الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 10 نوفمبر 2024

الطعن 24 لسنة 20 ق دستورية عليا دستورية" جلسة 9 / 11 / 2024

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من نوفمبر سنة ٢٠٢٤م، الموافق السابع من جمادى الأولى سنة ١٤٤٦هـ.

برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور / عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم ٢٤ لسنة ٢٠ قضائية دستورية"

المقامة من

مجدي رشاد سيف

ضد

1- رئيس مجلس الوزراء

۲- محافظ الإسكندرية

3 - عادل محمد محمود خليل

4 - نشأت أنور لمعي

5 - الحاج محمد يحيى عبد العزيز

----------------

الإجراءات

بتاريخ السابع من فبراير سنة ۱۹۹۸ ، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبا الحكم بعدم دستورية نص المادتين (1) و (٥) من القانون رقم ١٣٦ لسنة ۱۹۸١ في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين، طلبت فيهما الحكم، أصليا : بعدم قبول الدعوى، واحتياطيا برفضها.

وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.

ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلستي ٢٠١٠/٩/٢٦، و ٢٠٢٤/٤/٦، وفيهما أعادت المحكمة الدعوى إلى هيئة المفوضين لاستكمال التحضير، فأودعت الهيئة تقريرين تكميليين، وأعيد نظر الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة ٢٠٢٤/٩/١، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي أقام أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الدعوى رقم ١٩٨٦ لسنة ۱۹۸۸ مساكن، ضد المدعى عليهم الأربعة الأخيرين طالبا الحكم بإعادة تقدير الأجرة، على سند من أن المدعى عليهم الثلاثة الأخيرين استأجر كل منهم وحدة سكنية في العقار المملوك له مقابل أجرة اتفاقية، وأن لجنة تحديد الأجرة المختصة خفضت بناء على طلبهم - أجرة هذه المساكن على غير الأسس القانونية، ما شاب قرارها بالبطلان ومن ثم أقام دعواه. كما أقام المدعى عليهما الرابع والخامس أمام المحكمة ذاتها الدعوى رقم ١٦٧٧ لسنة ۱۹۸۸ مساكن، ضد المدعي وآخر، طلبا للحكم بتخفيض القيمة الإيجارية للوحدتين السكنيتين المؤجرتين لهما، على سند من أنهما استأجرا الشقتين محل النزاع بغرض السكني بالعقار المملوك للمدعي، وأن لجنة تحديد الأجرة أخطرتهما في ۱۹۸٨/٥/٢٢ بتقديرها القيمة الإيجارية للشقتين، وإذ جاء تقديرها مجحفا بحقوقهما، فأقاما الدعوى المار بيانها، قررت المحكمة ضم الدعويين للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة ٢/٢٦/۱۹۹۷ ، حكمت المحكمة برفض الدعويين. طعن المدعي على الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم ٨٠١ لسنة ٥٣ قضائية، وحال نظره دفع المدعي بعدم دستورية المادتين (۱) و (٥) من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ المار ذكره، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية فأقام الدعوى المعروضة.

وحيث إن المادة (1) من القانون رقم ١٣٦ لسنة ۱۹۸۱ في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر مقروءة على ضوء الحكم الصادر بجلسة ۲۰۰٢/٥/١٢، في الدعوى رقم ٥٠ لسنة ٢١ قضائية دستورية" تنص على أنه فيما عدا الإسكان الفاخر، لا يجوز أن تزيد الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى اعتبارا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون على % من قيمة الأرض والمباني.

ولا تسري على هذه الأماكن أحكام المادة (۱۳) عدا الفقرة الأخيرة منها والمادة (١٤) والفقرة الأولى من المادة (١٥) والفقرة الثانية من المادة (٦٨) من القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٧ في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر .

ويصدر بتحديد مواصفات الإسكان الفاخر قرار من الوزير المختص بالإسكان".

وتنص المادة (۲) من القانون ذاته على أن تقدر قيمة الأرض بالنسبة إلى الأماكن المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة السابقة وفقا لثمن المثل عند الترخيص بالبناء، وتقدر قيمة المباني وفقا للتكلفة الفعلية وقت البناء .

وتنص المادة (٥) من القانون السالف على أنه إذا رأى المستأجر أن الأجرة التي حددها المالك تزيد على الحدود المنصوص عليها في هذا القانون جاز له خلال تسعين يوما من تاريخ التعاقد أو من تاريخ الإخطار أو من تاريخ شغله للمكان أن يطلب من لجنة تحديد الأجرة المختصة القيام بتحديد أجرة المكان وفقا للأسس المنصوص عليها في هذا القانون.

ويكون الطعن على قرارات هذه اللجان أمام المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها المكان المؤجر، وذلك خلال ستين يوما من تاريخ إخطار ذوي الشأن بقرارها .

ولا تسري على هذه الطعون أحكام المادتين (۱۸، ۲۰) من القانون ٤٩ لسنة ۱۹۷۷.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق أن حسمت دستورية الفقرة الأولى من المادة (٥) من القانون رقم ١٣٦ لسنة ۱۹۸۱، بحكمها الصادر بجلسة ۲۰۰٦/٢/١٢ ، في الدعوى رقم ٨٩ لسنة ۱۸ قضائية دستورية"، الذي قضى بعدم قبول الطعن على الفقرتين الثانية والثالثة من هذه المادة، وبرفض الطعن على المادة (٤) والفقرة الأولى من المادة (٥) من القانون ذاته، وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد 8 مكرر (أ) في أول مارس سنة ۲۰۰٦ ، وكان مقتضى نص المادة (١٩٥) من الدستور، والمادتين (٤٨) و ٤٩) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩، أن تكون أحكام هذه المحكمة وقراراتها ملزمة للكافة وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حجية مطلقة بالنسبة إليهم، باعتبارها قولاً فصلا في المسائل المقضي فيها وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو إعادة طرحها عليها من جديد لمراجعتها ومن ثم فإن الدعوى المعروضة في هذا الشق منها - تغدو غير مقبولة، ولما كانت الفقرتان الثانية والثالثة من المادة (٥) السالف بيانها لا صلة لهما بمناعي المدعي في الدعوى المعروضة، فإنهما تغدوان بهذه المثابة خارجتين عن نطاق هذه الدعوى .

وحيث إن المصلحة الشخصية - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها قيام علاقة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في دعوى الموضوع، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات الموضوعية المطروحة على محكمة الموضوع، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية قوامه شرطان، أولهما أن يقيم المدعي الدليل على أن ضررًا واقعيا مباشرا ممكنا إدراكه قد لحق به، وثانيهما أن يكون مرد هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه.

متى كان ما تقدم، وكانت رحى النزاع الموضوعي تدور حول طلب الخصوم فيه إعادة تقدير القيمة الإيجارية للوحدات السكنية المؤجرة للمدعى عليهم الثلاثة الأخيرين، الذين احتجوا في النزاع الموضوعي بما تضمنه نص الفقرة الأولى من المادة (۱) من القانون رقم ١٣٦ لسنة ۱۹۸۱ المار ذكره بألا تزيد القيمة الإيجارية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى اعتبارا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون على % من قيمة الأرض والمباني، فيما تمسك المدعي بإعادة تقدير القيمة الإيجارية المحددة بمعرفة لجنة تحديد الأجرة المختصة، وكان النص المطعون فيه هو ما يحول دون إجابة المدعي لطلبه ومن ثم يكون للفصل في دستورية هذا النص أثر مباشر وانعكاس أكيد على الطلبات في الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، وتبعا لذلك تتوافر للمدعي مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن بعدم دستوريته.

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى الدستورية وإن تحدد أصلا بالنصوص القانونية التي تعلق بها الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع، فإن هذا النطاق يتسع كذلك لتلك النصوص التي أضير المدعي من جراء تطبيقها عليه - ولو لم يتضمنها الدفع - إذا كان فصلها عن النصوص التي اشتمل عليها الدفع متعذرًا، وكان ضمها إليها كافلا الأغراض التي توخاها المدعي بدعواه الدستورية، فلا تحمل إلا على مقاصده، ولا تتحقق مصلحته الشخصية بعيدا عنها. إذ كان ذلك، وكان المدعي يستهدف من دعواه المعروضة إبطال ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكني، وكان صدر المادة (۲) من القانون رقم ١٣٦ لسنة ۱۹۸۱ ، فيما نص عليه من أن تقدر قيمة الأرض بالنسبة إلى الأماكن المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة السابقة وفقا لثمن المثل عند الترخيص بالبناء، وتقدر قيمة المباني وفقا للتكلفة الفعلية وقت البناء"، فإن حكم هذا النص متضامنا مع نص الفقرة الأولى من المادة (۱) من القانون ذاته يشكلان الأساس القانوني لتقدير أجرة المباني السكنية الخاضعة لأحكام هذا القانون، وكان مؤدى هذين النصين معا هو ثبات القيمة الإيجارية للوحدات السكنية الخاضعة لأحكام هذا القانون، مما يتعين معه من نطاق الدعوى المعروضة إلى هذا النص أيضا، ومن ثم يتحدد نطاقها فيما تضمنته الفقرة الأولى من كل من المادتين (۱) و (۲) من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكني اعتبارا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، دون غيرها من أحكام أخرى تضمنها النصان السالفان.

وحيث إن المدعي ينعى على النصين المطعون فيهما أن المشرع وإن منح المالك ابتداء حق تقدير أجرة الأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكني الخاضعة لأحكامه، فإنه غل يده عن إعادة النظر فيها، جاعلا منها أجرة مجمدة ترتبط بالعين المؤجرة متى صارت نهائية، لا يجري عليها زيادة رغم استمرار العقد لمدة غير محددة، مانجا بذلك المستأجر مزية استثنائية لا تقتضيها طبيعة عقد الإيجار، بما يخالف مبادئ الشريعة الإسلامية التي أعلت حرية التعاقد، ويخل بمبدأ التضامن الاجتماعي، ويهدر الحق في الملكية الخاصة، مخالفا بذلك المواد (۲) و ۷) و ۳۲ و (٣٤) من دستور سنة ۱۹۷۱.

وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلا على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة صون الدستور القائم، وحمايته من الخروج على أحكامه؛ ذلك أن نصوص هذا الدستور تمثل دائما القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الأمرة. متى كان ذلك، وكانت مناعي المدعي تندرج ضمن المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي القاعدة في الدستور، من حيث محتواها الموضوعي، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على دستورية هذين النصين اللذين ما زالا معمولا بهما، في ضوء أحكام الدستور القائم.

وحيث إن الدستور القائم لم يأت بما يخالف ما أورده المدعي في خصوص المبادئ الدستورية الحاكمة للدعوى المعروضة، ومن ثم تكون المواد (۲) و ۷ و ۳۲) و (٣٤) من دستور ۱۹۷۱ ، تقابلها المواد (۲) و ۸) و (٣٥) من دستور ٢٠١٤.

وحيث إن الأصل في الشريعة الإسلامية في مبادئها الكلية وأصولها الثابتة التي لا تبديل فيها أن الأموال جميعها مردها إلى الله تعالى، أنشأها وبسطها، وإليه معادها ومرجعها، مستخلفًا فيها عباده الذين عهد إليهم بعمارة الأرض، وجعلهم مسئولين عما في أيديهم من الأموال لا يبددونها أو يستخدمونها إضرارًا، يقول تعالى: "وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه، وليس ذلك إلا نهيا عن الولوغ بها في الباطل، وتكليفا لولي الأمر بأن يعمل على تنظيمها بما يحقق المقاصد الشرعية المتوخاة منها، وهي مقاصد ينافيها أن يكون إنفاق الأموال وإدارتها عبنا أو إسرافا أو عدوانا، أو متخذا طرائق تناقض مصالح الجماعة أو تخل بحقوق للغير أولى بالاعتبار. وكان لولي الأمر صونا للملكية من تبديد عناصرها أن يعمل من خلال التنظيم التشريعي على ألا يكون نهبا لآخرين يلحقون بأصحابها ضررا بغير حق أو يوسعون من الدائرة التي يمتد الضرر إليها، ليكون دفع الضرر قدر الإمكان لازما، فإذا تزاحم ضرران كان تحمل أهونهما واجبا اتقاء لأعظمهما، وكلما كان الضرر بيئا أو فاحشا كان رده متعينا، بعد أن جاوز الحدود التي يمكن أن يكون فيها مقبولا.

وحيث إن الدستور قد حرص في المادة (٤) منه على كفالة العدل، باعتباره أساسا لبناء المجتمع، وصيانة وحدته الوطنية، وكانت العدالة في غاياتها على ما جری به قضاء هذه المحكمة - لا تنفصل علاقتها بالقانون باعتباره أداة تحقيقها، فلا يكون القانون منصفا إلا إذا كان كافلا لأهدافها، فإذا زاغ ببصره عنها، وأهدر القيم الأصيلة التي تحتضنها كان منهيا للتوافق في مجال تنفيذه، ومسقطا كل قيمة لوجوده، ومستوجبا تغييره أو إلغاءه.

وحيث إن ما نص عليه الدستور في المادة الثامنة من قيام المجتمع على أساس من التضامن الاجتماعي، يعني وحدة الجماعة في بنيانها، وتداخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها، واتصال أفرادها وترابطهم فيما بينهم، ليكون بعضهم لبعض ظهيرا، فلا يتفرقون بددا، أو يتناحرون طمعًا، أو يتنابذون بغيًا، وهم بذلك شركاء في مسئوليتهم قبلها، ولا يملكون التنصل منها أو التخلي عنها، وليس لفريق منهم أن يتقدم على غيره انتهازا، ولا أن ينال قدرًا من الحقوق يكون بها عدوانا - أكثر علوا، وإنما تتضافر جهودهم وتتوافق توجهاتهم، لتكون لهم الفرص ذاتها التي تقيم لمجتمعاتهم بنيانها الحق، وتتهيأ معها تلك الحماية التي ينبغي أن يلوذ بها ضعفاؤهم، ليجدوا في كنفها الأمن والاستقرار .

وحيث إن العدالة الاجتماعية وإن كانت من القيم التي تبناها الدستور، إلا أن مفهومها لا يناقض بالضرورة حق الملكية، ولا يجوز أن يكون عاصفا بفحواه وعلى الأخص في نطاق العلائق الإيجارية التي تستمد مشروعيتها الدستورية من التوازن في الحقوق التي كفلها المشرع الأطرافها ذلك أن الملكية بما يتفرع عنها من الحقوق ينبغي أن تخلص لأصحابها، فلا ينقض المشرع على أحد عناصرها، ليقيم بنيانها على غير القواعد التي تتهيأ بها لوظيفتها الاجتماعية أسبابها. ولتن جاز القول بأن لكل حق وظيفة يعمل في إطارها ليتحدد مداه على ضونها، فإن لكل حق كذلك - دائرة لا يجوز اغتيالها حتى يظل الانتفاع به ممكنا وكلما فرض المشرع على الحق قيودا جائرة تنال من جدواه، فلا يكون بها إلا هشيما، فإن التذرع بأن لهذه القيود دوافعها من وظيفته الاجتماعية يكون لغوا.

وحيث إن الدستور إعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة، وتوكيدا الإسهامها في صون الأمن الاجتماعي - كفل حمايتها لكل فرد وطنيا كان أم أجنبيا - ولم يُجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفى الحدود التي يقتضيها تنظيمها، باعتبارها عائدة في الأغلب الأعم من الأحوال إلى جهد صاحبها، بذل من أجلها الوقت والعرق والمال، وحرص بالعمل المتواصل على إنمائها، وأحاطها بما قدره ضروريا لصونها، معبدا بها الطريق إلى التقدم كافلا للتنمية أهم أدواتها، محققا من خلالها إرادة الإقدام هاجعا إليها لتوفر ظروفا أفضل لحرية الاختيار والتقرير، مطمئنا في كنفها إلى يومه وغده مهيمنا عليها ليختص دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها .

وحيث إن السياسة التشريعية الرشيدة يتعين أن تقوم على عناصر متجانسة، فإن قامت على عناصر متنافرة نجم عن ذلك افتقاد الصلة بين النصوص ومراميها، بحيث لا تكون مؤدية إلى تحقيق الغاية المقصودة منها لانعدام الرابطة المنطقية بينهما، تقديرًا بأن الأصل في النصوص التشريعية في الدولة القانونية هو ارتباطها عقلا بأهدافها، باعتبار أن أي تنظيم تشريعي ليس مقصودا لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك الأهداف ومن ثم يتعين دائما استظهار ما إذا كان النص المطعون فيه يلتزم إطارا منطقيًا للدائرة التي يعمل فيها، كافلا من خلالها تناغم الأغراض التي يستهدفها، أو متهادما مع مقاصده أو مجاوزا لمبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليه في المادة من ثم لها، ومناهضا (٩٤) من الدستور.

وحيث إن السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في موضوع تنظيم الحقوق لازمها أن يفاضل بين بدائل متعددة مرجحا من بينها ما يراه أكفل بتحقيق المصالح المشروعة التي قصد إلى حمايتها، إلا أن الحدود التي يبلغها هذا التنظيم لا يجوز بحال أن ينفلت مداها إلى ما يعد سلبا للملكية من أصحابها، سواء من خلال العدوان عليها بما يفقدها قيمتها، أو اقتلاع المزايا التي تنتجها، أو تهميشها، أو تعطيل بعض جوانبها.

وحيث إنه ولتن صح القول بأن مواجهة أزمة الإسكان والحد من غلوائها اقتضى أن تكون التشريعات الاستثنائية الصادرة دفعا لها مترامية في زمن تطبيقها، فإنه يتعين النظر إليها دوما بأنها تشريعات طابعها التأقيت مهما استطال أمدها، وأنها لا تمثل حلا دائما ونهائيا للمشكلات المترتبة على هذه الأزمة، بل يتعين دوما مراجعتها من أجل تحقيق التكافؤ بين مصالح أطراف العلاقة الإيجارية، فلا يميل ميزانها في اتجاه مناقض لطبيعتها إلا بقدر الظروف التي أملت وجودها.

وحيث إن المشرع قد حرص في القانون رقم ١٣٦ لسنة ۱۹۸۱ على تنظيم العلاقة الإيجارية بين المؤجر والمستأجر تنظيما تشريعيا أمرا بنصوص راعت حسب ما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون، وتقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق والتعمير، ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية علاج القصور الذي كشف عنه التطبيق العملي للقانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٧، ومنه إعادة التوازن في العلاقة الإيجارية بين المؤجر والمستأجر بما استحدثته من قواعد في شأن تحديد الأجرة، مخالفا التنظيم القانوني المعمول به بالقانونين رقمي ٥٢ لسنة ١٩٦٩، و ٤٩ لسنة ۱۹۷۷. إذ فضلاً عما جرت عليه قوانين الإيجار الاستثنائية من عدم خضوع الأراضي الفضاء وعقود الإيجار المفروشة لقواعد تحديد الأجرة، استبعد أيضا من هذه القواعد الإسكان الفاخر، والأماكن المستغلة لغير أغراض السكني المنشأة اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون، قاصرا هذه القواعد على الأماكن المستغلة لأغراض السكني، جاعلا تحديد أجرتها معقودًا للمالك على ضوء أسس التكاليف المنصوص عليها بالفقرتين الأوليين من المادتين (۱) و (۲) من القانون ذاته، فإذا لم يوافق المستأجر على هذا التحديد يكون له أن يلجأ إلى لجنة تحديد الأجرة طعنا على هذا التقدير، بمراعاة المواعيد والإجراءات المنصوص عليها في المادتين (۲) و (٥) منه.

وحيث إن البين من استصفاء الأحكام الأمرة في القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى التي لم يخرج عليها السالف البيان انطواؤها على خصيصتين ۱۹۸۱ القانون رقم ١٣٦ لسنة رئيسيتين؛ أولاهما : الامتداد القانوني لعقود إيجار هذه الأماكن، والأخرى: التدخل التشريعي في تحديد أجرتها، وكلتاهما لا تستعصي على التنظيم التشريعي، ولا يعد حكمها مطلقا من كل قيد فالامتداد القانوني لعقود الإيجار المار ذكرها حدد نطاقا بفئات المستفيدين من حكمه دون سواهم، فلا يفيد منه غير المخاطبين به، أما تحديد أجرة هذه الأماكن فلئن انتظمه النصان اللذان تحدد بهما نطاق الدعوى المعروضة، وما يرتبط بهما من نصوص أخرى، فإن تحديد أجرة هذه المباني يتعين دوما أن يتساند إلى ضوابط موضوعية تتوخى تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية، فلا يمتنع المشرع عن التدخل، فيمكن المؤجر من فرض قيمة إيجارية سمتها الغلو والشطط استغلالاً لحاجة المستأجر في أن يأوي إلى مسكن يعتصم به وذووه، تلبية لحاجة توجبها الكرامة الإنسانية، أو يهدر عائد استثمار الأموال التي أنفقت في قيمة الأرض والمباني المقامة عليها بثبات أجرتها، بخشا لذلك العائد، فيحيله عدمًا، بل يكون بين الأمرين قواما.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان المشرع بمقتضى النصين اللذين تحدد بهما نطاق الدعوى المعروضة - قد حظر زيادة الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكني اعتبارا من تاريخ العمل بالقانون رقم ١٣٦ لسنة ۱۹۸۱ على ٧% من قيمة الأرض والمباني، وثبت عائد استثمارها بتقدير قيمة الأرض، وفقًا لثمن المثل عند الترخيص بالبناء وقيمة المباني وفقا للتكلفة الفعلية وقت البناء بحسب الأصل ، فإنه بذلك يكون قد حاد عن الأهداف التي غاير بسببها فلسفة تحديد الأجرة في قوانين الإيجار السابقة على القانون رقم ١٣٦ لسنة ۱۹۸۱ السالف البيان ذلك أنه ولئن صح القول بأن أسس تحديد أجرة الأماكن المؤجرة لأغراض السكنى يدخل في إطار السلطة التقديرية للمشرع في تشريعات الإيجار ذات الطابع الاستثنائي، فإن الصحيح كذلك أن ربط أجرة هذه الأماكن بالتاريخ المحدد بنص الفقرة الأولى من المادة (۲) من القانون المشار إليه، مؤداه ثبات القيمة الإيجارية عند لحظة من الزمن ثباتًا لا يزايله مضي عدة عقود على التاريخ الذي تحددت فيه، كلما امتدت العلاقة الإيجارية بقوة القانون، ولا يؤثر فيه زيادة معدلات التضخم مهما بلغت نسبتها، ولا يزحزحه نقصان القوة الشرائية القيمة الأجرة السنوية، وإن اضمحل عائد استثمار الأعيان المؤجرة بما يدنيه من العدم الأمر الذي يشكل عدوانا واضحًا على قيمة العدل، وإخلالا ظاهرا بمقتضيات التضامن الاجتماعي، وإهدارًا أكيدًا لحق الملكية الخاصة المتعين صونها، وافتنانا غير مبرر على مبدأ خضوع الدولة للقانون، بما يوقع هذين النصين في حماة مخالفة المواد (٤) و ٨ و ٣٥ و ٩٤) من الدستور.

وحيث إن المحكمة بعد أن انتهت إلى عدم دستورية النصين اللذين تحدد بهما نطاق هذه الدعوى، وتقديرا منها لحاجة المشرع إلى مدة زمنية كافية ليختار من بين البدائل المتاحة ما يتناسب مع الدراسات والبيانات الإحصائية التي يتطلبها تشريع ضوابط حاكمة لتحديد أجرة الأماكن المرخص بإقامتها لأغراض السكني، الخاضعة لأحكام القانون رقم ١٣٦ لسنة ۱۹۸۱ السالف البيان، فإن المحكمة تعمل الرخصة المخولة لها بنص الفقرة الثالثة من المادة (٤٩) من قانونها الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ۱۹۷۹ المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١٦٨ لسنة ۱۹۹۸، وتحدد اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي المجلس النواب تاريخا لإعمال أثر هذا الحكم، وذلك دون إخلال باستفادة المدعي في الدعوى المعروضة منه.

فل هذه الأسباب

حكمت المحكمة:

أولا: بعدم دستورية الفقرة الأولى من كل من المادتين (۱) و (۲) من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكني اعتبارا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون.

ثانيا : بتحديد اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي المجلس النواب تاريخا لإعمال أثر هذا الحكم.

ثالثا : بإلزام الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 18550 لسنة 85 ق جلسة 21 / 2 / 2022 مكتب فنى 73 ق 42 ص 342

جلسة 21 من فبراير سنة 2022
برئاسة السيـد القاضي / نبيل أحمد صادق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمـد عاطف ثابت، إسماعيل برهان أمر الله، ياسر الشريف نواب رئيس المحكمة وأمير مبارك.
----------------
(42)
الطعن رقم 18550 لسنة 85 القضائية
(1) نقض " أسباب الطعن بالنقض : الأسباب المتعلقة بالنظام العام ".
الأسباب المتعلقة بالنظام العام. لمحكمة النقض والخصوم والنيابة إثارتها ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن. شرطه. توافر عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق السابق عرضها على محكمة الموضوع وورودها على الجزء المطعون فيه من الحكم.
(2) تجزئة " أحوال عدم التجزئة ".
نسبية أثر الطعن. مؤداها. ألا يفيد منه إلا من رفعه ولا يُحتج به إلا على من رُفع عليه. الاستثناء. الطعن في الأحكام الصادرة في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين. م 218/1، 2 مرافعات. علة ذلك.
(3) استئناف " الخصوم في الاستئناف : الحالات التي يتعين فيها اختصام جميع المحكوم لهم والمحكوم عليهم ". نقض " الخصوم في الطعن بالنقض : الحالات التي يجب فيها اختصام جميع المحكوم عليهم والقضاء بعدم قبول الطعن إذا لم يختصم جميع المحكوم لهم ".
المحكوم عليه الذي فوت ميعاد الطعن أو قبِل الحكم الصادر في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين. له أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه. قعوده عن ذلك. التزام المحكمة بتكليف الطاعن باختصامه كما تلتزم محكمة الاستئناف دون محكمة النقض بتكليفه باختصام جميع المحكوم لهم. علة ذلـك. تمام اختصام باقي المحكوم عليهم أو لهم. مؤداه. استقامة شكل الطعن. لازمه. سريان أثر الطعن في حق جميع الخصوم بمن تم اختصامهم فيه بعد رفعه. امتناع الطاعن عن تنفيذ ما أمرته به المحكمة. أثره. وجوب القضاء بعدم قبول الطعن. تعلق ذلك بالنظام العام. المادتان 218، 253 مرافعات.
(4) تحكيم " الخصوم في دعوى بطلان حكم التحكيم ".
إقامة المطعون ضدهم دعوى بطلان حكم التحكيم الصادر ضدهم وآخريْن لم يُختصما في دعوى البطلان رغم اختصام الطاعنيْن لهما في الدعوى التحكيمية ولم تأمر المحكمة باختصامهما حتى صدور الحكم المطعون فيه. أثره. بطلان الحكم المطعون فيه. علة ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها ولكل من الخصوم والنيابة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم.
2- المقرر– في قضاء محكمة النقض - أن مؤدى النص في المادة 218/2،1 من قانون المرافعات أن الشارع بعد أن أرسى القاعدة العامة في نسبية الأثر المترتب على رفع الطعن بأن لا يفيد منه إلا من رفعه ولا يُحتج به إلا على من رُفع عليه بيَّن الحالات المستثناة منها وهي تلك التي يفيد فيها الخصم من الطعن المرفوع من غيره أو يُحتج عليه بالطعن المرفوع على غيره في الأحكام التي تصدر في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، وقد استهدف الشارع من ذلك استقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة بما يؤدي إلى صعوبة تنفيذ تلك الأحكام بل واستحالته في بعض الأحيان، وهو ما قد يحدث إذا لم يكن الحكم في الطعن نافذًا في مواجهة جميع الخصوم في الحالات السالفة التي لا يحتمل الفصل فيها إلا حلًا واحدًا بعينه.
3- ( تحقيقًا لاستقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة ) أجاز الشارع للمحكوم عليه ( في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين ) أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن - بالنقض أو بالاستئناف - المرفوع في الميعاد من أحد زملائه مُنضمًا إليه في طلباته حتى ولو كان قد فوَّت ميعاد الطعن أو قبِل الحكم، فإن قعد عن ذلك وجب على المحكمة أن تأمر الطاعن باختصامه في الطعن. كما أوجب على محكمة الاستئناف – دون محكمة النقض لما نصت عليه المادة ٢٥٣ من قانون المرافعات الواردة في الفصل الرابع الخاص بالطعن بالنقض عن حكم مُغاير- أن تأمر باختصام جميع الخصوم المحكوم لهم ولو بعد فوات الميعاد، وهو ما يتفق مع اتجاه الشارع إلى الإقلال من دواعي البطلان بتغليب موجبات صحة إجراءات الطعن واكتمالها على أسباب بطلانها أو قصورها، اعتبارًا بأن الغاية من الإجراءات هي وضعها في خدمة الحق، ويُساير أيضًا اتجاهه في قانون المرافعات الحالي – وعلى ما يبين من مذكرته الإيضاحية – إلى عدم الوقوف بالقاضي عند الدور السلبي، تاركًا الدعوى لمناضلة أطرافها يوجهونها حسب هواهم ووفق مصالحهم الخاصة، فمنحه مزيدًا من الإيجابية التي تُحقق هيمنته على الدعوى، بعضها أورده على سبيل الجواز، كما هو الشأن في إطلاق الحالات التي يجوز فيها للقاضي الأمر بإدخال من لم يُختصم في الدعوى، على خلاف القانون الملغي الذي كان يحصرها – فأجاز للقاضي في المادة 118 إدخال كل من يرى إدخاله، كما هو الشأن في المادة ٢١٨ سالفة البيان، فإذا ما تم اختصام باقي المحكوم عليهم أو باقي المحكوم لهم استقام شكل الطعن واكتملت له موجبات قبوله بما لازمه سريان أثر الطعن في حق جميع الخصوم ومنهم من تم اختصامهم فيه بعد رفعه، أما إذا امتنع الطاعن عن تنفيذ ما أمرته المحكمة، فلا يكون الطعن قد اكتملت له مقوماته، ويجب على المحكمة – ولو من تلقاء نفسها – أن تقضي بعدم قبوله. وإذا كانت القاعدة القانونية التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة ٢١٨ من قانون المرافعات إنما تُشير إلى قصد الشارع تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه – على ما سلف بيانه – التزامًا بمقتضيات الصالح العام وتحقيقًا للغاية التي يهدف إليها وهي توحيد القضاء في الخصومة الواحدة، فإن هذه القاعدة تُعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام بما لا يجوز مخالفتها أو الإعراض عن تطبيقها وتلتزم المحكمة بإعمالها.
4- إذ كان الثابت من صورة حكم التحكيم الصادر بتاريخ..../..../2014 من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي في الدعوى التحكيمية غير المؤسسية رقم.... لسنة ٢٠١٣ – المقدمة من الطاعنيْن رفق طعنهما - أنها أُقيمت من الطاعنيْن قِبل كل من المطعون ضدهم وآخريْن لم يُختصما في الطعن بالنقض وهما ".... و.... " باعتبارهما من ضمن ورثة....، وأنه قد قُضي فيها عليهم جميعًا بطلبات الطاعنيْن، فأقام المطعون ضدهم وحدهم الدعويين موضوع الطعن الراهن بطلب إبطال الحكم الصادر في الدعوى التحكيمية سالفة البيان دون أن يتم اختصام المحكوم عليهما ".... و...." فيها وحال كون موضوع الدعويين الذي يدور حول بطلان حكم التحكيم لا يقبل التجزئة؛ إذ لا يحتمل الفصل فيه سوى حل واحد بعينه بما لازمه أن يكون الحكم واحدًا بالنسبة للمحكوم عليهم جميعًا، وإذ قضى الحكم المطعون فيه في موضوع النزاع بما يتضمن قضاءً ضمنيًا بقبوله الدعويين شكلًا ودون أن يتم اختصام المحكوم عليهما المذكورين أو تأمر المحكمة باختصامهما أو تُكلف المطعون ضدهم بذلك حتى صدور الحكم كيما تستكمل الخصومة أمامها مقومات قبولها، فيكون الحكم قد خالف قاعدة إجرائية متعلقة بالنظام العام كانت عناصرها الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع فيجوز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة النقض بما يبطله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهن بالبند أولًا أقمن الدعوى رقم.... لسنة 131 ق استئناف القاهرة قِبل الطاعنيْن بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ حكم التحكيم الصادر بتاريخ. .../..../.... من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي في القضية التحكيمية غير المؤسسية رقم.... لسنة ٢٠١٣ وفي الموضوع ببطلانه، على سندٍ من أن شرط التحكيم أُبرم بمعرفة مورثهن وهن قاصرات فسقط بوفاته قبل نشأة النزاع التحكيمي وعدم اشتراكهن في تعيين المُحكمين وسبق صدور حكم بإنهاء تحكيم سـابق وبطلان إقرار حيادية أحد المُحكمين وبطلان حكم التحكيم لصدوره قِبل أطراف غير مُلزمين باتفاق التحكيم وانقضاء شرط التحكيم لتنفيذ الاتفاق الوارد فيه ولفصله في مسائل لا يشملها هذا الاتفاق ولعدم تحديد موضوع النزاع فيه. وتتحصل وقائع الدعوى.... لسنة 131ق استئناف القاهرة في أن المطعون ضدهم بالبند ثانيًا أقاموها قِبل الطاعنيْن بطلب الحكم بصـفة مستعجلة بإيقاف تنفيذ حكم التحكيم المُشار إليه وفي الموضوع ببطلانه، على سندٍ من انقطاع الخصومة التحكيمية بالنسبة لورثة السيدة/....، وبطلان حكم التحكيم بسبب تعذر أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه ولعدم توقيع المطعون ضدهما الثانية (....) ومورثة المطعون ضدهما رقم 4 بالبند ثانيًا (السيدة/....) على شرط التحكيم الذي تضمنه الاتفاق المؤرخ ..../..../2009 وبطلان مشارطة التحكيم لعدم تضمنها تحديد المسائل التي يشملها التحكيم ووقوع بطلان في إجراءات التحكيم أثر في الحكم، وبعد أن ضـمت المحكمة الدعويين قضـت بتاريخ 9/9/2015 ببطلان حكم التحكيم المُشـار إليه. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها ببطلان الحكم المطعون فيه، وأبدت الرأي في الموضـوع بنقض الحكم، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن مبنى الدفع الذي أثارته النيابة ببطلان الحكم المطعون فيه لقضائه في موضوع الدعوى رغم عدم اكتمال مقومات قبولها نظرًا لعدم اختصام كل من ".... و.... " باعتبارهما من ضمن ورثة.... وهما من بين المحكوم عليهم في الدعوى التحكيمية المطعون على الحكم الصادر فيها بالبطلان وحال كون النزاع بشأن بطلان حكم التحكيم لا يقبل التجزئة.
وحيث إن هذا الدفع في محله؛ ذلك أنه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة– أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها ولكل من الخصوم والنيابة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم. ومن المقرر أيضًا أن النص في الفقرتين الأولى والثانية من المادة ٢١٨ من قانون المرافعات على أنه " فيما عدا الأحكام الخاصة بالطعون التي تُرفع من النيابة العامة لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يُحتج به إلا من رُفع عليه، على أنه إذا كان الحكم صادرًا في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبِل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه مُنضمًا إليه في طلباته، فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن " ومؤدى ذلك أن الشارع بعد أن أرسى القاعدة العامة في نسبية الأثر المترتب على رفع الطعن بأن لا يفيد منه إلا من رفعه ولا يُحتج به إلا على من رُفع عليه بيَّن الحالات المستثناة منها وهي تلك التي يفيد فيها الخصم من الطعن المرفوع من غيره أو يُحتج عليه بالطعن المرفوع على غيره في الأحكام التي تصدر في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، وقد استهدف الشارع من ذلك استقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة بما يؤدي إلى صعوبة تنفيذ تلك الأحكام بل واستحالته في بعض الأحيان، وهو ما قد يحدث إذا لم يكن الحكم في الطعن نافذًا في مواجهة جميع الخصوم في الحالات السالفة التي لا يحتمل الفصل فيها إلا حلًا واحدًا بعينه، وتحقيقًا لهذا الهدف أجاز الشارع للمحكوم عليه أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن - بالنقض أو بالاستئناف - المرفوع في الميعاد من أحد زملائه مُنضمًا إليه في طلباته حتى ولو كان قد فوَّت ميعاد الطعن أو قبِل الحكم، فإن قعد عن ذلك وجب على المحكمة أن تأمر الطاعن باختصامه في الطعن. كما أوجب على محكمة الاستئناف – دون محكمة النقض لما نصت عليه المادة ٢٥٣ من قانون المرافعات الواردة في الفصل الرابع الخاص بالطعن بالنقض عن حكم مُغاير- أن تأمر باختصام جميع الخصوم المحكوم لهم ولو بعد فوات الميعاد، وهو ما يتفق مع اتجاه الشارع إلى الإقلال من دواعي البطلان بتغليب موجبات صحة إجراءات الطعن واكتمالها على أسباب بطلانها أو قصورها، اعتبارًا بأن الغاية من الإجراءات هي وضعها في خدمة الحق، ويُساير أيضًا اتجاهه في قانون المرافعات الحالي – وعلى ما يبين من مذكرته الإيضاحية – إلى عدم الوقوف بالقاضي عند الدور السلبي، تاركًا الدعوى لمناضلة أطرافها يوجهونها حسب هواهم ووفق مصالحهم الخاصة، فمنحه مزيدًا من الإيجابية التي تُحقق هيمنته على الدعوى، بعضها أورده على سبيل الجواز، كما هو الشأن في إطلاق الحالات التي يجوز فيها للقاضي الأمر بإدخال من لم يُختصم في الدعوى، على خلاف القانون الملغي الذي كان يحصرها – فأجاز للقاضي في المادة 118 إدخال كل من يرى إدخاله، كما هو الشأن في المادة ٢١٨ سالفة البيان، فإذا ما تم اختصام باقي المحكوم عليهم أو باقي المحكوم لهم استقام شكل الطعن واكتملت له موجبات قبوله بما لازمه سريان أثر الطعن في حق جميع الخصوم ومنهم من تم اختصامهم فيه بعد رفعه، أما إذا امتنع الطاعن عن تنفيذ ما أمرته المحكمة، فلا يكون الطعن قد اكتملت له مقوماته، ويجب على المحكمة – ولو من تلقاء نفسها – أن تقضي بعدم قبوله. وإذا كانت القاعدة القانونية التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة ٢١٨ من قانون المرافعات إنما تُشير إلى قصد الشارع تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه – على ما سلف بيانه – التزامًا بمقتضيات الصالح العام وتحقيقًا للغاية التي يهدف إليها وهي توحيد القضاء في الخصومة الواحدة، فإن هذه القاعدة تُعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام بما لا يجوز مخالفتها أو الإعراض عن تطبيقها وتلتزم المحكمة بإعمالها. لما كان ذلك، وكان الثابت من صورة حكم التحكيم الصادر بتاريخ..../..../2014 من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي في الدعوى التحكيمية غير المؤسسية رقم.... لسنة ٢٠١٣ – المقدمة من الطاعنيْن رفق طعنهما - أنها أُقيمت من الطاعنيْن قِبل كل من المطعون ضدهم وآخريْن لم يُختصما في الطعن بالنقض وهما ".... و.... " باعتبارهما من ضمن ورثة....، وأنه قد قُضي فيها عليهم جميعًا بطلبات الطاعنيْن، فأقام المطعون ضدهم وحدهم الدعويين موضوع الطعن الراهن بطلب إبطال الحكم الصادر في الدعوى التحكيمية سالفة البيان دون أن يتم اختصام المحكوم عليهما ".... و...." فيها وحال كون موضوع الدعويين الذي يدور حول بطلان حكم التحكيم لا يقبل التجزئة؛ إذ لا يحتمل الفصل فيه سوى حل واحد بعينه بما لازمه أن يكون الحكم واحدًا بالنسبة للمحكوم عليهم جميعًا، وإذ قضى الحكم المطعون فيه في موضوع النزاع بما يتضمن قضاءً ضمنيًا بقبوله الدعويين شكلًا ودون أن يتم اختصام المحكوم عليهما المذكورين أو تأمر المحكمة باختصامهما أو تُكلف المطعون ضدهم بذلك حتى صدور الحكم كيما تستكمل الخصومة أمامها مقومات قبولها، فيكون الحكم قد خالف قاعدة إجرائية متعلقة بالنظام العام كانت عناصرها الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع فيجوز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة النقض بما يبطله ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

C5 - Minimum Age (Industry) Convention, 1919

Preamble

The General Conference of the International Labour Organisation,

Having been convened at Washington by the Government of the United States of America on the 29th day of October 1919, and

Having decided upon the adoption of certain proposals with regard to the "employment of children: minimum age of employment", which is part of the fourth item in the agenda for the Washington meeting of the Conference, and

Having determined that these proposals shall take the form of an international Convention,

adopts the following Convention, which may be cited as the Minimum Age (Industry) Convention, 1919, for ratification by the Members of the International Labour Organisation in accordance with the provisions of the Constitution of the International Labour Organisation:

Article 1
  1. 1. For the purpose of this Convention, the term industrial undertaking includes particularly--
    • (a) mines, quarries and other works for the extraction of minerals from the earth;
    • (b) industries in which articles are manufactured, altered, cleaned, repaired, ornamented, finished, adapted for sale, broken up or demolished, or in which materials are transformed; including shipbuilding, and the generation, transformation, and transmission of electricity and motive power of any kind;
    • (c) construction, reconstruction, maintenance, repair, alteration, or demolition of any building, railway, tramway, harbour, dock, pier, canal, inland waterway, road, tunnel, bridge, viaduct, sewer, drain, well, telegraphic or telephonic installation, electrical undertaking, gas work, water work, or other work of construction, as well as the preparation for or laying the foundations of any such work or structure;
    • (d) transport of passengers or goods by road or rail or inland waterway, including the handling of goods at docks, quays, wharves, and warehouses, but excluding transport by hand.
  2. 2. The competent authority in each country shall define the line of division which separates industry from commerce and agriculture.
Article 2

Children under the age of fourteen years shall not be employed or work in any public or private industrial undertaking, or in any branch thereof, other than an undertaking in which only members of the same family are employed.

Article 3

The provisions of Article 2 shall not apply to work done by children in technical schools, provided that such work is approved and supervised by public authority.

Article 4

In order to facilitate the enforcement of the provisions of this Convention, every employer in an industrial undertaking shall be required to keep a register of all persons under the age of sixteen years employed by him, and of the dates of their births.

Article 5
  1. 1. In connection with the application of this Convention to Japan, the following modifications of Article 2 may be made:
    • (a) children over twelve years of age may be admitted into employment if they have finished the course in the elementary school;
    • (b) as regards children between the ages of twelve and fourteen already employed, transitional regulation may be made.
  2. 2. The provisions in the present Japanese law admitting children under the age of twelve years to certain light and easy employments shall be repealed.
Article 6

The provisions of Article 2 shall not apply to India, but in India children under twelve years of age shall not be employed--

  • (a) in manufactories working with power and employing more than ten persons;
  • (b) in mines, quarries, and other works for the extracting of minerals from the earth;
  • (c) in the transport of passengers or goods, or mails, by rail, or in the handling of goods at docks, quays, and wharves, but excluding transport by hand.
Article 7

The formal ratifications of this Convention, under the conditions set forth in the Constitution of the International Labour Organisation, shall be communicated to the Director-General of the International Labour Office for registration.

Article 8
  1. 1. Each Member of the International Labour Organisation which ratifies this Convention engages to apply it to its colonies, protectorates and possessions which are not fully self-governing--
    • (a) except where owing to the local conditions its provisions are inapplicable; or
    • (b) subject to such modifications as may be necessary to adapt its provisions to local conditions.
  2. 2. Each Member shall notify to the International Labour Office the action taken in respect to each of its colonies, protectorates, and possessions which are not fully self-governing.
Article 9

As soon as the ratifications of two Members of the International Labour Organisation have been registered with the International Labour Office, the Director-General of the International Labour Office shall so notify all the Members of the International Labour Organisation.

Article 10

This Convention shall come into force at the date on which such notification is issued by the Director-General of the International Labour Office, but it shall then be binding only upon those Members which have registered their ratifications with the International Labour Office. Thereafter this Convention will come into force for any other Member at the date on which its ratification is registered with the International Labour Office.

Article 11

Each Member which ratifies this Convention agrees to bring its provisions into operation not later than 1 July 1922, and to take such action as may be necessary to make these provisions effective.

Article 12

A Member which has ratified this Convention may denounce it after the expiration of ten years from the date on which the Convention first comes into force, by an act communicated to the Director-General of the International Labour Office for registration. Such denunciation shall not take effect until one year after the date on which it is registered with the International Labour Office.

Article 13

At such times as it may consider necessary the Governing Body of the International Labour Office shall present to the General Conference a report on the working of this Convention and shall examine the desirability of placing on the agenda of the Conference the question of its revision in whole or in part.

Article 14

The French and English texts of this Convention shall both be authentic.