الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الخميس، 6 مايو 2021

الطعن 26 لسنة 68 ق جلسة 27 / 2 / 2013 مكتب فني 64 ق 42 ص 304

جلسة 27 من فبراير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ إسماعيل عبد السميع "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ هشام قنديل، الدسوقي أحمد الخولي، محمد الأتربي وطارق تميرك "نواب رئيس المحكمة".
--------------
(42)
الطعن 26 لسنة 68 القضائية
(1 ، 2) عمل "علاقة عمل: العاملون بشركات قطاع الأعمال العام" "تأديب: ميعاد رفع الدعوى التأديبية".
(1) قانون نظام العاملين بالقطاع العام 48 لسنة 1978. استمرار سريانه على العاملين الخاضعين لأحكام قانون قطاع الأعمال إلى أن تصدر لوائح نظام العاملين. الاستثناء. تطبيق أحكام ق العمل 137 لسنة 1981 على واجبات العاملين والتحقيق معهم وتأديبهم اعتبارا من 19/ 7/ 1991. المواد 4، 5، 44/ 2 ق 203 لسنة 1991.
(2) مجازاة الطاعن وتحميله ما فقد منه من مهمات بعد العمل بقانون قطاع الأعمال العام. المنازعة بشأنه. تسري عليها أحكام ق العمل 137 لسنة 1981. قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول دعوى الطاعن لرفعها بعد الميعاد استنادا إلى أحكام قانون القطاع العام دون تطبيق قانون العمل الذي لم يقيدها بأي قيد زمني ومهدرا لحجية الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بعدم اختصاصها ولائيا. خطأ.
-------------
1 - مؤدى النص في المواد 4، 5، 44/ 2 من مواد إصدار قانون قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 أن نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 يظل ساريا على العاملين الخاضعين لأحكام قانون قطاع الأعمال العام سالف الذكر إلى أن تصدر لوائح أنظمة العاملين بهذه الشركات عدا ما جاء بشأنه نص خاص في هذا القانون ومنها ما أشارت إليه الفقرة الثانية من المادة 44 سالفة الذكر بشأن سريان أحكام قانون العمل الصادر بالقانون 137 لسنة 1981 على واجبات العاملين بالشركات التابعة والتحقيق معهم وتأديبهم فيسري من تاريخ العمل بهذا القانون في 19/7/1991.
2 - إذ كان الثابت بالأوراق أن قرار مجازاة الطاعن وتحميله قيمة ما فقد من مهمات رقم... لسنة 1994 صدر بتاريخ 17/ 7/ 1994 بعد العمل بقانون قطاع الأعمال العام فإن المنازعة بشأنه تسري عليها أحكام الفصل الخامس من الباب الثالث من قانون العمل سالف الذكر والذي لم يقيد الحق في اللجوء إلى القضاء بشأن التظلم من قرار الجزاء الموقع من صاحب العمل بأي قيد زمني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وطبق على واقعة النزاع أحكام قانون القطاع العام ورتب على ذلك قضاءه بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المنصوص عليه بالمادة 84 من ذلك القانون ومهدرا بذلك أيضا حجية الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى لعدم سريان قانون القطاع العام على واقعة النزاع فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم... لسنة 23 ق محكمة تأديبية المنصورة على المطعون ضدها - شركة توزيع كهرباء شمال الدلتا - بطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر منها بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من راتبه وخصم قيمة ما يعادل 2361 كجم من المهمات الكهربائية، و10% مصاريف إدارية وما يترتب على ذلك من آثار، وقال بيانا لها إنه من العاملين لدى المطعون ضدها وقد نما لعلمه بتاريخ 1/3/1995 إصدارها القرار رقم... لسنة 1994 سالف البيان لما نسب إليه من وجود عجز لديه مقداره 2361 كجم من المهمات الكهربائية والمسلمة إليه بسبب عمله وإهماله في المحافظة عليها وذلك رغم عدم مسئوليته عنها لتسليمها لمقاول التنفيذ، ومن ثم أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان، وبتاريخ 25/2/1996 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة المنصورة الابتدائية والتي قيدت أمامها برقم... لسنة 1996 عمال المنصورة الابتدائية ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 29/6/1997 بإلغاء القرار سالف البيان فيما قضى به من مجازاة الطاعن وما يترتب على ذلك من آثار، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم... لسنة 49 ق المنصورة، وبتاريخ 5/11/1997 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المنصوص عليه بالمادة 84 من قانون القطاع العام رقم 48 لسنة 1978 في حين أن القانون - المنطبق على واقعة النزاع - هو قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 وفقا لما ذهبت إليه المحكمة التأديبية في حكمها الصادر بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة الرابعة من مواد إصدار قانون قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 على أن "ينقل العاملون بكل من هيئات القطاع العام وشركاته الموجودين بالخدمة في تاريخ العمل بهذا القانون إلى الشركات القابضة أو الشركات التابعة وتستمر معاملة هؤلاء العاملين بجميع الأنظمة والقواعد التي تنظم شئونهم الوظيفية وذلك إلى أن تصدر لوائح أنظمة العاملين بالشركات المنقولين إليها طبقا لأحكام القانون المرافق"، والنص في المادة الخامسة من ذات القانون على أنه "مع عدم الإخلال بما ورد في شأنه نص خاص في هذا القانون أو في القانون المرافق لا يسري نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون 48 لسنة 1978 على العاملين بالشركات الخاضعة لأحكام القانون المرافق اعتبارا من تاريخ العمل باللوائح المشار إليها، والنص في الفقرة الثانية من المادة 44 من هذا القانون على أن "تسري في شأن واجبات العاملين بالشركات التابعة والتحقيق معهم وتأديبهم أحكام الفصل الخامس من الباب الثالث من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981" يدل على أن نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 يظل ساريا على العاملين الخاضعين لأحكام قانون قطاع الأعمال العام سالف الذكر إلى أن تصدر لوائح أنظمة العاملين بهذه الشركات عدا ما جاء بشأنه نص خاص في هذا القانون ومنها ما أشارت إليه الفقرة الثانية من المادة 44 سالفة الذكر بشأن سريان أحكام قانون العمل الصادر بالقانون 137 لسنة 1981 على واجبات العاملين بالشركات التابعة والتحقيق معهم وتأديبهم فيسري من تاريخ العمل بهذا القانون في 19/7/1991، ولما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن قرار مجازاة الطاعن وتحميله قيمة ما فقد من مهمات رقم... لسنة 1994 صدر بتاريخ 17/7/1994 بعد العمل بقانون قطاع الأعمال العام فإن المنازعة بشأنه تسري عليها أحكام الفصل الخامس من الباب الثالث من قانون العمل سالف الذكر والذي لم يقيد الحق في اللجوء إلى القضاء بشأن التظلم من قرار الجزاء الموقع من صاحب العمل بأي قيد زمني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وطبق على واقعة النزاع أحكام قانون القطاع العام ورتب على ذلك قضاءه بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المنصوص عليه بالمادة 84 من ذلك القانون ومهدرا بذلك أيضا حجية الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى لعدم سريان قانون القطاع العام على واقعة النزاع، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.

عدم قبول أحكام المحاكم بإحالة الدعاوى إلى المحكمة الدستورية بدون تسبيب

الدعوى رقم 118 لسنة 40 ق "دستورية" جلسة 3 / 4 / 2021

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من أبريل سنة 2021م، الموافق الحادى والعشرين من شعبان سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 118 لسنة 40 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة استئناف القاهرة (الدائرة 99 عمال)، بحكمها الصادر بجلسة 21/6/2017، ملف الاستئناف رقم 1952 لسنة 21 قضائية.

المقام من

أحمد فتحى أحمد محمد

ضد

رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء

الإجـراءات

بتاريخ الحادي عشر من ديسمبر سنة 2018، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الاستئناف رقم 1952 لسنة 21 قضائية، بعد أن قضت محكمة استئناف القاهرة (الدائرة 99 عمال) بجلسة 21/6/2017، بوقف الاستئناف تعليقًا، وإحالة الدعوى بغير رسوم للمحكمة الدستورية العليا للفصل في الدفع بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 13 لسنة 2007.



وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى. كما قدمت الشركة المستأنف ضدها مذكرة، طلبت فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 13 لسنة 2007.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

 حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – في أن المستأنف في الدعوى الموضوعية، أحد العاملين بشركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء، كان قد أقام الدعوى رقم 3093 لسنة 2012 عمال كلى، أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ضد الشركة المستأنف ضدها، طالبًا الحكم، أولاً: بإلزام الشركة بأن تؤدى له الحافز المميز وحافز التنفيذ الذاتى، خالص الضريبة، اعتبارًا من تاريخ الامتناع في شهر مايو سنة 2012، واعتبارًا من أول كل شهر، باعتباره من ملحقات الأجر، وتتوافر فيه صفة الاستدامة. ثانيًا: اعتبار يوم السبت من كل أسبوع إجازة مدفوعة الأجر، كما كان ومازال متبعًا بهيئة كهربة الريف، طبقًا لما جاء بالمادة الثامنة من القانون رقم 13 لسنة 2007، والمادة الأولى من القرار الوزاري رقم 381 لسنة 2008. ثالثًا: عدم المساس أو الانتقاص أو التعرض لأى حق أو ميزة اكتسبها من تاريخ نقله إلى الشركة. وذكر شرحًا لدعواه: أنه كان من العاملين بهيئة كهربة الريف، التابعة لوزارة الكهرباء والطاقة، وبتاريخ 14/4/2007، صدر القرار بقانون رقم 13 لسنة 2007 بإلغاء هيئة كهربة الريف، ونقل أصولها إلى شركات نقل وتوزيع الكهرباء، ونقل العاملين بها بذات أوضاعهم الوظيفية مع احتفاظهم بصفة شخصية بأجورهم وبدلاتهم وإجازاتهم ومزاياهم النقدية والعينية ولو كانت تزيد على ما يستحقونه في الشركات المنقولين إليها، وبناءً عليه تم نقله إلى شركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء، محتفظًا بكافة مزاياه النقدية والعينية بما فيها صرف حافز مميز وحافز تنفيذ ذاتى، وظل يتقاضاه حتى شهر مايو سنة 2012، تاريخ امتناع الشركة عن صرفه، فأقام دعواه بطلباته السالفة الذكر. وأثناء نظر الدعوى بجلسة 22/10/2013، قدم الحاضر عن الشركة مذكرة، تضمنت دفعًا بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (8) من القانون رقم 13 لسنة 2007 بإلغاء هيئة كهربة الريف، لمخالفتها لنصوص المواد (13، 23، 40) من دستور 1971، وطلب إحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في الدفع بعدم الدستورية. وبجلسة 31/1/2017، قضت المحكمة برفض الدعوى. وإذ لم يلق هذا الحكم قبول المدعى، فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 1952 لسنة 21 قضائية، أمام محكمة استئناف القاهرة، وبجلسة 21/6/2017، أصدرت المحكمة حكم الإحالة السالف الذكر، وذلك على سند من أنه " وحيث إنه عن موضوع الاستئناف فقد أثارت الشركة المستأنف ضدها بمذكرتها المقدمة بجلسة 22/10/2013، أمام محكمة أول درجة، الدفع بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (8) من القانون رقم 13 لسنة 2007، لمخالفتها نصوص الدستور، فيما نصت عليه من نقل العاملين في هيئة كهرباء الريف للعمل بشركات نقل وتوزيع الكهرباء بذات أوضاعهم الوظيفية ويحتفظ لهم بصفة شخصية بأجورهم وبدلاتهم وإجازاتهم ومزاياهم النقدية والعينية ولو كانت تزيد على ما يستحقونه في الشركات المنقولين إليها دون أن يؤثـر ذلك مستقبلاً على ما يستحقونه من مزايا أو علاوات في هذه الشركات. وإذ كانت المحكمة وعملاً بالمادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 ترى جدية ذلك الدفع، ومن ثم فإنها تقضى بوقف الدعوى تعليقًا، وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا للفصل في الدفع بعدم الدستورية السالف البيان".



 وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى، لخلو قرار الإحالة من بيان نص الدستور المدعى بمخالفته، وأوجه تلك المخالفة. فقد نصت المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أنه " تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي: (أ) إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية". وتنص المادة (30) من القانون ذاته على أنه " يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقًا لحكم المادة السابقة، بيان النص التشريعى المطعون بعدم دستوريته والنص الدستورى المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة".



