--------------
" الوقائع "
في يوم الاثنين الموافق 17/ 10/ 2016 أودع وكيل الطاعن تقريرا بالطعن
قيد بسجلات المحكمة برقم 4113 لسنة 63ق. عليا، في قرار مجلس تأديب أعضاء هيئة
التدريس بجامعة دمياط الصادر بجلسة 25/ 9/ 2016 في الدعوى رقم 9 لسنة 2015، القاضي
" بمجازاة المحال بعقوبة العزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة " .
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الأمر بوقف تنفيذ
القرار المطعون فيه، ثم القضاء بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه
وببراءته مما هو منسوب إليه .
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق .
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن
ارتأت في ختامه الحكم أصليا : بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه من غير ذي صفة.
واحتياطيا : بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه، وبإعادة
الأوراق إلى جامعة دمياط لاتخاذ ما تراه .
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون والتي قررت إحالته إلى هذه المحكمة
حيث نظر بجلسة 14/ 10/ 2017 وفيها قررت حجز الطعن ليصدر فيه الحكم بجلسة 18/ 11/
2017 ثم قرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر وأودعت
مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
---------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانونا، فمن ثم
يتعين القضاء بقبوله شكلا .
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ
22/ 12/ 2015 صدر قرار رئيس جامعة دمياط رقم 1140 لسنة 2015 بإحالة أ.د / .......
عميد كلية التربية النوعية بدمياط - الطاعن - إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس
لمحاكمته تأديبيا لما هو منسوب إليه من خروجه على مقتضى الواجب الوظيفي والأعراف
والتقاليد الجامعية، حيث قام بمعاكسة الطالبة / ........... - بالفرقة الرابعة
شعبة التربية الفنية بكلية التربية النوعية بدمياط، وطالبات أخريات بذات الكلية
والتحرش بهن لفظيا عن طريق المحادثات التي دارت بينه وبينهن على صفحته الشخصية من
خلال موقع التواصل الاجتماعي " الفيس بوك " على النحو الموضح بأوراق
التحقيق تفصيلا .
وقيدت الدعوى بسجلات مجلس التأديب برقم 9 لسنة 2015 وتدوولت بجلسات
المرافعة أمامه على النحو المبين بالمحاضر . وبجلسة 25/ 9/ 2016 قرر المجلس "
مجازاة المحال - الطاعن - بعقوبة العزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو
المكافأة " وشيد قراره على أساس أن الثابت من الأوراق المقدمة في الدعوى وفي
مجال إثبات الوقائع المنسوبة إلى المحال وبعد سماع أقوال وشهادة الشهود التي طلب
المحال حضورهم إلى مجلس التأديب لسماع شهاداتهم، وبمواجهته بالتسجيلات الخاصة به
مع طالبة تدعى .......... وعددها ثماني مكالمات فقد استقر في وجدان المجلس ارتكاب
المحال للأفعال المنسوبة إليه، وهي تمثل في جانبه ذنبا تأديبيا قوامه ضعف الخلق
وانحراف الطبع والتأثر بالشهوات والإخلال بمقتضى الواجب الوظيفي والإخلال بكرامتها
وبالثقة الواجب توافرها فيه، ولا ريب أن من ينحدر إلى هذا المستوى المسلكي
المزموم، بما طوى عليه من أفعال شاذة تلفظها العادات والتقاليد وتهديد للمؤسسة
التعليمية برمتها، لا يكون أهلا لتولي المناصب الجامعية أو الاستمرار في شغلها، أو
أمينا على موقعه الوظيفي على مقدرات العملية التعليمية والطلاب، بما يجعل بقاء
المحال في وظيفته متعارضا ومقتضيات شغل وظيفته كعضو هيئة تدريس، مما يستوجب
مجازاته بالجزاء المقضي به .
وحيث إن مبنى الطعن يقوم على مخالفة القرار المطعون فيه للواقع
والقانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، لأسباب حاصلها بطلان التحقيقات
لأن الطاعن لم يتم إخطاره من قبل المحقق ببيان التهم، وأن من قام بالتحقيق ليس من
المعينين بنص المادة (105) من قانون تنظيم الجامعات، فضلا عن بطلان مجلس التأديب،
ومخالفته للثابت بالأوراق التي تقطع بكيدية الاتهام المنسوب إليه وتلفيقه،
بالإضافة إلى أن الجزاء الموقع عليه قد شابه الغلو وعدم التناسب مما يصمه بعدم
المشروعية .
وحيث إنه عن الموضوع، فإنه يبين من استقراء أحكام المواد 105، 106،
107، 108، 109 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 أن المشرع وضع تنظيما
جامعا مانعا أحاطه بسياج من الإجراءات الواجب إتباعها لتأديب أعضاء هيئة التدريس
لا لبس فيه ولا غموض، بهدف توفير الحماية والاطمئنان لهذه الفئة حال أن ينسب إليهم
ثمة مخالفات لواجباتهم، فأبان في المادتين (105)، (106) من القانون المشار إليه
السلطة المختصة بالإحالة إلى التحقيق بحيث أناطها برئيس الجامعة، وحدد وظيفة وصفه
ودرجة من يجري التحقيق مع المحال، بحيث جعلها لأحد أعضاء هيئة التدريس بكلية
الحقوق بالجامعة، أو بإحدى كليات الحقوق في جامعة أخرى، إذا لم توجد بالجامعة كلية
حقوق، وبين سلطة رئيس الجامعة في وقف عضو هيئة التدريس عن عمله احتياطيا إذا اقتضت
مصلحة التحقيق ذلك، والآثار المترتبة على ذلك ماليا ومآل ذلك في حالة الحكم
ببراءته أو إدانته، كما أبان في المادتين (107)، (108) الإجراءات الواجب اتباعها
من جانب رئيس الجامعة في حالة إحالة عضو هيئة التدريس إلى مجلس التأديب، وحدد حق
عضو هيئة التدريس في الإطلاع على التحقيقات التي أجريت ليكون على بينة من أمره
وتهيئة أوجه دفاعه، وحدد في المادة (109) من القانون المشار إليه تشكيل مجلس تأديب
أعضاء هيئة التدريس حيث نص على أن " تكون مساءلة جميع أعضاء هيئة التدريس
أمام مجلس تأديب يشكل من :- أ- أحد نواب رئيس الجامعة يعينه مجلس الجامعة سنويا
" رئيسا " ب- أستاذ من كلية الحقوق أو أحد أساتذة كليات الحقوق في
الجامعات التي ليس بها كلية للحقوق يعينه مجلس الجامعة سنويا . ج- مستشار من مجلس
الدولة يندب سنويا... "
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى بصدد إعمال نص المادة (109) السابق
بيانها، على أن المشرع أناط بمجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس ولاية تأديب هؤلاء
الأعضاء، عما يقع منهم من إخلال بواجبات وظائفهم وفقا لتشكيله المنصوص عليه في
المادة المشار إليها، وأنه لما كان الاختصاص بالتأديب يعد من النظام العام،
وبالتالي فإن اشتراك من لم يقصدهم المشرع في تشكيل مجلس التأديب، إنما يعد تدخلا
في ولاية التأديب من شأنه بطلان تشكيل مجلس التأديب، وتبعا لذلك بطلان إجراءات
المساءلة التأديبية التي تمت أمامه والقرار المطعون فيه الصادر منه .
كما أنه من المقرر أيضا في قضاء هذه المحكمة أن قرارات مجالس التأديب
التي لا تخضع لتصديق من جهات إدارية عليا هي أقرب في طبيعتها إلى الأحكام
التأديبية منها إلى القرارات الإدارية، لذا فإنها تعامل معاملة هذه الأحكام، ومن
ثم يتعين فيها مراعاة القواعد الأساسية للأحكام، والتي من بينها أن يصدر الحكم من
هيئة مشكلة تشكيلا صحيحا طبقا للقانون، ويترتب على مخالفة هذه القواعد بطلان الحكم
لتعلق ذلك بالنظام العام .
وحيث إنه تطبيقا لما تقدم، ولما كان الثابت بالأوراق أن قرار مجلس
التأديب المطعون فيه بالطعن الماثل قد تضمن من بين تشكيله عضوية الأستاذ الدكتور /
..................... - الأستاذ المتفرغ بقسم القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة
المنصورة، وكان الأساتذة المتفرغون ممنوع عليهم تقلد المناصب والوظائف الإدارية
طبقا لصريح نص القانون، ومن باب أولى لا يسوغ قانونا اشتراكهم في عضوية مجلس
التأديب، وهو المنوط به ولاية التأديب وهي تقع من المناصب والوظائف في قمتها حيث "
وعلى ما سلف البيان " إن ما يصدر عنها من قرارات لا يخضع لتصديق سلطة أعلى
ومن ثم نافذ بذاته، لذا لزم حمل النص المتضمن أن يكون من بين أعضاء مجلس تأديب
أعضاء هيئة التدريس بالجامعة أستاذ بكلية الحقوق على الأستاذ العامل وليس الأستاذ
المتفرغ، خاصة أن النصوص المتعلقة بالتأديب الأصل فيها عدم التوسع في تفسيرها
وقصرها على من قصدهم المشرع لممارسة هذا الاختصاص، وعليه فإن قرار مجلس التأديب
المطعون فيه الصادر بجلسة 25/ 9/ 2016 في الدعوى رقم 9 لسنة 2015 يكون قد صدر
مشوبا بالبطلان لصدوره من هيئة غير مشكلة تشكيلا صحيحا على النحو السالف بيانه،
مما يتعين معه الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار، بيد أن هذا القضاء لا
يخل بحال - وما ينبغي له - بحق الجامعة المطعون ضدها من إعادة محاكمة الطاعن على
مما هو منسوب إليه أمام مجلس تأديب مشكل تشكيلا قانونيا صحيحا .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون
فيه لبطلان تشكيله، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب .
صدر هذا الحكم وتلي علنا بالجلسة المنعقدة يوم 27 ربيع أول سنة 1439
هجرية الموافق من 16/ 12/ 2017 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق