الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 15 أكتوبر 2020

الطعن 830 لسنة 47 ق جلسة 26 / 12 / 1977 مكتب فني 28 ق 221 ص 1085

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار/ محمد عادل مرزوق - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الواحد الديب، ومحمد صلاح الدين الرشيدي، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد يونس ثابت.

----------------

(221)
الطعن رقم 830 لسنة 47 القضائية

(1) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. منها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". تزوير. "الادعاء بالتزوير". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل من الأسباب". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الجدل في الدليل. استقلال محكمة الموضوع به. عدم جواز إثارته. أمام محكمة النقض.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته. عدم التزامه بطريق معين في الإثبات إلا إذا استوجب القانون ذلك.
( 4، 5) نقض. "الصفة في الطعن والمصلحة فيه". "الحكم في الطعن". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقوبة. "تطبيقها". وقف تنفيذ. محكمة الإعادة.
 (4)قاعدة عدم جواز إضارة الطاعن بطعنه. اقتصارها على العقوبة المحكوم بها والتعويض المقضي به. فلا يجوز الحكم بعقوبة أشد أو تعويض أزيد. مما ورد بالحكم المطعون فيه.
 (5)طعن المتهم في الحكم القاضي بالحبس مع وقف التنفيذ. نقض هذا الحكم والإحالة. قضاء محكمة الإحالة بالحبس مع وقف التنفيذ من تاريخ صدور الحكم الأخير لا يضر بمركز المتهم.
 (6)نقض "أثر الطعن". وقف تنفيذ. إثبات. "قوة الأمر المقضي". محكمة الإعادة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اعتبار الحكم الصادر بالعقوبة كأن لم يكن عند إيقاف التنفيذ رهن بصيرورته نهائياً.
وأن تكون مدة الإيقاف قد انقضت. نقض الحكم يعيد الدعوى إلى حالتها الأولى ويهدر الحكم المنقوض.

--------------
1 - لما كان من المقرر أن الأدلة من المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة من اكتمال اقتناع للمحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
2 - لما كان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى توافر علم الطاعن بتزوير المخالصة المستمد إليه استعمالها، وكان الطاعن لا يماري في أن ما أورده الحكم من أدلة لها مأخذها الصحيح في الأوراق، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى مما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض.
3 - لما كان من المقرر وفق المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية أن القاضي الجنائي يحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حرية مما يطرح أمامه في الجلسة دون إلزام عليه بطريق معين في الإثبات إلا إذا استوجبه القانون أو حظر عليه طريقاً معيناً في الإثبات. وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في إثبات تزوير السند موضوع جريمة الاستعمال إلى ما انتهى إليه تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير المرفق بأوراق الدعوى المدنية المضمومة - من أن الكاتب للتوقيع المنسوب صدوره إلى المدعية بالحقوق المدنية شخص آخر غيرها، فإن ادعاء الطاعن بأن الحكم المطعون فيه أحال في ذلك إلى الحكم الصادر في الدعوى المدنية يكون غير صحيح.
4 - إن قاعدة عدم جواز إضرار الطاعن بطعنه لا تتعدى العقوبة المحكوم بها عليه أو التعويض المقضي بإلزامه به، بحيث لا يجوز الحكم بعقوبة أشد من العقوبة التي قضى بها الحكم السابق، كما لا يجوز للمحكمة أن تتجاوز في تقدير التعويض الناشئ عن الجريمة المبلغ الذي كان قد قدر في الحكم المنقوض.
5 - إن وقف تنفيذ العقوبة أو شموله لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم أمر يتعلق بتقدير العقوبة، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يتعدَ العقوبة التي قضى بها الحكم الذي سبق نقضه بناءً على طعن المتهم وحده وأمر بإيقاف تنفيذ هذه العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم صدوره، فإنه لا يعتبر قد سوأ مركز الطاعن.
6 - الأصل طبقاً لنص المادة 56 من قانون العقوبات أن مدة إيقاف تنفيذ العقوبة لا تبدأ إلا من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائياً، وكان من المقرر أن نقض الحكم يعيد الدعوى أمام محكمة الإعادة إلى حالتها الأولى قبل صدوره فيصبح الحكم المنقوض لا وجود له ويضحى الحكم الصادر بالعقوبة غير نهائي، ولما كان مناط اعتبار الحكم الصادر بالعقوبة كأن لم يكن وفقاً لنص المادة 59 من قانون العقوبات مشروطاً بأن يكون الحكم الصادر بالعقوبة نهائياً وأن تكون مدة الإيقاف قد انقضت ولم يصدر من خلالها حكم بإلغاء الإيقاف، وكان الشرط الأول متخلفاً في خصوص الدعوى، ذلك بأن الحكم الاستئنافي المنقوض صار معدوماً من بعد نقضه ولم يصبح الحكم الصادر بالعقوبة نهائياً إلا بصدور الحكم المطعون فيه بتأييده من محكمة الإعادة، ومن ثم فإن الحكم الأخير إذ جعل بداية مدة إيقاف تنفيذ العقوبة من تاريخ صدوره يكون قد التزم صحيح القانون.


الوقائع

أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بالطريق المباشر أمام محكمة جنح الدرب الأحمر الجزئية ضد الطاعن بوصف أنه ارتكب تزويراً في محرر عرفي بأن اصطنع مخالصة نسب صدورها إليها واستعمل هذه الورقة المزورة وهو عالم بتزويرها على نحو ما أوضحته بصحيفة الدعوى وطلبت معاقبته بالمادة 215 من قانون العقوبات. وإلزامه أن يدفع لها مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. مع المصاريف والأتعاب. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادة الاتهام. (أولاً) بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية بالنسبة لجريمة التزوير المسندة للمتهم وألزمت المدعية بالحقوق المدنية والمصاريف المدنية عن هذا الشق. (ثانياً) بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ بالنسبة لتهمة الاستعمال المنسوبة إليه وإلزامه أن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية. فاستأنف المحكوم عليه. ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض، وقضي في معارضته بقبولها شكلاً. وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضي بها في الدعوى الجنائية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم وتأييده فيما عدا ذلك. فطعن الأستاذ ..... المحامي عن ..... بصفتها وكيلة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن بجدول المحكمة برقم 1569 سنة 45 القضائية وقضي فيه بتاريخ 25 يناير سنة 1976 بقبوله شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. أعيدت الدعوى ثانية إلى المحكمة المشار إليها وقضت فيها حضورياً بتاريخ 11 مايو سنة 1977 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتأييد الحكم الابتدائي بكافة مشتملاته وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات من تاريخ الحكم. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة استعمال محرر عرفي مزور مع العلم بتزويره، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في القانون، ذلك بأن الحكم استند في إثبات توافر علم الطاعن بتزوير المحرر المعزو إليه استعماله - إلى شواهد وأمارات لا تؤدي إلى ما رتبه عليها، كما اعتمد في إثبات تزوير هذا المحرر على الحكم الصادر في الدعوى المدنية المقدم فيها. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه أخل بقاعدة عدم إضرار الطاعن بطعنه إذ أمر بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات من تاريخ صدوره في حين أنه بانقضاء مدة الإيقاف محسوبة من تاريخ صدور الحكم الاستئنافي الأول المشمول بالإيقاف والمنقوض بناءً على طعن الطاعن وحده كان يوجب اعتبار الحكم الصادر عليه بالعقوبة كأن لم يكن إعمالاً للمادة 59 من قانون العقوبات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة استعمال محرر عرفي مزور التي دان الطاعن بها وأورد أدلة الثبوت السابقة عليها مستظهراً علمه بتزوير الورقة وتوافر القصد الجنائي لديه في قوله: "إن الظاهر البين من الاطلاع على المخالصة موضوع الجريمة أن التوقيع المزور المنسوب إلى المدعية بالحق المدني رغم ضخامة المبلغ والقضايا التي تشملها لم يوضع في المكان الصحيح له تحت كلمة المقر بما فيه، وأن المخالصة رغم أهميتها لم تتضمن توقيع أي شاهد إطلاقاً، وهذا يناقض ما هو ثابت من المخالصات بالمحافظة المقدمة من المتهم بالجلسة المدنية 18 إبريل سنة 1965 من تضمنها مخالصات متعددة بمبالغ تتراوح بين سبعين جنيهاً ومائة وبتواريخ مختلفة وأساسها حكم النفقة وعليها الشهود، وهذا ما يتمشى مع طبيعة النزاع القائم بين الطرفين، ورغم أن ظروف الدعوى وملابساتها تقطع بوجود تغيير الحقيقة في المخالصة بعدم إبرازها في النزاعات المختلفة السابقة على إقامة براءة الذمة عن الحكم الصادر في القضية رقم 61 لسنة 1964 أحوال شخصية كلي قصر النيل، والذي سلب المتهم ولايته على ابن المدعية بالحق المدني، أو الإشارة إلى وجودها وكذلك إجراءات نزع الملكية المتخذة ضده والتي اعترض عليها بتاريخ 1/ 3/ 1964 فقط بعدم تناسب المبلغ المنفذ به مع قيمة العقار ورفض اعتراضه، وقد ثبت أيضاً من التقرير المقدم في الدعوى المدنية ما يقطع بتغيير توقيع المدعية بالحق المدني الموجود على المخالصة وأنه لم يصدر منها، وسوء النية متوفر في حقه من اصطناع المخالصة سواء بنفسه أو بواسطة الغير بمبلغ جسيم وحقوق كبيرة بهذا الشكل المفضوح لمجرد كسب الوقت بعد أن قضى برفض اعتراضه على إجراءات نزع الملكية، وقصد الغش واضح تماماً من تغيير الحقيقة وتقليد التوقيع دون الاستشهاد بأحد رغم كبر المبلغ التي تنصب عليه الورقة المزورة وعدم إبرازها إلا بعد أن سدت في وجهه طرق الطعن في إجراءات نزع الملكية وسلب الحيازة". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة من المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة من اكتمال اقتناع للمحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى توافر علم الطاعن بتزوير المخالصة المسند إليه استعمالها، وكان الطاعن لا يماري في أن ما أورده الحكم من أدلة له مأخذه الصحيح في الأوراق، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى مما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر وفق المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية أن القاضي الجنائي يحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته مما يطرح أمامه في الجلسة دون إلزام عليه بطريق معين في الإثبات إلا إذا استوجبه القانون أو حظر عليه طريقاً معيناً في الإثبات. وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في إثبات تزوير السند موضوع جريمة الاستعمال إلى ما انتهى إليه تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير المرفق بأوراق الدعوى المدنية المضمومة - من أن الكاتب للتوقيع المنسوب صدوره إلى المدعية بالحقوق المدنية شخص آخر غيرها فإن ادعاء الطاعن بأن الحكم المطعون فيه أحال في ذلك إلى الحكم الصادر في الدعوى المدنية يكون غير صحيح. لما كان ذلك، وكانت قاعدة عدم جواز إضرار الطاعن بطعنه لا تتعدى العقوبة المحكوم بها عليه أو التعويض المقضي بإلزامه به بحيث لا يجوز الحكم بعقوبة أشد من العقوبة التي قضى بها الحكم السابق كما لا يجوز للمحكمة أن تتجاوز في تقدير التعويض الناشئ عن الجريمة بالمبلغ الذي كان قد قدر في الحكم المنقوض، وكان وقف تنفيذ العقوبة أو شموله لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم أمر يتعلق بتقدير العقوبة، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يتعدَ العقوبة التي قضى بها الحكم الذي سبق نقضه بناءً على طعن المتهم وحده وأمر بإيقاف تنفيذ هذه العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم صدوره، فإن لا يعتبر قد سوأ مركز الطاعن، لما كان ذلك، وكان الأصل وطبقاً لنص المادة 56 من قانون العقوبات أن مدة إيقاف تنفيذ العقوبة لا تبدأ إلا من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائياً، وكان من المقرر أن نقض الحكم يعيد الدعوى أمام محكمة الإعادة إلى حالتها الأولى قبل صدوره فيصبح الحكم المنقوض لا وجود له ويضحى الحكم الصادر بالعقوبة غير نهائي، ولما كان مناط اعتبار الحكم الصادر بالعقوبة كأن لم يكن وفقاً لنص المادة 59 من قانون العقوبات مشروطاً بأن يكون الحكم الصادر بالعقوبة نهائياً وأن تكون مدة الإيقاف قد انقضت ولم يصدر من خلالها حكم بإلغاء الإيقاف، وكان الشرط الأول متخلفاً في خصوص الدعوى، ذلك بأن الحكم الاستئنافي المنقوض صار معدوماً من بعد نقضه ولم يصبح الحكم الصادر بالعقوبة نهائياً إلا بصدور الحكم المطعون فيه بتأييده من محكمة الإعادة ومن ثم فإن الحكم الأخير إذ جعل بداية مدة إيقاف تنفيذ العقوبة من تاريخ صدوره يكون قد التزم صحيح القانون ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 176 لسنة 47 ق جلسة 13 / 6 / 1977 مكتب فني 28 ق 159 ص 759

جلسة 13 من يونيه سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، ومحمد صفوت القاضي، والسيد محمد مصري شرعان، ومحمد عبد الحميد صادق.

--------------

(159)
الطعن رقم 176 لسنة 47 القضائية

 (1)قبض. تفتيش. "التفتيش بغير إذن". دفوع "الدفع. ببطلان القبض والتفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان القبض والتفتيش. من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقاً موضوعياً. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. ما لم تكن مدونات الحكم تظاهره.
(2) تحقيق. "إجراءات التحقيق". "بطلان التحقيق". نيابة عسكرية. إجراءات. "إجراءات التحقيق". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل من الأسباب".
تعييب التحقيق الابتدائي أمام محكمة النقض. غير جائز.
 (3)قضاء عسكري. اختصاص. "اختصاص ولائي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق النيابة العسكرية في تقرير ما إذا كانت الجريمة تدخل في اختصاصها من عدمه. بغير معقب.
 (4)إجراءات. "إجراءات المحاكمة". إثبات. "بوجه عام". أحداث. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
دفاع المتهم أن سنه يقل عن ثماني عشرة سنة. دون دليل. تنازله عن هذا الدفاع. دفاع قانوني ظاهر البطلان. لا يستوجب رداً.
(5)سرقة. قصد جنائي. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث عن نية السرقة. متى انتهت إلى توافر أركان جريمة الشروع فيها.
(6) سرقة. قتل عمد. قصد جنائي. "القصد الاحتمالي". إثبات. "شهود". "خبرة". اشتراك.
اتفاق الطاعن وآخرين على السرقة. وقوع جريمة قتل من الآخرين حال تنفيذ السرقة. مساءلة الطاعن عنها كنتيجة لقصده الاحتمالي. صحيح. نفي الطاعن إسهامه في القتل. غير مجد. أساس ذلك؟
( 7، 8 ) إجراءات. "إجراءات المحاكمة". إثبات. "شهود". "قرائن". محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
 (7)حق المحكمة في أن تحيل في إيراد أقوال الشهود إلى أقوال شاهد معين. ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
 (8)استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة. حق لمحكمة الموضوع.
 (9)إثبات. "بوجه عام". "قرائن". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم اشتراط كون الدليل صريحاً دالاً بذاته على الواقعة المراد إثباتها. كفاية أن يكون ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن.
(10) إثبات. "اعتراف". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافاً. لا ينال من سلامة الحكم. طالما لم يرتب عليه وحدة الأثر القانوني للاعتراف.
 (11)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم على آخر. ولو كانت واردة بمحضر الشرطة. متى اطمأنت إلى صدقها.
(12) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما بالظروف والأمارات المحيطة بالدعوى. استخلاص ذلك. موضوعي.
 (13)إثبات. "اعتراف". محضر الجلسة. إجراءات. "إجراءات المحاكمة". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إكراه.
الدفع بأن الاعتراف كان نتيجة إكراه. غير جائز لأول مرة أمام محكمة النقض.

------------
1 - من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة.
2 - من المقرر أن تعييب التحقيق الابتدائي أمام محكمة النقض غير جائز ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان تحقيقات النيابة العسكرية يكون في غير محله.
3 - لما كانت النيابة العسكرية قد قررت عدم اختصاصها بالواقعة وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن النيابة العسكرية هي صاحبة القول الفصل الذي لا تعقيب عليه فيما إذا كانت الجريمة تدخل في اختصاصها وبالتالي في اختصاص القضاء العسكري ومن ثم يكون النعي على الحكم بأنه صدر من جهة غير مختصة ولائياً بإصداره على غير سند من القانون.
4 - إذا كان المدافع عن الطاعن أثار بجلسة المحاكمة أن الطاعن كان سنه يقل عن ثمانية عشر عاماً وقت الحادث دون أن يقدم الدليل على ذلك ثم أثبت تنازله عن التمسك بهذا الدفع وإذ كان هذا الدفع القانوني ظاهر البطلان فلا حرج على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه ويكون ما يثيره الطاعن بشأنه على غير أساس.
5 - إن ما يثيره الطاعن من انتفاء نية السرقة لديه مردود ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد خلص في بيان كاف إلى توافر أركان جريمة الشروع في السرقة وتوافر الدليل عليها فلا يعيبه عدم تحدثه صراحة عن نية السرقة.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل استناداً إلى تقرير الصفة التشريحية وأقوال الشهود على أن....... وهو أحد الجناة في الحادث قد قتل بعيارين ناريين أحدهما أطلق من المدفع الرشاش الذي كان يحمله المحكوم عليه الأول والمقذوف الثاني أطلق من بندقية الخفير...... وأن كلاً من العيارين قد ساهم بقدر متساو في إحداث الوفاة بالإضافة إلى أن كلاً من الإصابتين منفردة وحدها قد تؤدي إلى الوفاة، فإن الجدل بعد ذلك فيما انتهى إليه الحكم من إدانة الطاعن بالجرائم المسندة إليه بما فيها جناية القتل التي كانت نتيجة محتملة لمساهمته في جناية الشروع في السرقة، إنما ينحل إلى جدل موضوعي مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7 - لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، ولما كان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهد التي أحال إليها الحكم لها معينها الصحيح في الأوراق فإن نعيه في هذا الصدد يكون في غير محله.
8 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصهاً سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
9 - لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً و دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
10 - لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافاً طالما أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف.
11 - لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم على متهم آخر ولو كانت واردة في محضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع ولو عدل عنها في مراحل التحقيق الأخرى، ومن ثم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في إحالته في إيراد أقوال بعض شهود الإثبات على أقوال الشاهد......، وفى تعويله في قضائه بالإدانة عن جريمة قتل....... وغيرها على ما استخلصه من أقوال الشهود وما قرره المحكوم عليهم – عدا الأول – من أقوال تفيد ارتكابها الجرائم التي دانهم بها الحكم جميعاً.
12 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
13 - لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الثالث أو المدافع عنه قد دفع أي منهما بأن الاعتراف المنسوب إليه قد صدر منه نتيجة إكراه وقع عليه أثناء التحقيق معه، فلا يقبل منه أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من..... و(2)..... وشهرته... (3)..... (الطاعن الأول) و(4).... و(5)....... (الطاعن الثاني) و(6)..... (الطاعن الثالث) بأنهم (أولاً قتلوا عمداً مع سبق الإصرار....... بأن عقدوا قصدهم على القتل وأعدوا لذلك سلاحاً نارياً من شأنه القتل (مدفع رشاش) وأطلق عليه أولهم أعيرة نارية قاصداً قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وكان ذلك نتيجة محتملة بالنسبة للمتهمين من الثاني إلى السادس وقد تقدمت هذه الجناية جناية أخرى. (أولاً) هي أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر ارتكبوا الجناية المبينة الوصف. (ثانياً) المتهمون من الأول إلى السادس شرعوا عمداً ومع سبق الإصرار في قتل....... بأن عقدوا قصدهم على قتله وأعدوا لهذا الغرض سلاحين ناريين من شأنهما القتل وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهمان الأول والسادس أعيرة نارية قاصدين قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج وكان القصد من هذه الجناية هو ارتكاب جنحة هي أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في سرقة الحديد المبين الوصف والقيمة بالتحقيقات والمملوك لشركة أطلس من مكان مسكون وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مقاومة رجال الحراسة لهم واضطرارهم للفرار. (ثالثاً) المتهم الأول حاز بغير ترخيص سلاحاً نارياً "مدفعاً رشاشاً" (رابعاً). المتهم الرابع. أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً (مدفعاً رشاشاً) (خامساً). (المتهم الأول) حاز والمتهم الرابع ذخائر مما يستعمل في السلاح الناري سالف الذكر بدون ترخيص. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. ومحكمة جنايات القاهرة قضت في الدعوى حضورياً للثالث والخامس والسادس وغيابياً للباقين عملاً بالمادتين 134/ 1 و2 و43 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و2 و6 و26/ 2 – 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقم 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1968 والبند ب من القسم الأول والقسم الثاني من الجدول رقم 3 الملحق مع تطبيق المادتين 32/ 2 و170 عقوبات بمعاقبة كل من...... و...... وشهرته...... و...... و....... (الطاعن الأول) و...... و...... (الطاعن الثاني) و......... (الطاعن الثالث) بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة عما أسند إليهم ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليهم الثالث والخامس والسادس في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم القتل والشروع فيه والشروع في السرقة ليلاً مع حمل سلاح بالإكراه وبطريق الكسر وإحراز أسلحة وذخيرة دون ترخيص، قد شابه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم لم يفطن إلى أن إجراءات القبض على الطاعن تمت باطلة لأنها أجريت بدون إذن من النيابة العامة ولم يكن في حالة من حالات التلبس كما أن تحقيقات النيابة العسكرية وقعت باطلة لعدم اختصاصها وقد أعرضت المحكمة عما أثاره المدافع عن الطاعن من أنه كان حدثاً وقت وقوع الجريمة مما يجعل المحكمة غير مختصة وفضلاً عن ذلك فقد تم تجنيده وقت محاكمته مما يجعل المحكمة العسكرية هي المختصة بمحاكمته، هذا فضلاً عن أنه لم يكن هناك اتفاق سابق بين الطاعن والمتهمين على أية صورة توفر فكرة المساهمة الجنائية ولم يتحدث الحكم عن النية الخاصة لدى الطاعن من جريمة السرقة هذا إلى أن تقرير الصفة التشريحية أثبت أن قتل "أحد الجناة" كان برصاص الخفير الخاص – دون المتهمين – وهو الأمر الذي لم تعرض له المحكمة كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "إنه بينما كان الخفير الخصوصي...... وزملاؤه...... و....... و....... يقومون بحراسة منشآت شركة أطلس بضاحية الهاكسيتب حيث وضعت كميات من حديد التسليح وذلك في منتصف ليلة 2 ديسمبر سنة 1967 حضر إلى موقع حراستهم...... و...... وشهرته...... و....... و....... وشهرته...... و...... و...... و...... وآخرين بقصد سرقة حديد التسليح مدججين بأسلحة نارية أطلقوا منها عدة أعيرة لتهديد الخفراء القائمين على الحراسة وإذ أسرع......... إلى حجرته المعدة لسكنه للاحتماء بها اقتحموا بابها بكسره، ولما أطلق الخفير المذكور عليهم أعيرة نارية من بندقيته الخرطوش ليمنعهم من تنفيذ مأربهم عاجلوه بأعيرة نارية من أسلحتهم بقصد قتله فأصيب في ساعده الأيسر وساقه اليمنى بعيارين وأسعف بالعلاج بينما أخطأه عيار ثالث وأصاب...... في صدره فقضى نحبه وفر الجناة ولكن تحريات الرائد...... أكدت مقارفتهم للحادث وتم القبض على....... في اليوم التالي بمكان الحادث مصاباً في ساقيه وقبض على....... و....... والأول منهما مصاب في ركبته اليسرى والثاني مصاب في فخذه وتبين أن إصابات الجميع حدثت من طلقات خرطوش واعترف...... و....... و...... و...... و....... بالتوجه سوياً إلى مكان الحادث بقصد سرقة الحديد يصحبهم....... الذي كان يحمل مدفعاً رشاشاً و....... الذي كان يحمل البندقية البلجيكي المضبوطة هي وطلقاتها مع جثته في مكان الحادث وأن الأخيرين أطلقا النار من سلاحيهما صوب الخفير...... وقام........ الشهير....... بإرشاد النقيبين...... و....... عن مكان المدفع الرشاش الذي وجد مدفوناً في الرمال بالقرب من مكان الحادث." وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه....... وباقي شهود الإثبات ومن اعترافات المحكوم عليهم من الثاني إلى السادس ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية والتقارير الطبية الشرعية والابتدائية وتحريات الشرطة وهى أدلة كافية وسائغة لا يجادل الطاعن في أن لها مأخذها الصحيح وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وكان من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضى تحقيقاً تنأ عنه وظيفة هذه المحكمة. ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل منه لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تعييب التحقيق الابتدائي أمام محكمة النقض غير جائز فإن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان تحقيقات النيابة العسكرية يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات أن النيابة العسكرية قررت عدم اختصاصها بالواقعة وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن النيابة العسكرية هي صاحبة القول الفصل الذي لا تعقيب عليه فيما إذا كانت الجريمة تدخل في اختصاصها وبالتالي في اختصاص القضاء العسكري ومن ثم يكون النعي على الحكم بأنه صدر من جهة غير مختصة ولائياً بإصداره على غير سند من القانون لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة المفردات أن الطاعن قرر أكثر من مرة بمحاضر ضبط الواقعة وبالتحقيقات أنه تجاوز السابعة والعشرين من عمره، وإذ كان المدافع عنه بعد أن أثار بجلسة المحاكمة أن الطاعن كان سنه يقل عن ثمانية عشر عاماً وقت الحادث دون أن يقدم الدليل على ذلك ثم أثبت تنازله عن التمسك بهذا الدفع وإذ كان هذا الدفع القانوني ظاهر البطلان فلا حرج على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه ويكون ما يثيره الطاعن بشأنه على غير أساس. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من انتفاء نية السرقة لديه مردوداً، ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد خلص في بيان كاف إلى توافر أركان جريمة الشروع في السرقة وتوافر الدليل عليها فلا يعيبه عدم تحدثه صراحة عن نية السرقة. لما كان ذلك، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دلل استناداً إلى تقرير الصفة التشريحية وأقوال الشهود على أن...... وهو أحد الجناة في الحادث قد قتل بعيارين ناريين أحدهما أطلق من المدفع الرشاش المضبوط والذي كان يحمله المحكوم عليه الأول والمقذوف الثاني أطلق من بندقية الخفير...... وأن كلاً من العيارين قد ساهم بقدر متساو في إحداث الوفاة بالإضافة إلى أن كلاً من الإصابتين منفردة وحدها قد تؤدي إلى الوفاة، فإن الجدل بعد ذلك فيما انتهى إليه الحكم من إدانة الطاعن بالجرائم المسندة إليه بما فيها جناية القتل التي كانت نتيجة محتملة لمساهمته في جناية الشروع في السرقة، إنما ينحل إلى جدل موضوعي مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
(ثانياً) الطعن المقدم من الطاعنين الثاني والثالث.
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في التسبيب والبطلان والخطأ في القانون والفساد في الاستدلال، ذلك أن المحكمة لم تسأل الطاعن الثالث عن التهمة المسندة إليه ولم تتل أقوال الشهود الغائبين بجلسة المحاكمة، كما أن الحكم لم يورد مضمون أقوال الشهود...... و....... و....... الذين عول على أقوالهم في الإدانة وأحال في ذلك على ما أورده من أقوال الشاهد....... مع أن أقواله هو وباقي الشهود لم تسند اتهاما للطاعنين، وفضلاً عن ذلك فقد قررت المحكمة أن كلاً من المحكوم عليهم قد اعترف على الآخر في حين أن ذلك لا يصدق في حق الطاعنين، كما دانهما الحكم بجناية قتل...... بناء على أدلة ليس لها صداها في الأوراق، وجاء قاصراً في بيان نية القتل وفى رده على الدفع بوقوع إكراه على الطاعن الثاني، كما أغفل الحكم الإكراه الذي وقع على الطاعن الثالث........، وتناقض في وصف جريمة الشروع في السرقة المسندة إليها إذ اعتبرها جنحة في موضع منه ثم اعتبرها جناية في موضع آخر.
وحيث إنه لما كان البين من الاطلاع على محاضر الجلسات أن المحكمة سألت الطاعن الثالث عن الاتهام المنسوب إليه فأنكره ثم تنازل الدفاع عن الطاعنين عن سماع من لم يحضر من شهود الإثبات اكتفاء بأقوالهم بالتحقيقات. لما كان ذلك، وكان القانون لا يوجب إثبات نص شهادة الشهود الغائبين أو قدر معين منها في محضر جلسة المحاكمة ولا أن يتلوها رئيس المحكمة، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، ولما كان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهد..... التي أحال إليها الحكم لها معينها الصحيح في الأوراق، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، كما أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً ودالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، وأنه لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافاً طالما أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم على متهم آخر ولو كانت واردة في محضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع ولو عدل عنها في مراحل التحقيق الأخرى، ومن ثم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في إحالته في إيراد أقوال بعض شهود الإثبات على أقوال الشاهد...... وفي تعويله في قضائه بالإدانة عن جريمة قتل...... وغيرها على ما استخلصه من أقوال الشهود وما قرره المحكوم عليهم – عدا الأول – من أقوال تفيد ارتكابهم الجرائم التي دانهم بها الحكم جميعاً، وبذلك تنحل هذه الأوجه من النعي إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق الطاعنين (وباقي المتهمين) بقوله "وعن نية القتل فإن ما أضمره المتهم الأول في نفسه نحو إزهاق روح الخفير...... وكان خبئ صدره كشف عنه استعماله سلاحاً قاتلاً بطبيعته "مدفع رشاش" وتوجيهه عند إطلاق النار منه صوب مواضع قاتلة من جسم المجني عليه بغرض التخلص منه عندما تصدى له ولزملائه مدافعاً عن المال الذي يقوم بحراسته، وهذه الإرادة ذاتها – إرادة إزهاق روح الخفير...... تنسحب أيضاً إلى قتل....... رغم كونه زميلاً للمتهم الأول في مقارفة الحادث إذ بات مؤكداً للمحكمة أن وفاته حدثت من عيار ثالث أطلقه المتهم الأول على الخفير...... بنية قتله فأخطأه وأصاب زميله سالف الذكر". وإذ كان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام نية القتل هو مما يكفي ويسوغ به الاستدلال عليها، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، وكانت المحكمة قد خلصت في استدلال سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من أقوال الطاعن الثاني لما ارتأته من مطابقته للحقيقة والواقع الذي استظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها ومن خلوه مما يشوبه وصدوره منه عن طواعية واختيار، فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الشأن تنحل بدورها إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الثالث أو المدافع عنه قد دفع أي منهما بأن الاعتراف المنسوب إليه قد صدر منه نتيجة إكراه وقع عليه أثناء التحقيق معه، فلا يقبل منه أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما أورده في صدره وأشار إليه الطاعنان إنما هو وصف التهمة كما أوردته النيابة، أما ما انتهى إليه الحكم في عجزه فهو صورة الواقعة على ما استقر عليه وجدان المحكمة وذلك وفق حقها في تمحيص الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها، ولما كان الطاعنان لم ينعيا - في ذلك – إلا ما قالوا به من تناقض فقط وكان هذا الذي جاء به الحكم خلواً من التناقض فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 818 لسنة 47 ق جلسة 20 / 2 / 1978 مكتب فني 29 ق 29 ص 167

جلسة 20 من فبراير سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الواحد الديب، وقصدي اسكندر عزت، ودكتور أحمد رفعت خفاجي، وإسماعيل محمود حفيظ.

----------------

(29)
الطعن رقم 818 لسنة 47 القضائية

(1) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل. إجراءات. "إجراءات المحاكمة". "إجراءات التحقيق". إثبات. "بوجه عام".
حق محكمة الموضوع في الأخذ بأقوال المتهم في أي دور من أدوار التحقيق. وإن عدل عنها بعد ذلك. متى أطمأنت إلى صحتها.
 (2)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". "قرائن". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القضاء في المحاكمة الجنائية يكون بناء على اقتناع القاضي. عدم جواز مطالبته بالأخذ بدليل معين. إلا في الأحوال التي يقررها القانون.
 (3)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المنازعة فيما استخلصته المحكمة من أقوال الشهود. جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 (4)مسئولية جنائية. قصد جنائي "القصد الاحتمالي". خطأ. ضرر. رابطة سببية.
الأصل مساءلة المتهم عن كافة النتائج المحتمل حصولها نتيجة فعله الإجرامي. ما لم تتدخل عوامل أجنبية تقطع رابطة السببية.
(5) خطأ. ضرر. رابطة سببية. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير توافر رابطة السببية من عدمه. موضوعي.
(6) إثبات. "بوجه عام". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالرد على أوجه الدفاع الموضوعية. استفادة الرد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردتها.
(7) خطأ. مسئولية جنائية. قتل خطأ. جريمة. "أركانها".
خطأ المجني عليها لا يسقط مسئولية المتهم. ما دام لم يترتب عليه انتفاء الأركان القانونية للجريمة.

---------------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع.
2 - إن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إلا في الأحوال التي يقررها القانون فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينه أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه.
3 - متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أخذت به من أدلة استمدتها مما قدمته من أقوال الشهود والمتهمين فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض.
4 - الأصل أن المتهم يسأل عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعل الجاني والنتيجة.
5 - أن تقدير توافر رابطة السببية بين الفعل والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغا مستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق.
6 - لما كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ خطأ الطاعن واتصال هذه الخطأ بالنتيجة اتصال السبب بالمسبب، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً عن عقيدة استقرت في وجدانها عن حزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعن، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ولم يكن الحكم بحاجة بعد هذا الذي أثبته في حق الطاعن أن يرد استقلالاً على ما أثاره من أن الحادث إنما وقع بخطأ المجني عليه لأن هذا لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بمتابعته في مناحيها المختلفة إذ الرد عليها يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
7 - من المقرر أن الخطأ المشترك في نطاق المسئولية الجنائية - بفرض قيامه - لا يخلي المتهم من المسئولية بمعنى أن خطأ المجني عليه لا يسقط مسئولية المتهم ما دام الخطأ لم يترتب عليه انتفاء الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ المنسوبة إلى المتهم وهو ما لم يتحقق في الدعوى المطروحة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة في قضية الجنحة رقم...... كل من: (1)...... و(2)...... و(3)...... بأنهم تسببوا خطأ في موت...... وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهم وعدم احترازهم وعدم مراعاتهم اللوائح والأنظمة بأن كلفت الأولى بصفتها مهندسة الصيانة بمحطة المحولات بأبي المطامير، العامل المجني عليه بإجراء بعض أعمال الصيانة بالمحطة دون أن تتأكد بنفسها من استمرار قطع التيار الكهربائي عن موقع العمل، ولم يقم الثاني بصفته مهندس الوردية بمعاينة الموقع والتأكد من استمرار احتياطيات الأمن وأمر الثالث بصفته مدير المحطة بتوصيل التيار إلى الموقع بعد انتهاء العمل منه في اليوم السابق دون أن يؤشر بذلك على أمر الشغل فصعق المجني عليه وحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. وطلبت عقابهم بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات. وادعى مدنياً كل من..... و..... بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمين الأولى والثاني والمؤسسة المصرية العامة للكهرباء بصفتها المسئولة عن الحقوق المدنية. ومحكمة جنح أبي المطامير الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام (أولاً) بتغريم كل من المتهمين الثلاثة خمسين جنيهاً لما نسب إليهم (ثانياً) في الدعوى المدنية بإلزام المتهمين الثلاثة والمؤسسة المصرية العامة للكهرباء بأن يدفعوا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم، ومحكمة دمنهور الابتدائية ( بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهمة الأولى ورفضه موضوعاً وتأييده بالنسبة لباقي المتهمين. فطعن الأستاذ..... عن الأستاذ..... المحامي بصفته وكيلاً عن المهندس..... في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل الخطأ قد شابه خطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، ذلك بأنه استظهر خطأه مما قرره بمحضر جمع الاستدلالات المؤرخ 4/ 4/ 1972 من أنه كان قد قام بالاطلاع على أمر الشغل المفتوح بتاريخ 3/ 4/ 1972 لقيام فرقة الصيانة بعملها خلال يومين والتي كان المجني عليه من بين أفرادها وأنه كان يعلم بمهمة هذه الفرقة وأنه وإن اتخذ الاحتياطيات اللازمة لفصل التيار عن موقع العمل إلا أنه لم يتأكد من فصله عن ذلك الموقع في حين أن هذا يخالف الثابت في الأوراق إذ أن الطاعن عندما سئل عقب الحادث مباشرة نفي علمه بقيام فرقة الصيانة بعملها في الموقع المذكور كما أنه لم يكن مهندساً للوردية في اليوم السابق للحادث حين فتح أمر الشغل لفرقة الصيانة ولم يؤشر على ذلك الأمر ولا على الأمر الصادر بإعادة التيار الكهربائي عقب انتهاء عمل الفرقة في اليوم المذكور وقد تأيد ذلك بما قررته المهندسة............... مهندسة الصيانة التي كانت ترافق المجني عليه في مهمته - من أنها لم تقابل الطاعن يوم الحادث ولم تتسلم منه أمر التشغيل أو تسلمه إليه ولم تستعلم منه قبل بدئها في العمل مع المجني عليه عن فصل التيار عن موقع العمل ولم تتحقق من ذلك إلا أن الحكم رغم هذه الظروف أقام مسئولية الطاعن على مجرد الفرض والاحتمال لمجرد كونه مهندساً للوردية في حين أنه كان يوم الحادث واليوم السابق عليه يعمل مع فرقة صيانة أخرى بما ينفي توفر الخطأ في حقه، هذا فضلاً عن أن الدفاع كان قد تمسك بانقطاع رابطة السببية بين ما يمكن أن يسند له من خطأ وبين النتيجة لأن الحادث إنما وقع بخطأ المجني عليه لإهماله وعدم تبصره إذ لم يتأكد من فصل التيار الكهربائي عن الموقع الذي كان مقدماً على العمل فيه قبل أن يبدأ عمله مع أن ذلك من واجبه باعتباره من الفنيين واصطدمت يده بالملف الابتدائي الذي كان يسري فيه التيار مما أدي إلى صعقة نتيجة لرعونته إلا أن المحكمة لم ترد على هذه الدفاع رغم جوهريته.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه بعد أن استعرض وقائع الدعوى من واقع أقوال الشهود والمتهمين الأولى والثالث وما أدلى به الطاعن (المتهم الثاني) وما ثبت من التقرير الطبي خلص إلى تبرئة المتهمة الأولى مما أسند إليها للأسباب التي أوردها ثم انتهى إلى ثبوت التهمة في حق الطاعن والمتهم الثالث بقوله: "وحيث إن الثابت أن المتهمين الثاني والثالث كانا على علم بإعادة توصيل التيار الكهربائي إلى الخلية الجاري العمل بها وذلك بعد انتهاء العمل فيها في اليوم السابق 3/ 4/ 1972 حتى صباح التالي 4/ 4/ 1972 إلى أن باشرت فرقة الصيانة استكمال العمل كان لزاماً عليهما الأول بصفته مهندس الوردية والآخر بصفته مديراً للمحطة أن يقوما بإثبات ما طرأ في غياب فرقة الصيانة بأمر التشغيل وعلى النحو الوارد ببياناته وهو ما لم يقوما به مخالفين بذلك التعليمات الصادرة من جهة العمل بالإضافة إلى عدم قيامهما بفصل التيار الكهربائي عن الخلية وإعادتها لنفس الحالة التي تركتها عليها مهندسة الصيانة المتهمة الأولى في اليوم السابق حيث أخبرت المهندسة......... المتهم الثالث مدير المحطة بأنه يلزم فصل التيار في اليوم التالي حيث إن فرقة الصيانة ستستكمل عملها المفتوح من اليوم السابق وأن التيار قد تم توصيله في خلال هذه الفترة بناء على أمر صادر من هذا المتهم كما وأن المتهم الثاني وهو رئيس الوردية في يوم الحادث أقر في محضر التحقيق بمحضر جمع الاستدلالات بتاريخ 4/ 4/ 1972 أثر وقوع الحادث مباشرة أنه كان يعلم بمهمة فرقة الصيانة حيث قام بالاطلاع على أمر الشغل المفتوح من اليوم السابق واتخذ الاحتياطات اللازمة لفصل التيار الكهربائي عن موقع العمل إلا أنه وبعد أكثر من شهر عاد في أقواله بتحقيقات النيابة لينفي عن نفسه الاتهام مدعياً أن مهندسة الصيانة المتهمة الأولى لم تأخذ منه تصريحاً بالعمل في يوم الحادث إذ أنه يشترط الحصول على تصريح يومي وأنه في هذا اليوم كان يصحبه المهندس....... لإجراء صيانة في ذات الخلية وقام بفصل المفتاح عنها وأما السكينة فظلت في موضعها في حالة تشغيل كما وأن مدير المحطة لم يخبره شيئاً عن إعادة توصيل التيار الكهربائي للخلية وهذا يناقض أقواله الأولى التي أدلى بها فور وقوع الحادث والتي تؤكده علمه بالعمل المستمر لفرقة الصيانة في موقع العمل الذي وقع به الحادث والذي ادعي أنه قام بتأمينه واتخاذ الاحتياطات اللازمة حتى يمكن لفرقة الصيانة استكمال عملها وذلك على خلاف الواقع لما تبين بعد الحادث أن التيار الكهربائي كان متصلاً بالخلية ولم يتخذ الاحتياطات اللازمة على النحو الذي تفرضه عليه واجبات وظيفته كمهندس للوردية يوم وقوع الحادث ومن ثم فإن عدم احتياط المتهمين الثاني والثالث وعدم مراعاتهما للتعليمات مما يكون ركن الخطأ الثابت في حقهما وذلك بتوصيل التيار الكهربائي للخلية الجاري الصيانة بها دون فصله وتأمين العمل قبل مباشرة للصيانة بها في اليوم التالي طبقاً لأمر الشغل المثبت لذلك مما كان سبباً مباشراً لوقوع الحادث الذي أودى بحياة المجني عليه وعلى النحو الوارد بالتقرير الطبي آنف البيان ومن ثم فإن الاتهام ثابت في حق المتهمين الثاني والثالث فقد ثبت ركن الخطأ والضرر نتيجة صعق التيار الكهربائي للمجني عليه ووفاته وتوافرت علاقة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة..... "ولما كان يبين من المفردات المضمومة أن ما استند إليه الحكم من أقوال الطاعن فيما تقدم من اطلاعه على أمر الشغل الذي كان مفتوحاً لمدة يومين 3، 4/ 4/ 1972 قبل استلامه الوردية له أصله الثابت من أقواله بمحضر الضبط المؤرخ 4/ 4/ 1972 مما ترتب عليه المحكمة علم الطاعن بما يحويه من قيام فرقة الصيانة بعملها وهو ما لم يخطئ الحكم في استخلاصه وكان الطاعن قد قرر أيضاً في التحقيقات أنه كان قد رفع المفتاح دون أن يرفع السكينة التي تفصل التيار عن موقع العمل في الخلية المذكورة مما يوفر علمه بتوصيل التيار الكهربائي بموقع العمل فإن النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع وأن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إلا في الأحوال التي يقررها القانون فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أخذت به من أدلة استمدتها مما قدمته من أقوال الشهود والمتهمين فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الأصل أن المتهم يسأل عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعل الجاني والنتيجة كما أن تقدير توافر رابطة السببية بين الفعل والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق، ولما كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ خطأ الطاعن واتصال هذه الخطأ بالنتيجة اتصال السبب بالمسبب، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً عن عقيدة استقرت في وجدانها عن حزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعن، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ولم يكن الحكم بحاجة بعد هذا الذي أثبته في حق الطاعن من أن يرد استقلالاً على ما أثاره من أن الحادث إنما وقع بخطأ المجني عليه لأن هذا لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بمتابعته في مناحيها المختلفة إذ الرد عليها يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم هذا إلى أنه من المقرر أن الخطأ المشترك في نطاق المسئولية الجنائية - بفرض قيامه - لا يخلي المتهم من المسئولية بمعنى أن خطأ المجني عليه لا يسقط مسئولية المتهم ما دام الخطأ لم يترتب عليه انتفاء الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ المنسوبة إلى المتهم وهو ما لم يتحقق في الدعوى المطروحة، ومن ثم فإن الطعن يكون برمته في غير محله مستوجباً للرفض مع مصادرة الكفالة طبقاً للمادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

الطعن 1013 لسنة 47 ق جلسة 6 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ق 43 ص 235

جلسة 6 من مارس سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين محمد صلاح الدين الرشيدي، وقصدي اسكندر عزت، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد يونس ثابت.

----------

(43)
الطعن رقم 1013 لسنة 47 القضائية

 (1)دفوع "الدفع باستحالة الرؤية". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
أخذ المحكمة بأقوال شاهد معين. مفاده إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
 (3)إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
أخذ المحكمة برواية منقولة. حائز.
المنازعة في استدلال الحكم بأقوال أحد الشهود. جدل موضوعي.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
 (5)إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم. متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
(6) جرح عمد. قصد جنائي. جريمة. "أركانها".
تحقق جريمة إحداث الجرح العمدي. بتوافر القصد الجنائي العام.
(7) مسئولية جنائية. جريمة. "أركانها". باعث.
عدم تأثير الباعث على قيام الجريمة ولا المسئولية فيها.
(8) مسئولية جنائية. جريمة. "أركانها". رابطة سببية. قصد جنائي. "القصد الاحتمالي".
علاقة السببية في المواد الجنائية. ماهيتها.
 (9)نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
قبول أسباب الطعن. رهن بكونها واضحة ومحددة.

---------
1 - إن ما دفع به الطاعن من استحالة رؤية الشاهدة لواقعة اعتدائه على المجني عليه مردود بأن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود.
2 - أخذ المحكمة بأقوال شاهد معين مفاده إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها عدم الأخذ بها.
3 - قول شرطي المرور أنه معين لإدارة إشارة الموسكي وأنه في صباح يوم الحادث وبعد أن اجتاز الترام رقم 24 مكان الإشارة شاهد المجني عليه يسقط بظهره من الترام وينزلق تحته فتدوسه عجلاته ويلقى حتفه وسمع من ركاب الترام أن المتهم هو الذي ركل المجني عليه خارج الترام فسقط ووقع الحادث، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن حول استدلال الحكم بهذه الأقوال لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض، لما هو مقرر من أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت عنه حقيقة.
4 - إن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات، كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض.
5 - من المقرر أن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. ولما كان ما حصله الحكم عند إيراده لأقوال الشهود له أصله الثابت في الأوراق، فلا جناح على المحكمة إن هي اعتمدت على شهادة الشهود في قضائها بالإدانة بعد أن أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادتهم وإنها كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بشهادتهم.
6 - إن جريمة إحداث الجرح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام، وهو يتوفر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته.
7 - إن قول الطاعن أن دفعه للمجني عليه كان بقصد فض شجار بينهما إنما يتصل بالباعث وهو لا يؤثر في قيام الجريمة ولا عبرة به في المسئولية.
8 - من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إليه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه ركل المجني عليه في بطنه ملقياً إياه خارج الترام ودلل على توافر رابطة السببية بين هذا الفعل وبين سقوط المجني عليه وانزلاقه تحت عجلات الترام فمرت عليه وهشمت رأسه وصدره وأطاحت بجانب من جوهر مخه ففقد حياته وذلك من واقع تقرير الصفة التشريحية الذي أثبت أن إصابات المجني عليه أدت إلى وفاته وإنها جائزة الحدوث من مرور عجلات الترام عليه، بما يجعل الطاعن مسئولاً في صحيح القانون عن جميع النتائج المحتمل حصولها من ركل المجني عليه في بطنه ملقياً إياه خارج الترام أثناء سيره وبسقوطه أسف عجلاته ومرورها عليه.
9 - يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة. بحيث إذا لم يكشف الطاعن في طعنه عن ماهية الدفاع الجوهري الذي يقول أنه ضمنه مذكرته المقدمة لمحكمة الموضوع، وينعى على محكمة الموضوع عدم الرد عليه فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخر حكم ببراءته - بأنه ضرب المجني عليه...... و....... وألقى به من الترام أثناء سيره وأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد من ذلك قتلاً ولكن هذا العدوان قد أدى لوفاة المجني عليه وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام فقرر ذلك. وادعى مدنياً أولاد المجني عليه وطلبوا القضاء لهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه قبل المتهم وهيئة النقل العام بصفتها المسئولة عن الحقوق المدنية. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم....... بالأشغال الشاقة خمس سنوات وإلزامه متضامناً مع المسئول المدني هيئة النقل العام بأن يؤديا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمصاريف المدنية المناسبة ومبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه خطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال فضلاً عن الخطأ في القانون والقصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم المطعون فيه أسند إلى شهود الإثبات أقوالاً تتفق مع صورة الواقعة كما استخلصتها المحكمة في حين أن أقوالهم في كافة مراحل الدعوى لا تلتئم مع هذا التصوير، وقد عول في الإدانة على أقوال الشاهدين..... والرقيب....... مع أن الشاهدة الأولى كان يستحيل عليها رؤية الحادث من مكان جلوسها بالترام كما أن مفاد أقوال الشاهد الثاني أنه لم ير واقعة اعتداء الطاعن على المجني عليه، فضلاً عن أن أقوال الشهود تناقضت في تحديد مكان الاعتداء داخل الترام وفي بيان موضع الضربات التي أوقعها الطاعن بالمجني عليه هذا إلى عدم توافر أركان الجريمة ذلك أن ما قرره بعض الشهود من أن دفع الطاعن للمجني عليه كان بقصد فض الشجار الذي شب بينهما يرفع عن هذا الفعل قصد إيذاء المجني عليه في جسمه وتنتفي به علاقة السببية إذ أن وفاة المجني عليه حدثت من الظروف الملابسة للواقعة. وأخيراً فإن الحكم قد أغفل الرد على الدفاع الجوهري الذي أبداه الطاعن في المذكرة المقدمة منه للمحكمة، مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في مجال تحصيله لأقوال شهود الإثبات يرتد إلى أصل صحيح في الأوراق - على ما تبين من المفردات المضمونة - فإنه تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد ويكون ما أثاره الطاعن في هذا الصدد لا وجه له. لما كان ذلك، وكان ما دفع به الطاعن من استحالة رؤية الشاهدة........ لواقعة اعتدائه على المجني عليه مردوداً بأن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل أقوال....... في قوله "إنه معين لإدارة إشارة مرور الموسكي وأنه في صباح يوم الحادث وبعد تجاوز الترام رقم 24 مكان الإشارة شاهد المجني عليه يسقط بظهره من الترام وينزلق تحته فتدوسه عجلاته ويلقى حتفه وسمع من ركاب الترام أن المتهم هو الذي ركل المجني عليه خارج الترام فسقط ووقع الحادث" ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن حول استدلال الحكم بهذه الأقوال لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض، لما هو مقرر من أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت عنه حقيقة وكانت تمثل الواقع - كما هو الحال في هذه الدعوى. أما ما يثيره الطاعن في شأن تناقض الشهود، فإنه لما كان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات، كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها. وكان من المقرر أن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. ولما كان ما حصله الحكم عند إيراده لأقوال الشهود له أصله الثابت في الأوراق، فلا جناح على المحكمة إن هي اعتمدت على شهادة الشهود في قضائها بالإدانة بعد أن أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادتهم وأنها كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بشهادتهم، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن في غير محله لما كان ذلك، وكانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام، وهو يتوفر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته، فإن قالة الطاعن بأن دفعه للمجني عليه كان بقصد فض الشجار الذي شب بينهما إنما يتصل بالباعث، وهو لا يؤثر في قيام الجريمة ولا عبرة به في المسئولية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، ومتى فصل فيها إثباتا أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إليه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه ركل المجني عليه في بطنه ملقياً إياه خارج الترام ودلل على توافر رابطة السببية بين هذا الفعل وبين سقوط المجني عليه وانزلاقه تحت عجلات الترام فمرت عليه وهشمت رأسه وصدره وأطاحت بجانب من جوهر مخه ففقد حياته وذلك من واقع تقرير الصفة التشريحية الذي أثبت أن إصابات المجني عليه أدت إلى وفاته وإنها جائزة الحدوث من مرور عجلات الترام عليه، بما يجعل الطاعن مسئولاً في صحيح القانون عن جميع النتائج المحتمل حصولها من ركل المجني عليه في بطنه ملقياً إياه خارج الترام أثناء سيره وبسقوطه أسفل عجلاته ومرورها عليه، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يضحي ولا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة ومحددة، وكان الطاعن لم يكشف الطاعن في طعنه عن ماهية الدفاع الجوهري الذي يقول أنه ضمنه مذكرته المقدمة لمحكمة الموضوع ويتعين على الحكم المطعون فيه عدم الرد عليه، فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس معيناً رفضه موضوعاً.