جلسة 26 من سبتمبر سنة 2011
برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد الباري سليمان نائب رئيس
المحكمة وعضوية
السادة القضاة / مصطفى صادق ، هاني خليل ، خالد مقلد وعصام جمعة نواب رئيس المحكمة
.
----------
(43)
الطعن 8560 لسنة 80 ق
(1)
حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب
غير معيب " .
بيان
الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة
التي دان الطاعن بها وإيراده أدلة سائغة على ثبوتها في حقه . لا قصور . عدم رسم
القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافياً في تفهم
الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) اختلاس . جريمة "أركانها" . حكم
" تسبيبه . تسبيب غير معيب".
جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة رقم
112 عقوبات . مناط تحققها ؟
(3)
اختلاس . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب
غير معيب " .
لا يشترط
لإثبات جريمة الاختلاس المنصوص عليها في الباب الرابع من قانون العقوبات طريقة
خاصة غير طرق الاستدلال العامة . كفاية اطمئنان المحكمة إلى الإدانة من دلائل
الدعوى وقرائنها .
مثال .
(4) اختلاس . اشتراك . حكم " تسبيبه .
تسبيب غير معيب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير
الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
الاشتراك
بطريق الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه . تمامه دون مظاهر
خارجية أو أعمال محسوسة . لمحكمة الموضوع استخلاصه بطرق الاستنتاج والقرائن من
وقائع الدعوى وملابساتها . ما دام سائغاً . النعي على الحكم في ذلك . جدل موضوعي في
تقدير الدليل .
(5) اختلاس .
اشتراك . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى "
. دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه .
تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن ما لا يقبل منها " .
النعي بأن
الواقعة مجرد شروع في الاشتراك في اختلاس . منازعة في الصورة التي اعتنقتها
المحكمة للواقعة . جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى .
(6) اختلاس . جريمة " أركانها " . قصد جنائي .
محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " نقض " أسباب الطعن . ما
لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع تكوين اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه
. ما لم يقيدها القانون بدليل معين .
لا يشترط
لإثبات جريمة الاختلاس والإضرار بالمال العام . طريقة خاصة غير طرق الاستدلال
العامة . كفاية اطمئنان المحكمة إلى الإدانة من دلائل الدعوى وقرائنها .
تساند الأدلة
في المواد الجنائية . مؤداه ؟
(7) إثبات " اعتراف " . دفوع " الدفع
ببطلان الاعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الاعتراف " .
حكم " تسبيبه تسبيب غير معيب " .
حق المحكمة في الأخذ باعتراف
المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك . متى اطمأنت لصحته
ومطابقته للحقيقة .
مثال لتسبيب
سائغ للرد على الدفع ببطلان اعتراف المتهمين.
(8) استجواب . إثبات " اعتراف " . إجراءات
" إجراءات التحقيق " . دفوع " الدفع ببطلان الاستجواب " . دفاع
" الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
بطلان
الاستجواب لا يحول دون الأخذ بعناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى
النتيجة التي أسفر عنها الاستجواب المدعى ببطلانه .
حق المحكمة في الأخذ
باعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة باعتباره دليلاً مستقلاً. تقدير صلته
بالاستجواب المدعى ببطلانه. موضوعي. للمحكمة الأخذ به متى قدرت عدم تأثره به .
(9) دفوع " الدفع ببطلان الاستجواب " "
الدفع ببطلان القبض " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع ما لا يوفره " .
النعي
على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان القبض والاستجواب . غير مجد . طالما
لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من القبض والاستجواب المدعى ببطلانهما .
(10) استدلالات .إثبات " اعتراف " . محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
للمحكمة
التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة في الدعوى . لا ينال
منها ترديدها لاعتراف المتهمين . مفاد ذلك : تحقق مجريها من صدق البلاغ .
(11) استجواب
. إثبات " اعتراف " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . بطلان .
دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محاماة . قانون "
تفسيره " .
عدم جواز
استجواب المتهم أو مواجهته في الجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس وجوبًا بغير دعوة محاميه . إلا في حالتي التلبس
والسرعة. تقدير ذلك للمحقق تحت رقابة محكمة
الموضوع. المادة رقم 124 إجراءات . القانون لم يرتب البطلان جزاءً على مخالفة هذه
المادة.
(12) أسباب الإباحة وموانع العقاب
"الإعفاء من العقوبة". عقوبة "الإعفاء منها". مسئولية جنائية.
اختلاس . محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة".
لا إعفاء من
العقوبة بغير نص . تفسير النصوص المتعلقة بالإعفاء وأسباب الإباحة على سبيل الحصر .
التوسع في تفسيرها بطريق القياس . غير جائز . علة ذلك ؟
المادة رقم
118 عقوبات . مؤداها ؟
الإعفاء
الوجوبي والإعفاء الجوازي . شرطهما ؟
(13) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها
في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى "" سلطتها في تقدير الدليل "
. إجراءات " إجراءات المحاكمة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق
التدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض
" أسباب الطعن ما لا يقبل منها " .
استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من كافة عناصرها . موضوعي . ما دام سائغًا . وزن
أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
تناقض الشهود
في أقوالهم . لا يعيب الحكم متى استخلص الحقيقة منها . بما لا تناقض فيه . الجدل
الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمه النقض .
عدم جواز
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها .
(14) إخفاء
أشياء مسروقة . جريمة " أركانها " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق
التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض
" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة .
مسألة نفسية . استخلاصه . موضوعي .
حق محكمة الموضوع في الاعتماد على ما تطمئن إليه من الأدلة
في الدعوى وإطراح ما عداها .
