جلسة 20 من مارس سنة 1994
برئاسة السيد المستشار/
محمد فتحي الجمهودي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم
الطويلة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم - نواب رئيس المحكمة وخيرى فخرى.
-----------------
(104)
الطعن رقم 1334 لسنة 55
القضائية
(1)نيابة
"النيابة القانونية". دعوى. أشخاص اعتبارية.
الأشخاص الاعتبارية. لها
حق التقاضي بنائب يعبر عن إرادتها. تعيين مدى تلك النيابة وحدودها مصدره القانون.
المادة 53 من القانون المدني.
(2)نقابات "نقابة المحامين". محاماة.
نقابة المحامين. تمتعها
بالشخصية المعنوية المستقلة عن شخصية أعضائها.
(3) نقض "إيداع سند
الوكالة". وكالة "الوكالة في الطعن". محاماة.
عدم تقديم المحامي الذي
دفع الطعن سند وكالته عن الطاعن وحتى حجز الطعن للحكم. أثره. عدم قبول الطعن لرفعه
من غير ذي صفة.
(4) محاماة "قرارات لجنة القيد" "الطعن
فيها، مواعيد الطعن". استئناف.
الطعن في قرار لجنة قيد
المحامين بالجدول العام أمام محاكم الاستئناف. ميعاده لا ينفتح إلا بإخطار طالب
القيد برفض طلبه. خلو الأوراق من هذا الإخطار. أثره. بقاء ميعاد الطعن مفتوحاً.
مؤدى ذلك. اعتبار الطعن الذي قدم قبل حصول هذا الإخطار مرفوعاً في الميعاد.
(5)نقابات "نقابة المحامين". أشخاص اعتبارية. دعوى. محاماة.
نقابة المحامين. تمتعها
بالشخصية المعنوية المستقلة عن أعضائها. أثره. لا وجوب لحصول المحامي الذي رفع
الدعوى ضدها على إذن مجلس النقابة الفرعية قبل مقاضاته لها.
(6)حكم "حجية الحكم". استئناف.
الحكم بقبول الاستئناف
شكلاً. استنفاد المحكمة ولايتها على شكل الاستئناف. عدم جواز العودة إلى بحث ذلك
من جديد.
(7) محاماة. اختصاص. استئناف.
انعقاد الاختصاص بنظر
الطعون في قرارات رفض طلبات القيد بالجدول العام للمحامين وجدولي المحامين
المقبولين أمام المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف إلى محكمة استئناف القاهرة
دون القضاء الإداري. أساس ذلك.
(8)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية الدفع بعدم
الدستورية". اختصاص دستور. دفوع. نقض.
تقدير جدية الدفع بعدم
الدستورية. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. إقامة قضاءها على أسباب سائغة. المجادلة
في ذلك لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(9) محكمة الموضوع "مسائل
الواقع" "تقدير الأدلة". إثبات "الإحالة للتحقيق".
لمحكمة الموضوع السلطة
التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى والموازنة بين الأدلة وترجيح ما تطمئن إليه
منها. عدم التزامها بإجابة الخصوم إلى طلب الإحالة إلى التحقيق أو تكليفهم بتقديم
الدليل على دفاعهم أو الرد على ما يقدمونه من مستندات. حسبها أن تبين الحقيقة التي
اقتنعت بها وإقامة قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ولا عليها
تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها استقلالاً. علة ذلك.
(10)إثبات "إثبات الوقائع المادية". محاماة "طلب
القيد". نقابات.
تقديم طب للقيد بنقابة
المحامين. واقعة مادية. جواز إثباتها بكافة طرق الإثبات القانونية بغير قيد النصاب
الذي حدده القانون في إثبات التصرفات القانونية.
(11) نقض "المصلحة في
الطعن" "أسباب الطعن: السبب غير المقبول".
توجيه سبب النعي إلى قضاء
الحكم المطعون فيه الذي لم يضر بالطاعنين ولا مصلحة لهما فيه لعدم قضاءه عليهما
بشيء. غير مقبول.
---------------
1 - وإذ كانت المادة 53
من القانون المدني تخول للأشخاص الاعتبارية حق التقاضي عن طريق نائب يعبر عن
إرادتها والمرجع في ذلك هو القانون الذي ينظم أحكامها ويعين النائب عنها وحدود هذه
النيابة ومداها.
2 - مفاد نص المادتين
120، 138/ 1 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983م يدل على أن نقابة المحامين تتمتع
بشخصية معنوية مستقلة عن شخصية أعضائها.
