الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 4 يونيو 2024

الطعن رقم 112 لسنة 21 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 4 / 5 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من مايو سنة 2024م، الموافق الخامس والعشرين من شوال سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 112 لسنة 21 قضائية دستورية

المقامة من
ورثة/ عمر طوسون عبد الواحد سعداوي، وهم:
1- محمد عمر طوسون عبد الواحد
2- أحمد عمر طوسون عبد الواحد
3- سامية عمر طوسون عبد الواحد
4- بهيجة عبد الظاهر أفندي مصطفى
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)
3- رئيس مجلس الوزراء
4- وزير العدل
5- وزير المالية، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات
6- رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات
7- مدير الإدارة العامة لمنطقة جنوب القاهرة بمصلحة الضرائب على المبيعات
8- مدير الإدارة العامة لمنطقة غرب القاهرة بمصلحة الضرائب على المبيعات
9- مدير إدارة التهرب الضريبي
10- رئيس مأمورية وسط البلد بمصلحة الضرائب على المبيعات
11- رئيس مأمورية قصر النيل والأزبكية بمصلحة الضرائب على المبيعات

-----------------

" الإجراءات "
بتاريخ العشرين من يونيو سنة 1999، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بعدم دستورية قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، والمواد (1 في شأن تعريف المكلف والضريبة الإضافية و3/ 4، 5) و(18) من القانون ذاته، والمادتين (4/ 1 و26) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير المالية رقم 161 لسنة 1991، والقانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات، والمادة (7) منه، وقرار رئيس الجمهورية رقم 39 لسنة 1994.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين، طلبت في ثانيتهما الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بطلباتها السابقة، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن مورث المدعين أقام أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 8718 لسنة 1997 مدني كلي، ضد المدعى عليهم من الخامس حتى الأخير، طلبًا للحكم: أولًا: ببراءة ذمته المالية من مطالبة مصلحة الضرائب على المبيعات له بمبلغ 39135,12 جنيهًا قيمة ضريبة المبيعات عن الفترة من 13/ 12/ 1994 حتى 31/ 12/ 1995. ثانيًا: باسترداد ما قام بسداده لحساب مصلحة الضرائب على المبيعات خلال الفترة من 1/ 1/ 1996 حتى 10/ 7/ 1997، تاريخ رفع الدعوى، والبالغ مقداره 25074,74 جنيهًا، بالإضافة إلى ما يستجد منها بعد رفع الدعوى من ضرائب أخرى من دون وجه حق. ثالثًا ورابعًا: شطب قيده من سجل مصلحة الضرائب على المبيعات؛ لكون مهنته غير خاضعة للضريبة، ولكونه غير مكلف بتحصيلها وتوريدها. خامسًا: التصريح له برفع دعوى بعدم دستورية قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، والمواد (1/ 6) و(3 / 4، 5) و(18) من القانون ذاته، والمادتين (4/ 1 و26) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير المالية رقم 161 لسنة 1991، والمادة (7) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات، وقرار رئيس الجمهورية رقم 39 لسنة 1994. سادسًا: التصريح له بتقديم طلب إلى المحكمة الدستورية العليا لتفسير نص المادة (7) من القانون رقم 2 لسنة 1997.
وذلك على سند من القول بأنه يمتهن مهنة خبير مثمن، وقد طالبته مصلحة الضرائب على المبيعات في عام 1995 بتسجيل اسمه لدى المصلحة وسداد الضريبة المستحقة عليه، لكون نشاط الوساطة في بيع العقارات والسيارات يُعد من الأنشطة الخاضعة للضريبة العامة على المبيعات، طبقًا لأحكام القرار الجمهوري رقم 39 لسنة 1994 المعدل للجدول رقم (2) المحدد للخدمات الخاضعة لهذه الضريبة، المرفق بقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وأن مهنته من المهن الحرة غير التجارية الخاضعة لأحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 وتعديلاته، وهي تختلف عن نشاطي الوساطة والسمسرة المعدودين من المهن التجارية التي تخضع لأحكام قانون الضريبة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991.
وعلى أثر وفاة مورث المدعين تم تصحيح شكل الدعوى الموضوعية، وطلب المدعون الحكم بالطلبات الواردة بصحيفة دعوى مورثهم، ومن بينها تمسكهم بالدفع بعدم دستورية النصوص التشريعية الواردة بصحيفة الدعوى الموضوعية، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت للمدعين بإقامة الدعوى الدستورية، فأقاموا الدعوى المعروضة.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد استقر على أن المشرع لم يجعل الدعوى الأصلية سبيلًا إلى الطعن بعدم الدستورية، وأن مناط ولايتها في الرقابة على دستورية القوانين واللوائح هو اتصالها بالدعوى اتصالًا مطابقًا للأوضاع المقررة في المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي للفصل في المسألة الدستورية، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة نظر دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت محكمة الموضوع جديته وصرحت له برفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، خلال أجل لا يجاوز الأشهر الثلاثة، وهذه الأوضاع والإجراءات تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلًا جوهريًّا في التقاضي تغيَّا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية.
متى كان ما تقدم، وكان الطعن بعدم دستورية كامل أحكام القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 لم يتضمنه الدفع المبدى أمام محكمة الموضوع، مما ينحل معه ذلك الطعن إلى دعوى أصلية أقيمت بالمخالفة للأوضاع والإجراءات المقررة قانونًا، وتغدو معه الدعوى في هذا الشق منها غير مقبولة.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المادة (30) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 توجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعى بمخالفته، وأوجه المخالفة، باعتبار أن هذه البيانات تعد من البيانات الجوهرية التي تنبئ عن جدية الدعوى بما يمكن معها تحديد موضوعها وإلا كان هذا القرار أو تلك الصحيفة منطويين على التجهيل بالمسائل الدستورية التي تُدعى هذه المحكمة للفصل فيها.
متى كان ما تقدم، وكان ما أثاره المدعون بصحيفة دعواهم المعروضة من طعن بعدم دستورية كامل أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، لم يتضمن تحديدًا للنصوص التشريعية المطعون بعدم دستوريتها وأوجه مخالفتها للدستور - فيما عدا ما ورد من مناعٍ على نصوص بعينها -؛ ومن ثم يكون ذلك الطعن قد انطوى على تجهيل بالمسألة الدستورية التي تُدعى هذه المحكمة للفصل فيها، مما تصبح معه الدعوى في هذا الشق منها - أيضًا - غير مقبولة.
وحيث إن المدعين ينعون على النصوص المطعون فيها مخالفتها لأحكام المواد (2 و4 و8 و38 و40 و108 و119 و187) من دستور سنة 1971 المقابلة للمواد (2 و4 و9 و27 و38 و53 و156 و225) من دستور سنة 2014، على سند من أن القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات، لم يقصد سوى إضفاء شرعية دستورية على القرارات الجمهورية التي صدرت طبقًا للقانون المعَّدل، وأن فرض هذه الضريبة تم بأثر رجعي، ومن شأن ذلك الإخلال بمبدأ العدالة الاجتماعية التي يقوم عليها النظام الضريبي، والإخلال بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة، من خلال التفرقة غير المبررة بين الخدمات التي تُحمّل بضريبة المبيعات ومثيلاتها التي لا تُحمَّل بها؛ لعدم بلوغ حد التسجيل لدى مأمورية الضرائب، مما أوجد تمييزًا بين المواطنين الذين يتعاملون في خدمة واحدة، كما فرض قانون الضريبة العامة على المبيعات على المكلف تحصيل تلك الضريبة دون توفير وسائل قانونية تمكنه من ذلك، مما أخل بعدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة، فضلًا عن تعارض الضريبة الإضافية التي قررها قانون الضريبة العامة على المبيعات مع أحكام الشريعة الإسلامية، وما نص عليه هذا القانون من تخويل رئيس الجمهورية إصدار قرارات بإنشاء ضريبة عامة دون التقيد في ذلك بمدة محددة.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (18) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تنص على أنه على كل منتج صناعي بلغ أو جاوز إجمالي قيمة مبيعاته من السلع الصناعية المنتجة محليًّا الخاضعة للضريبة والمعفاة منها خلال الاثنى عشر شهرًا السابقة على تاريخ العمل بهذا القانون 54 ألف جنيه، وكذلك على مورد الخدمة الخاضعة للضريبة وفقًا لأحكام هذا القانون إذا بلغ أو جاوز المقابل الذي حصل عليه نظير الخدمات التي قدمها في خلال تلك المدة هذا المبلغ، أن يتقدم إلى المصلحة بطلب لتسجيل اسمه وبياناته على النموذج المعد لهذا الغرض وذلك خلال المدة التي يحددها الوزير.
وحيث إن المادة (7) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تنص على أنه اعتبارًا من 14/ 2/ 1994:
يضاف إلى الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه البندان الآتيان:
16- خدمة الوساطة لبيع العقارات قيمة الخدمة (10٪)
17- خدمة الوساطة لبيع السيارات قيمة الخدمة (10٪)
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وقوامها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو في شق منها في الدعوى الموضوعية.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المتعلقة بنص المادة (1) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 والمادة (26) من اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 161 لسنة 1991 فيما نصتا عليه من فرض الضريبة الإضافية، بحكميها الصادر أولهما بجلسة 31/ 7/ 2005، في الدعوى رقم 90 لسنة 21 قضائية دستورية، والآخر بجلسة 1/ 7/ 2007، في الدعوى رقم 70 لسنة 22 قضائية دستورية اللذين قضيا برفض كلتا الدعويين، وإذ نُشر أولهما بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 34 (تابع) بتاريخ 25/ 8/ 2005، ونُشر الآخر بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 27 (مكرر) بتاريخ 19/ 7/ 2007، وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور القائم والمادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون للأحكام والقرارات الصادرة من هذه المحكمة حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولًا فصلًا لا يقبل تأويلًا ولا تعقيبًا من أية جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه على هذه المحكمة من جديد لمراجعته، الأمر الذي تغدو معه الدعوى المعروضة بالنسبة إلى هذين النصين غير مقبولة.
وحيث إنه عن الطعن على نص المادتين (1 في شأن تعريف المكلف والضريبة الإضافية) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، والبند (1) من المادة (4) من الفصل الثاني من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير المالية رقم 161 لسنة 1991؛ فمردود بأن النصين المطعون فيهما اقتصرا على مجرد التعريف بالمكلف ولم يتضمنا حكمًا موضوعيًّا، إذ ورد هذا الحكم في نص المادة (5) من ذلك القانون الذي حدد الالتزامات التي تقع على عاتق المكلف، وتتمثل في تحصيل الضريبة والإقرار عنها وتوريدها إلى مصلحة الضرائب في المواعيد المنصوص عليها في القانون؛ ومن ثم فإن الفصل في دستورية تعريف المقصود بالمكلف في النصين المطعون فيهما لا يرتب انعكاسًا على الطلبات في الدعوى الموضوعية، الأمر الذي تنتفي معه مصلحة المدعين في الطعن على هذين النصين، مما لزامه القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها أيضًا.
وحيث إنه عن الطعن على نص الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة ( 3 ) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، ونصوص قرار رئيس الجمهورية رقم 39 لسنة 1994؛ فمردود بأنه بموجب المادتين (11 و12) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ألغيت الفقرتان الثالثة والرابعة من المادة الثالثة من القانون المار ذكره منذ تاريخ العمل بالقانون المعَّدل السالف البيان، وسقطت - تبعًا لذلك - الفقرة الخامسة منها، كما أُلغي ما صدر عن رئيس الجمهورية من قرارات استنادًا إليهما منذ تاريخ العمل بكل منها، بما في ذلك قرار رئيس الجمهورية السالف الذكر، فإنه لم تعد ثمة آثار قانونية قائمة يمكن أن تكون النصوص المطعون فيها قد رتبتها خلال فترة العمل بها بعد أن تم إلغاؤها بأثر رجعي، لتغدو مصلحة المدعين ترتيبًا على ذلك في الطعن عليها منتفية، بما يستوجب - أيضًا - القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.
وحيث إن المدعين يبتغون من دعواهم الموضوعية الحكم ببراءة ذمتهم من مطالبة مصلحة الضرائب على المبيعات بمقابل الضرائب على المبيعات، عن الفترة من 13/ 12/ 1994 حتى 31/ 12/ 1995، وأحقيتهم في استرداد ما تم سداده لحساب المصلحة في الفترة من 1/ 1/ 1996 حتى 10/ 7/ 1997، فإن مصلحتهم في الدعوى المعروضة تتحقق في الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة (18) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وذلك في مجال سريانه على مورد الخدمة، ونص المادة (7) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وبهذين النصين يتحدد نطاق الدعوى المعروضة. ولا ينال من ذلك إلغاء قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه، بموجب نص المادة الثانية من القانون رقم 67 لسنة 2016 بإصدار قانون الضريبة على القيمة المضافة؛ إذ إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها من قبل من طُبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة؛ ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية هو سريانها على الوقائع التي تتم خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى إلغائها، فإذا استُعيض عنها بقاعدة قانونية جديدة سرت القاعدة الجديدة من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين، فما نشأ من المراكز القانونية في ظل القاعدة القانونية القديمة وجرت آثارها خلال فترة نفاذها يظل محكومًا بها وحدها. متى كان ذلك، وكانت رحى النزاع الموضوعي بين المدعين ومصلحة الضرائب على المبيعات تدور حول أحقية الجهة المذكورة في مطالبتهم بهذه الضريبة عن نشاط مورثهم خلال الفترات الضريبية من 12/ 1994 حتى 12/ 1997؛ ومن ثم يظل المدعون مخاطبين بالنصين المطعون فيهما، وتتوافر لهم بذلك مصلحة شخصية مباشرة في الفصل في دستوريتهما.
كما لا ينال من ذلك - أيضًا - أن المحكمة الدستورية العليا سبق أن باشرت رقابتها القضائية على دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (18) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 وقضت بجلسة 6/ 8/ 2022، برفض الدعوى رقم 88 لسنة 33 قضائية دستورية، المقامة طعنًا على دستورية ذلك النص. وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد 31 مكرر(ج) بتاريخ 9/ 8/ 2022، إذ إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة منها في الدعاوى الدستورية يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلًا حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالًا حتميًّا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.
متى كان ما تقدم، وكان ما فصلت فيه هذه المحكمة في الدعوى المار ذكرها ينحصر في مجال سريان النص المطعون فيه على المنتج الصناعي، ومن ثم فلا تثريب على هذه المحكمة من إعمال رقابتها القضائية على دستورية النص ذاته في نطاق إعماله على مؤدي الخدمة.
وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، بحسبانه مستودع القيم التي ينبغي أن تقوم عليها الجماعة، وتعبر عن إرادة الشعب منذ صدوره؛ ذلك أن هذه الرقابة إنما تستهدف - أصلًا - صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، بحسبان نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها النظام العام في المجتمع، وتشكل أسمى القواعد الآمرة التي تعلو على ما دونها من تشريعات؛ ومن ثم يتعين التزامها ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من تشريعات - أيًّا كان تاريخ العمل بها - لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتي بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها البعض، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم شرطًا لمشروعيتها الدستورية. متى كان ما تقدم، وكان قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، قد استمر العمل بأحكامه إلى أن تم إلغاؤه بموجب المادة الثانية من القانون رقم 67 لسنة 2016، بإصدار قانون الضريبة على القيمة المضافة، في ظل العمل بأحكام الدستور الحالي الصادر عام 2014، وكانت المناعي التي وجهها المدعون إلى النصين المطعون فيهما، تندرج ضمن المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفته لقاعدة في الدستور، من حيث محتواها الموضوعي، ومن ثم تباشر هذه المحكمة رقابتها على دستورية النصين المطعون فيهما، في ضوء أحكام الدستور الصادر سنة 2014.
وحيث إن الدستور الحالي قد حرص في المادة (4) منه على النص على مبدأ تكافؤ الفرص، باعتباره من الركائز الأساسية التي يقوم عليها بناء المجتمع، والحفاظ على وحدته الوطنية، ومن أجل ذلك جعل الدستور بمقتضى نص المادة (9) منه، تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز التزامًا دستوريًّا على عاتق الدولة، لا تستطيع منه فكاكًا. وقوام هذا المبدأ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الفرص التي كفلها الدستور للمواطنين فيما بينهم تفترض تكافؤها، وتتدخل الدولة إيجابيًّا لضمان عدالة توزيعها بين من يتزاحمون عليها، ومن ثم ضرورة ترتيبهم فيما بينهم على ضوء قواعد يمليها التبصر والاعتدال؛ وهو ما يعني أن موضوعية شروط النفاذ إليها، مناطها تلك العلاقة المنطقية التي تربطها بأهدافها، فلا تنفصل عنها.
وحيث إن الدستور الحالي قد اعتمد - كذلك - بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره - إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص - أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأي سبب، إلا أن ذلك لا يعني - وفقا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها؛ ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ومن ثم
لا ينطوي على مخالفة لنص المادتين (4 و53) المشار إليهما، بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه بموجبهما هو ذلك الذي يكون تحكُّميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص المطعون عليه - بما انطوى عليه من تمييز - مصادمًا لهذه الأغراض، بحيث يستحيل منطقًا ربطه بها أو اعتباره مدخلًا إليها، فإن التمييز يكون تحكُّميًّا وغير مستند إلى أسس موضوعية؛ ومن ثم مجافيًا لمبدأ المساواة.
وحيث إن من المقرر - أيضًا - في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في كل تنظيم تشريعي أن يكون منطويًا على تقسيم أو تصنيف أو تمييز من خلال الأعباء التي يلقيها على البعض، أو عن طريق المزايا أو الحقوق التي يكفلها لفئة دون غيرها، إلا أن اتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور يفترض ألا تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها المشرع موضوعًا محددًا عن أهدافها؛ ليكون اتصال الأغراض التي توخاها بالوسائل المؤدية لها منطقيًّا، وليس واهيًا بما يخل بالأسس الموضوعية التي يقوم عليها التمييز المبرر دستوريًّا.
وحيث إن الأصل في الضريبة العامة على المبيعات - بحسبانها من الضرائب غير المباشرة - أن يتحمل المستهلك عبئها، غير أنه لتعذر تحصيلها من جموع المستهلكين من خلال أجهزة مصلحة الضرائب، توجه المشرع إلى تحديد ملتزم آخر بها، هو المكلف الذي يقوم بتحصيل الضريبة من مشتري السلعة أو متلقي الخدمة، وتوريد حصيلتها إلى الخزانة العامة بما يحقق الغرض المقصود منها، والحصول على غلتها لمواجهة الإنفاق العام.
وحيث إن المشرع في مجال إنفاذ الغايات التي سعى إليها قانون الضريبة العامة على المبيعات، اتخذ من التسجيل، عند بلوغ أو مجاوزة إجمالي قيمة الخدمات الموردة الحد الذي أورده النص المطعون فيه، وسيلة لحصر المجتمع الضريبي من ملزمين بأداء الضريبة، ومسجلين مكلفين بتحصيلها وتوريد حصيلتها، مُقَدَّرًا افتقار من لم يبلغ إجمالي قيمة الخدمات الموردة ذلك الحد أدوات تحصيل هذه الضريبة، واعتوازه الإمكانات الفنية والبشرية والمالية للتحصيل، ولازم ذلك تعريض هذه الفئة من موردي الخدمة للمساءلة القانونية حال إخلالهم بالالتزامات الناشئة عن التسجيل لدى مصلحة الضرائب.
وحيث إنه عن النعي على نص المادة (18) من قانون الضريبة على المبيعات - في نطاقه المتقدم بيانه - إخلاله بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين موردي الخدمة الذين بلغوا حد التسجيل، ونظرائهم ممن لم يبلغوه؛ فإنه مردود، بأن مورد الخدمة الذي بلغ أو جاوز إجمالي مقابل ما أداه من خدمات حد التسجيل، يستفيد مما يتيحه هذا التسجيل من مزية خصم ما سبق تحميله من هذه الضريبة على تأدية خدمة خاضعة لها، على ما جرى به نص المادة (23 مكررًا) من قانون الضريبة العامة على المبيعات المضافة بالقانون رقم 9 لسنة 2005؛ ومن ثم فإن التسجيل الإجباري وفقًا للنص المطعون فيه، وما فرضه من أعباء على المسجل، وبما يؤدي إليه من خصم الضرائب التي سبق سدادها، على النحو المتقدم بيانه، إنما فرض لمواجهة تداعيات الازدواج الضريبي، واستهدف تنظيم المجتمع الضريبي وانضباطه، وإقامة التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، وقد أقره المشرع بقواعد عادلة مجردة في أثرها ومضمونها، ولا تقيم في مجال تطبيقها تمييزًا بين المخاطبين بأحكامها ممن بلغوا حد التسجيل المقرر قانونًا. كما أن الأهداف التي توخاها المشرع من تقرير هذا النص - من تحصيل الضريبة على مختلف الخدمات الخاضعة للضريبة العامة على المبيعات، باعتبارها أحد مصادر إيرادات الدولة - تتصل اتصالًا منطقيًّا ووثيقًا بالتنظيم الذي أتى به النص المطعون فيه؛ ومن ثم فإن قالة مناقضته لمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة، بما يخالف المواد (4 و9 و53) من الدستور، تكون لغوًا.
وحيث إن ما ينعاه المدعون على النص المطعون فيه من إخلاله بمبدأ العدالة الاجتماعية؛ فإنه مردود بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن الضريبة بكل صورها، تمثل في جوهرها عبئًا ماليًّا على المكلفين بها، شأنها في ذلك شأن غيرها من الأعباء التي انتظمها نص المادة (38) من الدستور، ومن ثم يتعين
- بالنظر إلى وطأتها وخطورة تكلفتها - أن يكون العدل من منظور اجتماعي مهيمنًا عليها بمختلف صورها، محددًا الشروط الموضوعية لاقتضائها، نائيًا عن التمييز بينها دون مسوغ، فذلك وحده ضمان خضوعها لشرط الحماية القانونية المتكافئة التي كفلها الدستور للمواطنين جميعًا في شأن الحقوق عينها، فلا تحكمها إلا مقاييس موحدة لا تتفرق بها ضوابطها؛ ومن ثم كان منطقيًّا أن يلزم المشرع الدستوري الدولة بالارتقاء بالنظام الضريبي، وتبني النظم الحديثة التي تحقق الكفاءة واليسر والإحكام في تحصيل الضرائب، ونص في المادة (38) من الدستور على أن يحدد القانون طرق وأدوات تحصيل الضرائب والرسوم، وصولًا إلى تحديد المال المتخذ وعاء لها، والملتزمين بها أداء، والمكلفين بها تحصيلًا وتوريدًا.
وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة، وكان جوهر السلطة التقديرية يتمثل في المفاضلة التي يجريها المشرع بين البدائل المختلفة، لاختيار ما يقدر أنه أنسبها لمصلحة الجماعة، وأكثرها ملاءمة للوفاء بمتطلباتها في خصوص الموضوع الذي يتناوله بالتنظيم.
متى كان ما تقدم، وكان المشرع قد فرض بموجب ذلك النص المطعون فيه أحكام التسجيل الإجباري، إلا أنه أجاز إلغاء هذا التسجيل في حال فقد أحد شروطه التي يتطلبها القانون، وحال تقديم المسجل لخدمات أقل من حد التسجيل، وكذا في حال توقفه كليًّا عن مزاولة النشاط أو تصفية نشاطه، وذلك على النحو المنصوص عليه في المواد (9 و18 و22) من قانون الضريبة العامة على المبيعات، وفي الفصلين الخامس والسادس من لائحته التنفيذية. ومن جانب آخر، فقد أقام توازنًا بين حقوق المسجل والتزاماته، على نحو ما قررته المادة (23 مكررًا) من القانون ذاته، السالف بيان حكمها، وبهذه المثابة يكون المشرع قد انتهج مبدأً راعى فيه مصلحة المسجل، ولم يجاوز موازين القسط والاعتدال، وذلك كله بمراعاة أن الضريبة العامة على المبيعات، بحسبانها ضريبة غير مباشرة، يقوم المسجل بتوريدها، بعد تحصيلها من متلقي الخدمة، الذي يتحمل - وحده - بعبئها؛ ومن ثم فإن ما قرره المشرع بالنص المطعون فيه يكون قد التزم بالضوابط الدستورية الحاكمة لسلطته التقديرية في مجال فرض الضريبة، التي أوردتها المادة (38) من الدستور، سواء ما يتعلق منها بتنمية موارد الدولة المالية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، محققًا التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، متخيرًا من بين البدائل أنسبها وأكفلها لتحقيق الأغراض التي يتوخاها لحصر المكلفين بتحصيل الضريبة من المستفيدين من الخدمة والإقرار عنها وتوريدها للمصلحة، وأكثرها ملاءمة لمعالجة المشكلات العملية التي تكتنف عمليات تحصيل الضريبة من المتلقين للخدمة مباشرة، ليضحى الادعاء بإخلال ذلك النص المطعون فيه لمبدأ العدالة الاجتماعية التي يؤسس عليها النظام الضريبي على النحو المنصوص عليه في المادة (38) من الدستور في غير محله، حقيقًا بالرفض.
وحيث إن الدستور القائم قد أعلى من شأن الضرائب العامة، وقدر أهميتها، بالنظر إلى خطورة الآثار التي ترتبها، وبوجه خاص من ناحية جذبها أو طردها لعوامل الإنتاج أو تقييد تدفقها، وما يتصل بها من مظاهر الانكماش أو الانتعاش الاقتصادي وتأثيرها بالتالي على فرص الاستثمار والادخار والعمل؛ لذا قد استحدث الدستور حكمًا لم تسبقه إليه الدساتير المتعاقبة، إدراكًا للآثار الجسيمة التي تحدثها الرجعية في مجال فرض الضرائب العامة؛ إذ نص في الفقرة الثانية من مادته الخامسة والعشرين بعد المائتين على أنه ولا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ومع ذلك يجوز في غير المواد الجنائية والضريبية، النص في القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب مما مفاده حظر سريان القوانين الضريبية بأثر رجعي حظرًا مطلقًا، على أن يكون سريانها - في جميع الأحوال - بأثر فوري ومباشر من تاريخ العمل بها.
متى كان ما تقدم، وكان المشرع قد فرض بموجب نص المادة (7) من القانون رقم 2 لسنة 1997 - المطعون فيه - الضريبة على المبيعات على خدمة الوساطة لبيع العقارات والسيارات، وقرر بصدر هذا النص سريانها بأثر رجعي اعتبارًا من 14/ 2/ 1994، ليصير تقريره على هذا النحو بعيدًا عن الموازين الدستورية لفرض الضريبة التي أوردها الدستور القائم؛ الأمر الذي يضحى معه صدر نص المادة (7) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 مخالفًا لأحكام المادة (225/ 2) من الدستور الحالي، مما يستوجب القضاء بعدم دستوريته.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 يسري بأثر فوري مباشر من تاريخ العمل به في 29/ 1/ 1997، وكان المشرع في نص المادة (7) من القانون المار ذكره قد حدد النشاط الخاضع للضريبة، وهو أعمال الوساطة لبيع العقارات والسيارات، كما عين وعاء الضريبة وسعرها المحدد بفئة مقدارها 10٪ من قيمة الخدمة، والتزم في ذلك القوالب الشكلية والأسس الموضوعية التي ينبغي أن تكون قوامًا لها من زاوية دستورية؛ فإن فرضها في هذا الإطار وحده يكون متفقًا مع أحكام الدستور. ولا ينال من ذلك ما نعاه المدعون على هذا النص من مخالفته للعدالة الاجتماعية، فإن ذلك مردود بأن المشرع يتوخى بالضريبة التي يفرضها أمرين، يكون أحدهما أصلًا مقصودًا منها ابتداء، ويتمثل في الحصول على غلتها لتعود إلى الدولة وحدها، تصبها في خزانتها العامة لتعينها على مواجهة نفقاتها. ويكون ثانيهما مطلوبًا منها بصفة عرضية جانبية أو غير مباشرة، كاشفًا عن طبيعتها التنظيمية، دالًّا على التدخل بها لتغيير بعض الأوضاع القائمة، وبوجه خاص من خلال تشجيع مزاولة بعض الأنشطة أو تقييد مباشرتها أو حمل المكلفين بها - عن طريق عبئها - على التخلي عن نشاطهم، وذلك كله في إطار أحكام الدستور الضابطة لها، وهو ما لم يخرج عليه النص المطعون فيه، في حدود نطاقه المتقدم، ولا يتنافى في ذلك مع مبدأ العدالة الاجتماعية، الأمر الذي يضحى معه ما ينعاه المدعون في هذا الشأن في غير محله حقيقًا بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولًا: بعدم دستورية ما تضمنه صدر المادة (7) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 من العمل بأحكامها اعتبارًا من 14/ 2/ 1994.
ثانيًا: برفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الأحد، 2 يونيو 2024

الطعن رقم 30 لسنة 45 ق دستورية عليا " منازعة تنفيذ " جلسة 4 / 5 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من مايو سنة 2024م، الموافق الخامس والعشرين من شوال سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 30 لسنة 45 قضائية منازعة تنفيذ

المقامة من
وائل إبراهيم محمد حسن
ضد
1 - فادي جان رامز أمين
2 - وزير الصحة
3 - مدير إدارة الصيدلة بمديرية الشئون الصحية ببني سويف
4 - مدير إدارة التراخيص بالإدارة المركزية للصيدلة
5 - وكيل وزارة الصحة ببني سويف
6 - محافظ بني سويف

----------------

" الإجراءات "

بتاريخ العشرين من أغسطس سنة 2023، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم؛ بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 3/ 6/ 2017، في الدعوى رقم 185 لسنة 35 قضائية دستورية، وعدم الاعتداد بحكم محكمة القضاء الإداري ببني سويف - الدائرة 33 أفراد - الصادر بجلسة 19/ 6/ 2022، في الدعوى رقم 1849 لسنة 8 قضائية، المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 24/ 6/ 2023، في الطعن رقم 80450 لسنة 68 قضائية عليا.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وقدم المدعى عليه الأول مذكرة، طلب فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدم المدعى عليه الأول مذكرة، طلب فيها الحكم بعدم قبول الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق, والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي يمتلك صيدلية كائنة بشارع 23 يوليو، ببندر بني سويف، وأن إدارة الصيدلة ببني سويف أصدرت قرارًا بنقل الصيدلية المرخصة برقم (55) من العقار رقم 93 شارع إسلام ببني سويف، إلى العقار رقم 40 بشارع 23 يوليو ببندر بني سويف؛ بسبب هدم العقار المنقولة منه هذه الصيدلية، دون التقيد بشرط المسافة المقرر بنص المادة (30) من القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة، طعن المدعي على هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري ببني سويف - الدائرة 33 أفراد - بالدعوى رقم 1849 لسنة 8 قضائية، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء ذلك القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 19/ 6/ 2022، قضت المحكمة برفض الدعوى. طعن المدعي على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 80450 لسنة 68 قضائية عليا، وبجلسة 24/ 6/ 2023، قضت المحكمة برفض الطعن. وإذ ارتأى المدعي أن ذلك الحكم يُعد عقبة في تنفيذ الحكم الصادر بجلسة 3/ 6/ 2017، في الدعوى رقم 185 لسنة 35 قضائية دستورية، بعدم دستورية استثناء نقل الصيدلية العامة، في حالة الهدم، من شرط المسافة؛ فقد أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل، تبعًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان؛ ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ التي تتوخى في غايتها النهائية إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر في دعوى دستورية، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي احتواها، والآثار المتولدة عنها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازمًا لضمان فاعليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لإزاحة عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الكافة، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن مفاد نص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 معدلاً بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998، أنه ما لم تحدد المحكمة تاريخًا لنفاذ أحكامها، فإن الأصل أن قضاءها بعدم الدستورية المتعلق بنص غير جنائي - عدا النصوص الضريبية - يكون له أثر رجعي ينسحب إلى الأوضاع والعلائق التي يتصل بها ويؤثر فيها، حتى ما كان سابقًا على نشره بالجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائي بات صدر قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 3/ 6/ 2017، في الدعوى رقم 185 لسنة 35 قضائية دستورية، بعدم دستورية عجز البند (3) من المادة (14) من القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة، المستبدل بالقانون رقم 7 لسنة 1956، فيما تضمنه من استثناء نقل الصيدلية العامة في حالة الهدم من مراعاة شرط المسافة المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون ذاته. وقد نُشر الحكم في العدد رقم 23 مكرر (ج) من الجريدة الرسمية بتاريخ 13/ 6/ 2017.
وحيث كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ببني سويف - الدائرة 33 أفراد - بجلسة 19/ 6/ 2022، في الدعوى رقم 1849 لسنة 8 قضائية، المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 24/ 6/ 2023، في الطعن رقم 80450 لسنة 68 قضائية عليا، قد التزما حجية حكم محكمة القضاء الإداري ببني سويف - الدائرة الأولى - بجلسة 21/ 2/ 2016، في الدعوى رقم 1938 لسنة 2 قضائية، المقامة طعنًا على قرار إدارة الصيدلة ببني سويف بنقل الصيدلية المرخصة برقم (55) إلى العقار رقم 40 شارع 23 يوليو ببندر بني سويف، الذي قضى برفض الدعوى، وصار باتًّا لعدم الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، كاشفًا بذلك عن استقرار المراكز القانونية ومحصنًا قرار السلطة المختصة بنقل الصيدلية من الطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن، وذلك قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، وهو ما ينحسر عنه بالتالي مجال إعمال أثر الحكم الصادر في الدعوى رقم 185 لسنة 35 قضائية دستورية. ومن ثم، فإن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1849 لسنة 8 قضائية، المؤيد بحكم من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 80450 لسنة 68 قضائية عليا، لا يُعد عقبة تحول دون تنفيذ قضاء المحكمة الدستورية العليا المشار إليه.
ولا ينال مما تقدم، ما نعى به المدعي من أن حكم محكمة القضاء الإداري ببني سويف الصادر بجلسة 21/ 2/ 2016، في الدعوى رقم 1938 لسنة 2 قضائية، الذي استند إليه حكما محكمة القضاء الإداري، والمحكمة الإدارية العليا، المصوران عقبة في التنفيذ، لا يمكن الاعتداد بحجيته في مواجهته، لأنه لم يكن خصمًا فيه، ذلك أن الخصومة في دعوى الإلغاء هي خصومة عينية وليست شخصية، فضلًا عن أن هذا النعي ينحل إلى طعن على حكمي محكمتي القضاء الإداري والإدارية العليا السالفي الذكر، يخرج البت فيه عن ولاية هذه المحكمة، كونها لا تُعد جهة طعن في الأحكام الصادرة من جهات القضاء؛ مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى المعروضة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة

الطعن رقم 34 لسنة 45 ق دستورية عليا "تنازع " جلسة 4 / 5 / 2024

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من مايو سنة 2024م، الموافق الخامس والعشرين من شوال سنة 1445ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 34 لسنة 45 قضائية تنازع

المقامة من

هيثم أحمد رمضان محمود

ضد

1- عبير عبد الرازق السيد

2- عمرو ولاء أحمد رمضان محمود

3- روزانا ولاء أحمد رمضان محمود

-----------------

" الإجراءات "

بتاريخ الثامن عشر من نوفمبر سنة 2023، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ حكم محكمة استئناف الإسكندرية - الدائرة 6 مدني - الصادر بجلسة 12/ 10/ 2022، في الاستئناف رقم 4987 لسنة 74 قضائية، وفي الموضوع: بعدم الاعتداد بذلك الحكم، وبأولوية تنفيذ حكم محكمة استئناف الإسكندرية - الدائرة 73 أحوال شخصية عالي - الصادر بجلسة 23/ 1/ 2023، في الاستئناف رقم 9090 لسنة 74 قضائية.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وخلال فترة حجز الدعوى للحكم، قدم المدعي طلبًا لإعادة الدعوى للمرافعة.

---------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليهم أقاموا أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الدعوى رقم 3024 لسنة 2008 مدني كلي، ضد المدعي، وآخر، طلبًا للحكم بإلزامه بتقديم كشف حساب، مشفوعًا بالمستندات المؤيدة عن قيمة ما تم بيعه، من محصول الأرض الزراعية، البالغ مساحتها خمسين فدانًا، وريع تأجير منشأتين سكنيتين، وفي حال عدم تقديم كشف الحساب، ندب خبير، والحكم بالمستحقات التي يسفر عنها تقرير الخبرة. وبجلسة 24/ 6/ 2018، حكمت المحكمة برفض الدعوى. طعن المدعى عليهم على الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 4987 لسنة 74 قضائية. وبجلسة 12/ 10/ 2022، قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، وإلزام المدعي بأن يؤدي إلى المدعى عليهم مبلغًا مقداره (2917260) جنيهًا.

ومن ناحية أخرى، تقدم المدعي بطلب، عُرض على محكمة سيدي جابر لشئون الأسرة، وقُيد برقم 24 لسنة 2008 مال، طالبًا إلزام المدعى عليها الأولى بتقديم أصول عقود ملكية جد المدعى عليهما الثاني والثالثة لمساحة ثلاثين فدانًا، وبيان نصيبيهما من ريعها، وبجلسة 23/ 4/ 2018، حكمت المحكمة باعتماد تقرير الخبير المؤرخ 7/ 3/ 2018، وإلزام المدعي بأداء الريع المستحق للمطعون ضدها الثالثة عن الفترة من 1/ 11/ 2015 حتى 31/ 1/ 2018، المقدر بمبلغ (13428,82) جنيهًا، وتكليفه بإيداع المبلغ بحسابها البنكي. وإذ لم يلق هذا القضاء قبولًا لدى المدعى عليهما الأولى والثالثة، فطعنا عليه أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 9090 لسنة 74 قضائية، وبجلسة 23/ 1/ 2023، قضت المحكمة بإلغاء القرار المستأنف، واعتماد تقرير الخبير المؤرخ 6/ 6/ 2022، وإلزام المدعي بأداء مبلغ مقداره (286143,35) جنيهًا، عن الفترة من 9/ 1/ 2008 حتى 31/ 12/ 2021 للمطعون ضدهما الثاني والثالثة، وتكليفه بإيداعه حسابهما البنكي.

وإذ تراءى للمدعي أن ثمة تناقضًا بين الحكمين الصادر أولهما في الاستئناف رقم 4987 لسنة 74 قضائية، وثانيهما في الاستئناف رقم 9090 لسنة 74 قضائية، وقد تعامدا على محل واحد، وتناقضا على نحو يتعذر معه تنفيذهما معًا، فأقام المدعي الدعوى المعروضة.

وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، وفقًا لنص البند (ثالثًا) من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون أحد الحكمين صادرًا من إحدى جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا، مما مؤداه: أن النزاع الذي يقوم بسبب تناقض الأحكام النهائية وتنعقد لهذه المحكمة ولاية الفصل فيه، هو ذلك الذي يكون بين أحكام صادرة من أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، فإذا كان التناقض واقعًا بين حكمين صادرين من محكمتين تابعتين لجهة قضاء واحدة، فإن لمحاكم تلك الجهة ولاية الفصل فيه، وفقًا للقواعد المعمول بها في نطاقها، حيث تتولى المحكمة المختصة بتلك الجهة تقويم اعوجاجهما، تصويبًا لما يكون قد شابهما من خطأ في تحصيل الوقائع أو تطبيق القانون أو هما معًا.

متى كان ذلك، وكان الحكمان المدعى تناقضهما في الدعوى المعروضة صادرين من دائرتين تابعتين لمحكمة من محاكم جهة القضاء العادي؛ فإن التناقض المدعى به - بفرض قيامه - لا يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه، إذ لا تُعد هذه المحكمة جهة طعن في الأحكام الصادرة من الجهات القضائية الأخرى؛ ومن ثم تفتقد الدعوى المعروضة مناط قبولها، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.

وحيث إنه عن الطلب العاجل بوقف التنفيذ، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين أو كليهما يُعد فرعًا من أصل النزاع حول فض التناقض بينهما، وإذ انتهت المحكمة - فيما تقدم - إلى عدم قبول الدعوى المعروضة، فإن مباشرة رئيس المحكمة الدستورية العليا اختصاص البت في هذا الطلب، وفقًا لنص المادة (32) من قانونها المشار إليه، يكون قد صار غير ذي موضوع.

وحيث إنه عن طلب المدعي إعادة الدعوى للمرافعة، فإن المحكمة تلتفت عنه لانتفاء جدواه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.


الخميس، 30 مايو 2024

الطعن رقم 155 لسنة 33 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 4 / 5 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من مايو سنة 2024م، الموافق الخامس والعشرين من شوال سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار وطارق عبد العليم أبو العطا وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 155 لسنة 33 قضائية دستورية

المقامة من
محمد وجيه محمد أبو أحمد
ضد
1- رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة
2- رئيس مجلس الوزراء
3- وزير العدل
4- قاضي التفليسة في الدعوى رقم 159 لسنة 1993 إفلاس كلي الجيزة
5- محمد إسماعيل محمد، بصفته أمين التفليسة في الدعوى رقم 159 لسنة 1993 إفلاس كلي الجيزة

----------------

" الإجراءات "

بتاريخ الخامس والعشرين من أغسطس سنة 2011، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة (656/ 3) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها، ثم أودعت تقريرًا تكميليًّا، نفاذًا لقرار المحكمة الصادر بجلسة 30/ 7/ 2017، بإعادة الدعوى إليها؛ لاستكمال التحضير.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 9/ 3/ 2024، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
------------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أنه بتاريخ 27/ 10/ 1993، صدر حكم في الدعوى رقم 159 لسنة 1993 إفلاس كلي الجيزة، بإشهار إفلاس عز الدين عبد الله بركات، تَأيّدَ بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 713 لسنة 111 قضائية. وإذ تقدم المدعي إلى أمين التفليسة لتحقيق دينه الثابت بموجب أحكام نهائية، فاستبعده على سند من صدور حكمٍ في الدعوى رقم 1316 لسنة 1993 مدني كلي شمال الجيزة، بصحة توقيعه على مخالصة مزورة منسوبة إليه، على الرغم من إلغائه بحكم محكمة استئناف القاهرة، الصادر في الاستئناف رقم 9397 لسنة 111 قضائية، فأعاد المدعي طلبه إلى قاضي التفليسة الذي رفضه، وأودع القائمة النهائية للديون خالية من هذا الدين، في جلسة غير علنية، ودون إخطاره، مما دفعه إلى التظلم من هذا القرار، أمام محكمة الجيزة الابتدائية، بالدعوى رقم 8 لسنة 2011 إفلاس كلي، ودفع المدعي بعدم دستورية نص المادة (656/ 3) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية؛ فقد أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، فمردود بما هو ثابت بملف الدعوى الموضوعية من أن المدعي دفع بجلسة 5/ 5/ 2011، بعدم دستورية نص المادة (656/ 3) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، وبتلك الجلسة أجلت المحكمة الدعوى لجلسة 16/ 6/ 2011، ليقدم المدعي ما تم بشأن إجراءات هذا الدفع، دونما أن تصرح له بإقامة الدعوى الدستورية. وبجلسة 16/ 6/ 2011، قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، بعدما قدم لها المدعي مذكرة تضمنت أسبابه، وتمسك بدفعه، طالبًا التصريح له برفع الدعوى، فقررت تأجيل نظر الدعوى لجلسة 8/ 9/ 2011، وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية؛ فأقام دعواه بتاريخ 25/ 8/ 2011، خلال مهلة الثلاثة أشهر التي عيّنها المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، وفقًا لنص المادة (29/ ب) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979؛ ومن ثم فإن الدعوى تكون قد أقيمت في الميعاد المقرر قانونًا، ويكون الدفع بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد في غير محله، حقيقًا بالالتفات عنه.
وحيث إن المادة (656/ 3) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، تنص على أنه:
1-.......... 2-........
3 - ولا يجوز الطعن في حكم المحكمة برفض الدين نهائيًّا أو بقبوله.
4- ........ 5- ..........
وحيث إن المادة (172) من قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس، الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 2018، تنص على أنه يجوز الطعن أمام المحكمة في القرار الصادر من قاضي التفليسة بقبول الدين أو رفضه، ........، ولا يجوز الطعن في حكم المحكمة برفض الدين نهائيًّا أو بقبوله،.........
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية  وهي شرط لقبولها  أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية؛ وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المعروضة على محكمة الموضوع، وأنه يكفي لتوافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية أن يكون الحكم فيها مؤثرًا في مسألة كلية، أو فرعية تدور حولها الخصومة في الدعوى الموضوعية، دون أن يمتد ذلك لبحث شروط قبول تلك الدعوى، أو مدى أحقية المدعي في الدعوى الدستورية في طلباته أمام محكمة الموضوع، والتي تختص هذه الأخيرة وحدها بالفصل فيها.
متى كان ذلك، وكان النزاع المعروض على المحكمة التي تنظر التظلم من قرار قاضي التفليسة باستبعاد دين المدعي من القائمة النهائية للديون المحققة، قد تساند فيه المدعي إلى أسباب حاصلها، أن استبعاد دينه تم بناءً على مخالصة قدمها المدين المفلس في غيبته، ثبت تزويرها بحكم نهائي قدمه إلى أمين التفليسة، وبالرغم من ثبوت هذا الدين بموجب أحكام نهائية مذيلة بالصيغ التنفيذية، وأورده الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 713 لسنة 111 قضائية، بتأييد إشهار إفلاس المدين مار الذكر، وأثبته أمين التفليسة بتقريريه المقدمين أمام المحكمة الأخيرة، وبجلسات إجراءات تحقيق الديون، فإن قاضي التفليسة أعلن قائمة الديون في غيبته بجلسة غير علنية، دون إخطاره، ومن غير أن تتضمن دينه؛ ومن ثم فإن ما تضمنه نص المادة (656/ 3) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، من أنه ولا يجوز الطعن في حكم المحكمة برفض الدين نهائيًّا أو بقبوله، يقف حائلًا بين المدعي والمضي قُدمًا في التوصل إلى الترضية القضائية المبتغاة، فيما لو تم رفض تظلمه من المحكمة المختصة، لذا فإن الفصل في دستورية تلك المادة، يرتب انعكاسًا على النزاع المطروح أمام محكمة الموضوع، مما تتوافر به للمدعي مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن على دستوريتها.
وحيث إن المادة (656/ 3) من قانون التجارة محل الطعن، قد تم إلغاؤها بموجب نص المادة الخامسة من القانون رقم 11 لسنة 2018 بإصدار قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس، والتي ألغت الباب الخامس من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، الخاص بالإفلاس والصلح الواقي منه. ومع ذلك، فإن حكم النص اللاحق الذي تضمنه نص المادة (172) من قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس السالف البيان، هو ذاته حكم النص السابق محل الطعن، إذ ارتكز النصان على قاعدة كلية مشتركة حاصلها عدم جواز الطعن في حكم المحكمة برفض الدين نهائيًّا أو بقبوله، وبذلك يكون المشرع عند إقراره لهذا القانون اللاحق قد أكد على القاعدة القائمة بالفعل مستصحبًا حكمها على حاله دون أدنى تعديل. متى كان ذلك، وكان الأصل المقرر بنص المادة الثانية من القانون المدني، هو أن كل تشريع لاحق يعتبر مُلغيًا للتشريع السابق بالقدر الذى يتحقق فيه التعارض بينهما، وكان نص هذه المادة يفترض تشريعين تعاقبا في الزمان، واختلفا في المضمون. إذ إن القول بالتعارض بين تشريعين يفترض أن يكون ألحقهما قد أتى بقواعد قانونية جديدة تُعدل القواعد القانونية القديمة أو تلغيها. فإذا كانت القاعدة القانونية الجديدة هي ذاتها القاعدة القانونية القديمة، فإن القاعدتين تتلاقيان في مضمون واحد ولا تختلفان في آثارهما، ليقتصر دور القاعدة القانونية الجديدة على مجرد ترديد الحكم المقرر بالقاعدة القانونية القديمة التي استصحبتها.
وحيث إن الأصل في الرقابة القضائية على دستورية القوانين، هو ربطها بالنصوص القانونية التي أضير الطاعن من جراء تطبيقها في حقه في المجال الزمني لسريانها، وكانت القاعدة القانونية التي تبناها النص في المادة (172) من قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 2018، في النزاع المعروض، هي ذاتها القاعدة القانونية التي وردت بالنص القديم في مضمونها وأثرها، فإنه يكون من غير المتصور أن يستقل هذا النص الأخير بذاتيته، ليحدث في حق الطاعن أضرارًا شخصية غير التي يصاب بها من جراء تطبيق النص الجديد في حقه. متى كان ذلك، وكان الضرر الناجم عن إعمال النص الجديد لا يختلف عن الضرر الذي سببه تطبيق النص القديم، وإنما هو ضرر واحد، فإن الأمر يقتضي إزاء ذلك إسناد المخالفة الدستورية لا إلى النص القديم فقط، بل إلى النص الجديد كذلك، بوصفه النص التشريعي الذى ما زال قائمًا في مجال التطبيق القانوني بعد زوال الوجود القانوني للنص القديم.
وحيث إنه متى كان ذلك ، وكانت طلبات المدعي تنصرف في حقيقتها إلى الحكم بعدم دستورية قاعدة عدم جواز الطعن في حكم المحكمة برفض الدين نهائيًّا أو بقبوله؛ التي نصت عليها المادة (656/ 3) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، وتضمنتها بعد ذلك المادة (172) من قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 2018، وهو ما يقتضي مد نطاق الدعوى الدستورية المعروضة لتشمل النص التشريعي الجديد إلى جانب النص التشريعي القديم؛ لاتحادهما في الحكم والعلة والضرر الناجم عن كل منهما.
وحيث إن المدعي ينعى على النص المطعون فيه إخلاله بحق التقاضي، ومبدأ المساواة، إذ أوصد الباب أمام الدائن في الطعن على الحكم الصادر برفض دينه، وقصر مطالبته على درجة واحدة من درجات التقاضي، دون مبرر ومن غير أن يكون هناك غاية تشريعية من هذا التنظيم، كما أن قاضي التفليسة بمجرد إصدار قراره برفض الدين أو بقبوله، يستنفد به ولايته بشأن النزاع، باعتبار أن ما يصدر عنه بمثابة حكم يلزم إتاحة الطعن عليه أمام محكمة أعلى، فضلًا عن إهداره لمبدأ المساواة بين المدين المفلس ودائنيه، حين أعطى للأول الحق في الطعن على الحكم الصادر بإشهار إفلاسه، دون الدائنين، رغم كونهما في مركز قانوني واحد، وذلك جميعه بالمخالفة لنصي المادتين (7 و21) من الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/ 3/ 2011، المقابلين لنصي المادتين (40 و68) من دستور 1971.
وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، بحسبانه مستودع القيم التي يجب أن تقوم عليها الجماعة، وتعبيرًا عن إرادة الشعب منذ صدوره، ذلك أن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها النظام العام في المجتمع، وتشكل أسمى القواعد الآمرة التي تعلو على ما دونها من تشريعات، ومن ثم يتعين التزامها، ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من تشريعات  أيًّا كان تاريخ العمل بها  لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها بعضًا، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية. متى كان ذلك، وكانت المطاعن التي وجهها المدعي إلى النص المطعون عليه  في النطاق السالف تحديده  تندرج تحت المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي، وكان ذلك النص قد ظل ساريًا ومعمولًا بأحكامه حتى تاريخ العمل بالدستور القائم، ومن ثم فإن المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون فيه، والنص الذي امتد إليه نطاق الدعوى المعروضة، من خلال أحكام الدستور الحالي الصادر عام 2014.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد اطّرد على أن الأصل في سلطة المشرع في تنظيم الحقوق - ومن بينها الحق في التقاضي المنصوص عليه بالمادة (68) من دستور 1971، المقابلة للمادة (97) من الدستور الحالي الصادر في 2014- هو إطلاقها، ما لم يكن الدستور قد فرض في شأن ممارستها ضوابط محددة، باعتبار أن جوهر هذه السلطة، هو المفاضلة بين البدائل، التي تتصل بالموضوع، محل التنظيم، موازنًا بينها، مرجحًا ما يراه أنسبها لمصالح الجماعة، وأدناها إلى كفالة أثقل هذه المصالح وزنًا، وليس ثمة تناقض بين الحق في التقاضي، كحق دستوري أصيل، وبين تنظيمه تشريعيًّا، بشرط ألا يتخذ المشرع هذا التنظيم وسيلة إلى حظر هذا الحق، أو إهداره، ولذلك فإن المشرع  في مجال ضمانه حق اللجوء إلى القضاء  لا يتقيد بأشكال محددة، تمثل أنماطًا جامدة، لا تقبل التغيير أو التبديل، بل يجوز أن يختار من الصور والإجراءات  لنفاذ هذا الحق  ما يكون في تقديره الموضوعي أكثر اتفاقًا مع طبيعة المنازعة، التي يعهد بالفصل فيها إلى محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي، دونما إخلال بضماناتها الرئيسية، التي تكفل إيصال الحقوق لأصحابها، وفق قواعد محددة تكون منصفة في ذاتها، وغير متحيفة.
كما أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قصر التقاضي على درجة واحدة هو مما يستقل المشرع بتقريره بمراعاة أمرين، أولهما: أن يكون هذا القصر قائمًا على أسس موضوعية تمليها طبيعة المنازعة وخصائص الحقوق المثارة فيها، ثانيهما: أن تكون الدرجة الواحدة محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي من حيث تشكيلها وضماناتها والقواعد المعمول بها أمامها، وأن يكون المشرع قد عهد إليها بالفصل في عناصر النزاع جميعها، الواقعية منها والقانونية، فلا تراجعها فيما تخلص إليه من ذلك جهة أخرى.
وحيث إن الدستور الحالي قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأي سبب، إلا أن ذلك لا يعنى  وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة  أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية، ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادتين (4 و53) من الدستور، بما مؤداه: أن التمييز المنهى عنه بموجبهما هو ذلك الذى يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص المطعون عليه  بما انطوى عليه من تمييز  مصادمًا لهذه الأغراض، بحيث يستحيل منطقًا ربطه بها أو اعتباره مدخلًا إليها؛ فإن التمييز يكون تحكميًّا وغير مستند إلى أسس موضوعية، ومن ثم مجافيًا لمبدأ المساواة.
وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون  وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة  بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها وأساسًا للعدل والسلام الاجتماعي، غايته صون تلك الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، باعتباره وسيلة لتقرير الحماية المتكافئة التي لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، وبمراعاة أن الحماية المتكافئة أمام القانون التي اعتد الدستور بها، لا تتناول القانون من مفهوم مجرد، وإنما بالنظر إلى أن القانون يتغيا بالنصوص التي يتضمنها تحقيق أغراض بذاتها من خلال الوسائل التي حددها، وكلما كان القانون مغايرًا بين أوضاع أو مراكز قانونية أو أشخاص لا تتحد واقعًا فيها بينها، وكان تقديره في ذلك قائمًا على أسس موضوعية، مستهدفًا غايات لا نزاع في مشروعيتها، وكافلًا وحدة القاعدة القانونية في شأن أشخاص تتماثل ظروفهم بما لا يجاوز متطلبات تلك الغايات، كان واقعًا في إطار السلطة التقديرية التي يملكها المشرع .
وحيث إن المشرع يهدف من تقرير نظام الإفلاس في قانون التجارة المشار إليه - على ما أفصحت عنه أحكامه وأعماله التحضيرية - إلى وضع نظام محكم لتصفية أموال المدين المفلس وتوزيعها بين دائنيه توزيعًا عادلًا، ينال به كل منهم قسطًا من دينه دون تزاحم أو تشاحن بينهم، فضلًا عن تزويدهم بالوسائل القانونية الكفيلة بتمكينهم من المحافظة على أموال مدينهم وإبطال التصرفات التي تصدر منه بعد اضطراب مركزه المالي، عن رغبة في تبديدها أو إقصائها عن متناولهم، وفى الوقت ذاته رعاية المدين بالأخذ بيده وإقالته من عثرته، متى كان إفلاسه غير مشوب بتدليس أو تقصير، وذلك بقصد تقوية الائتمان وتدعيم الثقة في المعاملات التجارية، وهو ما أدى بالمشرع إلى تنظيم المسائل المتعلقة بتعيين أمين التفليسة واختيار أحد قضاة المحكمة قاضيًا لها، من أجل حسم المنازعات التي تثور خلال سير إجراءات التفليسة على وجه السرعة؛ بما يحفظ للدائنين حقوقهم ويمكن المدينين من سداد ديونهم استقرارًا للمعاملات وحماية للاقتصاد القومي. وهو النهج ذاته الذي سار عليه المشرع في قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 2018 - على ما أوردته مذكرته الإيضاحية - عندما أولى أهمية خاصة بتيسير إجراءات ما بعد شهر الإفلاس، بما يحقق مرونة وسرعة تتفق مع المشاكل العملية الناتجة عن تطبيق أحكام الباب الخامس من قانون التجارة السالف البيان.
وحيث إن ما تضمنه النص المطعون فيه، من تقييد الطعن على الأحكام الصادرة في التظلم من قرارات قاضى التفليسة، إنما قد جاء متّسقًا مع ما يتطلبه التنظيم التشريعي للإفلاس من خصوصية أوضاع التقاضي في حسم المنازعات التي تثور خلال سير إجراءات التفليسة على النحو الذى يحقق الأهداف المرجوة من هذا التنظيم، نظرًا لاصطباغ نظام الإفلاس بالسمات العامة لأحكام القانون التجاري التي تتمثل في خاصية الائتمان التي تقوم عليها المعاملات التجارية، وما تتطلبه من سرعة في حسم المنازعات الناشئة عنها، الأمر الذى يكون معه النص المطعون فيه، والنص الذي امتد إليه نطاق هذه الدعوى، قد وقعا في إطار السلطة التقديرية للمشرع في تنظيم حق التقاضي، إذ لم يترتب على كليهما أي خطر أو إهدار لهذا الحق، بل جاء نتيجة اختيار المشرع للإجراءات الأكثر اتفاقًا مع طبيعة منازعة الإفلاس دون إخلال بضماناتها الرئيسية التي تكفل إيصال الحقوق لأصحابها وفق قواعد منصفة، وبمراعاة ما يقتضيه الصالح العام؛ ومن ثم يكون الادعاء بإهدارهما حق التقاضي على غير أساس.
وحيث إنه عما نعاه المدعي من مخالفة النص المطعون فيه لمبدأ المساواة أمام القانون فهو غير سديد، ذلك أن المشرع قد أفرد تنظيمًا قضائيًّا لحسم دعاوى الإفلاس محددًا قواعده وإجراءاته وفق أسس موضوعية، لا تقيم في مجال تطبيقها تمييزًا من أي نوع بين المخاطبين بها المتكافئة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها، مستهدفًا المصلحة العامة متمثلة في سرعة إنهاء المنازعات الدائرة بين أطرافها، دون إخلال بما تقتضيه دراستها وفحصها من تهيئة الأسس الكافية للفصل فيها؛ ومن ثم فإن القواعد التي يقوم عليها هذا التنظيم تعتبر مرتبطة بأغراضه النهائية المشروعة ومؤدية إليها، بما لا مخالفة فيه لمبدأ المساواة أمام القانون.
وحيث إنه، وعلى ما تقدم، لا يكون نص المادة (656/ 3) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، ونص المادة (172) من قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 2018،  وفقًا للنطاق المحدد سلفًا  قد تعارضا مع أحكام المواد (4 و53 و97) من الدستور، أو خالفا أي نص آخر فيه؛ مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.