الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 18 مارس 2013

كتاب دوري رقم 1 لسنة 2013 بشان مخالفة احكام قانون البناء الموحد 119 لسنة 2008



تلاحظ لنا في الآونة الأخيرة زيادة ملحوظة في حالات انهيار العقارات حتى باتت ظاهرة تشكل خطراً على الارواح والممتلكات تستوجب التدخل الفوري للوقوف على اسبابها والحد منها أو تخفيف اثارها واقتراح التشريعات الجنائية التي تتضمن تنظيماً قانونياً لها يضمن عدم الخروج عليه ويكفل في الوقت ذاته تشديد العقوبات على المخالفين لها .
وإزاء خطورة هذه المشكلة وما قد يترتب عليها من آثار يصعب تداركها أو تفادي حدوثها ، فإننا ندعو السادة اعضاء النيابة العامة إلى بذل اقصى درجات الاهتمام والعناية عند مباشرة اجراءات التحقيق والتصرف في القضايا والمحاضر التي تحرر في هذا الشأن وإتباع ما يلي :
اولا : تخصيص جدول بكل نيابة جزئية تقيد به محاضر البناء التي تحرر بالمخالفة لأحكام القانون رقم 119 لسنة 2008 ن وما تم فيها من اجراءات وتصرفات ، ويحرر من واقعه كشف شهري يرسل ضمن الكشوف الشهرية إلى نيابة الاستئناف المختصة .
ثانيا : يجب المبادرة إلى التصرف في المحاضر التي تحرر بالمخالفة لأحكام قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 وتحقيق ما ينطوي منها على اهمية يستظهرها عضو النيابة من :
1 – سبق ارتكاب المتهم  جرائم مماثلة .
2 – موقع البناء الذي تم فيه البناء المخالف .
3 – قيمة الأعمال المخالفة .
4 – مدى اتصال الأعمال المخالفة بالكتلة السكنية القديمة وآثاره عليها .
5 – مخالفة اعمال البناء لخطوط التنظيم .
6 – مخالفة اعمال البناء للقوانين ذات الصلة بالبناء (قانون الزراعة – قانون الطيران المدني – قانون الطرق العامة )
ثالثا : يجب على اعضاء النيابة – قبل تقديم المحاضر التي تحرر عن مخالفة احكام البناء – استظهار اركان عناصر الجرائم التي تنطوي عليها ، وتحديد قيمة الأعمال البناء المخالف لما قد يترتب على ذلك من تأجيل للجلسات بلا طائل أو تحديد قدر العقوبات المالية والتكميلية الواجب الحكم بها مع العقوبات الاصلية .
رابعا : يجب على اعضاء النيابة قبل تقديم المحاضر سالفة البيان إلى جلسات المحاكمة بذل اقصى درجات العناية في تحديد شخص وصفة المتهم الحقيقي وإجراء كافة الاستدلالات والتحريات للوصول اليه ومعرفته ، ذلك تفادياً لقيدها ضد شخص مجهول أو وهمي أو صدور احكام ضد اشخاص يتعذر تنفيذها في مواجهتهم .
خامساً : قد ترتبط هذه الجريمة مع الجرائم الاخرى المنصوص عليها في القوانين ارقام 53 لسنة 1966 في شأن الزراعة المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 والقانون رقم 28 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 2010 في شان الطيران المدني والقانون رقم 84 لسنة 1968 المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 1984 في شأن الطرق العامة وموجب ذلك اسباغ كافة القيود والأوصاف التي ينطوي عليها اقامة فعل البناء المخالف على الاوراق .
سادساً : يجب الاهتمام بالمحاضر التي تحرر عن جرائم البناء قبل الحصول على ترخيص وجرائم استئناف اعمال البناء المخالفة التي سبق صدور قرارات من الجهة الادارية بإيقافها ، والتحقق من اعلان هذه القرارات لذوي الشأن بها على النحو الذي اوضحته المادة 59 من قانون البناء سالف البيان .
سابعاً : يجب على اعضاء النيابة الاهتمام بالمحاضر التي تحرر في شأن المنشآت الآيلة للسقوط والوقوف على قرارات اللجان المختصة في شأنها والتثبت من اعلانها اعلانا قانونيا طبقاً لأحكام المادة 87 من القانون سالفا البيان .
ثامناً : يجب على عضو النيابة القيام بدوره في مباشرة ما يحال من جرائم البناء إلى المحكمة ، وإبداء الطلبات اللازمة لسرعة الفصل فيها وتوقيع اقصى العقوبة عليها .
تاسعاً : يجب مراجعة الاحكام الصادرة في القضايا المشار إليها مراجعة دقيقة والطعن عليها بالاستئناف أو النقض – بحسب الاحوال  - على ما يصدر منها بالمخالفة لأحكام القانون .
عاشراً : يجب متابعة تنفيذ العقوبات التي تصدر في جرائم البناء المخالف من ازالة أو تصحيح أو اخطار لكل من نقابة المهندسين أو اتحاد المقاولين أو شطب لأي من اعضائها من السجلات .
الحادي عشر : على المفتشين الاداريين المختصين بإدارتي التفتيش الجنائي والمطالبة – كل في اختصاصه – مراجعة جداول قيد محاضر البناء ودفاتر قيد العقوبات الصادرة فيها للتحقق من انتظام العمل بها وصحة البيانات المدونة بها ، وإعداد تقرير بما يكشف عنه التطبيق العملي للتعليمات الكتابية والإدارية من اوجه قصور ، والإجراءات المقترح اتخاذها لإحكام الرقابة على تحصيل مبالغ الغرامة وتوريدها .
صدر في 23 / 1 / 2013

النائب العام
المستشار / طلعت ابراهيم عبد الله

مذكرة بأهم احكام القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر


مذكرة
بأهم العناصر التي يجب مراعاتها
في تطبيق احكام القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر

تُعد قضية الاتجار بالبشر من اخطر القضايا التي تواجه الانسان بكافة معانيها، وتمثل انتهاكاً صارخا لحقوق الانسان ، وذلك لمساسها الفاحش بكرامة الانسان وشرفه وصحته وحريته ، وقد اصبحت جريمة الاتجار بالبشر ظاهرة عالمية ، وتفاقمت اثارها على المستويين العالمي والمحلي تفاقماً خطيراً لتوافر كافة المقومات اللازمة لانتشارها في ضوء العولمة التي سهلت انتقال الاشخاص والأموال ، فضلا عن تدني الاخلاق بالسعي الى الحصول على مكاسب سريعة من خلال الاستغلال غير المشروع للأشخاص وبخاصة الاطفال والنساء .

وقد سعت الدول حثيثا لمكافحة جريمة الاتجار بالبشر ، وكان من اثار هذا السعي ان اهتمت الامم المتحدة ومنظماتها بوضع الاتفاقيات والبروتوكولات من اجل مكافحة جريمة الاتجار بالبشر وحماية حقوق الانسان ، حيث تعتبر الامم المتحدة جريمة الاتجار بالبشر كارثة انسانية وشكل من اشكال العبودية .

وعلى المستوى الوطني قامت مصر بدور بارز في مشاركة المجتمع الدولي جهوده لمكافحة هذه الجريمة ، وساهمت بصورة ايجابية في التعامل الحاسم على كافة المستويات لتقويض هذه الجريمة ، فانضمت الى العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية والإقليمية التي تعمل على حماية حقوق الانسان ومحاربة اي ظاهرة اجرامية تمس كرامته وحريته ، وقد صدرت عدة قرارات من رئيس الجمهورية بالانضمام للاتفاقيات والبروتوكولات المشار اليها منها :

- القرار رقم 434 لسنة 1981 بشان الموافقة على الانضمام لاتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة .

- القرار رقم 260 لسنة 1990 بشأن الموافقة على الانضمام لاتفاقية حقوق الطفل .

- القرار رقم 104 لسنة 2002 بشان الموافقة على الانضمام للبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الاطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الخليعة .

- القرار رقم 294 لسنة 2003 بشأن الموافقة على انضمام مصر لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية .

- القرار رقم 295 لسنة 2003 بشان الموافقة على الانضمام للبروتوكول الاضافي المكمل لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والخاص بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص .

- القرار رقم 297 لسنة 2004 بشأن الموافقة على الانضمام للبروتوكول الاضافي المكمل لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والخاص بمكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو .

ولعل صدور القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر وما تضمنه من احكام ، وما صدر من قرارات تنفيذية لأحكامه لخير دليل على مساهمة مصر بصورة ايجابية في التعامل بحزم مع جريمة الاتجار بالبشر بقصد مكافحتها ومنعها .

ويجئ قانون مكافحة الاتجار بالبشر المشار اليه ليعضد منظومة نصوص التشريعات الاخرى التي تواجه هذه الظاهرة مثل بعض نصوص قانون العقوبات ، وقانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996 المُعدل ، وقانون مكافحة غسيل الاموال الصادر بالقانون رقم 80 لسنة 2002 وتعديلاته ، إلا ان قانون مكافحة الاتجار بالبشر وضع منهجا شاملا متكاملا لمكافحة هذه الجريمة .

وقد صدر القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر ، ونشر في الجريدة الرسمية العدد 18 مكرر في 9 مايو سنة 2010 وبدأ العمل بأحكامه اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره .

وأصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 3028 لسنة 2010 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون مكافحة الاتجار بالبشر ، ونشر في الوقائع المصرية العدد 47 مكرر في 30 نوفمبر 2010 ، كما اصدر القرار رقم 2353 لسنة 2010 بشأن اعادة تشكيل اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الاتجار بالبشر .

وأصدر النائب العام الكتاب الدوري رقم 1 لسنة 2011 متضمنا التعليمات التي يجب على اعضاء النيابة اتباعها بشأن تطبيق احكام قانون مكافحة الاتجار بالبشر المشار اليه .

وقد تضمن قانون مكافحة الاتجار بالبشر احكاماً تتعلق بجرائم الاتجار بالبشر والعقوبات المقررة لها ، ونطاق تطبيق القانون من حيث المكان ، وأوجه التعاون القضائي الدولي ، وحماية المجني عليهم ، وسنعرض بالتفصيل لتلك الاحكام وما ورد باللائحة التنفيذية من احكام اخرى ، واهم العناصر التي يجب مراعاتها عند تطبيق تلك الاحكام على النحو التالي :

أولا

الجرائم والعقوبات

1 – جريمة الاتجار بالبشر

تضمنت المادة 2 من القانون تعريفاً لجريمة الاتجار بالبشر وتحديداً لعناصر قيامها ، حيث نصت على انه : " يُعد مرتكباً لجريمة الاتجار بالبشر كل من يتعامل بأية صورة في شخص طبيعي بما في ذلك البيع أو العرض للبيع أو الشراء أو الوعد بهما أو الاستخدام أو النقل أو التسليم أو الإيواء أو الاستقبال أو التسلم - سواء في داخل البلاد أو عبر حدودها الوطنية – إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو العنف أو التهديد بهما، أو بواسطة الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو استغلال السلطة، أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة، أو الوعد بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا مقابل الحصول على موافقة شخص على الاتجار بشخص آخر له سيطرة عليه – وذلك كله – إذا كان التعامل بقصد الاستغلال أيا كانت صوره بما في ذلك الاستغلال في أعمال الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي، واستغلال الاطفال في ذلك وفي المواد الإباحية أو السخرة أو الخدمة قسراً ، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد، أو التسول، أو استئصال الأعضاء أو الانسجة البشرية، أو جزء منها.".

وفي ضوء ما نصت عليه هذه المادة يبين أن عناصر جريمة الاتجار بالبشر تتمثل في ركنين اساسين ( ركن مادي ، وركن معنوي " قصد عام + قصد خاص " ) بالإضافة الى شرط واجب يتعلق بوسيلة ارتكاب الجريمة ، وسنوضح ذلك على النحو التالي :

أ – اركان جريمة الاتجار بالبشر

الركن المادي للجريمة :

يتحقق الركن المادي لجريمة الاتجار بالبشر بارتكاب الجاني بأي صورة من صور التعامل في الشخص الطبيعي التالية :

البيع أو العرض للبيع أو الشراء أو الوعد بهما / أو الاستخدام / أو النقل / أو التسليم / أو الإيواء / أو الاستقبال / أو التسلم .

قد تقع الجريمة في داخل البلاد أو عبر حدودها الوطنية .

الركن المعنوي للجريمة :

جريمة الاتجار بالبشر جريمة عمدية يقوم ركنها المعنوي على القصد الجنائي العام والقصد الجنائي الخاص :

فالقصد العام للجريمة : يتوافر بعلم الجاني بعناصر جريمة الاتجار بالبشر واتجاه ارادته الى السلوك المكون لجريمة الاتجار بالبشر في اي صورة من صور التعامل في الشخص الطبيعي السالف بيانها .

اما القصد الخاص فيتحقق حين يتجه قصد الجاني الى تحقيق غاية معينة من التعامل في الاشخاص ، فقد تكون غايته هي :

- الاستغلال :

ويتحقق القصد الخاص بأية صورة يظهر بها الاستغلال – دون حصر – فقد يكون الاستغلال في اعمال الدعارة وسائر اشكال الاستغلال الجنسي ، واستغلال الاطفال في ذلك وفي المواد الاباحية أو السخرة أو الخدمة قصرا أو غير ذلك من صور الاستغلال .

الاسترقاق : أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد .

التسول .

والتسول في اللغة هو من يتكفف الناس فيمد كفه يسألهم الكفاف من الرزق والعون . وعرفته المادة الاولى من القانون رقم 49 لسنة 1933 بشأن التسول هو من وجد متسولا في الطريق العام أو في المحال العامة ولو ادعى أو تظاهر بأداء خدمة للغير أو عرض ألعاب أو بيع اي شيء .

استئصال الاعضاء أو الانسجة البشرية أو جزء منها .

ويمكن الاستدلال على القصد الخاص بطريق مباشر أو غير مباشر من الاعمال المادية المحسوسة التي تصدر عن الجاني وتشير الى توافر هذا القصد ، ومن ثم يتعين عند التحقيق في جريمة الاتجار بالبشر العناية باستظهار هذا القصد الخاص وكذلك الادلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه .

لا تقوم جريمة الاتجار بالبشر إذا انعدم القصد الخاص فيها .

لا يشترط لقيام الجريمة تحقق الفعل المقصود من السلوك المكون لجريمة الاتجار بالبشر ، بل يكفي مجرد انصراف القصد الى تحقيق هذا الفعل .

ب – شرط قيام الجريمة :

وهو الشرط المتعلق بوسيلة ارتكاب الجريمة حيث يشترط القانون لقيام جريمة الاتجار بالبشر ان يقع التعامل في الشخص على النحو السالف بيانه باستخدام اي من الوسائل الاتية :

- استعمال القوة أو العنف أو التهديد بهما.

- الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع.

- استغلال السلطة.

- استغلال حالة الضعف أو الحاجة.

- الوعد بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا مقابل الحصول على موافقة شخص على الاتجار بشخص آخر له سيطرة عليه .

ووفقا لنص المادة 3 من قانون مكافحة الاتجار بالبشر لا يُعتد برضاء المجني عليه على الاستغلال في أى من صور الاتجار بالبشر، متي استخدمت فيها أية وسيلة من الوسائل سالفة البيان .

ولا يشترط لتحقق الاتجار بالطفل أو عديمي الأهلية استعمال أية وسيلة من الوسائل المشار اليها، ولا يُعتد في جميع الأحوال برضائه أو برضاء المسئول عنه أو متوليه.

وبهذا تكون جريمة الاتجار بالأطفال المؤثمة بقانون مكافحة الاتجار بالبشر متفقة في عناصرها مع ما سبق النص عليه بشأن هذه الجريمة في المادة 291 من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 .

ج – العقوبات المقررة لجريمة الاتجار بالبشر :

نصت المادة 5 من القانون على عقوبات وجوبية لجريمة الاتجار بالبشر كالتالي :

- عقوبة اصلية : هي السجن المشدد .

- عقوبة تكميلية : هي الغرامة التي لا تقل عن خمسين الف جنيه ولا تجاوز مائتي الف جنيه أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع ايهما اكبر .

بالإضافة الى عقوبة مصادرة الاموال أو الامتعة أو وسائل النقل أو الادوات المتحصلة من الجريمة ، أو التي استعملت في ارتكابها ، وذلك مع عدم الاخلال بحقوق الغير حسن النية .

(المادة 13 من القانون)

وعقوبة الغرامة المقررة لهذه الجريمة غرامة نسبية يجب الحكم بها على المتهمين متضامنين، ولا يجوز التنفيذ عليهم جميعا بأكثر من مقدارها المحدد في الحكم ، سواء في ذلك ان يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كلاً منهم بنصيب منه .

(المادة 44 من القانون)

لا تخل العقوبة المقررة لجريمة الاتجار بالبشر والسالف ذكرها بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو اي قانون اخر .

(المادة 4 من القانون)

د – الظروف المشددة للعقوبة :

شدد المشرع عقوبة جريمة الاتجار بالبشر بمقتضى المادة 6 من القانون – وجعلها السجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن مائة الف جنيه ولا تجاوز خمسمائة الف جنيه في اي من الحالات الاتية :

- إذا كان الجاني قد أسس أو نظم أو أدار جماعة إجرامية منظمة لأغراض الاتجار بالبشر أو تولى قيادة فيها أو كان أحد أعضائها أو منضماً إليها، أو كانت الجريمة ذات طابع عبر وطني.

(المادة 6 بند 1 من القانون)

- والمقصود بالجماعة الاجرامية المنظمة هي الجماعة المؤلفة وفق تنظيم معين من ثلاثة أشخاص على الاقل للعمل بصفة مستمرة أو لمدة من الزمن بهدف ارتكاب جريمة محددة أو أكثر من بينها جرائم الاتجار بالبشر وحدها أو مع غيرها وذلك من أجل الحصول بشكل مباشر أو غير مباشر على منفعة مادية أو معنوية.

(المادة 1/ 1 من القانون)

- والمقصود بالمنفعة المادية أو المعنوية التي تهدف اليها الجماعة الاجرامية المنظمة من ارتكاب جريمة الاتجار بالبشر هو كل مصلحة أو كسب أو مزية أو منفعة تعود على مرتكب الجريمة أو على المساهم فيها بأي من طرق المساهمة الجنائية (التحريض- الاتفاق- المساعدة) سواء كانت المصلحة أو الكسب أو المزية أو المنفعة مادية أو أدبية أو معنوية.

(المادة 1 من اللائحة التنفيذية)

- وتكون الجريمة ذات الطابع عبر وطني إذا ارتُكبت في أكثر من دولة، أو ارتُكبت في دولة واحدة وتم الاعداد أو التخطيط لها أو التوجيه أو الاشراف عليها أو تمويلها في دولة أخرى أو بواسطتها، أو ارتُكبت في دولة واحدة عن طريق جماعة إجرامية منظمة تمارس أنشطة إجرامية في أكثر من دولة، أو ارتُكبت في دولة واحدة وكانت لها آثار في دولة أخرى.

(المادة 1/ 2 من القانون)

2- إذا ارتُكب الفعل المكون لجريمة الاتجار بالبشر بطريق التهديد بالقتل أو بالأذى الجسيم أو التعذيب البدني أو النفسي أو ارتكب الفعل شخص يحمل سلاحا.

(المادة 6 بند 2 من القانون)

قد يشكل ظرف التهديد المشدد لعقوبة الاتجار بالبشر جريمة التهديد بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال المنصوص عليها في المادة 227 من قانون العقوبات ، وقد تتحقق من جريمة الاتجار بالبشر وجريمة التهديد المشار اليها ارتباطا لا يقبل التجزئة باعتبار ان التهديد قد يكون وسيلة ارتكاب الجريمة مما يقتضي معه توقيع عقوبة جريمة الاتجار بالبشر المنصوص عليها في المادة 6 من القانون بوصفها الاشد .



3- إذا كان الجاني زوجا للمجني عليه أو من أحد أصوله أو فروعه أو ممن له الولاية أو الوصاية عليه أو كان مسئولاً عن ملاحظته أو تربيته أو ممن له سلطة عليه.

(المادة 6 بند 3 من القانون)

- الملاحظة المقصودة كظرف مشدد للعقوبة في جريمة الاتجار بالبشر هي ان يتولى الجاني مراعاة سلوك المجني عليه ورقابته وملاحظة شئونه وتهذيب وتوجيه سلوكه ملاحظاً في ذلك حاجة المجني عليه الى تلك الملاحظة مع قيام مسئولية المكلف بها عند التقصير عن مباشرتها .

4- إذا كان الجاني موظفاً عاماً أو مُكلفاً بخدمة عامة وارتكب جريمته باستغلال الوظيفة أو الخدمة العامة.

(المادة 6 بند 4 من القانون)



5- إذا نتج عن الجريمة وفاة المجني عليه، أو إصابته بعاهة مستديمة، أو بمرض لا يُرجي الشفاء منه.

(المادة 6 بند 5 من القانون)



6- إذا كان المجني عليه طفلا أو من عديمي الأهلية أو من ذوي الإعاقة.

(المادة 6 بند 6 من القانون)

يكون المجني عليه طفلاً إذا لم يجاوز سنه ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة وقت وقوع الجريمة عليه ، وتثبت السن بموجب شهادة الميلاد أو بطاقة الرقم القومي أو اي مستند رسمي اخر ، فإذا لم يوجد المستند الرسمي اصلاً قدرت السن بمعرفة احدى الجهات المختصة .

(المادة 2 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996)

- يكون المجني عليه عديم الاهلية إذا كان فاقد التمييز لصغر سنه (من لم يبلغ السابعة من عمره وقت وقوع الجريمة عليه ) أو إذا كان مصابا بعته ، أو إذا كان مجنوناً .

(المادة 45 من القانون المدني)

والعته هو آفة تصيب العقل فتعيبه وتنقص من كماله ، والمرجع في تحديد العته هو خبرة المختصين في الافات العقلية (الاطباء المتخصصون في الطب النفسي ) وشواهد الحال .

- ويكون المجني عليه من ذوي الاعاقة إذا اصبح غير قادر على الاعتماد على نفسه في مزاولة عمل أو القيام بعمل اخر والاستقرار فيه ونقصت قدرته على ذلك نتيجة لقصور عضوي أو عقلي أو حسي أو نتيجة عجز خلقي منذ الولادة .

(المادة 2 من القانون رقم 39 لسنة 1975 بشأن تأهيل المعوقين)

7- إذا ارتكبت الجريمة بواسطة جماعة إجرامية منظمة.

(المادة 6 بند 7 من القانون)

ه – ارتباط جريمة الاتجار بالبشر بجرائم اخرى :

قد تكون الافعال المكونة لعناصر جريمة الاتجار بالبشر على النحو السالف بيانه – كلها أو بعضها – معاقباً عليها بقوانين اخرى ، وقد ترتبط بجريمة الاتجار بالبشر جرائم اخرى ارتباطا لا يقبل التجزئة بالمعنى المقصود بالمادة 32 من قانون العقوبات – التعدد المعنوي والتعدد المادي بين الجرائم – مما يقتضي معه احالة الجرائم المرتبطة مجتمعة الى محكمة واحدة كي يتاح لها – عند نظر الدعوى – التثبت من توافر هذا الارتباط وإعمال اثره في توقيع عقوبة واحدة هي عقوبة الجريمة الاشد ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ، وسنعرض فيما يلي بياناً لبعض الجرائم التي قد ترتبط بجريمة الاتجار بالبشر :

جريمة الاتجار بالأطفال :

قد يشكل الركن المادي لجريمة الاتجار بالبشر جريمة الاتجار بالأطفال المؤثمة بالمادة 291 من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 حيث تناول المشرع بالتجريم الافعال التي تشكل جرائم الاتجار بالطفل أو استغلاله أو استخدامه في الاغراض غير المشروعة حتى ولو وقعت في الخارج – بوصف الجناية – وتتمثل تلك الافعال في فيما يلي :

- بيع الطفل أو شراؤه أو عرضه للبيع .

- تسلم أو تسليم الطفل أو نقله باعتباره رقيقا .

- استغلال الطفل جنسياً أو تجاريا .

- استخدام الطفل في العمل القسري .

- استغلال أو استخدام الطفل في غير ما تقدم من الاغراض غير المشروعة .

ورصد المشرع عقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسين الف جنيه ولا تجاوز مائتي الف جنيه ، وضاعف هذه العقوبة إذا ارتكبت تلك الافعال من قبل جماعة اجرامية منظمة عبر الحدود الوطنية .

ويعاقب على تسهيل تلك الافعال أو التحريض عليها بذات العقوبات سالفة البيان ولو لم تقع الجريمة بناء على ذلك التسهيل أو التحريض .

كما يعاقب على جريمة نقل عضو من اعضاء جسد الطفل أو جزء منه بالسجن المشدد ، ولا أثر لموافقة الطفل أو المسئول عنه على نقل عضو من اعضاء جسده أو جزء منه على قيام هذه الجريمة .

يراعى حكم المادة 116 مكرراً من قانون الطفل التي تنص على انه : " يزاد بمقدار المثل الحد الأدنى للعقوبة المقررة لأي جريمة إذا وقعت من بالغ على طفل ، أو إذا ارتكبها أحد والديه أو من له الولاية أو الوصاية عليه أو المسئول عن ملاحظته وتربيته أو من له سلطة عليه ، أو كان خادماً عند من تقدم ذكرهم ".

جريمة استغلال الاطفال في الاعمال الاباحية :

قد ترتبط بجريمة الاتجار بالبشر جريمة استغلال الاطفال في الاعمال الاباحية وهي الجريمة المؤثمة بالمادة 116 مكرراً أ من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 حيث تتمثل صور النشاط الاجرامي لهذه الجريمة في استيراد أو تصدير أو انتاج أو اعداد أو عرض أو طباعة أو ترويج أو حيازة أو بث أي أعمال إباحية يشارك فيها الأطفال أو تتعلق باستغلالهم جنسياً .

والمقصود باستغلال الاطفال في المواد الاباحية هو تصوير اي طفل بأي وسيلة كانت وهو يمارس حقيقة أو بالمحاكاة انشطة جنسية صريحة أو اي تصوير للأعضاء الجنسية للطفل لإشباع الرغبة الجنسية اساساً .

(المادة 2 بند ج من البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الاطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الخليعة )

وعاقب المشرع على هذه الجريمة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه فضلاً عن الحكم بمصادرة الأدوات والآلات المستخدمة فى ارتكاب الجريمة والأموال المتحصلة منها ، وغلق الأماكن محل ارتكابها مدة لا تقل عن ستة أشهر ، وذلك كله مع عدم الإخلال بحقوق الغير حسن النية .

- كما نص على ان يعاقب بذات العقوبة كل من استخدم الحاسب الآلى أو الإنترنت أو شبكات المعلومات أو الرسوم المتحركة فيما يلي :

إعداد أو حفظ أو معالجة أو عرض أو طباعة أو نشر أو ترويج أنشطة أو أعمال إباحية تتعلق بتحريض الأطفال أو استغلالهم فى الدعارة والأعمال الإباحية أو التشهير بهم أو بيعهم .

تحريض الأطفال على الانحراف أو تسخيرهم فى ارتكاب جريمة أو على القيام بأنشطة أو أعمال غير مشروعة أو منافية للآداب ، ولو لم تقع الجريمة فعلاً .

- ويراعى في شأن توقيع العقوبات سالفة البيان عدم الاخلال بأي عقوبة اشد ينص عليها قانون آخر .

جريمة استغلال الاطفال في السخرة أو الخدمة قسرا :

قد يكون الفعل المكون لجريمة استغلال الاطفال في السخرة أو الخدمة قسرا هو العنصر المكون للقصد الخاص في جريمة الاتجار بالبشر ، وبالتالي ترتبط بها ارتباطا لا يقبل التجزئة . فقد حظر قانون الطفل المشار اليه استغلال الاطفال في السخرة أو الخدمة قسرا . وسنورد صورا لبعض الاعمال المحظورة كما يلي :

- تشغيل الطفل في أي من انواع الاعمال التي يمكن بحكم طبيعتها أو ظروف القيام بها ان تعرض صحة أو سلامة أو اخلاق الطفل للخطر .

- تشغيل اي طفل في اسوأ اشكال عمل الاطفال المعروفة في اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 لسنة 1999 .

(المادة 65 من قانون الطفل )

وفي هذا الشأن نصت المادة الثالثة من اتفاقية منظمة العمل الدولية المشار اليها على ان يشمل تعبير " اسوأ اشكال عمل الاطفال " في مفهوم هذه الاتفاقية ما يلي :

· كافة أشكال الرق أو الممارسات الشبيهة بالرق كبيع الأطفال والاتجار بهم وعبودية الدَّين والقنانة والعمل القسري أو الإجباري ، بما في ذلك التجنيد القسري أو الإجباري للأطفال لاستخدامهم في صراعات مسلحة.

· استخدام طفل أو تشغيله أو عرضه لأغراض الدعارة أو لإنتاج أعمال إباحية أو أداء عروض إباحية.

· استخدام طفل أو تشغيله أو عرضه لمزاولة أنشطة غير مشروعة ، ولا سيَّما إنتاج المخدرات بالشكل الذي حددت فيه في المعاهدات الدولية ذات الصلة والاتجار بها.

· الأعمال التي يرجح أن تؤدي بفعل طبيعتها أو بفعل الظروف التي تزاول فيها ، إلى الإضرار بصحة الأطفال أو سلامتهم أو سلوكهم الأخلاقي.

- التزام صاحب العمل ألا يسبب العمل آلاماً أو أضراراً بدنية أو نفسية للطفل.

- تشغيل الاطفال ساعات عمل اضافية أو تشغيلهم في ايام الراحة الاسبوعية أو العطلات الرسمية .

- عاقب المشرع بمقتضى نص المادة 74 من قانون الطفل على مخالفة اي من الالتزامات السابقة – بوصف الجنحة – بالغرامة التي لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه ، وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم المخالفة ، وفي حالة العود تزاد العقوبة بمقدار المثل ، ولا يجوز وقف تنفيذها .

جريمة تزويج الاطفال :

قد ترتبط بجريمة الاتجار بالبشر جريمة تزويج الاطفال دون بلوغ السن المحددة قانوناً ، وهي الجريمة المؤثمة بالمادة 31 مكرراً / 1 من القانون رقم 143 لسنة 1994 في شأن الأحوال المدنية المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 والتي تنص على انه : " لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة .". وبالمادة 227 من قانون العقوبات التي تعاقب : كل من أبدى امام السلطة المختصة بقصد اثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونا لضبط عقد الزواج أقوالا يعلم أنها غير صحيحة أو حرر او قدم لها أوراقا كذلك متى ضُبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد على ثلاثمائة جنيه.

ومعاقبة كل شخص خوله القانون سلطة ضْبطْ عقد الزواج ضَبطَ عقد زواج وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة فى القانون بالحبس أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه.

جريمة نقل الاعضاء البشرية :

قد ترتبط بجريمة الاتجار بالبشر جرائم زرع ونقل الاعضاء البشرية المؤثمة بمواد القانون رقم 5 لسنة 2010 بشأن تنظيم وزرع الاعضاء البشرية والمادة 291 من قانون العقوبات السالف الاشارة اليها .

جريمة غسل الاموال :

قد ترتبط جريمة غسل الاموال المؤثمة بمواد القانون رقم 80 لسنة 2002 بإصدار قانون مكافحة غسل الاموال بجريمة الاتجار بالبشر ارتباطا لا يقبل التجزئة ، وقد تأكد هذا الارتباط بما نصت عليه المادة 14 فقرة أولى من قانون مكافحة الاتجار بالبشر من اعتبار جريمة الاتجار بالبشر من الجرائم الاصلية المحظور غسل الاموال المتحصلة منها ، وقد يتحقق هذا الارتباط إذا ما وقعت كل من جريمتي الاتجار بالبشر وغسل الاموال لغرض اجرامي واحد ، وفي هذه الحالة – وطبقا لنص المادة 14 فقرة ثانية من قانون غسل الاموال . تستثنى جريمة غسل الاموال من تطبيق احكام الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات والتي تنص على انه : " وإذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم .".



2 – الجرائم الاخرى المنصوص عليها في القانون

تضمن قانون مكافحة الاتجار بالبشر جرائم اخرى ذات صلة بجريمة الاتجار بالبشر سنعرض لها على النحو التالي :

أ – جريمة الحمل على الشهادة الزور :

نصت المادة 7 من قانون مكافحة الاتجار بالبشر على جريمة استعمال القوة أو التهديد أو عرض عطية أو مزية أو الوعد بشيء من ذلك لحمل شخص اخر على ما يلي :

- الإدلاء بالشهادة الزور .

- أو كتمان أمر من الأمور .

- أو الإدلاء بأقوال أو معلومات غير صحيحة .

تقع هذه الجريمة في أية مرحلة من مراحل جمع الاستدلالات أو التحقيق أو المحاكمة في إجراءات تتعلق بارتكاب أية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.

وتكون عقوبة هذه الجريمة السجن . فضلا عن عقوبة المصادرة المنصوص عليها في المادة 13 من القانون ان كان لها محل .

يراعى عند تطبيق هذه المادة ما يلي :

- لا يشترط لقيام الجريمة المشار اليها في هذه المادة حصول الادلاء بالشهادة الزور أو كتمان امر من الامور أو الادلاء بالأقوال أو المعلومات غير الصحيحة فعلا ، وإنما يكفي – وفق صريح نص هذه المادة – ان يتم استعمال القوة أو التهديد أو عرض العطية أو المزية لحمل الشخص الاخر على اي من ذلك .

- القصد الجنائي المتطلب في هذه الجريمة يتحقق كلما عمد المتهم الى استعمال القوة أو التهديد أو عرض العطية أو المزية لحمل الشخص الاخر على الشهادة الزور أو كتمان الامر أو الادلاء بالأقوال أو المعلومات غير صحيحة ايا كان الباعث له على ذلك .

- قد ترتبط بهذه الجريمة ارتباطا لا يقبل التجزئة بالمعنى المقصود بنص المادة 32 من قانون العقوبات الجرائم الاتية :

- جريمة الشهادة الزور .

- جريمة الاكراه على الشهادة الزور أو عدم الشهادة .

- جريمة عرض عطية أو وعد بشيء ما للشهادة الزور أو قبول ذلك .

- اعانة الجاني على الفرار من وجه القضاء بتقديم معلومات غير صحيحة عن الجريمة .

(وهي الجرائم المنصوص عليها في المواد 144 ، 294 ، 295 ، 296 ، 298 ، 300 من قانون العقوبات )

ب – جريمة اخفاء الجناة والأشياء :

نصت المادة 8 من قانون مكافحة الاتجار بالبشر على الجرائم الاتية :

- إخفاء أحد الجناة .

- إخفاء الأشياء أو الأموال المتحصلة من أي من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الاتجار بالبشر أو التعامل فيها .

- إخفاء معالم الجريمة أو أدواتها مع علمه بذلك.

يشترط لقيام الجريمة في اي من الافعال السالف بيانها العلم بذلك .

العقوبة هي السجن ، فضلا عن عقوبة المصادرة المنصوص عليها في المادة 13 من القانون إن كان لها محل .

يجوز للمحكمة الإعفاء من العقاب إذا كان من أخفى الجناة زوجاً له أو أحد أصوله أو فروعه.

قد يشكل فعل الاخفاء في جريمة اخفاء الاشياء أو الاموال المتحصلة من اي من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الاتجار بالبشر أو التعامل فيها الركن المادي للجرائم الاتية :

- جريمة غسل الاموال المؤثمة بمواد القانون رقم 80 لسنة 2002 بإصدار قانون مكافحة غسل الاموال .

- جريمة اخفاء الاشياء المتحصلة من جناية أو جنحة المؤثمة بالمادة 44 مكرراً من قانون العقوبات .

وقد يشكل فعل الاخفاء في جريمة اخفاء احد الجناة وإخفاء معالم الجريمة أو ادواتها الركن المادي للجرائم الاتية :

- اخفاء المتهم أو اعانته على الفرار من وجه القضاء مع علمه بذلك .

- ايواء الجاني أو اخفاء ادلة الجريمة أو تقديم معلومات غير صحيحة عنها .

(المؤثمة بالمادتين 144 ، 145 من قانون العقوبات)

الامر الذي يقتضي اعمال حكم الفقرة الاولى من المادة 32 من قانون العقوبات والتي تنص على انه : " إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها اشد والحكم بعقوبتها دون غيرها ".

ج – جريمة تعريض الشاهد للخطر :

نصت المادة 9 من قانون مكافحة الاتجار بالبشر على الجرائم الاتية :

- الافصاح أو الكشف عن هوية المجني عليه أو الشاهد بما يُعرضه للخطر، أو يصيبه بالضرر.

- تسهيل اتصال الجناة بالمجني عليه أو الشاهد .

- امداد المجني عليه أو الشاهد بمعلومات غير صحيحة عن حقوقه القانونية بقصد الإضرار به او الإخلال بسلامته البدنية أو النفسية أو العقلية.

- العقوبة هي السجن .

- نذكر بأن المقصود بالمجني عليه في هذا الشأن هو الشخص الطبيعي الذي تعرض لأي ضرر مادي أو معنوي، وعلى الأخص الضرر البدني أو النفسي أو العقلي أو الخسارة الاقتصادية، وذلك إذا كان الضرر أو الخسارة ناجماً مباشرة عن جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الاتجار بالبشر.

(المادة 1/3 من القانون)

د – جريمة التحريض على ارتكاب الجرائم :

- عاقب المشرع على مجرد التحريض على ارتكاب جريمة الاتجار بالبشر أو الحمل على الشهادة الزور ، أو جريمة اخفاء الجناة والأشياء ،ن أو جريمة تعريض الشاهد للخطر السالف بيانها ، ولو لم يفض هذا التحريض الى وقوع الجريمة المحرض على ارتكابها بوصف الجناية ، حيث نصت المادة 10 من قانون مكافحة الاتجار بالبشر على أن :" يُعاقب بالسجن كل من حرض بأية وسيلة علي ارتكاب جريمة من الجرائم المشار إليها في المواد السابقة ولو لم يترتب علي التحريض أثر.".

ه – جريمة عدم الابلاغ عن الجرائم :

- الابلاغ عن الجرائم حق شخصي لكل شخص علم بوقوع الجريمة ، وواجب على الموظف العام إذا علم بالجريمة اثناء تأدية عمله أو بسبب تأديته وفقاً لما نصت عليه المادتان 25 ، 26 من قانون الاجراءات الجنائية .

- تناول المشرع واقعة عدم الابلاغ عن الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الاتجار بالبشر بالتجريم ، حيث نصت المادة 12 منه على معاقبة كل من علم بارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في ذلك القانون أو بالشروع فيها ولم يقم بإبلاغ السلطات المختصة بذلك، بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين .

- وشدد المشرع عقوبة الحبس سالفة البيان إذا كان الجاني موظفاً عاماً ووقعت الجريمة إخلالاً بواجبات وظيفته ، ورفع حدها الأقصى الى خمس سنوات.

- وأجاز المشرع للمحكمة الإعفاء من العقاب إذا كان المتخلف عن الإبلاغ زوجاً للجاني أو كان من أحد أصوله أو فروعه أو إخوته أو أخواته.

ثانيا

احكام خاصة بالجرائم المنصوص عليها في قانون الاتجار بالبشر

1 – الجرائم الاصلية لغسل الاموال :

اضاف المشرع – بمقتضى المادة 14 فقرة اولى من قانون مكافحة الاتجار بالبشر – جريمة الاتجار بالبشر والجرائم الاخرى السالف بيانها الى قائمة الجرائم الاصلية المنصوص عليها في المادة 2 من قانون مكافحة غسل الاموال الصادر بالقانون رقم 80 لسنة 2002 المعدل بالقانون رقم 181 لسنة 2008 ، حيث يسري على غسل الاموال المتحصلة منها احكام القانون الاخير .

2 – المسئولية الجنائية للشخص الاعتباري :

- ساوى القانون في المسئولية الجنائية عن الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الاتجار بالبشر بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي فعاقب المسئول عن الادارة الفعلية للشخص الاعتباري المخالف بذات العقوبة المقررة عن الجرائم المنصوص عليها في القانون المذكور إذا ارتكبت اي جريمة من تلك الجرائم بواسطة احد العاملين في الشخص الاعتباري باسمه ولصالحه إذا ثبت علمه بها أو إذا كانت الجريمة قد وقعت بسبب اخلاله بواجبات وظيفته .

- اوجب المشرع على المحكمة ان تأمر في الحكم الصادر بالإدانة بنشر الحكم على نفقة الشخص الاعتباري في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار ، ويجوز للمحكمة ان تقضي بوقف نشاط الشخص الاعتباري لمدة لا تجاوز سنة.

ويكون الشخص الاعتباري مسئولاً بالتضامن عن الوفاء بما يُحكم به من عقوبات مالية وتعويضات إذا كانت الجريمة قد ارتُكبت من أحد العاملين به باسم الشخص الاعتباري ولصالحه.

(المادة 11 من القانون)

3 – الاعفاء من العقوبة :

وضع المشرع احكاماً خاصة بالإعفاء من العقوبة في الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الاتجار بالبشر حيث نصت المادة 15 من القانون الاخير على انه : " إذا بادر أحد الجناة بإبلاغ أي من السلطات المختصة بالجريمة ومرتكبيها قبل علم السلطات بها، تقضي المحكمة بإعفائه من العقوبة إذا أدى إبلاغه إلى ضبط باقي الجناة والأموال المتحصلة من هذه الجريمة.

و للمحكمة الإعفاء من العقوبة الأصلية، إذا حصل الإخبار بعد علم السلطات بالجريمة وأدى الى كشف باقي الجناة وضبطهم وضبط الأموال المتحصلة منها.

ولا تنطبق أي من الفقرتين السابقتين إذا نتج عن الجريمة وفاة المجني عليه أو إصابته بمرض لا يُرجى الشفاء منه أو بعاهة مستديمة.".

وفي ضوء نص المادة سالفة البيان يراعى ما يلي :

الاعفاء الكلي الوجوبي من العقوبة :

يكون الاعفاء وجوبياً من العقوبات الاصلية والتكميلية المقررة قانوناً في حالة ما إذا بادر احد الجناة بإبلاغ اي من السلطات المختصة بالجريمة ومرتكبيها قبل علم السلطات بها ، وأدى ابلاغه الى ضبط باقي الجناة والأموال المتحصلة من هذه الجريمة .

الاعفاء الجزئي الجوازي من العقوبة :

يكون الاعفاء من العقوبة الاصلية فقط في حالة إذا حصل الاخبار بالجريمة بعد علم السلطات بها وادى ذلك الى كشف باقي الجناة وضبطهم وضبط الاموال المتحصلة من الجريمة .

حظر الاعفاء من العقوبة :

يحظر الاعفاء من العقوبة – الكلي أو الجزئي – وإن توافرت حالاته إذا نتج عن الجريمة وفاة المجني عليه أو اصابته بمرض لا يرجى الشفاء منه أو بعاهة مستديمة .

الاعفاء من العقوبة من سلطة المحكمة :

إذا توافرت احدى حالات الاعفاء من العقوبة على النحو السالف بيانه يجب على النيابة ان تستمر في مباشرة التحقيقات الى ان تبلغ غايتها ، ورفع الدعوى الى المحكمة – إذا ترجحت أدلة ثبوت الاتهام – وذلك على اعتبار ان المتهم المبلغ يظل مسئولاً جنائياً عن الجريمة المذكورة ، وأن التحقق من توافر حالات اعفائه من العقوبة المقررة قانونا منوط بالمحكمة .

4 – التدابير التحفظية على الاموال :

خول المشرع النيابة العامة عند مباشرة التحقيق في الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الاتجار بالبشر – بالإضافة الى الاختصاصات المقررة لها – طلب اتخاذ كافة التدابير التحفظية على الاموال وفقاً لما تقضي به المواد ( 208 مكرراً أ ، 208 مكرراً ب ، 208 مكرراً ج) من قانون الاجراءات الجنائية .

(المادتان 14 فقرة ثانية ، 19 من القانون)

تتمثل التدابير التحفظية المشار اليها فيما يلي :

أ – طلب منع المتهم أو زوجه أو اولاده القصر من التصرف في اموالهم ، أو المنع من ادارة تلك الاموال .

ب – طلب تعقب أو تجميد الاموال موضوع جرائم الاتجار بالبشر أو عائداتها أو الحجز عليها .

وتختص المحكمة الجنائية المختصة باتخاذ التدابير التحفظية المشار اليها بناء على طلب النيابة العامة .

على ان يراعى ان للنائب العام عند الضرورة أو في حالة الاستعجال ان يأمر مؤقتا بمنع المتهم أو زوجه أو اولاده القصر من التصرف في اموالهم أو ادارتها ، ويعرض بعد ذلك امر المنع على المحكمة الجنائية المختصة بطلب الحكم بالمنع من التصرف أو الادارة (الفقرة الثانية من المادة 208 مكرراً أ من قانون الاجراءات الجنائية )

5 – الاطلاع على الحسابات بالبنوك :

فرض القانون رقم 88 لسنة 2003 بإصدار قانون البنك المركزي السرية على الحسابات بالبنوك ، إلا انه اجاز للنائب العام أو لمن يفوضه من المحامين العاميين الاول على الاقل من تلقاء نفسه أو بناء على طلب جهة رسمية أو احد من ذوي الشأن ، ان يطلب من محكمة استئناف القاهرة الامر بالاطلاع أو الحصول على اية بيانات أو معلومات تتعلق بالحسابات أو الودائع أو الامانات أو الخزائن أو المعاملات المتعلقة بها إذا اقتضى ذلك كشف الحقيقة في جناية أو جنحة قامت الدلائل الجدية على وقوعها .

- وباعتبار ان جريمة الاتجار بالبشر والجرائم الاخرى المنصوص عليها في قانون مكافحة الاتجار بالبشر اضيفت الى الجرائم الاصلية المنصوص عليها في المادة 2 من قانون غسل الاموال . ويسري على غسل الاموال المتحصلة منها احكام القانون الاخير ، فإنه يجوز للنائب العام أو من يفوضه من المحامين العامين الاول على الاقل ان يأمر مباشرة بالاطلاع أو الحصول على اية بيانات أو معلومات تتعلق بالحسابات أو الودائع أو الامانات أو الخزائن ، أو المعاملات المتعلقة بها إذا اقتضى ذلك كشف الحقيقة في تلك الجرائم عملاً بما تقرره الفقرة الاخيرة من المادة 98 من قانون البنك المركزي سالف البيان .

ويراعى ان النائب العام فوض المحامي العام الاول لنيابة استئناف القاهرة في أن يطلب أو يأمر مباشرة بالاطلاع على الحسابات والمعاملات بالبنوك على النحو السالف بيانه . (قرار النائب العام رقم 1203 لسنة 2003 الذي تضمنه الكتاب الدوري رقم 16 لسنة 2003 )

ثالثا

نطاق تطبيق القانون من حيث المكان

في اطار تحديد نطاق تطبيق قانون مكافحة الاتجار بالبشر من حيث المكان حرص المشرع على تقرير الاحكام الخاصة الاتي بيانها :

تسري احكام قانون مكافحة الاتجار بالبشر على كل من يرتكب خارج مصر من غير المصريين جريمة الاتجار بالبشر المنصوص عليها في المادتين 5 ، 6 من قانون مكافحة الاتجار بالبشر إذا توافر الشرطان الاتيان :

أ – ان يكون الفعل المكون لجريمة الاتجار بالبشر معاقباً عليه في الدولة التي وقع فيها تحت اي وصف قانوني .

ب – ان تتوافر احدى الحالات الاتية :

1 – إذا ارتكبت الجريمة على متن وسيلة من وسائل النقل الجوي أو البري أو مائي وكانت مسجلة لدى جمهورية مصر العربية أو تحمل علمها .

2 – إذا كان المجني عليهم أو احدهم مصرياً .

(وفي هذه الحالة اخذ المشرع بمبدأ الشخصية السلبية حيث يمتد نطاق التطبيق قانون العقوبات المصري إذا وقعت الجريمة في الخارج على مجني عليه مصري )

3 – إذا تم الاعداد للجريمة أو التخطيط أو التوجيه أو الاشراف عليها أو تمويلها في جمهورية مصر العربية .

4 – إذا ارتكبت الجريمة بواسطة جماعة اجرامية منظمة تمارس انشطة اجرامية في اكثر من دولة من بينها جمهورية مصر العربية .

5 – إذا كان من شان الجريمة الحاق ضرر بأي من مواطني جمهورية مصر العربية أو المقيمين فيها ، أو بأمنها ، أو بأي من مصالحها في الداخل أو الخارج .

6 – إذ وجد مرتكب الجريمة في جمهورية مصر العربية ، بعد ارتكابها ولم يتم تسليمه .

(وفي هذه الحالة اخذ المشرع بمبدأ الاختصاص الجنائي العالمي حيث يمتد نطاق تطبيق قانون العقوبات المصري على الجريمة أياً كان مكان وقوعها وأياً كانت جنسية الجاني أو المجني عليه بشرط ان يوجد مرتكب الجريمة في مصر بعد ارتكابها دون ان يتم تسليمه إذا لم يكن مصرياً )

(المادة 16 من القانون)

يمتد الاختصاص بمباشرة اجراءات الاستدلال والتحقيق والمحاكمة الى السلطات المصرية المختصة إذا توافرت شروط سريان احكام قانون مكافحة الاتجار بالبشر على النحو السالف بيانه في البند السابق .

