جلسة 7 من يونيه سنة 1956
برياسة السيد عبد العزيز
محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد على، ومحمد
متولى عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.
--------------
(95)
القضية رقم 365 سنة 22
القضائية
(أ) نقض. طعن. ميعاد
الطعن. دفع. محاماة.
الدفع بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه بعد الميعاد. الاستناد في تاريخ
إعلان الطاعن بالحكم المطعون فيه إلى عبارة في تقرير الطعن بشأن هذا التاريخ. خلو
توكيل المحامي الذي قرر بالطعن من التفويض بالإقرار. نفي محامى الطاعن الحاضر
بالجلسة حصول إعلان موكله بالحكم في هذا التاريخ. دفع في غير محله.
(ب) مرض الموت.
تأثير
المرض تأثيرا ظاهرا في حالة المريض النفسية أو مساسه بادراكه. عدم اشتراط ذلك
لاعتبار المرض مرض موت.
(جـ) مرض الموت. إثبات.
وفاة المريض على فراش مرضه بالمستشفى بالتهاب رئوى بعد عملية جراحية أجريت له. لا
ينفى أنه كان مريضا مرض الموت قبل دخوله المستشفى. رفض طلب الإحالة إلى التحقيق
لإثبات مرضه بالسرطان قبل دخوله المستشفى بثلاثة أشهر. غير سائغ.
---------------
1 - العبارة الواردة في تقرير
الطعن بشأن تاريخ إعلان الطاعن بالحكم المطعون فيه سواء اعتبرت بيانا من الطاعن
لواقعة من وقائع الدعوى أو إقرارا فهي في الحالين غير ملزمة له إلزاما لا يستطيع
دفعه، إذ أن الطاعن في الصورة الأولى يستطيع أن يصححها بمجرد قوله، وإن اعتبرت
إقرارا لزم أن يكون المقر بها مفوضا بالإقرار، فإذا تبين من التوكيل الصادر من
الطاعن إلى المحامي الذي قرر بالطعن أنه لم يرد به تفويض بالإقرار فلا يكون هناك
محل للدفع بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه بعد الميعاد استنادا إلى هذه العبارة ما دام
محامى الطاعن الحاضر بجلسة المرافعة نفى حصول الإعلان لموكله في ذلك التاريخ.
2 - لا يشترط لاعتبار
المرض مرض موت أن يكون المرض قد أثر تأثير ظاهرا في حالة المريض النفسية أو وصل
إلى المساس بإدراكه.
3 - ثبوت وفاة المريض على
فراش مرضه في المستشفى بالتهاب رئوي بعد العملية الجراحية التي أجريت له لا ينفي
حتما أنه كان مريضا مرض موت قبل دخوله المستشفى إذ قد يكون هذا السبب الأخير من
مضاعفات المرض ولا يسوغ رفض الاستجابة إلى طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات أنه كان
مريضا بالسرطان قبل دخول المستشفى بثلاثة أشهر.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن وقائع الطعن -
حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن الأول
وشقيقته صوفيه مورثة الطاعن الثاني عن نفسه وبصفته أقاما الدعوى رقم 648 لسنة 1949
كلى مصر على المطعون عليها بصفتيها وقالا في صحيفتها إن والدهما المرحوم بطرس عبد
الملك حرر عقد بيع جعل تاريخه 13/ 4/ 1940 إلى زوجته المطعون عليها وأولاده منها
القصر عن 32 ف و11 ط و9 س موضحة الحدود والمعالم بالعقد وبالثمن المقرر فيه وإنها
استصدرت قرارا من المحكمة الحسبية بسلب ولاية زوجها عن أولادها القصر والمشترين
معها وبتعيينها وصيا للخصومة عن هؤلاء القصر كما استصدرت بعد ذلك حكما بإثبات صحة
هذا العقد في الدعوى رقم 262 لسنة 1948 كلى بنى سويف - ولأن هذا العقد صوري لأنه
رغم إعطائه تاريخا في سنة 1940 فإن المورث ظل واضعا يده على هذه المساحة حتى يوم
وفاته في 1948 ينتفع بها لحسابه الخاص ويسدد عنها أقساط البنك المرتهن لها وأن
المطعون عليها رغم صدور العقد لها لم ترفع دعوى صحة التعاقد إلا في 30/ 6/ 1948
وصدر الحكم لمصلحتها في 25/ 9/ 1948 ثم سارعت في سحب صورة الحكم التنفيذية
وأعلنتها في 29/ 9/ 1948 وهو يوم وفاة المورث ثم طلبا الحكم ببطلان العقد لأنه
مشوب بالصورية المطلقة وبجلسة 12/ 12/ 1949 طعن الطاعنان في العقد بصدوره في مرض
الموت (سرطان في الشرج) وطلبا أخيرا الحكم ببطلان عقد البيع المذكور واعتباره كأن
لم يكن وإلغاء التسجيلات المترتبة عليه وبثبوت ملكيتهما إلى نصيبهما في المساحة
المبيعة 12 ف و3 ط و12 س وتسليمه إليهما مع كف منازعة المدعى عليها بصفتيها مع
المصروفات والأتعاب ألخ. وفى 28/ 12/ 1950 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف
المدعيان هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة (304 سنة 68 ق) وطلبا قبول
الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم لهما بطلباتهما الأصلية.
وبجلسة 14/ 6/ 1952 حكمة المحكمة بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم
المستأنف. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة
في 26/ 8/ 1952 أعلن إلى المطعون عليها في 28/ 8/ 1952 وبجلسة المرافعة دفعت
المطعون عليها بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه بعد الميعاد بالنسبة للطاعن الأول لأن
الحكم أعلن إليه باعترافه في تقرير الطعن في 22/ 7/ 1952 ولكنه لم يقرر بالطعن على
ما سلف القول إلا في 26/ 8/ 1952 بعد فوات الثلاثين يوما المحددة للطعن في المادة
428 مرافعات.
(عن الدفع):
ومن حيث إن هذا الدفع في غير
محله. ذلك لأن المطعون عليها لم تقدم الدليل على أن الحكم المطعون فيه أعلن للطاعن
الأول 22/ 7/ 1952 ولا يجديها بعد ذلك التمسك بما ورد في تقرير الطعن من أن الطاعن
الأول أعلن في ذلك التاريخ، فأغناها بذلك عن تقديم الدليل عليه. ذلك أن وكيل
الطاعن المذكور الحاضر بجلسة المرافعة نفى حصول الإعلان لموكله في هذا التاريخ،
وذكر أن ما ورد في تقرير الطعن في هذا الخصوص إنما كان خطأ ماديا من الوكيل السابق
الذي ما كان توكيله يحوى تفويضا خاصا بالإقرار. وفى هذا الذي يقرره الطاعن ما يكفى
لرفض هذا الدفع. ذلك أن العبارة التي وردت في تقرير الطعن سواء اعتبرت بيانا من
الطاعن لواقعة من وقائع الدعوى أو إقرارا فهي في الحالين غير ملزمة له إلزاما لا
يستطيع دفعه إذ أن الطاعن في الصورة الأولى يستطيع أن يصححها بمجرد قوله - وإن
اعتبرت إقرارا لزم أن يكون المقر بها مفوضا بالإقرار، ويبين من التوكيل الصادر من
الطاعنين إلى المحامي الذي قرر الطعن أنه لم يرد به تفويض بالإقرار. ولذلك يتعين
رفض الدفع.
ومن حيث إنه لذلك يكون
الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية. ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون
فيه قصورا في التسبيب يؤدى إلى بطلان الحكم من عدة وجوه: الوجه الأول - استخلص
الحكم عدم صدور العقد في مرض الموت من المصادر الآتية: ( أ ) أن العقد يعتبر ثابت
التاريخ من تاريخ الطلب الذي قدمته المطعون عليها لمحكمة بنى سويف الحسبية في 13/
6/ 1948. (ب) إن المورث لم يكن في هذا التاريخ مريضا بمرض الموت كدلالة شهادة
المستشفى المؤرخة 4/ 11/ 1948 وقد جاء فيها أنه أدخل المستشفى في 29/ 6/ 1948 ومكث
به حتى توفى في 29/ 9/ 1948 وكان مصابا بالتهاب غلغمونى في الشرج وأجريت له جراحة
في 30/ 6/ 1948 وكانت حالته جيدة عقب العملية غير أنه أصيب بالتهاب رئوي في 25/ 9/
1948 توفى على أثره في 29/ 9/ 1948 وكان طيلة إقامته بالمستشفى في حالة ذهنية
وعقلية جيدة. (جـ) الكتاب المنسوب للمورث الذي بعث به إلى محاميه الأستاذ قسطندي
برسوم في 14/ 9/ 1948 يطلب إليه الحضور عنه بجلسة 18/ 9/ 1948 لإعطاء الإقرار اللازم
نيابة عنه. وكل هذه المصادر لا تؤدى عقلا إلى استخلاص واقعة انعدام صدور العقد في مرض
الموت على ما قال به الحكم للأسباب الآتية: أولا - لو فرض جدلا أن طلب 13/ 6/ 1948
إلى المحكمة الحسبية قد أعطى العقد تاريخا ثابتا فإن المقطوع به أن المورث أصيب
بالمرض الذي انتهى بوفاته قبل دخوله المستشفى بثلاثة شهور ولما عجز الأطباء عن
شفائه قرروا إجراء عملية جراحية له لوضع حد لآلامه فدخل المستشفى الإيطالي في 29/
6/ 1948 وبقى به حتى وفاته في 29/ 9/ 1948، وثابت من شهادة المستشفى أنه كان مصابا
بالتهاب غلغمونى بالشرج وكانت حالته عقب العملية جيدة غير أنه أصيب في 25/ 9/ 1948
بالتهاب رئوي توفى على أثره ولم يكن هذا الالتهاب الرئوي إلا نتيجة مرضه وضعفه.
ثانيا - إن الثابت أن حالة المرض التي دخل المورث من أجلها المستشفى منعته من
مغادرته ومن مزاولة أعماله واستمر كذلك حتى وفاته. ثالثا - لا يشترط في مرض الموت
أن يكون المريض به في حالة ذهنية أو عقلية غير سليمة. رابعا - إن المورث حرر العقد
قبيل دخوله المستشفى بأيام في وقت كان يشعر فيه بدنو أجله. خامسا - إن خطاب المورث
للأستاذ قسطندى برسوم المحامي في 14/ 9/ 1948 لا يؤدى إلى النتيجة التي انتهى
إليها الحكم. سادسا - إن ظروف تحرير العقد من عدم ذكر أساس ملكية البائع ومن صورية
الثمن ومن التعجل في رفع الدعوى والإجراءات السريعة فيها تقطع في أن العقد حرر من
المورث في وقت كان يشعر هو المطعون عليها بدنو أجله ولما صدر الحكم أعلنته به في بنى
سويف في يوم وفاته إلى المستشفى مما لم تكن تجهله. الوجه الثاني - طلب الطاعن
الأول في مذكرته بجلسة التحضير (1/ 4/ 1952) إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات
حقيقة نوع المرض الذي أدخل المستشفى للمعالجة منه والذى توفى بسببه وكذلك ندب
الطبيب الشرعي للاطلاع على أوراق المستشفى لمعرفه نوع المرض وتطوراته إلا أن
المحكمة رفضت هذا الطلب بأسباب لا تصلح للرد عليه - فضلا عن أن الحكم خلط في أسبابه
خلطا يجعلها في حكم العدم إذ خلط بين تصرفات المريض مرض الموت وبين تصرفات عديم
الأهلية أو قاصرها فاشترط على خلاف القانون أن يكون المتصرف غير كامل الأهلية ولا
سليم الإدراك مع اختلاف الحكم في الحالتين. ثم ردد الطاعنان هذا السبب في عبارات
لا تخرج عما سبق إثباته وجعلاه سببا ثانيا للطعن. وأكد أن المورث كان مريضا
بالسرطان وقد أضعف صحته بدرجة جعلته لا يحتمل الالتهاب الرئوي الذي أصابه في المستشفى
وعجل بوفاته. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى الدائرة المدنية
وقد انضمت النيابة العمومية في مذكرتها إلى الطاعنين وطلبت نقض الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن هذا النعي في محله،
ذلك أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه بأن المورث لم يكن وقت تحرير العقد المطعون
فيه مريضا مرض موت على شهادة المستشفى الإيطالي مقررا أنه وضح في تلك الشهادة أن
المورث كان بعد إجراء العملية الجراحية له بحالة جيدة وأنه كان طول فترة إقامته
بالمستشفى حتى ساعة وفاته في حالة ذهنية وعقلية جيدة وطبيعية وإنه توفى إثر إصابته
بالتهاب رئوي قبل وفاته بأربعة أيام - وأنه لذلك لا يمكن القول إن المورث كان قبل
دخوله المستشفى ووقت تحرير العقد مريضا مرض موت. ويكون الطعن على العقد لهذا السبب
على غير أساس دون حاجة إلى تحقيق ما أثاره الطاعنان من أن المورث كان مريضا
بالسرطان - هذا الذي اعتمد عليه الحكم المطعون فيه في قضائه قد شابه فهم قانوني
غير سليم لمعنى مرض الموت فضلا عن أن ما أقيم عليه قد شابه القصور ولا يؤدى إلى
النتيجة التي انتهى إليها من نفى مرض الموت ولا يسوغ رفض الاستجابة إلى طلب الإحالة
إلى التحقيق لإثبات أن المورث كان مريضا بالسرطان قبل دخوله المستشفى بثلاثة شهور
- ذلك لأنه لا يشترط لاعتبار المرض مرض موت أن يكون المرض كما توهم عبارة الحكم
المطعون فيه أثر تأثيرا ظاهرا في حالة المريض النفسية أو وصل إلى المساس بإدراكه
كما أن الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث حالة الموت قبل دخوله المستشفى - كما أن
ثبوت وفاة المورث على فراش مرضه في المستشفى بالتهاب رئوي بعد العملية الجراحية
التي أجريت له لا ينفى حتما أن المورث كان مريضا مرض موت إذ قد يكون هذا السبب
الأخير من مضاعفات المرض - وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه قاصر البيان قصورا
يعيبه ويبطله.