3 - المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن عدم تقديم المحامي رافع الطعن بالنقض سند وكالته عن الطاعن - وحتى حجز
الطعن للحكم ليتسنى للمحكمة التحقق من صفته في إجرائه والوقوف على مدى هذه الوكالة
- يترتب عليه عدم قبول الطعن، وكان المحامي الذي رفع الطعن باعتباره وكيلاً عن
الطاعن الأول بصفته لم يقدم سند وكالته عنه وحتى حجز الطعن للحكم ومن ثم يكون
الطعن بالنسبة له غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة فتقضى المحكمة بعدم قبوله.
4 - مؤدى نصوص 16، 18،
19، 36 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 مجتمعة أن ميعاد الطعن في قرار لجنة
قيد المحامين بالجدول العام أمام محاكم الاستئناف لا ينفتح إلا بإخطار طالب القيد
برفض طلبه، إذ خلت الأوراق مما يفيد إخطار المطعون عليه برفض الطلب الذي تقدم به
لقيده بجدول المحامين المشتغلين أمام محاكم الاستئناف فإن ميعاد الطعن يبقى
مفتوحاً ويكون الطعن الذي قدم قبل حصول هذا الإخطار مرفوعاً في الميعاد.
5 - لما كان ذلك وكانت
نقابة المحامين - وعلى ما سلف بيانه - تتمتع بشخصية معنوية مستقلة عن شخصية
أعضائها مما لا محل معه لوجوب حصول المحامي الذي رفع الدعوى ضدها على إذن مجلس
النقابة الفرعية قبل مقاضاته لها.
6 - الحكم بقبول
الاستئناف شكلاً هو قضاء تسيطر به المحكمة على بحث ما إذا كان الاستئناف قد رفع في
الميعاد ممن يملكه عن حكم جائز الطعن فيه وفقاً لأحكام القانون وهو ما تلتزم
المحكمة ببحثه من تلقاء نفسها دون توقف على دفع من الخصوم حتى يتسنى لها التطرق
إلى نظر الدعوى فإن هي قضت بقبول الاستئناف شكلاً تكون قد استنفذت بذلك ولايتها
على شكل الاستئناف فلا تملك العودة إلى إعادة بحثه من جديد.
7 - لما كان للشارع -
استمداداً من التفويض المقرر له بمقتضى المادة 167 من الدستور - أن يسند ولاية
الفصل في بعض المنازعات الإدارية - التي يختص مجلس الدولة أصلاً بالفصل فيها طبقاً
للمادة 172 من الدستور - إلى هيئات قضائية أخرى وفقاً لمقتضيات الصالح وكان الشارع
إعمالاً لهذه السلطة قد نهج حين سن القانون رقم 17 لسنة 1983 - فيما ضمنه نص
المواد 19، 33، 36 منه - على نزع ولاية الفصل في الطعون في القرارات الصادرة برفض
طلبات القيد بالجدول العام للمحامين وجدولي المحامين المقبولين أمام المحاكم
الابتدائية ومحاكم الاستئناف من القضاء الإداري وأسند الاختصاص بنظرها إلى جهة
القضاء العادي - محكمة استئناف القاهرة.
8 - النص في المادتين 25،
29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 يدل -
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع لم يوجب على المحكمة التي يثار
أمامها دفع بعدم دستورية قانون في دعوى مطروحة عليها وقف السير فيها إذا هي ارتأت
أن هذا الدفع لا يتسم بطابع الجدية ولا ضرورة لحسم النزاع بشأنه قبل الفصل في
موضوع تلك الدعوى، وكان تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية متروك لمطلق تقدير محكمة
الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع
بعدم الدستورية المبدي من الطاعنين على سند من عدم جديته فإنه لا يكون قد أخطأ في
القانون ويضحى النعي في حقيقته مجادلة فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا
يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
9 - المقرر - وعلى ما جرى
به قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في
الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الأخر وترجيح ما
تطمئن إليه منها وهي غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى طلب الإحالة إلى التحقيق أو
تكليفهم بتقديم الدليل على دفاعهم أو الرد على كل ما يقدمونه من مستندات، وحسبها
أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها
الثابت بالأوراق وتكفي لحمله، ولا عليها إن هي لم تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم
وحججهم وطلباتهم أو أن ترد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام في
قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال
والحجج والطلبات.
10 - تقديم طلب القيد إلى
نقابة المحامين واقعة مادية جائزاً إثباتها بكافة طرق الإثبات القانونية بغير قيد
النصاب الذي حدده القانون في شأن إثبات التصرفات القانونية.
