جلسة 24 من نوفمبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي/ إبراهيم الضبع "نائب رئيس المحكمة"،
وعضوية السادة القضاة/ حسن أبو عليو، عبد الرحيم الشاهد، محمد خيري "نواب
رئيس المحكمة"، ومهند أحمد.
-------------
(121)
الطعن 12023 لسنة 89 ق
(1) حكم "حجية الأحكام: شروط الحجية:
الشروط الواجب توافرها في الحق المدعى به"
حيازة الحكم قوة الأمر المقضي. أثره. منع الخصوم أنفسهم من العودة إلى
المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم
يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم. شرطه. وحدة المسألة في
الدعويين.
(2) قوة الأمر المقضي "أثر اكتساب قوة
الأمر المقضي".
ثبوت قضاء الحكم المطعون فيه بهيئة مغايرة بحكم نهائي حائز لقوة الأمر
المقضي بإلغاء الحكم المستأنف برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق
الذي رسمه القانون 7 لسنة 2000 وقبولها وإعادتها للمحكمة الابتدائية لنظر الموضوع.
مؤداه. امتناع معاودة بحث ذلك الدفع. التزام الحكم المطعون فيه ذلك النظر. صحيح.
النعي عليه. غير مقبول.
(3) بيئة "حماية البيئة المائية من
التلوث: حماية الشواطئ".
التزام الدولة بحماية الشواطئ وحظر التعدي عليها أو تلويثها أو
استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها. م 45 من دستور 2014. حظر إجراء أي عمل من شأنه
المساس بخط المسار الطبيعي للشاطئ. المواد 73، 74، 98 من ق 4 لسنة 1994 بشأن
البيئة، و59 من لائحته التنفيذية. اعتبار التعدي على الشواطئ عملا غير مشروع يشكل
جريمة تلحق بالبيئة. علة ذلك.
(4) دعوى "تقادم دعوى التعويض".
دعوى التعويض الناشئة عن جريمة. امتناع سقوطها إلا بسقوط الدعوى
الجنائية. انفصال الدعوى المدنية عن الدعوى الجنائية. مؤداه. وقف سريان التقادم
بالنسبة للضرر ما بقى الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها
قائما. عودة سريان مدة التقادم من تاريخ انقضائها بمضي المدة أو صدور حكم نهائي
بإدانة الجاني أو بغير ذلك من أسباب الانقضاء.
(5) تقادم "وقف التقادم".
وقف سريان تقادم دعوى المضرور بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة طوال
مدة إجراء التحقيق من النيابة العامة. عودة سريانه من تاريخ صدور قرار نهائي من
النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية.
(6) قوة الأمر المقضي "حجية الأوامر
والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق".
قرار النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية. لا يحوز حجية تمنع
المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية.
(7) نقض "إجراءات الطعن بالنقض: إيداع
الأوراق والمستندات".
الطعن بالنقض وجوب تقديم الخصوم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه
الطعن في المواعيد المحددة قانونا. م 255 مرافعات المعدلة.
(8) تقادم "التقادم المسقط: التقادم
الثلاثي: الدعوى الناشئة عن العمل غير المشروع".
ثبوت كون العمل غير المشروع الذي سبب الضرر للمطعون ضده بصفته قد شكل
جريمة بيئية وصدور قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لانقضائها
بمضي المدة. بدء سريان تقادم دعوى التعويض بمدتها الأصلية ثلاث سنوات من تاريخ
صيرورة الأمر نهائيا. إقامتها قبل مضى ثلاث سنوات من تاريخ صيرورة الأمر نهائيا.
مؤداه. عدم اكتمال مدة التقادم الثلاثي وقت رفعها. قضاء الحكم المطعون فيه برفض
الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم. صحيح. النعي عليه. غير مقبول. استناد الحكم المطعون
فيه لمعيار تاريخ علم المضرور بالعمل غير المشروع في احتساب سريان التقادم وما جاء
بمدونات الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية. لا أثر له. النعي عليه. غير منتج.
علة ذلك.
(9 ، 10) محكمة الموضوع "سلطتها في
تقدير التعويض".
(9) التعويض غير المقدر باتفاق أو نص في
القانون. استقلال محكمة الموضوع بتقديره مستهدية في ذلك بالظروف والملابسات في
الدعوى. حسب الحكم بيان عناصر الضرر الذي يقدر التعويض عنه.
(10) قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعن
بصفته بالتعويض المقدر استنادا إلى تقرير الخبير والمعاينة الفنية والمحضر المحرر
من المطعون ضده بصفته بتقدير قيمة التعويض الناتج عن خطأ الطاعن بصفته. استخلاص
سائغ. مؤداه. انحسار رقابة محكمة النقض عنه. النعي عليه. غير مقبول.
(11) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص
توافر الصفة وفهم الواقع وتقدير الأدلة".
محكمة الموضوع. سلطتها استخلاص توفر الصفة في الدعوى وفهم الواقع
وتقدير الأدلة. حسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب
سائغة تحمله. شرطه. أن يكون في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد
الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.
(12) بيئة "حماية البيئة المائية من
التلوث: حماية الشواطئ".
التنسيق بين جهاز شئون البيئة والهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ
باعتبارهما من الجهات المعنية بحماية الشواطئ وتحديد اختصاصاتهما. مناطه. ق 4 لسنة
1994 بشأن البيئة وقرار رئيس الجمهورية رقم 261 لسنة 1981 بشأن إنشاء الهيئة
المصرية العامة لحماية الشواطئ وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1599 لسنه 2006 بشأن
حماية الشواطئ البحرية المصرية. مؤداه. إقامة جهاز شئون البيئة الدعوي ابتداءا
باعتباره أحد الجهات المعنية بحماية الشواطئ من الجرائم البيئية. لا عيب. علة ذلك.
النعي بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة. غير مقبول.
-------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه متى حاز الحكم قوة الأمر
المقضي فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في
المسألة التي فصل فيها في دعوى تالية يثار فيها النزاع ولو بأدلة قانونية أو
واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها
متى كانت المسألة المقضي فيها نهائيا في الدعويين واحدة لم تتغير.
2 - إذ كان الثابت مما استخلصه قضاء الحكم
المطعون فيه أن المحكمة بهيئة مغايرة - قضت بجلسة 21/ 11/ 2007 في الطعن رقم ...
لسنة 35 ق عالي قنا - مأمورية استئناف عالي الغردقة - بحكم نهائي حائز لقوة الأمر
المقضي فيه بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بجلسة 30/ 4/ 2016 برفض هذا الدفع (بعدم
قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000) وقبول الدعوى
وإعادتها للمحكمة الابتدائية لنظر الموضوع، وهو الأمر الذي يمتنع معه معاودة البحث
في هذا الدفع، وإذ التزم الحكم المطعون فيه ذلك النظر فهو صحيح، ومن ثم يكون النعي
عليه في هذا الخصوص غير مقبول.
3 - مفاد نص المادة (45) من دستور 2014
بالتزام الدولة بحماية بحارها وشواطئها، وحظر التعدي عليها أو تلويثها أو
استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها، وهو ما أكدته المادتان (73، 74) من القانون رقم
4 لسنة 1994 بشأن البيئة، والمادة (59) من لائحته التنفيذية بحظر إجراء أي عمل
يكون من شأنه المساس بخط المسار الطبيعي للشاطئ أو تعديله دخولا في مياه البحر أو
انحسارا عنه لمسافة مائتي متر إلى الداخل من خط الشاطئ، وقد جاءت المادة (98) من
ذات القانون لمعاقبة كل من يخالف أحكام هذه المواد القانونية سالفة البيان، وهو
الأمر الذي يتحقق معه اعتبار الاعتداء على الشواطئ عملا غير مشروع يشكل جريمة تلحق
بالبيئة بما يخالف إلزامية الحفاظ عليها وعدم الإضرار بها لكفالة تحقيق التنمية
المستدامة، وضمان حقوق الأجيال فيها.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد
نص المادتين 172، 382/ 1 من القانون المدني أنه إذا كان العمل غير المشروع يشكل
جريمة بما يستتبع قيام الدعوى الجنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية، فإن الدعوى
المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية فإذا انفصلت الدعويان بأن اختار
المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن
الجريمة، فإن سريان التقادم بالنسبة له يقف ما بقى الحق في رفع الدعوى الجنائية أو
تحريكها أو السير فيها قائما، فإذا انقضت هذه الدعوى بصدور حكم نهائي فيها بإدانة
الجاني أو بسبب آخر من أسباب الانقضاء كسقوطها بالتقادم عاد تقادم دعوى التعويض
إلى السريان من هذا التاريخ على أساس إن بقاء الحق في رفع الدعوى الجنائية أو
تحريكها أو السير فيها قائما يعد في معنى المادة 382/ 1 من القانون المدني مانعا
يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن سريان
هذا التقادم (تقادم دعوي المضرور بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة) يقف طوال المدة
التي يجري فيها التحقيق بمعرفة النيابة العامة ولا يعود إلى السريان إلا من تاريخ
صدور قرار نهائي من النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن هذا
القرار (قرار النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية) لا يحوز حجية تمنع المحكمة
المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه إذ
كانت المادة 255 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون 76 لسنة 2007 قد أوجبت على
الطاعن أن يرفق بصحيفة طعنه المستندات التي تؤيد طعنه، مذيلة بعبارة "صورة
لتقديمها إلى محكمة النقض" مما مفاده أن المشرع عد من الإجراءات في الطعن
بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكوا به من أوجه الطعن
في المواعيد التي حددها القانون.
8 - إذ كان البين من الأوراق أن العمل غير
المشروع الذي سبب الضرر للمطعون ضده بصفته قد شكل جريمة بيئية وفقا لأحكام القانون
4 لسنة 1994 بشأن البيئة المعدل، والقانون 1599 لسنة 2006 بشأن حماية الشواطئ
البحرية المصرية والتي ضبط عنها المحضر رقم ... لسنة 2011 إداري قسم أول الغردقة
ضد الطاعن بصفته، وقد أمرت النيابة العامة بحفظ الأوراق بتاريخ 16/ 1/ 2011 بألا
وجه لإقامة الدعوى الجنائية لانقضائها بمضي المدة، ومن ثم فإنه من ذلك التاريخ
الذي انقضت فيه الدعوى الجنائية بصيرورة هذا الأمر الصادر من النيابة العامة
نهائيا في 17/ 4/ 2011 يبدأ سريان تقادم دعوى التعويض بمدتها الأصلية وهي ثلاث
سنوات طبقا للمادة 172 من القانون المدني، وإذ إن هذا القرار لا يحوز حجية لمنع
المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية، وكان المطعون ضده
بصفته قد أقام دعواه بالتعويض قبل الطاعن بصفته بتاريخ 27/ 4/ 2013 أي قبل مضي
أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ صيرورة الأمر نهائيا، ومن ثم تكون مدة التقادم
الثلاثي لم تكتمل عند رفع الدعوى، وإذ أستخلص الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم
المطعون فيه هذه النتيجة بأسبابه فقد أصاب في قضائه برفض الدفع بسقوط الدعوى
بالتقادم، وهو ما يضحى معه النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول، ولا يغير من الأمر
شيئا أخذ الحكم المطعون فيه بمعيار تاريخ علم المضرور بالعمل غير المشروع في
احتساب سريان التقادم طالما أن ذلك لم يؤثر في النتيجة التي انتهى إليها، ويكون
النعي عليه بهذا الوجه غير منتج، ولا ينال من ذلك ما أثاره الطاعن بصفته بما جاء
بمدونات الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، إذ خلت
الأوراق من ذلك المستند، ومن ثم جاء النعي على هذا الوجه مفتقرا لدليله.
9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن تقدير
التعويض هو من إطلاقات محكمة الموضوع بحسب ما تراه مناسبا مستهدية في ذلك بكافة
الظروف والملابسات في الدعوى، دون رقابة عليها من محكمة النقض، وبحسب الحكم أن
يبين عناصر الضرر الذي يقدر التعويض عنه.
10 - إذ كان الثابت من الأوراق فيما استخلصه
الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بأسبابه إلى إلزام الطاعن بصفته
بالتعويض المقدر استنادا إلى ما أورده الخبير بتقريره المودع والمعاينة الفنية من
المطعون ضده بصفته والمحضر المحرر من المطعون ضده بصفته (جهاز شئون البيئة) بتقدير
قيمة التعويض الناتج عن خطأ الطاعن بصفته وتحقق مسئوليته من القيام بأعمال ردم
وحفر وإنشاءات ترتب عليها إلحاق الضرر بالتأثير على البيئة البحرية وتغير خواصها،
وإذ جاءت هذه الأسباب سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق وفيها الرد الضمني المسقط
لكل حجة مخالفة وتكفي لحمل قضائه، فإن ما يثيره الطاعن بصفته في هذا الشأن لا يعدو
أن يكون جدلا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الأدلة في الدعوى واستخلاص الخطأ
وتقدير التعويض تنحسر عنه رقابة محكمة النقض، ومن ثم يضحى النعي عليه في هذا
الخصوص غير مقبول.
11 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في استخلاص توفر الصفة في الدعوى، وتحصيل فهم الواقع
فيها، وتقدير الأدلة، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها، وأن تقيم قضاءها
على أسباب سائغة تحمله ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه
الرد الضمني المسقط للأقوال والحجج والطلبات التي أثارها الخصوم.
12 - إذ كان الثابت بنصوص القانون 4 لسنة
1994 بشأن البيئة المعدل، وقرار رئيس الجمهورية رقم 261 لسنة 1981 بشأن إنشاء
الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1599 لسنة
2006 بشأن حماية الشواطئ البحرية المصرية أنها جاءت جميعها ووفقا - للائحة
التنفيذية - للتنسيق بين الجهات المعنية بحماية الشواطئ وهما جهاز شئون البيئة،
والهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ وتحديد اختصاصاتهما باتخاذ الإجراءات
القانونية اللازمة مما مؤداه أن رفع الدعوى من قبل المطعون ضده بصفته باعتباره أحد
الجهات المعنية بحماية الشواطئ من الجرائم البيئية ضد الطاعن بصفته. لا عيب، طالما
تحقق الغرض من اختصام صاحب الصفة في الدعوى وهو المطعون ضده بصفته، ولما كانت دعوي
التعويض عن العمل غير المشروع باعتباره جريمة بيئية واقعة الحدوث بأحد الشواطئ
بقرية الطاعن بصفته وإقراره بملكيته لها، ومن ثم فإن أختصامه في الدعوى باعتباره
صاحب الصفة مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى، ومن ثم فإن
ما ينعاه الطاعن بصفته في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلا فيما لمحكمة الموضوع من
استخلاص توفر الصفة في الدعوى وتحصيل فهم الواقع فيها وهو ما لا يجوز إثارته أمام
محكمة النقض، ومن ثم يكون النعي عليه غير مقبول.
-------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن المطعون ضده بصفته أقام على الطاعن بصفته الدعوى رقم ... لسنة 2013
أمام محكمة البحر الأحمر الابتدائية بطلب الحكم - وفقا لطلباته الختامية - بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 753504 دولار أمريكي أو ما يعادله بالجنيه
المصري وفوائده القانونية وقال بيانا لذلك إن الطاعن بصفته قام بأعمال ردم داخل
البحر لإنشاء سقالة بحرية، كما قام بأعمال حفر بمنطقة المد والجزر وذلك بالمخالفة
لأحكام القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن البيئة، وإذ لحق بالبيئة البحرية من جراء ذلك
أضرار يقدر التعويض الجابر لها وفقا لتقرير اللجنة الفنية المؤرخ 26/ 4/ 2011
بالمبلغ المطالب به فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره،
حكمت بتاريخ 30/ 4/ 2016 بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون
بحكم استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم ... لسنة 35 ق قنا، وبتاريخ 21/ 11/ 2017
قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة لنظرها، وإذ
أعيدت الدعوى لهذه المحكمة، حكمت بتاريخ 28/ 7/ 2018 بالطلبات، استأنف الطاعن
بصفته هذا الحكم أمام محكمة استئناف قنا "مأمورية البحر الأحمر"
بالاستئناف رقم ... لسنة 37 ق، وبتاريخ 16/ 4/ 2019 قضت بالتأييد، طعن الطاعن
بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن
شكلا، وفي الموضوع برفضه، وإذ عرض الطعن على المحكمة – في غرفة مشورة - حددت جلسة
لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بصفته بالأول منهم
على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون لعدم قبول الدعوى المستأنف حكمها
لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون 7 لسنة 2000، وإذ خالف الحكم المطعون فيه
هذا النظر وتعرض للفصل في موضوعها بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، إذ المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه
متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من
العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها في دعوى تالية يثار فيها النزاع ولو
بأدلة قانونية أو واقعية لم تسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها
الحكم الصادر فيها متى كانت المسألة المقضي فيها نهائيا في الدعويين واحدة لم
تتغير. لما كان ذلك، وكان الثابت مما استخلصه قضاء الحكم المطعون فيه أن المحكمة -
بهيئة مغايرة - قضت بجلسة 21/ 11/ 2007 في الطعن بالاستئناف رقم ... لسنة 35 ق
عالى قنا "مأمورية استئناف عالى الغردقة" بحكم نهائي حائز لقوة الأمر
المقضي فيه بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بجلسة 30/ 4/ 2016 ورفض هذا الدفع وقبول
الدعوي وإعادتها للمحكمة الابتدائية لنظر الموضوع، وهو الأمر الذي يمتنع معه
معاودة البحث في هذا الدفع، وإذ التزم الحكم المطعون فيه ذلك النظر فهو صحيح، ومن
ثم يكون النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه
بالخطأ في تطبيق القانون لانقضاء الدعوى المستأنف حكمها بالتقادم إعمالا لنص
المادة 172 من القانون المدني لإقامتها بتاريخ 27/ 4/ 2013 بعد مضي أكثر من ثلاث
سنوات على صدور قرار النيابة العامة بتاريخ 16/ 1/ 2011 في المحضر رقم ... لسنة
2011 إداري قسم أول الغردقة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لانقضائها بمضي
المدة، وكانت النيابة قد أسست أمرها هذا على أن الجريمة البيئية محل التحقيق قد
بدأت في شهر مارس من عام 2004 وانتهت في نهاية ذات العام ولم يحرر عنها محاضر منذ
هذا التاريخ وحتى اكتشاف الجريمة في 24/ 4/ 2011 إلا أن الحكم أهدر حجية الأمر
المشار إليه فيما تضمنه من تحقق علم المطعون ضده بصفته بوقوع الضرر وبشخص المسئول
عنه ومرور أكثر من ثلاث سنوات دون اتخاذ إجراء قانوني ضده، وهو ما يعيب الحكم
المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، إذ مفاد نص المادة (45) من دستور 2014
بالتزام الدولة بحماية بحارها وشواطئها، وحظر التعدي عليها أو تلويثها أو
استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها، وهو ما أكدته المادتان (73، 74) من القانون رقم
4 لسنة 1994 بشأن البيئة، والمادة (59) من لائحته التنفيذية بحظر إجراء أي عمل
يكون من شأنه المساس بخط المسار الطبيعي للشاطئ أو تعديله دخولا في مياه البحر أو
انحسارا عنه لمسافة مائتي متر إلى الداخل من خط الشاطئ، وقد جاءت المادة (98) من
ذات القانون لمعاقبة كل من يخالف أحكام هذه المواد القانونية سالفة البيان، وهو
الأمر الذي يتحقق معه اعتبار الاعتداء على الشواطئ عملا غير مشروع يشكل جريمة تلحق
بالبيئة بما يخالف إلزامية الحفاظ عليها وعدم الإضرار بها لكفالة تحقيق التنمية
المستدامة، وضمان حقوق الأجيال فيها، وأن مفاد نص المادتين 172، 382/ 1 من القانون
المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان العمل غير المشروع يشكل
جريمة بما يستتبع قيام الدعوى الجنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية، فإن الدعوى
المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، فإذا انفصلت الدعويان بأن اختار
المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن
الجريمة، فإن سريان التقادم بالنسبة له يقف ما بقى الحق في رفع الدعوى الجنائية أو
تحريكها أو السير فيها قائما، فإذا انقضت هذه الدعوى بصدور حكم نهائي فيها بإدانة
الجاني أو بسبب آخر من أسباب الانقضاء كسقوطها بالتقادم، عاد تقادم دعوى التعويض
إلى السريان من هذا التاريخ على أساس أن بقاء الحق في رفع الدعوى الجنائية أو
تحريكها أو السير فيها قائما يعد في معنى المادة 382/ 1 من القانون المدني مانعا
يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض، ومن المقرر أيضا أن سريان هذا
التقادم يقف طوال المدة التي يجري فيها التحقيق بمعرفة النيابة العامة ولا يعود
إلى السريان إلا من تاريخ صدور قرار نهائي من النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى
الجنائية، وأن هذا القرار لا يحوز حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ
الموجب للمسئولية المدنية، وإذا كانت المادة 255 من قانون المرافعات المعدلة
بالقانون 76 لسنة 2007 قد أوجبت على الطاعن أن يرفق بصحيفة طعنه المستندات التي
تؤيد طعنه مذيلة بعبارة "صورة لتقديمها إلى محكمة النقض" مما مفاده أن
المشرع عد من الإجراءات في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل
على ما يتمسكوا به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون. لما كان ذلك،
وكان البين من الأوراق أن العمل غير المشروع الذي سبب الضرر للمطعون ضده بصفته قد
شكل جريمة بيئية وفقا لأحكام القانون 4 لسنة 1994 بشأن البيئة المعدل، والقانون
1599 لسنة 2006 بشأن حماية الشواطئ البحرية المصرية والتي ضبط عنها المحضر رقم ...
لسنة 2011 إداري قسم أول الغردقة ضد الطاعن بصفته، وقد أمرت النيابة العامة بحفظ
الأوراق بتاريخ 16/ 1/ 2011 بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لانقضائها بمضي
المدة، ومن ثم فإنه من ذلك التاريخ الذي انقضت فيه الدعوى الجنائية بصيرورة هذا
الأمر الصادر من النيابة العامة نهائيا في 17/ 4/ 2011 يبدأ سريان تقادم دعوى
التعويض بمدتها الأصلية وهي ثلاث سنوات طبقا للمادة 172 من القانون المدني، وحيث
إن هذا القرار لا يحوز حجية لمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب
للمسئولية المدنية، وكان المطعون ضده بصفته قد أقام دعواه بالتعويض قبل الطاعن
بصفته بتاريخ 27/ 4/ 2013 أي قبل مضي أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ صيرورة الأمر
نهائيا، ومن ثم تكون مدة التقادم الثلاثي لم تكتمل عند رفع الدعوى، وإذ استخلص
الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذه النتيجة بأسبابه فقد أصاب في قضائه
برفض الدفع بسقوط الدعوي بالتقادم، وهو ما يضحى معه النعي عليه في هذا الخصوص غير
مقبول، ولا يغير من الأمر شيئا أخذ الحكم المطعون فيه بمعيار تاريخ علم المضرور
بالعمل غير المشروع في احتساب سريان التقادم طالما أن ذلك لم يؤثر في النتيجة التي
انتهى إليها، ويكون النعي عليه بهذا الوجه غير منتج، ولا ينال من ذلك ما أثاره
الطاعن بصفته بما جاء بمدونات الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة
الدعوى الجنائية، إذ خلت الأوراق من ذلك المستند، ومن ثم جاء النعي على هذا الوجه
مفتقرا لدليله.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه
بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، لقضاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم
المطعون فيه لأسبابه بتحقق مسئولية الشركة التي يمثلها الطاعن بصفته عن الأضرار
التي لحقت بالمطعون ضده بصفته وتقديره للتعويض جزافيا دون الاستناد إلى أصل في
الأوراق، وأن الخبير لم يقرر بتقريره المودع مسئولية الطاعن بصفته أو تحديد قيمة
الأضرار التي لحقت بالبيئة، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود عليه، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه
المحكمة - أن تقدير التعويض هو من إطلاقات محكمة الموضوع بحسب ما تراه مناسبا
مستهدية في ذلك بكافة الظروف والملابسات في الدعوى دون رقابة عليها من محكمة
النقض، وبحسب الحكم أن يبين عناصر الضرر الذي يقدر التعويض عنه.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق فيما استخلصه الحكم الابتدائي
المؤيد بالحكم المطعون فيه بأسبابه إلى إلزام الطاعن بصفته بالتعويض المقدر استنادا
إلى ما أورده الخبير بتقريره المودع والمعاينة الفنية من المطعون ضده بصفته
والمحضر المحرر من المطعون ضده بصفته بتقدير قيمة التعويض الناتج عن خطأ الطاعن
بصفته وتحقق مسئوليته من القيام بأعمال ردم وحفر وإنشاءات ترتب عليها إلحاق الضرر
بالتأثير على البيئة البحرية وتغير خواصها، وإذ جاءت هذه الأسباب سائغة ولها أصلها
الثابت بالأوراق وفيها الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة وتكفي لحمل قضائه، فإن
ما يثيره الطاعن بصفته في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا فيما لمحكمة الموضوع من
سلطة تقدير الأدلة في الدعوى واستخلاص الخطأ وتقدير التعويض تنحسر عنه رقابة محكمة
النقض، ومن ثم يضحى النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه
بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، لتمسكه أمام
محكمة الاستئناف بالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من وعلى غير ذي صفة تأسيسا على أن
الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ التابعة لوزارة الري هي المنوط بها تحرير
المخالفات الخاصة بالبيئة البحرية وإذ أطرح الحكم المطعون فيه ذلك الدفع بقالة إن
الطاعن بصفته أقر بملكيته للقرية التي حدثت بها المخالفات ومن ثم تكون مسئوليتها،
وأن قانون البيئة قد أناط بالمطعون ضده بصفته صفة الضبطية القضائية لضبط تلك
المخالفات فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود عليه، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة -
أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في استخلاص توفر الصفة في الدعوى، وتحصيل فهم
الواقع فيها، وتقدير الأدلة وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم
قضاءها على أسباب سائغة تحمله مادام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها
فيه الرد الضمني المسقط للأقوال والحجج والطلبات التي أثارها الخصوم. لما كان ذلك،
وكان الثابت بنصوص القانون 4 لسنة 1994 بشأن البيئة المعدل، وقرار رئيس الجمهورية
رقم 261 لسنة 1981 بشأن إنشاء الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ، وقرار رئيس
مجلس الوزراء رقم 1599 لسنة 2006 بشأن حماية الشواطئ البحرية المصرية أنها جاءت جميعها
ووفقا - للائحة التنفيذية - للتنسيق بين الجهات المعنية بحماية الشواطئ وهما جهاز
شئون البيئة، والهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ وتحديد اختصاصاتهما باتخاذ
الإجراءات القانونية اللازمة مما مؤداه أن رفع الدعوى من قبل المطعون ضده بصفته
باعتباره أحد الجهات المعنية بحماية الشواطئ من الجرائم البيئية ضد الطاعن بصفته.
لا عيب، طالما تحقق الغرض من اختصام صاحب الصفة في الدعوى وهو المطعون ضده بصفته،
ولما كانت دعوى التعويض عن العمل غير المشروع باعتباره جريمة بيئية واقعة الحدوث
بأحد الشواطئ بقرية الطاعن بصفته وإقراره بملكيته لها، ومن ثم فإن اختصامه في
الدعوى باعتباره صاحب الصفة مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في
الدعوى، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بصفته في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلا
فيما لمحكمة الموضوع من استخلاص توفر الصفة في الدعوى وتحصيل فهم الواقع فيها وهو
ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون النعي عليه غير مقبول.