جلسة 27 مايو سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/
ممدوح مصطفى حسن - رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين: منير أمين عبد المجيد،
ومحمد كمال محفوظ، وشريف برهام نور، وواصل علاء الدين، ومحمد ولي الدين جلال،
ونهاد عبد الحميد خلاف - أعضاء،
وحضور السيد المستشار/
السيد عبد الحميد عمارة - المفوض،
وحضور السيد/ رأفت محمد
عبد الواحد - أمين السر
----------------.
قاعدة رقم (32)
القضية رقم 150 لسنة 4
قضائية "دستورية"
(1) دعوى دستورية
"نطاقها" - تشريع عقابي "سريانه من حيث الزمان".
نطاق الطعن بعدم
الدستورية بالنسبة للتشريع العقابي يتحدد بنصه المعمول به في تاريخ الواقعة
الجنائية - مثال بشأن الطعن على المادتين (238) و(244) من قانون العقوبات.
(2) شريعة إسلامية -
تشريع.
إلزام الدستور المشرع
باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، لا ينصرف سوى إلى
التشريعات التي تصدر بعد التاريخ الذي فرض فيه الإلزام بحيث إذا انطوى أي منها على
ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية،
أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ فلا يتأتي إنفاذ هذا الحكم بالنسبة لها،
لصدورها في وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائماً واجب الإعمال.
(3) شريعة إسلامية -
المادة (220) إجراءات جنائية.
عدم تعديل المادة (220)
من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديل المادة الثانية من الدستور في 22 مايو سنة
1980 التاريخ الذي فرض فيه الإلزام باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي
للتشريع - النعي عليها بمخالفة حكم هذه المادة في غير محله.
-----------------------------
1 - لما كان من المقرر أن
العقاب على ارتكاب جريمة إنما يكون وفقاً للنصوص السارية في تاريخ حدوثها، فإن
نطاق الطعن بعدم الدستورية يتحدد بالنسبة للمادتين (238)، (244) من قانون العقوبات
بنصها المعمول به في تاريخ الواقعة الجنائية ما دام لم يتم تعديلها بعد ذلك على
وجه أصلح للمتهم.
2 ، 3 - إلزام المشرع
باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع - بعد تعديل المادة
الثانية من الدستور بتاريخ 22 مايو سنة 1980 - لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي
تصدر بعد التاريخ الذي فرض فيه هذا الإلزام بحيث إذا انطوى أي منها على ما يتعارض
مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية، أما
التشريعات السابقة على ذلك التاريخ فلا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه
بالنسبة لها لصدورها فعلاً من قبله، أي في وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام
قائماً واجب الإعمال، ومن ثم فإن هذه التشريعات تكون بمنأى عن هذا القيد، وهذا هو
مناط الرقابة الدستورية. وكان مبنى الطعن هو مخالفة المادتين (238)، (244) من
قانون العقوبات والمادة (220) من قانون الإجراءات الجنائية للمادة الثانية من
الدستور، وكان القيد المقرر بمقتضى المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها بتاريخ
22 مايو سنة 1980 - والمتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية -
لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه، وكان نطاق الطعن قد تحدد
بالمادتين (238)، (244) من قانون العقوبات بنصهما في تاريخ الواقعة الجنائية سنة
1978 وهو تاريخ سابق علي تعديل المادة الثانية من الدستور وبالمادة (220) من قانون
الإجراءات الجنائية التي لم يجر تعديلها بعد هذا التعديل للدستور، ومن ثم فإن
النعي على هذه المواد بمخالفتها حكم المادة الثانية من الدستور - وأياً كان وجه
الرأي في تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية - يكون في غير محله.
الإجراءات
بتاريخ 26 ديسمبر سنة
1982 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 848 لسنة 1979 جنح مركز البدرشين
بعد أن قضت محكمة جنح البدرشين بتاريخ 25 ديسمبر سنة 1980 بوقف الدعوى وإحالة
الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادتين (238)، (244) من
قانون العقوبات والمادة (220) من قانون الإجراءات الجنائية.
قدمت هيئة قضايا الدولة
مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى أودعت
هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه
المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة أسندت للمدعى
عليهما الأول والثاني أنهما في يوم 26 ديسمبر 1978 - تسبباً بخطئهما في إحداث وفاة
ثلاثة عشر شخصاً وإصابة ثمانية وثلاثين شخصاً وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم
احترازهما وعدم مراعاتهما القوانين واللوائح وطلبت عقابهما بالمادتين 238/ 1، 3
و244/ 1، 3 من قانون العقوبات. وأثناء تداول الدعوى أمام محكمة جنح البدرشين ادعى
ورثة بعض المجني عليهم مدنياً طالبين الحكم بتعويض مؤقت. وإذ تراءي لمحكمة جنح
البدرشين الجزئية عدم دستورية المادتين 238، 244 من قانون العقوبات والمادة 220 من
قانون الإجراءات الجنائية فقد أحالت الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل
في دستورية هذه المواد، استناداً إلى أن المادتين 238، 244 من قانون العقوبات
تنصان على عقوبتي الحبس والغرامة أو إحداهما لمن يتسبب خطأ في موت أو جرح شخص
نتيجة إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات
واللوائح والأنظمة وانطوتا بذلك على محالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية التي أصبحت
طبقا للمادة الثانية من الدستور المصدر الرئيسي للتشريع، وذلك باعتبار أن الدية
تجب في القتل الخطأ وأن الأرش يجب في إصابة ما دون النفس خطأ، كما أن المادة 220
من قانون الإجراءات الجنائية التي أجازت رفع الدعوي المدنية أمام المحاكم الجنائية
بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة تتنافي مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
وإذ كان من المقرر أن
العقاب على ارتكاب جريمة إنما يكون وفقاً للنصوص السارية في تاريخ حدوثها، فإن
نطاق الطعن يتحدد بالنسبة للمادتين 238، 244 من قانون العقوبات بنصهما المعمول به
في تاريخ الواقعة الجنائية ما دام أنه لم يتم تعديلهما بعد ذلك على وجه أصلح
للمتهم. ويتحدد هذا النطاق أيضاً بالمادة 220 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن المادة 238 من
قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 والمعدلة بالقانون رقم 120 لسنة
1962 تنص على أن "من تسبب خطأ في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله
أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين
العقوبتين. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين وغرامة
لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت
الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته
أو حرفته أو كان متعاطياً مسكراً أو مخدراً عند ارتكابه الخطأ الذي نجم عنه الحادث
أو نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة مع تمكنه من
ذلك. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنين إذا نشأ عن
الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة
السابقة كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على عشر سنين".
وحيث إن المادة 244 من
قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 وقبل تعديلها بالقانون رقم 29
لسنة 1982، تنص على أنه:
"من تسبب خطأ في جرح شخص
أو إيذائه بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين
والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تجاوز
خمسين جنيهاً أو بإحدى هاتين العقوبتين. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على
سنتين وغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا نشأ عن الإصابة
عاهة مستديمة أو إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالاً جسيماً بما تفرضه
عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطياً مسكراً أو مخدراًَ عند
ارتكابه الخطأ الذي نجم عنه الحادث أو نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه
الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك. وتكون العقوبة الحبس إذا نشأ عن
الجريمة إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في
الفقرة السابقة تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين".
وحيث إن المادة 220 من
قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 بتاريخ 3 سبتمبر سنة
1951 تنص على أنه: "يجوز رفع الدعوى المدنية، مهما بلغت قيمتها، بتعويض الضرر
الناشئ عن الجريمة أمام المحاكم الجنائية لنظرها مع الدعوى الجنائية".
وحيث إنه يبين من تعديل
الدستور الذي تم بتاريخ 22 مايو سنة 1980 أن المادة الثانية منه أصبحت تنص على أن:
"الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية
المصدر الرئيسي للتشريع"، بعد أن كانت تنص عند صدور الدستور في 11 سبتمبر سنة
1971 على أن "الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة
الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع".
وحيث إنه لما كان من
المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة
الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع - بعد تعديل المادة الثانية من الدستور على نحو
ما سلف - لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي تصدر بعد التاريخ الذي فرض فيه هذا
الإلزام بحيث إذا انطوى أي منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد
وقع في حومة المخالفة الدستورية، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ فلا يتأتى
إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فعلاً من قبله، أي في وقت لم
يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائماً واجب الإعمال، ومن ثم فإن هذه التشريعات
تكون بمنأى عن هذا القيد، وهذا هو مناط الرقابة الدستورية.
وحيث إنه ترتيباً على ما
تقدم، ولما كان مبنى الطعن هو مخالفة المادتين 238 و244 من قانون العقوبات والمادة
220 من قانون الإجراءات الجنائية للمادة الثانية من الدستور، وإذ كان القيد المقرر
بمقتضى المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها بتاريخ 22 مايو سنة 1980 - والمتضمن
إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية - لا يتأتى إعماله بالنسبة
للتشريعات السابقة عليه حسبما سلف بيانه، وكان نطاق الطعن قد تحدد بالمادتين 238،
244 من قانون العقوبات بنصهما في تاريخ الواقعة الجنائية سنة 1978 وهو تاريخ سابق
على تعديل المادة الثانية من الدستور وبالمادة 220 من قانون الإجراءات الجنائية
التي لم يجر تعديلها بعد هذا التعديل للدستور، ومن ثم فإن النعي على هذه المواد
بمخالفتها حكم المادة الثانية من الدستور - وأياً كان وجه الرأي في تعارضها مع
مبادئ الشريعة الإسلامية - يكون في غير محله، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض
الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى.
ملحوظة:
أصدرت المحكمة خلال
الفترة التي تناولها هذا الجزء من أحكام المحكمة - أحكاماً برفض الطعون بعدم
الدستورية لذات الأسباب وذلك في الدعاوي التالية:
1 - الدعوى رقم 141 لسنة
4 قضائية "دستورية" بجلسة 4 إبريل سنة 1987 بشأن الطعن بعدم دستورية
المادة (7) من القانون رقم 63 لسنة 1976 بحظر شرب الخمر.
2 - الدعوى رقم 70 لسنة 6
قضائية "دستورية" بجلسة 4 إبريل سنة 1987 بشأن الطعن بعدم دستورية
المادة (222) فقرة أولى من القانون المدني.
3 - الدعوى رقم 46 لسنة 7
قضائية "دستورية" بجلسة 4 إبريل سنة 1987 بشأن الطعن بعدم دستورية
المادة (76) من قانون الوصية.
4 - الدعوى رقم 125 لسنة
6 قضائية "دستورية" بجلسة 6 يونيه سنة 1987 بشأن الطعن بعدم دستورية
المادة (37) فقرة أولى من قانون الوصية.
5 - الدعوى رقم 2 لسنة 8
قضائية "دستورية" بجلسة 6 يونيه سنة 1987 بشأن الطعن بعدم دستورية
المادة (458/ 1) من القانون المدني.
6 - الدعوى رقم 45 لسنة 3
قضائية "دستورية" بجلسة 2 إبريل سنة 1988 بشأن الطعن بعدم دستورية
المادة (317) البند أولاً من قانون العقوبات.
7 - الدعوى رقم 32 لسنة
10 قضائية "دستورية" بجلسة 4 نوفمبر سنة 1989 بشأن الطعن بعدم دستورية
المادة (317) البند ثانياً من قانون العقوبات.
8 - الدعوى رقم 35 لسنة
10 قضائية "دستورية" بجلسة 4 نوفمبر سنة 1989 بشأن الطعن بعدم دستورية
المادة (317) البند خامساً من قانون العقوبات.
9 - الدعوى رقم 12 لسنة
11 قضائية "دستورية" بجلسة 4 نوفمبر سنة 1989 بشأن الطعن بعدم دستورية
المادة (317) البند رابعاً من قانون العقوبات.
10 - الدعوى رقم 17 لسنة
8 قضائية "دستورية" بجلسة 3 فبراير سنة 1990 بشأن الطعن بعدم دستورية
المادة (228) من القانون المدني.
11 - الدعوى رقم 34 لسنة
10 قضائية "دستورية"
بجلسة 3 فبراير سنة 1990
بشأن الطعن بعدم دستورية المواد من (273) إلى (276) من قانون العقوبات.
12 - الدعوى رقم 33 لسنة
10 قضائية "دستورية" بجلسة 5 يناير سنة 1991 بشأن الطعن بعدم دستورية
المواد (267)، (269)، (277) من قانون العقوبات.