برئاسة
السـيد القاضي / عبد المنعــم دسوقـى نائـب رئيس المحكمة وعضوية السـادة القضاة / أحمـد
الحسينـي يوسف , ناصر السعيد مشالى ، محمـد السيد النعناعى نواب رئيس المحكمة
والريدى عدلى محمد .
-----------
(1 ، 2) اختصاص " الاختصاص
المتعلق بالولاية : اختصاص المحاكم العادية : القضاء العادى صاحب الولاية العامة
" .
(1) القضاء العادى صاحب الولاية
العامة بنظر كافة المنازعات التى تنشب بين الأفراد أو بينهم وبين وحدات الدولة إلا ما استثنى من ذلك بنص خاص . أى قيد يضعه
المشرع للحد من هذه الولاية . يعتبر استثناء على أصل عام . وجوب عدم التوسع فيه
.
(2) اختصاص
مجلس الدولة بنظر الطعون فى القرارات النهائية فى منازعـات الضرائب والرسوم . شرطه
. صدور القانون المنظم لكيفية نظرها أمامه . عدم صدوره . أثره . بقاء الاختصاص
بنظرها معقوداً للقضاء العادى . مثال بشأن الطعن على قرار الهيئة العامة للاستثمار
بتحصيل الرسوم بالمخالفة لقانون الاستثمار .
(3 ، 4) نقض " أسباب الطعن بالنقض : الأسباب
الجديدة " " السبب المجهل " .
(3) الدفع بالتقادم لا يتعلق بالنظام العام . مؤداه . عدم قضاء المحكمة به
من تلقاء نفسها . إثارته لأول مرة فى الطعن بالنقض . سبب جديد غير مقبول .
(4) عدم بيان الطاعنة للاعتراضات الموجهة إلى الحكم المستأنف وتقرير الخبير
ووجه قصور الحكم فى الرد عليها . نعى مجهل .
(5) قانون
" تفسيره " .
النص الصريح القاطع الدلالة على المراد منه . عدم جواز الخروج عليه .
(6 - 9) استثمار
" مناطق حرة : إعفاء المشروعات المقامة فى المناطق الحرة من الضرائب "" إلزام المشروعات المخالفة بالمناطق الحرة
بمقابل إشغال مضاعف " . حكم " عيوب التدليل : القصور فى التسبيب : ما
يعد كذلك " .
(6) المشروعات المقامة بالمناطق الحرة . إعفائها من كافة الضرائب والرسوم
عدا رسوم الخدمات ورسوم السلع الداخلة إلى المنطقة الحرة أو الخارجة منها لحساب
المشروع . المادة 46 من القانون 43 لسنة 1974 المعدل بالقانون 32 لسنة 1977 وم 84
من قرار وزير الاقتصاد رقم 375 لسنة 1977 باصدار اللائحة التنفيذية للقانون .
(7) قيام الهيئة العامة للاستثمار بإلزام المشروع المخالف بأداء مقابل
إشغال مضاعف . صحيح . علة ذلك . م 136 من قرار وزير الاقتصاد رقم 375 لسنة 1977 .
(8) أخذ الحكم بتقرير خبير لا تصلح أسبابه رداً على دفاع جوهرى للخصـوم .
قصور .
(9) تقديم الطاعنة
مستندات تفيد حقها قانوناً فى مطالبة المطعون ضده بمقابل إشغال مضاعف وتقديمها
المستندات المؤيدة لذلك وتمسكها بدلالتها . التفات الحكم المطعون فيه عنها . قصور
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- السلطة
القضائية هى سلطة أصيلة تستمد وجودها وكيانها من الدستور ذاته الذى ناط بها وحدها
أمر العدالة , مستقلة عن باقى السلطات ولها دون غيرها ولاية القضاء بما يكفل تحقيق
العدالة وحق المواطن فى اللجوء إلى قاضيه الطبيعى , وبالتالى يكون القضاء العادى
هو صاحب الولاية العامة بنظر كافة الأنزعة التى تنشب بين الأفراد أو بينهم وبين
وحدات الدولة إلا ما استثنى من ذلك بنص خاص , وأى قيد يضعه المشرع للحد من هذه
الولاية ولا يخالف به الدستور يعتبر استثناءً على أصل عام يجب عدم التوسع فيه ,
ويتعين ألا يخرج عن الإطار الذى ورد فيه .
2- النص فى
المادة العاشرة من القرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة على أن "
تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى المسائل الآتية : ... ( سادساً )
الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب
والرسوم وفقاً للقانون الذى ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة ....
" يدل على أن المشرع قد علق اختصاص مجلس الدولة بنظر منازعات الضرائب والرسوم على صدور القانون الذى ينظم كيفية نظرها
أمامه , وإذ كان القانون المشار إليه لم يصدر حتى الآن فإن اختصاص نظر هذه
المنازعات ما يزال معقوداً للقضاء العادى
. لما كان ذلك , وكانت الدعوى الراهنة تتعلق بتحصيل الطاعنة رسوماً بالمخالفة
لقانون الاستثمار رقم 43 لسنة 1974 وقد خلا هذا القانون ومن بعده القانون رقم 230
لسنة 1989 من النص على اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر هذه المنازعة , كما لم يصدر
حتى الآن القانون الذى ينظـم كيفية نظرها أمام مجلس الدولة , فإن الاختصاص بنظرها
يكون معقوداً للقضـاء العادى , وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض الدفع
بعدم اختصاص القضاء العادى ولائياً بنظر الدعوى فإنه لا يكون قد خالف القانون أو
أخطأ فى تطبيقه .
3- الدفع
بالتقادم لا يتعلق بالنظام العام وإذا ما أريد التمسك بنوع من أنواع التقادم
فينبغى التمسك به أمام محكمة الموضوع فى عبارة واضحة لا تحتمل الإبهام , وإذ كان
الثابت أن الطاعنة لم تتمسك بسقوط الدعوى بالتقادم فى صورة صريحة واضحة سواء فى
المذكرات المقدمة منها أمام محكمة أول درجة أو أمام الاستئناف , ومن ثم فهو دفاع
جديد لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض .
4- متى كانت
الطاعن لم يورد فى سبب النعى بيان المطاعن والاعتراضات التى وجهها إلى تقرير
الخبير ووجه قصور الحكم فى الرد عليها , بحيث يبين بسبب النعى العيب الذى يعزوه الطاعن
إلى الحكم وموضعه وأثره فى قضائه , وإذ لم تبين الطاعنة فى وجه النعى ماهية
المسائل القانونية التى تعرض لها تقرير الخبير وماهية الاعتراضات التى وجهتها إليه
، وأثر ذلك فى قضاء الحكم المطعون فيه , فإن النعى بهذا الوجه يكون مجهلاً وغير
مقبول .
5- متى كان
النص واضحاً جلى المعنى قاطع الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه أو
تأويله .
6- النص فى المادة
46 من القانون رقم 43 لسنة 1974 بشأن إصدار نظام استثمار المال العربى والأجنبى
والمناطق الحرة المستبدلة بالقانون رقم 32 لسنة 1977 والمادة 84 من قرار وزير الاقتصاد رقم 375 لسنة 1977
باصدار اللائحة التنفيذية للقانون يدل على
أن الأصل هو إعفاء المشروعات التى تقام بالمنطقة الحرة وما تحققه من أرباح من
الخضوع لقوانين الضرائب والرسوم فى جمهورية مصر العربية , وأن الاستثناء خضوعها
لرسم سنوى لا يجاوز واحد فى المائة من قيمة السلـع فى حالتين الأولى : دخول
البضائع إلى المنطقة الحرة بغرض التخزين لإعادة تصديرهـا , والثانية : خروج
البضائع من المنطقة الحرة لحساب المشروع بما مفاده أن الواقعة المنشئة لهذا الرسم
هى دخول البضائع إلى المنطقة الحرة أو خروجها منها لحساب المشروع , أما مجرد
انتقال البضائع داخل المنطقة الحرة لا يخضعها لهذا الرسم الوارد بالفقرة الثانية
من المادة 46 آنفة البيان , والقول بخلاف ذلك فيه خروج على نص قانونى واضح جلى
المعنى وارداً على سبيل الاستثناء بما لا يجوز التوسع فى تفسيره أو القياس عليه .