(المادة 17 من القانون)

يراعى عند النظر في نطاق التطبيق المكاني لاحكام قانون مكافحة الاتجار بالبشر حكم المادة 4 من قانون العقوبات الذي يشترط ان تقام الدعوى الجنائية على مرتكب جريمة أو فعل في الخارج من النيابة العامة ، وعدم جواز اقامتها على من يثبت ان المحاكم الاجنبية برأته مما اسند اليه أو انها حكمت عليه نهائياً واستوفى عقوبته .

رابعاً

التعاون القضائي الدولي

- تتعاون الجهات القضائية والشرطية المصرية مع الجهات الاجنبية المماثلة لها فيما يتعلق بمكافحة وملاحقة جرائم الاتجار بالبشر ، بما في ذلك تبادل المعلومات وإجراء التحريات والمساعدات والإنابات القضائية وتسليم المجرمين والأشياء واسترداد الاموال ونقل المحكوم عليهم وغير ذلك من صور التعاون القضائي والشرطي ، وذلك كله في اطار القواعد التي تقررها الاتفاقيات الثنائية أو متعددة الاطراف النافذة في جمهورية مصر العربية ، أو وفقاً لمبدأ المعاملة بالمثل.

(المادة 18 من القانون)

- يكون للجهات القضائية المصرية والأجنبية أن تطلب اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتعقب أو ضبط أو تجميد الأموال موضوع جرائم الاتجار أو عائداتها أو الحجز عليها، مع عدم الإخلال بحقوق الغير حسني النية.

(المادة 19 من القانون)

- يكون للجهات القضائية المصرية المختصة أن تأمر بتنفيذ الأحكام الجنائية النهائية الصادرة من الجهات القضائية الأجنبية المختصة بضبط أو تجميد أو مصادرة أو استرداد الأموال المتحصلة من جرائم الاتجار بالبشر وعائداتها، وذلك وفق القواعد والإجراءات التي تتضمنها الاتفاقيات الثنائية أو متعددة الأطراف النافذة في جمهورية مصر العربية، أو وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل.

(المادة 20 من القانون)

خامسا

حماية المجني عليهم

حرص المشرع على النص في قانون مكافحة الاتجار البشر على حماية المجني عليهم ، وكفالة الدولة لتلك الحماية وتهيئة الظروف المناسبة لمساعدته ورعايته صحيا ونفسيا وتعليميا واجتماعيا وإعادة تأهيله ودمجه في المجتمع في اطار من الحرية والكرامة الانسانية (المادة 22 من القانون ) وكفالة حقوقه في جميع مراحل الاستدلال والتحقيق والمحاكمة في جرائم الاتجار بالبشر وما يقتضيه ذلك من صون حرمته الشخصية وهويته. وتبصيره بالإجراءات الإدارية والقانونية والقضائية ذات الصلة، وحصوله على المعلومات المتعلقة بها. والاستماع إليه وأخذ آرائه ومصالحه بعين الاعتبار، وذلك في كافة مراحل الإجراءات الجنائية وبما لا يمس حقوق الدفاع. ومساعدته القانونية، وتوفير الحماية له وللشهود وعدم التأثير عليهم .

(المادة 23 من القانون )

وتتمثل اوجه الحماية التي يتمتع بها المجني عليه في جرائم الاتجار بالبشر فيما يلي :

1 – امتناع المسئولية الجنائية :

- نصت المادة 21 من قانون مكافحة الاتجار بالبشر على انه : " لا يعد المجني عليه مسئولاً مسئولية جنائية أو مدنية عن أي جريمة من جرائم الاتجار بالبشر متى نشأت أو ارتبطت مباشرة بكونه مجنياً عليه ".

- وتقوم فكرة امتناع المسئولية الجنائية للمجني عليه في هذا الصدد على ان ارادته قد انعدمت لكونه مجنيا عليه في جريمة الاتجار بالبشر ، وأصبحت أهليته الجنائية غير موجودة .

- يقتصر امتناع المسئولية الجنائية للمجني عليه على جرائم الاتجار بالبشر التي نشأت أو ارتبطت مباشرة بكونه مجنياً عليه فقط ، ولا يتعداه إذا ارتكب المجني عليه جرائم اخرى حيث تظل مسئوليته الجنائية عنها قائمة .

2 – الحق في الاستعانة بمحام :

خولت المادة ( 23 فقرة ه ) من قانون مكافحة الاتجار بالبشر المجني عليه الحق في المساعدة القانونية ، وعلى الأخص الحق في الاستعانة بمحام في مرحلتي التحقيق والمحاكمة ، فإذا لم يكن قد اختار محامياً وجب على النيابة اوو المحكمة – بحسب الاحوال – ان تندب له محامياً ، وذلك طبقا للقواعد المقررة في قانون الاجراءات الجنائية بشأن ندب محام للمتهم .

وسنعرض لإجراءات استعانة المجني عليه بمحام على التفصيل الاتي :

أ – الاستعانة بمحام في مرحلة التحقيق :

في ضوء ما ورد بالمادة 124 من قانون الاجراءات الجنائية وما ورد بالمادة 125 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 أيضاً من احكام خاصة بحق المتهم في الاستعانة بمحام وإذا لم يكن له محام أو لم يحضر محاميه بعد دعوته وجب على المحقق ان يندب له محامياً ، وتطبيقاً لتلك الاحكام على حق المجني عليه في جناية الاتجار بالبشر في الاستعانة بمحام طبقاً للقواعد المقررة في قانون الاجراءات الجنائية بشان ندب محام للمتهم يراعى ما يلي :

- يجب على عضو النيابة المحقق دعوة محامي المجني عليه للحضور قبل سؤال المجني عليه في القضايا المحررة عن الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الاتجار بالبشر .

- يشترط لإعمال التزام عضو النيابة المحقق بدعوة محامي المجني عليه ان يعلن المجني عليه اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب النيابة ، أو ان يخطر به المحقق ، أو ان يقوم محاميه بهذا الاعلان أو الاخطار .

- على عضو النيابة المحقق ان يقوم من تلقاء نفسه بندب محام للحضور مع المجني عليه إذا لم يكن معه محام أو لم يحضر محاميه بعد دعوته .

- يتعين على عضو النيابة المحقق ان يثبت في محضر التحقيق وقبل سؤال المجني عليه حضور محامي المجني عليه أو دعوته اياه للحضور ان وجد ، أو اثبات عدم وجود محام للمجني عليه بعد سؤال الاخير عنه ، وندب محام للحضور معه .

- يكفي مجرد دعوة محامي المجني عليه للحضور ، ولا يلزم حضوره بالفعل ، بشرط ان تكون الدعوة في وقت مناسب يمكنه من الحضور ، ولا يقوم عضو النيابة المحقق بندب محامي للمجني عليه إلا بعد مضي هذا الوقت .

- لا يلزم عضو النيابة المحقق بتأجيل التحقيق الى الموعد الذي يقترحه المحامي إذا رأى ان هذا التأجيل قد يضر بسير التحقيق ، وإنما يلزم بندب محام له.

- على عضو النيابة المحقق أن يبادر بإخطار نقابة المحامين الفرعية أو لجانها الفرعية – بكتاب موقع منه – بقرار بندب محام للحضور مع المجني عليه ، والتأكد من تسليم ذلك الاخطار الى المختص بالنقابة أو اللجنة الفرعية ، واثبات ذلك بمحضر التحقيق .

- لمحامي المجني عليه ان يثبت ما يعن له من طلبات أو ملاحظات .

- يصدر المحقق بعد التصرف النهائي في التحقيق بناء على طلب محامي المجني عليه المنتدب أمراً بتقدير اتعابه ، ويتم هذا التقدير وفقا للقواعد الواردة بقرار وزير العدل رقم 8126 لسنة 2007 بإصدار الجدول الاستشاري لأتعاب المحامين المنتدبين لحضور التحقيقات امام النيابة العامة ، وما تضمنه الكتاب الدوري الصادر من النائب العام رقم 34 لسنة 2007 من تعليمات بشأن تقدير اتعاب المحامين المنتدبين وصرفها .

ب – الاستعانة بمحام في مرحلة المحاكمة :

وفي ضوء ما نصت عليه المادة 67 من الدستور من : " حق كل متهم في جناية ان يكون له محام يدافع عنه " ، وما نصت عليه المادة 125 من قانون الطفل من أن : " للطفل الحق فى المساعدة القانونية ، ويجب أن يكون له فى مواد الجنايات وفي مواد الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً محام يدافع عنه فى مرحلتى التحقيق والمحاكمة ، فإذا لم يكن قد اختار محامياً تولت النيابة العامة أو المحكمة ندبه ، وذلك طبقاً للقواعد المقررة في قانون الإجراءات الجنائية . ". وما نصت عليه المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية من أن :" المحامى العام يندب - من تلقاء نفسه - محامياً لكل متهم بجناية صدر امر بإحالته الى محكمة الجنايات اذا لم يكن قد وكل محامياً للدفاع عنه " . وإعمالاً لتلك الاحكام بالنسبة الى المجني عليه في جنايات الاتجار بالبشر – بإحالتها الى المحكمة المختصة (محكمة الجنايات أو محكمة الطفل بحسب الاحوال ) أن يندب محامياً لكل مجني عليه إذا لم يكن قد وكل محامياً للدفاع عنه .

3 – حماية الطفل المجني عليه عند تعرضه للخطر :

- وفقا لأحكام قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 اعتبر المشرع الطفل معرضاً للخطر إذا وجد في حالة تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها له وذلك في اي من الاحوال المنصوص عليها في المادة 96 من قانون الطفل ، ومن بينها تلك الحالات ذات الصلة المباشرة بجرائم الاتجار بالأطفال واستغلالهم أو استخدامهم في الاغراض غير المشروعة والمنصوص عليها في المواد 1 ، 6 ، 7 من المادة 96 سالفة الذكر ، وهي :

1- إذا تعرض أمنه أو أخلاقه أو صحته أو حياته للخطر .

6- إذا تعرض داخل الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية أو غيرها للتحريض على العنف أو الأعمال المنافية للآداب أو الأعمال الإباحية أو الاستغلال التجاري أو التحرش أو الاستغلال الجنسي أو الاستعمال غير المشروع للكحوليات أو المواد المخدرة المؤثرة على الحالة العقلية .

7- إذا وجد الطفل متسولاٌ ، ويعد من أعمال التسول عرض سلع أو خدمات تافهة أو القيام بألعاب بهلوانية وغير ذلك مما لا يصلح مورداٌ جدياٌ للعيش .

- وفي سبيل قيام النيابة العامة بدورها في حماية المجني عليه وكفالة حقه في الحماية والمساعدة وإعادة الدمج في المجتمع باعتباره ضحية لا جانياً ، يجب على عضو النيابة المحقق إذا تبين له من خلال اجراءات التحقيق التي يباشرها في جناية الاتجار بالبشر وجود الطفل – المجني عليه أو الشاهد – في احدى حالات التعرض للخطر المشار اليه سلفاً المبادرة الى اخطار اللجنة الفرعية لحماية الطفولة بمذكرة بملخص الواقعة وما اسفرت عنه المرحلة التي قطعها التحقيق لكي تكون تلك اللجنة على بينة من امر الطفل وتتخذ ما تختص به من تدابير وإجراءات لازمة في هذا الشأن ، على ان يرسل عضو النيابة الى تلك اللجنة بياناً بالتصرف النهائي في القضية لاتخاذ شئونها المقررة قانونا في هذا الصدد .

مع مراعاة ان الكتاب الدوري الصادر من النائب العام رقم 19 لسنة 2008 والمذكرة الشارحة التي اعدتها ادارة التفتيش القضائي بالنيابة العامة والمؤرخة 10/8/2008 قد تضمنا عرضاً وافياً لحالات تعرض الطفل للخطر والإجراءات والتدابير التي تتخذها لجان حماية الطفولة والإدارة العامة لنجدة الطفل والنيابة العامة في هذا الشأن .

سادساً

اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر

نفاذاً لحكم المادة 28 من قانون مكافحة الاتجار بالبشر صدر قرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 2353 لسنة 2010 بشأن اعادة تشكيل اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الاتجار بالبشر ، تكون النيابة العامة ممثلة بعضو في تشكيلها ، حيث عهد اليها بعدة اختصاصات من بينها التنسيق على المستوى الوطني بين السياسات والخطط والبرامج الموضوعة لمكافحة الاتجار بالبشر وحماية المجني عليهم وتقديم الخدمات لهم وحماية الشهود .

سابعا

صندوق مساعدة قضايا الاتجار بالبشر

تنص المادة 27 من القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر على ان : " ينشأ صندوق لمساعدة ضحايا الاتجار بالبشر، تكون له الشخصية الاعتبارية العامة، يتبع رئيس مجلس الوزراء، ويتولى تقديم المساعدات المالية للمجني عليهم ممن لحقت بهم أضرار ناجمة عن أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.....

وتؤول حصيلة الغرامات المقضي بها في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، والأموال والأدوات ووسائل النقل التي يحكم بمصادرتها إلى الصندوق مباشرة.

وفي ضوء ما تقدم فإنه تنظيماً لإجراءات تنفيذ الاحكام الجنائية الصادرة بالغرامة في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام قانون مكافحة الاتجار بالبشر ، وما يترتب على ذلك من تدعيم لأهم موارد صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر ، وضمانا لحسن سير العمل بالنيابات يجب اتباع ومراعاة ما يلي :

1 – ينشأ بكل نيابة كلية وجزئية سجل يخصص لقيد الغرامات المحكوم بها نهائيا في جرائم الاتجار بالبشر ، تكون بياناته كما يلي :

( رقم مسلسل / رقم القضية / رقم القيد بدفتر الحصر العام لأحكام الغرامات / اسم المحكوم عليه وعنوانه / قيمة الغرامة وتاريخ الحكم بها / المبلغ المحصل / رقم وتاريخ قسيمة التحصيل ).

2 – يجري قيد الغرامات المحكوم بها بالدفتر المشار اليها بعد قيدها بدفتر الحصر العام للغرامات بالنيابة مع التاشير بما يتم تحصيله منها ، ويكون القيد بالدفتر الخاص بالنيابة الكلية قاصرا على الغرامات المحكوم بها نهائياً من محكمة الجنايات ومحكمة الجنح المستانفة حيث يتم تحصيلها بمعرفتها ، مع مراعاة اخطار النيابات الجزئية التابعة للنيابة الكلية بمنطوق الاحكام النهائية الصادرة من محكمة الجنح المستانفة للتاشير بها بدفاترها .

3 – يجب عدم قيد الغرامات المشار اليها في دفاتر المطالبة بالنيابة لأنها لا تُعد ديونا مستحقة لوزارة العدل .

4 – يتم توريد الغرامات المحصلة الى خزانة المحكمة لحساب صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر ، ويجب على كاتب التنفيذ بالنيابة ان يؤشر على قسائم التحصيل وفي كشوف المبالغ المحكوم بها التي ترسل الى وحدة التنفيذ بالشرطة بعبارة تفيد بأن تحصيل هذه المبالغ وتوريدها يتم لحساب صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر .

5 – يجب اعداد كشوف بالغرامات المحصلة لحساب صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر مع مراعاة ما يلي :

- يحرر بكل من النيابة الكلية والجزئية في نهاية كل شهر كشف من ثلاث صور يوضح به الغرامات المحصلة خلال الشهر من الاحكام النهائية المشار اليها وأرقام وتواريخ قسائم التحصيل .

وعلى كاتب التنفيذ بالنيابة الكلية مراجعة صور هذا الكشف والتوقيع عليها ثم عرضها على رئيس النيابة الكلية لاعتمادها ، وتسليم صورتين منها الى مدير الشئون الجنائية بالنيابة الكلية وحفظ الثالثة لديه .

- على رئيس القلم الجنائي بالنيابة الجزئية ان يقوم بتحرير كشف مماثل لما هو مبين في البند السابق بالنسبة للأحكام النهائية المحصلة بالنيابة الجزئية ، وإرسال صورتين منه الى مدير الشئون الجنائية بالنيابة الكلية ، وحفظ الصورة الثالثة لدى كاتب التنفيذ .

- على كاتب التنفيذ بالنيابة الكلية والجزئية فور تحريره للكشف سالف البيان ان يقوم بالتأشير بالمداد الاحمر في الدفتر المشار اليه في البند رقم 1 بما يفيد ادراج المبالغ المحصلة في الكشف الشهري ، وعليه كذلك التأشير ببيانات التحصيل في دفتر الحصر العام للغرامات وجداول النيابة .

- على مدير الشئون الجنائية بالنيابة الكلية – في ميعاجد اقصاه اليوم العاشر من كل شهر – ان يقوم بتجميع الكشوف الواردة من النيابات الجزئية وتلك المحررة بالنيابة الكلية وإرسال صورة منها الى الوحدة الحسابية بالمحكمة الابتدائية لتسوية المبالغ المحصلة لحساب صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر ، وصورة اهرى الى صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر يوضح بها تاريخ ورقم ارسال الصورة الى الوحدة الحسابية بالمحكمة الابتدائية ، وذلك لمتابعة اجراءات تسوية هذه المبالغ لحساب الصندوق فور العمل بقرار رئيس الجمهورية الذي يصدر بتنظيم هذا الصندوق وتحديد اختصاصاتها وموارد ومصادر تمويله .

- على مدير الشئون الجنائية بالنيابة الكلية أن ينشئ سجلاً خاصاً يثبت فيه تاريخ ورود صورتي تلك الكشوف من النيابات الجزئية ، وتاريخ استعجالها في حالة تأخر ورودها ، وتاريخ ورقم ارسال صورة تلك الكشوف الى الوحدة الحسابية بالمحكمة الابتدائية وتاريخ ورقم ارسال الصورة الاخرى الى صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر ومجموع المبالغ المحصلة الثابتة بها .

- على مدير الشئون الجنائية بالنيابة الكلية أيضاً اخطار ادارة النيابات كل ثلاثة اشهر بإجمالي المبالغ التي تم تسويتها لحساب صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر وذلك لمراقبة اجراءات تحصيل الغرامات المحكوم بها لحساب هذا الصندوق .

6 – على المفتشين الاداريين القيام بالتفتيش الدوري على الدفاتر والكشوف المشار اليها في البنود السابقة ومراجعتها للتحقق من صحة البيانات المدونة فيها ، واتخاذ ما يلزم لأحكام الرقابة على تحصيل تلك المبالغ وتسويتها لصالح صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر ، وعرض تقارير التفتيش شهرياً على ادارة النيابات للوقوف على مدى انتظام تلك الاجراءات .

7 – تتولى ادارة النيابات بمكتب النائب العام التنسيق مع صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر في شأن تنفيذ الاحكام النهائية الصادرة بمصادرة الاموال والأدوات ووسائل النقل في جرائم الاتجار بالبشر أو توريد قيمتها لحساب هذا الصندوق .

والله ولي التوفيق

تحريراً في 10 / 1 / 2011

عدم دستورية حرمان العامل بالهيئة المصرية العامة للبترول من مقابل رصيد أجازاته

قضية رقم 60 لسنة 25 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 4 إبريل سنة 2004 م ، الموافق 14 صفر سنة 1425 ه .
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وبحضور السادة المستشارين : ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وإلهام نجيب نوار ومحمد خيرى طه والدكتور عادل عمر شريف.
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 60 لسنة 25 قضائية " دستورية " المحالة من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 6112 لسنة 54 ق .
المقامة من
السيد / عبد الفتاح على طه البردى
ضد
السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول
السيد رئيس مجلس الوزراء
الإجراءات
بتاريخ 5/2/2003 ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 6112 لسنة 54 ق ، من محكمة القضاء الإدارى بقرارها القاضى بوقف الدعوى وإحالتها إلى هذه المحكمة للفصل فى دستورية المادة (104) من لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة للبترول .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها أصلياً : الحكم بعدم اختصاص المحكمة ، واحتياطياً : عدم قبولها للتجهيل بالمسائل الدستورية المطروحة ، كما قدمت الهيئة المصرية العامة للبترول مذكرة بدفاعها طلبت فى ختامها رفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم ، وقدم الحاضر عن الهيئة المصرية العامة للبترول طلباً لإعادة الدعوى للمرافعة لم تر المحكمة له محلاً .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق تتحصل فى أن السيد / عبد الفتاح على طه البردى أقام على الهيئة المصرية العامة للبترول الدعوى رقم 814 لسنة 1998 عمال جزئى القاهرة ، طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع إليه مبلغ 80ر4192 جنيه ، قيمة الباقى له من الرصيد النقدى للأجازات المستحق له عن مدة خدمته بالهيئة منذ سنة 1957 حتى إحالته إلى التقاعد فى 8/1/1995 ، حيث يستحق له أجر 749 يوماً لم تصرف له الهيئة المدعى عليها منها إلا 120 يوماً محسوبة على الأجر الأساسى بالعلاوات الدورية الخاصة دون باقى عناصر الأجر ، وذلك استناداً إلى نص المادة (104) من لائحة نظام العاملين بقطاع البترول التى وضعت حداً أقصى لما يجوز صرفه من مقابل رصيد الأجازات 120 يوماً فقط . قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى ، حيث قيدت برقم 6112 لسنة 54 قضائية . وإذ تراءى لهذه المحكمة عدم دستورية نص المادة (104) من لائحة نظام العاملين بالهيئة المصرية العامة للبترول فقد قررت بجلسة 16/12/2002 وقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا .
وحيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى فهو فى غير محله ، ذلك أن الهيئة المصرية العامة للبترول هيئة عامة لها شخصية اعتبارية مستقلة وعلاقة العاملين بها هى علاقة لائحية تنظيمية بوصفهم موظفين عموميين بحكم تبعيتهم لشخص من أشخاص القانون العام خلافاً للعاملين فى إحدى الشركات التابعة للهيئة حيث تعتبر علاقتهم بالشركة التى يعملون بها تعاقدية . وإذ كان مجلس إدارة الهيئة سالفة الذكر قد أصدر لائحة نظام العاملين بالهيئة بموجب التفويض المقرر له بالمادة التاسعة من القانون رقم 20 لسنة 1976 فإن هذه اللائحة تدخل فى دائرة التشريعات التى تختص هذه المحكمة بإعمال رقابتها الدستورية عليها .
وحيث إنه لما كان المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن التجهيل بالمسائل الدستورية الذى يؤدى إلى القول بعدم القبول يفترض أن يكون بيانها قد غمض فعلاً بما يحول عقلاً دون تجليتها ، بحيث إذا كان إمعان النظر فى شأنها من خلال الربط المنطقى للوقائع المؤدية إليها يفصح عن حقيقتها ، وما قصد إليه الطاعن حقاً من إثارتها ، فإن الأمر يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان البادئ من قياس النص المطروح على نص المادة (65) من قانون العاملين بالدولة وما أثير بشأنها من عوار دستورى فإن مواقع البطلان فى النص المعروض تكون واضحة .
وحيث إن النص فى المادة (104) من لائحة نظام العاملين بالهيئة المصرية العامة للبترول المطعون فيها الصادرة وفقاً لأحكام القانون رقم 20 لسنة 1976 بقرار مجلس إدارتها رقم 1 لسنة 1979 قبل تعديله بالقرار رقم 17 لسنة 1998 على أن :-" يستحق العامل أجر رصيد أجازاته الاعتيادية عند انتهاء خدمته دون استعماله لها بحد أقصى مائة وعشرين يوماً ، ويحرم من ذلك من تنهى خدمته للانقطاع عن العمل أو الفصل " . ولما كان النزاع الموضوعى المعروض إنما يتعلق بمدة الإجازة التى يستحق عنها المدعى مقابلاً نقدياً طوال مدة خدمته وحتى إحالته للتقاعد فى 8/1/1995 ، فإن نطاق الدعوى يتحدد وفقاً لذلك فيما تضمنه النص قبل تعديله بالقرار رقم 17 لسنة 1998 من تقرير حد أقصى لما يستحقه العامل من مقابل لرصيد أجازاته الاعتيادية التى لم يحصل عليها .
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن لكل حق أوضاعاً يقتضيها ، وأثاراً يرتبها ، من بينها فى مجال حق العمل ضمان الشروط التى يكون أداء العمل فى نطاقها منصفاً وإنسانياً ومواتياً ، فلا تنتزع هذه الشروط قسراً من محيطها ، ولا ترهق بفحواها بيئة العمل ذاتها ، أو تناقض بأثرها ما ينبغى أن يرتبط حقاً وعقلاً بالشروط الضرورية لأداء العمل بصورة طبيعية لا تحامل فيها ، ومن ثم لا يجوز أن تنفصل الشروط التى يتطلبها المشرع لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها ، عن متطلبات ممارستها وإلا كان تقريرها انحرافا بها عن غاياتها يستوى فى ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية .
وحيث إن الدستور وإن خول السلطة التشريعية بنص المادة (13) تنظيم حق العمل ، إلا أنه لا يجوز لها أن تعطل جوهره ، ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل موطئاً لإهدار حقوق يملكها ، وعلى الأخص تلك التى تتصل بالأوضاع التى ينبغى أن يمارس العمل فيها ، ويندرج تحتها الحق فى الإجازة السنوية التى لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها ، وإلا كان ذلك منها عدواناً على صحته البدنية والنفسية ، وإخلالاً بأحد التزاماتها الجوهرية التى لا يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها ، ونكولاً عن الحدود المنطقية التى ينبغى وفقاً للدستور أن تكون إطاراً لحق العمل ، واستتاراً بتنظيم هذا الحق للحد من مداه .
وحيث إن المشرع وفى الإطار السابق بيانه قد صاغ بنص المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 219 لسنة 1991 وهو القانون العام بالنسبة للعاملين بالدولة وهيئاتها العامة حق العامل فى الإجازة السنوية فغدا بذلك حقاً مقرراً له بنص القانون ، يظل قائماً ما بقيت الرابطة الوظيفية قائمة .
وحيث إن المشرع تغيا من ضمان حق العامل فى إجازة سنوية بالشروط التى حددها أن يستعيد العامل خلالها قواه المادية والمعنوية ، ولا يجوز بالتالى أن ينزل العامل عنها ولو كان هذا النزول ضمنياً بالامتناع عن طلبها ، إذ هى فريضة اقتضاها المشرع من كل من العامل وجهة الإدارة فلا يملك أيهما إهدارها كلياً أو جزئياً إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل ، ولا أن يدعى العامل أنه بالخيار بين طلبها أو تركها ، وإلا كان التخلى عنها انهاكاً لقواه . وتبديداً لطاقاته . وإضراراً بمصلحة العمل ذاتها التى يتعذر صونها مع الاستمرار فيه دون انقطاع . فالحق فى الإجازة السنوية يتصل بقيمة العمل وجدواه ، وينعكس بالضرورة على كيان الجماعة ويمس مصالحها العليا صوناً لقوتها الإنتاجية البشرية .
وحيث إن المشرع قد دل بنص المادة (104) من اللائحة المطعون عليها ، على أن العامل لا يجوز أن يتخذ من الإجازة السنوية وعاءاً ادخارياً من خلال ترحيل مددها التى تراخى فى استعمالها ، ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء خدمته على ما يقابلها من الأجر . وكان ضمان المشرع لمصلحة العمل ذاتها قد اقتضاه أن يرد على العامل سوء قصده ، فلم يجز له أن يحصل على ما يساوى أجر هذا الرصيد إلا عن مدة لا تتجاوز مائة وعشرين يوماً ، وهى بعد مدة قدر المشرع أن قصرها يعتبر كافلاً للإجازة السنوية غايتها فلا تفقد مقوماتها أو تتعطل وظائفها ، بيد أن هذا الحكم لا ينبغى أن يسرى على إطلاقه ، بما مؤداه أنه كلما كان فوات الإجازة راجعاً إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها ، كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها ، فيجوز للعامل عندئذ وكأصل عام أن يطلبها جملة ، إذا كان اقتضاء ما تجمع من أجازاته السنوية على هذا النحو ممكناً عيناً ، وإلا كان التعويض النقدى عنها واجباً ، تقديراً بأن المدة التى امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مردها إلى جهة العمل فكان لزاماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك .
وحيث إن الحق فى التعويض لا يعدو أن يكون من العناصر الإيجابية للذمة المالية للعامل ، مما يندرج فى إطار الحقوق التى تكفلها المادتان ( 32 و34 ) من الدستور اللتان صان بهما الملكية الخاصة والتى جرى قضاء هذه المحكمة على اتساعها للأموال بوجه عام وانصرافها بالتالى إلى الحقوق الشخصية والعينية جميعها . متى كان ذلك ، فإن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر والجابر له يكون مخالفاً للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (104) من لائحة نظام العاملين بالهيئة المصرية العامة للبترول قبل تعديلها بالقرار رقم 17 لسنة 1998 فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدى لرصيد أجازاته الاعتيادية فيما جاوز المائة وعشرين يوماً متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل ، وألزمت المدعى عليه المصروفات ، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

عدم دستورية حرمان العامل بالهيئة القومية للسكك الحديدية من مقابل رصيد أجازاته

قضية رقم 54 لسنة 25 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 9 مايو سنة 2004 م ، الموافق 19 ربيع الأول سنة 1425 ه .
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين :
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 54 لسنة 25 قضائية " دستورية " المحالة من محكمة القضاء الإدارى بقرارها الصادر بجلسة 9/12/2002 فى الدعوى رقم 10163 لسنة 54 ق .
المقامة من
1 السيد / على إبراهيم طه
2 السيد / أبو بكر أحمد امين طوسون
3 السيد / سمير عيسى خليل
4 السيد / خليل رزق شلبى
ضد
السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لسكك حديد مصر
الإجراءات
بتاريخ الثانى من فبراير سنة 2003 ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 10163 لسنة 54 ق المحالة من محكمة القضاء الإدارى دائرة التسويات بقرارها الصادر فى 9/12/2002 للفصل فى دستورية المادة (80) من لائحة العاملين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحرى رقم 17 لسنة 1982 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفعت فيها بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 10163 لسنة 54 ق أمام محكمة القضاء الإدارى ضد المدعى عليه ابتغاء الحكم بأحقيتهم فى صرف باقى مستحقاتهم فى البدل النقدى لرصيد أجازاتهم الاعتيادية التى لم تصرف لهم عند انتهاء خدمتهم بالهيئة حيث لم تصرف لهم الهيئة سوى ما يقابل أجر أربعة شهور فقط وفقاً للمادة (80) من لائحة العاملين بالهيئة بينما رصيد أجازاته التى يستحق عنها البدل النقدى يزيد على ذلك . رأت المحكمة أن نص المادة (80) من اللائحة يتضمن ذات الحكم الوارد فى المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والتى سبق الحكم بعدم دستوريتها . فقررت وقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر فى دستورية المادة (80) المشار إليها .
وحيث إنه عن الدفع بعدم الاختصاص . فهو فى غير محله ، ذلك أن الهيئة القومية لسكك حديد مصر وفق قانون إنشائها رقم 152 لسنة 1980 هى هيئة عامة تقوم على إدارة مرفق عام وقد أصدر وزير النقل والمواصلات والنقل البحرى بناء على تفويض تشريعى بموجب المادة 17 من ذلك القانون لائحة نظام العاملين بالهيئة . وعلى ذلك فإن العاملين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر هم موظفون عموميون يرتبطون بالهيئة بعلاقة تنظيمية بحكم تبعيتهم لشخص من أشخاص القانون العام وتسرى عليهم أحكام القوانين المتعلقة بالوظائف العامة فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى لائحة تنظيمها . ومن ثم فإن اللائحة المشار إليها والتى تتضمن النص المطعون فيه تعتبر تشريعاً مما تمتد إليه الرقابة الدستورية لهذه المحكمة .
وحيث إن النص فى المادة (80) من اللائحة المطعون عليه ينص على أن " يستحق العامل إجازة اعتيادية بأجر كامل عن سنوات العمل الفعلية …….. على الوجه الآتى : …………………………
ولرئيس مجلس الإدارة أن يقرر زيادة مدة الإجازة ………… ولا يجوز تقصير أو تأجيل الإجازة الاعتيادية أو إنهاؤها إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل . ويجب فى جميع الأحوال التصريح بإجازة اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة . ويحتفظ العامل برصيد أجازاته الاعتيادية ، على أنه لا يجوز أن يحصل على إجازة اعتيادية من هذا الرصيد بما لا يجاوز ستين يوماً فى السنة بالإضافة إلى الإجازة الاعتيادية المستحقة له عن ذات السنة .
فإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاده رصيده من الأجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسى مضافاً إليه العلاوات الخاصة التى كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته وذلك بما لا يجاوز أجر أربعة أشهر ولا تخضع هذه المبالغ لأية ضرائب أو رسوم " .
وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية إنما يتحدد بما يكون لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية وهو ما تتحقق به المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى . لما كان ذلك وكان النزاع الموضوعى يدور حول حق المدعى فى المقابل النقدى لرصيد إجازاته فيما زاد على أربعة شهور . فإن نطاق الدعوى الماثلة ينحصر فى نص الفقرة الأخيرة من المادة (80) من اللائحة المشار إليها فيما تضمنته من وضع حد أقصى لرصيد الإجازات التى يستحق مقابلاً عنه .
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن لكل حق أوضاعاً يقتضيها ، وأثاراً يرتبها ، من بينها فى مجال العمل ضمان الشروط التى يكون أداء العمل فى نطاقها منصفاً وإنسانياً ومواتياً ، فلا تنتزع هذه الشروط قسراً من محيطها ، ولا ترهق بفحواها بيئة العمل ذاتها ، أو تناقض بأثرها ما ينبغى أن يرتبط حقاً وعقلاً بالشروط الضرورية لأداء العمل بصورة طبيعية لا تحايل فيها ، ومن ثم لا يجوز أن تنفصل الشروط التى يتطلبها المشرع لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها ، عن متطلبات ممارستها ، وإلا كان تقريرها انحرافاً بها عن غايتها يستوى فى ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية .
وحيث إن الدستور وإن خول السلطة التشريعية بنص المادة (13) تنظيم حق العمل ، إلا أنها لا يجوز لها أن تعطل جوهره ، ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل موطئاً لإهدار حقوق يملكها ، وعلى الأخص تلك التى تتصل بالأوضاع التى ينبغى أن يمارس العمل فيها ، ويندرج تحتها الحق فى الإجازة السنوية التى لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها ، وإلا كان ذلك منها عدواناً على صحته البدنية والنفسية ، وإخلالاً بأحد التزاماتها الجوهرية التى لا يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها . ونكولاً عن الحدود المنطقية التى ينبغى وفقاً للدستور أن تكون إطاراً لحق العمل ، واستثاراً بتنظيم هذا الحق للحد من مداه .
وحيث إن المشرع قد صاغ فى الإطار السابق بيانه بنص المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين فى الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وهو القانون العام بالنسبة للعاملين فى الدولة وهيئاتها العامة حق العامل فى الإجازة السنوية ، فغدا بذلك حقاً مقرراً له بنص القانون ، يظل قائماً ما بقيت الرابطة الوظيفية قائمة . وقد نقلت عنه لائحة نظام العاملين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر حيث جاء نص المادة (80) محدداً للإجازة السنوية مدداً تختلف باختلاف مدة خدمة العامل ، ولم يجز تقصيرها أو تأجيلها أو إنهاؤها إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل . كما أجاز للعامل أن يحتفظ بما قد يكون له من رصيد الأجازات الاعتيادية السنوية مع وضع ضوابط معينة للحصول عليها ، بحيث لا يجوز له الحصول على إجازة هذا الرصيد تزيد على ستين يوماً فى السنة الواحدة ، فإذا انتهت خدمة العامل وكان له رصيد من تلك الأجازات حق له اقتضاء بدل نقدى عن هذا الرصيد ، بيد أن المشرع قيد اقتضاء هذا البدل بأن لا يتجاوز مدة الرصيد التى يستحق عنه البدل النقدى أربعة أشهر .
وحيث إن المشرع تغيا من ضمان حق العامل فى إجازة سنوية بالشروط التى حددها أن يستعيد العامل خلالها قواه المادية والمعنوية ، ولا يجوز بالتالى أن ينزل العامل عنها ولو كان هذا النزول ضمنياً بالامتناع عن طلبها ، إذ هى فريضة اقتضاها المشرع من كل من العامل وجهة الإدارة فلا يملك أيهما إهدارها كلياً أو جزئياً إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل ، ولا أن يدعى العامل أنه بالخيار بين طلبها أو تركها . وإلا كان التخلى عنها إنهاكا لقواه ، وتبديداً لطاقاته ، وإضراراً بمصلحة العمل ذاتها التى يتعذر صونها مع الاستمرار فيه دون انقطاع . بل إن المشرع اعتبر حصول العامل إجازة اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة كل سنة أمراً لا يجوز الترخيص فيه ، أو التذرع دون تمامه بدواعى مصلحة العمل ، وهو ما يقطع بأن الحق فى الإجازة السنوية يتصل بقيمة العمل وجدواه وينعكس بالضرورة على كيان الجماعة ويمس مصالحها العليا صوناً لقوتها الإنتاجية البشرية .
وحيث إن المشرع قد دل بالفقرة الأخيرة من المادة (80) من اللائحة المشار إليها على أن العامل لا يجوز أن يتخذ من الإجازة السنوية وعاء ادخارياً من خلال ترحيل مددها التى تراخى فى استعمالها ، ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء خدمته على ما يقابلها من الأجر ، وكان ضمان المشرع لمصلحة العمل ذاتها قد اقتضاه أن يرد على العامل سوء قصده فلم يجز له أن يحصل على ما يساوى أجر هذا الرصيد إلا عن مدة لا تجاوز أربعة أشهر ، وهى بعد مدة قدر المشرع أن قصرها يعتبر كافلاً للإجازة السنوية غايتها ، فلا تفقد مقوماتها أو تتعطل وظائفها بيد أن هذا الحكم لا ينبغى أن يسرى على إطلاقه ، بما مؤداه أنه كلما كان فوات الإجازة راجعاً إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها ، كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها ، فيجوز للعامل عندئذ وكأصل عام أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة ، إذا كان اقتضاء ما تجمع من أجازاته السنوية على هذا النحو ممكناُ عيناً ، وإلا كان التعويض النقدى عنها واجباً ، تقديراً بأن المدة التى امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مردها إلى جهة العمل فكان لزاماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك .
وحيث إن الحق فى هذا التعويض لا يعدو أن يكون من العناصر الإيجابية للذمة المالية للعامل . بما يندرج فى إطار الحقوق التى تكفلها المادتان ( 32 و34 ) من الدستور اللتان صان بهما الملكية الخاصة ، والتى جرى قضاء هذه المحكمة على اتساعها للأموال بوجه عام وانصرافها بالتالى إلى الحقوق الشخصية والعينية جميعها . متى كان ذلك ، فإن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر والجابر له يكون مخالفاً للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (80) من لائحة نظام العاملين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر الصادر بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحرى رقم 17 لسنة 1982 . فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدى لرصيد أجازاته الاعتيادية فيما جاوز أربعة أشهر ، متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب تقتضيها مصلحة العمل

كتاب دوري 1 لسنة 2009 (محكمة سوهاج )

لما كان القانون رقم 126 لسنة 2009 بتعديل بعض احكام الرسوم القضائية الصادر في 31/5/2009 والجاري العمل به من اليوم التالي لتاريخ نشرع تضمن الاتي :
1 - تحصل الرسوم في الدعاوى المقضي فيها بالرفض على مجمل الطلبات .
2 - تحصل الرسوم في الدعاوى المقضي فيها بسقوط الحق على مجمل الطلبات .
3 - تحصل الرسوم في الدعاوى المقضي فيها بعدم القبول لانتفاء الصفة .
4 - على الطلبات المقضي ببعضها ورفض باقيها .
وهو ما يستوجب الحكم في الدعاوى معلومة القيمة التي يصدر فيها حكم بالقضاء ببعض الطلبات ورفض البعض الاخر بضرورة الحكم بالزام كل خصم بالمصروفات بمقدار ما خسره من طلبات .
- يعمم على السادة القضاة .
تحريرا في 8/10/2009
رئيس الاستئناف
المستشار / اسامة الرشيدي
رئيس محكمة سوهاج الابتدائية

عدم دستورية حرمان العامل بهيئة قناة السويس من مقابل رصيد أجازاته

قضية رقم 141 لسنة 24 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 11 ديسمير سنة 2005 الموافق 9 من ذوالقعدة سنة 1426 ه .
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: حمدى محمد على، وماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى ومحمد خيرى طه
وحضور السيد المستشار/ رجب عبدالحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 141 لسنة 24 قضائية "دستورية".
المحالة من محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية فى الدعوى رقم 262 لسنة 3 قضائية.
المقامة من
السيد/ أحمد حسن أحمد الشطورى
ضد
السيد رئيس هيئة قناة السويس
الإجراءات
بتاريخ الرابع والعشرين من إبريل سنة 2002، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 262 لسنة 3 قضائية، من محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية، بعد أن قررت تلك المحكمة بجلسة 31/1/2002، وقف السير فيها وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (38) من لائحة العاملين بهيئة قناة السويس.
وقدمت الهيئة المدعى عليها، مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع- على مايبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 262 لسنة 3 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية ضد الهيئة المدعى عليها، طلباً للحكم بإلزامها بأن تؤدى إليه المقابل النقدى لكامل رصيد اجازاته الاعتيادية التى لم يحصل عليها إبان مدة خدمته. وإذ تراءى لمحكمة القضاء الإدارى عدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (38) من لائحة العاملين بهئية قناة السويس، فيما تضمنه من وضع حد أقصى للمقابل النقدى لرصيد الاجازات الاعتيادية، وهو ما يخالف مبدأ المساواة المنصوص عليه بالمادة 40 من الدستور، فقد قضت تلك المحكمة بوقف الدعوى وإحالتها إلى هذه المحكمة للفصل فى دستورية النص المشار إليه.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، تأسيساً على أن اللائحة التى يندرج النص الطعين فيها، لا تعد من قبيل القوانين واللوائح فى مفهوم المادة (25) من قانون هذه المحكمة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن اختصاصها فى شأن الرقابة على الشرعية الدستورية، ينحصر فى النصوص التشريعية أيا كان موضعها ونطاق تطبيقها أو الجهة التى أقرتها أو أصدرتها، فكلما كان الطعن موجها إلى قاعدة قانونية بمعناها الفنى الدقيق الذى ينصرف إلى النصوص التى تتولد عنها مراكز عامة مجردة سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التى أقرتها السلطة التشريعية، أو تضمنتها التشريعات الفرعية التى أصدرتها السلطة التنفيذية فى حدود صلاحياتها الدستورية، لما كان ذلك وكانت لائحة العاملين بهيئة قناة السويس، صادرة عن أحد أشخاص القانون العام بناء على تفويض من المشرع فى المادة (7) من القانون رقم 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس، لتنتظم أوضاع العاملين بها، ولتهيمن على الرابطة التى تصلهم وذلك المرفق الحيوى الذى تقوم على شئونه هيئة عامة، والتى وإن أحلها قانون إنشائها من التقيد بالنظم والأوضاع الحكومية، وأباح لها اتباع أساليب الإدارة والاستقلال المعمول بها فى المشروعات التجارية، إلا أن وشائجها بالسطة العامة وامتيازاتها ما انفكت وثيقة، وما فتئت هذه الرابطة رابطة تنظيمية المرد فيها فى شأن سائر الأمور الوظيفية بها إلى هذه اللائحة عينها، باعتبارها القانون الحاكم لها، مما تنعقد الولاية بالرقابة الدستورية عليها لهذه المحكمة، متعينا والحال كذلك رفض هذا الدفع.
وحيث إن الفقرة الأخيرة من المادة (38) من لائحة العاملين بهيئة قناة السويس، الصادرة بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 321 لسنة 1971 المعدل بالقرارات أرقام 296 لسنة 1985 و305 لسنة 1988 و351 لسنة 1991 و529 لسنة 1994 و34 لسنة 1995 تنص على أن "وإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاد رصيده من الاجازات الاعتيادية، استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسى الذى كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته مضافا إليه بدل التمثيل أو البدل التخصصى والعلاوات بكافة أنواعها وبدل طبيعة العمل وحافز الجهود غير العادية ومتوسط الحوافز عن العام الأخير، وذلك بما لا يتجاوز أجر أربعة أشهر شاملاً تلك الاضافات.
وحيث إنه من المقرر –فى قضاء هذه المحكمة- أن لكل حق أوضاعاً يقتضيها، وأثاراً يرتبها، من بينها فى مجال حق العمل ضمان الشروط التى يكون أداء العمل فى نطاقها منصفا وإنسانيا ومواتيا، فلا تنتزع هذه الشروط قسرا من محيطها، ولا ترهق بفحواها بيئة العمل ذاتها، أو تناقض بأثرها ما ينبغى أن يرتبط حقا وعقلا بالشروط الضرورية لأداء العمل بصورة طبيعية لا تحامل فيها، ومن ثم لايجوز أن تنفصل الشروط التى يتطلبها المشرع لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها عن متطلبات ممارستها، وإلا كان تقريرها انحرافا عن غايتها، يستوى فى ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية.
وحيث إن الدستور وإن خول السلطة التشريعية بنص المادة (13) تنظيم حق العمل، إلا أنها لا يجوز أن تعطل جوهره، ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل موطئا لإهدار حقوق يملكها، وعلى الأخص تلك التى تتصل بالأوضاع التى ينبغى أن يمارس العمل فيها، ويندرج تحتها الحق فى الأجازة السنوية التى لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها، وإلا كان ذلك منها عدوانا على صحته البدنية والنفسية، وإخلالاً بأحد التزاماتها الجوهرية التى لا يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها، ونكولاً عن الحدود المنطقية التى ينبغى- وفقا للدستور- أن تكون إطاراً لحق العمل.
وحيث إن المشرع تغيا من ضمان حق العامل فى أجازة سنوية بالشروط التى حددها أن يستعيد العامل خلالها قواه المادية والمعنوية، ولا يجوز بالتالى أن ينزل عنها العامل ولو كان هذا النزول ضمنيا بالامتناع عن طلبها، إذ هى فريضة اقتضاها المشرع من كل من العامل وجهة الإدارة، بل إن المشرع اعتبر حصول العامل على أجازة اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة كل سنة أمراً لا يجوز الترخص فيه، أو التذرع دون تمامه لدواعى مصلحة العمل، وهو ما يقطع بأن الحق فى الأجازة السنوية يتصل بقيمة العمل وجدواه، وينعكس بالضرورة على كيان الجماعة صونا لقوتها الإنتاجية.
وحيث إن المشرع قد دل بنص عجز الفقرة الأولى من المادة (38) ذاتها، على أن العامل لا يجوز أن يتخذ من الأجازة السنوية وعاء ادخاريا من خلال ترحيل مددها ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء خدمته على ما يقابلها من الأجر، وكان ضمان المشرع لمصلحة العمل ذاتها قد اقتضاه أن يرد على العامل سوء قصده، فلم يجز له أن يحصل على ما يساوى أجر هذا الرصيد إلا عن مدة قدرها بأربعة أشهر، معتدا بأن قصرها يعتبر كافلاً للأجازة السنوية غايتها فلا تفقد مقوماتها أو تتعطل وظائفها، بيد أن هذا الحكم لا ينبغى أن يسرى على إطلاقه، بما مؤداه أنه كلما كان فوات الأجازة راجعا إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإراده العامل دخل فيها، كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها، فيجوز للعامل عندئذ- وكأصل عام- أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام عن كل سنة، إذا كان اقتضاء ما تجمع من اجازاته السنوية على هذا النحو ممكنا عينا، وإلا كان التعويض عنها واجباً، تقديراً بأن المدة التى امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الاجازة مردها إلى جهة العمل، فكان لزاماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك.
وحيث إن الحق فى التعويض لا يعدو أن يكون من العناصر الإيجابية للذمة المالية للعامل، مما يندرج فى إطار الحقوق التى تكفلها المادتان (32، 34) من الدستور التى صان بهما حق الملكية الخاصة، والتى جرى قضاء هذه المحكمة على اتساعها للأموال بوجه عام، وانصرافها بالتالى إلى الحقوق الشخصية والعينية جميعها، متى كان ذلك فإن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر الجابر له يكون مخالفاً للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (38) من لائحة نظام العاملين بهيئة قناة السويس الصادرة بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 321 لسنة 1971 المعدلة بقرارات مجلس إدارة الهيئة أرقام 296 لسنة 1985 و305 لسنة 1988 و351 لسنة 1992 و529 لسنة 1994 و34 لسنة 1995، وذلك فيما تضمنه من وضع حد أقصى لرصيد الأجازات الاعتيادية لا يجاوز أجر أربعة أشهر، متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب تقتضيها مصلحة العمل.