جلسة 30 من يناير سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ محمد أمين طموم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنعم أحمد إبراهيم نائب رئيس المحكمة، محمد أحمد رشدي، عبد المنعم مندور علما وعبد الجواد موسى عبد الجواد.
-------------
(48)
الطعن رقم 4014 لسنة 66 القضائية
(1) صورية "صورية مطلقة: الغير في أحكام الصورية". بيع "صورية عقد البيع".
المشتري بعقد مسجل أو غير مسجل. له التمسك بصورية عقد المشتري الآخر من البائع له صورية مطلقة. علة ذلك. أنه من الغير. م 244 مدني.
(2) صورية "الصورية المطلقة والنسبية". تزوير.
الصورية المطلقة والصورية النسبية. ماهية كل منهما. اختلافها بنوعيها عن التزوير. علة ذلك. كلا المتعاقدين عالم بالصورية ومتواطئ عليها مع الآخر. أثره. عدم جواز الطعن في العقد الرسمي أو العرفي بالتزوير بسبب صوريته.
(3) حكم "تسبيبه: ما يعد قصوراً". صورية. بيع.
عدم تحدث الحكم عما تمسك به الخصم من صورية عقد البيع. قصور.
(4) صورية. تزوير. بيع "صورية عقد البيع".
الطعن بالتزوير على تاريخ العقد. لا يعتبر تنازلاً عن الدفع بصورية العقد المطلقة. علة ذلك. هو في حقيقته طعن بالصورية النسبية ولا مانع من الدفع بها بعد التمسك بالصورية المطلقة.
(5) تسجيل "الأفضلية بين المشترين". دعوى "دعوى صحة التعاقد". بيع. صورية "صورية مطلقة".
قاعدة الأسبقية في تسجيل صحيفة دعوى التعاقد. لا مجال لإعمالها إذا كان أحد العقدين صورياً صورية مطلقة.
--------------
1 - المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أن للمشتري سواء سجل عقده أو لم يسجل أن يتمسك بصورية عقد المشتري الآخر من البائع له صورية مطلقة ليتوصل بذلك إلى محو هذا العقد من الوجود إذ أنه بصفته من الغير بالمعنى الذي تقصده المادة 244 من القانون المدني يمكن أن يتمسك بتلك الصورية التي تتناول وجود العقد ذاته لإزالة جميع العوائق التي تصادفه في سبيل تحقيق أثر عقده.
2 - تختلف الصورية المطلقة عن الصورية النسبية التي لا تتناول وجود العقد وإنما تتناول تاريخه أو نوعه أو ركناً فيه أو شرطاً من شروطه أو شخص المتعاقدين كما تختلف الصورية بنوعيها عن التزوير لأن كلا المتعاقدين عالم بالصورية ومتواطئ عليها مع الآخر فلا يجوز إذن الطعن في العقد الرسمي أو العرفي بالتزوير بسبب صوريته.
3 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين تمسكوا في صحيفة استئنافهم بصورية عقد البيع الصادر للمطعون ضده الأول من المطعون ضده الثالث بصفته وكيلاً عن شقيقه المطعون ضده الثاني البائع لهم أرضاً زراعية تدخل فيها الأطيان موضوع العقد الأول صورية مطلقة وساقوا على ذلك عدة قرائن وصمموا على دفعهم هذا بمذكرتهم المقدمة فترة حجز الدعوى للحكم بجلسة 28/6/1995 فإنه يكون واجباً على محكمة الموضوع أن تتحدث عن هذه الصورية بما يكشف عن حقيقة الأمر وإلا حكمها قاصر الأسباب.
4 - لا يعتبر ما أضافه الطاعنون بمذكرتهم تلك من طعن بالتزوير على ذلك العقد تنازلاً عن دفعهم بالصورية المطلقة إذ أن ذلك الطعن هو في حقيقته طعن بالصورية النسبية تنصب على التاريخ وحده ولا يتعداه إلى العقد ذاته وليس ثمة ما يمنع في القانون من الدفع به بعد التمسك بالصورية المطلقة.
5 - إذ قضى الحكم المطعون فيه بصحة ونفاذ عقد المطعون ضده الأول تأسيساً على أسبقية تسجيل صحيفة دعواه على تسجيل عقود الطاعنين حال أنه لا مجال لإعمال هذه الأسبقية إذا كان أحد العقدين مطعون فيه بالصورية فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
--------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 2695 لسنة 1987 دمنهور الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 2/6/1983 والصادر إليه من المطعون ضده الثالث بصفته وكيلاً عن المطعون ضده الثاني ببيع مساحة 9 س 6 ق 11 ف على الشيوع في الأرض الزراعية المملوكة له والمبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى لقاء ثمن مقبوض مقداره 68500 جنيه مع إلزام المطعون ضده الثاني بتسليمه الأرض المبيعة. تدخل المطعون ضده الرابع في الدعوى طالباً الحكم برفضها وشطب ومحو تسجيل صحيفتها استناداً إلى أنه المالك لهذه الأطيان بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 15/1/1985 صادر من المطعون ضده الثاني. كما تدخل الطاعنون في الدعوى بطلب الحكم برفض الدعوى ورفض طلب تدخل المطعون ضده الرابع تأسيساً على شرائهم الأرض موضوع النزاع من المطعون ضده الثاني بموجب عقود مسجلة. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت في 28/5/1994 بقبول تدخل الطاعنين والمطعون ضده الرابع خصوماً هجوميين في الدعوى ورفض طلباتهم وأجابت المطعون ضده الأول إلى طلباته. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 980 لسنة 50ق أمام محكمة استئناف إسكندرية "مأمورية دمنهور" التي قضت بتاريخ 28/2/1996 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بصورية عقد البيع سند المطعون ضده الأول صورية مطلقة ودللوا على ذلك بأنه لم يضع يده على الأرض محل النزاع منذ تاريخ عقده ولمدة استطالت أربع سنوات زراعية حتى حيازتهم لها في تاريخ شرائهم إياها دون أن يطالب بتمكينه منها رغم ما تضمنه العقد من سداده كامل الثمن، وهو ما يتعارض مع ما جرى به العرف من إن الوفاء بالثمن جميعه لا يكون إلا عند استلام المبيع والتصديق على التوقيعات، وأن عدم قيام المطعون ضده الأول والبائع له بتسجيل عقدهما والتجائهما إلى طريق الدعوى يكشف عن صورية التاريخ المثبت بالعقد وإتمامه بعد إلغاء التوكيل سند البائع، ورغم أن هذا الدفاع جوهري إلا أن المحكمة التفتت عنه وأقامت قضاءها بصحة ونفاذ ذلك العقد تأسيساً على أسبقية تسجيل صحيفة الدعوى رغم أن المفاضلة لا تكون إلا بين عقدين صحيحين.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن للمشتري سواء سجل عقده أو لم يسجله أن يتمسك بصورية عقد المشتري الآخر من البائع له صورية مطلقة ليتوصل بذلك إلى محو هذا العقد من الوجود إذ أنه بصفته من الغير بالمعنى الذي تقصده المادة 244 من القانون المدني له أن يتمسك بتلك الصورية التي تتناول وجود العقد ذاته وذلك لإزالة جميع العوائق التي تصادفه في سبيل تحقيق أثر عقده، وتختلف هذه الصورية عن الصورية النسبية التي لا تتناول وجود العقد وإنما تتناول تاريخه أو نوعه أو ركناً فيه أو شرطاً من شروطه أو شخص المتعاقدين، كما تختلف الصورية بنوعيها عن التزوير لأن كلا المتعاقدين عالم بالصورية ومتواطئ عليها مع الآخر فلا يجوز إذن الطعن في العقد الرسمي أو العرفي بالتزوير بسبب صوريته؛ لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين تمسكوا في صحيفة استئنافهم بصورية عقد البيع الصادر للمطعون ضده الأول من المطعون ضده الثالث بصفته وكيلاً عن شقيقه المطعون ضده الثاني البائع لهم أرضاً زراعية تدخل فيها الأطيان موضوع العقد الأول صورية مطلقة وساقوا على ذلك عدة قرائن وصمموا على دفاعهم هذا بمذكرتهم المقدمة فترة حجز الدعوى للحكم بجلسة 28/6/1995 فإنه يكون واجباً على محكمة الموضوع أن تتحدث عن هذه الصورية بما يكشف عن حقيقة الأمر وإلا كان حكمها قاصر الأسباب، ولا يعتبر ما أضافه الطاعنون بمذكرتهم تلك من طعن بالتزوير على ذلك العقد تنازلاً عن دفعهم بالصورية المطلقة إذ أن ذلك الطعن هو في حقيقته طعن بالصورية النسبية تنصب على التاريخ وحده ولا يتعداه إلى العقد ذاته وليس ثمة ما يمنع في القانون من الدفع به بعد التمسك بالصورية المطلقة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بصحة ونفاذ عقد المطعون ضده الأول تأسيساً على أسبقية تسجيل صحيفة دعواه على تسجيل عقود الطاعنين حال أنه لا مجال لإعمال هذه الأسبقية إذا كان أحد العقدين مطعون فيه بالصورية المطلقة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما حجبه عن بحث وتمحيص الدفع بالصورية وهو ما يشوبه بالقصور في التسبيب مما يوجب نقضه.