جلسة 27 من يناير سنة 2009
برئاسة السيد القاضي الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة/ عبد المنعم دسوقي، أحمد الحسيني يوسف، صلاح الدين كامل أحمد
نواب رئيس المحكمة وناصر السعيد مشالي.
----------
(39)
الطعن 5001 لسنة 78 ق
- 1 تحكيم "إجراءات التحكيم".
مسائل التحكيم المتعلقة بالمواد 14، 17، 20 ق 27 لسنة 1994. اختصاص
محكمة النزاع بنظرها. مسائل التحكيم التجاري الدولي الذي جرى في مصر أو خارجها.
اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظرها. شرطه. عدم الاتفاق على اختصاص محكمة استئناف
أخرى. م 9ق 27 لسنة 1994.
- 2 تحكيم "حكم التحكيم: بطلانه".
اختصاص محكمة استئناف القاهرة بدعاوى بطلان حكم التحكيم. شرطه. أن
يكون تجارياً دولياً سواء جرى في مصر أو خارجها. تخلف هذا الشرط. أثره. انعقاد
الاختصاص لمحكمة الدرجة الثانية لمحكمة النزاع. م 54 ق 27 لسنة 1994.
- 3 تحكيم "حكم التحكيم: بطلانه".
دعوى بطلان حكم التحكيم الصادر من مركز تحكيم في القاهرة. اختصاص
محكمة استئناف القاهرة بنظرها. علة ذلك. م 54/2 ق 27 لسنة 1994. مخالفة الحكم
المطعون فيه هذا النظر. خطأ ومخالفة القانون .
-----------
1 - إن النص في المادة التاسعة والفقرة الثانية من المادة الرابعة والخمسون من القانون رقم 27 لسنة 1994 - بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية - إنما يدل على أن المشرع نظم اختصاص المحاكم المصرية بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها القانون سالف البيان إلى القضاء وهي تلك المتعلقة بإجراءات التحكيم كالأمر باتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها (م 14) أو اختيار محكم (م 17) وإنهاء مهمته (م 20) فجعلها للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع وفق القواعد الواردة في هذا الشأن في قانون المرافعات أما إذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء جرى في مصر أو خارجها كان الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتم الاتفاق على محكمة استئناف أخرى.
2 - إن دعاوى بطلان حكم التحكيم جعلتها م 54/2 من القانون رقم 27 لسنة 1994 لمحكمة استئناف القاهرة إذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء جرى في مصر أو خارجها، وفى غير التحكيم التجاري الدولي يكون الاختصاص لمحكمة الدرجة الثانية أي محكمة الاستئناف التي تتبعها المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع.
3 - إذ كان الثابت بالأوراق أن الشركة الطاعنة أقامت دعواها بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم الصادر بتاريخ 17 مارس سنة 2007 من أحد مراكز التحكيم الواقعة في مدينة القاهرة، وكان هذا الحكم ليس صادراً في تحكيم تجاري دولي فإن المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع هي محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ومن ثم - وعملاً بنص المادة 54/2 من القانون 27 لسنة 1994 - ينعقد الاختصاص بنظر تلك الدعوى – دعوى بطلان حكم التحكيم - لمحكمة استئناف القاهرة باعتبارها محكمة الدرجة الثانية لتلك المحكمة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلط بين قواعد الاختصاص المتعلقة بمسائل التحكيم وتلك المتعلقة بدعوى بطلان حكم التحكيم وقضى باختصاص محكمة شمال القاهرة الابتدائية بنظر دعوى البطلان فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضدها الدعوى رقم ...... لسنة 124 ق
لدى محكمة استئناف القاهرة بطلب الحكم بوقف تنفيذ حكم التحكيم المطعون فيه لحين
الفصل في الطعن، وبطلانه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقالت في بيان ذلك إنه
بموجب عقد التوريد المؤرخ 12 أغسطس سنة 2001 تعاقدت مع الأخيرة على شراء ثلاث
مولدات كهربائية بصفتها الوكيل الوحيد لشركة ...... العالمية، وبذات التاريخ اتفقت
معها بعمل الصيانة الدورية لتلك الوحدات "المتواجدة بفندق ......" مقابل
مبلغ اثني عشر ألف جنيه سنوياً وذلك لمدة ثلاث سنوات، إلا أنه نشأ بينها نزاع بشأن
بنود عقد الصيانة فلجأت إلى التحكيم وفق ما اتفق عليه بينهما في هذا العقد، وأقامت
الدعوى رقم ...... لسنة 2006 تجاري شمال القاهرة الابتدائية بطلب تعيين محكم، وبعد
أن أصدرت حكمها وتم تشكيل هيئة التحكيم التي قضت بتاريخ 17 مارس سنة 2007 بإلزام
الطاعنة بمبلغ 494144 جنيه تعويضاً عن تكاليف عمرة المولد رقم (3) الذي تلف، ومبلغ
479073 جنيه تعويضاً عن قيمة تأجير محطة كهرباء أثناء فترة تعطل هذا المولد، ومبلغ
325000 جنيه الذي ما يمثل 50% من قيمة شراء محول جديد، وغرامة تهديدية بواقع 14%
سنويا عن كامل المبلغ المحكوم به حتى تمام التنفيذ، وبراءة ذمة الطاعنة من أي ديون
أو مطالبات أخرى تخص المحرك رقم (3) وإلزامها بمبلغ 192275.19 جنيه قيمة الفواتير
المستحقة عليها عن صيانة المولدين رقمي (1، 2)، وبتاريخ 13 فبراير سنة 2008 قضت
محكمة الاستئناف بعدم اختصاصها بنظر دعوى بطلان هذا الحكم وباختصاص محكمة شمال
القاهرة الابتدائية بنظره. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة
العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه
المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعي الشركة الطاعنة بها على
الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والتناقض، إذ قضى
بعدم اختصاصه بنظر الدعوى وباختصاص محكمة شمال القاهرة الابتدائية على سند من أن
المحكمة الأخيرة – وقد أصدرت حكماً بتعيين محكماً فيها في الدعوى رقم ...... لسنة
2006 - فإنها تختص بنظر دعوى البطلان، وهو من الحكم تغييرا لسبب الدعوى من دعوى
بطلان حكم التحكيم إلى دعوى بطلان إجراءاته، وخلط بين الاختصاص النوعي للدعوى
الأولى والتي تختص بنظرها محكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلا
بنظر النزاع والتي انتظمتها المادة 54/2 من قانون التحكيم في المواد المدنية
التجارية رقم 27 لسنة 1994 وبين المحكمة المختصة بنظر مسائل التحكيم التي انتظمتها
المادة 9 من ذات القانون، هذا إلى أنه تناقض في أسبابه، فبعد أن كيف الدعوى على
أنها دعوى بطلان جعل الاختصاص بنظرها إلى المحكمة المختصة بنظر مسائل التحكيم، وهو
ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن النص في المادة التاسعة من القانون
رقم 27 لسنة 1994 – بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية – على أنه "1-
يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري
للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، أما إذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء جرى
في مصر أو في الخارج، فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان
على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر 2- وتظل المحكمة التي ينعقد لها الاختصاص
وفقاً للفقرة السابقة دون غيرها صاحبة الاختصاص حتى إنهاء جميع إجراءات
التحكيم" والنص في الفقرة الثانية من المادة 54 من ذات القانون على أنه
"تختص بدعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي المحكمة المشار إليها في
المادة (9) من هذا القانون، وفي غير التحكيم التجاري الدولي يكون الاختصاص لمحكمة
الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع" إنما يدل على
أن المشرع نظم اختصاص المحاكم المصرية بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها القانون
سالف البيان إلى القضاء وهي تلك المتعلقة بإجراءات التحكيم كالأمر باتخاذ تدابير
مؤقتة أو تحفظية سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها (م 14) أو
اختيار محكم (م 17) وإنهاء مهمته (م 20) فجعلها للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع
وفق القواعد الواردة في هذا الشأن في قانون المرافعات أما إذا كان التحكيم تجارياً
دولياً سواء جرى في مصر أو خارجها كان الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتم
الاتفاق على محكمة استئناف أخرى، أما دعاوى بطلان حكم التحكيم فجعلها لمحكمة
استئناف القاهرة إذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء جرى في مصر أو خارجها، وفي
غير التحكيم التجاري الدولي يكون الاختصاص لمحكمة الدرجة الثانية أي محكمة
الاستئناف التي تتبعها المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع. لما كان ذلك، وكان
الثابت بالأوراق أن الشركة الطاعنة أقامت دعواها بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم
الصادر بتاريخ 17 مارس سنة 2007 من أحد مراكز التحكيم الواقعة في مدينة القاهرة،
وكان هذا الحكم ليس صادراً في تحكيم تجاري دولي فإن المحكمة المختصة أصلاً بنظر
النزاع هي محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ومن ثم – وعملاً بنص المادة 54/2 من
القانون 27 لسنة 1994 - ينعقد الاختصاص بنظر تلك الدعوى - دعوى بطلان حكم التحكيم
- لمحكمة استئناف القاهرة باعتبارها محكمة الدرجة الثانية لتلك المحكمة، وإذ خالف
الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلط بين قواعد الاختصاص المتعلقة بمسائل التحكيم
وتلك المتعلقة بدعوى بطلان حكم التحكيم وقضى باختصاص محكمة شمال القاهرة
الابتدائية بنظر دعوى البطلان، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما
يوجب نقضه.