الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 2 سبتمبر 2018

الطعن 4995 لسنة 62 ق جلسة 13 / 2 / 1994 مكتب فني 45 ق 36 ص 243


برئاسة السيد المستشار/ حسن عميرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي نواب رئيس المحكمة وفرغلي زناتي.
-------
- 1   مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي. مجرد الخطأ في ذكر اسم الشارع الذي يقع به مسكن الطاعن في محضر التحريات لا يقطع بذاته في عدم جدية ما تضمنه من تحر. خلو إذن التفتيش من بيان سن الطاعن أو مهنته أو عمله. غير قادح في جدية التحريات ما دام هو الشخص المقصود بالإذن.
من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان مجرد الخطأ في ذكر اسم الشارع الذي يقع به مسكن الطاعن في محضر التحريات بفرض حصوله - لا يقطع بذاته في عدم جدية ما تضمنه من تحر، ما دام أن السكن الذي اتجه إليه مجرى التحريات وأجرى ضبط الطاعن به وتفتيشه هو في الواقع بذاته المقصود بالتفتيش. كما أن خلوه من بيان سنه أو مهنته أو عمله لا يقدح في جديتها ما دام أنه الشخص المقصود بالتحري وبالتفتيش، وكان الحكم قد أفصح بما أورده في مدوناته عن اطمئنانه أن الطاعن هو الذي انصبت عليه التحريات وهو المقصود في الإذن الصادر بالتفتيش، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
- 2 نقض "أسباب الطعن. تحديدها. ما لا يقبل منها".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحا محددا.
من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا ومحددا، وكان الطاعن لم يبين في طعنه ماهية الدفاع الذي ساقه تدليلا على عدم صحة ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات ومحاضر التحقيق والتفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليه، بل أرسل القول إرسالا مما لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناوله بالرد أو لم يتناوله، وهل كان دفاعا جوهريا مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أو هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل ردا بل الرد عليه مستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولا.
- 3  حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام" "شهود" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم تقيد القاضي الجنائي بنصاب معين في الشهادة. حقه في تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق. إمساك الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له. لا ينال من سلامة أقواله. تعويل الحكم على شهادة شاهد واحد. لا يعيبه.
من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق. كما أن سكوت الضابط عن الأداء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى، فإن تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة شاهد واحد ليس فيه ما يخالف القانون وينحل نعي الطاعن في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، فإن الطعن - في حدود الأسباب التي بني عليها - يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
- 4  مواد مخدرة. عقوبة. ظروف مخففة. قصد جنائي. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
العقوبة المقررة لإحراز المخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي. هي الأشغال الشاقة المؤقتة والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. إعمال المادتين 17 عقوبات، 36 من القانون 182 لسنة 1960. أثره؟
لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر "حشيش" بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي طبقا للمواد 1، 2، 37، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق وأعمل في حقه المادة 17 من قانون العقوبات، ثم قضى بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمه عشرة آلاف جنيه. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة لهذه الجريمة هي الأشغال الشاقة المؤقتة والغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط، وكانت المادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989 قد نصت على أنه "استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيق المواد السابقة والمادة 38 النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة. فإذا كانت العقوبة هي الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن فلا يجوز أن تقل المدة المحكوم بها عن ست سنوات. وكان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات والمادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 النزول بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة إلى عقوبة السجن الذي لا يجوز أن تنقص مدته عن ست سنوات بالإضافة إلى عقوبتي الغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه والمصادرة اللتين يجب الحكم بهما. لما هو مقرر من أن هاتين المادتين إنما تجوزان تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف منها إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاء، وكذلك فإن مؤداهما أنه وإن كان النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح المشرع النزول إليها جوازيا، إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقا لنصيهما ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد فيهما باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة.
- 5  نقض "حالات الطعن الخطأ في القانون" "نظر الطعن والحكم فيه". عقوبة "غرامة" "تطبيقها".
إدانة الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وإعمال المادة 17 عقوبات في حقه وتوقيع عقوبة الأشغال الشاقة عليه. خطأ في القانون. يوجب تصحيحه أساس ذلك؟ قضاء الحكم المطعون فيه بغرامة تقل عن الغرامة الواجبة التطبيق على الجريمة التي دين الطاعن بها. لا سبيل لتصحيح هذا الخطأ. علة ذلك؟
لما كانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وذكرت في حكمها أنها رأت معاملته طبقا للمادة 17 عقوبات ومع ذلك أوقعت عليه عقوبة الأشغال الشاقة وهي العقوبة المقررة لهذه الجريمة طبقا للمادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989 فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون إذ كان عليها أن تنزل بعقوبة الأشغال الشاقة إلى عقوبة السجن بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه والمصادرة
لما كانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبني على خطأ في تطبيق القانون. مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة ست سنوات ـ بدلا من الأشغال الشاقة ـ بالإضافة إلى عقوبة الغرامة المقضي بها وهي وإن كانت تقل عن الغرامة الواجبة التطبيق على الجريمة التي دين الطاعن بها، إلا أنه لما كانت النيابة العامة لم تطعن في هذا الحكم بطريق النقض بل طعن فيه المحكوم عليه وحده. فإنه لا سبيل إلى تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه طبقا للأصل المقرر في المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

- 6  مواد مخدرة. مصادرة. عقوبة "العقوبة التكميلية". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون". نظام عام.
إغفال الحكم المطعون فيه القضاء بمصادرة المخدر المضبوط. لا يجيز لمحكمة النقض التصدي لتصحيحه. أساس ذلك؟ مصادرة المخدر المضبوط. يقتضيه النظام العام. علة ذلك؟ وجوب المصادرة إداريا كتدبير وقائي وجوبي.
إنه وإن أخطأ الحكم المطعون فيه حين لم يقض في منطوقه بمصادرة المخدر المضبوط، مما لا يجوز لهذه المحكمة من تلقاء نفسها التصدي لتصحيحه طبقا للمادة 35 فقرة ثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض إلا أن يكون ذلك لمصلحة المتهم، الأمر المنتفي في هذه الدعوى، إلا أنه لما كانت مصادرة هذا المخدر يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وغير مشروعه حيازته، فإنه من المتعين أن يصادر إداريا كتدبير وقائي وجوبي لا مفر من اتخاذه من مواجهة الكافة دفعا للضرر ودفعا للخطر.
---------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الإتجار جوهرا مخدرا "حشيش" وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 1، 2، 37، 38، 42 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 سنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وبتغريمه عشرة آلاف جنيه عما أسند إليه باعتبار أن الإحراز مجرد من أي قصد من القصود
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

