وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 8140 لسنة 1985 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتمكينه من العين المؤجرة وبمنع تعرض الطاعن له، وقال بيانا لذلك إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 28/6/1978 استأجر من الطاعن شقة النزاع وانتظم في الوفاء بأجرتها إلا أنه فوجئ بالأخير قد حصل على حكم في الدعوى رقم 602 لسنة 1985 مستعجل القاهرة بطرده منها وقام بتنفيذه في غيبته مما اضطره إلى عرض الأجرة مرة ثانية وأقام الدعوى، دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 1137 لسنة 1985 مستأنف مستعجل القاهرة، ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى وبعد أن أودع تقريره حكمت في منازعة تنفيذ موضوعية بعدم اختصاصها نوعيا بنظرها - وإحالتها إلى قاضي التنفيذ بمحكمة روض الفرج الجزئية حيث قيدت برقم 183 لسنة 1988 فحكمت بتمكينه من شقة النزاع، استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - بالاستئناف رقم 232 لسنة 1991 مدني مستأنف القاهرة، حكمت المحكمة بعدم اختصاصها قيميا بنظر الدعوى وأحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة حيث قيدت برقم 6840 لسنة 109ق القاهرة، وبتاريخ 27/5/1993 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن حكم القضاء المستعجل بالطرد للتأخير في سداد الأجرة لا ينفذ إلا في مواجهة المستأجر وأن تنفيذه في غيبته غير جائز استنادا لحكم المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981، في حين أن تنفيذ ذلك الحكم لم يتم إلا بعد إعلان المطعون ضده بالحكم وعمل التحريات الإدارية التي أفادت هروبه وأنه بعد عرض الأمر على قاضي التنفيذ المختص أصدر أمره بالتنفيذ مما يدل على العلم اليقيني بحكم الطرد ويكون التنفيذ قد تم وفق القانون مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وهيئتها العامة أن النص في المادة 49 من قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخا أخر على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر..." يدل على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في قانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاء كاشفا عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لنشره مادام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها - لما كان ذلك وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 6 من فبراير سنة 1999 في القضية رقم 81 لسنة 19ق دستورية بعدم دستورية عجز الفقرة الثانية من البند (ب) من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر فيما نص عليه من أنه ويشترط أن يتم التنفيذ في مواجهة المستأجر تأسيسا على أن الحق في التقاضي المنصوص عليه في المادة 168 من الدستور لا تكتمل حلقاته إذا أعاق هذا التنفيذ من خلال تعليق صحته على مثول المستأجر بشخصه أثناء إجرائه وأن النص المطعون فيه بما يؤدي إليه من بطلان كل تنفيذ تم في غيبة مستأجر العين - وقد عطل إعمال الآثار القانونية لحكم الطرد، جاعلا تنفيذه رهنا بإرادة المستأجر فإنه بذلك يكون قد نقض أصل الحق في التقاضي وعطل الأغراض التي يتوخاها وأعاق وصول الترضية القضائية التي كفلها حكم الطرد لأصحابها ومايز في مجال تنفيذ الأحكام القضائية دون مسوغ مشروع بين المستأجرين وغيرهم الذين يصح التنفيذ قبلهم بمجرد إعلان سند التنفيذ لشخص المدين أو في موطنه على ما تنص عليه المادة 281 من قانون المرافعات، ومما مؤداه أنه يجوز أن تتم إجراءات تنفيذ الحكم المستعجل بالطرد في غير مواجهة المستأجر وينتج التنفيذ الحاصل في غيبته أثره متى استوفى باقي الشروط التي يتطلبها القانون لصحته، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد حكم محكمة أول درجة - في مادة تنفيذ موضوعية - بتمكين المطعون ضده من الشقة محل النزاع على سند من أن المشرع أوجب بنص المادة 18/ب سالفة البيان تنفيذ الحكم المستعجل بطرد المستأجر من العين المؤجرة في مواجهته وهو نص لا يجوز تطبيقه على الدعوى الراهنة إذ أدركها الحكم بعدم دستوريته أمام محكمة النقض فإنه يكون قد افتقد الأساس القانوني لقضائه بما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.