الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 ديسمبر 2021

الطعن 2641 لسنة 90 ق جلسة 10 / 3 / 2021

باسم الشعب 

محكمة النقض

الدائرة الجنائية

دائرة الأربعاء (ه)

-----

المؤلفة برئاسة السيد القاضي / هاني مصطفى كمال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / إبراهيم عبد الله و عبد النبى عز الرجال سامح أبو باشا و محمد عبد الله الجندي نواب رئيس المحكمة

وبحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد فوده .

وأمين السر السيد / حازم خيرى.

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.

في يوم الأربعاء 26 من رجب سنة 1442ه الموافق 10 من مارس سنة 2021م

أصدرت الحكم الآتي :-

في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 2641 لسنة 90 قضائية.
المرفوع من
أحمد سيد محمد البحيرى ( الطاعن )
ضد
النيابة العامة ( المطعون ضدها )

-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 19930 لسنة 2019 مركز القناطر الخيرية ( والمقيدة بالجدول الكلى برقم 1243 لسنة 2019 جنوب بنها ) بوصف أنه وآخرين ، سبق الحكم عليهم ، في تاريخ سابق على يوم 16 من فبراير سنة 2019 بدائرة مركز القناطر الخيرية محافظة القليوبية ...
المتهمون من الثاني حتى الأخير " الماثل وآخرين سبق الحكم عليهم " :
انضموا إلى جماعة إجرامية منظمة لأغراض تهريب المهاجرين واتخذوا عضويتها وذلك على النحو المبيَّن بالتحقيقات .
المتهمون جميعاً :
شرعوا في ارتكاب جريمة تهريب المهاجرين الأطفال غير المصحوبين محمد محمود محمد مصطفى عبد المجيد ، محمد سامح محمد سيد سعد ، أسامة أمين أبو النصر الدالي حال كون الأول مؤسس ومنظم ومدير جماعة إجرامية منظمة لأغراض تهريب المهاجرين والمتهمون من الثاني حتى الأخير متخذين عضويتها ومنضمين إليها بأن تحصَّلوا لهم على تأشيرات دخول دولتي الجزائر وألبانيا لسهولة التحصل عليها وإجراء حجز غير مؤكد لغرف بأحد الفنادق وهو من متطلبات صدور تلك التأشيرات وحجز تذاكر طيران بها ترانزيت دولة إيطاليا والتنبيه على هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين بالتخلص من أوراق ثبوت هويتهم والتقدم لسلطات المطار والادعاء بأنهم من رعايا بعض الدول التي تعانى من الحروب الأهلية وطلب اللجوء السياسي أو الديني وكانت الجريمة ذات طابع عبر وطني بأن اتخذت البلاد مقراً لها وكان الغرض منها التنقل عبر أراضيها وصولاً إلى دولة الجزائر ومنها إلى إيطاليا وقد خاب أثر تلك الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبط هؤلاء المهاجرين بمعرفة السلطات الجزائرية وترحيلهم وإعادتهم إلى البلاد وذلك على النحو المبيَّن بالتحقيقات .
عرَّضوا حياة وسلامة المهاجرين الأطفال / محمد محمود محمد مصطفى عبد المجيد ، محمد سامح محمد سيد سعد ، أسامة أمين أبو النصر الدالي للخطر وذلك على النحو المبيَّن بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات شبرا الخيمة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت ، حضورياً ، في 23 من نوفمبر سنة 2019 ، وعملاً بالمواد 45/1 ، 46/1 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 6 ، 10 ، 2 ، 4 ، 5 ، 6 / 1، 2 ، 3 ، 5 ، 6 ، 7/1 ، 9 ، 17 من القانون رقم 82 لسنة 2016 ، والمواد 96/1 ، 16 ، 116 مكرراً من القانون رقم 12 لسنة 1996 المعدَّل مع إعمال المادتين 17 ، 32/2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم / أحمد سيد محمد البحيرى بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وتغريمه خمسمائة ألف جنيهاً وألزمته بالمصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه [ بشخصه ] في هذا الحكم بطريق النقض في الأول من يناير سنة 2020 .
وأودعت مذكرتان بأسباب الطعن عن الطاعن الأولى في 12 من يناير سنة 2020 موقعٌ عليها من الأستاذ/ .... [ المحامي ] والثانية في 19 من يناير سنة 2020 موقعٌ عليها من الأستاذ/ ..... [ المحامي ].
وبجلسة اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مُبيَّن بمحضر الجلسة .

----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :-
من حيث إنَّ الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنَّه إذ دانه بجرائم الانضمام إلى جماعة إجرامية منظمة لتهريب المهاجرين ، والشروع في تهريب مهاجرين أطفال ، وتعريض حياة هؤلاء المهاجرين الأطفال للخطر ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه خلا من بیان واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها وأدلَّة الثبوت عليها ، وجاءت أسبابه غامضة مبهمة لا تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها ملتفتاً عن دفاع الطاعن بانتفاء أركان تلك الجرائم المادية والمعنوية في حقه ، كما لم يبين دور الطاعن تحديداً والأفعال التي قارفها وتاريخ حدوث الواقعة للوقوف على مدى انقضائها بالتقادم وما إذا كانت سابقة على صدور القانون رقم ۸۲ لسنة ۲۰۱6 من عدمه ، كما خلا الحكم المطعون فيه من بیان سن المجني عليهم بصفة رسمية سيَّما وقد خلت الأوراق من تحديد أعمارهم ، ولم يبين الحكم المظاهر والدلائل التي استخلص منها توافر الاتفاق بين الطاعن وباقي المحكوم عليهم ومدى تلاقي إرادتهم على ارتكاب تلك الجرائم وقصد التداخل فيها بما يوفر المسئولية التضامنية بينهم ، ودانه الحكم بجريمة تعريض الأطفال المهاجرين للخطر دون بيان ماهية وأركان وعناصر تلك الجريمة مكتفياً بالإحالة بشأنها إلى ما ورد بالأوراق ، كما تساند الحكم إلى اعتراف المتهم الثالث بالتحقيقات رغم عدم جدوى أقواله کشهادة يمكن الاستناد إليها في الإدانة لعدم حلف اليمين وعدم مساندتها بأدلَّة أخرى ، وأغفل الحكم تحديد نفقات سكن المهاجرين ومعيشتهم ونفقات إعادتهم إلى مصر بالمخالفة لنص المادة التاسعة من القانون رقم 82 لسنة 2016 ، كما خلا من تحديد المبالغ المالية التي تحصَّلوا عليها والقضاء بمصادرتها ، ودفع الطاعن بعدم جدية التحريات لدلائل عدَّدها بأسباب طعنه إلا أنَّ الحكم التفت عن الدفع معولاً عليها في الإدانة ، وتمسَّك الطاعن بأسباب طعنه بأنَّه لم يحظْ بدفاع جدِّي أمام محكمة الموضوع بل كان دفاعاً شكلياً لا يتحقق به مراد الشارع من إيجاب حضور محامٍ مع كل متهم في جناية ، ولم يعنْ الحكم بحافظة المستندات المقدمة من الطاعن ملتفتاً إيراداً ورداً عنها وعن الدفوع الجوهرية المسطورة على واجهتها ، كل ذلك ممَّا يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إنَّ الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية - للجرائم التي دان بها الطاعن ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلَّة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم / السعيد السعيد إبراهيم عشرين ، وحصَّل مؤدي هذه الأدلَّة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه الحكم عليها . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كما هو الحال في الدعوى المطروحة كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون ، وكان تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها كلٍ من الطاعن وباقي المتهمين بما يفصح عن الدور الذي قام به كل منهم في الجريمة التي دانهم الحكم بها ، ومن ثمَّ ، فإنَّ ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم من الدفوع المتعلقة بالنظام العام ويجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إذا كانت مدونات الحكم ترشح له ، وإذ كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة ، أنَّ أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانقضاء الدعوى الجنائية وأنَّ مدونات الحكم لا ترشح لتوافره ، فإنَّه لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته أنَّ تاريخ الواقعة سابق على يوم
16/2/2019 ، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أنَّ تاريخ حدوث الواقعة سابق بشهر ونصف تقريباً على هذا التاريخ حسبما قرر بذلك المجنى عليهم والمتهم/ السعيد السعيد عشرين بالتحقيقات ، فإنَّ ما يثيره الطاعن من انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم أو حدوثها قبل تاريخ صدور القانون رقم 82 لسنة ۲۰۱6 لا يكون له محل . لمّا كان ذلك ، وكان لا وجه لما يثيره الطاعن من قصور الحكم المطعون فيه لعدم استظهاره سن المجني عليهم ، ذلك أنَّ الثابت من الحكم أنَّه أثبت على الطاعن مقارفته وآخرين جريمة الشروع في تهريب مهاجرين حال كونهم جماعة إجرامية منظمة وأنه عضو في تلك الجماعة ومنضماً إليها والمؤثمة بالمادة 6 من القانون 82 لسنة ۲016 ، وأوقع عليه عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المبيَّنة بالبند الأول من الفقرة الثانية من هذه المادة المقررة للجريمة المتقدمة مجردة من الظرف المشدد المتعلق بسن المجني عليهم ، ومن ثمَّ فإنَّ مصلحة الطاعن في هذا الشأن تكون منتفية ويكون النعی في غير محله . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرةً أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كلاً منهم قصد قصْد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يسهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى وممَّا ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعن والمحكوم عليهم الآخرين على ارتكاب جرائم الانضمام إلى جماعة إجرامية بغرض تهريب المهاجرين والشروع في تهريب مهاجرين أطفال وتعريض حياتهم للخطر وأنَّ كلاً منهم قارف فعلا ًمن الأفعال المكونة لتلك الجرائم ، ومن ثمَّ ، فإنَّ ما انتهى إليه الحكم من اعتبار الطاعن وباقي المتهمين متضامنين في المسئولية الجنائية ودانه بوصفه فاعلاً أصلياً يكون قد وافق صحيح القانون ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنَّه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدَّها فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة تعريض حياة المجنى عليهم الأطفال للخطر مادامت المحكمة قد دانته بجريمة الشروع في تهريب مهاجرين حال كونه منضماً إلى جماعة إجرامية الغرض منها تهريب المهاجرين وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد ومن ثمَّ يكون نعيه في هذا الصدد في غير محله . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّه وان كانت الشهادة لا تتكامل عناصرها قانوناً إلا بحلف الشاهد اليمين إلا أنَّ ذلك لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغیر حلفه أنها شهادة ، وقد اعتبرت المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية الشخص شاهداً بمجرد دعوته لأداء الشهادة سواء أدَّاها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها ومن حق محكمة الموضوع أن تعتمد على أقوال هؤلاء الشهود إذ مرجع الأمر كله إلى ما تطمئن إليه من عناصر الاستدلال ، وإذ كان قول متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها ، فإنَّ منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان البين من مطالعة الحكم الغيابي السابق صدوره على الطاعن في ذات الدعوى بتاريخ 15 من ديسمبر سنة 2019 أنَّه قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وغرامة خمسمائة ألف جنيه وأغفل القضاء بإلزام الطاعن بنفقات سكن المهاجرين ومعيشتهم ومن يرافقهم لحين انتهاء الإجراءات القضائية والإدارية المنصوص عليها في المادة 9 من القانون 82 لسنة 2016 بشأن الهجرة غير الشرعية ، وكان مفاد نص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية أنَّ محكمة الجنايات تتقيَّد سلطتها في نطاق العقوبة بما قضى به الحكم الغيابي ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر عند إعادة إجراءات محاكمة الطاعن حضورياً ولم يوقع عليه عقوبة إلزامه بنفقات سكن المهاجرين المهربين ومعيشتهم التي أغفلها الحكم الغيابي ، فإنَّه يكون قد أصاب صحيح القانون . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ المصلحة شرط لازم في كل طعن ، فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً ، وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن عدم بیان الحكم للمبالغ المالية المتحصَّل عليها والقضاء بمصادرتها ، ومن ثمَّ ، فإنَّ ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لمَّا كان ذلك، وكان من المقرر أنَّ تقدير جدية التحريات هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع ، وأنَّ للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، فإنَّ ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ القانون وإن أوجب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محامٍ يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات ، إلا أنَّه لم يرسم للدفاع خططاً معينة لأنه لم يشأ أن يوجب على المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة ، بل ترك له أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى حسب ما تهديه خبرته في القانون وذلك اعتماداً على شرف مهنته واطمئنانه إلى نبل أغراضها ، وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أنَّ محامياً موكلاً ترافع في موضوع الدعوى عن الطاعن وأبدى من أوجه الدفاع ما هو ثابت بهذا المحضر ، فإنَّ ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع ويكون الجدل الذي يثيره الطاعن حول كفاية هذا الدفاع ومدى جديته غير مقبول . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، ومن ثمَّ ، فإنَّ ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع التي يقول أنَّه أثارها على واجهة حافظة المستندات التي قدَّمها إلى المحكمة حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإنَّ ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لمَّا كان ما تقدَّم ، فإنَّ الطعن برمَّته يكون على غير أساس متعيَّناً رفضه موضوعاً .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
بقبول الطعن شكلاً ، وفى الموضوع برفضه .

الطعن 2199 لسنة 89 ق جلسة 4 / 10 / 2020

باسم الشعب

محكمة النقض

الدائرة الجنائية

دائرة الأحد ( ج )

المؤلفة برئاسة السيد القاضي / حمدي أبو الخير نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / سعيد فنجري و سيد الدليل وعبد القوي حفظي و حمزة إبراهيم " نواب رئيس المحكمة "

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / عمرو أسامة .

وأمين السر السيد / هشام موسى إبراهيم .

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة .

في يوم الأحد 17 من صفر سنة 1442 الموافق 4 من أكتوبر سنة 2020 .

أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 2199 لسنة 89 القضائية .

المرفوع من :
النيابة العامة
ضد
1 - أيمن محمد محمد إبراهيم عيسى
۲ - مصطفى السيد محمد زهران
3 - مصطفى مصطفى سيد أحمد وهيب " المطعون ضدهم "

-------------

" الوقائع "

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم في قضية الجناية رقم ۱۹۷۸۱ لسنة ۲۰۱۷ مركز البرلس ( والمقيدة برقم ۲۷۳۷ لسنة ۲۰۱۷ کلي كفر الشيخ ) بأنهم في 19 من أغسطس سنة ۲۰۱۷ بدائرة مركز البرلس - محافظة كفر الشيخ :-
1 - كونوا فيما بينهم تشكيلاً عصابياً تخصص في تهريب المهاجرين على النحو المبين بالتحقيقات .
2 - شرعوا في تهريب المهاجرين الوارد أسمائهم بالتحقيقات فكان من شأن ذلك الفعل تهديد حمايتهم وتعريض صحتهم للخطر وكان من بينهم الأطفال والنساء المبين أسمائهم بالتحقيقات
وقد خاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبط المهاجرين على النحو المبين
بالتحقيقات .
3 - هيئوا مكان لإيواء المهاجرين على النحو المبين بالتحقيقات .
4 - حازوا وأحرزوا سلاحاً نارياً غير مششخن ( بندقية خرطوش ) بغير ترخيص على النحو المبين بالتحقيقات .
5 - حازوا وأحرزوا ذخائر ( عدد أربع طلقات ) مما تستخدم على السلاح محل الاتهام السابق دون أن يكون مرخصاً لهم بحيازتها أو إحرازها على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 29 من أكتوبر سنة ۲۰۱۸ عملاً بالمواد 1/1 ، 6 ، 26/4،1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 165/81 ، 6/12 والجدول رقم ( ۲ ) الملحق بالقانون الأول مع إعمال مقتضى نص المادتين ۱۷ ، ۳۲ من قانون العقوبات أولاً : ببراءة المتهمين جميع من الاتهامات الأول والثاني والثالث المسند إليهم ،
ثانياً : بمعاقبة أيمن محمد محمد إبراهيم عيسى ومصطفي السيد محمد زهران ومصطفى مصطفى سيد أحمد وهيب بالحبس مع الشغل ستة أشهر وتغريمهم ألفين جنيها وألزمتهم المصاريف الجنائية عن الاتهامين الرابع والخامس المسند اليهم ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين .
فطعنت النيابة العامة على الحكم بطريق النقض في 24 من ديسمبر سنة 2018 ، وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من محام عام بها .
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .

-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً .
من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم من تهم تكوين تشكيل عصابي تخصص في تهريب المهاجرين والشروع في تهريبهم بما يهدد حياتهم وتعريض صحتهم للخطر وكان من بين هؤلاء أطفال ونساء، وتهيئة مكان لإيوائهم قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، ذلك بأنه برر قضائه بالبراءة بصورة مجملة دون أن يعرض لمناقشة أدلة الثبوت التي قامت في حقهم ومنها أقوال الأشخاص الذين كانوا متواجدين بالمكان الذى هيأة المطعون ضدهم لإيوائهم بقصد تجهيزهم للسفر لدولة إيطاليا بمقابل مما ينبئ عن أن المحكمة لم تحط بالدعوى وظروفها ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد وصف التهمة وأدلة الاتهام قام تبريراً لقضائه بالبراءة " ولما كانت المشروعية الجنائية أساسها انه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص وكانت الجرائم المنسوبة للمتهمين في الاتهامين الأول والثالث قد تتطلب لها القانون رقم ۸۲ لسنة 2016 بشأن إصدار قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين شروطاً وتعريفات تضمنتها النصوص الواردة به وكانت مطابقة تلك التعريفات على ما حملته الأوراق وصورة واقعة الضبط للمتهمين كما حملتها الأوراق وما سطره ضابطها قد خلت تماماً من مطابقة صورة التجريم وانطباقه على ما ورد بالأوراق كما ورد بالقانون سالف البيان من شروط وتعريفات ومن ثم تقضى المحكمة ببراءتهما منها لعدم صحتها ، وحيث انه عما نسب للمتهمين من الشروع في تهريب المهاجرين وكان الشروع هو البدء في تنفيذ الجريمة التي يخيب أثرها لسبب لا تدخل لهم فيها فإذا كان ذلك وكانت الأوراق قد خلت من وجود أي أعمال يمكن اعتبارها بدءاً في تنفيذ الجريمة حسبما حددها القانون سالف البيان ووضع تعريفاتها وشروطها الأمر الذي تنتفي معه تلك الجريمة وقيامها في جانبهم ومن ثم تقضى ببراءتهم من الاتهام المنسوب اليهم فإذا كان ذلك فإن المحكمة لا تطمئن إلى ثبوت صحة الاتهامات وإسنادها في جانب المتهمين وتقضى ببراءتهم منها وذلك عملاً بنص المادة 3۰4/1 من قانون الإجراءات الجنائية " .
لما كان ذلك ، وكان يكفى فى المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضى بالبراءة ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت واقعة الدعوى واحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات وكان تقدير أقوال الشهود وكافة الأدلة الأخرى متروكاً لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها بغير معقب ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة بعد أن أوردت أقوال شهود الإثبات واستعرضت أدلة الدعوى الأخرى وأحاطت بكافة عناصرها عن بصر وبصيرة أسست قضاءها ببراءة المطعون ضدهم على عدم اطمئنانها إلى أدلة الثبوت المستقاه من أقوال شهود الإثبات للأسباب السائغة التي أفصحت عنها من عدم انطباق التعريفات والشروط التي أوردها القانون رقم 82 لسنة 2016 بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية على ما حملته الأوراق وصورة واقعة ضبط الواقعة ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم وهو يقضى بالبراءة عدم تصديه لما ساقته النيابة العامة من قرائن تشير إلى ثبوت الاتهام ما دامت المحكمة قد طعنت في أصل الواقعة وتشككت في اسناد التهم إلى المتهمين كما لا يصح النعي على المحكمة أنها قضت ببراءة المتهمين على احتمالات ترجحت لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه ، ومن ثم فإن نعي النيابة العامة على الحكم اطراحه للأدلة المستمدة من أقوال شهود الإثبات يكون في غير محله . لما كان ما تقدم ، فان الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه .

القضية 12 لسنة 5 ق المحكمة العليا جلسة 6 / 12 / 1975 تنازع ق 37 ص 201

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1975

برئاسة المستشار بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة وعضوية المستشارين محمد عبد الوهاب خليل وعادل عزيز زخاري وعمر حافظ شريف نواب رئيس المحكمة ومحمد بهجت عتيبه وأبو بكر محمد عطية والدكتور محمد منير على العصرة

وحضور المستشار محمد كمال محفوظ مفوض الدولة

والسيد / سيد عبد الباري إبراهيم أمين السر .

------------

(37)

القضية 12 لسنة 5 ق "تنازع"

(أ) تنازع اختصاص .

شرط قيامه.

(ب) تنازع بين الأحكام :

شرطه.

-----------

1 ، 2 - ان التنازع فى الاختصاص بين جهات القضاء يتحقق متى رفعت دعوى عن موضوع واحد امام جهة القضاء العادى أو جهة القضاء الادارى أو أى هيئة ذات اختصاص قضائى وأمام جهة قضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى أخرى ولم تتخل احداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها . كما تقوم حالة التنازع بين الاحكام متى اقام تناقض بين حكمين نهائيين صادر أحدهما من جهة القضاء العادى أو من جهة القضاء الادارى أو من هيئة ذات اختصاص قضائى والآخر من جهة قضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى آخر فاذا كان موضوع الدعوى المعروضة على جهة القضاء العادى يختلف عن موضوع الدعوى المرفوعة أمام جهة القضاء الادارى وكانت احدى هاتين الجهتين وهى جهة القضاء العادى قد أصدرت حكما نهائيا والاخرى وهى جهة القضاء الادارى لم تصدر حكمها فى الدعوى بل انها لا تزال فى دور التحضير أمام هيئة المفوضين فانه لا يوجد تنازع بين دعويين ولا تناقض بين حكمين نهائيين .

-----------

الوقائع

اقام الاستاذ فلاسكاكى بصفته مصفيا لتركة المرحوم ثابت ثابت هذه الدعوى ضد وزير المالية بصفته المهيمن على جهاز تصفية الحراسات ووزير التربية والتعليم والشركة المصرية لاعادة التامين بعريضة اودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 2/11/1974 طالبا الحكم بتعيين جهة القضاء المدنى جهة مختصة بتقرير العقار رقم 1081 ،1079- شارع كورنيش النيل بالقاهرة لصاح مالكه الصحيح، وقال انه اقام الدعوى رقم 92 سنة 29ق امام محكمة القضاء الادارى ضد المدعى عليهم المذكورين طلب فيها الحكم بالغاء قرار الحراسة العامة الذى يقضى بتسليم العقار المذكور الى وزارة التربية والتعليم دون موافقة اصحاب الشان وانه سبق ان صدر حكم من محكمة استئناف القاهرة فى الدعوى رقم 762 سنة 87 قضائية استئناف عالى القاهرة فى 19/4/1972 قضى له بملكية العقار مما يجعل قرار الحراسة متعارضا مع حجية الشىء المقضى به متعارضا كذلك مع حكم المادة 883 من القانون المدنى وقد قدم شهادة رسمية تثبت قيام الدعوى الادارية المذكورة امام محكمة القضاء الادارى وانها مازالت بهيئة مفوضى الدولة لدى هذه المحكمة لتحضيرها .

وخلص من اوراق الدعوى ان حكم محكمة استئناف القاهرة المشار اليه قد صدر فى الاستئناف المقام من رئيس الوزراء ووزير التعليم العالى ووزير التربية والتعليم بصفاتهم ضد اليس زلزل ارملة المرحوم ثابت ثابت بصفتها الشخصية وبصفتها ناظرة على وصية زوجها لتنفيذها وادارتها وآخرين ،وقد قضى فيما قضى به ببطلان العديد من التصرفات التى تمت بين الوصية المذكورة وباقى المستأنف عليهم بشان نقل ملكية اوراق مالية وعقارات واطيان زراعية تعتبر من اموال الوصية وبصورية غير ذلك من التصرفات وبالزام المستانف عليها الاولى بصفتها بان تدفع الى السمتأنفين بصفاتهم من مال الوصية مبلغ 255000 جنيها والزامها المستانف عليها الثانية بان تفدع اليهما ايضا مبلغ 100000 جنيه تعويضا ......... الخ ما اشتمل عليه الحكم المذكور .

وواضح من اسباب الحكم ان هدف المستانف عليها الاولى وبعض المستانف عليهم كان تبديد اموال تركة المرحوم ثابت ثابت حتى لا تتفق فى الاغراض التى اوصى بها والتى جعل الاولوية فيها لمعهد الامراض الباطنية والمستشفى الملحق به .

وقد دفعت المدعى عليها الثالثة الدعوى بانه لا يوجد حالة تنازع مما تختص به المحكمة العليا فموضوع الدعوى المدنية قد تقدم بيانه اما الدعوى الادارية التى افتعلها المدعى بنفسه لخلق التنازع فان موضوعها يختلف عن موضوع الدعوى المدنية لانها تقوم على الطعن فى قرار ادارى سلبى بعدم الرد على تظلمه من طلبى العقار رقم 1079/1081 كورنيش النيل له بصفته . وقد تم تحضير الدعوى بهيئة مفوضى الدولة ، واعد المفوض تقريرا بالراى القانونى انتهى فيه الى طلب الحكم بعدم قبول الدعوى ثم احيلت الى المحكمة حيث نظرت بجلسة اول نوفمبر سنة 1975 واجلت لاصدار الحكم لجلسة اليوم .

------------

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.

ومن حيث إنه يستفاد من وقائع الدعوى التى تقدم ذكرها أن التنازع كما يصوره المدعى يقوم بين الحكم النهائى الصادر من محكمة استئناف القاهرة فى الدعوى رقم 792 لسنة 87 قضائية استئناف عالى القاهرة الصادر فى 19/4/1972 وبين الدعوى الإدارية رقم 92 لسنة 29 قضائية المرفوعة أمام محكمة القضاء الإدارى بطلب إلغاء قرار الحراسة العامة الذى يقضى بتسليم العقار رقم 1079/ 1081 شارع كورنيش النيل بالقاهرة إلى وزارة التربية والتعليم ، وهى دعوى ما زالت منظورة أمام المحكمة ولم تفصل فيها بعد.

ومن حيث إن هذه المحكمة تختص بالفصل فى مسائل تنازع الاختصاص طبقاً لأحكام المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا وما يحيل إليه من مواد قانون السلطة القضائية (رقم 43 لسنة 1965) وهى المواد 17، 19، 20، 21 وطبقاً لأحكام المادة الأولى من قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا.

ومن حيث إنه يبين من هذه النصوص أن التنازع فى الاختصاص بين جهات القضاء يتحقق متى رفعت دعوى عن موضوع واحد أمام جهة القضاء العادى أو جهة القضاء الإدارى أو أى هيئة ذات اختصاص قضائى وأمام جهة قضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى أخرى ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها. كما تقوم حالة التنازع بين الأحكام متى قام تناقض بين حكمين نهائيين صادر أحدهما من جهة القضاء العادى أو من جهة القضاء الإدارى أو من أى هيئة ذات اختصاص قضائى والآخر من جهة قضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى أخرى .

ومن حيث إن عناصر التنازع المبينة فى الصورتين المتقدمتين لا تتوافر فى الدعوى ذلك لأنها فضلاً عن تخلف عنصر وحدة الموضوع، المعروض على جهتى القضاء، فإن إحداهما وهى جهة القضاء العادى قد أصدرت حكماً نهائياً والأخرى وهى جهة القضاء الإدارى لم تصدر حكمها فى الدعوى بعد بل إنها لا تزال فى دور التحضير أمام هيئة المفوضين ومن ثم فلا تنازع بين دعويين ولا تناقض بين حكمين نهائيين فتكون الدعوى غير مقبولة .

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى .

القضيتان 185 ، 186 لسنة 25 ق جلسة 11 / 6 / 2006 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 2 دستورية ق 421 ص 2656

جلسة 11 يونيه سنة 2006

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح والدكتور حنفي علي جبالي وماهر سامي يوسف،

وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (421)
القضيتان رقما 185 و186 لسنة 25 قضائية "دستورية"

(1) دعوى دستورية "مناط المصلحة فيها".
إن المصلحة الشخصية المباشرة وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع.
(2) رقابة دستورية "مناطها التعارض بين نص تشريعي وبين حكم في الدستور".
الرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا على دستورية التشريع مناطها قيام تعارض بين نص قانوني أو لائحي وبين حكم في الدستور ولا شأن بما يقع من تناقض - بفرض صحته - بين تشريعين سواء اتحدا أم اختلفا في مرتبتيهما ما لم يكن ذلك منطوياً بذاته على مخالفة دستورية.
(3) دستور "المادتان 4 و7 منه".
إن ما قرره الدستور في المادة الرابعة من أن الأساس الاقتصادي لمصر هو النظام الاشتراكي الديمقراطي القائم على الكفاية والعدل، بما يحول دون الاستغلال، ويؤدي إلى تقريب الفوارق بين الدخول ويحمي الكسب المشروع ويكفل عدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة، لا يعني الإخلال بحق المشرع في مباشرة سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق، اتباعاً بضوابط الدستور، وهو ما يقوم به بالمفاضلة بين البدائل المتاحة، مرجحاً من بينها ما يراه أكفل لتحقيق المصالح المشروعة التي قصد حمايتها، كما أن تأسيس المواطنين لمجتمعهم على قاعدة التضامن الاجتماعي وفقاً لنص المادة السابعة من الدستور مؤداه تداخل مصالحهم لا تصادمها وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تعارضها بما يرعى القيم التي يؤمنون بها، فلا يتقدم على ضوئها فريق على غيره انتهازاً، ولا ينال قدراً من الحقوق يكون بها - دون مقتض - أكثر امتيازاً من سواه، بل يتمتعون جميعاً بالحقوق عينها - التي تتكافأ مراكزهم القانونية قبلها - وبالوسائل التي تعينهم على ممارستها.
(4) مبدأ تكافؤ الفرص "مضمونه".
حيث إن مبدأ تكافؤ الفرص الذي تكفله الدولة للمواطنين كافة يتصل - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - بالفرص التي تتعهد الدولة بتقديمها، وإعماله يقع عند تزاحمهم عليها، وأن الحماية الدستورية لتلك الفرص غايتها تقرير أولوية في مجال الانتفاع بها لبعض المتزاحمين على بعض وفقاً لأسس موضوعية يتحقق من خلالها التكافؤ في الفرص يقتضيها الصالح العام.
(5) مبدأ المساواة "أسس موضوعية للتمييز".
إن مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون - على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - لا يعني أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تباين في مراكزهم القانونية معاملة قانونية متكافئة، كما أنه ليس مبدأ تلقينياً جامداً منافياً للضرورة العملية ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادة (40) من الدستور.
(6) حق التقاضي "قصر التقاضي على درجة واحدة".
إن المشرع غير مقيد - في مجال ضمانة حق اللجوء إلى القضاء - بأشكال محددة تمثل أنماطاً جامدة لا تقبل التغيير أو التبديل، بل يجوز أن يختار من الصور الإجرائية لإنفاذ هذا الحق ما يكون في تقديره الموضوعي أكثر اتفاقاً مع طبيعة المنازعة التي يعهد بالفصل فيها إلى محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي، ودون ما إخلال بضماناتها الرئيسية التي تكفل إيصال الحقوق لأصحابها وفق قواعد محددة تكون منصفة في ذاتها، ومن ثم فإن قصر التقاضي في بعض الدعاوى على درجة واحدة لا يناقض حق التقاضي.

--------------
1 - إن المصلحة الشخصية المباشرة وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، وكانت الدعويين الموضوعيتين تدور حول المعارضة في أوامر تقدير الرسوم القضائية وكان ما يبغيه المدعي تقرير أحقيته في المعارضة فيها - سواء كانت متعلقة بالرسوم المستحقة عن الدعوى المنظورة أمام محكمة أول درجة أو المستحقة عن استئناف الحكم الصادر فيها - أمام محكمة أول درجة بحيث يكون التقاضي بشأنها على درجتين، فإن مصلحة المدعي الشخصية تنحصر في الطعن على ما تضمنه النص المطعون فيه من أن تقدم المعارضة إلى المحكمة التي أصدر رئيسها أمر التقدير أو القاضي حسب الأحوال، دون باقي النص المذكور.
2 - الرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا على دستورية التشريع مناطها قيام تعارض بين نص قانوني أو لائحي وبين حكم في الدستور ولا شأن بما يقع من تناقض - بفرض صحته - بين تشريعين سواء اتحدا أم اختلفا في مرتبتيهما ما لم يكن ذلك منطوياً بذاته على مخالفة دستورية.
3 - إن ما قرره الدستور في المادة الرابعة من أن الأساس الاقتصادي لمصر هو النظام الاشتراكي الديمقراطي القائم على الكفاية والعدل، بما يحول دون الاستغلال، ويؤدي إلى تقريب الفوارق بين الدخول ويحمي الكسب المشروع ويكفل عدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة، لا يعني الإخلال بحق المشرع في مباشرة سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق، اتباعاً بضوابط الدستور، وهو ما يقوم به بالمفاضلة بين البدائل المتاحة، مرجحاً من بينها ما يراه أكفل لتحقيق المصالح المشروعة التي قصد حمايتها، كما أن تأسيس المواطنين لمجتمعهم على قاعدة التضامن الاجتماعي وفقاً لنص المادة السابعة من الدستور مؤداه تداخل مصالحهم لا تصادمها وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تعارضها بما يرعى القيم التي يؤمنون بها، فلا يتقدم على ضوئها فريق على غيره انتهازاً، ولا ينال قدراً من الحقوق يكون بها - دون مقتض - أكثر امتيازاً من سواه، بل يتمتعون جميعاً بالحقوق عينها - التي تتكافأ مراكزهم القانونية قبلها - وبالوسائل التي تعينهم على ممارستها، متى كان ما تقدم وكان النص الطعين ليس إلا حلقة من حلقات تقدير الرسوم القضائية وردت بالقانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية بدأها المشرع بإلزام المدعي عند إقامة دعواه بسداد رسم نسبي يسير كمقدم للحصول على الخدمة القضائية من مرفق العدالة، وذلك للتيسير على الأفراد في الالتجاء للقضاء للذود عن حقوقهم، وفي ذات الوقت لصون مصالح الخزانة العامة، وأرجأ تحصيل ما يزيد على هذه المبالغ لحين صدور الحكم في الدعوى، ثم أجرى تسوية الرسم على أساس ما يحكم به نهائياً، وألزم بمصروفات الدعوى ورسومها الطرف الذي حدده الحكم سواء كان مدعياً أم مدعى عليه، والأصل أن يتم تقدير هذه المصروفات والرسوم في متن الحكم فإذا ما صدر الحكم خلواً من هذا البيان وقدر المشرع تخويل رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم أو القاضي حسب الأحوال الاختصاص بتقدير الرسوم بأمر يصدره والفصل بالتالي - بموجب النص الطعين - في المعارضة التي يقدمها ذوو الشأن في مقدار هذه الرسوم، فإن ما قرره المشرع في هذا الشأن يأتي متفقاً مع القواعد العامة في إصدار الأحكام القضائية ومحققاً لسرعة سداد الرسوم القضائية من الطرف الملزم بها حتى لا ينال قدراً من الحقوق - يكون بها دون مقتض - أكثر امتيازاً على سواه، بل يتمتع ومن تتكافأ مراكزهم القانونية معه بالحقوق عينها وبالوسيلة ذاتها التي تعينهم على ممارسة حقهم في المعارضة.
4 - حيث إن مبدأ تكافؤ الفرص الذي تكفله الدولة للمواطنين كافة يتصل - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - بالفرص التي تتعهد الدولة بتقديمها، وإعماله يقع عند تزاحمهم عليها، وأن الحماية الدستورية لتلك الفرص غايتها تقرير أولوية في مجال الانتفاع بها لبعض المتزاحمين على بعض وفقاً لأسس موضوعية يتحقق من خلالها التكافؤ في الفرص يقتضيها الصالح العام، وإذ كان النص الطعين لا صلة له بفرص قائمة يجرى التزاحم عليها، فإن النعي عليه بمخالفة حكم المادة (8) من الدستور يكون غير صحيح.
5 - إن مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون - على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - لا يعني أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تباين في مراكزهم القانونية معاملة قانونية متكافئة، كما أنه ليس مبدأ تلقينياً جامداً منافياً للضرورة العملية ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادة (40) من الدستور ولما كان المركز القانوني للمعارض في أمر التقدير الصادر من محكمة أول درجة يختلف عن المعارض في الأمر الصادر من المحكمة الاستئنافية ومرجع ذلك أن المنازعة التي تثور بشأن الرسوم القضائية المستحقة تتفرع عن الدعوى الأصلية وتخضع لذات القاعدة التي يخضع لها الحكم الصادر في الدعوى الأصلية تطبيقاً لقاعدة أن الفرع يتبع الأصل، متى كان ذلك، وكان الحكم الصادر من محكمة الدرجة الثانية غير جائز الطعن فيه بالاستئناف، فإن الحكم الصادر من رئيس المحكمة الأخيرة في المعارضة في أمر تقدير الرسوم يكون بالتبعية غير جائز الطعن فيه بالاستئناف، ومن ثم فإن قالة إخلال النص الطعين بمبدأ المساواة المنصوص عليه بالمادة 40 من الدستور لا يكون لها محل.
6 - إن المشرع غير مقيد - في مجال ضمانة حق اللجوء إلى القضاء - بأشكال محددة تمثل أنماطاً جامدة لا تقبل التغيير أو التبديل، بل يجوز أن يختار من الصور الإجرائية لإنفاذ هذا الحق ما يكون في تقديره الموضوعي أكثر اتفاقاً مع طبيعة المنازعة التي يعهد بالفصل فيها إلى محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي، ودون ما إخلال بضماناتها الرئيسية التي تكفل إيصال الحقوق لأصحابها وفق قواعد محددة تكون منصفة في ذاتها، ومن ثم فإن قصر التقاضي في بعض الدعاوى على درجة واحدة لا يناقض حق التقاضي، لما كان ما تقدم، وكان المشرع التزاماً منه بحق التقاضي قد كفل لكل من أُعلن بأمر تقدير الرسوم القضائية ضمان حماية حقوقه بأن أجاز له المعارضة في هذا الأمر أمام المحكمة التي اصدر رئيسها أمر التقدير أو القاضي حسب الأحوال وأوجب أن يصدر الحكم بعد سماع أقوال قلم الكتاب والمعارض إذا حضر، دونما تدخل من أي سلطة أخرى ومن ثم لا تشوب النص الطعين أية مخالفة لمبدأي خضوع الدولة للقانون واستقلال القضاء المنصوص عليهما بالمادتين 65 و165 من الدستور.


الإجراءات

بتاريخ الحادي عشر من يونيو سنة 2003، أودع المدعي صحيفتي هاتين الدعويين قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة 18 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية فيما تضمنه من أن تقدم المعارضة إلى المحكمة التي أصدر رئيسها أمر التقدير أو إلى القاضي حسب الأحوال..... ويجوز استئناف الحكم في ميعاد خمسة عشر يوماً من يوم صدوره وإلا سقط الحق في الطعن.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة في الدعوى رقم 185 لسنة 25 قضائية دستورية طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها، كما قدمت مذكرة في الدعوى رقم 186 لسنة 25 قضائية دستورية طلبت فيها الحكم برفضها.
وبعد تحضير الدعويين، أودعت هيئة المفوضين تقريراً بالرأي في كل منهما.
ونُظرت الدعويان على النحو المبين بمحضر الجلسة، حيث قررت المحكمة ضم الدعوى رقم 186 لسنة 25 قضائية دستورية إلى الدعوى رقم 185 لسنة 25 قضائية دستورية ليصدر فيهما حكم واحد بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفتي الدعويين وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليهم الخامسة والسادسة والسابع في الدعوى الماثلة كانوا قد أقاموا ضد المدعي الدعوى رقم 70 لسنة 2000 مدني كلي ملوى بطلب الحكم ببطلان عقد البيع المؤرخ 13/ 7/ 1998 والمشهر برقم 1466 بتاريخ 12/ 9/ 1998 للعقار المبين الحدود والمعالم بالصحيفة ومحو وشطب كافة التأشيرات والتسجيلات الخاصة بالعقد المذكور واعتباره كأن لم يكن على سند من أن البائع كان مريضاً بمرض الموت وقت البيع وبجلسة 28/ 8/ 2000 قضت محكمة الموضوع باعتبار العقد المشار إليه وصية مضافة إلى ما بعد الموت مع محو وشطب كافة التأشيرات والتسجيلات الخاصة به وألزمت المدعى عليه (المدعي في الدعوى الماثلة) المصروفات، فقام بالطعن على هذا الحكم بالاستئناف رقم 1694 لسنة 36 قضائية أمام محكمة استئناف بني سويف، التي قضت بجلسة 17/ 6/ 2000 بعدم نفاذ التصرف المؤرخ 13/ 7/ 1998 إلا في حدود ثلث تركة المرحوم نسيم جندي بولس وبتعديل التأشيرات والتسجيلات الخاصة بهذا التصرف، وألزمت المستأنف المصروفات، وبناء على هذا الحكم أصدر حكم المطالبة بمحكمة استئناف بني سويف أمري تقدير الرسوم المستحقة بواقع 50ر45364 جنيهاً رسوماً نسبية ومبلغ 25ر22685 جنيهاً رسم صندوق الخدمات، فعارض المدعي في هذين الأمرين أمام محكمة المنيا الابتدائية بالدعوى رقم 2040 لسنة 2002 مدني كلي طالباً الحكم بإلغائهما لمخالفتهما الحكم الاستئنافي ونص المادة 37 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، كما عارض في هذين الأمرين أيضاً أمام محكمة استئناف بني سويف حيث قيدت المعارضة أمامها بذات رقم الاستئناف الأصلي 1694 لسنة 36 قضائية، وعند إعلان المدعي بأمري تقدير الرسوم المستحقة عن الدعوى رقم 70 لسنة 2000 مدني كلي عارض فيهما أمام محكمة المنيا الابتدائية (مأمورية ملوى الكلية) التي نظرت هذه المعارضة مع المعارضة المقدمة بشأنها الدعوى رقم 2040 لسنة 2002 والتي قيدت أمامها برقم 1317 لسنة 2002 حيث قضت في الأولى باعتبار المعارضة كأن لم تكن وفي الثانية بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، وإذ لم يرتض المدعي هذا الحكم فقد طعن فيه بالاستئناف رقم 262 لسنة 39 قضائية أمام محكمة استئناف بني سويف وأثناء نظر هذا الاستئناف مع الاستئناف رقم 1694 لسنة 36 قضائية دفع المدعي في كل منهما بعدم دستورية نص المادة 18 من قانون الرسوم القضائية رقم 90 لسنة 1944، وإذ قدرت المحكمة جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية فيهما، فقد أقام الدعويين الماثلتين.
وحيث إن المادة 18 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية تنص على أن "تقدم المعارضة إلى المحكمة التي أصدر رئيسها أمر التقدير أو إلى القاضي حسب الأحوال، ويصدر الحكم فيها بعد سماع أقوال قلم الكتاب والمعارض إذا حضر، ويجوز استئناف الحكم في ميعاد خمسة عشر يوماً من يوم صدوره وإلا سقط الحق في الطعن".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، وكانت الدعويين الموضوعيتين تدور حول المعارضة في أوامر تقدير الرسوم القضائية وكان ما يبغيه المدعي تقرير أحقيته في المعارضة فيها - سواء كانت متعلقة بالرسوم المستحقة عن الدعوى المنظورة أمام محكمة أول درجة أو المستحقة عن استئناف الحكم الصادر فيها - أمام محكمة أول درجة بحيث يكون التقاضي بشأنها على درجتين، فإن مصلحة المدعي الشخصية تنحصر في الطعن على ما تضمنه النص المطعون فيه من أن تقدم المعارضة إلى المحكمة التي أصدر رئيسها أمر التقدير أو القاضي حسب الأحوال، دون باقي النص المذكور، ويغدو الدفع المقدم من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى رقم 185 لسنة 25 قضائية دستورية لانتفاء المصلحة على غير أساس متعيناً رفضه.
حيث إن المدعي ينعى على النص المطعون فيه - محدداً نطاقاً على النحو المتقدم - مخالفته أحكام المواد 4، 7، 8، 40، 65، 165 من الدستور على سند من أنه يخالف ما يقوم عليه الأساس الاقتصادي للبلاد من الكفاية والعدل بتقريب الفوارق بين الدخول وعدالة توزيع الأعباء العامة، كما يخل بالتضامن الاجتماعي ويهدر مبدأي تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين إذ أخل بحق طائفة من المتقاضين مرجحاً كفة بعضهم على بعض بمنحهم حق استئناف الأحكام دون أقرانهم من المتقاضين بما يتعارض مع استقلال القضاء وما يكفله من مكنة التقاضي على درجتين فضلاً عن مخالفة النص المذكور لحكم المادتين 36، 63 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وحيث إن ما ينعاه المدعي من مخالفة النص الطعين لحكم المادتين 36، 63 من قانون المرافعات المدنية والتجارية فمردود بأن الرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا على دستورية التشريع مناطها قيام تعارض بين نص قانوني أو لائحي وبين حكم في الدستور ولا شأن بما يقع من تناقض - بفرض صحته - بين تشريعين سواء اتحدا أم اختلفا في مرتبتيهما ما لم يكن ذلك منطوياً بذاته على مخالفة دستورية.
وحيث إنه عن النعي بمخالفة النص المذكور لحكم المادتين (4 و7) من الدستور فإنه مردود بأن ما قرره الدستور في المادة الرابعة من أن الأساس الاقتصادي لمصر هو النظام الاشتراكي الديمقراطي القائم على الكفاية والعدل، بما يحول دون الاستغلال، ويؤدي إلى تقريب الفوارق بين الدخول ويحمي الكسب المشروع ويكفل عدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة، لا يعني الإخلال بحق المشرع في مباشرة سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق، اتباعاً بضوابط الدستور، وهو ما يقوم به بالمفاضلة بين البدائل المتاحة، مرجحاً من بينها ما يراه أكفل لتحقيق المصالح المشروعة التي قصد حمايتها، كما أن تأسيس المواطنين لمجتمعهم على قاعدة التضامن الاجتماعي وفقاً لنص المادة السابعة من الدستور مؤداه تداخل مصالحهم لا تصادمها وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تعارضها بما يرعى القيم التي يؤمنون بها، فلا يتقدم على ضوئها فريق على غيره انتهازاً، ولا ينال قدراً من الحقوق يكون بها - دون مقتض - أكثر امتيازاً من سواه، بل يتمتعون جميعاً بالحقوق عينها - التي تتكافأ مراكزهم القانونية قبلها - وبالوسائل التي تعينهم على ممارستها، متى كان ما تقدم وكان النص الطعين ليس إلا حلقة من حلقات تقدير الرسوم القضائية وردت بالقانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية بدأها المشرع بإلزام المدعي عند إقامة دعواه بسداد رسم نسبي يسير كمقدم للحصول على الخدمة القضائية من مرفق العدالة، وذلك للتيسير على الأفراد في الالتجاء للقضاء للذود عن حقوقهم، وفي ذات الوقت لصون مصالح الخزانة العامة، وأرجأ تحصيل ما يزيد على هذا المبالغ لحين صدور الحكم في الدعوى، ثم أجرى تسوية الرسم على أساس ما يحكم به نهائياً، وألزم بمصروفات الدعوى ورسومها الطرف الذي حدده الحكم سواء كان مدعياً أم مدعى عليه، والأصل أن يتم تقدير هذه المصروفات والرسوم في متن الحكم فإذا ما صدر الحكم خلواً من هذا البيان وقدر المشرع تخويل رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم أو القاضي حسب الأحوال الاختصاص بتقدير الرسوم بأمر يصدره والفصل بالتالي - بموجب النص الطعين - في المعارضة التي يقدمها ذوو الشأن في مقدار هذه الرسوم، فإن ما قرره المشرع في هذا الشأن يأتي متفقاً مع القواعد العامة في إصدار الأحكام القضائية ومحققاً لسرعة سداد الرسوم القضائية من الطرف الملزم بها حتى لا ينال قدراً من الحقوق - يكون بها دون مقتض - أكثر امتيازاً على سواه، بل يتمتع ومن تتكافأ مراكزهم القانونية معه بالحقوق عينها وبالوسيلة ذاتها التي تعينهم على ممارسة حقهم في المعارضة.
وحيث إن مبدأ تكافؤ الفرص الذي تكفله الدولة للمواطنين كافة يتصل - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - بالفرص التي تتعهد الدولة بتقديمها، وإعماله يقع عند تزاحمهم عليها، وأن الحماية الدستورية لتلك الفرص غايتها تقرير أولوية في مجال الانتفاع بها لبعض المتزاحمين على بعض وفقاً لأسس موضوعية يتحقق من خلالها التكافؤ في الفرص يقتضيها الصالح العام، وإذ كان النص الطعين لا صلة له بفرص قائمة يجرى التزاحم عليها، فإن النعي عليه بمخالفة حكم المادة (8) من الدستور يكون غير صحيح.
وحيث إن مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون - على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - لا يعني أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تباين في مراكزهم القانونية معاملة قانونية متكافئة، كما أنه ليس مبدأ تلقينياً جامداً منافياً للضرورة العملية ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادة (40) من الدستور ولما كان المركز القانوني للمعارض في أمر التقدير الصادر من محكمة أول درجة يختلف عن المعارض في الأمر الصادر من المحكمة الاستئنافية ومرجع ذلك أن المنازعة التي تثور بشأن الرسوم القضائية المستحقة تتفرع عن الدعوى الأصلية وتخضع لذات القاعدة التي يخضع لها الحكم الصادر في الدعوى الأصلية تطبيقاً لقاعدة أن الفرع يتبع الأصل، متى كان ذلك، وكان الحكم الصادر من محكمة الدرجة الثانية غير جائز الطعن فيه بالاستئناف، فإن الحكم الصادر من رئيس المحكمة الأخيرة في المعارضة في أمر تقدير الرسوم يكون بالتبعية غير جائز الطعن فيه بالاستئناف، ومن ثم فإن قالة إخلال النص الطعين بمبدأ المساواة المنصوص عليه بالمادة 40 من الدستور لا يكون لها محل.
وحيث إن المشرع غير مقيد - في مجال ضمانة حق اللجوء إلى القضاء - بأشكال محددة تمثل أنماطاً جامدة لا تقبل التغيير أو التبديل، بل يجوز أن يختار من الصور الإجرائية لإنفاذ هذا الحق ما يكون في تقديره الموضوعي أكثر اتفاقاً مع طبيعة المنازعة التي يعهد بالفصل فيها إلى محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي، ودون ما إخلال بضماناتها الرئيسية التي تكفل إيصال الحقوق لأصحابها وفق قواعد محددة تكون منصفة في ذاتها، ومن ثم فإن قصر التقاضي في بعض الدعاوى على درجة واحدة لا يناقض حق التقاضي، لما كان ما تقدم، وكان المشرع التزاماً منه بحق التقاضي قد كفل لكل من أُعلن بأمر تقدير الرسوم القضائية ضمان حماية حقوقه بأن أجاز له المعارضة في هذا الأمر أمام المحكمة التي اصدر رئيسها أمر التقدير أو القاضي حسب الأحوال وأوجب أن يصدر الحكم بعد سماع أقوال قلم الكتاب والمعارض إذا حضر، دونما تدخل من أي سلطة أخرى ومن ثم لا تشوب النص الطعين أية مخالفة لمبدأي خضوع الدولة للقانون واستقلال القضاء المنصوص عليهما بالمادتين 65 و165 من الدستور.
وحيث إن النص الطعين لا يخالف أي حكم آخر من أحكام الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات ومائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.