11 - النعي غير مقبول ذلك
أن الطاعنين لا ينعيان به على الحكم المطعون فيه خطأ أضر بهما، أو لهما مصلحة فيه
لأنه لم يقض عليهما بشيء وبالتالي فلا يقبل منهما تعييبه في هذا الخصوص.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر/ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام
الاستئناف رقم 6091 سنة 100 ق القاهرة ضد الطاعن بصفته بطلب الحكم بإلزام مجلس
نقابة المحامين ولجنة قبول المحامين بقيده بالجدول العام لمحامي الاستئناف، وقال
بياناً لذلك أنه عقب انتهاء خدمته بفرع القضاء العسكري بالقوات المسلحة تقدم في
24/ 7/ 1983 إلى لجنة قيد المحامين بطلب قيد اسمه بجدول المحامين المشتغلين أمام
محاكم الاستئناف، ولما لم يتلقى رداً على طلبه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه
فقد أقام دعواه أمام محكمة استئناف القاهرة تدخل الطاعنان الأخيران في الدعوى
منضمين للطاعن الأول في طلباته. حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وباستجواب
المطعون عليه في مدى توافر شروط قيده بجدول المحامين المشتغلين أمام محكمة الاستئناف
ثم حكمت بتاريخ 13/ 1/ 1985 م بقبول تدخل الطاعنين الأخيرين وبإلزام مجلس النقابة
ولجنة قبول المحامين بقيد المطعون عليه بالجدول العام لمحامي الاستئناف. طعن
الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض
الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة
لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كانت المادة
53 من القانون المدني تخول للأشخاص الاعتبارية حق التقاضي عن طريق نائب يعبر عن
إرادتها والمرجع في ذلك هو القانون الذي ينظم أحكامها ويعين النائب عنها وحدود هذه
النيابة ومداها، وكان النص في المادة 120 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 على
أن "نقابة المحامين مؤسسة مبنية مستقلة تضم المحامين في جمهورية مصر العربية
المقيدين بجداولها، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية......." وفي المادة 38/ 1 منه
على أن "نقيب المحامين هو الذي يمثل المحامين ويتكلم باسمهم ويحافظ على كرامة
النقابة وكرامة أعضائها ويؤدي الالتزام بتقاليدها ويشرف بوجه عام على سير أعمال
النقابة وفق أحكام هذا القانون وله أن يتخذ صفة المدعي أو يتدخل بنفسه أو بواسطة
من ينيبه من المحامين في كل دعوى تتعلق بكرامة النقابة أو أحد أعضائها"
...... يدل على أن نقابة المحامين تتمتع بشخصية معنوية مستقلة عن شخصية أعضائها،
وكان الثابت من الأوراق أن المطعون عليه الأول اختصم في الدعوى بصفته نقيباً
للمحامين وممثلاً للنقابة العامة، لما كان ما تقدم وكان المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن عدم تقديم المحامي رافع الطعن بالنقض سند وكالته عن الطاعن - وحتى حجز
الطعن للحكم ليتسنى للمحكمة التحقق من صفته في إجرائه والوقوف على مدى هذه الوكالة
- يترتب عليه عدم قبول الطعن، وكان المحامي الذي رفع الطعن باعتباره وكيلاً عن
الطاعن الأول بصفته لم يقدم سند وكالته عنه وحتى حجز الطعن للحكم ومن ثم يكون
الطعن بالنسبة له غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة فتقضي المحكمة بعدم قبوله.
وحيث إن الطعن بالنسبة
للطاعنين الأخيرين استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على
عشرة أسباب ينعي الطاعنان بالأول والثالث والرابع منها على الحكم المطعون فيه
مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولان إنهما دفعا أمام محكمة
الاستئناف بعدم قبول الطعن لرفعه بعد ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم المطعون عليه
طلب قيده إلى نقابة المحامين ولعدم حصول المحامي الذي وقع صحيفته على إذن مجلس
النقابة الفرعية لمقاضاة نقيب المحامين، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذين
الدفعين مجتزئاً القول أن المحكمة استنفدت ولايتها في إعادة بحثها بعد سبق قضائها
بقبول الاستئناف شكلاً في حين أن الحكم بقبول الاستئناف شكلاً صدر دون طلب من
الطعون عليه وقبل إبداء هذين الدفعين خالياً من بيان ماهية الوصف الذي أسبغه على
الطعن وعناصر قبوله وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد، ذلك أن النص في المادة 16 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 على أن
"يقدم طلب القيد بالجدول العام إلى لجنة قبول المحامين التي تشكل في النقابة
العامة......" وفي المادة 18 على أن "تصدر اللجنة قرارها بعد التحقق من
توافر شروط القيد وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الطلب. وإذا كان قرارها
برفض القيد تعين أن يكون مسبباً ويخطر به طالب القيد خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ
صدوره بخطاب مسجل مصحوب بعلم الوصول" وفي المادة 19 على أن "لطالب القيد
التظلم من القرار الصادر برفض قيده خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره برفض
طلبه........ ولطالب القيد إذا رفض تظلمه أو كانت قد انقضت مواعيد التظلم أن يطعن
في القرار الصادر برفض التظلم أو رفض القيد أمام محكمة استئناف القاهرة خلال
ثلاثين يوماً من تاريخ رفض التظلم أو من تاريخ انتهاء ميعاد التظلم على حسب
الأحوال، ويكون لطالب القيد الطعن أمام ذات المحكمة إذا لم يفصل في طلب قيده خلال
المدة المبينة بالمادة السابقة "وفي المادة 36 على أن "تقدم طلبات القيد
أمام محاكم الاستئناف إلى لجنة القبول المنصوص عليها في المادة (16)...... ولم
يرفض طلبه أن يطعن في قرار الرفض أمام محكمة استئناف القاهرة خلال ستين يوماً من
تاريخ إبلاغه بالقرار" مؤدى هذه النصوص مجتمعة أن ميعاد الطعن في قرار لجنة
قيد المحامين بالجدول العام أمام محاكم الاستئناف لا يفتح إلا بإخطار طالب القيد
برفض طلبه، إذ خلت الأوراق مما يفيد إخطار المطعون عليه برفض الطلب الذي تقدم به
لقيده بجدول المحامين المشتغلين أمام محاكم الاستئناف فإن ميعاد الطعن يبقى
مفتوحاً ويكون الطعن الذي قدم قبل حصول هذا الإخطار مرفوعاً في الميعاد، لما كان
ذلك وكانت نقابة المحامين - وعلى ما سلف بيانه - تتمتع بشخصية معنوية مستقلة عن
شخصية أعضائها مما لا محل معه لوجوب حصول المحامي الذي رفع الدعوى ضدها على إذن
مجلس النقابة الفرعية قبل مقاضاته لها، وكان الحكم بقبول الاستئناف شكلاً هو قضاء
تسيطر به المحكمة على بحث ما إذا كان الاستئناف قد رفع في الميعاد ممن يملكه عن
حكم جائز الطعن فيه وفقاً لأحكام القانون وهو ما تلتزم المحكمة ببحثه من تلقاء
نفسها دون توقف على دفع من الخصوم حتى يتسنى لها التطرق إلى نظر الدعوى فإن هي قضت
بقبول الاستئناف شكلاً تكون قد استنفدت بذلك ولايتها على شكل الاستئناف فلا تملك
العودة إلى إعادة بحثه من جديد، وإذ وافق قضاء الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى
إلى هذه النتيجة الصحيحة في القانون فإن النعي عليه بهذه الأسباب يكون على غير
أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان
بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي
بيان ذلك يقولان إنهما دفعا أمام محكمة الاستئناف بعدم دستورية المادة 19 من قانون
المحاماة رقم 17 لسنة 1983 التي جعلت الاختصاص بنظر الطعن في القرارات الصادرة
برفض طلبات القيد بالجدول العام للنقابة - لمحكمة استئناف القاهرة لمخالفتها نص
المادة 172 من الدستور التي قصرت الاختصاص بجميع المنازعات الإدارية والتأديبية -
ومنها الخصومة الماثلة - على مجلس الدولة، وطلبا وقف الدعوى والإحالة على المحكمة
الدستورية العليا إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفع على ما أورده من أن
المادة 19 سالفة الذكر إنما صدرت تطبيقاً لنص المادة 172 من الدستور بما ينبئ عن
عدم جدية الدفع وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله، ذلك أنه لما كان للشارع - استمداداً من التفويض المقرر له بمقتضى المادة 162
من الدستور - أن يسند ولاية الفصل في بعض المنازعات الإدارية - التي تختص مجلس
الدولة أصلاً بالفصل فيها طبقاً للمادة 172 من الدستور - إلى هيئات قضائية أخرى
وفقاً لمقتضيات الصالح العام وكان الشارع إعمالاً لهذه السلطة قد نهج حين سن
القانون رقم 17 لسنة 1983 - فيما ضمنه نص المواد 19، 33، 36 منه - على نزع ولاية
الفصل في الطعون في القرارات الصادرة برفض طلبات القيد بالجدول العام للمحامين
وجدولي المحامين المقبولين أمام المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف من القضاء
الإداري وأسند الاختصاص بنظرها إلى جهة القضاء العادي - محكمة استئناف القاهرة -
وكان النص في المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48
لسنة 1979 على أن تختص هذه المحكمة دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين
واللوائح" وفي المادة 29 من ذات القانون على أن "تتولى المحكمة الرقابة
القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي ( أ )........ (ب) إذا
دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم....... بعدم دستورية نص في
قانون........ ورأت المحكمة،.. أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع
ميعاداً لا يتجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية
العليا" - مما يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع لم
يوجب على المحكمة التي يثار أمامها دفع بعدم دستورية قانون في دعوى مطروحة عليها
وقف السير فيها إذا هي ارتأت أن هذا الدفع لا يتسم بطابع الجدية ولا ضرورة لحسم النزاع
بشأنه قبل الفصل في موضوع تلك الدعوى، وكان تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية متروك
لمطلق تقدير محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وإذ قضى الحكم
المطعون فيه برفض الدفع بعدم الدستورية المبدي من الطاعنين على سند من عدم جديته
فإنه لا يكون قد أخطأ في القانون ويضحى النعي في حقيقته مجادلة فيما تستقل محكمة
الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعيان
بالأسباب الخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع على الحكم المطعون فيه الخطأ في
تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان إن
الحكم استدل على أن المطعون عليه قدم طلب قيده بجدول المحامين المشتغلين أمام
الاستئناف من مجرد سداده لرسم القيد بخزانة النقابة في حين أن سداد هذا الرسم سابق
بطبيعته على تقديم الطلب الذي لا يجوز إثبات حصوله بغير الكتابة، كما أن ما أشار
إليه الحكم من مستندات المطعون عليه لا تشمل كافة ما استوجب القانون تقديمه وفق
طلب القيد خاصة ما يثبت تمتع الطالب بالجنسية المصرية وخلوه من عوارض الأهلية وعدم
صدور أحكام قضائية ضده عن جرائم ماسة بالشرف والاعتبار وهي أمور تقدرها النقابة
دون رقابة عليها من القضاء وأيضاً لم تجبها المحكمة إلى طلب ضم ملف المطعون عليه
وتحقيقات الشكاوي المقدمة ضده من المحامين والقضايا التي فصل فيها إبان عمله
بالقضاء العسكري، كما أطرح الحكم طلبها إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات عدم
أهليته للقيد بجداول النقابة وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير
مقبول، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع
السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها
وموازنة بعضها بالبعض الأخر وترجيح ما تطمئن إليه منها وهي غير ملزمة بإجابة
الخصوم إلى طلب الإحالة إلى التحقيق أو تكليفهم بتقديم الدليل على دفاعهم أو الرد
على كل ما يقدمونه من مستندات، وحسبها الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها
على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمله، ولا عليها إن هي لم تتبع
الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم أو أن ترد استقلالاً على كل قول أو حجة
أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني
المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات - لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف قد
واجهت دفاع الطاعنين وأقامت قضاءها على ما استخلصته - في حدود سلطتها التقديرية -
أوراق الدعوى ومستنداتها أن المطعون عليه تقدم بطلب قيده بجدول المحامين المشتغلين
أمام محاكم الاستئناف مستوفياً كافة الشروط القانون المقررة لذلك، وكان هذه
الأسباب سائغة وتكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه وينطوي على الرد الضمني المسقط
لدفاع الطاعنين وطلباتهما، وكان تقديم طلب القيد إلى نقابة المحامين واقعة مادية
جائزاً إثباتها بكافة طرق الإثبات القانونية بغير قيد النصاب الذي حدده القانون في
شأن إثبات التصرفات القانونية ومن ثم فإن النعي بهذه الأسباب لا يعدو أن يكون في
حقيقته جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة
النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعيان
بالسبب العاشر على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ ألزم نقابة المحامين
بمقابل أتعاب المحاماة في حين أنها تحصل لحساب صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية
بالنقابة طبقاً لنص المادة 188 من قانون المحاماة وهو ما تتحد به ذمة الدائن
والمدين وتنتفي بذلك موجبات القضاء بإلزامهما به.
وحيث إن هذا النعي غير
مقبول ذلك أن الطاعنين لا ينعيان به على الحكم المطعون فيه خطأ أضر بهما أو لهما
مصلحة فيه لأنه لم يقض عليهما بشيء وبالتالي فلا يقبل منهما تعييبه في هذا الخصوص.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن.