الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 17 مارس 2013

معيار ترتيب الاقدمية بين اعضاء السلطة القضائية

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد السادس من يونيه سنة 2010م ، الموافق الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1431 ه .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ أنور رشاد العاصى وماهر سامى يوسف والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو وتهانى محمد الجبالى نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 135 لسنة 31 قضائية " دستورية المقامة من
السيدة / إيمان السيد أحمد مليجى
ضد
1 السيد رئيس الجمهورية
2 السيد وزير العدل
3 السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى
4 السيد رئيس مجلس الوزراء
الإجراءات
بتاريخ الثالث والعشرين من شهر يونيه سنة 2009 ، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طلبًا للحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (51) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
وحيث إن الوقائع على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 272 لسنة 124 قضائية " رجال قضاء " ، أمام محكمة استئناف القاهرة ، ضد المدعى عليهم بطلب الحكم أولا : بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 95 لسنة 2007 فيما تضمنه من تحديد أقدميتها على النحو الثابت به وتعديل أقدميتها بين رؤساء المحاكم من الفئة ( أ ) من دفعتها 1990 طبقًا للضوابط المتبعة بين أفراد الدفعة ، وهى التقدير والدرجات والسن والأبجدية ، وما يترتب على ذلك من آثار مالية . ثانيًا : الدفع بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (51) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 . واحتياطيًا تعديل أقدميتها بين رؤساء المحاكم من الفئة ( أ ) دفعة 1991 وفقًا للضوابط المتبعة بين أفراد تلك الدفعة ، وذلك بأن تكون أقدميتها سابقة على 128 اسم من الدفعة . وقالت بيانًا لذلك إنّها سبق أن حصلت على ليسانس الحقوق عام 1990 بتقدير جيد جدًا ، وبتاريخ 12/1/1994 عينت بالنيابة الإدارية ، وتدرجت فى وظائفها إلى أن رقيت لدرجة رئيس نيابة من الفئة ( أ ) بتاريخ 19/6/2006 ، وبعد أن وافق مجلس القضاء الأعلى على تعيين قاضيات من بين عضوات هيئتى النيابة الإدارية وقضايا الدولة طبقًا لشروط وضوابط معينة للاختيار وتحديد الأقدمية ، فقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 95 لسنة 2007 بتعيين قاضيات بدرجات مختلفة من بينهن المدعية بدرجة رئيس محكمة من الفئة ( أ ) ، وقد حُددت أقدميتها فى ترتيب لاحق لرئيس محكمة يشغل الدرجة ذاتها اعتبارًا من 19/8/2005 ، بالرغم من أنها تخرجت فى دفعة سابقة عليه ، كما التحقت بالنيابة الإدارية فى تاريخ سابق على تعيينه بالنيابة العامة فى 11/8/1994 ، وهو ما حدا بها إلى الدفع بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (51) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 . وبعد أن قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع صرحت لها برفع الدعوى الدستورية فأقامت الدعوى الماثلة .
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (51) من قانون السلطة القضائية تنص على أن " تحدد أقدمية أعضاء مجلس الدولة وإدارة قضايا الحكومة والنيابة الإدارية عند تعيينهم فى وظائف القضاء المماثلة لدرجاتهم من تاريخ تعيينهم فى هذه الدرجات ، على ألا يترتب على ذلك أن يسبقوا زملاءهم فى القضاء أوالنيابة العامة " .
وحيث إن جوهر النزاع الموضوعى هو تضرر المدعية من تحديد أقدميتها فى ترتيب تال على زميل لها من دفعة تخرج لاحقة عليها لمجرد حصوله على الدرجة الوظيفية فى تاريخ سابق على تعيينها فى تلك الدرجة . وإذ كان النص المطعون عليه قد اعتد فى تحديد أقدمية عضو النيابة الإدارية المعين فى وظيفة قضائية مماثلة لدرجته بتاريخ تعيينه فى تلك الدرجة ، فإن الفصل فى دستورية ما تضمنه النص على النحو المتقدم له تأثير جوهرى على الحكم فى الدعوى الموضوعية بما من شأنه توافر مصلحة المدعية فى الدعوى الماثلة والتى يقتصر نطاقها فيما تضمنه النص المطعون عليه من أن " تحدد أقدمية أعضاء النيابة الإدارية عند تعيينهم فى وظائف القضاء المماثلة لدرجاتهم من تاريخ تعيينهم فى هذه الدرجات " .
وحيث إن المدعية تنعى على النص المطعون عليه محددًا نطاقًا على النحو السالف بيانه أنه اعتد فى تحديد أقدمية عضو النيابة الإدارية المعين فى إحدى وظائف القضاء المماثلة لدرجته بتاريخ تعيينه فى تلك الدرجة ، مهدرًا الضوابط المقررة لخريجى الدفعة الواحدة ، المتمثلة فى أسبقية التخرج والتقدير والسن والأبجدية وتاريخ التعيين فى الهيئة القضائية السابقة ، مما أدّى إلى الإخلال بالمراكز القانونية المتكافئة وبحق العمل بالمخالفة لمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة المنصوص عليهما فى المواد ( 8 و13 و40 ) من الدستور .
وحيث إنه لما كان للمشرع سلطة تقديرية فى تنظيم الحقوق ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة ، وجوهر هذه السلطة المفاضلة التى يجريها المشرع بين البدائل المختلفة لاختيار ما يقدر أنه أنسبها لمصلحة الموضوع الذى يتناوله بالتنظيم وفقًا لأسس موضوعية . لما كان ذلك ، وكان النص المطعون عليه قد اتّخذ من تاريخ حصول عضو النيابة الإدارية على الدرجة المماثلة لدرجة الوظيفة القضائية المعين عليها ، أساسًا لتحديد ترتيب أقدميته بين زملائه من أعضاء السلطة القضائية ، بما من شأنه أن يحافظ على الحقوق المكتسبة التى استقرت لشاغل تلك الدرجة الوظيفية ، ولا يؤثر على المراكز القانونية التى استقرت فى هذا الشأن . وتقدير المشرع فى هذا الصدد قد استند إلى أساس موضوعى لا يقيم تمييزًا من أى نوع بين المخاطبين به المتكافئة مراكزهم القانونية من تاريخ شغل الوظيفة القضائية . ومن ثم فإن قالة الإخلال بحق العمل أو بالمساواة لا سند له حريًّا بالرفض ، هذا إلى أن النص المطعون عليه لا صلة له بفرص قائمة يجرى التزاحم عليها وفقًا للمادة (8) من الدستور ، ولا يتعارض مع أحكام الدستور من أى وجه آخر .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعية المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة ،

عدم الاعتداد بالحكم الاجنبي غير المذيل بالصيغة التنفيذية

قضية رقم 46 لسنة 31 قضائية المحكمة الدستورية العليا "تنازع"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد السادس من يونيه سنة 2010 م، الموافق الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1431 ه .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: أنور رشاد العاصي وماهر سامي يوسف ومحمد خيري طه وسعيد مرعى عمرو والدكتور/ عادل عمر شريف ورجب عبدا لحكيم سليم. نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/حمدان حسن فهمي رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 46 لسنة 31 قضائية "تنازع"
المقامة من
السيد/ سيد محمد السيد نوفل
ضد
السيدة/ نجلاء شكري أبوريد
الإجراءات
بتاريخ الرابع عشر من يوليو سنة 2009، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبًا الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة هاناو الألمانية رقم 65F 1069/8/د، دون أى حكم آخر قد يصدر من محكمة شئون الأسرة بالوايلى فى الدعاوى أرقام 201، 227، 252 لسنة 2008 شئون الأسرة.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق، تتحصل فى أن المدعى كان متزوجا بالمدعى عليها وأنجب منها ثلاثة أطفال، ولأنهما يقيمان بدولة ألمانيا ويحملان جنسيتها، وإثر خلاف نشب بينهما قد استصدرت المدعى عليها الحكم رقم 65F 1069/8/د من المحكمة الابتدائية ببلدة هاناو الألمانية بتطليقها منه كما تم تسوية النفقة المستحقة للأبناء على نحو ما أثبت بالحكم ذاته، إلا أن المدعى عليها أقامت الدعاوى أرقام 201، 227، 252 لسنة 2008 أمام محكمة شئون الأسرة بالوايلى، للحكم بتطليقها خلعا، وتقرير نفقة لها ولأولادها منه، لم يفصل فيها بعد، ومن ثم فقد أقام الدعوى الماثلة طالبا الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الألمانية، وعدم الاعتداد بأى حكم آخر قد يصدر فى الدعاوى الأخرى المقامة من المدعى عليها أمام محكمة شئون الأسرة بالوايلى المنوه عنها آنفا.
وحيث إن من المقرر على ما جرى به قضاء هذه المحكمة، أن مناط قبول دعوى الفصل فى تنازع الاختصاص وفقًا للبند "ثانياً" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى أحداهما عن نظرها، أو تتخليان معا عنها، فإذا كان تنازعهما إيجابيا لزم أن تكون المنازعة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين القضائيتين أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي وأن تستمر كل منهما متمسكة باختصاصها بنظرها إلى وقت رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، وتفريعًا على هذا لا يجوز أن تقبل دعوى التنازع إذا كانت إحدى الجهتين قد فصلت نهائيا- قبل إقامة دعوى التنازع أمام المحكمة الدستورية العليا- فى الدعوى المطروحة عليها مستنفذة بذلك ولايتها، وكاشفة عن خروج الخصومة من يدها، إذ ليس ثمة محل بعدئذ لتعيين جهة الاختصاص، بعد أن لم يعد النزاع مرددا بين جهتين قضائيتين بل قائما أمام جهة قضاء واحدة.
وحيث إنه من المقرر وفقًا لأحكام المواد 396 وما بعدها من قانون المرافعات المدنية والتجارية، أن الحكم الأجنبي- حتى لو كان حائزا لقوة الشئ المقضي لا تكون له قوة تنفيذية فى أرض مصر إلا إذا منح تلك العقود من المحاكم المصرية وفقا للشروط والأوضاع المبينه بتلك المواد، وكان الحكم الصادر من محكمة هاناو بألمانيا لم يذيل بالصيغة التنفيذية من المحكمة الابتدائية المختصة بمصر، فلا يمكن الاعتداد بحجيته كحكم واجب التنفيذ، ومن جهة أخرى فإن المدعى لم يقدم ما يفيد تمسك محكمة الأسرة بالوايلى باختصاصها بنظر الدعاوى المقامة أمامها، ومن ثم فإن طلب المدعى الاعتداد بحجية الحكم الصادر من المحكمة الألمانية، دون اى حكم آخر قد يصدر من المحكمة المصرية، لا يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه، وتكون الدعوى الماثلة غير مقبولة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

دستورية المغايرة في مواعيد الاستئناف في القضايا العمالية

قضية رقم 336 لسنة 23 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد السادس من يونيه سنة 2010م ، الموافق الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1431 ه .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ ماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي والسيد عبد المنعم حشيش نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمي رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 336 لسنة 23 قضائية " دستوريةالمقامة من
السيد / رمضان حسين جمعة
ضد
1 السيد رئيس الجمهورية
2 السيد رئيس مجلس الوزراء
3 السيد وزير العدل
4 السيد وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب
5 السيد رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بأسوان
الإجراءات
بتاريخ الرابع من ديسمبر سنة 2001 ، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالبًا الحكم بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (66) من القانون رقم 137 لسنة 1981 فيما تضمنته من وجوب استئناف الحكم خلال عشرة أيام .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أنه بتاريخ 17/9/1996 التحق المدعى بالعمل لدى الجمعية المدعى عليها الخامسة بوظيفة مشرف فنى بعقد عمل لمدة ستة أشهر ، استمر بعدها فى العمل دون تحرير عقد جديد حتى أُخطر بانتهاء عقده فى 28/9/1997 ، فتقدم بشكوى لمكتب العمل لإعادته لعمله وصرف كافة مستحقاته ، بزعم فصله تعسفيًا، وبإحالة هذه الشكوى لقاضى الأمور المستعجلة بمحكمة أسوان الابتدائية، قضى بوقف قرار الفصل وإلزام الجمعية بأن تؤدى للمدعى ما يعادل أجره من تاريخ فصله ، وإحالة الدعوى إلى محكمة أسوان الابتدائية التى قضت بجلسة 20/6/2000 برفض الدعوى ، فطعن على هذا الحكم بالاستئناف رقم 218 لسنة 19 قضائية بتاريخ 30/7/2000 أمام محكمة استئناف قنا ، وأثناء نظره دفعت الجمعية بعدم قبوله لتقديمه بعد الميعاد المحدد بالمادة (66) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 ، فدفع المدعى بعدم دستورية هذه المادة ، فقررت المحكمة بجلسة 4/9/2001 وقف الاستئناف تعليقًا وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور هذا الحكم ، فأقام دعواه الماثلة .
وحيث إن المادة (66) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 كانت تنص قبل إلغاء القانون المذكور بالقانون رقم 12 لسنة 2003 على أن " للعامل الذى يفصل من العمل بغير مبرر أن يطلب وقف تنفيذ هذا الفصل ، ويقدم الطلب إلى الجهة الإدارية المختصة التى يقع فى دائرتها محل العمل خلال مدة لا تجاوز أسبوعًا من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بذلك بكتاب مسجل ، وتتخذ هذه الجهة الإجراءات اللازمة لتسوية النزاع وديًا ، فإذا لم تتم التسوية تعين عليها أن تحيل الطلب خلال مدة لا تجاوز أسبوعًا من تاريخ تقديمه إلى قاضى الأمور المستعجلة بالمحكمة التى يقع فى دائرتها محل العمل أو قاضى المحكمة الجزئية المختص بشئون العمل بوصفه قاضيًا للأمور المستعجلة فى المدن التى أنشئت أو تنشأ بها هذه المحاكم ، وتكون الإحالة مشفوعة بمذكرة من خمس نسخ تتضمن ملخصًا للنزاع وحجج الطرفين وملاحظات الجهة الإدارية المختصة .
……. وعلى القاضى أن يفصل فى طلب وقف التنفيذ فى مدة لا تجاوز أسبوعين من تاريخ أول جلسة ويكون حكمه نهائيًا ، فإذا أمر بوقف التنفيذ ألزم صاحب العمل فى الوقت ذاته أن يؤدى إلى العامل مبلغًا يعادل أجره من تاريخ فصله ، وعلى القاضى أن يحيل القضية إلى المحكمة المختصة التى يقع فى دائرتها محل العمل أو المحكمة المختصة لنظر شئون العمال فى المدن التى توجد بها هذه المحاكم ، وعلى هذه المحكمة أن تفصل فى الموضوع بالتعويض إذا كان له محل وذلك على وجه السرعة خلال مدة لا تجاوز شهرًا من تاريخ أول جلسة ……. .
وتطبق القواعد الخاصة باستئناف الأحكام المنصوص عليها فى القوانين المعمول بها على الأحكام الصادرة فى الموضوع ويكون ميعاد الاستئناف عشرة أيام ، وعلى المحكمة أن تفصل فيه خلال مدة لا تجاوز شهرًا من تاريخ أول جلسة " .
وحيث إنه وإن تناول دفع المدعى أمام محكمة الموضوع والتصريح الصادر له من قبلها كامل نص المادة (66) السالف ذكرها ، فإنه فى ضوء ما هو مقرر فى قضاء هذه المحكمة من أن نطاق الدعوى الدستورية إنما يتحدد بما يكون لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية ، وهو ما تتحقق به المصلحة الشخصية للمدعى ، وكان النزاع الموضوعى يدور حول استئناف المدعى للحكم الصادر برفض دعوى التعويض ، وكان ما ورد بنص الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة من تحديد ميعاد الاستئناف بعشرة أيام يحول بينه وبين قبول استئنافه المقام بعد هذا الميعاد ، فإن نطاق الدعوى الماثلة ينحصر فى هذا التحديد دون باقى أحكام المادة ، وهو ما يتوافق مع طلبات المدعى فى صحيفة دعواه الدستورية من طلب الحكم بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (66) من القانون رقم 137 لسنة 1981 فيما تضمنته من وجوب استئناف الحكم خلال عشرة أيام .
وحيث إن المدعى ينعى على النص المذكور محددًا نطاقًا على النحو المتقدم إخلاله بالمساواة بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة ، إذ قيد حق العامل الذى يلجأ بشكواه ابتداء إلى مكتب العمل فى استئناف الحكم الذى يصدر فى الدعوى الموضوعية خلال عشرة أيام ، فى حين خول نظيره الذى يلجأ للقضاء مباشرة أن يستأنف الحكم خلال أربعين يومًا وفقًا للقواعد العامة بما يخالف المادة (40) من الدستور .
وحيث إن هذا النعى مردود بما هو مقرر فى قضاء هذه المحكمة من أن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون لا يعنى أن تعامل فئاتهم على تباين مراكزهم القانونية معاملة قانونية متكافئة ، ولا معارضة صور التمييز على اختلافها ، ذلك أن من بينها ما يستند إلى علاقة منطقية بين النصوص القانونية التى تبناها المشرع لتنظيم موضوع معين ، والنتائج التى رتبها عليها ، ليكون التمييز تبعًا لذلك موافقًا لأحكام الدستور التى ينافيها انفصال هذه النصوص عن أهدافها وتوخيها مصالح ضيقة لا تجوز حمايتها .
وحيث إن المشرع غير مقيد فى مجال ضمانة حق اللجوء إلى القضاء بأشكال محددة تمثل أنماطًا جامدة لا تقبل التغيير أو التبديل ، بل يجوز أن يختار من الصور الإجرائية لإنفاذ هذا الحق ما يكون فى تقديره الموضوعى أكثر اتفاقًا مع طبيعة المنازعة التى يعهد بالفصل فيها إلى محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائى ، ودون إخلال بضماناتها الرئيسية التى تكفل إيصال الحقوق لأصحابها وفق قواعد محددة تكون منصفة فى ذاتها .
لما كان ما تقدم ، وكان المشرع قد وضع بالمادة (66) من قانون العمل السالف ذكرها ، تنظيمًا متكاملا لحل مشكلة العامل الذى يفصل من العمل بغير مبرر ، وذلك من خلال مراحل تبدأ بمحاولة التسوية الودية عن طريق الجهة الإدارية المختصة ، فإذا لم توفق ، أحالت الشكوى إلى القضاء المستعجل للبت فى طلب وقف تنفيذ قرار الفصل وتعويض العامل عن مدة فصله وإحالة القضية بعد ذلك إلى المحكمة المختصة للفصل فى النزاع ، والقضاء للعامل بالتعويض إن كان له محل ، وذلك كله وفق إجراءات محددة ومواعيد مقيدة تنتهى بتحديد موعد عشرة أيام لاستئناف الحكم الصادر فى موضوع التعويض ، على أن تفصل محكمة الاستئناف فيه خلال مدة لا تجاوز شهرًا من تاريخ أول جلسة . وقد راعى المشرع فى هذا التنظيم وما حواه من إجراءات ميسّرة ومواعيد قصيرة مصلحة كل من العامل ورب العمل بلوغًا لاستقرار الأوضاع وتصفية المنازعات العمالية فى أقصر وقت ممكن بما يعكس إطارًا للمصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها ، وتبعًا لذلك فإن المركز القانونى للعامل الذى يلجأ بإرادته إلى ولوج الطريق الذى رسمته المادة (66) من قانون العمل بما تضمنته من مواعيد قصيرة لنظر النزاع فى مراحله المختلفة توصلا لإيقاف قرار فصله عن العمل وتعويضه عن الأضرار التى تكون قد أصابته من جراء ذلك ، يختلف عن المركز القانونى للعامل الذى لا يختار هذا الطريق ويلجأ بدعواه مباشرة إلى المحكمة المختصة ، ومن ثم تكون المغايرة فى تحديد موعد الاستئناف بالنسبة للأول بعشرة أيام وبأربعين يومًا وفقًا للقواعد العامة بالنسبة للثانى ، مؤسسة على اعتبارات موضوعية تبررها دون إخلال بالضمانات الأساسية للتقاضى ، ولا تخالف بالتبعية نص المادة (40) من الدستور .
وحيث إن النص المطعون عليه ، لا يخالف أى نص آخر من نصوص الدستور .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

قانون رقم 135 لسنة 2010 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات

قانون رقم 135 لسنة 2010 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات والمنشور بالجريدة الرسمية العدد 24 مكرر د في 22 يونيه  سنة 2010
للتحميل اضغط الرابط التالي :

قرار رئيس الجمهورية رقم 99 لسنة 2010

قرار رئيس الجمهورية رقم 99 لسنة 2010 بتعديل بعض احكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات والمنشور بالجريدة الرسمية العدد 16 تابع في 22 ابريل سنة 2010
للتحميل اضغط الرابط التالي :

قانون رقم 61 لسنة 2010

قانون رقم 61 لسنة 2010 بإضافة مادة جديدة برقم 42 مكررا إلى قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983  
نشر في الجريدة الرسمية العدد 15 مكرر  في 17 ابريل سنة 2010
لتحميل القانون اضغط الرابط التالي :
  61_2010

قانون رقم 7 لسنة 2010 بإصدار قانون تنظيم الأنشطة النووية والاشعاعية

نشر في الجريدة الرسمية العدد 16 مكرر أ في 30 مارس سنة 2010

لتحميل القانون اضغط الرابط التالي :
7_2010

مشروع تعديل قانوني الاجراءات الجنائية والسلطة القضائية

جاء فى مشروع القانون تعديل 6 مواد من القانون الحالى، وهى المادة الأولى من القانون بحيث تستبدل بنص المادة السابعة من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية بالنص التالى "تشكل فى كل محكمة استئناف محكمة أو أكثر لنظر قضايا الجنايات على درجتين، وتؤلف محكمة من الدرجة الأولى من ثلاثة من قضاتها، أما محكمة الدرجة الثانية فتؤلف من خمسة من القضاة وتكون برئاستها لقاضى من أقدم قضاة محكمة النقض.

والمادة الثانية تستبدل فيها المادتان التاليتان بالمادتين 366 و377 من قانون الإجراءات الجنائية، بحيث تنص المادة 366 على أن تشكل فى كل محكمة استئناف محكمة أو أكثر لنظر قضايا الجنايات على درجتين وتؤلف الدرجة الأولى من ثلاثة من قضاتها أما محكمة الدرجة الثانية فتؤلف من خمسة قضاة وتكون رئاستها لقاضى من أقدم قضاة الاستئناف.
أما المادة 377 فتنص على " المحامون المقبولون للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية يقبلون للمرافعة أمام محاكم جنايات الدرجة الأولى، أما محاكم الدرجة الثانية فيشترط فيمن يحق له المرافعة أمامها أن يكون مقبولا للمرافعة امام محاكم الاستئناف. 
أما المادة الثالثة فتستبدل فيها الفقرة التالية بالفقرة الثانية من المادة 395 من قانون الإجراءات وهى "إذا تخلف المحكوم عليه فى غيبته بغير عذر عن حضور الجلسة المحددة لإعادة نظر الدعوى أو أى جلسة تالية تأمر المحكمة بالقبض عليه وحبسه احتياطيا، فإن لم يستدل عليه ظل الحكم الغيابى الصادر ضده قائما، فإذا حضر مرة أخرى أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضى المدة عرض على المحكمة محبوسا، وللمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطيا حتى الانتهاء من نظر الدعوى دون تقيد بالحدود القصوى للحبس الاحتياطى.
المادة الرابعة تستبدل عبارة محاكم الجنايات بدرجتيها " بمحاكم الجنايات الواردة فى المادة 368 من قانون الإجراءات وتضاف إليها فقرة أخيرة نصها كما يلى "ويجوز عند الضرورة بقرار من الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف أن تشمل دائرة اختصاص محكمة جنايات الدرجة الثانية ما تشمله أكثر من دائرة لمحكمة ابتدائية، ويبين القرار فى هذه الحالة مكان انعقادها.
المادة الخامسة تحذف الفقرة الأخيرة من المادة 381 من قانون الإجراءات، أما المادة السادسة فتنص على إضافة 9 مواد جديدة وهى المادة 420 والتى تنص على أن لكل من النيابة العامة والمتهم أن يستأنف الأحكام الحضورية الصادرة من محكمة جنايات أول درجة فى مواد الجنايات والأحكام الصادرة فى مواد الجنح التى تختص بنظرها، ولكل منهما كذلك أن يستأنف القرارات الصادرة ابتداء من تلك المحكمة بمد الحبس الاحتياطى أو بالإفراج.
وإذا كان الحكم الحضورى صادرا بعقوبة الإعدام فإنه يعتبر مستأنفا بقوة القانون، ويجوز للنيابة العامة ان تستأنف الأحكام الغيابية الصادرة فى مواد الجنايات بالبراءة وكذلك الأحكام الغيابية الصادرة فى مواد الجنح إذا كان استئنافها جائزا طبقا للمادة 402 من هذا القانون، ولكل من المدعى بالحقوق المدنية إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذى تحكم فيه المحكمة الابتدائية نهائيا.
والمادة 421 تنص على " تتبع أمام محكمة جنايات الدرجة الثانية جميع الأحكام المقررة أمام محكمة جنايات أول درجة، كما يتبع فى نظر الاستئناف والفصل فيه جميع الأحكام المقررة للاستئناف فى مواد الجنح ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
كما تنص المادة 422 على أن "يحصل الاستئناف بتقرير فى قلم كتاب المحكمة التى أصدرت الحكم فى ظرف عشرة أيام من تاريخ النطق بالحكم الحضورى أو إعلان الحكم الغيابى فى مواد الجنح أو من تاريخ الحكم الصادر فى المعارضة فيها.
وللنائب العام أن يستأنف فى ميعاد ثلاثين يوما من وقت صدور الحكم، وله أن يقرر بالاستئناف فى قلم كتاب المحكمة المختصة بنظر الاستئناف.
ويتبع فى استئناف قرارات مد الحبس أو الإفراج الإجراءات المنصوص عليها فى المادة 166 من هذا القانون.
وجاء فى المادة 423 أن "يرفع قلم الكتاب التقرير بالاستئناف وملف الدعوى فور انتهاء الميعاد المحدد لإيداع أسباب الحكم الصادر فيها الى رئيس محكمة الاستئناف بعد إدراج الطعن فى جدول يعد لذلك، ويحدد رئيس المحكمة جلسة لنظره ويأمر بإعلان المتهم وإحضار باقى الخصوم بها.
بالإضافة إلى المادة 424 التى تنص على أن ترسل محكمة الاستئناف صور ملفات القضايا والأحكام الصادرة فيها الى القضاة المعينين لنظر الاستئناف قبل ميعاد الجلسة بوقت كاف للإلمام بوقائعها وكافة ظروفها والأدلة المطروحة فيها.
بينما نصت المادة 425 على استثناء من حكم الفقرة الأولى من المادة 411 من هذا القانون تسمع المحكمة أقوال المستأنف والأوجه التى يستند إليها فى استئنافه، كما تسمع باقى الخصوم على أن يكون المتهم آخر من يتكلم.
فيما جاءت المادة 426 لتؤكد على أنه لا يجوز للمحكمة أن تصدر حكما بالإعدام أو أن تؤيد الحكم الصادر به إلا بإجماع آراء أعضائها ويجب عليها قبل أن تصدر حكما بالإعدام – بناء على استئناف النيابة العامة – أن تأخذ رأى المفتى وفقا للإجراءات المقررة أمام محكمة أول درجة.
والمادة 427 نصت أنه إذا تخلف المحكوم عليه بغير عذر عن الحضور فى الجلسة المحددة لنظر استئنافه أو فى أى جلسة تالية بعد إعلانه لشخصه أو فى محل إقامته تقضى المحكمة بسقوط استئنافه، فإذا كان الاستئناف مرفوعا من النيابة العامة أو كان مرفوعا من المتهم فى حكم صادر عليه بعقوبة الإعدام تأمر المحكمة بالقبض عليه وحبسه احتياطيا إلى حين الانتهاء من نظر الاستئناف، فإن تعذر القبض عليه كان للمحكمة أن تفصل فى الاستئناف وأن تحكم عليه غيابيا، فإذا حضر أو قبض عليه عرض على المحكمة محبوسا وتأمر المحكمة بحبسه إلى حين الفصل فى الدعوى.
وأخيرا نصت المادة 429 على أن تستبدل بعبارة " محكمة أو محاكم الجنايات" كلما ورد ذكرها فى القانون عبارة "محكمة أو محاكم الجنايات أول درجة".

قرار وزير المالية رقم 360 لسنة 2010

الصادر بتاريخ 31/5/2010 بتعديل بعض احكام قرار وزير المالية رقم 554 لسنة 2007 بشان القواعد المنفذة لاحكام قانون التامين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 والمنشور بالوقائع المصرية العدد 126 تابع في يونيه سنة 2010
تجدونه على الرابط التالي :
360_2010

فتاوى الصيام في مائة عام

لمطالعة كل ما صدر عن دار الافتاء فيما يخص الصيام في مائة عام

اضغط الرابط التالي :
fast-book-final

قانون رقم 64 لسنة 2010 بشان مكافحة الاتجار بالبشر

لمطالعة القانون رقم 64 لسنة 2010 بشان مكافحة الاتجار بالبشر 


والمنشور في الجريدة الرسمية العدد 18 مكرر في 9 مايو سنة 2010 اضغط الرابط التالي :


law_64_2010

موقع محكمة بنها الابتدائية

موقع محكمة بنها الابتدائية الاليكتروني تجدونه على الرابط التالي :
المحكمة

أثر حكم البراءة في تهمة القتل أو الجرح بلا عمد على دعوى التعويض

مجلة المحاماة – العدد الخامس
السنة التاسعة عشرة سنة 1939

بحث

أثر حكم البراءة في تهمة القتل أو الجرح بلا عمد على دعوى التعويض أمام المحكمة المدنية إذا بنى الحكم على نفي الخطأ

(لصاحب العزة زكي بك خير الأبوتيجى رئيس النيابة لدى محكمة النقض الدائرة المدنية)

1 - أثر القضاء الجنائي على المدني وحكمته وأساسه القانوني:

قد يبدو غريبًا أن يقال إن الحكم الجنائي يحوز قوة الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية في موضوع مدني بحت مع اختلاف الموضوع والسبب والأخصام في كلتا الدعويين الجنائية والمدنية ففي الأولى يكون الموضوع والسبب هو الفعل الجنائي أو الجريمة المسندة إلى المتهم وخصمه النيابة العمومية وليس الأمر كذلك في الدعوى المدنية وعلى الأخص في دعوى مطالبة المجني عليه وورثته بالتعويضات المدنية من المتهم.

ولهذا لا يمكن الاستناد إلى نص المادة (232) من القانون المدني التي تنص على حجية الأحكام وقوتها على شرط اتحاد الموضوع والخصوم والسبب.

ولكن مصلحة اجتماعية هامة تقضي بأن يحترم القاضي المدني ما يحكم به القاضي الجنائي حتى لا تتضارب الأحكام المدنية مع الجنائية وحتى لا يخامر الجمهور الشك في عدالة الأحكام الجنائية التي ترمي إلى توطيد الأمن والطمأنينة بين الناس وكما يقول ميرلان أنه مما يبعث على الاضطراب وهياج الأهالي أن تقضي المحكمة برفض دعوى التعويض استنادًا إلى أن من نسب إليه التهمة لم يرتكب جريمة القتل بعد أن صدر الحكم من محكمة الجنايات بإعدامه وبعد أن نفذ الحكم فعلاً.

لذلك تحتم الضرورة الاجتماعية على القاضي المدني أن يحترم الأساس الذي قام عليه الحكم الجنائي (انظر كتاب كولان وكابتان طبعة أخيرة جزء (2) بند (493) صفحة (459)).

أما الأساس القانوني فإن الشارع الفرنسي نص في الفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون تحقيق الجنايات الفرنسي على أن نظر الدعوى جنائيًا يوقف سير الدعوى المدنية وبنى الشراح على هذا الأساس وجوب احترام الحكم الجنائي حتى لا يتخاذل معه الحكم المدني ولا ينفي ما أقره.

ولو أن القانون المصري لم ينقل نص المادة (3) من قانون تحقيق الجنايات الفرنسي إلا أنه قد أصبح هذا المبدأ أوليًا في القضاء المصري الحديث (تراجع الأحكام العديدة الصادرة من محكمة النقض في المواد الجنائية ومحكمة الاستئناف التي تقرر هذا المبدأ في كتاب مرجع القضاء في القانون المدني تحت رقم (5825) وما بعده).

وهذا بعد أن ترددت المحاكم المصرية في الأخذ بهذا المبدأ (انظر حكم محكمة الاستئناف الصادر في 31 أكتوبر سنة 1901 الذي يقول بإنه لا يوجد نص في القانون يقضي بأن ترتبط المحاكم المدنية بالأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية وانظر عكس ذلك حكم محكمة النقض الصادر في أول يونيو سنة 1926 والمنشور في مجلة المحاماة سنة 7 صفحة (355)).

ويقول دوهلس في كتابه شرح القانون المدني المصري جزء أول صفحة (305) بند (130) تحت عنوان (قوة الشيء المحكوم به) أن هذه القاعدة يجب العمل بها في مصر طالما أن هذا هو روح التشريع الفرنسي الذي يعتبر التشريع المصري وليده ولأنه لم يرد أي نص في القوانين المصرية يناقض هذا المبدأ (انظر عكس هذا الرأي في مقالة الأستاذ مرقص بك فهمي الواردة في مجلة المحاماة سنة 3 صفحة (315)).

هذا وقد سنحت الفرصة أخيرًا للشارع المصري ليفصح عن هذا المبدأ فورد النص في القانون رقم (57) سنة 1937 الخاص بإصدار قانون تحقيق الجنايات المختلط في المادة (19) ما يأتي:

(إذا استلزم الفصل في دعوى مرفوعة أمام محكمة مدنية أو تجارية معرفة ما إذا كانت هناك جريمة قد ارتكبت أو إذا كانت قد وقعت من شخص معين يجب على تلك المحكمة أن تفصل في المنازعات المتعلقة بذلك طبقًا لما قضى به نهائيًا من المحكمة الجنائية التي فصلت في الدعوى ولو كانت قد طبقت قواعد الإثبات الخاصة بالمواد الجنائية - ويوقف الفصل في الدعوى المدنية إذا رفعت الدعوى الجنائية قبل الفصل فيها نهائيًا).

ويلاحظ أن البحث في هذا المقام مقصور على نوع واحد من الأحكام الجنائية وفي موضوع مخصص وهي أحكام البراءة الصادرة من المحاكم الجنائية في تهمة القتل أو الجرح بلا عمد استنادًا إلى أن المتهم لم يرتكب خطأ أو إهمالاً وأثرها على دعاوى التعويض التي يرفعها المجني عليه أمام المحكمة المدنية لذلك يجب أن تضيق دائرة بحثنا في نطاق هذه الدائرة فلا يتناول غير ذلك من الأحكام الجنائية كأحكام الإدانة أو أحكام البراءة لعدم ثبوت التهمة أو لأن الفعل لا يعد جريمة أو غير ذلك فهي تخرج عن هذا البحث.

2 - رأي الفقه في فرنسا وبلجيكا:

قد ذهب المؤلفون في فرنسا في هذا الموضوع إلى رأيين فالرأي الأول الذي قال به معظم الأقدمين وبعض المحدثين من الشراح - مؤداه أن حكم البراءة إذا بنى على نفي الخطأ عن المتهم فلا يقيد القاضي المدني في الفصل في دعوى التعويض الناشئ عن هذا الفعل ويعللون ذلك بأن وظيفة المحكمة الجنائية البحث في الجريمة فقط فإذا قضت بالبراءة فتكون قد استبعدت الخطأ الجنائي دون سواه وليس لها أن تتعرض إلى الخطأ المدني لأنه ليس من اختصاصها ثم إن كل فعل إذا تجرد من الخطأ الجنائي يبقى فيه بقية من الخطأ المدني لأن الخطأ الجنائي فاحش وجسيم والثاني قد يكون تافهًا ويسيرًا ويقول أوبرى ورو تأييدًا لهذا الرأي أن الإهمال في حوادث القتل خطأ يجوز أن يكون كافيًا لاعتبار خطأ مدنيًا وأساسًا للحكم بالتعويض المدني ومع ذلك يجوز أن لا يعتبر خطأ جنائيًا ولا يستأهل هذا الخطأ اليسير عقابًا.

ومن أنصار هذا الرأي أوبري ورو في كتابهما جزء (2) صفحة (470) بند (769) مكرر ومرلان تحت عنوان تعويض مدني بند (2) ودورانتون جزء (8) بند (486) وما بعده وماتيجان تحت عنوان دعوى عمومية جزء (2) بند (423) وما بعده ولارومبير جزء (5) تعليقات على المادة (351) بند (177) وأيضًا جريو لييه في تعليقه على دالوز سنة 1869 جزء أول صفحة (170) وانظر تعليق ربير في دالوز سنة 1925 جزء أول ص (6) وشوفو تحقيق جنايات صفحة (947) وديمولومب جزء (30) بند (427) وهيك جزء (8) بند (340) وانظر أيضًا لاكوست بند 1124.

3 - الرأي الثاني:

مؤداه أن الحكم الذي يصدر من محكمة الجنح ببراءة المتهم في تهمة القتل أو الجرح خطأ إذا بنى على أنه لا إهمال ولا رعونة من جانب المتهم في الفعل المسند إليه فإنه مانع من سماع دعوى التعويض المدني التي تقام على أساس هذا الفعل بالذات ويعلل كولان وكابيتان هذا الرأي في كتابهما القانون المدني جزء (2) طبعة أخيرة صفحة (460) بند (496) بأن جميع صور الخطأ والإهمال مندرجة في عموم النص الوارد في قانون العقوبات مادة (319) في فرنسا ومادتي (202) و (208) قانون عقوبات أهلي قديم ومادة (238) و (244) من قانون العقوبات الجديد فإذا قال القاضي الجنائي أن المتهم لم يرتكب إهمالاً ما فلا يسوغ للقاضي المدني أن يحكم بالتعويض على أساس أنه ارتكب خطأ وإلا فإنه يكون متناقضًا مع حكم المحكمة الجنائية الذي يجب احترامه والأخذ بما حكم به.

ويقول هنري وليون مازو في كتابهما المسؤولية المدنية جزء (2) صفحة (625) بند (1823) وبند 1856 أن النص الوارد في المادتين (319) و (320) عقوبات فرنسي المقابلتين للمادتين (238) و (244) من قانون العقوبات الأهلي الجديد شامل لكل أنواع الخطأ فالإهمال الجنائي يجب كل صورة من صور الإهمال أو الخطأ المدني مهما كان يسيرًا englobe toute faute personnelle ونص قانون العقوبات عام بحيث لا يدع مجالاً لافتراض أي إهمال آخر ولو كان يسيرًا فإذا نفاه الحكم الجنائي فلا يسوغ للمحكمة المدنية أن تسمع دعوى التعويض على أساس الإهمال الذي كان موضوع التهمة - ويقول سافاتييه في مجلة دالوز سنة 1930 جزء (51) صفحة 40 أن اندماج الخطأ المدني في الخطأ الجنائي الذي هو أساس جريمة القتل أو الجرح بلا تعمد أصبح الآن مبدأ مستقرًا ومضطردًا ويقول جارسون في شرح المادتين (319) و (320) من قانون العقوبات الفرنسي بند (16) بأن نص هاتين المادتين عام وشامل بحيث لا يوجد أي نوع من أنواع الإهمال أو الخطأ لا يستطيع القاضي أن يدمجه فيه وأن الشارع لم يدع مجالاً لأن يستثني من النص سوى حوادث العوارض فقط.

(انظر هذا الرأي في كتاب بلانيول وربير واسمين بند (679) وبند (673) وفي تعليق اسمين في سيرى سنة 1930 جزء أول صفحة (177) - وجارو شرح قانون العقوبات طبعة ثالثة جزء (6) صفحة 346 بند (2350) - وجارسون تعليق على المادتين (319) و (320) بند (16) وانظر أيضًا جلاسون وتسييه مرافعات عدد (3) بند (777)).

وجاء في الموسوعات البلجيكية تحت عنوان قوة الشيء المحكوم به بند (319) أن الرأي المجمع عليه تقريبًا في الفقه والقضاء هو أنه لا يمكن تصور أي فارق في درجة الجسامة بين الإهمال الذي هو عنصر لجريمة القتل أو الجرح خطأ والإهمال الذي يتكون منه الخطأ المدني.

4 - أحكام محكمة النقض الفرنسية وترددها بين الرأيين والمبدأ الذي استقرت عليه أخيرًا:

ليس هناك مسألة قانونية تناقضت فيها أحكام محكمة النقض الفرنسية مثل تناقضها في هذا الموضوع ويمكن بيان الأطوار التي عرجت فيها تلك المحكمة بين الرأيين المشار إليهما آنفًا كما يأتي:

أولاً: قضت محكمة النقض الفرنسية في بعض أحكامها القديمة بأنه لا يمكن قيام أية مسؤولية مدنية بعد الحكم بالبراءة جنائيًا وهذا المبدأ وارد في الحكم الصادر في 7 مارس سنة 1857 والمنشور في دالوز سنة 1855 جزء أول صفحة (81).

ثانيًا: وفي حكمها الصادر في 17 مارس سنة 1874 والمنشور في دالوز سنة 1874 جزء أول صفحة (399) قالت محكمة النقض الفرنسية بأنه يجوز أن يتخلف خطأ يسير يترتب عليه مسؤولية مدنية بعد الحكم بالبراءة وبعد أن تنفي المحكمة الجنائية الخطأ عن المتهم.

وهذا المبدأ ورد أيضًا في الحكمين الصادرين من دائرة العرائض في 31 مايو سنة 1892 والمنشور في دالوز سنة 1892 جزء أول صفحة (381) والصادر في 7 نوفمبر سنة 1894 والمنشور في سيرى سنة 1895 جزء أول صفحة (46).

ثالثًا: ومنذ سنة 1912 عدلت محكمة النقض الفرنسية عن ذلك المبدأ وقالت بأنه لا محل لافتراض أي خطأ مدني بعد أن تقضي المحكمة الجنائية بالبراءة إذا استند حكم البراءة إلى أن المتهم لم يرتكب أي إهمال - وجاء في حكمها الصادر في 18 ديسمبر سنة 1912 والمنشور في دالوز سنة 1915 جزء أول صفحة (17) الأسباب الآتية:

Attendu que les arts/ 319 & 320 Code Pénal puinissent de peines correctionnelles qui conque, par maladresse, imprudence, inattention, negligence ou inobservation des reglements, a commis involontairement un homicide ou causé des blessures sans que la legerté de ta laule commis, puisse avoir d’autre effet que d’attenuer la peine incourue.

وجاء أيضًا في الحكم الصادر من تلك المحكمة في 10 يونيو سنة 1914 والمنشور في سيرى سنة 1915 جزء أول صفحة 70 ما يأتي:

Attendu que les arts, 319 et 320 Code Penal punissent de peines correctionnelles (qui - conque) par maladresse, imprudence, inattention, negligence, inobservation des reglements, a causé involontairement des blessures, sans distinguer suivant la gravité de la faute commise; d ‘où il suit que lorsque la juridiction correctionnelle a acquitté un prevenu de blessures involontaires, le juge civil ne peut, sans contredire la chose jugée, le condamner à des dommages - intèrêt envers la partie qui prétend lésée si celle - ei ne relève contre lui en dehors de l’imprudence et de l’inobservation des reglements aucune autre circonstance de nature à engager sa responsabilité.

وهذا المبدأ قد ورد أيضًا في الأحكام الصادرة من محكمة النقض الفرنسية الآتي بيانها:

- حكم محكمة النقض في 28 مارس سنة 1916 والمنشور في دالوز سنة 1920 جزء أول صفحة (25).

- حكم دائرة العرائض في 12 يناير ستة 1917 والمنشور في دالوز سنة 1922 جزء أول صفحة (52).

- حكم دائرة العرائض في 12 يوليو سنة 1917 والمنشور في سيرى سنة 1918 جزء أول صفحة (212).

- حكم محكمة النقض في 10 يونيو سنة 1918 والمنشور في سيرى سنة 1922 جزء أول صفحة (52) حكم محكمة النقض في 20 نوفمبر سنة 1920 والمنشور في دالوز سنة 1924.

رابعًا: حادت محكمة النقض الفرنسية عن هذا المبدأ في بعض الأحكام في حوادث اصطدام السفن إذ جاء في الحكم الصادر في مايو سنة 1924 والمنشور في دالوز سنة 1925 جزء أول صفحة (12) أن الحكم الصادر من المحكمة التجارية بالبراءة في تهمة الاصطدام لانتفاء الخطأ لا يمنع من أن تحقق المحكمة المدنية في شبه الجنحة المدنية التي يترتب عليها المسؤولية المدنية.

وكذلك في الأحكام الصادرة من مجلس الجيش بفرنسا ببراءة بعض رجال الجيش من تهمة القتل خطأ قضت محكمة النقض في حكمها الصادر في 29 يوليو سنة 1922 والمنشور في سيرى سنة 1925 جزء أول صفحة (321) بجواز سماع الدعوى المدنية بالتعويض رغمًا عن هذه الأحكام (انظر أيضًا الحكم الصادر في 14 يناير سنة 1925 والمنشور في دالوز سنة 1926 جزء أول صفحة (189) والحكم الصادر في 8 فبراير سنة 1926 والمنشور في الجازيت سنة 1926 جزء ول صفحة (628)).

ولكن يظهر أن الذي حمل محكمة النقض الفرنسية على الشذوذ عن القاعدة العامة هو أن هذه الأحكام لم تشتمل على أسباب البراءة وبعضها اقتصر على ذكر عبارة أن المتهم غير مذنب فقط فلم تتبين المحكمة السبب الذي بنى عليه حكم البراءة لذلك أجازت للمحكمة المدنية أن تحقق وقائع الإهمال من جديد.

خامسًا: أخيرًا استقر قضاء محكمة النقض الفرنسية على المبدأ الثاني القائل بأن لا يمكن تصور أي خطأ مدني بعد نفي الخطأ الجنائي عن المتهم ولذلك لا يجوز سماع الدعوى المدنية بعد الحكم بالبراءة إذا بنى الحكم على أنه لم يكن هناك خطأ أو إهمال في الفعل المسند إلي المتهم.

وهذا المبدأ اضطرد في الأحكام الآتية:

- حكم النقض الصادر في 16 يوليو سنة 1928 والمنشور في دالوز سنة 1929 جزء أول صفحة (33).

- حكم النقض الصادر في 15 يناير سنة 1929 دالوز أسبوعي سنة 1929 صفحة (116).

- حكم النقض الصادر في أول ديسمبر سنة 1930 جازيت المحاكم سنة 1931 جزء أول صفحة (80).

- حكم النقض الصادر في 17 إبريل سنة 1931 جازيت المحاكم سنة 1921 صفحة (37).

- حكم النقض الصادر في 10 مايو سنة 1932 دالوز أسبوعي سنة 1932 صفحة (380).

- حكم دائرة العرائض في 24 أكتوبر سنة 1932 جازيت المحاكم سنة 1932 جزء (2) صفحة (936).

- حكم دائرة العرائض في 14 نوفمبر سنة 1933 جازيت المحاكم سنة 1934 جزء أول صفحة (176) وجاء في بعض هذه الأحكام العبارة الآتية:

La faute pènale des articles 319 et 320 du Code pènal contient tous les elements de la faute civile.

ويقول هنري وليون مازو في صفحة (625) من المرجع المشار إليه آنفًا إن هذا المبدأ قد ساد في القضاء الفرنسي بعد أن ترددت المحاكم فيه ردحًا من الزمن.

5 - مذهب القضاء البلجيكي:

أما الرأي الذي ساد في الأحكام البلجيكية فهو ما استقرت عليه محكمة النقض الفرنسية أي عدم جواز سماع دعوى التعويض بعد الحكم ببراءة المتهم بالقتل أو الجرح بغير عمد إذا كان الحكم الجنائي قد نفى وقوع الخطأ

(انظر حكم محكمة بروكسل الصادر في 27 فبراير سنة 1932 والمنشور في سيري سنة 1932 جزء (4) صفحة (210) وكذلك الأحكام العديدة الواردة في الموسوعة البلجيكية تحت عنوان (قوة الشيء المحكوم به).

وانظر أيضًا حكم محكمة بروكسل الصادر في 12 إبريل سنة 1929 - المنشور في البازكريزى سنة 1930 جزء (3) صفحة (76).

والحكم الصادر في 18 يونيو سنة 1929 والمنشور في مجلة البازكريزى سنة 1930 جزء (2) صفحة (13).

والحكم الصادر في 16 أكتوبر سنة 1929 والمنشور في مجلة البازكريزى سنة 1930 جزء (2) صفحة (52).

والحكم الصادر في 11 إبريل سنة 1933 والمنشور في مجلة البازكريزى سنة 1933 جزء (3) صفحة (197).

وجاء في هذه الأحكام أن الحكم بالبراءة في حوادث الإصابة بغير عمد يمنع من رفع الدعوى المدنية عن هذه الحوادث لأن الخطأ الجنائي المنصوص عليه في المادتين (418) و (426) من قانون العقوبات البلجيكي يجب كل خطأ آخر.

6 - رأي الشارحين للقانون المصري:

يقول جرانمولان في كتاب تحقيق الجنايات المصري جزء (2) صفحة (279) بند (1044) أن الحكم الصادر بالبراءة في تهمة القتل أو الجرح بلا عمد لا يحول دون سماع دعوى المجني عليه التي يرفعها أمام المحكمة المدنية مطالبًا بالتعويض الذي نشأ عن الأفعال التي كانت موضوع الاتهام ذلك لأنه إذا كان الإهمال غير كافٍ لتكوين الجريمة وتوقيع العقاب على المتهم إلا أنه يجوز أن يكفي لترتب مسؤوليته المدنية.

وجاء في رسالة الإثبات لأحمد بك نشأت صفحة (347) بند (594) أنه إذا حكم بالبراءة لعدم وجود خطأ جنائي بالمرة كالمبين في المواد (202) و (208) و (315) عقوبات فإن هذا الحكم يمنع من وقوع خطأ مدني مما نص عليه في المواد (151) و (152) و (153) مدني الخ.

وورد رأي يخالف هذا الرأي في كتاب الالتزامات لعبد السلام بك ذهني جزء (2) صفحة (474) ومؤداه ما يأتي:

أنه إذا قضى الحكم الجنائي ببراءة متهم منسوب إليه القتل خطأ واستند الحكم إلى أنه لم يثبت إهمال أو خطأ من المتهم فلا يجوز رفع دعوى تعويض عليه فيما بعد بشأن هذا الوصف الذي فصل فيه الحكم الجنائي (انظر مقال الأستاذ سامي مازن في مجلة القانون والاقتصاد جزء (2) صفحة (330)).

7 - رأي القضاء المصري:

أخذت المحاكم المصرية تعرج بين المذهبين فالبعض قضى بأحد الرأيين والبعض الآخر بالمذهب الثاني كما يأتي مع ملاحظة أنه لا يمكن القول بأن المحاكم اتخذت مبدأ ثابتًا مستقرًا في هذه المسألة.

أولاً: قضت محكمة استئناف مصر في حكمها الصادر في 23 ديسمبر سنة 1930 والمنشور في المجموعة الرسمية سنة 32 عدد (192) صفحة (394) أن الحكم الصادر من محكمة الجنح بالبراءة في حوادث القتل الخطأ لا يمنع المحكمة المدنية من البحث في المسؤولية إلا إذا كان حكم البراءة مبنيًا على انتفاء الإهمال وعدم وجود مسؤولية جنائية.

وفي الحكم الصادر من تلك المحكمة في 17 نوفمبر سنة 1931 المنشور في المجموعة الرسمية سنة 33 عدد (116) صفحة (222) تقول محكمة الاستئناف أن المحاكم المدنية مقيدة بالأحكام الجنائية النهائية فيما ورد بها خاصًا بترتيب المسؤولية قبل المتهم فلا يقبل منه المناقشة فيها إذا ما رفعت عليه دعوى التعويض.

ثانيًا: وصدرت أحكام أخرى قائلة بالرأي المخالف ومن هذا:

الحكم الصادر من محكمة استئناف مصر بتاريخ 10 إبريل سنة 1927 – والمنشور في المجموعة الرسمية سنة 28 عدد (59) صفحة (95) والذي جاء فيه أنه لا يكفي للسائق أن يبين أنه لم يقع منه خطأ مطلقًا أو أن سبب الحادثة بقى مجهولاً للتخلي عن المسؤولية المدنية بل تبقى مسؤوليته قائمة في الحالتين حتى ولو قضى جنائيًا بالبراءة لعدم قيام الدليل على وجود خطأ معين أو إهمال.

وفي الحكم الصادر من محكمة طنطا الابتدائية في تاريخ 13 يناير سنة 1926 والمنشور في المجموعة الرسمية سنة 28 عدد (11) صفحة (14).

ورد أن للمحكمة المدنية أن تبحث فيما إذا كانت الوقائع المنسوبة للمتهم تعتبر شبه جنحة يترتب عليها مسؤولية مدنية بالرغم من حكم البراءة.

وورد في الحكم الصادر في 14 ديسمبر سنة 1929 والمنشور في مجلة المحاماة سنة 10 صفحة (598) أن حكم البراءة لا يرتبط به القاضي المدني إذا حكم في جريمة قتل خطأ أو المتهم لم يرتكب إهمالاً أو خطأ لاختلاف ماهية الخطأ أو الإهمال من الوجهة الجنائية عنها من الوجهة المدنية في حالة القتل خطأ.

أما المحاكم المختلطة فإنها لم تسلم بحجية الأحكام الجنائية الصادرة من المحاكم القنصلية أو المحاكم الأهلية إطلاقًا لاختلاف ولاية القضاء.

(حكم محكمة الاستئناف المختلطة الصادر في 4 مايو سنة 1921 مجموعة مختلطة سنة 33 صفحة (305)) لذلك لم تتح الفرصة لتلك المحاكم لإبداء رأيها في هذا الموضوع.

رأينا في هذا الموضوع

من القواعد الأولية أن الأحكام الجنائية تصدر ضد الكافة erge omnes بمعنى أن لها الحجية المطلقة على المتهم ولدى جميع الناس وقبل المجني عليه أيضًا حتى ولو لم يعلن أو لم يتدخل في الدعوى العمومية.

ووجه هذا ظاهر لأن الجرائم ماسة بالنظام والأمن في الدولة فاحترام الملأ للأحكام الصادرة فيها تقتضيه المصلحة العامة حتى تكون رادعة وعبرة للغير وفضلاً عن ذلك فإن النيابة العمومية التي يتحتم حضورها في الجلسة تمثل الهيئة الاجتماعية وتمثل جميع الحقوق على السواء سواء حضر المتهم والمجني عليه أو لم يحضرا وناهيكم عن أنه من المستحيل عقلاً ومادة إدخال كافة الناس في الدعوى العمومية لتكون الأحكام حجة على الجميع.

ومتى بان هذا كان الحكم الجنائي واجب الاحترام من القاضي المدني إذا ما رفعت الدعوى المدنية إما من المتهم أو المجني عليه أو ورثتهما وتكون حجة على الخصوم وله قوة الشيء المحكوم به بحيث لا يسوغ إصدار حكم مدني يتناقض معه وإلا أهدرت حجته.

وإذا كان بعض أئمة القانون في فرنسا يسندون هذه الحجية إلى نص المادة (3) من قانون تحقيق الجنايات الفرنسي الذي ينص على أن الدعوى الجنائية توقف سير الدعوى المدنية - هذا النص الذي لم ينقله الشارع المصري فإنه يكفي لتبرير هذه الحجية ويعللها في مصر أن تنهض على الأساس الذي أوضحناه أي أن الأحكام الجنائية أحكام ضد الكافة ولها حجة مطلقة لا نسبية وعلى القاضي المدني احترامها لهذا السبب.

ويتفرع على هذه الكلية الجزئيات الآتية:

أولاً: أن المنطق السليم يقضي بأن حجية أية مبدأ أو مسألة تتناول حتمًا الأساس الذي تنهض عليه فإذا كانت الأحكام الجنائية واجبة الاحترام فيجب قانونًا وعقلاً احترام الأساس الذي بنيت عليه وتفريعًا على هذا إذا صدر الحكم بالبراءة في تهمة القتل أو الجرح العمد استنادًا إلي أن المتهم لا يمكن أن يعزي إليه إهمال في الواقعة المسندة إليه بالذات فيكون سند الحكم هذا واجب الاحترام حتمًا وعلى القاضي المدني أن يتخذه قضية مسلمة لا تقبل فيه النقاش وعلى هذا يجب أن يمتنع عن سماع الدعوى المدنية إذا أقامها المجني عليه على ما يهدر هذا الأساس.

ولو أن العبرة في الحجية لمنطوق الأحكام إلا أن الأسباب التي تتصل بالمنطوق صلة المقدمة بالنتيجة والسبب بالمسبب تحوز أيضًا قوة الشيء المحكوم به فلا حرج إذن في تلمس سند حكم البراءة من أسبابه.

ثانيًا: يجب أن يضع القاضي المدني نفسه موضع القاضي الجنائي نفسه عند بيان مدى احترام الأحكام الجنائية والاستمساك بحجيتها لأنه ليس من الطبيعي أن يكون القاضي الجنائي أقل احترامًا لقضائه من القاضي المدني ولذلك لا يطلب من القاضي المدني أن يغالي في الاحترام حتى يفوق في ذلك من أصدر هذه الأحكام ويتفرع على هذا أن ما يلتزم القاضي الجنائي باحترامه يلزم القاضي المدني به عند نظر الدعوى المدنية وإلا فلا.

ومن الأوليات القانونية أن قوة الشيء المحكوم به في الأحكام الجنائية لا تتعدى الأفعال المسندة إلى المتهم والواردة في وصف التهمة والتي طرحت أمام المحكمة والتي أتيح للمتهم حق الدفاع عن نفسه فيها - أما الأفعال والوقائع الأخرى فتخرج عن هذه الحجية بمعنى أنه يجوز رفع الدعوى العمومية مرة أخرى على أساس هذه الأفعال الجديدة (انظر هذا المبدأ الذي اضطرد في قضاء محكمة النقض والإبرام المصرية الدائرة الجنائية في قضية الطعن رقم (894) سنة 4 قضائية في الحكم الصادر في 29 أكتوبر سنة 1934 وفي الحكم الصادر في قضية الطعن رقم (1625) سنة 4 قضائية بتاريخ 28 يناير سنة 1935 الذي قرر مبدأ جواز رفع دعوى إخفاء أشياء مسروقة بعد الحكم بالبراءة من تهمة السرقة في نفس الحادثة).

ومتى ثبت هذا ساغ للقاضي المدني أن يسمع دعوى التعويض عن حادثة الجرح أو القتل خطأ بعد الحكم بالبراءة إذا كان الخطأ الذي يسنده المجني عليه للمتهم يقوم على وقائع أخرى غير التي وردت وفي وصف التهمة أو غير التي قضى الحكم الجنائي بانتفاء الخطأ عن المتهم في فعلها.

ثالثًا: قد نص قانون تحقيق الجنايات في المادتين (147) و (172) وفي المادة (50) من قانون تشكيل محكمة الجنايات أنه إذا كانت الواقعة غير ثابتة أولاً يعاقب عليها القانون أو سقط الحق في إقامة الدعوى فيها بمضي المدة يحكم القاضي الجنائي ببراءة المتهم ويجوز له أن يحكم أيضًا بالتعويضات التي يطلبها بعض الخصوم من بعض.

وهذه النصوص تميط اللثام عن رأي الشارع المصري وهو أنه يجوز الحكم بالتعويضات المدنية بالرغم من حكم البراءة إنما هذه الأحوال واردة على سبيل الحصر في هذه النصوص أما الحكم بالتعويض في حالة عدم ثبوت التهمة فالمراد منه أن المتهم هو الذي يطلب الحكم بالتضمينات ضد المجني عليه لأنه لا يقبل عقلاً أن يحكم القاضي بالتضمينات للمجني عليه مع عدم ثبوت الفعل الذي يدعي به ولذلك ورد في النص عبارة (التعويضات التي يطلبها بعض الخصوم من بعض).

وإذا حدثت الواقعة ضررًا للمجني عليه ولكن عناصر الجريمة لم تتوفر فيها كانعدام توفير الطرق الاحتيالية في جريمة النصب فإن الحكم بالبراءة لا يمنع من الحكم بالتعويض وكذلك إذا سقط الحق في إقامة الدعوى العمومية فيجوز الحكم بالتعويضات المدنية مع مراعاة القيد الوارد في المادة (282) من قانون تحقيق الجنايات.

هذه هي الأحوال التي أباح فيها القانون للقاضي الجنائي أن يحكم بالتعويض مع الحكم بالبراءة ولذلك لا حرج على القاضي المدني أن يسمع الدعوى المدنية بالتعويض في هذه الصور أو في جميع الأحوال التي لا يكون فيها تقادم أو تناقض ما مع الحكم الجنائي وما قضى به في منطوقه أو في أسبابه المرتبطة بالمنطوق.

ولكن الشارع لم ينص على حالة الحكم بالبراءة استنادًا على أنه لم يقع الخطأ إطلاقًا من جانب المتهم ويستفاد من عدم النص على هذه الصورة عدم إباحتها ولهذا يحرم على القاضي الجنائي أو المدني سماع دعوى التعويض بعد الحكم بالبراءة الذي يقوم على هذا الأساس.

والعقل والمنطق يقضيان بهذا التفسير وإلا كان القاضي الجنائي متناقضًا ومتخاذلاً مع نفسه إذا قضى من ناحية بالبراءة استنادًا على أنه لا إهمال ولا خطأ من جانب المتهم في الفعل المسند إليه وحكم من ناحية أخرى بالتعويض لهذا الفعل.

ولما كانت الأحكام الجنائية واجبة الاحترام على الكافة وكان محتمًا على القاضي المدني أن لا يعدو حجيتها ولا يتعارض حكمه معها لذلك أصبح لزامًا على القاضي المدني أن يمتنع عن سماع دعوى التعويض التي تقوم على أساس الفعل الذي قال عنه القاضي الجنائي أن المتهم لم يرتكب أي خطأ أو إهمال فيه.

رابعًا: بقيت نقطة واحدة وهي هل يشتمل الخطأ الذي هو ركن لجريمة القتل أو الجرح خطأ والمنصوص عليهما في المادتين (238) و (244) من قانون العقوبات الجديد المقابلتين للمادتين (202) و (208) من القانون القديم هل يشتمل على عناصر الخطأ المدني المنصوص علي في المادة (151) من القانون المدني.

جاء في النص الوارد في هاتين المادتين أن القتل أو الجرح يجب أن يكون ناشئًا (عن رعونة أو عدم احتياط وتحرز أو عن إهمال وتفريط أو عن عدم انتباه وتوق أو عن عدم مراعاة واتباع اللوائح).

والواقع أن هذه العبارات تشمل كل فرض أو صورة من صور الخطأ بحيث إنه يصعب تصور أن هناك أي نوع من الخطأ غير مندرج في هذا النص.

ولا شك أن هناك فرقًا بين الخطأ الجنائي والخطأ المدني فالأول يستلزم عناصر لا بد من توفرها لتكوين الجريمة كالقصد الجنائي أو سوء النية أو نية الإضرار إلى غير ذلك أما الخطأ المدني فلا يشترط فيه شيء من هذا بل مناطه الضرر والإهمال مهما تضاءلت جسامته.

وإذا كان هذا هو الحال في الجرائم الأخرى إلا أنه لا ينطبق على جريمة القتل أو الجرح بلا عمد لأن الشارع المصري الذي سار وراء الشارع الفرنسي والبلجيكي احتاط أشد الاحتياط للأمر فسرد جميع أنواع الخطأ من إهمال ورعونة وعدم تحرز أو توق إلى غير ذلك حتى لا يفلت من العقاب أي شخص لا يسلك مسلك المتيقظ أو الساهر على سلامة الناس من أفعاله فالخطأ المنصوص عليه في المادة (151) مدني مندرج لا محالة في العبارات الشاملة التي جاءت في نص المادتين (238) و (244) من قانون العقوبات الجديد.

ويتفرع على هذا أنه إذا وجب على القاضي المدني احترام الحكم الجنائي كما سبق البيان فيتحتم عليه إذن أن يقضي بعدم جواز سماع دعوى التعويض إذا رفعها المجني عليه أمامه مستندًا إلى نفس الفعل الذي قال الحكم الجنائي عنه بأنه لا خطأ فيه من جانب المتهم لأن نفي الخطأ جنائيًا معناه انتفاء كل إهمال وتفريط أو رعونة وعدم تحرز أو عدم توق الخ.. وبالتالي يبعد كل خطأ مهما كان نوعه أو مهما بلغت درجته.

والخلاصة: أنه لا محل لافتراض الجنحة المدنية أو شبهها بعد الحكم بالبراءة في تهمة القتل أو الجرح خطأ إذا بني الحكم على أساس نفي الخطأ عن المتهم إنما مناط هذا أن حجية الأحكام الصادرة بالبراءة مقصورة على الوقائع الواردة في وصف التهمة بحيث يجوز أن تترتب المسؤولية المدنية على وقائع أو أفعال أخرى.

زكي خير الأبوتيجى

بحث في أتعاب المحاماة التي يحكم بها على الخصم

مجلة المحاماة - العدد الثاني
السنة الأولى - مصر في أول أغسطس سنة 1920
المباحث القانونية والتشريعية
بحث في أتعاب المحاماة التي يحكم بها على الخصم
جرت المحاكم على تقدير تلك الأتعاب تقديرًا تافهًا جدًا فهي تتراوح أمام محكمة الاستئناف بين مائة قرش إلى أربعمائة ولا تزيد في الغالب على ألف قرش إلا في بعض قضايا نادرة جدًا لا يمكن أن تكون أساسًا يعتمد عليه عند البحث في هذه المسألة، وتتراوح تلك الأتعاب أمام المحاكم الابتدائية بين مائة قرش وثلاثمائة قرش وهي لا تزيد في الغالب على ستمائة قرش في بعض قضايا تناولت إجراءات عديدة ومطولة، أما في المحاكم الجزئية فلا تزيد تلك الأتعاب غالبًا على مائتي قرش وقد تكون أحيانًا خمسة عشر قرشًا أو عشرة قروش فقط.
والباحث في هذه المسألة يجد نفسه بين عاملين جديرين بالعناية.
العامل الأول: أخلاقي وهو ضرورة العناية في تسهيل التقاضي بين الناس حتى تتربى النفوس على التمسك بالحقوق واحترام حقوق الغير من طريق قوة القانون.
وقد دلت الإحصائيات على أن عدد القضايا مرتبط - في الكثير من الأمور - بمقدار ما يتكلفه المتقاضون من المصاريف.
وبديهي أن الأتعاب التي يحكم بها على الخصم داخلة ضمن ما يتكلفه المتخاصمون متى لجأوا إلى سلطة القضاء.
غير أننا لا نريد أن نبالغ في قيمة هذا العامل لأن رخص التقاضي قد يؤدي أيضًا إلى وجود دعاوى كثيرة ليس لها من أساس وتصبح المغالاة في تسهيل التقاضي مدعاة للشكوى من طريق آخر.
والعامل الثاني: له مساس بالعدالة نفسها من حيث تفاهة تلك الأتعاب فهي لا تعوض من حكم لصالحه ما يكون قد دفعه إلى محاميه أو ما يقرب من ذلك وفي هذا ظلم ظاهر.
نضيف إلى ما تقدم أن كثيرًا من إجراءات التنفيذ لا يحكم فيها بأتعاب على الخصم مع أن سبب الالتجاء إلى تلك الإجراءات هو عناد المحكوم عليهم أو مماطلاتهم بقصد مضايقة المحكوم لهم وبقصد الوصول بذلك إلى صلح ينتزعه أولئك المماطلون من دائنيهم بتنازل الآخرين عن جزء من حقوقهم.
ومما تجب ملاحظته في هذا المقام أن عدد القضايا في مصر كثير جدًا وقد لاحظ جناب المستر جون أدون مارشال في مقال نشرته له (مجلة مصر العصرية) أن عدد القضايا في مصر يساوي عددها في إنجلترا تقريبًا مع أن سكان القطر المصري لا يزيد على ثلث سكان إنجلترا وإن المصالح موضوع تلك الدعاوى أهم بكثير في إنجلترا منها في مصر.
ويظهر مما تقدم أن الخطر في العدول عن القاعدة التي اتبعت إلى الآن في تقدير تلك الأتعاب هذا التقدير التافه إنما هو خطر وهمي أكثر منه حقيقي وأنه ليس في زيادة تلك الأتعاب زيادة معقولة تصعيب في التقاضي بهذا المقدار الذي قد يتصوره البعض في أول الأمر من دون التفات إلى الزيادة المضطردة في عدد القضايا والتي يوجد كثير منها على غير أساس جدي ومن دون التفات إلى ما تقتضيه العدالة في رفع نوع من الظلم واقع على المكوم عليهم كما أسلفنا.
لهذا كله يترجح عندنا العدول عن القاعدة التي اتبعت إلى الآن في تقدير هذه الأتعاب ووضع مبدأ يقضي بزيادتها زيادة معقولة.
وقبل أن نبدي رأيًا في كيفية هذه الزيادة يحسن بنا أن نبدي الملاحظة الآتية وهي: أننا غير مقيدين بآراء الشراح الفرنساويين في هذا العدد ذلك لأن لائحة الرسوم القضائية في فرنسا الصادر بها الدكريتو المؤرخ 16 فبراير سنة 1807 والتي تعدلت بدكريتو 21 يناير 1845 قد نصت صراحةً في المادة (80) و(82) على تحديد تلك الأتعاب بخمسة عشر فرنكًا داخل باريس وعشرة فرنكات خارجها في الأحكام الحضورية أما في الأحكام الغيابية فقد تحددت بخمسة فرنكات وأربعة فرنكات (راجع مؤلف جرسونيه جزء أول صحيفة نمرة 424 نوتة 254 وتعليقات دالوز على قانون المرافعات صحيفة نمرة 1103 وكذلك البندكت)، ويقول شراح هذه القانون إن هذه الأتعاب ليست في الحقيقة كل ما كان واجب الدفع أتعابًا للمحاماة على الخصم وإنما لوحظ في تقديرها أنها عبارة عن كل ما يمكن أن يكون قد صرف في شؤون المحاماة فهي أشبه شيء بمصاريف الانتقال.
لذلك كانت قيمتها عندهم تافهة جدًا ولا يوجد في قوانيننا نص كهذا يقيدنا ويضطرنا إلى تفسير حكمة تقدير هذه الأتعاب على النحو الذي ذهب إليه الشراح الفرنسويون بل يوجد عندنا نصوص تغاير هذا النص الفرنساوي كما سنبينه فيما يلي.
بعد هذه الملاحظة يحسن بنا أن نعرض أهم الآراء في هذا الموضوع: يوجد رأي قائل بجعل لائحة الرسوم القضائية أساسًا عند الحكم بالأتعاب على الخصم الذي خسر الدعوى فتكون تلك الأتعاب مساوية على الأقل لنصف الرسوم النسبية مثلاً أو مساوية لها.
غير أن هذا الرأي معيب لأن لائحة الرسوم القضائية مبنية على قيمة الدعوى بغض النظر عن قيمة العمل فيها والزمن الذي تستغرقه وثروة الخصوم ومثل هذا لا يصلح أن يكون أساسًا عند تقدير الأتعاب سواء في ذلك أتعاب الوكيل بالنسبة لموكله أو أتعاب المحاماة التي يحكم بها على الخصم وفوق هذا فإن هذه اللائحة موضع نقد فلا يصح أن نعلق شيئًا على شيء منتقد في ذاته.
ويوجد رأي آخر يقول بأن الواجب عند تقدير هذه الأتعاب ملاحظة كونها المقابل لما يدفعه المحكوم لصالحه إلى محاميه.
وهذا الرأي معيب كذلك للأسباب الآتية:
أولاً: أن الحكم على الخصم الذي خسر الدعوى بأتعاب ملحوظ في تقديرها أنها المقابل تمامًا لما يدفعه من كسب الدعوى إلى محاميه مما قد يؤثر في الاتفاق الحاصل بين من كسب الدعوى ووكيله ويخلق نزاعًا جديدًا قد لا يوجد، وهذا إذا أخذنا بالرأي الغالب القائل بجواز تعديل قيمة هذه الاتفاقات زيادة ونقصانًا متى قام النزاع بشأنها.
ثانيًا: أن ملاحظة ثروة الخصم ليس لها محل هنا وبمعنى أن من خسر الدعوى لا يصح أن يطالب بأتعاب لوحظ عند تقديرها ثروة خصمه وإنما المسؤول عنه عدلاً هو تلك الأتعاب التي لوحظ فيها قيمة القضية وأهمية العمل فيها والزمن الذي استغرقته ويمكننا الآن بعد بيان ما تقدم أن نبدي رأينا في هذا الموضوع.
أمامنا المادة (37) من لائحة الرسوم القضائية للمحاكم المختلطة، والمادة (35) من الأمر العالي المؤرخ 7 أكتوبر سنة 1897 ونصها:
(يجوز طلب أجرة المحامين أو الوكلاء ممن حكم عليه بمصاريف الدعوى بشرط أن تكون هذه الأجرة مقدرة بمعرفة المحكمة أو القاضي، ويراعى في تقديرها قيمة الشيء المتنازع فيه والعمل الذي باشره والمحامي أو الوكيل والزمن الذي قضاه في ذلك وحالة ثروة المتخاصمين ولا يعتد بالأوراق التي صار تحريرها بغير حاجة إليها).
(وإذا اقتضى الحال لتقدير الأجرة التي يلزم دفعها للمحامي أو الوكيل من موكله فتراعى أيضًا الأحوال المبينة آنفًا).
وقد جرت المحاكم على تطبيق هذه القواعد عند تقدير الأتعاب بين الوكيل والموكل وأهملته عند الحكم بالأتعاب لأحد الطرفين المتخاصمين على الآخر وفي ذلك ما فيه من مخالفة روح التشريع وحرفية النص.
على أن هذا النصر في ذاته معيب من حيث إنه يقضي بمراعاة ثروة الخصوم عند تقدير الأتعاب المحكوم بها على من خسر الدعوى ومن رأينا أن المحكوم عليه لا يكون مسؤولاً إلا عن الأتعاب التي يلاحظ في تقديرها قيمة الشيء المتنازع فيه والعمل والزمن دون التفات إلى ثروة من حكم لصالحه لذلك نرى أن يعدل هذا النص بالكيفية الآتية:
(حذف عبارة وحالة ثروة المتخاصمين من الفقرة الثانية ووضعها في الفقرة الثالثة).
وبهذا التعديل يصبح النص أقرب إلى العدالة.
أما الفوائد التي تنجم عن تقرير هذا المبدأ فهي كثيرة أهمها:
أولاً: وضع حد للطلبات الباهظة بين المتقاضين.
ثانيًا: تقليل عدد القضايا التي تُرفع على غير أساس جدي.
ثالثًا: رفع ظلم واقع على المحكوم لمصلحته فيما يتعلق بأتعاب المحاماة.
رابعًا: منع تأثير الحكم بالأتعاب على الخصم في عقد الاتفاق بين من كسب الدعوى ومحاميه لأن حالة ثروة من كسب الدعوى ومركز المحامي الذي يترافع فيها لم يكونا من العوامل في تقدير تلك الأتعاب.

السبت، 16 مارس 2013

متى تسقط الفوائد والأجرة والحكر ونحوها المحكوم بها؟

مجلة المحاماة - العدد الثامن
السنة الخامسة - مايو سنة 1925
متى تسقط الفوائد والأجرة والحكر ونحوها المحكوم بها؟
القاعدة العامة في فرنسا (مادة (2262) مدني) أن كافة الحقوق والتعهدات والديون والدعاوى يسقط الحق في المطالبة بها بمضي 30 سنة، وفي مصر بمرور 15 سنة هلالية (مادة (208) مدني أهلي و(272) مدني مختلط أخذًا عن الشريعة الإسلامية الغراء - عدم جواز سماع الدعوى حسب اصطلاح الفقهاء) ما عدا المستثنيات التي منها:
1 - أتعاب المحامين والمهندسين والأطباء وثمن المبيعات لغير التجار وأجور المعلمين ومؤدبي الأطفال ومرتبات المستخدمين… إلخ ورسوم أقلام الكتاب والمحضرين ((209) و(210) مدني أهلي - (273) و(274) مدني مختلط و(2272) و(2273) و(2274) مدني فرنسي) فإنها تسقط بمضي 360 يومًا بشرط حلف اليمين - ما لم يوجد اتفاق كتابي صريح أو ضمني أو إنكار لذات الحق كما سيأتي في مقال آخر.
2 - ملكية الشيء المسروق أو الضائع يسقط الحق في المطالبة بها بمضي 3 سنوات ((86) مدني أهلي و(115) مدني مختلط و(2779) مدني فرنسي) - بدون حلف يمين.
3 - الكمبيالات والسندات التجارية وأوامر الدفع والتحويل (دون باقي الأعمال التجارية) تسقط بمضي 5 سنوات من تاريخ استحقاقها أو البروتستو أو آخر عمل – بشرط حلف المدين اليمين ((194) تجاري أهلي و(201) تجاري مختلط و(189) تجاري فرنسي).
4 - الفوائد والمرتبات والأجور والأحكار… إلخ أي كل ما يستحق دفعه سنويًا أو لأقل من سنة يسقط بمضي 5 سنوات بدون حلف يمين (مادة (211) مدني أهلي و(275) مدني مختلط و(2277) مدني فرنسي).
والبحث في هذا المقال يدور حول النقط الآتية:
أولاً: ماذا تشمل المادة (211) مدني أهلي؟
تشمل ما يأتي:
1 - جميع أنواع الفوائد سواء عن التأخير في الدفع - أو مقابل الانتفاع بالقرض… إلخ:
- المسيو دوهلس نبذة (186).
- الدكتور محمد بك كامل مرسي كتاب الملكية والحقوق العينية صحيفة (417).
- والتون جزء (2) صحيفة (525) و(527).
2 - كافة أجور الأراضي والمنازل ونحوها.
3 - الحكر: الاستئناف الأهلي 7 يناير سنة 1908 مجلة الحقوق سنة 18 صحيفة (345).
4 - الأموال الأميرية بالنسبة للمالك لا الحكومة.
5 - المعاشات بأنواعها.
6 - النفقات.
7 - المكافآت التي تُعطَى للمستخدمين العموميين أو للخصوصيين بصفة معاش دوري.
8 - كل ما يُدفع سنويًا أو في دور أقل من سنة كاشتراكات المجلات والجرائد.
ثانيًا: هل يجوز للمدين مع اعترافه صراحةً أو ضمنًا بعدم الدفع التمسك بسقوط الحق بمضي خمس سنوات؟
- نعم - لأن هذه المادة (211 مدني أهلي) وما يقابلها في فرنسا (2277 مدني) قد جعلت لمنع وقوع المدين في الخراب بتراكم فوائد سنين كثيرة عليه - لا للسبب (مادة (209) مدني أهلي) الخاص بسقوط أتعاب الطبيب بسنة (أو سنتين في فرنسا مادة (2722) مدني) وهو أن العادة عدم أخذ إيصال بذلك أو عدم المحافظة عليه:
- الاستئناف المختلط 3 يناير سنة 1895 (مجلة القضاء والتشريع المختلط جزء (7) صحيفة (73)).
- محكمة بني سويف 2 يونيه سنة 1914 (مجلة الحقوق جزء (31) صحيفة (212)).
- الدكتور محمد بك كامل مرسي: الملكية والحقوق العينية صحيفة (417).
ثالثًا: هل تسري هذه المادة (211 أهلي) على ريع الاغتصاب؟
لا – لأن المادة جعلت:
أولاً: لوقاية المدين حسن النية من الخراب.
ثانيًا: لأنها خاصة بأحوال يستحق فيها الإيجار أو الفائدة أو الحكر أو المرتب… إلخ في أقساط سنوية أو أجزاء من سنة من جهة وكان يجوز للدائن المطالبة بها في أي وقت بعد الاستحقاق من جهة أخرى خلافًا لحالة المدين المغتصب.
وثالثًا: لأنها كلها مبنية على تعهدات أو اتفاقات خلافًا لحالة الريع حيث أساسها جنحة أو شبه جنحة.
- الاستئناف المختلط 20 مايو سنة 1897 (مجلة القضاء والتشريع المختلطة جزء (9) صحيفة (357)) ومجموعة أحكام العشر سنين الأولى المختلطة حكم رقم (3394).
- الاستئناف الأهلي 27 مارس سنة 1912 (المجموعة الرسمية الأهلية سنة 13 صحيفة (187)).
- الاستئناف الأهلي 16 يونية سنة 1914 (مجلة الشرائع سنة أولى صحيفة (252)).
- الاستئناف الأهلي 15 يونية سنة 1915 (مجلة الشرائع سنة ثانية صحيفة (308)).
- الاستئناف الأهلي 26 يناير سنة 1916 (مجلة الشرائع سنة ثالثة صحيفة (370)).
- داللوز مدني (مادة (2277) نبذة (213)، (214)، (215)، (216)).
ولكن الرحمة قد تغلبت على محكمة الاستئناف الأهلية فقضت مرة (وكأنها تقول الرحمة فوق العدل) بسقوط ريع الاغتصاب بمرور خمس سنوات مخالفة غرض القانون. – راجع الاستئناف الأهلي 22 ديسمبر سنة 1910 المجموعة الرسمية 12 حكم رقم (50) ومجموعة حضرة حمدي بك السيد الأولى صحيفة (119) حكم رقم (636).
رابعًا: هل تنطبق المادة (211) المذكورة على المطالبة قبل الحكم فقط أم على حالة صدور الحكم بذلك أيضًا.
وبعبارة أوضح متى تسقط الفوائد والأجور ونحوها المحكوم بها؟
جميع المحاكم والشراح متفقون قديمًا وحديثًا على أن الحكم بأصل الحق أو الدين حتى لو كان مما يسقط الحق في المطالبة به بسنة (بمصر) أو بسنتين (في فرنسا) قبل الحكم - يجعل هذا الدين تابعًا للقاعدة العامة في السقوط أي المدة الطويلة (30 سنة في فرنسا و15 سنة بمصر).
ولكن بما أن الفوائد والأجور والأحكار والنفقات والمرتبات والاشتراكات ونحوها مما يتراكم بالسكوت عن المطالبة به وبذا يصبح المدين مهددًا بالخراب خلافًا لحالة الحكم عليه بأتعاب طبيب أو محامٍ أو ما شاكل ذلك فإن أصل الدين لا ينمو – فقد أراد الشارع الفرنسي عند تحضيره المادة (2277) مدني حماية المدين من الوقوع في الدمار بسكوت الدائن لسببٍ ما عن المطالبة بفوائده أو بإيجاره أو نفقته… إلخ، سواء كان ذلك قبل رفع الدعوى – أو بعد رفعها والسكوت عن الاستمرار فيها مدة طويلة أو بعد الحكم بالفائدة ونحوها.
غير أن المحاكم الفرنسية قد أخطأت في أول الأمر في تفسير المادة (2277) مدني بأن فرقت بين حالتي المطالبة قبل الحكم وبعده فقضت بأن المطالبة قبل الحكم تسقط بخمس سنوات وبعد الحكم تسقط بثلاثين سنة (أو 15 سنة بمصر) متمسكة بظاهر ألفاظ المادة (2277) (المقابلة للمادة (211) أهلي و(275) مختلط) زاعمة أن الحكم بمبلغ وفوائده يدمج الحقين في بعضهما ويجعلهما كتلة واحدة يسري عليها السقوط العام بالمدة الطويلة (30 سنة هنالك و15 سنة هنا).
وأخيرًا قد أدركت المحاكم والشراح في فرنسا هذا الخطأ فعدلت عن التفرقة بين الحالتين كما يقول العلامة بودري لاكنتنري في كتابه شرح القانون المدني المطول جزء (25) (الخاص بسقوط الحقوق De la prescription) صحيفة (516) نبذة (785) (a peu près abandonnèe en doctrine et en jurisprudence) للأسباب الآتية:
1 - لأن الحكمة من تقصير مدة السقوط في المطالبة بالفوائد هي نشل المدين من الخراب بتراكم فوائد عشرات من السنين عليه - وهذا موجود في حالة المطالبة بالحق ذاته أو الحكم به فعلاً فيجب طبعًا وعقلاً أن تكون النتيجة واحدة
(Deux situations identiques se sauraient être régies d’une maniére différente).
2 - لأن روح القانون وغرض الشارع واضح وعلى الأخص من مراجعة محاضر تحضير القانون المدني الفرنسي من أنه لا يريد التفرقة بين الحالتين لأن المدين مهدد بالخراب في كلتيهما - والدائن مهمل من جهة أخرى في الصورتين.
3 - أن الحكم بمبلغ وفوائده هو في الواقع حكم بأصل الدين (يسقط بالمدة الطويلة) وحكم بجزء تبعي وهو الفوائد (تسقط بخمس سنوات).
4 - لا شيء يمنع الدائن قانونًا من التنفيذ بالفوائد كلما أراد لأنه غير ملزم بالحجز وفاءً لجميع مطلوبه وملحقاته في آنٍ واحد.
5 - (ويرى شخصي الضعيف) أن سقوط حق الدائن في المطالبة بفوائد المدة الزائدة على خمس سنوات لا يضره ضررًا بليغًا لأن له والحالة هذه الحق:
أولاً: في أصل دينه.
ثانيًا: في فوائد خمس سنوات من آخر عمل يقطع المدة.
وعلى هذا الرأي:
- دالوز: التعليقات الجديدة على القانون المدني (طبعة 1907) جزء (4) صحيفة (1965) نبذة (95) و(96) و(97) و(98).
- أوبري ورو طبعة (4) جزء (8) صحيفة (434).
- لوران - مدني - جزء (32) صحيفة (471) نبذة (448).
- بلانيول جزء (2) صحيفة (195) نبذة (639).
- فينيه Fenet محاضر تحضير القانون المدني الفرنسي جزء (15) صحيفة (298) و(299).
- المسيو دوهلس المستشار بمحكمة الاستئناف الأهلية سابقًا جزء (3) صحيفة (374).
- الدكتور محمد بك كامل مرسي الملكية والحقوق العينية صحيفة (417).
وقد حكمت محكمة الاستئناف المختلطة في 28 مارس سنة 1923 (مجلة القضاء والتشريع المختلطة سنة 1922 - 1923 أي جزء (35) صحيفة (324)) بما يأتي:
(La déeision de justice qui condamne au paiement d’un capital et des intérêts sans capitaliser les intérêt leur laisse leurs caractêres d’arriérages payables périodiquement ou par termes en les rendant ainsi sujets à la prescription quinquennale..)
أي أن الحكم بمبلغ وفوائده (بدون تجميد الفوائد) لا يسلب هذه الفوائد صفة (المتأخرات والملحقات الواجب دفعها دوريًا أو على أقساط – وبالتالي لا يمنع من سقوطها بمضي خمس سنوات).
وقد حكمت محكمة الاستئناف الأهلية بتاريخ 6 مايو سنة 1925 (في الاستئناف نمرة (423) سنة 42 قضائية (المرفوع مني شخصيًا ضد حضرة الدكتور حسين أفندي همت بصفاته)) بالدائرة المدنية رياسة سعادة محمد بك مصطفى وبعضوية حضرتي صاحبي العزة شاكر بك أحمد المستشار ومحمد بك نور القاضي المنتدب - بسقوط الحق في الفوائد المحكوم بها بمرور خمس سنوات عليها من آخر عمل.
أحمد منيب
المحامي بالمحاكم المختلطة والاستئناف الأهلي والشرعي

ضريبة كسب العمل سؤال وجواب

لتحميل الملف اضغط الرابط التالي :
 www.4shared.com/file/213938614/b8b11888/____.html

سرية التحقيق وحق حضور المحامي في قانون الإجراءات الجنائية الجديد

مجلة المحاماة – العدد الثاني
السنة الحادية والثلاثون سنة 1950
سرية التحقيق وحق حضور المحامي
في قانون الإجراءات الجنائية الجديد
لحضرة الأستاذ أحمد السادة المحامي
رأينا وقد أوشك العمل على تطبيق قانون الإجراءات الجنائية الجديد أن نشير إلى ما تضمنه القانون بشأن سرية التحقيق ومدى هذه السرية في حق حضور المحامي للتحقيق.
فبالرجوع إلى نص المادة (77) وما بعدها من القانون وأصلها في المشروع المقدم من الحكومة والمذكرة التفسيرية للقانون والتعليقات التي ثارت بشأنها في مضابط البرلمان نجد أنها قررت أن الأصل في التحقيق أنه غير سري على المتهم، إلا إذا قضت الضرورة بذلك, وقد كانت النيابة تتمشى دائمًا في تحقيقاتها على إمكان التفرقة بين المتهم ومحاميه, وأجازت لنفسها منع المحامي من الحضور مع المتهم وقت استجوابه، فأوجد القانون نصًا يحرم ذلك، وأصبح المتهم ومحاميه متلازمين بمقتضى النص الجديد، ولا يمكن الفصل بينهما، ومتى كان للمتهم في جناية محامٍ فإنه لا يجوز استجوابه إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد.
وقد ذكر مقرر المشروع في مجلس الشيوخ، تفسيرًا لنصوص القانون الجديد أيضًا إن للمحامي أن يطلع على المحضر قبل استجواب المتهم حتى يكون حضوره مجديًا وإلا أصبح حضوره أو عدم حضوره سواء, ويكون الحق الذي أعطى للمحامي خياليًا فاعترض على ذلك بوجوب استثناء حالة السرية، فإذا كان التحقيق سريًا فإنه يجب ألا يمكن المحامي من الاطلاع, وقد تمسكنا في اللجنة بوجوب اطلاع المحامي على التحقيق في هذه الحالة, ومع أن السرية في فرنسا أوسع منها في مصر, فإنه لا يجوز منع المحامي من الحضور في وقت استجواب المتهم والنص صريح في وجوب وضع دوسيه الدعوى تحت تصرف المحامي حتى يطلع عليه.
وقد سأل المرحوم محمود باشا حسن, وقد كان وزيرًا للدولة وقت عرض المشروع على مجلس الشيوخ حضرة المقرر فماذا يكون عمل المحامي عند حضور استجواب المتهم؟ أيعلمه كيف يجب عن الأسئلة؟ – فأجاب المقرر- للمحامي أن ينصح المتهم بعدم الإجابة عن الأسئلة التي توجه إليه في بعض الحالات أو أن يعترض على توجيه السؤال إليه - وإلا لما كانت هناك فائدة من النص على حضوره مع المتهم.
وقد سأل الشيخ المحترم محمود غالب باشا حضرة المقرر- هل السرية ممنوعة قطعًا على المحامي؟ فأجاب - هي ممنوعة في الاستجواب فقط، فلا يمكن استجواب المتهم منفردًا بحجة أن التحقيق سري… وهذا هو المقرر في فرنسا، ولا توجد حالة يقال فيها للمحامي أن التحقيق سري فلا تحضره، ومع ذلك فقد انتهينا إلى حل وسط، فجعلنا حق الاطلاع للمحامي على التحقيق مباحًا إلا إذا رأى المحقق غير ذلك، وفي هذه الحالة الخاصة يجب ألا يطلع المحامي على التحقيق.
وقد تم الاتفاق بين اللجنة وبين الحكومة على ذلك، ووضع النص المعروض على حضراتكم بهذا المعنى, فسأله غالب باشا - هل للمحامي حق الاطلاع حتى في حالة السرية؟
فأجاب المقرر- الأصل هو وجوب اطلاع المحامي على التحقيق، إلا إذا رأى القاضي منعه من ذلك بأمر صريح.
فمما تقدم يتضح مدى ما قرره القانون الجديد من ضمانات للمتهم وما خوله للمحامي من حضور استجواب موكله والاطلاع على الأوراق قبل الاستجواب وأن هذا الحق مطلق في التحقيق السري وأنه هو الأصل إلا إذا رأى قاضي التحقيق أن المصلحة في عدم تمكينه من الاطلاع على الأوراق قبل الاستجواب، فحتى في هذه الحالة - فقد فرض المشرع وجوب النص على هذا المنع بأمر كتابي صريح.

مدى اختصاص النيابة العامة بالفصل في مواد الحيازة



مجلة المحاماة – العدد الرابع


السنة الثانية والثلاثون سنة 1952

بحث

مدى اختصاص النيابة العامة بالفصل في مواد الحيازة لحضرة الأستاذ أحمد رفعت خفاجي وكيل نيابة ميت غمر

1 - تمهيد:

قد يتنازع شخصان على عقار أرضًا كان أم مبنى يدعى كلاهما أحقيته في حيازته فيتعرض كل منهما للآخر، وقد يغتصب شخص عقار آخر عنوة عنه وذلك باستعمال القوة أو بغير علمه وذلك بأن يضع يده عليه ليلاً ويزرعه إن كان أرضًا ويقيم فيه إن كان منزلاً، وقد يقيم شخص أعمالاً جديدة على أرضه أو على أرض غيره فينازعه آخر في إتمام هذه الأعمال، فما هي الجهة المختصة بالفصل في المنازعات التي تدور حول الحيازة، والتي تقرر بتمكين هذا أو ذاك من حيازة العقار؟

2 - صعوبة البحث:

ولعل ما دفعنا إلى هذا البحث ما لمسناه من الوجهة العملية – من أن النيابة العامة ممثلة في رجالها تضع نفسها حكمًا في مثل هذه المنازعات فتتصدى لمدى أحقية طرفي النزاع في حيازة العقار وذلك عندما تلجأ إليها جهة الإدارة للإفادة عما يتبع من تمكين زيد أو عمرو من حيازة العقار، وأن هذا الاتجاه جعلنا نتساءل عن السند القانوني لاختصاص النيابة العامة وهل هناك نص تشريعي يؤيد هذا الاختصاص وينظمه، وهل يمتد الاختصاص لأمور أخرى غير اختصاصها الأصلي الخاص بتحريك الدعوى العمومية ومباشرتها، هذا ما سنعالجه في هذا الصدد.

3 - أهمية البحث:

ولا يفوتنا أن نذكر بهذه المناسبة أن هذا البحث ليس بحثًا فقهيًا أي دراسة من الوجهة النظرية البحتة فحسب بل إن له نتائج عملية في غاية من الأهمية والخطورة فعلى ضوء هذا البحث يمكننا أن نعرف مدى حجية قرار النيابة في هذه المسائل وهل هو ملزم لطرفي الخصومة وما هو الجزاء المترتب على إصرار أحد طرفي النزاع على عدم تنفيذه وما هو مدى مسؤولية جهة الإدارة في عدم تنفيذه وهل لها أن تخالفه إذا رأت ضرورة لذلك حماية للأمن والنظام الاجتماعي.

4 - موقف القانون المدني وقانون المرافعات:

ولا شك أن الاختصاص بالفصل في مواد الحيازة موكول – بصفة أصلية - إلى القضاء المدني سواء أكان قضاء مستعجلاً أم عاديًا، ففي وسع أحد طرفي الخصومة أن يلجأ إلى المحاكم المدنية لتفصل في موضوع النزاع فتصدر حكمًا واجب التنفيذ لما يحمل من صيغة تنفيذية تلزم النيابة العامة ورجال الضبط بتنفيذ الأحكام الصادرة من الجهات القضائية.

ولما نشر القانون رقم (131) سنة 1948 المؤرخ في 16 يوليو سنة 1948 والخاص بإصدار القانون المدني تناول في القسم الثاني منه الحقوق العينية وأهمها حق الملكية وعالج في الفرع السابع من الفصل الثاني موضوع الحيازة كسبب من أسباب كسب الملكية وذلك في المواد (949) وما بعدها فتكلم عن الحيازة بصفة عامة ثم في دعاوى حماية الحيازة actions possessoires وهي:

1 - دعوى منع التعرض La complainte

2 - دعوى استرداد الحيازة La réimetegrande

3 - دعوى وقف الأعمال الجديدة La dénonciation de nouvelle oeuver

أما الأولى: ويقصد بها منع الاعتداء على الحيازة سواء أكان الاعتداء ماديًا باغتصابها أم قانونيًا بالادعاء أمام القضاء بأن الحيازة لغير الحائز فلقد جاء النص عليها في المادة (961) من القانون المدني التي تقرر:

(من حاز عقارًا واستمر حائزًا له سنة كاملة ثم وقع له تعرض في حيازته جاز له أن يرفع خلال السنة التالية دعوى بمنع هذا التعرض).

أما الثانية: ويقصد بها رد الحيازة إلى من اغتصبت منه بالقوة أو بغير علمه فلقد ورد ذكرها في المواد (958)، (959)، (960) من القانون المدني:

المادة (958): (1 - لحائز العقار إذا فقد الحيازة أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه فإذا كان فقد الحيازة خفية بدأ سريان السنة من وقت أن ينكشف ذلك.

2 - ويجوز أيضًا أن يسترد الحيازة من كان حائزًا بالنيابة عن غيره).

المادة (959): (1 - إذا لم يكن من فقد الحيازة قد انقضت على حيازته سنة كاملة وقت فقدها فلا يجوز أن يسترد الحيازة إلا من شخص لا يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل والحيازة الأحق بالتفضيل هي الحيازة التي تقوم على سند قانوني فإذا لم يكن لدى أي من الحائزين سند أو تعادلت سنداتهم كانت الحيازة الأحق هي الأسبق في التاريخ.

2 - أما إذا كان فقد الحيازة بالقوة فللحائز في جميع الأحوال أن يسترد خلال السنة التالية حيازته من المعتدى).

المادة (960): ( للحائز أن يرفع في الميعاد القانوني دعوى استرداد الحيازة على من انتقلت إليه حيازة الشيء المغتصب منه ولو كان هذا الأخير حسن النية).

أما الثالثة: ويقصد بها منع السير في أعمال لو تمت لكونت اعتداءً ماديًا على حيازة العقار أو على حق مقرر عليه ولقد ورد ذكرها في المادة (962) من القانون المدني التي تنص:

(1 - من حاز عقارًا واستمر حائزًا له سنة كاملة وخشي لأسباب معقولة التعرض له من جراء أعمال جديدة تهدد حيازته كان له أن يرفع الأمر إلى القاضي طالبًا وقف هذه الأعمال بشرط ألا تكون قد تمت ولم ينقض عام على البدء في العمل الذي يكون من شأنه أن يحدث الضرر.

2 - وللقاضي أن يمنع استمرار الأعمال أو أن يأذن في استمرارها وفي كلتا الحالتين يجوز للقاضي أن يأمر بتقديم كفالة مناسبة تكون في حالة الحكم بوقف الأعمال ضمانًا لإصلاح الضرر الناشئ من هذا الوقف متى تبين بحكم نهائي أن الاعتراض على استمرارها كان على غير أساس وتكون في حالة الحكم باستمرار الأعمال ضمانًا لإزالة هذه الأعمال كلها أو بعضها إصلاحًا للضرر الذي يصيب الحائز إذا حصل على حكم نهائي في مصلحته).

وحقيقة الأمر أن تفسير هذه المواد وشرحها شرحًا مفصلاً محله القانون المدني وقانون المرافعات ويكفينا أن نقرر في هذا المقام أن الحيازة التي يحميها القانون بمقتضى هذه الدعاوى الثلاث هي الحيازة الهادئة raisible الظاهرة publique غير الغامضة non équivoque المستمرة مدة سنة على الأقل والمحكمة المختصة بالفصل في هذه الأمور هي محكمة المواد الجزئية وذلك طبقًا لما ورد في المادة (47) من القانون رقم (77) سنة 1949 الخاص بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية والتي تنص:

(تختص محكمة المواد الجزئية بالحكم ابتدائيًا:

( أ ) (دعاوى الحيازة…)

ولا شك أن المحكمة الجزئية المختصة هي المحكمة التي يقع في دائرتها العقار محل النزاع إذ أن هذه الدعاوى دعاوى عينية عقارية وذلك تطبيقًا لنص المادة (56) من قانون المرافعات.

(في الدعاوى العينية العقارية ودعاوى الحيازة يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو أحد أجزائه إذا كان واقعًا في دوائر محاكم متعددة).

ويجب ملاحظة هذه الدعاوى الثلاث قد ترفع بصفة عاجلة أمام محكمة الأمور المستعجلة وذلك إذا تبين أن الدعوى متعلقة بمسائل مستعجلة يخشى عليها من فوات الوقت كما يجب ملاحظة أن الأحكام الصادرة في هذه الدعاوى قابلة للطعن فيها بطريق الاستئناف.

5 - عدم اختصاص النيابة العامة:

وفي كثير من الأحوال لا يلجأ أحد طرفي النزاع إلى القضاء المدني ليفصل فيه ويقول كلمته في من له الحق في حيازة العقار محل النزاع وإنما يظل يتعرض لخصمه تعرضًا ماديًا فيقابل خصمه التعرض بالتعرض مما يؤدي إلى تكدير صفو السلام أو مما قد يتطور الأمر فيعتدي كل طرف على الآخر وترتكب جرائم ضد النفس تتفاوت في خطورتها حسب الظروف منها جرائم الضرب المفضي إلى الموت المعاقب عليها في المادة (236) من قانون العقوبات أو جرائم الضرب الذي ينشأ عنه عاهة مستديمة المعاقب عليها في المادة (240) من القانون المذكور.

فهل يجوز للنيابة العامة أن تتدخل في هذا النزاع وتصدر قرارًا واجب التنفيذ على طرفي النزاع وتراقب تنفيذه جهة الإدارة خاصة وأن في وسع من صدر القرار في غير صالحه أن يلجأ إلى القضاء المدني على النحو السابق شرحه كي يحصل على حكم في الخصومة يحمل الصيغة التنفيذية يتعين تنفيذه بمعرفة النيابة العامة والإدارة ويجعل قرار النيابة السابق لا حجية له بصدد هذا الحكم القضائي.

هذا هو الجاري عليه العمل الآن بين بعض رجال النيابة العامة.

إلا أن الباحث في النصوص القانونية لا يجد نصًا يخول للنيابة العامة هذا الاختصاص فضلاً عن أن روح فقه قانون تحقيق الجنايات لا يؤيد هذا الاتجاه.

فلقد نص قانون تحقيق الجنايات على أن اختصاص النيابة بصفة أصلية هو تحريك الدعوى العمومية mise en mouvement ومباشرتها exercise فالنيابة العامة وهي التي تنوب عن الهيئة الاجتماعية تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية طالبة الحكم على الجاني توطئة لتنفيذ العقوبة عليه.

كما صدر بعض قوانين مستقلة خولت للنيابة العامة اختصاصات أخرى غير هذا الاختصاص الأصلي وهي:

1/ التدخل في الدعاوى المدنية والتجارية أمام القضاء المدني والتجاري وذلك إما بصفة أصلية: كما جاء في المادة (196) من قانون التجارة التي تجيز للنيابة العامة أن تطلب بدعوى مبتدئة الحكم بإشهار إفلاس التاجر المتوقف عن الدفع – وكما جاء في القانون المدني الجديد في المادة (96) منه أنه يجوز للنيابة العامة أن تطلب من المحكمة الابتدائية الحكم بحل جمعية من الجمعيات. ففي هاتين الحالتين ترفع النيابة هذه الدعاوى بصفة أصلية، وأما أنها تتدخل بصفتها طرفًا منضمًا وهي ما أوجبه القانون في المسائل الحسبية والأحوال الشخصية المتعلقة بالأجانب وإلا كان الحكم باطلاً ومظهر هذا التدخل هو الاطلاع على أوراق القضية وتقديم مذكرات فيها.

2/ المحافظة على حقوق القصر وعديمي وناقصي الأهلية وذلك تنفيذًا لقانون المحاكم الحسبية رقم (99) سنة 1947 المعدل بالقانون رقم (126) سنة 1951.

3/ إقامة الدعاوى التأديبية على رجال القضاء وموظفي المحاكم.

4/ الحضور في الجمعية العمومية التي تعقد بالمحاكم لترتيب الأعمال القضائية.

5/ إدارة الأعمال المتعلقة بنقود المحاكم وتفتيش صندوق الأمانات والودائع.

6/ ملاحظة وتفتيش السجون وذلك ضمانًا لتنفيذ القوانين واللوائح الخاصة بها.

هذا هو الاختصاص الأصلي للنيابة العامة وكذا الاختصاصات الأخرى المعطاة لها بناءً على نصوص قانونية صادرة بقوانين خاصة - أما اختصاصها بالفصل في مواد الحيازة فلم يرد ذكره في نص قانوني ما، هذا من جهة نصوص القانون.

أما من جهة روح القانون فالنيابة العامة أنشئت لتحريك الدعوى العمومية ومباشرتها أي لاتخاذ الإجراءات القانونية لضبط الجرائم وتقديم المجرمين للمحاكمة فليس لها أي اختصاص إداري آخر، فالنيابة العامة وإن كانت تابعة للسلطة التنفيذية ممثلة في شخص وزير العدل فإن اختصاصها محدود بنصوص القانون ينصب أساسًا وبصفة أصلية على الدعوى العمومية أي مباشرة حق التحقيق والاتهام ومن ثم ليس لها أي شأن بالأمن العام وضمان سلامته والمحافظة على حسن سيره إذ أن هذا من صميم اختصاص جهة الإدارة التي تتبع في النهاية إلى وزير الداخلية وبالتالي ليس للنيابة العامة أن تتدخل في المنازعات القائمة بين الأفراد والتي لا تكون جريمة ما، بل والتي ربما تؤدي إلى ارتكاب جريمة طالما أن جريمة ما لم تقع، فإذا تنازع زيد مع عمرو على عقار كلاهما يدعى حيازته وأحقيته في ملكيته وتعرض كل منهما للآخر ولم يلجأ كلا الطرفين للقضاء المدني فلا يسوغ للنيابة العامة أن تقحم نفسها في هذا النزاع المدني فتفصل فيه لأنها ليست جهة قضاء مدني كما أن ليس لها أن تنهي النزاع بين الطرفين ولو مؤقتًا فتصدر قرارًا في موضوع الحيازة محافظة على السلم العام وذلك لأنها ليست الجهة المختصة بالمحافظة على الأمن العام واتخاذ الإجراءات اللازمة لعدم تكدير صفوه.

وما يجب الإشارة إليه في هذا الشأن أن ما تقدم ينصب على النزاع حول الحيازة الذي لا يكون جريمة.

أما إذا كون النزاع بين الطرفين جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات تعين على النيابة العامة أن تتدخل فتباشر حقها في الاتهام مثال ذلك ما نص عليه قانون العقوبات في المادتين (369) و (370) عقوبات.

م 369 – (كل من دخل عقارًا في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة أو بقصد ارتكاب جريمة فيه أو كان قد دخله بوجه قانوني وبقى فيه بقصد ارتكاب شيء مما ذكر يعاقب…).

م 370 – ( كل من دخل بيتًا مسكونًا أو معدًا للسكنى أو في أحد ملحقاته أو في سفينة مسكونة أو في محل معد لحفظ المال وكانت هذه الأشياء في حيازة آخر قاصدًا من ذلك منع حيازته بالقوة أو ارتكاب جريمة فيها أو كان قد دخلها بوجه قانوني وبقى فيها بقصد ارتكاب شيء مما ذكر يعاقب… ).

وأركان هاتين المادتين هي دخول عقار بصفة غير مشروعة أي بدون إذن حائزة أو رغم إرادته وكان هذا العقار في حيازة آخر ويقصد بالحيازة هنا الحيازة هنا الحيازة الفعلية كاملة كانت أم ناقصة، وذلك بقصد منع حيازة الحائز بالقوة، فيجب أن يعلم الجاني أن العقار الذي دخله في حيازة شخص آخر فإذا اعتقد بحسن نية أن العقار في حيازته هو وأن الحائز مغتصب له إن كان يعلم أن العقار في حيازة آخر ودخله دون أن يقصد منع حيازته بالقوة أو ارتكاب جريمة فيه أو أن يضع يده على عقار في غياب صاحبه أو يدخل عقارًا بقصد امتناع حائزة بأحقيته في الحيازة دون أن يستعمل القوة أو استأجر عقارًا ثم انتهت إجازته وبقي في العين محل الإيجار فلا جريمة في كل هذه الأحوال.

فإذا استوفيت أركان هاتين المادتين وجب على النيابة العامة أن ترفع الدعوى العمومية، أما إذا لم تستوفِ هذه الأركان فلا جريمة في الأمر ومن ثم فلا اختصاص للنيابة العامة في هذا النزاع.

6 - ما هي الجهة المختصة:

ولكن إذا سلمنا أن النيابة العامة غير مختصة بالفصل في مواد الحيازة فأين الجهة المختصة التي يمكن الالتجاء إليها للفصل فيها ما دام أحد الطرفين لم يطرح النزاع على القضاء المدني وذلك رغبة في حماية الأمن والنظام ؟!

لعل الرجوع إلى فكرة التفرقة بين الضبطية الإدارية أو الضبط الإداري والضبطية القضائية أو الضبط القضائي هو الذي يسعفنا للإجابة على هذا السؤال:

فالضبطية الإدارية هي التي من وظيفتها حفظ الأمن العام باتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع وقوع الجرائم، وتحقيق ذلك متروك لسلطان السلطة الإدارية فلها أن تعمل على تنفيذ القوانين فتراقب تنفيذها وتمنع المحكومين من مخالفتها ولها أن تصدر أوامر إدارية actes administratifs للمحافظة على الأمن والسلام في الداخل، والضبطية الإدارية يباشرها رجال الإدارة بالمديريات والمحافظات والمدن والقرى.

أما الضبطية القضائية فمن وظيفتها البحث عن الجرائم وإثبات حالتها ومرتكبيها وجمع الأدلة على ارتكابها ورفع الدعوى العمومية على الجانين أي جمع عناصر التحقيق والاتهام ورجال الضبطية القضائية نصت عليهم المادة الرابعة من قانون تحقيق الجنايات وهي المقابلة للمادة (23) من قانون الإجراءات الجنائية وأعضاء النيابة العامة هم رؤساء رجال الضبطية القضائية.

فإذا تنازع شخصان على قطعة أرض أو مبنى يدعى كلاهما حيازته وأحقيته في وضع يده عليه دون الآخر وكلاهما يتعرض للآخر وقد يستفحل بينهما النزاع فيخشى من وقوع جرائم ضد النفس فيختل الأمن ويفسد النظام فمن المختص بالفصل في هذا النزاع بصفة مؤقتة ؟ ومن المختص بإصدار قرار فيه يكفل حفظ الأمن والنظام ؟؟

لا شك أن الضبطية الإدارية أي جهة الإدارة هي التي يقع على كاهلها المحافظة على الأمن ومنع وقوع الجرائم ولها بسبيل ذلك أن تتخذ الاحتياطات التي ترى لزومها لضمان ذلك كما لها أن تصدر أوامر وقرارات تعتقد وجوبها حسمًا للنزاع ومنعًا لاحتكاك طرفيه خشية وقوع جرائم فلها أن تصدر أمرًا بتمكين زيد أو تمكين عمرو من حيازة العقار موضوع النزاع أو رفع يد كليهما مع تكليف كل منهما في كل الأحوال بالالتجاء إلى القضاء المدني للحصول على حكم في الخصومة والحقيقة أنها عند ما تباشر ذلك إنما تباشر عملاً من صميم اختصاصها وذلك بصفتها الهيئة المهيمنة على الأمن والتي من وظيفتها منع وقوع الجرائم وحسبها أن تصدر قرارها مستهدية بما يستوجبه حماية الأمن والنظام الاجتماعي كما أن في وسع من صدر قرار جهة الإدارة في غير صالحه أن يسرع فيلجأ إلى القضاء المدني ليحصل على حكم في الحيازة واجب التنفيذ لما يحمل من صيغة تنفيذية كما أن في وسعه أن يتظلم من القرار الإداري الصادر من جهة الإدارة إلى مجلس الدولة وهي جهة القضاء الإداري فله أن يطلب إما إلغاء هذا القرار أو طلب التعويض اللازم عن الضرر الذي حدث لديه من جراء هذا القرار إذا استوجب مسؤولية جهة الإدارة.

7 - خاتمة:
وخلاصة البحث: أن الرأي الصحيح - في اعتقادنا - أن الاختصاص في مواد الحيازة أساسًا وبصفة أصلية وعادية معقود لجهة القضاء المدني يفصل فيه على هدى من القواعد المقررة في فقه القانون المدني وفقه قانون المرافعات، أما إذا تراخى كلا الطرفين ولم يلجأ للقضاء المدني وفضل التشاحن والتعرض لخصمه في العقار موضوع النزاع فلا تختص النيابة العامة بالفصل في هذا النزاع، اللهم إلا إذا لبس النزاع حول الحيازة ثوب الجريمة المنصوص عليها في المادتين (369)، (370) من قانون العقوبات، وحسب جهة الإدارة أن تفصل فيه إما بتمكين أحدهما من حيازة العقار موضوع النزاع أو رفع يدهما عنه وتكليفهما في كلتا الحالتين بالالتجاء للقضاء المدني وذلك مع مراعاتها للحق والعدالة والقانون من جهة وحمايتها للأمن والنظام الاجتماعي من جهة أخرى.

إعانة الجناة على الفرار

مجلة المحاماة - العدد الأول
السنة السادسة - عدد أكتوبر 1925 - 1926
إعانة الجناة على الفرار
بحث في تحديد نطاق المادة (126) مكررة من قانون العقوبات الأهلي
محور البحث:
هل يكفي لصحة تطبيق المادة (126) مكررة (ع) وجود متهم حصلت معونته على الفرار أم لا بد من أن يثبت أن هذا المتهم (جانٍ) حكم نهائيًا بإدانته ؟ وهل يقع تحت طائل هذه المادة من أعان على الفرار متهمًا حكم نهائيًا ببراءته ؟
نص المادة:
(كل من علم بوقوع جناية أو جنحة أو كان لديه ما يحمله على الاعتقاد بوقوعها وأعان الجاني بأي طريقة كانت على الفرار من وجه القضاء إما بإيواء الجاني المذكور وإما بإخفاء أدلة الجريمة وإما بتقديم معلومات تتعلق بالجريمة وهو يعلم بعدم صحتها أو كان لديه ما يحمله على الاعتقاد بذلك يعاقب طبقًا للأحكام الآتية):
(إذا كانت الجريمة التي وقعت يعاقب عليها بالإعدام تكون العقوبة الحبس مدة لا تتجاوز سنتين).
(وإذا كانت الجريمة التي وقعت يُعاقب عليها بالأشغال الشاقة أو السجن تكون العقوبة بالحبس مدة لا تتجاوز سنة أو بغرامة لا تزيد عن خمسين جنيهًا).
(أما في الأحوال الأخرى فتكون العقوبة الحبس مدة لا تتجاوز الستة شهور أو غرامة لا تتجاوز عشرين جنيهًا وعلى كل حال لا يجوز أن تتعدى العقوبة الحد الأقصى المقرر للجريمة نفسها ولا تنطبق أحكام هذه المادة على الزوج أو الزوجة أو أصول أو فروع الجاني).
أركانها أربعة:
1 - جانٍ.
2 - العلم أو وجود ما يحمل على الاعتقاد بوجود جناية أو جنحة ارتكبها ذلك الجاني.
3 - إعانة على الفرار.
4 - حصول الإعانة إما:
( أ ) بإيوائه.
(ب) بإخفاء أدلة الجريمة.
(جـ) بتقديم معلومات غير صحيحة مع العلم بذلك.
الغرض منها ومأخذها:
الباب الثامن من الكتاب الثاني من قانون العقوبات خاص بموضوع (هرب المحبوسين وإخفاء الجناة)، والمادة (126) الأصلية من هذا الباب خاصةً بإخفاء الجناة وإعانتهم على الفرار من وجه القضاء.
وبمراجعة نص المادة (126) الأصلية يتضح أنه قاصر على معاقبة من يعين شخصًا على الفرار بشرط أن يكون هذا الشخص أما مقبوضًا عليه أو موجهًا إليه اتهام بجناية أو جنحة أو صادرًا في حقه أمر بالقبض عليه، أما إذا لم يكن واحدًا من هؤلاء الثلاثة فما كان نص تلك المادة ولا نص أي مادة في ذلك الباب ينطبق على من يساعده على الفرار من وجه القضاء.
وفي سنة 1912 طرأت ظروف سياسية اقتضت التشديد في وضع الوسائل المانعة لتسهيل إفلات المجرمين من يد القانون حتى وقبل أن تتجه إليهم عين السلطة بالقبض عليهم أو بتوجيه الاتهام إليهم أو بإصدار أوامر بضبطهم، فمست الحاجة إلى وضع تشريع جديد يكفل معاقبة من يساعد الجناة على الفرار من وجه القضاء ولو كانت جرائمهم لا تزال بعيدة عن عين السلطة ذات الاختصاص.
فلهذا لجأ المشرع المصري إلى قانون العقوبات السوداني فاستعار منه المادة (165) المأخوذة بدورها عن المادة (201) من قانون العقوبات الهندي وإفراغ تشريعه الجديد في قالب المادة (126) مكررة التي أضيفت إلى قانون العقوبات المصري الأهلي بدكريتو 8 يونيو سنة 1912 قانون رقم (12).
نطاق المادة المكررة:
يتضح من الغرض الذي من أجله وضعت المادة المكررة أن المشرع أراد التوسع ليسد الفراغ الذي تركته المادة الأصلية، ولكن هذا التوسع محدود بالغرض الذي دعا إليه، فإن كان المشرع قد أطلق الأحوال التي يكون فيها الشخص الذي تعتبر مساعدته جريمة دون تقييد بحالة من الأحوال الثلاثة المتقدمة الذكر فإنه أيضًا قد اشترط من جهة أخرى أن يثبت أن الشخص الذي حصلت معونته قد ارتكب فعلاً محرمًا سوعد على الإفلات من تبعته ولم يكتفِ المشرع لقيام اتهام لا أساس له من الحقيقة، وهذا هو محور بحثنا الآن.
فقه المحاكم:
انقسمت آراء المحاكم في هذا الموضوع إلى شعبتين، منها القائل بضرورة وجود (جانٍ) ارتكب فعلاً، ومنها القائل بكفاية وجود اتهام.
الرأي الأول:
(لا تنطبق المادة (126) مكررة (ع) إلا على الإعانة المقدمة للجاني ومن ثم لا تسري أحكام هذه المادة على من أعطى معلومات كاذبة للنيابة بقصد إعانة شخص كان متهمًا وقتئذٍ وحكم بعد ذلك ببراءته).
- أسيوط، استئناف، 15 إبريل سنة 1913 مج سنة 14 صـ 185.
الرأي الثاني:
1 - (تنطبق المادة (126) مكررة (ع) على الإعانة المقدمة إلى أي متهم ولا تقتصر على الجاني فقط لأن الغرض من المادة (126) مكررة هو التوسع في أحكام المادة (126) حتى تشمل كل إعانة معنوية تقدم للمتهم أثناء التحقيقات الابتدائية أما إذا قصرت على الإعانة المقدمة للجاني بحصر اللفظ فيمن حكم عليهم نهائيًا فقد يترتب على ذلك تسهيل طرق الفرار للجناة الحقيقيين ونجاة من يعينهم من طائلة العقاب).
- طنطا، استئناف، 3 أكتوبر سنة 13 مج سنة 15 صـ 18.
2 - (إن الجاني الذي تشير إليه المادة (126) مكررة هو الشخص الذي يظن أنه مجرم أو يحتمل أن يكون مرتكبًا للجريمة وليس الشخص الذي يحكم عليه نهائيًا لأن المادة (126) القديمة التي كانت تقضي بمعاقبة كل من يساعد شخصًا مقبوضًا عليه أو متهمًا بجناية أو جنحة أو صادرًا في حقه أمر بالقبض عليه وذلك مع عدم الالتفات مطلقًا إلى ما يكون من نتيجة الدعوى المرفوعة عليه، فالإصلاح الذي قصده المشرع هو إذن معاقبة كل من يساعد شخصًا لم يكن مقبوضًا عليه أو متهمًا في جناية أو جنحة أو صادرًا في حقه أمرًا بالقبض عليه ولم يضع الشارع أي تعديل للشروط اللازمة لتطبيق القانون ولا جعل تلك المساعدة المعاقب عليها معلقة على نتيجة الدعوى الأصلية المرفوعة على الشخص المساعد، أما تفسير القانون بخلاف ذلك فلا ينتج عنه فقط تطبيق القانون الجديد ضمن دائرة تضيق جدًا عن القانون القديم بل تكون نتيجته أيضًا ضياع كل الفائدة الحقيقية التي يرمي إليها القانون الجديد).
- نقض 23 مايو سنة 1914 حقوق سنة 29 صـ 314.
الرأي الذي نؤيده:
نؤيد الرأي الأول، فنرى أنه يشترط لصحة تطبيق المادة المكررة ولإمكان معاقبة المساعد ثبوت وقوع جريمة ممن حصلت مساعدته وأنه يجب أن يكون هذا الشخص (جانيًا)، ولا يكفي أن يكون متهمًا تهمة لا أساس لها في الواقع خصوصًا إذا ثبتت براءته بحكم نهائي، ونؤيد هذا الرأي بما يأتي:
1 - تعبير المشرع في المادة المكررة صريح في ذلك المعنى، فقد عبر عمن تعتبر مساعدته على الفرار جريمة بلفظ (جانٍ) مخالفًا في ذلك ما اعتاده من التعبير على مثل هذا الشخص في المادة الأصلية بل وفي كافة مواد هذا الباب.
ومعلوم أن الشخص لا يسمى (جانيًا) إلا إذا حكم نهائيًا بإدانته وواجب مفسر القانون أن يقف عند صراحة نصه، وألا يهمل مدلول ألفاظه التي لا تحتمل تأويلاً.
2 - وإذا كان هذا النص الصريح بحاجة إلى تأويل فإن خير مفسر له هو المشرع الذي أصدره فهو أقدر من سواه على تفسير تشريعه.
ولقد جاء بتقرير لجنة مجلس شورى القوانين التي نيط بها فحص هذا القانون الجديد ما يأتي حرفيًا:
(وترى اللجنة أنه يجب أن يكون الجاني قد حكم بإدانته نهائيًا لارتكابه تلك الجناية أو الجنحة نفسها، لأنه قد يحصل أن الجاني لا يضبط إلا بعد أن يحكم على المتهم بمساعدته على الفرار حكمًا نهائيًا ثم يقدم الجاني الأصلي للمحكمة فتبرئه، فمنعًا لوقوع مثل هذا الخطأ الذي يؤسف له كثيرًا - وقد لا يمكن تلافيه - يجب ألا يحاكم المتهم بتسهيل الفرار لجانٍ إلا بعد الحكم نهائيًا بإدانة ذلك الجاني).
(وقد أرادت اللجنة أن تنص صريحًا على ذلك في المشروع فأجابها سعادة ناظر الحقانية بأن نص المادة الأصلي يفيد ذلك لأنه عبر عن مرتكب الجناية أو الجنحة الذي أعانته المتهم على الفرار من وجه القضاء (بالجاني) وليس بالمتهم ولا شك أن كل متهم لا يكون جانيًا إلا إذا حكم عليه نهائيًا).
3 - فهذا التفسير التشريعي صريح في تأييد ما نقول به، ومما يزيد ذلك المعنى وضوحًا أقوال العلماء وأحكام المحاكم التي أخذنا عن تشريعهم قانوننا الجديد، فلقد جاء بتعليقات ماين على قانون العقوبات الهندي صحيفة 185 تعليقًا على المادة (201) وهي الأصل المستقى منه نص مادتنا المكررة ما يأتي:
(It is essential to show that a criminal offence has been in fact committed). )R. V. Subramenye، 3 mad. H. C. 251 S. C. weir, 57 [80].)
أي أنه من المحتم إثبات وقوع جريمة بالفعل.
4 - ومما يؤكد نية المشرع هذه من أنه لا يكفي قيام المتهم بل يجب ثبوت جريمة (جناية أو جنحة) أن المادة التي نفسرها نصت على أن يكون عقاب المساعد متناسبًا مع العقوبة المقدرة للجريمة (التي وقعت) مما يدل على أنه يلزم إثبات أن جريمة وقعت فعلاً.
ويزداد هذا المعنى جلاء بملاحظة أن من أركان هذه المادة العلم بوقوع جريمة وبديهي أن العلم بالشيء يستلزم وجوده حقيقة وفي الواقع لأن العلم بالمعدوم لا يكون علمًا بشيء، ويعتبر عالمًا بوقوع الجريمة من أحاطت به ظرف تحمله على الاعتقاد بوقوعها.
ملاحظات على حكم النقض:
يحسن بنا لكي يخلص الرأي الذي ندافع عنه من كل شائبة أن نرد قبل ختام هذا البحث على ما ورد بحكم النقض السابق ذكره من اعتراضات.
وقبل مناقشة هذا الحكم نريد ألا نعرف له قوة أكثر مما في أسبابه من قوة، دون أن يحول احترامنا له باعتباره صادرًا من أكبر هيئة قضائية في البلاد من أن نعتبره لم يقفل باب المناقشة في تفسير تلك المادة من جديد.
ولنا في ذلك بمحكمة النقض ذاتها أسوة، فإنها لم ترَ أن تتقيد بتفسير المشرع لهذا القانون ولم ترَ أن تفسيره يحول دون اجتهادها.
( أ ) أخطأت المحكمة حين رفضت الأخذ بالتفسير التشريعي لكلمة جانٍ لأنها بررت رفضها بأن رأي مجلس الشورى كان استشاريًا وغير ملزم وفاتها أن ذلك التفسير إنما صدر من المجلس ممثلاً في لجنته ومن الحكومة ممثلة في وزيرها وكل من المجلس والحكومة معًا هما الهيئة التشريعية بالمعنى الدقيق ورأيها ملزم طبعًا وفي قوة القانون.
أما قول المحكمة أن ناظر الحقانية لم يبدِ هذا الرأي بصفة رسمية فلا يعتبر معبرًا عن رأي الحكومة فمردود بداهةً إذ كيف يتصور أن ناظر الحقانية عند قيامه بواجبه حين مناقشة قانون مقدم للهيئة النيابية لا يكون قائمًا بعمله بصفة رسمية.
(ب) وبنت المحكمة رأيها على أن القانون الجديد موسع للنص الأصلي فلا يعقل أن يضيق المشرع نطاق المادة المكررة عن نطاق المادة الأصلية التي لم تكن تشترط ثبوت وقوع جريمة ولا وجود (جانٍ).
ولكن المتأمل في نص المادة المكررة يجد أن التوسع المراد إدخاله على نصوص هذا الباب إنما هو في ناحية واحدة من نواحي المادة الأصلية فهو قاصر على إطلاق الأحوال التي يكون فيها الشخص الذي تعتبر مساعدته على الفرار جريمة فقد كانت المادة (126) تقيدها بأحد ثلاثة أحوال الأولى أن يكون مقبوضًا عليه والثانية أن يكون موجهًا إليه اتهام بجناية أو جنحة والثالثة أن يكون صادرًا في حقه أمر بالقبض عليه، أما المادة المكررة فقد اعتبرت مساعدة الشخص ولو كان في غير هذه الأحوال جريمة.
إلا أن المشرع أحسن عند ما قيد هذا الإطلاق الواسع بضرورة ثبوت جريمة جدية وقعت فعلاً حتى يبرر تداخله بمعاقبة من يساعد مثل ذلك الشخص وذلك دفعًا لما يخشى من إساءة تطبيق هذه المادة، كذلك أحسن المشرع عند ما قيد هذا الإطلاق بتحديد أنواع المساعدة التي تعتبر جريمة بأن قصرها على ثلاثة أنواع الأول إيواء الجاني والثاني إخفاء أدلة الجريمة، والثالث تقديم معلومات كاذبة وهذا التحديد ينفي ما قالته محكمة النقض من أن المشرع أراد التوسع في جميع نواحي المادة الأصلية إذ أن هذه المادة كانت تعاقب على كل مساعدة أيًا كانت، فجاء النص المكرر محددًا لهذا الإطلاق.
وأي حكمة يقصدها المشرع بمعاقبة شخص ساعد بريئًا على الإفلات من اتهام غير صحيح ؟! لم يقصد المشرع بهذا النص المكرر أن يعاقب على مجرد الكذب أمام المحققين فإن لذلك نصوص أخرى كفيلة بتجريمه مثل جريمة التزوير وشهادة الزور، كما أنه ليس هناك أي خطر يمكن دفعه بمعاقبة من يعين شخصًا لم يرتكب إثمًا على الهرب من تهمة ألصقت به بغير حق.
(جـ) رأت المحكمة كذلك أن في تعليق عقاب المساعد على نتيجة الفصل في التهمة الأصلية تشجيع للطرق التدليسية لأنه يكفي للتخلص من أية عقوبة أن يقدم المساعد للجاني مأوى لحين وفاته أو سقوط الدعوى العمومية أو يتقن إثبات الكذب الذي أدلى به لكي يضمن النجاح في تهريب الجاني من وجه القضاء.
وتلك حجة واهية، لأن الحكم بإدانة الجاني غير متوقف على القبض عليه فمحاكمته جائزة غيابيًا، وأن الثقة التي في الأحكام باعتبارها عنوانًا للحقيقة تقلل إلى حد الندرة ما توهمته المحكمة من خطر يقل كثيرًا عما تتعرض له الهيئة الاجتماعية من ضرر بسبب عقاب من يعين بريئًا على إثبات براءته وتنجيته من اتهام غير صحيح.
(د) أما ما قالته المحكمة من أن اشتراط وجود جانٍ يفتح بابًا يفلت منه من يساعدون مجرمًا حالت أسباب الإباحة وموانع العقاب من إدانته فقول مردود لأن من ارتكب فعلاً وهو متمتع بسبب من أسباب الإباحة يكون أتى أمرًا مباحًا فلا محل لأن نخشى خطرًا ممن يساعدونه على الخلاص من مسؤولية لا وجود لها، وأما من ارتكب أمرًا وقام به سبب من أسباب موانع العقاب فإن مساعدته على الفرار معاقب عليها ولا يتعارض ذلك مع الرأي الذي ندافع عنه لأن هذه الأسباب شخصية بذات من اتصف بها ولا تتعداه إلى غيره كما هي قاعدة الاشتراك الجنائي.
ومهما كان الحال فإن المشرع لم يفكر مطلقًا في تشجيع الاتهام المبني على الوهم ولا يتصور أنه أراد أن يحوطه بأي ضمان.
عبد الرحيم غنيم
المحامي