الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 5 أبريل 2024

الطعن 4408 لسنة 59 ق جلسة 12 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 154 ص 950

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد نائبي رئيس المحكمة وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس.

--------------

(154)
الطعن رقم 4408 لسنة 59 القضائية

(1) نقض. "التقرير بالطعن". إيداع الأسباب".
التقرير بالطعن. مناط اتصال المحكمة به. إيداع الأسباب في الميعاد. شرط لقبوله. التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
عدم تقديم أسباب الطعن. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) محكمة الجنايات "نظرها الدعوى والحكم فيها". قضاة "صلاحيتهم للحكم". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نظر القاضي المعارضة التي رفعت من المتهم في الأمر الصادر بحبسه احتياطياً ورفضها. لا يمنعه من الحكم عليه في الدعوى ذاتها. أساس ذلك؟
(3) ضرب "أفضى إلى موت". مسئولية جنائية. رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم أن وفاة المجني عليه حدثت من إصاباته التي أحدثها الطاعن وآخر. وأن كلاً منهما أسهم في إحداث الوفاة. يصح معه مساءلة الطاعن عن جناية الضرب المفضي إلى الموت. وفي إثبات علاقة السببية بين فعلته والنتيجة.
(4) ضرب "أفضى إلى موت". إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير أراء الخبراء والمفاضلة بينها. موضوعي.
عدم التزام محكمة الموضوع باستدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته. ما دام أن الواقعة وضحت لديها.
القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى. قرار تحضيري. لا تتولد عنه حقوق الخصوم.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشهود؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(6) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام محكمة الموضوع بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى. ما دام له أصل فيها.

--------------
1 - لما كان الطاعن الأول وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم منه شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة بالطعن وأن إيداع الأسباب التي بني عليها في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وإيداع أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - من المقرر أن مجرد نظر القاضي المعارضة التي رفعت من المتهم في الأمر الصادر بحبسه احتياطياً ورفضها ليس من شأنه أن يمنعه من الحكم عليه بعد ذلك في الدعوى ذاتها، إذ أن الفصل في المعارضة لا يلزم له بمقتضى القانون من القاضي والتحقيق في مرحلته الأولى الرأي المستقر الذي يتحرج معه إذا ما رأى العدول عنه بعد استكمال الدعوى، وهي في دور المحاكمة تقدير كل عناصرها إثباتاً ونفياً.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وحصل مؤدى أقوال شهود الإثبات بما مفاده أن الطاعن والمتهم الآخر ضربا المجني عليه بالعصي والأيدي، خلص إلى إدانته استناداً إلى ما استخلصه من تقرير الصفة التشريحية من أن وفاة المجني عليه حدثت نتيجة الإصابات جميعها. وكان البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا الوجه من الطعن أن ما استخلصه الحكم من ذلك له أصله الثابت بتقرير الصفة التشريحية إذ تبين من مطالعته أنه بعد أن أشار إلى إصابات المجني عليه بالرأس والعنق والظهر والصدر والطرفين العلويين والسفليين انتهى إلى أن هذه الإصابات رضية تحدث من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة كعصا أو ما شابه وأنها لنوعيتها وتعددها ومواضعها تحدث من مثل التعدي عليه بالضرب وأن الوفاة إصابية ناشئة عن هذه الإصابات الرضية ومضاعفاتها من تقيحات وامتصاص توكسيمي عفن وإذ كان ذلك، وكان مفاد ما أوره الحكم - على نحو ما تقدم - أن وفاة المجني عليه نشأت من إصاباته الرضية مجتمعة التي أوقعها به الطاعن والمحكوم عليه الآخر وأن كلاً منهما ضربه على الأقل ضربة ساهمت في إحداث الوفاة فإن ما انتهى إليه من مساءلة الطاعن عن جناية الضرب المفضي إلى الموت يكون قد أصاب محجة الصواب في تقدير مسئوليته، وأثبت بما فيه الكفاية العناصر التي تستقيم بها علاقة السببية بين فعلته والنتيجة التي حدثت وهي موت المجني عليه.
4 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، ولما كانت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد استخلصت من تقرير الصفة التشريحية أن وفاة المجني عليه إنما كانت بسبب الإصابات الرضية التي حدثت به نتيجة اعتداء الطاعن والمحكوم عليه الآخر عليه بالضرب بالعصي والأيدي، وكان ما أوردته في حكمها ما يبرر إطراحها - في حدود سلطتها التقديرية - للتقرير الطبي الاستشاري المقدم من الطاعن، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى طلبه استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، ولا جناح عليها إذا أصدرت قراراً باستدعاء الطبيب الشرعي ثم عدلت عن قرارها لما هو مقرر من أن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليه من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، كما أن التناقض بين أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود وصحة تصويرهم للواقعة فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم تحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما ضربا عمداً مع سبق الإصرار.... بالأيدي وعصي الخيزران فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلي موته. وأحالتهما إلي محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 39/ ثانياً فقرة (1)، 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم منه شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة بالطعن وأن إيداع الأسباب التي بني عليها في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وإيداع أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنتها تقارير الأسباب الثلاثة المقدمة من الطاعن الثاني هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت، قد ران عليه البطلان وانطوى على خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد فضلاً عما شابه من إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب، ذلك بأن أحد أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه سبق له أن نظر معارضة الطاعن في الأمر الصادر بحبسه احتياطياً وقرر استمرار حبسه مما يعد مانعاً له من نظر الدعوى بعد ذلك والحكم فيها. كما أن الحكم حين أورد الأدلة على ثبوت الواقعة في حق الطاعن نفى قيام سبق الإصرار لديه ولدى المتهم الآخر كما نفى اتفاقهما على ضرب المجني عليه، وكان مقتضى ذلك أن يحدد الحكم الأفعال التي قارفها الطاعن مستقلاً عن غيره وأن يدلل على قيام رابطة السببية بين فعل الطاعن وبين وفاة المجني عليه إلا أن الحكم دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت مستنداً في ذلك إلى ما أورده تقرير الصفة التشريحية من أن وفاة المجني عليه حدثت نتيجة إصاباته جميعها وهو ما خلا منه التقرير المذكور. هذا إلى أن الحكم أطرح التقرير الطبي الاستشاري رغم أن تقرير وكيل وزارة العدل لشئون الطب الشرعي جاء مؤيداً له. كما أن المدافع عن الطاعن أصر في دفاعه على مناقشة كبير الأطباء الشرعيين في أمر الحالة المرضية التي أصابت المجني عليه بالرئتين والقلب والتي كانت سابقة على حصول الاعتداء واستجابت المحكمة بهيئة سابقة لطلب الدفاع وأجلت الدعوى لهذا السبب أكثر من مرة إلا أن الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ضربت صفحاً عن هذا الطلب ولم تعن بتحقيقه. ثم إن المحكمة سبق أن رأت ضرورة سماع شهادة الطبيبة الشرعية واضعة التقرير، وإذ تبين لها سفرها إلى الخارج قررت المحكمة سماع شهادة أحد الأطباء الشرعيين وأجلت نظر الدعوى لحضوره بيد أنها عدلت عن قرارها ومضت في نظر موضوع الدعوى دون بيان علة ذلك. وفوق ما تقدم فإن الحكم قد عول في قضائه على أقوال شهود الإثبات والمتهمين مع ما شابها من تناقض في شأن من وقع منه الاعتداء ومحاولة إسعاف المجني عليه وعلى الرغم من أن أقوال بعضهم تؤكد عدم وقوع اعتداء من الطاعن على المجني عليه، كما أنه لم يورد مؤدى الأدلة التي تساند إليها في قضائه ولم يبين موضعها من الأوراق، وأخيراً فقد اعتمد الحكم في توافر ظرف سبق الإصرار على مجرد أفعال الاعتداء، وكل ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وأقوال الطاعنين في التحقيقات ومن تقرير الصفة التشريحية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مجرد نظر القاضي المعارضة التي رفعت من المتهم في الأمر الصادر بحبسه احتياطياً ورفضها ليس من شأنه أن يمنعه من الحكم عليه بعد ذلك في الدعوى ذاتها، إذ أن الفصل في المعارضة لا يلزم له بمقتضى القانون من القاضي والتحقيق في مرحلته الأولى الرأي المستقر الذي يتحرج معه إذا ما رأى العدول عنه بعد استكمال الدعوى، وهي في دور المحاكمة تقدير كل عناصرها إثباتاً ونفياً. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى البطلان لهذا السبب يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وحصل مؤدى أقوال شهود الإثبات بما مفاده أن الطاعن والمتهم الآخر ضربا المجني عليه بالعصي والأيدي خلص إلى إدانته استناداً إلى ما استخلصه من تقرير الصفة التشريحية من أن وفاة المجني عليه حدثت نتيجة الإصابات جميعها. وكان البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا الوجه من الطعن أن ما استخلصه الحكم من ذلك له أصله الثابت بتقرير الصفة التشريحية إذ تبين من مطالعته أنه بعد أن أشار إلى إصابات المجني عليه بالرأس والعنق والظهر والصدر والطرفين العلويين والسفليين انتهى إلى أن هذه الإصابات رضية تحدث من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة كعصا أو ما شابه وأنها لنوعيتها وتعددها ومواضعها تحدث من مثل التعدي عليه بالضرب وأن الوفاة إصابية ناشئة عن هذه الإصابات الرضية ومضاعفاتها من تقيحات وامتصاص توكسيمي عفن. وإذ كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم - على نحو ما تقدم - أن وفاة المجني عليه نشأت من إصاباته المرضية مجتمعة التي أوقعها به الطاعن والمحكوم عليه الآخر وأن كلاً منهما ضربه على الأقل ضربة ساهمت في إحداث الوفاة فإن ما انتهى إليه من مساءلة الطاعن عن جناية الضرب المفضي إلى الموت يكون قد أصاب محجة الصواب في تقدير مسئوليته، وأثبت بما فيه الكفاية العناصر التي تستقيم بها علاقة السببية بين فعلته والنتيجة التي حدثت وهي موت المجني عليه، ويضحى منعى الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد والفساد في الاستدلال على غير سند. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، ولما كانت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد استخلصت من تقرير الصفة التشريحية أن وفاة المجني عليه إنما كانت بسبب الإصابات الرضية التي حدثت به نتيجة اعتداء الطاعن والمحكوم عليه الآخر عليه بالضرب بالعصي والأيدي، وكان ما أوردته في حكمها ما يبرر إطراحها - في حدود سلطتها التقديرية - للتقرير الطبي الاستشاري المقدم من الطاعن، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى طلبه استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، ولا جناح عليها إذا أصدرت قراراً باستدعاء الطبيب الشرعي ثم عدلت عن قرراها لما هو مقرر من أن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، كما أن التناقض بين أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود وصحة تصويرهم للواقعة فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. أما ما يثيره الطاعن من عدم بيان الحكم مؤدى الأدلة التي تساند إليها في قضائه وموضعها من الأوراق فمردود في شقه الأول بما أورده الحكم من بيان لما عول عليه من أقوال شهود الإثبات وما أورده تقرير الصفة التشريحية على نحو يستقيم به قضاؤه، وفي شقه الثاني بما هو مقرر من أن محكمة الموضوع لا تلتزم تحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان الحكم قد نفى قيام سبق الإصرار لدى الطاعن - خلافاً لما يدعيه - فإن ما يثيره الطاعن بمقولة إن الحكم قد اعتمد في توافر ظرف سبق الإصرار لديه على مجرد أفعال الاعتداء لا يكون له محل. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 3788 لسنة 59 ق جلسة 7 / 12 / 1989 مكتب فني 40 ق 185 ص 1149

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل ومحمد حسين مصطفى.

-------------

(185)
الطعن رقم 3788 لسنة 59 القضائية

(1) جمارك. تهريب جمركي.
التهريب الحكمي في مفهوم المادة 121/ 2 من القانون 66 لسنة 1963 المعدلة؟
(2) جمارك. تهريب جمركي.
متى يعد حائز البضائع الأجنبية. حسن النية. وفق حكم المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون 75 لسنة 1980؟
(3) قرارات وزارية. لوائح تنفيذية. قانون "التفويض التشريعي".
حق السلطة التنفيذية تولي أعمال تشريعية بإصدار اللوائح التنفيذية. أساس وحد ذلك؟
(4) قانون "التفويض التشريعي". دستور. قرارات وزارية. تهريب جمركي. جمارك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي. رهينة بعدم وجود تضاد بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه وشروطه.
تغليب نص القانون عند التعارض بينه وبين نص وارد في لائحته. واجب.
تضمين نص المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون 75 لسنة 80 شروطاً على بيانات الفواتير. يتعارض مع إطلاق نص المادة 121/ 2 من القانون 66 لسنة 63 المعدل. مؤدى ذلك؟
المستندات المؤيدة لسداد الضرائب الجمركية. لم يشترط فيها الشارع إلا أن تكون دالة على السداد. تقدير ذلك لقاضي الموضوع دون التزام برأي لسواه. ولو كان وارداً في اللائحة التنفيذية للقانون.

----------------
1 - إن الفقرة الثانية من المادة 121 من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 - بعد تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1980 تنص على أنه "ويعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة ويفترض العلم إذا لم يقدم من وجدت في حيازته هذه البضائع بقصد الاتجار المستندات الدالة على أنها قد سددت عنها الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة. كما يعتبر في حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع أو العلامات أو ارتكاب أي فعل آخر يكون الغرض منه التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة".
2 - إن المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 75 لسنة 1980 الصادر بها قرار نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية رقم 105 لسنة 1980 تنص على أنه "يعتبر الحائز حسن النية ولا تحتجز بضائعه إذا كان تحت يده عند الضبط فاتورة صحيحة صادرة من مستورد أما الفواتير الصادرة من غير مستورد فلا يعتد بها إلا إذا أثبت فيها رقم القسيمة الجمركية وتاريخها وأقر من أصدرها بمسئوليته عنها وعما جاء بها من بيانات".
3 - من المقرر أن من حق السلطة التنفيذية طبقاً للمبادئ الدستورية المقررة أن تتولى أعمالاً تشريعية عن طريق إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها إلا أن هذا الحق لا يعني نزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئاً جديداً أو أن تعدل فيها أو تعطل تنفيذها أو أن تعفى من هذا التنفيذ، ومن ثم فإن اللائحة التنفيذية لا يصح أن تضع قيداً على خلاف نص القانون.
4 - يشترط لصدور القرار في حدود التفويض التشريعي ألا يوجد أدنى تضاد بينه وبين النص الوارد في القانون وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر وارد في لائحته التنفيذية، فإن النص الأول يكون هو الواجب التطبيق باعتباره أسمى درجة وأصلاً للائحة. لما كان ذلك، وكان النص في المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 75 لسنة 1980 سالفة الذكر على وضع شروط على الفواتير بأن يثبت فيها رقم القسيمة الجمركية وتاريخها وإقرار من أصدرها بمسئوليته عنها وعما جاء بها من بيانات يتعارض مع إطلاق نص الفقرة الثانية من المادة 121 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 من أية شروط في شأن المستندات الدالة على سداد الضرائب الجمركية، إلا أن تكون دالة على ذلك السداد، وهو ما يخضع لتقدير قاضي الموضوع - ما دام سائغاً كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وذلك دون التزام في ذلك برأي لسواه ولو كان وارداً في القرار الوزاري المعني. لما كان ذلك، فإنه يتعين الاعتداد بما نص عليه القانون في هذا الخصوص والالتفات عما فرضته اللائحة التنفيذية من شروط هذا الصدد، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ساير هذا النظر واطمأنت المحكمة إلى أن الفواتير التي قدمها المطعون ضده صحيحة وتفيد سداد الضرائب الجمركية عن البضائع محل الاتهام، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه. حاز بضائع أجنبية بقصد الاتجار دون سداد الرسوم الجمركية. وطلبت عقابه بالمواد 121، 121 مكرراً، 122، 124 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل وادعى وزير المالية بصفته مدنياً قبل المتهم بمبلغ 10642.020 جنيهاً على سبيل التعويض ومحكمة جنح جرجا قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه ثانياً: برفض الدعوى المدنية وإلزام المدعي بالحقوق المدنية بالمصروفات. استأنف المدعي بالحقوق المدنية بصفته ومحكمة سوهاج الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت إدارة قضايا الحكومة عن المدعي بالحقوق المدنية بصفته في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن بصفته ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة حيازة بضائع أجنبية بقصد الاتجار دون سداد الضرائب الجمركية، ورفض الدعوى المدنية قبله قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه عول في قضائه على ما قدمه المطعون ضده من مستندات رغم عدم توافر الشروط المنصوص عليها في المادة الثامنة من قرار وزير المالية رقم 105 لسنة 1980 فيها، وأن القصور القائم بتلك المستندات في بعض بياناتها يدل على قيام قصد التهرب لدى المطعون ضده من سداد الضرائب كما أن الحكم المطعون فيه أورد في مدوناته أن على الطاعن بصفته الرجوع على المستورد بصدد ما شاب الفواتير من نقص رغم أن المطعون ضده هو المكلف بنفي الاتهام - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن النيابة العامة أسندت إلى المطعون ضده أنه حاز بضائع أجنبية مهربة بقصد الاتجار دون الاحتفاظ بفواتير تفيد سداد الضرائب، وطلبت معاقبته بالمواد 121، 121 مكرراً، 122، 124 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 وقرار وزير المالية رقم 105 لسنة 1980، ومحكمة أول درجة قضت بحكمها المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية قبله، وبعد أن أورد الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى عرض إلى واقعة الضبط بقوله "وبسؤال المتهم عن مستنداتها قدم أربع عشرة فاتورة طويت كلها على أن البضائع خالصة الرسوم الجمركية، وبيد أن محرر المحضر رأى أنها غير قانونية، وبعرض الأوراق على لجنة الفحص رأت أن هناك عشر فواتير منها غير مستوفاة للشروط القانونية، وأن هناك ثلاث فواتير مستوفاة بمراجعة بيانات اثنتين منها مع جمارك الإسكندرية تبين وجود خطأ في تاريخ اليوم أما الفاتورة الأخرى تبين أنها لنوعية بضائع غير المثبتة بها، أما الفاتورة الأخيرة فهي فاتورة قانونية ومستوفاة لشروطها. ثم أسس الحكم قضاءه ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية قبله على قوله "وباستعراض وقائع الاتهام موضوع الدعوى نجد أن المتهم تقدم بمستندات عن البضائع المضبوطة ثابت بها أن هذه البضائع خالصة الرسوم الجمركية، ولم يثبت أن هذه المستندات مزورة أو مصطنعة ومن ثم فإن المتهم بذلك أنكر علمه المفترض بتهريب هذه البضائع وأثبت عكسه، أما القول بأن بعض هذه الفواتير غير مستوفاة لبعض البيانات دون تحديدها وأن بعضها الآخر به بعض الخطأ في البيانات بشأن التاريخ ونوعية البضائع بين بيانات القسيمة الجمركية وتلك المحفوظة بجمارك الإسكندرية فإن ذلك لا يقيم الجريمة في حق المتهم ما دام أن القصد الجنائي والعلم المفترض لا يقوم قبله إلا بعدم تقديم مستندات دالة على سداد الرسوم الجمركية أو تقديمه مستندات مزورة أو مصطنعة، أما وقد قدم هذه المستندات ولم ينسب له أحد أنها مزورة أو مصطنعة فإن وجود قصور في بيانات بعض المستندات أو خطأ بين بيانات القسيمة الجمركية وتلك المحفوظة بالجمارك فإن ذلك أمر لا يد للمتهم فيه ولا يتعين قانوناً وعدالة محاسبته عليه". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 121 من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 - بعد تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1980 تنص على أنه "ويعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة ويفترض العلم إذا لم يقدم من وجدت في حيازته هذه البضائع بقصد الاتجار المستندات الدالة على أنها قد سددت عنها الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة. كما يعتبر في حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع أو العلامات أو ارتكاب أي فعل آخر يكون الغرض منه التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة".
وكانت المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 75 لسنة 1980 الصادر بها قرار نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية رقم 105 لسنة 1980 تنص على أنه "يعتبر الحائز حسن النية ولا تحتجز بضائعه إذا كان تحت يده عند الضبط فاتورة صحيحة صادرة من مستورد أما الفواتير الصادرة من غير مستورد فلا يعتد بها إلا إذا أثبت فيها رقم القسيمة الجمركية وتاريخها وأقر من أصدرها بمسئوليته عنها وعما جاء بها من بيانات" لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أن من حق السلطة التنفيذية طبقاً للمبادئ الدستورية المقررة أن تتولى أعمالاً تشريعية عن طريق إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها إلا أن هذا الحق لا يعني نزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئاً جديداً أو أن تعدل فيها أو تعطل تنفيذها أو أن تعفى من هذا التنفيذ، ومن ثم فإن اللائحة التنفيذية لا يصح أن تضع قيداً على خلاف نص القانون. كما أنه يشترط لصدور القرار في حدود التفويض التشريعي ألا يوجد أدنى تضاد بينه وبين النص الوارد في القانون وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر وارد في لائحته التنفيذية، فإن النص الأول يكون هو الواجب التطبيق باعتباره أسمى درجة وأصلاً للائحة. لما كان ذلك، وكان النص في المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 75 لسنة 1980 سالفة الذكر على وضع شروط على الفواتير بأن يثبت فيها رقم القسيمة الجمركية وتاريخها وإقرار من أصدرها بمسئوليته عنها وعما جاء بها من بيانات يتعارض مع إطلاق نص الفقرة الثانية من المادة 121 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 من أية شروط في شأن المستندات الدالة على سداد الضرائب الجمركية، إلا أن تكون دالة على ذلك السداد، وهو ما يخضع لتقدير قاضي الموضوع ما دام سائغاً - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وذلك دون التزام في ذلك برأي لسواه ولو كان وارداً في القرار الوزاري المعني. لما كان ذلك، فإنه يتعين الاعتداد بما نص عليه القانون في هذا الخصوص والالتفات عما فرضته اللائحة التنفيذية من شروط هذا الصدد، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ساير هذا النظر واطمأنت المحكمة إلى أن الفواتير التي قدمها المطعون ضده صحيحة وتفيد سداد الضرائب الجمركية عن البضائع محل الاتهام، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من رده على قصور بيانات بعض الفواتير المقدمة من المطعون ضده - من عدمه مسئولية الأخير عن ذلك وأن للطاعن بصفته الرجوع على المستورد الذي حررها فهو ليس إلا تزيداً لم يكن الحكم في حاجة إليه بعد أن أقام قضاءه على أسباب كافية بذاتها لحمله. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين التقرير بعدم قبول الطعن مع إلزام الطاعن بصفته المصروفات المدنية.

الطعن 14486 لسنة 59 ق جلسة 7 / 12 / 1989 مكتب فني 40 ق 186 ص 1158

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد وصلاح البرجي نائبي رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني ومحمد طلعت الرفاعي.

---------------

(186)
الطعن رقم 14486 لسنة 59 القضائية

(1) ضرب "ضرب أحدث عاهة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير وقوع الجريمة". جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام" "خبرة".
العاهة المستديمة في مفهوم المادة 240 عقوبات. تعريفها؟
تقدير قيام العاهة من واقعات الدعوى. موضوعي.
(2) إثبات "بوجه عام". رابطة السببية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب "أحدث عاهة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
رابطة السببية. استقلال قاضي الموضوع بتقدير توافرها.
مثال لتسبيب سائغ لتوافر رابطة السببية في جريمة ضرب أحدث عاهة.
(3) عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن". ضرب "ضرب بسيط". "ضرب أحدث عاهة".
إدانة الطاعن بجريمة إحداث عاهة مستديمة. ومعاقبته بالعقوبة المقررة للضرب البسيط. انتفاء مصلحته في المجادلة في شأن توافر قيام العاهة.
(4) إثبات "بوجه عام". صلح. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الصلح بين المجني عليه والمتهم. قول جديد. حق محكمة الموضوع في الأخذ به أو إطراحه. أساس ذلك؟
(5) دعوى مدنية. تعويض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسئولية مدنية. ضرر.
بيان الحكم العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية. عدم بيانه عناصر الضرر عند قضائه بالتعويض. لا خطأ.

--------------
1 - لما كان القانون وإن لم يرد فيه تعريف للعاهة المستديمة واقتصر على إيراد بعض أمثلة لها، إلا أن قضاء محكمة النقض قد جرى على ضوء هذه الأمثلة على أن العاهة في مفهوم المادة 240 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته للطبيعة بصفة مستديمة كذلك لم يحدد القانون نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوينها، بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب.
2 - لما كان ما قاله الحكم من أن الطاعن ضرب المجني عليه بمطواة في بطنه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الطبيب الشرعي والتي تخلف عنها عاهة مستديمة يوفر في حق الطاعن ارتكابه فعلاً عمدياً ارتبط بتخلف عاهة مستديمة بالمجني عليه هو فتق بيسار البطن - ارتباط السبب بالمسبب لأنه لولا هذه الضربة بالمطواة لما حدثت تلك الإصابة، وكان إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
3 - لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم في خصوص جريمة العاهة ما دامت العقوبة المقضى بها عليه تدخل في حدود عقوبة جنحة الضرب البسيط الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة.
4 - إن الصلح الذي يتم بين المجني عليه والمتهم لا يعدو أن يكون قولاً جديداً من المجني عليه، يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل - فلها أن تأخذ بما ورد فيه ولها أن تلتفت عنه، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه - على خلاف ما ذهب إليه الطاعن - بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. وفضلاً عن ذلك، فإن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة بالمجني عليه التي دان الطاعن بها، وهذا البيان يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بما يستوجب الحكم على الطاعن بالتعويض، ولا تثريب على المحكمة إذ هي لم تبين عناصر الضرر الذي قدرت على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به إذ الأمر في ذلك متروك لتقديرها بغير معقب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: ضرب عمداً.... بمطواة قرن غزال في بطنه فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فتق بيسار البطن تقدر نسبتها بحوالي 15%. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض (مطواة قرن غزال). وأحالته إلى محكمة جنايات المنيا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 10 من الجدول رقم 6 الملحق به مع تطبيق المادتين 32/ 2، 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما هو منسوب إليه وبإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ أربعة آلاف جنيه مصري على سبيل التعويض المدني.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحداث عاهة مستديمة وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشة فيما إذا كان جرح طوله 2 سم يحتاج لشق جراحي طوله 22 سم أم لا، وهل يتخلف بالمجني عليه من جراء إصابته - التي لم تستقر - عاهة من عدمه، وردت عليه رداً غير كاف، ودانه الحكم بجريمة إحداث عاهة مستديمة رغم أن العاهة تخلفت عن تدخل الطبيب المعالج تدخلاً ينطوي على خطأ مهني جسيم يقطع رابطة السببية بين فعل الطاعن - الذي لم يكن يستدعي تدخلاً جراحياً والعاهة وإطراح الحكم محضر الصلح المحرر بين الطرفين - رغم إلزامه لهما - وقضى في الدعوى المدنية دون أن يناقش أركانها، كما لم يبين نوع التعويض وعناصره وأساسه وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لطلب الطاعن مناقشة الطبيب الشرعي وأطرحه بقوله "وحيث إنه متى كان الثابت من التقرير الطبي الشرعي المؤرخ..... أنه قد تم توقيع الكشف الطبي على المجني عليه بتاريخ....... وخلص في نتيجته إلى أنه قد تخلف لدى المجني عليه عاهة مستديمة، فتق بيسار البطن يتعذر تحديد نسبته الآن نظراً لما قد يطرأ من مضاعفات كالتصاقات أو انسداد معوي أو غرغرينا ولكن استقرت بوضعها الراهن، تقدر بنسبة 15% فإن مفاد ذلك أن تقدير النسبة وقت الكشف لا يحتمل معه أن تقل مستقبلاً بل على العكس من ذلك فإن الاحتمال زيادتها إذا ما طرأ على الحالة مضاعفات كالمنصوص عليها في نتيجته، ومن ثم فإن المحكمة لا ترى وجهاً والحال كذلك مناقشة الطبيب فيما جاء بتقريره على نحو ما أوضح وإعادة الكشف على المجني عليه لعدم احتمال نقض العاهة المقررة مستقبلاً" وإذ كان هذا الذي رد به الحكم كافياً ويسوغ به رفض طلب مناقشة الطبيب الشرعي فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان القانون وإن لم يرد فيه تعريف للعاهة المستديمة واقتصر على إيراد بعض أمثلة لها، إلا أن قضاء محكمة النقض قد جرى على ضوء هذه الأمثلة على أن العاهة في مفهوم المادة 240 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته للطبيعة بصفة مستديمة كذلك لم يحدد القانون نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوينها، بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب. ومن ثم فلا جدوى مما يجادل فيه الطاعن - من أن حالة المجني عليه لما تصبح نهائية ومن عدم تقدير مدى عاهته - بصفة نهائية - ما دام أن ما انتهى إليه الحكم من ذلك إنما يستند إلى الرأي الفني الذي قال به الطبيب الشرعي وخلص منه إلى أنه قد نشأت لدى المجني عليه من جراء اعتداء المتهم عليه عاهة مستديمة، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن في غير محله - لما كان ذلك وكان ما قاله الحكم من أن الطاعن ضرب المجني عليه بمطواة في بطنه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الطبيب الشرعي والتي تخلف عنها عاهة مستديمة يوفر في حق الطاعن ارتكابه فعلاً عمدياً ارتبط بتخلف عاهة مستديمة بالمجني عليه هو فتق بيسار البطن - ارتباط السبب بالمسبب لأنه لولا هذه الضربة بالمطواة لما حدثت تلك الإصابة، وكان إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. وفضلاً عن ذلك فإنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم في خصوص جريمة العاهة ما دامت العقوبة المقضى بها عليه تدخل في حدود عقوبة جنحة الضرب البسيط الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لمحضر الصلح وأطرحه بقوله "وحيث إنه فضلاً عن عدم حجية صورة محضر الصلح المقدمة فهي مجحودة من المجني عليه ولم يرد اسمه في صلب المحضر ولا دلالة على مجرد توقيع منسوب إليه عليها لا يعتبر بذاته إقراراً أو شهادة ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عن هذه الورقة وما أثبت فيها". وكان ما أورده الحكم سائغاً وكافياً لطرح دلالة صورة محضر الصلح المقدم لما هو مقرر من أن الصلح الذي يتم بين المجني عليه والمتهم لا يعدو أن يكون قولاً جديداً من المجني عليه، يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل - فلها أن تأخذ بما ورد فيه ولها أن تلتفت عنه، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه - على خلاف ما ذهب إليه الطاعن - بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. وفضلاً عن ذلك، فإن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة بالمجني عليه التي دان الطاعن بها، وهذا البيان يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بما يستوجب الحكم على الطاعن بالتعويض، ولا تثريب على المحكمة إذ هي لم تبين عناصر الضرر الذي قدرت على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به إذ الأمر في ذلك متروك لتقديرها بغير معقب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 14490 لسنة 59 ق جلسة 10 / 12 / 1989 مكتب فني 40 ق 187 ص 1166

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد نائبي رئيس المحكمة وحسين الشافعي وحسام عبد الرحيم.

---------------

(187)
الطعن رقم 14490 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "خبرة".
إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. غير لازم.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها. عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد المتعددة. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
للمحكمة أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى. ما دامت قد اطمأنت إليها.
تناقض الشاهد. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الإدانة من أقواله بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(3) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه.
(4) دفوع "الدفع باستحالة الرؤية". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع باستحالة الرؤية بسبب الظلام. موضوعي. الرد عليه صراحة غير لازم. استفادة الرد عليه ضمناً من القضاء بالإدانة.
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "المصلحة في الطعن". أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب "أحدث عاهة". عقوبة "العقوبة المبررة".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد علي دفاع لم يثر أمامها أو إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على المحكمة قعودها عن مناقشة الطبيب الشرعي بشأن الإصابة التي تخلف عنها عاهة. ما دامت العقوبة المقضي بها تدخل في حدود عقوبة الضرب البسيط.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها. عدم تعرض المحكمة لأقوال شاهد مدرج في قائمة الشهود. مفاده إطراحها لها.
(7) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها. إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه.
(8) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". صلح.
الصلح بين المتهم والمجني عليه. قول جديد. تقديره. موضوعي.
(9) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سكوت الطاعن أو المدافع عنه. لا يصح أن يبني عليه طعنه. ما دامت المحكمة لم تمنعه من مباشرة حقه في الدفاع.

---------------
1 - من المقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
2 - من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد - في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها وكان التناقض بين أقوال الشاهد - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
3 - لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم تواجده بمكان الحادث وأنه لم يرتكب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
4 - من المقرر أن الدفع باستحالة الرؤية بسبب الظلام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
5 - لما كان الثابت من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب مناقشة الطبيب الشرعي أو يوجه أي اعتراض على تقريره وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير الطبيب الشرعي للأسانيد الفنية التي بني عليها وأوردها الحكم في مدوناته فلا يجوز للطاعن من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها أو إجراء تحقيق لم يطلبه منها، ولم تر هي موجباً لإجرائه اطمئناناً منها إلى تقرير الخبير، هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم ما دامت العقوبة المقضى بها تدخل في حدود عقوبة الضرب البسيط الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة.
6 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، فإن في عدم تعرض المحكمة لأقوال شاهد مدرج في قائمة الشهود ما يفيد إطراحها لها اطمئناناً منها لأدلة الثبوت التي عولت عليها في حكمها.
7 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
8 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليها والمتهم - بفرض حصوله - في معرض نفي التهمة عنه إذ لا يعدو أن يكون قولاً جديداً من الشاهد يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك، إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها تؤدي دلالة إلى إطراح هذا الصلح
9 - من المقرر أن سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن يبنى عليه طعنه ما دامت المحكمة لم تمنعه من مباشرة حقه في الدفاع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب...... عمداً بأداة "عصا" على يدها اليمنى فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديها من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي الإعاقات الموصوفة بمفصل الرسغ الأيمن وتقدر العاهة بنحو 10% عشرة في المائة. وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ 5000 جنيه على سبيل التعويض. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما هو منسوب إليه وفي الدعوى المدنية بإحالتها للمحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى ومؤدى الأدلة ولم يورد مضمون التقرير الطبي الشرعي واكتفى بإيراد نتيجته، وعول في قضائه على أقوال المجني عليها على الرغم من تعدد روايتها وتناقض أقوالها وأغفل الحكم دفاعه القائم على عدم تواجده بمكان الحادث وارتكابه من شخص آخر وبعدم إمكانية ارتكابه لسبق إصابته في ساعده وأعرض عما تمسك به الدفاع من استحالة الرؤية في مكان الحادث عند وقوعه فضلاًً عن أن التقرير الطبي الشرعي جاء قاصراً في البيان ولم يستند إلى أصول فنية علمية ثابتة وكان يتعين على المحكمة استدعاء أهل الخبرة للتعرف على حقيقة إصابة المجني عليها، كما لم يعرض الحكم لأقوال شاهد الإثبات مدرج بقائمة الشهود وكذا محضر التحريات وأغفل محضر الصلح المقدم وصادرت المحكمة حقه في الدفاع عند طلبه منها إتاحة الفرصة له لبيان موطن براءة موكله وذلك في ما له عدم الأخذ بمحضر الصلح المقدم منه وبراءة الطاعن مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة العاهة المستديمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال المجني عليها والتقرير الطبي الشرعي. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد حصل التقرير الطبي الشرعي في قوله "وثبت من التقرير الطبي الشرعي إصابة المجني عليها بساعدها الأيمن تحدث من الضرب بجسم صلب راض أياً كان نوعه "كالعصا" وأنه قد تخلف لديها من جراء هذه الإصابة إعاقة في نهاية حركات الرسغ الأيمن من تقريب وتبعيد وثني ووضع مما يعتبر عاهة مستديمة تقدر بحوالي عشرة في المائة 10%" فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراده مضمون التقرير الطبي الشرعي لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لما كان ذلك وكان الطاعن لا ينازع في أن المجني عليها أسندت إليه بالتحقيقات - إحداث إصابتها التي تخلف لديها من جرائها عاهة مستديمة وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها وكان التناقض بين أقوال الشاهد - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم تواجده بمكان الحادث وأنه لم يرتكب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً عن عدم إمكانية ارتكاب الحادث لسبق إصابته في ساعده، فإنه لا يسوغ أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي يتطلب تحقيقاً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك وكان الدفع باستحالة الرؤية بسبب الظلام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فإن ما ينعاه الطاعن من ذلك يكون في غير محله لما كان ذلك، وكان الثابت من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب مناقشة الطبيب الشرعي أو يوجه أي اعتراض على تقريره وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير الطبيب الشرعي للأسانيد الفنية التي بني عليها وأوردها الحكم في مدوناته فلا يجوز للطاعن من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها أو إجراء تحقيق لم يطلبه منها، ولم تر هي موجباً لإجرائه اطمئناناً منها إلى تقرير الخبير، هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم ما دامت العقوبة المقضى بها تدخل في حدود عقوبة الضرب البسيط الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول. لما كان ذلك وكان الأصل أن محكمة الموضوع لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها فإن في عدم تعرض المحكمة لأقوال شاهد مدرج في قائمة الشهود ما يفيد إطراحها لها اطمئناناً منها لأدلة الثبوت التي عولت عليها في حكمها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها فلا يعيب الحكم إغفاله لتحريات الشرطة فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليها والمتهم - بفرض حصوله - في معرض نفي التهمة عنه إذ لا يعدو أن تكون قولاً جديداً من الشاهد يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك، إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها تؤدي دلالة إلى إطراح هذا الصلح ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن المدافع مع الطاعن ترافع في الدعوى واختتم مرافعته ملتمساً براءة المتهم ورفض الدعوى ولا يبين منه أنه قدم محضر صلح أو طلب ما أثاره في وجه الطعن من طلبه إتاحة الفرصة لبيان موطن براءة موكله وذلك في حالة عدم الأخذ بمحضر الصلح المقدم منه وبراءة الطاعن وكان من المقرر أن سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن يبني عليه طعنه ما دامت المحكمة لم تمنعه من مباشرة حقه في الدفاع، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 16059 لسنة 59 ق جلسة 10 / 12 / 1989 مكتب فني 40 ق 188 ص 1177

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد نائبي رئيس المحكمة وحسين الشافعي وحسام عبد الرحيم.

----------------

(188)
الطعن رقم 16059 لسنة 59 القضائية

(1) تفتيش "إجراءات التفتيش". دفوع "الدفع ببطلان إجراءات التفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان إجراءات التفتيش لوقوعه على أنثى على مرأى من مأموري الضبط القضائي. دفع قانوني مختلط بالواقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض. ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته. علة ذلك؟
وجوب إبداء الدفع في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه.
(2) تقليد. ترويج عملة مقلدة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" عملة.
مثال لاستدلال سائغ على توافر قصد ترويج عملة والعلم بتقليدها.
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله. ماهيته؟

---------------
1 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم تدفع ببطلان إجراء تفتيشها بدعوى أنها جرت على مرأى من مأموري الضبط القضائي، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع والتي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة، ولا يقدح في ذلك أن يكون الدفاع عن الطاعنة قد ضمن مرافعته قوله إنه لا يجوز أن تفتش المرأة أمام ضابط الواقعة، إذ هو قول مرسل على إطلاقه لا يحمل على الدفع الصريح الذي أوردته الطاعنة بأسباب طعنها، والذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، هذا إلى أن مدونات الحكم لا تحمل مقوماته بل حملت ما يدحضه ويجعله دفعاً ظاهر البطلان، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد يكون لا محل له، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر علم الطاعنة بتقليد العملة المضبوطة معها وقصدها ترويجها في قوله أنها "كانت تعلم بتقليد الأوراق المالية المضبوطة بدليل حرصها على إخفائها والإسراع بالتقاطها قبل أن تمتد إليها يد الضابط وعلمها هذا كاف لتوافر قصد الترويج في حقها يؤكد ذلك ما ورد على لسان شهود الواقعة من سبق ضبط زوجها المتهم الأول في عدة قضايا مماثلة وأنها بحكم المخالطة والمعاشرة لا بد وأن تعلم بما يمارسه زوجها من نشاطات" كما أثبت الحكم المطعون فيه في تحصيله لواقعة الدعوى وإيراده مضمون أقوال الضباط شهود الإثبات أن الطاعنة كان تحوز الأوراق المالية المقلدة بقصد ترويجها، وأنها تعلم بأن تلك الأوراق مقلدة. وإذ كانت الطاعنة لا تدعي أن هناك هدفاً غير الترويج من حيازتها العملة المضبوطة، وكان ما أورده الحكم مما سلف يسوغ به الاستدلال على توافر قصد الترويج والعلم بأن العملة المضبوطة مقلدة.
3 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة وآخر "قضي ببراءته" بأنهما حازا بقصد الترويح الورقات المالية المقلدة من فئة العشرة جنيهات مصرية مع علمها بأمر تقليدها. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 202/ 1، 203 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 30، 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمة بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبمصادرة الأوراق المالية المقلدة المضبوطة.
فطعن الأستاذ...... نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة حيازة عملة ورقية مقلدة بقصد ترويجها قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور والتناقض في التسبيب، ذلك بأن الطاعنة دفعت ببطلان إجراءات تفتيشها إذ جرت على مرأى من مأموري الضبط القضائي، كما دفعت بانتفاء قصد الترويج لديها، فأطرح الحكم كلا الدفعين بما لا يسوغ إطراحه واستظهر علم الطاعنة بتقليد العملة الورقية بما لا يسوغ توافر هذا العلم في حقها فضلاً عن تناقض ما أورده - في هذا الشأن - مع ما أقام عليه قضاءه ببراءة المتهم الثاني، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة عملة ورقية مقلدة بقصد ترويجها التي دان الطاعنة بها، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ولم تجادل الطاعنة في أن لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم تدفع ببطلان إجراء تفتيشها بدعوى أنها جرت على مرأى من مأموري الضبط القضائي، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع والتي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة، ولا يقدح في ذلك أن يكون الدفاع عن الطاعنة قد ضمن مرافعته قوله أنه لا يجوز أن تفتش المرأة أمام ضابط الواقعة، إذ هو قول مرسل على إطلاقه لا يحمل على الدفع الصريح الذي أوردته الطاعنة بأسباب طعنها، والذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، هذا إلى أن مدونات الحكم لا تحمل مقوماته بل حملت ما يدحضه ويجعله دفعاً ظاهر البطلان، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد يكون لا محل له، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه. لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر علم الطاعنة بتقليد العملة المضبوطة معها وقصدها ترويجها في قوله أنها "كانت تعلم بتقليد الأوراق المالية المضبوطة بدليل حرصها على إخفائها والإسراع بالتقاطها قبل أن تمتد إليها يد الضابط وعلمها هذا كاف لتوافر قصد الترويج في حقها يؤكد ذلك ما ورد على لسان شهود الواقعة من سبق ضبط زوجها المتهم الأول في عدة قضايا مماثلة وأنها بحكم المخالطة والمعاشرة لا بد وأن تعلم بما يمارسه زوجها من نشاطات". كما أثبت الحكم المطعون فيه في تحصيله لواقعة الدعوى وإيراده مضمون أقوال الضباط شهود الإثبات أن الطاعنة كانت تحوز الأوراق المالية المقلدة بقصد ترويجها، وأنها تعلم بأن تلك الأوراق مقلدة. وإذ كانت الطاعنة لا تدعي أن هناك هدفاً غير الترويج من حيازتها العملة المضبوطة، وكان ما أورده الحكم مما سلف يسوغ به الاستدلال على توافر قصد الترويج والعلم بأن العملة المضبوطة مقلدة كما أنه لا يتناقض مع ما أقام الحكم عليه قضاءه ببراءة المتهم الأول ضمن ما أقام عليه هذا القضاء - من أن التحريات خلت من الإشارة إلى أن المتهم يقوم بتزوير الأوراق المالية وأن قصده ترويج تلك الأوراق وعلمه بتزويرها لم يقم عليه دليل، ذلك أنه من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وهو ما لم يتحقق في أسباب الحكم المطعون فيه، ومن ثم تنحسر عنه قالة التناقض في التسبيب، ويكون النعي عليه بدعوى الفساد في الاستدلال والتناقض في التسبيب في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 406 لسنة 41 ق جلسة 30 / 5 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 104 ص 424

جلسة 30 من مايو سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، ومحمود عطيفة، وطه الصديق دنانة، وعبد الحميد الشربيني.

-------------

(104)
الطعن رقم 406 لسنة 41 القضائية

جريمة. "الجريمة المستمرة" محل عام. غلق. استئناف. "نظره والحكم فيه." نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ فى تطبيق القانون". حكم ." تسبيبه. تسبيب معيب". عقوبة.
جريمة إدارة محل عام سبق غلقه. جريمة مستمرة.
محاكمة الجاني عن الجريمة المستمرة. تشمل جميع الأفعال والحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وحتى صدور حكم بات فيها. وجوب القضاء بعقوبة واحدة عنها.

----------------
من المقرر أن جريمة إدارة محل عام سبق غلقه هي من الجرائم المستمرة التي يتوقف استمرار الفعل المعاقب عليه فيها على تدخل إرادة الجاني تدخلاً متتابعاً متجدد، ولما كانت محاكمة الجاني عن جريمة مستمرة تشمل جميع الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وحتى صدور حكم بات فيها. وكان الثابت أن المحل العام الذى دين المطعون ضده - فى كل من القضايا المشار إليها - بإدارته على الرغم من سبق غلقه هو محل واحد، وأن الدعاوى المشار إليها لم يكن قد صدر فيها حكم بات، بل نظر الاستئناف المرفوع عنها أمام هيئة واحدة وفى تاريخ واحد فإنه كان لزاما على المحكمة الاستئنافية أن تأمر بضم تلك الدعاوى معا وأن تصدر فيها حكما واحدا بعقوبة واحدة. أما وهى لم تفعل فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون(1).


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده في قضايا الجنح أرقام 713 و859 و802 و863 سنة 1969 و35 و79 و75 و104 سنة 1970 جنح مصر الجديدة بأنه في أيام 25/ 8 و15/ 9 و27/ 9 و9/ 10 و13/ 11 و26/ 11 و8/ 12 و22/ 12/ 1969 بدائرة قسم مصر الجديدة: أدار محلا عاما مبينا بالمحضر على الرغم من سبق غلقه. وطلبت عقابه بالمادتين 1 و20 من القانون رقم 453 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 359 لسنة 1956 والجدول المرافق. ومحكمة البلدية الجزئية قضت غيابى، عملا بمادتى الاتهام بتغريم المتهم فى كل قضية عشرة جنيهات وإعادة الغلق. فاستأنف المحكوم عليه هذه الأحكام. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بتاريخ 11/ 6/ 1970 بقبول الاستئنافات شكلا ورفضها موضوعا وتأييد الأحكام المستأنفة. فطعنت النيابة العامة فى هذه الأحكام بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطعن المقدم من النيابة العامة أن الأحكام المطعون فيه، إذ قضت بتأييد الأحكام الصادرة بتغريم المطعون ضده عشرة جنيهات وإعادة الغلق عن جريمة إدارة محل عام سبق غلقه فى كل من الأحكام المطعون فيها قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن جريمة إدارة محل عام سبق غلقه جريمة مستمرة يتوقف استمرار الفعل المعاقب عليه فيها على تدخل إرادة الجانى تدخلا متتابعا متجدد، وإذ كانت محاكمة المطعون ضده عن جريمة مستمرة تشمل جميع الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وصدور حكم بات فيه، وما دام لم يكن قد صدر حكم بات فى أى من تلك القضايا بل نظر الاستئناف فيها جميعها أمام هيئة واحدة وفى تاريخ واحد فكان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تأمر بضم تلك الدعاوى لتصدر فيها حكما واحدا بعقوبة واحدة.
وحيث إنه يبين من الإطلاع على أوراق الطعن والمفردات المضمومة إليها أن الدعوى رفعت على المطعون ضده فى القضايا أرقام 3357 و3759 و3763 و3764 و3769 و3771 و3775 و3778 سنة 1970 جنح مستأنفة وسط القاهرة (التى كانت مقيدة حسب ترتيبها أرقام 32 سنة 1970 و712 و859 و802 و863 سنة 1969 و79 و75 و104 سنة 1970 جنح مصر الجديدة) لأنه فى أيام 25/ 8 و15/ 9 و27/ 9 و9/ 10 و13/ 11 و26/ 11 و8/ 12 و22/ 12/ 1969 بدائرة مصر الجديدة أدار محلا عاما مبينا بالمحضر على الرغم من سبق غلقه، وقضت محكمة أول درجة غيابيا فى كل منها بتغريم المطعون ضده عشرة جنيهات وإعادة الغلق، فاستأنف وقضى كل منها غيابيا فى 11/ 6/ 1970 بتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان الثابت أن المحل العام الذى دين المطعون ضده - فى كل من القضايا المشار إليها - بإدارته على الرغم من سبق غلقه هو محل واحد (محل شطف زجاج بشارع تحتمس كامل رقم 8)، وكانت جريمة إدارة محل عام سبق غلقه هى من الجرائم المستمرة التى يتوقف استمرار الفعل المعاقب عليه فيها تدخل إرادة الجانى تخلا متتابعا متجدد، وكانت محاكمة الجانى عن جريمة مستمرة تشمل جميع الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وحتى صدور حكم بات فيها. ولما كان الثابت أن الدعاوى المشار إليها لم يكن قد صدر فيها بعد حكم بات، بل نظر الاستئناف المرفوع فيها أمام هيئة واحدة وفى تاريخ واحد، فإنه كان لزاما على المحكمة الاستئنافية أن تأمر بضم تلك الدعاوى معا وأن تصدر فيها حكما واحدا بعقوبة واحدة، أما وهى لم تفعل فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون، مما يتعين معه نقض الأحكام المطعون فيها موضوع هذا الطعن نقضا جزئيا وتصحيحها بضم قضاياها وجعل الغرامة المحكوم بها عشرة جنيهات عنها جميع، وذلك بالإضافة إلى عقوبة إعادة الغلق المقضى بها.


(1) راجع نقض جنائى السنة 17 صـ 207، صـ 1094 والطعنان رقما 394 لسنة 40 ق جلسة 6/ 6/ 1971 و163 لسنة 41 ق جلسة 3/ 10/ 1971.

الطعن 253 لسنة 43 ق جلسة 6 / 5 / 1973 مكتب فني 24 ج 2 ق 123 ص 607

جلسة 6 من مايو سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين حسن عزام، وعضوية السادة المستشارين: حسن أبو الفتوح الشربيني، ومحمود كامل عطيفة، ومحمد عبد المجيد سلامة، وطه الصديق دنانة.

----------------

(123)
الطعن رقم 253 لسنة 43 القضائية

جريمة. "أنواعها". محال عامة. محكمة استئنافية. عقوبة. "غرامة". نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
جريمة إدارة محل عام سبق غلقه جريمة مستمرة استمرارا متتابعا متجددا. محاكمة الجاني عن جريمة مستمرة تشمل الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وحتى صدور حكم بات فيها. على المحكمة الاستئنافية ضم الدعاوى المقامة على المحكوم عليه لإدارته محل واحد على الرغم من سبق غلقه وأن تصدر فيها حكما واحدا بعقوبة واحدة ما دام لم يصدر فيها بعد حكم بات. مخالفتها ذلك. خطأ في تطبيق القانون يستوجب النقض الجزئي والتصحيح بضم القضايا وجعل الغرامة عنها جميعا بالإضافة لعقوبة الغلق المقضي بها.

--------------
لما كانت جريمة إدارة محل عام سبق غلقه هي من الجرائم المستمرة التي يتوقف استمرار الفعل المعاقب عليه فيها على تدخل إرادة الجاني تدخلا متتابعا متجددا، وكانت محاكمة الجاني عن جريمة مستمرة تشمل جميع الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وحتى صدور حكم بات فيها، ولما كان الثابت أن الدعاوى المقامة على المطعون ضده – لإدارته محل عام واحد على الرغم من سبق غلقه لم يكن قد صدر فيها بعد حكم بات، بل نظر الاستئناف المرفوع فيها أمام هيئة واحدة وفى تاريخ واحد، فإنه كان لزاما على المحكمة الاستئنافية أن تأمر بضم تلك الدعاوى معا وأن تصدر فيها حكما واحدا بعقوبة واحدة، أما وهى لم تفعل فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون، مما يتعين معه نقض الأحكام المطعون فيها موضوع هذا الطعن نقضا جزئيا وتصحيحها بضم قضاياها وجعل الغرامة المحكوم بها وهى عشرة جنيهات عنها جميعا، وذلك بالإضافة إلى عقوبة إعادة الغلق المقضى بها فيها.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضده فى قضايا الجنح أرقام 304 و568 و745 و832 و887 و1067 و1132 لسنة 1971 جنح البلدية (الوايلى) بأنه فى أيام 17 فبراير و18 من أبريل و24 يونيه و6 و17 يولية و29 سبتمبر سنة 1971 أدار المحل المبين بالمحضر رغم سبق غلقه. وطلبت عقابه فى كل هذه الدعاوى بالمادتين 20 و21 من القانون رقم 453 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 359 لسنة 1956 والجدول المرفق، ومحكمة جنح البلدية قضت غيابيا فى كل منها بتغريم المتهم عشرة جنيهات وإعادة الغلق. فاستأنف المتهم هذه الأحكام وبجلسة 23 من أبريل سنة 1972 قضت محكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) غيابيا برفض الاستئنافات وتأييد الأحكام المستأنفة. فطعنت النيابة العامة فى هذه الأحكام بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن المقدم من النيابة العامة هو أن الأحكام المطعون فيها إذ قضت بتأييد الأحكام الابتدائية الصادرة بتغريم المطعون ضده عشرة جنيهات وإعادة الغلق عن جريمة إدارة محل عام سبق غلقه في كل من الأحكام المطعون فيها قد شابها الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن جريمة إدارة محل عام سبق غلقه جريمة مستمرة يتوقف استمرار الفعل المعاقب عليه فيها على تدخل إرادة الجاني تدخلا متتابعا متجددا، وإذ كانت محاكمة المطعون ضده عن جريمة مستمرة تشمل جميع الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وصدور حكم بات فيها، وما دام لم يكن قد صدر حكم بات في أي من تلك القضايا بل نظر الاستئناف فيها جميعها أمام هيئة واحدة وفى تاريخ واحد فكان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تأمر بضم تلك الدعاوى لتصدر فيها حكما واحدا بعقوبة واحدة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على أوراق الطعن والمفرادات التى أمرت المحكمة بضمها أن الدعوى رفعت على المطعون ضده فى القضايا أرقام 1584 و1586 و1588 و1589 و1590 و1594 و1602 لسنة 1972 جنح مستأنفة وسط القاهرة (التى كانت مقيدة حسب ترتبيها بأرقام 304 و568 و745 و832 و887 و1067 و1132 سنة 1971 جنح (ب) الوايلى) لأنه فى أيام 17/ 2 و18/ 4 و24/ 6 و6/ 7 و17/ 7 و29/ 9 و22/ 11/ 1971 بدائرة قسم الوايلى أدار المحل المبين بالمحضر برغم سبق غلقه، وقضت محكمة أول درجة غيابيا فى كل منها بتغريم المطعون ضده عشرة جنيهات وإعادة الغلق، فاستأنف وقضى فى كل منها غيابيا فى 23/ 4/ 1972 بتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان الثابت أن المحل العام الذى دين المطعون ضده – فى كل من القضايا المشار إليها – بإدارته على الرغم من سبق غلقه هو محل واحد – "محل حلوانى وبوفيه بشارع الدويدار رقم 52 ناصية شارع الجاراج قسم الوايلى" - وكانت جريمة إدارة محل عام سبق غلقه هى من الجرائم المستمرة التى يتوقف استمرار الفعل المعاقب عليه فيها على تدخل إرادة الجانى تدخلا متتابعا متجددا، وكانت محاكمة الجانى عن جريمة مستمرة تشمل جميع الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وحتى صدور حكم بات فيها. ولما كان الثابت أن الدعاوى المشار إليها لم يكن قد صدر فيها بعد حكم بات، بل نظر الاستئناف المرفوع فيها أمام هيئة واحدة وفى تاريخ واحد، فإنه كان لزاما على المحكمة الاستئنافية أن تأمر بضم تللك الدعاوى معا وأن تصدر فيها حكما واحدا بعقوبة، أما وهى لم تفعل فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون، مما يتعين معه نقض الأحكام المطعون فيها موضوع هذا الطعن نقضا جزئيا وتصحيحها بضم قضاياها وجعل الغرامة المحكوم بها وهى عشرة جنيهات عنها جميعا، وذلك بالإضافة إلى عقوبة إعادة الغلق المقضى بها فيها.

الطعن 4153 لسنة 59 ق جلسة 23 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 171 ص 1069

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عميره ومحمد زايد وصلاح البرجى نواب رئيس المحكمة وزكريا الشريف.

---------------

(171)
الطعن رقم 4153 لسنة 59 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش". "إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
الخطأ في تحديد عمل الطاعن غير قادح في جدية التحريات.
(2) تفتيش "إذن التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إجراءات "إجراءات التحقيق". مواد مخدرة
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. دفاع موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقع الضبط والتفتيش بناء على الإذن. رداً عليه.
لجوء الضابط إلى وكيل النيابة في منزلة. لاستصدار الإذن بالتفتيش. لا مخالفة فيه للقانون.
(3) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "بوجه عام".
تزيد الحكم بما لم يكن في حاجة إليه. لا يعيبه. أساس ذلك؟
(4) مواد مخدرة. قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة. موضوعي. ما دام سائغاً.
(5) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. اشتراك. قانون "تفسيره".
مجرد توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة. كفايته لتوافر أركان الجريمة المنصوص عليها بالمادة 34/ 1 من القانون 182 لسنة 1960. أساس ذلك؟
(6) محكمة الجنايات "نظرها الدعوى والحكم فيها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إصدار محكمة الجنايات أمراً بالقبض على المتهم وحبسه. ولا يمنع من التمسك بطلب سماع أقوال شاهد الإثبات ولو أبدي قبل اتخاذها هذا الإجراء. علة ذلك؟

---------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات رداً كافياً وسائغاً وكان الخطأ في تحديد عمل الطاعن على فرض حصوله - لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنته تلك التحريات، ما دام أنه الشخص المقصود بالإذن، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
2 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لدفع الطاعن في هذا الصدد - وأطرحته برد كاف وسائغ - وكان لجوء الضابط يوم تحريره محضر تحرياته إلى وكيل النيابة في مكان تواجده بمنزله لاستصدار الإذن بالتفتيش هو أمر متروك لمطلق تقديره ولا مخالفة فيه للقانون وبالتالي ليس فيه ما يحمل على الشك في سلامة إجراءاته فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
3 - لا يعيب الحكم ما استطرد إليه تزيداً - مما لم يكن بحاجة إليه - في تبرير استصدار الإذن من وكيل النيابة في منزله - ما دام أنه قد أطرح دفاع الطاعن في هذا الشأن بما هو كاف وسائغ لطرحه - وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقة أو النتيجة التي انتهى إليها. فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
4 - الأصل أن الاتجار في الجواهر المخدرة إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها ما دامت تقيمها على ما ينتجها.
5 - يكفى لتوافر أركان الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 34 من القانون المذكور مجرد توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة ولو لم يتخذ الجاني الاتجار في هذه المواد حرفة له سواء كان إحراز المخدر أو حيازته لحسابه أو لحساب غيره ممن يتجرون في المواد المخدرة، دلالة ذلك أن نص الفقرة الأولى من المادة 34 سالفة الذكر بعد أن جرى على عقاب حالات الحيازة أو الإحراز أو الشراء أو البيع أو التسليم أو تقديم المواد المخدرة للتعاطي بقصد الاتجار قد ساوى بينها وبين الاتجار فيها بأية صورة فيتسع مدلوله ليشمل ما غير ذلك من الحالات التي عددتها هذه المادة على سبيل الحصر المحظور على الأشخاص ارتكابها بالنسبة للاتجار في المواد المخدرة، هذا ولأن حيازة المخدر لحساب الغير في حالة من حالات الخطر التي عددتها تلك المادة والمجرمة قانوناً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - لا يعدو في حقيقته مساهمة في ارتكاب هذه الجريمة يرتبط بالفعل الإجرامي فيها ونتيجته برابطة السببية ويعد المساهم بهذا النشاط شريكاً في الجريمة تقع عليه عقوبتها.
6 - حق محكمة الجنايات في الأمر بالقبض على المتهم وحبسه احتياطياً المستمد من حكم المادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية، مطلقاً غير مقيد بأي قيد باعتباره من الإجراءات التحفظية التي تدخل في السلطة المخولة للمحكمة بمقتضى القانون ولا يعتبر اتخاذ المحكمة لهذا الإجراء إذا ما رأت أن تأمر به مانعاً من التمسك بطلب استدعاء شاهد الإثبات لسماع أقواله - حتى لو كان قد أبدي قبل أن تتخذ المحكمة إجرائها المشار إليه - لاستقلال كل من الأمرين - واختلاف صاحب الحق في كل منهما - فإن منعى الطاعن - على المحكمة - أمرها بالقبض عليه وحبسه على ذمة القضية لإكراهه على التنازل عن طلب استدعاء شاهدي الإثبات لسماع أقوالهما - وقد أبداه قبل إصدار أمرها المنوه عنه لا محل له.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانوني رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبند رقم 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع تطبيق المادة 36 من القانون رقم 1982 لسنة 1960 والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبتغريمه ثلاث آلاف جنيه ومصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك بأنه دفع بعدم جدية التحريات بدلالة خطئها في تحديد عمله بأنه بقال مع أنه موظف بمجلس مدينة الجيزة حسب المستند الذي قدمه كما دفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه - لإجرائهما قبل الإذن بهما بدلالة صدور الإذن يوم إجراء التحريات، واستصدار الإذن من وكيل النيابة في منزله، إلا أن المحكمة أطرحت الدفعين برد قاصر وغير سائغ - ركنت فيه بالنسبة للدفع الثاني - من بين ما ركنت إليه إلى معلومة خاصة غير صحيحة قوامها أن عدم استصدار الضباط - للإذن من مقار النيابات قد يكون زيادة في الحيطة والسرية واستدل الحكم على توافر قصد الاتجار لديه - بما ورد بالتحريات وأقوال شاهدي الإثبات دون أن يورد مضمون أي منهما، ومما ثبت من كبر حجم المخدر المضبوط مع أن ذلك لا يعتبر دليلاً على الاتجار، وأخيراً فقد تمسك الطاعن بسماع أقوال شاهدي الإثبات - فأجلت المحكمة نظر الدعوى لهذا السبب إلا أنها أمرت - بعد تحديدها ميعاد الجلسة المقبلة بالقبض على الطاعن وحبسه على ذمة القضية مما اضطره مكرهاً إلى التنازل عن طلب سماعها في الجلسة التالية - وكل ذلك، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وساق على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها استمدها من أقوال ضابطي الشرطة ومن تقرير المعمل الكيماوي. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات رداً كافياً وسائغاً وكان الخطأ في تحديد عمل الطاعن على فرض حصوله - لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنته تلك التحريات، ما دام أنه الشخص المقصود بالإذن، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لدفع الطاعن - في هذا الصدد - وأطرحته برد كاف وسائغ - وكان لجوء الضابط يوم تحريره محضر تحرياته إلى وكيل النيابة في مكان تواجده بمنزله - لاستصدار الإذن بالتفتيش هو أمر متروك لمطلق تقديره ولا مخالفة فيه للقانون وبالتالي ليس فيه ما يحمل على الشك في سلامة إجراءاته فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم ما استطرد إليه تزيداً - مما لم يكن بحاجة إليه - في تبرير استصدار الإذن من وكيل النيابة في منزله - ما دام أنه قد أطرح دفاع الطاعن في هذا الشأن بما هو كاف وسائغ لطرحه - وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقة أو النتيجة التي انتهى إليها. فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الاتجار في الجواهر المخدرة إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها ما دامت تقيمها على ما ينتجها، وكان المستفاد من الأحكام التي تضمنتها نصوص المواد 34، 37، 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات أنها تفرق فقط بين إحراز المخدرات وحيازتها بقصد الاتجار وبين إحرازها بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي أو بدون قصد شيء من ذلك، وكان يكفي لتوافر أركان الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 34 من القانون المذكور مجرد توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة ولو لم يتخذ الجاني الاتجار في هذه المواد حرفة له سواء كان إحراز المخدر أو حيازته لحسابه أو لحساب غيره ممن يتجرون في المواد المخدرة، دلالة ذلك أن نص الفقرة الأولى من المادة 34 سالفة الذكر بعد أن جرى على عقاب حالات الحيازة أو الإحراز أو الشراء أو البيع أو التسليم أو تقديم المواد المخدرة للتعاطي بقصد الاتجار قد ساوى بينها وبين الاتجار فيها بأية صورة فيتسع مدلوله ليشمل ما غير ذلك من الحالات التي عددتها هذه المادة على سبيل الحصر المحظور على الأشخاص ارتكابها بالنسبة للاتجار في المواد المخدرة، هذا ولأن حيازة المخدر لحساب الغير في حالة من حالات الخطر التي عددتها تلك المادة والمجرمة قانوناً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - لا يعدو في حقيقته مساهمة في ارتكاب هذه الجريمة يرتبط الفعل الإجرامي فيها ونتيجته برابطة السببية ويعد المساهم بهذا النشاط شريكاً في الجريمة تقع عليه عقوبتها - وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي بأن إحراز الطاعن للمخدر كانت بقصد الاتجار - أخذاً من حجم المضبوطات ومن نقلها بالطريق العام - وبحسبان أن الطاعن قد أحرز المخدر لحساب الغير ممن يتجرون في المواد المخدرة في مقابل عمولة - أخذاً من التحريات وأقوال شاهدي الإثبات - التي أورد مضمونها في تحصيله أدلة الثبوت التي اطمأن إليها، على خلاف ما ذهب إليه الطاعن، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في شيء ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكان حق محكمة الجنايات في الأمر بالقبض على المتهم وحبسه احتياطياً المستمد من حكم المادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية، مطلقاً غير مقيد بأي قيد باعتباره من الإجراءات التحفظية التي تدخل في السلطة المخولة للمحكمة بمقتضى القانون ولا يعتبر اتخاذ المحكمة لهذا الإجراء إذا ما رأت أن تأمر به مانعاً من التمسك بطلب استدعاء شاهد الإثبات لسماع أقواله - حتى لو كان قد أبدي قبل أن تتخذ المحكمة إجرائها المشار إليه - لاستقلال كل من الأمرين - واختلاف صاحب الحق في كل منهما - فإن منعى الطاعن - على المحكمة أمرها بالقبض عليه وحبسه على ذمة القضية لإكراهه على التنازل عن طلب استدعاء شاهدي الإثبات لسماع أقوالهما - وقد أبداه قبل إصدار أمرها المنوه عنه لا محل له. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 3672 لسنة 59 ق جلسة 8 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 148 ص 893

جلسة 8 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق نائب رئيس المحكمة وعلي الصادق عثمان وإبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري.

----------------

(148)
الطعن رقم 3672 لسنة 59 القضائية

(1) محكمة الجنايات "نظرها الدعوى والحكم فيها". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
نظر الدعوى المعروضة أمام محكمة الجنايات بدور الانعقاد في غير اليوم المحدد لها أو مجاوزتها لتاريخ المحدد لنهاية الدور لا يرتب بذاته بطلاناً. أساس ذلك؟.
(2) محكمة الجنايات. إجراءات "إجراءات المحاكمة". إعلان. محاماة.
الحضور أمام محكمة الجنايات. عدم استلزامه سوى تكليف المتهم بالحضور دون اشتراط إعلان محاميه. المادتان 374، 378 إجراءات.
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. وكالة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ندب المحكمة محامياً عن المتهم لغياب محاميه الموكل. عدم اعتراض المتهم على هذا الإجراء وعدم تمسكه بالتأجيل لحضور محاميه. لا إخلال بحق الدفاع.
استعداد المدافع أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
(4) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي.
حالة الدفاع الشرعي. مناط تحققها؟
تجريد المجني عليه من آلة العدوان وطعنه بها. لا يعد من قبيل الدفاع الشرعي. حد ذلك؟
حق الدفاع الشرعي. لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي.
(5) قصد جنائي. جريمة "أركانها". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص هذا القصد. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على توافر نية القتل.

---------------
1 - لما كانت المادة 371 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن يعد في كل دور جدول للقضايا التي تنظر فيه، وتوالي محكمة الجنايات جلساتها إلى أن تنتهي القضايا المقيدة بالجدول، فإن نظر المحكمة للقضايا بدور الانعقاد في غير اليوم المحدد لها أو مجاوزتها التاريخ المحدد لنهاية الدور لا يترتب عليه بذاته أي بطلان.
2 - أن المادتين 374، 378 من قانون الإجراءات الجنائية لا تستلزمان بشأن الحضور أمام محكمة الجنايات سوى تكليف المتهم بالحضور لجلسة المحاكمة دون اشتراط إعلان محاميه له.
3 - الأصل أنه إذا لم يحضر المحامى الموكل عن المتهم وندبت المحكمة محامياً آخر ترافع في الدعوى، فإن ذلك لا ينطوي على بطلان في الإجراءات ولا يعد إخلالاً بحق المتهم في الدفاع ما دام لم يبد اعتراضاً على هذا الإجراء أو يتمسك أمام المحكمة بطلب تأجيل نظر الدعوى حتى يحضر محاميه الموكل، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل، ولا وجه لما يتحدى به من أن المحامي المنتدب لم يتمكن لحداثته من مباشرة الدفاع على الوجه الأكمل ما دام لم يدع بأن دفاعه كان شكلياً أو أنه من غير المقبولين للمرافعة أمام محكمة الجنايات، ولما هو مقرر من أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
4 - من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها إنما هو من الأمور التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بلا معقب ما دام استدلالها سائغاً وأن تلك الحالة تتوافر بوقوع فعل إيجابي يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي سواء وقع اعتداء بالفعل أو بدر من المجني عليه بادرة اعتداء تجعل المتهم يعتقد لأسباب معقولة وجود خطر حال على نفسه أو نفس غيره أو ماله وأن الأصل أن تجريد المجني عليه من آلة العدوان ثم طعنه بها يعد محض عدوان ولا يعد من قبيل الدفاع الشرعي إلا إذا كان تجريد المجني عليه من آلة العدوان ليس من شأنه - بمجرده - أن يحول دون مواصلة العدوان، فإنه يحق للمعتدى عليه أن يستعمل القوة اللازمة لدرئه مع الأخذ في الاعتبار ما يحيط بالمدافع من مخاطر وملابسات تتطلب منه معالجة الموقف على الفور. وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه رده على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وتدليله على انتفائها - على السياق المتقدم - أنه بعد انتزاع الطاعن للسكين من يد المجني عليها لم يعد هناك ما يخشى منها عليه وأن السحجات الظفرية التي أحدثتها برقبته - لا تنهض دليلاً على أن خطراً يتهدده، وهو ما له أصله في اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة من أنه لم يقتل المجني عليها دفاعاً عن نفسه بسبب خطر يتهدده وإنما قتلها لسوء معاملتها له، ولما كان حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه، فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من عدم توافر هذا الحق للأسباب التي أوردها يكون صحيحاً ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد وبصدد أن الواقعة لا ترشح إلا لتجاوز حالة الدفاع الشرعي في غير محله.
5 - لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهرات الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله "فهي قد ثبتت في حق المتهم من ظروف الحادث وملابساته على التفصيل سالف البيان وذلك من طعن المجني عليها بسكين في مقتل عدة طعنات وخنقها بالضغط على عنقها بيديه وللتأكد من إزهاق روحها قيامه بخنقها بمنديل حول عنقها ثم الضغط عليه ولم يتركها إلا أن فارقت الحياة". فإنه يكون قد دلل على توافر نية القتل بما يكفي لثبوتها، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص وبأن الواقعة مجرد ضرب أفضى إلى الموت غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل....... عمداً بأن طعنها بأداة (سكين) عدة طعنات في جسدها وأطبق بيديه على عنقها وعاجلها بخنقها برباط رأسها قاصداً من ذلك إزهاق روحها، فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ادعت...... والدة المجني عليها و...... و...... و...... و..... و...... و...... أشقاء المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة عاماً، وإلزامه بأن يؤدي للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإحالة القضية إلى محكمة جنايات شبين الكوم لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة قضت حضورياً بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة عاماً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد قد شابه البطلان والإخلال بحق الدفاع وانطوى على قصور وتناقض في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المحكمة نظرت الدعوى في غير اليوم المحدد لها بدور الانعقاد وفي غيبة المحامي الأصلي الذي يباشرها ودون إخطاره، وانتدبت محامياً آخر يوم الجلسة لم تمكنه حداثته من مباشرة الدفاع على الوجه الأكمل، وردت بما لا يصلح رداً على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وخلصت إلى انتفائها رغم ما حصلته عن تماسك المجني عليها مع الطاعن وإحداثها بعنقه سحجات ظفرية قبل اعتدائه عليها بالسكين وهو ما يؤذن - مع خشية بطش أهلها لو سمعوا صياحها وقت الاعتداء - بقيام حالة الدفاع الشرعي والتي لا يصح محاسبة الطاعن من بعد ثبوتها إلا عن تجاوزها، هذا إلى أن المحكمة لم ترد على دفعه بانتفاء نية القتل ولم تفطن إلى أن الواقعة في الظروف التي حدثت فيها لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى الموت. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 371 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن يعد في كل دور جدول للقضايا التي تنظر فيه، وتوالي محكمة الجنايات جلساتها إلى أن تنتهي القضايا المقيدة بالجدول، فإن نظر المحكمة للقضايا بدور الانعقاد في غير اليوم المحدد لها أو مجاوزتها التاريخ المحدد لنهاية الدور لا يترتب عليه بذاته أي بطلان. لما كان ذلك، وكانت المادتان 374، 378 من القانون المشار إليه لا تستلزمان بشأن الحضور أمام محكمة الجنايات سوى تكليف المتهم بالحضور لجلسة المحاكمة دون اشتراط إعلان محاميه بها، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن النيابة العامة قد أعلنت الطاعن في يوم 20 من أكتوبر سنة 1988 للحضور لجلسة المحاكمة يوم 15 من نوفمبر سنة 1988 مخاطباً مع مأمور السجن عملاً بالمادة 235 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن ما ينعاه الطاعن بشأن نظر الدعوى في غير يوم دورها بجلسة لم يعلن بها محاميه يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المحكمة ندبت محامياً عن الطاعن بناء على طلبه وترافع عنه المحامي بما هو مدون بمحضر الجلسة الذي خلا من اعتراض للطاعن على هذا الإجراء، كما خلا والمفردات المضمومة من أي طلب للطاعن بتأجيل الدعوى لحضور محاميه الموكل عنه وكان الأصل أنه إذا لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم وندبت المحكمة محامياً آخر ترافع في الدعوى، فإن ذلك لا ينطوي على بطلان في الإجراءات ولا يعد إخلالاً بحق المتهم في الدفاع ما دام لم يبد اعتراضاً على هذا الإجراء أو يتمسك أمام المحكمة بطلب تأجيل نظر الدعوى حتى يحضر محاميه الموكل، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل، ولا وجه لما يتحدى به من أن المحامي المنتدب لم يتمكن لحداثته من مباشرة الدفاع على الوجه الأكمل ما دام لم يدع بأن دفاعه كان شكلياً أو أنه من غير المقبولين للمرافعة أمام محكمة الجنايات، ولما هو مقرر من أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى في أنه بعد احتدام نقاش بين المجني عليها وزوجها الطاعن أهانته فيه بالقول وتشاجرا صفع الطاعن المجني عليها ولما ذهبت وأحضرت سكيناً للاعتداء بها عليه انتزعها منها وعندئذ أحدثت سحجات في رقبته قام على أثرها بطعنها عدة طعنات في مقتل وخنقها بيديه ثم ضغط على عنقها بمنديل قاصداً من ذلك قتلها ولم يتركها إلا بعد أن فارقت الحياة، وبعد أن أورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة من اعترافه في تحقيقات النيابة وتحريات الشرطة وتقرير الصفة التشريحية رد على دفاع الطاعن بأنه كان في حالة دفاع شرعي بقوله "فإن المتهم في اعترافه بتحقيقات النيابة قرر أنه انتزع السكين من المجني عليها فور إحضارها لها ومحاولة اعتدائها عليه ومن ثم فقد زال الخطر من جانبها ولا مجال للمتهم في ذلك للتخوف منها ولا يكون بطعنه لها بالسكين في حالة دفاع شرعي عن النفس ولا صلة للإصابات الظفرية من سحجات بعنق المتهم بتلك الحالة لأنه قد حدث تماسك بينهما قبل الطعن للمجني عليها بسكين ولا تبرر تلك السحجات طعنة المتهم للمجني عليها على النحو سالف الذكر". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها إنما هو من الأمور التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بلا معقب ما دام استدلالها سائغاً، وأن تلك الحالة تتوافر بوقوع فعل إيجابي يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي سواء وقع اعتداء بالفعل أو بدر من المجني عليه بادرة اعتداء تجعل المتهم يعتقد لأسباب معقولة وجود خطر حال على نفسه أو نفس غيره أو ماله، وأن الأصل أن تجريد المجني عليه من آلة العدوان ثم طعنه بها يعد محض عدوان ولا يعد من قبيل الدفاع الشرعي إلا إذا كان تجريد المجني عليه من آلة العدوان وإن ليس من شأنه - بمجرده - أن يحول دون مواصلة العدوان، فإنه يحق للمعتدى عليه أن يستعمل القوة اللازمة لدرئه مع الأخذ في الاعتبار ما يحيط بالمدافع من مخاطر وملابسات تتطلب منه معالجة الموقف على الفور، وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه في رده على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وتدليله على انتفائها - على السياق المتقدم - أنه بعد انتزاع الطاعن للسكين من يد المجني عليها لم يعد هناك ما يخشى منها عليه وأن السحجات الظفرية التي أحدثتها برقبته - لا تنهض دليلاً على أن خطراً يتهدده، وهو ما له أصله في اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة من أنه لم يقتل المجني عليها دفاعاً عن نفسه بسبب خطر يتهدده، وإنما قتلها لسوء معاملتها له، ولما كان حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من عدم توافر هذا الحق للأسباب التي أوردها يكون صحيحاً ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد وبصدد أن الواقعة لا ترشح إلا لتجاوز حالة الدفاع الشرعي في غير محله. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم المطعون قد استظهر نية القتل في قوله "فهي قد ثبتت في حق المتهم من ظروف الحادث وملابساته على التفصيل سالف البيان وذلك من طعن المجني عليها بسكين في مقتل عدة طعنات وخنقها بالضغط على عنقها بيديه وللتأكد من إزهاق روحها قيامه بخنقها بمنديل حول عنقها ثم الضغط عليه ولم يتركها إلا أن فارقت الحياة". فإنه يكون قد دلل على توافر نية القتل بما يكفي لثبوتها، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص وبأن الواقعة مجرد ضرب أفضى إلى الموت غير مقبول. ويكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 5068 لسنة 59 ق جلسة 6 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 147 ص 889

جلسة 6 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر ومقبل شاكر نائبي رئيس المحكمة، وحامد عبد الله ومصطفى كامل.

-------------

(147)
الطعن رقم 5068 لسنة 59 القضائية

تهريب ضريبي "الضريبة على الاستهلاك". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
من هم الأشخاص الملزمين بتقديم بيان إلى مصلحة الضرائب على الاستهلاك؟ والسلع التي يجب أن يتضمنها؟ والمدة التي يجب الوفاء بالضريبة خلالها؟ وأثر الإخلال بهذا الالتزام؟ المادتان 4 مكرراً و54 مكرراً من القانون رقم 133 لسنة 1981.

----------------
لما كانت المادة 4 مكرراً من القانون رقم 133 لسنة 1981 بشأن الضريبة على الاستهلاك المضافة بالقانون رقم 102 لسنة 1982 قد نصت على إلزام المستوردين وتجار الجملة والتجزئة والموزعين بتقديم بيان إلى مصلحة الضرائب على الاستهلاك بالرصيد الموجود لديهم من السلع التي تم إخضاعها للضريبة على الاستهلاك أو زيدت فئات الضريبة المفروضة عليها وعلى استحقاق الضريبة الجديدة أو المزايدة عند تقديم هذا البيان وإلزامهم بأدائها خلال مدة لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ استحقاها، ونصت المادة 54 مكرراً من ذات القانون على اعتبار الإخلال بهذا الالتزام في حكم التهرب من الضريبة والبين من هذين النصين أن الشارع يواجه حالة فرض ضريبة الاستهلاك أو زيادة فئاتها على بعض السلع في تاريخ لاحق على سريان القانون رقم 133 لسنة 1981، ومن ثم فقد ألزم بالإخطار عن هذه السلع وبأداء الضريبة الجديدة أو المزيدة عليها على حائزيها من الفئات المبينة بالمادة 4 مكرراً سالفة الذكر بحكم كون تلك السلع قد خرجت بالفعل للتداول ولم تعد في حيازة المنتجين أو المستوردين لها وهما الفئتان الملزمتان - بحسب الأصل - بأداء ضريبة الاستهلاك، ولما كان الطاعن - بوصفه صاحب محل تجاري - على ما تفصح عنه أسباب الطعن والمستندات المقدمة منه ذاتها - من ضمن الفئات التي نصت عليها المادة 4 مكرراً المشار إليها، وملتزماً بهذه المثابة بالإخطار عما يكون لديه من سلع أخضعت للضريبة على الاستهلاك بعد صدور القانون رقم 133 لسنة 1981 طالما أن هذه السلع لا تزال مطروحة للتداول ولم يتم بيعها إلى جمهور المستهلكين، فإن ما يثيره من منازعة في شأن التزامه بالإخطار وأداء الضريبة عما وجد بمحله من "أشرطة الفيديو" بعد إخضاعها لضريبة الاستهلاك بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 360 لسنة 1982 - بدعوى أنه ليس من منتجي أو مستوردي تلك الأشرطة أو أنه كان يقوم بتأجيرها للغير ولا ينوي بيعها لا يكون له محل، طالما أن الأشرطة المشار إليها - بدلالة وجودها بمحله التجاري - كانت ولا تزال صالحة للتداول ومطروحة لهذا الغرض ولم يدع سبق بيعها إلى المستهلكين أو سداد ضريبة الاستهلاك عنها، ومن ثم فلا تثريب على الحكم إغفاله الرد على هذا الدفاع القانوني ظاهر البطلان والتفاته عما قدمه الطاعن في هذا الشأن من أوراق لا تخص الواقعة المطروحة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته ملتزماً بالضريبة على الاستهلاك (صاحب محل شرائط فيديو) تهرب من أداء الضريبة المستحقة عليه والمقررة قانوناً بأن لم يقدم بياناً إلى المصلحة بما لديه من رصيد في الميعاد والمحدد قانوناً. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 3، 4 مكرراً 53، 54 مكرراً من القانون 133 لسنة 1981 والمعدل بالقانون 102 لسنة 1982 والبند 94/ ب من الجدول المرافق المعدل بالقرار رقم 360 لسنة 1982. وادعت مصلحة الضرائب على الاستهلاك مدنياً قبل المتهم بمبلغ 10660 جنيهاً على سبيل التعويض. ومحكمة جنح النزهة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسمائة جنيهاً وألزمته بأداء الضريبة المستحقة وثلاثة أمثالها تعويضاً وبدل مصادرة يساوي قيمة السلع محل الضريبة. استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن المادة 4 مكرراً من القانون رقم 133 لسنة 1981 بشأن الضريبة على الاستهلاك المضافة بالقانون رقم 102 لسنة 1982 قد نصت على إلزام المستوردين وتجار الجملة والتجزئة والموزعين بتقديم بيان إلى مصلحة الضرائب على الاستهلاك بالرصيد الموجود لديهم من السلع التي تم إخضاعها للضريبة على الاستهلاك أو زيدت فئات الضريبة المفروضة عليها وعلى استحقاق الضريبة الجديدة أو المزايدة عند تقديم هذا البيان وإلزامهم بأدائها خلال مدة لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ استحقاقها، ونصت المادة 54 مكرراً من ذات القانون على اعتبار الإخلال بهذا الالتزام في حكم التهرب من الضريبة والبين من هذين النصين أن الشارع يواجه حالة فرض ضريبة الاستهلاك أو زيادة فئاتها على بعض السلع في تاريخ لاحق على سريان القانون رقم 133 لسنة 1981، ومن ثم فقد ألزم بالإخطار عن هذه السلع وبأداء الضريبة الجديدة أو المزيدة عليها على حائزيها من الفئات المبينة بالمادة 4 مكرراً سالفة الذكر بحكم كون تلك السلع قد خرجت بالفعل للتداول ولم تعد في حيازة المنتجين أو المستوردين لها وهما الفئتان الملزمتان - بحسب الأصل - بأداء ضريبة الاستهلاك، ولما كان الطاعن - بوصفه صاحب محل تجاري - على ما تفصح عنه أسباب الطعن والمستندات المقدمة منه ذاتها - من ضمن الفئات التي نصت عليها المادة 4 مكرراً المشار إليها، وملتزماً بهذه المثابة بالإخطار عما يكون لديه من سلع أخضعت للضريبة على الاستهلاك بعد صدور القانون رقم 133 لسنة 1981 طالما أن هذه السلع لا تزال مطروحة للتداول ولم يتم بيعها إلى جمهور المستهلكين، فإن ما يثيره من منازعة في شأن التزامه بالإخطار وأداء الضريبة عما وجد بمحله من "أشرطة الفيديو" بعد إخضاعها لضريبة الاستهلاك بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 360 لسنة 1982 - بدعوى أنه ليس من منتجي أو مستوردي تلك الأشرطة أو أنه كان يقوم بتأجيرها للغير ولا ينوي بيعها لا يكون له محل، طالما أن الأشرطة المشار إليها - بدلالة وجودها بمحله التجاري - كانت لا تزال صالحة للتداول ومطروحة لهذا الغرض ولم يدع سبق بيعها إلى المستهلكين أو سداد ضريبة الاستهلاك عنها، ومن ثم فلا تثريب على الحكم إغفاله الرد على هذا الدفاع القانوني ظاهر البطلان والتفاته عما قدمه الطاعن في هذا الشأن من أوراق لا تخص الواقعة المطروحة ويضحى الطعن برمته على غير أساس متعيناً عدم قبوله موضوعاً مع مصادرة الكفالة.

الطعن 4375 لسنة 59 ق جلسة 6 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 146 ص 884

جلسة 6 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر ومقبل شاكر نائبي رئيس المحكمة ومجدي الجندي وحامد عبد الله.

---------------

(146)
الطعن رقم 4375 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم إرفاق إذن التفتيش بملف الدعوى لا ينفي سبق صدوره. أساس ذلك؟
(2) تفتيش "التفتيش بغير إذن" "تفتيش المزارع". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
صحة تفتيش المزارع بغير إذن. شرطه؟
(3) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". مواد مخدرة.
عدم جواز النعي على المحكمة قعودها الرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يقبل التحدي به أمام محكمة النقض.
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأدلة في المواد الجنائية. متساندة. كفاية أن تكون في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها.

--------------
1 - من المقرر أن عدم إرفاق إذن التفتيش بملف الدعوى لا ينفي سبق صدوره، ولا يكفي - وحده - لأن يستخلص منه عدم صدور الإذن بالتفتيش ما دام الحكم قد أورد ما جاء على لسان الضابط الذي استصدره من سبق صدوره وإشارته إلى ورود مضمون التحريات والإذن الصادر بناء عليها من النيابة بالتحقيقات - كما هي الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
2 - من المقرر أن إيجاب إذن النيابة في تفتيش الأماكن مقصور على حالة تفتيش المساكن وما يتبعها من الملحقات لأن القانون إنما أراد حماية المسكن فقط، ومن ثم فتفتيش المزارع بدون إذن لا غبار عليه إذا كانت غير متصلة بالمساكن.
3 - لما كان البين من مطالعة محضر المرافعة أمام محكمة الموضوع أن الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص خلو معاينة النيابة من إحاطة الأرض محل الضبط بسور، فليس له أن ينعى على المحكمة - من بعد - قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها.
4 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، فإن ما يثيره الطاعن في شأن استدلال المحكمة بأقوال المشرف الزراعي ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر سبق الحكم عليه بأنهما: زرعا بقصد الاتجار نباتاً ممنوع زراعته "خشخاش" وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً عملاً بالمواد 28، 34/ ب، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966 والبند 2 من الجدول رقم 5 المرفق للقانون مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة النبات المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة زراعة نبات الخشخاش في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحاضر مع الطاعن دفع أمام المحكمة بخلو أوراق الدعوى من التحريات وإذن التفتيش وبخلو معاينة النيابة من إحاطة الأرض محل الضبط بسور خلافاً لما جاء بأقوال ضابط الواقعة إلا أن المحكمة ردت على هذين الدفعين بما لا يسوغه، واستدلت على حيازة الطاعن للأرض محل الضبط من مجرد قول المشرف الزراعي بأنه يحوز أرضاً بالجهة ولم ترد على دفعه في هذا الشأن، وهذا كله مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بتقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي وأورد مضمون كل دليل من هذه الأدلة ومؤداه بما يكشف عن وجه استشهاده بها وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على دفع محامي الطاعن بخلو أوراق الدعوى من التحريات ومن إذن النيابة بقوله: "وحيث إنه بالنسبة لما دفع به محامي المتهم من خلو أوراق الدعوى من التحريات ومن إذن النيابة العامة فإنه من المقرر أن عدم إرفاق إذن التفتيش الصادر من النيابة العامة بناء على تحريات الشرطة بملف الدعوى لا ينفي سبق صدوره حيث ورد بالتحقيقات مضمون التحريات والإذن الصادر بناء عليها من النيابة العامة على لسان الضابط الذي استصدره، كما سطر ذلك في محضره والمحكمة تطمئن إلى صحة ذلك وتعول عليه بما لها من سلطة تقديرية في ذلك ومن ثم فهي تلتفت عن هذا الدفع من الدفاع". وكان من المقرر أن عدم إرفاق إذن التفتيش بملف الدعوى لا ينفي سبق صدوره، ولا يكفي - وحده - لأن يستخلص منه عدم صدور الإذن بالتفتيش ما دام الحكم قد أورد ما جاء على لسان الضابط الذي استصدره من سبق صدوره وإشارته إلى ورود مضمون التحريات والإذن الصادر بناء عليها من النيابة بالتحقيقات - كما هي الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. فضلاً عما هو مقرر من أن إيجاب إذن النيابة في تفتيش الأماكن مقصور على حالة تفتيش المساكن وما يتبعها من الملحقات لأن القانون إنما أراد حماية المسكن فقط ومن ثم فتفتيش المزارع بدون إذن لا غبار عليه إذا كانت غير متصلة بالمساكن وهو ما لا يمارى فيه الطاعن. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المرافعة أمام محكمة الموضوع أن الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص خلو معاينة النيابة من إحاطة الأرض محل الضبط بسور، فليس له أن ينعى على المحكمة - من بعد - قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها. لما كان ذلك، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، فإن ما يثيره الطاعن في شأن استدلال المحكمة بأقوال المشرف الزراعي ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، متعيناً رفضه موضوعاً.