جلسة 27 من نوفمبر سنة 1976
برئاسة السيد المستشار بدوي إبراهيم حمودة رئيس المحكمة. وحضور السادة
المستشارين محمد عبد الوهاب خليل وعمر حافظ شريف ومحمد بهجت محمود عتيبة نواب رئيس
المحكمة والمستشارين علي أحمد كامل وأبو بكر محمد عطية ومحمد فهمي حسن عشري أعضاء
والمستشار محمد كمال محفوظ المفوض
والسيد/ سيد عبد الباري إبراهيم أمين السر.
-------------
(42)
القضية 4 لسنة 7 ق "دستورية"
عاملون بالقطاع العام - تقارير الكفاية - التظلم منها
نص المادة 16 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61
لسنة 1971 على نهائية القرار الصادر من رئيس مجلس الإدارة في تظلم العامل من تقدير
كفايته - لا يعني حظر الطعن في هذا القرار قضائيا - لا مخالفة فيه لأحكام الدستور
.
---------------
يستفاد من نص المادة 16 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر
بالقانون رقم 61 لسنة 1971 على أن يكون قرار رئيس مجلس الإدارة في الفصل في التظلم
من تقدير الكفاية نهائيا، أن نهائية القرار الصادر بالبت في التظلم - حسب قصد
الشارع من عبارته - لا يعني سوى وضع حد لمدارج التظلم من تقدير الكفاية وأن هذا
التقدير قد استنفد جميع مراحله في درجات السلم الرئاسي بحيث لم يعد قابلا للتظلم
أمام أي جهة رئاسية، ولا يفيد هذا النص حظر الطعن فيه قضائيا بطلانا وتعويضا أمام
الجهة القضائية المختصة، وهو ما يكفل سيادة القانون وكفالة حق التقاضي للكافة دون
تفرقة أو تمييز في هذا الحق، ومن ثم تكون الدعوى إذ قامت على مخالفة النص المذكور
للمواد 40 و64 و65 و68 من الدستور غير قائمة على أساس سليم من القانون.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الدعوى استوفت الأوضاع المقررة قانونا.
أقام المدعي هذه الدعوى بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة في 17/3/1976
جاء فيها أنه كان وكيلاً للإدارة القانونية بالشركة العامة ......... وقد رفع
الدعوى رقم 752 لسنة 1972 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد هذه الشركة،
طالبا الحكم ببطلان وإلغاء تقدير كفايته عن عام 1971 وإلغاء ما يترتب عليه من
آثار، مع تعويضه عما أصابه من أضرار نتيجة لذلك.
وقد دفعت المدعى عليها بعدم الاختصاص الولائي بنظر الدعوى وقضت
المحكمة برفض هذا الدفع كما قضت له بمبلغ 1500 ألف وخمسمائة جنيه تعويضاً ورفضت
طلب إلغاء تقدير الكفاية استناداً إلى أنه نهائي ولا يجوز المساس به لا بالإلغاء
أو التعديل.
فاستأنف المدعي هذا الحكم بالطعن رقم 4562 لسنة 90ق، كما استأنفته
الشركة. ودفعت من جديد أمام محكمة الاستئناف بعدم الاختصاص الولائي، تأسيساً على
ما تقضي به المادة 16 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بشأن تقرير النهائية للقرار
المطلوب الحكم بإلغائه. وقد رد المدعي على ذلك قائلاً أن النهائية الواردة بالمادة
16 المشار إليها، إنما تعني صيرورة تقدير الكفاية نافذاً منتجاً آثاره القانونية،
لا عدم جواز الطعن فيه أمام القضاء، وطلب من باب الاحتياط، إن رؤى تفسير النهائية
على غير هذا الوجه، أن ترخص له المحكمة في رفع دعوى بعدم دستورية نص المادة 16 من
القانون رقم 61 لسنة 1971، وقد قررت محكمة الاستئناف في 26/2/1976 إعادة الدعوى
للمرافعة على أن يقوم المدعي برفع دعوى بعدم دستورية المادة 16 من القانون رقم 61
لسنة 1971 أمام المحكمة العليا خلال ثلاثة أسابيع من تاريخ النطق بالقرار.
وفي 17/3/1976 أودع المدعي بقلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى طالباً
الحكم بعدم دستورية نص المادة السادسة عشرة من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر
بالقرار بالقانون رقم 61 لسنة 1971، وذلك فيما تضمنته من النص على نهائية قرار
رئيس مجلس إدارة الشركة بالفصل في التظلم من تقدير الكفاية، مع إلزام المدعى عليها
المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وبتاريخ 4 من أبريل سنة 1976 أودعت الحكومة مذكرة بدفاعها، طلبت فيها
الحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ومصادرة
الكفالة.
وأودعت الشركة المدعى عليها الثانية مذكرة بدفاعها في 10 من أبريل سنة
1976 طالبة كذلك رفض الدعوى.
وبتاريخ 20 من أبريل سنة 1976 أودع المدعي مذكرة تكميلية بدفاعه، صمم
فيها على طلباته الواردة بعريضة الدعوى.
وقدمت هيئة المفوضين تقريرا، انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم برفض
الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات.
وقد نُظرت الدعوى بجلسة 6 من نوفمبر سنة 1976 وفيها أرجأت المحكمة
إصدار الحكم لجلسة 20 من نوفمبر سنة 1976، ثم أرجئ إلى جلسة اليوم.
ومن حيث أن المدعي يطلب الحكم بعدم دستورية المادة 16 من نظام
العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 فيما نصت عليه من نهائية
قرار رئيس مجلس إدارة الشركة بالفصل في التظلم من تقدير الكفاية مع إلزام المدعى
عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك استنادا إلى الأوجه الآتية:
أولا: أن حرمان العامل بشركات القطاع العام من حق الطعن بالبطلان في
القرارات النهائية يخالف حكم المادة 68 من الدستور التي تكفل للناس حق التقاضي في
كافة أمورهم إلغاءً وتعويضاً. كما يخالف أحكام المادتين 64 و65 من الدستور فيما
جاء بهما من أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة وأن الدولة تخضع لأحكام
القانون مما يقتضي خضوع أجهزة الدولة لأحكام القانون.
ثانيا: أن حرمان العاملين بالقطاع العام من حق الطعن في تقارير
الكفاية الخاصة بهم مع تخويل هذا الحق لغيرهم من الموظفين ينطوي على إخلال بحق
المساواة المقرر بالمادة 40 من الدستور.
ومن حيث أن الحكومة دفعت الدعوى بأن المادة 16 المطعون فيها لا تعني
بالنص على نهائية قرار رئيس مجلس الإدارة بالفصل في التظلم من تقدير الكفاية، عدم
خضوع هذا القرار لرقابة القضاء وإنما تقصد فقط أن تقدير الكفاية يكون منذ البت في
التظلم منتجاً لجميع آثاره القانونية. دون مصادرة لحق محكمة الموضوع في أن تستخلص
من النصوص القانونية التي تحكم موضوع النزاع ما إذا كانت سلطتها تمتد إلى إلغاء
التصرف أو القرار المطعون فيه، أو تقتصر على الحكم بالتعويض عن الأضرار المترتبة
عليه، فذلك أمر لا يتصل بدستورية أو عدم دستورية النص المطعون فيه، وإنما يتصل
بسلامة تطبيق القانون بنصوصه الموضوعية أو عدم سلامته. كما أنه لا محل للنعي على
النص المطعون فيه بالإخلال بمبدأ المساواة، ذلك أن المساواة التي نص عليها الدستور
في الحقوق والواجبات العامة ليست مساواة حسابية والتفرقة في الحكم بين موظف مؤسسة
القطاع العام وبين العامل بشركة القطاع العام ليست تفرقة بين أفراد فئة واحدة ذات
مركز قانوني واحد، وإنما هي بين فئتين لكل منها أوضاعها القانونية الخاصة بها.
ومن حيث إن الشركة العامة .......... ردت على الدعوى قائلة، أن النص
المطعون فيه لا يخالف الدستور في المواد 64 و65 و68 التي أشار إليها المدعي وطلبت
رفض الدعوى.
ومن حيث أن المادة 16 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون
رقم 61 لسنة 1971 تنص على أن "يخطر العامل الذي قدرت كفايته بتقرير متوسط
فأقل بأوجه الضعف في مستوى أدائه لعمله ويجوز له أن يتظلم من هذا التقدير كتابة
خلال أسبوعين من تاريخ إخطاره به إلى رئيس مجلس الإدارة على أن يفصل في التظلم في
ميعاد لا يتجاوز شهرا من تاريخ تقديم التظلم ويكون قراره فيه نهائيا".
ومن حيث أنه يستفاد من هذا النص أن نهائية القرار الصادر بالبت في
التظلم - حسب قصد الشارع من عبارته - لا يعني سوى وضع حد لمدارج التظلم من تقدير
الكفاية وأن هذا التقدير قد استنفد جميع مراحله في درجات السلم الرئاسي بحيث لم
يعد قابلا للتظلم أمام أي جهة رئاسية وذلك لا يفيد حظر الطعن فيه قضائيا بطلانا
وتعويضا أمام الجهة القضائية المختصة إن كان لذلك وجه ما دام تقدير الكفاية غير
مقترن بما يفيد حظر الطعن فيه.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن شركات القطاع العام ليست
جهات إدارية بل أنها تعتبر من أشخاص القانون الخاص وأن العاملين بها ليسوا موظفين
عموميين فلا تعتبر القرارات الصادرة في شئونهم قرارات إدارية، ومن ثم فإن تقارير
كفاية هؤلاء العاملين لا تعتبر قرارات إدارية مما تخضع لرقابة القضاء الإداري
إلغاءً وتعويضاً بل هي مجرد أعمال قانونية غير إدارية مما تختص جهات القضاء العادي
بالفصل فيها بطلانا وتعويضا وكلاهما صورتان من صور التعويض، الأولى تعويض عيني
والثانية تعويض بمقابل، فيكون للمحكمة المختصة سلطة تقديرية في الجمع بين الأمرين
أو الحكم بأحدهما دون الآخر، حسبما تراه ملائماً في تعويض الضرر المترتب على
التقرير المخالف للقانون.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن المادة 16 من نظام العاملين بالقطاع
العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 المشار إليها فيما نصت عليه من أن
"يكون قرار مجلس الإدارة الصادر بالفصل في التظلم من تقدير كفاية
نهائيا" لا يعني حظر الطعن في هذا القرار أمام جهة القضاء العادي المختصة
التي تملك سلطة الفصل في هذا الطعن بطلانا وتعويضا على النحو المتقدم ذكره، مما
يكفل سيادة القانون وكفالة حق التقاضي للكافة دون تفرقة أو تمييز في هذا الحق، ومن
ثم تكون الدعوى إذ قامت على مخالفة النص المذكور للمواد 40 و64 و65 و68 من الدستور
غير قائمة على أساس سليم من القانون متعينا رفضها.
ومن حيث إن المدعي سبق إعفاؤه من الكفالة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ ثلاثين
جنيها مقابل أتعاب المحاماة.