الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 1 سبتمبر 2022

الطعن 3293 لسنة 36 ق جلسة 15 / 3 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 37 ج 1 أحزاب ق 3 ص 39

جلسة 15 من مارس سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل محمود زكي فرغلي وفريد نزيه تناغو وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة. وحضور السادة الأساتذة: د/ طارق علي حسن - رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمركز الثقافي القومي (الأوبرا) سابقاً، ود/ عبد المنعم بركات نقيب النقابة العامة للأطباء البيطريين. ود/ رشدي أحمد طعيمة أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة المنصورة، ومهندس/ عبد الغني حسن السيد رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للأشغال بوزارة الري. ومحي الدين صقر الشعراني رئيس مجلس إدارة شركة ريفكو التابعة لوزارة الكهرباء من الشخصيات العامة.

---------------

(3)
الطعن رقم 3293 لسنة 36 القضائية

(أ) أحزاب سياسية - لجنة شئون الأحزاب السياسية - مهمتها - الرقابة القضائية على قرار اللجنة. اختصاص (دعوى: ما يدخل في اختصاص المحكمة الإدارية العليا) المواد 4، 7، 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 في شأن نظام الأحزاب السياسية.
مهمة لجنة شئون الأحزاب السياسية وسلطاتها إزاء الأحزاب المزمع تأسيسها تتحدد في ضوء المبادئ الدستورية والقانونية التي قررت أن تكوين الأحزاب حق عام للمصريين ولهم حق تكوين الأحزاب والانتماء إليها - جعل الشارع مسئولية كل جماعة في تكوين الحزب السياسي الذي ترتضيه منحصرة في التقدم بإخطار للجنة المذكورة وهي في طريق مرورها الطبيعي إلى ممارسة مهامها على الساحة السياسية - جعل المشرع مهمة اللجنة منحصرة في بحث أوراق الحزب وهو تحت التأسيس والتأكد من مدى توافر الشروط التي حددها الدستور والتي ورد تفصيلها في القانون في حقه - على اللجنة إذا ما تأكدت من توافر هذه الشروط في الحزب أن تترك سبيل مسيرته السياسية الطبيعية نحو أهدافه التي حددها برنامجه الذي تتوافر فيه الشروط الواردة في القانون - على اللجنة الاعتراض على قيام الحزب قانوناً إذا ما تخلف في حقه شرط أو أكثر من الشروط التي اقتضاها الدستور والقانون – في هذه الحالة على اللجنة أن تصدر قرارها مسبباً بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوي الشأن - ختم المشرع سماع ذوي الشأن حرصاً على تحقيق دفاعهم وإيضاح مواقفهم وتوجهاتهم أمام اللجنة لتبصيرها أهداف وأغراض مؤسس الحزب وبرامجه - حرص المشرع على تسبيب قرار اللجنة باعتبارها تتصرف في إطار سلطة مقيدة بنص الدستور وأحكام القانون في مجال حرية من الحريات وحق من الحقوق العامة للمصريين الذي يعد أحد أركان النظام العام الدستوري والسياسي للبلاد - يخضع ما تقرره اللجنة للرقابة القضائية من هذه المحكمة التي شكلها المشرع بالتشكيل المتميز الذي يكفل لها أعمال هذه الرقابة على مدى سلامة قرار اللجنة ومطابقته لأحكام الدستور والقانون - تطبيق.
(ب) أحزاب سياسية - شرط تميز برنامج الحزب.
المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 في شأن نظام الأحزاب السياسية
يتعين توافر شرط تميز برنامج الحزب وسياساته وأساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى - أساس ذلك: ضماناً للجدية التي تمثل مبدأ أساسياً من النظام العام السياسي والدستوري في تطبيق مبدأ تعدد الأحزاب السياسية وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية للعمل السياسي ببرامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى ويكون للتعدد الحزبي جدوى سياسية محققة للصالح القومي بما تحققه من أثر للعمل الوطني ودعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وتوسيعاً لنطاق المفاضلة بين الأحزاب السياسية أمامهم واختار أصلح الأحزاب التي تتبنى أصلح الحلول وأنسبها لتحقيق المصالح العامة للشعب - الدستور ومن بعده قانون الأحزاب السياسية تطلبا لزاماً اتفاق الأحزاب القائمة منها والتي تطلب التأسيس في أمور غير مسموح في شأنها بالاختلاف أو التميز - نتيجة ذلك: دائرة التميز المطلوب كشرط لتأسيس الحزب المزمع قيامه سوف يكون دائماً خارج إطار تلك الأمور - التماثل الذي قد يقترب من التطابق مفترض حتماً في تلك الأمور التي تمثل المبادئ والأهداف الأساسية التي تقوم عليها الأحزاب - عدم التميز أو التباين في هذا المجال الوطني القومي لا يمكن أن يكون حائلاً دون تأسيس أي حزب - التميز المطلوب قانوناً لا يمكن أن يكون مقصوداً به الانفصال التام في برامج الحزب وأساليبه وسياساته عن برامج وأساليب الأحزاب الأخرى جميعها - ليس في عبارة نص المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 أو دلالته أو مقتضاه ما يوحي بأن التميز يجب أن ينظر إليه بالمقارنة بما ورد ببرامج وسياسات الأحزاب الأخرى جميعها - أساس ذلك: الأخذ بمنطق هذا التفسير إلى منتهاه بفرضه قيداً هو أقرب إلى تحريم تكوين أي حزب جديد ومصادرة حقه في ممارسة الحياة السياسية منه إلى تنظيم هذا الحق كما أن الأخذ بهذا النظر يفترض أن هذه الأحزاب تمثل حزباً أو تنظيماً واحداً بحيث يجب أن يتميز عن الحزب طالب التأسيس وهو ما يتعارض مع مبدأ التعدد الحزبي الذي يقوم عليه النظام السياسي وفقاً لصريح نص الدستور
نتيجة ذلك: ليس المطلوب في التميز لبرنامج الحزب وسياساته أن يكون هناك تناقض واختلاف وتباين تام وكامل بينه وبين جميع الأحزاب الأخرى – هذا التميز يظل قائماً ومنتجاً لأثاره القانونية والدستورية ولو وجدت بعض أوجه التشابه بين برامجه أو أساليبه أو اتجاهاته مع الأحزاب الأخرى – التميز بهذه المثابة يختلف عن الانفراد وعن الامتياز والأفضلية عن باقي الأحزاب - التميز الظاهر وهو مناط ومبرر شرعية وجود حزب جديد يعني ظهور ملامح الشخصية المتميزة للحزب تحت التأسيس وتفردها على باقي الأحزاب الأخرى - الانفراد يعني عدم تماثل أي أمر من أمور الحزب تحت التأسيس مع أي من الأحزاب القائمة وهو أمر يستحيل في ظل الدستور وقانون الأحزاب الحاليين - أساس ذلك: التزام أي حزب بالأهداف والغايات الأساسية للمجتمع والأسس التي تمثل النظام العام الدستوري المصري - الامتياز والأفضلية لحزب على غيره إنما تقوم على مدى قدرة الحزب على تحقيق برامجه وسياسته وأن ينقل أفكاره من دائرة العقل والشعور إلى ميدان التطبيق الواقعي في حياة أعضائه وغيره من المواطنين بأبسط السبل وأيسرها - الامتياز بهذا المعنى يدخل في نطاق الرقابة على الممارسة والأداء ويخرج من نطاق الرقابة في النشوء المبتدأ الذي يقتصر على توفر الجدية والجدوى من برامج وسياسات الحزب المتميزة ظاهرياً – الامتياز يدخل في نطاق الرقابة الشعبية التي يكون لها وحدها الحق في المفاضلة بين الأحزاب القائمة لترى أيها أقدر سياسياً وحزبياً وأهدى سبيلاً إلى تحقيق آمالها وأحلامها على أرض الواقع - نتيجة ذلك: يخرج عن نطاق الرقابة على تأسيس الحزب السياسي مهمة التأكد من مدى قدرة الحزب طالب التأسيس على الامتياز على غيره في نشاطه وممارسته في الساحة السياسية الحزبية لتحقيق البرامج التي يطرحها بنجاح - أساس ذلك: لا يمكن أن يتأكد ذلك إلا في ساحة العمل والممارسة الحزبية والنضال السياسي - نتيجة ذلك: يكفي ليكون الحزب جاداً فيما قدمه من برامج أن تكون جدية ومتميزة وبها عناصر متعددة جديدة - يتحقق ذلك بأن تكون الأساليب التي أوردها الحزب بحسب الثابت في عيون الأوراق لتحقيق سياسات وبرامج منطقية وممكنه عقلاً ومؤدية بطريقة معقولة وواقعية إلى النتائج التي انتهى إليها - لا يكفي لطرح الثقة بهذه البرامج الادعاء بأنها مغرقة في الخيالات والأوهام ما دام الحزب قد قدم في الأوراق تصوراً محدداً للخطوات المنطقية والعملية التي يجدها مؤدية لتحقيق برامجه ما لم يتأكد فنياً وعلى أساس علمي ومنطقي دحض هذه الآراء واستحالة تنفيذها بناء على ما تقرره لجان أو جهات الخبرة على سند علمي وفني سليم تفند مزاعم الحزب تحت التأسيس وتكشف زيف توقعاته وضحالة أفكاره – إذا لم يتوافر للجنة المختصة السند العلمي والفني لعدم معقولية وعدم إمكان تحقيق أفكار أو سياسات وبرامج الحزب تحت التأسيس وجب عليها أن تسمح بمشاركته في حلبة الصراع السياسي حيث الأمر يومئذ مرجعه للشعب حيث يحكم عليه الشعب مع غيره من الأحزاب بفطرته وبذكائه وقدراته السياسية والطبيعية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 9/ 8/ 1990 أودع الأستاذ/ محمد أبو الفضل الجيزاوي المحامي بصفته وكيلاً عن مؤسس حزب الشعب الديمقراطي قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجداولها تحت رقم 3293 لسنة 36 ق عليا، وذلك في القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية يوم 9/ 7/ 1990 المنشور بالجريدة الرسمية بعددها رقم (28) الصادر في 12/ 7/ 1990م باعتراض اللجنة المذكورة على الطلب المقدم من الطاعن بصفته يوم 6/ 3/ 1990 بتأسيس الحزب وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة المذكورة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقدم الأستاذ المستشار علي رضا مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة مسبباً وقد انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 20/ 10/ 1990 حيث نظرته المحكمة بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى تقرر حجزه للحكم بجلسة 19/ 12/ 1990 ثم أعيد للمرافعة بعد اكتمال التشكيل وتقرر إعادة حجز الطعن للحكم بجلسة 23 من فبراير سنة 1991م ثم أعيد للمرافعة لعدم اكتمال التشكيل، وبعد ذلك تقرر حجز الطعن لجلسة اليوم 15/ 3/ 1992 وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 6/ 3/ 1990 قدم الطاعن عن نفسه وبصفته وكيلاً عن مؤسسي حزب الشعب الديمقراطي إخطاراً كتابياً إلى السيد رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية يطلب فيه تأسيس الحزب السياسي المذكور وأرفق بالإخطار قائمتين بأسماء الأعضاء المؤسسين للحزب وعددهم (92) عضواً مصدقاً على توقيعاتهم منهم (39) عضواً عن الفئات، (53) عضواً عن العمال، كما أرفق به برنامجاً للحزب ولائحته الداخلية كما أبلغت اللجنة رئيسي مجلسي الشعب والشورى والمدعي العام الاشتراكي بأسماء الأعضاء المؤسسين، وبالجلسات المعقودة في شهر يونيو سنة 1990 استمعت اللجنة إلى الطالب وتمت مناقشته في البرنامج المقدم على النحو المبين بمحاضر جلسات اللجنة المذكورة، وبتاريخ 9/ 7/ 1990 أصدرت اللجنة قرارها المطعون فيه والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (28) في 12/ 7/ 1990، وأقامت اللجنة قرارها على أنه ولئن كانت مبادئ الحزب لا تتعارض مع ما أوردته المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية، إلا أن سياسة الحزب وبرنامجه لا يتوفر فيهما شرط التميز الظاهر عن غيره من الأحزاب، وأن ما أورده الحزب من سياسات قدمت في البرنامج أو وردت على لسان وكيل المؤسسين عند مناقشته تركزت في محو الأمية وتخفيف الكثافة السكانية، وتحقيق الإصلاح الإداري، وتوفير الغذاء للجماهير، والعمل على تنظيم النسل، والعناية بالإنسان المصري من كافة الوجوه، ومساندة الحزب الوطني وهي كلها عبارة عن أقوال مرسلة، وتصورات هي أقرب إلى الشعارات منها إلى سياسات محددة حسبما أوجبته المادة الرابعة من القانون رقم (40) لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية، فضلاً عن أن هذه السياسات والبرامج تماثل كثيراً ما ورد في برامج الأحزاب الأخرى القائمة فعلاً ولا تتميز عنها، كما أن برامج الحزب تفتقد للتحديد الذي تتطلبه المادة الرابعة سالفة الذكر، إذ لا يعدو ما قدمه مؤسسوا الحزب أن يكون مجرد آمال وأحلام إذ تضمن برنامج الحزب استزراع أربعين مليون فدان، وإنشاء عشرين مدينة سكنية جديدة في الصحراء بمرافقها ومزارعها، دون أن يحدد كيفية تدبير المياه اللازمة للاستصلاح والاستزراع أو كيفية تدبير الموارد المالية اللازمة لتنفيذ هذه المشروعات، مما يجعل البرنامج مغرقاً في الأوهام التي تستعصي على التطبيق العملي، كما يطالب الحزب بالبدء فوراً في تمليك الأراضي الصالحة للزراعة شرق جبل العوينات "والأراضي" بالساحل الشمالي "ومنخفض القطارة، والوادي الجديد " للفلاحين الأجراء والشباب ويطالب بإدخال نظام الميكنة الزراعية وتعميم الري بالموتورات من مصادر الطاقة المتجددة من الآبار، والمياه الجوفية، وتحلية مياه البحر الأحمر، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، كما يدعو الحزب إلى منع التجريف والتبوير، وإدماج السياستين الزراعية والمائية في سياسية واحدة، ويقترح أسلوب التكليف المباشر وذلك بزراعة محصولين على مساحة واحدة في وقت واحد والاهتمام بالدراسات الخاصة بعودة الطمي، وهي حلول لها نظير في برامج حزب الوفد (ص29 - 30) والحزب الوطني الديمقراطي، والأمة (ص15)، والأحرار (ص21 - 23) أما بالنسبة للإنتاج الصناعي فقد تضمنت أسباب قرار اللجنة المطعون فيه، أن ما يدعو إليه الحزب من نهضة صناعية يختص فيها القطاع العام بالصناعات الثقيلة والاستراتيجية وتخفيض الضرائب المباشرة على المنتجات المصرية، لا تعدو أن تكون تفصيلات جزئية ورد نظير لها في برامج الأحزاب الأخرى، أما بالنسبة للتجارة الخارجية، فإن برامج الحزب في شأنها من طلب الحد من تصدير الخامات الأولية إلا بعد تصنيعها محلياً والتوسع في مجال النقل البحري هو ذات ما تدعو إليه معظم الأحزاب القائمة، وإن ما يشير إليه الحزب من الارتفاع الجنوبي في الأسعار وتحديدها مثل الربح في حدود (20%) من تكلفة السلعة، وإلزام تجار التجزئة بضرورة وجود فواتير الشراء للسلع من تجار الجملة هو في جملته ما يدعو إليه حزب الأحرار، كما أن ما أشار إليه برنامج الحزب من أن مصر قبلة العالم في السياحة لا يخصها أكثر من (2/1%) من السياحة العالمية، وما يقترحه الحزب من تشجيع الرأسمالية الشعبية "على الدخول في هذا المجال وتملك وإدارة المنشآت السياحية بوضع الإعفاءات والتيسيرات اللازمة لها، ورفع مستوى السلوك والخدمات السياحية والوعي السياحي، وتشجيع السائح على البقاء أكبر مدة ممكنة، هي مقترات وردت في برامج" حزب الوفد الجديد "والحزب الوطني "وحزب الأحرار" وبالنسبة للطاقة والموارد الطبيعية يرى الحزب ضرورة ترشيد استهلاك الطاقة والاعتماد تدريجياً على الطاقات المتجددة مع العودة إلى إنتاج الكهرباء من الفحم المصري المتوافر في سيناء، والتوفيق بين عمليات الرصف ومد الكابلات الكهربائية، ومواسير الغاز، والصرف الصحي في الشوارع وهو ما ورد له نظير في برامج "الحزب الوطني" كما أن جميع المقترحات الخاصة بحماية البيئة هي في الواقع الإجراءات الفعلية التي اتخذتها حكومة الحزب الوطني، فضلاً عن نشوء حزب خاص هو حزب الخضر المصري "الذي يعنى أساساً بشئون البيئة - أما المقترحات الخاصة بالتعليم، والثقافة والإعلام، فقد ورد لها نظير في جميع برامج الأحزاب الأخرى، وذات ما اقترحه من سياسات وبرامج بالنسبة للتغذية، والانتشار السكاني، وتنظيم النسل لا يتعدى كثيراً من الحلول التي قدمتها برامج الأحزاب الأخرى، أما إنشاء جيش وطني قوي لردع البغي والعدوان وليس بقصد تهديد أمن الغير فهو أمر متفق عليه بين جميع الأحزاب، كما أن اقتراح تطوير جامعة الدول العربية لتساهم في إقامة اتحاد فيدرالي سياسي واقتصادي، واجتماعي، وثقافي وعسكري، فذلك أمر قائم فعلاً وأن اللجنة قد استدعت وكيل المؤسسين وتحدثت معه عن تميز برنامج الحزب فقال أن "التميز الأساسي للبرنامج" يتمثل في أنه حزب التقدمية والصحوة ومسايرة التقدم والتطور وأنه قام لمساندة الحزب القائم في سياسته الداخلية والخارجية" وأن ما ذكره وكيل المؤسسين لم يضف جديداً إلى برنامج الحزب، فضلاً عن أن برامج الحزب طبقاً لما تقدم لا يتسم بالتحديد وأن الأماني والتصورات والأفكار لا تصلح أن تكون برنامجاً لحزب سياسي إلا إذا كانت قابلة للتحقيق ومن ثم فإن البرنامج المقدم من وكيل المؤسسين لا يمكن اعتباره برنامجاً محدداً على النحو الذي عنته المادة الثانية من قانون الأحزاب السياسية.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن القرار المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: أنه تناول بالمقارنة العلاقة بين برامج "الحزب الاشتراكي المصري تحت التأسيس" وبين الأحزاب الأخرى كحزب "الأحرار الاشتراكي" والحزب الوطني "وحزب التجمع الوطني التقدمي" إذ أن هذه الأحزاب قد ولدت معدومة قانوناً لفقدان سندها الدستوري ولا يمكن تصحيح سندها أو عودتها من العدم ذلك أن الشكل القانوني للتنظيم السياسي في الدولة طبقاً لدستور 1971م الذي ارتضاه الشعب هو تحالف قوى الشعب العاملة وهو الشكل الذي تأيد في الاستفتاء الذي أجراه الرئيس أنور السادات في 15 مايو 1974 وأعلن وقتها أنه يرفض الدعوة إلى تفتيت الوحدة الوطنية بشكل مصطنع عن طريق تكوين الأحزاب، وبتاريخ 11 نوفمبر 1976 أصدر الرئيس قراراً منفرداً مخالفاً للدستور والقانون وإهداراً للإرادة الشعبية وقرر إنشاء الأحزاب الثلاثة المشار إليها ومن ثم فإن المقارنة بين برامج هذا الحزب والأحزاب المشار إليها لا محل لها وذلك دون بحث المتشابهات التي التقطتها اللجنة المطعون فيها.
ثانياً: أن التماثل والتطابق في المقومات الرئيسية التي نص عليها الدستور أمر ضروري غير مسموح بالخلاف فيه، ومن ثم فلا يمكن أن يكون عدم التميز مانعاً من تأسيس الحزب أو استمراره والتميز لا يقصد التميز عن كل برامج وسياسات الأحزاب الأخرى مجتمعه وإنما الاختلاف البين عن كل حزب على استقلال، فلا يكون هناك حزبان متماثلان في كافة البرامج والقول بغير هذا قد يؤدي إلى عقبة تمنع تكوين الأحزاب نهائياً أو أن هناك أموراً حاكمة هي شروط تكوين الحزب واستمراره وعدم تعارض مقوماته أو أهدافه أو مبادئه أو سياساته مع مبادئ الشريعة الإسلامية والحفاظ على السلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي وإلا يكون تفريط في المكاسب الاشتراكية بحسبانها المقومات الأساسية للمجتمع المصري.
ثالثاً: أن القرار المطعون فيه لم يقم بدراسة برامج الحزب بعمق واكتفى بأن يردد مقتطفات من برامج الحزب وقارنها بما يمكن أن يكون له مثيل في البرامج الأخرى بينما تتميز برامج الحزب عن برامج الأحزاب الأخرى فيما تضمنته من تحقيق اللامركزية في إدارة شئون البلاد ومن خلال حكم محلي يباشر فيه المواطنون إدارة شئون بلادهم وإنشاء قضاء شعبي في الأحياء السكنية لفض المنازعات وتوفير ريف مصري (100%) للخروج من التبعية الاقتصادية لمن نستورد منهم القمح وإلغاء سياسة البناء من أجل التمليك وحظر ممارسة العمل السياسي في النقابات العمالية والمهنية والأندية والنزول بالتشكيلات التنظيمية القاعدية إلى مسئول الشارع ومسئول العمارة وتشكيل حكومة ظل والاعتماد على استعداد الجماهير المحكومة بتراثها التاريخي والاجتماعي والاقتصادي والإفادة من هذه الطاقات بإتمام توعيتها وتنظيمها وتعبئتها نحو هدف قومي وتحريكها من أجل تحقيق هذا الهدف.
ومن حيث إن هيئة قضايا الدولة قد عقبت على الطعن بمذكرة جاء بها أن "التميز الذي يستهدفه المشرع بمقتضى البند ثانياً من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 يجب أن يتحقق في أمرين معاً، أولهما برنامج الحزب، والثاني في سياسته وأساليبه في تحقيق البرنامج، وأن يكون ذلك في الأساسيات والركائز لا في الفرعيات والجزئيات وبالمقارنة بجميع الأحزاب القائمة وقت تقديم الطلب وليس عن حزب واحد منها والتميز المطلوب لا يمكن أن يكون مقصوداً به أن يكون تميزاً عن كافة ما تقوم به برامج الأحزاب الأخرى أو تكون أساليبه متميزة عن أساليب الأحزاب الأخرى مجتمعة فالتميز يتحقق متى توافر التفرد والانفصال في برامج الحزب وسياساته أو أساليبه عن حزب آخر بحيث لا يكون هناك حزبان يتفقان في البرامج والسياسات أو في الأساليب التي يعتنقها كل منهم لتحقيق تلك البرامج والسياسات وأن ما أورده الحزب في شأن إطارات السياسات العامة لبرامجه قد تضمن أموراً شتى في مختلف الجوانب جاءت كلها في أقوال عامة وعبارات مرسله فأصبحت أقرب ما تكون - إلى الشعارات منها إلى السياسات وليس فيها جديد يميزه عن الأحزاب الأخرى، كما أن برامج الحزب التفصيلية قد ورد لها مثيل في برامج الأحزاب الأخرى ومن ثم فإنه يكون قد افتقد التميز الظاهر عن برامج الأحزاب الأخرى العاملة وجاء مفتقراً إلى التحديد، ومن ثم لا تتوافر في حق هذا الحزب الشروط التي أوجبتها المادة الثانية والرابعة من قانون الأحزاب السياسية.
ومن حيث إن هذه المحكمة بتشكيلها المتميز الذي حددته المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1981 إنما تلتزم في إعمال رقابتها على القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب بالاعتراض على تأسيس الحزب بأحكام الدستور والقانون، ويقتضي ذلك ابتداء تحديد دور هذه اللجنة في أداء مهمتها الواردة بالقانون والإمكانيات التي أتيحت لها في بسط رقابتها القانونية على برامج الأحزاب تحت التأسيس، وذلك في ضوء أحكام مواد الدستور والمبادئ الدستورية العامة التي يتعين فهم وتفسير أحكامه في ظلها والأهداف والغايات القومية التي تسعى إلى تحقيقها، فقد أكدت وثيقة إعلان الدستور على أن جماهير شعب مصر هي التي قبلت وأعلنت ومنحت لنفسها الدستور، وقد انعقد عزمها على بذل كل الجهد لتحقق (أولاً) السلام القائم على العدل بحسبان أن التقدم السياسي والاجتماعي لكل الشعوب لا يمكن أن يتم إلا بحرية الشعوب وبإرادتها المستقلة، (ثانياً) أن الوحدة العربية هي أمل الأمة العربية باعتبارها نداء تاريخ ودعوة مستقبل، (ثالثاً) التطور المستمر للحياة في الوطن إيماناً بأن التقدم لا يحدث تلقائياً أو بالوقوف عند إطلاقه الشعارات، وإنما قوته الدافعة لتحقيقه في إطلاق جميع الإمكانيات والملكات الخلاقة والمبدعة للشعب (رابعاً) حرية الإنسان المصري عن إدراك بأن حرية الإنسان وعزته هي الشعاع الذي هدى ووجه مسيرة التطور الذي قطعته الإنسانية نحو مثلها العليا وأن كرامة الفرد انعكاس لكرامة الوطن، وأن سيادة القانون ليست ضماناً مطلوباً وحسب لحرية الفرد ولكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة، ولا يمكن تفسير تلك المبادئ التي تضمنتها مقدمة الدستور الذي أقره الشعب في استفتاء عام تفسيراً سليماً إلا إذا تم استعراض تطور الحياة السياسية في مصر فيما قبل ثورة 23 يوليو 1952 وبعد هذه الثورة ويبين من الدراسة لما قبلها أنه لم يرد في دستور 1882 أي نص إباحة أو حظر تكوين الأحزاب السياسية فهو بحكم نصوصه وظروف إصداره لم يتعرض إلا لنظام عضوية مجلس النواب واختصاصاته الدستورية، وبعد الاحتلال البريطاني لمصر في 1882 ألغي الدستور ووضع القانون النظامي على أساس تقرير اللورد دوفرين الذي جعل نظام الحكم المطلق بيد المعتمد البريطاني يمارسه بواسطة الخديوي ولم يتغير هذا الوضع في ظل القانون النظامي الصادر سنة 1913 في ظل الاحتلال، ولم يرد في دستور سنة 1923 أي نص صريح بإباحة تشكيل الأحزاب السياسية أو بتنظيم هذه الأحزاب، وقد ورد النص في هذا الدستور على كفالة حرية الرأي وأن لكل إنسان الإعراب عن فكره بالقول أو بالكتابة أو بالتصوير أو بغير ذلك في حدود القانون (م14) وعلى أن للمصريين حق الاجتماع في هدوء وسكنية غير حاملين سلاحاً (م200) - وعلى أن للمصريين حق تكوين الجمعيات مع حظر الجمعيات السرية أو ذات النظام العسكري وكيفية استعمال هذا الحق يحدده القانون (م31) ويطابق هذا النص ما ورد في دستور 1930 في المادة (21) منه كما أن المادة (14) سالفة الذكر من دستور سنة 1923 بشأن حق الاجتماع للمصريين مطابق لدستور سنة 1939 في المادة (20) منه، وقد قامت معظم الأحزاب السياسية في مصر قبل صدور دستور سنة 1923 واستمرت قائمة بعده كما نشأت أحزاب أخرى بعد صدوره دون أن يجادل أحد في أن حق تكوين الجمعيات شامل لها بجميع أنواعها، ومن بينها الأحزاب السياسية وأنه حق متفرع كذلك من حرية الاجتماع وحرية إبداء الرأي وحق الترشيح وحق الانتخابات للمجالس النيابية وهي حقوق قررتها دساتير سنة 1923، سنة 1930، ولم يصدر قانون تنظيم الأحزاب السياسية بعد صدور دستور سنة 1923 وقبل قيام ثورة يوليو 1952 ليضع القواعد الكفيلة لتحقيقها لأهدافها السياسية في خدمة الشعب، وبعد أن قامت ثورة 23 يوليو سنة 1952 وأعلنت مبادئها الستة المعروفة وبينها: إتاحة حياة ديمقراطية سليمة "صدر في سبتمبر 1952 المرسوم بقانون رقم 179 لسنة 1952 بتنظيم الأحزاب السياسية وقد استهدف هذا المرسوم إتاحة الفرصة للأحزاب السياسية القائمة لتنظيم نفسها وتطهير صفوفها بما يزيل عيوب تعددها وتفتتها عن غيرها من الأحزاب التي نشأت قبل المرسوم بقانون رقم 179 لسنة 1952 وتأثير ذلك على الوحدة الوطنية وصلابتها مع التقرير في المادة الأولى منه بحرية المصريين في تكوين الأحزاب السياسية والانتماء إليها وفي 17 يناير سنة 1953 أصدر القائد العام للقوات المسلحة بصفته رئيساً لحركة الجيش إعلاناً دستورياً انتهى فيه إلى إعلان فترة انتقال لمدة ثلاث سنوات حتى تتمكن الثورة من "حكم ديمقراطي دستوري سليم" مع حل الأحزاب السياسية اعتباراً من هذا التاريخ ومصادرة جميع أموالها لصالح الشعب، وقد أبان هذا الإعلان الدستوري أن الأساس الذي ذهب إليه في حل الأحزاب السياسية القائمة هو الحفاظ على الوحدة الوطنية في مواجهة الاحتلال الأجنبي ومنع التأثير الأجنبي على الحياة السياسية المصرية الوطنية من خلال التحالف أو الاتصال بين الأحزاب والدول الأجنبية المختلفة - وصدر عقب ذلك المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1953 وقد قام هذا المرسوم بقانون على عدة مبادئ أساسية بينها حظر مباشرة أي نوع من النشاط الحزبي على أعضاء الأحزاب السياسية المنحلة والمنتمين إليها وتحريم تقديم أية مساعدة لهؤلاء الأشخاص في سبيل قيامهم بمثل هذا النشاط (م2) وحظر قيام أية أحزاب سياسية جديدة، مع إلغاء المرسوم بقانون رقم 179 لسنة 1952 بتنظيم الأحزاب السياسة (6م)، وفي 10 من فبراير سنة 1953 صدر إعلان دستوري تضمن المبادئ الأساسية للحكم في المرحلة الانتقالية المؤقتة السابق إعلانها وصدر مرسوم بقانون رقم (36) لسنة 1953 في شأن التدابير المتخذة لحماية حركة 23 يوليو سنة 1952 والنظام القائم عليها وقد قضت أحكامه باعتبار كل تدبير اتخذ خلال سنة من 23 يوليو سنة 1952 - بقصد حماية هذه الحركة والنظام القائم عليها من أعمال السيادة - وأثر إلغاء الأحزاب السياسية أنشأ النظام الحاكم (هيئة التحرير) وكانت طبقاً لنظامها الأساسي "تجميعاً شعبياً ووطنياً هدفه توحيد جهود المواطنين بكافة طوائفهم وفئاتهم ونزعاتهم لتحقيق الهدف الأول من أهداف ثورة 23 يوليو سنة 1952 وهو إجلاء المستعمر الأجنبي عن البلاد، واستمرت هذه الهيئة حتى صدر دستور سنة 1956 الذي تضمن النص في أحكامه الختامية والانتقالية على إنشاء اتحاد قومي يهدف إلى بناء البلاد بناء سليماً من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية ومنح هذا الاتحاد الاختصاص في الترشيح لعضوية مجلس الأمة وترك الدستور المذكور تنظيم هذا الاتحاد بقرار يصدره رئيس الجمهورية وبعد صدور الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة خلال الوحدة مع سوريا تضمن نص المادة (72) الذي قضى بأن يكون المواطنون في إقليمي الجمهورية اتحاداً قومياً للعمل على تحقيق الأهداف القومية، وذلك لتحقيق ذات أهداف الاتحاد القومي المصري في الإقليمين وتنظيم أمور هذا الاتحاد بقرار من رئيس الجمهورية، وبعد إعلان الميثاق الوطني سنة 1962 وصدر دستور سنة 1964 نصت المادة (3) منه على أن "الوحدة الوطنية التي يصنعها تحالف قوى الشعب العاملة المختلفة للشعب العامل وهي الفلاحون والعمال والجنود والمثقفون والرأسمالية الوطنية، هي التي تقيم الاتحاد الاشتراكي العربي ليكون السلطة الممثلة للشعب والرافعة لإمكانات الثورة والحارسة على قيم الديمقراطية السليمة.
ثم صدر بيان 30 مارس سنة 1968 بعد هزيمة يونيو سنة 1967 وتضمن أن من أسباب الهزيمة الرئيسية إهدار سيادة القانون وانعدام الديمقراطية في ظل سيطرة مراكز القوى على الاتحاد الاشتراكي العربي، وعلى السلطة في البلاد، ومع تأكيد البيان على صيغة الاتحاد الاشتراكي العربي فقد أرجع المشاكل الناتجة عن وجوده إلى عدم قيامه على الانتخاب الحر من القاعدة إلى القمة".
وبعد أن أعلن في 15 مايو سنة 1976 إزاحة مراكز القوى المتسلطة على الشعب بدأ الإعداد للتصحيح الكامل لمسار ثورة 23 يوليو سنة 1952 بوضع مبدأها السادس وهو إقامة الحياة الديمقراطية السليمة موضوع التطبيق والتنفيذ فبدأ الإعداد لوضع دستور دائم للبلاد وإزالة التناقض المصطنع بين الحرية السياسية ومصالح الأغلبية العظمى من الشعب والذي افتعلته مراكز القوى للإنفراد بالسلطة والتحكم في مصير الدولة وتحقيق أطماعها ونزواتها ومصالحها الذاتية، وفتح الطريق أمام الديمقراطية باعتبارها الضمان الوحيد ضد ظهور مراكز القوى وضد الشللية وضد الولاء للفرد أو لمجموعة من قليل من الأفراد وأثر ذلك صدر دستور 1971 القائم بعد موافقة الشعب عليه في الاستفتاء العام في 11 من سبتمبر 1971 متضمناً النص في المادة الثالثة منه على أن "السيادة للشعب وهو مصدر السلطات ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور" ونص في المادة الخامسة على قيام الاتحاد الاشتراكي العربي والمبادئ الأساسية التي أصبحت تنظم وتحكم نشاطه ومن بينها مبدأ الديمقراطية وأفرد الدستور الباب الثالث للحريات والحقوق والواجبات العامة وتضمن النص في المواد (47)، (48) على حرية الرأي وحرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام ونص في المادة (54) على حق المواطنين في الاجتماعات العامة والمواكب الشعبية ونصت المادة (55) على حق المواطنين في تكوين الجمعيات على الوجه المبين في القانون وحظر في ذات الوقت إنشاء جمعيات يكون نشاطها معادياً لنظام المجتمع أو سرياً أو ذا طابع عسكري".
ثم صدرت بعد ذلك ورقة أكتوبر 1974 التي طرحت في استفتاء شعبي والتي تضمنت الاعتراف بأنه "إذا كانت ثورة يوليو 1952 قد أنجزت الكثير في الحرية الاجتماعية فإنه بكل أمانة لابد أن يسلم أن جانب الحرية السياسية لم يتحقق على الوجه الذي يريده الشعب بل لقد فرضت مراكز القوى وصايتها على الجماهير وتعدت القيود والإجراءات...... إلخ.
"أنه لا معنى للحرية السياسية بالنسبة للجائع الذي يضطر لبيع صوته في الانتخابات... وأيضاً فإنه لا جدوى للقمة العيش إذا فقد الإنسان أهم ما يميزه وهو الحرية السياسية، واليوم بعد انتصار أكتوبر وتأكيد وحدة الصف الوطني وارتفاع المواطنين إلى مستوى المسئولية، لابد أن يؤكد معنى الحرية السياسية جنباً إلى جنب مع الحرية الاجتماعية" وأن الديمقراطية "ليست مجرد نصوص ولكنها ممارسة عملية ويومية وأن الديمقراطية لا تمارس في فراغ بل لابد من إطارات تحدد من خلالها الاتجاهات التي تخص أمور الوطن السياسية والاقتصادية والاجتماعية.... إلخ"
ولقد تضمنت ورقة تطوير الاتحاد الاشتراكي التي قدمها الرئيس الراحل أنور السادات في أغسطس 1974 أن نفي فكرة الحزب الواحد من الاتحاد الاشتراكي العربي لا يمكن أن يتم إلا بالتسليم بتعدد الاتجاهات داخله وأنه يتعين تحرير العضوية بالاتحاد من أن تكون شرطاً لأي منصب أو وظيفة من جهة وتحرير فكر العضو إلا من المبادئ الأساسية الستة لثورة 23 ومواثيقها المتوالية - ثم بعد تشكيل لجنة مستقبل العمل السياسي برئاسة رئيس مجلس الشعب وعضوية عدد من أعضاء من النقابات المهنية والعمالية والتي تدارست الاتجاهات للتطوير وأبدت أنها ثلاثة اتجاهات أولها يرى إنشاء منابر ثابتة داخل إطار الاتحاد الاشتراكي والثاني يذهب إلى إنشاء منابر متحركة داخل إطار هذا الاتجاه أما الثالث فيعتبر الاتحاد حزباً سياسياً للثورة بمبادئها ومواثيقها ويقوم خارجه أحزاباً أخرى وبعد تطوير نظام المنابر طالبت اللجنة البرلمانية للرد على بيان الحكومة بمجلس الشعب في تقرير لها في 23 من ديسمبر سنة 1976 بإعداد تشريع للأحزاب السياسية لأنه "قد صار ضرورياً أن يصدر مجلس الشعب قانوناً ينظم قيام الأحزاب وأسلوب إعلانها والضوابط الموضوعية التي تصاحب قيامها" وبناء على ذلك فقد صدر القانون رقم (40) لسنة 1977 بتنظيم الأحزاب السياسية وقد تضمن تقرير اللجنة التشريعية بمجلس الشعب عن الاقتراح بقانون المقدم منها بشأن نظام الأحزاب السياسية والاقتراحات بمشروعات القوانين الأخرى المقدمة من بعض أعضاء مجلس الشعب فيما يتعلق بدستورية قيام الأحزاب السياسية في ظل أحكام الدستور الصادر سنة 1971، وبصفة خاصة أحكام المادة الخامسة منه قبل تعديلها سنة 1980 والتي كانت تنص على أن "الاتحاد الاشتراكي والتنظيم السياسي الذي يمثل بتنظيماته القائمة على أساس مبدأ الديمقراطية وتحالف قوى الشعب العاملة للفلاحين والعمال والجنود والرأسمالية الوطنية وهو أداة هذا التحالف في تعميق قيم الديمقراطية والاشتراكية وفي متابعة العمل الوطني في مختلف مجالاته ودفع هذا العمل الوطني إلى أهدافه المرسومة.
ويؤكد الاتحاد الاشتراكي العربي سلطة تحالف قوى الشعب العاملة عن طريق العمل السياسي الذي تباشره تنظيماته بين الجماهير وفي مختلف الأجهزة التي تضطلع بمسئوليات العمل الوطني.
وبين النظام الأساسي للاتحاد الاشتراكي العربي شروط العضوية فيه وتنظيماته المختلفة وضمان ممارسة نشاطه بالأسلوب الديمقراطي على أن يمثل العمال والفلاحين في هذه التنظيمات بنسبة خمسين في المائة على الأقل" - وقد أوردت اللجنة في تقريرها أن "نص المادة (55) من الدستور المتعلق بحق تكوين الجمعيات وإن كان يقرر المبدأ الدستوري عن حق المصريين في تكوين أي نوع من الجمعيات بما في ذلك الجمعيات السياسية، إلا أنه لا يمكن مباشرة هذا الحق إلا بصدور القانون الذي ينظم كل نوع من أنواع هذه الجمعيات، وبالنسبة للأحزاب كجمعيات سياسية فإنه يتعين صدور القانون المنظم للأحزاب السياسية، حتى يمكن مباشرة الحق الدستوري الذي تضمنه النص طبقاً للقواعد التي يبينها هذا القانون وأساس ذلك ما يلي:
( أ ) أن الحزب السياسي لا يعدو كونه جماعة منظمة أو جمعية منظمة أو تنظيماً لمجموعة من المواطنين يعملون كوحدة سياسية بتجميع الناخبين والحصول على تأييدهم لأهداف وبرامج تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ومن المسلمات في الفقه الدستوري المصري والمقارن ومن استقراء الدساتير المصرية السابقة ودساتير دول العالم على اختلاف نظمها واتجاهاتها السياسية والاجتماعية أن حق تكوين الأحزاب السياسية يعد حقاً من الحقوق الدستورية العامة المتفرعة على حق تكوين الجمعيات أو الجماعات ما دام أن الدستور لا يخص هذا الحق بنوع معين أو محدداً حقاً منها ولا يحظر بالذات تكوين هذا النوع من الجمعيات السياسية أو يفرض فيه نظام الحزب الواحد كما أنه من المسلمات في هذا الفقه أن حق تكوين الجمعيات ومنها الأحزاب السياسية ينبثق عن الحقوق والحريات العامة التي تقررها الدساتير الديمقراطية بصفة أساسية، وهي حق الانتخاب والترشيح والاستفتاء وحرية إبداء الرأي والعقيدة السياسية بوسائل الإعلان المختلفة باعتبارها حقوقاً وحريات حتمية يتعين الاعتراف بها نتيجة التسليم بأن السيادة للشعب وهي كذلك تترتب على التسليم بها حتماً التسليم بحق التجمع السياسي في صورة الأحزاب.
(ب) أن الفقرة الأولى من المادة (55) من الدستور قررت الحق للمصريين في تكوين الأحزاب طبقاً للقانون - وفي ذات الوقت حظرت فقرتها الثانية تكوين الجمعيات ذات النشاط المعادي لنظام المجتمع والجمعيات السرية أو ذات الطابع العسكري، ولم يكن ثمة مبرر للنص في هذه الفقرة الثانية على هذا الحظر لهذا النوع من الجمعيات وهي بالضرورة جمعيات سياسية إلا لو كان تعبير الجمعيات في الفقرة الأولى من النص مقصوداً به كل أنواع الجمعيات بما في ذلك الجمعيات السياسية أي الأحزاب - يؤكد ذلك النص الذي عرض في الأعمال التحضيرية للدستور للمادة (55) كان يقضي بأن "للمواطنين حق تكوين الجمعيات بقصد تنمية النشاط السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي لقوى الشعب العاملة. والجمعيات السرية محظورة وكذلك الجمعيات التي تسعى بطريق غير مباشر إلى أهداف سياسية عن طريق تشكيلات ذات طابع عسكري" وقد عدلت صياغة النص على النحو الذي ورد بالدستور، ولم يطرأ على عبارات النص ما يغير المعنى المقصود بعبارته في فقرتيه الأولى والثانية، إذ أن ارتباط هاتين الفقرتين يحتم فهم نص المادة في صياغتها الأخيرة بما يشمل الأحزاب السياسية، ولكن ما أضيف إلى الفقرة الأولى من النص على أن ممارسة حق تكوين الجمعيات يكون طبقاً للقانون، هو الذي جعل هذا الحق معلقاً على صدور القوانين التي تنظم الأنواع المختلفة منها وبينها قانون الأحزاب السياسية، ويقتضي اشتراط الفقرة الأولى من المادة (55) من الدستور صدور القانون المنظم للأحزاب السياسية لقيامها - أن المشرع الدستوري قد ترك أمر تقدير ملاءمة صدور هذا القانون للمشرع العادي كما لم يصدر قانون بنظام الأحزاب السياسية فإنه لا يمكن دستورياً قيام هذه الأحزاب ومن ثم فإن حق المصريين في تكوين الأحزاب مستمداً بصورة صريحة من المادة (55) من الدستور... إلخ.
(جـ) أن العرف الدستوري قد جرى في مصر باستقرار ودون أية شبهة على التسليم بحق المصريين في تكوين الأحزاب السياسية حتى في ظل الدساتير التي صدرت خلال فترة الاحتلال والإدارة الأجنبية للبلاد وعند ما صدر مرسوم سنة 1952 بأن تنظيم الأحزاب السياسية سالف الذكر أصبح لا يمكن مباشرة الحق الدستوري إلا في نطاقه ثم صدر المرسوم رقم 37 لسنة 1953 الذي قرر صراحة حل الأحزاب السياسية القائمة وحظر تشكيل الأحزاب السياسية أو ممارسة أي نشاط حزبي ولم يرد في أي من الدساتير التي صدرت بعد الثورة في السنوات سنة 1956، 1958، سنة 1964، ولا في دستور سنة 1971 - كما سبق القول أن أي نص على أن الاتحاد الاشتراكي العربي هو التنظيم السياسي الوحيد في البلاد، ولا أي نص على حظر تكوين الأحزاب السياسية بل ورد في كل من هذه الدساتير النص على حق المصريين في تكون الجمعيات طبقاً للقانون الذي يصدر بتنظيمها.
(د) أن العرف التشريعي بعد الثورة سواء قبل سنة 1971 وما بعدها قد جرى على أن الحائل دون قيام الأحزاب ليس حائلاً دستورياً ولكنه حائل قانوني متمثل في:
(أولاً) أحكام المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1952 بشأن حل الأحزاب السياسية.
(ثانياً) عدم صدور قانون تنظيم لهذه الأحزاب باعتبارها نوعاً من الجمعيات التي لا يمكن مباشرة الحق في إنشائها وتكوينها إلا طبقاً للقانون وذلك بعد إلغاء القانون رقم 79 لسنة 1952 بتنظيم الأحزاب.
(ثالثاً) صدور القانون رقم 34 لسنة 1972 بحظر تكوين أية تنظيمات سياسية خارج الاتحاد الاشتراكي العربي والنص لأول مرة صراحة على أنه التنظيم السياسي الوحيد بالبلاد.... إلخ
(هـ) كان ثمة رأي في لجنة نظام الحكم التي كانت مكلفة بإعداد نصوص الدستور الحالي يرى عدم إيراد نص في الدستور عن الاتحاد الاشتراكي ذاته اكتفاء بالنص على حرية المواطنين في تكون الجمعيات باعتبارها تشمل هذا التنظيم السياسي ذاته ورغم أنه لم يؤخذ بهذا الرأي من غالبية أعضاء اللجنة التي انتهت إلى وضع نص في الدستور عن الاتحاد الاشتراكي (م5) فإن ذلك لم يكن أساسه أن حق تكوين الجمعيات لا يدخل فيها الجمعيات السياسية أي الأحزاب السياسية ولكن لأن ثمة مسائل أساسية وجوهرية تتعلق بالحقوق والحريات العامة للمواطنين وهي الأساس الجوهري لتنظيم وكيان الاتحاد الاشتراكي ذاته كان يقوم عليه من التعبير عن تحالف قوى الشعب العاملة والوحدة الوطنية كأساسين دستوريين للنظام السياسي في البلاد وهي لا يجوز تقريرها على نحو مشروع إلا بنص في الدستور فصدر متضمناً نص المادة (5) منه على النحو سالف الذكر.
(و) أخذ المشرع بهذا النظر الدستوري السديد في المادتين الأولى والثانية من القرار بقانون رقم 2 لسنة 1977 بشأن حماية حرية الوطن والمواطن وقضت المادة الأولى منه بأن حق تكوين الأحزاب مكفول طبقاً لما ينص عليه القانون الخاص بإنشاء الأحزاب حال صدوره من السلطة التشريعية أي أن الحق في إنشاء الأحزاب السياسية معلق بصدور القانون المنظم لها حسبما تستلزم ذلك المادة (55) من الدستور، وتنص المادة (2) على أن التنظيمات السرية والتنظيمات المعادية لنظام المجتمع محظورة وهذا الحظر هو ذاته الحظر الوارد في الفقرة (2) من المادة (55) من الدستور، فأساس حرية تكوين الأحزاب السياسية إذن في نظر القانون رقم (2) لسنة 1977 والذي وافق عليه الشعب في الاستفتاء هو نص المادة (55) من الدستور التي قررت للمواطنين حق تكوين الجمعيات على الوجه المبين في القانون وحظر تكوين الجمعيات السرية أو المعادية لنظام المجتمع أو ذات الطابع العسكري وهي ذاتها شاملة للتنظيمات الحزبية المحظورة طبقاً للمادة (2) من القرار بقانون المذكور.... إلخ.
وبمناسبة افتتاح دور الانعقاد الأول لمجلس الشعب سنة 1979 أعلن رئيس الجمهورية بناء على ما سبق أن تضمنه تقرير لجنة تطوير العمل السياسي قراراً سياسياً بأن تتحول التنظيمات التي كانت قد تكونت كمنابر داخل الاتحاد الاشتراكي العربي إلى أحزاب سياسية بالمعنى الدقيق وفي 3 فبرار سنة 1977 صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 2 لسنة 1977 السالف الإشارة إليه استناداً لحكم المادة (74) من الدستور وبناء على ما سلف ذكره صدر في 2 يوليو سنة 1977 القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية والذي أصبح نافذاً اعتباراً من 7 يوليو سنة 1977 ونص في المادة (30) منه على أن تستمر قائمة التنظيمات الثلاثة الحالية وهي:
1 - حزب مصر العربي الاشتراكي 2 - حزب الأحرار الاشتراكيين 3 - حزب التجمع الوطني التقدمي... ونصت المادة الأولى منه على أن للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصري الحق في الانتماء لأي حزب سياسي وذلك طبقاً لأحكام هذا القانون، ونصت المادة الثانية على تعريف الحزب السياسي بأنه "كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون الاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعي والاشتراكية الديمقراطية والحفاظ على مكاسب العمال والفلاحين وذلك كله على الوجه المبين بالدستور، وتعمل هذه الأحزاب باعتبارها تنظيمات وطنية وشعبية وديمقراطية على تجميع المواطنين وتمثيلهم سياسياً، وفصل القانون المذكور الأحكام الخاصة بشروط التأسيس للأحزاب السياسية واستمرارها وانقضائها، وأنشأ لجنة خاصة لشئون الأحزاب تقدم إليها طلبات تأسيس الأحزاب، ولها حق الاعتراض عليها بقرار مسبب، إذا كان قيامها يتعارض مع أحكام القانون.
وفي 11 إبريل سنة 1979 نشر قرار رئيس الجمهورية رقم 157 لسنة 1979 بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء حيث تضمن الموضوعات المحدد طرحها للاستفتاء الشعبي ومنها ما ورد تحت البند ثانياً الخاص بإعادة تنظيم الدولة على الأسس التالية تدعيماً للديمقراطية 1 - ............ 2 - إطلاق حرية تكوين الأحزاب السياسية...." وبعد موافقة الشعب على ما طرح في الاستفتاء فقد تم تعديل المادة (5) من الدستور على مقتضى نتيجة الاستفتاء الذي تم في 22 مايو سنة 1980 فأصبح نصها يجري على الوجه الآتي:
النظام السياسي في جمهورية مصر العربية يقوم على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور وينظم القانون الأحزاب السياسية".
ومن حيث إنه يبين من العرض المتقدم أن أحكام القانون رقم (40) لسنة 1977 قد صدرت في ظل ما قررته أحكام الدساتير المصرية المتعاقبة ومنها دستور سنة 71 من حق المصريين في تكوين الجمعيات بما يشمل الجمعيات السياسية أو الأحزاب - بشرط ألا تكون معادية لنظام المجتمع أو تقوم على تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية، وبناء على الحريات العامة المقررة في هذه الدساتير، ومنها ذات الدستور الحالي والتي تقضي صراحة بحرية الرأي والتعبير بكل وسائل النشر العلنية عن الرأي، وحق الاجتماع والتظاهر وسير المواكب الجماهيرية السلمية في إطار القانون، وفي إطار عدم وجود حظر في الدستور ذاته لوجود تنظيم سياسي أو حزب سياسي بناء على هذا الحق المكفول للمصريين بجانب الاتحاد الاشتراكي الذي لم ينص ذات الدستور على كونه التنظيم السياسي الوحيد دستورياً، وأن قيام الأحزاب بناء على كونها حقاً عاماً للمصريين كان معلقاً على إزالة الحظر القانوني الذي فرض انفراد الاتحاد الاشتراكي بالساحة السياسية، وفور صدور القانون الذي ينظم كيفية قيام الأحزاب كجماعات إعمالاً لنص المادة (55) من الدستور، وليس في تعديل أحكام الدستور التي أقامت النظام السياسي على أساس تعدد الأحزاب جديد في شأن إطلاق حرية كل من الأحزاب السياسية الانتماء إليها دستورياً بل إن ذلك مجرد تأكيد لهذا الحق الدستوري للمصريين وإن صدرت صريحة هذه الأحكام في تاريخ لاحق على صدور قانون الأحزاب تحقيقاً للإرادة الشعبية التي أفصحت عنها جموع الشعب في الاستفتاء على القانون رقم (2) لسنة 1977 في شأن تعدد الأحزاب السياسية وإطلاق حرية تكوينها، ولا يعدو النص عليها أن تكون تسجيلاً لهذه الإرادة فيما سبق أن أفصحت عنه في الاستفتاء المشار إليه، والتي أقرت ضمناً قيام الأحزاب التي كانت قائمة من قبل بصورة منابر وهي حزب مصر الاشتراكي العربي "الحزب الوطني الديمقراطي" وحزب الأحرار الاشتراكيين "وحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي" وفي ضوء هذه الأحكام التي لم يضف إليها تعديل الدستور على الوجه المتقدم ذكره إلا أنه، لم يعد ممكناً قانوناً أن يقوم النظام السياسي المصري على نظام الحزب السياسي الواحد، أو التنظيم السياسي الواحد ولم يعد ممكناً للمشرع العادي أن يحظر قيام الأحزاب أو يجعل حزباً واحداً بديلاً لها، وبذلك فإن تعدد الأحزاب وحرية تكوينها أو الانتماء إليها يكون هو الأصل العام الدستوري الذي يتلاءم صدقاً وحقاً مع النظام الديمقراطي الذي تأخذ به جمهورية مصر العربية وليس فقط لأن ذلك تنفيذاً لأحكام المادة الخامسة من الدستور بعد تعديلها بل ذلك أصلاً حق متفرع على حق تكوين الجمعيات والحزب السياسي جمعية سياسية وبناء على ما نص عليه الدستور في المادة (47) من حرية الرأي والعقيدة وفي المادة (48) من حرية التعبير في جميع وسائل الإعلام والنشر، وتعد فرعاً من حق المساهمة في الحياة العامة التي نصت عليها المادة (62) في الدستور واعتبرتها واجباً وطنياً ونتيجة طبيعية لحق التظاهر وتسيير المواكب العامة تعبيراً عن الرأي السياسي، بل إن وجود الأحزاب وتعددها يعد في ذاته ضرورة نظام لاتصاله أوثق الصلة بسير المؤسسات الدستورية وطريقة اضطلاعها بالاختصاصات المقررة لها بمقتضى الدستور والقانون فرغم أن قانون الأحزاب السياسية قد صدر قبل تعديل الدستور، والنص صراحة في المادة (5) بعد تعديلها على التعددية الحزبية كأساس للنظام السياسي فإن واضعي القانون المشار إليه أقاموه على أساس أحكام من الدستور بحق وقد ارتكنوا - كما هو ظاهر من تقرير اللجنة التشريعية ومن مذكرته الإيضاحية - إلى النصوص الصريحة التي تقرر الحقوق والحريات العامة المقررة بالدستور ومنها حرية الرأي والعقيدة السياسية وحق الاجتماع وحق تكوين الجمعيات باعتبار أن تكون الأحزاب يعد حقاً دستورياً متفرعاً عنها مترتباً عليها، استناداً إلى النظم الديمقراطية التي تقوم على أساس سليم بقيام الأحزاب السياسية باعتبارها ضرورة واقعية للتعبير عن اختلاف الرأي الذي تحتمه طبيعتها الديمقراطية ولو لم ينص الدستور صراحة على حرية تكوين الأحزاب السياسية وتنظيمها وهذا ما ذهبت إليه كذلك المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 44 لسنة 7 ق.
ومن حيث إن القانون رقم 40 لسنة 1977 في شأن نظام الأحزاب السياسية قد نظم الأحكام الخاصة بشروط تأسيس الأحزاب السياسية واستمرارها وحلها وطريقة وصولها كحزب سياسي إلى الساحة السياسية وذلك بعد تحديد الأسس والمبادئ الأساسية لتنظيم الأحزاب السياسية التي تبناها المشرع حسبما هو ثابت من تقرير اللجنة التشريعية بمجلس الشعب والمذكرة الإيضاحية التي وضعت عن المشروع وباعتبار أن الأحزاب السياسية تعد ركناً جوهرياً لقيام الحياة الديمقراطية الصحيحة وهي هدف أساسي من الأهداف الستة لثورة 23 يوليو سنة 1952 "فوجود الأحزاب المتعددة البرامج والاتجاهات يحقق في الحياة السياسية المزايا الآتية: (أولاً) تشجيع التجمع الإنساني بكل صوره لتحقيق أهداف مشتركة وبصفة خاصة التجمع السياسي... إلخ
(ثانياً) إعطاء فرصة للمواطنين لاختيار برامج متعددة لأحزاب متنافسة على تحقيق آمالها... إلخ (ثالثاً) الحيلولة دون طغيان الحكومة وتحكمها واستبدادها لخضوعها لرقابة واعية ويقظة من أحزاب المعارضة (رابعاً) تحديد المسئولية الأساسية للحكومات المتعاقبة أمام مجلس الشعب حيث تكون كل حكومة مسئولة مسئولية سياسية أمام الشعب والحزب الذي تنتمي إليه عما نفذته من أعمال وسياسات خلال فترة توليها الحكم أمام الشعب، ويكون للشعب تجديد الثقة بالحزب الذي شكلت منه أو عدم تجديدها في الانتخابات العامة على ضوء ما حققته تلك الحكومة من سياسات وما التزمت به من رعاية مصالح الشعب العامة.
(خامساً) حماية السلام الاجتماعي بكفالة الانتقال الشرعي والسلمي بالطريق الديمقراطي للسلطة إلى الحكومة والبرلمان المشكلة من الحزب الذي يحوز ثقة الجماهير.. إلخ وقد تضمن تقرير اللجنة أنه من المسلم به كثرة العيوب من تعدد الأحزاب السياسية "إذا ما ترك إنشاؤها وممارستها لنشاطها بلا ضوابط ولا قواعد مما يؤدي إلى إضرارها بالحياة الديمقراطية الصحيحة بل وإجهاض هذه الديمقراطية ومن العيوب المسلم بها في هذا الصدد أولاً) التعدد غير الجدي.... إلخ.
(ثانياً) تهديد الوحدة الوطنية.. إلخ".
وقد أورد تقرير اللجنة المبادئ الأساسية الجوهرية التي قام عليها القانون رقم (40) لسنة 1977 والذي صيغت أحكامه تحقيقاً لها منها. (ثالثاً) مبدأ جدية تكوين الأحزاب السياسية وذكرت اللجنة في تقريرها أن المقصود بذلك أن يكون قيام الحزب جدياً وممثلاً في اتجاه شعبي جدي وواقعي وليس مجرد وجود صوري لا يعبر إلا عن مؤسسيه ودون أن تكون له قاعدة جماهيرية واضحة، ودون أن يكون لوجوده إضافة جدية للعمل السياسي، وقد تضمن المشروع الأحكام المتفرعة على هذا المبدأ متمثلة فيما يلي: 1- ضرورة تميز الحزب تميزاً جوهرياً عن برامج الأحزاب القائمة وقت الإخطار عن تأسيس الحزب... أي أنه لا يشترط التميز في مبادئ وأهداف الحزب وذلك بقصد التيسير في شروط نشوء الأحزاب وذلك اكتفاء بتميز البرامج الخاصة بها لما في التزامها الوطني جميعها من تقيد بالمبادئ والأهداف العامة السالف ذكرها.
(رابعاً) حرية تكوين الأحزاب السياسية ويعني ذلك حرية أية جماعة سياسية منظمة في نطاق الجدية التي رعاها المشرع والشروط التي قررها في تأسيس أي حزب سياسي وأن يتم هذا التأسيس عن طريق الإخطار المقيد وليس عن طريق الترخيص وعدم تقييد نشوء الأحزاب في نصوص المشروع بأي عدد ما دامت يتوفر فيها الشروط الواردة في المشروع وقد تقررت هذه القواعد على النحو التالي في مواده.. إلخ وبناء على هذه المبادئ والأسس التي أقامت بناء عليها اللجنة أحكام قانون الأحزاب السياسية فقد نصت المادة الرابعة منه على أنه "يشترط لتكوين أو استمرار أي حزب سياسي بما يلي:
أولاً: عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع:
1 - مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع.
2 - مبادئ ثورتي 23 يوليو 1952 و 15 مايو سنة 1971.
3 - الحفاظ على الوحدة الوطنية، والسلام الاجتماعي، والنظام الاشتراكي الديمقراطي، والمكاسب الاشتراكية.
ثانياً: تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى.
ثالثاً: عدم قيام الحزب في مبادئه، أو برامجه أو في مباشرة نشاطه، أو اختيار قياداته، أو أعضائه على أساس يتعارض مع أحكام القانون رقم (33) لسنة 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي.
رابعاً: عدم انطواء الحزب على إقامة أي تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية.
خامساً:...... سادساً........ سابعاً....... ثامناً..... تاسعاً.......
ونصت المادة السابعة على أنه "يجب تقديم إخطار كتابي إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية المنصوص عليها في المادة التالية عن تأسيس الحزب موقعاً عليه من خمسين عضواً من أعضائه المؤسسين ومصدقاً رسمياً على توقيعاتهم على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين وترفق بهذا الإخطار جميع المستندات المتعلقة بالحزب".
كما نصت المادة الثامنة على أن "تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية على النحو التالي:
1 - رئيس مجلس الشورى رئيساً 2 - وزير العدل 3 - وزير الداخلية 4 - وزير الدولة لشئون مجلس الشعب. 5 - ثلاثة من غير المنتمين إلى أي حزب سياسي أو من بين رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم أو وكلائهم....
وتختص اللجنة بالنظر في المسائل المنصوص عليها في هذا القانون، وبفحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب السياسية طبقاً لأحكامه....
وللجنة في سبيل مباشرة اختصاصاتها طلب المستندات والأوراق والبيانات والإيضاحات التي ترى لزومها من ذوي الشأن في المواعيد التي تحددها لذلك، ولها أن تطلب أية مستندات أو أوراق أو بيانات أو معلومات من أي جهة رسمية أو عامة وأن تجري ما تراه من البحوث بنفسها أو - بلجنة فرعية منها وأن تكلف من تراه من الجهات الرسمية بإجراء أي تحقيق أو بحث أو دراسة لازمة للتوصل إلى الحقيقة فيما هو معروض عليها".
ويجب أن يصدر قرار اللجنة بالموافقة على تأسيس الحزب مسبباً بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوي الشأن".
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم من نصوص قانون الأحزاب أن مهمة اللجنة وسلطاتها إزاء الأحزاب المزمع تأسيسها تتحدد في ضوء المبادئ الدستورية والقانونية سالفة البيان التي قررت أن تكوين الأحزاب حق عام للمصريين، ولهم حرية تكوين الأحزاب والانتماء إليها، بحيث جعل الشارع مسئولية كل جماعة في تكوين الحزب السياسي الذي ترتضيه منحصرة في التقدم بإخطار اللجنة المذكورة، وهي في طريق مرورها الطبيعي إلى ممارسة مهامها على الساحة السياسية، كما جعل مهمة اللجنة منحصرة في بحث أوراق الحزب وهو تحت التأسيس والتأكد من مدى توافر الشروط التي حددها الدستور والتي ورد تفصيلها في القانون في حقه، وعليها في هذه الحالة ترك سبيل مسيرته السياسية الطبيعية نحو أهدافه التي حددها برنامجه الذي تتوافر فيه الشروط الواردة في القانون، وعلى اللجنة الاعتراض على قيام الحزب قانوناً إذا ما تخلف في حقه شرط أو أكثر من الشروط التي اقتضاها الدستور والقانون، وفي هذه الحالة فإن عليها أن تصدر قرارها مسبباً بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوي الشأن، وقد حتم المشرع سماع ذوي الشأن حرصاً على تحقيق دفاعهم وإيضاح مواقفهم وتوجيهاتهم أمام اللجنة لتبصيرها بأهداف وأغراض مؤسسي الحزب وبرامجه كما حرص على تسبيب قرار اللجنة باعتبارها تتصرف في إطار سلطة مقيدة بنص الدستور وأحكام القانون في مجال حرية من الحريات وحق من الحقوق العامة للمصريين الذي يعد أحد أركان النظام العام الدستوري والسياسي ويخضع ما تقرره اللجنة للرقابة القضائية من هذه المحكمة التي شكلها المشرع بالتشكيل المتميز الذي يكفل لها أعمال هذه الرقابة على مدى سلامة قرار اللجنة ومطابقتها لأحكام الدستور والقانون.
ومن حيث إنه قد حرصت نصوص القانون على تأكيد هذا المعنى عندما عبر المشرع في المادة السابعة عن الطلب المقدم بتأسيس الحزب بأنه إخطار أي بلاغ عن نية جماعة منظمة في ممارسة حقوقها الدستورية على الوجه الذي يكفله الدستور والقانون، وعبر عن سلطة اللجنة عند البت في إخطار التأسيس بعبارة الاعتراض على تأسيس الحزب مستبعداً بحق عبارات الموافقة أو الرفض... حريصاً على التأكيد على أن مهمة هذه اللجنة تقف عند حد فحص أوراق الحزب والتحقق من توافر الشروط الواردة في الدستور والقانون أو الاعتراض عليها، وفي هذه الحالة الأخيرة يتعين على اللجنة أن تصدر قرارها بالاعتراض مسبباً، فاللجنة تباشر سلطة مقيدة لا يسمح لها أن تقف حائلاً في سبيل ولوج أي حزب إلى ميدان السياسة، إلا إذا كان لديها من الأسباب الحقيقية والجوهرية وفقاً لما ورد بنص الدستور والقانون، بما يبرر - إعلاء للشرعية واحتراماً لأحكام الدستور السياسية والديمقراطية الشرعية للأمة - عدم السماح لمؤسسي الحزب بإقامته.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن لجنة الأحزاب السياسة قد أصدرت قرارها المطعون فيه بالاعتراض على الطلب المقدم من الطاعن بصفته بتأسيس حزب سياسي باسم حزب الشعب الديمقراطي وقد أقامت قرارها بالاعتراض على أنه ولئن كان الحزب لا يتعارض في مبادئه وأهدافه مع ما أوردته المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية في بندها الأول من أمور حاكمة، إلا أن ما أورده الحزب في شأن إطارات السياسات العامة لبرنامجه قد تضمن أموراً شتى جاءت كلها في أقوال عامة وعبارات مرسلة، فأصبحت أقرب ما تكون إلى الشعارات منها إلى سياسات محددة، وأن برامج الحزب التي ساقها تماثل كثيراً ما ورد في برامج الأحزاب القائمة وليس فيها من جديد يميزها عن الأحزاب الأخرى مما يفقد الحزب شرط التميز الظاهر، ويجعله مفتقراً إلى التحديد مغرقاً في الخيال والأوهام التي تستعصي على التطبيق العملي الأمر الذي يعد مخالفاً لحكم المادة الثانية من القانون المشار إليه.
ومن حيث إنه من بين الشروط والضوابط التي أوردها القانون رقم (40) لسنة 1977 لتأسيس الأحزاب السياسية أو استمرارها ما ورد بالبند (ثانياً) من المادة الرابعة التي تشترط لتأسيس الحزب أو استمراره "تميز برامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى".
ومن حيث إنه لا شك أنه يتعين توافر هذا الشرط في كل حزب ضماناً للجدية التي تمثل مبدأ أساسياً من النظام العام السياسي والدستوري في تطبيق مبدأ تعدد الأحزاب السياسية وفقاً لأحكام الدستور وقانون تنظيم الأحزاب السياسية سالفة الذكر، وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية للعمل السياسي ببرامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى وذلك حتى يكون للتعدد الحزبي جدوى سياسية محققة للصالح القومي بما تحققه من إثراء للعمل الوطني ودعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وتوسيعاً لنطاق المفاضلة بين الأحزاب السياسية أمامهم واختيار أصلح الأحزاب التي تتبنى أصلح الحلول وأنسبها لتحقيق المصالح العامة للشعب.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه، وقد أقام اعتراضه على تأسيس الحزب على أساس تخلف شرط التميز الظاهر، ومن ثم فإنه يتعين استناداً إلى أحكامه الدستور وقانون الأحزاب السياسية وأعماله التنفيذية وضع معيار لتحديد هذا التميز الظاهر مانعاً من دخول صور أخرى غيره... مستبعداً للخلط بين التميز الظاهر عن الأحزاب الأخرى، وبين الاختلاف والتعارض الكامل مع كل منها.
ومن حيث إنه يبين من التطور الدستوري والتشريعي لنظام الأحزاب السياسية في مصر ودور الأحزاب السياسية في ساحة العمل السياسي ومسئوليتها الدستورية والقانونية والسياسية نحو تعميق المفاهيم الديمقراطية ورعاية مصالح الجماهير لا باعتبارها حقاً يكفل الدستور والقانون ممارسته فحسب بل باعتباره واجباً وطنياً يتعين عليها القيام في أكثر المجالات أهمية لاتصاله بمبدأ السيادة الشعبية أن الأحزاب السياسية القائمة منها والتي تطلب التأسيس تلتزم أساساً باحترام المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور والتي نظمها في الباب الثاني منه ممثلة في المقومات الاجتماعية والخلقية الواردة في الفصل الأول، والمقومات الاقتصادية الواردة في الفصل الثاني من الباب المذكور، وتلتزم تلك الأحزاب بألا تتعارض في مقوماتها أو مبادئها، أو أهدافها أو برامجها أو سياستها أو أساليب ممارستها لنشاطها مع مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع، ومبادئ ثورتي 23 يوليو، 15 مايو سنة 1971، كما تلتزم بالحفاظ على الوحدة الوطنية، والسلام الاجتماعي، والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية على النحو المنصوص عليه في القانون رقم (40) لسنة 1977 المشار إليه، ومقتضى ذلك أن الدستور ومن بعده، القانون قد تطلبا لزاماً اتفاق الأحزاب القائمة منها والتي تطلب التأسيس في أمور غير مسموح في شأنها بالاختلاف أو التميز دستوراً وقانوناً سواء في المبادئ والمقومات أو في الأساليب والسياسات، ومن ثم فإن دائرة التميز المطلوب كشرط لتأسيس الحزب المزمع قيامه سوف يكون دائماً خارج إطار تلك المبادئ والأهداف، الأمر الذي يؤدي إلى أن التماثل الذي قد يقترب من التطابق مفترض حتماً في تلك المبادئ والأهداف الأساسية التي تقوم عليها الأحزاب، ومع ذلك فإن عدم التميز أو التباين في هذا المجال الوطني والقومي لا يمكن أن يكون حائلاً دون تأسيس أي حزب، كذلك فإن التميز المطلوب قانوناً في حكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة المشار إليه لا يمكن أن يكون مقصوداً به الانفصال التام في برامج الحزب وأساليبه وسياساته عن برامج وأساليب الأحزاب الأخرى جميعها، فليس في عبارة النص المشار إليه، أو دلالته أو مقتضاه، ما يوحي بأن التميز يجب أن ينظر إليه بالمقارنة بما ورد ببرامج وسياسات الأحزاب الأخرى جميعها، ذلك أن الأخذ بمنطق هذا التفسير إلى منتهاه بفرضه قيداً هو أقرب إلى تحريم تكوين أي حزب جديد ومصادرة حقه في ممارسة الحياة السياسية منه إلى تنظيم هذا الحق - كما أن الأخذ بهذا النظر يفترض أن هذه الأحزاب تمثل حزباً أو تنظيماً واحداً بحيث يجب أن يتميز عن الحزب طالب التأسيس، وهو ما يتعارض مع مبدأ التعدد الحزبي الذي يقوم عليه النظام السياسي وفقاً لصريح نص الدستور. ومن ثم فليس المطلوب في التميز لبرنامج الحزب وسياساته أن يكون هناك تناقض واختلاف وتباين تام وكامل بينه وبين جميع الأحزاب الأخرى، بل إن هذا التميز يظل قائماً ومنتجاً لآثاره القانونية والدستورية ولو وجدت بعض أوجه التشابه بين برامجه أو أساليبه أو اتجاهاته مع الأحزاب الأخرى فذلك أمر منطقي وطبيعي مرده إلى أن جميع الأحزاب تخضع لحكم عام واحد يمثل جانباً من النظام العام السياسي والدستوري للبلاد يلزمهم جميعاً وفقاً للمبدأ الأساسي لوطنية الأحزاب، بالمقومات الأساسية للمجتمع المصري التي تواضعت عليها الإرادة الشعبية واكتسبتها، وتمسكت بها من خلال تجاربها عبر العصور التي انصهرت في بوتقة التاريخ وكونت لها شخصيتها المصرية المتميزة المتعارف عليها بين الدول فكل حزب - إذا كان مصرياً - لابد أن يحمل على كاهله - وهو يعد برامجه وسياساته - تراث الآف السنين وتجارب المصريين في صراعهم المستمر في سبيل الحياة وفي سبيل الحرية والتقدم وبناء مجتمع متطور يتمتع بالقوة والرفاهية وهذه التجارب والقيم الناتجة عنها قد أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الشخصية المصرية عند التعامل مع الأحداث والنوازل.... ووضع الحلول اللازمة للمشاكل التي يواجهها المجتمع مما يفترض فوراً وحتماً عديداً من أوجه الشبه بين جميع الأحزاب المصرية حتى في وضعها للسياسات والبرامج الخاصة بكل منها وتنظيم مباشرة جهدها وقدرتها على مواجهة المشاكل، دون أن ينفي ذلك عن كل حزب شخصيته المتميزة التي تشكل منه إضافة لا تتكرر للحياة السياسية المصرية.
ومن ثم فإن التميز يكمن صدقاً وحقاً - في تلك المقولات والتعبيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترد في برامج الحزب وأساليبه وسياساته التي ارتضاها لنفسه ليكون ملامح شخصية حزبية متميزة - وتعبر عن توجه فكري مميز في مواجهة المشاكل العامة واختيار الحلول لها بين البدائل المتعددة في ظروف الحياة الواقعية السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمواطنين ينفرد به على باقي الأحزاب.. ويعرف به بينها بحيث لا يكون نسخة ثانية مقلدة من البرامج والسياسات التي يتبناها ويتميز بها حزب قائم بالفعل أو صورة مطابقة له، فالمحظور هو التطابق التام بين الحزب تحت التأسيس وأي من الأحزاب القائمة، إذ أن السماح لمثل هذا الحزب الذي يطابق غيره بالظهور على الساحة السياسية لا يشكل أية جدوى أو إضافة جديدة تثري العمل الوطني - وبناء على ما سلف جميعه فإن التميز بهذه المثابة يختلف عن الانفراد وعن الامتياز والأفضلية عن باقي الأحزاب، فالتميز الظاهر وهو مناط ومبرر شرعية وجود حزب جديد - لو توفرت باقي الشروط التي حتم توفرها الدستور والقانون - يعني ظهور ملامح الشخصية المتميزة للحزب تحت التأسيس وتفردها على باقي الأحزاب الأخرى، بينما الإنفراد يعني عدم تماثل أي أمر من أمور الحزب تحت التأسيس مع أي من الأحزاب القائمة وهو أمر يستحيل في ظل الدستور وقانون الأحزاب الحاليين وذلك لأن الأهداف والغايات الأساسية للمجتمع والأسس التي تمثل النظام العام الدستوري المصري يلتزم بها أي حزب وتنعكس بالتالي هذه الوحدة في النظام الجوهري للأسس المبدئية لأي من الأحزاب المصرية على أية برامج أو سياسات تضعها بما يحتم توفر قدر من الشبه أو التماثل في بعض هذه البرامج والسياسات دون بلوغ درجة التطابق أو الشبه والتماثل الكامل أو الشبه الكامل الذي يفقد معه الحزب تحت التأسيس شخصيته المميزة، والتميز الظاهر الذي يبرر جدوى وجدية أهدافه وغاياته ويبرر وجوده في الحياة الدستورية والسياسية المصرية - ولما كان الامتياز والأفضلية لحزب على غيره إنما تقوم على مدى قدرة الحزب على تحقيق برامجه وسياسته، وأن ينقل أفكاره من دائرة العقل والشعور إلى ميدان التطبيق الواقعي في حياة أعضائه وغيرهم من المواطنين بأبسط السبل وأيسرها، والامتياز بهذا المعنى يدخل في نطاق الرقابة على الممارسة والأداء ويخرج عن نطاق الرقابة في النشوء المبتدأ الذي يقتصر على توفر الجدية والجدوى من برامج وسياسات الحزب المتميزة ظاهرياً، فالامتياز يدخل في نطاق الرقابة الشعبية التي يكون لها وحدها الحق - في المفاضلة بين الأحزاب القائمة لترى أقدر سياسياً وحزبياً وأهدى سبيلاً إلى تحقيق آمالها وأحلامها على أرض الواقع، ومن ثم يخرج عن نطاق الرقابة على تأسيس الحزب السياسي مهمة التأكد من مدى قدرة الحزب طالب التأسيس على الامتياز على غيره في نشاطه وممارسته في الساحة السياسية الحزبية لتحقيق البرامج التي يطرحها بنجاح، فكل برنامج قابل للنجاح أو الفشل بدرجات متباينة، ولا يمكن أن يتأكد ذلك إلا في ساحة العمل والممارسة الحزبية والنضال السياسي - ومن ثم يكفي ليكون الحزب جاداً فيما قدمه من برامج أن تكون جدية ومتميزة وبها عناصر متعددة جديدة، ويتحقق ذلك بأن تكون الأساليب التي أوردها الحزب بحسب الثابت في عيون الأوراق لتحقيق سياسات وبرامج منطقية وممكنه عقلاً ومؤدية بطريقة معقولة وواقعية إلى النتائج التي انتهى إليها ولا يكفي لطرح الثقة بهذه البرامج الادعاء بأنها مغرقة في الخيالات والأوهام، ما دام الحزب قد قدم في الأوراق تصوراً محدداً للخطوات المنطقية والعملية التي يجدها مؤدية لتحقيق برامجه، ما لم يتأكد فنياً وعلى أساس علمي ومنطقي دحض هذه الآراء واستحالة تنفيذها بناء على ما تقرره لجان أو جهات الخبرة على سند علمي وفني سليم تفند مزاعم الحزب تحت التأسيس وتكشف زيف توقعاته وضحالة أفكاره ويجعل منه حزباً غير جاد في رعاية مصالح الجماهير مستهيناً بعقلها ومستهتراً بذكائها فإذا لم يتوافر للجنة المختصة السند العلمي والفني لعدم معقولية وعدم إمكان تحقيق أفكار أو سياسات وبرامج الحزب تحت التأسيس وجب عليها أن تسمح بمشاركته في حلبة الصراع السياسي حيث الأمر يومئذ مرجعه للشعب حيث يحكم عليه الشعب مع غيره من الأحزاب بفطرته وبذكائه وقدراته السياسية والطبيعية - فيرتفع في ميدان السياسة الوطنية حزب وتنزوي أحزاب حسبما ما يقدمه كل منها بصدق وإيمان لمصر وللمصرين من برامج وأفكار وقدرة على التحقيق والتنفيذ في رعاية مصالح الجماهير وتعميق مفاهيم الديمقراطية، ومن ثم فإن المبادئ الأساسية التي قررتها نصوص الدستور وقانون الأحزاب السياسية تحتم تحقيقاً للنظام العام الدستوري والسياسي والديمقراطي أن لا توصد الأبواب أمام أي حزب تحت التأسيس يكون له تميز ظاهر في برامجه أو سياساته يجعله أهلاً في المشاركة في حل مشاكل الجماهير ورفع المعاناة عنها.
ومن حيث إنه على هدي الأصول والمبادئ الأساسية المتقدمة فإنه إذ تبين من الاطلاع على برنامج "حزب الشعب الديمقراطي" الوارد بحافظة مستنداته المودعة ملف الطعن الماثل والدراسات الاقتصادية والاجتماعية المصاحبة لها أن برامج الحزب تحت التأسيس يشارك في الحياة السياسية بأفكار تشابهت في بعضها وتباينت في البعض الآخر مع الأحزاب القائمة إذ يرى أن يقوم النظام السياسي المصري على النظام البرلماني "مع رئيس منتخب لمدة أربع سنوات يتجدد لفترة واحدة لا يجوز تجديدها بعد ذلك، ومجلسين للتشريع هما مجلس الشيوخ ومجلس النواب ويعمل لتحديد دور المدعي العام الاشتراكي، وإعادة الاختصاص القضائي إلى الجهات القضائية المختصة، مع الحفاظ على ثروة مصر الأثرية، وتحريم إهدائها أو إعارتها إلى الأجانب، واعتبار جميع الهدايا التي تقدم للحكام وأصحاب المناصب العامة أثناء توليهم الحكم ملكاً خالصاً للشعب كما تقوم سياسة الحزب تحت التأسيس في مجال السلطة القضائية على القضاء على ظاهرة المحاكم الاستثنائية، وإنشاء محاكم متخصصة، وبصفة خاصة المحاكم الاقتصادية لسرعة البت في قضايا الضرائب والجمارك والتصالح.
كما يرى الحزب تحويل المجالس المتخصصة وهي هيئات استشارية إلى هيئات عامة قومية تضم خبراء في التخطيط وطرائق التنفيذ في كافة المجالات حتى تأخذ تقاريرها طريقها للتنفيذ، مع قصر وظيفة الدولة على تقديم الخدمات، وعدم الدخول في مجال المضاربة والمتاجرة، وإجراء الفصل الكامل في المشروعات بين القطاع العام والقطاع الخاص، وتخصيص القطاع العام للقيام بالصناعات الثقيلة التي تتطلب استثمارات ضخمة مع حظر ممارسته للعمل في الصناعات والمشروعات التي تستطيع الرأسمالية الشعبية القيام بها.
وفي مجال السياحة والإعلام يرى الحزب تحت التأسيس أن مصر تملك ثلثي أثار العالم القديم فضلاً عن توافر العناصر السياحية المتعارف عليها من اعتدال الجو واستقرار النظام وانخفاض التكلفة - ومع ذلك فلا يخصها سوى (0.5%) من إجمالي السياحة العالمية، ويقترح برنامجاً لزيادة هذه النسبة تتمثل في تشجيع الرأسمالية الشعبية على تملك وإدارة المنشآت السياحية وتشجيع السائح على البقاء أكثر مدة ممكنه بإعطائهم تخفيضات إضافية إذا زادت مدة بقائه في مصر على خمسة عشر يوماً، ومع استخدام نهر النيل في الملاحة السياحية، والاستعداد لمواجهة الغزو الإعلامي الوارد إلى مصر من الدول المتقدمة، مع السماح لكافة الأحزاب بتملك محطات للإذاعة والتليفزيون أسوة بتملكها للصحف، وأن يكون لها ممثلون في مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون حتى تشارك بأسلوب ديمقراطي في رسم سياسة الثقافة والإعلام.
وكذلك يرى الحزب في مجال السياسة الاقتصادية الإسراع في إتباع سياسة تحريم القروض، وحظر صرف المرتبات بالدولار سواء لمصري أو أجنبي، مع ترشيد الإنفاق الحكومي، وإجراء التسعير الجبري للسلع الحيوية، وتحصيل الجمارك بلا استثناء أو إعفاءات مع الأخذ بنظام الضريبة الموحدة التي لا تزيد على نسبة 100% من قيمة السلعة.
ومن حيث إنه إذا كان الحزب تحت التأسيس - قد قدم كما هو ظاهر مما سبق بعض البرامج والسياسات التي تتشابه أو تتباين في بعضها عن بعض برامج وسياسات الأحزاب الأخرى على وجه قد لا يوضح بجلاء حاسم وظاهر تميز سياساتها الحزبية فإن ملامح الشخصية الحزبية تبدو في إدراكه للمشاكل العامة للشعب المصري... فالشباب المصري العاطل الذي يشكل الثروة القومية البشرية للبلاد قد أقام الحزب برنامجه في التنمية الاقتصادية مراعياً تحقيق الحل لمشاكله إذ أقامها على ركائز أربعة هي الأرض - الشباب - المياه - رأس المال، فقد أوضح الحزب أن مصر تملك أرضاً مساحتها 250 مليون فدان (90%) منها أرضاً منبسطة يمكن تجهيزها للزراعة ولا يزرع منها سوى ستة ملايين فداناً - وأن الأيدي العاملة التي لا تجد ما تقوم به من عمل سواء في صورة بطالة كاملة أو بطالة مقنعه تنوء بها الأجهزة الحكومية بغير مردود إنتاجي يبلغ أكثر من خمسة ملايين وهي تزيد على (50%) من حجم الأيدي العاملة القادرة على الإنتاج، ويرى الحزب تحت التأسيس أنه يتعين وقف إهدار الموارد المائية في مصر، فضلاً عن تحقيق القدرة على استغلال المياه الجوفية التي يقدر حجمها بـ 50 ألف مليار متر مكعب من الماء تحت سطح الأرض، وتعتبر النيل الثاني لمصر، والاستفادة من مياه الأمطار، أو تحلية المياه المالحة، أما بالنسبة لرأس المال فيرى الحزب أن رأس المال المصري الذي هرب إلى الخارج لا يقل عن (100) مليار جنيه في البنوك الأوربية وقد هرب بسبب السياسات الاقتصادية غير المستقرة وما تحمله من خطر المصادرة والحراسات.
وتنسيقاً بين هذه الركائز المختلفة يطرح الحزب تحت التأسيس خطة للإفادة بها وتجميعها لتحقيق غاية محددة في مجال التنمية الزراعة هي زراعة (40) مليون فدان من الأراضي الصحراوية المهجورة بواقع مليون فدان سنوياً، وقد حدد الإطار العام لهذه الخطة فيما يلي:
1) تخزين المياه العذبة التي تضيع في البحر سنوياً وقدرها (8) مليار متر مكعب وهي المياه اللازمة لحفظ الموازنات، وتوليد الكهرباء، وتوفير غاطس مناسب للسفن.
2) استخدام وادي ملاحات مريوط من ك 30 إلى ك 93 على الساحل الشمالي كبحيرة صناعية لتخزين 3 مليار م3 من المياه العذبة فوق منسوب سطح البحر بـ+15م.
3) إنشاء بحيرة صناعية على الساحل الشمالي، تمتد من الضبعة شرقاً حتى مطروح غرباً بطول 100كم ومتوسط 3كم لاستيعاب 3 مليار م3 من المياه العذبة.
4) تغطية سطح بحيرة ناصر بغطاء رقيق يعمل على منع تبخير المياه منها والذي يقدر سنوياً بـ 10 مليار م3.
5) توفير نصف المياه اللازمة للزراعة في الصحراء الغربية من المياه الجوفية سواء أكانت آباراً سطحية أو عميقة حيث يقدر منسوب المياه الجوفية بالصحراء الغربية حوالي 50 ألف مليار متر مكعب.
6) زراعة جميع الأراضي بعد تغطية سطحها بمادة الرايش، وهي من اختراع عالم مصري ويمكن إنتاجها محلياً، وهي مادة تمكن التربة الرملية من الاحتفاظ بالمياه أكبر فترة ممكنه.
7) زراعة جميع الأراضي الجديدة آلياً بالرش أو التنقيط مع استخدام الأساليب العلمية الحديثة لتخفيف كمية المياه المستخدمة في الري.
8) إعادة صياغة اتفاقية الانتفاع الكامل لمياه النيل بين مصر والسودان التي أبرمت عام 1929 وعدلت عام 1959 والتي حان الوقت لتعديلها مرة أخرى حيث إن فائض إيراد النهر السنوي طبقاً للاتفاقية 14.5 مليار متر مكعب تضيع في الصحراء على الحدود المصرية السودانية دون أن يستفيد منها أحد، والإنفاق على تسعة قنوات موازية للبحيرة لإعادة الطمي إلى أراضي الدلتا والوادي.
9) إنشاء (3) محطات لتحلية مياه البحر المالحة الأولى قرب البروين ويتم تشغيلها بفحم سيناء والثانية والثالثة محطات نووية حرارية لإنتاج المياه العذبة في كل من رأس الحكمة على البحر الأبيض ورأس تباس على البحر الأحمر.
وقد قدم الحزب تحت التأسيس دراسة لتوفير المياه التي تسمح بزراعة الـ40 مليون فدان على عشر خطط زراعية يتم خلال كل منها زراعة (46) مليون فدان الأولى والثانية حول السد العالي والثالثة بوادي الريان بمحافظة الفيوم والرابعة منخفض القطارة والخامسة بوادي العريش والسادسة بوادي النطرون والسابعة على الساحل الشمالي والثامنة والتاسعة بالصحراء الغربية (8 مليون فدان) والأخيرة بالصحراء الشرقية، وقد قدم المؤسسون للحزب لكل منها طريقة توفير المياه اللازمة لزراعتها والإمكانيات والأيدي العاملة الرخيصة التي تبحث عن عمل في حدود الإمكانيات المتاحة لها والقريبة منها على الوجه المبين بالدراسة المقدمة بحافظة مستندات الطاعن.
كما ذكر الحزب أنه قد حرص على استغلال كافة الشباب في إنشاء مجتمعات جديدة تختلف عن المجتمعات والمدن التي تقيمها وزارة الإسكان، وذلك بتدريب الشباب - على بناء المنازل والمصانع في خطة طويلة المدى لبناء عشرين مدينة سكنية يقوم فيها الشباب ببناء مساكنهم وبناء المصانع التي تحتاجها مصر وتملكها، والعمل فيها بأيديهم بحيث تكون مساهمته بقدر بنائه وعمله ولا تتحمل الدولة فيها من نفقات سوى توصيل المرافق الأساسية التي يشارك الشباب في توصيلها وإعدادها مع جذب رؤوس الأموال المصرية المستثمرة من الخارج، وذلك بإيجاد وسيلة لمشاركتهم في الحكم وممارسة حقوقهم الانتخابية على أساس قيمة رؤوس الأموال التي تستثمر في الداخل.
ومن حيث إنه يتضح من العرض التقدم لبرامج الحزب وسياساته، ملامح الشخصية الحزبية المتميزة لحزب "الشعب الديمقراطي" على نحو ظاهر وواضح كما أنها ترتكز على تعميق المفاهيم الديمقراطية وتوجيه قدرات الشباب العاطلة على نحو اقتحام الأراضي الصحراوية المعطلة رغم إمكانية توفير المياه بأقل التكاليف وجذب رؤوس الأموال المهاجرة من مصر إليها من جديد، ورفع الوعي الجماهيري للشباب نحو بناء مساكنه ومصانعه بيده على النحو الذي يضمن بطريقة تلقائية تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بحيث يتحقق للشباب المساواة في الحصول على الفرصة المناسبة للعمل المناسب والمسكن المناسب وتقوم على معيار واحد هو معيار الجهود المبذولة من الشباب.
ومن حيث إنه من الثابت من الأوراق أن الحزب تحت التأسيس قد قدم حلولاً منطقية ومقبولة ومفهومة في الظاهر - وبطريقة سائغة تؤدي إلى الأهداف التي تنشدها ورغم ما تحتاجه هذه البرامج التي تبناها الحزب تحت التأسيس من دراسات تفصيلية ومن جهود وعمل لتحقيقها فإنه بحسب الثابت من الأوراق المودعة من الطاعن فإن برنامج الحزب لا يفقد شرط الشرعية والجدية ولا يشوبه عدم الجدوى إذ فضلاً عن أنه لا يتصور أن يقوم مؤسسو الأحزاب السياسية مثل الحكومات المسئولة بأداء أعمال تقوم بها أجهزة الدراسات العلمية والفنية والأبحاث الاقتصادية والإدارية والاجتماعية اللازمة وذلك للتدليل بصورة حاسمة على جدية ما تقوم عليه من برامج ليتسنى قبول تأسيسها إذ لم يرد نص صريح على ذلك في قانون الأحزاب السياسة ولا في أعماله التحضيرية على النحو سالف الذكر من جهة. كما أن اشتراط ذلك لا شك يسبب تحميل مؤسسيها الأعباء الاقتصادية، وفرض توفر القدرات المالية والعلمية والتكنولوجية التي تتوفر للحكومات والدولة - ويخرج حتماً وبالضرورة الأحزاب تحت التأسيس من نطاق التدليل المقبول على جدية غايتها وبرامجها وسياساتها بصورة منطقية وسياسية ومقبولة وعملية تتفق مع طبيعتها وفي حدود قدرة وإمكانيات الجماعات التي تتصدى لتأسيسها الأحزاب السياسية - إلى ما يعد تعجيزاً لها وتنتهي إلى حظر غير دستوري لقيام أحزاب جديدة.
ومن حيث إنه لم تقدم لجنة الأحزاب التي اعترضت على قيام الحزب تحت التأسيس الأبحاث العلمية والفنية أو الدراسات التي أجرتها بالنسبة لبرامج وأهداف الحزب محل الطعن - كما لم تثبت في أسباب قرارها الإجراءات والأساليب أو الخطوات والدراسة التي أجرتها بشأنها وما استندت إليه في تفنيد ما قدمه مؤسسو الحزب من حجج علمية لتحقيقها حيث اكتفت اللجنة بإطراحها على أساس أن هذه الخطط ضرب من الخيال والأوهام التي لا تجد طريقاً للتطبيق دون أن تستعمل سلطتها القانونية التي عنى المشرع بالنص عليها في م (8) من قانون الأحزاب السياسية في إحالة الموضوعات إلى لجان متفرعة عنها أو الاستعانة بخبراء متخصصين من جهات علمية فنية ورسمية للتحقق بأسلوب علمي - من صحة ما قدمه الطاعن من بيانات ومن ثم فإن قرارها بالاعتراض على قيام الحزب يكون فاقداً لركن السبب الذي حرص المشرع - على النص على مراعاته والإفصاح عنه عند إصدار اللجنة قرارها بالاعتراض على تأسيس أي حزب من الأحزاب إذ لا يكفي لقيام ركن السبب ووجوده في القرار الطعين تحت رقابة هذه المحكمة الزعم بأن البرنامج لم يتضمن كيفية توفير الموارد المائية اللازمة لزراعة (40) مليون فدان من الأراضي الصحراوية وذلك أنه فضلاً عن أن البرنامج قد تضمن بطريقة إجمالية وعامة كيفية تدبير الموارد المائية المذكورة فقد أرفق به الطاعن دراسة لخطط محددة لتدبير الموارد المائية والأيدي العاملة ورأس المال المستثمر سواء بالنسبة للأراضي المزمع زراعتها أو بالنسبة للمدن الجديدة المزمع إقامتها على وجه يجعل خططه وبرامجه بحسب الظاهر والثابت من الأوراق متسمة بالتميز والتحديد المقبول - فضلاً عن أنه في ضوء التقدم العلمي والتكنولوجي الذي يمر به العالم في هذا العصر لا يوجد ما يدل بصورة معقولة على أن ما يطرحه الحزب تحت التأسيس أمر مستحيل الإمكان على نحو مطلق مما يجعله محض خيال وأوهام لتضليل الشعب.
ومهمة الحزب بعد تأسيسه أن يحقق أهدافه في تعبئة الجماهير وإقناعهم بقدرته على تحقيق ما قدمه من برامج ولا شك أن الحكم عليه وعلى مقدرته في ذلك هي مهمة السلطة الشعبية والجماهير المصرية، ومن ثم فإن برنامج وسياسات الحزب تحت التأسيس على الوجه المتقدم يكون قد توفر لها التميز الظاهر كما أنها لم تثبت انتفاء الجدوى والنفع القومي منها، وبذلك يكون قد توفر لهذا الحزب تحت التأسيس ركن الجدية مستمداً من توفر هذه الصفة من التميز الظاهر لبرامجه وسياساته، كما أنه يتحقق في شأنه صفة الجدوى السياسية حيث تمثل هذه البرامج والسياسات بصفة عامة إضافة جدية للعمل السياسي في الساحة الوطنية سوف تسهم من خلال الممارسة الديمقراطية في مساعدة الشعب على اختيار أفضل الأحزاب وأقدرها على تحقيق آماله وأمانيه ومنحه الثقة التي قد تمكنه من المشاركة في الحكم فالبرامج والأساليب الحزبية المتباينة والمتميزة يعرف الشعب طريقة لاختيار أصلح الحلول وأنسبها، مما يجعل قيام هذا الحزب ومشاركته الجادة بعد قيامه في العمل السياسي لتحقيق برامجه وسياساته إثراء للعمل الوطني ودعماً للممارسة الديمقراطية بالمعنى الذي عناه الدستور وأفصح عنه قانون الأحزاب السياسية.
ومن حيث إنه بناء على ذلك جميعه يكون قرار لجنة الأحزاب السياسية بالاعتراض عليه قائماً على غير سند صحيح من الواقع أو القانون خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر من لجنة الأحزاب السياسية في 9/ 7/ 1990 والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 12/ 7/ 1990 (العدد 28) فيما تضمنه هذا القرار من الاعتراض على تأسيس "حزب الشعب الديمقراطي" مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المطعون ضده بصفته بالمصروفات.

الطعن 1463 لسنة 33 ق جلسة 6 / 6 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 37 ج 1 توحيد مبادئ ق 1 ص 5

جلسة 6 من يونيو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد المهدي مليحي ومحمد محمود الدكروري ود. عبد المنعم عبد العظيم جيرة ورأفت السيد يوسف ومحمد معروف محمد وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعبد اللطيف محمد عبد اللطيف ومحمد مجدي خليل هارون وعويس عبد الوهاب عويس وأحمد إبراهيم عبد العزيز - نواب مجلس الدولة.

-----------------

(1)
الطعن رقم 1463 لسنة 33 القضائية

(أ) أراض زراعية – البناء عليها – تحديد الجهة المختصة بإزالة مخالفة البناء على الأراضي الزراعية.
المواد 150، 151، 152، 153، 154، 155، 156، 157 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 معدلاً بالقانون رقم 116 لسنة 1983 والقانون رقم 2 لسنة 1985، المواد 33، 34، 64، 65، 66، 67، 68 من الدستور.
الوقف الذي قرره المشرع لوزير الزراعة لأسباب المخالفة في حالة إقامة مبان أو منشآت في الأرض الزراعية لا يتضمن إزالة ذات المخالفة - هذا الوقف مؤقت بطبيعته لحين الحكم جنائياً من المحكمة المختصة في الدعوى والتي أوجب عليها القانون أن تحكم بإزالة المخالفة ذاتها وأسبابها على حساب المخالف ونفقته - يؤكد ذلك الاستناد إلى صريح عبارات النص لغة والتي لا يجوز الانحراف عن معناها إلى ما هو أوسع وأخطر دون سند من عبارة النص ذاته - التنفيذ المباشر ومنه الوقف أو الإزالة بالطريق الإداري والذي تخوله القوانين للسلطة الإدارية المختصة لا يعد اختصاصاً إدارياً عادياً وعاماً تباشره السلطة الإدارية في مواجهة المواطنين وبصفة خاصة عند النزاع بينها وبينهم عن مدى سلامة تصرفاتهم أو مخالفتها للقانون ولكنها سلطة غير عادية يخولها القانون صراحة للجهات الإدارية لكفالة تنفيذ أحكام القانون وإقرار سيادته وكفالة دوام هيبته على الكافة ورعاية حسن سير وانتظام المرافق العامة في ظل النظام العام الدستوري الذي يقوم على الشرعية وسيادة القانون والتزام الدولة وبالذات السلطة التنفيذية وخضوعها للقانون مع كفالة استقلال القضاء وحصانته حماية للحقوق والحريات - نص الدستور تحقيقاً للشرعية وإعلاء لسيادة القانون على أن حق التقاضي مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي ولا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون وكل متهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له ضمانات الدفاع عن نفسه خاصة عندما يتعلق ذلك بحق الملكية الخاصة والملكية العامة وكفالة عدم التعدي على الثانية مع رعاية حرمة الأولى وحصانتها وحظر فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي كما حظر نزعها إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض - نتيجة ذلك: لا يجوز لوزير الزراعة تجاوز حدود هذا الاختصاص بإصدار قرارات بإزالة المباني والمنشآت التي أقيمت على الأرض الزراعية - أساس ذلك: هذا الاختصاص مقرر فحسب للقضاء الذي يتعين عليه في حالة الحكم بالإدانة أن يأمر بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف - إذا أصدر وزير الزراعة قراراً بإزالة المباني والمنشآت المقامة على الأرض الزراعية بالمخالفة لحكم المادة }152{ فإن هذا القرار يكون مشوباً بعيب عدم الاختصاص الجسيم لاغتصابه سلطة مقررة للمحكمة الجنائية وحدها - تطبيق.
(ب) إصلاح زراعي - الأراضي الموزعة من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بعقود احتفظ فيها بشرط فاسخ صريح.
المادة 14 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المعدلة بالقانون رقم 554 لسنة 1955.
قضى المشرع بتشكل لجنة لتحقيق ما ينسب إلى من تسلم الأرض طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 من مخالفات تتعلق بإخلاله بأحد التزاماته التي نص عليها العقد أو قانون الإصلاح الزراعي - راعى المشرع في تشكيل هذه اللجنة أن تتضمن عنصراً قضائياً وأوجب على اللجنة سماع أقوال صاحب الشأن قبل أن تصدر قراراً مسبباً بإلغاء قرار التوزيع واسترداد الأرض - هذه الإجراءات تشكل ضمانات جوهرية تكفل سلامة صدور القرار وتعد الأشكال التي يتعين مراعاتها قبل إصدار القرار - لا وجه للقول بأن قبول صاحب الشأن الموزعة عليه الأرض للنص الوارد في عقد تمليكه والذي يقضي بفسخ العقد تلقائياً بمجرد ثبوت المخالفة يتضمن نزولاً منه عن الإجراءات المنصوص عليها في المادة 14 باعتبارها إجراءات مقررة لصالحه أو أن هذه الإجراءات مقررة بمراعاة كفالة حق الدفاع لكل مواطن الذي كفله المشرع الدستوري وضمان تحقيق أهداف الإصلاح الزراعي من استيلاء وتوزيع والمتعلقة بالنظام العام للملكية الزراعية في البلاد على أساس تسليم يتفق مع النظام العام الدستوري - لا يجوز الاتفاق على ما يخالف ما ورد بالمادة 14 المشار إليها من إجراءات أو النزول عنها لتعلقها بالنظام العام وارتباطها بالقواعد الحاكمة للملكية الزراعية والإصلاح الزراعي – إذا كان صحيحاً أن الشرط الفاسخ الصريح في العقود المدنية يقيد سلطة القاضي التقديرية في فسخ العقد إلا أنه يتطلب تدخله لإعماله وإنفاذه بعد التحقيق من توفر موجبه - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 23/ 3/ 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 1463 لسنة 33 قضائية في الحكم الصادر بجلسة 22/ 4/ 1987 من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة في الدعوى رقم 2707 لسنة 7 قضائية المقامة من السيد/....... ضد كل من السادة محافظ الدقهلية ووزير الداخلية ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ومدير أمن الدقهلية ومأمور مركز بلقاس ورئيس الوحدة المحلية لمدينة بلقاس بصفاتهم والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار محل الطعن وإلزام الإدارة بمصروفاته وإحالة طلب الإلغاء إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيره وإعداد تقرير بالرأي القانوني.
وطلب الطاعنون بصفاتهم - للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم }أولاً{ بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة.
}ثانياً{ قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأودع السيد الأستاذ/ ....... مفوض الدولة عن هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام جهة الإدارة الطاعنة المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) جلسة 15/ 2/ 1988 وبجلسة 6/ 2/ 1989 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 11/ 3/ 1989 وبعد تداوله على نحو ما هو ثابت بمحاضر الجلسات قررت بجلسة 5/ 5/ 1990 إحالته إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة وفقاً للمادة (54) مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984 بشأن مجلس الدولة للنظر فيه في ضوء أحكام المحكمة الإدارة العليا الصادرة في الطعون أرقام 2390 لسنة 31 ق بجلسة 7/ 5/ 1988 و 2359 لسنة 31 ق بجلسة 30/ 4/ 1988 و 2125 لسنة 33 ق بجلسة 26/ 11/ 1988 وحددت لنظر الطعن جلسة 24/ 6/ 1990 وقد تداولت المحكمة نظر الطعن على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، وبجلسة 11/ 4/ 1992 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 23/ 5/ 1992 ثم لجلسة 6/ 6/ 1992 لإتمام المداولة حيث صدر هذا الحكم بجلسة اليوم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الإحالة إلى دائرة توحيد المبادئ قد استوفت الأوضاع الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 3/ 8/ 1985 أقام السيد/..... (المطعون ضده) الدعوى رقم 2707 لسنة 7 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة ضد السادة (1) محافظ الدقهلية (2) رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي (3) وزير الداخلية (4) مدير أمن الدقهلية (5) مأمور مركز بلقاس (6) رئيس الوحدة المحلية لمدينة بلقاس بصفاتهم وطلب المدعي في ختام عريضة دعواه الحكم (أولاً) بصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار رقم 361 لسنة 1985 فيما تضمنه من إزالة منزله الكائن بتل عميرة مركز بلقاس.
(ثانياً) في الموضوع بإلغاء القرار محل الطعن.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه يمتلك قطعة أرض بناحية تل عميرة مركز بلقاس مشتراه من الإصلاح الزراعي بموجب شهادة تمليك بتاريخ 21/ 7/ 1955 طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 وقد سدد جميع الأقساط المستحقة كما تم تسجيلها وأنه لم يخل بالاشتراطات والأوضاع التي فرضها القانون ونظراً لأنه لا يوجد له ولأسرته مأوى فقد أقام منزلاً على جزء منها وقدم للمحاكمة الجنائية في الجنحة رقم 181 لسنة 1985 جنح مركز بلقاس وفوجئ بصدور قرار محافظ الدقهلية رقم 361 لسنة 1985 بإزالة هذا المنزل بمقولة أنه تعدى ببناء منزل بالطوب الأحمر على مساحة الأرض الزراعية ملك الإصلاح الزراعي ونعى المدعي على هذا القرار عيب مخالفة الواقع والقانون لأن الأرض التي أقيم عليها المنزل مملوكة له وليست من أملاك الدولة كما أن القانون رقم 116 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الذي حظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأرض الزراعية بدون ترخيص لم يمنح الإدارة سلطة الإزالة وإنما منحها فقط الحق في وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري لحين صدور حكم في الدعوى الجنائية.
وبجلسة 22/ 1/ 1987 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار محل الطعن وألزمت الإدارة بالمصروفات وأمرت بإحالة طلب الإلغاء إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيره وإعداد تقرير بالرأي القانوني وشيدت المحكمة قضاءها على أن مفاد المادة (14) من القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي أن ملكية المنتفع من قانون الإصلاح الزراعي هي ملكية معلقة على شرط فاسخ وذلك خلال السنوات الخمس التالية لتسجيل عقد البيع وبالتالي فإنه ما لم تستخدم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي اختصاصها بفسخ العقد طبقاً للإجراءات المقررة في المادة 14 من القانون رقم 178 لسنة 1952 يكون للمدعي على الأرض المنتفع بها حقوق ملكية ومن ثم والحالة هذه لا يكون بحسب الظاهر متعدياً على تلك الأرض الداخلة في ملكه وأن مناط تطبيق حكم المادة 97 من القانون المدني هو وقوع تعدي على أملاك الدولة أو غيرها من الجهات التي حددها النص وإذ كانت يد المدعي على الأرض المقام عليها المنزل ليست يداً غاصبة ولكن يد ملكية وإن كانت معلقة على شرط فاسخ لذلك يكون القرار محل الطعن بحسب الظاهر فيما استند إليه من تعدي المدعي على الأرض محل النزاع غير قائم على سند من القانون كما أنه بالنسبة لما ورد بالقرار محل الطعن وما حواه رد جهة الإدارة من الاستناد في إصدار القرار المطعون عليه على أحكام القانون رقم 116 لسنة 1983 فإن مفاد المادتين 152، 156 من هذا القانون أن المشرع حرم إقامة أية مبان أو منشآت على الأرض الزراعية واستلزم في الحالات المستثناة ضرورة الحصول على ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء في إقامة المباني، وفي حالة مخالفة ذلك يحال المخالف للمحاكمة الجنائية وحدد المشرع العقوبة الجنائية واستلزم في حالة الإدانة الأمر بإزالة أسباب المخالفة بالطريق الإداري كما منح وزير الزراعة سلطة اتخاذ إجراء وقائي مؤقت حتى صدور الحكم في الدعوى وهو وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف ومن ثم فإن الاختصاص المقرر لوزير الزراعة (أو من يفوضه) يقتصر على وقف أسباب المخالفة بالبناء على الأراضي الزراعية دون أن يتجاوز ذلك إلى حد إزالة تلك المباني بحسبان أن تقرير إزالة المباني مناط بالقضاء الجنائي وحده ومن ثم فإن القرار محل الطعن فيما استند إليه من مخالفة المدعي لقانون الزراعة بإقامة بناء على أراض زراعية بغير ترخيص - بالقدر اللازم للفصل في طلب وقف التنفيذ - يكون غير قائم على سند من القانون ومن ثم يكون الطعن عليه قائماً على أسباب جدية كما أن من شأن تنفيذه بإزالة منزل المدعي إلحاق أضرار يتعذر تداركها ولتوافر ركني طلب وقف التنفيذ يتعين القضاء بوقف تنفيذ القرار محل الطعن.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه لأن الأرض محل القرار المطعون عليه لم تنتقل ملكيتها نهائياً للمنتفع (المدعي) طبقاً لنص البند الحادي عشر من عقد بيع الأرض الموزعة عليه طبقاً للمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والمبرم بين الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمدعي إذ أن هذا البند ينص على أنه في حالة الإخلال بأحد الالتزامات الجوهرية المنصوص عليها في القانون رقم 178 لسنة 1952 يعتبر العقد مفسوخاً بغير حاجة للالتجاء إلى القضاء وأن المادة 14 من هذا القانون تقضي بأنه يجب على المنتفع أن يقوم بزراعة الأرض المسلمة إليه وأن يبذل في سبيل ذلك العناية الواجبة للحافظ على الرقعة الزراعية وإلا اعتبر العقد مفسوخاً بقوة القانون، ولما كان الثابت أن المطعون ضده قام بتبوير الأرض المسلمة له بالبناء عليها لذلك يكون قد تحقق الشرط الصريح الفاسخ ويعتبر العقد بذلك مفسوخاً بقوة القانون ولا يعتبر المنتفع مالكاً لهذه الأرض وتعود ملكيتها بقوة القانون إلى ملك الدولة ولا يجوز استمرار وضع اليد عليها ويحق للدولة إزالة التعدي بالطريق الإداري وترتيباً على ذلك يكون القرار المطعون عليه قد صدر على سند صحيح من القانون، كما أن الصور الضوئية التي قدمها المطعون ضده ليست لها أية حجية وإذ عول الحكم المطعون عليه على صورة العقد الضوئية التي تثبت ملكية المدعي لأرض النزاع فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، كما أن الحكم المطعون عليه أثبت في مدوناته أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لم تستخدم اختصاصها بالفسخ طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة (14) من القانون رقم 178 لسنة 1952 معدلة بالقانون رقم 554 لسنة 1955 ورتبت المحكمة على ذلك خلوص المدعي بملكيته لأرض النزاع إلا أن الثابت أن المدعي وقد اختصم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي إلا أنها لم تقدم ردها على الدعوى، ومن ثم تكون المحكمة قد قامت باستنباط أمر مجهول وهو عدم استخدام الهيئة اختصاصها بالفسخ من واقعة ثابتة هي عدم رد الهيئة على الدعوى في حين أن عدم الرد على الدعوى لا يعني على وجه اليقين والثبوت أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لم تقم باستخدام اختصاصها بفسخ العقد طبقاً للإجراءات المقررة في المادة (14) سالفة الذكر وإذ كان الحكم الطعين قد أقام قضاءه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه متخذاً من عدم رد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قرينة على أن تلك الهيئة لم تستخدم اختصاصها بالفسخ فإنه يكون قد خالف حكم القانون.
ومن حيث إن الثابت أن الطعن الماثل أحيل إلى هذه الدائرة لنظره في ضوء أحكام المحكمة الإدارية العليا الصادرة في الطعون أرقام 2359 لسنة 31 ق بجلسة 30/ 4/ 1988 و 3360 لسنة 31 ق بجلسة 7/ 5/ 1988 و2152 لسنة 32 ق بجلسة 26/ 11/ 1988.
ومن حيث إنه يبين من استقراء الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 30/ 4/ 1988 في الطعن رقم 2359 لسنة 31 ق على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 28/ 3/ 1985 في الدعوى رقم 2097 لسنة 6 ق، أن هذه الدعوى كانت قد أقيمت بطلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار محافظ الدقهلية رقم 220 لسنة 1984 فيما تضمنه من إزالة المبنى الذي أقامه المدعي بقرية بخير مركز دكرنس على أرض كان قد تملكها بموجب عقد بيع صادر له من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي معلق على شرط فاسخ خلال الخمس سنوات التالية لإبرام العقد النهائي بحيث يكون للإدارة فسخ العقد في حالة مخالفة الشروط الواردة بالعقد أو بقانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة (14) منه وقد قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون عليه استناداً إلى أن الأوراق جاءت خالية مما يفيد صدور قرار من الإصلاح الزراعي إعمال هذا الشرط الفاسخ، ومن ثم لا تكون الأرض محل القرار المطعون عليه بحسب الظاهر من أملاك الدولة الخاصة وإنما هي مملوكة للأفراد ويكون القرار محل الطعن فيما تضمنه من إزالة التعدي الواقع على أموال الدولة على غير أساس من القانون ولا ينال من ذلك أن القرار المطعون عليه أشار في ديباجته إلى قانون الزراعة رقم 116 لسنة 1983 بما يوحي مخالفة المدعي لقانون الزراعة ذلك أن المذكرة التي صدر بناء عليها القرار المطعون عليه لم تشر إلى هذا القانون وإنما أشارت إلى قيام المدعي بالتعدي على أرض مملوكة للدولة وقد قضت المحكمة الإدارة العليا في حكمها في الطعن رقم 2097 لسنة 6 ق المشار إليه آنفاً بإلغاء هذا الحكم المطعون عليه وبرفض وقف تنفيذ القرار المطعون عليه وألزمت المطعون ضده المصروفات وأسست المحكمة حكمها على أن مقتضى أحكام القانون رقم 116 لسنة 1983 أن لوزير الزراعة حتى صدور الحكم في الدعوى الجنائية المقامة ضد من يخالف الحظر المنصوص عليه والمادة 152 من القانون بإقامة مبان أو منشآت في أرض زراعية أن يوقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف استناداً لنص المادة 156 من القانون أي أن لوزير الزراعة اختصاص إزالة التعدي على الأرض الزراعية بإقامة مبان عليها حتى ولو وقع هذا التعدي من مالكها وقد فوض وزير الزراعة هذا الاختصاص إلى المحافظين، ومن ثم يكون القرار المطعون عليه بحسب الظاهر صادراً من جهة الاختصاص وقائماً على سببه حيث لا ينازع المطعون ضده في أنه قام بالبناء على الأرض الموزعة عليه من الإصلاح الزراعي لزراعتها..
ومن حيث إنه يبين من الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 26/ 11/ 1988 في الطعن رقم 2125 لسنة 33 ق أنها قضت بقضاء مخالف لما سبق أن قضت به في الطعن رقم 2359 لسنة 31 ق إذ قضت المحكمة الإدارية العليا بتأييد ما قضت به محكمة القضاء الإداري بالمنصورة في الدعوى رقم 1585 لسنة 8 ق من وقف تنفيذ قرار محافظ الدقهلية رقم 208 لسنة 1985 الذي قضى بوقف أسباب المخالفة المنسوبة إلى المدعي بإقامة مبان على أرض زراعية بغير ترخيص بالمخالفة للقانون رقم 116 لسنة 1983 ثم فوجئ المدعي بكتاب من رئيس الوحدة المحلية بأن مؤدى هذا القرار هو إزالة المخالفة المنسوبة إليه، وقد استندت المحكمة الإدارية العليا في قضائها إلى أن مفاد المادتين 152، 156 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 166 لسنة 1983 أن المشرع قد واجه حالة إقامة مبان أو منشآت في الأرض الزراعية وما في حكمها بالمخالفة للقانون بطريقين أحدهما قضائي والثاني إداري فأوجب المشرع في حالة ثبوت المخالفة أن يتضمن الحكم الجنائي الصادر بالعقوبة (الحبس والغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه) الأمر بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف وهذا هو الطريق القضائي أما الطريق الإداري فإن مقتضاه وفقاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة (156) أن لوزير الزراعة حتى صدور الحكم في الدعوى الجنائية أن يوقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف أي وقف الوضع القائم وإبقائه على ما هو عليه والحيلولة دون المخالف واستكمال الأعمال القائمة دون أن يتجاوز هذا الحد بالأمر بإزالة المباني المخالفة بحسبان أن ذلك من اختصاص القضاء الجنائي وحده وذلك في حالة الحكم بالإدانة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن محل التفسير المعروض هو حكم الفقرة الثالثة من المادة 156 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 معدلاً بالقانون رقم 116 لسنة 1983 التي تقضي أن "لوزير الزراعة حتى صدور الحكم في الدعوى وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف" وما إذا كان اختصاص وزير الزراعة وفقاً لحكم هذا النص يتضمن إصدار قرار بإزالة المباني التي أقيمت على الأرض الزراعية أو ما في حكمها بدون ترخيص أم أن اختصاص وزير الزراعة بوقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف يقتصر على إيقاف الوضع وإبقائه على ما هو عليه والحيلولة دون المخالف واستكمال الأعمال القائمة دون أن يتجاوز هذا الحد بالأمر بإزالة المباني المخالفة.
ومن حيث إنه يبين من استقراء القانونين رقمي 116 لسنة 1983، 2 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 أن المشرع قد استهدف بهذا التعديل عدم المساس بالرقعة الزراعية والحفاظ على خصوبتها، فنص في المادة (150) على حظر تجريف الأرض الزراعية أو نقل الأتربة لاستعمالها في غير أغراض الزراعة، ونص في المادة (154) على العقوبة الجنائية المقررة لمن يخالف هذا الحظر وقضى بأن "لوزير الزراعة حتى صدور الحكم في الدعوى أن يأمر بوقف الأعمال المخالفة وبإعادة الحالة إلى ما كانت عليه بالطريق الإداري على نفقة المخالف" ونص في المادة (151) على أنه "يحظر على المالك أو نائبه أو المستأجر أو الحائز بأية صفة ترك الأرض غير منزرعة لمدة سنة من تاريخ آخر زراعة رغم توافر مقومات صلاحيتها للزراعة ومستلزمات إنتاجها..." ثم نص في المادة (155) على العقوبة الجنائية وقضى في هذه المادة كذلك بأنه "إذا كان المخالف هو المالك أو نائبه وجب أن يتضمن الحكم الصادر بالإدانة تكليف الإدارة الزراعية المختصة بتأجير الأرض المتروكة لمن يتولى زراعتها عن طريق المزارعة لحساب المالك لمدة سنتين تعود بعدها الأرض لمالكها أو نائبه.. وإذا كان المخالف هو المستأجر أو الحائز دون المالك وجب أن يتضمن الحكم الصادر بالعقوبة إنهاء عقد الإيجار فيما يتعلق بالأرض المتروكة وردها للمالك لزراعتها، وفي جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ العقوبة، ولوزير الزراعة قبل الحكم في الدعوى أن يأمر بوقف أسباب المخالفة وإزالتها بالطريق الإداري على نفقة المخالف" ونصت المادة (152) على أنه "يحظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأرض الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأرض لإقامة مبان عليها..." ثم نص في المادة (156) فضلاً عن العقوبة الجنائية بأنه "يجب أن يتضمن الحكم الصادر بالعقوبة الأمر بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف وفي جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة، ولوزير الزراعة حتى صدور الحكم في الدعوى وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف" وأخيراً حظر المشرع في المادة (153) إقامة مصانع أو قمائن طوب في الأراضي الزراعية ونص في المادة (157) على العقوبة الجنائية المقررة لمخالفة هذا الحظر ونص على أن "لوزير الزراعة وحتى صدور الحكم في الدعوى وقف أسباب المخالفة وإعادة الحال إلى ما كانت عليه بالطريق الإداري على نفقة المخالف".
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم أن المشرع غاير في العبارات التي صاغها لتحديد الاختصاصات المخولة لوزير الزراعة بحسب نوع المخالفة ففي حين قضى في المادة (154) بأن له حتى صدور الحكم في الدعوى أن "يأمر بوقف الأعمال المخالفة وبإعادة الحال إلى ما كانت عليه بالطريق الإداري على نفقة المخالف" وذلك في حالة تجريف الأرض الزراعية بالمخالفة لحكم المادة (150) فإنه قضى في المادة (155) بأن "لوزير الزراعة قبل الحكم في الدعوى أن يأمر بوقف أسباب المخالفة وإزالتها بالطريق الإداري على نفقة المخالف" وذلك في حالة ترك الأرض غير منزرعة لمدة سنة من تاريخ آخر زراعة بالمخالفة لحكم المادة (151) وقضى في المادة (157) بأن "لوزير الزراعة وحتى صدور الحكم في الدعوى وقف أسباب المخالفة وإعادة الحال إلى ما كان عليه بالطريق الإداري على نفقة المخالف" وذلك في حالة إقامة مصانع أو قمائن طوب في الأرض الزراعية بالمخالفة لحكم المادة (153) بما يقتضي في هذه الحالات الثلاث أن المشرع قد قصد وتعمد تخويل الاختصاص لوزير الزراعة "بإزالة الأعمال المخالفة إدارياً" فإن المشرع قد قضى في المادة (156) بأنه في حالة مخالفة حكم المادة (152) بإقامة مبان أو منشآت في الأرض الزراعية فإن "لوزير الزراعة حتى صدور الحكم في الدعوى وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف" ولا جدال في أنه لا يتضمن هذا النص بحسب صريح العبارة هذه سلطة إزالة أسباب المخالفة إدارياً - فالوقف الذي قرره المشرع لوزير الزراعة لأسباب المخالفة لا يتضمن إزالة ذات المخالفة بل أن هذا الوقف مؤقت لطبيعته لحين الحكم جنائياً من المحكمة المختصة في الدعوى والتي أوجب عليها القانون أن تحكم بإزالة المخالفة ذاتها وأسبابها على حساب المخالف ونفقته - يؤكد ذلك الاستناد على صريح عبارات النص لغة والتي لا يجوز الانحراف عن معناها إلى ما هو أوسع وأخطر من دون سند من عبارة النص ذاته - أن التنفيذ المباشر ومنه الوقف أو الإزالة بالطريق الإداري والذي تخوله القوانين للسلطة الإدارية المختصة لا يعد اختصاصاً إدارياً وعادياً وعاماً تباشره السلطة الإدارة في مواجهة المواطنين وبصفة خاصة عند النزاع بينها وبينهم عن مدى سلامة تصرفاتهم أو مخالفتها للقانون ولكنها سلطة غير عادية يخولها القانون صراحة للجهات الإدارية لكفالة تنفيذ أحكام القانون وإقرار سيادته وكفالة دوام هيبته على الكافة ورعاية حسن سير وانتظام المرافق العامة في ظل النظام العام الدستوري الذي يقوم على الشرعية وسيادة القانون والتزام الدولة وبالذات السلطة التنفيذية وخضوعها للقانون مع كفالة استقلال القضاء وحصانته حماية للحقوق والحريات، وحيث ينص الدستور تحقيقاً للشرعية وإعلاناً لسيادة القانون على أن حق التقاضي مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الإلتجاء إلى قاضيه الطبيعي ولا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون، وكل متهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكم قانونية تكفل له ضمانات الدفاع عن نفسه (المواد 64، 65، 66، 67، 68 من الدستور).
وخاصة عندما يتعلق ذلك بحق الملكية الخاصة والملكية العامة وكفالة عدم التعدي على الثانية مع رعاية حرمة الأولى وحصانتها مثلها وفقاً لما قرر الدستور في المادتين (33)، (34) منه وقد حظرت المادة الأخيرة صراحة فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي، كما حظر نزعها إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض، ومن ثم فإنه لا يجوز لوزير الزراعة تجاوز حدود هذا الاختصاص بإصدار قرارات بإزالة المباني والمنشآت التي أقيمت على الأرض الزراعية لأن هذا الاختصاص مقرر فحسب للقضاء الذي يتعين عليه في حالة الحكم بالإدانة أن يأمر بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف وفقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة (156) المشار إليها، وإذا أصدر وزير الزراعة قراراً بإزالة المباني والمنشآت المقامة على الأرض الزراعية بالمخالفة لحكم المادة (152) فإن هذا القرار يكون مشوباً بعيب عدم الاختصاص الجسيم لاغتصابه سلطة مقررة للمحكمة الجنائية وحدها.
ومن حيث إنه يبين من استقراء الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 7/ 5/ 1988 في الطعن رقم 2360 لسنة 31 ق على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة في الدعوى رقم 2094 لسنة 6 ق أن هذه الدعوى أقامها السيد/ ....... بطلب وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار محافظ الدقهلية رقم 449 لسنة 1984 فيما تضمنه من إزالة أملاكه بحوض الجواني قطعة 12 بناحية نجير مركز دكرنس بالطريق الإداري وقد استند هذا القرار على كتاب مديرية الإصلاح الزراعي الذي تضمن إزالة التعدي الواقع من المدعي وغيره على أملاك الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمخصصة لانتفاع المدعو...... وقد قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار محل الطعن وألزمت الإدارة المصروفات واستندت المحكمة في قضائها إلى أن الأرض محل القرار المطعون ضده تم تمليكها للسيد....... بموجب عقد بيع صادر من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وفقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 ومن ثم يعتبر خلال الخمس السنوات التالية لإبرامه عقداً بنقل الملكية معلقاً على شرط فاسخ وأن للإدارة فسخ العقد في حالة المخالفة من جانب المالك طبقاً للإجراءات المقررة في المادة 14 من القانون رقم 178 لسنة 1952 والملكية المعلقة على شرط فاسخ هي ملكية موجودة خلال فترة التعليق وجوداً كاملاً ونافذاً وإن كانت مهددة بخطر الزوال وقد جاءت أوراق الدعوى خالية مما يفيد عرض المالك..... على لجنة المخالفات أو صدور قرار من تلك اللجنة بإلغاء القرار الصادر بتملك المذكور أو أن هذا القرار عرض على السلطة المختصة التي تملك إصدار القرار النهائي بفسخ عقد تملك المذكور، ومن ثم فإنه حتى يصدر القرار النهائي بفسخ العقد تعتبر الأرض محل النزاع بحسب الظاهر غير مملوكة للدولة ويكون القرار المطعون عليه بإزالة تعدي المدعي غير قائم بحسب الظاهر على أساس من القانون، وقد قضت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في الطعن رقم 2360 لسنة 31 ق عليا بإلغاء هذا الحكم ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه وأقامت قضاءها على أن "البادي من الأوراق أن عقد البيع المبرم بين الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمدعو....... بتاريخ 30/ 9/ 1980 ينص في البند التاسع على أنه لا يجوز للطرف الثاني ولا للورثة من بعده التصرف في الأرض المبيعة قبل الوفاء بثمنها كاملاً وبعد انقضاء خمس سنوات على التسجيل" ويقضي البند الحادي عشر بأنه "إذا أخل الطرف الثاني بأحد الالتزامات المنصوص عليها في هذا العقد أو بأحد الالتزامات الجوهرية المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليها أو ثبت أنه لا تتوافر فيه شروط التوزيع المنصوص عليها في هذا القانون اعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء ذاته بغير حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو أي إجراء قضائي.." وقد انطوت حافظة مستندات المطعون ضده على عقد بيع صادر له من المدعو...... موضوعه بيع تسعمائة متر مربع من الأرض الموزعة عليه من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أي أنه تصرف بالبيع في الأرض الموزعة عليه خلال فترة الحظر التي نص عليها البند التاسع من سند ملكيته، ومن ثم يكون ثمة مخالفة وقعت لأحد الالتزامات المنصوص عليها في عقد تمليك المذكور وعلى ذلك فإن الشرط الفاسخ المنصوص عليه في البند الحادي عشر يكون قد تحقق ويترتب عليه اعتبار العقد مفسوخاً تلقائياً دون حاجة إلى أعذار أو تدخل من القضاء ويزول بذلك بحسب الظاهر سند ملكية المذكور وهو من تلقى عنه المطعون ضده ما يدعيه من حق على أرض النزاع ويكون لجهة الإدارة من ثم أن تتدخل لإزالة تعدي المطعون ضده على أرض النزاع وقد تطهرت هذه الأرض بوقوع الفسخ على سند ملكية المدعو....... من أي حق له عليها وأن قبول المذكور للنص الوارد في عقد تمليكه والذي يقضي بفسخ العقد تلقائياً بمجرد المخالفة الثابتة في حقه يتضمن نزولاً منه عن الإجراءات المنصوص عليها في المادة (14) من قانون الإصلاح الزراعي رقم 187 لسنة 1952 وهي إجراءات مقررة لمصلحة البائع المطعون ضده باعتباره موزعة عليه الأرض وقبول هذا البائع في عقده الشرط الفاسخ الصريح بدون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو أي إجراء هو نزول صريح منه على التمسك بهذه الإجراءات خاصة وأنها مقررة لمصلحته والقصد منها هو التأكد من وقوع المخالفة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن من بين المسائل القانونية المطروحة ما إذا كان ثبوت إخلال من تسلم الأرض وفقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 بأحد الشروط التي وقع على أساسها عقد البيع مع الهيئة والتي تضمنت في البند الحادي عشر منه فسخ العقد بمجرد إخلاله بالتزاماته المنصوص عليها في العقد أو في المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار يغني عن وجوب عرض هذه المخالفة على اللجنة المشار إليها في قانون الإصلاح الزراعي الصادر بالمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 معدلاً بالقانون رقم 554 لسنة 1955 وإتباع الإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة لاتخاذ إجراءات الفسخ واسترداد الأرض وفقاً لأحكام هذه المادة بحسبان أن توقيع من وزعت عليه أرضاً من الإصلاح الزراعي على عقد التمليك الذي تضمن الشرط الفاسخ المشار إليه آنفاً يعتبر نزولاً ممن تسلم الأرض عن التمسك بالإجراءات المنصوص عليها في المادة 14 سالفة الذكر على نحو ما ذهب إليه حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 7/ 5/ 1988 في الطعن رقم 2360 لسنة 31 قضائية.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 554 لسنة 1955 بتعديل المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي يقضي على أن تضاف إلى المادة 14 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه فقرتان جديدتان نصهما كالآتي:
"إذا تخلف من تسلم الأرض عن الوفاء بأحد الالتزامات المنصوص عليها في الفقرة السابقة أو تسبب في تعطيل قيام الجمعية التعاونية بالأعمال المنصوص عليها في المادة (19) أو أخل بأي التزام جوهري آخر يقضي به العقد أو القانون حقق الموضوع بواسطة لجنة تشكل من نائب بمجلس الدولة رئيساً ومن عضوين من مديري الإدارات بالهيئة التنفيذية للإصلاح الزراعي لها بعد سماع أقوال صاحب الشأن أن تصدر قراراً مسبباً بإلغاء القرار الصادر بتوزيع الأرض عليه واستردادها منه واعتباره مستأجراً بها من تاريخ تسليمها إليه وذلك كله إذا لم تكن قد مضت خمس سنوات على إبرام العقد النهائي. ويبلغ القرار إليه بالطريق الإداري قبل عرضه على اللجنة العليا بخمسة عشر يوماً على الأقل ولا يصبح نهائياً إلا بعد تصديق اللجنة العليا عليه، ولها تعديله أو إلغاؤه، ولها كذلك الإعفاء من أداء الفرق بين ما حل من أقساط الثمن وبين الأجرة المستحقة وينفذ قرارها بالطريق الإداري".
ومن حيث إنه يبين من هذا النص أن المشرع قضى بتشكيل لجنة لتحقيق ما ينسب إلى من تسلم الأرض طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 من مخالفات تتعلق بإخلاله بأحد التزاماته التي نص عليها العقد أو قانون الإصلاح الزراعي، وقد راعى المشرع في تشكيل هذه اللجنة أن تتضمن عنصراً قضائياً وأوجب على اللجنة سماع أقوال صاحب الشأن قبل أن تصدر قراراً مسبباً بإلغاء قرار التوزيع واسترداد الأرض، ومما لا جدال فيه أن هذه الإجراءات جوهرية تشكل ضمانات جوهرية تكفل سلامة صدور القرارين، ثم فهي من الأشكال التي يتعين مراعاتها قبل إصدار القرار، وبذلك لا يكون هناك وجه للقول بأن قبول صاحب الشأن الموزعة عليه الأرض للنص الوارد في عقد تمليكه والذي يقضي بفسخ العقد تلقائياً بمجرد ثبوت المخالفة يتضمن نزولاً منه عن الإجراءات المنصوص عليها في المادة 14 سالفة الذكر باعتبارها إجراءات مقررة لصالحه أو أن هذه الإجراءات مقررة بمراعاة كفالة حق الدفاع لكل مواطن الذي كفله المشرع الدستوري بالإحالة أو الوكالة المادة (69) من الدستور وضمان تحقيق أهداف الإصلاح الزراعي من استيلاء وتوزيع والمتعلقة بالنظام العام للملكية الزراعية في البلاد على أساس تسليم يتفق مع النظام العام الدستوري الذي تضمنته بصفة خاصة المواد 29، 31، 32، 33، 34، 37 من الدستور.
ومن ثم لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها أو النزول عنها لتعلقها بالنظام العام وارتباطها بالقواعد الحاكمة للملكية الزراعية والإصلاح الزراعي، كما أنه إذا كان صحيحاً أن الشرط الفاسخ الصريح في العقود المدنية تقيد سلطة القاضي التقديرية في فسخ العقد إلا أنه يتطلب تدخله لإعماله وإنفاذه بعد التحقق من توفر موجبه، ومن ثم فإنه يتعين استهداء بذلك عرض المخالفة على اللجنة المشار إليها في المادة (14) لكي تتحقق من قيام السبب الموجب للفسخ وتتدخل لإعماله بإصدار قرارها بإلغاء قرار التوزيع واسترداد الأرض.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كما تقدم وكان الثابت من أوراق الطعن الماثل أن القرار المطعون عليه رقم 361 لسنة 1985 الصادر من محافظة الدقهلية إزالة البناء الذي أقامه المطعون ضده على الأرض التي تسلمها من الإصلاح الزراعي قد صدر بناء على قرار وزير الزراعة رقم 1167 لسنة 1983 بتفويض المحافظين في الاختصاصات المخولة لوزير الزراعة بالقانون 116 لسنة 1981 وكان الثابت أنه ليس من هذه الاختصاصات الإزالة بالطريق الإداري المنوط بالمحكمة الجنائية دون وزير الزراعة كما سلف البيان، لذلك يكون القرار المطعون عليه قد صدر مخالفاً للقانون وفضلاً عن ذلك فإنه لا يبين من الأوراق أن الإجراءات المنصوص عليها في المادة (14) من القانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي معدلة بالقانون رقم 554 لسنة 1955 قد اتخذت قبل المطعون عليه ولم يثبت أن قراراً بإلغاء التوزيع واسترداد الأرض قد صدر ضده لذلك فإنه بحسب الظاهر تكون الأرض محل النزاع لازالت على ملكه ما دام أنه لم يصدر قرار بإعمال الشرط الفاسخ على النحو الذي حتمه واقتضاه القانون وبالتالي لا وجه لإزالة وضع يده باعتباره متعدياً على أملاك الدولة بالطريق الإداري إعمالاً لحكم المادة 170 من القانون المدني التي يتعين لتطبيق حكمها أن تكون يد المتعدي يداً غاصبة، وإذ تبين أن واضع اليد يستند بحسب الظاهر من الأوراق إلى علاقة تربطه بجهة الإدارة (ملكية معلقة على شرط فاسخ) ولم يتم إعمال هذا الشرط الفاسخ وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة 14 من القانون رقم 178 لسنة 1952 فإنه لا وجه لتطبيق حكم المادة 97 من القانون المدني.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بأنه:
)أولاً) يقف اختصاص وزير الزراعة المحدد في المادة (156) من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 والمعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 عند وقف أسباب المخالفة بالبناء على الأرض الزراعية دون أن يتجاوز ذلك إلى حد إزالة المباني المخالفة إدارياً، أما الأمر بإزالة المباني والمنشآت المخالفة التي تقام في الأرض الزراعية فمنوط قانوناً بالقضاء الجنائي وحده.
)ثانياً) أن إلغاء توزيع الأرض واستردادها ممن وزعت عليهم طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 معدلاً بالقانون رقم 116 لسنة 1983 يتعين أن يكون وفقاً للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في المادة (14) من هذا القانون رغم أن النص في العقود المبرمة بينهم وبين الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على فسخ هذه العقود تلقائياً بغير حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو أي إجراء قضائي ويتعين قانوناً إتباع القواعد والإجراءات المنصوص عليها في المادة (14) من القانون المذكور وبعرض الأمر على لجنة التحقيق المختصة للتحقق من سبب الفسخ وأمرت المحكمة بإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة التي أحالته إلى دائرة توحيد المبادئ للفصل فيه وفقاً لما تقدم.

الفهرس الموضوعي لقواعد النقض المدني المصري / ع / عقد مقاولة - نطاقه



اتفاق الطاعنة مع الشركة المطعون ضدها بالتزام الأخيرة بتنفيذ العمل المتفق عليه بنفسها دون أن تسنده في جملته أو جزء منه إلى مقاول من الباطن. وجوب إعمال هذا الاتفاق. تطبيق الحكم المطعون فيه عقد المقاولة من الباطن الذي لم تكن الطاعنة طرفاً فيه وقضائه بتسليم المنقولات المتحفظ عليها للمقاول من الباطن والتعويض. قصور وخطأ.الحكم كاملاً


الفهرس الموضوعي لقواعد النقض المدني المصري / ع / عقد مقاولة - فسخه



عقد المقاولة. صيرورة تنفيذه مرهقاً بسبب حادث استثنائي غير متوقع عند التعاقد. جواز فسخ العقد أو زيادة أجر المقاول. المادتين 147/ 2 و658/ 4 مدني.الحكم كاملاً


الفهرس الموضوعي لقواعد النقض المدني المصري / ع / عقد مقاولة



فى حالة تقديم رب العمل المادة المستخدمة فانه يتعين على المقاول أن يحافظ على المادة المسلمة إليه من رب العمل وأن يبذل فى المحافظة عليها عناية الشخص المعتاد فإن نزل عن هذه العناية كان مسئولا عن هلاكهاالحكم كاملاً




مسئولية المقاول عن سلامة البناء. امتدادها إلى ما بعد تسليم البناء في حالة ما إذا كانت العيوب به خفية. اعتبارها مسئولية عقدية. تحققها بمخالفة المقاول الشروط والمواصفات المتفق عليها أو انحرافه عن تقاليد الصنعة وعرفها أو نزوله عن عناية الشخص المعتاد في تنفيذ التزامه.الحكم كاملاً




بلوغ العيب في البناء حداً من الجسامة ما كان يقبله رب العمل لو علم به قبل تمام التنفيذ. الخيار له بين طلب الفسخ أو إبقاء البناء مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض. عدم بلوغ العيب هذه الدرجة. أثره. اقتصار حق رب العمل على التعويض.الحكم كاملاً




التزام الطاعن والمطعون ضده السابع بالعقد محل التداعي باعتبارهما مقاولين بتشييد العقار طبقاً للشروط الفينة والهندسية المتفق عليها به في مقابل التزام المطعون ضدهم الستة الأوائل بتمليكهما ثلثي الأرض والبناء. إثبات الحكم المطعون فيه من مطالعته لتقارير الخبراء ظهور عيوب جسيمة في تصميم بناء هذا العقار وفي تنفيذه وأنه يتوقع زيادتها مستقبلاً وترميمها يحتاج إلى أسلوب فني متخصص وأن التأخير في ذلك يؤثر على سلامة العقار.الحكم كاملاً




النص في عقد المقاولة على شرط تحديد مدة لتنفيذ عملية الإنشاء وتعويض محدد بصفة نهائية عن كل يوم تأخير وحق الطاعنة في اعتبار العقد مفسوخاً بعد إنذار المقاول إذا زاد التأخير عن مدة معينة. مؤداه. انصراف نية الطرفين إلى إعمال هذا الشرط في حالة تأخر التنفيذ.الحكم كاملاً




دعوى ضمان المهندس المعماري والمقاول لعيوب البناء. م 651 مدني. أساسها. المسئولية العقدية التي تنشأ عن عقد المقاولة. تخلف العقد. أثره. عدم التزام المهندس المعماري قبل رب العمل بالضمان.الحكم كاملاً




المقاول الأصلي. التزامه تجاه صاحب العمل بإنجاز العمل محل عقد المقاولة بما في ذلك أعمال المقاول من الباطن. مسئوليته عن إخلال مقاول الباطن بالتزاماته. مسئولية عقدية. أساسها. افتراض أن كل أعمال وأخطاء مقاول الباطن تعتبر بالنسبة لصاحب العمل صادرة من المقاول الأصلي. م 661 مدني.الحكم كاملاً




خدمات التشغيل للغير. انصراف مدلولها إلى خدمات معينة وليس إلى عموم الخدمات. علة ذلك.الحكم كاملاً




عقد المقاولة. التزام المقاول فيه بأداء عمل أو شغل معين لحساب صاحب العمل.الحكم كاملاً




عقد النقل. ماهيته. عقد يتعهد فيه الناقل بنقل شخص أو شئ إلى جهة معينة مقابل أجر.الحكم كاملاً




النص على خدمات النقل السياحى والمكيف بالجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات.الحكم كاملاً




عقد المقاولة قيام المقاول فيه بأداء عمل أو شغل معين لحساب الغير تقديمه مادة العمل كلها أو بعضها أثره صيرورة العقد مزيجاً من بيع يقع على المادة ومقاولة تقع على العمل.الحكم كاملاً




عقد المقاولة. جواز الاتفاق فيه على أن يحل رب العمل محل المقاول المقصّر في تنفيذ الالتزام أو يعهد بتنفيذه إلى غيره.الحكم كاملاً




حوالة الحق الناشئ عن العقد المبرم بين المدين والمحيل. تحديد التزام المدين قبل المحال له بما ورد بهذا العقد. القضاء بإحلال المدين محل المحيل في الدين المستحق قبله للمحال له. خطأ. مثال بشأن عقد مقاولة وعوض التأخير.الحكم كاملاً




تضمين عقد النزاع أن مهمة الطاعن تتحصل في قيامه بالتدريب والإشراف الفني والإداري على فريق كرة القدم الأول وتخويله كافة الصلاحيات والاختصاصات في اختيار الأجهزة الفنية والإدارية والطبية المعاونة وقيد اللاعبين والاستغناء عنهم دون تقرير أي حق للنادي في الإشراف والتوجيه فيما عهد به إليه. مفاده. أنه عقد مقاولة وليس عقد عمل.الحكم كاملاً




تكييف عقد العمل وتمييزه عن عقد المقاولة أو غيره من العقود هو بتوافر عقد التبعية التي تتمثل في خضوع العامل لإشراف رب العمل ورقابته وهو ما نصت عليه المادة 674 من التقنين المدني بقولها إن "عقد العمل هو الذي سيتعهد فيه أحد المتعاقدين بأن يعمل في خدمة العاقد الآخر وتحت إدارته أو إشرافه مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الآخر" .الحكم كاملاً




حق رب العمل في العدول عن عقد المقاولة. أثره. وجوب تعويض المقاول عما أنفقه من مصروفات وما أنجزه من أعمال وما فاته من كسب. م 663/ 1 مدني.الحكم كاملاً




علاقة التبعية. ماهيتها. إقامة الحكم قضاءه بمسئولية الهيئة العامة للجارى عن خطأ مقاول الحفر استنادا إلى تدخلها الايجابى فى تنفيذ العملية. لا خطأ. لا يغير من ذلك ما ورد فى عقد المقاولة من مسئولية المقاول وحده عن الأضرار التى تصيب الغير.الحكم كاملاً




عقد المقاولة. ماهيته. اتفاق الطاعنين مع المطعون عليه على إقامة مبنى فوق أرض مملوكة للطرفين على الشيوع نظير أجر يتقاضاه. خلو الاتفاق مما يدل على قيامه بالعمل تحت إشرافهما أو بوصفه تابعاً لهما أو نائباً عنهما.الحكم كاملاً




فسخ عقد المقاولة. رجوع المقاول بقيمة ما استحدثه من أعمال. لا يكون إلا استناداً إلى مبدأ الإثراء بلا سبب لا إلى العقد الذي فسخ. المثري يلتزم برد أقل القيمتين، الإثراء أو الافتقار.الحكم كاملاً




الجمعية التعاونية وحدها صاحبة الحق فى مطالبة المقاول المتعاقد معها بتنفيذ إلتزاماته الناشئة عن عقد المقاولة وتعويض الأضرار الناتجة عن الإخلال بها.الحكم كاملاً




عقد مقاولة أشغال عامة. تكييفه بأنه عقد مدني أو عقد إداري لا يحول دون فسخه إذا أخل المقاول بالتزاماته.الحكم كاملاً




حكم. إقراره فسخ عقد المقاولة استناداً إلى نص صريح فيه. لا يعيبه ورود تقريرات أخرى خاطئة فيه.الحكم كاملاً




الاتفاق مع المقاول على حفر عدد معين من الأمتار المكعبة وفقاً لتصميم سلم إليه. فسخ رب العمل هذه المقاولة دون مسوغ.الحكم كاملاً




تضمن العقد بنداً أوجب على المقاول أن ينهي جميع العمل المنوه عنه في العقد في الوقت المتفق عليه وإلا كان لرب العمل توقيع الغرامات حسب الفئات المنصوص عليها في ذلك البند وأن هذه الغرامات توقع بمجرد حصول التأخير. تأخر المقاول في نهو العمل في الميعاد المتفق عليه أولاً في العقد ثم تباطؤه في إنجازه رغم إمهاله في إتمامه أكثر من مرة مما اضطر رب العمل إلى سحب العملية منه ثم قبول المقاول الاستمرار في العمل على حسابه بعد قرار السحب المذكور. رب العمل يكون على حق في احتساب غرامة التأخير عليه.الحكم كاملاً




لا يجوز لمقاول بناء أن يثبت بالبينة على صاحب العمل المتعاقد معه أنه أذنه بإجراء أعمال زائدة على المتفق عليه في عقد المقاولة، لأن عمل المقاولة لا يعتبر تجارياً بالنسبة لصاحب البناء حتى يباح الإثبات بهذا الطريق.الحكم كاملاً