 وحيث استقر قضاء هذه المحكمة على أن التنظيم الخاص بالقواعد الموضوعية والإجرائية التى تباشر من خلالها وعلى ضوئها رقابتها الدستورية على النصوص التشريعية هى من الأشكال الإجرائية الجوهرية التى لا يجوز مخالفتها كى ينتظم التداعى أمامها في المسائل الدستورية في إطارها ووفقًا لأحكامها. كما استقر قضاؤها على أنه يتعين وفقًا لنص المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا السالف بيانها أن يتضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى المرفوعة أمامها البيانات الجوهرية التى تكشف بذاتها عن ماهية المسألة الدستورية المعروضة بما ينفى التجهيل عنها، كالتحديد المباشر للنص التشريعي المطعون بعدم دستوريته، والنص الدستوري المدعى بمخالفته، وأوجه المخالفة الدستورية في إفصاح جلى الدلالة والوضـوح، حتى يتاح لذوى الشـأن فيها ومن بينهم الحكومة – الذين أوجبت المادة (35) من قانـون المحكمة إعلانهـم بالقـرار أو الصحيفة – أن يتبينوا كافة جوانبها ويتمكنوا في ضوء ذلك من إبداء ملاحظاتهم وردودهم وتعقيبهم عليها في المواعيد التي حددتها المادة (37) من القانون ذاته، بحيث تتولى هيئة المفوضين، بعد انتهاء تلك المواعيد، تحضير الموضوع، وتحديد المسائل الدستورية والقانونية المثارة، وتبدى فيها رأيًا مسببًا وفقًا لما تقضى به المادة (40) من هذا القانون.


 وحيث إن الدعوى المعروضة اتصلت بهذه المحكمة بناء على حكم الإحالة السالف بيانه، الذى اقتصر، بغير تسبيب، على بيان النص القانوني محل الإحالة، دون باقي البيانات الكاشفة لأوجه المخالفة والمناعي الدستورية ومواد الدستور المدعى بمخالفتها وجوهر المسألة الدستورية المحالة للفصل فيها – وهو ما يشوب حكم الإحالة بقصور في البيانات الجوهرية المنصوص عليها في المادتين (29، 30) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، ومن ثم فإن الدعوى المعروضة تغدو غير مقبولة.

فلهذه الأسباب

 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

عدم دستورية اختصاص المحاكم الابتدائية بنظر منازعات البرك والمستنقعات

الدعوى رقم 39 لسنة 41 ق "دستورية" جلسة 3 / 4 / 2021

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من أبريل سنة 2021م، الموافق الحادى والعشرين من شعبان سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 39 لسنة 41 قضائية "دستورية" بعد أن أحالت محكمة القضاء الإدارى – الدائرة الثامنة (عقود) بحكمها الصادر بجلسة 27/11/2018، ملف الدعوى رقم 7789 لسنة 67 قضائية.


المقامة من

عبداللطيف محمد أحمد خطاب الشويخ

ضد

1- محافـظ الجيـزة

2- مدير إدارة أملاك الدولة

3- رئيس حى الوراق


الإجـراءات

بتاريخ الرابع عشر من أبريل سنة 2019، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 7789 لسنة 67 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإدارى – الدائرة الثامنة (عقود)، بجلسة 27/11/2018، بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية المادة (9) من القانون رقم 57 لسنة 1978 في شـأن التخلص من البـرك والمستنقعـات ومنع إحداث الحفـر، فيمـا تضمنته مـن أن " تختص المحكمـة الابتدائيـة الكائـنة بدائرتها أرض البركـة أو المستنقع بنظر المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام هذا القانون".

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 7789 لسنة 67 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى – الدائرة الثامنة، ضد محافظ الجيزة، وآخرين، طالبًا الحكم، بوقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ الجيزة رقم 670 لسنة 1984، وما يترتب على ذلك من آثار، أهمها شطب القطعة موضوع النزاع من سجلات أملاك الدولة، على سند من أنه يمتلك قطعة أرض مساحتها (105,75)م2 بحوض الرزقة والعشرين/38، بناحية وراق العرب، بموجب عقد بيع مؤرخ 14/5/1993، محرر بينه وبين سلامة أمين إبراهيم صالح، وقد شُيّد عليها مبنى مكون من طابـق أرضى وطابقين علويين، إلا أنه فوجئ بتوجيه تنبيه إليه من الجهة الإدارية بأداء مبلغ 54000 جنيه، مقابل حق الانتفاع بتلك الأرض خلال الفترة من عام 1995 حتى عام 2010، وإنذاره بالحجز الإدارى عليه حال عدم الأداء، على سند من صدور قرار محافظ الجيزة رقم 670 لسنة 1984 بأيلولة ملكية تلك الأرض للدولة، ضمن مشروع البرك التى آلت لها عن طريق الردم، بناحية وراق العرب بإمبابة، وبتعلية هذه المسطحات على سجلات وخرائط تفتيش أملاك الجيزة (إصلاح زراعى) أملاك أميرية خاصة. ونعى المدعى على هذا القرار مخالفته للقانون، ذلك أن الأرض محـل التداعى لم تكن بركة تم ردمها، وإنما كانت أرضًا زراعية ضمن مساحة أكبر مملوكة للبائع له، وصادر لها بطاقة حيازة زراعية، وواردة ومكلفة باسمه، كما أنه لم يتبع في شأنها إجراءات نزع الملكية. تدوولت الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى، وقضت فيها بجلسة 27/11/2018، بوقف الدعوى، وإحالة أوراقها إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية النص التشريعى المحال، على سند من أن قرار محافظ الجيزة رقم 670 لسنة 1984، المطعون عليه، يُعد قرارًا إداريًا، أفصحت بموجبه جهة الإدارة، بما لها من سلطة، عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث مركز قانونى معين، يتمثل في أيلولة الأرض المملوكة لأشخاص معينين للدولة، ابتغاء تحقيق مصلحة عامة، ومن ثم فإن الطعن على هذا القرار يُعد من المنازعات الإدارية التي تختص بنظرها والفصل فيها محاكم مجلس الدولة، وتندرج ضمن الاختصاص المنصوص عليه في المادة (190) من الدستور. وإذ أسند نص المادة (9) من القانون رقم 57 لسنة 1978 المشار إليه، الاختصاص بالفصل في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام هذا القانون إلى المحكمة الابتدائية التابعة لجهة القضاء العادي، فإنه يكون قد انتزع اختصاص مجلس الدولة بنظر تلك المنازعات، التي يغلب عليها الطبيعة الإدارية البحتة، مفتئتًا بذلك على استقـلال السلطة القضائية.



وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى، بقالة إن قرار الإحالة الصادر من محكمة القضاء الإدارى قد جاء مُجهلاً، لخلوه من تعيين النص الدستورى المدعى مخالفته وأوجه تلك المخالفة، فمردود بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن ما تغياه المشرع بنص المادة (30) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو ألا تكون صحيفة الدعوى الدستورية، أو قرار الإحالة الصادر من محكمة الموضوع مجهلاً بالمسائل الدستورية المطروحة على المحكمة، ضمانًا لتعيينها تعيينًا كافيًا، فلا تثير خفاءً في شأن مضمونها، أو اضطرابًا حول نطاقها، ليتمكن ذوو الشأن جميعًا من إعداد دفاعهم ابتداءً وردًا وتعقيبًا في المواعيد التى حددتها المادة (37) من ذلك القانون، ولتتولى هيئة المفوضين بعد انقضاء تلك المواعيد تحضير الدعوى وإعداد تقرير يحدد المسائل الدستورية المثارة ورأيها فيها مسببًا. ومن ثم يكفى لتحقيق تلك الغاية أن يكون تعيين هذه المسائل ممكنًا، ويتحقق ذلك كلما كان بُنيان عناصرها مُنبئًا عن حقيقتها. متى كان ذلك، وكان حكم الإحالة قد انطوى على النص المطعون عليه، وعلى نص الدستور المدعى مخالفته، كما أبان المثالب الدستورية التى رأى أنها تلحق به، ناعيًا عليه انتزاعه اختصاصًا أصيلاً مقررًا دستوريًا لمجلس الدولة، ومن ثم فإن وصف ذلك الحكم بالتجهيل لا يكون له من أساس، متعينًا الالتفات عنه.



وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة من وجهين، أولهما: أن المنازعة الموضوعية تتعلق بقرار إداري، وهو ما تختص بنظره والفصل فيه محاكم مجلس الدولة، ثانيهما: عدم وجود ارتباط بين الطلبات في الدعوى الموضوعية والنص التشريعي المحال، ومن ثم، فإن الفصل في دستوريته لا يرتب انعكاسًا على الفصل في الدعوى الموضوعية، فضلاً عن أن نظر النزاع الموضوعي، سواء أمام المحكمة الابتدائية أو محكمة القضاء الإداري، لن يرتب أى ضرر للمدعى، فمردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن المصلحة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكـون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصـل في مسألة كليـة أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملهـا أو شق منها في الدعوى الموضوعية. متى كان ذلك، وكان نص المادة (9) من القانون رقم 57 لسنة 1978 في شأن التخلص من البرك والمستنقعات ومنع إحداث الحفر، قد عقد الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكامه إلى المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها أرض البركة أو المستنقع. وكان من المقرر قانونًا أن الفصل في اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام، بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة في نظره والفصل فيه، ومن أجل ذلك كان التصدى له سابقًا بالضرورة على البحث في موضوعه. إذ كان ذلك، وكانت المسألة الأولية المطروحة على محكمة القضاء الإدارى تحديد مدى اختصاصها بالفصل في النزاع الموضوعى، الذى يدور حول قرار محافظ الجيزة بأيلولة مشروع البرك التي آلت إلى الدولـة عن طريق الردم، وبتعلية تلك المسطحات على سجلات وخرائط تفتيش أملاك الجيزة (إصلاح زراعي) أملاك أميرية خاصة. وكان ما يحول بينها والفصل في ذلك النزاع ما نصت عليه المادة (9) من القانون المشار إليه من عقد الاختصاص بنظر كافة المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام ذلك القانون للمحكمة الابتدائية، ومن ثم فإن المصلحة في الطعن على هذا النص تكون متحققة، بحسبان القضاء في دستوريته سيكون له أثره وانعكاسه على الدعوى الموضوعية والطلبـات المطروحـة بها، وولايـة محكمة الموضـوع بالفصل فيها. ولا يغير من ذلك قالة إن المدعى لن يلحقه ضررٌ بأن تُنظر دعواه أمام محكمة بعينها، ذلك أن الرقابة التي تباشرها هذه المحكمة على النصوص التشريعية، مرجعها نصوص الدستور، ومن ذلك ما ورد فيه من تحديد الجهة القضائية التى ناط بها الفصل في النزاع، لتعلقه بحق التقاضي. ومن ثم، يكون الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة – بوجهيه - بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة مفتقدًا لسنده، متعينًا الالتفات عنه.



وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع الدستوري، بدءًا من دستور سنة 1971، قد حرص على دعم مجلس الدولة، الذى أصبح بنص المادة (172) منه، جهة قضائية قائمة بذاتها، محصنة ضد أى عدوان عليهـا أو على اختصاصها المقرر دستوريًا، وهو ما أكده الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30/3/2011، الذى أورد الحكم ذاته في المادة (48) منه، وكذلك المادة (174) من الدستور الصادر عام 2012، وأخيرًا المادة (190) من الدستور الحالي، التى تنص على أن " مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية .....". ولم يقف دعم المشرع الدستورى لمجلس الدولة عند هذا الحد، بل جاوزه إلى إلغاء القيود التى كانت تقف حائلاً بينه وبين ممارسته لاختصاصاته، فاستحدث بالمادة (68) من دستور سنة 1971، نصًا يقضى بأن " التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا، ويحظر النص في القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء"، وهو ما انتهجه نص المادة (21) من الإعلان الدستورى الصادر في 30/3/2011، ونص المادة (70) من الدستور الصادر عام 2012، وقد سار الدستور الحالى على النهج ذاته في المادة (97) منه. وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التى كانت تحظر الطعن في القرارات الإدارية، وأُزيلت جميع العوائق التى كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس الدولة بوصفه القاضى الطبيعى للمنازعات الإدارية. وإذ كان المشرع الدستورى بنصه في عجز المادة (97) من الدستور الحالى على أن " ولا يحاكم الشخص إلا أمام قاضيه الطبيعى "، قد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس كافة، تتكافأ فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم والدفاع عن مصالحهم الذاتية، وأن الناس جميعًا لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعى، ولا في نطـاق القواعـد الإجرائية أو الموضوعية التى تحكم الخصومة القضائية، ولا في مجال التداعى بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة، سواء في مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التى تصدر فيها. وفى ضوء تلك الأحكام، فقد غدا مجلس الدولة قاضى القانون العام، وصاحب الولاية العامة، دون غيره من جهات القضاء، في الفصل في كافة المنازعات الإدارية، عدا ما استثناه الدستور ذاته بنصوص صريحة ضمنها وثيقته.



