جلسة 29 من نوفمبر سنة 1960
برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: محمد عطية إسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدي، وحسن خالد المستشارين.
------------
(166)
الطعن رقم 1374 لسنة 30 القضائية
جريمة. تقسيمها: مواليد ووفيات:
طبيعة جريمة عدم الإبلاغ عن الميلاد والوفاة في الميعاد المحدد. هي من
الجرائم المستمرة استمرار تجدديا. آثار ذلك.
--------------
جريمة التخلف عن الإبلاغ عن الميلاد أو الوفاة في الميعاد المحدد من
الجرائم المستمرة استمراراً تجددياً، وذلك أخذاً من جهة بمقومات الجريمة السلبية -
وهي حالة تتجدد بتداخل إرادة الجاني، وإيجاباً من جهة أخرى لصريح نص المادة 23 من
القانون رقم 23 لسنه 1912 والمادة 37 من القانون رقم 130 لسنه 1946، ويظل المتهم
مرتكبا للجريمة في كل وقت، وتقع جريمته تحت طائلة العقاب مادامت حالة الاستمرار
قائمة لم تنته، ولا تبدأ مدة التقادم مادام الامتناع عن التبليغ قائما، ومتى كان
المتهم لم يحاكم في ظل القانون السابق فإن القانون الجديد يكون هو الواجب التطبيق.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه لم يبلغ مكتب الصحة عن وفاة
ابنه فى الميعاد المقرر دون عذر مقبول وطلبت عقابه بالمواد 1، 17، 18، 19، 35/ 1
،37، 38 من القانون رقم 130 لسنة 1946. والمحكمة الجزئية قضت غيابياً ببراءة
المتهم مما أسند إليه. فاستأنفت النيابة هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت
غيابيا بتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...
الخ.
--------------
المحكمة
من حيث إنه لما كانت العبرة فيما يتعلق بتطبيق الضوابط التي وضعها
القانون لتحديد جواز الطعن في الأحكام بطريق النقض هي بوصف الواقعة كما رفعت بها
الدعوى أصلا وليست بالوصف الذي تقضي به المحكمة, وكانت الدعوى الحالية قد أقيمت
على أساس أن الواقعة المسندة للمطعون ضده جنحة فقضى الحكم المطعون فيه باعتبارها
مخالفة, فإن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض يكون جائزا, ولما كان الحكم المطعون
فيه لا يعتبر أنه أضر بالمتهم حتى يصح له المعارضة فيه, فإن ميعاد الطعن من
النيابة يبدأ من تاريخ صدوره.
وحيث إن الطعن بعد ذلك قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون, ذلك أن الحكم المطعون
فيه قضى بالبراءة استنادا إلى أن القانون المنطبق على الواقعة المسندة للمتهم هو
القانون رقم 23 لسنة 1912, وأنه لما كانت جريمة عدم الإبلاغ عن الوفاة المنصوص
عليها في هذا القانون "مخالفة" كما أنها جريمة وقتية فإن الدعوى
الجنائية تكون قد انقضت بمضي سنة من تاريخ وقوع المخالفة, وما ذهب إليه الحكم
ينطوي على خطأ في تطبيق القانون, ذلك أن جريمة عدم التبليغ عن الوفاة اعتبرها
القانون رقم 23 لسنة 1912 جريمة مستمرة طبقا لنص المادة 23 منه والذي مؤداه أن هذه
الجريمة تظل قائمة مستمرة طالما أن المسئول عن التبليغ لم يقم بما فرضه عليه
القانون مهما طالت المدة, ومن ثم يستمر ملزما بالتبليغ في ظل القانون رقم 130 لسنة
1946 - فإن لم يقم بذلك جاز رفع الدعوى الجنائية عليه وفقا للقانون الأخير على
الرغم من أنه شدد العقوبة وجعل الجريمة جنحة بدلا من المخالفة, ولذا فإن الحكم
المطعون فيه إذ اعتبر الجريمة المرفوعة بها الدعوى مخالفة وفي ذات الوقت جريمة
وقتية وقضى بالبراءة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة يكون قد أخطأ في تطبيق
القانون ويتعين نقضه.
وحيث إنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة
اتهمت المطعون ضده بأنه في 19/11/1958 لم يبلغ مكتب الصحة لوفاة ابنه في الميعاد
المقرر دون عذر مقبول. وطلبت عقابه طبقا للمواد 1 و17 و18 و19 و35/2 و36 و37 من
القانون رقم 130 لسنة 1946 فقضت محكمة أول درجة بالبراءة ولما استأنفت النيابة
الحكم قضت محكمة ثاني درجة بتأييد الحكم المستأنف مستندة في ذلك إلى ما ثبت بمحضر
ضبط الواقعة من أن الوفاة حصلت في سنة 1937 أو سنة 1938 وهو تاريخ سابق على صدور
القانون رقم 130 لسنة 1946 الذي طلبت النيابة تطبيقه, وإنه لما كان القانون رقم 23
لسنة 1912 الذي حدثت الوفاة في ظله ينص على اعتبار جريمة عدم التبليغ عن الوفاة
مخالفة وهي في نفس الوقت جريمة مؤقتة فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت بمضي
المدة.
وحيث إنه لما كانت المادة 23 من القانون رقم 23 لسنة 1912 قد نصت على
أنه "يستمر وجوب التبليغ عن المواليد والوفيات... ... لغاية يوم إتمام هذه
الإجراءات" وكان القانون رقم 130 لسنة 1946 الخاص بالمواليد والوفيات قد نص
أيضا في المادة 37 منه على أنه "يستمر وجوب التبليغ عن المواليد والوفيات
لغاية يوم تمام إجراء القيد". لما كان ذلك, وكان مفاد ما تقدم أن جريمة
التخلف عن الإبلاغ عن الميلاد أو الوفاة في الميعاد المحدد من الجرائم المستمرة
استمرارا تجدديا, وذلك أخذا من جهة بمقومات الجريمة السلبية - وهي حالة تتجدد
بتداخل إرادة الجاني, وإيجابا من جهة أخرى لصريح النص, فإن المتهم يظل مرتكبا
للجريمة في كل وقت وتقع جريمته تحت طائلة العقاب ما دامت حالة الاستمرار قائمة لم
تنته, ولا تبدأ مدة التقادم ما دام الامتناع عن التبليغ قائما وما دام أن المتهم
لم يحاكم في ظل القانون السابق, فإن القانون الجديد هو الواجب التطبيق, ومتى تقرر
ذلك, وكانت المادة 35 من القانون 130 لسنة 1946 تنص على معاقبة مرتكب هذه الجريمة
بعقوبة الجنحة - وهي الغرامة التي لا تتجاوز عشرة جنيهات. لما كان ذلك, وكان
الثابت من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن المتهم المطعون
ضده لم يقم بالتبليغ, فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من اعتبار الواقعة
المسندة للمطعون ضده مخالفة والقضاء ببراءته على أساس انقضاء الدعوى الجنائية بمضي
المدة يكون قد خالف القانون مما يتعين معه نقضه وتصحيحه ومعاقبة المتهم طبقا لنص
المادتين 35 و37 من القانون رقم 130 لسنة 1946.