قضية رقم 1 لسنة 29 قضائية المحكمة الدستورية العليا "تفسير"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الموافق السابع من فبراير سنة 2010، الموافق الثالث والعشرين من شهر صفر سنة 1431ه .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: أنور رشاد العاصى والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف وتهانى محمد الجبالى. نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1 لسنة 29 قضائية "تفسير أحكام" .
المقامة من
السيد/ ……………………………..
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية
2- السيد رئيس مجلس الوزراء
3- السيد رئيس مجلس الشعب
4- السيد وزير العدل
5- السيد رئيس محكمة النقض
6- السيد النائب العام
7- السيد رئيس مجلس تأديب القضاه
الإجراءات
بتاريخ الأول من أغسطس سنة 2007، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرارات والأحكام الصادرة ضده من دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض ومجلس تأديب القضاة استناداً للنص المقضى بعدم دستوريته. ثانياً: تفسير الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى 151 لسنة 21 قضائية "دستورية" القاضى بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 98 من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972، وبيان نطاق سريانه من حيث الزمان على المدعى، ومدى سريان هذا الأثر فى دعاوى بطلان الأحكام النهائية الصادرة من مجلس تأديب القضاة قبل صدور الحكم المذكور، ومدى إفادته منه.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان يشغل وظيفة وكيل النائب العام، وقد أحاله وزير العدل إلى مجلس تأديب القضاة فى الدعوى رقم 311 لسنة 1986، وبعد السير فى الإجراءات ، قضى المجلس بجلسة 12/4/1987 بعزله من وظيفته، فطعن المدعى على هذا الحكم أمام مجلس التأديب، وبجلسة 3/6/1992 قضى برفض الطعن، وقد أصدرت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 9/9/2000 حكمها فى الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية" القاضى بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 98 من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972، كما قضت هذه المحكمة بجلسة 14/4/2002 فى الدعوى رقم 1 لسنة 23 قضائية "منازعة تنفيذ" بالمضى فى تنفيذ حكمها المشار إليه، وتقدم المدعى بطلب إلى دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض قيد برقم 59 لسنة 72 قضائية "رجال قضاء" طلب فيه إلغاء قرار مجلس تأديب القضاة بعزله من وظيفته، وقرار رئيس الجمهورية الصادر تنفيذاً له، وتعويضه عن ذلك، وبجلسة 9/3/2004 قضت المحكمة بعدم قبول الطلب، وأقام المدعى كذلك الدعوى رقم 12841 لسنة 59 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بطلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير العدل السلبى بالامتناع عن تنفيذ حكمى المحكمة الدستورية العليا السالف الذكر، قضى فيها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، فأقامت هيئة قضايا الدولة إشكالاً فى تنفيذ هذا الحكم أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، التى قضت بعدم اختصاصها بنظره وأحالته إلى محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة وقيد أمامها برقم 1481 لسنة 60 قضائية، وقضت المحكمة برفضه، كما أقام المدعى إشكالاً عكسياً فى التنفيذ أمام محكمة القضاء الإدارى قيد برقم 37934 لسنة 59 قضائية قضى فيه بالاستمرار فى تنفيذ الحكم المشار إليه، وقد أقام المدعى دعوى البطلان رقم 2 لسنة 2007 أمام مجلس الصلاحية طعناً على الحكم الصادر من مجلس تأديب القضاة بجلسة 12/4/1987 فى الدعوى التأديبية رقم 311 لسنة 1986، وبجلسة 11/4/2007 قضى فيها بعدم جواز الطعن، فقدم المدعى الطلب رقم 28 لسنة 77 قضائية أمام دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض طعناً على ذلك الحكم، وكذا الحكم الصادر من مجلس التأديب فى الدعوى رقم 311 لسنة 1986 الآنف الذكر، طالباً إلغائهما وإعادته إلى الحالة التى كان عليها عند طلب السير فى إجراءات الدعوى التأديبية ضده، وإذ إرتأى المدعى أن ما ذهبت إليه الأحكام الصادرة من مجلس التأديب والصلاحية ودائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض المتقدمة من عدم إعمال الأثر الرجعى لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية" فى حقه، رغم اشتراك المستشارين ممن أيدوا الرأى فى السير فى إجراءات محاكمته تأديبياً فى هيئة مجلس التأديب وحضور جلسات المحاكمة وإصدار الحكم، وذلك تأسيساً على عدم انسحاب أثر هذا الحكم على حالته بعد أن استقر مركزه القانونى،إنما يستنهض ولاية هذه المحكمة فى تفسير ذلك الحكم، فقد أقام الدعوى الراهنة.
وحيث إن المادة (28) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "…. تسرى على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التى تقدم إلى المحكمة الأحكام المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها، وتنص المادة (51) من هذا القانون على أن "تسرى على الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة، فيما لم يرد به نص فى هذا القانون القواعد المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة تلك الأحكام والقرارات، ومؤدى ذلك أن نصوص قانون المرافعات –باعتباره الشريعة العامة فى إجراءات التقاضى_ تسرى فى شأن المنازعات التى تعرض على المحكمة الدستورية العليا والأحكام والقرارات الصادرة منها، فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى قانونها، وذلك بالقدر الذى لا يتعارض مع طبيعة اختصاصات المحكمة والأوضاع المقررة أمامها، وإذ خلا قانون المحكمة من نص فى شأن طلبات تفسير أحكامها، والذى تناولته بالتنظيم المادة (192) من قانون المرافعات التى تنص على أن "يجوز للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التى أصدرت الحكم تفسير ما وقع فى منطوقه من غموض أو إبهام، ويقدم الطلب بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى، ويعتبر الحكم الصادر بالتفسير متمماً من كل الوجوه للحكم الذى يفسره ويسرى عليه ما يسرى على هذا الحكم من القواعد الخاصة بطرق الطعن العادية وغير العادية، ومن ثم فإن مضمون هذا النص يعتبر مندمجاً فى قانون المحكمة، ومتمماً لأحكامه فى الحدود التى لا يتعارض فيها مع طبيعة اختصاصات المحكمة والأحكام والقرارات الصادرة منها والأوضاع المقررة أمامها، وإعمالاً لذلك اطرد قضاء هذه المحكمة على إجازة اللجوء إليها مباشرة بطلب تفسير أحكامها تفسيراً قضائياً، متى كان الطلب مقدماً من أحد الخصوم، وهم ذوو الشأن فى المنازعة التى صدر فيها الحكم المطلوب تفسيره، وذلك إذا كان الغموض أو الإبهام قد اعترى منطوقه، أو لحق أسبابه المرتبطة بذلك المنطوق ارتباطاً لا يقبل التجزئة.
وحيث إنه ولئن كان صحيحاً أن الخصومة الناشئة عن الدعاوى الدستورية عينية بطبيعتها، وأن للأحكام التى تصدر فيها حجية مطلقة تتعدى أطرافها إلى السلطات قاطبة وإلى الناس كافة، إلا أنه يبقى صحيحاً –فى الوقت ذاته وبالدرجة عينها- أن الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية ليست آراء مجردة غايتها إثراء الفكر القانونى، وإنما هى تصدر بقصد إعمال آثارها، وهو ما تتولاه محكمة الموضوع عند فصلها فى النزاع الماثل أمامها على ضوء ما قضت به المحكمة الدستورية العليا، فإذا إدّعى أحد الخصوم أمام محكمة الموضوع- ولو لم يكن خصماً فى الدعوى الدستورية- غموض حكم صادر عن هذه المحكمة أو إبهامه، وقدرت محكمة الموضوع لزوم إعمال أثر هذا الحكم على النزاع المطروح عليها، كان لها أن تمنح الخصم أجلاً يطلب خلاله من المحكمة الدستورية العليا تفسير ذلك الحكم، ولمحكمة الموضوع كذلك، وقد خولتها المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الحق فى أن تحيل إلى هذه المحكمة النصوص القانونية التى يتراءى لها عدم دستوريتها واللازمة للفصل فى النزاع الموضوعى المعروض عليها، أن تطلب من تلقاء نفسها ذلك التفسير من المحكمة الدستورية العليا، بحسبان أن قضاءها يثير خلافاً حول معناه، ويعوق تبعا لذلك مهمة محكمة الموضوع فى شأن إعمال أثره على الواقع المطروح عليها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان طلب التفسير الماثل لم تحله محكمة الموضوع، ولم يسبقه تصريح منها للمدعى برفع طلب التفسير إلى هذه المحكمة، وإنما قدم مباشرة من المدعى الذى لم يكن من ذوى الشأن فى القضية رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية"، فإن هذا الطلب لا يكون قد اتصل بهذه المحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً متعنياً – والحالة هذه- القضاء بعدم قبوله.
وحيث إنه فى خصوص ما يثيره المدعى فى شأن إعمال الأثر الرجعى للحكم الصادر فى الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية" على حالته ومدى إفادته منه، فإن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع دون غيرها هى التى تتولى بنفسها إعمال آثار الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية، ويندرج تحتها رجعيتها، وتبعا لذلك فإن دعوة المدعى المحكمة الدستورية العليا إلى إعمال الأثر الرجعى لحكمها المشار إليه على حالته، يكون مجاوزاً حدود ولايتها، الأمر الذى يتعين معه – لكل ما تقدم- القضاء بعدم قبول الدعوى، مع الالتفات عن طلب وقف التنفيذ المبدى من المدعى، بعد أن صار بالفصل فى الدعوى – على النحو السالف بيانه- غير ذى موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى .
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الموافق السابع من فبراير سنة 2010، الموافق الثالث والعشرين من شهر صفر سنة 1431ه .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: أنور رشاد العاصى والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف وتهانى محمد الجبالى. نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1 لسنة 29 قضائية "تفسير أحكام" .
المقامة من
السيد/ ……………………………..
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية
2- السيد رئيس مجلس الوزراء
3- السيد رئيس مجلس الشعب
4- السيد وزير العدل
5- السيد رئيس محكمة النقض
6- السيد النائب العام
7- السيد رئيس مجلس تأديب القضاه
الإجراءات
بتاريخ الأول من أغسطس سنة 2007، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرارات والأحكام الصادرة ضده من دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض ومجلس تأديب القضاة استناداً للنص المقضى بعدم دستوريته. ثانياً: تفسير الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى 151 لسنة 21 قضائية "دستورية" القاضى بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 98 من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972، وبيان نطاق سريانه من حيث الزمان على المدعى، ومدى سريان هذا الأثر فى دعاوى بطلان الأحكام النهائية الصادرة من مجلس تأديب القضاة قبل صدور الحكم المذكور، ومدى إفادته منه.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان يشغل وظيفة وكيل النائب العام، وقد أحاله وزير العدل إلى مجلس تأديب القضاة فى الدعوى رقم 311 لسنة 1986، وبعد السير فى الإجراءات ، قضى المجلس بجلسة 12/4/1987 بعزله من وظيفته، فطعن المدعى على هذا الحكم أمام مجلس التأديب، وبجلسة 3/6/1992 قضى برفض الطعن، وقد أصدرت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 9/9/2000 حكمها فى الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية" القاضى بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 98 من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972، كما قضت هذه المحكمة بجلسة 14/4/2002 فى الدعوى رقم 1 لسنة 23 قضائية "منازعة تنفيذ" بالمضى فى تنفيذ حكمها المشار إليه، وتقدم المدعى بطلب إلى دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض قيد برقم 59 لسنة 72 قضائية "رجال قضاء" طلب فيه إلغاء قرار مجلس تأديب القضاة بعزله من وظيفته، وقرار رئيس الجمهورية الصادر تنفيذاً له، وتعويضه عن ذلك، وبجلسة 9/3/2004 قضت المحكمة بعدم قبول الطلب، وأقام المدعى كذلك الدعوى رقم 12841 لسنة 59 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بطلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير العدل السلبى بالامتناع عن تنفيذ حكمى المحكمة الدستورية العليا السالف الذكر، قضى فيها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، فأقامت هيئة قضايا الدولة إشكالاً فى تنفيذ هذا الحكم أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، التى قضت بعدم اختصاصها بنظره وأحالته إلى محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة وقيد أمامها برقم 1481 لسنة 60 قضائية، وقضت المحكمة برفضه، كما أقام المدعى إشكالاً عكسياً فى التنفيذ أمام محكمة القضاء الإدارى قيد برقم 37934 لسنة 59 قضائية قضى فيه بالاستمرار فى تنفيذ الحكم المشار إليه، وقد أقام المدعى دعوى البطلان رقم 2 لسنة 2007 أمام مجلس الصلاحية طعناً على الحكم الصادر من مجلس تأديب القضاة بجلسة 12/4/1987 فى الدعوى التأديبية رقم 311 لسنة 1986، وبجلسة 11/4/2007 قضى فيها بعدم جواز الطعن، فقدم المدعى الطلب رقم 28 لسنة 77 قضائية أمام دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض طعناً على ذلك الحكم، وكذا الحكم الصادر من مجلس التأديب فى الدعوى رقم 311 لسنة 1986 الآنف الذكر، طالباً إلغائهما وإعادته إلى الحالة التى كان عليها عند طلب السير فى إجراءات الدعوى التأديبية ضده، وإذ إرتأى المدعى أن ما ذهبت إليه الأحكام الصادرة من مجلس التأديب والصلاحية ودائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض المتقدمة من عدم إعمال الأثر الرجعى لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية" فى حقه، رغم اشتراك المستشارين ممن أيدوا الرأى فى السير فى إجراءات محاكمته تأديبياً فى هيئة مجلس التأديب وحضور جلسات المحاكمة وإصدار الحكم، وذلك تأسيساً على عدم انسحاب أثر هذا الحكم على حالته بعد أن استقر مركزه القانونى،إنما يستنهض ولاية هذه المحكمة فى تفسير ذلك الحكم، فقد أقام الدعوى الراهنة.
وحيث إن المادة (28) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "…. تسرى على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التى تقدم إلى المحكمة الأحكام المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها، وتنص المادة (51) من هذا القانون على أن "تسرى على الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة، فيما لم يرد به نص فى هذا القانون القواعد المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة تلك الأحكام والقرارات، ومؤدى ذلك أن نصوص قانون المرافعات –باعتباره الشريعة العامة فى إجراءات التقاضى_ تسرى فى شأن المنازعات التى تعرض على المحكمة الدستورية العليا والأحكام والقرارات الصادرة منها، فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى قانونها، وذلك بالقدر الذى لا يتعارض مع طبيعة اختصاصات المحكمة والأوضاع المقررة أمامها، وإذ خلا قانون المحكمة من نص فى شأن طلبات تفسير أحكامها، والذى تناولته بالتنظيم المادة (192) من قانون المرافعات التى تنص على أن "يجوز للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التى أصدرت الحكم تفسير ما وقع فى منطوقه من غموض أو إبهام، ويقدم الطلب بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى، ويعتبر الحكم الصادر بالتفسير متمماً من كل الوجوه للحكم الذى يفسره ويسرى عليه ما يسرى على هذا الحكم من القواعد الخاصة بطرق الطعن العادية وغير العادية، ومن ثم فإن مضمون هذا النص يعتبر مندمجاً فى قانون المحكمة، ومتمماً لأحكامه فى الحدود التى لا يتعارض فيها مع طبيعة اختصاصات المحكمة والأحكام والقرارات الصادرة منها والأوضاع المقررة أمامها، وإعمالاً لذلك اطرد قضاء هذه المحكمة على إجازة اللجوء إليها مباشرة بطلب تفسير أحكامها تفسيراً قضائياً، متى كان الطلب مقدماً من أحد الخصوم، وهم ذوو الشأن فى المنازعة التى صدر فيها الحكم المطلوب تفسيره، وذلك إذا كان الغموض أو الإبهام قد اعترى منطوقه، أو لحق أسبابه المرتبطة بذلك المنطوق ارتباطاً لا يقبل التجزئة.
وحيث إنه ولئن كان صحيحاً أن الخصومة الناشئة عن الدعاوى الدستورية عينية بطبيعتها، وأن للأحكام التى تصدر فيها حجية مطلقة تتعدى أطرافها إلى السلطات قاطبة وإلى الناس كافة، إلا أنه يبقى صحيحاً –فى الوقت ذاته وبالدرجة عينها- أن الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية ليست آراء مجردة غايتها إثراء الفكر القانونى، وإنما هى تصدر بقصد إعمال آثارها، وهو ما تتولاه محكمة الموضوع عند فصلها فى النزاع الماثل أمامها على ضوء ما قضت به المحكمة الدستورية العليا، فإذا إدّعى أحد الخصوم أمام محكمة الموضوع- ولو لم يكن خصماً فى الدعوى الدستورية- غموض حكم صادر عن هذه المحكمة أو إبهامه، وقدرت محكمة الموضوع لزوم إعمال أثر هذا الحكم على النزاع المطروح عليها، كان لها أن تمنح الخصم أجلاً يطلب خلاله من المحكمة الدستورية العليا تفسير ذلك الحكم، ولمحكمة الموضوع كذلك، وقد خولتها المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الحق فى أن تحيل إلى هذه المحكمة النصوص القانونية التى يتراءى لها عدم دستوريتها واللازمة للفصل فى النزاع الموضوعى المعروض عليها، أن تطلب من تلقاء نفسها ذلك التفسير من المحكمة الدستورية العليا، بحسبان أن قضاءها يثير خلافاً حول معناه، ويعوق تبعا لذلك مهمة محكمة الموضوع فى شأن إعمال أثره على الواقع المطروح عليها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان طلب التفسير الماثل لم تحله محكمة الموضوع، ولم يسبقه تصريح منها للمدعى برفع طلب التفسير إلى هذه المحكمة، وإنما قدم مباشرة من المدعى الذى لم يكن من ذوى الشأن فى القضية رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية"، فإن هذا الطلب لا يكون قد اتصل بهذه المحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً متعنياً – والحالة هذه- القضاء بعدم قبوله.
وحيث إنه فى خصوص ما يثيره المدعى فى شأن إعمال الأثر الرجعى للحكم الصادر فى الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية" على حالته ومدى إفادته منه، فإن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع دون غيرها هى التى تتولى بنفسها إعمال آثار الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية، ويندرج تحتها رجعيتها، وتبعا لذلك فإن دعوة المدعى المحكمة الدستورية العليا إلى إعمال الأثر الرجعى لحكمها المشار إليه على حالته، يكون مجاوزاً حدود ولايتها، الأمر الذى يتعين معه – لكل ما تقدم- القضاء بعدم قبول الدعوى، مع الالتفات عن طلب وقف التنفيذ المبدى من المدعى، بعد أن صار بالفصل فى الدعوى – على النحو السالف بيانه- غير ذى موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى .