الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 13 يوليو 2023

الطعن 720 لسنة 34 ق جلسة 14 / 11 /1993 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 ق 19 ص 227

جلسة 14 من نوفمبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: جودة فرحات، وعبد القادر هاشم النشار، وادوارد غالب سيفين، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(19)

الطعن رقم 720 لسنة 34 القضائية

(أ) ضريبة - قواعد تحديد صافي أرباح الصيدلية لتقدير الضريبة عليها.(صيدلية).
القانون رقم 157 لسنة 1981 بإصدار قانون الضرائب على الدخل - الاتفاقية المبرمة بين نقابة الصيادلة ومصلحة الضرائب والتي صدر بمضمونها قرار نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية ووزير المالية رقم 87 لسنة 1981.
- القانون رقم 157 لسنة 1981 لم يعرف نظام تقدير الضريبة بنسبة ثابتة ونهائية فيما يتعلق بالضريبة على الأرباح التجارية والصناعية - بصدور هذا القانون يكون قرار وزير المالية رقم 87 لسنة 1981 قد سقط في مجال التطبيق - أساس ذلك: أن أحكامه غير متفقة مع أحكام القانون المذكور ومخالفة لها - سلطة وزير المالية أصبحت مقصورة على وضع قواعد للخصم والإضافة تحت حساب الضريبة التي يجرى خصمها أو إضافتها أو تحصيلها تحت تسوية هذا الحساب إلى أن تتم تسوية الضريبة بصفة نهائية - تطبيق.
(ب) ضرائب - الضريبة المقررة على نشاط الصيدليات - سلطة وزير المالية في إضافة بعض السلع للجدول المرافق للقانون.
قرار وزير المالية رقم 142 لسنة 1986 بإضافة بعض السلع للجدول رقم 2 المرافق للقرار رقم 166 لسنة 1982 - هذا القرار صدر استناداً إلى نص المادة (52) من القانون رقم 157 لسنة 1981 المشار إليه والتي تخول وزير المالية تحديد السلع والمنتجات وأوجه النشاط مما يسري عليه نظام الخصم والإضافة والتحصيل لحساب الضريبة وكذلك النسبة التي يجرى خصمها أو إضافتها أو تحصيلها - مؤدى ذلك: أن الضرائب التي يتم تحصيلها عن السلع المدرجة بذلك القرار لا تعتبر نهائية وإنما تظل تحت حساب تسوية الضريبة بصفة نهائية - إضافة بعض الأدوية والمستحضرات الطبية وأدوات التجميل والمبيدات الحشرية وألبان الأطفال والسلع التي تبيعها الصيدليات إلى الجدول رقم 2 المرافق للقرار رقم 166 لسنة 1982 لتتم المحاسبة عليها ضريبياً على النحو الوارد بالقرار هو أمر يتفق وأحكام القانون رقم 157 لسنة 1981 التي تقضي بأن وعاء الضريبة يتحدد على أساس صافي أرباح أصحاب المهن والمنشآت التجارية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 9/ 2/ 1988 أودع الأستاذ/ .......... المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 29/ 12/ 1987 في الدعويين رقمي 4134، 4917 لسنة 40 ق والذي قضى بقبول الدعويين شكلاً ورفضهما موضوعاً، وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار الإداري السلبي الصادر من وزير المالية بشأن الاتفاقية الصادر بها قرار نائب رئيس الوزراء رقم 87 لسنة 1981 وبإلغاء القرار رقم 142 لسنة 1986 - الصادر من وزير المالية، وقد تم إعلان الطعن قانوناً.
وقدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وتحددت جلسة 1/ 6/ 1992 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، وتداولت الدائرة نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 15/ 3/ 1993 تقرر إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى لنظره وبجلسة 18/ 4/ 1993 والجلسات التالية تم نظر الطعن أمام هذه المحكمة التي قررت النطق بالحكم بجلسة 14/ 11/ 1993.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانوناً ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 4134 لسنة 40 ق طالباً الحكم بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع مصلحة الضرائب عن تنفيذ الاتفاقية الصادر بها قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد رقم 87 لسنة 1981 في 14/ 12/ 1981 وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه.
وقال شارحاً دعواه أن نقابة الصيادلة ومصلحة الضرائب أبرمتا اتفاقية في ظل قرار وزير المالية رقم 87 لسنة 1981، تضمنت قواعد تحديد صافي أرباح الصيدليات على أن يتم تحصيل الضريبة من المنبع بواقع 2% من قيمة المشتريات الدوائية، 3% من قيمة مستحضرات التجميل والروائح وأدوات الزينة المشتراه من القطاعين العام والخاص، وتم وضع الضوابط والأسس اللازمة لسلامة عمليات التحصيل من المنبع كما أوضحت الاتفاقية حد الإعفاء لمن تبلغ جملة مشترياتهم من 8500 جنيه سنوياً حتى 17 ألف جنيه، وصدر بهذه الاتفاقية قرار نائب رئيس الوزراء رقم 87 في 14/ 12/ 1981 وتم تطبيقه على الصيدليات.
وأضاف الطاعن أن الصيادلة فوجئوا عام 1985 بعدول مصلحة الضرائب عن القرار وعن الأسس التي تم وضعها، وعادت المصلحة إلى ما كان يشكو منه الصيادلة وهو نظام التقديرات الجزافية على سند من القول بأنه بصدور قانون الضرائب على الدخل وما تضمنه من إلغاء العمل بالقوانين السابقة عليه ومن بينها القانون رقم 14 لسنة 1939 الذي صدرت في ظله الاتفاقية، فإن مؤدى ذلك إلغاء الاتفاقية الصادر بها قرار نائب رئيس الوزراء المشار إليه، وهو قول غير سديد لأن المراكز القانونية التي تنشأ عن قرارات أصدرها أصحاب الحق في إصدارها تستقر وتتحصن بفوات المواعيد المقررة قانوناً للسحب والإلغاء، فضلاً عن أن الاتفاقية المشار إليها لا تتضمن أحكاماً تتعارض مع أحكام القانون الجديد.
وعقبت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة أوضحت فيها أن واقعة مزاولة النشاط الذي تستحق عليه الضريبة تعبر عن وقائع مادية متجددة، أي أن الضريبة ليست ثابتة بل تعبر عن نظام معين تخضع كل واقعة فيه للنظام المحاسبي الساري وقت استحقاقها ومن ثم إذا تم الاتفاق بين مصلحة الضرائب وفئة معينة من الممولين في ظل قانون معين تم إلغاؤه فإن هذا الاتفاق أو التصالح لا ينتج أثره إلا في الحدود التي ترتضيها مصلحة الضرائب. وقد صدر قانون الضرائب على الدخل رقم 157 لسنة 1981 وكان الهدف من إصداره هو تحقيق العدالة بين الفئات المختلفة لتحديد الأسلوب الأمثل لفرض الضريبة، ولما كان التحصيل من المنبع لا يحقق هذا الهدف لأنه لا يمثل النشاط الحقيقي للممول فقد تقررت المحاسبة على صافي الربح الحقيقي وإعمالاً لذلك قررت مصلحة الضرائب محاسبة الصيادلة أسوة بغيرهم من الممولين عن صافي الربح الحقيقي لكل صيدلية.
وبتاريخ 2/ 8/ 1986 أقام المدعي الدعوى رقم 4917 لسنة 40 ق طلب فيها الحكم بوقف تنفيذ قرار وزير المالية رقم 142 لسنة 1986 بإضافة بعض السلع إلى الجدول رقم (2) المرافق للقرار رقم 166 لسنة 1982 وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار.
وقال شارحاً دعواه أنه بعد أن أقام الدعوى رقم 4134 لسنة 40 ق فوجئ في 5/ 7/ 1986 بقرار وزير المالية رقم 142 لسنة 1986 الذي أضاف في المادة الأولى منه الأدوية والمستلزمات الطبية والمبيدات الحشرية وأدوات التجميل والألبان المباعة للصيدليات والأدوية المستوردة منها والمصنعة محلياً وذلك بإضافة نسبة 2% إلى فواتير الأدوية، 3% إلى فواتير مستحضرات التجميل و1% إلى فواتير الألبان على أن يتم توريد حصيلة تلك الأصناف إلى مصلحة الضرائب على الوجه المبين في القرار رقم 166 لسنة 1982 تحت حساب الضرائب المستحقة على الصيدليات.
ونعى المدعي على القرار المطعون فيه تجاهله لقرار وزير المالية رقم 87 لسنة 1981 الذي ما يزال قائماً ساري المفعول، ومن ناحية أخرى فإنه صدر بعد صدور القانون رقم 157 لسنة 1988 بحوالي خمس سنوات رغم أن المادة الرابعة من القانون المشار إليه حددت مدة ستة أشهر يصدر خلالها وزير المالية القرارات التنفيذية اللازمة لهذا القانون. وقررت المحكمة ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد. وبجلسة 8/ 12/ 1987 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه الذي قضى بقبول الدعويين شكلاً وبرفضهما موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها - بالنسبة للقرار المطعون فيه بالدعوى رقم 4134 لسنة 40 ق - على أنه بعد صدور القانون رقم 157 لسنة 1981 لم يعد من الجائز أن ينظم وزير المالية بقرار منه قواعد وإجراءات خاصة لمحاسبة بعض طوائف الممولين تتفق وطبيعة نشاطهم كما حصل بالنسبة لمحاسبة الصيادلة بمقتضى قرار وزير المالية رقم 87 لسنة 1981 الذي صدر في ظل العمل بالقانونين رقمي 14 لسنة 1939، 46 لسنة 1987، ومن ثم يغدو القرار المشار إليه بما تضمنه من قواعد تحديد صافي أرباح الصيدليات وتقدير نسب ثابتة للضريبة المستحقة على نشاطها الخاضع للضريبة، متعارضاً مع أحكام قانون الضرائب على الدخل رقم 157 لسنة 1981 ومن ثم يعتبر كأن لم يكن منذ نفاد ذلك القانون، ومن ناحية أخرى فلا يجوز الاحتجاج بالحق المكتسب في مجال القواعد التنظيمية العامة كما هو الحال بالنسبة لقرار وزير المالية رقم 87 لسنة 1981، وعلى هذا فإن عدول مصلحة الضرائب عن تطبيق القواعد التي تضمنها القرار المشار إليه يكون صحيحاً ومتفقاً مع أحكام القانون.
وبالنسبة للقرار المطعون فيه بالدعوى رقم 4719 لسنة 40 ق أقامت المحكمة قضاءها على أن القرار رقم 142 لسنة 1986 استند ضمن ما استند إلى نص المادة 52/ 1 من قانون الضرائب على الدخل رقم 157 لسنة 1981 وما تخوله لوزير المالية من أن يحدد بقرار منه السلع والمنتجات وأوجه النشاط مما يسري عليه نظام الخصم والإضافة والتحصيل لحساب الضريبة، ولما كان القرار المطعون فيه أضاف الأدوية والمستحضرات الطبية وما إلى ذلك من السلع التي تبيعها الصيدليات إلى الجدول رقم 2 المرفق بالقرار رقم 166 لسنة 1982 لتتم المحاسبة ضريبياً وهو الأمر الذي يتفق وأحكام القانون مما يجعل القرار المطعون قائماً على أساس صحيح.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يلق قبولاً من الطاعن، فأقام طعنه الماثل على سند من أن الحكم خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وذلك للأسباب الآتية أولاً: أن تقرير هيئة مفوضي الدولة أوضح أن مصلحة الضرائب أوقفت العمل بالاتفاقية فور صدور القانون، مع أن الحقيقة غير ذلك لأن العمل ظل سارياً بها طوال السنوات من سنة 1981 حتى سنة 1985 وفي منتصف عام 1986 عمدت المصلحة إلى وقف العمل بالاتفاقية، وقد ساير الحكم المطعون فيه ما ذهب إليه تقرير هيئة المفوضين مما يجعله مجانياً للصواب إذا اعتمد في قضائه على معلومة غير صحيحة.
ثانياً: أن الحكم أوضح في أسبابه أن الاتفاقية - وهي تنظم كيفية محاسبة الصيدليات ضرائبياً - تتعارض مع القانون الجديد للضرائب ولم يوضح الحكم وجه التعارض ولم يقم الدليل عليه.
ثالثاً: أن قانون العدالة الضريبية لم يستحدث حكماً من شأنه المساس بالاتفاقية فلم تضع الاتفاقية نسبة ربح محددة، أو ضريبة ثابتة على المبيعات بل هي وضعت تنظيماً لعملية التحصيل وفي حدود النسبة المقررة ولو كان ثمة تعارض بين الاتفاقية والقانون لما جاز تركها دون إلغاء أو تعديل طيلة خمسة أعوام لاحقة على صدور القانون. رابعاً: أن إدراج الأدوية ضمن مشتملات القرار رقم 166 لسنة 1982 بالقرار رقم 142 لسنة 1986 هو أمر غير وارد ولا مطلوب ومن ثم فإن صدور القرار الأخير بتحصيل النسبة المقررة على الأدوية ومستحضرات التجميل والمبيدات الحشرية تحت حساب الضريبة كان بقصد التوصل إلى وقف العمل بالاتفاقية واعتبارها ملغاة وتوصلاً إلى إخضاع الصيدليات للتنظيمات القديمة السابقة على إبرام الاتفاقية، وما يستتبعه ذلك من استخدام النموذج 18 ثم النموذج 19 ثم لجان الطعن مما يحمل الصيادلة أعباء جسام ظلوا يعانون منها حتى توصلوا للاتفاقية الملغاة، مما يجعل قرار وزير المالية رقم 142 لسنة 1986 لا سند له من القانون.
ومن حيث إنه - يلاحظ بادي ذي بدء - فإنه فيما يتمسك الطاعن بسلامة الاتفاقية المبرمة بين نقابة الصيادلة ومصلحة الضرائب والتي صدر بمضمونها القرار رقم 87 لسنة 1981 من نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية ووزير المالية، أن هذا لا يتعارض مع القانون رقم 157 لسنة 1981 فإن الحكم المطعون فيه ينتهي إلى أنه بصدور القانون المشار إليه، يصبح القرار رقم 87 لسنة 1981 ساقطاً في مجال التطبيق القانوني لتضمنه أحكاماً تم إلغاؤها بمقتضى القانون رقم 157 لسنة 1981.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الاتفاقية التي أبرمت بين النقابة العامة للصيادلة ووزارة المالية بشأن تحصيل الضرائب على الصيدليات الأهلية والتي بدأ سريانها في يناير 1979، وقرار نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية والمالية رقم 87 لسنة 1981 بقواعد تحديد صافي أرباح الصيدليات صدراً في ظل العمل بأحكام القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل، ويبين أن المادة 74 من القانون المشار إليه تنص في فقرتها الأخيرة المستبدلة بالقانون رقم 46 لسنة 1978 بشأن تحقيق العدالة الضريبية على أن: "لوزير المالية بقرار منه أن ينظم قواعد وإجراءات خاصة لمحاسبة بعض طوائف الممولين تتفق وطبيعة نشاطهم وكيفية طريقة تحصيلها". ويبين من النص المتقدم أن المشرع كان يمنح وزير المالية سلطة وضع قواعد وإجراءات خاصة لمحاسبة بعض طوائف الممولين على نحو يسمح بتقدير الضريبة على نشاطهم بنسب ثابتة، وإن يتم خصم تلك الضريبة عند المنبع كأسلوب يتبع في التقدير دون الأساليب الأخرى، وأنه من هذا المنطلق أعمل وزير المالية سلطته في إبرام الاتفاقية بين وزارة المالية والنقابة العامة للصيادلة، وتم إفراغ تلك الاتفاقية في قراره الذي أصدره رقم 87 لسنة 1981 والذي نص على أن يتم تحصيل جميع الضرائب المستحقة على الصيادلة عن طريق اتباع أسلوب الحجز عند المنبع، على النحو وبالكيفية التي تضمنها القرار المشار إليه.
ومن حيث إنه صدر القانون رقم 157 لسنة 1981 بإصدار قانون الضرائب على الدخل وقد ألغى العمل بالقانون رقم 14 لسنة 1939، وبالقانون رقم 46 لسنة 1978 بشأن تحقيق العدالة الضريبية فيما عدا المواد 25، 26/ 1، 29، 30، 31 منه وتبعاً لذلك فقد تم إلغاء النص الوارد بالمادة 74 من القانون رقم 14 لسنة 1939 والمستبدلة فقرتها الأخيرة بالقانون رقم 46 لسنة 1978 ونص القانون رقم 157 لسنة 1981 في المادة 52 منه على أنه "تحدد بقرار من وزير المالية السلع والمنتجات وأوجه النشاط والجهات وأنواع الإيجارات والحرف وغيرها مما يسري عليها نظام الخصم والإضافة والتحصيل لحساب الضريبة وكذلك المبلغ أو النسبة التي يجرى خصمها أو إضافتها أو تحصيلها بما يتفق مع طبيعة كل نشاط....".
وتنص المادة 53 منه على أنه "على الجهات المذكورة في المواد من (44) إلى (50) من هذا القانون توريد قيمة ما حصلته لحساب الضريبة المستحقة إلى مصلحة الضرائب... وعلى المصلحة أن ترد إلى الممول من تلقاء ذاتها المبالغ المحصلة طبقاً لنظام الخصم والإضافة والتحصيل تحت حساب الضريبة بالزيادة على الضريبة المستحقة من واقع إقراره المعتمد من محاسب...."
ومن حيث إنه يبين من النصين المشار إليهما أن القانون رقم 157 لسنة 1981 لم يعرف نظام تقدير الضريبة بنسبة ثابتة ونهائية فيما يتعلق بالضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، وأن سلطة وزير المالية - في هذا الخصوص وبعد نفاذ المشار إليه - أصبحت قاصرة على وضع قواعد للخصم والإضافة تحت حساب الضريبة التي يجرى خصمها أو إضافتها أو تحصيلها تحت تسوية هذا الحساب إلى أن تتم تسوية الضريبة بصفة نهائية، ومن ثم فإنه بصدور القانون رقم 157 لسنة 1981 فإن قرار وزير المالية رقم 87 لسنة 1981 يكون قد سقط في مجال التطبيق القانوني بعد أن أضحت أحكامه غير متفقة مع أحكام القانون رقم 157 لسنة 1981 بل ومخالفة لها، وبعد أن أصبح اختصاص وزير المالية يقصر عن إصدار مثل تلك القواعد التي تضمنها قراره المشار إليه سلفاً منذ سريان العمل بأحكام القانون المذكور ونزولاً على ما تقضي به المادة الثانية من مواد إصداره، ولا يغير من هذا النظر ما ساقه الطاعن من أن مصلحة الضرائب أعملت بنود الاتفاقية وكذا أحكام القرار رقم 87 لسنة 1981 لعدة سنوات تالية على صدور القانون رقم 157 لسنة 1981 مما يدلل من وجهة نظر الطاعن - على سلامة القواعد التي تضمنها القرار رقم 87 لسنة 1981، ذلك لأن ما قامت به مصلحة الضرائب من إعمال لأحكام القرار رقم 87 لسنة 1981 بعد سريان ونفاذ القانون الجديد رقم 157 لسنة 1981 هو ولا شك مخالف للقانون ولا يمكن أن ينهض مبرراً للقول بسلامة أحكام القرار المشار إليه فإذا كان ذلك وكان الثابت أن مصلحة الضرائب عادت إلى جادة الصواب وإلى إعمال صحيح حكم القانون بأن امتنعت عن تطبيق القواعد الواردة بالقرار رقم 87 لسنة 1981 وهو مثار دعوى الطاعن ومثار طعنه كذلك فإن الجهة الإدارية تكون قد راعت التطبيق القانوني الصحيح ويكون قرارها في هذا الشأن بمنأى عن الإلغاء وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه وبحق ومن ثم فإن النعي عليه يكون غير سديد.
ومن حيث إنه عن القرار رقم 142 لسنة 1986 الصادر من وزير المالية بإضافة بعض السلع إلى الجدول رقم 2 المرافق للقرار رقم 166 لسنة 1982 فإن القرار الأخير صدر من وزير المالية استناداً إلى نص المادة (52) من قانون الضرائب على الدخل رقم 157 لسنة 1981 وما تخوله لوزير المالية من أن يحدد بقرار منه السلع والمنتجات وأوجه النشاط مما يسري عليه نظام الخصم والإضافة والتحصيل لحساب الضريبة وكذلك النسبة التي يجرى خصمها أو إضافتها أو تحصيلها وهو ما يعني أن الضرائب التي يتم تحصيلها عن السلع المدرجة بذلك القرار لا تعتبر نهائية وإنما تظل تحت حساب تسوية الضريبة بصفة نهائية، ولما كان ذلك وكان القرار رقم 142 لسنة 1986 المطعون فيه - قد أضاف بعض الأدوية والمستحضرات الطبية وأدوات التجميل والمبيدات الحشرية وألبان الأطفال والسلع التي تبيعها الصيدليات إلى الجدول رقم 2 المرافق للقرار رقم 166 لسنة 1982 لتتم المحاسبة عليها ضريبياً على النحو الوارد بالقرار، وهو أمر يتمشى ويتفق مع أحكام القانون رقم 157 لسنة 1981 والتي تنص على أن وعاء الضريبة يتحدد على أساس صافي أرباح أصحاب المهن والمنشآت التجارية ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون متفقاً مع أحكام القانون، ولا وجه لما أورده الطاعن في طعنه من أنه كان من المتعين على وزير المالية أن يتم إدراج الدواء في الجدول المرافق للقرار الوزاري رقم 166 لسنة 1982 الذي أصدره عملاً بحكم المادة 52/ 1 من القانون رقم 157 لسنة 1981 في غضون ستة أشهر كما نصت على ذلك المادة الرابعة من مواد إصدار القانون، ذلك لأن الميعاد المنصوص عليه في المادة الرابعة فضلاً عن أنه يتعلق باللائحة التنفيذية للقانون فهو ميعاد تنظيمي قصد به حث الوزير المختص على إصدار ما يتعين عليه إصداره، وإذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى سلامة القرار المطعون فيه رقم 142 لسنة 1986 فإنه يكون صحيح ولا مطعن عليه.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 763 لسنة 3 ق جلسة 4 / 4 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 94 ص 1072

جلسة 4 من أبريل سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

---------------

(94)

القضية رقم 763 لسنة 3 القضائية

كادر العمال 

- الأصل أن تكون التسوية بحسب الوظيفة التي عين فيها العامل ممن يملك ذلك - تكليف الرئيس المحلي للعامل القيام بأعباء وظيفة أعلى - لا يكسبه حقاً في تسوية حالته على أساس تلك الوظيفة - مثال.

-----------------
يبين من استقراء قواعد كادر العمال والكتب الدورية المتعلقة بتطبيق أحكامه أن مجرد قيام العامل بأعمال وظيفة أعلى من وظيفته الأصلية لا يكفي في ذاته لتسوية حالته على أساس اعتباره في الدرجة وبالأجر المقررين لها في الكادر، وإنما تكون التسوية بحسب الوظيفة التي عين فيها العامل وفقاً لما هو ثابت في القرار الإداري الصادر بترقيته إليها. والأصل أن من يملك إنشاء المركز القانوني هو وحده الذي يملك تعديله أو إنهاءه، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. ولكي يحدث القرار الصادر بالترقية أثره في وضع العامل يتعين أن يكون صادراً ممن يملك شرعاً إصداره، وهو رئيس المصلحة المختص بذلك دون غيره، وليس هو المهندس المحلي أو رئيس العمل المقيم في منطقة العمل. ولا خلاف بين المدعي ومصلحة المجاري على أن قراراً بترقية المدعي إلى درجة أوسطى لم يصدر في شأنه من رئيس المصلحة؛ ومن ثم يكون مجرد تكليف المدعي من قبل المهندس المقيم، بما له من سلطة توزيع الأعمال محلياً بين العمال ومرءوسيه، لا يمكن أن يقوم سنداً قانونياً للقضاء بالتسوية المحكوم بها، فإذا لوحظ أنه يشترط لتسوية حالة العامل على أساس وظيفة أوسطى أو ملاحظ أن يكون قد شغل إحدى وظائف الأسطوات أو الملاحظين المنصوص عليها على سبيل الحصر في كادر العمال على الوجه المتقدم، وكانت الوظيفة التي يعتمد عليها المدعي كسبب للتسوية المطالب بها لم ترد ضمن تلك الوظائف، فإن الحكم المطعون فيه - وقد قام على أساس ما يزعمه المدعي دون أن يكون له سند من الواقع ولا من أحكام كادر العمال - يكون قد وقع مخالفاً للقانون.


إجراءات الطعن

في 22 من مايو سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 763 لسنة 3 قضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بجلسة 23 من مارس سنة 1957 في الدعوى رقم 305 لسنة 2 القضائية المقامة من أحمد عبد الحليم ضد وزارة الشئون البلدية والقروية (مصلحة المجاري)، والذي يقضى "بأحقية المدعي في تسوية حالته في درجة أوسطى في الفئة (340/ 500 م) المعدلة إلى (360/ 800 م) بعلاوة قدرها 40 م كل سنتين - درجة موحدة - اعتباراً من تاريخ ترقيته إليها في 11 من أغسطس سنة 1937، وما يترتب على ذلك من آثار، وبصرف الفروق المالية اعتباراً من 12 من سبتمبر سنة 1949، وألزمت الوزارة المدعي عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، وإلزام رافعها بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الشئون البلدية والقروية في 2 من يوليه سنة 1957، وإلى المطعون عليه في 3 من أغسطس سنة 1957، عين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 21 من مايو سنة 1958، وقد انقضت المواعيد القانونية دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته. وفي 18 من مارس سنة 1958 أعلن الطرفان بميعاد الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 305 لسنة 2 قضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بصحيفة أودعها سكرتارية تلك المحكمة في 3 من مارس سنة 1955 ذكر فيها أنه عين بوظيفة ميكانيكي في أول أغسطس سنة 1927 بقسم الروافع التابع لمصلحة المجارى الرئيسية بأجر يومي قدره 80 م، وأنه رقي إلى درجة أوسطى في 11/ 8/ 1937، وأنه عند صدور كادر العمال سويت حالته، فوضع في درجة الدقة الممتازة اعتباراً من أول مايو سنة 1945، ومنح أجراً يومياً قدره 300 م خفض إلى 264 م بعد خصم الـ 12%، ثم تدرج أجره على هذا الأساس بالعلاوات الدورية، ثم رفع إلى درجة صانع ممتاز، ومنح علاوة الترقية وقدرها 40 م بلغ بها أجره 440 م وقت رفع الدعوى في مارس سنة 1955. وأنه لما كانت قواعد الكادر تقضي بأن يوضع الميكانيكي في الدرجة (300/ 400 م) من بدء التعيين، وأن يرقى إلى درجة الدقة الممتازة ترقية وجوبية بعد ست سنوات في الفئة (360/ 700 م) فإنه طبقاً لذلك يكون أجره في أول مايو سنة 1945 هو 425 م بعد خصم الـ 12%. وأورد المدعي تسوية حالته وفقاً لذلك الأجر، وطلب الحكم بأحقيته في إعادة تسوية حالته طبقاً لكادر العمال من تاريخ تعيينه في أول أغسطس سنة 1927، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، مع إلزام الوزارة بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ثم قام المدعي في 4 من يوليه سنة 1955 مذكرة قال فيها إن المصلحة - عندما سوت حالته بعد صدور الكادر - لم تلتزم بالنسبة إليه أي قاعدة من قواعد هذا الكادر، فلا هي عاملته على أساس الوظيفة التي رقى إليها اعتباراً من 11 من أغسطس سنة 1937، وهى وظيفة أوسطى، ولا هي عاملته على أساس الوظيفة التي عين بها أصلاً، وهى وظيفة ميكانيكي جكاتر (ماكينات الروافع), كما يستفاد من لفظ (م. جكاتر)، وكان يجب أن يعتبر في درجة صانع دقيق (300/ 500 م) من تاريخ تعيينه في سنة 1927 بأجره أولية هي 300 م تزاد بالعلاوات الدورية، مع ترقيته إلى درجة الدقة الممتازة (360/ 700 م) بعد ست سنوات، أو تسوى حالته باعتباره أوسطى من 11 من أغسطس سنة 1937، تاريخ ترقيته إليها، طبقاً لنص الفقرة السادسة من البند الأول من الكادر. وانتهى المدعي إلى طلب الحكم أصلياً بأحقيته في تسوية حالته طبقاً للكادر من تاريخ شغله لوظيفة أوسطى، واحتياطياً تسوية حالته على الأساس المبين بعريضة الدعوى، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل الأتعاب. وقد ردت الوزارة على الدعوى بكتابها المؤرخ 10 من يوليه سنة 1955 بأن المدعي عين بالمصلحة اعتباراً من أول أغسطس سنة 1927 بمهنة مساعد جكاتر بيومية قدره 80 م، وظل يعمل بها أن صدر كادر العمال سنة 1945 فطبق عليه بمنحه الدرجة (120/ 240 م) من بدء الخدمة، ثم رقة للدرجة (200/ 360 م) في أول مايو سنة 1940، ثم للدرجة (240/ 400 م) في أول مايو سنة 1952 حيث وصلت يوميته في هذا التاريخ 380 م، وأنه في أول يوليه سنة 1953 أعيد تطبيق كادر العمال عليه بوضعه بالدرجة (120/ 240 م) من بدء الخدمة، ثم ترقيته لمساعد صانع في أول مايو سنة 1934، ثم للدرجة (300/ 500 م) في أول مايو سنة 1939؛ ومن ثم تدرجت علاواته إلى أن وصلت يوميته في أول مايو سنة 1953 مبلغ 440 م. وقالت بلدية القاهرة إن قول المدعي بأنه عين سنة 1927 بمهنة ميكانيكي غير صحيح، فهو لم يعين أبداً بهذه المهنة (ص 1 ملف خدمته)، بل عين مساعد جكاتر، وهذه المهنة تعادل تماماً مهنة عامل عادي وفقاً للخطاب الرسمي المقدم من أحد أعضاء اللجنة الفنية بالمصلحة، وهو مودع بملف المعافاة، أما ما يقول به المدعي من أنه رقي إلى درجة أوسطى في 11 من أغسطس سنة 1937 فهذا أيضاً غير صحيح، وهذا اللفظ كان قد أطلق عليه تجاوزاً من السيد المهندس المحلي للمحطة التي كان تابعاً لها المدعي يومذاك، ولم توافق المصلحة على ذلك في حينه (ص 1/ 18، ص 2/ 18 من ملف الخدمة) وفضلاً عن هذا فإن المدعي لم يرق إطلاقاً لدرجة ممتاز. وانتهت بلدية القاهرة إلى طلب الحكم برفض الدعوى. ثم عقبت الوزارة على مذكرات المدعي بقولها إنه في أول يوليه سنة 1943 - عند تنفيذ كادر وزارة الأشغال - قررت اللجنة الفنية بالمصلحة تسوية حالة المدعي في الدرجة (100/ 160 م) بمهنة غطاس من بدء تعيينه. وإنه عند تطبيق كادر العمال سنة 1945 لم تجد اللجنة الفنية بالمصلحة مهنة المدعي، وهى مساعد جكاتر، في الكشوف الملحقة بالكادر، فقررت أن هذه المهنة تعادل مهنة عامل عادي، وسوت حالته على هذا الأساس، وأنه في أول يوليه سنة 1953 أعيدت تسوية حالته طبقاً للبند الثامن من الكادر، فوضع في الدرجة (120/ 240 م) من بدء التعيين، ثم في الدرجة (150/ 300 م) مساعد صانع في أول مايو سنة 1934، ثم في الدرجة (240/ 400 م) من أول مايو سنة 1939، ثم في الدرجة (360/ 700 م) من أول مايو سنة 1956، حتى وصل أجره الحالي 480 م بعد الـ 12%. وذكرت الوزارة أنه لم يصدر قرار مصلحي معتمد من المدير العام بترقية المدعي لدرجة (أوسطى)، وأن جميع أوسطوات فرق المجاري في الفئة (160/ 300 م) ريس عمال؛ لأن أعمال هذه الفرق تنحصر في تسليك مواسير المجارى الرئيسية بالطريق العام، وتتكون هذه الفرق من بضعة عمال لا تزيد على خمسة أو سبعة، وذلك على عكس عمل الأوسطى الفعلي، وهو رياسة ورشات صناعية فنية مثل الحدادة والنجارة والميكانيكا، ولا يقل عدد عمالها عن عشرين عاملاً، وأنه لا يجوز مطلقاً ترقية العامل العادي المعين في أول أغسطس سنة 1927 - كالمدعي - إلى درجة أوسطى (360/ 800 م) بعد مضي 11 عاماً متخطياً خمس درجات تفصل بينهما. واستطردت الوزارة تقول إن هناك عمالاً كانوا يتقاضون في تاريخ تعيين المدعي أجراً كأجره أو ما يقاربه، وإن الخطابات المتبادلة بين وزارة الصحة ومصلحة المجاري دليل لها وليس عليها؛ لأنها اعتبرت عامل الانجتكر في وضع يقل درجة الميكانيكي لأن عمله يتصل بالميكانيكي وليس ميكانيكاً. وانتهت الوزارة إلى طلب رفض الدعوى، واحتياطياً دفعت بالتقادم الخمسي. وبجلسة 23 من مارس سنة 1957 حكمت المحكمة الإدارية "بأحقية المدعي في تسوية حالته في درجة أوسطى في الفئة (340/ 500 م) المعدلة إلى (360/ 800 م) بعلاوة قدرها 40 م كل سنتين - درجة موحدة - اعتباراً من تاريخ ترقيته إليها في 11 من أغسطس سنة 1937، وما يترتب على ذلك من آثار، وبصرف الفروق المالية اعتباراً من 13 من سبتمبر سنة 1949، وألزمت الوزارة المدعي عليها بالمصروفات ومائتي قرش مقابل الأتعاب". وأسست المحكمة قضاءها على أن الثابت بملف خدمة المدعي أنه عين في أول أغسطس سنة 1927 مساعد جكاتر روافع تحت الاختبار بيومية قدرها 80 م لمدة شهر، وقد طلب تعيينه من العموم إن كان يصلح (ص 1 من الملف)، وأنه في 10 من سبتمبر سنة 1935 تقدم بطلب لرئيس قسم الروافع لزيادة مرتبه، فأشر عليه المهندس المحلي (برجاء التكرم بالتوصية على هذا العامل لرفع الخصم منه وزيادة مرتبه إن أمكن؛ حيث إنه قائم بعمل أوسطى احتياطي بكفاءة ونشاط)، وباستطلاع رأي المستخدمين في 19 من أكتوبر سنة 1935 أفادت بأنه عومل كباقي العمال وكان يتقاضى 80 م فصارت 75 م، والأمر كما يتراءى لحضرة المحترم المهندس المحلي (ص 14 من الملف)، وقد أشر المهندس المحلي في 11 من أغسطس سنة 1937 على طلب المدعي المؤرخ 18 من يوليه سنة 1937 بأنه لا مانع من تغيير مهنته إلى أوسطى روافع (ص 18/ 1، 18/ 2 من الملف)، وأنه في 14 من يونيه سنة 1938 تقدم المدعي وزملاؤه يطلبون زيادة أجورهم فأشر على طلبهم رئيس قسم الروافع الهوائية للمهندس المحلي بأنهم أمضوا مدة طويلة بدون أية علاوة تشجعهم على الاستمرار في عملهم المرهق (ص 20 من الملف)، ثم تقدموا بطلبين آخرين في 9/ 6/ 1941 و1/ 5/ 1942 (ص40/ 1، 49/ 1 من الملف)، وقد عملت مذكرة عن الطلب الأول جاء فيها أن المدعي عين بقسم الروافع الهوائية في 1/ 8/ 1927 (مساعد جكاتر) بيومية قدرها 80 م، وأنه رقي إلى وظيفة أوسطى في 11 من أغسطس سنة 1937، ومنح 85 م (ص40/ 2 من الملف)، كما أن ملف خدمته مفعم بالأوراق الدالة على إنه رقى إلى وظيفة أوسطى (ص 19/ 6، ص20، 40/ 1، ص 49/ 1، ص 50/ 2)، كما جاء في الصفحة 7/ 1 من الملف أنه كان رئيساً لفرقة ثالثة روافع وقائم بعملها فعلاً مدة سنة مما يقتضي تعيينه فيها ومنحه درجة أوسطى. ثم استطردت المحكمة الإدارية قائلة إنه يتضح مما سلف أن المهندس المحلي هو الرئيس المباشر للقسم الذي يتبعه المدعي وعلى دراية بحاجته من العمال، وبحالة هؤلاء العمال وكفايتهم وأحقية من يستحق الترقية منهم، وأنه بهذه الصفة كان يدخل في اختصاصه إجراء ترقية عماله الذين يستحقون الترقية، وقد ترك له قسم المستخدمين الأمر كما يتراءى له، فأمر بترقية المدعي إلى درجة أوسطى في 11 من أغسطس سنة 1937، أي قبل صدور كادر العمال، وظل المدعي يشغل هذه المهنة حتى صدر ونفذ الكادر في أول مايو سنة 1945؛ فلا محل لما تعترض به الوزارة من أن المدعي لم يصدر قرار مصلحي معتمد من المدير العام بترقيته إلى درجة أوسطى، ومن أنه لا يجوز مطلقاً ترقية العامل العادي المعين سنة 1927 - كالمدعي - إلى درجة أوسطى (360/ 800 م) بعد مضي 11 عاماً متخطياً خمس درجات تفصل بينهما - لا محل لذلك؛ لأن تلك الترقية صدرت ممن تدخل في اختصاصه قبل صدور كادر العمال، كما أنها حدثت قبل ذلك الكادر، فلا معنى لتحديدها وتقييدها بأوضاعه وفئاته ومدده في الوقت الذي صدرت فيه هذه الترقية قبل صدوره بثماني سنوات، ولما كانت القاعدة العامة في تسوية حالة العمال الذين كانوا موجودين في الخدمة في أول مايو سنة 1945 - تاريخ نفاذ الكادر - هي أن تسوي حالتهم بأثر رجعي من تاريخ شغلهم الوظائف التي كانوا قائمين بأعمالها فعلاً في التاريخ المذكور إذا قامت بهم شروط الكادر فإن مقتضى هذا الأثر أن تجري تسوية حالاتهم عن الماضي على أسس افتراضية محضة دون توقف على وجود درجات خالية أو ارتباطات باعتمادات مالية مقررة أو تقيد بنسب معينة فيما يتعلق بكل فئة من فئات الصناع والعمال؛ فمن ثم يتعين تسوية حالة المدعي باعتباره في مهنة أوسطى في أول مايو سنة 1945 اعتباراً من 11 أغسطس سنة 1937 على أساس أن أجره في ذلك الحين 340 م في الدرجة (340/ 500 م) ويتدرج على هذا الأساس، على أن لا تصرف الفروق المالية المترتبة على هذه التسوية إلا اعتباراً من 12/ 9/ 1949؛ لأن الفروق السابقة على هذا التاريخ قد سقطت بالتقادم الخمسي، لأن المدعي - إذ قدم طلبه بزياد أجره في أول مايو 1942 - لم يحرك ساكناً بعد ذلك، حتى تقدم بطلب المعافاة في 12 من سبتمبر سنة 1954؛ وكان مصير هذا الطلب قراراً برفضه. وفي 22 من مايو سنة 1957 طعن السيد رئيس هيئة المفوضين في الحكم المذكور تأسيساً على أنه اعتبر المدعي في 11 من أغسطس سنة 1937 معيناً في درجة أوسطى؛ لأنه كان يقوم بأعمال هذه الوظيفة في التاريخ المذكور، وهو أساس غير سليم من القانون، ويتعين من أجل ذلك القضاء بإلغاء الحكم، ورفض الدعوى.
ومن حيث إنه يبين من استقراء قواعد كادر العمال والكتب الدورية المتعلقة بتطبيق أحكامه أن مجرد قيام العامل بأعمال وظيفة أعلى من وظيفته الأصلية لا يكفي في ذاته لتسوية حالته على أساس اعتباره في الدرجة وبالأجر المقررين لها في الكادر، وإنما تكون التسوية بحسب الوظيفة التي عين فيها العامل، وفقاً لما هو ثابت في القرار الإداري الصادر بترقيته إليها. والأصل أن من يملك إنشاء المركز القانوني هو وحده الذي يملك تعديله أو إنهاءه، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. ولكي يحدث القرار الصادر بالترقية أثره في وضع العامل يتعين أن يكون صادراً ممن يملك شرعاً إصداره وهو رئيس المصلحة المختص بذلك دون غيره، وليس هو المهندس المحلي أو رئيس العمل المقيم في منطقة العمل. ولا خلاف بين المدعي ومصلحة المجاري على أن قراراً بترقية المدعي إلى درجة أوسطى لم يصدر من رئيس المصلحة؛ ومن ثم يكون مجرد تكليف المدعي من قبل المهندس المقيم، بما له من سلطة توزيع الأعمال محلياً بين العمال ومرءوسيه، لا يمكن أن يقوم سنداً قانونياً للقضاء بالتسوية المحكوم فيها، فإذا لوحظ أنه يشترط لتسوية حالة العمال على أساس وظيفة أوسطى أو ملاحظ أن يكون قد شغل إحدى وظائف الأسطوات أو الملاحظين المنصوص عليها على سبيل الحصر في كادر العمال على الوجه المتقدم، ولما كانت الوظيفة التي يعتمد عليها المدعي كسبب للتسوية المطالب بها لم ترد ضمن تلك الوظائف، فإن الحكم المطعون فيه، وقد قام على أساس ما يزعمه المدعي دون أن يكون له سند من الواقع ولا من أحكام كادر العمال، يكون قد وقع مخالفاً للقانون؛ فيتعين إلغاؤه، والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 758 لسنة 3 ق جلسة 4 / 4 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 93 ص 1063

جلسة 4 من أبريل سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي ومحيي الدين حسن والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

----------------

(93)

القضية رقم 758 لسنة 3 القضائية

جزاء تأديبي 

- تضمن القرار التأديبي تحريم اشتغال المدعي مدرساً بمدارس البنات علاوة على الخصم من راتبه - لا يعد ذلك تعدداً للجزاء - أساس ذلك.

------------------
إذا تضمن القرار التأديبي تحريم اشتغال المدعي مدرساً بمدارس البنات، فإنه - فضلاً عن أن ذلك لا يتضمن نوعاً من الجزاء - لا يخرج عن أن يكون توجيهاً من مصدر القرار للجهة الإدارية المختصة بمراعاة ما ثبت من سلوك المدعي عند تقرير إجراء نقله مستقبلاً، وذلك تحقيقاً للمصلحة العامة التي تقتضي توافر السمعة الحسنة والسيرة الطيبة فيمن يولون وظائف التدريس عامة وبوجه خاص أمانة التدريس بمدارس البنات، وهو توجيه حميد، لا شك يدخل في نطاق السلطة التقديرية التي تنفرد بها الإدارة دون معقب عليها.


إجراءات الطعن

في 19 من مايو سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 758 لسنة 3 قضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والإرشاد القومي بجلسة 21 من مارس سنة 1957 في الدعوى رقم 4116 لسنة 2 قضائية المقامة من سالم علي عثمان ضد وزارة التربية والتعليم، والذي يقضى "بعدم قبول الدعوى". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى المحكمة الإدارية المختصة للفصل فيها". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة التربية والتعليم في 3 من يونيه سنة 1957، وإلى الخصم في 5 منه، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 4 من يناير سنة 1958، وقد انقضت المواعيد القانونية دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته. وفي 22 من نوفمبر سنة 1957 أعلن الطرفان بميعاد الجلسة، وفيها تقرر التأجيل لجلسة 22 من مارس سنة 1958، ثم لجلسة 24 من مايو سنة 1958، حيث قام المطعون لصالحه بأداء الرسوم القضائية المقررة عن الدعوى، فأمرت المحكمة بضم محاضر تحقيق جريمة هتك العرض رقم 694 إداري قسم أول المنصورة. وفي 16 من أبريل سنة 1958 أفادت نيابة المنصورة بأن قضية الجنحة رقم 2581 قسم أول سنة 1950 وكذلك الشكوى رقم 694 إداري سنة 1950 قد استغنى عنهما لمضي المدة المقررة لحفظهما. وبجلسة 21 من فبراير سنة 1959 سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون لصالحه أقام دعواه بتظلم أودعه سكرتارية اللجنة القضائية المختصة في 14 من مارس سنة 1954 قام فيه إنه في 3 من مارس سنة 1954 أخطر بقرار عقاب ينص على "خصم عشر يوماً، مع ملاحظة منعه من العمل بمدارس البنات"، وذلك بناء على الشكوى المقدمة ضده من السيدة......... من أهالي المنصورة، إذ أبلغت سنة 1950 نقطة بوليس قسم أول بأنه ضربها وأحدث بها إصابات، فقيد المحضر برقم 2581 لسنة 1950، وقدمت القضية إلى المحكمة فقضت فيها ببراءته. أما عن شكوى ابنتها، والتي كانت محل تحقيق معه بشأنها قام به مفتش التحقيقات بوزارة المعارف، فقد سبق أن حققت فيها معه بشأنها نيابة بندر المنصورة وقيدت برقم 2694 لسنة 1950 إداري قسم أول المنصورة، ولم تر النيابة في ذلك البلاغ أي دليل ضده من أقوال الشاكية وابنتها ولا من التقرير الطبي الشرعي. وخلصت النيابة العمومية إلى أن الشكوى كيدية، وأن واقعة الادعاء بهتك عرض ابنة الشاكية كانت لاحقة لتاريخ التبليغ عن واقعة ضرب السيدة الوالدة الشاكية، وقامت النيابة بحفظ البلاغ إدارياً، ولم تطلب النيابة من الجهة الإدارية توقيع أي جزاء على المتظلم. ثم قال إنه ما كان يستحق أن يسأل تأديبياً؛ لأنه لم يحول إلى مجلس تأديب للدفاع عن نفسه بعد أن قال القضاء كلمته، فضلاً عن أن موضوع الشكوى من ضرب وهتك عرض لا مساس له بأعمال وظيفته التي كان يشغلها عند تقديم الشكويين المذكورتين؛ إذ كانت وظيفته "كاتب بمدرسة المنصورة الصناعية الثانوية"، وهى وظيفة في الكادر المتوسط. وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بإلغاء القرار التأديبي الصادر ضده بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه، مع مراعاة منعه من العمل بمدارس البنات مستقبلاً. وقد أرسل هذا التظلم إلى وزارة المعارف في 15 من مارس سنة 1954، فلم ترد الوزارة عليه، وقد أحيل التظلم إلى المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم إثر صدور القانون رقم 147 لسنة 1954 الذي سرى مفعوله من 20 من مارس سنة 1954. وفي 6 من سبتمبر سنة 1954 ردت وزارة التربية والتعليم على هذا التظلم بمذكرة جاء فيها أنه في الثالث من ديسمبر سنة 1950 قدمت السيدة... شكوى ضد المتظلم الذي كان يعمل كاتباً بمدرسة المنصورة الصناعية نسبت إليه فيها أنه منذ ثمانية أشهر سكن في منزل مجاور لمنزلها، ثم تقدم لخطبة ابنتها وقدم لها خاتم الشبكة، وأخذ يتردد على منزلها، ووعد بإتمام الزواج بعد نجاحه في امتحان دبلوم الدراسات التجارية التكميلية. وقالت إن المتظلم حضر يوماً إلى منزلها بينما كانت الأم الشاكية غائبة عن المنزل، فاستدرج ابنتها إلى منزله؛ حيث كان يقيم وحده، وكلفها بعمل شاي، وبعد أن وضع مادة مخدرة في كوب الفتاة اعتدى عليها سالباً أعز ما تملك، فلما أفاقت الفتاة وعدها بالزواج وحذرها من إفشاء سر الجريمة، ولكنه لم يثبت أن أعلن اقترانه بغيرها تاركاً محل سكنه إلى محل آخر، فلم تجد الفتاة بداً من أن تشكو الأمر إلى أمها التي أبلغت النيابة العامة بالحادث. وجاء في تقرير الطبيب الشرعي أن الفتاة قد أزيلت بالفعل بكارتها، وأنه قد تكرر استعمالها، وليس بها آثار عنف أو مقاومة، ويتعذر تحديد آخر استعمال لها، وأن سنها يبلغ 19 سنة. وانتهت النيابة العمومية إلى حفظ الشكوى إدارياً؛ على اعتبار أن ليس في الأمر جريمة يعاقب عليها القانون، وأن الواقعة مجرد إدعاء بحصول مواقعة بغير رضاء. وتقول الوزارة إن مراقبة التحقيقات بها قد أجرت تحقيقاً إدارياً في الموضوع بناء على شكوى السيدة والدة الفتاة، وقد أسفر التحقيق الإداري عن وقائع جديدة لا تشرف الموظف المتظلم: من ذلك أن الفتاة المجني عليها قدمت للمحقق صورة للمدعي مع بعض خطابات شخصية له، وبمواجهته بذلك قرر أن الأم الشاكية سرقت منه الصورة والأوراق. وبالاطلاع على ملف قضية الضرب المنوه عنها في أقوال المدعي تبين أن النيابة العمومية قد رفعت الدعوى ضد والدة الفتاة وضد المدعي؛ لأنهما في 2 من سبتمبر سنة 1950 تضاربا في الطريق العام وأحدث كل منهما بالآخر الإصابة الموضحة بتقرير الطبيب الشرعي والتي أعجزت المتهمة الأولى عن أداء أعمالها الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوماً، وطلبت النيابة تطبيق المادة 241 فقرة أولى من قانون العقوبات وحكمت المحكمة بجلسة 8 من أبريل سنة 1952 ببراءة المتهمين. فاستأنفت النيابة الحكم، وقضت المحكمة بجلسة 11 من مارس سنة 1953 بعدم جواز الاستئناف من النيابة العمومية لرفعه عن حكم غير قابل له. وقالت وزارة التربية والتعليم إنه على الرغم من أن قرار الحفظ الصادر من النيابة العمومية في جريمة هتك العرض يقوم على أن ليس في الأمر جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات؛ لأن الواقعة مجرد إدعاء بحصول مواقعة بغير رضاء المجني عليها، فإن الأمر لا ينفى بتاتاً حصول مواقعة برضاء الفتاة. أما من الناحية الإدارية فإن الأمر مختلف عنه في مجال تطبيق قانون العقوبات، وتقضي القواعد والروابط التي تربط الموظف بالدولة أنه يتعين عليه - سواء في نطاق أعمال وظيفته أو خارجها ومهما كانت وظيفته - أن يكون متحلياً بالشرف والاستقامة، حسن السير والسلوك، فإذا صدر منه ما يخالف هذه الصفات وجب النظر في أمره وتأديبه. وتأسيساً على تحقيقات النيابة العمومية والتحقيقات الإدارية مع المدعي قد وافق السيد وكيل الوزارة في 13 من نوفمبر سنة 1953 على مجازاة الموظف المتظلم بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه ومنعه من العمل بمدارس البنات. وتقول الوزارة إنها قد راعت مع المتظلم الرأفة به، لأنه قد سلك في عمله سلك التربية والتعليم بعد أن كان كاتباً في الكادر الكتابي. وقد صدر الإذن بتنفيذ هذا الجزاء الإداري في 4 من مارس سنة 1954. وفي 10 من مارس سنة 1954 تظلم المدعي فرفضت الوزارة تظلمه. وانتهت إلى طلب الحكم برفض الدعوى؛ لأن الجزاء الموقع عليه قد صدر بناء على تحقيقين وافيين: أحدهما قامت به النيابة العمومية، والثاني تولته مراقبة التحقيقات بالوزارة، وفي كل منهما سمعت أقوال المتظلم وحقق كل ما تقدم به من أوجه الدفاع، وأوراق التحقيق تنطق بإدانته فيما نسب إليه. وبجلسة 21 من مارس سنة 1957 أصدرت المحكمة الإدارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والإرشاد القومي حكمها في الدعوى، وهو يقضي "بعدم قبول الدعوى". وأسست قضاءها على أن الدعوى نشأت تظلماً أمام اللجنة القضائية، وطلب المتظلم إلغاء القرار الصادر بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه مع ملاحظة منعه من العمل بمدارس البنات، فتكون الدعوى في صورتها القانونية هي مطالبة بإلغاء قرار صادر من السلطة التأديبية. ولما كانت ولاية اللجان القضائية - كما رسمها المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 - ينحسر عنها الفصل في طلبات إلغاء القرارات التأديبية، واستحدث القانون رقم 165 لسنة 1955 هذه الولاية للمحاكم الإدارية للفصل في هذه الطلبات، ونص على إجراءات معينة لا بد من التزامها لرفع الدعوى، ولم يترسم المدعي هذه الإجراءات، ومنها أداء الرسوم القضائية، فتكون الدعوى - والحالة هذه - غير مقبولة شكلاً.
ومن حيث إن مبنى الطعن من السيد رئيس هيئة المفوضين يتلخص في أن القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة قد استحدث للمحاكم الإدارية ولاية الفصل في طلبات إلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية، ولم يتضمن القانون المذكور في هذا الشأن إجراءات يتعين التزامها سوى أداء الرسوم، والجزاء على مخالفة هذا الالتزام لا يكون الحكم بعدم قبول الدعوى، كما ذهبت إليه المحكمة الإدارية، وإنما يكون الجزاء بتقرير المحكمة استبعاد الدعوى من رول الجلسة حتى يقوم المدعي بسداد الرسوم المقررة.
ومن حيث إن المطعون لصالحه قد قام فعلاً في 25 من يناير سنة 1958 بأداء الرسوم القضائية المقررة أمام مجلس الدولة، مما يتعين معه إعادة القضية إلى جدول الجلسة للفصل في موضوعها.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق المتعلقة بالقرار الإداري المطعون فيه بالإلغاء أنه قد صدر في أعقاب تحقيق إداري واف قامت به مراقبة التحقيقات بوزارة التربية والتعليم إثر شكوى تقدمت بها السيدة... إلى السيد وزير المعارف في 3 من ديسمبر سنة 1950، واتهمت فيها المدعي بأنه استدرج ابنتها البالغة من العمر 19 سنة إلى منزله حيث اعتدى عليها اعتداء منكراً؛ وذلك كرهاً عنها، بعد أن ناولها مخدراً فقدت على أثره وعيها. وقد سمعت المراقبة في هذا التحقيق الإداري أقوال المدعي وواجهته بما هو منسوب إليه وأتاحت له فرصة الدفاع عن نفسه، ثم أعدت تقريراً مسهباً ضمنته خلاصة أقوال المدعي والشاكية وابنتها الفتاة المجني عليها، ثم بينت العناصر التي ارتأت فيها أركان الجريمة التي تستوجب المؤاخذة التأديبية، فقالت في تقريرها - بياناً لأسباب القرار المطعون فيه - "وإنه وإن كان ما أسند إلى المدعي من اعتداء خلقي على الفتاة المجني عليها والبالغة من العمر تسعة عشر عاماً منذ كان المدعي كاتباً بمدرسة المنصورة الصناعية قد تناولته بتحقيق انتهت إلى حفظه وقيدت الواقعة شكوى إدارية، إلا أن قرار الحفظ الصادر من النيابة قد استند إلى ما أثبته الطبيب الشرعي، من أن المجني عليها - وقد جاوزت سن الثامنة عشرة - قد تكرر استعمالها، ولم يكشف جسدها عن آثار مقاومة، ولم يتمكن الطبيب من التعرف على الموعد الذي تمت فيه مواقعتها لآخر مرة، وأن ما ادعته المجني عليها من أن الموظف المتهم قد واقعها على غير رضاها بعد أن دس لها مخدراً في مشروب أصابها بغيبوبة مكنت له منها - قول لا يمكن الاطمئنان إليه؛ بدليل عدم إبلاغها بالواقعة إثر وقوعها مباشرة رغم ما تدعيه من خطبتها له وترددها بعد ذلك على منزل المتهم وسماحها له بعد ذلك بمعاشرتها غير مرة؛ ومن ثم فقد انتهت النيابة إلى أن الأمر لا يتضمن جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات.
ومن حيث إنه ولئن كان قرار الحفظ الصادر من النيابة العمومية قد التزم في تطبيقه مقتضى أحكام قانون العقوبات، إلا أن الواقعة المنسوبة إلى المدعي، بما لابسها من قرائن وأدلة، أبرزها التحقيق الإداري والجنائي؛ فقد اتفقت رواية الشهود على أن المدعي كان قد خطب الفتاة الشاكية بحضورهم، ومنهم من سمع من الناس بأنه كان يعاشرها بعد الخطبة في منزله حيث كان يقيم وحيداً، وجاء في تقرير الطبيب الشرعي أن الفتاة قد أزيلت بكارتها وتكررت معاشرتها، وليس بها آثار عنف أو مقاومة، ويتعذر تحديد آخر معاشرة لها، وأن سنها 19 سنة وجاء في أقوال المجني عليها أن المدعي اصطحبها إلى طبيب عينت اسمه في التحقيق، وقالت بأنه أجرى إجهاضها، وقدمت الفتاة المجني عليها للتحقيق الإداري صورة المتهم وبعضاً من أوراقه الشخصية، وأجمعت أقوال الشهود على أن المدعي والسيدة الشاكية وابنتها المجني عليها كانوا مختلطين اختلاطاً عائلياً، فلا يقبل من المدعي القول بأنه لا يعرف الفتاة، مع تسليمه بأن أمها كانت تخدمه عاماً كاملاً، وقال في سبيل تجريح أقوال الشهود بأنهم أزواج أخوات الفتاة المجني عليها، كل أولئك يرجح ما انتهى إليه التحقيق الإداري من أن المدعي غرر بالفتاة المجني عليها على نحو لا يتفق وما يرتجي من موظف مثله من التحلي بالخلق القويم والبعد عما يسئ إلى سمعته ومقتضيات وظيفته؛ مستغلاً في ذلك حاجتها وتردد أمها على منزله للقيام بخدمته، فأغرى الفتاة ومناها بالزواج، ثم أخلف وعده وعقد زواجه بغيرها. وإذ استبان موقف المدعي على هذا النحو فقد استحق مساءلته تأديبياً مع تحريم نقله إلى مدارس البنات.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه قد جاء مستنداً إلى أسباب استخلصت استخلاصاً سائغاً من الواقع التي انطوى عليها تحقيق مفضل سمعت فيه أقوال المدعي وحقق فيه دفاعه، وأنه - إذ قضى بمعاقبة المدعي بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه - فقد قامت مساءلته الإدارية تأسيساً على وقائع ثابتة لا أقل من أنها تكفي لوصمه بالسلوك المعيب وانحرافه عما يجب أن يتحلى به كل موظف من استقامة الخلق وحسن السيرة، خاصة وأنه موظف بوزارة التربية والتعليم، فكان عليه أن يتقي مواطن الشبهات وينأى بنفسه عما يمس كرامة الوظيفة والحط من قدرها وفقدان الثقة العامة فيمن يشغلها، فكل موظف يخرج على مقتضيات وظيفته أو يخل بكرامتها أو لا يستقيم مع ما تفرضه عليه من تعفف واستقامة وبعد عن مواطن الريب إنما يرتكب ذنباً إدارياً هو سبب القرار يسوغ تأديبه، فتتجه إدارة الإدارة إلى إحداث أثر قانوني في حقه هو توقيع جزاء عليه بحسب الشكل والأوضاع المقررة قانوناً وفي حدود النصاب المقرر. وقد ثبت من أوراق التحقيقات أن حفظ البلاغ المقدم إلى النيابة العامة ضد المدعي لم يستند إلى عدم صحة الوقائع المنسوبة إليه أو عدم الجناية، وإنما بني على الشك وانتفاء ركن الإكراه في جريمة هتك العرض وعدم كفاية الأدلة لإقامة الدعوى الجنائية، وهذا لا يرفع الشبهة عنه نهائياً، ولا يحول دون محاكمته تأديبياً وإدانة سلوكه الإداري. وقد صدر القرار المطعون فيه من الرئيس المختص بتوقيع الجزاء على المدعي وفي حدود النصاب المشروع؛ ومن ثم فإنه قرار سليم يتفق وأحكام القانون، ولا وجه للطعن عليه. أما عن الشق الأخير من القرار التأديبي، وهو الخاص بتحريم اشتغال المدعي مدرساً بمدارس البنات، فإنه فضلاً عن أنه لا يتضمن نوعاً من الجزاء فإنه لا يخرج عن أن يكون توجيهاً من مصدر القرار للجهة الإدارية المختصة بمراعاة ما ثبت من سلوك المدعي عند تقرير إجراء نقله مستقبلاً، وذلك تحقيقاً للمصلحة العامة التي تقتضي توافر السمعة الحسنة والسيرة الطيبة فيمن يولون وظائف التدريس عامة، وبوجه خاص أمانة التدريس بمدارس البنات، وهو توجيه حميد، لا شك، يدخل في نطاق السلطة التقديرية، التي تنفرد بها الإدارة دون معقب عليها.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون القرار المطعون فيه قد جاء مطابقاً للقانون وتكون الدعوى بطلب إلغائه وما يترتب عليه من آثار فاقدة الأساس، ويتعين القضاء برفضها، وإلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى، وبرفضها موضوعاً، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 757 لسنة 4 ق جلسة 28 / 3 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 92 ص 1053

جلسة 28 من مارس سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني ومحيي الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

----------------

(92)

القضية رقم 757 لسنة 4 القضائية

موظف 

- إجازة القانون رقم 256 لسنة 1956 التعيين فيما لا يجاوز نصف خلوات الدرجة السادسة الإدارية بمصلحة الجمارك بالنقل من الدرجة السادسة الكتابية بالمصلحة المذكورة - عدم استصحاب الموظف المنقول بالتطبيق لأحكامه أقدميته في الكادر الأدنى - حجة ذلك.

-----------
إن القانون رقم 256 لسنة 1956، وإن أجاز - استثناء من أحكام المادتين 11 و15 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - التعيين فيما لا يجاوز نصف خلوات الدرجة السادسة الإدارية بمصلحة الجمارك بالنقل من الدرجة السادسة الكتابية بالمصلحة المذكورة، بشرط ألا نقل مؤهلات المنقولين عن الشهادات المتوسطة، وأن يكون التقريران الأخيران بدرجة امتياز أو ما لا يقل عن 80%، وأن يكونوا قد جاوزوا بنجاح امتحان المعهد الثقافي الجمركي الملحق بالمصلحة، وأن تكون ترقية ذوي المؤهلات المتوسطة منهم من الدرجة الرابعة الإدارية إلى الدرجة الثالثة الإدارية في حدود النسب المقررة بمقتضى أحكام المادة 41 من القانون السالف الذكر - لئن أجاز القانون المذكور النقل على هذا الوجه بالقيود والشروط سالفة الذكر، إلا أنه لا يتضح منه - سواء من نصوصه أو من مذكرته الإيضاحية - أنه قصد أن يستصحب الموظف المنقول من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى أقدميته في الكادر الأدنى؛ فلا مناص - والحالة هذه - من الرجوع إلى الأصل، وهو الفصل بين الكادرين؛ فتعتبر أقدمية الموظف المذكور بين أقر أنه في الكادر الأعلى من تاريخ نقله إلى هذا الكادر الأخير؛ تقطع في ذلك الحكمة التشريعية التي قام عليها القانون المذكور في ضوء مذكرته الإيضاحية؛ إذ يظهر منها أن مصلحة الجمارك أبدت "أنه يتعذر عليها من الناحية العملية أو الواقعية تقسيم وظائفها إلى إداري بحت أو فني بحت، وطلبت إعادة النظر في هذا التقسيم في الوظائف وكذلك استثناءها من أحكام المادتين 11 و15 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه فيما يختص بقصر التعيين في الدرجة السادسة الإدارية على حملة المؤهلات العالية؛ حيث إن هذا لا يتفق مع صالح العمل ولا مع الأسس التي بني عليها نظام العمل بها؛ لأن أعمال الجمارك غالباً ما تتطلب من القائمين بها نوعاً من التخصص يكتسب بالمران والخبرة مع الإلمام بالإجراءات والمعلومات والأنظمة الجمركية والتدرج في مختلف درجات الوظائف دون التقيد بمؤهل دراسي عال معين....". وواضح من ذلك أن الغاية من هذا القانون هي التيسير على المصلحة في شغل هذه الوظائف بطريق النقل من الكادر الأدنى في الحدود وبالقيود والشروط السالفة الذكر، بدون حاجة إلى حصول الموظف المنقول على المؤهل العالي الذي يتطلبه القانون في الأصل للتعيين في هذه الوظائف؛ إذ استعيض عن ذلك بالنجاح في امتحان المعهد الثقافي الجمركي إلى جانب الشروط الأخرى التي تثبت امتيازه، ولكن لا يظهر مما تقدم أن القانون المشار إليه يسمح بأن يستصحب الموظف المنقول أقدميته في الكادر الأدنى عند نقله إلى الكادر الأعلى، بل على العكس من ذلك فإن تقييده الترقية من الدرجة الرابعة الإدارية إلى الدرجة الثالثة الإدارية في حدود النسب المقررة بمقتضى أحكام المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تدل على أن هذا النقل الاستثنائي لا يهدف إلى أبعد مما تقدم، وأن الشارع إنما يقيسه على النقل بالتطبيق للمادة 41 المشار إليها.


إجراءات الطعن

في يوم 21 من يوليه سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 22 من مايو سنة 1958 في القضية رقم 505 لسنة 11 القضائية المرفوعة من السادة: علي مرسي عيد جلال وجلال حسن قنديل ومحمد لطفي محمد حسين معوض عبد الوهاب مبارك ضد وزارة المالية ومصلحة الجمارك وآخرين، والقاضي "برفض الدعوى، وإلزام المدعين بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب الواردة في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الوزاري الصادر في 7 من أغسطس سنة 1956 فيما تضمنه من الاحتفاظ لبعض موظفي الجمارك المنقولين من الدرجة السادسة الكتابية إلى الدرجة السادسة الإدارية بأقدميتهم السابقة في الدرجة السادسة الكتابية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 3 من أغسطس سنة 1958, وللمدعي عليهم في 16 منه، وعين لنظره جلسة 14 من فبراير سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، وأرجات النطق بالحكم لجلسة اليوم، ورخصت في تقديم مذكرات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعين أقاموا هذه الدعوى بعريضة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 30 من يناير سنة 1957 طالبين إلغاء القرار الوزاري الصادر في 7 من أغسطس سنة 1956 فيما تضمنه من الاحتفاظ لبعض موظفي مصلحة الجمارك المنقولين من الدرجة السادسة الكتابية إلى الدرجة السادسة الإدارية بأقدميتهم السابقة في الدرجة السادسة الكتابية، وما يترتب على ذلك من آثار، وبخاصة تخطي المدعين في الترقية إلى الدرجة الخامسة بالقرار الصادر في 3 من سبتمبر سنة 1956 بترقية السادة ملطي حنين وحسين أحمد صالح وسعيد الجريتلي وأمين صالح للدرجة الخامسة الإدارية، مع وإلزام الوزارة بالمصروفات. وقالوا شرحاً لدعواهم إن المادة 11 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة وضعت أصلاً عاماً للتعيين في الوظائف الإدارية، وهو قصر التعيين فيها على الحاصلين على دبلوم عال أو درجة جامعية تتفق دراستها وطبيعة الوظيفة، كما تضع المادة 15 من القانون المذكور أصلاً عاماً ثانياً وهو اشتراط أن يكون التعيين في وظائف الدرجة السادسة الإدارية بامتحان، وهذا الأصل الذي عينوا على أساسه ورد عليه استثناء خاص بمصلحة الجمارك بالقانون رقم 256 لسنة 1956 الذي أفصح عن طابعه الاستثنائي في صراحة كاملة؛ حيث قال "استثناء من أحكام المادتين 11 و15 من القانون رقم 210 لسنة 1951... يجوز أن يكون التعيين فيما لا يجاوز نصف خلوات الدرجة السادسة الإدارية بمصلحة الجمارك بالنقل من الدرجة السادسة الكتابية بالمصلحة المذكورة..."، وزاد الأمر وضوحاً بما اشترطه من شروط هذا النقل، وبخاصة اشتراطه فيمن ينقلون ثم يتدرجون في الترقية حتى الدرجة الرابعة الإدارية، ألا يرقوا إلى الدرجة الثالثة الإدارية إلا في حدود النسبة المقررة بمقتضى حكم المادة 41 من القانون سالف الذكر، أي في حدود 40% من النسبة المقررة للترقية بالاختيار، وبذلك يكون القانون رقم 256 لسنة 1956 المشار إليه استثناء في ذاته، مع حرص المشرع على توكيد صفته هذه ووضعه في أضيق الحدود. والقاعدة القانونية المسلم بها في تفسير النصوص أن الاستثناء يفسر تفسيراً ضيقاً وأنه لا يجوز التوسع فيه. وعلى أساس هذا النص الاستثنائي البحت عين المطعون في ترقيتهم في الدرجة السادسة الإدارية يوم 7 من أغسطس سنة 1956، ثم رقوا إلى الدرجة الخامسة الإدارية في 3 من سبتمبر سنة 1956، وذلك على خلاف نص المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة التي تنص على أن "تعتبر الأقدمية في الدرجة من تاريخ التعيين فيها..."، وأنه لو روعي هذا الحكم لما لحق المذكورين الدور في الترقية إلى الدرجة الخامسة، ولكانت أقدميتهم في الدرجة السادسة الإدارية التي عينوا فيها لاحقة لأقدمية المدعين، ولا يجوز - ومركزهم استثنائي - أن تتجاوز كلمة التعيين الواردة في هذا القانون الاستثنائي حدود معناها الضيق، دون توسع أو قياس، ويجب قصر الأمر على الاستثناءين الخاصين بإباحة تعيين غير ذوي المؤهلات العالية في وظائف من الدرجة السادسة الإدارية مع إعفائهم من شرط الامتحان. وقد ردت الحكومة على ذلك بأنها استندت في ترتيب كشف أقدمية موظفي الدرجة السادسة الإدارية عند نقل بعض الموظفين الكتابيين إلى الكادر الإداري وفقاً لأحكام القانون رقم 256 لسنة 1956 إلى ما ارتآه ديوان الموظفين بأن ينقل هؤلاء إلى الكادر الإداري بحالتهم وترجع أقدميتهم في الدرجة السادسة فيه إلى أقدميتهم في هذه الدرجة بالكادر الكتابي، وأن وظائف الدرجات السادسة الإدارية التي نقل إليها هؤلاء الموظفون الكتابيون طبقاً للقانون رقم 256 لسنة 1956 لم تكن منقولة من الكادر الكتابي بميزانية المصلحة، وإنما تم ذلك النقل في حدود نصف خلوات الدرجة السادسة الإدارية وفقاً لأحكام القانون المذكور، وأن المشرع استهدف شغل نصف خلوات الدرجة السادسة في الكادر الإداري من بين الموظفين أصحاب الخبرة الطويلة بمصلحة الجمارك؛ نظراً لأن وظائف الكادر الإداري بها - وهى وظائف مساعد مأمور ومساعد مثمن - تتطلب مراناً خاصاً وخبرة خاصة لا تتأتى إلا بعد التدريب على مختلف الوظائف الكتابية من الدرجة الثامنة فما فوقها، هذا بالإضافة إلى أن الشخص الذي بمقتضى المادة 47 فقرة 4 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بنقل درجته إلى الكادر الإداري ينطلق في سلم الكادر الإداري حتى أعلاه، بينما المنقول بالتطبيق للقانون رقم 256 لسنة 1956 إنما ينقل ليشغل وظيفة معينة بصفة مؤقتة، شأنه كشأن موظفي الكادر المتوسط سواء بسواء؛ ولذلك كان المنقولون وفقاً للقانون المشار إليه معتبرين في حكم موظفي الكادر المتوسط، طالما أنهم لن يستفيدوا من الميزة الجوهرية للكادر العالي، وهى الانطلاق في سلم الدرجات العالية. وانتهت إلى طلب رفض الدعوى، وإلزام المدعين بالمصروفات. وبجلسة 14 من نوفمبر سنة 1957 قبلت المحكمة تدخل كل من عبد الكريم محمد حسنين وحسين أحمد صالح ومحمد أمين صالح وسعيد أحمد الجريتلي ومطلي حنين عبد الملك ومحمد كمال عمر بالانضمام إلى الحكومة. وقد قضت المحكمة بجلسة 22 من مايو سنة 1958 برفض دعوى المدعين، وإلزامهم بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أن القانون رقم 256 لسنة 1956 لم يتعرض صراحة للأثر المترتب على التعيين بالنقل من الدرجة السادسة الكتابية إلى الدرجة السادسة الإدارية المنصوص عليه فيه، شأنه في ذلك شأن النقل المنصوص عليه في المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة، ولذا يتعين على المحكمة تحديد هذا الأثر على ضوء الأحكام العامة، مع مراعاة الظروف والاعتبارات التي اقتضت استصدار ذلك القانون. والحالة المعروضة ليست نقلاً مجرداً إلى الكادر الإداري ابتداءً، ولكنها طبقاً لنص القانون تعيين بالنقل؛ فيترتب عليها كافة ما يترتب على التعيين من آثار، كما يترتب عليها في ذات الوقت كافة ما يترتب على النقل من آثار. والظاهر أن الحكمة التي اقتضت من الشارع الجمع بين لفظ التعيين والنقل في عبارة القانون رقم 256 لسنة 1956 هي ترتيب الآثار المترتبة على النقل للموظف، فلا يتأثر مرتبه السابق وتبقى له حتماً أقدميته في الدرجة ومدة الخدمة، الأمر الذي يتمشى مع ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون من أن وظائف مصلحة الجمارك مشاعة بين جميع موظفيها، ولأن التبادل بين شاغلي الوظائف حاصل فعلاً، والتدرج فيها واجب؛ لإمكان تحميل أمانة الوظيفة لمن يصلح لها فعلاً، وأن الاعتبارات التي تقضى بالاحتفاظ للموظف المنقول في حدود المادة 47 فقرة رابعة بأقدميته هي بذاتها التي تقضى الاحتفاظ للموظف المعين بالنقل من الدرجة السادسة الكتابية إلى الدرجة السادسة الإدارية طبقاً للقانون رقم 256 لسنة 1956 بأقدميته السابقة في الكادر الكتابي، الأمر الذي تتحقق به المصلحة العامة التي قصد تحقيقها من استصدار هذا القانون، وهى تتحقق تماماً إذا لم تؤثر في الحقوق المكتسبة من الأقدميات السابقة، وأنه إذا صح القول، كما جاء بصحيفة الدعوى، بأن هذا النقل هو بمثابة التعيين ابتداء في الكادر الإداري، فإن ذلك يعني - بحسب التكييف القانوني - فصل الموظف من وظيفته في الكادر الكتابي ثم تعيينه في الكادر الإداري، وهذه الحالة - طبقاً لهذا التكييف، بحسب ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه - تخضع للقواعد والشروط المذكورة في قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 الخاص بمدد الخدمة السابقة، وهى بالنسبة للمتدخلين في هذه الدعوى متوافرة فيهم بعد أن صدر القانون رقم 256 لسنة 1956 سالف الذكر باستثنائهم من حكم المادتين 11 و15 من قانون نظام موظفي الدولة؛ الأمر الذي يترتب عليه الاحتفاظ لهم بأقدميتهم السابقة في الدرجة الأعلى.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن القانون رقم 210 لسنة 1951 قد قام على أساس الفصل بين الكادرين العالي والمتوسط مع ما يترتب على هذا الفصل من أن الأقدمية في وظائف الكادر العالي تتميز عن الأقدمية في وظائف الكادر المتوسط حتى ولو كانت درجاتهما متماثلة؛ ومن ثم فإذا نقل موظف من الكادر الأدنى إلى مثل درجته في الكادر الأعلى فلا يستصحب معه عند النقل أقدميته في الكادر الأدنى، بل يعتبر في ترتيب أقدميته بين أقرانه في الكادر الأعلى من تاريخ نقله؛ لأن هذا النقل هو نقل نوعي بمثابة التعيين في الكادر الأعلى الذي تختلف الوظائف فيه من حيث شروط التعيين والترقية والاختصاصات عن مثيلاتها في الكادر الأدنى. وأن المستفاد من نص المادة الأولى من القانون رقم 256 لسنة 1956 المشار إليه أنه يقصد استثناء مصلحة الجمارك من نصوص المادتين 11 و15 من قانون نظام موظفي الدولة، وأن الحكم القانوني السليم - وقد صدر عن هذه المحكمة في الطعن رقم 118 لسنة 4 القضائية في شأن تطبيق نص المادة 41 من قانون نظام موظفي الدولة - وهو الذي يطبق في هذه الحالة أيضاً، وهو أن ترقية الموظف بالتطبيق لهذه المادة هي في الواقع بمثابة تعيين في الكادر الفني العالي مع إعفاء الموظف من شرط الحصول على المؤهل العالي؛ ولذا فإن ترتيب أقدمية هذا الموظف بين أقرانه في الكادر الأعلى تتحدد على أساس الانفصال بين الكادرين، وأن أقدميته السابقة في درجات الكادر الأدنى لا تؤثر في ترتيب أقدميته بين أقرانه في الكادر الأعلى، بل تتحدد في هذا الكادر الأخير على أساس اعتباره معيناً فيه تعييناً جديداً. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب في التأويل القانوني لهذه العملية وتحديد مداها بالنسبة لأقدمية المطعون في ترقيتهم فيكون قد خالف القانون، ويتعين الطعن فيه.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة قد جعل الأصل هو الفصل بين الكادر العالي والكادر المتوسط مما يترتب عليه أن الأقدمية في وظائف الكادر الأول تتميز عن الأقدمية في وظائف الكادر الثاني حتى ولو كانت درجاتهما متماثلة؛ ومن ثم فإذا نقل موظف من الكادر الأدنى إلى مثل درجته في الكادر الأعلى، فالأصل ألا يستصحب معه عند النقل أقدميته في الكادر الأدنى، بل يعتبر في ترتيب أقدميته بين أقرانه في الكادر الأعلى من تاريخ نقله إلى هذا الكادر الأخير، كل ذلك ما لم يكن الاستثناء من الأصل المذكور مستفاداً من القانون صراحة أو ضمناً لحكمة خاصة تبرر هذا الاستثناء. [(1)]
ومن حيث إن القانون رقم 256 لسنة 1956، وإن أجاز - استثناء من أحكام المادتين 11 و15 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - التعيين فيما لا يجاوز نصف خلوات الدرجة السادسة الإدارية بمصلحة الجمارك بالنقل من الدرجة السادسة الكتابية بالمصلحة المذكورة، بشرط ألا نقل مؤهلات المنقولين عن الشهادات المتوسطة، وأن يكون التقريران الأخيران بدرجة امتياز أو ما لا يقل عن 80%، وأن يكونوا قد جاوزوا بنجاح امتحان المعهد الثقافي الجمركي الملحق بالمصلحة، وأن تكون ترقية ذوي المؤهلات المتوسطة منهم من الدرجة الرابعة الإدارية إلى الدرجة الثالثة الإدارية في حدود النسب المقررة بمقتضى أحكام المادة 41 من القانون السالف الذكر - لئن أجاز القانون المذكور النقل على هذا الوجه بالقيود والشروط سالفة الذكر، إلا أنه لا يتضح منه - سواء من نصوصه أو من مذكرته الإيضاحية - أنه قصد أن يستصحب الموظف المنقول من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى أقدميته في الكادر الأدنى؛ فلا مناص - والحالة هذه - من الرجوع إلى الأصل، وهو الفصل بين الكادرين، فتعتبر أقدمية الموظف المذكور بين أقرانه في الكادر الأعلى من تاريخ نقله إلى هذا الكادر الأخير. تقطع في ذلك الحكمة التشريعية التي قام عليها القانون المذكور في ضوء مذكرته الإيضاحية؛ إذ يظهر منها أن مصلحة الجمارك أبدت: "أنه يتعذر عليها من الناحية العملية أو الواقعية تقسيم وظائفها إلى إداري بحت أو فني بحت، وطلبت إعادة النظر في هذا التقسيم في الوظائف، وكذلك استثناءها من أحكام المادتين 11 و15 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه فيما يختص بقصر التعيين في الدرجة السادسة الإدارية على حملة المؤهلات العالية؛ حيث إن هذا لا يتفق مع صالح العمل ولا مع الأسس التي بني عليها نظام العمل بها، لأن أعمال الجمارك غالباً ما تتطلب من القائمين بها نوعاً من التخصص يكتسب بالمران والخبرة مع الإلمام بالإجراءات والمعلومات والأنظمة الجمركية والتدرج في مختلف درجات الوظائف دون التقيد بمؤهل دراسي عال معين....". وواضح من ذلك أن الغاية من هذا القانون هي التيسير على المصلحة في شغل هذه الوظائف بطريق النقل من الكادر الأدنى في الحدود وبالقيود والشروط السالفة الذكر، بدون حاجة إلى حصول الموظف المنقول على المؤهل العالي الذي يتطلبه القانون في الأصل للتعيين في هذه الوظيفة؛ إذ استعيض عن ذلك بالنجاح في امتحان المعهد الثقافي الجمركي إلى جانب الشروط الأخرى التي تثبت امتيازه، ولكن لا يظهر مما تقدم أن القانون المشار إليه يسمح بأن يستصحب الموظف المنقول أقدميته في الكادر الأدنى عند نقله إلى الكادر الأعلى، بل على العكس من ذلك فإن تقييده الترقية من الدرجة الرابعة الإدارية إلى الدرجة الثالثة الإدارية في حدود النسب المقررة بمقتضى أحكام المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 يدل على أن هذا النقل الاستثنائي لا يهدف إلى أبعد مما تقدم، وأن الشارع إنما يقيسه على النقل بالتطبيق للمادة 41 المشار إليها. ولقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن ترتيب أقدمية الموظف المنقول بمقتضى هذه المادة بين أقرانه في الكادر الأعلى تتحدد على أساس الانفصال بين الكادرين، فلا تؤثر أقدميته السابقة في درجات الكادر الأدنى في ترتيب أقدميته بين أقرانه في الكادر الأعلى، بل تتحدد في هذا الكادر الأخير على أساس اعتباره معيناً فيه تعييناً جديداً؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، فيتعين إلغاؤه وإلغاء القرار محل النزاع فيما تضمنه من الاحتفاظ للموظفين المنقولين من الكادر الأدنى بأقدميتهم فيه، وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالمنطوق.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار الصادر من وزير المالية في 7 من أغسطس سنة 1956 فيما تضمنه من الاحتفاظ لموظفي الجمارك المنقولين للدرجة السادسة الإدارية بأقدميتهم في الدرجة السادسة الكتابية، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة بالمصروفات.


[(1)] راجع الحكم المنشور في السنة الثالثة من هذه المجموعة ص 471 بند 177/ 1.

الطعن 3159 لسنة 33 ق جلسة 13 / 11 /1993 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 ق 18 ص 219

جلسة 13 من نوفمبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد مجدي محمد خليل، وعويس عبد الوهاب عويس، ومحمد عبد الحميد مسعود، ومحمود إسماعيل رسلان - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(18)

الطعن رقم 3159 لسنة 33 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - تقارير الكفاية – ما لا يبطل تقرير الكفاية.
المادتان 28 و29 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
- استلزم المشرع وضع تقرير الكفاية عن العامل سنوياً استظهاراً لكفاءته واجتهاده وإنجازاته سنوياً - العبرة في ذلك بالعام الموضوع عنه التقرير وليس بالأعوام السابقة عليه - لا يبطل التقرير لمجرد اختلاف درجة الكفاية المقيم بها العامل في أحد الأعوام عن الأعوام السابقة عليه - لا يبطل كذلك لعدم احتوائه على الأسباب المبررة لخفض درجة الكفاية في هذا العام عن الأعوام السابقة عليه - أساس ذلك: أن المشرع لم يتطلب تسبيب التقرير في هذه الحالة - لم يرتب المشرع البطلان على إغفال هذا الأمر - لم يستلزم المشرع إخطار العامل بأوجه النقص في الأداء أولاً بأول إلا في حالة مستوى الأداء الأقل من المستوى العادي - مؤدى ذلك: أن التقرير المقيم بدرجة "جيد" لا يبطل لعدم إخطار العامل به لأن الأداء لم ينزل عن المستوى العادي - لا يبطل التقرير كذلك بدعوى أنه لم يستمد من واقع السجلات والبيانات التي تعدها جهة الإدارة لهذا الغرض - أساس ذلك: أن المشرع لم يقيد الإدارة بأن يكون مصدرها الوحيد في قياس الأداء هو السجلات المعدة لهذا الغرض - أجاز المشرع للإدارة أن تستقي قياسها من أية معلومات أو بيانات أخرى يمكن الاسترشاد بها في قياس كفاية الأداء - يدخل في ذلك كافة مفردات ملف الخدمة باعتباره الوعاء الذي يتضمن كل ما يتعلق به من أوراق وبيانات خاصة بالعامل فضلاً عما يتوفر لدى الرؤساء الإداريين عن العامل بحكم رئاستهم له واتصالهم بعمله - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 12 من يوليو سنة 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن السيدين/ وزير المالية ومدير مصلحة الجمارك، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3159 لسنة 33 قضائية ضد السيد/ .......، في حكم محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات والترقيات) بجلسة 14/ 5/ 1987 في الدعوى رقم 630 لسنة 40 قضائية، والقاضي "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء تقرير الكفاية المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات "وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، بإلغاء هذا الحكم، والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي، وأعلن تقرير الطعن وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وتحددت جلسة 24/ 5/ 1993 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وبها نظر، وبما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت الدائرة بجلسة 9/ 8/ 1993 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 23/ 10/ 1993 وبها نظر، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فمن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن المدعي (المطعون ضده) أقام أمام المحكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات والترقيات) الدعوى رقم 630 لسنة 40 قضائية ضد المدعى عليهما (الطاعنين) بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 9/ 11/ 1985 طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء تقرير كفايته عن عام 1984 فيما تضمنه من تقدير كفايته بدرجة جيد وأحقيته في تقديرها بدرجة ممتاز، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الإدارة المصروفات.
وقال في شرح أسانيد دعواه إنه أخطر بتاريخ 4/ 7/ 1985 بتقدير كفاية أدائه عن 1984 بدرجة جيد، وهو تقرير يخالف القانون، ولا يقوم على سبب يبرره، لأنه لا يستمد من واقع سجلات معدة لهذا الغرض أو من بيانات أو نتائج تدريب أو غير ذلك مما هو منصوص عليه في المادة (28) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، إذ إن مصلحة الجمارك لا يوجد بها السجلات المنصوص عليها في المادة (27) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون بل إن التقرير يناقض ما هو ثابت بملف خدمته من أوراق تنطق بالامتياز، وحصوله على مرتبة ممتاز في تقارير الكفاية السابقة، وقد أهله هذا الامتياز لأن يسند إليه العديد من المهام ومن ثم يكون ما أثبته الرئيس المباشر في التقدير المطعون فيه من أن قدراته عادية وتنقصه القدرة على اتخاذ القرارات لا يقوم عليه دليل عارياً عن السبب، مخالفا للقانون، ومشوباً بإساءة استعمال السلطة.
وبجلسة 14/ 5/ 1987 حكمت محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات والترقيات) بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء تقرير الكفاية المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت أن المدعي أخطر الكفاية المطعون فيه بتاريخ 4/ 7/ 85 وتظلم منه بتاريخ 17/ 7/ 1985 وأقام دعواه بتاريخ 9/ 11/ 1985، فإنها تكون أقيمت خلال الميعاد المقرر للطعن بالإلغاء، مما يتعين الحكم بقبولها شكلاً.
وبخصوص موضوع الدعوى فقد أقامته المحكمة على أساس أنه ولئن كان الثابت أن الرئيس المباشر للمدعي قدر درجة كفايته بمرتبة جيد (كفء) "ثمانون درجة من مائة" مشيراً إلى أن قدرات المدعي عادية وتنقصه القدرة على اتخاذ القرارات، ووافق الرئيس الأعلى على هذا التقدير، ثم اعتمدت لجنة شئون العاملين التقرير بذات التقدير، مما يستظهر منه أن هذا التقرير قد مر بالمراحل القانونية المقررة، بيد أن هذا التقرير جاء خلواً من أية تقديرات تشير إلى إجراء قياس كفاية الأداء قبل وضع التقرير النهائي على النحو الذي تستلزمه المادة (28) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، ومن ثم فإن الجهة الإدارية تكون قد أغفلت القيام بإجراء جوهري استلزمه القانون قبل وضع التقرير النهائي لتقدير كفاية الأداء مما يشوب التقرير بالبطلان، ولذلك يتعين الحكم بإلغائه وعدم الاعتداد به.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، لأن تقرير الكفاية المطعون فيه صدر وفقاً للمادة (28) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983، ومر بجميع المراحل والإجراءات التي رسمها القانون، وقام على السبب المبرر له، إذ أثبت الرئيس المباشر أن قدرات المدعي عادية وتنقصه القدرة على اتخاذ القرارات، وصدق رئيس المصلحة على ذلك واعتمد التقرير من لجنة شئون العاملين.
ومن حيث إن المادة (28) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978. المعدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983، تنص على أن "تضع السلطة المختصة" نظاماً يكفل قياس كفاية الأداء الواجب تحقيقه بما يتفق مع طبيعة نشاط الوحدة وأهدافها ونوعية الوظائف بها. ويكون قياس الأداء مرة واحدة خلال السنة قبل وضع التقرير النهائي لتقدير الكفاية وذلك من واقع السجلات والبيانات التي تعدها الوحدة لهذا الغرض ونتائج التدريب المتاح وكذلك أية معلومات أو بيانات أخرى يمكن الاسترشاد بها في قياس كفاية الأداء.
ويعتبر الأداء العادي هو المعيار الذي يؤخذ أساساً لقياس كفاية الأداء. ويكون تقدير الكفاية بمرتبة ممتاز أو جيد أو متوسط أو ضعيف وتضع السلطة المختصة نظاماً يتضمن تحديد الإجراءات التي تتبع في وضع وتقديم واعتماد تقارير الكفاية والتظلم منها.
ويكون وضع التقارير النهائية عن سنة تبدأ من أول يناير وتنتهي في آخر ديسمبر وتقدم خلال شهري يناير وفبراير وتعتمد خلال شهر مارس. وتعلن للعاملين معايير قياس الكفاية التي تستخدم في شأنهم ويقتصر وضع تقارير الكفاية على العاملين الشاغلين لوظائف من الدرجة الأولى فما دونها.
ويكون قياس كفاية الأداء بالنسبة لشاغلي الوظائف العليا على أساس ما يبديه الرؤساء بشأنهم سنوياً من بيانات تعتمد من السلطة المختصة وتوضع بملفات خدمتهم.
وتحدد اللائحة التنفيذية الضوابط التي يتم على أساسها تقدير كفاية العاملين.
وتنص المادة (29) من ذات القانون على أنه "يجب إخطار العاملين الذين يرى رؤساؤهم أن مستوى أدائهم أقل من مستوى الأداء العادي، بأوجه النقص في هذا الأداء طبقاً لنتيجة القياس الدوري للأداء أولاً بأول".
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن ذهبت أن مفاد هذين النصين هو أن المشرع وضع تنظيماً متكاملاً لقياس كفاية أداء العاملين المدنيين بالدولة فأعطى للسلطة المختصة بمفهومها المحدد في هذا القانون مكنة وضع نظام يكفل قياس كفاية الأداء يختلف من جهة إلى أخرى تبعاً لاختلاف طبيعة نشاط الوحدة وأهدافها ونوعية الوظائف بها. ووضع ضوابط واجبة التطبيق عند وضع مثل هذا النظام وهي أن يكون قياس كفاية الأداء مرة في السنة سابقة على وضع التقدير النهائي وعلي أن يستقي القياس من واقع السجلات والبيانات ونتائج التدريب وأية معلومات أو بيانات أخرى يمكن الاسترشاد بها على أنه يجب إخطار العامل الذي يرى رؤساؤه أن أداءه أقل من مستوى الأداء العادي بأوجه النقص في هذا الأداء طبقاً لنتيجة القياس الدوري للأداء أولاً بأول. وأن من المقرر أن تقدير الدرجة التي يستحقها العامل عن كل عنصر من العناصر الواردة بتقرير الكفاية هو أمر يترخص فيه الرئيس المباشر والرئيس الأعلى ولجنة شئون العاملين كل في حدود اختصاصه، طالما كانت هذه التقديرات غير مشوبة بالانحراف أو إساءة استعمال السلطة، فلا يؤثر في صحة وسلامة تقرير الكفاية أن يختلف في مرتبة الكافية عن التقارير السالفة واللاحقة عليه والتي حصل فيها العامل على تقدير ممتاز، ذلك لأن من المقرر أن ما يسري في هذا الشأن هو مبدأ سنوية التقرير بمعنى ضرورة قياس كفاية الأداء بكل عناصره سنوياً، ولو كان العامل يستصحب دائماً تقدير كفايته السابق لما أوجب المشرع ضرورة قياس كفاية أدائه ووضع التقرير عنه سنوياً، ويظل كل عامل مستصحباً تقديراته السابقة دائماً سواء كانت ممتازة أو متوسطة أو ضعيفة وهو ما يخالف طبائع الأشياء والتغير الذي يطرأ على سلوك الفرد وإنجازاته وكفاءته من عام لآخر ومن ثم فإن المشرع استلزم في المادة 28 سالفة الذكر وضع تقرير الكفاية عن العامل سنوياً استظهاراً لكفاءته واجتهاده وإنجازاته سنوياً والعبرة في ذلك هو بالعام الموضوع عنه التقرير وليس بالأعوام السابقة عليه، فلا يبطل التقرير أو يعد مخالفاً للقانون لمجرد اختلاف درجة الكفاية المقيم بها العامل في أحد الأعوام عن الأعوام السابقة عليه. كما لا يبطل التقرير لعدم احتوائه على الأسباب المبررة لخفض درجة الكفاية في هذا العام عن الأعوام السابقة عليه، فلم يتطلب المشرع تسبيب التقرير في هذه الحالة، كما لم يرتب البطلان على إغفال هذا الأمر ولم يستلزم المشرع في المادة (29) المشار إليها إخطار العامل بأوجه النقص في الأداء أولاً بأول إلا في الحالة التي يكون فيها مستوى أدائه أقل من المستوى العادي، ومن ثم فلا يبطل التقرير المطعون فيه والمقيم فيه أداء العامل بتقدير جيد لعدم الإخطار المشار إليه في هذه المادة لعدم انطباقها في الحالة التي لم ينزل فيها أداء العامل عن مستوى الأداء العادي كما لا يبطل التقرير بدعوى أنه لم يستمد من واقع السجلات والبيانات التي تعدها الجهة الإدارية لهذا الغرض، ذلك لأن المادة (28) سالفة الذكر لم تقيد الإدارة بأن يكون مصدرها الوحيد في قياس الأداء هو السجلات المعدة لهذا الغرض وإنما أجاز لها المشرع أن تستقي قياسها من أية معلومات أو بيانات أخرى يمكن الاسترشاد بها في قياس كفاية الأداء ويدخل في ذلك كافة مفردات ملف الخدمة باعتباره الوعاء الذي يتضمن كل ما يتعلق به من أوراق وبيانات خاصة بالعامل، فضلاً عما يتوفر لدى الرؤساء الإداريين عن العامل بحكم رئاستهم له واتصالهم بعمله.
ومن حيث إن الثابت أن تقرير الكفاية المطعون فيه قد مر بالمراحل القانونية وفقاً للنظام الذي وضعته السلطة المختصة حيث جاء تقدير الرئيس المباشر للمدعي (المطعون ضده) بمرتبة جيد، وأيده في ذلك كل من الرئيس الأعلى ولجنة شئون العاملين، ومن ثم يكون هذا التقرير قد وضع وفقاً للإجراءات والأوضاع المقررة قانوناً، ولا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من بطلان تقرير الكفاية المطعون فيه، لأنه خلا من أية تقديرات تشير إلى إجراء قياس كفاية الأداء قبل وضع التقرير النهائي، وهو إجراء جوهري استلزمته المادة (28) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه، لا وجه بهذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه، ذلك لأن هذا الإجراء وإن كان واجباً إلا أن إغفال بيانه في تقرير الكفاية لا يؤدي في ذاته إلى بطلان التقرير، بحسبان أن بيان هذا الإجراء ليس مقصوداً لذاته، بل لإخطار العامل الذي يقل مستوى أدائه عن المستوى العادي، فإذا لم ينزل أداء العامل عن مستوى الأداء العادي، وقيم أداؤه بمرتبة جيد، فلا يلزم إخطاره في هذه الحالة وبالتالي لا يبطل تقرير الكفاية إذا خلا من بيان قياس كفاية الأداء قبل وضع التقرير النهائي، وإذ لم يثبت المدعي، ولم يتبين من الأوراق أن تقدير الجهة الإدارية لكفاءة المدعي (المطعون ضده) جاء مشوباً بالانحراف أو استعمال السلطة، ولا يغير من ذلك دعوة المدعي للمشاركة في الدورة التدريبية للمستخلصين الجدد في المدة من 30/ 7/ 1983 حتى 22/ 8/ 1983 وصدور قرار رئيس قطاع جمارك القاهرة والمنطقة الجنوبية رقم 438 بتاريخ 4/ 11/ 1984 بنقله لشغل وظيفة مدير إدارة بالإدارة العامة للمناطق الحرة، إذ أن هذا لا يمنع السلطة المختصة من تقدير درجة كفايته حقاً وعدلاً، وتقدير كفايته بمرتبة جيد لا يكشف عن أنها أساءت استعمال السلطة المخولة لها، وبناء على ذلك وإذ خلا التقرير المطعون فيه من أوجه البطلان التي أسندها المدعي (المطعون ضده) إليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون، الأمر الذي يتعين فيه الحكم بإلغائه، والقضاء برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات،

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.

الطعن 189 لسنة 4 ق جلسة 28 / 3 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 91 ص 1037

جلسة 28 من مارس سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

------------------

(91)

القضية رقم 189 لسنة 4 القضائية

(أ) مدة خدمة سابقة 

- القانون رقم 62 لسنة 1955 - تقريره قواعد خاصة لمن يعين في المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية نقلاً من الحكومة أو العكس - اعتباره مدة الخدمة في كل من المجلس البلدي والحكومة وحدة لا تتجزأ - ضم مدة الخدمة السابقة في المجلس البلدي للموظف المنقول إلى الحكومة - ذلك يتطلب توافر شروط ضم المدد السابقة في خدمة الحكومة.
(ب) مدة خدمة سابقة 

- شرط اتحاد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته - عدم توافره إذا كان العمل السابق مزاولة مهنة البرادة والعمل الجديد مزاولة تدريس مادتي الحساب والعلوم بمدارس التعليم الابتدائي.
(ج) إعانة غلاء المعيشة 

- تعيين موظف بالحكومة نقلاً عن المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية - لا يعتبر تعييناً مبتدأ - استحقاقه إعانة غلاء المعيشة دون اشتراط مضي ثلاثة أشهر على تعيينه بالحكومة.

-----------------
1 - إن القانون رقم 62 لسنة 1955 بتسوية حالة الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية إلى الحكومة أو منها إلى المجلس - وقد تضمن في جملته أحكاماً على غرار ما سبقه إليها القانون رقم 534 لسنة 1953 الخاص بتسوية حالة الموظفين والمستخدمين والعمال المنقولين من المصالح الحكومية التي أصبحت تابعة لمجلس بلدي مدينة القاهرة - إنما قام على حكمة تشريعية هي الرغبة "في تمكين المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية من مباشرة اختصاصاته المتشبعة التي قد تقتضي الاستعانة بالموظفين ذوي الخبرة والمران السابق"، "وتيسير نقل موظفي ومستخدمي وعمال الحكومة إلى المجلس المذكور"؛ للاستفادة بالأكفاء منهم "لتطعيم الأداة التنفيذية به ليقوم بأعبائه التي تتزايد وفقاً لمقتضيات النهضة الحالية". وفي سبيل تحقيق هذه الغاية، ومع أن نقل الموظفين والمستخدمين والعمال من الحكومة المركزية إلى المجالس البلدية يعد بمثابة التعيين ابتداء؛ لأنه ينشئ علاقة جديدة بين هؤلاء وبين المجالس المذكور التي تتمتع بشخصيتها المعنوية وبميزانيتها المستقلة عن الحكومة، كما أكد ذلك القانون رقم 190 لسنة 1955 ومذكرته الإيضاحية - مع هذا فقد عمد الشارع للحكمة المتقدمة إلى تقرير قواعد خاصة بمن يعين من الموظفين والمستخدمين والعمال في المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية نقلاً من الحكومة، سواء فيما يتعلق بنقلهم بالحالة التي يكون عليها كل منهم في تاريخ تعيينه، أو باعتبار مدة خدمتهم في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحدة لا تتجزأ، أو بتسوية ما قد يستحقونه من معاش أو مكافأة عند تركهم الخدمة أو فصلهم منها؛ مستهدفاً بذلك المحافظة على الحقوق المكتسبة لهؤلاء الموظفين والمستخدمين والعمال، مع تسوية حالاتهم كما لو كان نقلهم نقلاً محلياً. واستكمالاً للغاية ذاتها أجرى هذه الأحكام أيضاً على الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من المجلس البلدي المذكور إلى الحكومة، وكذا على من سبق نقله منهم إلى الحكومة إذا طلب ذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون في 2 من فبراير سنة 1955. ومفاد ذلك أنه بعد إذ كانت مدة الخدمة في كل من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية والحكومة مستقلة عن الأخرى في خصوص ما تقدم، أصبحت بمقتضى القانون رقم 62 لسنة 1955 وحدة لا تتجزأ؛ بحيث صارت الخدمة في المجلس البلدي المذكور تعتبر بمثابة الخدمة في الحكومة وبالعكس، سواء قبل نفاذ هذا القانون أو بعده. وغنى عن القول إنه يسري في حق موظف المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية المنقول إلى الحكومة جميع ما يسري على موظفي الحكومة من القواعد التنظيمية العامة والشروط التي تتطلبها تلك القواعد، فإذا ما تطلبت هذه القواعد شروطاً خاصة لضم المدد السابقة في خدمة الحكومة كان من البداهة وجوب توافر هذه الشروط عينها في حق موظف المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية المنقول إلى الحكومة إذا ما أراد ضم مدة خدمته السابقة في المجلس إلى مدة خدمته في الحكومة؛ إذ أن القانون المشار إليه لم يقصد أن يمنحه مزية خاصة على موظفي الحكومة، بل غاية الأمر أنه هدف إلى اعتبار مدتي الخدمة في كل من المجلس والحكومة بمثابة الوحدة الواحدة.
2 - لا جدال في أن العمل في مهنة براد بورش المجلس البلدي، وهي الحرفة التي كان يمارسها المدعي قبل تعيينه في وزارة التربية والتعليم، لا يتطلب من ناحية الاستعداد والتأهيل ما تتطلبه وظيفة مدرس الحساب والعلوم العامة بمدارس التعليم الابتدائي التي أصبح يمارسها في وظيفته اللاحقة بالحكومة؛ فبينما يلاحظ في طبيعة العمل الأول أنه آلى لا يفتقر العامل في أدائه إلى استعداد تربوي أو علمي منهجي، إذا بوظيفة التدريس تقتضي بطبيعتها فيمن يضطلع بها قسطاً من السيطرة على الناشئة وتوجههم وتبصيرهم بالأصول العلمية، فالعملان وإن تشاركا في النواحي العلمية إلا أنهما متباينان لا شك في طبيعتهما ومستواهما ونطاق اختصاص كل منهما؛ وعلى مقتضى هذا التحديد يكون شرط تجانس العمل السابق مع عمل وظيفة المدعي الجديدة في طبيعته مفقوداً.
3 - إن مقتضى اعتبار مدتي خدمة المدعي في كل من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية ووزارة التربية والتعليم وحدة لا تتجزأ بالتطبيق لأحكام القانون رقم 62 لسنة 1955 هو ألا يكون ثمت وجه لاستقطاع إعانة غلاء المعيشة وحرمان المدعي منها لمدة ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ تعيينه في وزارة التربية والتعليم؛ على أساس اعتبار هذا التعيين مبتدأ ومنقطع الصلة بماضي خدمته بمجلس بلدي الإسكندرية؛ ومن ثم فإنه يستحق هذه الإعانة عن المدة المشار إليها بعد إذ سبق خصمها منه لمدة ثلاثة الأشهر الأولى من بدء تعيينه بمجلس بلدي الإسكندرية.


إجراءات الطعن

في 9 من فبراير سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 189 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والإرشاد القومي بجلسة 11 من ديسمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 3936 لسنة 2 القضائية المقامة من أحمد عبد الغفار سعيد ضد وزارة التربية والتعليم، القاضي "برفض الدعوى، مع إلزام المدعي رسومها المقررة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم باستحقاق المدعي لتسوية حالته بالتطبيق للمادة الثالثة من القانون رقم 62 لسنة 1955، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة التربية والتعليم في 13 من فبراير سنة 1958، وإلى المطعون لصالحه في 10 من مارس سنة 1958، وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 31 من يناير سنة 1959. وفي 17 من يناير سنة 1959 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم، مع الترخيص في تقديم مذكرات خلال عشرين يوماً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي رفع إلى اللجنة القضائية لوزارة المعارف العمومية التظلم رقم 3936 لسنة 2 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 4 من مارس سنة 1954، ذكر فيها أنه حصل على دبلوم الصنايع الثانوية في سنة 1948، وعين ببلدية الإسكندرية في 27 من ديسمبر سنة 1949، ومكث بها حتى 25 من يناير سنة 1952، والتحق بخدمة وزارة التربية والتعليم بوظيفة مدرس اعتباراً من 26 من يناير سنة 1952، عقب إخلاء طرفه من البلدية، إلا أنه تبين له بعد ذلك أن المنطقة التعليمية صرفت له مرتبه عن ثلاثة الأشهر الأولى من تسلمه العمل بدون إعانة غلاء المعيشة؛ معللة ذلك بأنه إنما عين بالوزارة تعييناً جديداً مع أن ديوان الموظفين قرر أن خدمة الموظفين في كل من الحكومة والمجالس البلدية تعتبر متصلة ووحدة لا تتجزأ. كما أن الوزارة لم تحسب له مدة خدمته ببلدية الإسكندرية؛ الأمر الذي ترتب عليه حرمانه من العلاوات الدورية وغيرها. وقد استندت في ذلك إلى أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 لا يجيز ضم مدد الخدمة السابقة في جهات شبه حكومية، مع أن هذا يخالف قرار ديوان الموظفين المتقدم ذكره. هذا إلى أنه عين على الدرجة التاسعة من 26 من يناير سنة 1952 بمرتب قدره أربعة جنيهات شهرياً. وفي 30 من نوفمبر سنة 1952 أصدرت المنطقة التعليمية قرارها بمنحه الدرجة الثامنة بمرتب قدره 500 م و8 ج من تاريخ تعيينه بالوزارة، ولما طلب صرف الفرق المستحق له عن المدة من 26 من يناير سنة 1952 حتى 30 من نوفمبر سنة 1952، أجابت المنطقة بأنه لا يستحق أية فروق؛ لأن أقدميته في الدرجة الثامنة أرجعت إلى تاريخ تعيينه بالوزارة، على ألا يترتب على ذلك أية زيادة في الماهية. ومن أجل هذا فإنه يطلب من اللجنة تصحيح هذه الأوضاع. وقد ردت وزارة التربية والتعليم على هذا التظلم بأن القواعد المالية لا تجيز حساب مدد اليومية التي قضيت في جهات غير حكومية، كما أن أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 مقصورة على المدد التي تقضى في الحكومة ولا تسري على الهيئات الشبيهة بالحكومة، حتى ولو كانت تطبق نظم الحكومة كديوان الأوقاف الخصوصية ومجالس المديريات والمجالس البلدية والمحلية والقروية. ولما كان المدعي من الحاصلين على دبلوم المدارس الصناعية في سنة 1948، فقد عين في الدرجة التاسعة بماهية قدرها أربعة جنيهات شهرياً اعتباراً من 26 من يناير سنة 1952، وقد تعهد في إقرار كتبه عند التعيين بأنه قبل التعيين في هذه الدرجة الخالية، ولما سويت حالته بمنحه الدرجة الثامنة في أول ديسمبر سنة 1952 بماهية قدرها 500 م و8 ج أرجعت أقدميته في هذه الدرجة إلى تاريخ تعيينه في 26 من يناير سنة 1952 بدون زيادة في الماهية، أما إعانة غلاء المعيشة فقد صرفت له اعتباراً من 26 من أبريل سنة 1952، أي بعد مضي ثلاثة أشهر من تاريخ تعيينه؛ حيث إنه عين بالوزارة تعييناً جديداً، ولم تضم له مدة خدمته السابقة ببلدية الإسكندرية من 27 من ديسمبر سنة 1949 إلى 25 من يناير سنة 1952، وهي المدة التي لم يستدل على التاريخ الصحيح لتعيينه فيها، والتي أوضح بكشف مدة خدمته السابقة أنها انتهت باستقالته في 24 من يناير سنة 1952، لا في 25 منه، كما جاء بطلب ضم مدة خدمته. أما مدة خدمته السابقة بشركة مصر للحرير الصناعي بكفر الدوار من 15 من يوليه سنة 1948 إلى 18 من يونيه سنة 1949 فلا يجوز ضمها لعدم استيفائها شرطين من الشروط الواردة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947، وهما: أنه لم يتقدم بطلب ضمها في الميعاد القانوني، وأنها تقل عن ثلاث سنوات. وأما ما جاء بالقانون رقم 62 لسنة 1955 فإن أحكام هذا القانون تقضي بحساب مدة الخدمة السابقة بالمجلس البلدي لمن ينقلون إلى الحكومة بنفس الحالة التي كانوا عليها بالمجلس. ولما كان المدعي يقوم بعمل براد مؤقت باليومية بمجلس بلدي الإسكندرية، ثم استقال وعين تعييناً جديداً بالوزارة، فإن حالته التي عين بها في هذه الأخيرة على الدرجة الثامنة تخالف الحالة التي كان عليها بالمجلس؛ ومن ثم فلا تنطبق في حقه أحكام القانون المشار إليه. كما أنه لا يستحق أية زيادة في الماهية نتيجة لمنحه الدرجة الثامنة بأقدمية راجعة إلى تاريخ بدء تعيينه بالوزارة؛ وذلك بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950؛ حيث إنه معين قبل أول يوليه سنة 1952؛ إذ أن كل ما يترتب على تطبيق هذا القرار في حقه هو اكتساب الأقدمية فقط في الدرجة المقررة لمؤهله الدراسي دون أية فروق أو زيادة في الماهية. ثم عادت الوزارة فقررت بالنسبة إلى إعانة غلاء المعيشة التي استقطعت من راتب المدعي لمدة ثلاثة أشهر من 26 من يناير سنة 1952 إلى 26 من أبريل سنة 1952 أنها قد اتخذت إجراءات الصرف فعلاً، وأنه سيصرف إليه المستحق له منها حسب التعليمات وحسب حالته الاجتماعية وقت تعيينه. وقد قدم المدعي ثلاث مذكرات بملاحظاته ردد فيها ما جاء بتظلمه، وأضاف إليه أن كتاب وزارة المالية الدوري رقم 5 لسنة 1953 بشأن قواعد ضم مدة الخدمة السابقة أشار إلى أن مجلس الوزراء وافق بجلسته المنعقدة في 17 من ديسمبر سنة 1952 على الأحكام التي اقترحها ديوان الموظفين لحساب مدد الخدمة السابقة، ومن بينها تلك التي قضيت في المجالس البلدية والقروية، كما قرر أن مدد الخدمة السابقة في الحكومة تحسب كاملة، سواء كانت متصلة أو منفصلة؛ ومن ثم فإن خدمة الموظفين في كل من الحكومة والمجالس البلدية تعتبر متصلة ووحدة لا تتجزأ، ويتعين - والحالة هذه - ضم مدة خدمته التي قضاها بمجلس بلدي الإسكندرية اعتباراً من تاريخ تعيينه بالمجلس في 27 من ديسمبر سنة 1949، وما يترتب على هذا الضم من علاوات دورية وصرف فروق وآثار وحقوق أخرى، كما لا يجوز استقطاع إعانة غلاء المعيشة من راتبه عند التحاقه بخدمة وزارة التربية والتعليم؛ لسبق استقطاع هذه الإعانة لمدة ثلاثة أشهر عند تعيينه بالمجلس المذكور، مع صرف فرق المرتب المستحق له عن المدة من 26 من يناير سنة 1952، تاريخ التحاقه بالوزارة في الدرجة التاسعة بمرتب شهري قدره 4 جنيهات، إلى 30 من نوفمبر سنة 1952، تاريخ منحه الدرجة الثامنة الفنية بمرتب شهري قدره 500 م و8 ج بأقدمية في هذه الدرجة راجعة إلى تاريخ تعيينه بالوزارة. وخلص المدعي من هذا إلى طلب "الحكم: أولاً - "أ" بضم مدة خدمته بشركة الحرير الصناعي اعتباراً من 15 من يوليه سنة 1948 إلى 18 من يونيه سنة 1949. "ب" ضم مدة خدمته ببلدية الإسكندرية من 27 من ديسمبر سنة 1949 إلى 25 من يناير سنة 1952، وما يترتب على هذا الضم من فروق وعلاوات دورية وصرف الفروق وكافة الحقوق الأخرى. ثانياً - صرف علاوة الغلاء التي استقطعت من راتبه لمدة ثلاثة أشهر من 26 من يناير سنة 1952 إلى 26 من أبريل سنة 1952، عند بدء التحاقه بالمعارف. ثالثاً - صرف الفرق المستحق للطالب المترتب على تسوية حالته وقدره 45 جنيهاً، مع حفظ كافة حقوق الطالب الأخرى". وبجلسة 11 من ديسمبر سنة 1957 قضت المحكمة الإدارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والإرشاد القومي التي حلت محل اللجنة القضائية في هذه الدعوى التي ظلت مقيدة برقم 3936 لسنة 2 القضائية "برفض الدعوى، مع إلزام المدعي رسومها المقررة". وأقامت قضاءها على أن ما يسري في شأن ضم مدة خدمة المدعي السابقة في كل من شركة الحرير الصناعي وبلدية الإسكندرية هو قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947، وهو لا يسمح بضم هذه المدة؛ لأنها كانت باليومية ولم تكن على درجة، وأن القانون رقم 62 لسنة 1955 يشترط لتطبيقه بالنسبة إلى من سبق نقله من موظفي بلدية الإسكندرية إلى الحكومة أن يكون ذلك بمراعاة قواعد ضم مدد الخدمة السابقة التي مرجعها في شأن المدعي إلى قرار مجلس الوزراء آنف الذكر الذي لا يفيد من أحكامه؛ ومن ثم يكون طلبه الخاص بضم مدة خدمته ببلدية الإسكندرية على غير أساس سليم من القانون. ومتى تقرر هذا فإن طلبه الخاص بضم خدمته بشركة الحرير الصناعي، وهي مدة تقل عن ثلاث سنوات، يكون واجب الرفض؛ لتخلف شروط قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 في شأنها. أما فيما يتعلق بطلب فروق المرتب من تاريخ تعيين المدعي بوزارة التربية والتعليم حتى تاريخ منحه الدرجة الثامنة بأثر رجعي، فلما كان قد التحق بالخدمة في 9 من ديسمبر سنة 1944 فإن الجهة الإدارية التي كانت تترخص في تعيينه بالدرجة والمرتب اللذين تراهما؛ إذ هو لا يفيد من قواعد الإنصاف؛ ومن ثم يكون هذا الطلب غير مستند إلى أساس سليم من القانون. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 9 من فبراير سنة 1958 طلب فيها "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المدعي لتسوية حالته للمادة الثالثة من القانون رقم 62 لسنة 1955، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الحكومة بالمصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى أنه لا جدال أن في المدعي لا تسري في حقه أحكام قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 17 من ديسمبر سنة 1952 و15 من أكتوبر سنة 1950 و11 من مايو سنة 1947؛ لعم توافر شروطها في حالته على الوجه الذي استظهره الحكم المطعون فيه، إلا أن المذكور يفيد من أحكام القانون رقم 62 لسنة 1955 الذي وضع قواعد خاصة بنقل موظفي ومستخدمي وعمال الحكومة إلى مجلس بلدي الإسكندرية وتسوية مكافآتهم ومعاشاتهم، فقضى باعتبارهم منقولين بالحالة التي يكون عليها كل منهم في تاريخ تعيينه، وباعتبار مدة الخدمة في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحدة لا تتجزأ، وأجرى هذا الحكم أيضاً في شأن الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من المجلس المشار إليه إلى الحكومة، وكذا في شأن من سبق نقلهم، على أن يتقدموا بطلب الإفادة من هذا الحكم خلال ستة أشهر تبدأ من 3 من فبراير سنة 1955. وقد ورد الحكم المنصوص عليه في المادة الثالثة منه من الإطلاق والعموم بحيث يفيد منه كل من كانت له سابقة اشتغال بخدمة مجلس بلدي الإسكندرية، وتركه للالتحاق بخدمة الحكومة، بما لا مندوحة معه من تسوية حالته باعتباره منقولاً بالحالة التي كان عليها في المجلس، واعتبار مدة خدمته في كل من هذا المجلس والحكومة وحدة لا تتجزأ بغير ما حاجة إلى التحقق من مدى انطباق أحكام القواعد العامة لضم مدد الخدمة السابقة في شأنه؛ وعلى هذا فإن من حق المدعي الإفادة من حكم المادة الثالثة المذكورة؛ إذ صدر القانون رقم 62 لسنة 1955 وعمل به أثناء نظر الدعوى. وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، وقامت به حالة من حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه يبين من استظهار حالة المدعي من واقع ملف خدمته أنه حاصل على دبلوم المدارس الصناعية في صناعة البرادة في سنة 1948، وأنه اشتغل بمصانع شركة مصر للحرير الصناعي بكفر الدوار في وظيفة رسام في المدة من 15 من يوليه سنة 1948 إلى 18 من يونيه سنة 1949، والتحق بخدمة بلدية الإسكندرية بوظيفة براد مؤقت على اعتماد فرقة المطافئ بقسم الورش من 16 من ديسمبر سنة 1949 بأجر يومي قدره 240 م، ثم على اعتماد صيانة طلمبات المجاري اعتباراً من 25 من أكتوبر سنة 1950، وتدرج أجره اليومي حتى بلغ 300 م، واستقال من الخدمة ببرقية مؤرخة 5 من فبراير سنة 1952 اعتباراً من يوم 24 من يناير سنة 1952؛ لتعيينه في وزارة التربية والتعليم التي تسلم عمله بها في يوم السبت 26 من يناير سنة 1952 بوظيفة مدرس بمدارس التعليم الابتدائي في الدرجة التاسعة براتب شهري قدره 4 جنيهات، ومنح الدرجة الثامنة الفنية اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1952 بمرتب شهري قدره 500 م و8 ج، ثم ضمت له مدة خدمته من 26 من يناير سنة 1952 إلى 30 من نوفمبر سنة 1952، بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 في حساب أقدميته في هذه الدرجة، فاعتبر تاريخ تعيينه الأول من 26 من يناير سنة 1952 في الدرجة الثامنة الفنية، على ألا يترتب على ذلك أية زيادة في الماهية، وسويت حالته بعد ذلك بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية بوضعه في الدرجة السابعة الشخصية من تاريخ دخوله الخدمة في 26 من يناير سنة 1952، ثم ألغيت هذه التسوية وأعيد إلى حالته قبلها وذلك بناء على القانون رقم 151 لسنة 1955، وأعيدت التسوية ثانية بناء على القانون رقم 78 لسنة 1956.
ومن حيث إن كلاً من حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه وطعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة قد أصاب الحق فيما انتهى إليه من عدم جواز ضم مدة اشتغال المدعي بوظيفة رسام من 15 من يوليه سنة 1948 إلى 18 من يونيه سنة 1949 بمصانع شركة مصر للحرير الصناعي بكفر الدوار؛ لعدم استيفاء هذه المدة الشروط القانونية المتطلبة لضم مدد الخدمة السابقة، سواء بالتطبيق لقرارات مجلس الوزراء الصادرة في 11 من مايو سنة 1947 و15 من أكتوبر سنة 1950 و17 من ديسمبر سنة 1952، أو لقرار رئيس الجمهورية الصادر في 20 من فبراير سنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة.
ومن حيث إنه عن مدة خدمة المدعي بمجلس بلدي الإسكندرية بوظيفة براد باليومية من 16 من ديسمبر سنة 1949 حتى 24 من يناير سنة 1952، فإن القانون رقم 62 لسنة 1955 بتسوية حالة الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية إلى الحكومة أو منها إلى المجلس قد نص في مادته الأولى على ما يأتي: "موظفو الحكومة ومستخدموها وعمالها الذين يعينون في المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية ينقلون إليه بالحالة التي يكون عليها كل منهم في تاريخ تعيينه"، ونص في الفقرة الأولى من مادته الثانية على أن "تعتبر مدة خدمة الموظفين والمستخدمين والعمال المذكورين في المادة السابقة في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحدة لا تتجزأ، وتحسب في تسوية ما قد يستحقونه من معاش أو مكافأة عند تركهم الخدمة أو فصلهم منها..."، كما نص في مادته الثالثة على أن "تسري أحكام المادتين السابقتين على الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية إلى الحكومة وكذا على من سبق نقله من موظفي ومستخدمي وعمال هذا المجلس إلى الحكومة إذا طلب ذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون". وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون "ورغبة في تمكين المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية من مباشرة اختصاصاته المتشبعة التي قد تقضي الاستعانة بالموظفين ذوي الخبرة والمران السابق ترى وزارة الشئون البلدية والقروية تيسير نقل موظفي ومستخدمي وعمال الحكومة إلى المجلس البلدي المذكور على أن توضع قواعد خاصة بنقلهم وتسوية مكافآتهم ومعاشهم، وقد أوضح قسم التشريع بمجلس الدولة أنه روعي في تحديد هذه القواعد اعتبار موظفي الحكومة ومستخدميها وعمالها الذين يعينون في مجلس بلدي الإسكندرية منقولين إليه بالحالة التي يكون عليها كل منهم في تاريخ تعيينه، واعتبار مدة الخدمة في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحدة لا تتجزأ وتحسب في تسوية ما قد يستحقونه من معاش أو مكافأة، وأن تتحمل كل من الحكومة والمجلس البلدي نصيباً في مقدار المعاش أو المكافأة. ونص على أن تسري هذه القواعد أيضاً على الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من المجلس البلدي المذكور إلى الحكومة، وكذا على من سبق نقله من موظفي ومستخدمي وعمال هذا المجلس إلى الحكومة إذا طلب ذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون"، ثم صدر القانون رقم 190 لسنة 1955 بتعديل القانون رقم 62 لسنة 1955 المتقدم ذكره، ونص في المادة الأولى منه على أن "تضاف إلى المادة (1) من القانون رقم 62 لسنة 1955 المشار إليه فقرة جديدة نصها الآتي: (يستثنى المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية فيما يتعلق بتعيين الموظفين الذين ينقلون إليه من الحكومة من القيد الذي أوردته الفقرة الأخيرة من المادة 23 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه)"، وورد في مذكرته الإيضاحية أنه "وإن كانت أحكام هذا القانون تحفظ لموظفي الحكومة ومستخدميها الذين ينقلون إلى المجلس البلدي جميع حقوقهم المكتسبة مع تسوية حالاتهم كما لو كان نقلاً محلياً، إلا أن هذا النقل لا زال بمثابة التعيين ابتداء؛ لأنه ينشئ علاقة جديدة بين الموظف والمجلس البلدي الذي له شخصيته المعنوية وميزانيته المستقلة عن الحكومة". وفي 20 من فبراير سنة 1958 صدر قرار رئيس الجمهورية في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة، وأورد في البند (1) من مادته الثانية القواعد والشروط التي تحسب على أساسها مدد العمل السابقة في الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة، ومقدار ما يجوز ضمه من هذه المدد، سواء كانت متصلة أو منفصلة وما إذا كانت قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد فيها تعيين الموظف فيها وفي الكادر ذاته، أو قضيت في كادر أدنى أو على اعتماد أو بالمكافأة الشهرية أو باليومية، وما يتطلب في هذه الحالة في العمل السابق، والجهة التي تملك تقدير ذلك، مع قصر الضم على المدد التي قضيت بعد الحصول على المؤهل العلمي الذي يعين على أساسه الموظف أو يعاد تعيينه بمقتضاه، كما أورد في باقي المواد ما استلزمه من شروط عامة أخرى لإمكان هذا الضم.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن القانون رقم 62 لسنة 1955، وقد تضمن في جملته أحكاماً على غرار ما سبقه إليها القانون رقم 534 لسنة 1953 الخاص بتسوية حالة الموظفين والمستخدمين والعمال المنقولين من المصالح الحكومية التي أصبحت تابعة لمجلس بلدي مدينة القاهرة إنما قام على حكمة تشريعية هي الرغبة "في تمكين المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية من مباشرة اختصاصاته المتشبعة التي قد تقتضي الاستعانة بالموظفين ذوي الخبرة والمران السابق" و"تيسير نقل موظفي ومستخدمي وعمال الحكومة إلى المجلس المذكور"؛ للاستفادة بالأكفاء منهم "لتطعيم الأداة التنفيذية به ليقوم بأعبائه التي تتزايد وفقاً لمقتضيات النهضة الحالية". وفي سبيل تحقيق هذه الغاية، ومع أن نقل الموظفين والمستخدمين والعمال من الحكومة المركزية إلى المجالس البلدية يعد بمثابة التعيين ابتداءً؛ لأنه ينشئ علاقة جديدة بين هؤلاء وبين المجالس المذكور التي تتمتع بشخصيتها المعنوية وبميزانيتها المستقلة عن الحكومة، كما أكد ذلك القانون رقم 190 لسنة 1955 ومذكرته الإيضاحية - مع هذا فقد عمد الشارع للحكمة المتقدمة إلى تقرير قواعد خاصة بمن يعين من الموظفين والمستخدمين والعمال في المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية نقلاً من الحكومة، سواء فيما يتعلق بنقلهم بالحالة التي يكون عليها كل منهم في تاريخ تعيينه، أو باعتبار مدة خدمتهم في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحدة لا تتجزأ، أو بتسوية ما قد يستحقونه من معاش أو مكافأة عند تركهم الخدمة أو فصلهم منها؛ مستهدفاً بذلك المحافظة على الحقوق المكتسبة لهؤلاء الموظفين والمستخدمين والعمال، مع تسوية حالاتهم، كما لو كان نقلهم نقلاً محلياً. واستكمالاً للغاية ذاتها أجرى هذه الأحكام أيضاً على الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من المجلس البلدي المذكور إلى الحكومة، وكذا على من سبق نقله منهم إلى الحكومة إذا طلب ذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون في 2 من فبراير سنة 1955.
ومن حيث إن مفاد ما سلف إيراده من نصوص أنه - بعد إذ كانت مدة الخدمة في كل من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية والحكومة مستقلة عن الأخرى في خصوص ما تقدم - أصبحت بمقتضى القانون رقم 62 لسنة 1955 وحدة لا تتجزأ؛ بحيث صارت الخدمة في المجلس البلدي المذكور تعتبر بمثابة الخدمة في الحكومة وبالعكس، سواء قبل نفاذ هذا القانون أو بعده. وغني عن القول أنه يسري في حق موظف المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية المنقول إلى الحكومة جميع ما يسري على موظفي الحكومة من القواعد التنظيمية العامة والشروط التي تتطلبها تلك القواعد، فإذا ما تطلبت هذه القواعد شروطاً خاصة لضم المدد السابقة في خدمة الحكومة كان من البداهة وجوب توافر هذه الشروط عينها في حق موظف المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية المنقول إلى الحكومة إذا ما أراد ضم مدة خدمته السابقة في المجلس إلى مدة خدمته في الحكومة؛ إذ أن القانون المشار إليه لم يقصد أن يمنحه مزية خاصة على موظفي الحكومة، بل غاية الأمر أنه هدف إلى اعتبار مدتي الخدمة في كل من المجلس والحكومة بمثابة الوحدة الواحدة؛ وذلك للحكمة التشريعية التي كشف عنها في مذكرته الإيضاحية، حسبما سلف بيانه.
ومن حيث إن المدعي يطلب ضم مدة خدمته السابقة في المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية في مهنة براد باليومية بقسم الورش إلى مدة خدمته بوزارة التربية والتعليم في وظيفة مدرس لمادتي الحساب والعلوم العامة بمدارس التعليم الابتدائي المحول، وهذا غير جائز قانوناً طبقاً للقواعد التنظيمية الخاصة بحساب مدد الخدمة السابقة، إلا إذا اتحدت طبيعة العملين. ولا جدال في أن العمل في مهنة براد بورش المجلس البلدي، وهي الحرفة التي كان يمارسها المدعي قبل تعيينه في وزارة التربية والتعليم، لا يتطلب من ناحية الاستعداد والتأهيل ما تتطلبه وظيفة مدرس الحساب والعلوم العامة بمدارس التعليم الابتدائي التي أصبح يمارسها في وظيفته اللاحقة بالحكومة؛ فبينما يلاحظ في طبيعة العمل الأول أنه آلي لا يفتقر العامل في أدائه إلى استعداد تربوي أو علمي منهجي، إذا بوظيفة التدريس تقتضي بطبيعتها فيمن يضطلع بها قسطاً من السيطرة على الناشئة وتوجههم وتبصيرهم بالأصول العلمية، فالعملان وإن تشاركا في بعض النواحي العلمية إلا أنهما متباينان لا شك في طبيعتهما ومستواهما ونطاق اختصاص كل منهما. وعلى مقتضى هذا التحديد يكون شرط تجانس العمل السابق مع عمل وظيفة المدعي الجديدة في طبيعته مفقوداً؛ ومن ثم فإن حكم المحكمة الإدارية المطعون فيها يكون قد أصاب الحق في قضائه من حيث النتيجة التي انتهى إليها في خصوص هذا الطلب، ولكن للأسباب المبينة آنفاً.
ومن حيث إن مقتضى اعتبار مدتي خدمة المدعي في كل من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية ووزارة التربية والتعليم وحدة لا تتجزأ بالتطبيق لأحكام القانون رقم 62 لسنة 1955 هو ألا يكون ثمت وجه لاستقطاع إعانة غلاء المعيشة وحرمان المدعي منها لمدة ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ تعيينه في وزارة التربية والتعليم في 26 من يناير سنة 1952 على أساس اعتبار هذا التعيين مبتدأ ومنقطع الصلة بماضي خدمته بمجلس بلدي الإسكندرية؛ ومن ثم فإنه يستحق هذه الإعانة عن المدة المشار إليها بعد إذ سبق خصمها منه لمدة ثلاثة الأشهر الأولى من بدء تعيينه بمجلس بلدي الإسكندرية، وهو ما أقرت به منطقة كفر الشيخ التعليمية في مذكرتيها المؤرختين 23 من مارس و19 من أكتوبر سنة 1957.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلب المدعي الخاص بصرف الفروق المترتبة على تسوية حالته في الدرجة الثامنة الفنية بوزارة التربية والتعليم من التاريخ الذي أرجعت إليه أقدميته في هذه الدرجة، وهو تاريخ التحاقه بخدمة الوزارة في الدرجة التاسعة منذ 26 من يناير سنة 1952، فإنه لما كان تعيينه بالوزارة حاصلاً بعد 9 من ديسمبر سنة 1944، وهو التاريخ الذي امتد إليه تطبيق قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944؛ الأمر الذي لا يرتب له أي حق في الإفادة من هذه القواعد، وكان تعديل أقدميته في الدرجة الثامنة الفنية التي منحها اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1952 إنما تم بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 في شأن ضم مدد الخدمة السابقة بالحكومة التي يقضيها الموظفون والمستخدمون ذوو المؤهلات على اعتمادات في درجة أو على غير درجة أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي أو باليومية أو في التطوع بأسلحة الجيش المختلفة، وذلك على أساس حساب مدة خدمته بالدرجة التاسعة من 26 من يناير سنة 1952 إلى 30 من نوفمبر سنة 1952 في أقدمية الدرجة الثامنة، وكان قرار مجلس الوزراء المشار إليه يقضي بألا يترتب على الضم الحاصل بمقتضاه أية زيادة في الماهية، كما أن قانون المعادلات الدراسية نص على عدم صرف فروق مالية عن الماضي، فإن المدعي - والحالة هذه - لا يكون على حق فيما يطلبه من فروق مالية عن التسوية أنفة الذكر، ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب فيما قضى به من رفض الطلب.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين القضاء بإلغاء حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب استحقاق المدعي إعانة غلاء المعيشة عن ثلاثة الأشهر الأولى من تاريخ تعيينه بوزارة التربية والتعليم في 26 من يناير سنة 1952، وباستحقاقه للإعانة المذكورة عن هذه المدة على أساس مرتبه في الدرجة التاسعة وحالته الاجتماعية وقتذاك، مع إلزام الحكومة بالمصروفات الخاصة بهذا الطلب، وتأييد الحكم فيما عدا ذلك فيما قضى به من رفض باقي طلبات المدعي، وإلزامه بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم استحقاق المدعي إعانة غلاء المعيشة عن الفترة المبينة بأسباب هذا الحكم، واستحقاقه لها، وألزمت الحكومة بالمصروفات الخاصة بهذا الطلب، وبتأييد الحكم فيما عدا ذلك.