برئاسة السيد القاضي/ محمد شهاوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ فؤاد شلبي، حامد مكي، محمد خليفة وأيمن يحيى الرفاعي نواب رئيس المحكمة.
------------
- 1 نقض "الخصوم في الطعن: الخصوم بصفة
عامة".
الاختصام في الطعن بالنقض. عدم كفاية أن يكون الخصم طرفاً في الخصومة
التي صدر فيها الحكم المطعون فيه. وجوب أن يكون قد نازع خصمه في طلباته ومنازعة
الأخير له وان تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره. عدم توجيه طلبات إليه
أو القضاء له أو عليه بشيء. أثره. عدم قبول الطعن. قضاء محكمة أول درجة بعدم قبول
الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهم من الثاني للأخير وعدم توجيه طلبات لهم في الاستئناف
أو الحكم عليهم أو لهم بشيء. عدم تعلق أسباب الطعن بالنقض بهم. أثره. عدم قبول
اختصامهم.
المقرر – في قضاء محكمة النقض - إنه لا يكفى فيمن يختصم في الطعن أن
يكون خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون قد نازع
خصمه في طلباته أو نازعة خصمه في طلباته هو، وأن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم
المطعون فيه حين صدوره فإذا لم توجه إليه طلبات ولم يقض له أو عليه بشيء فإن الطعن
يكون بالنسبة له غير مقبول. لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضدهم
من الثاني وحتى الأخير حكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهم وعند اختصامهم في
الاستئناف لم توجه لهم طلبات ولم يقض لهم أو عليهم بشيء وأن أسباب الطعن لم تتعلق
بهم فيكون اختصامهم في الطعن غير مقبول.
- 2 دعوى "شروط قبول الدعوى: الصفة في
الدعوى: الصفة الإجرائية".
استخلاص الصفة في الدعوى. العبرة فيه بالخصم الحقيقي الذي يكون طرفاً
في النزاع الدائر حول الحق المدعى به. الصفة الإجرائية. ماهيتها. صحة تمثيل الخصم
في مباشرة إجراءات الخصومة في الدعوى. العبرة في تحديدها بقانون إسباغ تلك الصفة.
إذ إن العبرة في استخلاص الصفة في الدعوى بالخصم الحقيقي الذي يكون
طرفاً في النزاع الدائر حول الحق المدعى به، أما صحة تمثيل هذا الخصم في مباشرة
إجراءات الخصومة في الدعوى وهي ما تسمى بالصفة الإجرائية فإن العبرة في تحديدها
بقانون إسباغها.
- 3 دعوى "شروط قبول الدعوى: الصفة: الصفة
الإجرائية: الملتزم بالتعويض عن نزع الملكية في ظل القانون 577 لسنة 1954".
التزام الجهة المستفيدة من نزع الملكية بسداد التعويض عن ثمن الأرض
المنزوعة ملكيتها إلى إدارة نزع الملكية بهيئة المساحة لسداده لمستحقيه وفقاً
لأحكام ق 577 لسنة 1954 قبل إحلاله بق 10 لسنة 1990. لازمه. توجيه المطالبة بهذا
التعويض إلى تلك الجهة. شرطه. التزام الجهة نازعة الملكية بإتباع الإجراءات
القانونية. قيامها بالاستيلاء على العقار دون إتباع تلك الإجراءات. اعتباره غصباً.
لصاحب الحق الالتجاء للقضاء مخاصماً إياها للمطالبة بالتعويض عن حرمانه من
الانتفاع بملكه من تاريخ الاستيلاء حتى صرف التعويض.
إذ كان القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة
العامة – المنطبق على واقعة الدعوى – قبل أن يحل محله القانون رقم 10 سنة 1990 قد
ألزم الجهة المستفيدة من نزع الملكية بسداد التعويض عن ثمن الأرض المنزوعة ملكيتها
إلى إدارة نزع الملكية التابعة لهيئة المساحة لتتولى بدورها سداده إلى مستحقيه وهو
ما يستتبع بالضرورة توجيه المطالبة بهذا التعويض إلى تلك الجهة وليس إلى الجهة
المستفيدة من نزع الملكية إلا أن ذلك مرهون بالتزام الجهة نازعة الملكية بإتباع
الإجراءات التي أوجب القانون إتباعها. أما إذا لم تلتزم تلك الجهة القانون وثبت أن
استيلاءها على العقار كان بمثابة غصب يرتب مسئوليتها الذاتية فإنه لا يكون لصاحب
الحق من سبيل سوى الالتجاء إلى القضاء مختصماً الجهة التي استولت على العقار
للمطالبة بالتعويض عن حرمانه من الانتفاع بملكه من تاريخ الاستيلاء الفعلي وحتى
صرف التعويض عن مقابل ثمنه.
- 4 دعوى "شروط قبول الدعوى: الصفة: الصفة
الإجرائية: الملتزم بالتعويض عن نزع الملكية في ظل القانون 577 لسنة 1954" .
ثبوت عدم اتخاذ الهيئة العامة للمساحة التي تمثل الطاعنة الإجراءات
القانونية لنزع ملكية أرض النزاع وفقاً للحكم النهائي في دعوى سابقة أقيمت من مالك
الأرض لتعويضه ووضع الأخيرة يدها عليها منذ صدور القرار الجمهوري الذي أجاز لها
ذلك بحسبانها الجهة المستفيدة من النزع واعتبار الحكم يدها غاصبة. قيام الطاعنة
بأداء التعويض بموجب ذلك الحكم لمالك الأرض. إقامة الأخير الدعوى الحالية للمطالبة
بمقابل ريع أرضه المستولى عليها من تاريخ الاستيلاء الفعلي حتى صرف قيمة الثمن.
انتفاء صفة الهيئة المذكورة في الدعوى الأخيرة لكون الطاعنة الخصم الحقيقي في النزاع
وصاحبة الصفة الوحيدة. التزام الحكم المطعون فيه ذلك النظر ورفضه دفع الطاعنة
بانتفاء صفتها. صحيح. لا ينال من ذلك تمسكها بأن الحكم بالريع من ضرورات الحكم
بالثمن يلزم به من ألزمته المحكمة بالحكم السابق بثمن الأرض. علة ذلك.
إذ كان الثابت من الأوراق وبما لا تمارى فيه الطاعنة أن شخصيتها
الاعتبارية ككيان قائم بذاته قد تحددت بمقتضى قانون إنشائها رقم 93 لسنة 1976 إلا
أن المشرع وفي سبيل مباشرتها لمرفق التعليم أجاز لها تملك الأراضي والعقارات بأية
طريقة بما في ذلك نزع الملكية للمنفعة العامة وعهد حسبما هو ثابت بالحكم البات
الصادر في الدعويين رقمي .... سنة 1976، .... سنة 1982 مدني محكمة المنيا
الابتدائية واستئنافهما رقم .... سنة 24 ق بني سويف "مأمورية المنيا"
والطعن بالنقض رقم 965 سنة 59 قضائية الصادر بجلسة 9/1/1991وجميعها مرفقة بملف
الطعن إلى الجهة التي كانت تمثلها في اتخاذ إجراءات نزع الملكية وهي الهيئة
المصرية العامة للمساحة بموجب القرار الجمهوري رقم 104 لسنة 1972 ومنذ هذا التاريخ
وضعت الطاعنة يدها على الأطيان موضوع النزاع باعتبارها الجهة المستفيدة من النزع
غير أنه ثبت للمحكمة عدم قانونية إجراءات النزع فاعتبرت يدها غاصبة ومن ثم حكم
لمالك الأرض بتعويض يعادل ثمنها وقد أقرت الطاعنة بصرفه من ميزانيتها وإذ أقام هذا
المالك دعواه الحالية للمطالبة بمقابل ريع أرضه المستولى عليها بغير حق من تاريخ
الاستيلاء الفعلي سنة 1972 حتى تاريخ صرف قيمة الثمن فإن الطاعنة تكون هي الخصم
الحقيقي في هذا النزاع ولا يكون للهيئة المصرية العامة للمساحة والتي انتهى دورها
بالحكم الأول صفة فيه كما لا يقبل من الطاعنة قولها بأن الحكم بالريع من ضرورات
الحكم بالثمن فيلزم به من ألزمته المحكمة بالثمن ذلك أن العبرة في تحديد المعتدى
والمطلوب رد اعتدائه بمن قام بالاستيلاء الفعلي فضلاً عن أنه لا حجية للأحكام إلا
على من كان طرفاً أصلياً فيها وعن المسألة التي كانت محل نزاع وإذ اعتبر الحكم
المطعون فيه أن الطاعنة هي صاحبة الصفة الوحيدة في النزاع الحالي ورفض دفعها
بانتفاء الصفة فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
- 5 حكم "حجية الأحكام: شروط الحجية: وحدة
الموضوع".
