر من أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في الحكم بيانا كافيا فلا تكفي مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. لما كان ذلك، وكان ما استدل به الحكم لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإنه يكون قد قصر استدلاله بما يعيبه ويوجب نقضه بالنسبة إلى الطاعن الرابع ....... - وبقية المحكوم عليهم - ولو أنهم لم يقدموا أسبابا لطعنهم - لاتصال العيب الذي شاب الحكم بهم ولوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة، وذلك دون ما حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الأحد، 28 أكتوبر 2018

رسوم فحص الصادرات والواردات مثلها مثل باقي الرسوم يختص مجلس الدولة قضائيا بنظر المنازعات المتعلقة بها


القضية رقم 32 لسنة 30 ق "تنازع" جلسة 8 / 11 / 2014
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من نوفمبر سنة 2014م، الموافق الخامس عشر من المحرم سنة 1436هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ عبد الوهاب عبد الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوى ومحمد خيري طه النجار والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبدالحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 32 لسنة 30 قضائية "تنازع"
المقامة من
السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات
ضد
1-السيد/ هاني عادل مرسى إبراهيم "الممثل القانوني لشركة الإيمان للاستيراد والتصدير"
2-السيد وزير التجارة الخارجية
3-السيد وزير العدل
" الإجراءات"
بتاريخ الرابع من شهر ديسمبر سنة 2008، أودعت الهيئة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر بجلسة 30/7/2006 من محكمة السويس الابتدائية في الدعوى رقم 191 لسنة 2004 مدنى حكومة ، والمؤيد بحكم محكمة استئناف الإسماعيلية – مأمورية السويس- الصادر بجلسة 10/4/2007 في الاستئناف رقم 856 لسنة 29 قضائية مدنى ، وفى الموضوع الفصل في النزاع القائم بشأن تنفيذ هذا الحكم، وإزالة التعارض بينه وبين الحكم الصادر بجلسة 16/7/2008 من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 22816 لسنة 58 قضائية ، وتأييد الحكم الأخير فيما تضمنه من رفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق– تتحصل في أن الشركة المدعى عليها الأولى كانت قد أقامت الدعوى رقم 191 لسنة 2004 مدنى حكومة أمام محكمة السويس الابتدائية ، ضد الهيئة المدعية والمدعى عليه الثاني وآخر، بطلب القضاء بأحقيتها في استرداد مبلغ 30ر323128 جنيهًا والفوائد القانونية ، تأسيسًا على أن الهيئة قامت بتحصيل هذا المبلغ بالزيادة على رسوم الفحص المقررة قانونًا على رسائل العجول والأغنام الحية التي قامت الشركة باستيرادها أرقام 872، 8155، 7630 لسنة 2002، 3550، 3570 لسنة 2003، وبجلسة 30/7/2006 قضت محكمة السويس الابتدائية للشركة بطلباتها، فطعن المدعى عليه الثاني على هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسماعيلية – مأمورية استئناف السويس- بالاستئناف رقم 856 لسنة 29 قضائية مدنى ، فقضت بجلسة 10/4/2007 بتأييد الحكم المستأنف مما حدا بالهيئة إلى الطعن على هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعنين رقمي 12161، 12413 لسنة 77 قضائية ، ومن جهة أخرى أقامت الشركة المدعى عليها الأولى الدعوى رقم 22816 لسنة 58 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد الهيئة المدعية وآخرين بطلباتها ذاتها أمام المحكمة المدنية فقضت بجلسة 16/7/2008 برفض الدعوى .
وإذ ارتأت الهيئة المدعية أن ثمة تناقضًا بين الحكمين المشار إليهما، فقد أقامت دعواها الماثلة بطلب فض هذا التناقض.
وحيث إنه عن الشق العاجل من الدعوى ، فقد أعدت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها في هذا الشق، عرض على السيد الأستاذ المستشار رئيس المحكمة الدستورية العليا طبقًا لنص المادة (32) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، فأصدر قراره بتاريخ 5/1/2009 برفض الطلب.
وحيث إن من المقرر– وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقًا للبند ثالثًا من المادة (25) من قانون هذه المحكمة ، هو أن يكون أحد الحكمين صادرًا من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد تصادما بحيث يتعذر- عقلاً ومنطقًا- اجتماع تنفيذهما معًا، مما يستوجب أن تتولى المحكمة الدستورية العليا حسم هذا التناقض بين الحكمين على أساس من قواعد الاختصاص الولائي ، لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل في الدعوى ، وأحقها بالتالي بالتنفيذ.
وحيث إن المادة (6) من قرار رئيس الجمهورية رقم 1770 لسنة 1971 بإنشاء الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات تنص على أن "يكون للهيئة ميزانية خاصة تتكون مواردها مما يأتي :
(1) .........................
(2) ما تحصله الهيئة مقابل الخدمات التي تؤديها- في حدود اختصاصها- عن أعمال الفحص والفرز والتحكيم".
وتنص المادة (14) من قانون الاستيراد والتصدير الصادر بالقانون رقم 118 لسنة 1975، على أن "تحدد بقرار من وزير التجارة رسوم فحص الصادرات والواردات بما لا يجاوز:
250 مليمًا عن فحص الرسالة وذلك عن كل عبوة أو كيلو جرام في الرسالة .
جنيهين عن فحص الرسالة في غير مواعيد العمل الرسمية .
جنيه واحد رسم استخراج شهادة نتيجة الفحص أو المراجعة أو شهادة المنشأ أو صورة منها أو بدل فاقد.
5 جنيهات تأمين نقدى عند التظلم من نتيجة الفحص أو المراجعة وطلب التحكيم ويرد في حالة قبول الرسالة بحالتها".
وتنص المادة (76) من لائحة القواعد المنفذة لأحكام القانون رقم 118 لسنة 1975 الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 275 لسنة 1991 المعدلة بقرار وزير التجارة والتموين رقم 553 لسنة 1998 على أن "يقدم المصدر أو المستورد الرسائل إلى فرع الهيئة المختص لفحصها.
ويجوز إجراء فحص الرسائل المصدرة في مكان إعدادها بمناطق الإنتاج داخل أو خارج الدائرة الجمركية كما يجوز فحص الرسائل المستوردة داخل أو خارج الدائرة الجمركية .
وفى جميع الأحوال يلتزم المصدر أو المستورد بأداء مقابل الخدمات التي تؤديها الهيئة وذلك وفقًا للقواعد التي يضعها رئيس مجلس إدارة الهيئة بالاتفاق مع قطاع التجارة الخارجية .
ويجوز بناء على طلب المستورد للسلع الغذائية أن يطلب من الهيئة إجراء الفحص في مناطق إنتاج هذه السلع خارج البلاد وفى هذه الحالة يتحمل بكافة مقابل الخدمات التي تؤديها الهيئة وذلك وفقًا للقواعد التي يضعها مجلس إدارة الهيئة ...".
وقد حدد البند رقم (1) من الملحق رقم 8 المرافق لهذا القرار المعدل بالقرار رقم 99 لسنة 1994 رسوم الفحص للحيوانات الحية بقرش عن كل كيلو جرام بحد أقصى خمسة وعشرون قرشًا عن كل رأس.
وتنفيذًا لنص المادة (76) المشار إليها أصدر رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات تعليمات تنفيذية موحدة في شأن المصاريف المقررة على السلع الغذائية والزراعية والصناعية المستوردة والخاضعة للرقابة تطبيقًا للمادة (76) من القرار رقم 275 لسنة 1991، وقرار رئيس الجمهورية رقم 1770 لسنة 1971، وتأشيرات الميزانية المصدق عليها من مجلس الشعب، ونص في المادة (1) منها على أن "يتم العمل بهذه التعليمات في كافة الموانئ والمطارات فيما يخص المصاريف المقررة طبقًا للمادة (76) من القرار رقم 275 لسنة 1991 للواردات الزراعية والغذائية والصناعية والهندسية ،وذلك على النحو المبين قرين كل مسلسل وارد بالملحق رقم (8) بالقرار رقم 275 لسنة 1991وتعديلاته على النحو التالي :
الإبل 10 جنيهات }
الأبقار10 جنيهات { الفصل الأول مسلسل رقم (1) حيوانات حية ......."
الأغنام جنيهان }
ومفاد ما تقدم من نصوص أن الهيئة العامة للرقابة على الصادرات تقوم بتحصيل نوعين من المبالغ، أولهما: رسوم الفحص المقررة طبقًا لنص المادة (14) من القانون رقم 118 لسنة 1975 المشار إليه، والملحق رقم 8 المرفق بالقرار رقم 275 لسنة 1991 وتعديلاته.
وثانيها: مقابل الخدمات التي تقدمها الهيئة في حدود اختصاصها عن أعمال الفحص والفرز والتحكيم، والمحدد فئاتها بواقع عشرة جنيهات عن كل رأس من الإبل والأبقار الحية ، وجنيهين عن كل رأس من الأغنام الحية .
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرسم هو فريضة مالية تستأدى جبرًا، وبقيمة ثابتة بالنسبة إلى مختلف المستفيدين منه، وطوال سريان السند التشريعي الذي فرضه، وذلك مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن يطلبها عوضًا عن تكلفتها، وإن لم يكن بمقدارها.
وحيث إن الثابت أن المبالغ محل المنازعة هي عبارة عن مقابل للخدمات التي تقدمها الهيئة العامة للصادرات والواردات للمصدرين والمستوردين في حدود اختصاصها القانوني عن أعمال الفحص والفرز والتحكيم، التي عينها قرار إنشائها والقانون رقم 118 لسنة 1975 المشار إليهما، والمادتان الخامسة والسادسة من القانون رقم 155 لسنة 2002 بشأن تنمية الصادرات والقرارات المنفذة له، وتفرض على المستفيدين منها بفئة ثابتة لا تقبل تفاوضًا، وبواقع عشرة جنيهات لكل رأس من الإبل أو الأبقار الحية ، وجنيهين لكل رأس من الأغنام الحية ، ومن ثم فإنها – وأياً كان وجه الرأي في دستوريتها- تعد بحسب تكييفها القانوني الصحيح رسمًا تكميليًّا، وتسرى عليه الأحكام الخاصة بالرسوم في شأن الاختصاص القضائي بنظر المنازعات المتعلقة به والفصل فيها.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المشرع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، بدءًا من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة ، الذى أسند بنص البند سابعًا من المادة (8) منه لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات، وأوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار أنها ذات طبيعة إدارية بحتة ، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة على النهج ذاته فنص في البند سابعًا من المادة (8) منه على الحكم ذاته، وأكدت هذا الاختصاص المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ، التي عقدت في البند السادس منها الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقًا للقانون الذى ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة .
وحيث إن المنازعة المرددة أمام جهتي القضاء العادي والإداري والصادر في شأنها الحكمان محل التناقض الماثل، تدور في حقيقتها حول مدى مشروعية القرار الصادر من الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات بفرض رسم تكميلي على مشمول رسائل العجول والأغنام الحية التي استوردتها الشركة المدعى عليها الأولى مقابل الخدمات التي قدمتها لها الهيئة والداخلة في اختصاصها القانوني ، وأحقية الشركة في استرداد ما دفعته، الأمر الذى يدخل في عداد المنازعات الإدارية التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمحاكم مجلس الدولة طبقًا لنص البند السادس من المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه.
وحيث إنه لا وجه للاحتجاج في هذا الشأن بأن البند السادس من المادة (10) من قانون مجلس الدولة سالفة الذكر جعلت مباشرة المجلس لهذا الاختصاص رهنًا بصدور القانون المنظم لكيفية نظر منازعات الضرائب والرسوم أمام محاكم المجلس، إذ جرى قضاء هذه المحكمة على أن المشرع الدستوري – سواء في ظل دستور سنة 1971، وهو الدستور المعمول به في تاريخ صدور الأحكام محل التناقض الماثل، أو الإعلانات الدستورية المتعاقبة وانتهاء بالدستور الحالي - لم يخص نظر تلك المنازعات والفصل فيها بقواعد إجرائية استلزم صدور قانون بها، استثناء من القواعد العامة المعمول بها والتي تخضع لها المنازعات الإدارية الأخرى التي عهد إلى مجلس الدولة بالفصل فيها، كما أن تراخى المشرع في سن القانون المنظم لكيفية نظر هذه المنازعات أمامه إعمالاً للنص المذكور- والذى طال إهماله من تاريخ العمل بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه في 5/10/1972- لا يعد مبررًا أو مسوغًا لإهدار الاختصاص الذى احتفظ به الدستور لمجلس الدولة بالفصل في تلك المنازعات، بدءًا من دستور 1971 وانتهاءً بالدستور الحالي ، كما يتصادم هذا المسلك مع الالتزام الدستوري الذى فرضته الدساتير المصرية المتعاقبة على المشرع بكفالة حق كل مواطن في الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي ، والذى يقتضى أن يوفر لكل فرد نفاذًا ميسرًا إليه، وإزالة العوائق خاصة الإجرائية منها التي تحول دون حصوله على الترضية القضائية التي يطلبها لمواجهة الإخلال بالحقوق التي يدعيها ، ومن ثم فإن الحكم الصادر من جهة القضاء الإداري ، يكون هو الأحق بالتنفيذ مما يتعين القضاء بالاعتداد به.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 16/7/2008 في الدعوى رقم 22816 لسنة 58 قضائية ، دون الحكم الصادر من محكمة السويس الابتدائية بجلسة 30/7/2006 في الدعوى رقم 191 لسنة 2004 مدنى حكومة ، المؤيد بالحكم الصادر من محكمة استئناف الإسماعيلية – مأمورية السويس- بجلسة 10/4/2007 في الاستئناف رقم 856 لسنة 29 قضائية مدنى

دستورية التقادم الحولي للحقوق العمالية


القضية رقم 306 لسنة 24 ق " دستورية " جلسة 11 / 12 / 2005
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 11 ديسمبر سنة 2005م، الموافق 9 من ذى القعدة 1426 هـ .
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى ومحمد عبد القادر عبد الله وإلهام نجيب نوار وماهر سامى يوسف وسعيد مرعى عمرو وتهانى محمد جبالى .
وحضور السيد المستشار / رجب عبد الحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 306 لسنة 24 قضائية " دستورية " المحالة من محكمة استئناف القاهرة بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 374 لسنة 119 ق.
المقامة من
السيد / نبيل السيد محمد المهدى
ضد
السيد رئيس مجلس إدارة شركة مصر للسياحة
الإجراءات
 بتاريخ الأول من ديسمبر سنة 2002، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 374 لسنة 119 قضائية ، بعد أن قضت محكمة استئناف القاهرة ، بجلسة 24/7/2002 –وقبل الفصل في الموضوع- بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في مدى دستورية نص المادة (698) من القانون المدني . 
 وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم باعتبار الخصومة منتهية . 
 وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها. 
 ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم. 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة . 
حيث إن الوقائع -على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق- تتحصل في أن المدعى أقام الدعوى رقم 667 لسنة 2000 عمال كلى الجيزة ، ضد المدعى عليه، بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدى له مقابل رصيد الإجازات الزائد على ثلاثة أشهر حتى تاريخ خروجه على المعاش في 22/12/1998، وتعويضه عن الأضرار المادية والأدبية ، على سند من القول بأنه كان يعمل بالشركة المدعى عليها حتى بلوغه سن الستين، واستلم جميع مستحقاته بما فيها المقابل النقدي لرصيد الإجازات بما لا يزيد على ثلاثة أشهر، على الرغم من أنه يستحق هذا المقابل كاملاً تنفيذاً لحكم المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن. وبجلسة 29/1/2002 قضت المحكمة بسقوط الحق في الدعوى بالتقادم الحولي عملاً بنص المادة (698) من القانون المدني. وإذ لم يصادف هذا الحكم قبولاً لدى المدعى ، فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 374 لسنة 119 ق. أمام محكمة استئناف القاهرة ، طالباً الحكم بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء له مجدداً بطلباته أمام محكمة أول درجة . وإذ تراءى لمحكمة الاستئناف عدم دستورية نص المادة (698) من القانون المدني لمخالفته نص المادتين (40، 68) من الدستور لعدم مساواته بين أجور العمال الواردة بهذا النص وبين المهايا والأجور والمعاشات التي تتقادم بمضي خمس سنوات طبقاً لنص المادة (375) من القانون المدني ، فضلاً عن إهداره حق التقاضي ، فقد قضت بجلسة 24/7/2002 بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية نص المادة (698) من القانون المدني . 
وحيث إن المادة (698) من القانون المدني "المطعون عليها" تنص على أنه:-
"(1)- تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بإن قضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد، إلا فيما يتعلق بالعمالة والمشاركة في الأرباح والنسب المئوية في جملة الإيراد، فإن المدة فيها لا تبدأ إلا من الوقت الذى يسلم فيه رب العمل إلى العامل بياناً بما يستحقه بحسب آخر جرد.
(2)- ولا يسرى هذا التقادم الخاص على الدعاوى المتعلقة بانتهاك حرمة الأسرار التجارية أو بتنفيذ نصوص عقد العمل التي ترمى إلى ضمان احترام هذه الأسرار." 
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة باعتبار الخصومة منتهية ، تأسيساً على أن هذه المحكمة سبق وأن قضت بجلسة 4/8/2001 في القضية رقم 55 لسنة 22 قضائية "دستورية " برفض الدعوى ،. فهو غير سديد، ذلك أن البين من قضاء المحكمة الدستورية الصادر بجلسة 4/8/2001 في القضية رقم 55 لسنة 22 قضائية "دستورية "، التي أُقيمت نعياً على مخالفة المادة (698) من القانون المدني لمبادئ ء الشريعة الإسلامية ، أن المحكمة اقتصرت في قضائها المذكور على التصدي لهذا المنعى فقط، باعتباره مبنى الطعن الوحيد، وخلصت إلى رفض الدعوى ، تأسيساً على أن القيد المقرر بمقتضى المادة الثانية من الدستور، بعد تعديلها بتاريخ 22 مايو سنة 1980، والم تضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادى ء الشريعة الإسلامية ، لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه، وإذ كانت المادة المذكورة من القانون المدني الصادر سنة 1948 لم يلحقها أي تعديل بعد التاريخ المشار إليه، فإن النعي عليها بمخالفة الدستور يكون في غير محله. مما مؤداه أن قضاء هذه المحكمة في الدعوى المشار إليها لا يعتبر مطهراً لذلك النص مما قد يكون عالقاً به من مثالب أخرى ، ولا يحول بين كل ذي مصلحة وإعادة طرحه على المحكمة . 
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة ، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية ، مناطها –وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع. إذ كان ذلك، وكان النزاع في الدعوى الموضوعية يدور في جوهره حول أحقية المدعى في المقابل النقدي لرصيد إجازاته الذى يجاوز ثلاثة أشهر، وقد قضت محكمة الموضوع بسقوط حق المدعى في الدعوى بالتقادم الحولي استنادا إلى نص المادة (698) من القانون المدني ، حيث كان قد أقام دعواه بتاريخ 3/1/2000 بينما خدمته قد أنهيت بالشركة المدعى عليها بتاريخ 22/12/1998، ومن ثم فإن مصلحته في الدعوى الماثلة تكون متوافرة ، ويتحدد نطاق المسألة الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها في ضوء ما تضمنته الفقرة الأولى من المادة (698) من القانون المدني السالف ذكرها من سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بالتقادم، بإن قضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد، ولا يتعداه إلى غير ذلك من أحكام تضمنها النص المذكور.
وحيث إن النعي بأن النص المطعون عليه –في النطاق المحدد سلفاً- وإذ أخضع الدعاوى الناشئة عن عقد العمل لتقادم قصير المدة ، فتسقط بإن قضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد، فإنه يكون قد قيد السلطة القضائية في مزاولة اختصاصها بضرورة رفع تلك الدعاوى قبل إن قضاء المدة المشار إليها، مما يخل بحق التقاضي المنصوص عليه في المادة (68) من الدستور، مردود ذلك أن المشرع إنطلاقاً من رغبته في تحقيق استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل، والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على السواء، قيد الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بميعاد تسقط بانقضائه، مستهدفاً بذلك تصفية المنازعات المتعلقة بحقوق العمال ورب العمل تصفية نهائية ، صوناً للمصلحة العامة كي لا يستطيل النزاع بينهما. إذ كان ذلك، وكان الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق إنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة تعتبر حداً لها يحول دون إطلاقها. وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه ليس ثمة تناقض بين حق التقاضي كحق دستوري أصيل وبين تنظيمه تشريعياً، بشرط ألا يتخذ المشرع هذا التنظيم وسيلة إلى حظر هذا الحق أو إهداره. وكان النص المطعون فيه لا ينال من ولاية القضاء ولا يعزل المحاكم عن نظر منازعات معينة مما تختص به، بل يقتصر على تحديد ميعاد تسقط بانقضائه الدعاوى بطلب الحقوق الناشئة عن عقد العمل، شأن هذا الميعاد شأن غيره من مواعيد التقادم ينقطع جريانها أو يقف سريانها. لما كان ذلك، وكان المشرع يفرض هذه المواعيد لتحقيق المهمة التي ناطها بها، وهى أن تكون حداً زمنياً نهائياً لإجراء عمل معين، فإن التقيد بها – وباعتبارها شكلاً جوهرياً في التقاضي تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعى في المسائل التي عينها خلال الموعد الذى حدده- لا يعنى مصادرة الحق في الدعوى بل يظل هذا الحق قائماً ما بقى ميعاد سقوطها بالتقادم مفتوحاً، وليس ذلك إلا تنظيماً تشريعياً للحق في التقاضي ، لا مخالفة فيه لنص المادة (68) من الدستور. 
وحيث إن النعي بأن النص المطعون فيه قد أهدر مبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (40) من الدستور، بمقولة أنه أخضع الدعاوى الناشئة عن عقد العمل لتقادم حولي ، بينما تتقادم دعاوى مهايا وأجور ومعاشات الموظفين العموميين بالتقادم الخمسي طبقاً لنص المادة (375) من القانون المدني ، مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، لا يعنى أن تعامل فئاتهم –على تبيان مراكزهم القانونية - معاملة قانونية متكافئة ، ولا معارضة صور التمييز على اختلافها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى علاقة منطقية بين النصوص القانونية التي تبناها المشرع لتنظيم موضوع معين، والنتائج التي رتبها عليها، ليكون التمييز بالتالي موافقاً لأحكام الدستور التي ينافيها انفصال هذه النصوص عن أهدافها وتوخيها مصالح ضيقة لا تجوز حمايتها. وكان العمال الخاضعون لأحكام عقد العمل تختلف مراكزهم القانونية عن الموظفين العمومين، إذ أن علاقة الطائفة الأولى بأرباب الأعمال علاقة عقدية تخضع لأحكام عقد العمل، بينما علاقة الطائفة الثانية بالجهات التي يعملون بها علاقة تنظيمية تحكمها قوانين ولوائح التوظف. وكان النص المطعون فيه لا يقيم في مجال سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بالتقادم الحولي تمييزاً بين العمال المخاطبين به، بل ساوى بينهم في هذا المجال، فإنه لا يكون قد انطوى على حرمان طائفة من بينهم من حق التقاضي ، بعد أن إنتظمتهم جميعاً الأسس الموحدة التي نظم بها المشرع هذا الحق، بما لا مخالفة فيه لنص المادة (40) من الدستور. 
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان النص المطعون عليه –في النطاق المحدد- لا يتعارض مع حكم الدستور من أوجه أخرى . 
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى .