جلسة 3 من إبريل سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ أحمد الحديدي نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ محمد الشناوي، مصطفى عزب، منير الصاوي وعبد المنعم علما نواب
رئيس المحكمة.
----------------
(95)
الطعن
رقم 419 لسنة 69 القضائية
(4 - 1)محكمة الموضوع
"مسائل الواقع" "سلطتها في تقدير عمل الخبير وندب خبير آخر"
"تقدير التعويض". خبرة. إثبات. تعويض.
(1)محكمة الموضوع. سلطتها في
تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنتها وتقدير
أعمال الخبير.
(2) محكمة
الموضوع. عدم التزامها بندب خبير آخر في الدعوى طالما وجدت في تقرير الخبير المعين
فيها وأوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
(3) محكمة
الموضوع. أخذها بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه. عدم التزامها بالرد استقلالاً
على الطعون الموجهة إليه.
(4)تقدير التعويض الجابر
للضرر. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. عدم وجود نص في القانون أو العقد يلزمها
باتباع معايير معينة.
(5)دعوى "الطلبات في
الدعوى" "الطلبات العارضة".
الطلب العارض. جواز
إبداؤه في مذكرة أثناء حجز الدعوى للحكم متى رخصت المحكمة للخصوم بها في أجل معين
لم ينته. الاعتداد بذلك الطلب. شرطه. إطلاع الخصم عليه أو إعلانه به مع تمكينه من
الرد عليه. مخالفة ذلك. إخلال بحق الدفاع. أثره. البطلان.
------------------
1 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع
السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها
وموازنة بعضها بالبعض الآخر وتقدير أعمال الخبير المندوب.
2 - المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بندب خبير آخر في الدعوى
طالما وجدت في تقرير الخبير المعين فيها وفي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
3 - المقرر أنه متى رأت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية
الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة من بعد بالرد
استقلالاً على الطعون الموجهة إليه لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد
أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير.
4 - تقدير التعويض الجابر للضرر من سلطة محكمة الموضوع ما دام لا
يوجد نص في القانون أو العقد يلزمها باتباع معايير معينة في خصوصه.
5 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز إبداء
الطلب العارض في المذكرة التي يقدمها الخصم أثناء حجز الدعوى للحكم متى كانت
المحكمة قد رخصت للخصوم في تقديم مذكرات في أجل معين ولم ينته هذا الأجل، ولا يعتد
بهذه الطلبات العارضة ما لم يثبت إطلاع الخصم عليها أو إعلانه بها مع تمكينه من
الرد عليها بوجود الرخصة له في الرد بمذكرة من جانبه، وعلى ذلك يعد قبول الطلبات
العارضة المبداة في مذكرة لا تتبعها مذكرة من الخصم إخلالاً بحق هذا الخصم في
الدفاع يترتب عليه بطلان هذه الطلبات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة. حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 654 لسنة 1992 تجاري الإسكندرية الابتدائية على المطعون ضدهم طالبة الحكم بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي لها مبلغا مقداره 823283.83 جنيه وقالت بيانا لذلك إنها تعاقدت مع المطعون ضدها الأولى على توريد كمية من الفول للاستهلاك الآدمي وبالمواصفات والشروط والميعاد المحددة في العقد وذلك بثمن أساسي مقداره-. 43200 دولارا أمريكيا سددت منها الطاعنة مبلغا مقداره -.352513 دولارا أمريكيا بمقتضى اعتماد مستندي ويستحق الباقي وقدره- 79488 دولارا أمريكيا بعد تسعين يوما من تاريخ الشحن, وقد تأخرت المطعون ضدها عن تنفيذ التوريد مما أدى إلى تكبيد الطاعنة بمبلغ مقداره 12027.60 جنيه للمطعون ضدها الثالثة مقابل عطل السفينة الناقلة وعند ورود الرسالة تبين عدم مطابقتها للمواصفات المتفق عليها وعدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي مما أصاب الطاعنة بأضرار مادية وأدبية, فأقامت الدعوى بالطلب سالف البيان. ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره قررت حجز الدعوى للحكم, وصرحت للخصوم بتقديم المذكرات في أمد حددته فقدمت المطعون ضدها الأولى بتاريخ 30/6/1997 مذكرة ضمنتها طلبا عارضا بدعوى فرعية بطلب إلزام الطاعنة بأن تؤدي لها مبلغا مقداره 79488 دولارا أمريكيا باقي ثمن البضاعة وإذ ندبت المحكمة لجنة من الخبراء وبعد أن أودعت اللجنة تقريرها حكمت بتاريخ 16/7/1998 بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي للطاعنة مبلغا مقداره 52856.10 جنيه, وفي الدعوى الفرعية بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها الأولى مبلغا وقدره - .79488 دولارا أمريكيا. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1548 لسنة 54ق الإسكندرية, كما استأنفته المطعون ضدها الأولى بالاستئناف رقم 1551 لسنة 54ق الإسكندرية, ضمت المحكمة الاستئنافين وبتاريخ 13/3/1999 قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض, وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثاني من السبب الثاني وبالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد ذلك أن محكمة أول درجة قد عولت في حكمها. المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه, على ما انتهت إليه لجنة الخبراء المندوبة من صلاحية رسالة الفول موضوع النزاع وطرحت جانبا تقرير الخبير الأول السابق ندبه ولم تلتفت إلى مستندات الطاعنة أو أقوال شاهديها التي تثبت مخالفة الرسالة للمواصفات وعدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي بما يخول للطاعنة الحق في المطالبة بكامل مبلغ التعويض وما تكلفته من مبالغ تأخير شحن الرسالة, وكان يتعين على محكمة الموضوع ندب لجنة خبراء مرجحة أو القضاء بالمبلغ المطلوب تعويضا عما لحق الطاعنة من أضرار مادية وأدبية ونفقات تأخير الشحن, وإذ لم تجب المحكمة الطاعنة إلى كل التعويض في الحكم في الدعوى الأصلية الأمر الذي يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول, ذلك أن المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة, أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الآخر وتقدير أعمال الخبير المندوب وهي غير ملزمة بندب خبير آخر في الدعوى طالما وجدت في تقرير الخبير المعين فيها وفي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها وأنه متى رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة من بعد بالرد استقلالا على الطعون الموجهة إليه لأن في أخذها به محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير. وإذ كان تقدير التعويض الجابر للضرر من سلطة محكمة الموضوع كذلك ما دام لا يوجد نص في القانون أو العقد يلزمها بإتباع معايير معينة في خصوصه, لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه - المؤيد للحكم المستأنف - قد خلص بما له من سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى إلى أن المطعون ضدها الأولى قد أخلت بشروط التعاقد مع الطاعنة على توريد "فول" وأن الطاعنة تستحق تعويضا عن ذلك الخطأ الذي سبب ضررا لها وقضى لها بمبلغ التعويض المقضي به فإن ما تثيره الطاعنة بشأن مبلغ التعويض المقضي به في الدعوى الأصلية ومدى كفايته لجبر الأضرار التي أصابتها لا يعدو أن يكون محض جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تنحسر عنه رقابة محكمة النقض ومن ثم فإن النعي يكون غير مقبول.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى الفرعية مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب ذلك أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه قد حكم بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها الأولى باقي ثمن الرسالة وكان هذا الطلب الذي فصل فيه الحكم قد أبدي في مذكرة المطعون ضدها الأولى المقدمة خلال أمد تقديم المذكرات الذي حددته المحكمة أثناء فترة حجز الدعوى للحكم لم تتسلم الطاعنة صورة منها ولم تعلن بها وبالتالي لم ترد عليها ولا يكفي ما قال به الحكم المطعون فيه من أنه كان في مكنة الطاعنة الإلمام بموضوع هذه الدعوى الفرعية منذ صدور الحكم بندب الخبير وتداول جلسات المرافعة حتى صدور حكم محكمة أول درجة, ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه معيبا مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله, ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز إبداء الطلب العارض في المذكرة التي يقدمها الخصم أثناء حجز الدعوى للحكم متى كانت المحكمة قد رخصت للخصوم في تقديم مذكرات في أجل معين ولم ينته هذا الأجل, ولا يعتد بهذه الطلبات العارضة ما لم يثبت إطلاع الخصم عليها أو إعلانه بها مع تمكينه من الرد عليها بوجود الرخصة له في الرد بمذكرة من جانبه, وعلى ذلك يعد قبول الطلبات العارضة المبداه في مذكرة لا تتبعها مذكرة من الخصم إخلالا بحق هذا الخصم في الدفاع يترتب عليه بطلان هذه الطلبات, لما كان ما تقدم, وكان الثابت من أوراق الدعوى أن المطعون ضدها الأولى تقدمت بدعواها الفرعية بطلب إلزام الطاعنة بأن تؤدي لها مبلغا مقداره 79488 دولارا أمريكيا الذي يمثل باقي ثمن الرسالة المتفق على توريدها في مذكرة دفاعها المقدمة خلال أمد تقديم المذكرات أثناء فترة حجز الدعوى للحكم ولم يثبت أن الطاعنة قد تسلمت صورة من المذكرة أو أعلنت بها ومن ثم فلم تمكن الطاعنة من الرد عليها الأمر الذي يكون قبول الدعوى الفرعية المقامة من المطعون ضدها الأولى إخلالا بحق الدفاع المكفول للطاعنة يترتب عليه البطلان, وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وفصل في الدعوى الفرعية التي لم تنعقد الخصومة فيها ويمتنع على المحكمة أن تفصل فيها لبطلانها فإن الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.