حجية الشيء المقضي التي تمنع نظر النزاع الذي سبق الفصل فيه . م 101
إثبات. تحققها. شرطه. وحدة الموضوع والخصوم والسبب. اعتبار الموضوع متحداً إذا كان
الحكم الصادر في الدعوى التالية مناقضاً للحكم السابق بإقرار حق أنكره أو إنكار حق
أقره. استقلال محكمة الموضوع بالفصل في مدى وحدة الموضوع في الدعويين لكونها مسألة
موضوعية. شرطه. اعتمادها على أسباب تؤدى للنتيجة التي انتهت إليها.
المقرر – في قضاء محكمة النقض– إنه يشترط لقيام حجية الشيء المقضي
وفقاً لنص المادة 101 من قانون الإثبات التي لا تجيز معاودة النظر في نزاع سبق
الفصل فيه أن تتحقق وحدة الموضوع والخصوم والسبب، ويعد موضوع الدعويين متحداً إذا
كان الحكم الصادر في الدعوى الثانية مناقضاً للحكم السابق وذلك بإقرار حق أنكره
هذا الحكم أو بإنكار حق أقره فيتناقض الحكم الثاني مع الحكم الأول، والقول بوحدة
الموضوع في الدعويين هو مسألة موضوعية تستقل بالفصل فيها محكمة الموضوع ولا معقب
على حكمها متى كانت قد اعتمدت فيه على أسباب من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي
انتهت إليها.
- 6 حكم "حجية الأحكام: ما يحوز الحجية
."
حجية الحكم. تحققها فيما فصل فيه بصفة صريحة أو ضمنية حتمية سواء بمنطوق
الحكم أو ما ارتبط به من أسباب ولا يقوم بدونها. ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا
يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
إذ إنه لا حجية للحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة
أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها ،
وأن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر
المقضي.
- 7 استيلاء "الاستيلاء دون إتباع
الإجراءات القانونية: التعويض عنه ".
الملكية الخاصة. عدم جواز نزعها إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل
وفقاً للقانون. م 34 من الدستور. التزام الجهة نازعة الملكية بتعويض الملاك. مصدره
القانون سواء التزمت الجهة الإجراءات القانونية أو كان استيلائها على العقار دون
إتباع تلك الإجراءات. المادتان الأولى ق 577 لسنة 1954، 805 مدني. بقاء ملكية
العقار في الحالة الأخيرة لصاحبه. له المطالبة بتعويض الضرر الناجم عن الغصب يعادل
الثمن عند استحالة الرد العيني وبحقه في الريع مقابل ما حرم من ثمار من تاريخ
الاستيلاء الفعلي حتى دفع التعويض المستحق. عدم اعتبار قضاء المحكمة بالتعويض عن
ذلك الضرر والريع تعويضين عن أمر واحد . علة ذلك.
المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن الملكية الخاصة مصونة – بحكم
المادة 34 من دستور 1971 - فلا تنزع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل وفقاً
للقانون وقد نصت المادة 805 من القانون المدني على أنه لا يجوز أن يحرم أحد من
ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي يرسمها ويكون ذلك في مقابل
تعويض عادل، ونصت المادة الأولى من القانون 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات
للمنفعة العامة أو التحسين على أن "يجرى نزع ملكية العقارات اللازمة للمنفعة
العامة والتعويض عنه وفقاً لأحكام هذا القانون" ومؤدى هذا أن يكون مصدر
التزام الجهة نازعة الملكية بتعويض الملاك هو القانون وليس العمل غير المشروع سواء
التزمت تلك الجهة الإجراءات التي رسمها القانون أو كان استيلائها على العقار دون
إتباع الإجراءات القانونية لنزع الملكية للمنفعة العامة ولأن استيلاء الجهة
النازعة على العقار في هذه الحالة الأخيرة جبراً عن صاحبه بما يستتبعه من نقل
حيازته إليها ليس من شأنه أن ينقل بذاته ملكيتها له بل تظل هذه الملكية لصاحب
العقار ولم يرد عليه إلا واقعة مادية هي الغصب وما نجم عنه من ضرر ومن ثم فإن
لمالكه المطالبة بجميع ما يرتبه القانون لذو الشأن من حقوق بما في ذلك الحق في
تعويض يعادل الثمن عند استحالة الرد العيني والحق في المطالبة بريعه مقابل ما حرم
من ثمار عن الفترة من تاريخ الاستيلاء الفعلي لحين دفع التعويض المستحق، ولا يصح
القول في هذه الحالة بأن المحكمة قضت بتعويضين عن أمر واحد ذلك أن القضاء بثمن
الأرض كان نتيجة لازمه لنزع الملكية بإجراءات غير قانونية وهو ما يقابل الرد
العيني أما الريع فهو مقابل حرمان المالك من الانتفاع بملكه عن الفترة السابقة على
الحكم بالثمن.
- 8 استيلاء "الاستيلاء دون إتباع
الإجراءات القانونية: التعويض عنه ".
قضاء المحكمة نهائياً في دعوى سابقة بأحقية مورث المطعون ضدها الأولى
في مبلغ يعادل ثمن أرضه المنزوع ملكيتها لحساب الطاعنة دون إتباع الإجراءات
القانونية وخلو الأوراق من تضمن ذلك المبلغ مقابل الريع. مؤداه. انتفاء حجية ذلك
القضاء في الدعوى الحالية المقامة من الأول قبل الأخيرة بطلب التعويض عن حرمانه من
الانتفاع بأرضه من تاريخ الاستيلاء الفعلي حتى صرف الثمن. التزام الحكم المطعون
فيه هذا النظر وقضاءه برفض دفع الطاعنة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها
لاختلاف الموضوع والسبب في الدعويين. صحيح.
إذ كان البين من مطالعة مدونات الحكم الصادر في الدعويين رقمي ....
سنة 1976، .... سنة 1982 مدني محكمة المنيا الابتدائية واستئنافهما رقم .... سنة
24 ق بني سويف "مأمورية المنيا" أن مورث المطعون ضدها الأولى قد لجأ إلى
القضاء بشأن نزع ملكية أرضه لحساب الطاعنة دون إتباع الإجراءات التي أوجبها
القانون وقضت المحكمة بصفة نهائية بأحقيته في ثمن الأرض مقدراً بالمبلغ الذي أظهره
الخبير في تقريره والذي لا يبين منه ومن سائر أوراق الطعن أنه اشتمل على مقابل
الريع المطالب به في الدعوى الحالية وهو ما تأكد أيضاً بتقرير الخبير المقدم في
هذه الدعوى الأخيرة فإن مؤدى ذلك أن الحكم النهائي بتقدير ثمن الأرض ليست له حجية
مانعة من نظر النزاع الحالي وذلك لاختلاف الموضوع والسبب في كل منهما ، وإذ التزم
الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى بأسباب سائغة إلى رفض الدفع المبدي من الطاعنة
بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم السابق لاختلاف الموضوع والسبب في
الدعويين فإنه يكون قد جاء موافقاً لصحيح حكم القانون.
- 9 استيلاء "الاستيلاء دون إتباع
الإجراءات القانونية: التعويض عنه: تقادم التعويض " .
الالتزام بالتعويض عند الاستيلاء على العقار دون إتباع الإجراءات
القانونية لنزع الملكية للمنفعة العام . مصدره القانون سواء كان التعويض عن مقابل
ثمن الأرض أو مقابل عدم الانتفاع بها من تاريخ الاستيلاء حتى دفع التعويض المستحق
وسواء كان ذلك الاستيلاء بحسن نية الجهة النازعة أو بسوء نيتها. مؤداه. المطالبة
بالتعويض. خضوعه للتقادم الطويل بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ الاستحقاق عملاً
بالمادة 374 مدني. وصف المحكمة للاستيلاء بكونه غصب . لا أثر له . علة ذلك.
إن القانون وليس العمل غير المشروع هو مصدر الالتزام بالتعويض عن
الاستيلاء على العقار دون إتباع الإجراءات القانونية لنزع الملكية للمنفعة العامة
سواء كان التعويض عن مقابل ثمن الأرض أو عن مقابل عدم الانتفاع بها من تاريخ
الاستيلاء الفعلي لحين دفع التعويض المستحق وسواء كان هذا الاستيلاء الفعلي
مقترناً بحسن نية الجهة النازعة أو بسوء نيتها وبالتالي فإن المطالبة بهذا التعويض
في صورتيه لا تخضع للتقادم الخمسي إنما يتقادم وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة –
بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ الاستحقاق عملاً بنص المادة 374 من القانون المدني ولا
ينال من ذلك أن هذه المحكمة قد وصفت هذا الاستيلاء بمثابة غصب إذ أن ذلك كان بصدد
تبرير أحقية مالك العقار المستولى عليه – بهذه الصورة – في المطالبة بريعه من
تاريخ الاستيلاء وحتى دفع التعويض.
-------------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن مورث المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها وصية أقام الدعوى رقم ....
سنة 1989 مدني محكمة المنيا الابتدائية ضد الطاعنة وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم
بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 400 جنيه تعويضاً عن حرمانه من الانتفاع
بأرضه المبينة بالصحيفة عن المدة من تاريخ الاستيلاء الفعلي عليها لحساب الطاعنة
سنة 1972 وحتى تاريخ صرف ثمنها الحقيقي سنة 1989. دفعت الطاعنة بعدم قبول الدعوى
لرفعها علي غير ذي صفة، وبعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها بالحكم البات الصادر
بتقدير ثمن الأرض في الدعويين رقمي ..... سنة 1976، .... سنة 1982 مدني محكمة
المنيا الابتدائية واستئنافهما رقم .... سنة 24 ق بني سويف "مأمورية
المنيا" والطعن بالنقض رقم 965 سنة 59 قضائية الصادر بجلسة 9/1/1991 كما
تمسكت بسقوط الحق في المطالبة بالريع بالتقادم الخمسي. ندبت المحكمة خبيراً في
الدعوى، وبعد أن قدم تقريره حكمت برفض دفوع الطاعنة وبإلزامها بمفردها بمبلغ
التعويض الذي قدرته. استأنفت الطاعنة هذا الحكم برقم .... سنة 31ق، بني سويف
"مأمورية المنيا" كما استأنفته المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها
وصية أمام ذات المحكمة برقم ..... لسنة 31ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت
بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة
مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة لمن عدا المطعون ضدها الأولى عن
نفسها وبصفتها وفي الموضوع برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة
مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها والمحكمة أرجأت إصدار حكمها
لجلسة اليوم لإتمام المداولة.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة
للمطعون ضدهم من الثاني وحتى الأخير أنهم ليسوا خصوماً حقيقيين، وحكم ابتدائياً
بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهم وعند إعادة اختصامهم أمام محكمة الاستئناف لم توجه
لهم طلبات ووقفوا من الخصومة موقفاً سلبياً، كما وأن أسباب الطعن لم تتعلق بهم.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه – وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً في الدعوى التي صدر فيها
الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون قد نازع خصمه في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته
هو، وأن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه حين صدوره، فإذا لم توجه
إليه طلبات ولم يقض له أو عليه بشيء فإن الطعن يكون بالنسبة له غير مقبول. لما كان
ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضدهم من الثاني وحتى الأخير حكم بعدم قبول
الدعوى بالنسبة لهم وعند اختصامهم في الاستئناف لم توجه لهم طلبات ولم يقض لهم أو
عليهم بشيء وأن أسباب الطعن لم تتعلق بهم فيكون اختصامهم في الطعن غير مقبول.
وحيث إن الطعن فيما عدا ما تقدم استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب حاصل ما تنعاه الطاعنة بالسببين الأول
والثالث والوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة
بالنسبة لها استناداً إلى أن شخصيتها الاعتبارية تحددت بمقتضى قانون إنشائها رقم
93 لسنة 1976 بتعديل أحكام قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972، وأن إجراءات
النزع للأراضي التي أقيمت عليها والتي تداخلت فيها الأرض موضوع النزاع والحكم
بثمنها اتخذت في مواجهة الهيئة المصرية العامة للمساحة فتكون هذه الأخيرة ملزمة
بدفع قيمة الريع المطالب به إلا أن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي في رفض
هذا الدفع وحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهيئة المساحة وألزمها بمفردها بالتعويض
مخالفاً بذلك حجية الحكم الصادر بتقدير ثمن الأرض وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن العبرة في استخلاص الصفة في الدعوى
بالخصم الحقيقي الذي يكون طرفاً في النزاع الدائر حول الحق المدعى به، أما صحة
تمثيل هذا الخصم في مباشرة إجراءات الخصومة في الدعوى وهي ما تسمي بالصفة
الإجرائية فإن العبرة في تحديدها بقانون إسباغها. وإذ كان القانون رقم 577 لسنة
1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة – المنطبق على واقعة الدعوى – قبل أن
يحل محله القانون رقم 10 لسنة 1990 قد ألزم الجهة المستفيدة من نزع الملكية بسداد
التعويض عن ثمن الأرض المنزوعة ملكيتها إلى إدارة نزع الملكية التابعة لهيئة
المساحة لتتولى بدورها سداده إلى مستحقيه وهو ما يستتبع بالضرورة توجيه المطالبة
بهذا التعويض إلى تلك الجهة وليس إلى الجهة المستفيدة من نزع الملكية إلا أن ذلك
مرهون بالتزام الجهة نازعة الملكية بإتباع الإجراءات التي أوجب القانون إتباعها.
أما إذا لم تلتزم تلك الجهة القانون وثبت أن استيلائها على العقار كان بمثابة غصب
يرتب مسئوليتها الذاتية فإنه لا يكون لصاحب الحق من سبيل سوى الالتجاء إلى القضاء
مختصماً الجهة التي استولت على العقار للمطالبة بالتعويض عن حرمانه من الانتفاع
بملكه من تاريخ الاستيلاء الفعلي وحتى صرف التعويض عن مقابل ثمنه. لما كان ذلك
وكان الثابت من الأوراق وبما لا تمارى فيه الطاعنة أن شخصيتها الاعتبارية ككيان
قائم بذاته قد تحددت بمقتضى قانون إنشائها رقم 93 لسنة 1976 إلا أن المشرع وفي
سبيل مباشرتها لمرفق التعليم أجاز لها تملك الأراضي والعقارات بأية طريقة بما في
ذلك نزع الملكية للمنفعة العامة وعهد حسبما هو ثابت بالحكم البات الصادر في
الدعويين رقمي .... سنة 1976، .... سنة 1982 مدني محكمة المنيا الابتدائية
واستئنافهما رقم .... سنة 24 ق بني سويف "مأمورية المنيا" والطعن بالنقض
رقم 965 سنة 59 ق الصادر بجلسة 9/1/1991 وجميعها مرفقة بملف الطعن إلي الجهة التي كانت
تمثلها في اتخاذ إجراءات نزع الملكية وهي الهيئة المصرية العامة للمساحة بموجب
القرار الجمهوري رقم 104 لسنة 1972 ومنذ هذا التاريخ وضعت الطاعنة يدها على
الأطيان موضوع النزاع باعتبارها الجهة المستفيدة من النزع غير أنه ثبت للمحكمة عدم
قانونية إجراءات النزع فاعتبرت يدها غاصبة ومن ثم حكم لمالك الأرض بتعويض يعادل
ثمنها وقد أقرت الطاعنة بصرفه من ميزانيتها وإذ أقام هذا المالك دعواه الحالية
للمطالبة بمقابل ريع أرضه المستولي عليها بغير حق من تاريخ الاستيلاء الفعلي سنة
1972 حتى تاريخ صرف قيمة الثمن فإن الطاعنة تكون هي الخصم الحقيقي في هذا النزاع
ولا يكون للهيئة المصرية العامة للمساحة والتي انتهى دورها بالحكم الأول صفة فيه
كما لا يقبل من الطاعنة قولها بأن الحكم بالريع من ضرورات الحكم بالثمن فيلزم به
من ألزمته المحكمة بالثمن ذلك أن العبرة في تحديد المعتدي والمطلوب رد اعتدائه بمن
قام بالاستيلاء الفعلي فضلاً عن أنه لا حجية للأحكام إلا على من كان طرفاً أصلياً
فيها وعن المسألة التي كانت محل نزاع وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه أن الطاعنة هي
صاحبة الصفة الوحيدة في النزاع الحالي ورفض دفعها بانتفاء الصفة، فإنه لا يكون قد
أخطأ في تطبيق القانون، ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بالسببين الرابع والخامس على الحكم
المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في
دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن الحكم البات الصادر لمورث المطعون ضدها الأولى
بتقدير ثمن الأرض في الدعويين رقمي .... سنة 1976، ..... سنة 1982 مدني محكمة
المنيا الابتدائية أسبغ صفة الغصب على وضع يدها على الأرض محل النزاع وقدر التعويض
الجابر له شاملاً ضمن عناصر التقدير مقابل عدم الانتفاع المطالب به فتكون الدعوى
الحالية بإعادة المطالبة بهذا التعويض غير جائز نظرها لسابقة الفصل فيها بالحكم
السابق، وإذ رفض الحكم الابتدائي مؤيداً بقضاء الحكم المطعون فيه هذا الدفع
وألزمها بالتعويض الذي قدره علي ما تساند إليه من تغاير السبب والموضوع في الدعوي
المدفوع بها والدعوي الحالية رغم أن موضوعهما وسببهما واحد فإنه يكون معيباً بما
يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك لما هو مقرر – وعلى ما جرى به قضاء
هذه المحكمة – أنه يشترط لقيام حجية الشيء المقضي وفقاً لنص المادة 101 من قانون
الإثبات. التي لا تجيز معاودة النظر في نزاع سبق الفصل فيه أن تتحقق وحدة الموضوع
والخصوم والسبب، ويعد موضوع الدعويين متحداً إذا كان الحكم الصادر في الدعوى
الثانية مناقضاً للحكم السابق وذلك بإقرار حق أنكره هذا الحكم أو بإنكار حق أقره
فيتناقض الحكم الثاني مع الحكم الأول، والقول بوحدة الموضوع في الدعويين هو مسألة
موضوعية تستقل بالفصل فيها محكمة الموضوع ولا معقب على حكمها متى كانت قد اعتمدت
فيه على أسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، كما وأنه لا حجية
للحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو ضمنية حتمية سواء في
المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها وأن ما لم تنظر فيه المحكمة
بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي، وإذ كان من المقرر أن
الملكية الخاصة مصونة - بحكم المادة 34 من دستور 1971 فلا تنزع إلا للمنفعة العامة
ومقابل تعويض عادل وفقاً للقانون وقد نصت المادة 805 من القانون المدني على أنه لا
يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي
يرسمها ويكون ذلك في مقابل تعويض عادل، ونصت المادة الأولى من القانون 577 سنة
1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين على أن "يجرى نزع ملكية
العقارات اللازمة للمنفعة العامة والتعويض عنه وفقاً لأحكام هذا القانون ومؤدى هذا
– وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون مصدر التزام الجهة نازعة الملكية
بتعويض الملاك هو القانون وليس العمل غير المشروع سواء التزمت تلك الجهة الإجراءات
التي رسمها القانون أو كان استيلائها على العقار دون إتباع الإجراءات القانونية
لنزع الملكية للمنفعة العامة ولأن استيلاء الجهة النازعة على العقار في هذه الحالة
الأخيرة جبراً عن صاحبه بما يستتبعه من نقل حيازته إليها ليس من شأنه أن ينقل
بذاته ملكيتها له بل تظل هذه الملكية لصاحب العقار ولم يرد عليه إلا واقعة مادية
هي الغصب وما نجم عنه من ضرر، ومن ثم فإن لمالكه المطالبة بجميع ما يرتبه القانون
لذوي الشأن من حقوق بما في ذلك الحق في تعويض يعادل الثمن عند استحالة الرد العيني
والحق في المطالبة بريعه مقابل ما حرم من ثمار عن الفترة من تاريخ الاستيلاء
الفعلي لحين دفع التعويض المستحق، ولا يصح القول في هذه الحالة بأن المحكمة قضت
بتعويضين عن أمر واحد ذلك أن القضاء بثمن الأرض كان نتيجة لازمة لنزع الملكية
بإجراءات غير قانونية وهو ما يقابل الرد العيني أما الريع فهو مقابل حرمان المالك
من الانتفاع بملكه عن الفترة السابقة على الحكم بالثمن. لما كان ذلك، وكان البين
من مطالعة مدونات الصادر في الدعويين رقمي .... سنة 1976، .... سنة 1982 مدني
محكمة المنيا الابتدائية واستئنافهما رقم ..... سنة 24 ق بني سويف "مأمورية
المنيا" أن مورث المطعون ضدها الأولى قد لجأ إلى القضاء بشأن نزع ملكية أرضه
لحساب الطاعنة دون إتباع الإجراءات التي أوجبها القانون وقضت المحكمة بصفة نهائية
بأحقيته في ثمن الأرض مقدراً بالمبلغ الذي أظهره الخبير في تقريره والذي لا يبين
منه ومن سائر أوراق الطعن أنه اشتمل على مقابل الريع المطالب به في الدعوى الحالية
وهو ما تأكد أيضاً بتقرير الخبير المقدم في هذه الدعوى الأخيرة فإن مؤدى ذلك أن
الحكم النهائي بتقدير ثمن الأرض ليست له حجية مانعة من نظر النزاع الحالي وذلك
لاختلاف الموضوع والسبب في كل منهما، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر
وانتهى بأسباب سائغة إلى رفض الدفع المبدى من الطاعنة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة
الفصل فيها بالحكم السابق لاختلاف الموضوع والسبب في الدعويين فإنه يكون قد جاء
موافقاً لصحيح حكم القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الأول من السبب الثاني من أسباب الطعن
على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك
تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن وضع يدها على الأرض موضوع
النزاع كان بحسن نية وأنها قامت بسداد ثمن الأرض المحكوم به للمطعون ضدها الأولى
فتكون دعواها بالمطالبة بمقابل الريع قد سقطت بالتقادم الخمسي إلا أن الحكم
الابتدائي مؤيداً بقضاء الحكم المطعون فيه ألزمها بالريع الذي قدره دون أن يستظهر
سوء نيتها ورفض الدفع بهذا التقادم لعدم خضوع الدعوى له وأخضعها للتقادم الطويل
ومدته خمس عشرة سنة فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المحكمة انتهت وعلى نحو ما تضمنه
الرد على السبب السابق إلى أن القانون وليس العمل غير المشروع هو مصدر الالتزام
بالتعويض عن الاستيلاء على العقار دون إتباع الإجراءات القانونية لنزع الملكية
للمنفعة العامة سواء كان التعويض عن مقابل ثمن الأرض أو عن مقابل عدم الانتفاع بها
من تاريخ الاستيلاء الفعلي لحين دفع التعويض المستحق وسواء كان هذا الاستيلاء
الفعلي مقترناً بحسن نية الجهة النازعة أو بسوء نيتها وبالتالي فإن المطالبة بهذا
التعويض في صورتيه لا تخضع للتقادم الخمسي وإنما يتقادم - وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة – بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ الاستحقاق عملا بنص المادة 374 من القانون
المدني ولا ينال من ذلك أن هذه المحكمة قد وصفت هذا الاستيلاء بمثابة غصب إذ إن
ذلك كان بصدد تبرير أحقية مالك العقار المستولى عليه – بهذه الصورة - في المطالبة
بريعه من تاريخ الاستيلاء وحتى دفع التعويض.