(15) ارتباط . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب "
. عقوبة " العقوبة المبررة " . نقض " المصلحة في الطعن " . اختلاس
. إخفاء أشياء مسروقة .
لا جدوى من النعي
على الحكم بالنسبة لجريمة إخفاء أشياء متحصلة من جناية اختلاس. مادام قد أوقع على الطاعنين عقوبة واحدة المقررة
لجريمة الاختلاس بوصفها عقوبة الجريمة الأشد .
(16) مشغولات ذهبية . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل
" . نقض " أسباب الطعن ما لا يقبل منها ".
عدم بيان وصف المصوغات الذهبية محل الاختلاس . لا يؤثر في سلامة
استدلال الحكم . مادام الطاعن لم يدع ملكيتها أو يحدث خلاف بشأنها .
(17) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل "
. دفوع " الدفع بشيوع التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما
لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بشيوع
التهمة وعدم ارتكاب الجريمة . موضوعي . لا يستوجب ردًا صريحًا . استفادة الرد عليه
من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
إيراد الحكم
الأدلة المنتجة التي صحت لديه . كفايته كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه على وقوع
الجريمة من المتهم . لا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه .
الجدل
الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها غير جائز
أمام محكمه النقض .
(18) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره "
. نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " أسباب الطعن . تحديدها "
.
عدم بيان
الطاعن أوجه الدفاع الجوهرية التي ينعى على الحكم عدم التعرض لها . أثره : عدم
قبول النعي .
ـــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما
تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وساق على ثبوتها
في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها استمدها من أقوال
واعترافات المتهمين الثاني والثالث وأقوال شهود الإثبات ومن مذكرتي وكيل نيابة
مركز ... ومن إقرار المتهمين من الرابع إلى السادس ومن دفتر قيد القضايا وتقرير
المعمل الجنائي . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلًا خاصًا
يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وإذ كان
مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته
المحكمة كما هو الحال في الدعوى المطروحة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون ما
يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن في غير محله .
2- من المقرر أن جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من
قانون العقوبات تتحقق إذا كانت الأموال أو الأشياء المختلسة قد وجدت في حيازة
الموظف العام أو من في حكمه بسبب وظيفته ، يستوى في ذلك أن تكون هذه الأموال أو
الأشياء قد سلمت إليه تسليمًا ماديًا أو وجدت بين يديه بمقتضى وظيفته .
3- من المقرر أنه لا يشترط لإثبات جريمة الاختلاس المنصوص عليها
في الباب الرابع من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفى
كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة كما هو الحال في الدعوى
المطروحة بوقوع الفعل المكون له من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة
المال موضوع الجريمة . وكان ما أورده الحكم كافيًا وسائغاً في التدليل على أن
المتهم الأول وهو ضابط منوب وضابط نوبتجية مركز شرطة ... وهو المسئول عن الأحراز
المتواجدة في النوبتجية التي أشار إليها الحكم في مدوناته ، وعلى توافر جريمة
اختلاس حرز المشغولات الذهبية في حق الطاعن الأول ، بأركانها المادية والمعنوية ،
إذ لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالًا على توافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس ،
بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف دالاً على قيامه كما هو الحال في الدعوى
الراهنة ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
4- لما كان الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل
والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية من مخبآت الصدور ودخائل النفس
التي لا تقع عادة تحت الحس وليس لها
أمارات ظاهرة ، وللقاضي الجنائي إذا لم يقم على الاتفاق دليل مباشر أن يستدل على
ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستنتاج سائغًا وله من
ظروف الدعوى ما يبرره ، وكان الحكم المطعون فيه في سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة
الثبوت فيها قد أورد من الأدلة القولية والفنية ما يكشف عن اعتقاد المحكمة باتفاق
الطاعن الأول مع باقي الطاعنين على ارتكاب جريمة الاختلاس فإن هذا حسبه ليستقيم
قضاؤه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير
الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ويضحى النعي على الحكم بقالة القصور
في التسبيب لعدم استظهار عناصر الاشتراك والتدليل على توافره في حق الطاعنين غير
قويم .
5- لما كان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية الاشتراك
في الاختلاس كما هي معرفة به في القانون في حق المتهم الثالث ، وكان النعي بأن
الواقعة مجرد شروع في الاشتراك في الجرائم التي دين بها الطاعن الثالث لا يعدو أن
يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة
محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل
فيه بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليمًا كما هو الحال في الدعوى ويضحى ما يثيره
الطاعن الثالث في هذا الصدد غير مقبول .
6 - من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي
بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أى دليل أو قرينة يرتاح
إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص
عليه ، وكان من المقرر أن القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم الاختلاس والإضرار
بالمال العام طريقًا خاصًا ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم
بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية
من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها
مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي
الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها
ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان ما أورده
الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد كافيًا للتدليل على ثبوت جريمتي الاشتراك في الاختلاس
والإضرار بالمال العام التي دان بها الطاعن الثالث بهما فإن هذا حسبه ليبرأ من
قالة القصور في شأن تعويله على اعتراف المتهم الثاني رغم أنها لا تدل بمجردها على
مقارفة الطاعن الثالث للجرائم التي دين بارتكابها .
7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ
باعتراف المتهم في أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك ، متى اطمأنت إلى
صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها ، البت في صحة ما
يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ومتى تحققت
من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم قد خلص في منطق سائغ
وتدليل مقبول على اطراح الدفع ببطلان اعتراف المتهمين الثاني والثالث لصدوره تحت
تأثير الإكراه وأفصح عن اطمئنانه على صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع
فإنه يكون قد برئ من أية شائبة في هذا الخصوص .
