الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

السبت، 7 يونيو 2025

الطعن 118 لسنة 19 ق جلسة 19 / 4 / 1951 مكتب فني 2 ج 3 ق 120 ص 756

جلسة 19 إبريل سنة 1951

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.

----------------

(120)
القضية رقم 118 سنة 19 القضائية

(1) مسئولية مدنية. حكم. تسبيبه. 

قضاؤه بإلزام الطاعنتين بتعويض المطعون عليه الأول عما أصابه من ضرر نتيجة لعدم تسميد زراعته تأسيساً على أن الطاعنتين مسئولتان عن تقصيرهما في صرف السماد. أقامته على ما استخلصته المحكمة استخلاصاً سائغاً من أن طلب المطعون عليه الأول سبق أن قبل من الطاعنتين رغم كونه موقعاً عليه منه بوصفه عمدة بدلاً من عمدة الناحية التابعة لها الأطيان على خلاف ما يقضي به قرار وزير الزراعة رقم 100 لسنة 1943 مما يفيد عدم تمسك الطاعنتين بهذا العيب الشكلي وأن التراخي في الأمر بصرف السماد إلى المطعون عليه الأول إلى ما بعد نهاية الفقرة المحددة لصرفه في القرار الوزاري سالف الذكر قد أضر به. الطعن عليه بالقصور والخطأ في تطبيق القانون. على غير أساس. الأسباب التي أقيم عليها من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وتكفي لحمله. العيب الشكلي المشار إليه. لا مساس له بالنظام العام ومن حق الحكومة عدم التمسك به.
(2) مسئولية مدنية. دعوى الضمان. حكم. تسبيبه. 

قضاؤه بمسئولية الطاعنتين دون المطعون عليه الثاني عن تعويض المطعون عليه الأول. إقامته على ما استخلصته المحكمة استخلاصاً سائغاً من أن الخطأ الذي يعزى إلى المطعون عليه الثاني ليس هو السبب الذي نشأ عنه الضرر الذي لحق بالمطعون عليه الأول بسبب تراخي الطاعنتين في تسليم السماد له في الوقت المناسب. خطأ المطعون عليه الثاني بفرض وقوعه. لا يوجب مساءلته في دعوى الضمان الموجهة قبله من الطاعنتين. الطعن في الحكم بالقصور في هذا الخصوص. غير منتج.
(3) محكمة الموضوع. خبير. 

طلب الخصم مناقشة الخبير. ليس حقاً له تتحتم على المحكمة إجابته إليه. هي صاحبة السلطة في تقدير ما إذا كان هذا الإجراء منتجاً أو غير منتج في الدعوى.
(المادة 103 من قانون المرافعات - القديم - وقرار وزير الزراعة رقم 100 لسنة 1943).

------------------
1 - متى كان الحكم إذ قضى بإلزام الطاعنتين بتعويض المطعون عليه الأول عما أصابه من ضرر نتيجة لعدم تسميد زراعته تأسيساً على أن الطاعنتين مسئولتان عن تقصيرهما في صرف السماد له قد أقام قضاءه على ما استخلصته المحكمة من التحقيقات التي باشرتها الطاعنة الأولى (وزارة الزراعة) بناء على شكوى المطعون عليه الأول ومن تأشيرة معاون الزراعة على الاستمارة المقدمة منه بالترخيص له في صرف السماد ومن كتابي بنك التسليف الموجهين إليه بعد فوات ميعاد التسميد لاستلام السماد - ما استخلصته من كل من أن طلب المطعون عليه الأول سبق أن قبل من الطاعنتين رغم كونه موقعاً عليه منه بوصفه عمدة بدلاً من عمدة الناحية التابعة لها الأطيان على خلاف ما يقضي به قرار وزير الزراعة رقم 100 لسنة 1943 مما يفيد عدم تمسك الحكومة بهذا العيب الشكلي ومما يكون معه غير مقبول منها إثارته بعد ذلك وأن التراخي في الأمر بصرف السماد له إلى ما بعد نهاية الفترة المحددة لصرفه في قرار وزير الزراعة سالف الذكر قد أضر بالمطعون عليه الأول ضرراً يرتب له الحق في التعويض فإن الطعن على الحكم بالقصور في التسبيب ومخالفة القانون يكون بوجهيه على غير أساس ذلك أن الأسباب التي أقيم عليها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وتكفي لحمله كذلك العيب الشكلي المشار إليه لا مساس له بالنظام العام ومن حق الحكومة عدم التمسك به.
2 - متى كان الحكم إذ قضى بمسئولية الطاعنتين دون المطعون عليه الثاني (الصراف) قد أسس قضاءه على أن استمارة طلب السماد رقم 1 قدمت في الميعاد واعتمدها معاون الزراعة المختص وأن التراخي في تسليم المطعون عليه الأول السماد بعد هذا الاعتماد إلى أن انتهت فترة التسميد إنما يعزى إلى تقصير الطاعنتين وأن أولاهما (وزارة الزراعة) لم تر في تأخر المطعون عليه الثاني عن تقديم الاستمارة رقم 2 ما يحول دون الإذن في صرف السماد إلى المطعون عليه الأول في الفترة التي حددها قرار وزير الزراعة رقم 100 لسنة 1943 وإلا لامتنع معاون الزراعة عن اعتماد طلبه وكانت هذه الأسباب تفيد أن الخطأ الذي يعزى إلى المطعون عليه الثاني ليس هو السبب الذي نشأ عنه الضرر الذي لحق بالمطعون عليه الأول بسبب تراخي الطاعنتين في تسليم السماد له في الوقت المناسب فإنه ينبئ على ذلك أن خطأ المطعون عليه الثاني بفرض وقوعه لا يوجب مساءلته في دعوى الضمان الموجهة قبله من الطاعنتين لانقطاع الصلة بين الضرر والخطأ ومن ثم فإن الطعن في الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون غير منتج.
3 - إن إجابة طلب الخصم مناقشة الخبير ليست حقاً له تتحتم على المحكمة إجابته إليه بل هي صاحبة السلطة في تقدير ما إذا كان هذا الإجراء منتجاً أو غير منتج في الدعوى وإذن فمتى كانت المحكمة بعد أن محصت طعون كل من الطرفين على تقرير الخبير انتهت بالأدلة السائغة التي أوردتها إلى استخلاص الحقيقة من ثناياها ورتبت عليها قضاءها بالتعويض غير مقيدة في ذلك برأي الخبير فلا معقب عليها في هذا الذي أجرته.


الوقائع

في يوم 16 من يوليه سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 8 من مايو سنة 1949 في الاستئنافين رقمي 110 و220 سنة 4 ق وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنتان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضي. وفي 20 و25 من يوليه سنة 1949 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن. وفي 4 من أغسطس سنة 1949 أودعت الطاعنتان أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهما. وفي 16 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته دفع فيها أصلياً بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم إدخال باقي الخصوم في الطعن واحتياطياً برفضه وإلزام الطاعنتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 28 منه أودعت الطاعنتان مذكرة بالرد - ولم يقدم المطعون عليه الثاني دفاعاً. وفي 29 من يناير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها أولاً برفض الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً وثانياً برفض الطعن موضوعاً وإلزام الطاعنتين بالمصروفات. وفي 12 من إبريل سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن واقعة الدعوى، كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقامها على الطاعنتين والمطعون عليه الثاني وآخر وقال فيها أنه يملك أطياناً زراعية بناحية النقراش مركز إيتاي البارود أعد منها خمسة عشر فداناً لزراعتها بطاطس لمحصول شتوي سنة 1944 وتكبد نفقات باهظة في إعداد التقاوي والمحافظة عليها، ولأن الحكومة هي وحدها التي تتولى صرف السماد الضروري للزراعة عن طريق بنك التسليف وفقاً للتعليمات المنظمة لتداوله قدم طلبه للسماد في الموعد المحدد وحصل على الاستمارة رقم 3 أسمدة من الصراف (المطعون عليه الثاني) في 19/ 10/ 1943 وهو قبل اليوم الأخير المحدد لقبول الاستمارات وأنه تردد بعد ذلك على مهندس الزراعة وبنك التسليف للحصول على السماد فراوغه المهندس وامتنع البنك عن صرف السماد له فتظلم - على غير جدوى - من هذا التصرف حتى انقضت مواعيد التسميد ثم أنذر الطاعنتين رسمياً في 19 و20 من يناير سنة 1944 محملاً إياهما مغبة هذا التصرف ولما أن فات أوان التسميد أقام دعوى إثبات حالة ندب فيها خبير قدر الضرر الذي أصابه نتيجة عدم التسميد بمبلغ 1687 جنيهاً و500 مليم وهو المبلغ الذي طلب القضاء له بعد وقد أدخلت الحكومة صراف الناحية ضامناً في الدعوى على أساس أن الصراف هو وحده المتسبب في عدم تقديم كشف طلبات السماد إلى البنك في الموعد المحدد. فقضت محكمة أول درجة في 4 من فبراير سنة 1948 بإلزام الطاعنتين وحدهما بأن يدفعا إلى المطعون عليه الأول مبلغ 810 جنيهات والمصاريف وبرفض دعوى الضمان الموجهة إلى الصراف تأسيساً على أن الإجراءات التي اتبعها المطعون عليه الأول في طلب السماد خالية من شبهة التواطؤ بينه وبين الصراف. وأن التحقيقات التي أجرتها وزارة الزراعة انتهت إلى أن المطعون عليه الأول محق في طلب السماد وأن التصريح له بصرف السماد قد جاء بعد أن انتهت مواعيد التسميد، وخلصت من تقرير الخبير ومحضر أعماله إلى أن العجز في محصول المطعون عليه الأول هو ثمانية عشر طناً يساوي الطن الواحد منها خمسة وأربعين جنيهاً - ثم قالت عن مسئولية الصراف أنه لم يرتكب خطأ يمكن أن يكون محلاً للتعويض ذلك لما هو ثابت في محضر أعمال الخبير من أن المطعون عليه الأول تسلم الاستمارة من الصراف يوم 20 من أكتوبر سنة 1943 بعد سبق تقديمها إليه في الميعاد (يوم 19/ 10/ 1943) وأخذ الاستمارة رقم 3 (أسمدة) وقدمها إلى مكتب الزراعة في نفس اليوم. فاستأنفت الطاعنتان هذا الحكم فأيدته محكمة الاستئناف لأسبابه ولما أضافته إليه من أسباب - فقررت الطاعنتان طعنهما فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على أربعة أسباب. يتحصل أولها في أن الحكم خالف القانون وأخطأ في تطبيقه من وجهين (الأول) منهما إذ أسس قضاءه بمسئولية الطاعنتين على اعتبار أن طلب المطعون عليه الأول قد استوفى شكله القانوني بالرغم من أن هذا الطلب لم يعتمد من اللجنة القروية التي يرأسها عمدة ناحية نقراش وهي البلدة التي تقع في زمامها الأطيان المطلوب لها السماد وبذلك أخطأ في تطبيق القرار الوزاري رقم 100 سنة 1943 ذلك لأن المادة الثالثة من هذا القرار تنص على أن يقدم طلب السماد على الاستمارة رقم 1 (أسمدة) وتنص في هامشها على أن البيانات الخاصة بأطيان واقعة في غير الناحية المقدمة للجنتها هذه الاستمارة تعتبر لاغية ولا يلتفت إليها، وأنه لما كانت لجنة نقراش التي تقع في زمامها الأطيان المطلوب لها السماد لم تعتمد هذه الاستمارة بل وقعها عمدة قرية أخرى (هو المطعون عليه الأول) فإنها تكون باطلة ولا يشفع للحكم تبريره ما قرره في هذا الصدد بأن توقيع عمدة ناحية يغني عن توقيع العمدة المختص لأن الناحيتين تابعتان لجهة إدارية واحدة إذ في هذا القول مخالفة لأحكام اللوائح الإدارية التي تجعل لكل عمدة اختصاصاً ذاتياً لا ينوب عنه في مباشرته غيره من العمد التابعين للجهة الإدارية الواحدة ووجه المخالفة الثاني هو أن الحكم قضى بمسئولية الطاعنتين رغم عدم توافر علاقته السببية بين المخالفة وبين الضرر المزعوم وبذلك أخطأ في تطبيق القانون كما شابه القصور ذلك أن الحكم أثبت أن المطعون عليه الأول استرد من الصراف الاستمارة رقم 1 (أسمدة) ولم يعدها إليه إلا بعد يوم 20 من أكتوبر سنة 1943 مما ترتب عليه تأخر الصراف في تقديم الكشف الواجب تقديمه إلى فرع بنك التسليف في 21 من أكتوبر سنة 1943 (الاستمارة رقم 2) الأمر الذي نتج عنه عدم إحاطة الجهة الرئيسية بطلب المطعون عليه الأول في الوقت المناسب لإمكان عمل التوزيع وفقاً للقرار الوزاري. ومن ثم تنتفي مسئولية الطاعنتين عن التراخي في صرف السماد إذ المطعون عليه الأول هو الذي أخطأ وأنه بالرغم من إثارة هذا الدفاع لدى محكمة الموضوع فإنها لم تواجهه بما يصلح رداً عليه ذلك أن الحكم جرى على أن تقديم الطلب إلى تفتيش الزراعة في الميعاد يكفي لقبوله في حين أن نظام توزيع الأسمدة يوجب تقديم كشف من الصراف إلى فرع بنك التسليف ببيان الطلبات حتى يمكن حصرها وتبليغها إلى الجهة الرئيسية في وقت مناسب لإمكان إجراء التوزيع في الوقت الملائم للزراعة.
ومن حيث إن هذا السبب بوجهيه مردود بأن الحكم إذ قرر أن طلب المطعون عليه الأول السماد قد استوفى أوضاعه الشكلية وأن الطاعنتين مسئولتان عن تقصيرهما في صرف السماد في الوقت المناسب - أقام قضاءه على (أنه لا نزاع في أن المدعي "المطعون عليه الأول" قدم طلب صرف السماد وحصل على إيصال بتقديم هذا الطلب في 19/ 10/ 1943 قبل نهاية الميعاد المحدد بالقرار رقم 100 سنة 1943 الصادر من معالي وزير المالية في 12 أكتوبر سنة 1943 وأن هذه هي النتيجة التي انتهت إليها وزارة الزراعة في تحقيقها لشكوى المدعي (المطعون عليه الأول) وأبلغتها لإدارة بنك التسليف بخطابها المؤرخ 29/ 12/ 1943 (مستند رقم 4 حافظة بنك التسليف 7 دوسيه) فلا محل للادعاء بقيام التواطؤ بين المدعي (المطعون عليه الأول) (والمدعى عليه الثاني) (المطعون عليه الثاني) لتقديم التاريخ استدلالاً بالتاريخ الموضوع على طلب صرف السماد (استمارة رقم 1 أسمدة) لأن هذا التاريخ يقع هو الآخر في حدود المدة المعينة في القرار الوزاري الذي تنص المادة الثالثة منه على أن الاستمارات تقدم ابتداء من 13 أكتوبر سنة 1943 لغاية 20 منه - وأنه مؤشر على الاستمارة المشار إليها من معاون الزراعة في 30/ 10/ 1943 بصرف سماد لمساحة 12 فدان بطاطس وقد اعتمد مهندس الزراعة هذا التقدير ولا نزاع في أن هذه التأشيرات ما كانت لتتم لو أن الطلب تقدم بعد الميعاد (الاستمارة بحافظة الحكومة رقم 9 دوسيه) - وأنه واضح من نص المادة الرابعة من القرار الوزاري 100 سنة 1943 أنه تحدد لصرف الأسمدة لزراعة البطاطس المدة من 24 أكتوبر سنة 1943 إلى 24 نوفمبر سنة 1943 ولا شك فيه أنه روعي في تحديد هذه الفترة الوقت المناسب لتسميد زراعة البطاطس ليكون للسماد أثره المطلوب في إعطاء أحسن محصول ممكن بينما الثابت من كتابي بنك التسليف المرسلين للمدعي (المطعون عليه الأول) بالحضور لصرف السماد تحرر أولهما بتاريخ 22 يناير سنة 1944 بعد أن كان المدعي (المطعون عليه الأول) قد عجز عن الحصول على السماد". ويبين من ذلك أن المحكمة استخلصت من التحقيقات التي باشرتها وزارة الزراعة بناء على شكوى المطعون عليه الأول ومن تأشيرة معاون الزراعة على الاستمارة المقدمة منه بالترخيص له في صرف السماد ومن كتابي بنك التسليف الموجهين إليه بعد فوات ميعاد التسميد لاستلام السماد - استخلصت من كل ذلك أن طلبه سبق أن قبل من الطاعنتين رغم كونه موقعاً عليه منه بوصفة عمدة بدلاً من عمدة الناحية التابعة لها الأطيان مما يفيد عدم تمسك الحكومة بهذا العيب الشكلي مما يكون معه غير مقبول منها إثارته بعد ذلك وأن التراخي في الأمر بصرف السماد له إلى ما بعد 24 من نوفمبر سنة 1943 - وهي نهاية الفترة المحددة لصرفه في قرار وزير الزراعة قد أضر بالمطعون عليه الأول ضرراً يرتب له الحق في التعويض - ولما كانت تلك الأسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وتكفي لحمله وكان العيب الشكلي المشار إليه لا مساس له بالنظام العام ومن حق الحكومة عدم التمسك به - لما كان ذلك - كان ما تنعاه الطاعنتان على الحكم من مخالفة القانون أو القصور في التسبيب لا مبرر له.
ومن حيث إن السببين الثاني والثالث يتحصلان في أن الحكم إذ لم يرد على طلب الطاعنتين استدعاء خبير الدعوى لمناقشته في تقريره عما وجهاه إليه من مطاعن - رغم إثبات الحكم صحتها قد أخل بحقهما في الدفاع - كما شابه القصور إذ أخذ بتقرير الخبير رغم ملاحظتهما عليه أنه لم يستنزل شيئاً من التعويض مقابل تكاليف جمع المحصول وما يتلف منه في عمليات النقل والضم والتشوين.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان بأن إجابة طلب الطاعنتين مناقشة الخبير ليست حقاًً لهما يتحتم على المحكمة إجابتهما إليه - بل هي صاحبة السلطة في تقدير ما إذا كان هذا الإجراء منتجاً أو غير منتج في الدعوى ذلك أن المحكمة بعد أن محصت طعون كل من الطرفين على هذا التقرير انتهت بالأدلة السائغة التي أوردتها إلى استخلاص الحقيقة من ثناياها ورتبت عليها قضاءها بالتعويض غير مقيدة في ذلك برأي الخبير وهي في هذا الذي أجرته لا معقب عليها.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم شابه القصور ذلك أن الطاعنتين وجهتا على سبيل الاحتياط دعوى الضمان إلى المطعون عليه الثاني وأسستاها على أن نظام توزيع الأسمدة يوجب عليه بوصفه صرافاً أن يقدم كشوفاً مشفوعة بطلبات السماد إلى بنك التسليف في يوم 21 من أكتوبر سنة 1943 ولكنه لم يفعل بل قدم الكشف في 24 منه - وأن هذا إهمال يوجب مساءلته - فرفضت المحكمة هذه الدعوى بحجة أن تقديم المطعون عليه الأول طلب السماد إلى تفتيش الزراعة يغني عن تقديم الصراف للاستمارة رقم 2 إلى بنك التسليف وفقاً للقواعد الموضوعة لتنظيم توزيع السماد. مع أن هذا الذي قررته لا يصلح رداً على دعوى مسئولية الصراف قبل الطاعنتين عن عدم تقديم الكشف (استمارة رقم 2 أسمدة) إلى بنك التسليف في الميعاد - ومن ثم جاء الحكم قاصر التسبيب في هذا الخصوص.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم إذ قضى بمسئولية الطاعنتين دون المطعون عليه الثاني - أقام قضاءه كما يبين من الرد على السبب الأول - على أن استمارة طلب السماد قدمت في الميعاد واعتمدها معاون الزراعة المختص وأن التراخي في تسليم المطعون عليه الأول السماد بعد هذا الاعتماد إلى أن انتهت فترة التسميد إنما يعزى إلى تقصير الطاعنتين وأن وزارة الزراعة لم تر في تأخر الصراف عن تقديم الاستمارة رقم 2 إلى 24 من أكتوبر سنة 1943 ما يحول دون الإذن في صرف السماد إلى المطعون عليه الأول في الفترة التي كان محدداً لنهايتها 24 من نوفمبر سنة 1943 وإلا لامتنع معاون الزراعة عن اعتماد طلبه - ولما كانت هذه الأسباب تفيد أن الخطأ الذي يعزى إلى الصراف ليس هو السبب الذي نشأ عنه الضرر الذي لحق بالمطعون عليه الأول بسبب تراخي الطاعنتين في تسليم السماد له في الوقت المناسب - لما كان ذلك - كان خطأ الصراف بفرض وقوعه لا يوجب مسائلته في دعوى الضمان الموجهة قبله من الطاعنتين لانقطاع الصلة بين الضرر والخطأ.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق