الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 24 مايو 2022

الطعن 2987 لسنة 85 ق جلسة 24 / 11 / 2020 مكتب فني 71 ق 120 ص 878

جلسة 24 من نوفمبر سنة 2020

برئاسة السيد القاضي/ إبراهيم الضبع "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ حسن أبو عليو، عبد الرحيم الشاهد، محمد خيري "نواب رئيس المحكمة"، وعلى ياسين.

-----------

(120)

الطعن 2987 لسنة 85 ق

(1) دعوى "الصفة في الدعوى".
الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي. منوط به مباشرة إجراءات تصفية الجمعيات التعاونية الاستهلاكية اعتبارا من تاريخ القرار الصادر بانقضائها أو حلها. اعتباره صاحب الصفة في النزاعات بشأنها بصفته مصفيا للجمعية. المواد 32، 80، 83 ق 109 لسنة 1975 بشأن التعاون الاستهلاكي.

(2) جمعيات "انقضاء الجمعيات التعاونية الاستهلاكية وحلها".
الدعاوى المرفوعة على الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي بشأن أعمال التصفية وما يتعلق بها. انقضاؤها بمضي سنة من تاريخ نشر حساب التصفية أو نشر ملخص الحكم النهائي. م 84 من ق 109 لسنة 1975 بشأن التعاون الاستهلاكي.

(3) تقادم "التقادم المسقط: مدة تقادم الدعاوى المقامة قبل الجمعيات التعاونية الاستهلاكية".
إقامة المطعون ضده الأول دعواه بعد مضي أكثر من سنة من تاريخ نشر ميزانية التصفية للجمعية التعاونية المدينة. مؤداه. سقوط الحق في رفعها بالتقادم. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك النظر. مخالفة للقانون.

-------------

1 - يدل النص في المواد 32، 80، 83 من القانون رقم 109 لسنة 1975 بشأن التعاون الاستهلاكي على أن المنوط به مباشرة إجراءات تصفية الجمعيات التعاونية الاستهلاكية اعتبارا من تاريخ نشر القرار الصادر بانقضائها أو حلها بالوقائع المصرية هو الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي، وبالتالي يكون هو صاحب الصفة في النزاعات بشأنها بصفته مصفيا للجمعية تطبيقا لحكم المادة 80 سالفة البيان.

2 - النص في المادة 84 (من القانون 109 لسنة 1975) على أن "تنشر حسابات التصفية في الوقائع المصرية ويجوز لكل ذي شأن الطعن في هذه الحسابات خلال الستين يوما التالية للنشر أمام المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها مقر عمل الجمعية، وتضم جميع الطعون ليصدر فيها حكم واحد يكون حجة على جميع الدائنين وينشر ملخص هذا الحكم في الوقائع المصرية، ويسقط الحق في مقاضاة أعضاء مجلس إدارة الجمعية بسبب أعمالهم كما يسقط الحق في إقامة الدعوى ضد الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي بانقضاء سنة من تاريخ نشر حساب التصفية أو نشر ملخص الحكم النهائي"، مفاده أن المشرع حدد لانقضاء الدعاوى التي ترفع على الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي بشأن أعمال التصفية وما يتعلق بها ميعادا غايته سنة من تاريخ نشر حساب التصفية أو نشر ملخص الحكم النهائي.

3 - إذ كان الثابت مما سجله الحكم الابتدائي أنه تم نشر ميزانية تصفية الجمعية المدينة (الجمعية التعاونية الاستهلاكية للعاملين بأتوبيس ...) بمعرفة الطاعن بالوقائع المصرية بتاريخ 20/ 5/ 2010 في حين أقام البنك المطعون ضده الأول دعواه بتاريخ 22/ 4/ 2013 بعد مضي أكثر من سنة من تاريخ نشر ميزانية التصفية، فيكون الحق في رفعها قد سقط بالتقادم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا (بمخالفة القانون).

--------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في الطعن - تتحصل في أن البنك المطعون ضده الأول أقام على الطاعن والمطعون ضده الثاني بصفته الدعوى رقم ... لسنة 2013 أمام محكمة الجيزة الابتدائية طالبا الحكم بإلزامهما بالتضامن بأن يؤديا له مبلغ 200000 جنيه تعويضا عما أصابه من أضرار مادية وأدبية نتيجة قيام المطعون ضده الثاني بصفته بتصفية أعمال الجمعية التعاونية الاستهلاكية للعاملين بأتوبيس شرق الدلتا بدمياط دون تجنيب قيمة ما حكم به لصالحه على الجمعية المذكورة في الاستئناف رقم ... لسنة 10 ق القاهرة رغم علمه، وإزاء هذا الخطأ فقد أقام الدعوى استنادا لنص المادة 163 من القانون المدني، دفع الطاعن بسقوط الحق في الدعوى لرفعها بعد الميعاد، حكمت المحكمة بقبول الدفع، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة - مأمورية الجيزة - بالاستئناف رقم ... لسنة 131 ق، وبتاريخ 29/ 12/ 2014 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن والمطعون ضده الثاني بالتضامن بأن يؤديا للمطعون ضده الأول مبلغ 21، 186025 جنيها، طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

 ------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون إذ لم يعتد بدفعه بسقوط حق المطعون ضده الأول في إقامة الدعوى قبله لمضي سنة من تاريخ نشر ميزانية التصفية الخاصة بالجمعية التعاونية للعاملين بأتوبيس ... بالوقائع المصرية والحاصل في 3/ 2/ 2011 وذلك إعمالا لنص المادة 84 من القانون 109 لسنة 1975 بشأن الاتحاد التعاوني الاستهلاكي، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأنه لما كان النص في المادة 32 من القانون رقم 109 لسنة 1975 بشأن التعاون الاستهلاكي على أن "يتولى الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي وفقا للخطة التي يعتمدها الوزير المختص الإشراف والرقابة على الجمعيات التعاونية الاستهلاكية ويباشر على الأخص المسئوليات الآتية أولا ...، ...، ...، سادسا: تولى أعمال تصفية الجمعيات التي تنقضي أو تحل"، والنص في المادة 80 من ذات القانون على أن "يباشر الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي إجراءات التصفية من تاريخ نشر قرار الانقضاء أو حل الجمعية في الوقائع المصرية"، والنص في المادة 83 على أن "يتولى الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي الصرف على أعمال التصفية من أمواله الخاصة وذلك في حالة عدم كفاية أموال الجمعيات التي انقضت أو حلت ولا يلتزم قبل دائنيها إلا في حدود ناتج التصفية" يدل على أن المنوط به مباشرة إجراءات تصفية الجمعيات التعاونية الاستهلاكية اعتبارا من تاريخ نشر القرار الصادر بانقضائها أو حلها بالوقائع المصرية هو الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي، وبالتالي يكون هو صاحب الصفة في النزاعات بشأنها بصفته مصفيا للجمعية تطبيقا لحكم المادة 80 سالفة البيان، وكان النص في المادة 84 على أن "تنشر حسابات التصفية في الوقائع المصرية ويجوز لكل ذي شأن الطعن في هذه الحسابات خلال الستين يوما التالية للنشر أمام المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها مقر عمل الجمعية، وتضم جميع الطعون ليصدر فيها حكم واحد يكون حجة على جميع الدائنين وينشر ملخص هذا الحكم في الوقائع المصرية، ويسقط الحق في مقاضاة أعضاء مجلس إدارة الجمعية بسبب أعمالهم كما يسقط الحق في إقامة الدعوى ضد الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي بانقضاء سنة من تاريخ نشر حساب التصفية أو نشر ملخص الحكم النهائي "مفاده أن المشرع حدد لانقضاء الدعاوى التي ترفع على الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي بشأن أعمال التصفية وما يتعلق بها ميعادا غايته سنة من تاريخ نشر حساب التصفية أو نشر ملخص الحكم النهائي. لما كان ذلك، وكان الثابت مما سجله الحكم الابتدائي أنه تم نشر ميزانية تصفية الجمعية المدينة بمعرفة الطاعن بالوقائع المصرية بتاريخ 20/ 5/ 2010 في حين أقام البنك المطعون ضده الأول دعواه بتاريخ 22/ 4/ 2013 بعد مضي أكثر من سنة من تاريخ نشر ميزانية التصفية، فيكون الحق في رفعها قد سقط بالتقادم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين تأييد الحكم المستأنف ورفض الاستئناف المقام تبعا له.

الطعن 12023 لسنة 89 ق جلسة 24 / 11 / 2020 مكتب فني 71 ق 121 ص 882

جلسة 24 من نوفمبر سنة 2020

برئاسة السيد القاضي/ إبراهيم الضبع "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ حسن أبو عليو، عبد الرحيم الشاهد، محمد خيري "نواب رئيس المحكمة"، ومهند أحمد.

-------------

(121)

الطعن 12023 لسنة 89 ق

(1) حكم "حجية الأحكام: شروط الحجية: الشروط الواجب توافرها في الحق المدعى به"
حيازة الحكم قوة الأمر المقضي. أثره. منع الخصوم أنفسهم من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم. شرطه. وحدة المسألة في الدعويين.

(2) قوة الأمر المقضي "أثر اكتساب قوة الأمر المقضي".
ثبوت قضاء الحكم المطعون فيه بهيئة مغايرة بحكم نهائي حائز لقوة الأمر المقضي بإلغاء الحكم المستأنف برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون 7 لسنة 2000 وقبولها وإعادتها للمحكمة الابتدائية لنظر الموضوع. مؤداه. امتناع معاودة بحث ذلك الدفع. التزام الحكم المطعون فيه ذلك النظر. صحيح. النعي عليه. غير مقبول.

(3) بيئة "حماية البيئة المائية من التلوث: حماية الشواطئ".
التزام الدولة بحماية الشواطئ وحظر التعدي عليها أو تلويثها أو استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها. م 45 من دستور 2014. حظر إجراء أي عمل من شأنه المساس بخط المسار الطبيعي للشاطئ. المواد 73، 74، 98 من ق 4 لسنة 1994 بشأن البيئة، و59 من لائحته التنفيذية. اعتبار التعدي على الشواطئ عملا غير مشروع يشكل جريمة تلحق بالبيئة. علة ذلك.

(4) دعوى "تقادم دعوى التعويض".
دعوى التعويض الناشئة عن جريمة. امتناع سقوطها إلا بسقوط الدعوى الجنائية. انفصال الدعوى المدنية عن الدعوى الجنائية. مؤداه. وقف سريان التقادم بالنسبة للضرر ما بقى الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائما. عودة سريان مدة التقادم من تاريخ انقضائها بمضي المدة أو صدور حكم نهائي بإدانة الجاني أو بغير ذلك من أسباب الانقضاء.

(5) تقادم "وقف التقادم".
وقف سريان تقادم دعوى المضرور بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة طوال مدة إجراء التحقيق من النيابة العامة. عودة سريانه من تاريخ صدور قرار نهائي من النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية.

(6) قوة الأمر المقضي "حجية الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق".
قرار النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية. لا يحوز حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية.

(7) نقض "إجراءات الطعن بالنقض: إيداع الأوراق والمستندات".
الطعن بالنقض وجوب تقديم الخصوم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد المحددة قانونا. م 255 مرافعات المعدلة.

(8) تقادم "التقادم المسقط: التقادم الثلاثي: الدعوى الناشئة عن العمل غير المشروع".
ثبوت كون العمل غير المشروع الذي سبب الضرر للمطعون ضده بصفته قد شكل جريمة بيئية وصدور قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لانقضائها بمضي المدة. بدء سريان تقادم دعوى التعويض بمدتها الأصلية ثلاث سنوات من تاريخ صيرورة الأمر نهائيا. إقامتها قبل مضى ثلاث سنوات من تاريخ صيرورة الأمر نهائيا. مؤداه. عدم اكتمال مدة التقادم الثلاثي وقت رفعها. قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم. صحيح. النعي عليه. غير مقبول. استناد الحكم المطعون فيه لمعيار تاريخ علم المضرور بالعمل غير المشروع في احتساب سريان التقادم وما جاء بمدونات الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية. لا أثر له. النعي عليه. غير منتج. علة ذلك.

(9 ، 10) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير التعويض".
(9) التعويض غير المقدر باتفاق أو نص في القانون. استقلال محكمة الموضوع بتقديره مستهدية في ذلك بالظروف والملابسات في الدعوى. حسب الحكم بيان عناصر الضرر الذي يقدر التعويض عنه.

(10) قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعن بصفته بالتعويض المقدر استنادا إلى تقرير الخبير والمعاينة الفنية والمحضر المحرر من المطعون ضده بصفته بتقدير قيمة التعويض الناتج عن خطأ الطاعن بصفته. استخلاص سائغ. مؤداه. انحسار رقابة محكمة النقض عنه. النعي عليه. غير مقبول.

(11) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص توافر الصفة وفهم الواقع وتقدير الأدلة".
محكمة الموضوع. سلطتها استخلاص توفر الصفة في الدعوى وفهم الواقع وتقدير الأدلة. حسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تحمله. شرطه. أن يكون في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.

(12) بيئة "حماية البيئة المائية من التلوث: حماية الشواطئ".
التنسيق بين جهاز شئون البيئة والهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ باعتبارهما من الجهات المعنية بحماية الشواطئ وتحديد اختصاصاتهما. مناطه. ق 4 لسنة 1994 بشأن البيئة وقرار رئيس الجمهورية رقم 261 لسنة 1981 بشأن إنشاء الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1599 لسنه 2006 بشأن حماية الشواطئ البحرية المصرية. مؤداه. إقامة جهاز شئون البيئة الدعوي ابتداءا باعتباره أحد الجهات المعنية بحماية الشواطئ من الجرائم البيئية. لا عيب. علة ذلك. النعي بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة. غير مقبول.

-------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها في دعوى تالية يثار فيها النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها متى كانت المسألة المقضي فيها نهائيا في الدعويين واحدة لم تتغير.

2 - إذ كان الثابت مما استخلصه قضاء الحكم المطعون فيه أن المحكمة بهيئة مغايرة - قضت بجلسة 21/ 11/ 2007 في الطعن رقم ... لسنة 35 ق عالي قنا - مأمورية استئناف عالي الغردقة - بحكم نهائي حائز لقوة الأمر المقضي فيه بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بجلسة 30/ 4/ 2016 برفض هذا الدفع (بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000) وقبول الدعوى وإعادتها للمحكمة الابتدائية لنظر الموضوع، وهو الأمر الذي يمتنع معه معاودة البحث في هذا الدفع، وإذ التزم الحكم المطعون فيه ذلك النظر فهو صحيح، ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول.

3 - مفاد نص المادة (45) من دستور 2014 بالتزام الدولة بحماية بحارها وشواطئها، وحظر التعدي عليها أو تلويثها أو استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها، وهو ما أكدته المادتان (73، 74) من القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن البيئة، والمادة (59) من لائحته التنفيذية بحظر إجراء أي عمل يكون من شأنه المساس بخط المسار الطبيعي للشاطئ أو تعديله دخولا في مياه البحر أو انحسارا عنه لمسافة مائتي متر إلى الداخل من خط الشاطئ، وقد جاءت المادة (98) من ذات القانون لمعاقبة كل من يخالف أحكام هذه المواد القانونية سالفة البيان، وهو الأمر الذي يتحقق معه اعتبار الاعتداء على الشواطئ عملا غير مشروع يشكل جريمة تلحق بالبيئة بما يخالف إلزامية الحفاظ عليها وعدم الإضرار بها لكفالة تحقيق التنمية المستدامة، وضمان حقوق الأجيال فيها.

4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادتين 172، 382/ 1 من القانون المدني أنه إذا كان العمل غير المشروع يشكل جريمة بما يستتبع قيام الدعوى الجنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية، فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية فإذا انفصلت الدعويان بأن اختار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة، فإن سريان التقادم بالنسبة له يقف ما بقى الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائما، فإذا انقضت هذه الدعوى بصدور حكم نهائي فيها بإدانة الجاني أو بسبب آخر من أسباب الانقضاء كسقوطها بالتقادم عاد تقادم دعوى التعويض إلى السريان من هذا التاريخ على أساس إن بقاء الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائما يعد في معنى المادة 382/ 1 من القانون المدني مانعا يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض.

5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن سريان هذا التقادم (تقادم دعوي المضرور بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة) يقف طوال المدة التي يجري فيها التحقيق بمعرفة النيابة العامة ولا يعود إلى السريان إلا من تاريخ صدور قرار نهائي من النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية.

6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن هذا القرار (قرار النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية) لا يحوز حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية.

7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه إذ كانت المادة 255 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون 76 لسنة 2007 قد أوجبت على الطاعن أن يرفق بصحيفة طعنه المستندات التي تؤيد طعنه، مذيلة بعبارة "صورة لتقديمها إلى محكمة النقض" مما مفاده أن المشرع عد من الإجراءات في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكوا به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون.

8 - إذ كان البين من الأوراق أن العمل غير المشروع الذي سبب الضرر للمطعون ضده بصفته قد شكل جريمة بيئية وفقا لأحكام القانون 4 لسنة 1994 بشأن البيئة المعدل، والقانون 1599 لسنة 2006 بشأن حماية الشواطئ البحرية المصرية والتي ضبط عنها المحضر رقم ... لسنة 2011 إداري قسم أول الغردقة ضد الطاعن بصفته، وقد أمرت النيابة العامة بحفظ الأوراق بتاريخ 16/ 1/ 2011 بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لانقضائها بمضي المدة، ومن ثم فإنه من ذلك التاريخ الذي انقضت فيه الدعوى الجنائية بصيرورة هذا الأمر الصادر من النيابة العامة نهائيا في 17/ 4/ 2011 يبدأ سريان تقادم دعوى التعويض بمدتها الأصلية وهي ثلاث سنوات طبقا للمادة 172 من القانون المدني، وإذ إن هذا القرار لا يحوز حجية لمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية، وكان المطعون ضده بصفته قد أقام دعواه بالتعويض قبل الطاعن بصفته بتاريخ 27/ 4/ 2013 أي قبل مضي أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ صيرورة الأمر نهائيا، ومن ثم تكون مدة التقادم الثلاثي لم تكتمل عند رفع الدعوى، وإذ أستخلص الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذه النتيجة بأسبابه فقد أصاب في قضائه برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم، وهو ما يضحى معه النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول، ولا يغير من الأمر شيئا أخذ الحكم المطعون فيه بمعيار تاريخ علم المضرور بالعمل غير المشروع في احتساب سريان التقادم طالما أن ذلك لم يؤثر في النتيجة التي انتهى إليها، ويكون النعي عليه بهذا الوجه غير منتج، ولا ينال من ذلك ما أثاره الطاعن بصفته بما جاء بمدونات الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، إذ خلت الأوراق من ذلك المستند، ومن ثم جاء النعي على هذا الوجه مفتقرا لدليله.

9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن تقدير التعويض هو من إطلاقات محكمة الموضوع بحسب ما تراه مناسبا مستهدية في ذلك بكافة الظروف والملابسات في الدعوى، دون رقابة عليها من محكمة النقض، وبحسب الحكم أن يبين عناصر الضرر الذي يقدر التعويض عنه.

10 - إذ كان الثابت من الأوراق فيما استخلصه الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بأسبابه إلى إلزام الطاعن بصفته بالتعويض المقدر استنادا إلى ما أورده الخبير بتقريره المودع والمعاينة الفنية من المطعون ضده بصفته والمحضر المحرر من المطعون ضده بصفته (جهاز شئون البيئة) بتقدير قيمة التعويض الناتج عن خطأ الطاعن بصفته وتحقق مسئوليته من القيام بأعمال ردم وحفر وإنشاءات ترتب عليها إلحاق الضرر بالتأثير على البيئة البحرية وتغير خواصها، وإذ جاءت هذه الأسباب سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق وفيها الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة وتكفي لحمل قضائه، فإن ما يثيره الطاعن بصفته في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الأدلة في الدعوى واستخلاص الخطأ وتقدير التعويض تنحسر عنه رقابة محكمة النقض، ومن ثم يضحى النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول.

11 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في استخلاص توفر الصفة في الدعوى، وتحصيل فهم الواقع فيها، وتقدير الأدلة، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها، وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تحمله ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط للأقوال والحجج والطلبات التي أثارها الخصوم.

12 - إذ كان الثابت بنصوص القانون 4 لسنة 1994 بشأن البيئة المعدل، وقرار رئيس الجمهورية رقم 261 لسنة 1981 بشأن إنشاء الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1599 لسنة 2006 بشأن حماية الشواطئ البحرية المصرية أنها جاءت جميعها ووفقا - للائحة التنفيذية - للتنسيق بين الجهات المعنية بحماية الشواطئ وهما جهاز شئون البيئة، والهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ وتحديد اختصاصاتهما باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة مما مؤداه أن رفع الدعوى من قبل المطعون ضده بصفته باعتباره أحد الجهات المعنية بحماية الشواطئ من الجرائم البيئية ضد الطاعن بصفته. لا عيب، طالما تحقق الغرض من اختصام صاحب الصفة في الدعوى وهو المطعون ضده بصفته، ولما كانت دعوي التعويض عن العمل غير المشروع باعتباره جريمة بيئية واقعة الحدوث بأحد الشواطئ بقرية الطاعن بصفته وإقراره بملكيته لها، ومن ثم فإن أختصامه في الدعوى باعتباره صاحب الصفة مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بصفته في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلا فيما لمحكمة الموضوع من استخلاص توفر الصفة في الدعوى وتحصيل فهم الواقع فيها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون النعي عليه غير مقبول.

-------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده بصفته أقام على الطاعن بصفته الدعوى رقم ... لسنة 2013 أمام محكمة البحر الأحمر الابتدائية بطلب الحكم - وفقا لطلباته الختاميةبإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 753504 دولار أمريكي أو ما يعادله بالجنيه المصري وفوائده القانونية وقال بيانا لذلك إن الطاعن بصفته قام بأعمال ردم داخل البحر لإنشاء سقالة بحرية، كما قام بأعمال حفر بمنطقة المد والجزر وذلك بالمخالفة لأحكام القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن البيئة، وإذ لحق بالبيئة البحرية من جراء ذلك أضرار يقدر التعويض الجابر لها وفقا لتقرير اللجنة الفنية المؤرخ 26/ 4/ 2011 بالمبلغ المطالب به فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتاريخ 30/ 4/ 2016 بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون بحكم استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم ... لسنة 35 ق قنا، وبتاريخ 21/ 11/ 2017 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة لنظرها، وإذ أعيدت الدعوى لهذه المحكمة، حكمت بتاريخ 28/ 7/ 2018 بالطلبات، استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم أمام محكمة استئناف قنا "مأمورية البحر الأحمر" بالاستئناف رقم ... لسنة 37 ق، وبتاريخ 16/ 4/ 2019 قضت بالتأييد، طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، وإذ عرض الطعن على المحكمة – في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بصفته بالأول منهم على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون لعدم قبول الدعوى المستأنف حكمها لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون 7 لسنة 2000، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وتعرض للفصل في موضوعها بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، إذ المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها في دعوى تالية يثار فيها النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم تسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها متى كانت المسألة المقضي فيها نهائيا في الدعويين واحدة لم تتغير. لما كان ذلك، وكان الثابت مما استخلصه قضاء الحكم المطعون فيه أن المحكمة - بهيئة مغايرة - قضت بجلسة 21/ 11/ 2007 في الطعن بالاستئناف رقم ... لسنة 35 ق عالى قنا "مأمورية استئناف عالى الغردقة" بحكم نهائي حائز لقوة الأمر المقضي فيه بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بجلسة 30/ 4/ 2016 ورفض هذا الدفع وقبول الدعوي وإعادتها للمحكمة الابتدائية لنظر الموضوع، وهو الأمر الذي يمتنع معه معاودة البحث في هذا الدفع، وإذ التزم الحكم المطعون فيه ذلك النظر فهو صحيح، ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون لانقضاء الدعوى المستأنف حكمها بالتقادم إعمالا لنص المادة 172 من القانون المدني لإقامتها بتاريخ 27/ 4/ 2013 بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على صدور قرار النيابة العامة بتاريخ 16/ 1/ 2011 في المحضر رقم ... لسنة 2011 إداري قسم أول الغردقة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لانقضائها بمضي المدة، وكانت النيابة قد أسست أمرها هذا على أن الجريمة البيئية محل التحقيق قد بدأت في شهر مارس من عام 2004 وانتهت في نهاية ذات العام ولم يحرر عنها محاضر منذ هذا التاريخ وحتى اكتشاف الجريمة في 24/ 4/ 2011 إلا أن الحكم أهدر حجية الأمر المشار إليه فيما تضمنه من تحقق علم المطعون ضده بصفته بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه ومرور أكثر من ثلاث سنوات دون اتخاذ إجراء قانوني ضده، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، إذ مفاد نص المادة (45) من دستور 2014 بالتزام الدولة بحماية بحارها وشواطئها، وحظر التعدي عليها أو تلويثها أو استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها، وهو ما أكدته المادتان (73، 74) من القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن البيئة، والمادة (59) من لائحته التنفيذية بحظر إجراء أي عمل يكون من شأنه المساس بخط المسار الطبيعي للشاطئ أو تعديله دخولا في مياه البحر أو انحسارا عنه لمسافة مائتي متر إلى الداخل من خط الشاطئ، وقد جاءت المادة (98) من ذات القانون لمعاقبة كل من يخالف أحكام هذه المواد القانونية سالفة البيان، وهو الأمر الذي يتحقق معه اعتبار الاعتداء على الشواطئ عملا غير مشروع يشكل جريمة تلحق بالبيئة بما يخالف إلزامية الحفاظ عليها وعدم الإضرار بها لكفالة تحقيق التنمية المستدامة، وضمان حقوق الأجيال فيها، وأن مفاد نص المادتين 172، 382/ 1 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان العمل غير المشروع يشكل جريمة بما يستتبع قيام الدعوى الجنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية، فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، فإذا انفصلت الدعويان بأن اختار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة، فإن سريان التقادم بالنسبة له يقف ما بقى الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائما، فإذا انقضت هذه الدعوى بصدور حكم نهائي فيها بإدانة الجاني أو بسبب آخر من أسباب الانقضاء كسقوطها بالتقادم، عاد تقادم دعوى التعويض إلى السريان من هذا التاريخ على أساس أن بقاء الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائما يعد في معنى المادة 382/ 1 من القانون المدني مانعا يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض، ومن المقرر أيضا أن سريان هذا التقادم يقف طوال المدة التي يجري فيها التحقيق بمعرفة النيابة العامة ولا يعود إلى السريان إلا من تاريخ صدور قرار نهائي من النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، وأن هذا القرار لا يحوز حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية، وإذا كانت المادة 255 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون 76 لسنة 2007 قد أوجبت على الطاعن أن يرفق بصحيفة طعنه المستندات التي تؤيد طعنه مذيلة بعبارة "صورة لتقديمها إلى محكمة النقض" مما مفاده أن المشرع عد من الإجراءات في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكوا به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن العمل غير المشروع الذي سبب الضرر للمطعون ضده بصفته قد شكل جريمة بيئية وفقا لأحكام القانون 4 لسنة 1994 بشأن البيئة المعدل، والقانون 1599 لسنة 2006 بشأن حماية الشواطئ البحرية المصرية والتي ضبط عنها المحضر رقم ... لسنة 2011 إداري قسم أول الغردقة ضد الطاعن بصفته، وقد أمرت النيابة العامة بحفظ الأوراق بتاريخ 16/ 1/ 2011 بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لانقضائها بمضي المدة، ومن ثم فإنه من ذلك التاريخ الذي انقضت فيه الدعوى الجنائية بصيرورة هذا الأمر الصادر من النيابة العامة نهائيا في 17/ 4/ 2011 يبدأ سريان تقادم دعوى التعويض بمدتها الأصلية وهي ثلاث سنوات طبقا للمادة 172 من القانون المدني، وحيث إن هذا القرار لا يحوز حجية لمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية، وكان المطعون ضده بصفته قد أقام دعواه بالتعويض قبل الطاعن بصفته بتاريخ 27/ 4/ 2013 أي قبل مضي أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ صيرورة الأمر نهائيا، ومن ثم تكون مدة التقادم الثلاثي لم تكتمل عند رفع الدعوى، وإذ استخلص الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذه النتيجة بأسبابه فقد أصاب في قضائه برفض الدفع بسقوط الدعوي بالتقادم، وهو ما يضحى معه النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول، ولا يغير من الأمر شيئا أخذ الحكم المطعون فيه بمعيار تاريخ علم المضرور بالعمل غير المشروع في احتساب سريان التقادم طالما أن ذلك لم يؤثر في النتيجة التي انتهى إليها، ويكون النعي عليه بهذا الوجه غير منتج، ولا ينال من ذلك ما أثاره الطاعن بصفته بما جاء بمدونات الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، إذ خلت الأوراق من ذلك المستند، ومن ثم جاء النعي على هذا الوجه مفتقرا لدليله.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، لقضاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه بتحقق مسئولية الشركة التي يمثلها الطاعن بصفته عن الأضرار التي لحقت بالمطعون ضده بصفته وتقديره للتعويض جزافيا دون الاستناد إلى أصل في الأوراق، وأن الخبير لم يقرر بتقريره المودع مسئولية الطاعن بصفته أو تحديد قيمة الأضرار التي لحقت بالبيئة، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود عليه، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير التعويض هو من إطلاقات محكمة الموضوع بحسب ما تراه مناسبا مستهدية في ذلك بكافة الظروف والملابسات في الدعوى دون رقابة عليها من محكمة النقض، وبحسب الحكم أن يبين عناصر الضرر الذي يقدر التعويض عنه.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق فيما استخلصه الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بأسبابه إلى إلزام الطاعن بصفته بالتعويض المقدر استنادا إلى ما أورده الخبير بتقريره المودع والمعاينة الفنية من المطعون ضده بصفته والمحضر المحرر من المطعون ضده بصفته بتقدير قيمة التعويض الناتج عن خطأ الطاعن بصفته وتحقق مسئوليته من القيام بأعمال ردم وحفر وإنشاءات ترتب عليها إلحاق الضرر بالتأثير على البيئة البحرية وتغير خواصها، وإذ جاءت هذه الأسباب سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق وفيها الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة وتكفي لحمل قضائه، فإن ما يثيره الطاعن بصفته في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الأدلة في الدعوى واستخلاص الخطأ وتقدير التعويض تنحسر عنه رقابة محكمة النقض، ومن ثم يضحى النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، لتمسكه أمام محكمة الاستئناف بالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من وعلى غير ذي صفة تأسيسا على أن الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ التابعة لوزارة الري هي المنوط بها تحرير المخالفات الخاصة بالبيئة البحرية وإذ أطرح الحكم المطعون فيه ذلك الدفع بقالة إن الطاعن بصفته أقر بملكيته للقرية التي حدثت بها المخالفات ومن ثم تكون مسئوليتها، وأن قانون البيئة قد أناط بالمطعون ضده بصفته صفة الضبطية القضائية لضبط تلك المخالفات فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود عليه، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في استخلاص توفر الصفة في الدعوى، وتحصيل فهم الواقع فيها، وتقدير الأدلة وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تحمله مادام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط للأقوال والحجج والطلبات التي أثارها الخصوم. لما كان ذلك، وكان الثابت بنصوص القانون 4 لسنة 1994 بشأن البيئة المعدل، وقرار رئيس الجمهورية رقم 261 لسنة 1981 بشأن إنشاء الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1599 لسنة 2006 بشأن حماية الشواطئ البحرية المصرية أنها جاءت جميعها ووفقا - للائحة التنفيذية - للتنسيق بين الجهات المعنية بحماية الشواطئ وهما جهاز شئون البيئة، والهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ وتحديد اختصاصاتهما باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة مما مؤداه أن رفع الدعوى من قبل المطعون ضده بصفته باعتباره أحد الجهات المعنية بحماية الشواطئ من الجرائم البيئية ضد الطاعن بصفته. لا عيب، طالما تحقق الغرض من اختصام صاحب الصفة في الدعوى وهو المطعون ضده بصفته، ولما كانت دعوى التعويض عن العمل غير المشروع باعتباره جريمة بيئية واقعة الحدوث بأحد الشواطئ بقرية الطاعن بصفته وإقراره بملكيته لها، ومن ثم فإن اختصامه في الدعوى باعتباره صاحب الصفة مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بصفته في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلا فيما لمحكمة الموضوع من استخلاص توفر الصفة في الدعوى وتحصيل فهم الواقع فيها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون النعي عليه غير مقبول.

الطلبين رقمي 1 و2 لسنة 33 ق دستورية عليا " تفسير " جلسة 5 / 12 / 2015

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة المنعقدة يوم السبت الخامس من ديسمبر سنـة 2015م، الموافـق الثالث والعشرين من صفر سنة 1437 هـ .
برئاسة السيد المستشار / عدلي محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي على جبالى ومحمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمـر شريف وبولس فهمـى إسكندر وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت القرار الآتي
في الطلبين رقمي 1 و2 لسنة 33 قضائية " تفسير "
المقامين مـــن:
السيد وزيــــر العدل
-----------------
الإجــــــراءات
بتاريخ التاسع من يوليو سنة 2011، ورد إلى المحكمة كتاب السيد المستشار وزير العدل رقم 557 المؤرخ 4/7/2011؛ بطلب تفسير كل من المادة (4) من القانون رقم 29 لسنة 1992 بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة وضم العلاوات الإضافية إلى الأجور الأساسية؛ فيما تنص عليه من أنه :" لا يخضع ما يُضم من العلاوات الخاصة إلى الأجور الأساسية لأية ضرائب أو رسوم"، والمادة الرابعة من كل من قوانين منح علاوة خاصة للعاملين بالدولة أرقام 174 لسنة 1993، و203 لسنة 1994، و23 لسنة 1995، و85 لسنة 1996، و82 لسنة 1997، و90 لسنة 1998، و19 لسنة 1999، و84 لسنة 2000، و18 لسنة 2001، و149 لسنة 2002 فيما تنص عليه من أنه :"لا تخضع العلاوة المضمومة لأية ضرائب أو رسوم". وقد تم قيد هذا الطلب برقم (1) لسنة 33 قضائية "تفسير".

وبتاريخ الرابع من أكتوبر سنة 2011، ورد إلى المحكمة كتاب آخر من السيد المستشار وزير العدل برقم 705 المؤرخ 2/10/2011؛ متضمنًا طلب تفسير النصوص التشريعية ذاتها، وذلك بناءً على طلب السيد رئيس مجلس الوزراء. وقد تم قيد هذا الطلب برقم (2) لسنة 33 قضائية "تفسير".
وبجلسة 15/1/2012، قررت المحكمة ضم الطلب رقم (2) إلى الطلب رقم (1) لسنة 33 قضائية "تفسير"، وإعادة الأوراق إلى هيئة المفوضين لاستكمال التحضير.
وبعد تحضير الطلب، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
وقررت المحكمة إصدار القرار بجلسة اليوم.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن السيد رئيس مجلس الوزراء طلب تفسير كل من المادة (4) من القانون رقم 29 لسنة 1992 بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة وضم العلاوات الإضافية إلى الأجور الأساسية؛ فيما تنص عليه من أنه :"لا يخضع ما يُضم من العلاوات الخاصة إلى الأجور الأساسية لأية ضرائب أو رسوم"، والمادة الرابعة من كل من قوانين منح علاوة خاصة للعاملين بالدولة أرقام 174 لسنة 1993، و203 لسنة 1994، و23 لسنة 1995، و85 لسنة 1996، و82 لسنة 1997، و90 لسنة 1998، و19 لسنة 1999، و84 لسنة 2000، و18 لسنة 2001، و149 لسنة 2002 فيما تنص عليه من أنه :" لا تخضع العلاوة المضمومة لأية ضرائب أو رسوم"، وذلك تأسيسًا على أن هذا النص ـ في كل من القوانين السالف بيانها ـ المقرر لإعفاء العلاوة الخاصة من أية ضرائب أو رسوم ، قد أثار خلافاً في التطبيق، وفيما ترتب عليه من آثار؛ فيما تضمنه من عدم خضوع ما يُضم من العلاوات الخاصة إلى الأجور الأساسية لأية ضرائب أو رسوم، وبيان ما إذا كان هذا الإعفاء يقتصر على قيمة العلاوات الخاصة، أم يمتد إلى أية مبالغ تكون قد تأثرت بالضم؛ كالحوافز والمكافآت والأجور الإضافية التي تُصرف منسوبة إلى الأجر الأساسي، إذ تضاربت في شأنه الآراء؛ فذهبت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بجلستها المعقودة في 19/11/2003 (فتوى رقم 5 بتاريخ 1/1/2004 ـ ملف رقم 86/4/1488) إلى عدم تمتع الزيادة في الحوافز والأجور الإضافية والمكافآت، نتيجة ضم العلاوات الخاصة إلى الأجر الأساسي، بالإعفاء المقرر لتلك العلاوات من أية ضرائب أو رسوم، بما مؤداه أن الإعفاء يقتصر على قيمة هذه العلاوات، ولا يمتد إلى غيرها من أية مبالغ تكون قد تأثرت بالضم، بيد أن محكمة النقض اتخذت منحى مغايرًا بما قررته بجلسة 12/5/2008 في الطعن رقم 1332 لسنة 74 قضائية؛ إذ انتهت إلى أن الإعفاء المشار إليه لا يقتصر على قيمة هذه العلاوة الخاصة، بل يمتد إلى غيرها من تلك المبالغ التي تأثرت بالضم.

وأضاف طلب التفسير أن توحيد تفسير ذلك النص له أهمية بالغة، نظرًا لعظم الآثار المالية المترتبة على تطبيقه، وتجنبًا لاتخاذ الخلاف في الرأي القائم في هذا الشأن محلاًّ للمطالب الفئوية التي تؤدي إلى تعطيل سير المرافق العامة، وحرصًا على استقرار أوضاع العاملين بالدولة وتجنيبهم مشقة اللجوء إلى القضاء وكفالة المساواة المالية بينهم.

وإزاء أهمية توحيد التفسير في هذه المسألة؛ لتعلقها بممارسة بعض الحقوق الدستورية الأساسية، وهي الحق في المساواة والحق في الأجر العادل، فقد طلب السيد وزير العدل، بناءً على طلب السيد رئيس مجلس الوزراء، عرض الأمر على هذه المحكمة لإصدار تفسير تشريعي للنص المذكور؛ عملاً بما تنص عليه المادتان (26) و(33) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.

وحيث إن المادة (26) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه تنص على أن :" تتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقًا لأحكام الدستور، وذلك إذا أثارت خلافًا في التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها ".

وحيث إن السلطة المخولة لهذه المحكمة في مجال التفسير التشريعي، مشروطة بأن تكون للنص التشريعي أهمية جوهرية تتحدد بالنظر إلى طبيعة الحقوق التي ينظمها ووزن المصالح المرتبطة بها، وأن يكون هذا النص - فوق أهميته - قد أثار عند تطبيقه خلافًا حول مضمونه تتباين معه الآثار القانونية التي يرتبها فيما بين المخاطبين بأحكامه، على نحو يُخلّ - عملاً - بعمومية القاعدة القانونية الصادرة في شأنهم، والمتماثلة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها، ويُهدر بالتالي ما تقتضيه المساواة بينهم في مجال تطبيقها؛ الأمر الذي يحتم رد هذه القاعدة إلى مضمون موحد يتحدد على ضوء ما قصده المشرع منها عند إقرارها، ضمانًا لتطبيقها تطبيقًا متكافئًا بين المُخاطبين بها.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ولايتها - في مجال ممارستها لاختصاصها بالنسبة إلى التفسير التشريعي - تقتصر على تحديد مضمون النص القانوني محل التفسير لتوضيح ما أُبهم من ألفاظه، وذلك من خلال استجلاء إرادة المشرع وتحري مقصده منه، والوقوف على الغاية التي يستهدفها من تقريره إياه.

وحيث إن الشرطين اللذين تطلبهما المشرع لقبول طلب التفسير قد توافرا بالنسبة لكل من المادة (4) من القانون رقم 29 لسنة 1992 بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة وضم العلاوات الإضافية إلى الأجور الأساسية؛ فيما تنص عليه من أنه :" لا يخضع ما يُضم من العلاوات الخاصة إلى الأجور الأساسية لأية ضرائب أو رسوم"، والمادة الرابعة من القوانين أرقام 174 لسنة 1993، و203 لسنة 1994، و23 لسنة 1995، و85 لسنة 1996، و82 لسنة 1997، و90 لسنة 1998، و19 لسنة 1999، و84 لسنة 2000، و18 لسنة 2001، و149 لسنة 2002 بمنح علاوة خاصة للعاملين بالدولة، فيما تنص عليه من أنه :"لا تخضع العلاوة المضمومة لأية ضرائب أو رسوم"؛ ذلك أن هذا النص ـ في كل من القوانين السالف بيانها ـ المقرر لإعفاء العلاوة الخاصة من أية ضرائب أو رسوم ، قد أثار خلافًا في تطبيقه بين الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة من ناحية، ومحكمة النقض من ناحية أخرى؛ إذ رأت الأولى عدم تمتع الزيادة في الحوافز والأجور الإضافية والمكافآت، نتيجة ضم العلاوات الخاصة إلى الأجر الأساسي، بالإعفاء المقرر لتلك العلاوات من أية ضرائب أو رسوم، بما مؤداه أن الإعفاء يقتصر على قيمة هذه العلاوات فقط، ولا يمتد إلى غيرها من أى مبالغ تكون قد تأثرت بالضم، في حين اتجهت محكمة النقض وجهة أخرى مناقضة انتهت فيها إلى أن الإعفاء المشار إليه لا يقتصر على قيمة هذه العلاوة الخاصة، بل يمتد إلى غيرها من تلك المبالغ التي تأثرت بالضم، وقد انعكس هذا الخلاف على وزارة المالية؛ بصفتها الجهة القائمة على استقرار أوضاع الخزانة العامة للدولة، كما أن النص محل طلب التفسير يتعلق بممارسة بعض الحقوق الدستورية الأساسية، وهي الحق في المساواة والحق في الأجر العادل، ومن ثم فإن طلب تفسيره يكون مقبولاً.

وحيث إن من المقرر – وعلى ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا - أن اختصاصها بتفسير النصوص التشريعية لا يجوز أن ينزلق إلى الفصل في دستوريتها؛ ذلك أن المادة (26) من قانون هذه المحكمة لا تخولها سوى استقصاء إرادة المشرع من خلال استخلاصها دون تقييم لها، وعلى أساس أن النصوص التشريعية إنما ترد دومًا إلى هذه الإرادة وتحمل عليها حملاً، سواء كان المشرع حين صاغها مجانبًا الحق أو منصفًا، وسواء كان مضمونها ملتئمًا مع أحكام الدستور أم كان منافيًا لها، ولا يُتصور - تبعًا لذلك - أن يكون طلب تفسير تلك النصوص تفسيرًا تشريعيًّا، متضمنًا أو مستنهضًا الفصل في دستوريتها لتقرير صحتها أو بطلانها على ضوء أحكام الدستور.

وحيث إن قرارات التفسير الصادرة من المحكمة الدستورية العليا قد تواترت على أنها قد خُولت سلطة تفسير النصوص التشريعية - بمعناها الشامل لقرارات رئيس الجمهورية بقوانين - تفسيرًا تشريعيًّا ملزمًا؛ يكون كاشفًا عن إرادة المشرع التي صاغ على ضوئها هذه النصوص محددًا مضمونها، لتوضيح ما أُبهم من ألفاظها، مزيلاً ما يعتريها من تناقض قد يبدو من الظاهر بينها، مستصفيًا إرادة المشرع تحريًا لمقاصده منها، ووقوفًا عند الغاية التي استهدفها من تقريره إياها بلا زيادة أو ابتسار، مما مؤداه أن هذه المحكمة تحدد مضامين النصوص التشريعية حملاً على المعنى المقصود منها ابتداءً؛ ضمانًا لوحدة تطبيقها، ودون إقحام لعناصر جديدة على القاعدة القانونية التي تفسرها بما يغيّر من محتواها الحق، أو يُلبسها غير الصورة التي أفرغها المشرع فيها، أو يردها إلى غير الدائرة التي قصد أن تعمل في نطاقها، بل يكون قرارها بتفسير تلك النصوص كاشفًا عن حقيقتها، معتصمًا بجوهرهـا، مندمجًا فيها، وتستعين المحكمة في سبيل ذلك بالتطور التشريعي للنص المطلوب تفسيره وبأعماله التحضيرية الممهدة له.

وحيث إنه باستعراض التطور التشريعي للنص محل طلب التفسير الماثل؛ يتبين أن المادة (4) من القانون رقم 29 لسنة 1992 بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة وضم العلاوات الإضافية إلى الأجور الأساسية، نصت على أنه :" لا يخضع ما يُضم من العلاوات الخاصة إلى الأجور الأساسية لأية ضرائب أو رسوم "، وقد تواترت على النحو ذاته القوانين اللاحقة؛ إذ أورد المشرع في نص المادة الرابعة من القوانين أرقام 174 لسنة 1993، و203 لسنة 1994، و23 لسنة 1995، و85 لسنة 1996، و82 لسنة 1997، و90 لسنة 1998، و19 لسنة 1999، و84 لسنة 2000، و18 لسنة 2001، و149 لسنة 2002 بمنح علاوة خاصة للعاملين بالدولة أنه :" لا تخضع العلاوة المضمومة لأية ضرائب أو رسوم ".

وحيث إنه يتبين من الاطلاع على مضبطة جلسة مجلس الشعب التاسعة والسبعين المعقودة في 18 من أبريل سنة 1995 أن النص محل التفسير لم تجر في شأنه أية مناقشات بين أعضائه تُعين على فهم المراد منه، وإنما وافق المجلس عليه بالصياغة التي أُفرغ فيها بالمادة (4) من القانون رقم 29 لسنة 1992 المشار إليه، وتواتر الأمر على النحو ذاته في القوانين اللاحقة السالف بيانها.
وحيث إنه إزاء ما تقدم؛ فقد أصبح لزامًا على هذه المحكمة، وهي في مقام تفسيرها للنص المشار إليه، أن تفسره بما لا يُخرجه عن المعنى الذي يتبين من ظاهر عبارته؛ إذ إنها وحدها التي يتعين التعويل عليها، ولا يجوز العدول عنها إلى سواها إلا إذا كان التقيد بحرفيتها يُناقض أهدافًا واضحة ومشروعة سعى إليها المشرع، وبمراعاة أن اختصاص هذه المحكمة بتفسير النصوص التشريعية لا يخولها حق مراقبة شرعيتها الدستورية، وإنما هي تكشف عن إرادة المشرع دون تقييم لها، ويقتصر عملها على رد النصوص القانونية إلى إرادة المشرع وحملها عليها، سواء كان مضمونها متفقًا مع أحكام الدستور أم مناقضًا لها.
وحيث إن النص التشريعي محل طلب التفسير، الذي تواترت عليه قوانين منح العاملين بالدولة علاوة خاصة - على ما سلف بيانه - يجري على ألا يخضع ما يُضم من العلاوات الخاصة إلى الأجور الأساسية لأية ضرائب أو رسوم.
وحيث إنه من المستقر عليه في أصول التفسير أنه إذا كانت عبارة النص واضحة الدلالة فلا يجوز تأويلها بما يُخرجها عن معناها المقصود منها، أو الانحراف عنها بدعوى تفسيرها، كما أنها إذا جاءت عامة فإنها تجري على إطلاقها، مالم يوجد ما يقيدها أو يُخصص حكمها.
وحيث إن الظاهر من عبارة النص محل التفسير عدم خضوع ما يُضم من العلاوات الخاصة إلى الأجور الأساسية، لأية ضرائب أو رسوم، وقد جاءت عبارة "ما يُضم من العلاوات الخاصة إلى الأجور الأساسية" واضحة لا لبس فيها ولا غموض في الدلالة على أن عدم الخضوع للضرائب والرسوم يقتصر على ما يُضم من تلك العلاوات إلى الأجور الأساسية، فلا يمتد إلى غيرها من المبالغ التي تكون قد تأثرت بالضم كالحوافز والمكافآت والأجور الإضافية التي تُصرف منسوبة إلى الأجر الأساسي؛ إذ الضم لا يُغيّر من طبيعة هذه المبالغ؛ فتظل خاضعة للضرائب والرسوم، فلا يمتد إليها الإعفاء منها المقرر بتلك القوانين التي قررت ضم العلاوات الخاصة إلى الأجور الأساسية، إذ يتحدد مناط هذا الإعفاء بتوافر وصف " العلاوة الخاصة التي تُضم للمرتب الأساسي " دون أن يتعداه إلى غيره، فإذا انتفى هذا الوصف عن تلك المبالغ التي تكون قد تأثرت بالضم كالحوافز والمكافآت والأجور الإضافية التي تُصرف منسوبة إلى الأجر الأساسي؛ انتفى ـ تبعاً لذلك ـ مناط إعفائها من الضرائب والرسوم، إذ القول بغير ذلك يؤدي إلى الخلط بين مفهوم الأجر الأساسي للعامل مضمومًا إليه العلاوات الخاصة وغيرها من العلاوات التي يقرر القانون ضمها إليه من ناحية، وبين تلك المبالغ التي تكون قد تأثرت بالضم كالحوافز والمكافآت والأجور الإضافية وغيرها من المزايا المالية الذي يُتخذ ذلك الأجر أساسًا لحسابها من ناحية أخرى.

وحيث إنه لا يجوز صرف عبارة النص محل التفسير عن معناها الظاهري على النحو السالف البيان، وتفسيرها قسرًا واعتسافًا على نحو يؤدي إلى شمول حكمها لما ليس منها؛ ذلك أن النص العام لا يُخصص إلا بدليل، ولا يُقيد المطلق إلا بقرينة، فإذا ما انتفى ذلك الدليل وتلك القرينة؛ فإنه لا يجوز إسباغ معنى آخر على النص التشريعي، وإلا كان تأويلاً له غير مقبول.

فلهذه الأسباب

وبعد الاطلاع على نص كل من المادة (4) من القانون رقم 29 لسنة 1992 بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة وضم العلاوات الإضافية إلى الأجور الأساسية، ونص المادة الرابعة من القوانين أرقام 174 لسنة 1993، و203 لسنة 1994، و23 لسنة 1995، و85 لسنة 1996، و82 لسنة 1997، و90 لسنة 1998، و19 لسنة 1999، و84 لسنة 2000، و18 لسنة 2001، و149 لسنة 2002 بمنح علاوة خاصة للعاملين بالدولة.

قررت المحكمة:

أن كلاًّ من المادة (4) من القانون رقم 29 لسنة 1992 بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة وضم العلاوات الإضافية إلى الأجور الأساسية؛ فيما تنص عليه من أنه :"لا يخضع ما يُضم من العلاوات الخاصة إلى الأجور الأساسية لأية ضرائب أو رسوم"، والمادة الرابعة من القوانين أرقام 174 لسنة 1993، و203 لسنة 1994، و23 لسنة 1995، و85 لسنة 1996، و82 لسنة 1997، و90 لسنة 1998، و19 لسنة 1999، و84 لسنة 2000، و18 لسنة 2001، و149 لسنة 2002 بمنح علاوة خاصة للعاملين بالدولة، فيما تنص عليه من أنه :" لا تخضع العلاوة المضمومة لأية ضرائب أو رسوم "؛ يعني أن الإعفاء الوارد بهما يقتصر على قيمة العلاوة الخاصة التي تُضم إلى الأجور الأساسية، دون أن يمتد إلى غيرها من أية مبالغ تكون قد تأثرت بالضم؛ كالحوافز والمكافآت والأجور الإضافية التي تُصرف منسوبة إلى الأجر الأساسي.

الطعن 18687 لسنة 89 ق جلسة 26 / 11 / 2020 مكتب فني 71 ق 123 ص 899

جلسة 26 من نوفمبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي/ عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ عبد الله لملوم، صلاح الدين كامل سعد الله، الريدي عدلي ومراد زناتي "نواب رئيس المحكمة".

--------------

(123)

الطعن 18687 لسنة 89 ق

(1) حكم "حجية الأحكام: شروط الحجية".
حجية الأمر المقضي. مناطها. وحدة الخصوم والمحل والسبب في الدعويين السابقة والتالية. سبب الدعوى. ماهيته. مثال بشأن اختلاف سبب الدعويين السابقة والتالية.

(2) تقادم "التقادم المسقط".
الدفع بالتقادم. عدم تعلقه بالنظام العام. وجوب التمسك به أمام محكمة الموضوع. التمسك بنوع من التقادم لا يغني عن التمسك بنوع آخر. لكل تقادم شروطه وأحكامه. مثال بشأن التمسك بنوع من التقادم دون آخر.

(3) قانون "تفسيره".
النص الواضح جلي المعنى قاطع الدلالة على المراد منه. لا محل للخروج عليه أو تأويله.

(4) حكم "تسبيبه".
وجوب تضمين الحكم ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة محصت الأدلة التي قدمت إليها وبذلت كل الوسائل التي تعينها على التوصل إلى ما ترى أنه الواقع.

(5) دعوى "الدفاع في الدعوى".
الطلبات وأوجه الدفاع الجازمة التي قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى. التزام محكمة الموضوع بالإجابة عليها بأسباب خاصة. إغفال ذلك. قصور.

(6 ، 7) بنوك "تخفيض رسوم الرهون الرسمية والتجارية".
(6) الرهون الرسمية والتجارية المقدمة للبنوك ومؤسسات التمويل الدولية. خفض المشرع في قانون البنك المركزي الرسوم المستحقة عليها إلى النصف دون الإخلال بأحكام الخفض والإعفاء المقررة في قوانين أخرى ووضع حد أقصى لهذه الرسوم وأعفى شطبها من جميع الرسوم. م103 ق88 لسنة 2003 المنطبق قبل إلغائه بق 194 لسنة 2020. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ.

(7) الرسوم المستحقة على الرهن الذي يزيد قيمة دينه على ثلاثين مليون جنيه هو مبلغ مائة ألف جنيه. م103 ق88 لسنة 2003. تجاوز قيمة الدين المرهون الثلاثين مليون جنيه. مقتضاه. تخفيض الرسوم إلى مائة ألف جنيه.

---------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن حجية الأمر المقضي المانعة من نظر النزاع في الدعوى اللاحقة إذا اتحد الموضوع والسبب والخصوم، وأن المقصود بسبب الدعوى هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الدعوى رقم .... لسنة 2015 اقتصادي الإسكندرية المحاج بها انصبت على التظلم من أمر التقدير الصادر من أمين الشهر العقاري بشأن الرسوم التكميلية المطالب بها في حين أنه- أمين الشهر العقاري- لا يحق له إصدار أمر بتقدير الرسوم إلا في حالتي الغش والخطأ وهما بمنأى عن هذه الدعوى وخلص إلى رفض الأمر الصادر منه بتقدير تلك الرسوم وهو سبب الدعوى السابقة في حين أن الدعوى الحالية انصبت على تقدير أمر الرسوم التكميلية المطالب بها والإجراءات المعتادة لرفع الدعوى مما يكون معه السبب مغاير فيهما لا تتوافر معه شروط حجية الأمر المقضي فيه، فضلا عن أن البنك الطاعن لم يقدم بأوراق طعنه صورة رسمية من ذلك الحكم وشهادة بنهائيته ولم يقدم الدليل على ما ورد بوجهي النعي، ومن ثم يكون نعيه عارياً عن دليله، وبات غير مقبول.

2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن التقادم لا يتعلق بالنظام العام وينبغي التمسك به أمام محكمة الموضوع وأن التمسك بنوع من التقادم لا يغني عن التمسك بنوع آخر من أنواع التقادم لأن لكل تقادم شروطه وأحكامه وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد تمسك الطاعن بالتقادم الخمسي أمام محكمة الموضوع فإنه يكون دفاعاً جديداً لا يجوز التمسك به أمام محكمة النقض، ولما كان ذلك وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بالدفع بسقوط الحق في المطالبة بالرسوم محل النزاع المقررة لدعوى الإثراء بلا سبب إعمالا لنص المادة 180 من القانون المدني وانتهت المحكمة لرفض هذا الدفع ولم يتمسك بالتقادم الخمسي أمام محكمة الموضوع بدرجتيها، وإنما أثاره بصحيفة الطعن بالنقض لأول مرة مما يكون معه سببا جديدا لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة ويضحى النعي غير مقبول.

3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه متى كان النص واضحا جلي المعنى قاطع الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله.

4 - المقرر أن الحكم يجب أن يكون في ذاته ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة قد فحصت الأدلة التي قدمت إليها وبذلت في سبيل ذلك كل الوسائل التي تعينها على التوصل إلى ما ترى أنه الواقع.

5 - كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تعرض له ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تأثير في مسار الدعوى وتغيير وجه الرأي فيها يجب على المحكمة أن تتناوله بالبحث وتقول رأيها في شأنه ودلالته وتجيب عنه بأسباب خاصة وإلا كان حكمها خاليا من الأسباب، وأنه إذا أخذت محكمة الموضوع بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت إليه في أسباب حكمها وكانت أسبابه لا تصلح ردا على دفاع جوهري تمسك به الخصوم فإن حكمها يكون معيبا بالقصور.

6 - النص في المادة 103 من القانون رقم 88 لسنة 2003 بشأن إصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد- المنطبق على الواقعة قبل إلغائه بالقانون رقم 194 لسنة 2020- على أنه "مع عدم الإخلال بأحكام الخفض والإعفاء المقررة قانونا بالنسبة إلى الرسوم على الرهن الرسمي تخفض إلى النصف جميع الرسوم المستحقة على الرهون الرسمية والرهون التجارية لما يقدم للبنوك ومؤسسات التمويل الدولية ضمانا للتمويل والتسهيلات الائتمانية وعلى تجديد وتعديل قيمة هذه الرهون أو أي شرط من شروطها وبحيث يكون الحد الأقصى لهذه الرسوم على النحو التالي: خمسة وعشرون ألف جنيه فيما لا يجاوز قيمته عشرة ملايين جنيه- خمسون ألف جنيه فيما لا يجاوز قيمته عشرون مليون جنيها- خمسة وسبعون ألف جنيه فيما لا يجاوز قيمته ثلاثين مليون جنيها- مائة ألف جنيه فيما يجاوز قيمته ثلاثين مليون جنيه ويعفى شطب تلك الرهون من جميع الرسوم المستحقة". لما كان ذلك، وكان البنك الطاعن قد تمسك بإعمال المادة 103 من القانون رقم 88 لسنة 2003 بشأن إصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد- المنطبق على الواقعة قبل إلغائه بالقانون رقم 194 لسنة 2020 أمام محكمة الاستئناف والتي أحالت في الرد عليه لتقرير الخبير المنتدب في الدعوى .... لسنة 2015 اقتصادي الإسكندرية- المرفق صورة رسمية منه بالأوراق- وجاء بمدوناته أن البنك الطاعن سدد مبلغ خمسين ألف جنيه من الرسوم التكميلية المطالب بها إلا أن قيمة الدين الأصلي والفوائد المتحصلة عن عقد القرض المرهون بشأنه العقارات محل المشهر رقم ...... لسنة 2009 زادت حتى بلغ مقدارها مبلغ 34.755.000 جنيه في عام 2009 وأن أصل الرسوم التكميلية المستحقة أصبح مقداره 250608 جنيها وكان ما ورد بتقرير الخبير الذي أحالت إليه المحكمة في هذا الشأن لا يصلح ردا على دفاع البنك الطاعن إذ كان يجب على الحكم المطعون فيه أن يتناوله بالبحث ويقول رأيه في شأنه ودلالته بأسباب خاصة. ولكن لم يعرض له على هذه الكيفية بما يعيبه بالقصور في التسبيب الذي جره لمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.

7 - إذ كانت قيمة الدين المرهون قد بلغت في عام 2009 مبلغا مقداره 34.755.000 جنيه وكان الحكم المستأنف قد قضى بمبلغ مقداره 200606 جنيها ثابت بالأوراق أنه تم سداد مبلغ خمسون ألف جنيه من قبل البنك الطاعن وإعمالا للفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 103 من القانون 88 لسنة 2003 بشأن إصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد التي جعلت الحد الأقصى للرسوم المطالب بها بشأن ما يزيد قيمته على ثلاثين مليون جنيه هو مبلغ مائة ألف جنيه فإن ما يستحق من الرسوم المطالب بها خمسون ألف جنيه إضافة إلى مبلغ الخمسون ألف جنيه التي تم سدادها.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضدهما بصفتيهما أقاما على البنك الطاعن الدعوى رقم ...... لسنة 2017 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأداء مبلغ 200680 جنيه فقط مائتا ألف وستمائة وثمانون جنيها، قيمة الرسوم التكميلية المستحقة لمصلحة الشهر العقاري برقم .... لسنة 2011، 2012 عن تجديد قيمة الرهن رقم .... لسنة 2009 بعد صدور حكم في الدعوى رقم .... لسنة 2015 تجاري اقتصادي الإسكندرية بإلغاء تلك المطالبة لكونها محررة بمعرفة أمين الشهر العقاري ولا يحق له ذلك لانعدام الخطأ والغش بتلك القائمة والتي تحمل التزاما جديدا فيكون سبيلها الدعوى بالطرق المعتادة لاستصدار قائمة رسوم تكميلية، ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 28/ 11/ 2018 بإلزام المدعى عليه بصفته- البنك الطاعن- بسداد مبلغ مقداره مائتا ألف وستمائة وستة جنيهات، استأنف البنك الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 57ق أمام محكمة استئناف الإسكندرية التي قضت بتاريخ 14/ 7/ 2019 بتأييد الحكم المستأنف. طعن البنك الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة- في غرفة مشورة- حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من أربعة أوجه أولها وثالثها أن الحكم المطعون فيه رفض دفعه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالدعوى رقم .... لسنة 2015 اقتصادي الإسكندرية الذي قضى بإلغاء أمر تقدير الرسوم التكميلية المطالب بها لصدوره من أمين الشهر العقاري والذي لا يحق له إصدار هذا الأمر إلا في حالتي الخطأ والغش وهما لا وجود لهما في هذه الحالة وإنما يكون أمر تقدير الرسوم التكميلية المطالب بها بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، ولما كانت تلك الرسوم التكميلية المطالب بها هي ذات الرسوم في الدعوى السابقة والذي أشار الخبير أنها تضمنت رسما نسبيا على الإقرار بالدين الذي لا يخضع للرسم النسبي مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن حجية الأمر المقضي المانعة من نظر النزاع في الدعوى اللاحقة إذا اتحد الموضوع والسبب والخصوم، وأن المقصود بسبب الدعوى هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الدعوى رقم .... لسنة 2015 اقتصادي الإسكندرية المحاج بها انصبت على التظلم من أمر التقدير الصادر من أمين الشهر العقاري بشأن الرسوم التكميلية المطالب بها في حين أنه- أمين الشهر العقاري- لا يحق له إصدار أمر بتقدير الرسوم إلا في حالتي الغش والخطأ وهما بمنأى عن هذه الدعوى وخلص إلى رفض الأمر الصادر منه بتقدير تلك الرسوم وهو سبب الدعوى السابقة في حين أن الدعوى الحالية انصبت على تقدير أمر الرسوم التكميلية المطالب بها والإجراءات المعتادة لرفع الدعوى مما يكون معه السبب مغاير فيهما لا تتوافر معه شروط حجية الأمر المقضي فيه، فضلا عن أن البنك الطاعن لم يقدم بأوراق طعنه صورة رسمية من ذلك الحكم وشهادة بنهائيته ولم يقدم الدليل على ما ورد بوجهي النعي، ومن ثم يكون نعيه عاريا عن دليله، وبات غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الرابع من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه رفض الدفع بالتقادم الخمسي للمطالبة بالرسوم التكميلية محل النزاع إذ أن تحديد قائمة الرهن محل النزاع كان في 8/ 10/ 2009 وأقيمت الدعوى للمطالبة بها في 8/ 8/ 2017 ومن ثم تكون تلك المطالبة سقطت بالتقادم الخمسي بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير مقبول ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن التقادم لا يتعلق بالنظام العام وينبغي التمسك به أمام محكمة الموضوع وأن التمسك بنوع من التقادم لا يغني عن التمسك بنوع آخر من أنواع التقادم لأن لكل تقادم شروطه وأحكامه وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد تمسك الطاعن بالتقادم الخمسي أمام محكمة الموضوع فإنه يكون دفاعا جديدا لا يجوز التمسك به أمام محكمة النقض، ولما كان ذلك وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بالدفع بسقوط الحق في المطالبة بالرسوم محل النزاع المقررة لدعوى الإثراء بلا سبب إعمالا لنص المادة 180 من القانون المدني وانتهت المحكمة لرفض هذا الدفع ولم يتمسك بالتقادم الخمسي أمام محكمة الموضوع بدرجتيها، وإنما أثاره بصحيفة الطعن بالنقض لأول مرة مما يكون معه سببا جديدا لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة ويضحى النعي غير مقبول.
وحيث إن البنك الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجهين الثاني من كل من السببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام خبير الدعوى ومن بعده محكمة الاستئناف بإعمال نص المادة 103 من القانون 88 لسنة 2003 بشأن الرسم التكميلي المقيد على قائمة الرهن محل النزاع وقدرها خمسون ألف جنيه قام البنك بسدادها لحامله إلا أن الخبير انتهى في بحثه إلى أن قيمة الدين المرهون زادت وأصبح مقدارها 12.537.909 جنيها وقدر الرسم المقضي به ولم يعن ببحث دفاع البنك بوجوب إعمال الحد الأقصى المنصوص عليه في المادة المشار إليها آنفا بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه متى كان النص واضحا جلي المعنى قاطع الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله، وأن المقرر أيضا أن الحكم يجب أن يكون في ذاته ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة قد فحصت الأدلة التي قدمت إليها وبذلت في سبيل ذلك كل الوسائل التي تعينها على التوصل إلى ما ترى أنه الواقع، وأن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تعرض له ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تأثير في مسار الدعوى وتغيير وجه الرأي فيها يجب على المحكمة أن تتناوله بالبحث وتقول رأيها في شأنه ودلالته وتجيب عنه بأسباب خاصة وإلا كان حكمها خاليا من الأسباب، وأنه إذا أخذت محكمة الموضوع بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت إليه في أسباب حكمها وكانت أسبابه لا تصلح ردا على دفاع جوهري تمسك به الخصوم فإن حكمها يكون معيبا بالقصور. وكان النص في المادة 103 من القانون رقم 88 لسنة 2003 بشأن إصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد- المنطبق على الواقعة قبل إلغائه بالقانون رقم 194 لسنة 2020- على أنه "مع عدم الإخلال بأحكام الخفض والإعفاء المقررة قانونا بالنسبة إلى الرسوم على الرهن الرسمي تخفض إلى النصف جميع الرسوم المستحقة على الرهون الرسمية والرهون التجارية لما يقدم للبنوك ومؤسسات التمويل الدولية ضمانا للتمويل والتسهيلات الائتمانية وعلى تجديد وتعديل قيمة هذه الرهون أو أي شرط من شروطها وبحيث يكون الحد الأقصى لهذه الرسوم على النحو التالي: خمسة وعشرون ألف جنيه فيما لا يجاوز قيمته عشرة ملايين جنيه- خمسون ألف جنيه فيما لا يجاوز قيمته عشرون مليون جنيها- خمسة وسبعون ألف جنيه فيما لا يجاوز قيمته ثلاثين مليون جنيها- مائة ألف جنيه فيما يجاوز قيمته ثلاثين مليون جنيها ويعفى شطب تلك الرهون من جميع الرسوم المستحقة". لما كان ذلك، وكان البنك الطاعن قد تمسك بأعمال تلك المادة المشار إليها أمام محكمة الاستئناف والتي أحالت في الرد عليه لتقرير الخبير المنتدب في الدعوى .... لسنة 2015 اقتصادي الإسكندرية- المرفق صورة رسمية منه بالأوراق- وجاء بمدوناته أن البنك الطاعن سدد مبلغ خمسين ألف جنيه من الرسوم التكميلية المطالب بها إلا أن قيمة الدين الأصلي والفوائد المتحصلة عن عقد القرض المرهون بشأنه العقارات محل المشهر رقم ...... لسنة 2009 زادت حتى بلغ مقدارها مبلغ 34.755.000 جنيه في عام 2009 وأن أصل الرسوم التكميلية المستحقة أصبح مقداره 250608 جنيها وكان ما ورد بتقرير الخبير الذي أحالت إليه المحكمة في هذا الشأن لا يصلح ردا على دفاع البنك الطاعن إذ كان يجب على الحكم المطعون فيه أن يتناوله بالبحث ويقول رأيه في شأنه ودلالته بأسباب خاصة. ولكن لم يعرض له على هذه الكيفية بما يعيبه بالقصور في التسبيب الذي جره لمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يعيبه ويوجب نقضه نقضا جزئيا في شأن مقدار المبلغ المستحق على البنك الطاعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكانت قيمة الدين المرهون قد بلغت في عام 2009 مبلغا مقداره 34.755.000 جنيه وكان الحكم المستأنف قد قضى بمبلغ مقداره 200606 جنيهات ثابت بالأوراق أنه تم سداد مبلغ خمسون ألف جنيه من قبل البنك الطاعن وإعمالا للفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 103 من القانون 88 لسنة 2003 بشأن إصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد التي جعلت الحد الأقصى للرسوم المطالب بها بشأن ما يزيد قيمته على ثلاثين مليون جنيه هو مبلغ مائة ألف جنيه فإن ما يستحق من الرسوم المطالب بها خمسون ألف جنيه إضافة إلى مبلغ الخمسون ألف جنيه التي تم سدادها وهذا ما تقضي به المحكمة على النحو الذي سيرد بالمنطوق.