وحيث إنه المستفاد من استعراض نصوص القانون رقم 57 لسنة 1978 في شأن التخلص من البرك والمستنقعات ومنع إحداث الحفر، أنه يندرج ضمن القوانين المتعلقة بالضبط الإدارى، ويطلق عليها القوانين الضبطية، التى تدور أحكامها في فلك القانون العام، ومن بينها القوانين التى تنظم حقوق وحريات الأفراد في مجال الصحة العامة، بهدف المحافظة على صحة المواطنين والوقاية من الأمراض وانتشار الأوبئة، وما يستلزمه ذلك من تدخل الجهة الإدارية، بما لها من سلطة عامة، في إصدار قرارات إدارية لضمان تنفيذ أحكام هذا القانون. ويبدو هذا جليًّا من نصوص المـواد (2، 3، 5، 6، 7، 8، 13) من القانـون المشـار إليه. إذ منح المشرع بموجبها الوحدات المحلية – كل في نطاق اختصاصها – سلطـة التخلص من البرك والمستنقعات التى لم يقـم ملاكها أو واضعى اليد عليها بالتخلص منها، بإحدى الوسائل التى يحددها وزير الإسكان، وفى هذا الحالة فإنه على الوحدة المحلية إخطارهم بالطريق الإدارى بعزمها على التخلص منها، وللمحافظ بناء على طلب الوحدة المحلية المختصة أن يصدر قرارًا بالاستيلاء المؤقت على الأرض التى بها البركة أو المستنقع للقيام بأعمال التخلص منها، وتقوم الوحدة المحلية بإخطار ملاك البرك والمستنقعات التى تم الاستيلاء عليها بإتمام أعمال التخلص منها، ويتضمن الإخطار قيمة البركة أو المستنقع قبل التخلص منها ومصاريف أعمال التخلص وكذلك قيمتها بعد إتمام تلك الأعمال، ويتم هذا التقدير بواسطة لجان إدارية يصدر بتشكيلها قرار من المحافظ المختص، وعلى الملاك خلال سنة من تاريخ إخطارهم أن يقوموا بأداء مصاريف التخلص المشار إليها أو الزيادة في قيمة البركة أو المستنقع أيهما أقل، فإذا لم يقم الملاك بأداء المبالغ المستحقة نقدًا أو عينًا للوحدة المحلية المختصة، آلت ملكية أرض البركة أو المستنقع إلى الوحدة المحلية من تاريخ صدور قرار الاستيلاء عليها وذلك مقابل قيمتها قبل البدء في أعمال التخلص منها. ولملاك البرك والمستنقعات التى تم ردمها وفقًا لأحكام القوانين السابقة للقانون رقم 57 لسنة 1978، ولم تؤد تكاليف ردمها أو يتنازل عنها أصحابها، وانقضت مواعيد استردادها، الحق في شرائها بثمن يعادل تكاليف ردمها مضافًا إليها 10% مصاريف إدارية، والفوائد القانونية بواقع 4% سنويًا، ويسقط حق المالك في الشراء إذا لم يتقدم بطلب الشراء أو لم يؤد الثمن خلال المدة المحددة لذلك.



وحيث إنه يتبين مما تقدم، أن الغالب الأعم من المنازعات التي قد تنشأ عن تطبيق أحكام القانون رقم 57 لسنة 1978 المشار إليه، هي منازعات ذات طبيعة إدارية بحتة، وينضوي تحت لوائها، المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية التي تصدرها جهة الإدارة تنفيذًا لأحكامه، مما يندرج تحت الولاية العامة المقررة لمحاكم مجلس الدولة، باعتباره القاضي الطبيعي لكافة المنازعات الإدارية. ومن ثم، فإن إيلاء الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية المتعلقة بتنفيذ أحكام ذلك القانون إلى المحكمة الابتدائية، على النحو الذى قررته المادة (9) منه، خصمًا من الاختصاص المعقود لمحاكم مجلس الدولة، يكون متصادمًا مع الالتزام الدستوري بكفالة الحق لكل مواطن في الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، فضلاً عما يمثله من إخلال باستقلال السلطة القضائية، وانتقاص من اختصاص مجلس الدولة، باعتباره صاحب الولاية العامة، دون غيره، بالفصل في كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي، بالمخالفـة لنصوص المـواد (94، 97، 184، 190) مـن الدستور، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.

 

فلهذه الأسباب

 حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة (9) من القانون رقم 57 لسنة 1978 في شأن التخلص من البرك والمستنقعات ومنع إحداث الحفر.

عدم دستورية قصر استحقاق المعاش المستحق لعضو نقابة التجاريين على الزوجة الأرملة، دون الزوج الأرمل

الدعوى رقم 121 لسنة 40 ق "دستورية" جلسة 3 / 4 / 2021

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من أبريل سنة 2021م، الموافق الحادي والعشرين من شعبان سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 121 لسنة 40 قضائية "دستورية" بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري "الدائرة الثانية" بحكمها الصادر بجلسة 10/6/2018، ملف الدعوى رقم 70537 لسنة 67 قضائية.

المقامة من

عبد العزيز حسن محمد

ضد

1 – نقيب التجاريين

2 - رئيس نقابة التجاريين بالقاهرة



الإجراءات

بتاريخ الخامس والعشرين من ديسمبر سنة 2018، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 70537 لسنة 67 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري " الدائرة الثانية " بجلسة 10/6/2018، بوقف الدعوى تعليقًا، وإحالتها بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقرتين الأولى والثانية من المادة (85) من القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن إنشاء نقابة التجاريين.



وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين، طلبت فيهما الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة,

حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 7274 لسنة 2005 مدنى كلى، أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ضد النقابة المدعى عليها الثانية، وآخر، طالبًا الحكم بأحقيته في صرف المعاش المستحق له عن زوجته فتحية محمد محمود، وذلك اعتبارًا من تاريخ وفاتها. قولاً منه إن زوجته كانت عضوًا بنقابة التجاريين، شعبة المحاسبة والمراجعة، وتوفيت إلى رحمة الله تعالى بتاريخ 12/4/1995، ويحق لها الحصول على معاش من النقابة، وبوفاتها انتقل هذا الحق إليه، أسوة بما ورد في الحكم الصادر بجلسة 14/12/2003، في الدعوى رقم 83 لسنة 22 قضائية " دستورية "، الذى قضى " بأحقية الزوج في الجمع بين معاشه عن زوجته وبين معاشه بصفته منتفعًا بأحكام قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون قم 79 لسنة 1975، وكذا الجمع بين معاشه عن زوجته وبين دخله من العمل أو المهنة وذلك دون حدود "، إلا أن نقابة التجاريين رفضت إجابته لطلبه، استنادًا لنص المادة (85) من القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن إنشاء نقابة التجاريين، مما حدا به إلى إقامة دعواه. وبجلسة 24/4/2012، قضت المحكمة له بطلباته. وإذ لم يرتض نقيب التجاريين ذلك الحكم، فطعن عليه أمام محكمة استئناف القاهرة (الدائرة 151 مدنى)، بالاستئناف رقم2181 لسنة 16 قضائية، وقضى فيه بجلسة 11/6/2013، بإلغاء الحكم المستأنف ، وبعدم اختصاص محكمة أول درجة ولائيًّا بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة المختصة لنظرها. ونفاذًا لذلك، قيدت الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى برقم 70535 لسنة 67 قضائية. وإذ ارتأت المحكمة أن عجز نصى الفقرتين الأولى والثانية من المادة (85) من القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن إنشاء نقابة التجاريين أغفلا النص على أحقية الزوج الأرمل في الحصول على معاش نقابة التجاريين المستحق لزوجته المتوفاة، بالمخالفة لأحكام المادتين (11، 53) من الدستور، فقضت بجلسة 10/6/2018، بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نصى هاتين الفقرتين.



وحيث إن المادة (71) من القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن إنشاء نقابة التجاريين، تنص على أن " ينشأ للنقابة صندوق للمعاشات والإعانات يقوم بترتيب معاشات وإعانات وقتية أو دورية طبقًا لأحكام هذا القانون ".

 

وتنص المادة (72) منه على أن " تتكون أموال الصندوق من الموارد الآتية :

1 - ثلاثة أرباع رسوم القيد.

2 - ثلاثة أرباع الإشتراكات السنوية.

3 - .............. 4 - ,............ 11- ....... ".



وتنص المادة (84) من القانون ذاته على أن " لمجلس النقابة الحق في تقدير معاش أو إعانة للعضو إذا توافرت فيه الشروط الآتية :

(أ) أن يكون قد أدى رسوم الاشتراك المستحقة عليه منذ قيده بالجدول ما لم يكن قد أعفى منها بقرار من مجلس النقابة.

(ب) ............... (ج) ...................... (د) .....................

وتحدد اللائحة الداخلية قواعد صرف المعاشات والإعانات في ضوء موارد الصندوق، وذلك دون إخلال بالحقوق المقررة حاليًا لأعضاء نقابة المحاسبين والمراجعين ".



وتنص المادة (85) من هذا القانون – الفقرة الأولى منها مستبدلة بالقانون رقم 124 لسنة 1982 - على أنه " في حالة وفاة العضو يصرف المجلس لأرملته وأولاده القصّر وأبويه إذا كانا عاجزين عن الكسب معاشًا يوازى ثلاثة أرباع المعاش المقرر له.

ويستحق الأرمل أو الأرامل الربع، والأبوان الربع مناصفةً، والأولاد القصر الباقى بنسب متساوية. فإذا لم يكن بين ورثته أحد من هؤلاء قسم ما كان يستحقه على الموجودين منهم بالنسب المتقدمة.

وينتهي معاش كل وارث بوفاته. وتفقد الأرمل حقها في المعاش لزواجها والقصر ببلوغ سن الرشـد أو سن السادسة والعشرين إذا كانوا طلبة بالجامعات أو المعاهد العليا.

كما ينتهي المعاش بزواج الإناث منهم وللجنة الصندوق أن تقرر استمرار صرف المعاش حتى يتبين لها زوال الأسباب التى رتب من أجلها المعاش.

ولمجلس النقابة في الأحوال الاستثنائية أن يقرر معاشًا أو إعانة لأخوة العضو إذا ثبت أنه كان يعولهم، وذلك في حدود نصيب الأبوين وفقًا للقواعد التى تقررها اللائحة الداخلية ".



وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحـة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطـة بها والمطروحة على محكمة الموضـوع، ويستوى في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التى تتحـرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها. ومؤدى ذلك: أن الإحالة من محكمـة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل لازمه أن هذه الدعوى لا تكون مقبولة إلا بقدر انعكاس النص التشريعى المحال على النزاع الموضوعى، فيكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في ذلك النزاع، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النص الذى ثارت بشأنه شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعى، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.



متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع، يدور حول طلب المدعى - في الدعوى الموضوعية - بأحقيته في معاش نقابة التجاريين المستحق له عن زوجته المتوفاة، باعتبارها كانت عضوًا مقيدًا بجداول النقابة، وسددت بانتظام اشتراكات العضوية منذ قيدها بالجدول. وكان نص المادة (85) المحال، قد حجب المعاش المستحق لعضو النقابة عن الزوج الأرمل، ومن ثم فإن حسم المسألة الدستورية المثارة بشأن هذا النص، يضحى مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالنزاع الموضوعى، وبذلك تتوفر المصلحة في الدعوى المعروضة، وينحصر نطاقها فيما تضمنه هذا النص من قصر استحقاق المعاش، على الزوجة الأرملة دون الزوج الأرمل، ولا يستطيل إلى غير ذلك من أحكام وردت به.



وحيث إن حكم الإحالة ينعى على نص المادة (85) من القانون رقم 40 لسنة 1972 المشار إليه، في حدود النطاق المتقدم، إخلاله بمبدأى المساواة بين المرأة والرجل، في الحصول على المعاش المقرر بنقابة التجاريين، والتزام الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، ويتعارض تبعًا لذلك مع أحكام المادتين (11، 53) من الدستور



وحيث إن هذه المناعي سديدة في جوهرها، ذلك أن ما نص عليه الدستور في المادة (8) من قيام المجتمع على أساس التضامن الاجتماعي، يعنى وحدة الجماعة في بنيانها، وتداخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها، واتصال أفرادها ببعض ليكون بعضهم لبعض ظهيرًا، وأن الرعاية التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هى ضرورة اقتصادية، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها في مستقبل أيامهم عند تقاعدهـم أو عجزهم أو مرضهم، وأن تكفل الحقوق المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن الدستور في مجال دعم التأمين الاجتماعي، ناط بالدولة - في المادة (17) منه - كفالة توفير خدمات التأمين الاجتماعي ومد خدماته إلى المواطنين بجميع فئاتهم، ذلك أن مظلة التأمين الاجتماعي هي التى تكفل بمداها واقعًا أفضل يؤمن المواطن في غده، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعي التى يقوم عليها المجتمع.

وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور إذ عهد بنص المادة (128) منه إلى المشرع بصوغ القواعد القانونية التى تتقرر بموجبها على خزانة الدولة مرتبات المواطنين ومعاشاتهم وتعويضاتهم وإعاناتهم ومكافآتهم، على أن ينظم أحوال الاستثناء منها، والجهات التى تتولى تطبيقها، فذلك لتهيئة الظروف التى تفى باحتياجاتهم الضرورية، وتكفل مقوماتها الأساسية التى يتحررون بها من العوز، وينهضون معها بمسئولية حماية أسرهم والارتقاء بمعاشها، بما مؤداه أن التنظيم التشريعى للحقوق التى كفلها المشرع في هذا النطاق يكون مجافيًا أحكام الدستور، منافيًا لمقاصـده إذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها أو يفرغها من مضمونها.



وحيث إن الحق في المعاش، إذا توافر أصل استحقاقه وفقًا للقانون، إنما ينهض التزامًا على الجهة التى تقرر عليها، وهو ما تؤكده قوانين التأمين الاجتماعى، على تعاقبها، إذ يتبين منها أن المعاش الذى تتوافر بالتطبيق لأحكامها شروط اقتضائه عند انتهاء خدمة المؤمن عليه وفقًا للنظم المعمول بها، يعتبر التزامًا مترتبًا بنص القانون في ذمة الجهة المدينة. وإذا كان الدستور قد خطا بمادته السابعة عشرة، خطوة أبعد في اتجاه دعم التأمين الاجتماعى، حين ناط بالدولة، أن تكفل لمواطنيها خدماتهم التأمينية الاجتماعية، بما في ذلك تقرير معاش لمواجهة بطالتهـم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم في الحدود التى يبينها القانون، وأضفى حماية خاصة لأموال التأمينات والمعاشات، بحسبانها، وعوائدها، حقًا للمستفيدين منها، فذلك لأن مظلة التأمين الاجتماعى، التى يمتد نطاقها إلى الأشخاص المشمولين بها، هى التى تكفل لكل مواطن الحد الأدنى لمعيشة كريمة لا تمتهن فيها آدميته، والتى توفر لحريته الشخصية مناخها الملائم، ولضمانة الحق في الحياة أهم روافدها، وللحقوق التى يمليها التضامن بين أفراد الجماعة التى يعيش في محيطها، مقوماتها، بما يؤكد انتماءه إليها. وتلك هـى الأسس الجوهرية التى لا يقوم المجتمع بدونها، والتى تعتبر المادة (8) من الدستور مدخلاً إليها.



وحيث إن تنظيم المهن الحرة، ومنها مهن المحاسبة والمراجعة والتنظيم وإدارة الأعمال والاقتصاد وغيرها ممن يرتبط بمجال نشاط التجاريين، وهى مرافق عامة، مما يدخل في صميم اختصاص الدولة، بوصفها قوامة على المصالح والمرافق العامة، فإذا رأت الدولة أن تتخلى عن هذا الأمر، لأعضاء المهنة أنفسهم، من خلال نقاباتهم، لأنهم أقدر عليه، مع تخويلهم نصيبًا من السلطة العامة يستعينون به على تأدية رسالتهم، مع الاحتفاظ بحقها في الإشراف والرقابة تحقيقًا للصالح العام، فإن مؤدى ذلك أن تقوم نقابات هذه المهن بما تلتزم به الدولة تجاه أعضائها.



وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وتكون تخومًا لا يجوز اقتحامها أو تخطيها. وكان الدستور إذ يعهد بتنظيم موضوع معين إلى السلطة التشريعية، فإن ما تقره من القواعد القانونية بصدده، لا يجوز أن ينال من الحق محل الحماية الدستورية، سواء بالنقـض أو بالانتقاص، ذلك أن إهـدار الحقـوق التى كفلها الدستور أو تهميشها، يمثل عدوانًا على مجالاتها الحيوية التى لا تتنفس إلا من خلالها.



وحيث إن الدساتير المصرية على تعاقبها تكفل للمواطنين جميعهم تساويهم أمام القانون، ضمانًا لتحقيق أغراض بعينها تتمثل أصلاً في صون حقوق المواطنين وحرياتهم، في مواجهة صـور التمييز التى تنال منها هدمًا لمحتواها أو تقييدًا لممارستها. وقد اعتمد الدستور القائم بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأى العدل وتكافؤ الفرص أساسًا لبناء المجتمع وصون وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه، على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأى سبب. وعلى ذلك، فإن التمييز المنهى عنه بموجب المادتين (4، 53) من الدستور، هو الذى يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها، تعكس مشروعيتها، إطارًا للمصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم. وترتيبًا على ذلك، فإنه لا يجوز أن تخل السلطتان التشريعية أو التنفيذية في مجال مباشرتهما لاختصاصاتهما التى نص عليها الدستور، بالحماية المتكافئة للحقوق جميعها، سواء في ذلك تلك التى قررها الدستور أو التى ضمنها المشرع، ومن ثم كان هذا المبدأ عاصمًا من النصوص القانونية التى يقيم بها المشرع تمييزًا غير مبرر، تتنافر به المراكز القانونية التى تتماثل عناصرها، فلا تكون وحدة بنيانها مدخلاً لوحدة تنظيمها، بل تكون القاعدة القانونية التى تحكمها إما مجاوزة باتساعها أوضاع هذه المراكز أو قاصرة بمداها عن استيعابها، ذلك أن صور التمييز المجافية للدستور وإن تعذر حصرهـا، فإن قوامهـا كـل تفرقـة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التى كفلها الدستور أو القانون بما يحول دون مباشرتها على قدم من المساواة الكاملة بين المؤهلين قانونًا للانتفاع بها. وكان التكافؤ في المراكز القانونية بين المشمولين بنظم التأمين الاجتماعى المختلفة يقتضى معاملتهم معاملة قانونية متكافئة.



وحيث إن المشرع، قد أنشأ بموجب أحكام القانون رقم 40 لسنة 1972 المشار إليه، صندوقًا للمعاشات والإعانات، لأعضاء نقابة التجاريين، ولورثتهم، يقوم بترتيب معاشات لهم، تحقيقًا للتكافل بين سائر أعضاء النقابة، لمواجهة الأخطار الاجتماعية، التى قـد يتعـرض لها أى منهم، محددًا إيّاها بالتقاعـد، أو الوفاة، أو العجز الصحى، وذلك لضمان دخل بديل لعضو النقابة، أو ورثته، بحسب الأحوال، عند تحقق أى من هذه الأخطار، فلا يترك، أو يتركـون فريسة في مواجهتها. وأضحى لهذا التأمين، بهذه المثابة، وظيفة اجتماعية، تتمثل في درء الخطـر عـن الأعضاء أو ورثتهم، ويقوم على اعتبار اجتماعى، مبناه التضامن بينهم لكونهم تجمعهم ظروف متشابهة، ويتعرضون للأخطار ذاتها. والاشتراك فيه يشمل جميع التجاريين، ويتم تغطيته عن طريق ثلاثة أرباع الاشتراكات التى يؤديها المستفيدون منه سنويًّا، على النحو المتبع في الغالبية العظمى من نظم التأمين، وعن طريق موارد أخرى، نصت عليها المادة (72) من قانون نقابة التجاريين المشار إليه، من بينها رسوم قيد الأعضاء، واشتراكات الأعضاء، وبعض الرسوم التى تحصل عند توافر موجباتها، وهى موارد ارتأى المشرع توجيهها لتحقيق الوظيفة الاجتماعية السالفة البيان، بإدراجها كموارد رئيسة للصندوق القائم على تحقيقها، محددًا حالات الخطر التى يضطلع الصندوق، تحقيقًا لوظيفته الاجتماعية، بدرئها.



متى كان ما تقدم، وكان نص المادة (85) من القانون رقم 40 لسنة 1972 المشار إليه – في النطاق السالف تحديده – قد مايز بين الزوجة أرملة عضو نقابـة التجاريين، والزوج أرمـل عضـوة النقابة، في استحقـاق المعاش، بأن اختص الأولى بصرف المعاش المستحق عن زوجها، وحرم الثانى من هذا الحق، متبنيًا بذلك تمييزًا في المعاملة التأمينية على أساس الجنس، دون أن يستند في ذلك إلى أسس موضوعية أو ضرورة جوهرية، حال أن الخطر المؤمن ضده قائم في شأنهما، ويتوافر لهما شرائط استحقاق المعاش، واتحادهما في المركز القانونى، فزوج كل منهما كان عضوًا بالنقابة، وقام بالوفاء بالالتزامات المالية المقررة لصالح صندوق معاشات النقابة، الأمر الذى كان يلزم ضمانًا للتكافؤ في الحقوق التأمينية بينهما أن تنتظمها قواعد قانونية موحدة، لا تقيم في مجال تطبيقها تمييزًا بين المخاطبين بها. ومن ثم، يكون النص التشريعى المحال قد انطوى على تمييز تحكمى جائر، بما يناقض مبدأ المساواة، بالمخالفة لنص المادتين (4، 53) من الدستور.



وحيث إن النص المحال – محددًا نطاقًا على النحو المتقدم بيانه – قد نال من الحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية الخاصة - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – التى تمتد إلى كل حق ذى قيمة مالية، سواء أكان هذا الحق شخصيًّا أم عينيًّا، أم كان من حقوق الملكية الفنية أو الأدبية أو الصناعية، وهو ما يعنى اتساعها للأموال بوجه عام، ذلك أن النص المحال قد انتقص - دون مقتض - من الحقوق التي تثرى الجانب الإيجابى للذمة المالية للزوج الأرمل، ومن ثم، فإنه يكون قد انطوى على عدوان على الملكية الخاصة بالمخالفة للمادة (35) من الدستور، فضلاً عن إهداره لمبدأ التضامن الاجتماعى ، الذى تغياه المشرع من إنشاء صندوق للمعاشات والإعانات لأعضاء نقابة التجاريين وأفراد أسرهم، بحرمان الأرمل من معاش زوجته عضو النقابة.



وترتيبًا على ما تقدم، وكان النص المحال قد تجاوز الضوابط الدستورية المقررة، على ما سبق بيانه، وأخل بمبادئ التضامن الاجتماعى وتوفير خدمات التأمين الاجتماعى، والحق في المعاش والملكية الخاصة، والحق في مساواة المواطنين أمام القانون، بالمخالفة لأحكام المواد (4 و8 و11 و17 ، 35، 53 ، 128) من الدستور، بما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.



فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة : بعدم دستورية نص المادة (85) من القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن إنشاء نقابة التجاريين، فيما تضمنه من قصر استحقاق المعاش المستحق لعضو النقابة على الزوجة الأرملة، دون الزوج الأرمل.