جلسة 26 من سبتمبر سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومحمد شعبان باشا وسلامة أحمد عبد المجيد نواب رئيس المحكمة ومحمد سامي إبراهيم.
---------------
(109)
الطعن رقم 14845 لسنة 70 القضائية
(1) نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
الطعن بالنقض. قصره على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة. المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
الطعن بالنقض في حكم حضوري اعتباري صادر من محكمة الجنايات. غير جائز.
(2) حكم "وصف الحكم". معارضة "نظرها والحكم فيها".
مناط اعتبار الحكم حضورياً وفقاً للمادة 239 إجراءات؟
(3) معارضة "نظرها والحكم فيها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المعارضة في الحكم الحضوري الاعتباري وفقاً للمادة 241 إجراءات. شرط قبولها؟
عدم جواز مجادلة المحكمة في عدم اطمئنانها إلى صحة عذر الطاعنين أمام النقض. ما دام سائغاً. علة ذلك؟
مثال لتسبيب سائغ في طرح عذر الطاعنين في التخلف عن حضور الجلسة التي صدر فيها الحكم الحضوري الاعتباري.
(4) اختصاص "الاختصاص الولائي" "النوعي". محكمة الجنايات "اختصاصها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
انعقاد محكمة الجنايات في كل مدينة بها محكمة ابتدائية. تشمل دائرة اختصاصها ما تشمله دائرة المحكمة الابتدائية. المادة 8 من القانون 46 لسنة 1972.
اختصاص محكمة الجنايات بكل فعل يعد بمقتضى القانون جناية أو جنحة تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر بدائرة المحكمة الابتدائية. المادة 216 إجراءات.
توزيع العمل بين دوائر محكمة الاستئناف. تنظيم إداري. لا بطلان على مخالفته. أثر ذلك؟
(5) قضاة "صلاحيتهم". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". رد.
الحالات التي يمتنع فيها على القاضي نظر الدعوى. ورودها على سبيل الحصر في المادة 247 إجراءات. عدم توافر أي منها. أثره؟
طلب رد الدائرة أثناء نظر الدعوى. والقضاء بعدم قبوله. النعي عليه في هذا الشأن. غير مقبول.
(6) حكم "بيانات التسبيب". معارضة "نظرها والحكم فيها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان حكم لأسبابه. لزومه في أحكام الإدانة الصادرة في الموضوع.
الحكم بعدم قبول المعارضة. شكلي. إغفاله بيان الأسباب. لا يعيبه.
(7) حكم "بياناته" "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". دعوى مدنية. محضر الجلسة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محضر الجلسة. يكمل الحكم في إثبات اسم المدعي بالحقوق المدنية.
مثال.
2 - مناط اعتبار الحكم حضورياً وفق المادة 239 من قانون الإجراءات الجنائية أن يحضر المتهم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك، أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها الدعوى بدون أن يقدم عذراً مقبولاً، ما دام أن التأجيل كان لجلسات متلاحقة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم تكون المحكمة قد أصابت وجه الحق إذ اعتبرت الحكم حضورياً.
3 - المعارضة في الحكم الحضوري الاعتباري لا تقبل إلا إذا أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم وفق ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 241 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لعذر الطاعنين في التخلف عن حضور الجلسة التي صدر فيها الحكم الحضوري الاعتباري وأطرحه في قوله "وحيث إنه عن طلب المتهمين قبول عذرهم في عدم حضورهم جلسة....... لما تساندوا إليه من عدم علمهم بالقاعة التي تنظر بها الجلسة تارة أو من تواجدهم بغرفة المحامين أثناء نظرها تارة ثانية ومن تواجدهم بين أروقة قاعات المحكمة التي تزيد على عشر قاعات على حد قولهم تارة ثالثة ومن عذر ثلاثة منهم المرضى الذي حال دون حضورهم بتلك الجلسة على ما ورد بطلبات فتح باب المرافعة حال حجز الدعوى للحكم في جلسة...... إلى جلسة ..... والمرفقة بمفردات الدعوى تارة رابعة، فإن المحكمة لا ترى في هذا ولا في ذاك ما يتوافر به العذر القهري الذي حال بين المتهمين وبين حضورهم بجلسة........ التي تخلفوا فيها عن الحضور لأن حرص المتهم على دعواه يحتم عليه أن يتابع الجلسة ومكان انعقادها ولا يتعلل بتركه قاعة الجلسة وتواجده بغرفة المحامين أو بين أروقة المحكمة وقاعاتها سيما وهم المقرون بمذكرة دفاعهم أن الجلسة الأخيرة عقدت بذات القاعة التي عقدت بها الجلسة السابقة هذا عدا التناقض الذي يستحيل على المواءمة والتوفيق بين تواجد المتهمين بغرفة المحامين أو بمبنى المحكمة وبين قاعاتها وبين مرض ثلاثة منهم وتخلفهم عن حضور جلسة..... بسبب هذا المرض، ومن ثم يضحي تذرعهم في عدم الحضور غير سديد ويتعين القضاء بعدم معارضتهم شكلاً عملاً بالمادتين 239، 241 من قانون الإجراءات الجنائية مع إلزام المتهمين بالمصروفات الجنائية عملاً بالمادة 313 أ. ج" لما كان ذلك، وكان ما تحدثت به المحكمة في حكمها بخصوص عدم اطمئنانها إلى صحة عذر الطاعنين للأسباب السائغة التي أوردتها إنما كان في حدود سلطتها التقديرية والجدل في شأنها يرد في حقيقته على مسائل موضوعية لا شأن لمحكمة النقض بها، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعنون في هذا الصدد.
4 - المادة الثامنة من القرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية قد نصت على أن "تنعقد محكمة الجنايات في كل مدينة بها محكمة ابتدائية وتشمل دائرة اختصاصها ما تشمله دائرة المحكمة الابتدائية" كما نصت المادة 216 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "تحكم محكمة الجنايات في كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر" فإن اختصاص محكمة الجنايات ينعقد صحيحاً بالنسبة لجميع الجنايات والجنح المار بيانها التي تقع بدائرة المحكمة الابتدائية، ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 30 من قانون السلطة القضائية سالف البيان من اجتماع محكمة الاستئناف بهيئة جمعية عمومية للنظر في توزيع القضايا على الدوائر المختلفة، فإنه لم يقصد به سلب محكمة الجنايات اختصاصها المنعقد لها قانوناً بمقتضى المادة الثامنة سالفة الذكر بل هو مجرد تنظيم إداري لتوزيع الأعمال بين الدوائر المختلفة وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به دائرة دون دائرة أخرى مما لا يترتب البطلان على مخالفته، لما كان ذلك, وكان الطاعنون لا يجحدون أن المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه هي إحدى دوائر محكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة. فإن ما يدعون من بطلان الحكم لصدوره من دائرة لا اختصاص لها بإصداره لا يقوم على أساس من القانون.
5 - إن المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الحالات التي يمتنع فيها على القاضي نظر الدعوى لما بينها وبين ولاية القضاء من تعارض، وكان ما أورده الطاعنون بأسباب الطعن لا يندرج تحت أي من الحالات الواردة حصراً في هذه المادة، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. هذا فضلاً عن أن البين من الأوراق أن الطاعن الثاني قرر برد الدائرة أثناء نظر الدعوى وقضي بعدم قبول الرد. فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد لا يكون له محل.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بعدم قبول المعارضة فإن ما يثيره الطاعنون من خلو الحكم من الأسباب يكون غير مقبول لأن هذا البيان لا يكون لازماً إلا بالنسبة لأحكام الإدانة الصادرة في موضوع الدعوى ولا كذلك الحكم المطعون فيه الذي يدخل في عداد الأحكام الشكلية فحسب.
7 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم الحضوري الاعتباري ومدونات هذا الحكم أنها تضمنت اسم المدعي بالحقوق المدنية، وكان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في هذا الشأن فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان في هذا الصدد يكون غير مقبول.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أولاً: المتهمون من الأول إلى الثالث سبوا...... بأن وجهوا إليه عبارات تخدش الشرف والاعتبار وأسندوا إليه أموراً كاذبة لو كانت صادقة لأوجبت احتقاره عند أهل وطنه وذلك على النحو المنشور في أعداد جريدة...... أرقام......, ......، ......، ......، .....، ......، ......، .....، ......، . والأعداد الصادرة بتاريخ 15، 19، 29 من ديسمبر سنة 1998، و1، 5 من يناير سنة 1999، و2 من مارس سنة 1999. ثانياً: المتهم الرابع: سب الدكتور.... وكان ذلك بسبب أداء مهام وظيفته وزيراًً....... بأن رسم ونشر رسوماً كاريكاتيرية أسند له فيها وقائع ونعته بصفات تخدش الشرف والاعتبار لو صحت لأوجبت احتقاره عند أهل وطنه على النحو الذي رسمه ونشره في أعداد جريدة..... أرقام...... وأحالتهم إلى محكمة جنايات ...... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 171/ 5، 185، 302، 303/ 2، 307 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني والرابع بالحبس سنتين مع الشغل وغرامة عشرين ألف جنيه وبمعاقبة المتهم الثالث بتغريمه عشرين ألف جنيه عن التهمة المنسوبة إليه. ثانياً في الدعوى المدنية: بإلزام المدعى عليهم بأن يؤدوا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات....... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة "بهيئة مغايرة" قضت حضورياً اعتبارياً....... أولاً: في الدعوى الجنائية بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وتغريمهما عشرين ألف جنيه عما أُسند إليهما وبتغريم المتهم الثالث مبلغ عشرين ألف جنيه عما أُسند إليه وبمعاقبة المتهم الرابع بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه عشرين ألف جنيه عما أُسند إليه. ثانياً: في الدعوى المدنية بإلزام المدعى عليهم بأن يؤدوا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. عارضوا وقضي في معارضتهم في....... بعدم قبولها شكلاً.
فطعن كل من الأستاذ/ ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليهم الأول والثاني والثالث والأستاذ/ ....... المحامي عن المحكوم عليه الرابع في الحكمين بطريق النقض للمرة الثانية...... إلخ.
المحكمة
أولاً: عن الطعن في الحكم الصادر بجلسة 1/ 4/ 2000 : -
حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المحكوم عليهم - الطاعنين - طعنوا بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة جنايات........ بإدانتهم وإلزامهم بالتعويض المدني المؤقت وقضت محكمة النقض بنقض الحكم وإعادة القضية إلى محكمة الجنايات لتفصل فيها هيئة أخرى، ومحكمة جنايات...... - بهيئة جديدة - قضت حضورياً اعتبارياً بتاريخ....... بمعاقبة كل من الطاعنين الأول والثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وتغريمهما عشرين ألف جنيه وبتغريم الطاعن الثالث عشرين ألف جنيه وبحبس الطاعن الرابع سنة واحدة مع الشغل وتغريمه عشرين ألف جنيه وإلزامهم بأن يؤدوا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت والمصاريف. وإذ عارض الطاعنون في هذا الحكم قضت المحكمة بعدم قبول المعارضة. فقرر الطاعنون بالطعن بطريق النقض في الحكم الحضوري الاعتباري. لما كان ذلك وكان الطعن بطريق النقض طبقاً للمادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لا يصح أن يوجه إلى غير الحكم النهائي الصادر من آخر درجة، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنين عارضوا في الحكم الحضوري الاعتباري وقضي بعدم قبول المعارضة. ومن ثم فإن الطعن المرفوع منهم في هذا يكون غير جائز، ويتعين الحكم بعدم جواز الطعن ومصادرة الكفالة من الطاعن الثالث عملاً بالمادة 36 من القانون سالف الذكر.
ثانياً: عن الطعن في الحكم الصادر بجلسة 8/ 4/ 2000 : -
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنتها تقارير الأسباب المقدمة من الطاعنين هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول معارضتهم في الحكم الحضوري الاعتباري قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه البطلان والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
ذلك بأن الحكم المعارض فيه هو في حقيقته حكم غيابي تقبل فيه المعارضة بغير حاجة إلى إثبات قيام العذر المانع من الحضور، وأن تخلف الطاعنين عن الحضور بجلسة....... التي قررت المحكمة فيها حجز الدعوى للحكم بجلسة........ التي صدر فيها الحكم الحضوري الاعتباري المعارض فيه إنما يرجع إلى عذر قهري هو المرض الثابت بالشهادة الطبية المقدمة منهم وعدم علمهم بوقت ومكان انعقاد الجلسة إلا أن المحكمة رفضت عذر الطاعنين وأطرحت هذه الشهادات دون أن تستند في ذلك إلى أسباب سائغة، كما دفع الطاعنون بعدم اختصاص الدائرة بنظر الدعوى عن جريمة وقعت بدائرة قسم بولاق إذ أن قرار الجمعية العمومية لمحكمة استئناف القاهرة قضى بتوزيع العمل بين دوائر المحكمة المختلفة على أساس اختصاص هذه الدائرة بنظر الجنايات التي تقع في قسم الساحل واختصت دائرة أخرى بمقتضاه بنظر جنايات قسم بولاق وقد أطرح الحكم هذا الدفع بما لا يتفق وصحيح القانون، هذا فضلاً عن عدم صلاحية الدائرة للفصل في الدعوى إذ سبق لها الفصل في طلب الرد المقدم من الطاعنين ضد رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم المنقوض كما أنها عند إصدارها الحكم الحضوري الاعتباري أفصحت عن رأيها في عدم اطمئنانها لدليل عذر الطاعنين في التخلف عن حضور الجلسة التي حجزت فيها الدعوى للحكم بما يجعل الدائرة غير صالحة للفصل في المعارضة المرفوعة في هذا الحكم، وأخيراً فإن الحكم المطعون فيه لم يشتمل على الأسباب التي بني عليها وخلا من بيان اسم المدعي بالحقوق المدنية، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين جميعاً حضروا بجلسة 21/ 3/ 2000 وقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 22/ 3/ 2000 لسماع شهود النفي، وبتلك الجلسة حضر الطاعنان الثاني والرابع ولم يحضر الأول والثالث ثم توالت التأجيلات لجلسات متلاحقة حتى كانت جلسة 28/ 3/ 2000 وفيها لم يحضر أي من الطاعنين أو المدافعين عنهم فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة 1/ 4/ 2000 وفيها صدر الحكم حضورياً اعتبارياً بإدانة الطاعنين، وقد عارض الطاعنون في هذا الحكم وحضروا بجلسة 8/ 4/ 2000 المحددة لنظر معارضتهم وأبدوا عذر تخلفهم عن الحضور بالجلسة التي صدر فيها الحكم الحضوري الاعتباري المعارض فيه، وقضت المحكمة بعدم قبول معارضتهم شكلاً. لما كان ذلك، وكان مناط اعتبار الحكم حضورياً وفق المادة 239 من قانون الإجراءات الجنائية أن يحضر المتهم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها الدعوى بدون أن يقدم عذراً مقبولاً، ما دام أن التأجيل كان لجلسات متلاحقة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم تكون المحكمة قد أصابت وجه الحق إذ اعتبرت الحكم حضورياً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المعارضة في الحكم الحضوري الاعتباري لا تقبل إلا إذا أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم وفق ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 241 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لعذر الطاعنين في التخلف عن حضور الجلسة التي صدر فيها الحكم الحضوري الاعتباري وأطرحه في قوله "وحيث إنه عن طلب المتهمين قبول عذرهم في عدم حضورهم جلسة 28/ 3/ 2000 لما تساندوا إليه من عدم علمهم بالقاعة التي تنظر بها الجلسة تارة أو من تواجدهم بغرفة المحامين أثناء نظرها تارةً ثانية ومن تواجدهم بين أروقة قاعات المحكمة التي تزيد على عشر قاعات على حد قولهم تارةً ثالثة ومن عذر ثلاثة منهم المرضى الذي حال دون حضورهم بتلك الجلسة على ما ورد بطلبات فتح باب المرافعة حال حجز الدعوى للحكم في جلسة 28/ 3/ 2000 إلى جلسة 1/ 4/ 2000 والمرفقة بمفردات الدعوى تارة رابعة، فإن المحكمة لا ترى في هذا ولا في ذلك ما يتوافر به العذر القهري الذي حال بين المتهمين وبين حضورهم بجلسة 28/ 3/ 2000 التي تخلفوا فيها عن الحضور لأن حرص المتهم على دعواه يحتم عليه أن يتابع الجلسة ومكان انعقادها ولا يتعلل بتركه قاعة الجلسة وتواجده بغرفة المحامين أو بين أروقة المحكمة وقاعاتها سيما وهم المقرون بمذكرة دفاعهم أن الجلسة الأخيرة عقدت بذات القاعة التي عقدت بها الجلسة السابقة هذا عدا التناقض الذي يستحيل على المواءمة والتوفيق بين تواجد المتهمين بغرفة المحامين أو بمبنى المحكمة وبين قاعاتها وبين مرض ثلاثة منهم وتخلفهم عن حضور جلسة 28/ 3/ 2000 بسبب هذا المرض، ومن ثم يضحي تذرعهم في عدم الحضور غير سديد ويتعين القضاء بعدم قبول معارضتهم شكلاً عملاً بالمادتين 239، 241 من قانون الإجراءات الجنائية مع إلزام المتهمين بالمصروفات الجنائية عملاً بالمادة 313 أ. ج". لما كان ذلك، وكان ما تحدثت به المحكمة في حكمها بخصوص عدم اطمئنانها إلى صحة عذر الطاعنين للأسباب السائغة التي أوردتها إنما كان في حدود سلطتها التقديرية، والجدل في شأنها يرد في حقيقته على مسائل موضوعية لا شأن لمحكمة النقض بها، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعنون في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكانت المادة الثامنة من القرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية قد نصت على أن "تنعقد محكمة الجنايات في كل مدينة بها محكمة ابتدائية وتشمل دائرة اختصاصها ما تشمله دائرة المحكمة الابتدائية" كما نصت المادة 216 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "تحكم محكمة الجنايات في كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر" فإن اختصاص محكمة الجنايات ينعقد صحيحاً بالنسبة لجميع الجنايات والجنح المار بيانها التي تقع بدائرة المحكمة الابتدائية، ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 30 من قانون السلطة القضائية سالف البيان من اجتماع محكمة الاستئناف بهيئة جمعية عمومية للنظر في توزيع القضايا على الدوائر المختلفة، فإنه لم يقصد به سلب محكمة الجنايات اختصاصها المنعقد لها قانوناً بمقتضى المادة الثامنة سالفة الذكر بل هو مجرد تنظيم إداري لتوزيع الأعمال بين الدوائر المختلفة وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به دائرة دون دائرة أخرى مما لا يترتب البطلان على مخالفته. لما كان ذلك, وكان الطاعنون لا يجحدون أن المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه من إحدى دوائر محكمة الجنايات بمحكمة استئناف......، فإن ما يدعون من بطلان الحكم لصدوره من دائرة لا اختصاص لها بإصداره لا يقوم على أساس من القانون، لما كان ذلك، وكانت المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الحالات التي يمتنع فيها على القاضي نظر الدعوى لما بينها وبين ولاية القضاء من تعارض، وكان ما أورده الطاعنون بأسباب الطعن لا يندرج تحت أي من الحالات الواردة حصراً في هذه المادة، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد، هذا فضلاً عن أن البين من الأوراق أن الطاعن الثاني قرر برد الدائرة أثناء نظر الدعوى وقضي بعدم قبول طلب الرد، فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بعدم قبول المعارضة فإن ما يثيره الطاعنون من خلو الحكم من الأسباب يكون غير مقبول لأن هذا البيان لا يكون لازماً إلا بالنسبة لأحكام الإدانة الصادرة في موضوع الدعوى ولا كذلك الحكم المطعون فيه الذي يدخل في عداد الأحكام الشكلية فحسب. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم الحضوري الاعتباري ومدونات هذا الحكم أنها تضمنت اسم المدعي بالحقوق المدنية، وكان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في هذا الشأن، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة المودعة من الطاعن الثالث عملاً بالمادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.