برئاسة السيد القاضي/ محمد محمد طيطة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ محمد عبد المنعم عبد الغفار، رمضان أمين اللبودي، أمين محمد طموم ومصطفى
ثابت نواب رئيس المحكمة.
-------------
- 1 تحكيم "اتفاق التحكيم: ماهية اتفاق
التحكيم".
التحكيم. ماهيته. طريق استثنائي لفض الخصومات. أثره. الخروج على طرق
التقاضي العادية وتطبيق القواعد الإجرائية الخاصة بالتحكيم من بدايتها حتى تمام
تنفيذ أحكام المحكمين. ق 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم ومذكرته الإيضاحية.
إن التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج على طرق التقاضي
العادية, وإذ صدر القانون رقم 27 لسنة 1994 - بشأن التحكيم في المواد المدنية
والتجارية - متضمناً القواعد الإجرائية الخاصة بالتحكيم من بدايتها حتى تمام تنفيذ
أحكام المحكمين, وقد أفادت المذكرة الإيضاحية لذات القانون بأن قواعد المرافعات
المدنية والتجارية لا تحقق الهدف المنشود من التحكيم بما يتطلبه من سرعة الفصل في
المنازعات وما ينطوي عليه من طبيعة خاصة اقتضت تيسير الإجراءات.
- 2 تحكيم "إجراءات التحكيم: مكان
التحكيم: حق هيئة التحكيم في اختيار مكان القيام بإجراءات التحكيم".
هيئة التحكيم. حقها في الاجتماع في أي مكان للقيام بإجراءات التحكيم
ومنها المعاينة. م 28 ق 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم. خلو النص المشار إليه من وجوب
تحرير كاتب لمحضر المعاينة وتوقيعه عليه بجانب توقيع رئيس هيئة التحكيم. أثره. لا
بطلان. لا محل لإعمال المادتين 25 مرافعات, 131 إثبات.
مؤدى نص المادة 28 من قانون التحكيم المشار إليه أنه من سلطة هيئة
التحكيم أن تجتمع في أي مكان تراه مناسباً للقيام بأي إجراء من إجراءات التحكيم
ومن ذلك المعاينة، وقد خلا هذا النص من وجوب التوقيع على محضر المعاينة من كاتب
إلى جانب رئيس هيئة التحكيم ولو كان المشرع قد أراد ذلك لنص عليه صراحة على نحو ما
أوردته المادة 36 من ذات القانون التي تخص تقرير الخبراء حيث نصت على أنه لهيئة
التحكيم تعيين خبير أو أكثر لتقديم تقرير مكتوب أو شفهي يثبت في محضر الجلسة، وإذ
خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان حكم التحكيم استناداً لنص المادة 25
من قانون المرافعات والمادة 131 من قانون الإثبات لبطلان المعاينة التي أجرتها
هيئة التحكيم بدون حضور كاتب يحرر محضراً بالأعمال المتعلقة بها، في حين أن ذلك لم
يستوجبه قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 وأن هذا البطلان أثر في الحكم لاستناده
إلى المعاينة الباطلة فيما انتهى إليه من قضاء، فإن الحكم المطعون فيه بتلك
الأسباب يكون معيباً.
- 3 محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع
بالنسبة لإجراءات الدعوى ونظرها والحكم فيها: سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لتكييف
الدعوى: سلطتها في تقرير الوصف القانوني".
اختصاص المحاكم بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر من السلطات العامة
ومدى اعتباره من أعمال السيادة من عدمه. اعتباره من أعمال السيادة. أثره. عدم
اختصاصها بنظره. خضوعها في هذا التكييف لرقابة محكمة النقض.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف
القانوني للعمل الصادر من السلطة العامة وما إذا كان يعد من أعمال السيادة وحينئذ
لا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه، وأن محكمة الموضوع تخضع في تكييفها في هذا
الخصوص لرقابة محكمة النقض.
- 4 اختصاص "ما يخرج عن ولاية جهة القضاء:
أعمال السيادة".
أعمال السيادة. امتناع المحاكم العادية والإدارية عن نظرها بطريقة
مباشرة أو غير مباشرة. المادتان 17 ق 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية, 11 ق 47
لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة. علة ذلك. تميزها بالصبغة السياسية التي تخول السلطة
التنفيذية اتخاذ ما ترى فيه صلاحاً للوطن وأمنه دون رقابة من القضاء.
إذ لم يورد المشرع لم يورد تعريفاً أو تحديداً لأعمال السيادة التي نص
في المادة 17 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972
على منع المحاكم من نظرها بطريق مباشرة أو غير مباشرة ولم يعرض كذلك لتعريفها
بالمادة 11 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 التي نصت
على خروج هذه الأعمال عن ولاية المحاكم الإدارية، فإنه يكون منوطاً بالقضاء أن
يقول كلمته في وصف العمل المطروح في الدعوى وبيان ما إذا كان يُعد من أعمال
السيادة أم يخرج عنها لكي يتسنى الوقوف على مدى ولايته بنظر ما قد يثار بشأنه من
مطاعن، وكانت أعمال السيادة تتميز بالصبغة السياسية البارزة فيها لما يحيطها من
اعتبارات سياسية فهي تصدر من السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم فينعقد لها في نطاق
وظيفتها السياسية سلطة عليا لتحقيق مصلحة الجماعة كلها والسهر على احترام دستورها
والإشراف على علاقاتها مع الدول الأخرى وتأمين سلامتها وأمنها في الداخل والخارج،
والأعمال التي تصدر في هذا النطاق غير قابلة بطبيعتها لأن تكون محلاً للتقاضي لما
يكتنفها من اعتبار سياسي يبرر تخويل السلطة التنفيذية الحق في اتخاذ ما ترى فيه
صلاحاً للوطن وأمنه وسلامته دون تعقيب من القضاء أو بسط الرقابة عليه فيه.
- 5 بيع "آثار البيع: التزامات البائع:
الالتزام بتسليم المبيع".
تسليم المبيع. ماهيته. وضعه تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته
والانتفاع به. م 435 مدني.
مفاد نص المادة 435 من القانون المدني أن تسليم المبيع يتم بوضعه تحت
تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به بغير حائل.
- 6 اختصاص "الاختصاص المتعلق بالولاية:
الاختصاص الولائي".
اختصاص المحاكم بالفصل في المنازعات المثارة بين الحكومة والأفراد.
مناطه. تحديد تبعية الأموال المتنازع عليها للدولة أو للأفراد بشأن ما يدعي من
حقوق عينية عليها.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المحاكم العادية هي السلطة الوحيدة
التي تملك حق الفصل في المنازعات التي تثار بين الأفراد والحكومة بشأن تبعية
الأموال المتنازع عليها للدولة أو بشأن ما يدعيه الأفراد من حقوق عينية لهم عليها.
- 7 اختصاص "الاختصاص المتعلق بالولاية:
اختصاص المحاكم العادية".
القضاء العادي. صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية
والتجارية القيد الذي يضعه المشرع للحد من هذه الولاية. استثناء. عدم التوسع في
تفسيره. اختصاص القضاء الإداري بالطعن على القرار الإداري بإزالة التعدي. لا يتسع
للفصل في المنازعة القائمة بشأن الملكية. اختصاص القضاء العادي وحده بالفصل فيها.
إذ كان القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات
المدنية والتجارية وأن أي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية - ولا يخالف به
أحكام الدستور - يعتبر استثناء وارداً على أصل عام, ومن ثم يجب عدم التوسع في
تفسيره, وكان للجهة الإدارية الحق في إزالة التعدي الواقع على أموال الدولة
بالطريق الإداري, وكان القضاء الإداري إذ يختص بالفصل في الطعن على القرار الإداري
بإزالة ذلك التعدي لا يقضي في منازعة قائمة بين الطرفين المتنازعين بشأن الملكية
إذ أن ذلك من اختصاص القضاء العادي الذي يملك وحده الحكم في موضوع الملكية.
- 8 تحكيم
"بطلان حكم التحكيم: ما لا يعد من أسباب بطلان حكم التحكيم: تقدير المحكم
لحقيقة الواقع".
بطلان حكم التحكيم. حالاته. م 53 ق 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم. أثره.
عدم جواز الطعن عليه في فهم الواقع أو القانون أو مخالفته.
مؤدى تحديد حالات البطلان في المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994
بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية - أنه لا يجوز الطعن بالبطلان لسبب آخر
خلاف ما أورده نص هذه المادة فلا يجوز الطعن عليه في فهم الواقع أو القانون أو
مخالفته.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن المطعون ضدها (وزارة السياحة) باعت للطاعن بصفته الأرض الكائنة
بمحافظة مطروح والبالغ مساحتها 242 ف وما يخصها من شواطئ وصخور وجزر وذلك بموجب
عقد البيع المؤرخ 4/10/1989 ونتيجة للخلاف بين الطرفين بشأن تسليم بعض أجزاء الأرض
المبيعة لشغلها بمواقع عسكرية لوزارة الدفاع فقد تم إبرام مشارطة تحكيم بين
الطرفين بتاريخ 29/5/2001 والتي انصبت على طلب الشركة المحتكمة إلزام وزارة
السياحة بتمكينها من قطعة الأرض التي تشغلها القوات البحرية وحرس الحدود في وقت
سابق على عقد البيع المذكور، وإذ أصدرت هيئة التحكيم بتاريخ 12/6/2002 حكمهاً
لصالح المحتكمة (الطاعن بصفته) فقد أقامت المحتكم ضدها (المطعون ضدها) الدعويين
رقمي .....، ...... لسنة 119 ق تحكيم استئناف القاهرة بطلب بطلان حكم التحكيم
للأسباب التي أوردتها، وبتاريخ 28/5/2003 قضت المحكمة بإجابتها لطلباتها. طعن
الطاعن بصفته على هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي
بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت
النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن أستوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى ببطلان حكم التحكيم لعدم إتباع ما نصت عليه
المادة 25 من قانون المرافعات والمادة 131 من قانون الإثبات بشأن المعاينة التي
أجريت للأرض محل النزاع، في حين أن قانون التحكيم لم يتضمن نصاً بالإحالة إلى أي
من القانونين فيما لم يرد بشأنه نص خاص، كما أن نظام التحكيم له طبيعة خاصة تتسم
بتبسيط الإجراءات ومرونتها بما لا يوجب التقيد بالإجراءات التي نص عليها قانون
المرافعات أو قانون الإثبات بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه
الخروج على طرق التقاضي العادية، وإذ صدر القانون رقم 27 لسنة 1994– بشأن التحكيم
في المواد المدنية والتجارية – متضمناً القواعد الإجرائية الخاصة بالتحكيم من
بدايتها حتى تمام تنفيذ أحكام المحكمين، وقد أفادت المذكرة الإيضاحية لذات القانون
بأن قواعد المرافعات المدنية والتجارية لا تحقق الهدف المنشود من التحكيم بما يتطلبه
من سرعة الفصل في المنازعات وما ينطوي عليه من طبيعة خاصة اقتضت تيسير الإجراءات،
ومؤدى نص المادة 28 من قانون التحكيم المشار إليه أنه من سلطة هيئة التحكيم أن
تجتمع في أي مكان تراه مناسباً للقيام بأي إجراء من إجراءات التحكيم ومن ذلك
المعاينة، وقد خلا هذا النص من وجوب التوقيع على محضر المعاينة من كاتب إلى جانب
رئيس هيئة التحكيم ولو كان المشرع قد أراد ذلك لنص عليه صراحة على نحو ما أوردته
المادة 36 من ذات القانون التي تخص تقرير الخبراء حيث نصت على أنه لهيئة التحكيم
تعيين خبير أو أكثر لتقديم تقرير مكتوب أو شفهي يثبت في محضر الجلسة، وإذ خالف
الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان حكم التحكيم استناداً لنص المادة 25 من
قانون المرافعات والمادة 131 من قانون الإثبات لبطلان المعاينة التي أجرتها هيئة
التحكيم بدون حضور كاتب يحرر محضراً بالأعمال المتعلقة بها، في حين أن ذلك لم
يستوجبه قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 وأن هذا البطلان أثر في الحكم لاستناده
إلى المعاينة الباطلة فيما انتهى إليه من قضاء، فإن الحكم المطعون فيه بتلك
الأسباب يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى ببطلان حكم هيئة التحكيم لمخالفته للنظام العام
باعتبار أن أرض النزاع من الأموال العامة المخصصة لأغراض الدفاع عن إقليم الدولة
من جهة الخارج وتأييد سلامة البلاد مما يعتبر عملاً من أعمال السيادة يخرج عن
ولاية قضاء الدولة، في حين أن أرض النزاع من أملاك الدولة الخاصة التي تقع بمنطقة
قابلة للاستثمار السياحي وقد بيعت للطاعن بصفته من وزارة السياحة – المطعون ضدها –
بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت المحاكم هي المختصة –
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر من السلطة
العامة وما إذا كان يعد من أعمال السيادة، وحينئذ لا يكون لها أي اختصاص بالنظر
فيه، وأن محكمة الموضوع تخضع في تكييفها في هذا الخصوص لرقابة محكمة النقض، وكان
المشرع لم يورد تعريفاً أو تحديداً لأعمال السيادة التي نص في المادة 17 من قانون
السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 على منع المحاكم من نظرها
بطريق مباشرة أو غير مباشرة، ولم يعرض كذلك لتعريفها بالمادة 11 من قانون مجلس
الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 التي نصت على خروج هذه الأعمال عن
ولاية المحاكم الإدارية، فإنه يكون منوطاً بالقضاء أن يقول كلمته في وصف العمل
المطروح في الدعوى، وبيان ما إذا كان يُعد من أعمال السيادة أم يخرج عنها لكي
يتسنى الوقوف على مدى ولايته بنظر ما قد يثار بشأنه من مطاعن، وكانت أعمال السيادة
تتميز بالصبغة السياسية البارزة فيها لما يحيطها من اعتبارات سياسية، فهي تصدر من
السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم فينعقد لها في نطاق وظيفتها السياسية سلطة عليا
لتحقيق مصلحة الجماعة كلها والسهر على احترام دستورها والإشراف على علاقاتها مع
الدول الأخرى وتأمين سلامتها وأمنها في الداخل والخارج، والأعمال التي تصدر في هذا
النطاق غير قابلة بطبيعتها لأن تكون محلا للتقاضي لما يكتنفها من اعتبار سياسي
يبرر تخويل السلطة التنفيذية الحق في اتخاذ ما ترى فيه صلاحاً للوطن وأمنه وسلامته
دون تعقيب من القضاء أو بسط الرقابة عليه فيه. لما كان ذلك، وكان الثابت من حكم
هيئة التحكيم أن الأرض محل التداعي هي جزء لا يتجزأ من أرض المشروع التي شملها عقد
البيع المؤرخ 4/10/1989، وأن بيع هذه الأرض إلى الشركة المحتكمة تم بناء على اتفاق
سابق على عقد البيع بين وزارتي السياحة والدفاع على نقل الوحدات العسكرية من تلك
الأرض ولكن وزارة الدفاع لم تلتزم بتنفيذ ذلك الاتفاق المسبق بين الوزارتين، وإذ
كان هذا البيع قد صدر للطاعن بصفته من وزارة السياحة، وكان في ذلك ما ينفي عن هذه
الأرض تخصيصها للعمليات أو متطلبات الأمن القومي، ومن ثم فلا يعد التعرض الحاصل
بشأنها عملاً من أعمال السيادة التي تخرج عن ولاية المحاكم، ولما كان مفاد نص
المادة 435 من القانون المدني أن تسليم المبيع يتم بوضعه تحت تصرف المشتري بحيث
يتمكن من حيازته والانتفاع به بغير حائل، وكانت المحاكم العادية – وعلى ما جرى به
قضاء هذه المحكمة – هي السلطة الوحيدة التي تملك حق الفصل في المنازعات التي تثار
بين الأفراد والحكومة بشأن تبعية الأموال المتنازع عليها أو بشأن ما يدعيه الأفراد
من حقوق عينية لهم عليها باعتبار أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر
المنازعات المدنية والتجارية، وأن أي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية – ولا
يخالف به أحكام الدستور - يعتبر استثناء وارداً على أصل عام، ومن ثم يجب عدم
التوسع في تفسيره، وكان للجهة الإدارية الحق في إزالة التعدي الواقع على أموال
الدولة بالطريق الإداري، وكان القضاء الإداري إذ يختص بالفصل في الطعن على القرار
الإداري بإزالة ذلك التعدي لا يقضي في منازعة قائمة بين الطرفين المتنازعين بشأن
الملكية، إذ أن ذلك من اختصاص القضاء العادي الذي يملك وحده الحكم في موضوع
الملكية، وكان الواقع في النزاع ينصب على طلب الشركة المحتكمة بإلزام وزارة
السياحة بتمكينها من قطعة الأرض التي تشغلها القوات البحرية وحرس الحدود في وقت
سابق على عقد البيع، ومن ثم فإن الخصومة الحقيقية لموضوع التحكيم المائل تدور حول
حق الطاعن بصفته في استلام الأرض التي بيعت له من المطعون ضدها – وزارة السياحة –
باعتباره أثراً من آثار البيع الصحيح مما يخضع لاختصاص هيئة التحكيم، ومن ثم لا
يكون حكمها باطلاً، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر إذ قضى ببطلان
حكم التحكيم، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يعييه ويوجب
نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، وكان مؤدى تحديد حالات البطلان في
المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994 – بشأن التحكيم في المواد المدنية
والتجارية - أنه لا يجوز الطعن بالبطلان لسبب آخر خلاف ما أورده نص هذه المادة فلا
يجوز الطعن عليه في فهم الواقع أو القانون أو مخالفته، وكان ما تدعيه المدعية
بالدعويين ليس من حالات البطلان التي عددتها المادة 53 من القانون السالف ذكره فلا
تسوغ البطلان بما يتعين معه رفض الدعويين.