------------
المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد من القصود الخاصة قد شابه البطلان في الإجراءات والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع, ذلك أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية. بدلالة خطأ من أجراها في عنوان مسكن الطاعن. فضلا عن خلوها من بيانات كافية عن المتهم مشتملة سنه ومهنته وعمله. بيد أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يصلح ردا, كما لم يعرض لدفاعه في شان عدم صحة ما جاء في محضر جمع الاستدلالات ومحاضر التحقيق خاصة ما يتعلق بمدى صحة الدليل, وأخيرا فقد عول في إدانته على أقوال الضابط وحده وحجب دون مبرر رجال القوة المرافقة له عن الشهادة. مما يعيبه بما يستوجب نقضه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدر التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شانها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها, عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية خلت عن بيان صناعة الطاعن وسكنه وأطرحه بقوله ((وحيث إنه عن الدفع المبدى من محامي المتهم ببطلان إذن التفتيش لعدم استناده إلى تحريات جدية فهو مردود, ذلك أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع, وإذ كانت المحكمة مقتنعة بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وتقر النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن .... ذلك أن الضابط أورد بمحضر تحرياته أن المتهم يقوم بمزاولة نشاطه غير المشروع في الإتجار بالمواد المخدرة متخذا من مسكنه مكانا لإخفاء جزء من تجارته فاستصدر إذن النيابة العامة وتوجه وقوة من الشرطة السريين وحال أن المتهم يهم بالخروج من مسكنه قام بضبطه وبتفتيشه عثر على مخدر الحشيش بالجيب الأعلى لبدلته الصيفية التي كان يرتديها وأقر له المتهم بإحرازه له .... ولا يقدح من الأمر إغفال صناعة المتهم, إذ تبين إغفاله لا يسوغ بطلان الإذن لعدم جدية التحريات وهذا بالإضافة إلى أن التحريات قد تضمنت عنوان وسكن المتهم تحديدا ومن ثم بات الدفع جديرا بالقضاء برفضه. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع, ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن. فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت في الأوراق. وكان مجرد الخطأ في ذكر اسم الشارع الذي يقع به مسكن الطاعن في محضر التحريات بفرض حصوله - لا يقطع بذاته في عدم جدية ما تضمنه من تحر, ما دام أن السكن الذي اتجه إليه مجرى التحريات وأجرى ضبط الطاعن به وتفتيشه هو في الواقع بذاته المقصود بالتفتيش. كما أن خلوه من بيان سنه أو مهنته أو عمله لا يقدح في جديتها ما دام أنه الشخص المقصود بالتحري وبالتفتيش, وكان الحكم قد أفصح بما أورده في مدوناته عن اطمئنانه أن الطاعن هو الذي انصبت عليه التحريات وهو المقصود في الإذن الصادر بالتفتيش، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا ومحددا, وكان الطاعن لم يبين في طعنه ماهية الدفاع الذي ساقه تدليلا على عدم صحة ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات ومحضر التحقيق والتفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليه, بل أرسل القول إرسالا مما لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناوله بالرد أو لم يتناوله, وهل كان دفاعا جوهريا مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أو هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل ردا بل الرد عليه مستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولا. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق. كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى, فإن تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة شاهد واحد ليس فيه ما يخالف القانون وينحل نعي الطاعن في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك, فإن الطعن في حدود الأسباب التي بني عليها - يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا
لما كان ما تقدم, وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر ((حشيش)) بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي طبقا للمواد 1, 2, 37, 38, 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق وأعمل في حقه المادة 17 من قانون العقوبات, ثم قضى بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمه عشرة آلاف جنيه. لما كان ذلك, وكانت العقوبة المقررة لهذه الجريمة هي الأشغال الشاقة المؤقتة والغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط, وكانت المادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989 قد نصت على أنه استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيق المواد السابقة والمادة 38 النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة. فإذا كانت العقوبة هي الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن فلا يجوز أن تقل المدة المحكوم بها عن ست سنوات. وكان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات والمادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 النزول بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة إلى عقوبة السجن الذي لا يجوز أن تنقص مدته عن ست سنوات بالإضافة إلى عقوبتي الغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه والمصادرة اللتين يجب الحكم بهما. لما هو مقرر من أن هاتين المادتين إنما تجوزان تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف منها إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاء, وكذلك فإن مؤداهما أنه وإن كان النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح المشرع النزول إليها جوازيا, إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقا لنصيهما ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد فيهما باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة. لما كان ذلك, وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وذكرت في حكمها إنها رأت معاملته طبقا للمادة 17 عقوبات ومع ذلك أوقعت عليه عقوبة الأشغال الشاقة وهي العقوبة المقررة لهذه الجريمة طبقا للمادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989 فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون إذ كان عليها أن تنزل بعقوبة الأشغال الشاقة إلى عقوبة السجن بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه والمصادرة ولما كانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبني على خطأ في تطبيق القانون. مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة ست سنوات - بدلا من الأشغال الشاقة - بالإضافة إلى عقوبة الغرامة المقضي بها, وهي إن كانت تقل عن الغرامة الواجبة التطبيق على الجريمة التي دين الطاعن بها, إلا أنه لما كانت النيابة العامة لم تطعن في هذا الحكم بطريق النقض بل طعن فيه المحكوم عليه وحده. فإنه لا سبيل إلى تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه طبقا للأصل المقرر في المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. وجدير بالإشارة إنه وإن أخطأ الحكم لمطعون فيه حين لم يقض في منطوقه بمصادرة المخدر المضبوط, مما لا يجوز لهذه المحكمة من تلقاء نفسها التصدي لتصحيحه طبقا للمادة 35 فقرة ثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض إلا أن يكون ذلك لمصلحة المتهم, الأمر المنتفي في هذه الدعوى, إلا أنه لما كانت مصادرة هذا المخدر يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وغير مشروعة حيازته, فإنه من المتعين أن يصادر إداريا كتدبير وقائي وجوبي لا مفر من اتخاذه من مواجهة الكافة دفعا للضرر ودفعا للخطر.

الطعن 4190 لسنة 62 ق جلسة 8 / 2 / 1994 مكتب فني 45 ق 35 ص 232

جلسة 8 من فبراير سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب نائب رئيس المحكمة وفتحي حجاب وعمر بريك ويوسف عبد السلام.

---------------

(35)
الطعن رقم 4190 لسنة 62 القضائية

 (1)قتل عمد. إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات وصدوره اختياراً. موضوعي.
(2) ظروف مشددة. سبق إصرار. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني. استفادتها من. وقائع وظروف خارجية.
(3) عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن". قتل عمد. سبق إصرار.
انعدام مصلحة الطاعن في المجادلة من توافر سبق الإصرار. ما دامت العقوبة الموقعة عليه تدخل في الحدود المقررة للقتل العمد مجرداً من أي ظرف مشدد.
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إجراءات "إجراءات المحاكمة". مأمورو الضبط القضائي. استجواب.
حق مأمور الضبط القضائي في أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه. دون أن يستجوبه. المادة 29 إجراءات.
الاستجواب المحظور. ماهيته؟
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه. عدم التزام محكمة الموضوع بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
(6) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
النعي على دليل لم يعول عليه الحكم. غير مقبول.
 (7)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة.
 (8)دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً صريحاً.
 (9)إجراءات المحاكمة. محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب إعلان الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة على يد محضر على نفقة الخصوم. المادة 241/ 2 مكرراً إجراءات. إعلانهم من قبل المتهم لا يتوقف على تصريح من المحكمة.
قعود المتهم عن سلوك السبيل الذي رسمه القانون في المادة سالفة الذكر. لا تثريب على المحكمة إن لم تستجب لطلب التأجيل لسماع شهود.
(10) علاقة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
علاقة السببية في المواد الجنائية. مناط تحققها؟ تقديرها. موضوعي.
 (11)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها.
 (12)إثبات "معاينة. "إجراءات التحقيق" بطلان.
إجراء المعاينة في غيبة المتهم. لا بطلان. ما يملكه هو التمسك لدى محكمة الموضوع بما شاب المعاينة التي تمت في غيبته من نقض أو عيب.

--------------
1 - من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تمتلك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها بهذه المثابة أن تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه أو إلى غيره من المتهمين قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله.
2 - من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما مستفاد من وقائع وظروف خارجية ويستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج.
3 - لما كانت العقوبة المقضي بها على الطاعنين - وهي الأشغال الشاقة المؤبدة - تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجرد من أي ظروف مشددة فإنه لا يكون للطاعنين الثاني والثالث مصلحة فيما يثيره من فساد الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار.
4 - من المقرر أن لمأمور الضبط القضائي عملاًً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه، وكان الاستجواب المحظور هو الذي يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التي تساق عليه دليلاً ليقول كلمته فيها تسليماً بها أو دحضاً لها.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، وهي غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعنين على معاينة الشرطة المؤرخة 24/ 9/ 1988 فإن ما ينعاه الطاعنان الأول والثاني بشأنها بفرض صحة قولهما - يكون غير مقبول.
7 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
8 - لما كان ما ينعاه الطاعن الثالث بشأن تلفيق الاتهام مردوداً بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى ومن ثم فهو لا يستوجب رداً صريحاً من المحكمة اكتفاء بقضائها بالإدانة للأسباب السائغة التي استندت إليها.
9 - لما كانت الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً ( أ ) من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 التي جرى نصها بالآتي: وعلى الخصوم أن يعلنوا شهودهم الذين لم تدرج أسماؤهم في القائمة سالفة الذكر على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى وذلك مع تحمل نفقات الإعلان وإيداع مصاريف انتقال الشهود فإن هذا النص صريح في وجوب قيام المتهم بإعلان من يطلب سماعه من الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية - المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 السالف الإشارة إليه - على يد محضر بالحضور في بالجلسة المحددة لنظر الدعوى مما لا يتصور معه أن يتوقف إعلانهم من قبله على تصريح من المحكمة وإذ كان ذلك ، وكان الطاعن الثالث لم يسلك الطريق الذي رسمه القانون في الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً ( أ ) من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للشهود الذي طلب إلى محكمة الجنايات سماعهم ولم تدرج أسماؤهم في قائمة الشهود، فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تستجب إلى طلب التأجيل لسماعهم ويضحى تعييب الحكم المطعون فيه بالقصور والإخلال بحق الدفاع غير سديد.
10 - من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذ ما أتاه عمداً وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وإذ كان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر علاقة السببية بين إصابات المجني عليه التي أورد تفاصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وأفعال إعطاء المادة المهدئة والضرب وإلقاء التراب على المجني عليه التي قارفها الطاعنون وبين وفاته فأورد من وقائع ذلك التقرير أن وفاة المجني عليه تتفق مع التصوير من إعطائه مادة مهدئة ثم ضربه على رأسه بالجاروف ثم كتم نفسه بإلقاء التراب عليه فإنه ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعن الثالث من قصور في هذا الصدد.
11 - لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص اعتماد الحكم على تقرير الصفة التشريحية مع أنه بني على الترجيح لا القطع ففضلاً عن أن الطبيب الشرعي قد قطع بذلك في تقريره فهو مردود بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً.
12 - من المقرر أن المعاينة التي تجريها النيابة لمحل الحادث لا يلحقها البطلان بسبب غياب المتهم، إذ أن تلك المعاينة ليست إلا إجراء من إجراءات التحقيق يجوز للنيابة أن تقوم به في غيبة المتهم وإذ هي رأت لذلك موجباً، وكل ما يكون للمتهم هو أن يتمسك لدى محكمة الموضوع بما قد يكون في المعاينة من نقض أو عيب حتى تقدرها المحكمة وهي على بينة من أمرها كما هو الشأن في سائر الأدلة الأخرى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم قتلوا عمداً مع سبق الإصرار...... بأن بيتوا النية على قتله وأعدت المتهمة الأولى أقراصاً مهدئة (مادة أتيفان) ووضعته للمجني عليه في كوب عصير وما أن غاب عن وعيه حتى قام المتهمون الآخرون بنقله من القاهرة بسيارة إلى منطقة خالية بمدينة العاشر من رمضان ووضعوه في حفرة وما كان ليفيق حتى لاحقه المتهم الرابع بضربه على رأسه بآلة حادة (جاروف) وأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي ثم وضعوا التراب عليه مما أدى إلى كتم نفسه والتي أودت بحياته وإحالتهم إلى محكمة الجنايات الزقازيق لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت أرملة المجني عليه عن نفسها وبصفتها وصية على بناتها القصر وكذلك أشقائه مدنيا قبل المتهمين بمبلغ مائتي ألف جنيه على سبيل التعويض. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون أولاَ: بمعاقبتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة ثانياً: - بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة لنظرها. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات الزقازيق لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة (بهيئة أخرى) قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة المؤبدة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية).


المحكمة

وحيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنتها تقارير الأسباب الثلاثة المقدمة من الطاعنين هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانهم بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وقد شابه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه تساند إلى ما عزى من اعتراف الطاعنين الأول والثاني رغم بطلانه لصدوره وليد إكراه وتعذيب وأطرح دفاعهما بما لا يصلح رداً وبما يخالف الثابت بالأوراق، واستدل الحكم على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين الثاني والثالث بما لا يسوغ سنداً لقيامه. وعول الحكم على اعتراف الطاعنين رغم بطلانه إذ كان وليد استجواب محظور على رجل الضبط القضائي وعول الحكم على أقوال زوج المجني عليه محصلاً إياه بما يفيد قصر الاتهام على الطاعنة الأولى في حين إنها اتهمت آخرين، والتفت الحكم عن دفاع الطاعنين الأولى والثاني ببطلان محضر معاينة الشرطة المؤرخ 24/ 9/ 1988، وأغفل الحكم دفاعهما القائم على أن الجثة ليست للمجني عليه، والتفت الحكم عن دفاع الطاعن الثالث بخصوص تلفيق الاتهام ورد الحكم على طلبه بسماع شهود نفي لا يصلح رداً، ورد على دفاعه باستحالة معرفة سبب الوفاة بما لا يسوغه، وعول الحكم على المعاينة التصويرية التي أجرتها النيابة العامة بتاريخ 8/ 10/ 1988 رغم بطلانها لإجرائها في غيبته. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعنين بما أورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعنين الأولى والثاني بارتكاب الحادث وما تبين من معاينة النيابة العامة لمكان الحادث وما ثبت من تقريري الصفة التشريحية والمعمل الكيماوي وضبط الشيكات وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما دفع به الطاعنون من بطلان اعتراف المتهمين الأولى والثاني ورد عليه رداً كافياً سائغاً في تفنيده وفي نفي أية صلة بأي نوع من الإكراه وله صداه وأصله الثابت في الأوراق، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تمتلك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها بهذه المثابة أن تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه أو إلى غيره من المتهمين قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما مستفاد من وقائع وظروف خارجية ويستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج وإذ كان الحكم المطعون فيه قد كشف عن توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين الثاني والثالث وقد ساق لإثباته قبلهما من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققه قانوناً. ومن ثم فإن نعي الطاعنين في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكانت العقوبة المقضي بها على الطاعنين - وهي الأشغال الشاقة المؤبدة - تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجرد من أي ظروف مشددة فإنه لا يكون للطاعنين الثاني والثالث مصلحة فيما يثيراه من فساد الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار. لما كان ذلك وكان لمأمور الضبط القضائي عملاًً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه، وكان الاستجواب المحظور هو الذي يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التي تساق عليه دليلاً ليقول كلمته تسليماً بها أو دحضاً لها، وكان البين من مطالعة الأوراق والمفردات المضمومة أن الحادث وقع في الاختصاص المكاني للشاهد الأول الذي تحرى عنه وإذ كشفت تحرياته عن أن مرتكبي الحادث هم الطاعنين والحدث الذين اعترفوا له بذلك فقد سجل ذلك في محضر عرضه على النيابة العامة فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان البين من المفردات المضمومة أن الشاهدة زوج المجني عليه ذكرت في محضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة أن الاتهام ينحصر في الطاعنة الأولى وزوجها وأولادها فإن إسناد الحكم إلى الشاهدة المذكورة اتهاماً للطاعنة الأولى بقتل المجني عليه يكون له معينه الصحيح من أقوالها بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة ويكون منعى الطاعنين الأولى والثاني في هذا الخصوص على غير أساس. هذا فضلاً عن أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، وهي غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه، فإنه لا على المحكمة إن هي أغفلت من رواية الشاهد اتهامها زوج الطاعنة الأولى وأولادها وأخذت بما قررته - وهو ما له معينة من الأوراق المضمومة - من اتهامها للطاعنة الأولى بارتكابها الحادث. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعنين على معاينة الشرطة المؤرخة 24/ 9/ 1988 فإن ما ينعاه الطاعنان الأول والثاني بشأنها بفرض صحة قولهما - يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومع ذلك فقد أطرح الحكم دفاع الطاعنين الأول والثاني على أن الجثة ليست للمجني عليه بما يسوغه ومن ثم فإن نعيهما على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبولاً. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن الثالث بشأن تلفيق الاتهام مردوداً بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى ومن ثم فهو لا يستوجب رداً صريحاً من المحكمة اكتفاء بقضائها بالإدانة للأسباب السائغة التي استندت إليها. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً ( أ ) من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 التي جرى نصها بالآتي: وعلى الخصوم أن يعلنوا شهودهم الذين لم تدرج أسماؤهم في القائمة سالفة الذكر على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى وذلك مع تحمل نفقات الإعلان وإيداع مصاريف انتقال الشهود فإن هذا النص صريح في وجوب قيام المتهم بإعلان من يطلب سماعه من الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية - المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 السالف الإشارة إليه - على يد محضر بالحضور في بالجلسة المحددة لنظر الدعوى مما لا يتصور معه أن يتوقف إعلانهم من قبله على تصريح من المحكمة وإذ كان ذلك ، وكان الطاعن الثالث لم يسلك الطريق الذي رسمه القانون في الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً ( أ ) من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للشهود الذي طلب إلى محكمة الجنايات سماعهم ولم تدرج أسماؤهم في قائمة الشهود، فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تستجب إلى طلب التأجيل لسماعهم ويضحى تعييب الحكم المطعون فيه بالقصور والإخلال بحق الدفاع غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذ ما أتاه عمداً وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه، وإذ كان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر علاقة السببية بين إصابات المجني عليه التي أورد تفاصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وأفعال إعطاء المادة المهدئة والضرب وإلقاء التراب على المجني عليه التي قارفها الطاعنون وبين وفاته فأورد من وقائع ذلك التقرير أن وفاة المجني عليه تتفق مع التصوير من إعطائه مادة مهدئة ثم ضربه على رأسه بالجاروف ثم كتم نفسه بإلقاء التراب عليه فإنه ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعن الثالث من قصور في هذا الصدد أما ما يثيره الطاعن في خصوص اعتماد الحكم على تقرير الصفة التشريحية مع أنه بني على الترجيح لا القطع ففضلاً عن أن الطبيب الشرعي قد قطع بذلك في تقريره فهو مردود بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المعاينة التي تجريها النيابة لمحل الحادث لا يلحقها البطلان بسبب غياب المتهم، إذ أن تلك المعاينة ليست إلا إجراء من إجراءات التحقيق يجوز للنيابة أن تقوم به في غيبة المتهم وإذ هي رأت لذلك موجباً، وكل ما يكون للمتهم هو أن يتمسك لدى محكمة الموضوع بما قد يكون في المعاينة من نقض أو عيب حتى تقدرها المحكمة وهي على بينة من أمرها كما هو الشأن في سائر الأدلة الأخرى. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثالث في هذا الخصوص يكون في غير محله لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

السبت، 1 سبتمبر 2018

كتاب دوري 10 لسنة 2017 بشأن الارتباط بجرائم أمن الدولة طوارئ وتنفيذ الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة طوارئ

جمهورية مصر العربية 
النيابة العامة 
مكتب النائب العام المساعد
للتفتيش القضائي 
كتاب دوري رقم (10) لسنة 2017 
بشأن الارتباط بجرائم أمن الدولة طوارئ 
وتنفيذ الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة طوارئ
سبق أن أصدرنا الكتاب الدوري رقم (7) لسنة 2017 بتاريخ 17 / 10 / 2017 بدعوة السادة أعضاء النيابة العامة إلى إعمال أحكام قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 ، وإحالة الجرائم الواردة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2198 لسنة 2017 إلى محاكم أمن الدولة طوارئ.
إلا أن الواقع العملي قد كشف عن اختلاف التطبيق بين النيابات المختلفة بشأن الارتباط بين الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص محاكم امن الدولة طوارئ وبين الجرائم العادية ، وبشأن تنفيذ الأحكام الصادرة من تلك الأحكام ، وتوحيداً للراي في هذا الشأن فإننا ندعو السادة أعضاء النيابة العامة إلى مراعاة ما يلي :
أولا : أن محاكم امن الدولة محاكم استثنائية اختصاصها محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه . 
ثانيا : لقد جاء قانون الطوارئ خلواً من النص على إحالة الجرائم التي ترتبط بالجرائم المترتبة على مخالفة أحكام الأوامر التي تصدرها سلطة الطوارئ إلى محاكم أمن الدولة طوارئ كما خلا قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2198 لسنة 2017 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة طوارئ من النص على ذلك ، ومن ثم يتيعن الرجوع إلى القواعد العامة في هذا الصدد وذلك عملا بالمادة العاشرة من قانون الطوارئ والتي أحالت إلى القانون العام عند عدم وجود نص في قانون الطوارئ فيما يتعلق بإجراءات وقواعد التحقيق والمحاكمة والحكم .
وقد نصت المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الرابعة على انه : " وفي أحوال الارتباط التي يجب فيها رفـع الدعوى عن جميـع الجرائم أمام محكمة واحدة ، إذا كانت بعض الجرائم من اختصاص المحاكم العادية وبعضها من اختصاص محاكم خاصة ، يكون رفع الدعوى بجميع الجرائم أمام المحاكم العادية ما لم ينص القانون على غير ذلك. "
ومفاد ما تقدم انه لا يجوز للنيابة العامة سواء في أحوال الارتباط الذي لا يقبل التجزئة أو الارتباط البسيط أن تحيل إلى محاكم امن الدولة طوارئ الجرائم التي لا تدخل في اختصاصها لارتباطها بالجرائم المترتبة على مخالفة أحكام الأوامر الصادرة من سلطة الطوارئ لان ذلك يخالف ما نصت عليه المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية ، ولم يرد في نصوص قانون الطوارئ ما يبيح ذلك . 
مع إعمال قواعد التفسير الصحيح للقانون التي تستوجب بحسب اللزوم العقلي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها في التحقيق والإحالة والمحاكمة وتدور في فلكها بموجب الأثر القانوني للارتباط . 
ثالثا : يتبع في شأن تنفيذ أحكام محاكم امن الدولة طوارئ القواعد والأحكام الواردة في الكتاب الرابع من قانون الإجراءات الجنائية ما لم يرد حكم خاص بقانون الطوارئ (المادة العاشرة من قانون الطوارئ) .
مع مراعاة ما نصت عليه المواد من 1512 حتى 1516 من التعليمات القضائية للنيابة العامة ، والمواد من 736 حتى 744 من التعليمات الإدارية للنيابة العامة في هذا الشأن . 
رابعا : الأحكام الصادرة من محكمة أمن الدولة طوارئ والمتضمنة عقوبات مقيدة للحرية لا تنفذ إلا بعد التصديق عليها من جهة التصديق ، ولكن اذا كان المتهم قدم للمحاكمة محبوساً احتياطاً وحكم عليه بالعقوبة المشار إليها فلا يخلى سبيله وإنما يظل محبوساً حبساً احتياطياً حتى صدور قرار جهة التصديق على الحكم طالما أن المحكمة لم تقرر صراحة الإفراج عنه طبقاً لأحكام المادة 151 من قانون الإجراءات الجنائية التي نصت على انه : " إذا أحيل المتهم إلى المحكمة يكون الإفراج عنه إن كان محبوسا أو حبسه إن كان مفرجا عنه من اختصاص الجهة المحال إليها .". 
مع مراعاة عدم الإخلال بأحكام الفقرة الرابعة من المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية . 
خامساً : اذا كان المتهم قد قدم للمحاكمة الجنائية محبوساً وقضت المحكمة المختصة بإدانته ولم تأمر بالإفراج عنه وجب إرسال القضية الخاصة به على وجه السرعة إلى مكتب شئون امن الدولة لاتخاذ شئونه في الحكم . 
سادساً : اذا قدم المتهم مفرجاً عنه وقضي عليه بعقوبة مقيدة للحرية فيجب إخلاء سبيله فوراً دون تنفيذ العقوبة عليه انتظاراً لما سوف تقرره جهة التصديق بشأن الحكم الصادر ضده . 
سابعاً : اذا قدم المتهم محبوساً احتياطياً وحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية مع إيقاف تنفيذها أو حكم بالبراءة يخلى سبيله فورا حتى التصديق على الحكم من جهة التصديق وذلك ما لم يكن محبوساً لسبب آخر . 
والله ولي التوفيق . 
تحريرا في 28/ 11 / 2017 
النائب العام 
المستشار / 
(نبيل أحمد صادق ) 






الأربعاء، 29 أغسطس 2018

الطعن 2063 لسنة 59 ق جلسة 20 / 3 / 1994 مكتب فني 45 ج 1 ق 105 ص 525


برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم نواب رئيس المحكمة وحسين نعمان.
------------
- 1  دستور " المحكمة الدستورية العليا ". نقض " اجراءات الطعن بالنقض ". نيابة " نيابة قانونية . النيابة عن الدولة". هيئات " هيئة قضايا الدولة".
الطعن بالنقض رفعه من هيئة قضايا الدولة نيابة عن المدعى العام الاشتراكي صحيح علة ذلك . القانون رقم 75 لسنة 1963 المعدل .
لما كانت هيئة قضايا الدولة تنوب عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصا قضائيا وفقا للقانون رقم 75 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986 وكان المدعي العام الاشتراكي هو أحد هذه الشخصيات فإن الطعن المقام من هيئة قضايا الدولة بالنيابة عنه يكون قد أقيم من ذي صفة.
- 2  اختصاص " الاختصاص المتعلق بالولاية ". حراسة "الحراسة الادارية ". محكمة القيم " اختصاصها".
محكمة القيم اختصاصها بالفصل في دعاوى فرض الحراسة مؤدى ذلك عدم اختصاصها بالدعاوى المتعلقة بالأموال التي لا تشملها الحراسة وجوب الاعتداء بالتصرف الصادر من الخاضع للحراسة للغير ولو لم يكن قد سجل متى كان قد نفذ أو كان ثابت التاريخ قبل صدور قرار المنع من التصرف في المال المادة 18 من القانون 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب الحكم بفرض الحراسة أثره وقف المطالبات والدعاوى المتعلقة بالأموال المفروض عليها الحراسة المادة 1/20 من القانون 34 لسنة 1971 مؤدى ذلك .
لما كانت المادة 34 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بإصدار قانون حماية القيم من العيب تنص على أن "تختص محكمة القيم دون غيرها أولا..... ثانيا كافة اختصاصات المحكمة المنصوص عليها في القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب المقررة بالقانون المذكور.....، وكانت هذه المحكمة تختص وفقا للمادة العاشرة من القانون الأخير بالفصل في دعاوى فرض الحراسة ومن ثم تخرج عن اختصاصها الدعاوى المتعلقة بالأموال التي لا تشملها الحراسة. لما كان ذلك وكان النص في المادة 18 من ذات القانون على أن "...... وكذلك لا تشمل الحراسة أي مال تصرف فيه الخاضع إلى الغير ولو لم يكن قد سجل متى كان هذا التصرف قد نفذ أو كان ثابت التاريخ قبل منع التصرف في المال" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع اشترط للاعتداد بالتصرف الصادر من الخاضع في هذه الحالة توافر أحد أمرين: أن يكون التصرف قد نفذ أو أن يكون ثابت التاريخ وذلك قبل صدور قرار المنع من التصرف، وأن النص في الفقرة الأولى من المادة 20 من القانون رقم 34 لسنة 1971 - على أنه "إذا حكم بفرض الحراسة على جميع أموال الخاضع ترتب على ذلك الحكم وقف المطالبات والدعاوى المتعلقة بالأموال المفروضة عليها الحراسة ولا يجوز استئناف السير فيها إلا إذا انقضت الحراسة دون مصادرة......" مفاده أن الدعاوى التي أوجب المشرع وقفها لحين انقضاء الحراسة على الخاضع هي تلك المتعلقة بالأموال التي لازالت تشملها الحراسة بما مؤداه أن خطاب الشارع لا ينصرف إلى الأموال التي تم التصرف فيها وفقا لأحكام القانون بتصرف نافذ قبل صدور حكم الحراسة.
- 3  نقض " أسباب الطعن " : السبب المجهل " .
عدم بيان موطن العيب في الحكم المطعون فيه وأثره في قضائه نعى مجهل غير مقبول .
وإذ كان الطاعن لم يبين موطن العيب في قضاء الحكم المطعون فيه بإغفاله الرد على ما تمسك به من انتقاء مصلحة المطعون عليها الأولى في الدعوى وأثر هذا العيب في قضائه فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون مجهلا.. ومن ثم غير مقبول.
-----------
الوقائع
حيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن المطعون عليهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى رقم 11451 سنة 1985 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليه الرابع بطلب الحكم بعدم الاعتداد بقرار التحفظ رقم 82 لسنة 1985 الصادر من الطاعن بالنسبة للأعيان الموضحة بالصحيفة وتسليمها إليهم، وقالوا بيانا لذلك أن الطاعن أصدر بتاريخ 15/5/1985 الأمر المشار إليه بالتحفظ على أموال المطعون عليه الرابع وزوجته وأولاده وأدرج ضمن الأموال المتحفظ عليها ـ المحل الكائن رقم 27 شارع قصر النيل شركة أزياء ......... "ومصنع ........ للنسيج والتريكو وقطعة أرض فضاء مبينة المعالم بالصحيفة باعتبارها من عناصر ذمته المالية رغم أن هذه الأموال مملوكة لهم بمستندات تؤكد تخارجه من الشركة في المحل بتاريخ 1/1/1984 وتصرفه بالبيع في الأرض الفضاء بتاريخ 1/8/1983 فضلا عن ملكية المطعون عليها الأولى لمصنع غرناطة وذلك قبل صدور قرار التحفظ ومن ثم فقد أقاموا الدعوى. دفع الطاعن بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، وبتاريخ 26/11/1985 حكمت المحكمة برفض هذا الدفع وبعدم الاعتداد بقرار الطاعن المدعي العام الاشتراكي ـ رقم 82 لسنة 1985 فيما تضمنه بالنسبة للأعيان المبينة بالصحيفة ـ موضوع التداعي ـ وتسليمها للمطعون عليهم الثلاثة الأول. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 7820 سنة 102 ق، وبتاريخ 14/3/1989 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف, طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون عليه الثالث بعدم قبول الطعن وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وبنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون عليه الثالث بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة أن هيئة قضايا الدولة لا تنوب عن المدعي العام الاشتراكي ـ الطاعن ـ لأن القانون رقم 75 لسنة 1963 حدد الجهات التي تنوب عنها وليس من بينها المدعي العام الاشتراكي ومن ثم يكون الطعن المرفوع منها نيابة عنه مقاما من غير ذي صفة وغير مقبول
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه لما كانت هيئة قضايا الدولة تنوب عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصا قضائيا وفقا للقانون رقم 75 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986 وكان المدعي العام الاشتراكي هو أحد هذه الشخصيات فإن الطعن المقام من هيئة قضايا الدولة بالنيابة عنه يكون قد أقيم من ذي صفة ويكون هذا الدفع على غير أساس
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إنه دفع بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى لانعقاد الاختصاص بها لمحكمة القيم دون غيرها باعتبارها من المنازعات المتعلقة بالأموال المفروضة عليها الحراسة، التي كانت تختص بها المحكمة المشكلة وفقا للمادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971، كما تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن مصنع......... ومحل شركة أزياء........ ملك الخاضع ـ المطعون عليه الرابع ـ وقد شملهما الحكم الصادر من محكمة القيم بتاريخ 11/1/1986 في الدعوى رقم 34 لسنة 15 ق حراسات الذي قضى بفرض الحراسة عليها، وقدم المستندات المؤيدة لذلك، وطلب وقف الدعوى نزولا على حكم المادة 20 من القانون سالف الإشارة التي توجب وقف المطالبات والدعاوى المتعلقة بالأموال المفروضة عليها الحراسة وعدم استئناف السير فيها إلا بعد انقضائها دون مصادرة، كما تمسك بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون عليها الأولى لانعدام المصلحة، غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع الجوهري وواجهه بما لا يصلح ردا عليه وأيد الحكم الابتدائي في قضائه وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت المادة 34 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بإصدار قانون حماية القيم من العيب تنص على أن "تختص محكمة القيم دون غيرها أولا .......... ثانيا كافة اختصاصات المحكمة المنصوص عليها في القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب المقررة بالقانون المذكور....." وكانت هذه المحكمة تختص وفقا للمادة العاشرة من القانون الأخير بالفصل في دعاوى فرض الحراسة ومن ثم يخرج عن اختصاصها الدعاوى المتعلقة بالأموال التي لا تشملها الحراسة. لما كان ذلك وكان النص في المادة 18* من ذات القانون على أن "........ وكذلك لا تشمل الحراسة أي مال تصرف فيه الخاضع إلى الغير ولو لم يكن قد سجل متى كان هذا التصرف قد نفذ أو كان ثابت التاريخ قبل منع التصرف في المال" يدل ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ على أن المشرع اشترط للاعتداد بالتصرف الصادر من الخاضع في هذه الحالة توافر أحد أمرين: أن يكون التصرف قد نفذ أو أن يكون ثابت التاريخ وذلك قبل صدور قرار المنع من التصرف، وأن النص في الفقرة الأولى من المادة 20 من القانون رقم 34 لسنة 1971 على أنه "إذا حكم بفرض الحراسة على جميع أموال الخاضع ترتب على ذلك الحكم وقف المطالبات والدعاوى المتعلقة بالأموال المفروضة عليها الحراسة ولا يجوز استئناف السير فيها إلا إذا انقضت الحراسة دون مصادرة........" مفاده أن الدعاوى التي أوجب المشرع وقفها لحين انقضاء الحراسة على الخاضع هي تلك المتعلقة بالأموال التي لازالت تشملها الحراسة بما مؤداه أن خطاب الشارع لا ينصرف إلى الأموال التي تم التصرف فيها وفقا لأحكام القانون بتصرف نافذ قبل صدور حكم الحراسة لما كان ذلك وكان البين مما حصله الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه سائغا من المستندات المقدمة من المطعون عليهم الثلاثة الأول وفي حدود ما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديرية في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير المستندات والأدلة المقدمة إليها أن المطعون عليه الرابع تخارج من الشركة في المحل التجاري ـ شركة أزياء ......... ـ رقم 27 شارع قصر النيل بموجب العقد المؤرخ 1/1/1984 وتم تعديل عقد الشركة وسجل بمحكمة جنوب القاهرة تحت رقم 1525 لسنة 1984م بتاريخ 30/9/1984، وأن مصنع........ للنسيج والتريكو مملوك للمطعون عليها الأولى وحدها طبقا للثابت من رخصة المصنع والسجل التجاري وملفات التأمينات الاجتماعية وطلب توصيل التيار الكهربائي الصادر باسمها والتي تحمل تواريخ مختلفة وثابتة في عامي 1983، 1984 وأن قطعة الأرض الفضاء باع المطعون عليه الرابع نصيبه فيها للمطعون عليها الأولى بموجب عقد مؤرخ 1/8/1982 وأقيمت الدعوى رقم 10746 سنة 1984 مدني شمال القاهرة الابتدائية بصحته ونفاذه التي أشهرت صحيفتها في 15/7/1984 وقضى فيها بتاريخ 12/12/1984 بإلحاق عقد الصلح المقدم فيها بمحضر الجلسة وأنه فضلا عن المستندات الرسمية فإن تصرفات المطعون عليه الرابع ثابتة التاريخ وفقا للمادة 15 من قانون الإثبات قبل صدور قرار التحفظ والمنع من التصرف بتاريخ 15/5/1985 وخلص إلى أن هذه الأعيان تكون بمنأى عن نطاق القرار المذكور بما يستوجب الاعتداد بها ونفاذها قبل الطاعن فلا تعد المنازعة المطروحة بالنسبة لها من المنازعات التي تختص محكمة القيم بالفصل فيها، كما لا يسري في شأنها وقف المطالبات والدعاوى وفقا للمادة 20 من القانون رقم 34 لسنة 1971 لخروج المال من الحراسة قبل صدور حكم الحراسة في 16/1/1986 ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفع المبدي من الطاعن بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وطلبه وقف الدعوى لحين انقضاء الحراسة دون مصادرة للأسباب السائغة التي ساقها فإنه يكون قد التزم صحيح القانون وواجه دفاع الطاعن بما يكفي ردا عليه، وكان الطاعن لم يبين موطن العيب في قضاء الحكم المطعون فيه بإغفاله الرد على ما تمسك به من انتفاء مصلحة المطعون عليها الأولى في الدعوى وأثر هذا العيب في قضائه فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون مجهلا ومن ثم غير مقبول، ويضحى النعي برمته على غير أساس
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن

الطعن 366 لسنة 58 ق جلسة 30 / 1 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 57 ص 346


برئاسة السيد المستشار: نائب رئيس المحكمة/ وليم رزق بدوي وعضوية السادة المستشارين: طه الشريف. أحمد أبو الحجاج نائبي رئيس المحكمة شكري العميري وعبد الصمد عبد العزيز.
-------------
- 1  إثبات " طرق الإثبات . الإثبات بالكتابة ". عقد " سبب العقد".
مفاد توقيع السند الالتزام بدفع قيمته ولو لم يذكر فيه سبب المديونية . عبء إثبات انعدام السبب على من يدعيه . وجوب إثباته بالكتابة طالما لم يدع المتعاقد بوقوع احتيال على القانون .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مجرد توقيع مصدر السند عليه يفيد التزامه بدفع قيمته ولو لم يذكر فيه سبب المديونية ذلك أن كل التزام لم يذكر له سبب في العقد يفترض أن له سبباً مشروعاً ما لم يقم الدليل على غير ذلك ويقع عبء الإثبات على من يدعى انعدام السبب، غير أن الادعاء بانعدام السبب لا يجوز للمدين إثباته بغير الكتابة إذا كان الالتزام مدنياً طالما لم يدع المتعاقد بوقوع احتيال على القانون.
- 2  استئناف " تسبيب الحكم الاستئنافي".
أخذ الحكم الاستئنافي بأسباب الحكم الابتدائي والإحالة إليها دون إضافة لا عيب . مناطه .
لا يعيب الحكم الاستئنافي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يعتنق أسباب الحكم الابتدائي ويحيل إليها دون إضافة إذا رأت محكمة الاستئناف أن ما أثاره الطاعن في أسباب استئنافه لا يخرج عما كان معروضاً على محكمة أول درجة وتضمنته أسبابها ولم تر فيه ما يدعوها إلى إيراد أسباب جديدة.
- 3  إثبات " طرق الإثبات . الإثبات بالبينة ". تزوير " اثبات التزوير".
تغيير الحقيقة في الورقة الموقعة على بياض ممن استؤمن عليها . خيانة أمانة . عدم جواز إثبات التغيير إلا بالكتابة أو بمبدأ الثبوت بالكتابة مستكملا بشهادة الشهود أو القرائن . الاستيلاء على الورقة بغير التسليم الاختياري . اعتبار تغيير الحقيقة بها تزويرا . جواز إثباته بكافة الطرق .
تغيير الحقيقة في الأوراق الموقعة على بياض ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة، يرجع في إثباته القواعد العامة، ومن مقتضاها أنه لا يجوز إثبات عكس ما هو في الورقة الموقعة على بياض إلا أن تكون هناك كتابة . .. أو مبدأ ثبوت بالكتابة يستكمل بشهادة الشهود أو القرائن ولا يخرج عن هذا الأصل سوى حالة ما إذا كان من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأي طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري فعندئذ يعد تغيير الحقيقة فيها تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضده تقدم بطلب لاستصدار أمر أداء لإلزام الطاعن بأن يؤدي له مبلغ 12.500 ج اثني عشر ألف وخمسمائة جنيه على سند من القول بأنه يداين الطاعن بهذا المبلغ بموجب إقرار مؤرخ 1984/7/3 مستحق السداد تحت الطلب، تحددت جلسة لنظر الموضوع، وقيدت برقم 319 مدني كلي المنيا – مأمورية ملوي – طعن الطاعن على الإقرار بالتزوير، قضت المحكمة بعدم قبول الادعاء بالتزوير فطعن الطاعن بصورية سبب الالتزام، قضت المحكمة برفض الدفع بالصورية وبالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 23/250 بني سويف مأمورية المنيا. وبتاريخ 1988/1/5 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذا عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على تسعة أسباب ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه بالأسباب من الأول حتى السادس والسبب الثامن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول أن الالتزام بدفع المبلغ الثابت في الإقرار المؤرخ 1984/7/3 ليس له سبب وأنه قدم الخطاب المؤرخ 1984/8/19 والشيك رقم 1136745 مبلغ 1350 دولار للتدليل على صورية السبب إلا أن الحكم المطعون فيه رفض إثبات صورية سبب الالتزام وانعدامه وإلزام الطاعن بالمبلغ رغم بطلان العقد إذ لم يكن له سبب فإنه يكون قد خالف نص المادتين 136، 137 من القانون المدني وأخطأ في تطبيقهما بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مجرد توقيع مصدر السند عليه يفيد التزامه بدفع قيمته ولو لم يذكر فيه سبب المديونية ذلك أن كل التزام لم يذكر له سبب في العقد يفترض أن سبباً مشروعاً ما لم يقم الدليل على غير ذلك ويقع عبء الإثبات على من يدعي انعدام السبب
غير أن الادعاء بانعدام السبب لا يجوز للمدين إثباته بغير الكتابة إذا كان الالتزام مدنياً طالما لم يدع المتعاقد بوقوع احتيال على القانون، لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه التزم هذا النظر ورفض الطعن بصورية السبب لعجز الطاعن عن تقديم الدليل الكتابي المؤيد لادعائه فلا يعيب الحكم المطعون فيه إن التفت عن القرائن التي ساقها الطاعن أو المستندات التي قدمها للتدليل على صورية السبب والتي لا يتغير بها وجه الرأي في الدعوى ويضحى النعي بهذه الأسباب على غير أساس
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب السابع على الحكم فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول بأنه تمسك في صحيفة الاستئناف ببطلان إقرار التعهد لانعدام الأساس القانوني للالتزام. وإذا أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع باعتبار أنه ترديد للدفاع المطروح أمام محكمة أول درجة وقضى بتأييد الحكم المستأنف فإنه يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لا يعيب الحكم الاستئنافي – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يعتنق أسباب الحكم الابتدائي ويحيل إليها دون إضافة إذا رأت محكمة الاستئناف أن ما أثاره الطاعن في أسباب استئنافه لا يخرج في جوهره عما كان معروضاً على محكمة أول درجة وتضمنته أسبابها ولم تر فيه ما يدعوها إلى إيراد أسباب جديدة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق أسباب الحكم الابتدائي لأن فيها الرد الكافي عما أورده الطاعن بأسباب الاستئناف التي لا تخرج عما ردده أمام محكمة أول درجة. ومن ثم يضحى النعي بهذا السبب على غير أساس
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب التاسع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول بأن الواقعة تنطوي على تزوير معنوي فضلاً عن التزوير المادي مما يجوز إثباته بكافة الطرق. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الادعاء بالتزوير باعتبار أن الواقعة خيانة أمانة يكون قد خالف نص المادتين 340، 213 عقوبات بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن تغيير الحقيقة في الأوراق الموقعة على بياض ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة، يرجع في إثباته للقواعد العامة، ومن مقتضاها أنه لا يجوز إثبات عكس ما هو في الورقة الموقعة على بياض إلا أن تكون هناك كتابة أو مبدأ بثبوت بالكتابة يستكمل بشهادة الشهود أو القرائن ولا يخرج عن هذا الأصل سوى حالة ما إذا كان من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأي طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري فعندئذ يعد تغيير الحقيقة فيها تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي وقع على الورقة على بياض وسلمها طواعية واختياراً إلى المطعون ضده ولم يكن ذلك وليد غش أو احتيال ورتب على ذلك عدم قبول الادعاء بالتزوير باعتبار أن الواقعة تدخل في نطاق جريمة خيانة الأمانة ولم يقدم الطاعن دليلاً على ثبوتها فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي على غير أساس
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.