7- النص فى
المادة 136 من قرار وزير الاقتصاد رقم 375 لسنة 1977 بإصدار اللائحة التنفيذية
لقانون نظام استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة يدل على حق الهيئة
" الهيئة العامة للاستثمار" فى إلزام المشروع المخالف بأداء مقابل إشغال
مضاعف , فى حالة شغله مساحات فى المنطقة الحرة دون الحصول على ترخيص سابق .
8- إن فى
أخذ المحكمة بالنتيجة التى انتهى إليها تقرير الخبير محمولة على الأسباب التى بنى
عليها مشروط بأن تكون مؤدية إلى النتيجة التى انتهت إليها وتصلح رداً على الدفاع
الجوهرى الذى تمسك به الخصوم وإلا كان حكمها معيباً بالقصور .
9- متى قدم
الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات من شأنها التأثير فى الدعوى وتمسك بدلالتها
فالتفت الحكم عنها كلها أو عن بعضها مع ما قد يكون لها من الدلالة فإنه يكون
مشوباً بالقصور . لما كان ذلك , وكان الثابت فى الأوراق أن الطاعنة تمسكت فى
دفاعها أمام محكمة الموضوع بإشغال المطعون ضده لمساحات من المنطقة الحرة دون ترخيص
سابق بما يحق لها إلزامه بمقابل إشغال مضاعف عملاً بالمادة 136 من اللائحة
التنفيذية آنفة البيان , وقدمت للتدليل على ذلك محاضر الإشغال المحررة ضده ، وإذ أغفل الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم
المطعون فيه هذا الدفاع المؤيد بالمستندات , وألزمها بأن تؤدى للمطعون ضده المبالغ
محل الإشغالات أخذاً بتقرير الخبير المنتدب دون بحثه لهذا الدفاع الجوهرى الذى قد
يتغير به وجه الرأى فى الدعوى ولم يلق بالاً إلى المستندات المقدمة من الطاعنة رغم
ما لها من دلالـــة , فإنه يكون معيباً بالقصور المبطل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد
الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة وبعد
المداولة .
حيث إن
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعـون فيه وسائـر أوراق الطعن - تتحصل فى أن
المطعون ضده بصفته أقام الدعوى رقم .... لسنة 1990 مدني جنوب القاهرة الابتدائية
على الطاعنة بطلب الحكم - وفقاً لطلباته الختامية - بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ
14159 دولاراً أمريكياً وفوائده القانونية , على سند إنه يزاول نشاط تخزين البضائع
وتشوينها بالمنطقة الحرة العامة ببورسعيد بموجب الترخيص رقم .... لسنة 1979 , وذلك
سواء بالنسبة للبضائع الواردة لحسابه أو لحساب الغير , ويقوم بالوفاء بجميع
التزاماته للهيئة الطاعنة , إلا أن الأخيرة فرضـت عليـه رسوماً إضافية على البضائع
المخزنة بمشروعه إذا ما قام بشرائها من أصحابها وكذا على البضائع المخزنة بمشروعات
أخرى داخل ذات المنطقة الحرة إذا قام بشرائها ونقلها إلى مخازنه , وذلك بالمخالفة
لأحكام المادة 46/2 من قانون الاستثمار رقم 43 لسنة 1974 , كما فرضت عليه مقابل
إشغال عن تخزين جزء من بضاعته خارج مخازنه , رغم أن ذلك يتم بصفة مؤقتة ولحين
معاينة الجمارك للبضاعة ، فضلاً عن أن تحديد هذا المقابل تم بالمخالفة لأحكام
المادتين 135 , 136 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور , وإذ كان ما حصلته منه
الطاعنة بدون وجه حق على النحو المتقدم يقدر بالمبلغ المطالب به فقد أقام الدعوى .
دفعت الطاعنة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى . ندبت المحكمة خبيراً فيها ، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 22 من
فبراير سنة 1994 برفض الدفع وبطلبات المطعون
ضده . استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 111 ق أمام
محكمة استئناف القاهرة وبتاريخ 29 من يونيه سنة 1994 قضت المحكمة بتأييد الحكم
المستأنف . طعنت الطاعنة فى هذا الحكـم بطريق النقض , وقدمت النيابة العامة مذكرة
أبدت فيها الرأى برفض الطعن , وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت
جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول والوجه
الخامس من السبب الثانى منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى
تطبيقه والقصور فى التسبيب ، إذ كيف الدعوى على أنها منازعة فى تفسير قانون
الاستثمار وتطبيقه , ورتب على ذلك رفض الدفع بعدم اختصاص القضاء العادى ولائياً
بنظر الدعوى , رغم أن التكييف الصحيح لها أنها طعن فى قرار استكمل مقومات القرار
الإدارى بحسبان أن الهيئة الطاعنة أصدرته بوصفها من أشخاص القانون العام , وبما
لها من سلطة فى تسيير نشاط الاستثمار فى الدولة , فإن الطعن على قرارها يكون أمام
مجلس الدولة , كما أن الحكم قد أسس قضاءه برفض الدفع المبدى منها على عدم وجود
قرار إدارى أصلاً , مسايراً فى ذلك تقرير الخبير المنتدب رغم أن تحصيل الرسوم محل
التداعى تم بموجب القرار الإدارى المطعون عليه , فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
.
وحيث إن هذا
النعى غير سديد , ذلك أنه لما كـان المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن السلطة
القضائية هى سلطة أصيلة تستمد وجودها وكيانها من الدستور ذاته الذى ناط بها وحدها
أمر العدالة , مستقلة عن باقى السلطات ولها دون غيرها ولاية القضاء بما يكفل تحقيق
العدالة وحق المواطن فى اللجوء إلى قاضيه الطبيعى , وبالتالى يكون القضاء العادى
هو صاحب الولاية العامة بنظر كافة الأنزعة التى تنشب بين الأفراد أو بينهم وبين
وحدات الدولة إلا ما استثنى من ذلك بنص خاص , وأى قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به الدستور
يعتبر استثناءً على أصل عام يجب عدم التوسع فيه , ويتعين ألا يخرج عن الإطار الذى
ورد فيه ، وكان النص فى المادة العاشرة من القرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن
مجلس الدولة على أن " تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى المسائل
الآتية : ... ( سادساً ) الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية
فى منازعات الضرائب والرسوم وفقاً للقانون الذى ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام
مجلس الدولة ... " يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع قد
علق اختصاص مجلس الدولة بنظر منازعات الضرائب والرسوم على صدور القانون الذى ينظم
كيفية نظرها أمامه , وإذ كان القانون المشار إليه لم يصدر حتى الآن فإن اختصاص نظر
هذه المنازعات ما يزال معقوداً للقضاء العادى . لما كان ذلك , وكانت الدعوى
الراهنة تتعلق بتحصيل الطاعنة رسوماً بالمخالفة لقانون الاستثمار رقم 43 لسنة 1974
وقد خلا هذا القانون ومن بعده القانون رقم 230 لسنة 1989 من النص على اختصاص محاكم
مجلس الدولة بنظر هذه المنازعة , كما لم يصدر حتى الآن القانون الذى ينظـم كيفية
نظرها أمام مجلس الدولة , فإن الاختصاص بنظرها يكون معقوداً للقضـاء العادى , وإذ
التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض الدفع بعدم اختصاص القضاء العادى ولائياً
بنظر الدعوى فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه , ويكون النعى عليه
فى هذا الخصوص على غير أساس .
وحيث إن
الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالوجهين الثانى والرابع من السبب الثانى
القصور فى التسبيب ، إذ التفت عن بحث ما تمسكت به من دفع بسقوط حق المطعون ضده فى
المطالبة بالتقادم الثلاثى , رغم أن الثابت أن تحصيل المبالغ محل التداعى تم فى 24
من مارس سنة 1986 , 8 من أبريل سنة 1986 , ولم يوجه لها المطعون ضده إنذاراً إلا
فى 29 من سبتمبر سنة 1989 , 27 من نوفمبر سنة1989 ورفع دعواه فى 28 من أغسطس سنة
1990 , بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا
النعى غير مقبول , ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن الدفع بالتقادم لا
يتعلق بالنظام العام وإذا ما أريد التمسك بنوع من أنواع التقادم فينبغى التمسك به
أمام محكمة الموضوع فى عبارة واضحة لا تحتمل الإبهام , وإذ كان الثابت أن الطاعنة
لم تتمسك بسقوط الدعوى بالتقادم فى صورة صريحة واضحة سواء فى المذكرات المقدمة
منها أمام محكمة أول درجة أو أمام الاستئناف , ومن ثم فهو دفاع جديد لا يجوز
التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض , فإن النعى به يكون غـير مقبول .
وحيث إن
الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه القصور فى
التسبيب ، ذلك بأنها اعترضت على تقرير الخبير لأنه تعرض لمسائـل قانونية ,
إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذه المطاعن رغم جوهريتها , وعول فى قضائه
على هذا التقرير بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا
النعى غير مقبول , ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان الطاعن لم
يورد فى سبب النعى بيان المطاعن والاعتراضات التى وجهها إلى تقرير الخبير ووجه
قصور الحكم فى الرد عليها , بحيث يبين بسبب النعى العيب الذى يعزوه الطاعن إلى
الحكم وموضعه وأثره فى قضائه , وإذ لم تبين الطاعنة فى وجه النعى ماهية المسائل
القانونية التى تعرض لها تقرير الخبير وماهية الاعتراضات التى وجهتها إليه ، وأثر
ذلك فى قضاء الحكم المطعون فيه , فإن النعى بهذا الوجه يكون مجهلاً وغير مقبول .
وحيث إن مما
تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون , وفى بيان ذلك تقول إن
التفسير الصحيح لنص المادة 46 من قانون الاستثمار رقم 43 لسنة 1974 المستبدلة
بالقانون رقم 32 لسنة 1977 أن الواقعة المنشئة للرسم هى الدخول أو الخروج سواء من
المنطقة الحرة أو انتقالها داخلها , وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر
واعتبر الواقعة المنشئة للرسم هى الدخول إلى المنطقة الحرة أو الخروج منها , فإنه
يكون قد قيد النص العام بدون سند , واستحدث حكماً لم يأت به النص وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا
النعى غير سديد , ذلك أن المقرر- فى قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان النص واضحاً
جلى المعنى قاطع الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله ، وكان
النص فى المادة 46 من القانون رقم 43 لسنة 1974 بشأن إصدار نظام استثمار المال
العربى والأجنبى والمناطق الحرة المستبدلة بالقانون رقم 32 لسنة 1977 على أنه
" مع عدم الإخلال بما هو منصوص عليه فى هذا القانون تعفى المشروعات التى تقام
بالمنطقة الحرة والأرباح التى توزعها , من أحكام قوانين الضرائب والرسوم فى
جمهورية مصر العربية , كما تعفى الأموال العربية والأجنبية المستثمرة بالمنطقة
الحرة من ضريبة التركات ورسم الأيلولة . ومع ذلك تخضع هذه المشروعات للرسوم التى
تستحق مقابل خدمات ولرسم سنوى لا يجاوز 1 % ( واحد فى المائة ) من قيمة السلع
الداخلة إلى المنطقة الحرة أو الخارجة منها لحساب المشروع ويصدر بتحديد هذا الرسم
قرار من مجلس إدارة الهيئة ، وتعفى من هذا الرسم تجـارة البضائع العابرة
(الترانزيت) .... " والنص فى المادة 84 من قرار وزير الاقتصاد رقم 375 لسنة
1977 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون نظام استثمار المال العربى والأجنبى
والمناطق الحرة على أنه " يحسب الرسم المنصوص عليه فى الفقرة الثانية من
المادة 46 من القانون على قيمة البضائع الداخلة إلى المنطقة الحرة بغرض التخزين
لإعادة التصدير , كما يحسب نفس الرسم على قيمة غير ذلك من بضائع خارجة لحساب
المشروع .... " يدل على أن الأصل هو إعفاء المشروعات التى تقام بالمنطقة الحرة
وما تحققه من أرباح من الخضوع لقوانين الضرائب والرسوم فى جمهورية مصر العربية ,
وأن الاستثناء خضوعها لرسم سنوى لا يجاوز واحد فى المائة من قيمة السلع فى حالتين
الأولى : دخول البضائع إلى المنطقة الحرة بغرض التخزين لإعادة تصديرها , والثانية
: خروج البضائع من المنطقة الحرة لحساب المشروع بما مفاده أن الواقعة المنشئة لهذا
الرسم هى دخول البضائع إلى المنطقة الحرة أو خروجها منها لحساب المشروع , أما مجرد
انتقال البضائع داخل المنطقة الحرة لا يخضعها لهذا الرسم الوارد بالفقرة الثانية
من المادة 46 آنفة البيـــان , والقول بخلاف ذلك فيه خروج على نص قانونى واضح جلى المعنى
وارداً على سبيل الاستثناء بما لا يجوز التوسع فى تفسيره أو القياس عليه . لما كان
ذلك , وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وألزم
الهيئة الطاعنة بأن ترد إلى المطعون ضده الرسوم المفروضة على انتقال السلع داخل
المنطقة الحرة , فإنه يكون قد طبق صحيح القانون , ويضحى النعى عليه فى هذا الشأن
على غير أساس .
وحيث إن مما
تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالوجهين الأول من السبب الثانى والثانى من
السبب الثالث القصور فى التسبيب ومخالفة القانون , ذلك أنها تمسكت أمام محكمة
الموضوع بدفاع حاصله أن المطعون ضده بصفته قام بشغل مساحات بالمنطقة الحرة بدون
ترخيص بما يخولها الحق فى اقتضاء مقابل إشغال مضاعف منه تطبيقاً للمادة 136 من
اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الصادر بقرار وزير الاقتصاد رقم 375 لسنة 1977
, واستدلت على صحة دفاعها بأن المطعون ضده ذاته قد أقر بهذا الإشغال , وإذ التفت
الخبير المنتدب عن ذلك بقالة أنها لم تحرر محاضر مخالفات ضد المطعون ضده بالواقعة
فقد اعترضت على تقديره , وقدمت إلى المحكمة أصول هذه المحاضر , غير أن الحكم
المطعون فيه أهدر دفاعها الجوهرى فى هذا الخصوص وساير تقرير الخبير رغم ما شابه من
خطأ وقصور , بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا
النعى فى محله , ذلك أن النص فى المادة 136 من قرار وزير الاقتصاد رقم 375 لسنة
1977 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون نظام استثمار المال العربى والأجنبى
والمناطق الحرة على أنه " فى حالات شغل مساحات المنطقة الحرة دون ترخيص سابق
يلزم المخالف بأداء مقابل إشغال مضاعف .... " يدل على حق الهيئة فى إلزام
المشروع المخالف بأداء مقابل إشغال مضاعف , فى حالة شغله مساحات فى المنطقة الحرة
دون الحصول على ترخيص سابق ، وكان المقـرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن فى أخذ
المحكمة بالنتيجة التى انتهى إليها تقرير الخبير محمولة على الأسباب التى بنى
عليها مشروط بأن تكون مؤدية إلى النتيجة التى انتهت إليها وتصلح
رداً على الدفاع الجوهرى الذى تمسك به الخصوم وإلا
كان حكمها معيباً بالقصور , كما أنه من المقرر أنه متى قدم الخصم إلى محكمة
الموضوع مستندات من شأنها التأثير فى الدعوى وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عنها
كلها أو عن بعضها مع ما قد يكون لها من الدلالة فإنه يكون مشوباً بالقصور . لما
كان ذلك , وكان الثابت فى الأوراق أن الطاعنة تمسكت فى دفاعها أمام محكمة الموضوع
بإشغال المطعون ضده لمساحات من المنطقة الحرة دون ترخيص سابق بما يحق لها إلزامه
بمقابل إشغال مضاعف عملاً بالمادة 136 من اللائحة التنفيذية آنفة البيان , وقدمت للتدليل
على ذلك محاضر الإشغال المحررة ضده ، وإذ أغفل الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم
المطعون فيه هذا الدفاع المؤيد بالمستندات , وألزمها بأن تؤدى للمطعون ضده المبالغ
محل الإشغالات أخذاً بتقرير الخبير المنتدب دون بحثه لهذا الدفاع الجوهرى الذى قد
يتغير به وجه الرأى فى الدعوى ولم يلق بالاً إلى المستندات المقدمة من الطاعنة رغم
ما لها من دلالة , فإنه يكون معيباً بالقصور المبطل مما يوجب نقضه نقضاً جزئياً فى
هذا الخصوص على أن يكون مع النقض الإحالة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