جلسة 27 من ديسمبر سنة 2016
(119)
الطعن رقم 35068 لسنة84 القضائية
(1) دعوى جنائية " انقضاؤها بالوفاة "
.
وفاة الطاعن . يوجب القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية .
أساس ذلك ؟
(2) نيابة عامة .
دعوى جنائية " تحريكها " . استيلاء على أموال أميرية . إضرار عمدي .
قانون " تفسيره " . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى
الجنائية ومباشرتها لا يرد قيد عليه إلَّا استثناءً بموجب نص .
القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى
الجنائية . قصره على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الطلب دون سواها ولو
كانت مرتبطة بها .
المادة 131 من القانون 88 لسنة 2003 بشأن إصدار
قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد . مفادها ؟
جريمتي الاستيلاء على مال عام والإضرار العمدي
بأموال هيئة التأمين الصحي لم يرد في القانون بشأنهما قيد على حرية النيابة العامة
في رفع الدعوى الجنائية واتخاذ إجراءات التحقيق فيهما .
(3) استيلاء على
أموال أميرية . جريمة " أركانها " . قانون " تفسيره " . قصد
جنائي .
جريمة الاستيلاء المنصوص عليها بالمادة 113 عقوبات .
مناط تحققها ؟
إثبات جريمة الاستيلاء على المال العام . لا يشترط فيه
طريقة خاصة . كفاية اقتناع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها . مهما كانت قيمة المال .
تحدث الحكم
استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جناية الاستيلاء . غير لازم . حد ذلك ؟
(4) غرامة . عقوبة " العقوبة التكميلية "
. نقض " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه".
عقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 118
عقوبات . ماهيتها ؟
قضاء الحكم المطعون فيه
بتغريم الطاعن بأقل من المبلغ المستولى عليه . خطأ لا تملك محكمة النقض تصحيحه .
علة ذلك ؟
(5) رد . عقوبة " تطبيقها ". استيلاء على أموال
أميرية .
جزاء
الرد المنصوص عليه في المادة 118 عقوبات . ماهيته ؟
جزاء
الرد يوقع بمقدار ما اختلسه المتهم دون حساب الغرامات والفوائد . أثر ذلك؟
(6) إضرار
عمدي . جريمة "
أركانها " . محكمة
النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
جريمة الإضرار العمدي بالأموال والمصالح المنصوص عليها
بالمادة 116 مكرراً عقوبات . مناط
تحققها ؟
مثال لحكم صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمتي الاستيلاء علي مال العام والإضرار العمدي بأموال
هيئة التأمين الصحي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان البيّن من الأوراق أن المتهم .... توفى بتاريخ .... من .... سنة ... ، ومن
ثم فإنه يتعين القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاته عملاً بالمادة 14 من قانون
الإجراءات الجنائية .
2- لما كان الدفع بعدم قبول الدعوى لتحريكها قبل الحصول على طلب من محافظ
البنك المركزي أو رئيس الوزراء ، فإنه لما كان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى
من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى
الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه قيد
إلَّا باستثناء من نص الشارع ، وكان من المقرر أن القيد الوارد على حرية النيابة
العامة في تحريك الدعوى الجنائية إنما هو استثناء ينبغي عدم التوسع في تفسيره
وقصره في أضيق نطاق على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الطلب دون سواها
ولو كانت مرتبطة بها ، وكان نص المادة 131 من القانون رقم 88 لسنة 2003 بشأن إصدار
قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 15
من يونيه سنة 2003 والمعمول به من اليوم التالي لانقضاء ثلاثين يوماً من تاريخ
نشره قد جرى على أنه " لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء من
إجراءات التحقيق في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون والقرارات الصادرة
تنفيذاً له ، وفي المادتين 116 مكرراً ، 116 مكرراً (أ) من قانون العقوبات في نطاق
تطبيق أحكام هذا القانون ، إلَّا بناء على طلب من محافظ البنك المركزي أو طلب من
رئيس مجلس الوزراء " بما مفاده أن الشارع قيد حرية النيابة العامة في التحقيق
في الجرائم المنصوص عليها في القانون بادي الذكر والقرارات الصادر تنفيذاً له
وجريمتي الإضرار العمدي والإضرار بإهمال الواقعتين على إحدى الجهات المخاطبة
بأحكام القانون المذكور – دون غيرهما من الجهات الأخرى التي تعتبر أموالها أموالاً
عامة – بوجود طلب من محافظ البنك المركزي أو رئيس الوزراء . لما كان ذلك ، كانت
جريمتي الاستيلاء على مال عام والإضرار العمدى بأموال هيئة التأمين الصحي –
وهى ليست من المخاطبين بأحكام القانون 88 لسنة 2003 - ليست من بين
الجرائم المنصوص عليها في المادة . سالفة الذكر ، ولم يرد في القانون
قيد على حرية النيابة في رفع الدعوى الجنائية واتخاذ إجراءات التحقيق فيهما ، فإن
ما يثيره المتهم في هذا الخصوص يكون على غير سند من القانون حرياً بالرفض .
3- من المقرر أن جريمة الاستيلاء المنصوص عليها في المادة 113 من
قانون العقوبات تتحقق أركانها متى استولى الموظف العام أو من في حكمه بغير حق على
مال للدولة أو لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 من ذات القانون ، ولو لم
يكن هذا المال في حيازته أو لم يكن من العاملين بالجهة التي قام بالاستيلاء على
مالها ، وذلك بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وإضاعته على ربه ،
وكان من المقرر أنه لا يشترط لإثبات جريمة الاستيلاء على المال العام المنصوص
عليها في الباب الرابع من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ،
بل يكفى كما هو الشأن في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة
تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم
استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جناية الاستيلاء بل يكفى أن يكون الحكم فيما
أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه . لما كان ذلك ، وكان الثابت على نحو ما
سلف بيانه بأدلة الثبوت أن المتهم وباقي المتهمين الموظفين العموميين استولوا بغير
حق على مال مملوك لبنك .... والذي تعتبر أمواله أموالاً عامة بالحصول على قرض من
البنك بطريق المرابحات الإسلامية لشراء سلع معمرة للعاملين بهيئة .... بيد أنهم
احتفظوا بمبلغ القرض لأنفسهم ولم يقوموا بشراء السلع أو إقامة أية معارض لبيع تلك السلع وهو ما
ينبئ عن نيتهم بداءة في إضافة المال إلى ملكهم ويوفر في حقهم الجريمة بركنيها المادي والمعنوي ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن
عدم انطباق القيد والوصف بالنسبة لجريمة الاستيلاء أو عدم ارتكابه الجريمة لا يكون
له محل ويتعين رفضه .
4- لما كانت عقوبة الغرامة فإن المستفاد من نص المادة 118 من قانون العقوبات أنه يحكم
على الجاني في جريمة الاستيلاء على المال العام فضلاً عن العقوبات المقررة للجريمة
بغرامة مساوية لقيمة ما استولى عليه على ألَّا تقل عن خمسمائة جنيه ، وكان المال
الذي استولى عليه المتهم والمتهمين الآخرين ، وأخرجه البنك محدداً على وجه القطع
منذ وقوع الجريمة وهو مبلغ القرض البالغ 524558,03 جنيه ولا يدخل فيه فوائد تأخير
سداده أو غرامات تأخير سداده أو غيرهما مما لم يكن موجوداً ، إذ لا كيان له ولا
يدخل فيه ولا يعتبر منه ولم يلحقه انتزاع . ومن ثم فإنه كان يتعين تغريم المتهم
مثل هذا المبلغ ، بيد أنه لما كان الحكم المنقوض قد قضى بتغريمه مبلغ 445076,29
جنيه ، فإن هذه المحكمة لا تملك أن تقضى بتغريم المتهم أكثر من ذلك المبلغ عملاً
بقاعدة عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه .
5- من المقرر أن جزاء الرد المنصوص عليه في المادة 118 من قانون العقوبات
وإن كان في ظاهرة يتضمن معنى الرد إلَّا أنه في حقيقته لم يشرع للعقاب أو الزجر
إنما قصد به إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الجريمة وتعويض الدولة عن مالها
الذي أضاعه المتهم عليها ، وهذا الجزاء يوقع بمقدار ما اختلسه المتهم أو حصل عليه
ولا يدخل في حسابه الفوائد والغرامات ويدور مع موجبه وجودا وعدما ، وكان الثابت
على نحو ما تقدم أن مقدار المبلغ المستولى عليه هو 524558,03 جنيه ، وأنه قد تم
سداد مبلغ 221112,38 جنيه ، ومن ثم فإن المحكمة تقضى بإلزام المتهم برد مبلغ
303445,65 جنيه فقط .
6- من المقرر أن جناية الإضرار العمدي المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً
من قانون العقوبات لا تتحقق إلَّا بتوافر أركان ثلاثة الأول صفة الجاني وهى أن
يكون موظفاً عمومياً أو من في حكمه بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من ذات
القانون والثاني الإضرار بالأموال والمصالح المعهودة إلى الموظف ولو لم يترتب على
الجريمة أي نفع شخصي له والثالث القصد الجنائي وهو اتجاه إرادة الجاني إلى الإضرار
بالمال أو المصلحة ، ويشترط في الضرر كركن لازم لقيام هذه الجريمة أن يكون محققاً
أي حالاً ومؤكداً ، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد التزام الهيئة التي يتبعها المتهم أو أي من العاملين بها – عدا المتهمين – بسداد قيمة
القرض المستولى عليه أو حصول ثمة ضرر
محقق بتلك الجهة ، ومن ثم فإن أركان تلك الجريمة لا تكون متوافره فـي حق المتهم ويتعين تبعاً لذلك الحكم ببراءته منها عملاً بالمادة 304/1 من
قانون الإجراءات الجنائية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر
بأنهم :
أولاً: بصفتهما
موظفين عموميين الأول مدير الشئون المالية والإدارية بإدارة طلاب المدارس بهيئة
التأمين الصحي ـبــــ .... والثاني مدير الشئون المالية والإدارية بهيئة التأمين
الصحي بـــ .... "استولوا بغير حق على مبلغ مالي قدره 666188 جنيهاً والمملوك
لبنك .... فرع .... وذلك بأن قام المتهم الثالث بتفويض المتهم الأول والثاني
لإنهاء إجراءات قرض سلع معمرة من البنك المجني عليه فقام المتهمان الأول والثاني
بتحرير كشوف بأسماء العاملين بالجهة التابعين لها وقدموها للبنك بغرض الحصول على
القرض وتم الحصول على القرض ولم يقم أي منهم بتسليم السلع للعاملين المدون أسماؤهم
بالكشوف واستولوا عليها لأنفسهم .
ثانياً: بصفتهم السابقة
أضروا عمداً بمصلحة الجهة العاملين بها .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات ....
لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
المحكمة قضت
عملاً بالمواد 113/1 ، 116 مكرراً/1 ، 118 ، 118 مكرراً ، 119 ، 119 مكرراً من
قانون العقوبات ، مع إعمال مقتضى نص
المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين حضورياً للأول والثاني وغيابياً
للثالث بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وبرد 445076,29 جنيهاً
وبتغريمهم مبلغاً مساوياً له وبعزلهم من وظيفتهم وألزمتهم المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم
بطريق النقض .
ومحكمة النقض قضت بنقض الحكم المطعون
فيه والإعادة .
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت
حضورياً بمعاقبة كلٍ من .... و.... بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وبرد مبلغ 445076,29 جنيه وعزل كل منهما من وظيفته
.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق
النقض للمرة الثانية .
ومحكمة النقض قضت بقبول طعن
.... شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة له وللطاعن الذي لم يقبل
طعنه شكلاً وتحديد جلسة .... لنظر الموضوع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث
إن البيّن من الأوراق أن المتهم .... توفى بتاريخ .... من .... سنة .... ، ومن ثم فإنه يتعين القضاء بانقضاء الدعوى
الجنائية بوفاته ، عملاً بالمادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية .
وحيث إن واقعات الدعوى كما استقرت في يقين المحكمة ووجدانها أخذً بما
تضمنته الأوراق والتحقيقات التي تمت فيها وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في
أنه في غضون عام .... اتجهت إرادة المتهم الأول / .... مدير الشئون المالية
والإدارية بإدارة طلاب المدارس بهيئة التأمين الصحي بــــ .... وآخر – سبق الحكم
عليه – وكان يعمل مدير الشئون المالية والإدارية بهيئة التأمين الصحي بــ ....
وثالث – قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاته – ويعمل مدير الشئون المالية
والإدارية بالمنطقة بالهيئة العامة للتأمين الصحي بـ .... إلى الاستيلاء بغير حق
على أموال بنك .... فرع .... بـــ .... والتي تعتبر أمواله أموالاً عامة ، فأصدر
الثالث إلى باقي المتهمين تفويضاً للحصول على قرض من البنك لشراء سلع معمرة لصالح
العاملين بالهيئة ، وقام المتهمون المذكورون بتحرير كشوف بأسماء بعض العاملين
بالهيئة ومرابحات وهمية لشراء سلع معمرة وقدموها مع التفويض إلى البنك المجنى عليه
وحصلوا على قرض مقداره524558,03 جنيه للغرض السالف بيانه بيد أن المتهمين لم
يقيموا أية معارض ولم يشتروا أية سلع لصالح العاملين واستولوا بغير حق على مبلغ
القرض لأنفسهم وترصد في ذمتهم مبلغ 445076,29 جنيه شاملة الفوائد البالغ مقدارها
141630,64 جنيه بعد سدادهم مبلغ 221112,38 جنيه .
وحيث إن الواقعة على النحو السالف ذكره قد قام الدليل على صحتها وثبوتها في
حق المتهم مما شهد به كل من .... و.... و.... الخبراء بمكتب خبراء وزارة العدل
بــــ .... و.... رئيس شئون العاملين بالهيئة العامة للتأمين الصحي .... والنقيب
.... رئيس مباحث الأموال العامة بمديرية أمن .... ومن تقرير مكتب خبراء وزارة
العدل بـــــ .... .
فشهد ..... بأنه بفحص أعمال المتهمين تبين أن المتهم الثالث أصدر تفويضاً لباقي
المتهمين للحصول على قرض لشراء سلع معمرة للعاملين بالهيئة فقام هذان المتهمان
بإعداد كشوف بأسماء العاملين بالهيئة وحصلوا على قرض بنظام المرابحات الإسلامية
بيد أنهما لم يقوما بشراء سلع ولم يسلما العاملين أية سلع أو مبالغ مالية واستولى
المتهمون على قيمة القرض لأنفسهم بغير حق .
وشهد كلُ من .... و....
بمضمون ما شهد به الشاهد السابق ، وشهدت .... بمضمون ما شهد به الشهود
السابقون وأضافت أن أياً من العاملين بالهيئة الواردة أسماؤهم بالكشوف لم يحصل على سلع معمره ولم يتم إقامة أية معارض لبيع تلك السلع لصالح العاملين .
وشهد النقيب .... بأن تحرياته دلت على صحة الواقعة على نحو ما رواه شهود
الإثبات سالفي الذكر.
وثبت من تقرير مكتب خبراء وزارة العدل بــ .... بأن المتهم الأول وآخر سبق
الحكم عليه بصفتهما موظفين عموميين حصلا على خمس مرابحات من بنك .... فرع ....
للمعاملات الإسلامية بأسماء العاملين بهيئة التأمين الصحي – فرع .... – بناء على
تفويض من ثالث بصفته خلال الفترة من .... وحتى .... من ذات العام بقيمة 524558,03
جنيه بفائدة 27% لصالح البنك تقدر بمبلغ 141630,64 جنيه وسددوا مبلغ 221112,38
جنيه وترصد في ذمتهم مبلغ 445076,29 جنيه ، وأن الهيئة لم تتخذ أية إجراءات منح
قروض للعاملين بها عن طريق شئون العاملين خلال الفترة المذكورة أو أية فترات أخرى
، كما لم تقم بخصم أية مبالغ من رواتب العاملين المدرجة أسماؤهم بكشوف القرض.
وحيث إن المتهم أنكر ما أسند إليه بتحقيقات النيابة العامة ومثل بالجلسة
واعتصم بالإنكار وحضر معه محامٍ دفع بعدم قبول الدعوى لتحريكها دون طلب من محافظ
البنك المركزي أو رئيس الوزراء عملا بنص المادة 131 من القانون رقم 88 لسنة 2003 ،
وبعدم انطباق القيد والوصف على الواقعة وأنها لا تعدو أن تكن جنحة وطلب البراءة
تأسيساً على أن دوره اقتصر على مجرد إصدار تفويض لباقي المتهمين لمباشرة إجراءات
القرض .
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لتحريكها قبل الحصول على طلب من محافظ
البنك المركزي أو رئيس الوزراء ، فإنه لما كان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى
من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى
الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه قيد
إلَّا باستثناء من نص الشارع ، وكان من المقرر أن القيد الوارد على حرية النيابة
العامة في تحريك الدعوى الجنائية إنما هو استثناء ينبغي عدم التوسع في تفسيره
وقصره في أضيق نطاق على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الطلب دون سواها
ولو كانت مرتبطة بها ، وكان نص المادة 131 من القانون رقم 88 لسنة 2003 بشأن إصدار
قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 15
من يونيه سنة 2003 والمعمول به من اليوم التالي لانقضاء ثلاثين يوماً من تاريخ
نشره قد جرى على أنه " لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء من
إجراءات التحقيق في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون والقرارات الصادرة
تنفيذاً له ، وفى المادتين 116 مكررا ، 116مكرر(أ) من قانون العقوبات في نطاق
تطبيق أحكام هذا القانون ، إلَّا بناء على طلب من محافظ البنك المركزي أو طلب من
رئيس مجلس الوزراء " ، بما مفاده أن الشارع قيد حرية النيابة العامة في
التحقيق في الجرائم المنصوص عليها في القانون بادي الذكر والقرارات الصادر تنفيذاً
له وجريمتي الإضرار العمدى والإضرار بإهمال الواقعتين على احدى الجهات المخاطبة
بأحكام القانون المذكور – دون غيرهما من الجهات الأخرى التي تعتبر أموالها أموالاً
عامة – بوجود طلب من محافظ البنك المركزي أو رئيس الوزراء . لما كان ذلك ، وكانت
جريمتا الاستيلاء على مال عام والإضرار العمدى بأموال هيئة التأمين الصحي – وهى
ليست من المخاطبين بأحكام القانون 88 لسنة 2003 - ليست من بين الجرائم المنصوص
عليها في المادة سالفة الذكر ولم يرد في القانون قيد على حرية النيابة في رفع
الدعوى الجنائية واتخاذ إجراءات التحقيق فيهما فإن ما يثيره المتهم في هذا الخصوص
يكون على غير سند من القانون حرياً بالرفض .
لما كان من المقرر أن جريمة الاستيلاء المنصوص عليها في المادة 113 من
قانون العقوبات تتحقق أركانها متى استولى الموظف العام أو من في حكمه بغير حق على
مال للدولة أو لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 من ذات القانون ، ولو لم
يكن هذا المال في حيازته أو لم يكن من العاملين بالجهة التي قام بالاستيلاء على
مالها ، وذلك بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وإضاعته على ربه ،
وكان من المقرر أنه لا يشترط لإثبات جريمة الاستيلاء على المال العام المنصوص
عليها في الباب الرابع من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ،
بل يكفى كما هو الشأن في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة – كما هو الحال
في الدعوى المطروحة – بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما
كانت قيمة المال موضوع الجريمة ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر
القصد الجنائي في جناية الاستيلاء بل يكفى أن يكون الحكم فيما أورده من وقائع
وظروف ما يدل على قيامه . لما كان ذلك ، وكان الثابت على نحو ما سلف بيانه بأدلة
الثبوت أن المتهم وباقي المتهمين الموظفين العموميين استولوا بغير حق على مال
مملوك لبنك .... والذي تعتبر أمواله أموالاً عامة بالحصول على قرض من البنك بطريق
المرابحات الإسلامية لشراء سلع معمرة للعاملين بهيئة التأمين الصحي بيد أنهم
احتفظوا بمبلغ القرض لأنفسهم ولم يقوموا بشراء السلع أو إقامة أية معارض لبيع تلك
السلع وهو ما ينبئ عن نيتهم بداءة في إضافة المال إلى ملكهم ويوفر في حقهم الجريمة
بركنيها المادي والمعنوي ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم انطباق القيد
والوصف بالنسبة لجريمة الاستيلاء أو عدم ارتكابه الجريمة لا يكون له محل ويتعين
رفضه .
وحيث إنه وبالبناء على ما تقدم، فإنه يكون قد ثبت لدى المحكمة أن المتهم /
...:
في غضون عام .... بدائرة قسم شرطة .... : بصفته موظفاً عاماً " مدير
الشئون المالية والإدارية بإدارة طلاب المدارس بالهيئة العامة للتأمين الصحي بــــ
.... " استولى – وآخرون – بغير حق على مبلغ 524558,03 جنيه المملوك لبنك ....
فرع .... بأن قام المتهم / .... – المقضي بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاته – بإصدار
تفويض له وللمتهم الآخر – السابق الحكم عليه – لإنهاء إجراءات الحصول على قرض من
البنك المجني عليه لشراء سلع معمرة للعاملين بهيئة التأمين الصحي بـ .... وقام
المتهمان الأخيران بتحرير كشوف بأسماء بعض العاملين بالهيئة التي يعملان بها
وقدموها إلى البنك وحصلا على مبلغ القرض واستولوا جميعاً على ذلك المبلغ ولم
يشتروا أية سلع لصالح العاملين أو يسلموا أياً منهم ما يخصه من مبلغ القرض. ومن ثم
فإنه يتعين إدانته عملاً بالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية ومعاقبته
بالمواد 113/1 ، 118 ، 118مكرراً ، 119، 199 مكرراً من قانون العقوبات ، مع إعمال
حكم المادتين 17 ، 27 من القانون ذاته .
وحيث إنه عن عقوبة الغرامة ، فإنه لما كان المستفاد من نص المادة 118 من
قانون العقوبات أنه يحكم على الجاني في جريمة الاستيلاء على المال العام فضلاً عن
العقوبات المقررة للجريمة بغرامة مساوية لقيمة ما استولى عليه على ألَّا تقل عن
خمسمائة جنيه ، وكان المال الذي استولى عليه المتهم والمتهمين الآخرين ، وأخرجه
البنك محدداً على وجه القطع منذ وقوع الجريمة وهو مبلغ القرض البالغ 524558,03
جنيه ولا يدخل فيه فوائد تأخير سداده أو غرامات تأخير سداده أو غيرهما مما لم يكن
موجوداً ، إذ لا كيان له ولا يدخل فيه ولا يعتبر منه ولم يلحقه انتزاع ، ومن ثم
فإنه كان يتعين تغريم المتهم مثل هذا المبلغ بيد أنه لما كان الحكم المنقوض قد قضى
بتغريمه مبلغ 445076,29 جنيه ، فإن هذه المحكمة لا تملك أن تقضى بتغريم المتهم
أكثر من ذلك المبلغ عملاً بقاعدة عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه .
وحيث إنه عن جزاء الرد ، فإنه لما كان من المقرر أن جزاء الرد المنصوص عليه
في المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان في ظاهرة يتضمن معنى الرد إلَّا أنه في حقيقته
لم يشرع للعقاب أو الزجر إنما قصد به إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الجريمة
وتعويض الدولة عن مالها الذي أضاعه المتهم عليها ، وهذا الجزاء
يوقع بمقدار ما اختلسه المتهم أو حصل عليه ولا يدخل في حسابه الفوائد
والغرامات ويدور مع موجبه وجودا وعدما ، وكان الثابت على نحو ما تقدم أن مقدار
المبلغ المستولى عليه هو 524558,03 جنيه ، وأنه قد تم سداد مبلغ 221112,38 جنيه ،
ومن ثم فإن المحكمة تقضى بإلزام المتهم برد مبلغ 303445,65 جنيه فقط.
وحيث إنه عن جريمة الإضرار العمدي بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها
المتهم ، فإنه لما كان من المقرر أن جناية الإضرار العمدى المنصوص عليها في المادة
116 مكرراً من قانون العقوبات لا تتحقق إلَّا بتوافر أركان ثلاثة الأول صفة الجاني
وهى أن يكون موظفاً عمومياً أو من في حكمه بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من
ذات القانون والثاني الإضرار بالأموال والمصالح المعهودة إلى الموظف ولو لم يترتب
على الجريمة أي نفع شخصي له والثالث القصد الجنائي وهو اتجاه إرادة الجاني إلى
الإضرار بالمال أو المصلحة ، ويشترط في الضرر كركن لازم لقيام هذه الجريمة أن يكون
محققاً أي حالاً ومؤكداً ، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد التزام الهيئة التي
يتبعها المتهم أو أي من العاملين بها – عدا المتهمين – بسداد قيمة القرض المستولى
عليه أو حصول ثمة ضرر محقق بتلك الجهة ، ومن ثم فإن أركان تلك الجريمة لا تكون
متوافره في حق المتهم ويتعين تبعاً لذلك الحكم ببراءته منها عملاً بالمادة 304/ 1
من قانون الإجراءات الجنائية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