8 ــــ من المقرر أن بطلان الاستجواب لا يحول دون أخذ القاضي
بعناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها
الاستجواب المدعى ببطلانه . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ باعتراف
المتهمين بتحقيقات النيابة العامة باعتبارها دليلًا مستقلًا عن الاستجواب وكان
تقدير هذه الاعترافات وتحديد مدى صلتها بالاستجواب هو من شئون محكمة الموضوع تقدره
حسبما ينكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الاعترافات تمت منهم غير
متأثرة بالاستجواب المدعى ببطلانه كما هو الشأن في الدعوى المطروحة جاز لها الأخذ
بها .
9 - لما كان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد
على الدفع ببطلان إقرار الطاعن الثاني لمحرر محضر الضبط لصدوره وليد استجواب محظور
من مأمور الضبط القضائي مادام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن
استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من القبض والاستجواب المدعى
ببطلانهما وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من اعترافات المتهمين الثاني والثالث
بتحقيقات النيابة العامة وأقوال شهود الإثبات وتقرير المعمل الجنائي وهى أدلة
مستقلة عن القبض والاستجواب ، فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الصدد يكون غير
سديد .
10- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء
بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت
على بساط البحث وكان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديدًا لاعترافات المتهمين
فإن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك الاعتراف فإن منعى الطاعنين الأول
والخامس في هذا الشأن بفرض صحته يكون غير قويم .
11- لما كانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية
إذ نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته في الجنايات إلا بعد دعوة محاميه
للحضور إن وجد وقد استثنت من ذلك حالة التلبس والسرعة ، وإذ كان تقدير هذه السرعة
متروكًا للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع مادامت هي أقرت عليه في حدود سلطتها
التقديرية كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن غير صحيح
، ولا يغير من ذلك ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 124 سالفة الذكر المضافة
بالقانون 145 لسنة 2006 من وجوب ندب محام لحضور التحقيق ، إذ إن ذلك مقصور على غير
حالات التلبس والاستعجال المستثناة أصلًا بالفقرة الأولى من المادة الأولى سالفة
البيان ، هذا فضلًا عن أن القانون لم يرتب البطلان جزاء على مخالفة هذه المادة .
12ـــ من المقرر أنه لا إعفاء من العقوبة بغير نص ، وكانت النصوص
المتعلقة بالإعفاء تفسر على سبيل الحصر فلا يصح التوسع في تفسيرها بطريق القياس
ولا كذلك أسباب الإباحة التي ترتد كلها إلى مبدأ جامع هو ممارسة الحق أو القيام
بالواجب ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعن الثاني بوصفه
شريكًا في اختلاس حرز مركز المشغولات الذهبية الخاص بالقضية رقم ... لسنة ...
جنايات مركز ... ورد على ما أثاره من تمتعه بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 118
مكررًا (ب) من قانون العقوبات بقوله " وحيث إنه عن طلب الدفاع الحاضر مع
المتهم الثاني بإعفائه من العقاب عملًا بالمادة 118 مكرر (ب) من قانون العقوبات
على سند من اعترافه هو الذى هدى إلى ضبط الجناة والمضبوطات ، ولما كان من المقرر
بالمادة آنفة الذكر أنه " يعفى من العقوبات المقررة للجرائم المنصوص عليها في
هذا الباب كل من بادر من الشركاء في الجريمة من غير المختصين على ارتكابها بإبلاغ
السلطات القضائية أو الإدارية بالجريمة بعد تمامها وقبل اكتشافها ويجوز الإعفاء من
العقوبات المذكورة إذا حصل الإبلاغ بعد اكتشاف الجريمة وقبل صدور الحكم النهائي
فيها ، ونص المادة السالفة يقرر أن يكون الإعفاء وجوبياً إذا تم قبل اكتشاف
السلطات للجريمة وفى هذه الحالة يحق للنيابة العامة عدم إقامة الدعوى ضد المبلغ
أما إذا أحيل المتهم للمحاكمة فإنه يتعين على المحاكمة أن تقضى بالبراءة أما إذا
تم الإبلاغ بعد اكتشاف السلطات للجريمة ، فإن الإعفاء يكون جوازياً وتبت فيه محكمة
يشترط أن يحدث الإبلاغ قبل صدور الحكم النهائي . لما كان ذلك ، وكان المتهم الثاني
قد أبلغ السلطات باعترافه بعد اكتشافها الجريمة وذلك بعد الاستدعاء من قبل مأموري
الضبط القضائي ، ومن ثم يكون الإعفاء قبله جوازيًا للمحكمة أن ثبت فيه، ولما كانت
ظروف الواقعة وأدلتها والاعترافات الأخرى التي هدت وساعدت أجهزة الضبط قد ساهمت في
اكتشاف الجناة والمضبوطات فإن هذه المحكمة لا تأخذ به ، ومن ثم ترفض هذا الطلب وهو
رد سائغ يتفق مع صريح نص المادة 118 مكرر ب من قانون العقوبات التي تمسك الطاعن
بحكمها ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون سديداً .
13- لما كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال
الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة
الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها
سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان
وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها
وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ، وكان تناقض الشهود في أقوالهم لا يعيب
الحكم ولا يقدح في سلامته مادام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا
تناقض فيه ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة
، فإن ما يثيره الطاعنان الأول والخامس في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير
الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في
شأنه أمام محكمة النقض ، فضلًا عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن الأول
لم يطلب الاطلاع على الكرتونة التي كانت بها المشغولات ،فليس له من بعد أن ينعى
على المحكمة قعودها عن اتخاذ هذا الإجراء بعد أن اطمأنت إلى ما ورد بتقرير المعمل
الجنائي من سبق نزع الأختام الموجودة على الحرز وإعادة تثبيتها مرة أخرى .
14- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين الرابع
والخامس بانتفاء علمهما بأن المشغولات الذهبية متحصلة من جناية واطرحه استنادًا
إلى ثبوت اشتراك المتهمين الرابع والخامس مع المتهم الأول بأن تم الاتفاق بينهما
والمتهم الثاني على شراء المشغولات الذهبية المستولى عليها بثمن بخس مع علمهما
بأنها متحصلة من جناية لكونها حرز مضبوطات حسبما أسفرت عنه الأدلة إذ تم الاتفاق
على أن يكون ثمن الجرام مائة وخمسة وثلاثين جنيهًا للجرام وحال بيع بعض المشغولات
قد تم حسابها على مائة وخمسة جنيهات ثم في المرة التالية على مائة جنيه
للجرام مما يتوافر ركن العلم قبلهما وقيامهم بإخفاء بعضها على هيئة سبائك وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في استخلاص علم
الطاعنين الرابع والخامس بأن المشغولات الذهبية التي دين بإخفائها متحصلة من جناية
الاختلاس سالفة الذكر ذلك بأن العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة
بعينها عن بينة بظروفها المشددة لا يخرج عن كونه مسألة نفسية لا تستفاد فقط من
أقوال الشهود ومن اعترافات المتهمين بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الواقعة
وما توحى به ملابساتها ، كما أنه لا عبرة بنفي الطاعنين علمهما بمصدر الأشياء التي
دين بإخفائها لأن ذلك لا يقيد المحكمة بما لها من سلطة مطلقة في تقدير أدلة الدعوى
والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه وفى أن تستخلص العلم بالجريمة وظروفها
من قرائن الأحوال في الدعوى وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون فيه في تقديره ، ومن ثم
يكون منعى الطاعنين على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد غير قويم .
15- لما كان الحكم قد دان المتهمين الرابع والخامس بجناية
الاشتراك في الاختلاس وجرائم إخفاء أشياء متحصلة من جريمة الاختلاس وإعانة المتهم
على الفرار من وجه القضاء وأوقع عليهما العقوبة المقررة في القانون للاختلاس
باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد عملًا بالمادة 32 من قانون العقوبات للارتباط وإن
لم يذكرها صراحة فإنه لا يجدى المتهمين ما يثيرونه من جريمة إخفاء أشياء متحصلة من
جناية الاختلاس .
16- من المقرر أنه لا يؤثر في سلامة استدلال الحكم عدم بيان وصف
المصوغات الذهبية محل الاختلاس وقيمتها أو الإحالة في شأن ذلك على الأوراق بفرض
حصوله ما دام أن الطاعن الرابع لا يدعى حدوث خلاف بشأنها ، وكان الثابت بالحكم أن
الطاعن الرابع لم يدع ملكيته للمصوغات الذهبية وكان يكفي للعقاب في جريمة الاختلاس
ثبوت أن المنقولات المختلسة ليست مملوكة للمتهم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن
الرابع بشأن قصور الحكم في بيان وصف المشغولات الذهبية محل الاختلاس وقيمتها يكون
لا محل له .
17- من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة وبعدم ارتكاب
الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل في الأصل رداً طالما كان الرد
عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله
ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع
الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومع ذلك فقد عرض الحكم
لدفاع الطاعن الأول بانتفاء سيطرته على حرز المشغولات وشيوع التهمة واطرحه في منطق
سائغ ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً
في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو
ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
18- لما كان الطاعن الثالث لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه الدفاع
التي ينعي على المحكمة قعودها عن الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، وهل
تحوى دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه ، أم إنه من قبيل
الدفاع الموضوعي الذى لا يستلزم في الأصل رداً بل الرد عليه يستفاد من القضاء
بالإدانة استناداً للأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها ، بل ساق قوله في هذا
الصدد مرسلاً مجهلاً ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً .
ـــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت
النيابة العامة الطاعنين وآخر قضي ببراءته بأنهم أولاً : المتهم الأول: أ-
بصفته موظفاً عاماً " ضابط شرطة بمركز ... " اختلس حرز المصوغات الذهبية
المبينة وصفًا بالتحقيقات والبالغ قيمتها 467052 جنيها والمضبوطة على ذمة القضية
رقم ... لسنة ... جنايات ... والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حال كونه من
الأمناء على الودائع المسلم إليه الحرز بهذه الصفة على النحو المبين بالتحقيقات . ب - بصفته سالفة الذكر
أضر عمداً بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها ضرراً جسيمًا بأن ارتكب الجريمة
الموصوفة بالبند (أ) على النحو المبين بالتحقيقات . ج - وهو حارس على ختم من
الأختام الموضوعة بناء على أمر صادر من النيابة العامة اشترك بطريقي الاتفاق
والمساعدة مع المتهمين الثاني والثالث في فك الأختام الموضوعة فوقعت الجريمة بناء
على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات . ثانياً : المتهمان
الثاني والثالث أ - اشتركا مع المتهم الأول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب
الجريمة موضوع التهمة بالبند أولاً بأن اتفقا معه على اختلاس المصوغات الذهبية محل
الاتهام وإبدالها بمعرفة الثاني بمشغولات مقلدة " غير ثمينة " وساعده
على ذلك بأن تسلما منه حرز المشغولات الذهبية وأخذا بعضاً منها فقام الثاني ببيعه
وإبداله بمشغولات مقلدة فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على
النحو المبين بالتحقيقات . ب - بصفتهما موظفين عامين " أمين شرطة ، رقيب
شرطة بمركز ... " أضرا بأموال الجهة التي يعملان بها ضررًا جسيمًا بأن ارتكبا الجريمة الموصوفة بالبند ثانياً/أ على النحو المبين بالتحقيقات . ج - فكَّا ختم من الأختام
الموضوعة على الحرز المضبوط على ذمة القضية رقم ... لسنة ... جنايات ... بناء على
أمر صادر من النيابة العامة على النحو المبين بالتحقيقات . ثالثاً: المتهمان
الرابع والخامس: اشتركا بطريق المساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب محل الاتهام
المسند إليه في البند أولاً بأن أمد المتهم الثاني بمشغولات غير ثمينة مع علمهما بذلك فتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة
على النحو المبين بالتحقيقات . رابعاً : المتهمون الرابع والخامس: أــــ
أخفيا المصوغات الذهبية المبينة وصفاً بالأوراق والمتحصلة من جناية الأختام سالفة
البيان مع علمهما بذلك على النحو المبين بالتحقيقات . بـ علما بوقوع جناية
الاختلاس سالفة البيان وأعانا الجناة على الفرار من وجه القضاء وكان ذلك بإخفاء
أدلة الجريمة على النحو المبين بالتحقيقات . وأحالتهم إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته
طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً
بالمواد 40/ ثانياً - ثالثاً ، 41 ، 44 مكرراً ، 112 /1- 2 بند أ ، 116 مكرر/1 ،
118 ، 118 مكرر/1، 119 /أ ، 119 مكرر/أ ، 145 /1- 2 ، 147 ، 148 ، 149 من قانون
العقوبات أولاً : بمعاقبة المتهمين الأول والثاني بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات
عما أسند إليهما .ثانياً : بمعاقبة المتهم الثالث بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات
وألزمت المتهمين الثلاثة برد مبلغ 90446 جنيها " تسعين ألفاً وأربعمائة وستة
وأربعين جنيهاً " وتغريمهم مبلغاً مساوياً لقيمة ما اختلسوه وقدره 467052 أربعمائة وسبعة وستون ألفاً واثنان وخمسون جنيهاً
والعزل من وظائفهم عما أسند إليهم . ثالثاً : بمعاقبة المتهمين الرابع والخامس
بالحبس مع الشغل لمدة سنتين لكل منهما . فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق
النقض .
ـــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن
الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الأول بجرائم الاختلاس والثاني والثالث
الاشتراك فيها والإضرار العمدى بالمال العام وفك أختام ، كما دان الرابع والخامس
بجرائم الاشتراك في الاختلاس وإخفاء أشياء متحصلة من جريمة اختلاس وإعانة متهم على
الفرار من وجه القضاء قد شابه قصور في التسبيب ، وفساد في الاستدلال وإخلال بحق
الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه لم يبين مؤدى الأدلة التي استند إليها في
قضائه بالإدانة وماهية الأفعال التي قارفها الطاعن الأول في وقوع جريمة الاختلاس
التي دانه بها ، ولم يستظهر توافر القصد الجنائي في حقه رغم منازعته في توافره وأن
ما أورده الحكم من أقوال شهود الإثبات تدليلاً على توافر الاتفاق بين المتهمين
الأربعة الأول على اختلاس حرز المشغولات الذهبية لا يكفى ، ويضيف الطاعن الثالث أن
ما قام به لا يعدو أن يكون شروع في الاشتراك لا عقاب عليه قانوناً ولا يوجد دليل
في الأوراق قبله سوى اعتراف الطاعن الثاني لا يكفى لإسناد الاتهام له ، هذا وقد
تمسك دفاع الطاعن الأول بجلسات المحاكمة ببطلان اعتراف المتهمين الثاني والثالث
بتحقيقات النيابة العامة لكونها وليدة إكراه معنوي وببطلان اعتراف المتهم الثاني بمحضر
الضبط لصدوره وليد استجواب محظور من مأمور الضبط القضائي ، كما دفع ببطلان القبض
الواقع عليه لحصوله دون إذن من النيابة العامة غير أن الحكم المطعون فيه اطرح
الدفعين الأول والثاني بما لا يصلح لاطراحهما وأغفل دفعه الأخير إيراداً ورداً ،
وعول الحكم في إدانتهم على تحريات الشرطة رغم أنها جاءت ترديداً لاعترافات المتهم
الثاني ، فضلًا عن أن الطاعنين الأول والرابع دفعا ببطلان تحقيقات النيابة العامة
لعدم حضور محام معهما إجراءات التحقيق إلا أن الحكم اطرح هذا الدفع بما لا يصلح
لاطراحه كما اطرح برد غير سائغ دفاع الطاعن الثاني بإعفائه من العقاب تطبيقًا لنص
المادة 118 مكرر ب من قانون العقوبات وقد اعترف بارتكاب الواقعة ، وقام دفاع
الطاعنين الأول والخامس على أن لواقعة الدعوى صورة أخرى تخالف الصورة التي رواها
شهود الإثبات واعتراف المتهمين الثاني والثالث وذلك بشأن عدد أكياس المشغولات
الذهبية المتواجدة بالحرز وقت تحريزه ، فضلًا عن تناقض أقوال هؤلاء الشهود بشأن
سلامة أختام الحرز بيد أن المحكمة عولت على أقوالهم ملتفتة عن هذا الدفاع وما ورد
بتقرير المعمل الجنائي ، كما لم تطلع المحكمة على الحرز الذى تم فضه واختلاس ما به
، ويضيف دفاع الطاعنين الرابع والخامس على انتفاء علمهما بأن المشغولات الذهبية
متحصلة من جريمة اختلاس بما لا يتوافر في حقهما جريمة إخفاء تلك المشغولات لاسيما
وأن الحكم لم يبين وصف تلك المشغولات ووزنها وقيمتها ، والتفت عن دفاع الطاعن
الأول بشيوع التهمة لانتفاء سيطرته على الحرز لتداوله بين أيادي عدة وفض أختامه
أكثر من مرة كما التفت الحكم عن دفاع الطاعن الخامس بعدم ارتكابه الجريمة ، ولم
تعن المحكمة بالرد على أوجه الدفوع المبداة من الطاعن الثالث . كل ذلك مما يعيب
الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما
تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وساق على ثبوتها
في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها استمدها من أقوال
واعترافات المتهمين الثاني والثالث وأقوال شهود الإثبات ومن مذكرتي وكيل نيابة
مركز ... ومن إقرار المتهمين من الرابع إلى السادس ومن دفتر قيد القضايا وتقرير
المعمل الجنائي . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً
يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وإذ كان
مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته
المحكمة كما هو الحال في الدعوى المطروحة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون ما
يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن
جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات تتحقق إذا كانت
الأموال أو الأشياء المختلسة قد وجدت في حيازة الموظف العام أو من في حكمه بسبب
وظيفته ، يستوى في ذلك أن تكون هذه الأموال أو الأشياء قد سلمت إليه تسليمًا
ماديًا أو وجدت بين يديه بمقتضى وظيفته . وكان من المقرر أنه لا يشترط لإثبات
جريمة الاختلاس المنصوص عليها في الباب الرابع من قانون العقوبات طريقة خاصة غير
طرق الاستدلال العامة ، بل يكفى كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع
المحكمة كما هو الحال في الدعوى المطروحة بوقوع الفعل المكون له من أى دليل أو
قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة وكان ما أورده الحكم كافيًا
وسائغاً في التدليل على أن المتهم الأول وهو ضابط منوب وضابط نوبتجية مركز شرطة ...
وهو المسئول عن الأحراز المتواجدة في النوبتجية التي أشار إليها الحكم في مدوناته
، وعلى توافر جريمة اختلاس حرز المشغولات الذهبية في حق الطاعن الأول ، بأركانها
المادية والمعنوية ، إذ لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالًا على توافر القصد الجنائي
في جريمة الاختلاس ، بل يكفى أن يكون ما أورده من وقائع وظروف دالاً على قيامه كما
هو الحال في الدعوى الراهنة ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم في هذا
الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد
نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية من مخبآت الصدور
ودخائل النفس التي لا تقع عادة تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة ، وللقاضي الجنائي إذا
لم يقم على الاتفاق دليل مباشر أن يستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التي
تقوم لديه مادام هذا الاستنتاج سائغًا وله من ظروف الدعوى ما يبرره ، وكان الحكم المطعون فيه في سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة
الثبوت فيها قد أورد من الأدلة القولية والفنية ما يكشف عن اعتقاد المحكمة باتفاق
الطاعن الأول مع باقى الطاعنين على ارتكاب جريمة الاختلاس فإن هذا حسبه ليستقيم
قضاؤه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير
الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ويضحى النعى على الحكم بقالة القصور
في التسبيب لعدم استظهار عناصر الاشتراك والتدليل على توافره في حق الطاعنين غير
قويم . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية الاشتراك في
الاختلاس كما هى معرفة به في القانون في حق المتهم الثالث ، وكان النعى بأن
الواقعة مجرد شروع في الاشتراك في الجرائم التي دين بها الطاعن الثالث لا يعدو أن
يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة
محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل
فيه بغير معقب مادام قضاؤها في ذلك سليماً كما هو الحال في الدعوى ويضحى ما يثيره
الطاعن الثالث في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأصل في
المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون
عقيدته من أى دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه
، وكان من المقرر أن القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم الاختلاس والإضرار
بالمال العام طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم
بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية
متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل
بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة
مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما
انتهت إليه ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد كافياً للتدليل على
ثبوت جريمتي الاشتراك في الاختلاس والإضرار بالمال العام التي دان بها الطاعن
الثالث بهما فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور في شأن تعويله على اعتراف المتهم
الثاني رغم أنها لا تدل بمجردها على مقارفة الطاعن الثالث للجرائم التي دين
بارتكابها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان اعتراف
المتهمين الثاني والثالث لكونه تحت تهديد إكراه معنوى واطرحه بقوله : " ...
وكانت المحكمة تطمئن إلى أن الاعتراف الذى أدلى به المتهمان الثاني والثالث أمام
النيابة العامة وترى أنه صدر منهما طواعية واختياراً وأنه صدر منهما غير متأثرين
بثمة إجراء من إجراءات القبض فضلًا عن تمسك المتهم الثاني باعترافه أمام هذه
المحكمة ومن ثم يكون هذا الاعتراف قد جاء مبرءاً من ثمة شائبة تنال منه على النحو
الذى يجعل هذه المحكمة تأخذ بهذا الاعتراف في حق نفسهما وعلى غيرها من المتهمين في
أى دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك المتهم الثالث أمام هذه المحكمة ...
ومن ثم يكون الدفع في غير محله بعيدًا عن محجة الصواب " . لما كان ذلك ، وكان
من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أى دور من
أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك ، متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة
والواقع ، وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها ، البت في صحة ما يدعيه المتهم من أن
الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ومتى تحققت من أن الاعتراف
سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها . لما كان ذلك ،
وكان الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول على
اطراح الدفع ببطلان اعتراف المتهمين الثاني والثالث لصدوره تحت تأثير الإكراه
وأفصح عن اطمئنانه على صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع فإنه يكون قد
برئ من أية شائبة في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن بطلان
الاستجواب لا يحول دون أخذ القاضي بعناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية
إلى النتيجة التي أسفر عنها الاستجواب المدعى ببطلانه . لما كان ذلك ، وكان الحكم
المطعون فيه قد أخذ باعتراف المتهمين بتحقيقات النيابة العامة باعتبارها دليلًا
مستقلًا عن الاستجواب وكان تقدير هذه الاعترافات وتحديد مدى صلتها بالاستجواب هو
من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما ينكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه
الاعترافات تمت منهم غير متأثرة بالاستجواب المدعى ببطلانه كما هو الشأن في الدعوى
المطروحة جاز لها الأخذ بها . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى من النعي على الحكم
بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إقرار الطاعن الثاني لمحرر محضر الضبط لصدوره
وليد استجواب محظور من مأمور الضبط القضائي مادام البين من الواقعة كما صار
إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من
القبض والاستجواب المدعى ببطلانهما وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من
اعترافات المتهمين الثاني والثالث بتحقيقات النيابة العامة وأقوال شهود الإثبات
وتقرير المعمل الجنائي وهى أدلة مستقلة عن القبض والاستجواب ، فإن ما يثيره الطاعن
الأول في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن
تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من
أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان لا ينال من صحة التحريات
أن تكون ترديدًا لاعترافات المتهمين فإن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك
الاعتراف فإن منعى الطاعنين الأول والخامس في هذا الشأن بفرض صحته يكون غير قويم .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان تحقيقات النيابة
العامة لمخالفتها نص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية والتي توجب حضور
محامى مع المتهم في جناية بتحقيقات النيابة العامة بقوله : " ... ولما كان
الثابت بتحقيقات النيابة العامة بأن التحقيق مع المتهمين بتاريخ ... الساعة
الثامنة وخمسة مساء وتم إخطار النقابة الفرعية بالمحكمة والنقابة العامة بينها
كتاب على يد عامل النيابة العامة ووجدهما مغلقين ونظراً لأن المتهمين الثاني والثالث
بادرا بالاعتراف بالجريمة فور مواجهتهما شفاهة فإن المحقق كان في حالة استعجال
وسرعة التي يخشى معه ضياع الأدلة المستمدة من الاعتراف وتجيز استجوابهما دون انتظار
لدعوة محاميهم للحضور ، فضلاً عن أن وقت التحقيق كان ليلاً وعدم وجود محامين
بالنقابة لإخطار أي منهم ويكون الدفع في غير محله تلتفت عنه المحكمة ... " .
لما كان ذلك ، وكانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على عدم جواز
استجواب المتهم أو مواجهته في الجنايات إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد وقد
استثنت من ذلك حالة التلبس والسرعة ، وإذ كان تقدير هذه السرعة متروكًا للمحقق تحت
رقابة محكمة الموضوع مادامت هي أقرت عليه في حدود سلطتها التقديرية كما هو الحال
في الدعوى المطروحة فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن غير صحيح ، ولا يغير من ذلك ما
نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 124 سالفة الذكر المضافة بالقانون 145 لسنة
2006 من وجوب ندب محام لحضور التحقيق ، إذ إن ذلك مقصور على غير حالات التلبس
والاستعجال المستثناة أصلاً بالفقرة الأولى من المادة الأولى سالفة البيان ، هذا
فضلًا عن أن القانون لم يرتب البطلان جزاء على مخالفة هذه المادة لما كان ذلك ،
وكان من المقرر أنه لا إعفاء من العقوبة بغير نص ، وكانت النصوص المتعلقة بالإعفاء
تفسر على سبيل الحصر فلا يصح التوسع في تفسيرها بطريق القياس ولا كذلك أسباب
الإباحة التي ترتد كلها إلى مبدأ جامع هو ممارسة الحق أو القيام بالواجب ، وإذ كان
الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعن الثاني بوصفه شريكًا في اختلاس حرز
مركز المشغولات الذهبية الخاص بالقضية رقم ... لسنة ... جنايات مركز الخانكة ورد
على ما أثاره من تمتعه بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 118 مكررًا (ب) من قانون
العقوبات بقوله :" وحيث إنه عن طلب الدفاع الحاضر مع المتهم الثاني بإعفائه
من العقاب عملًا بالمادة 118 مكرر (ب) من قانون العقوبات على سند من اعترافه هو
الذى هدى إلى ضبط الجناة والمضبوطات ، ولما كان من المقرر بالمادة آنفة الذكر أنه
" يعفى من العقوبات المقررة للجرائم المنصوص عليها في هذا الباب كل من بادر
من الشركاء في الجريمة من غير المختصين على ارتكابها بإبلاغ السلطات القضائية أو
الإدارية بالجريمة بعد تمامها وقبل اكتشافها ويجوز الإعفاء من العقوبات المذكورة
إذا حصل الإبلاغ بعد اكتشاف الجريمة وقبل صدور الحكم النهائي فيها ، ونص المادة
السالفة يقرر أن يكون الإعفاء وجوبيًا إذا تم قبل اكتشاف السلطات للجريمة وفى هذه
الحالة يحق للنيابة العامة عدم إقامة الدعوى ضد المبلغ أما إذا أحيل المتهم
للمحاكمة فإنه يتعين على المحاكمة أن تقضى بالبراءة أما إذا تم الإبلاغ بعد اكتشاف
السلطات للجريمة ، فإن الإعفاء يكون جوازيًا وتبت فيه محكمة يشترط أن يحدث الإبلاغ
قبل صدور الحكم النهائي . لما كان ذلك، وكان المتهم الثاني قد أبلغ السلطات
باعترافه بعد اكتشافها الجريمة وذلك بعد الاستدعاء من قبل مأموري الضبط القضائي ،
ومن ثم يكون الإعفاء قبله جوازيًا للمحكمة أن ثبت فيه ، ولما كانت ظروف الواقعة
وأدلتها والاعترافات الأخرى التي هدت وساعدت أجهزة الضبط قد ساهمت في اكتشاف
الجناة والمضبوطات فإن هذه المحكمة لا تأخذ به ، ومن ثم ترفض هذا الطلب " وهو
رد سائغ يتفق مع صريح نص المادة 118 مكرر ب من قانون العقوبات التي تمسك الطاعن
بحكمها ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون سديدًا. لما كان ذلك ، وكان الأصل أن
من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على
بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما
يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل
والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة
الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ،
وكان تناقض الشهود في أقوالهم لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته مادام قد استخلص
الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى
أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعنان الأول والخامس
في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع
ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض ، فضلًا عن أن
البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن الأول لم يطلب الاطلاع على
الكرتونة التي كانت بها المشغولات ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة
قعودها عن اتخاذ هذا الإجراء بعد أن اطمأنت إلى ما ورد
بتقرير المعمل الجنائي من سبق نزع الأختام الموجودة على الحرز وإعادة تثبيتها مرة
أخرى . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين الرابع
والخامس بانتفاء علمهما بأن المشغولات الذهبية متحصلة من جناية واطرحه استنادًا
إلى ثبوت اشتراك المتهمين الرابع والخامس مع المتهم الأول بأن تم الاتفاق بينهما
والمتهم الثاني على شراء المشغولات الذهبية المستولى عليها بثمن بخس مع علمهما
بأنها متحصلة من جناية لكونها حرز مضبوطات حسبما أسفرت عنه الأدلة إذ تم الاتفاق
على أن يكون ثمن الجرام مائة وخمسة وثلاثين جنيهًا للجرام وحال بيع بعض المشغولات
قد تم حسابها على مائة وخمسة جنيهات ثم في المرة التالية على مائة جنيه للجرام مما
يتوافر ركن العلم قبلهما وقيامهم بإخفاء بعضها على هيئة سبائك ... ". وكان ما
أورده الحكم كافيًا وسائغًا في استخلاص علم الطاعنين الرابع والخامس بأن المشغولات
الذهبية التي دين بإخفائها متحصلة من جناية الاختلاس سالفة الذكر ذلك بأن العلم في
جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة بعينها عن بينة بظروفها المشددة لا يخرج عن
كونه مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود ومن اعترافات المتهمين بل لمحكمة
الموضوع أن تتبينها من ظروف الواقعة وما توحى به ملابساتها ، كما أنه لا عبرة بنفي
الطاعنين علمهما بمصدر الأشياء التي دين بإخفائها لأن ذلك لا يقيد المحكمة بما لها
من سلطة مطلقة في تقدير أدلة الدعوى والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه
وفي أن تستخلص العلم بالجريمة وظروفها من قرائن الأحوال في الدعوى وهو ما لم يخطئ
الحكم المطعون فيه في تقديره ، ومن ثم يكون منعى الطاعنين على الحكم المطعون فيه
في هذا الصدد غير قويم ، فضلًا عن أن الحكم دان المتهمين الرابع والخامس بجناية
الاشتراك في الاختلاس وجرائم إخفاء أشياء متحصلة من جريمة الاختلاس وإعانة المتهم على
الفرار من وجه القضاء وأوقع عليهما العقوبة المقررة في القانون للاختلاس باعتبارها
عقوبة الجريمة الأشد عملًا بالمادة 32 من قانون العقوبات للارتباط وإن لم يذكرها
صراحة فإنه لا يجدى المتهمين ما يثيرونه من جريمة إخفاء أشياء متحصلة من جناية
الاختلاس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يؤثر في سلامة استدلال الحكم عدم
بيان وصف المصوغات الذهبية محل الاختلاس وقيمتها أو الإحالة في شأن ذلك على
الأوراق بفرض حصوله مادام أن الطاعن الرابع لا يدعى حدوث خلاف بشأنها ، وكان
الثابت بالحكم أن الطاعن الرابع لم يدع ملكيته للمصوغات الذهبية وكان يكفى للعقاب
في جريمة الاختلاس ثبوت أن المنقولات المختلسة ليست مملوكة للمتهم ، ومن ثم فإن ما
يثيره الطاعن الرابع بشأن قصور الحكم في بيان وصف المشغولات الذهبية محل الاختلاس
وقيمتها يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة
وبعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل في الأصل ردًا
طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم
كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما
استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من
جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومع ذلك فقد عرض الحكم لدفاع
الطاعن الأول بانتفاء سيطرته على حرز المشغولات وشيوع التهمة واطرحه في منطق سائغ
، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في تقدير
الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا
تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الطاعن الثالث لم يكشف بأسباب
طعنه عن أوجه الدفاع التي ينعى على المحكمة قعودها عن الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها
في الدعوى ، وهل تحوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه
، أم إنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذى لا يستلزم في الأصل رداً بل الرد عليه يستفاد
من القضاء بالإدانة استناداً للأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها ، بل ساق قوله
في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً . لما كان
ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــ