جلسة 20 من نوفمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي/ منصور العشري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / بهاء صالح، وليد رستم، وليد عمر نواب رئيس المحكمة ود/وليد عبد الصبور.
-----------------
(126)
الطعن رقم 20462 لسنة 88 القضائية
(1) نقض " أسباب الطعن ".
الطعن بالنقض. وجوب تقديم الخصوم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في الميعاد القانوني. وجوب إيداع الطاعن وقت تقديم الصحيفة المستندات المؤيدة للطعن.م255 مرافعات.
(2) عمل " الدعوى العمالية: تقادم الحق: تاريخ بدء سريان تقادم الحق ".
تاريخ بداية النزاع. تحديده. امتناع المدين عن الوفاء بالحق للدائن عند مطالبته به. عدم تقديم الطاعنة ما يفيد تاريخ إيداع صحيفة الطلبات الموضوعية قلم كتاب المحكمة وخلو الأوراق منه. مؤداه. عجز المحكمة عن التحقق من صحة نعيها بشأن تجاوز المطعون ضدها للميعاد المقرر بنص المادة ۷۰ من قانون العمل رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳. أثره. نعي عار عن الدليل.
(3) قانون " تفسير القانون ".
تفسير القوانين. الأصل فيه الوصول إلى مرمى المشرع. لازمه. استطالة التفسير إلى كامل القانون الذي ورد به النص. علة ذلك. النص الواضح قاطع الدلالة على المراد منه. عدم جواز الخروج عليه أو تأويله. تفسير نصوص القانون. وجوب مراعاة التناسق فيما بينها بعدم تفسير النص بمعزل عن الآخر. عدم جواز تقييد مطلق النص وتخصيص عمومه بغير مخصص. مؤداه. لا محل لقصره على حالات واستبعاد أخرى.
(4) عمل " عقد العمل: آثار عقد العمل ".
معيار تقدير حقوق العامل لدى صاحب العمل. مناطه. عدد سنوات الخدمة. ماهيتها. جملة المدة التي قضاها العامل في خدمة صاحب العمل سواء استغرقها عقد عمل واحد أو أكثر. مؤداه. عقود العمل محددة المدة تعد بمثابة وحدة واحدة لا تتجزأ في حساب حقوق العامل. م ٤٧ ۹۱، ۹٤، ۱۲۲، ۱۲6، ۲۰۱ ق ١٢ لسنة ۲۰۰۳.
(5) عمل " إنهاء الخدمة: إنهاء الخدمة بالإرادة المنفردة : فصل العامل".
تقدير قيام المبرر لفصل العامل. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. إقامة قضائها على أسباب سائغة.
(6) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع ".
محكمة الموضوع. لها السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها. شرطه. إقامة قضائها على أسباب سائغة. عدم التزامها بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم والرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه. شرطه.
(7) عمل " إنهاء الخدمة: إنهاء الخدمة بالإرادة المنفردة : فصل العامل".
معايير احتساب التعويض المستحق للعامل في حالة إنهاء الخدمة. عدم جواز أن يقل عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة. م 122 من ق 12 لسنة 2003. استخلاص الحكم المطعون فيه أن الطاعنة هي التي منعت المطعون ضدها من العمل واعتبار الفصل غير مبرر موجبا للتعويض من أقوال ممثلها في شكوى المطعون ضدها إلى مكتب العمل. استخلاص سائغ وله مأخذه من الأوراق. أثره. اعتباره ردا ضمنيا مسقطا لكل دليل أو حجة مخالفة. مؤداه. النعي عليه. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(8) حكم " تسبيب الأحكام ".
الحكم. وجوب تضمين مدوناته ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة قد ألمت بالوقائع المطروحة عليها ومحصت ما قدم إليها من أدلة وخلصت منها إلى ما انتهت إليه من قضاء. لازمه. وجوب بحثها كل دفاع جوهري يبديه الخصم وتمحيص كل مستند مؤثر في الدعوى. علة ذلك. م 176 مرافعات.
(9) إثبات " طرق الإثبات: الإقرار ".
الإقرار. ماهيته. اعتراف شخص بواقعة تنتج ضده آثاراً قانونية بما يغني عن إثباتها ويحسم النزاع بشأنها. الإقرار القضائي. جواز إبدائه من الخصم شفهياً أمام القضاء أو كتابة بمذكرة تقدم أثناء سير الدعوى. اعتباره حجة على المقر. إقرار الوكيل في حدود وكالته. حجة على موكله ويمتنع العدول عنه. التفات الحكم المطعون فيه عما تمسكت به الطاعنة بأن ذمة المطعون ضدها مشغولة بباقي قيمة القرض الشخصي الذي تحصلت عليه أثناء خدمتها لديها وتدليلها على ذلك وإقرار وكيل المطعون ضدها بأنها لم تسدد باقي المديونية المستحقة عليه. قصور وإخلال بحق الدفاع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن المشرع أوجب على الخصوم أنفسهم أن يقدموا الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وأن المادة ٢٥٥ من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم ٧٦ لسنة ٢٠٠٧، والمعمول به اعتباراً من ۱/۱۰/ ۲۰۰۷ أوجبت على الطاعن أن يودع قلم كتاب المحكمة وقت تقديم الصحيفة المستندات التي تؤيد الطعن.
2- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن تاريخ بدء النزاع الذي يبدأ منه الميعاد المنصوص عليه بالمادة ٧٠ من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ۲۰۰۳ يتحدد بتاريخ امتناع المدين عن الوفاء للدائن بالحق المطالب به عند مطالبته به ؛ لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكمين الابتدائي والمطعون فيه قد جاءت خلواً من تاريخ إيداع صحيفة الطلبات الموضوعية قلم كتاب المحكمة، كما أن الطاعنة لم تقدم من جانبها ما يفيد تاريخ إيداع تلك الصحيفة، لتدلل بها على صحة ما أثارته بنعيها بشأن تجاوز المطعون ضدها للميعاد المقرر بنص المادة ۷۰ من قانون العمل رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳، وهو ما لا يمكن معه للمحكمة التحقق من صحة ما تنعيه على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص، وكان لجوء المطعون ضدها إلى الجهة الإدارية لا يفيد مطالبتها للطاعنة بهذه الطلبات وامتناعها عن الوفاء بها، ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون بغير دليل ومن ثم غيـر مقبول.
3- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن الأصل في تفسير القوانين أن لا يقتصر ذلك على النص المراد تفسيره، بل لابد من الوصول إلى مرمى الشارع من ذلك النص وإعمال أحكامه، وأن يستطيل ذلك التفسير إلى القانون بأكمله، الذي ورد به النص، حتى يكون التفسير شاملاً مانعاً من التصادم والتضارب بين النصوص، وأن القاعدة العامة في التفسير، أنه متى كان النص صريحاً جلي المعنى قاطع الدلالة على المراد منه، فلا محل لتأويله والخروج عليه، كما وأنه يتعين عند تفسير نصوص القانون مراعاة التناسق فيما بينها على نحو يوجب ألا يفسر نص بمعزل عن آخر، واذا وردت عبارة النص عامة مطلقة، فلا يجوز قصرها على حالات معينة واستبعاد حالات أخرى، لما في ذلك من تقييد لمطلق، وتخصيص لعمومه، بغير مخصص، وهو ما لا يجوز.
4- إذ كان مفاد المواد ٤٧ ۹۱، ۹٤، ۱۲۲، ۱۲6، ۲۰۱ من قانون العمل رقم ١٢ لسنة ۲۰۰۳، واجب التطبيق، أن المشرع اعتد بعدد سنوات الخدمة كمعيار يقدر على أساسه حقوق العامل لدى صاحب العمل، وقد جاءت عبارة "سنوات الخدمة" عامة بغير تخصيص مطلقة بغير قيد، فتنصرف إلى جملة المدة التي قضاها العامل في خدمة صاحب العمل، سواء استغرقها عقد عمل واحد أو أكثر، وبما مؤداه أن عقود العمل محددة المدة تعد بمثابة وحدة واحدة لا تتجزأ في مقام حساب أي من الحقوق التي كفلتها النصوص المتقدم بيانها، ويُحسب على أساسها حقوق العامل.
5- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية، وتقدير قيام المبرر لفصل العامل، ونفي تعسف رب العمل في استعمال حقه في فصل العامل من عدمه هو من المسائل الموضوعية، التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها متى كان استخلاصها سائغاً.
6- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة، إذ إنها لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه وتثق به ولا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بغير سند، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تحمله عليها، ولا عليها من بعد أن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه مادام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.
7- إذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن الطاعنة هي التي منعت المطعون ضدها من العمل على ما استخلصه من أقوال ممثلها في شكوى المطعون ضدها إلى مكتب العمل، من أنها رهنت عودة المطعون ضدها للعمل بسداد أجر ثلاثة أشهر مقابل إجازة الوضع غير المستحقة لها، ورتب على ذلك اعتبار الفصل غير مبرر، وموجبا للتعويض، ولما كان قانون العمل آنف البيان لم يضع في المادة ۱۲۲ منه، معايير معينة لاحتساب التعويض في حالة إنهاء الخدمة سوى ما نص من عدم جواز أن يقل التعويض عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة. فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه في خصوص ثبوت واقعة الفصل التعسفي، بالمبلغ الذي قدره عن جملة مدة عقود العمل محددة المدة المتعاقبة، وبعد مراعاة معيار القانون في التعويض، يكون سائغاً، وله مأخذه من الأوراق وفيه الرد الضمني المسقط لكل دليل أو حجة مخالفة، فإن ما تثيره الطاعنة بهذه السبب، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة المقدمة في الدعوى، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويضحى هذا النعي على غير أساس.
8- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن مفاد النص في المادة ١٧٦ من قانون المرافعات أن المشرع لم يقصد بإيراد الأسباب مجرد أن يستكمل الحكم شكلاً معيناً، بل أن تتضمن مدوناته ما يُطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة قد حصلت الواقع المطروح عليها ومحصت ما قدم إليها من أدلة وخلصت من ذلك إلى ما انتهت إليه من قضاء، وهو ما يستلزم منها بحث كل دفاع جوهري يبديه الخصم وتمحيص كل مستند مؤثر في الدعوى يستند إليه ويتمسك بدلالته كيما يحمل الحكم بذاته آيات صحته وينطق بعدالته ومطابقته للقانون فيكون بذلك موضوع احترام وطمأنينة الخصوم والكافة.
9- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن الأصل في الإقرار هو أنه اعتراف شخص بواقعة من شأنها أن تنتج ضده آثارا قانونية بحيث تصبح في غير حاجة إلى الإثبات ويحسم النزاع في شأنها، وأن الإقرار القضائي يمكن أن يكون شفهياً يبديه الخصم من نفسه أمام القضاء أو يكون كتابة في مذكرة مقدمة ضده أثناء سير الدعوى وهو بهذه المثابة يعتبر حجة على المقر، وأن إقرار الوكيل في حدود وكالته حجة على موكله وينصرف أثره إليه ولا يجوز العدول عنه ؛ لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد تمسكت في دعواها الفرعية بأن ذمة المطعون ضدها مشغولة بباقي قيمة القرض الشخصي الذي تحصلت عليه أثناء خدمتها لديها، وقدمت صورة طلب المطعون ضدها الموقع عليه منها بطلب هذا القرض، ولم يطعن عليه بما ينال منه، كما أقر الحاضر عن المطعون ضدها في محضر أقواله أمام خبير الدعوى -وعلى ما يبين من صورته الرسمية المرفقة بالأوراق- بأن موكلته لم تسدد باقي المديونية المستحقة عليه طبقاً لما قررت به الطاعنة، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث هذا الدفاع، ولم يمحصه وانتهى إلى نتيجة لا تصلح رداً عليه، وما قدمته الطاعنة للتدليل عليه، بمقولة أن الطاعنة لم تثبت دعواها، فإن الحكم يكون قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تـلاه الســيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضدها تقدمت بشكوى لمكتب العمل المختص، تتضرر فيها من إنهاء الطاعنة -شركة دار الهندسة للتصميم والاستشارات الفنية- لخدمتها دون مبرر، ولتعذر التسوية الودية، أحيلت الأوراق إلى محكمة الجيزة الابتدائية، وقيدت برقم... لسنة ۲۰۱۳ عمال وحددت المطعون ضدها طلباتها أمامها بطلب الحكم: بإلزام الطاعنة أن تؤدى إليها المبالغ التالية: ٢١٦٥ دولاراً أمريكياً راتبها عن شهر مايو لسنة ۲۰۱۳، و٤۳۳۰ دولاراً أمريكياً مقابل مهلة الإخطار، و١٦٤٠ دولاراً أمريكياً المقابل النقدي لرصيد إجازاتها، ومليون جنيه تعويضاً عن الفصل التعسفي وقالت بياناً لها: إنها كانت من العاملين لديها، وأنهت خدمتها دون مبرر وإزاء امتناعها عن سداد مستحقاتها، أقامت الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره، وجهت الطاعنة دعوى فرعية طلبت فيها: إلزام المطعون ضدها بقيمة السلفة التي حصلت عليها من الشركة بمبلغ ٤٣٣٠ دولاراً أمريكياً، ومبلغ ۲۰۰۰۰ جنيه تعويضاً عن الأضرار التي لحقتها جراء انقطاعها عن العمل. قضت المحكمة في موضوع الدعوى الأصلية: بإلزام الطاعنة بأن تؤدى إلى المطعون ضدها مبلغ ۱۲۰۳ دولارات أمريكية قيمة أجر 18 يوم عمل في شهر مايو لسنة ۲۰۱۳ ومبلغ ١٤٠٤ دولارات أمريكية المقابل النقدي لرصيد الإجازات غير المستنفد، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وفى موضوع الدعوى الفرعية برفضها بحكم استأنفته المطعون ضدها لدى محكمة استئناف القاهرة -مأمورية الجيرة- بالاستئناف رقم... لسنة 135 ق واستأنفته الطاعنة لدي ذات المحكمة بالاستئناف رقم... لسنة ١٣٥ ق. وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئنافين، حكمت بتاريخ 27/9/2018 في الاستئناف الأول: بإلزام الطاعنة بأن تؤدى إلى المطعون ضدها مبلغ ٧١٤٤,٥ دولاراً أمريكياً قيمة المقابل النقدي لرصيد الإجازات ومهلة الإخطار وباقي راتبها، ومبلغ خمسمائة ألف جنيه تعويضاً عن إنهاء خدمتها، وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي: بنقض الحكم نقضاً جزئياً، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول، على الحكم المطعون فيه: الخطأ في تطبيق القانون إذ لم يقض بسقوط حق المطعون ضدها في الدعوى، لإيداع صحيفة الطلبات الموضوعية بتاريخ 16/11/2013 بالتجاوز للميعاد المقرر بالمادة ٧٠ من قانون العمل رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳، بعد أن تحدد تاريخ بداية النزاع بمحضر إثبات الحالة بالجهة الإدارية بتاريخ 18/5/2013، فإنه يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة- أن المشرع أوجب على الخصوم أنفسهم أن يقدموا الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وأن المادة ٢٥٥ من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم ٧٦ لسنة ٢٠٠٧، والمعمول به اعتباراً من ۱/۱۰/ ۲۰۰۷ أوجبت على الطاعن أن يودع قلم كتاب المحكمة وقت تقديم الصحيفة المستندات التي تؤيد الطعن، وكان تاريخ بدء النزاع الذي يبدأ منه الميعاد المنصوص عليه بالمادة ٧٠ من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ۲۰۰۳ -وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض- يتحدد بتاريخ امتناع المدين عن الوفاء للدائن بالحق المطالب به عند مطالبته به؛ لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكمين الابتدائي والمطعون فيه قد جاءت خلواً من تاريخ إيداع صحيفة الطلبات الموضوعية قلم كتاب المحكمة، كما أن الطاعنة لم تقدم من جانبها ما يفيد تاريخ إيداع تلك الصحيفة، لتدلل بها على صحة ما أثارته بنعيها بشأن تجاوز المطعون ضدها للميعاد المقرر بنص المادة ۷۰ من قانون العمل رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳، وهو ما لا يمكن معه للمحكمة التحقق من صحة ما تنعيه على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص، وكان لجوء المطعون ضدها إلى الجهة الإدارية لا يفيد مطالبتها للطاعنة بهذه الطلبات وامتناعها عن الوفاء بها، ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون بغير دليل ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه: الفساد في الاستدلال، وفى بيان ذلك تقول: إنها لم تمنع المطعون ضدها عن العمل، إنما هي التي انقطعت عنه، اعتباراً من تاريخ 18/5/۲۰۱3 فأنذرتها بالفصل لهذا السبب، كما أبدت أمام مكتب العمل استعدادها لعودتها للعمل، إلا أن الحكم المطعون فيه اطرح هذا الدفاع، أخذاً بأقوال المطعون ضدها في محضر الشرطة، وما قررته أمام مكتب علاقات العمل من أن الطاعنة منعتها من دخول العمل بدون مبرر، وتحريفاً لأقوال الحاضر عنها أمام مكتب العمل بأن عودتها للعمل مرهونة بسداد المستحق في ذمتها لها، واعتبر ذلك فصلاً تعسفياً، ورتب على ذلك قضاءه بمبلغ التعويض المقضي به، فإنه يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر-في قضاء هذه المحكمة- أن الأصل في تفسير القوانين أن لا يقتصر ذلك على النص المراد تفسيره، بل لابد من الوصول إلى مرمى الشارع من ذلك النص وإعمال أحكامه، وأن يستطيل ذلك التفسير إلى القانون بأكمله، الذي ورد به النص، حتى يكون التفسير شاملاً مانعاً من التصادم والتضارب بين النصوص، وأن القاعدة العامة في التفسير، أنه متى كان النص صريحاً جلي المعنى قاطع الدلالة على المراد منه، فلا محل لتأويله والخروج عليه، كما وأنه يتعين عند تفسير نصوص القانون مراعاة التناسق فيما بينها على نحو يوجب ألا يفسر نص بمعزل عن آخر، وإذا وردت عبارة النص عامة مطلقة، فلا يجوز قصرها على حالات معينة واستبعاد حالات أخرى، لما في ذلك من تقييد لمطلق، وتخصيص لعمومه، بغير مخصص، وهو ما لا يجوز. وكان مفاد المواد ٤٧ ۹۱، ۹٤، ۱۲۲، ۱۲6، ۲۰۱ من قانون العمل رقم ١٢ لسنة ۲۰۰۳، واجب التطبيق، أن المشرع اعتد بعدد سنوات الخدمة كمعيار يقدر على أساسه حقوق العامل لدى صاحب العمل، وقد جاءت عبارة "سنوات الخدمة" عامة بغير تخصيص مطلقة بغير قيد، فتنصرف إلى جملة المدة التي قضاها العامل في خدمة صاحب العمل، سواء استغرقها عقد عمل واحد أو أكثر، وبما مؤداه أن عقود العمل محددة المدة تعد بمثابة وحدة واحدة لا تتجزأ في مقام حساب أي من الحقوق التي كفلتها النصوص المتقدم بيانها، ويُحسب على أساسها حقوق العامل، والمقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية، وتقدير قيام المبرر لفصل العامل، ونفي تعسف رب العمل في استعمال حقه في فصل العامل من عدمه هو من المسائل الموضوعية، التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها متى كان استخلاصها سائغاً، وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة، إذ إنها لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه وتثق به ولا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بغير سند، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تحمله عليها، ولا عليها من بعد أن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه مادام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن الطاعنة هي التي منعت المطعون ضدها من العمل على ما استخلصه من أقوال ممثلها في شكوى المطعون ضدها إلى مكتب العمل، من أنها رهنت عودة المطعون ضدها للعمل بسداد أجر ثلاثة أشهر مقابل إجازة الوضع غير المستحقة لها، ورتب على ذلك اعتبار الفصل غير مبرر، وموجبا للتعويض، ولما كان قانون العمل آنف البيان لم يضع في المادة ۱۲۲ منه، معايير معينة لاحتساب التعويض في حالة إنهاء الخدمة سوى ما نص من عدم جواز أن يقل التعويض عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة، فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه في خصوص ثبوت واقعة الفصل التعسفي، بالمبلغ الذي قدره عن جملة مدة عقود العمل محددة المدة المتعاقبة، وبعد مراعاة معيار القانون في التعويض، يكون سائغاً، وله مأخذه من الأوراق وفيه الرد الضمني المسقط لكل دليل أو حجة مخالفة، فإن ما تثيره الطاعنة بهذا السبب، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة المقدمة في الدعوى، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويضحى هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بباقي أسباب الطعن، القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفى ذلك تقول: إن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعواها الفرعية على سند من أنها لم تسدد أمانة الخبير، ملتفتاً عن إقرار المطعون ضدها بثبوت الدين المطالب به في تلك الدعوى.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء محكمة النقض- أن مفاد النص في المادة ١٧٦ من قانون المرافعات أن المشرع لم يقصد بإيراد الأسباب مجرد أن يستكمل الحكم شكلاً معيناً، بل أن تتضمن مدوناته ما يُطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة قد حصلت الواقع المطروح عليها ومحصت ما قدم إليها من أدلة وخلصت من ذلك إلى ما انتهت إليه من قضاء، وهو ما يستلزم منها بحث كل دفاع جوهري يبديه الخصم وتمحيص كل مستند مؤثر في الدعوى يستند إليه ويتمسك بدلالته كيما يحمل الحكم بذاته آيات صحته وينطق بعدالته ومطابقته للقانون فيكون بذلك موضوع احترام وطمأنينة الخصوم والكافة، والمقرر أيضا أن الأصل في الإقرار هو أنه اعتراف شخص بواقعة من شأنها أن تنتج ضده آثار قانونية بحيث تصبح في غير حاجة إلى الإثبات ويحسم النزاع في شأنها، وأن الإقرار القضائي يمكن أن يكون شفهياً يبديه الخصم من نفسه أمام القضاء أو يكون كتابة في مذكرة مقدمة ضده أثناء سير الدعوى وهو بهذه المثابة يعتبر حجة على المقر، وأن إقرار الوكيل في حدود وكالته حجة على موكله وينصرف أثره إليه ولا يجوز العدول عنه ؛ لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد تمسكت في دعواها الفرعية بأن ذمة المطعون ضدها مشغولة بباقي قيمة القرض الشخصي الذي تحصلت عليه أثناء خدمتها لديها، وقدمت صورة طلب المطعون ضدها الموقع عليه منها بطلب هذا القرض، ولم يطعن عليه بما ينال منه، كما أقر الحاضر عن المطعون ضدها في محضر أقواله أمام خبير الدعوى -وعلى ما يبين من صورته الرسمية المرفقة بالأوراق- بأن موكلته لم تسدد باقي المديونية المستحقة عليه طبقاً لما قررت به الطاعنة، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث هذا الدفاع، ولم يمحصه وانتهى إلى نتيجة لا تصلح رداً عليه، وما قدمته الطاعنة للتدليل عليه، بمقولة أن الطاعنة لم تثبت دعواها، فإن الحكم يكون قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، بما يوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