الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 12 مارس 2015

الطعن 10439 لسنة 61 ق جلسة 12 / 1 / 1998 مكتب فني 49 ق 12 ص 87

جلسة 12 من يناير سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر ومصطفى كامل وفتحي حجاب نواب رئيس المحكمة وشبل حسن.

---------------

(12)
الطعن رقم 10439 لسنة 61 القضائية

خيانة أمانة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مجرد التأخير عن رد الشيء أو الامتناع عن رده، لا يتحقق به القصد الجنائي لجريمة خيانة الأمانة. ضرورة اقترانه بانصراف نية الجاني إلى إضافة المال المسلم إليه إلى ملكه واختلاسه لنفسه إضراراً بصاحبه.
عدم استظهار الحكم هذا الركن واتخاذه من مجرد قعود الطاعن عن رد منقولات الزوجية دليلاً على تحقق الجريمة بأركانها. قصور.

----------------
من المقرر أن مجرد التأخير في رد الشيء أو الامتناع عن رده لا يتحقق به القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة -، ما لم يكن مقروناً بانصراف نية الجاني إلى إضافة المال الذي تسلمه إلى ملكه واختلاسه لنفسه إضراراً بصاحب الحق فيه، وإذ كان الحكم لم يستظهر هذا الركن الأساسي في مدوناته، واتخذ من مجرد قعود الطاعن عن رد منقولات الزوجية دليلاً على تحقق الجريمة التي دانه بها بأركانها القانونية كافة. ومنها القصد الجنائي، فإنه يكون معيباً بالقصور متعيناً النقض والإعادة فيما قضى به في الدعويين المدنية والجنائية.


الوقائع

أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح دشنا ضد الطاعن بوصف أنه بدد المنقولات الزوجية المبينة بقائمة المنقولات المملوكة لها والمسلمة إليه على سبيل عارية الاستعمال فاختلسها لنفسه إضراراً بها وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع لها مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدى للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة قنا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة خيانة الأمانة وألزمه بالتعويض، قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه لم يدلل على توافر القصد الجنائي لديه بانتوائه إضافة المنقولات إلى ملكه مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن المتهم تسلم منقولات المجني عليها الزوجية وإذ طالبته بردها فقد امتنع، فأقامت الدعوى قبله بطريق الادعاء المباشر، وبني على ما تقدم قضاءه بالإدانة في جريمة خيانة الأمانة وألزمه بالتعويض عنها. لما كان ذلك، وكان مجرد التأخير في رد الشيء أو الامتناع عن رده لا يتحقق به القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة، ما لم يكن مقروناً بانصراف نية الجاني إلى إضافة المال الذي تسلمه إلى ملكه واختلاسه لنفسه إضراراً بصاحب الحق فيه. وإذ كان الحكم لم يستظهر هذا الركن الأساسي في مدوناته، واتخذ من مجرد قعود الطاعن عن رد منقولات الزوجية دليلاً على تحقق الجريمة التي دانه بها بأركانها القانونية كافة. ومنها القصد الجنائي، فإنه يكون معيباً بالقصور متعيناً النقض والإعادة فيما قضى به في الدعويين المدنية والجنائية بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 12720 لسنة 60 ق جلسة 12 / 1 / 1998 مكتب فني 49 ق 11 ص 84

جلسة 12 من يناير سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر ومصطفى كامل وفتحي حجاب وجاب الله محمد جاب الله نواب رئيس المحكمة.

---------------

(11)
الطعن رقم 12720 لسنة 60 القضائية

نقض "أسباب الطعن. توقيعها". محاماة.
وجوب توقيع أسباب الطعون المرفوعة من المحكوم عليهم من محام مقبول أمام النقض. المادة 34 من القانون 57 لسنة 1959.
توقيع الأسباب بإمضاء غير مقروء. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. لا يغير من ذلك. أن تحمل ما يشير إلى صدورها من مكتب محام وحضور وكيل عن المحكوم عليه وتقديم ما يفيد وفاة المحامي الموقع على المذكرة وأن التوقيع خاص به. أساس ذلك؟

---------------
لما كان البين من الاطلاع على مذكرة الأسباب المقدمة في الطعن إنها وإن كانت تحمل ما يشير إلى صدورها من مكتب الأستاذ/... المحامي إلا أنها ذيلت بتوقيع غير واضح يتعذر قراءته أو نسبته إلى محام مقيد لدى محكمة النقض فتكون عديمة الأثر في الخصومة ولا يغير من ذلك حضور أحد المحامين بجلسة نظر الطعن بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه وقدم ما يفيد أن المحامي الموقع على مذكرة الأسباب قد توفى إلى رحمة الله وما يستدل به أن التوقيع الذي تحمله هذه المذكرة هو للمرحوم المحامي...... وذلك لما هو مقرر من أن المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد أن نصت على وجوب التقرير بالطعن وإيداع أسبابه خلال أربعين يوماً من تاريخ النطق به أوجبت في فقرتها الأخيرة بالنسبة إلى الطعون التي يرفعها المحكوم عليهم أن يوقع أسبابها محام مقبول أمام محكمة النقض، وبهذا التنصيص على الوجوب، يكون المشرع قد دل على أن تقرير الأسباب ورقة شكلية من أوراق الإجراءات في الخصومة والتي يجب أن تحمل بذاتها مقومات وجودها وأن يكون موقعاً عليها ممن صدرت عنه لأن التوقيع هو السند الوحيد الذي يشهد بصدورها عمن صدرت عنه على الوجه المعتبر قانوناً، ولا يجوز تكملة هذا البيان بدليل خارج عنها غير مستمد منها، وكان قبول الطعن شكلاً هو مناط اتصال محكمة النقض بالطعن فلا سبيل إلى التصدي لقضاء الحكم في موضوعه مهما شابه من عيب الخطأ في القانون بفرض وقوعه ومن ثم فإن الطعن يكون قد أفصح عن عدم قبوله شكلاً.


الوقائع

أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الإدعاء المباشر أمام محكمة جنح محرم بك ضد الطاعن بوصف أنه قام بالاستيلاء على مبلغ تسعة آلاف وأربعمائة جنيه المملوك لها بإيهامها بتخصيص وحدة تمليك ببرج المروة بمحرم بك لا يملك التصرف فيها لسابق تصرفه فيها لآخرين. وطلبت عقابه بالمادة 336 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدى لها مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يودى للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه والاكتفاء بحبس المتهم سنة مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك. استأنف ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في..... بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن البين من الاطلاع على مذكرة الأسباب المقدمة في الطعن إنها وإن كانت تحمل ما يشير إلى صدورها من مكتب الأستاذ/..... المحامي إلا أنها ذيلت بتوقيع غير واضح يتعذر قراءته أو نسبته إلى محامٍ مقيد لدى محكمة النقض فتكون عديمة الأثر في الخصومة ولا يغير من ذلك حضور أحد المحامين بجلسة نظر الطعن بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه وقدم ما يفيد أن المحامي الموقع على مذكرة الأسباب قد توفى إلى رحمة الله وما يستدل به أن التوقيع الذي تحمله هذه المذكرة هو للمرحوم المحامي...... وذلك لما هو مقرر من أن المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد أن نصت على وجوب التقرير بالطعن وإيداع أسبابه خلال أربعين يوماً من تاريخ النطق به أوجبت في فقرتها الأخيرة بالنسبة إلى الطعون التي يرفعها المحكوم عليهم أن يوقع أسبابها محام مقبول أمام محكمة النقض. وبهذا التنصيص على الوجوب، يكون المشرع قد دل على أن تقرير الأسباب ورقة شكلية من أوراق الإجراءات في الخصومة والتي يجب أن تحمل بذاتها مقومات وجودها وأن يكون موقعاً عليها ممن صدرت عنه لأن التوقيع هو السند الوحيد الذي يشهد بصدورها عمن صدرت عنه على الوجه المعتبر قانوناً، ولا يجوز تكملة هذا البيان بدليل خارج عنها غير مستمد منها، وكان قبول الطعن شكلاً هو مناط اتصال محكمة النقض بالطعن فلا سبيل إلى التصدي لقضاء الحكم في موضوعه مهما شابه من عيب الخطأ في القانون بفرض وقوعه ومن ثم فإن الطعن يكون قد أفصح عن عدم قبوله شكلاً.

الطعن 41691 لسنة 59 ق جلسة 14 / 1 / 1998 مكتب فني 49 ق 13 ص 90

جلسة 14 من يناير سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب نائبي المحكمة ومحمد عيد سالم وإبراهيم العربي عبد المنعم.

-----------------

(13)
الطعن رقم 41691 لسنة 59 القضائية

(1) دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". نقض "الصفة والمصلحة في الطعن".
القضاء ببراءة المتهم لعدم ثبوت التهمة. يتلازم معه الحكم برفض الدعوى المدنية ولو لم ينص على ذلك في منطوق الحكم.
للمدعي بالحقوق المدنية الطعن في هذا الحكم بطريق النقض. أساس ذلك؟
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع القضاء ببراءة المتهم متى تشككت في صحة إسناد التهمة إليه. شرط ذلك؟
(3) دخول عقار بقصد منع حيازته بالقوة. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الحيازة الفعلية للعقار طالت مدتها أو قصرت. وجوب حمايتها من اعتداء الغير عليها. المادة 370 عقوبات.
الحيازة قانوناً هي وضع اليد على الشيء والسيطرة عليه سيطرة فعلية والانتفاع به واستغلاله بكافة الوجوه المادية القابل لها. اختلافها تبعاً لطبيعة الشيء المحوز. مؤدي ذلك؟
اقتصار الطاعن على التردد على العين لتجهيزها. غير كاف لحيازته لها. أساس ذلك؟

--------------
إغفال الحكم المطعون فيه بيان طبيعة العين موضوع النزاع وحالتها وظروف تردد الطاعن عليها وما إذا كان ذلك التردد يكشف عن سيطرته عليها من عدمه وكيفية استدلاله على انتفاء حيازته لها وسنده في ذلك وعدم تعرضه لأدلة الثبوت القائمة في الدعوى. قصور.
(1) لما كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده من جريمة دخول مكان معد للسكن في حيازة الطاعن بقصد منع حيازته بالقوة على أساس أن التهمة غير ثابتة في حقه وهو قضاء ضمني على الفصل في الدعوى المدنية المقامة من الطاعن. بما يؤدى إلى رفضها لأن القضاء بالبراءة في صدد الدعوى الجنائية المقام على عدم ثبوت التهمة إنما يتلازم معه الحكم برفض الدعوى المدنية ولو لم ينص على ذلك في منطوق الحكم. فإن الطاعن - المدعي بالحقوق المدنية والذي كان طرفاً في الخصومة الاستئنافية أمام محكمة ثاني درجة - تتوافر له الصفة والمصلحة في الطعن وإن لم ينص في منطوق الحكم المطعون فيه على رفض دعواه المدنية.
(2) من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية الأدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات. وما دام قد أقام قضاءه على أساس يحمله وطالما جاءت أسبابه خالية من الخطأ في القانون ومن عيوب التسبيب.
(3) لما كان من المقرر قانوناً في تطبيق المادة 370 من قانون العقوبات أنه يتعين إسباغ الحماية على حائز العقار الفعلي من اعتداء الغير على تلك الحيازة طالت مدتها أو قصرت. وكانت الحيازة قانوناً هي وضع اليد على الشيء والسيطرة عليه سيطرة فعلية والانتفاع به واستغلاله بكافة الوجوه المادية القابل لها وهي تختلف تبعاً لطبيعة الشيء المحوز، فإذا كانت طبيعة العين أو الظروف المحيطة بطريقة استغلالها لا تسمح بأكثر من وضع يد متقطع. فإن اقتران وضع اليد على هذه الصورة بنية الحيازة على سبيل الاستمرار كلما تهيأت أسبابها يكفي لتوفر الحيازة بركنيها المادي والأدبي. ولما كان الحكم المطعون فيه قد رتب على ما أورده في مدوناته من أن تردد الطاعن على الشقة موضوع النزاع مع العمال لتجهيزها ينفي أنه حائز لتلك الشقة. وكان اقتصار الطاعن على التردد على الشقة لتجهيزها ليس من شأنه أن ينفي عنه صفة الحائز لها إذ قد يكون ذلك التردد هو فقط ما يتطلبه الانتفاع بالشقة وفقاً لطبيعتها في هذه الظروف. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يبين طبيعة الشقة موضوع النزاع وحالتها وظروف تردد الطاعن عليها وما إذا كان تردده على الشقة في هذه الظروف التي وقع فيها يكشف عن سيطرته عليها من عدمه. ولم يبين كيف استدل بما أورده فيما تقدم على انتفاء حيازة الطاعن للشقة موضوع النزاع وسنده في هذا الاستدلال، كما لم يعرض في قضائه بالبراءة لأدلة الثبوت القائمة في الدعوى والتي عول عليها الحكم الابتدائي في التثبت من أن الحيازة الفعلية معقودة للطاعن وهي أقوال الطاعن وجيران العقار. فإن ذلك ينبئ عن أن المحكمة قد أصدرت حكمها المطعون فيه دون إحاطة كافية بظروف الدعوى وتمحيص سليم لأدلتها مما يصمه بالقصور, بما يتعين نقضه والإعادة في خصوص الدعوى المدنية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه دخل بيتاً معداً للسكني في حيازة ..... قاصداً من ذلك منع حيازته بالقوة. وطلبت عقابه بالمادة 370 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المطعون ضده بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح قسم الساحل قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المطعون ضده مائه جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وتأييد قرار قاضي الحيازة. استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المطعون ضده.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده من جريمة دخول مكان معد للسكنى في حيازة الطاعن بقصد منع حيازته بالقوة على أساس أن التهمة غير ثابتة في حقه وهو قضاء ينطوي ضمناً على الفصل في الدعوى المدنية المقامة من الطاعن بما يؤدى إلى رفضها لأن القضاء بالبراءة في صدد الدعوى الجنائية المقام على عدم ثبوت التهمة إنما يتلازم معه الحكم برفض الدعوى المدنية ولو لم ينص على ذلك في منطوق الحكم. فإن الطاعن - المدعي بالحقوق المدنية والذي كان طرفاً في الخصومة الاستئنافية أمام محكمة ثاني درجة - تتوافر له الصفة والمصلحة في الطعن وإن لم ينص في منطوق الحكم المطعون فيه على رفض دعواه المدنية وقد استوفى الطعن الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ضمناً برفض دعواه المدنية بناء على براءة المطعون ضده من تهمة دخول مكان معد للسكني في حيازته بقصد منع حيازته بالقوة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. ذلك بأن أسس قضاءه على مجرد القول بأنه لم يكن حائزاً للعقار برغم ما شهد به الجيران وما قدمه من مستندات تثبت حيازته له ودون أن يعني ببيان ظروف الواقعة أو يعرض للأدلة القائمة في الدعوى، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده من جريمة دخول مكان معد للسكني في حيازة الطاعن بقصد منع حيازته بالقوة على قوله "من حيث إن الثابت من مطالعة محضر الشرطة المؤرخ 25/ 12/ 1987 أن المجني عليه قرر أنه كان يتردد فقط على الشقة محل النزاع مع العمال لتجهيزها وهو الأمر الذي يفيد أن الشقة المذكورة لم تكن في حيازة المجني عليه وإلا اعتبر العمال هم الآخرين حائزين لتلك الشقة وبالتالي فقد تخلف أحد شروط تطبيق المادة 370 عقوبات ومن ثم تقضي المحكمة والحال كذلك ببراءة المتهم مما أسند إليه وبإلغاء قرار قاضي الحيازة". لما كان ذلك وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات. وما دام قد أقام قضاءه على أساس يحمله وطالما جاءت أسبابه خالية من الخطأ في القانون ومن عيوب التسبيب. لما كان ذلك وكان من المقرر قانوناً في تطبيق المادة 370 من قانون العقوبات أنه يتعين إسباغ الحماية على حائز العقار الفعلي من اعتداء الغير على تلك الحيازة طالت مدتها أو قصرت. وكانت الحيازة قانوناً هي وضع اليد على الشيء والسيطرة عليه سيطرة فعلية والانتفاع به واستغلاله بكافة الوجود المادية القابل لها وهي تختلف تبعاً لطبيعة الشيء المحوز، فإذا كانت طبيعة العين أو الظروف المحيطة بطريقة استغلالها لا تسمح بأكثر من وضع يد متقطع. فإن اقتران وضع اليد على هذه الصورة بنية الحيازة على سبيل الاستمرار كلما تهيأت أسبابها يكفي لتوفر الحيازة بركنيها المادي والأدبي. ولما كان الحكم المطعون فيه قد رتب على ما أورده في مدوناته من أن تردد الطاعن على الشقة موضوع النزاع مع العمال لتجهيزها ينفي أنه حائز لتلك الشقة. وكان اقتصار الطاعن على التردد على الشقة لتجهيزها ليس من شأنه أن ينفي عنه صفة الحائز لها إذ قد يكون ذلك التردد هو فقط ما يتطلبه الانتفاع بالشقة وفقاً لطبيعتها في هذه الظروف. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يبين طبيعة الشقة موضوع النزاع وحالتها وظروف تردد الطاعن عليها وما إذا كان تردد على الشقة في هذه الظروف التي وقع فيها يكشف عن سيطرته عليها من عدمه. ولم يبين كيف استدل بما أورده فيما تقدم على انتقاء حيازة الطاعن للشقة موضوع النزاع وسنده في هذا الاستدلال، كما لم يعرض في قضائه بالبراءة لأدلة الثبوت القائمة في الدعوى والتي عول عليها الحكم الابتدائي في التثبت من أن الحيازة معقودة للطاعن وهي أقوال الطاعن وجيران العقار. فإن ذلك ينبئ عن أن المحكمة قد أصدرت حكمها المطعون فيه دون إحاطة كافية بظروف الدعوى وتمحيص سليم لأدلتها مما يصمه بالقصور, بما يتعين نقضه والإعادة في خصوص الدعوى المدنية، وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن. مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.

الطعن 42478 لسنة 59 ق جلسة 14 / 1 / 1998 مكتب فني 49 ق 14 ص 96

جلسة 14 من يناير 1998

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق تقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين محمود دياب وحسين الجيزاوي ومجدي أبو العلا نواب رئيس المحكمة وأحمد عمر محمدين.

----------------

(14)
الطعن رقم 42478 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية تشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة للمتهم كي تقضي بالبراءة ورفض الدعوى المدنية. ما دامت محصت الدعوى وأحاطت بظروفها ووازنت بين أدلة الثبوت والنفي فرجحت دفاع المتهم.
تقدير أقوال الشهود. موضوعي.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة في حالة القضاء بالبراءة الرد على كل دليل من أدلة الدعوى. إغفالها التحدث عنها. مفاده: إطراحها وأن لها الاستشهاد بالصورة الفوتوغرافية للأوراق. متى اطمأنت إليها.
الجدل في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
(3)إجراءات "إجراءات المحاكمة". تقرير تلخيص. تزوير "الطعن بالتزوير".
إثبات الحكم تلاوة تقرير التلخيص. عدم جواز جحد تمام هذا الإجراء إلا بالطعن بالتزوير.

----------------
1 - لما كان من المقرر قانوناً أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة للمتهم لكي تقضي له بالبراءة ورفض الدعوى المدنية، إذ المرجع في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقرير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت واقعة الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام، ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات، وكان تقدير أقوال الشهود متروكاً لمحكمة الموضوع، تنزله المنزلة التي تراها بغير معقب، وكان البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن المحكمة - بعد أن أوردت أقوال الشهود واستعرضت أدلة الدعوى وأحاطت بعناصرها عن بصر وبصيرة - أسست قضاءها بالبراءة ورفض الدعوى المدنية على تشككها في صحة الاتهام، لما استظهرته من أن الواقعة في حقيقتها عبارة عن نزاع على إيجار مخبز وأن أحداً من الشهود لم يقطع بحقيقة الأوراق التي قيل بسرقتها أو أنها كانت مودعة فعلاً بالمحل أثناء أن دلف إليه المطعون ضده ثم غادره مسرعاً.
2 - لما كانت المحكمة غير ملزمة في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام، لأن في إغفالها التحدث عنها ما يفيد أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم. كما أن لها الاستشهاد بالصور الفوتوغرافية للأوراق، متى كان القاضي قد اطمأن من أدلة الدعوى ووقائعها إلى أنها مطابقة للأصول التي أخذت عنها، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تشكك المحكمة في صحة ما نسب إلى المطعون ضده ينحل في حقيقته إلى جدل في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه تمت تلاوة تقرير التلخيص فإنه لا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبت عن تمام هذا الإجراء إلا بطريق الطعن بالتزوير، وهو ما لم يفعله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه سرق الأشياء المبينة الوصف بالمحضر والمملوكة لـ..... على النحو المبين بالأوراق وطلبت عقابه بالمادة 318 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح دسوق قضت حضورياً ببراءة المتهم مما هو منسوب إليه ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعي بالحقوق المدنية كما استأنفت النيابة العامة ومحكمة كفر الشيخ الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوراً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ/...... المحامي عن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه لما كان من المقرر قانوناً أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة للمتهم لكي تقضي له بالبراءة ورفض الدعوى المدنية، إذ المرجع في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت واقعة الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام، ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات، وكان تقدير أقوال الشهود متروكاً لمحكمة الموضوع، تنزله المنزلة التي تراها بغير معقب، وكان البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن المحكمة - بعد أن أوردت أقوال الشهود واستعرضت أدلة الدعوى وأحاطت بعناصرها عن بصر وبصيرة - أسست قضاءها بالبراءة ورفض الدعوى المدنية على تشككها في صحة الاتهام، لما استظهرته من أن الواقعة في حقيقتها عبارة عن نزاع على إيجار مخبز وأن أحداً من الشهود لم يقطع بحقيقة الأوراق التي قيل بسرقتها أو أنها كانت مودعة فعلاً بالمحل أثناء أن دلف إليه المطعون ضده ثم غادره مسرعاً. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام، لأن في إغفالها التحدث عنها ما يفيد أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم، كما أن لها الاستشهاد بالصور الفوتوغرافية للأوراق، متى كان القاضي قد اطمأن من أدلة الدعوى ووقائعها إلى أنها مطابقة للأصول التي أخذت عنها، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تشكك المحكمة في صحة ما نسب إلى المطعون ضده ينحل في حقيقته إلى جدل في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه تمت تلاوة تقرير التلخيص، فإنه لا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبت عن تمام هذا الإجراء إلا بطريق الطعن بالتزوير، وهو ما لم يفعله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً القضاء فيه بعدم القبول ومصادرة الكفالة وإلزام الطاعن بالمصاريف المدنية.

الطعن 502 لسنة 66 ق جلسة 18 / 1 / 1998 مكتب فني 49 ق 17 ص 134

جلسة 18 من يناير سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد علي عبد الواحد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وحسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة وممدوح يوسف.

---------------

(17)
الطعن رقم 502 لسنة 66 القضائية

(1) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إحراز المخدر بقصد الاتجار. واقعة مادية. تقديرها. موضوعي. طالما أقيمت على ما ينتجها.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن في جريمة إحراز مخدر.
(2) مواد مخدرة. عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تصدى المحكمة لبحث مدى توافر إعمال حقها الجوازي في إيداع من يثبت إدمانه إحدى المصحات. يكون بعد إسباغها الوصف الصحيح على الواقعة. مناط إعماله هو مقارفة الجاني جريمة التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
انتهاء المحكمة إلى أن إحراز المخدر كان بقصد الاتجار. أثره: انتفاء مبرر تدبير الإيداع بالمصلحة. أساس ذلك.؟

----------------
1 - لما كان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما ينتجه، وكان الحكم قد استخلص ذلك القصد من أقوال الشاهدين وما كشفت عنه التحريات ومن ضخامة كمية المخدر المضبوط وطريقة تجزئته، وهو من الحكم تدليل سائغ في العقل والمنطق ويكفي لحمل قضائه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحنى لا يكون سديداً.
2 - لما كان القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد اختط في المواد من 33 إلى 38 منه خطة تهدف إلى التدرج في العقوبة تبعاً لخطورة الجاني ودرجة إثمه ومدى ترديه في هوة الإجرام ووازن بين ماهية كل قصد من القصود التي يتطلبها القانون في الصور المختلفة لجريمة إحراز المخدرات وقدر لكل منها العقوبة التي تناسبها، فشدد العقاب في جرائم الجلب والاتجار وخفف العقوبة في جرائم التعاطي والاستعمال الشخصي، فحدد عقوبتها بما نص عليه في الفقرة الأولى من المادة 37 منه من أن "يعاقب الأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من حاز أو أحرز... جوهراً مخدراً.... وكان ذلك بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً..". ثم أورد في الفقرة الثانية تدبيراً احترازياً ناط بمحكمة الموضوع تقدير إعماله - بالنسبة لمن يثبت إدمانه - بغير معقب، إذ أجرى نصها على أنه "ويجوز للمحكمة عند الحكم بالعقوبة في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الأولى، بدلاً من تنفيذ هذه العقوبة، أن تأمر بإيداع من يثبت إدمانه إحدى المصلحات....". وكان الأصل أن تصدي المحكمة لبحث مدى توافر إعمال حقها الجوازي في الحكم بهذا التدبير الاحترازي أو انتقاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى، وكان مناط إعماله هو مقارفة الجاني جريمة التعاطي أو الاستعمال الشخصي، وكان الحكم قد خلص إلى أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار - وليس التعاطي أو الاستعمال الشخصي - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، فإن دعوى الإدمان وتحقق مبرر الإيداع بالمصلحة تكون ولا محل لها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7، 34/ 1 بند أ - 2 بند 6، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند رقم (2) من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق والمادتين 36 من ذات القانون و17 عقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه مائة ألف جنيه وبمصادرة المواد المخدرة والمضبوط الأخرى.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً كافياً وسائغاً على توافر قصد الاتجار لديه، ورغم أن دفاعه انبنى على إدمانه تعاطي المخدر بدلالة اعترافه بالتحقيقات ولدى النظر في أمر تجديد حبسه وسبق إيداعه المستشفيات والمصلحات النفسية، وأيده ضابط الواقعة في ذلك، مما كان يوجب على المحكمة تحقيقه عن طريق المختص فنياً لبيان مدى جواز إعمال التدبير الاحترازي المنصوص عليه في المادة 37 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960، إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن التحريات السرية للرائد...... والنقيب...... دلت على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة، ونفاذاً لإذن النيابة العامة أجريا ضبطه أمام نادي التجديف بمدينة طلخا، وبتفتيش أولهما له عثر بجيب صداره على كيس من البلاستيك به مائه وخمس عشرة لفافة حوت جميعها مخدر الهيروين وبجيب جلبابه على مبلغ ثلاثة وستين جنيهاً وخمسين قرشاً وأقر لهما قصده من الإحراز كان الاتجار. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة صحيحة لها معينها الصحيح من أقوال شاهدي الإثبات وتقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم قد استخلص ذلك القصد من أقوال الشاهدين وما كشفت عنه التحريات ومن ضخامة كمية المخدر المضبوط وطريقة تجزئته، وهو من الحكم تدليل سائغ في العقل والمنطق ويكفي لحمل قضائه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحنى لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد اختط في المواد من 33 إلى 38 منه خطة تهدف إلى التدرج في العقوبة تبعاً لخطورة الجاني ودرجة إثمه ومدى ترديه في هوة الإجرام ووازن بين ماهية كل قصد من القصود التي يتطلبها القانون في الصور المختلفة لجريمة إحراز المخدرات وقدر لكل منها العقوبة التي تناسبها، فشدد العقاب في جرائم الجلب والاتجار وخفف العقوبة في جرائم التعاطي والاستعمال الشخصي، فحدد عقوبتها بما نص عليه في الفقرة الأولى من المادة 37 منه من أن "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من حاز أو أحرز ... جوهراً مخدراً.... وكان ذلك بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.."، ثم أورد في الفقرة الثانية تدبيراً احترازياً ناط بمحكمة الموضوع تقدير إعماله - بالنسبة لمن يثبت إدمانه - بغير معقب، إذ أجرى نصها على أنه "ويجوز للمحكمة عند الحكم بالعقوبة في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الأولى، بدلاً من تنفيذ هذه العقوبة، أن تأمر بإيداع من يثبت إدمانه إحدى المصلحات...."، وكان الأصل أن تصدى المحكمة لبحث مدى توافر إعمال حقها الجوازي في الحكم بهذا التدبير الاحترازي أو انتقاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى، وكان مناط إعماله هو مقارفة الجاني جريمة التعاطي أو الاستعمال الشخصي، وكان الحكم قد خلص إلى أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار - وليس التعاطي أو الاستعمال الشخصي - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، فإن دعوى الإدمان وتحقق مبرر الإيداع بالمصلحة تكون ولا محل لها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 22509 لسنة 65 ق جلسة 18 / 1 / 1998 مكتب فني 49 ق 15 ص 100

جلسة 18 من يناير سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وسمير أنيس وفتحي الصباغ نواب رئيس المحكمة وفتحي جوده.

----------------

(15)
الطعن رقم 22509 لسنة 65 القضائية

(1) إعلان. إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان الإجراءات السابقة على المحاكمة. وجوب إبدائه أمام محكمة الموضوع. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير جائز، مؤدى ذلك؟
(2) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". دفوع "الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة". إجراءات "إجراءات المحاكمة". عقوبة "سقوطها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية. متعلق بالنظام العام. إثارته لأول مرة أمام النقض. جائز. ما دامت مدونات الحكم ترشح له.
الحكم الصادر غيابياً بعقوبة مقيدة للحرية في جناية رفعت بها الدعوى أمام محكمة الجنايات. خضوعه لمدة السقوط المقررة للعقوبة في الجنايات. أساس ذلك ومؤداه؟
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها. عدم التزامها بسرد روايات الشاهد إن تعددت. لها أن تورد منها ما تطمئن إليه وإطراح ما عداه.
(5) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض الشهود وتضاربهم. لا يعيب الحكم. ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
(6) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة الأخذ برواية منقولة عن آخر. متى اطمأنت إليها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(8) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات. متى قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً.
(9) دفوع "الدفع بنفي التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
دفاع الطاعن بأن مرتكب الجريمة شخص آخر. نفي للتهمة. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(10) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفات الحكم عنها. مفاده. إطراحها.
(11) إثبات "خبرة" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب "ضرب أفضى إلى موت".
مثال لتسبيب سائغ لنفي التناقض بين الدليليين القولي والفني في جريمة ضرب أفضى إلى موت.
(12) وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". بطلان.
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. لها تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى وصفها القانوني السليم.
اقتصار التعديل على استبعاد أحد عناصر الجريمة من جناية قتل عمد إلى ضرب أفضى إلى موت دون إسناد واقعة مادية أو عناصر جديدة لا يستلزم تنبيه الدفاع. أساس ذلك؟

----------------
1 - لما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً في شأن عدم إعلانه بالجلسة التي حوكم فيها غيابياً عن هذه الدعوى بتاريخ..... وأنزل عليه عقابها، فإنه ليس له من بعد أن يتحدث عما ادعى به من بطلان ذلك الحكم الغيابي لما هو مقرر في القانون من أن أوجه البطلان المتعلقة بالإجراءات السابقة على المحاكمة يجب إبداؤها أمام محكمة الموضوع، ومن ثم لا يجوز له إثارة الدفع بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، ويضحى الحكم الغيابي صحيحاً منتجاً لآثاره القانونية.
2 - لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أيهما بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم، وكان من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية من الدفوع المتعلقة بالنظام العام ويجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم ترشح له، وكان قانون الإجراءات الجنائية في الفصل الثالث من الباب الثاني من الكتاب الثاني الذي بسط الإجراءات التي تتبع في مواد الجنايات في حق المتهمين الغائبين قد نص في المادة 394 على أن "لا يسقط الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في جناية بمضي المدة، وإنما تسقط العقوبة المحكوم بها، ويصبح الحكم نهائياً بسقوطها"، ونص في المادة 395 على أنه "إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة، يبطل حتماً الحكم السابق صدوره سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو بالتضمينات، ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة......"، ونصت الفقرة الأولى من المادة 528 من هذا القانون على أن "تسقط العقوبة المحكوم بها في جناية بمضي عشرين سنة ميلادية إلا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضي ثلاثين سنة". وواضح من هذه النصوص أنه ما دامت الدعوى قد رفعت أمام محكمة الجنايات عن واقعة يعتبرها القانون جناية، فإن الحكم الذي يصدر فيها غيابياً بعقوبة مقيدة للحرية يجب أن يخضع لمدة السقوط المقررة للعقوبة في مواد الجنايات وهي عشرين سنة ميلادية، وإذن فمتى كان الثابت من الأوراق أن الدعوى العمومية قد رفعت على الطاعن لارتكابه جناية وقضت محكمة الجنايات غيابياً في...... بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة - وهو حكم صحيح لابتنائه على إجراءات صحيحة، وإذ قبض عليه وأعيدت محاكمته وقضت محكمة الجنايات بتاريخ..... بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات، وذلك قبل انقضاء عشرين سنة من تاريخ صدور الحكم الغيابي السابق صدوره في حقه عن ذات الدعوى المطروحة، فإن الدعوى الجنائية لا تكون قد انقضت بالتقادم، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف أتى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
4 - من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبما أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
5 - من المقرر أن تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
6 - من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزيئات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
7 - لما كان من المقرر أنه ليس ثمة ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى، وهو من إطلاقاتها التي لا يجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض.
8 - لما كان من المقرر أن من حق المحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول ذلك دون الاعتماد على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث في الجلسة، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال الشهود بالتحقيقات، وأن المحكمة أمرت بتلاوتها فتليت، ولم يعترض الطاعن على مسلك مدافعه، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
9 - من المقرر أن دفاع الطاعن القائم على أن مرتكب الجريمة شخص آخر ليس من الدفوع الجوهرية التي يتعين على المحكمة أن تقوم بتحقيقه بغير موجب تراه، إذ هو في حقيقته نفي للتهمة يكفي لرده ما ساقته المحكمة من أدلة الثبوت.
10 - حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاءه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
11 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع بتناقض الدليل القولي مع الدليل الفني تأسيساً على انتفاء التناقض بينهما، وكان البين مما أورده الحكم نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية أن إصابة المجني عليه بكسور جسيمة في العمود الفقري وتهتك بالوريد الكهفي السفلي الأيسر والأمعاء والمساريقا نتجت عن عيار ناري أطلق من الأمام واليسار قليلاً للخلف من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب، وكان هذا الذي أورده مطابقاً لما أثبت في تقرير الصفة التشريحية - المرفق بالمفردات المضمومة - والذي - أيضاً - أثبت وجود آثار نارية بملابس المجني عليه، فإنه لا يكون ثمة تناقض بين الدليل الفني والدليل القولي الذي لم يرميه الطاعن بشائبة الخطأ في الإسناد، ومن ثم لا محل لما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص.
12 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بتهمة القتل العمد، فعدلت المحكمة وصف التهمة إلى الضرب المفضي إلى الموت، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على الواقعة، وإذ كانت الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها تلك التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل - على ما أفصح عنه الحكم - هو استبعاد نية القتل دون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو عناصر جديدة، فإن الوصف المعدل الذي نزلت إليه المحكمة حين اعتبرت الطاعن مرتكباً جريمة الضرب المفضي إلى الموت، لم يكن يقتضى من المحكمة تنبيه الطاعن أو المدافع عنه ما دام قد اقتصر على استعباد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى، ومن ثم فإن دعوى البطلان في الإجراءات والإخلال بحق الدفاع لا يكون لها محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل عمداً....... بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات باعتبار أن الواقعة ضرب أفضى إلى الموت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، والبطلان في الإجراءات والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة إذ أن الطاعن أحيل إلى المحاكمة بتاريخ 22/ 3/ 1976 ، ولم يعلن قانوناً بجلسة المحاكمة التي قضى فيها غيابياً بتاريخ 13/ 11/ 1977 بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً، ولم يتخذ ضده إجراء قاطع للتقادم حتى قبض عليه في 31/ 5/ 1995 كما اعتمد الحكم في إدانة الطاعن على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها وأن بعضها سماعية، ودون سماع هؤلاء الشهود في حضرة الطاعن، وإغفال تحقيق دفاعه بأن مرتكب الجريمة شخص آخر هذا ولم يفطن الحكم إلى ما أثبته التقرير الطبي من أن إصابة المجني عليه من دبر في عموده الفقري وهو ما يناقض رواية شهود الإثبات من أن إطلاق النار تم في المواجهة. وأخيراً عدلت المحكمة وصف التهمة من قتل عمد إلى ضرب أفضى إلى الموت دون تنبيه الدفاع. وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان بها الطاعن، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً في شأن عدم إعلانه بالجلسة التي حوكم فيها غيابياً عن هذه الدعوى بتاريخ 13/ 11/ 1977 وأنزل عليه عقابها، فإن ليس له من بعد أن يتحدث عما ادعى به من بطلان ذلك الحكم الغيابي لما هو مقرر في القانون أن أوجه البطلان المتعلقة بالإجراءات السابقة على المحاكمة يجب إبداؤها أمام محكمة الموضوع، ومن ثم لا يجوز له إثارة الدفع بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، ويضحى الحكم الغيابي صحيحاً منتجاً لآثاره القانونية. وإذ كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أيهما بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم، وكان من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية من الدفوع المتعلقة بالنظام العام ويجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم ترشح له، وكان قانون الإجراءات الجنائية في الفصل الثالث من الباب الثاني الذي بسط الإجراءات التي تتبع في مواد الجنايات في حق المتهمين الغائبين قد نص في المادة 394 على أن "لا يسقط الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في جناية بمضي المدة، وإنما تسقط العقوبة المحكوم بها، ويصبح الحكم نهائياً بسقوطها"، ونص في المادة 395 على أنه "إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة، يبطل حتماً الحكم السابق صدوره سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو بالتضمينات، ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة......."، ونصت الفقرة الأولى من المادة 528 من هذا القانون على أن "تسقط العقوبة المحكوم بها في جناية بمضي عشرين سنة ميلادية إلا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضي ثلاثين سنة"، وواضح من هذه النصوص أنه ما دامت الدعوى قد رفعت أمام محكمة الجنايات عن واقعة يعتبرها القانون جناية، فإن الحكم الذي يصدر فيها غيابياً بعقوبة مقيدة للحرية يجب أن يخضع لمدة السقوط المقررة للعقوبة في مواد الجنايات وهي عشرين سنة ميلادية، وإذن فمتى كان الثابت من الأوراق أن الدعوى العمومية قد رفعت على الطاعن لارتكابه جناية وقضت محكمة الجنايات غيابياً في 13/ 11/ 1977 بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة - وهو حكم صحيح لابتنائه على إجراءات صحيحة كما سلف بيانه - وإذ قبض عليه وأعيدت محاكمته وقضت محكمة الجنايات بتاريخ 10/ 8/ 1995 بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات، وذلك قبل انقضاء عشرين سنة من تاريخ صدور الحكم الغيابي السابق صدوره في حقه عن ذات الدعوى المطروحة، فإن الدعوى الجنائية لا تكون قد انقضت بالتقادم، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وإذا كان تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الطعن الماثل وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزيئات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وليس ثمة ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن كل ما تقدم، لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى، وهو من إطلاقاتها التي لا يجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من حق المحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول ذلك دون الاعتماد على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث في الجلسة، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال الشهود بالتحقيقات، وأن المحكمة أمرت بتلاوتها فتليت، ولم يعترض الطاعن على مسلك مدافعه، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن القائم على أن مرتكب الجريمة شخص آخر ليس من الدفوع الجوهرية التي يتعين على المحكمة أن تقوم بتحقيقه بغير موجب تراه، إذ هو في حقيقته نفي للتهمة يكفي لرده ما ساقته المحكمة من أدلة الثبوت، وبحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاءه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع بتناقض الدليل القولي مع الدليل الفني تأسيساً على انتفاء التناقض بينهما، وكان البين مما أورده الحكم نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية أن إصابة المجني عليه بكسور جسيمة في العمود الفقري وتهتك بالوريد الكهفي السفلي الأيسر والأمعاء والمساريق نتجت عن عيار ناري أطلق من الأمام واليسار قليلاً للخلف من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب، وكان هذا الذي أورده مطابقاً لما أثبت في تقرير الصفة التشريحية - المرفق بالمفردات المضمومة - والذي - أيضاً - أثبت وجود آثار نارية بملابس المجني عليه، فإنه لا يكون ثمة تناقض بين الدليل الفني الدليل القولي الذي لم يرميه الطاعن بشائبة الخطأ في الإسناد، ومن ثم لا محل لما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بتهمة القتل العمد، فعدلت المحكمة وصف التهمة إلى الضرب المفضي إلى الموت، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على الواقعة، وإذ كانت الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها تلك التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل - على ما أفصح عنه الحكم - هو استبعاد نية القتل دون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو عناصر جديدة، فإن الوصف المعدل الذي نزلت إليه المحكمة حين اعتبرت الطاعن مرتكباً جريمة الضرب المفضي إلى الموت، لم يكن يقتضي من المحكمة تنبيه الطاعن أو المدافع عنه ما دام قد اقتصر على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى، ومن ثم فإن دعوى البطلان في الإجراءات والإخلال بحق الدفاع لا يكون لها محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 13914 لسنة 60 ق جلسة 29 / 12 / 1993 مكتب فني 44 ق 196 ص 1279

 برئاسة عبد اللطيف على أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية عمار ابراهيم فرج واحمد جمال الدين عبد اللطيف نائبى رئيس المحكمة ومصطفى محمد صادق وأحمد عبد القوى خليل.
-----------------------
1 - من المقرر أن مجرد التوقيع على ظهر الشيك يعتبر تظهيراً ناقلاً للملكية ما لم يثبت صاحب الشأن أنه أراد بالتوقيع أن يكون تظهيراً توكيلياً، وأن العادة جرت على أن المستفيد يظهر الشيك إلى البنك الذي يتعامل معه تظهير توكيلياً فيقوم بتحصيل قيمته ويقيدها في حساب العميل لما كان ذلك وكان يبين من المفردات - أن المظهر - قد قرر في تحقيقات المدعي العام الاشتراكي أنه قدم الشيك للبنك المدعي بالحقوق المدنية لتحصيل قيمته لحسابه باعتباره أحد عملاء البنك، كما ثبت من الإطلاع على الشيك محل الدعوى أن البنك المظهر إليه قد أثبت قرين توقيع المظهر عبارة "وستقيد القيمة لحساب المستفيد الأول طرفنا" ومن ثم فإن التظهير الوارد على الشيك موضوع الدعوى الماثلة يعد في وصفه الحق وتكييفه الصحيح تظهير توكيلياً قصد به أن ينيب عنه البنك المظهر إليه في قبض قيمة الشيك نيابة عنه ليس إلا، ولا يغير من ذلك أن يكون التظهير على بياض ما دام قد ثبت - حسبما سلف - أن المظهر أراد بالتوقيع أن يكون تظهيراً توكيلياً.

2 - يشترط فى تحريك الدعوى بالطريق المباشر عملا بمفهوم المادتين 27،232 من  قانون الإجراءات الجنائية أن يكون من تولى تحريكها قد أصابه ضرر شخصى ومباشر من الجريمة، وإلا كانت دعواه تلك غير مقبولة فى شقيها المدنى والجنائى، لما هو مقرر من أن عدم قبول أى شقى الدعوى المباشرة يترتب عليه لزوما وحتما عدم قبول الشق الآخر منها، إعتبارا بأن الدعوى المدنية لا تنتج أثرها فى تحريك الدعوى الجنائية  إلا إذا كانت الأولى مقبولة، فإن لم تكن كذلك وجب القضاء بعدم قبول الدعوى المباشرة ، وكذلك الدعوى الجنائية مقبولة كيما تقبل الدعوى المدنية، بحسبان الأخيرة تابعة للأولى ولا تقوم بمفردها أمام القضاء الجنائى ،لما كان ذلك ، وكان المدعى بالحقوق المدنية " بنك مصر العربى الأفريقى" - على السياق المتقدم - ليس إلا وكيلا فى قبض قيمة الشيك لحساب المظهر " المستفيد" فإنه ينحسر عنه وصف المضرور فى جريمة إعطاء شيك بدون رصيد المقام بها الدعوى الماثلة بالطريق المباشر، إذ يعد المستفيد هو من لحقة ذلك الضرر وليس البنك المدعى، وإذ كان ذلك آنف الذكر - على ما يبين من المفردات المضمومة- قد أقام  الدعوى بالطريق المباشر بوصفة أصيلا منتصبا عن نفسه وليس وكيلا عن المستفيد من الشيك ، فإن دعواه فى شقها المدنى تكون غير مقبولة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وجرى فى قضائة على قبول الدعوى المدنية وإلزام الطاعن بالتعويض، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب تصحيحه والقضاء بعدم قبول الدعوى المدنى، وإلزام المطعون ضدة المصاريف المدنية.

3 - من المقرر أنه لا حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع بإعتبار أن الطعن للمرة الثانية، ما دام أن العوار لم يرد على بطلان فى الحكم أو بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم مما كان يقتضى التعرض لموضوع الدعوى.
--------------------
     الوقائع
اقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر امام محكمة جنح عابدين ضد الطاعن بوصف انه اعطى له شيكا بمبلغ مليون ومائه وثلاثين الف جنيه مسحوبا على بنك مصر العربى الافريقى لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك ، وطلبت عقابة بالمادتين 336 ، 337 من قانون العقوبات والزامه بان يؤدى له مبلغ مائه وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حصوريا اعتباريا ببراءة المتهم مما اسند اليه ورفض الدعوى المدنية استانف المدعى بالحقوق المدنية ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا وباجماع الاراء بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المستانف فيما قضى به فى الدعوى المدنية والزام المستانف ضده بان يدفع للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ مائه وواحد جنيه مصرى على سبيل التعويض المؤقت . 
 فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ( قيد بجدول محكمة النقض برقم ........لسنه 58 القضائية ) وتلك المحكمة قضت بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه واحالة القضية الى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لا تحكم فيها من جديد هيئة استئنافية اخرى ومحكمة الاعادة " بهيئة اخرى " قضت حضوريا وباجماع الاراء بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المستانف فيما قضى به فى الدعوى المدنية والزام المستانف ضده بان يدفع للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ مائه وواحد جنيه مصرى على سبيل التعويض المؤقت . 
 فطعن الاستاذ / ......... المحامى نيابة عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ( للمرة الثانية ).......... الخ .
---------------------
     المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المدنية، وألزمه بالتعويض قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن تظهير الشيك من المستفيد للبنك المظهر إليه كان تظهيراً توكيلياً، بدلالة أن البنك المظهر إليه أثبت قرين التظهير عبارة ((وستقيد القيمة لحساب المستفيد الأول طرفنا))، وبما ينفي صفة البنك المدعي بالحقوق المدنية في طلب التعويض، إلا أن الحكم المطعون فيه قد كيف التظهير بأنه ناقل للملكية، وقبل الدعوى المدنية التي أقامها البنك المظهر إليه، ومما يعيبه بما يستوجب نقضه. 
ومن حيث إنه من المقرر أن مجرد التوقيع على ظهر الشيك يعتبر تظهيراً ناقلا للملكية ما لم يثبت صاحب الشأن أنه أراد بالتوقيع أن يكون تظهيراً توكيلياً، وأن العادة جرت على أن المستفيد يظهر الشيك إلى البنك الذي يتعامل معه تظهيراً توكيلياً فيقوم بتحصيل قيمته ويقيدها في حساب العميل. لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات - أن المظهر - قد قرر في تحقيقات المدعي العام الاشتراكي أنه قدم الشيك للبنك المدعي بالحقوق المدنية لتحصيل قيمته لحسابه باعتباره أحد عملاء البنك، كما ثبت من الاطلاع على الشيك محل الدعوى أن البنك المظهر إليه قد أثبت قرين توقيع المظهر عبارة ((وستقيد القيمة لحساب المستفيد الأول طرفنا))، ومن ثم فإن التظهير الوارد على الشيك موضوع الدعوى الماثلة يعد في وصفه الحق وتكييفه الصحيح تظهيراً توكيلياً قصد به المظهر أن ينيب عنه البنك المظهر إليه في قبض قيمة الشيك نيابة عنه ليس إلا، ولا يغير من ذلك أن يكون التظهير على بياض ما دام قد ثبت - حسبما سلف - أن المظهر أراد بالتوقيع أن يكون تظهيراً توكيلياً. لما كان ذلك، وكان يشترط في تحريك الدعوى بالطريق المباشر عملا بمفهوم المادتين 27، 232 من قانون الإجراءات الجنائية أن يكون من تولى تحريكها قد أصابه ضرر شخصي ومباشر من الجريمة، وإلا كانت دعواه تلك غير مقبولة في شقيها المدني والجنائي، لما هو مقرر من أن عدم قبول أي من شقي الدعوى المباشرة يترتب عليه لزوما وحتما عدم قبول الشق الآخر منها، اعتبارا بأن الدعوى المدنية لا تنتج أثرها في تحريك الدعوى الجنائية إلا إذا كانت الأولى مقبولة، فإن لم تكن كذلك وجب القضاء بعدم قبول الدعوى المباشرة، وكذلك فإنه يتعين أن تكون الدعوى الجنائية مقبولة كيما تقبل الدعوى المدنية، بحسبان الأخيرة تابعة للأولى ولا تقوم بمفردها أمام القضاء الجنائي، لما كان ذلك، وكان المدعي بالحقوق المدنية ((بنك مصر العربي الأفريقي))- على السياق المتقدم - ليس إلا وكيلا في قبض قيمة الشيك لحساب المظهر ((المستفيد)) فإنه ينحسر عنه وصف المضرور في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد المقامة بها الدعوى الماثلة بالطريق المباشر، إذ يعد المستفيد هو من لحقه ذلك الضرر وليس البنك المدعي، وإذ كان ذلك، وكان البنك آنف الذكر - على ما يبين من المفردات المضمومة - قد أقام الدعوى بالطريق المباشر بوصفه أصيلا منتصبا عن نفسه وليس وكيلا عن المستفيد من الشيك، فإن دعواه في شقها المدني تكون غير مقبولة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وجرى في قضائه على قبول الدعوى المدنية وإلزام الطاعن بالتعويض، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب تصحيحه والقضاء بعدم قبول الدعوى المدنية، وإلزام المطعون ضده المصاريف المدنية، وذلك دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع باعتبار أن الطعن للمرة الثانية، ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.

الأربعاء، 11 مارس 2015

عدم دستورية تقييد رأفة القاضي في السلاح (الفقرة الاولى)

باسم الشعب
المحكمةالدستورية العليا
          بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبتالرابع عشر من فبراير سنـة 2015م، الموافـق الخامس والعشرين من ربيع الآخر سنة 1436هـ .
برئاسة السيد المستشار / عدلى محمود منصور                رئيس المحكمة
وعضويةالسادة المستشارين : الدكتور حنفى على جبالى والسيد عبدالمنعم حشيش وسعيد مرعى عمـــــــرو ورجب عبد الحكيم سليـــــم وبولــس فهمى إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمى                                نواب رئيس المحكمة
وحضورالسيد المستشار / محمود محمد غنيم            رئيس هيئة المفوضين
وحضورالسيد / محمد ناجى عبد السميع                  أمينالسر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجـدول المحكمـة الدستورية العليـا برقـم 88 لسنة 36 قضائية "دستورية " .
المقامة من
السيد / أحمد فراج على فــــــــــــــــــــراج
ضــــــــــــــد
1- السيد رئيس الجمهوريــــــــــــة
2-  السيد وزير العـــــــــــــــــــــــــــــــدل
3-  السيد المستشار النائب العـام
4-  السيد رئيس مجلس الوزراء
الإجــــــــــراءات
      بتاريخ 21/5/2014، أودع المدعى صحيفةهذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبًا الحكم بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 6 لسنة2012 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر .
          وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبتفيها الحكم برفض الدعوى .
          وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
      ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضرالجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمــــــــة
          بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
   وحيث إن الوقائع، على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق، تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد أحالت المدعى إلى المحاكمة الجنائية بالقضية رقم 22912 لسنة 2012 جنايات مينا البصل المقيدة برقم 4068 كلى غرب إسكندرية بوصف أنه فى يوم 6/11/2012، بدائرة قسم مينا البصل بمحافظة الإسكندرية، أحرز بغير ترخيص سلاحين ناريين غير مششخنين، وأحرز ذخائر مما تستخدم على السلاحين محل الاتهام السابق دون أن يكون مرخصًا له بحيازتها أو إحرازها، واتجر بغير ترخيص فى سلاحين ناريين غير مششخنين. وطلبت النيابة العامة عقابه بالمواد (1/1) و(6) و(12/1) و(26/1، 4) و(28/2) و(30/1) من القانون رقم 394 لسنة 1954فى شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانونين رقمى 26 لسنة 1978 و165 لسنة 1981والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والجدول رقم (2) المرفق بهذا القانون. وتدوولتالدعوى الجنائية أمام محكمة جنايات الإسكندرية، وبجلسة 28/4/2014، دفع المدعى بعدمدستورية المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 فيما تضمنه من عدم جواز استعمال المادة (17)من قانون العقوبات، فقررت تلك المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 22/6/2014، وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى الماثلة .
     وحيث إن المادة (26) من القانون رقم 394لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر مستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 تنصعلى أن :
الفقرة الأولى : " يعاقب بالسجن وغرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من يحوز أو يحرزبالذات أو بالواسطة بغير ترخيص سلاحًا من الأسلحة المنصوص عليها بالجدول رقم (2) المرافق" .
الفقرة الثانية : " ويعاقب بالسجن المشدد وغرامة لا تجاوز خمسة عشر ألف جنيه كل من يحوز أو يحرز بالذات أو بالواسطة بغير ترخيص سلاحًا من الأسلحة المنصوص عليهابالقسم الأول من الجدول رقم (3) المرافق " .
الفقرة الثالثة : " وتكون العقوبة السجن المؤبد وغرامة لا تجاوز عشرين ألف جنيه إذاكان الجانى حائزًا أو محرزًا بالذات أو بالواسطة سلاحًا من الأسلحة المنصوص عليهابالقسم الثانى من الجدول رقم (3) .
الفقرة الرابعة : " ويعاقب بالسجن وغرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من يحوز أو يحرز بالذات أو بالواسطة ذخائر مما تستعمل فى الأسلحة المنصوص عليها بالجدولين رقم(2 و3) " .
الفقرة الخامسة : " وتكون العقوبة السجن المؤبد وغرامة لا تجاوز عشرين ألف جنيه إذاكان الجانى من الأشخاص المذكورين بالبنود من (ب) إلى (و) من المادة (7) من هذاالقانون .
الفقرة السادسة : " ومع عدم الإخلال بأحكام الباب الثانى مكررًا من قانون العقوبات تكون العقوبة السجن المشدد أو المؤبد ......... " .
الفقرة السابعة : " واستثناءً من أحكام المادة (17) من قانون العقوبات لا يجوزالنزول بالعقوبة بالنسبة للجرائم الواردة فى هذه المادة " .
  وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة تعدشرطًا لقبول الدعوى الدستورية، ومناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمةفى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فىالطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع، متى كان ذلك، وكان المدعى قدأحيل إلى المحاكمة الجنائية بوصف أنه 1 – أحرز بغير ترخيص سلاحين ناريين غيرمششخنين 2 – أحرز بدون ترخيص ذخائر مما تستخدم على هذين السلاحين 3 – اتجر بدونترخيص فى سلاحين ناريين غير مششخنين، وطلبت النيابة عقابه بالمواد (1/1 و6 و12/1 و26/1،4 و28/2 و30/1) من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر معدلاًبالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012، وكان الدفع بعدم الدستورية الذى أبداه المدعىأمام محكمة الموضوع يتوخى فى حقيقته القضاء بعدم دستورية ما قضت به الفقرة السابعةمن المادة (26) من القانون المذكور من عدم جواز النزول بالعقوبة المحددة للجرائمالواردة فى هذه المادة استثناءً من حكم المادة (17) من قانون العقوبات أملاً منه فى أن تستعيد محكمة الموضوع سلطتها التقديرية فى اختيار العقوبة التى تراها مناسبة للجرائم المنسوب إلى المدعى ارتكابها، ومن ثم فإن مصلحة المدعى الشخصية المباشرةفى الدعوى الدستورية الماثلة تنحصر فى الطعن على الفقرة السابعة من المادة (26) منالقانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر معدلة بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 فيما نصت عليه من (واستثناء من أحكام المادة (17) من قانون العقوبات لايجوز النزول بالعقوبة بالنسبة للجرائم الواردة فى هذه المادة) .
    وحيث إن الجريمتين المنسوب إلى المدعى ارتكابهماوهما إحراز سلاحين ناريين غير مششخنين بدون ترخيص وإحراز ذخائر مما تستخدم علىهذين السلاحين دون ترخيص واردتان بالفقرتين الأولى والرابعة من المادة (26) منقانون الأسلحة والذخائر المشار إليه، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد بنصالفقرة الأخيرة من المادة (26) من قانون الأسلحة والذخائر فى مجال إعماله بالنسبةللجريمتين المنصوص عليهما فى الفقرتين الأولى والرابعة من المادة ذاتها.
    وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبقأن حسمت المسألة الدستورية المثارة بالنسبة للجريمة الواردة بنص الفقرة الرابعة منالمادة (26) من قانون الأسلحة والذخائر المشار إليه، وذلك بقضائها الصادر بجلسة 8/11/2014،فى القضية رقم 196 لسنة 35 قضائية دستورية والذى قضى ( بعدم دستورية نص الفقرةالأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائرالمستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 فيما تضمنه مناستثناء تطبيق أحكام المادة (17) من قانون العقوبات بالنسبة للجريمتين المنصوصعليهما بالفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ذاتها)، وقد نشر هذا الحكم بالجريدةالرسمية بالعدد رقم 45 مكرر (ب) بتاريخ 12/11/2014، ومن ثم وعملاً بحكم المادتين (48و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 فإنالخصومة فى هذا الشق من الدعوى تغدو منتهية .
    وحيث إن المدعى ينعى على المرسوم بقانونرقم 6 لسنة 2012 المشار إليه أنه صدر بالمخالفة للأوضاع الدستورية المقررةبالدستور الصادر فى عام 1971 والذى كان ساريًا لدى تفويض رئيس الجمهورية الأسبقللمجلس الأعلى للقوات المسلحة فى إدارة شئون البلاد، وأنه بعد إجراء الاستفتاء علىتعديل بعض مواد هذا الدستور فى 19/3/2011، قام هذا المجلس بإضافة (52) مادة أخرىدون استفتاء الشعب عليها، وأصدر فى 30/3/2011، إعلانًا دستوريًا أعطت المادة (56) منهللمجلس ذاته سلطة التشريع بالمخالفة لنص المادة (3) من دستور عام 1971، ومن ثم فإنكافة المراسيم بقوانين التى صدرت استنادًا لهذا الإعلان الدستورى – ومن بينهاالمرسوم بقانون المطعون عليه – تكون غير دستورية لصدورها ممن لا صفة له .
     ومن حيث إن استيثاق هذه المحكمة مناستيفاء النصوص التشريعية المطعون فيها للأوضاع الشكلية المقررة دستوريًا فى شأنإصدارها، يعد أمرًا سابقًا بالضرورة على خوضها فى عيوبها الموضوعية. لما كان ذلك،وكانت هذه المحكمة قد سبق أن عرض عليها أمر دستورية بعض نصوص المرسوم بقانون رقم 6لسنة 2012 فى حكمها الصادر بجلسة 8/11/2014، فى القضية رقم 196 لسنة 35 ق "دستورية"،والذى قضى " بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر مستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6لسنة 2012 فيما تضمنه من استثناء تطبيق أحكام المادة (17) من قانون العقوباتبالنسبة للجريمتين المنصوص عليهما بالفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ذاتها "،وذلك لمخالفته لأحكام موضوعية فى الدستور الصادر عام 2014 تضمنتها المواد (94) و(96)و(99) و(184) و(186) منه، مما مؤداه استيفاء المرسوم بقانون المشار إليه للأوضاعالشكلية المقررة فى شأن إصداره، بما يحول دون بحثها من جديد، ومن ثم فإن المناعىالشكلية التى نسبها المدعى إلى المرسوم بقانون الطعين تكون غير مقبولة .
          وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين،من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستورالقائم دون غيره، إذ أن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً - وعلى ما جرى عليه قضاءهذه المحكمة- صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه وأن نصوص هذاالدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقامالصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها، ومراعاتها، وإهدار مايخالفها من تشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة . ومن ثم فإن هذه المحكمةتباشر رقابتها على النص المطعون عليه - محددًا نطاقًا على النحو المتقدم بيانه - منخلال أحكام الوثيقة الدستورية الصادرة فى 18 يناير سنة 2014 .
          وحيث إن المدعى ينعى على نص الفقرةالأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائرالمستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 أنها قيدت سلطة القاضى فى تطبيق أحكامالمادة (17) من قانون العقوبات، الأمر الذى يُعد تعديًا على استقلال القضاء، كماأنه يخالف مبدأ المساواة .
وحيثإن هذا النعى سديد فى جوهره، ذلك أن الدستور كفل فى مادته السادسة والتسعين، الحقفى المحاكمة المنصفة بما تنص عليه من أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته فى محاكمةقانونية عادلة، تُكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه . وهو حق نص عليه الإعلانالعالمى لحقوق الإنسان فى مادتيه العاشرة والحادية عشرة التى تقرر أولاهما : أنلكل شخص حقًّا مكتملاً ومتكافئًا مع غيره فى محاكمة علنية، ومنصفة، تقوم عليهامحكمة مستقلة ومحايدة، تتولى الفصل فى حقوقه والتزاماته المدنية، أو فى التهمةالجنائية الموجهة إليه . وتُرَدِّدُ ثانيتهما : فى فقرتها الأولى حق كل شخص وجهتإليه تهمة جنائية، فى أن تُفترض براءته إلى أن تثبت إدانته فى محاكمة علنية تُوفرله فيها الضمانات الضرورية لدفاعه، وهذه الفقرة تؤكد قاعدة استقر العمل علىتطبيقها فى الدول الديمقراطية، وتقع فى إطارها مجموعة من الضمانات الأساسية تكفلبتكاملها مفهومًا للعدالة يتفق بوجه عام مع المقاييس المعاصرة المعمول بها فىالدول المتحضرة، وهى بذلك تتصل بتشكيل المحكمة، وقواعد تنظيمها، وطبيعة القواعدالإجرائية المعمول بها أمامها، وكيفية تطبيقها من الناحية العملية، كما أنها تعتبرفى نطاق الاتهام الجنائى، وثيقة الصلة بالحرية الشخصية التى كفلها الدستور، ولايجوز بالتالى تفسير هذه القاعدة تفسيرًا ضيقًا، إذ هى ضمان مبدئى لرد العدوان عنحقوق المواطن وحرياته الأساسية، وهى التى تكفل تمتعه بها فى إطار من الفرصالمتكافئة، ولأن نطاقها - وإن كان لا يقتصر على الاتهام الجنائى - إنما يمتد إلىكل دعوى ولو كانت الحقوق المثارة فيها من طبيعة مدنية، إلا أن المحاكمة المنصفةتعتبر أكثر لزومًا فى الدعوى الجنائية وذلك أيًّا كانت طبيعة الجريمة، وبغض النظرعن درجة خطورتها .
          وحيث إنه على ضوء ما تقدم، تتمثل ضوابطالمحاكمة المنصفة فى مجموعة من القواعد المبدئية التى تعكس مضامينها نطاقًا متكاملالملامح، يتوخى بالأسس التى يقوم عليها، صون كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية، ويحولبضماناته دون إساءة استخدام العقوبة بما يخرجها عن أهدافها، وذلك انطلاقًا منإيمان الأمم المتحضرة بحرمة الحياة الخاصة، وبوطأة القيود التى تنال من الحريةالشخصية، ولضمان أن تتقيد الدولة عند مباشرتها لسلطاتها فى مجال فرض العقوبة صونًاللنظام الاجتماعى، بالأغراض النهائية للقوانين العقابية، التى ينافيها أن تكونإدانة المتهم هدفًا مقصودًا لذاته، أو أن تكون القواعد التى تتم محاكمته علىضوئها، مصادمة للمفهوم الصحيح لإدارة العدالة الجنائية إدارة فعالة بل يتعين أنتلتزم هذه القواعد مجموعة من القيم التى تكفل لحقوق المتهم الحد الأدنى منالحماية، التى لا يجوز النزول عنها أو الانتقاص منها .
          وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمةأن الأصل فى العقوبة هو معقوليتها، فلا يكون التدخل فيها إلا بقدر، نأيًا بها عنأن تكون إيلامًا غير مبرر، يؤكد قسوتها فى غير ضرورة، ذلك أن القانون الجنائى، وإناتفق مع غيره من القوانين فى تنظيم بعض العلائق التى يرتبط بها الأفراد فيما بينبعضهم البعض، أو من خلال مجتمعهم بقصد ضبطها، إلا أن القانون الجنائى يفارقها فىاتخاذ العقوبة أداة لتقويم ما يصدر عنهم من أفعال نهاهم عن ارتكابها . وهو بذلكيتغيا أن يحدد - ومن منظور اجتماعى - ما لا يجوز التسامح فيه من مظاهر سلوكهم، وأنيسيطر عليها بوسائل يكون قبولها اجتماعيًّا ممكنًا، بما مؤداه أن الجزاء علىأفعالهم لا يكون مبررًا إلا إذا كان مفيدًا من وجهة اجتماعية، فإن كان مجاوزًا تلكالحدود التى لا يكون معها ضروريًّا، غدا مخالفًا للدستور .
          وحيث إن قضاء هذه المحكمة، قد جرى علىأن المتهمين لا تجوز معاملتهم بوصفهم نمطًا ثابتًا، أو النظر إليهم باعتبار أنصورة واحدة تجمعهم لتصبهم فى قالبها، بما مؤداه أن الأصل فى العقوبة هو تفريدها لاتعميمها، وتقرير استثناء تشريعى من هذا الأصل - أيًّا كانت الأغراض التى يتوخاها -مؤداه أن المذنبين جميعهم تتوافق ظروفهم، وأن عقوبتهم يجب أن تكون واحدة لا تغايرفيها، وهو ما يعنى إيقاع جزاء فى غير ضرورة بما يفقد العقوبة تناسبها مع وزنالجريمة وملابساتها والظروف الشخصية لمرتكبها، وبما يقيد الحرية الشخصية دون مقتض .ذلك أن مشروعية العقوبة - من زاوية دستورية - مناطها أن يباشر كل قاض سلطته فىمجال التدرج بها وتجزئتها، تقديرًا لها، فى الحدود المقررة قانونًا، فذلك وحدهالطريق إلى معقوليتها وإنسانيتها جبرًا لآثار الجريمة من منظور عادل يتعلق بهاوبمرتكبها .
          وحيث إنه من المقرر أن شخصية العقوبةوتناسبها مع الجريمة محلها مرتبطان بمن يكون قانونًا مسئولاً عن ارتكابها على ضوءدوره فيها، ونواياه التى قارنتها، وما نجم عنها من ضرر، ليكون الجزاء عنها موافقًالخياراته بشأنها . متى كان ذلك، وكان تقدير هذه العناصر جميعها، داخلاً فى إطار الخصائصالجوهرية للوظيفة القضائية؛ فإن حرمان من يباشرون تلك الوظيفة من سلطتهم فى مجالتفريد العقوبة بما يوائم بين الصيغة التى أفرغت فيها ومتطلبات تطبيقها فى كل حالةبذاتها؛ مؤداه بالضرورة أن تفقد النصوص العقابية اتصالها بواقعها، فلا تنبضبالحياة، ولا يكون إنفاذها إلا عملاً مجردًا يعزلها عن بيئتها دالاًّ على قسوتهاأو مجاوزتها حد الاعتدال، جامدًا، فجًّا، منافيًا لقيم الحق والعدل .
          وحيث إن الدستور الصادر عام 2014 إذ نصفى المادة (94) منه على خضوع الدولة للقانون وأن استقلال القضاء، وحصانته، وحيدته،ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات، كما أكد على هذه المبادئ فى المادتين (184)و(186) من الدستور ذاته، فقد دلَّ على أن الدولة القانونية هى التى تتقيد فى كافةمظاهر نشاطها- وأيًّا كانت طبيعة سلطاتها - بقواعد قانونية تعلو عليها وتكونبذاتها ضابطًا لأعمالها وتصرفاتها فى أشكالها المختلفة، ذلك أن ممارسة السلطة لمتعد امتيازًا شخصيًّا لأحد ولكنها تباشر نيابة عن الجماعة ولصالحها، ولأن الدولةالقانونية هى التى يتوافر لكل مواطن فى كنفها الضمانة الأولية لحماية حقوقهوحرياته، ولتنظيم السلطة وممارستها فى إطار من المشروعية، وهى ضمانة يدعمها القضاءمن خلال استقلاله وحصانته لتصبح القاعدة القانونية محورًا لكل تنظيم، وحدًّا لكلسلطة، ورادعًا من كل عدوان .
          وحيث إنه من المقرر قانونًا أن العقوبةالتخييرية، أو استبدال عقوبة أخف أو تدبير احترازى بعقوبة أصلية أشد - عند توافرعذر قانونى جوازى مخفف للعقوبة - أو إجازة استعمال الرأفة فى مواد الجناياتبالنزول بعقوبتها درجة واحدة أو درجتين إذا اقتضت أحوال الجريمة ذلك عملاً بنصالمادة (17) من قانون العقوبات، أو إيقاف تنفيذ عقوبتى الغرامة أو الحبس الذى لاتزيد مدته على سنة إذا رأت المحكمة من الظروف الشخصية للمحكوم عليه أو الظروفالعينية التى لابست الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بعدم العودة إلى مخالفة القانونعلى ما جرى به نص المادة (55) من قانون العقوبات، إنما هى أدوات تشريعية يتسـاندإليها القاضى - بحسب ظروف كل دعوى - لتطبيق مبدأ تفريد العقوبة، ومن ثم ففىالأحوال التى يمتنع عليه إعمال إحدى هذه الأدوات، فإن الاختصاص المنوط به فى تفريدالعقوبة يكون قد انتقص منه، بما يفتئت على استقلاله وحريته فى تقدير العقوبة،وينطوى على تدخل محظور فى شئون العدالة والقضايا .
          وحيث إن العقوبة المقررة لجريمة حيازةسلاح نارى من الأسلحة المنصوص عليها بالجدول رقم (2) المرفق بالقانون رقم 394 لسنة1954 معدلاً بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والمسندة للمتهم فى الدعوى الموضوعيةهى السجن وغرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه، ومن ثم فإن هذه العقوبة تعد من العقوباتغير التخييرية، والتى لم يُنص على أعذار قانونية جوازية مخففة لها، ويمتنع بالنصالمطعون فيه النزول عنها فيما لو اتضح لقاضى الموضوع قسوتها فى ضوء أحوال الجريمةالتى تقتضى رأفته، بما يحول بينه وبين إعمال سلطته فى تفريد العقوبة .
          وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن النصالمطعون فيه يكون قد أهدر من خلال الانتقاص من سلطة القاضى فى تفريد العقوبة،جانبًا جوهريًا من الوظيفة القضائية، وجاء منطويًا كذلك على تدخل فى شئون العدالة،مقيدًا الحرية الشخصية فى غير ضرورة، ونائيًا عن ضوابط المحاكمة المنصفة، ومخلاًبمبدأ خضوع الدولة للقانون، وواقعًا بالتالى فى حمأة مخالفة أحكام المواد (94)، (96)،(99)، (184)، (186) من الدستور .
فلهــــذه الأسبــــاب
          حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرةا لأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر،المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 فيما تضمنه مناستثناء تطبيق أحكام المادة (17) من قانون العقوبات بالنسبة للجريمة المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة ذاتها ، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

دعوى استرداد الرسوم منازعة ادارية يختص بها مجلس الدولة

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
   بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع عشر من فبراير سنـة 2015م، الموافـق الخامس والعشرين من ربيع الآخر سنة 1436هـ .
برئاسة السيدالمستشار / عدلى محمود منصور   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : عبدالوهاب عبد الرازق ومحمد عبدالعزيز الشناوى ومحمد خيرى طـه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى اسكندر والدكتور حمدان حسن فهمي  نواب رئيس المحكمة
وحضور السيدالمستشار / محمود محمد غنيم رئيس هيئةالمفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع    أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضيةا لمقيدة بجـدول المحكمـة الدستورية العليـا برقـم 18 لسنة 34 قضائية " تنازع ".
المقامة من
1-     السيد محافظ المنيـــــا
2-     السيد رئيس الوحدة المحلية لمجلس قروىدروة
ضـــــــــــد
السيد/ كامل فخرى عبد النعيم
----------------
الإجــــــــــــــــراءات
   بتاريخ الخامس والعشرين من شهر سبتمبر 2012، أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، بطلب الحكم : أولاً – وبصفة مستعجلة، بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة المنيا الابتدائية مدنى مستأنف ملوى، بجلسة 29/3/2012، فى القضية رقم 348 لسنة 2011، لحين الفصـل فى موضـوع النزاع؛ وثانيًا – فى الموضوع، بالاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا، بجلسة 18/2/2006، فى الطعن رقم 4395 لسنة 47 قضائية عليا، دون حكم محكمة مدنى مستأنف ملوى سالف الإشارة .
          وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
          ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
-------------
المحكمــــــــــــــــــة
          بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
          حيث إن الوقائع تتحصل – حسب ما يبين منصحيفة الدعوى، وسائر الأوراق – فى أن المدعى عليه يمتلك مخبزًا بلديًّا مرخصًا له بإنتاج الخبز وتوزيعه، وسبق له أن أقام الدعوى رقم 223 لسنة 10 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى ضد المدعيين، بتاريخ 8/11/1998، طالبًا الحكم بإلغاء قرارات محافظ المنيا الصادرة منذ سنة 1990، الخاصة بفرض رسم على جوالات الدقيق المسلمة للمخابز لصالح حساب الخدمات والتنمية المحلية، مع ما يترتب على ذلك من آثار . وبجلسة 6/12/2000، قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه وتعديلاته فيما تضمنه من فرض رسم على كل جوال دقيق سُلم لمخبز المدعى، وما يترتب على ذلك من آثار منها استرداد ما سبق تحصيله منه، ووقف هذا الرسم مستقبلاً . وقد طعن المدعيان على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، وقيد طعنهما برقم 4395 لسنة 47 القضائية، والذى قضت فيه المحكمة بجلسة 18/2/2006، بتعديل الحكم المطعون فيه إلى أحقية المطعون ضده فى استرداد ما سبق تحصيله منه من مبالغ مع التقيد بأحكام التقادم الثلاثى . ومن ناحية أخرى، فقد أقام المدعى عليه ضد المدعيين الدعوى رقم 280 لسنة 2009 مدنى جزئى ملوى، بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا له مبلغ 40000 جنيه قيمة الرسوم التى حصلت منه بدون وجه حق، وفوائده القانونية، فى مشروع منافذ توزيع الخبز البلدى، من قبل الوحدة المحلية بملوى، وذلك عن المدة من 26/10/1989، وحتى 1/8/2001 . وبجلسة 22/11/2011 ، حكمت المحكمة بسقوط حقه فى الاسترداد بالتقادم الثلاثى؛ فطعن على هذا الحكم بالاستئناف رقم 348 لسنة 2011 مدنى مستأنف ملوى، وعدل طلباته إلى طلب إلزام المدعيين بصفتهما بأن يؤديا له مبلغ 36122,10 جنيهًا. وبجلسة 29/3/2012، حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا بإلزام المستأنف ضدهما متضامنين بأن يؤديا للمستأنف مبلغ 36122,10 جنيهًا، وفائدة قدرها أربعة فى المائة من تاريخ المطالبة القضائية فى 14/6/2009، وحتى تمام السداد . ويرى المدعيان أن الحكم الصادر عن القضاء المدنى قد أخرج الواقعة محل التداعى من نطاق تطبيق المادتين (187 /2 و377) من القانون المدنى، ليكون استرداد المدعى عليه لما سبق وأن سدده للمدعى الثانى دون وجه حق خاضعًا للقواعد العامة فى حساب مدد التقادم، فى حين اتجه حكم المحكمة الإدارية العليا إلى خلاف ذلك مقيدًا هذا الاستحقاق بقيد التقادم الثلاثى المنصوص عليه فى المادة (377/ 2) من القانون المدنى . ومن ثم، فإنهما قد تناقضا على نحو لا يسمح بتنفيذهما معًا؛ وهو الأمر الذى يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للتدخل وتحديد أيهما أولى بالتنفيذ؛ مما حدا بهما إلى إقامة الدعوى الماثلة.
     وحيث إن المقرر أن الفصل فى موضوع الدعوى يغنى عن الفصل فى الشق العاجل منها .
   وحيث إن مناط قبول طلب الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، طبقًا للبند ثالثًا من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صادرًا من أية جهة من جهات القضاء، أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخر منجهة أخرى منها، وأن يكونا قد تعامدا على محل واحد، وحسما النزاع فى موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا، مما يستوجب أن تتولى هذه المحكمة حسم التناقض الواقع بين الحكمين، بالمفاضلة بينهما على أساس قواعد الاختصاص الولائى لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التى لها ولاية الفصل فى الدعوى، وأحقهما بالتالى بالتنفيذ .
    وحيث إن جوهر النزاع الذى فصل فيه الحكمان موضوع الدعوى الماثلة واحد، ذلك أن المنازعة القضائية التى أقامها المدعى عليه بداية أمام القضاء العادى، ثم القضاء الإدارى، تدور حول حقه فى استرداد ما سبق أن أداه من رسوم محلية نفاذًا لقرار محافظ المنيا رقم 190 لسنة 1989، المستند فى صدوره إلى قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1979 بشأن الرسوم الموحدة للمجالس المحلية، وذلك بعد أن زال سند تقريرها بأثر رجعي بصدور حكم هذه المحكمة فى القضية رقم 36 لسنة 18 قضائية "دستورية" بجلسة 3/1/1998، الذى تضمن القضاء بعدم دستورية قرار محافظ المنيا رقم 239 لسنة 1979 المشار إليه . إذ قضت المحكمة الإدارية العليا بأحقية المدعى عليه فى استرداد الرسوم المحلية التى يطالببها مع التقيد فى ذلك بأحكام التقادم الثلاثى طبقًا لأحكام المادة (377 /2) من القانون المدنى، فى حين قضت محكمة مدنى مستأنف ملوى بأحقية المدعى عليه فى استرداد الرسوم المدفوعة دون ربط الاسترداد بالتقادم الثلاثى . وبذلك يكون هذان الحكمان قد اتحدا نطاقًا، وتناقضا، وغدا إنفاذ أحدهما قضائيًّا متعذرًا . ومن ثم، فإن مناط التناقض يكون متحققًا .
وحيث إن المنازعة موضوع الحكمين المتناقضين تتعلق بكيفية استرداد ما تم سداده من رسوم محلية بأثر رجعى بعد أن تقرر عدم دستورية فرضها؛ وكان المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المشرع أقر بالطبيعة الإدارية للطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم، بدءًا من القانون رقم 165 لسنة 1955 فى شأن تنظيم مجلس الدولة، الذى أسند بنص البند سابعًا من المادة (8) منه لمجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى الاختصاص بالفصل فى تلك المنازعات، وأوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار أنها ذات طبيعة إدارية بحتة، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة على النهج ذاته فنص فى البند سابعًا من المادة (8) منه على الحكم ذاته، وأكدت هذا الاختصاص المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، التى عقدت فى البند السادس منها الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم وفقًا للقانون الذى ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة، وقد أكدت هذا الاختصاص المادة (190) من الدستور القائم بنصها على اختصاص مجلس الدولة دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية .
وحيث إنه لما كان ذلك، فإن المنازعة الماثلة وقد تعلقت باسترداد قيمة رسم محلى قُضى بعدم دستورية فرضه تعد منازعة إدارية بطبيعتها، وتدخل ضمن الاختصاص المحدد للقضاءالإدارى، باعتباره صاحب الولاية العامة فى الفصل فى كافة المنازعات الإدارية وقاضيهـا الطبيعى، ومن ثم فإنه يتعين القضاء بالاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا، بجلسة 18/2/2006، فى الطعن رقم 4395 لسنة 47 قضائية عليــا، دون حكم محكمة المنيا الابتدائية ( مدنى مستأنف ملوى ) بجلسة 29/3/2012، فى القضية رقم 348 لسنة 2011 .
فلهــــذه الأسبــــاب
    حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 18/2/2006، فى الطعن رقم 4395 لسنة 47 قضائية عليا، دون الحكم الصادر من محكمة المنيا الابتدائية  بجلسة 29/3/2012، فى القضية رقم 348 لسنة 2011 ( مدنى مستأنف ملوى ).