الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأربعاء، 25 يونيو 2025

الطعن 101 لسنة 2016 ق جلسة 22 / 2 / 2016 جزائي دبي مكتب فني 27 ق 14 ص 120

جلسة الاثنين 22 فبراير 2016
برئاسة السيد القاضي/ عبد العزيز عبد الله الزرعوني رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: مصطفى عطا محمد الشناوي، مصبح سعيد ثعلوب، محمود مسعود متولي شرف ومحمود فهمي سلطان.
---------------
(14)
الطعن رقم 101 لسنة 2016 "جزاء"
(1 - 3) قصد جنائي. شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها".
(1) سوء النية في جريمة إصدار شيك بدون رصيد. مناط توافره.
(2) جريمة إصدار شيك بدون رصيد قائم وقابل للسحب. تمامها بمجرد إصدار الشيك وإطلاق الساحب أيا كانت صفته في التداول. مثال.
(3) كون الرصيد قائمة وقابلا للسحب وقت إصدار الشيك. غير كاف. وجوب بقائه حتى يقدم الشيك للصرف ويتم الوفاء بقيمة. علة ذلك. القصد الجنائي. مناط تحققه. مثال.
(4) مسئولية جنائية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع: ما لا يوفره".
دفاع الطاعن بعدم مسئوليته عن حساب الشركة بعد بيعه حصصه فيها. لا يستأهل ردا لظهور بطلانه. علة ذلك.
(5 ، 6) إثبات "عبء الإثبات". شيك بدون رصيد" التوقيع على بياض".
(5) تحرير بيانات الشيك بخط الساحب. غير لازم. وجوب أن يحمل توقيعه. علة ذلك.
(6) توقيع الساحب على الشيك على بياض دون أن يدرج القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به. لا أثر له على صحة الشيك. ما دام قد استوفى تلك البيانات قبل تقديمه للمسحوب عليه. علة ذلك. عبء إثبات وجود هذا التفويض. وقوعه على عاتق من يدعي خلاف ذلك.
(7 ، 8) مسئولية جزائية. حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب". شيك بدون رصيد.
(7) جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. مناط تحققها.
الأسباب التي دفعت لإعطائه للمستفيد. لا أثر لها في قيام المسئولية الجنائية. ما دام الشارع لم يستلزم نية خاصة لقيامها.
(8) نعى الطاعن لنفي مسئولية الجنائية من أنه أصدر الشيك لتيسير أعمال شركته فاستولى عليه المبلغ. غير مجد. ما دام أن هذه الحالة لا تدخل في حالات الاستثناء التي تندرج تحت مفهوم حالة ضياع الشيك أو أن الطاعن لم ينازع في إصداره الشيك وفي استيفاء مقوماته الشكلية.
(9 ، 10) إثبات "مسائل عامة" "الأدلة في المواد الجزائية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
(9) الأدلة في المواد الجنائية. إقناعية. للمحكمة الالتفات عن الدليل الفني ولو حملته أوراق رسمية أو عرفية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة.
(10) عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم. ما دام الرد عليها مستفادة ضمنا من الحكم بالإدانة اعتمادا على أدلة الثبوت التي أوردها.
(11 ، 12) دفاع. مسئولية جزائية. حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
(11) كفاية إيراد الحكم الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. علة ذلك.
(12) ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن المستندات المقدمة تدليلا على انتفاء مسئوليته. جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز. أمام محكمة التمييز.
(13 ، 14) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع: ما لا يوفره". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
(13) وضوح الواقعة لدى المحكمة وكون الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج. أثره. للمحكمة أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة. مثال.
(14) الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها المبلغ وإنما المقصود به إثارته الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة. موضوعي. عدم التزام المحكمة إجابته. النعي في هذا الشأن. غير مقبول.
-------------------
1 - المقرر أن سوء النية في جريمة إصدار شيك بدون رصيد يتوفر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ إصداره وهو علم مفترض في حق الساحب وعليه متابعة حركات الرصيد لدى المسحوب عليه للاستيثاق من قدرته على الوفاء قبل إصدار الشيك ولا محل لإعفاء الوكيل في السحب من ذلك الالتزام بمجرد أنه لا يسحب على رصيده الخاص لأن طبيعة العمل المسند إلى الطاعن - وهو إصدار الشيك باعتباره مديرا للشركة - يستلزم منه التحقق من وجود الرصيد الذي يأمر بالسحب عليه فإذا هو أخل بهذا الالتزام وقعت عليه مسئولية الجريمة باعتباره مصدر الشيك الذي تحقق بفعله وحده إطلاقه في التداول.
2 - المقرر أن جريمة إصدار شيك بدون رصيد قائم وقابل للسحب إنما تتم بمجرد إصدار الشيك وإطلاق الساحب - أيا كانت صفته - له في التداول وإذ ما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه أصدر الشيك موضوع الدعوى وأطلقه في التداول بتسليمه تسليما صحيحا مع علمه بعدم وجود رصيد قائم وقابل للسحب مما تتوافر به أركان الجريمة التي دانه بها.
3 - المقرر أنه لا يكفي أن يكون الرصيد قائما وقابلا للسحب وقت إصدار الشيك ولكن يتعين أن يظل على هذا النحو حتى يقدم الشيك للصرف ويتم الوفاء بقيمته لأن تقديم الشيك للصرف لا شأن له في توافر أركان الجريمة بل هو إجراء مادي يتجه إلى استيفاء مقابل الشيك وما أفاده البنك بعدم وجود الرصيد إلا إجراء كاشف للجريمة التي تحققت بإصدار الشيك وإعطائه للمستفيد مع قيام القصد الجنائي سواء عاصر هذا الإجراء وقوع الجريمة أو تراخي عنها وأن القصد الجنائي في تلك الجريمة إنما يتحقق بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ السحب وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما أفاد به البنك من عدم وجود رصيد له قائم وقابل للسحب في الوقت الذي تقدم به المستفيد لصرف قيمة الشيك فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون له سند.
4 - لا عبرة بما يدفع به الطاعن من عدم مسئوليته عن حساب الشركة بعد بيعه حصصه فيها، إذ إنه كان متعينا أن يكون مقابل الشيك موجودا بالفعل وقت تحريره فدفاع الطاعن بعدم مسئوليته هو مما لا يستأهل ردا لظهور بطلانه.
5 - لا يوجد في القانون ما يلزم أن تكون بيانات الشيك محررة بخط الساحب، وفقط يتعين أن يحمل توقيعه لأن خلوه من هذا التوقيع يجعله ورقة لا قيمة لها ولا يؤبه بها في التعامل.
6 - توقيع الساحب على الشيك على بياض دون أن يدرج القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به لا يؤثر على صحة الشيك ما دام قد استوفى تلك البيانات قبل تقديمه للمسحوب عليه إذ إن إعطاء الشيك للصادر لمصلحته بغير إثبات القيمة أو التاريخ يفيد أن مصدره قد فوض المستفيد في وضع هذين البيانين قبل تقديمه للمسحوب عليه وينحسر عنه بالضرورة عبء إثبات وجود هذا التفويض وطبيعته ومداه وينقل هذا العبء إلى من يدعي خلاف هذا الظاهر.
7 - المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دفعت لإعطائه للمستفيد لأنها من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسئولية الجنائية ما دام الشارع لم يستلزم نية خاصة لقيام هذه الجريمة.
8 - لا يجدي الطاعن ما يتذرع به لنفي مسئوليته الجنائية من أنه أصدر الشيك لتيسير أعمال شركته فاستولى عليه المبلغ، ذلك أن هذه الحالة لا تدخل في حالات الاستثناء التي تندرج تحت مفهوم حالة ضياع الشيك وهي الحالات التي يتحصل فيها الشيك عن طريق إحدى جرائم سلب المال كالسرقة والاحتيال والتبديد والحصول عليه بطريق التهديد ما دام أن الطاعن لم ينازع في إصدار الشيك وفي استيفائه مقوماته الشكلية، فإن دعوى الطاعن تتمخص دفاعا قانونيا ظاهر البطلان فلا يؤبه به ويكون الحكم بريئا من قالة الخطأ في تطبيق القانون.
9 - الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن الدليل النفي ولو حملته أوراق رسمية أو عرفية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى.
10 - المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفادا ضمنا من الحكم بالإدانة اعتمادا على أدلة الثبوت التي أوردها.
11 - المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
12 - ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن المستندات المقدمة تدليلا على انتفاء مسئوليته لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
13 - المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه دفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافيا وسائغا ويستقيم به إطراح طلب الطاعن سالف البيان.
14 - الطلب لا يتجه في صورة الدعوى إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها المبلغ وإنما المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة ومن ثم يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
-------------
الوقائع
وحيث إن النيابة العامة اتهمت: ------ لأنه بتاريخ سابق على 18/7/2015 بدائرة اختصاص مركز شرطة القصيص أعطى بسوء نية لصالح --- للتجارة الشيك رقم (565665) مسحوبا على بنك ---- بقيمة إجمالية وقدرها (4,550,000 درهم) والذي لم يقابله رصيد كاف قائم وقابل للسحب، مع علمه بذلك على النحو الثابت بالأوراق.
وطلبت عقابه بالمادة 401/ 1 من قانون العقوبات الاتحادي المعدل. وادعت المجني عليها بوكيلها مدنيا قبل المتهم وطلبت إلزامه بأن يؤدي لها مبلغ و 21,000 درهم على سبيل التعويض المدني المؤقت.
وبجلسة 8/11/2015 حكمت محكمة الجنح حضوريا بمعاقبة المتهم بالحبس لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وبإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالاستئناف رقم 7804 لسنة 2015م.
وبجلسة 5/1/2016 حكمت المحكمة الاستئنافية حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بمعاقبة ---- بحبسه مدة سنتين عما أسند إليه ورد التأمين.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب تقرير مؤرخ 3/2/2016 مرفق به مذكرة بأسباب الطعن موقعا عليها من محاميه الموكل طلب فيها نقض الحكم.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده السيد القاضي المقرر/ ...... وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد جاء مشوبا بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ذلك أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بحسن نيته وانتفاء القصد الجنائي لديه إذ وقع على الشيك موضوع الدعوى وشيكات أخرى على بياض بصفته مالكا لشركة ..... ومديرا لها وسلمهم إلى محاسب الشركة لتسيير أعمال الشركة ثم باع حصصه فيها من بعد للمبلغ وزوجته فقام الأخير بالتواطؤ مع المحاسب واستولى على الشيكات مما لا يتحقق معه قيام الجريمة، بيد أن الحكم التفت عن هذا الدفاع إيرادا وردا، كما التفت عما أثاره من انتفاء مسئوليته إذ أن الرصيد كان متوافرا وقت إعطاء الشيك في حساب الشركة باعتبارها صاحبة الحساب وأنه لم يعد مسئولا عنه من تاريخ بيع حصصه في الشركة حيث قام المبلغ وبعد شرائه الحصص بسحب كل الرصيد ولم يعرض للمستندات التي قدمها تأييدا لدفاعه وأن الطاعن دفع بعدم وجود أي معاملات تجارية بينه وبين المبلغ وطلب إلزامه بتقديم المستندات الدالة على وجود تلك المعاملات إلا أن التفتت عن طلبه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أنشأ لنفسه أسبابا ومنطوقا جديدين لقضائه وبين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سوء النية في جريمة إصدار شيك بدون رصيد يتوفر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ إصداره وهو علم مفترض في حق الساحب وعليه متابعة حركات الرصيد لدى المسحوب عليه للاستيثاق من قدرته على الوفاء قبل إصدار الشيك ولا محل لإعفاء الوكيل في السحب من ذلك الالتزام بمجرد أنه لا يسحب على رصيده الخاص لأن طبيعة العمل المسند إلى الطاعن - وهو إصدار الشيك باعتباره مديرا للشركة - يستلزم منه التحقق من وجود الرصيد الذي يأمر بالسحب عليه فإذا هو أخل بهذا الالتزام وقعت عليه مسئولية الجريمة باعتباره مصدر الشيك الذي تحقق بفعله وحده إطلاقه في التداول، كما أنه من المقرر أن جريمة إصدار شيك بدون رصيد قائم وقابل للسحب إنما تتم بمجرد إصدار الشيك وإطلاق الساحب - أيا كانت صفته - له في التداول وإذ ما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه أصدر الشيك موضوع الدعوى وأطلقه في التداول بتسليمه تسليما صحيحا مع علمه بعدم وجود رصيد قائم وقابل للسحب مما تتوافر به أركان الجريمة التي دانه بها.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يكفي أن يكون الرصيد قائما وقابلا للسحب وقت إصدار الشيك ولكن يتعين أن يظل على هذا النحو حتى يقدم الشيك للصرف ويتم الوفاء بقيمته لأن تقديم الشيك للصرف لا شأن له في توافر أركان الجريمة بل هو إجراء مادي يتجه إلى استيفاء مقابل الشيك وما أفاده البنك بعدم وجود الرصيد إلا إجراء كاشف للجريمة التي تحققت بإصدار الشيك وإعطائه للمستفيد مع قيام القصد الجنائي سواء عاصر هذا الإجراء وقوع الجريمة أو تراخي عنها وأن القصد الجنائي في تلك الجريمة إنما يتحقق بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ السحب وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما أفاد به البنك من عدم وجود رصيد له قائم وقابل للسحب في الوقت الذي تقدم به المستفيد لصرف قيمة الشيك فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون له سند.
لما كان ذلك، وكان لا عبرة بما يدفع به الطاعن من عدم مسئوليته عن حساب الشركة بعد بيع حصصه فيها، إذ إنه كان متعينا أن يكون مقابل الشيك موجودا بالفعل وقت تحريره فدفاع الطاعن بعدم مسئوليته هو مما لا يستأهل ردا لظهور بطلانه.
لما كان ذلك، وكان لا يوجد في القانون ما يلزم أن تكون بيانات الشيك محررة بخط الساحب، وفقط يتعين أن يحمل توقيعه لأن خلوه من هذا التوقيع يجعله ورقة لا قيمة لها ولا يؤبه بها في التعامل، وكان توقيع الساحب على الشيك على بياض دون أن يدرج القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به لا يؤثر على صحة الشيك ما دام قد استوفى تلك البيانات قبل تقديمه للمسحوب عليه إذ أن إعطاء الشيك للصادر لمصلحته بغير إثبات القيمة أو التاريخ يفيد أن مصدره قد فوض المستفيد في وضع هذين البيانين قبل تقديمه للمسحوب عليه وينحسر عنه بالضرورة عبء إثبات وجود هذا التفويض وطبيعته ومداه وينقل هذا العبء إلى من يدعي خلاف هذا الظاهر، ولما كان الطاعن لا ينازع في صحة توقيعه على الشيك موضوع التداعي ولا يجادل في واقعة قيامه بتسليمه تسليما صحيحا، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، كما لا يجديه ما يثيره من جدل حول الأسباب والظروف التي أحاطت بإعطاء الشيك وقوله أنه ما سلمه موقعا عليه على بياض إلا لتسيير أعمال شركته، ذلك أنه من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دفعت لإعطائه للمستفيد لأنها من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسئولية الجنائية ما دام الشارع لم يستلزم نية خاصة لقيام هذه الجريمة.
كما لا يجدي الطاعن ما يتذرع به لنفي مسئوليته الجنائية من أنه أصدر الشيك لتيسير أعمال شركته فاستولى عليه المبلغ، ذلك أن هذه الحالة لا تدخل في حالات الاستثناء التي تندرج تحت مفهوم حالة ضياع الشيك وهي الحالات التي يتحصل فيها الشيك عن طريق إحدى جرائم سلب المال كالسرقة والاحتيال والتبديد والحصول عليه بطريق التهديد ما دام أن الطاعن لم ينازع في إصدار الشيك وفي استيفائه مقوماته الشكلية، فإن دعوى الطاعن تتمخص دفاعا قانونيا ظاهر البطلان فلا يؤبه به ويكون الحكم بريئا من قالة الخطأ في تطبيق القانون.
لما كان ذلك، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن الدليل النفي ولو حملته أوراق رسمية أو عرفية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفادا ضمنا من الحكم بالإدانة اعتمادا على أدلة الثبوت التي أوردها إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن المستندات المقدمة تدليلا على انتفاء مسئوليته لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن إلزام الشاكي بتقديم المستندات المتعلقة بالمعاملات التجارية بينهما ورد عليه بقوله ((وحيث إنه عن طلب الدفاع إلزام الشاكي بتقديم الفواتير وإيصالات التسليم المتعلقة بالبضاعة فإن المحكمة وقد اطمأن وجدانها إلى أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها لا ترى ضرورة إلزام الشاكي بتقديم أية مستندات بعد أن وضحت لها صورة الدعوى من الأوراق فضلا عن أن هذا الوجه من الدفاع لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول والواقعة بل الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابتها)). لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه دفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافيا وسائغا ويستقيم به إطراح طلب الطاعن سالف البيان، وكان هذا الطلب لا يتجه في صورة الدعوى إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها المبلغ وإنما المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة ومن ثم يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق